من قتل الحسين رضي الله عنه؟ - عبدالله بن عبد العزيز ..
من قتل الحسين رضي الله عنه؟
عبدالله بن عبد العزيز
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102].
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1].
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
مقتل الحسين رضي الله عنه من الأمور التي يلهج الشيعة به كثيراً، ويحاولون من خلاله تشويه تاريخ هذه الأمة، وكأن الصراع قد وقع بين من يمثل الشيعة وهو الحسين ويزيد الذي يمثل أهل السنة هكذا يصور الشيعة الصراع.
إن الحسين رضي الله عنه سيد من سادات أهل السنة والجماعة، واعتقادهم فيه أنه مات شهيداً سعيداً أكرمه الله بالشهادة، وأهان قاتليه، فقتله مصيبة عظيمة يسترجع عندها بقوله عز وجل: ((وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ)) [البقرة:155-157].
أما الشيعة فيكفيك قول الحسين رضي الله عنه (...أما بعد: فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانىء بن عروة وعبد الله بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا...)([1]) بل إن أحدهم قال له والعياذ بالله: (يـا حسين أبشر بالنار)([2])، لذا حملتهم زينب بنت علي رضي الله عنهما مسئولية خذلان الحسين وقتله، كما سترى في هذا المختصر الذي دفعني إلى تأليفه كثرة الخوض في هذا الموضوع، واستغلال الشيعة له استغلالاً مذهبياً طائفياً بعيداً عن العدل والإنصاف، يقابله إهمال أهل السنة لهذا الجانب.
وقد قسمت هذا البحث إلى ستة فصول:
الفصل الأول: أهل السنة وآل البيت رضي الله عنهم، ويتكون من مبحثين:
المبحث الأول: منزلة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة.
المبحث الثاني: موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه.
الفصل الثاني: ماذا تعرف عن الكوفة؟ وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الكوفة عقر دار الشيعة.
المبحث الثاني: الكوفة موطن الغدر.
الفصل الثالث: الشيعة وآل البيت رضي الله عنهم وفيه ثمانية مباحث:
المبحث الأول: غدر الشيعة بأهل البيت رضي الله عنهم.
المبحث الثاني: كتب الشيعة تصل إلى الحسين رضي الله عنه.
المبحث الثالث: الحسين يرسل مسلم بن عقيل.
المبحث الرابع: الحسين رضي الله عنه يتوجه إلى الكوفة.
المبحث الخامس: الغدر بـمسلم بن عقيل.
المبحث السادس: نزول الحسين رضي الله عنه أرض كربلاء.
المبحث السابع: من قتل الحسين رضي الله عنه؟
المبحث الثامن: من قتل مع الحسين من أهل البيت رضي الله عنهم؟
الفصل الرابع: الشعائر الحسينية وفيه أربعة مباحث:
المبحث الأول: الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة.
المبحث الثاني: الشيعة يستحدثون بدعة النياحة واللطم.
المبحث الثالث: فتاوى كبار علماء الشيعة تجوز العمل ببدعة النياحة واللطم وغيرها.
المبحث الرابع: عدم جواز التطبير وضرب السلاسل إذا أوجب هتك حرمة التشيع.
الفصل الخامس: الشعائر الحسينية محرمة بروايات شيعية موافقة لـأهل السنة وفيه ثمانية مباحث:
المبحث الأول: حرمة النياحة.
المبحث الثاني: حرمة اللطم.
المبحث الثالث: لبس السواد في عاشوراء.
المبحث الرابع: كلمة إلى خطيب.
المبحث الخامس: النساء والحسينيات.
المبحث السادس: من الكاذب محمد باقر الصدر أم التيجاني.
المبحث السابع: التيجاني يعود إلى الكذب مرة أخرى.
المبحث الثامن: الشيعة وإنكارهم صوم عاشوراء.
الفصل السادس: ثواب زيارة الحسين وبدعة البناء على القبور وفيه مبحثان:
المبحث الأول: ثواب زيارة الحسين رضي الله عنه.
المبحث الثاني: بدعة البناء على القبور.
الخاتمة وتتضمن المستخلص من هذا البحث.
وقد التزمت في هذا البحث بمناقشة الشيعة برواياتهم المدونة في مصادرهم المتقدمة والمتأخرة المعتبرة والتي يعتمدون عليها ويتداولونها فيما بينهم في فصول هذا البحث ما عدا الفصل الأول الذي بينت فيه موقف أهل السنة من أهل البيت، ومن قتل الحسين رضي الله عنه وحشرنا الله معه.
أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا البحث خالصاً لوجهه الكريم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
كتبه
عبد الله بن عبد العزيز
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الفصل الأول: أهل السنة وآل البيت رضي الله عنهم:
المبحث الأول: منزلة أهل البيت عند أهل السنة والجماعة:
لاشك أن لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم منزلة رفيعة ودرجة عالية من الاحترام والتقدير عند أهل السنة والجماعة، حيث يرعون حقوق آل البيت التي شرعها الله لهم، فيحبونهم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قالها يوم غدير خم «أذكركم الله في أهل بيتي»([3]). فهم أسعد الناس بالأخذ بهذه الوصية وتطبيقها.
فيتبرؤون من طريقة الشيعة الذين غلوا في بعض أهل البيت غلواً مفرطاً، ومن طريقة النواصب الذين يؤذونهم ويبغضونهم، فـأهل السنة متفقون على وجوب محبة أهل البيت، وتحريم إيذائهم أو الإساءة إليهم بقول أو فعل، وكتب أهل السنة -ولله الحمد والمنة- مليئة وزاخرة بذكر مناقب أهل البيت، مثل كتب الحديث والتراجم وغيرها.
وسأقتصر على ذكر بعض فضائل أمير المؤمنين علي وأولاده وأحفاده رضي الله عنهم أجمعين، الذين يدعي الشيعة العصمة فيهم، ويزعمون أن أهل السنة يكرهونهم وينصبون لهم العداء.
أولاً: أمير المؤمنين علي رضي الله عنه:
روى البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: «لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فبات الناس يدوكون([4]) ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه فأتي به، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية. فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنـزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم»([5]).
هذا الحديث فيه فضيلة عظيمة ومنقبة ظاهرة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث شهد له صلى الله عليه وسلم بالمحبة في قوله: «يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله».
ثانياً: فاطمة رضي الله عنها:
روى البخاري رحمه الله تعالى في (باب مناقب فاطمة رضي الله عنها) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة»([6]).
ثالثاً: الحسن والحسين رضي الله عنهما:
روى الترمذي بإسناده إلى البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر حسناً وحسيناً فقال: «اللهم إني أحبهما فأحبهما»([7]).
في هذا الحديث فضيلة ظاهرة للحسنين رضي الله عنهما حيث تضمن حث الأمة على حبهما وأن حبهما حب له صلى الله عليه وسلم.
وروى أحمد بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»([8]).وفي هذا الحديث منقبتان عظيمتان للحسنين رضي الله عنهما، حيث شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهما بالجنة، وأخبر بأنهما سيدا شباب أهل الجنة فرضي الله عنهما وأرضاهما.
رابعاً: علي بن الحسين رحمه الله تعالى:
قال عنه يحيى بن سعيد: هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة([9]).
وقال الزهري: لم أر هاشمياً أفضل من علي بن الحسين([10]).
وقال محمد بن سعد: كان ثقة مأموناً كثير الحديث عالياً رفيعاً ورعاً([11])
خامساً: محمد بن علي (الباقر) رحمه الله تعالى:
قال ابن سعد: كان كثير العلم والحديث([12]).
وقال الصفدي: هو أحد من جمع العلم والفقه والديانة([13]).
وقد اتفق الحفاظ على الاحتجاج به كما نص على ذلك الذهبي([14])
سادساً: جعفر بن محمد (الصادق) رحمه الله تعالى:
قال عنه أبو حنيفة: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد([15]).
وقال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله([16]).
وقال الذهبي: جعفر بن محمد الصادق سيد العلويين في زمانه وأحد أئمة الحجاز لم يلحق بالصحابة([17]).
سابعاً: موسى بن جعفر (الكاظم) رحمه الله تعالى:
قال فيه أبو حاتم الرازي: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين([18])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وموسى بن جعفر مشهود له بالعبادة والنسك([19]).
وقال الذهبي: كان موسى من أجواد الحكماء ومن العباد الأتقياء([20]).
ثامناً: علي بن موسى (الرضا) رحمه الله تعالى:
قال عنه الذهبي: كان من العلم والدين والسؤدد بمكان([21]).
تاسعاً: محمد بن علي (الجواد) رحمه الله تعالى:
كان يعد من أعيان بني هاشم وهو معروف بالسخاء والسؤدد([22])
قال البغدادي([23]): وقالوا – أي: أهل السنة - بموالاة جميع أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكفروا من أكفرهن أو أكفر بعضهن. وقالوا بموالاة الحسن والحسين والمشهورين من أسباط رسول الله صلى الله عليه وسلم كـالحسن بن الحسن، وعبد الله بن الحسن، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي بن الحسين المعروف بـالباقر.. وجعفر بن محمد المعروف بـالصادق، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى الرضا، وكذلك قولهم في سائر أولاد علي من صلبه، كـالعباس، وعمر، ومحمد بن الحنفية، وسائر من درج على سنن آبائه الطاهرين([24]).
وقال الإسفرائيني([25]): في بيان منهج أهل السنة:
وقد عصمهم الله أن يقولوا في أسلاف هذه الأمة منكراً، أو يطعنوا فيهم طعناً، فلا يقولون في المهاجرين والأنصار، وأعلام الدين، ولا في أهل بدر، وأحد، وأهل بيعة الرضوان، إلا أحسن المقال، ولا في جميع من شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالجنة، ولا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأولاده وأحفاده، مثل الحسن، والحسين، والمشاهير من ذرياتهم مثل عبد الله بن الحسن وعلي بن الحسين ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى الرضا، ومن جرى منهم على السداد من غير تبديل ولا تغيير، ولا في الخلفاء الراشدين، ولم يستجيزوا أن يطعنوا في واحد منهم، وكذلك في أعلام التابعين، وأتباع التابعين الذين صانهم الله تعالى عن التلوث بالبدع وإظهار شيء من المنكرات([26]).
فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن أراد التوسع فعليه مراجعة كتب الحديث والسير والتراجم، فسيجد بإذن الله أن أهل السنة هم أنصار أهل البيت رضي الله عنهم([27]).
المبحث الثاني: موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه:
أما موقف أهل السنة من مقتل الحسين رضي الله عنه فيلخصه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:
وقد أكرمه الله بالشهادة وأهان بذلك من قتله أو أعان على قتله، أو رضي بقتله، وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء، فإنه وأخوه سيدا شباب الجنة، وقد كانا قد تربيا في عز الإسلام، لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر والأذى في الله ما ناله أهل بيته، فأكرمهما الله بالشهادة تكميلاً لكرامتهما، ورفعاً لدرجاتهما، وقتله مصيبة عظيمة.
والله سبحانه وتعالى قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى: ((وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ)) [البقرة: 155-157]([28]).
الفصل الثاني: ماذا تعرف عن الكوفة؟:
المبحث الأول: الكوفة عقر دار الشيعة:
قال الشيخ الشيعي باقر شريف القرشي: إن الكوفة كانت مهداً للشيعة، وموطناً من مواطن العلويين، وقد أعلنت إخلاصها لأهل البيت في كثير من المواطن.([29])
وقال أيضاً: وقد غرست بذرة التشيع في الكوفة منذ خلافة عمر([30])
وقال الشيعي محمد التيجاني السماوي: ودخل أبو هريرة إلى الكوفة إلى عقر دار الشيعة دار علي بن أبي طالب([31]).
المبحث الثاني: الكوفة موطن الغدر:
قال الشيخ جواد محدثي: اشتهر أهل الكوفة تاريخياً بالغدر ونقض العهد، وعلى كل حال فإن تاريخ الإسلام لا يحمل نظرة طيبة عن عهد والتزام أهل الكوفة.([32])
ويقول أيضاً: ومن جملة الخصائص النفسية والخلقية التي يتصف بها أهل الكوفة يمكن الإشارة إلى ما يلي: تناقض السلوك، والتحايل، والتلون، والتمرد على الولاة، والانتهازية، وسوء الخلق، والحرص، والطمع، وتصديق الإشاعات، والميول القبلية، إضافة إلى أنهم يتألفون من قبائل مختلفة، وقد أدت كل هذه الأسباب إلى أن يعاني منهم الإمام علي عليه السلام الأمَرَّين، وواجه الإمام الحسن عليه السلام منهم الغدر، وقتل بينهم مسلم بن عقيل مظلوماً، وقتل الحسين عطشاناً في كربلاء قرب الكوفة، وعلى يد جيش الكوفة.([33])
وقال الشيخ الشيعي حسين كوراني: فما هي أهم ملامح وخصائص هذا الإيمان الكوفي؟ يمكن اختصارها بما يلي:
أولاً: القعود عن نصرة الإسلام.
ثانياً: حب المال.
ثالثاً: التلون في المواقف([34]).
وقال الشيخ جواد محدثي: ولم يكن عدد شيعة أهل البيت قليلاً في الكوفة، إلا أن ولاءهم كان يتسم بالعاطفة، والخطب الحماسية، والمشاعر الفياضة تجاه عترة الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من تمسكهم بالخط العقائدي والعملي لآل علي، والنزول إلى ساحة المواجهة والتضحية([35]).
وقال الشيخ الشيعي باقر شريف القرشي: لقد تناسى الكوفيون كتبهم التي أرسلوها للإمام، وبيعتهم له على يد سفره.([36]).
الفصل الثالث: الشيعة وآل البيت:
المبحث الأول:غدر الشيعة بأهل البيت رضي الله عنهم:
نعود إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فنجده يشتكي من شيعته أهل الكوفة فيقول: (ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها، وأصبحت أخاف ظلم رعيتي. استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سراً وجهراً فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، أشهود كغياب، وعبيد كأرباب؟ أتلو عليكم الحِكَم فتنفرون منها، وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها، وأحثكم على جهاد أهل البغي، فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيادي سبا، ترجعون إلى مجالسكم، وتتخادعون عن مواعظكم، أُقوِّمكم غدوة، وترجعون إلى عشية كظهر الحية، عجز المقوم، وأعضل المقوم، أيها الشاهدة أبدانهم، الغائبة عقولهم، المختلفة أهواؤهم، المبتلى بهم أمراؤهم. صاحبكم يطيع الله وأنتم تعصونه،... لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم، يا أهل الكوفة منيت بكم بثلاث واثنتين: صم ذوو أسماع، وبكم ذوو كلام، وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء، تربت أيديكم يا أشباه الإبل غاب عنها رعاتها، كلما جمعت من جانب تفرقت من جانب آخر...)([37]).
وينقل لنا الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس موقفاً آخر لتخاذل هؤلاء الشيعة وإيذائهم أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه قال: أما علي على المستوى العسكري فيروي نصر بن مزاحم، وكان صبيحة ليلة الهدير قد أشرف على عسكر معاوية عندما جاءه رسول الإمام علي عليه السلام أن ائتني. فقال: ليس هذه بالساعة التي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي، إني قد رجوت الفتح فلا تعجلني. فرجع يزيد بن هانىء إلى علي عليه السلام فأخبره، فما هو إلا أن انتهى إلينا حتى ارتفع الرهج، وعلت الأصوات من قبل الأشتر، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار على أهل الشام، فقال القوم لـعلي: والله ما نراك أمرته إلا بالقتال. قال: أرأيتموني ساررت رسولي إليه؟ أليس إنما كلمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟ قالوا: فابعث إليه أن يأتيك، وإلا –فوالله- اعتزلناك([38]). فقال: ويحك يا يزيد قل له: أقبل فإن الفتنة قد وقعت. فأتاه فأخبره فقال الأشتر: أيرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم. قال: والله ألا ترى إلى الفتح. ألا ترى إلى ما يلقون. ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه. قال له يزيد: أتحب أنك ظفرت هاهنا، وأن أمير المؤمنين بمكانه الذي هو فيه يسلم إلى عدوه؟ قال: لا والله لا أحب ذلك. قال: فافهم، قد قالوا له وحلفوا عليه لترسلن إلى الأشتر فليأتينك، أو لنقتلنك بأسيافنا كما قتلنا عثمان([39]) أو لنسلمنك إلى عدوك فأقبل الأشتر حتى انتهى إليهم وقال: يا أمير المؤمنين احمل الصف على الصف تصرع القوم. فتصايحوا: إن أمير المؤمنين قد قبل الحكومة ورضي بحكم القرآن، فقال الأشتر: إن كان أمير المؤمنين عليه السلام قد قبل ورضي فقد رضيت. فأقبل الناس يقولون: قد رضي أمير المؤمنين، قد قبل أمير المؤمنين، وهو ساكت لا ينطق بكلمة مطرق إلى الأرض، ثم قام فسكت الناس كلهم، فقال: إن أمري لم يزل معكم على ما أحب إلى أن أخذت منكم الحرب، وقد والله أخذت منكم وتركت، وأخذت من عدوكم ولم تترك، وإنها فيكم أنكى وأنهك([40]) ألا إني كنت أمس أمير المؤمنين فأصبحت اليوم مأموراً، وكنت ناهياً فأصبحت منهياً، وقد أحببتم البقاء، وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون ثم قعد.([41]).
قلت: ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل اتهموه والعياذ بالله بالكذب.
روى الشريف الرضي -ومعروف من هو الرضي - عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه قال: (أما بعد: يا أهل العراق! فإنما أنتم كالمرأة الحامل حملت فلما أتمت أقلصت، ومات قيمها، وطال تأيمها، وورثها أبعدها، أما والله ما أتيتكم اختياراً، ولكن جئت إليكم سوقاً، ولقد بلغني أنكم تقولون: علي يكذب قاتلكم الله، فعلى من أكذب …)([42]).
لذا قال رضي الله عنه لشيعته: (قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً وشحنتم صدري غيظاً، وجرعتموني نغب التهمام أنفاساً، وأفسدتم على رأيي بالعصيان والخذلان)([43]).
هذا هو حال الشيعة مع إمامهم المعصوم الأول -حسب زعمهم- والغريب أنهم يرددون حديثاً موضوعاً نصه: «يا علي تقبل أنت وشيعتك راضين مرضيين ويقبل أعداؤك غضاباً مقمحين».
أهؤلاء الذين سيقبلون راضين مرضيين؟!!
ثم يأتي دور الشيعة مع الحسن بن علي رضي الله عنهما، وننقل هنا ما كتبه الدكتور الشيعي أحمد النفيس عن أمر الإمام الحسن شيعته وأتباعه للاستعداد للقتال، حيث خطب فيهم الحسن رضي الله عنه قائلاً: (أما بعد: فإن الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرهاً، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين ((وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) [الأنفال:46] فلستم أيها الناس! نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون، اخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بـالنخيلة حتى ننظر وتنظروا، ونرى وتروا. قال: وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس له. قال: فسكتوا فما تكلم منهم أحد، ولا أجابه بحرف. فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال: أنا ابن حاتم سبحان الله؛ ما أقبح هذا المقام ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم؟! أين خطباء مضر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة؟! فإذا جد الجد فرواغون كالثعالب، أما تخافون مقت الله؟ ولا عيبها وعارها).([44])
وذكر هذه القصة الشيعي إدريس الحسيني([45]).
يعلق الدكتور أحمد راسم النفيس على خطاب أمير المؤمنين الحسن فيقول: (إن الهزيمة النفسية قد أصابتهم، ولم تعد بهم رغبة في جهاد، ولا بذل، ولا تضحية، فقد جربوا الدنيا وحلاوتها، وباتوا يريدونها، وهم لن يجدوا ما يطمعون فيه، وخاصة رؤساؤهم في ظل العدل، وإنما اشرأبت نفوسهم إلى بني أمية قادة المرحلة القادمة...)([46])
وينقل أيضاً واقعة غدر الشيعة بأمير المؤمنين الحسن وطعنهم إياه فيقول: ثم أعلن توجهه إلى معسكر القتال، وقام قيس بن سعد بن عبادة ومعقل بن قيس الرياحي، فقالوا مثل ما قال عدي بن حاتم وتحركوا إلى معسكرهم، ومضى الناس خلفهما، وعبأ الإمام الحسن عليه السلام جيشه ثم خطبهم …. فنظر الناس بعضهم إلى بعض وقالوا: ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظنه يريد أن يصالح معاوية، ويكل الأمر إليه، كفر والله الرجل. ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي فنـزع مطرفه من عاتقه فبقي جليساً متقلداً سيفاً بغير رداء، فدعا بفرسه فركبه … فلما مر في مظلم ساباط قام إليه رجل من بني أسد فأخذ بلجام فرسه وقال: الله أكبر يا حسن أشرك أبوك ثم أشركت أنت. وطعنه بالمعول فوقعت في فخذه فشقه حتى سلخت أربيته، وحمل الحسن عليه السلام على سرير إلى المدائن.([47]).
وينقل شيعي متعصب آخر هو إدريس الحسيني غدر أسلافه فيقول: (وتعرض الإمام الحسن عليه السلام إلى عمليات اغتيال من عناصر جيشه، فجاءه مرة واحد من بني أسد الجراح بن سنان، وأخذ بلجام بغلته وطعن الإمام في فخذه فاعتنقه الإمام وخرا إلى الأرض حتى انبرى له عبد الله بن حنظل الطائي فأخذ منه المعول وطعنه به، وطعن مرة أخرى في أثناء الصلاة.([48]).
يقول المرجع الشيعي الكبير محسن الأمين العاملي: (فبويع الحسن ابنه، وعوهد، ثم غدر به، وأسلم ووثب عليه أهل العراق حتى طعن بخنجر في جنبه).([49])
ويقول محمد التيجاني السماوي: (كما اتهم بعض الجاهلين الإمام الحسن بأنه مذل المؤمنين عندما صالح معاوية وحقن دماء المسلمين المخلصين).([50]).
وقال آية الله العظمى حسين فضل الله: (فلقد كان قسم من جيشه من الخوارج الذين اندفعوا معه لا حباً؛ ولكن لأنهم يريدون قتال معاوية بأية وسيلة، ومع أي شخص، ولقد كان بين جيشه الأشخاص الذين دخلوا من أجل الغنائم، وكان بينهم الأشخاص الذين عاشوا مع عصبيات عشائرهم التي كان يحركها زعماؤهم الذين كانوا يبحثون عن المال وعن الجاه، وكانوا يريدون أن يفسدوا على الحسن جيشه، وكان بين جيشه ومن قيادته بعض أقربائه الذين أرسل إليهم معاوية مالاً فتركوا الجيش من دون قيادة، وكانت رسائل الكثيرين تذهب إلى معاوية: (إن شئت سلمناك الحسن حياً أو ميتاً) وكان معاوية يرسل بذلك إليه، واختبر جيشه ورأى كيف حاولوا أن يقتلوه).([51]).
لذا قال الحسن رضي الله عنه فيما رواه شيخهم أبو منصور الطبرسي: (أرى والله معاوية خيراً لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة؛ ابتغوا قتلي، وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لئن أخذ مني معاوية عهداً أحقن به دمي وأؤمن به في أهلي خير من أن يقتلوني، فيضيع أهل بيتي وأهلي، ولو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعونني إليه سلماً).([52]).
ويقول شيعي آخر هو أمير محمد كاظم القزويني: (فإن التاريخ الصحيح يثبت لنا بأن الذين كانوا مع الإمام الحسن (ع) وإن كانوا كثيرين إلا أنهم كانوا خائنين وغادرين، فلم تغنه كثرتهم في قتال عدوه، ولقد بلغت الخيانة والغدر بهم إلى درجة أنهم كتبوا إلى معاوية: (إن شئت تسليم الحسن سلمناه لك) وسلَّ أحدهم معوله وطعن به الإمام الحسن (ع) في فخذه حتى وصلت الطعنة إلى العظم، وخاطبه بخطاب لا يستسيغ اللسان ذكره لولا أنهم (ع): قالوا: (حدثوا شيعتنا بما جرى علينا) فقال له (ع): (لقد أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل) لذا فإنه (ع) لما أحس منهم الغدر والخيانة، صالحه وهادنه حقناً لدماء المسلمين وحفاظاً على نفسه من الاغتيال، وعلى أهل بيته (ع) من الفناء، من غير فائدة تعود إليهم ولا إلى الإسلام والمسلمين).([53])
وينقل الشيعي المتعصب إدريس الحسيني قول أمير المؤمنين الحسن رضي الله عنه لشيعته: (يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث: قتلكم أبي، وطعنكم إياي، وانتهابكم متاعي).([54]).
ثم يأتي دور الشيعة مع أئمتهم المبتلين بهم بعد علي والحسن والحسين رضي الله عنهم لينال الإمام جعفر الصادق رحمه الله منهم ما ناله أجداده، فنجد من هؤلاء الشيعة رجلاً يقال له: زرارة بن أعين (وهو ممن دافع عنهم عبد الحسين الموسوي في المراجعات دون وجه حق) فنجده يغمز الإمام جعفر الصادق رحمه الله بخبث وخسة فيقول: (رحم الله أبا جعفر وأما جعفر فإن في قلبي عليه لفتة)([55]).
وعندما أنكر الإمام جعفر عليه بدعته ألصقها به قائلاً: (والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر)([56])
وعندما استأذن زرارة للدخول على الإمام الصادق لم يأذن له وقال: (لا تأذن له، لا تأذن له، لا تأذن له، فإن زرارة يريدني على القدر على كبر السن، وليس من ديني ولا دين آبائي)([57]).
ولا يبعد عن هذا بقية أصحاب الأئمة كـأبي بصير وجابر الجعفي وهشام بن الحكم وغيرهم ممن دافع عنهم صاحب المراجعات.([58]).
وإلى هنا ينتهي رأي أهل البيت رضي الله عنهم باتهامهم شيعتهم بالنفاق وذلك على لسان جعفر الصادق رحمه الله بقوله: (ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع)([59]).
وفي رواية عنه رحمه الله تعالى: (لو قام قائمنا بدأ بكذابي شيعتنا فقتلهم)([60]).
وقال فيهم الإمام الكاظم رحمه الله تعالى: (لو ميزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد)([61]).
وعن الإمام الرضا عليه السلام أنه قال: (إن ممن ينتحل مودتنا أهل البيت من هو أشد فتنة على شيعتنا من الدجال).([62]).
المبحث الثاني: كتب الشيعة تصل إلى الحسين رضي الله عنه:
يقول الشيعي كاظم حمد الإحسائي النجفي:
وجعلت الكتب تترى على الإمام الحسين عليه السلام حتى ملأ منها خرجين، وكان آخر كتاب قدم عليه من أهل الكوفة مع هانىء بن هانىء السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي ففضه وقرأه وإذا فيه مكتوب: (بسم الله الرحمن الرحيم للحسين بن علي من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين، أما بعد: فإن الناس ينتظرونك، ولا رأي لهم إلى غيرك، فالعجل العجل)([63]).
ويقول الدكتور الشيعي أحمد النفيس: (كتب أهل الكوفة إلى الحسين عليه السلام يقولون: ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، وتوالت الكتب تحمل التوقيعات تدعوه إلى المجيء لاستلام البيعة، وقيادة الأمة في حركتها في مواجهة طواغيت بني أمية، وهكذا اكتملت العناصر الأساسية للحركة الحسينية وهي:
... وجود إرادة جماهيرية تطلب التغيير وتستحث الإمام الحسين للمبادرة إلى قيادة الحركة وكان موقع هذه الإرادة في الكوفة تمثلت في رسائل البيعة القادمة من أهلها).([64]).
وذكر محمد كاظم القزويني الشيعي أن أهل العراق كاتبوا الحسين، وراسلوه وطلبوا منه التوجه إلى بلادهم ليبايعوه بالخلافة إلى أن اجتمع عند الحسين اثنا عشر ألف كتاب من أهل العراق وكلها مضمون واحد كتبوا إليه: قد أينعت الثمار واخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجند، إن لك في الكوفة مائة ألف سيف، إذا لم تقدم إلينا فإنا نخاصمك غداً بين يدي الله.([65]).
ويقول المحدث الشيعي عباس القمي: (وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده في يوم واحد ستمائة كتاب من عديمي الوفاء أولئك، وهو مع ذلك يتأنى ولا يجيبهم، حتى اجتمع عنده اثنا عشر ألف كتاب).([66])
وقال علي بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسيني الشيعي: (وسمع أهل الكوفة بوصول الحسين عليه السلام إلى مكة، وامتناعه من البيعة لـيزيد، فاجتمعوا في منـزل سليمان بن صرد الخزاعي، فلما تكاملوا قام سليمان بن صرد فيهم خطيباً، وقال في آخر خطبته: يامعشر الشيعة إنكم قد علمتم بأن معاوية قد هلك، وصار إلى ربه، وقدم إلى عمله، وقد قعد في موضعه ابنه يزيد، وهذا الحسين بن علي عليه السلام، قد خالفه وصار إلى مكة هارباً من طواغيت آل أبي سفيان، وأنتم شيعته وشيعة أبيه من قبله، وقد احتاج إلى نصرتكم اليوم، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدو عدوه فاكتبوا إليه، وإن خفتم الوهن والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه. قال:فكتبوا إليه).([67]).
ويقول الشيعي عباس القمي: (فاجتمعت الشيعة بـالكوفة في منـزل سليمان بن صرد الخزاعي فذكروا هلاك معاوية، والبيعة لـيزيد ثم قام سليمان بهم خطيباً فقال:
(إنكم قد علمتم بموت معاوية واستيلاء ولده يزيد على الملك، وقد خالفه الحسين عليه السلام، وخرج إلى مكة، وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدو عدوه فاكتبوا إليه، وإن خفتم الوهن والفشل فلا تغروا الرجل في نفسه. فقالوا: لا بل نقاتل عدوه، ونقتل أنفسنا دونه، ثم كتبوا إليه باسم سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد البجلي وحبيب بن مظاهر وشيعته المؤمنين من أهل الكوفة، ومما جاء فيه بعد الحمد والثناء: سلام عليك أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد إنه ليس علينا إمام، فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة ولسنا نجتمع معه في جمعة ولا جماعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بـالشام إن شاء الله. ثم سرحوا بالكتاب مع عبد الله بن مسمع الهمداني وعبد الله بن وال وأمروهما بالتعجيل، فخرجا مسرعين حتى قدما على الحسين بـمكة لعشر مضين من شهر رمضان، ثم لبث أهل الكوفة يومين بعد تسريحهم بالكتاب وأنفذوا قيس بن مسهر الصيداوي وعبد الله بن شداد وعمارة بن عبد الله السلولي إلى الحسين عليه السلام، ومعهم نحو مائة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة، ثم لبثوا يومين وسرحوا إليه هانىء بن هانىء السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي وكتبوا إليه: (بسم الله الرحمن الرحيم إلى الحسين بن علي عليه السلام من شيعته من المؤمنين والمسلمين أما بعد: فحي هلا فإن الناس ينتظرونك لاأرى لهم غيرك، فالعجل العجل ثم العجل العجل والسلام. ثم كتب شبث بن ربعية وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث بن رويم وعروة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمرو التيمي يقولون: (أما بعد: لقد اخضر الجناب، وأينعت الثمار، فإذا شئت فأقبل على جند لك مجندة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته).([68]).
المبحث الثالث: الحسين يرسل مسلم بن عقيل:
قال الشيعي رضا حسين صبح الحسني:
(فخرج مسلم من مكة للنصف من شعبان، ووصل الكوفة لخمس خلون من شوال، وأقبلت الشيعة يبايعونه حتى بلغوا ثمانية عشر ألفاً وفي حديث الشعبي بلغ من بايعه أربعين ألفاً).([69])
قال هاشم معروف الحسني الشيعي: (ويبدو من بعض الروايات أن مسلم بن عقيل لم يكن متفائلاً في سفره، لما يعرفه من تقلب أهل العراق ومواقفهم الملتوية من عمه أمير المؤمنين، الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، وخيانتهم لابن عمه الحسن حتى اضطروه إلى ترك السلطة لـمعاوية، وقد صارح الحسين بذلك؛ ولكنه لم يعفه من تلك المهمة واتهمه بالجبن وسوء الرأي، ومضى وهو متشائم من هذه المهمة، ولما مات أحد دليليه في الطريق من العطش بعد أن ضلا عن الطريق كتب إلى الحسين مرة أخرى يطلب منه إعفاءه، ولكن الحسين (ع) أصر عليه بالمضي في طريقه إلى الكوفة، فمضى يجد السير حتى دخلها، واستقبله أهلها بالترحاب، فنـزل ضيفاً على المختار بن أبي عبيد الثقفي، ومنها راح يستقبل الناس وينشر الدعوة إلى الحسين (ع)، فبلغ عدد من بايعوه على الموت أربعين ألفاً، وقيل أقل من ذلك، وأمير الكوفة لـيزيد يوم ذاك النعمان بن بشير كان كما يصفه المؤرخون مسالماً يكره الفرقة ويؤثر العافية).([70])
وقال الشيعي المتعصب عبد الحسين شرف الدين الموسوي: (وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم بن عقيل حتى علم النعمان بن بشير بذلك -وكان والياً على الكوفة من قبل معاوية فأقره يزيد عليها- وعلم بمكان مسلم فلم يتعرض له بسوء).([71]).
قال الشيعي عبد الرزاق الموسوي المقرم: (ووافت الشيعة مسلماً في دار المختار بالترحيب وأظهروا له من الطاعة والانقياد ما زاد في سروره وابتهاجه … وأقبلت الشيعة يبايعونه حتى أحصى ديوانه ثمانية عشر ألفاً، وقيل بلغ خمسة وعشرين ألفاً، وفي حديث الشعبي بلغ من بايعه أربعين ألفاً فكتب مسلم إلى الحسين مع عبس بن شبيب الشاكري يخبره باجتماع أهل الكوفة على طاعته وانتظارهم، وفيه يقول: الرائد لا يكذب أهله، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفاً...).([72]).
وقال شيخهم عباس القمي: (قال المفيد وآخرون: وبايعه الناس –أي: مسلم بن عقيل - حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفا، فكتب مسلم إلى الحسين عليه السلام يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفا ويأمره بالقدوم)([73])
وقال عباس القمي: وبرواية سابقة أن الشيعة أخذت تختلف إليه في دار هانئ على تستر واستخفاء فتبايعه، وكان يأخذ على كل من بايعه القسم بالكتمان، وسار الأمر على هذا المنوال حتى بلغ من بايعه خمسة وعشرين ألف رجل وابن زياد يجهل موضعه...([74])
المبحث الرابع: الحسين رضي الله عنه يتوجه إلى الكوفة:
نقل المحدث الشيعي عباس القمي والكاتب الشيعي عبد الهادي الصالح أن الحسين لما أراد الخروج من مكة طاف وسعى وقص من شعره وأحل من إحرامه؛ لأنه لن يتمكن من إتمام الحج مخافة أن يقبض عليه أو يقتل في مكة وجمع أصحابه في الليلة الثامنة من ذي الحجة فخطب فيهم قائلاً: (الحمد لله ما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على رسوله، خط الموت على ولد آدم، فخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء، فيملان مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً، لامحيص عن يوم خط بالقلم، رضي الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجر الصابرين...).([75])
قال الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس: (فقد التقى الفرزدق الشاعر بقافلة الحسين فسلم عليه، وقال له: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله وما أعجلك عن الحج؟ فقال: لو لم أعجل لأخذت … ثم سأله أبو عبد الله عن الناس؟ فقال -أي: الفرزدق -: قلوبهم معك وأسيافهم عليك. فقال عليه السلام: صدقت، لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه، وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء، فلم يبعد من كان الحق نيته، والتقوى سريرته).([76]).
قال الشيعي علي بن موسى بن جعفر بن طاوس الحسيني: (قال الراوي: وسار الحسين عليه السلام حتى صار على مرحلتين من الكوفة، فإذا بـالحر بن يزيد في ألف فارس، فقال له الحسين عليه السلام: ألنا أم علينا؟ فقال: بل عليك يا أبا عبد الله. فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثم تردد الكلام بينهما حتى قال له الحسين عليه السلام: فإن كنتم على خلاف ما أتتني به كتبكم، وقدمت به على رسلكم، فإني أرجع إلى الموضع الذي أتيت منه. فمنعه الحر وأصحابه من ذلك، وقال: بل خذ يا بن رسول الله طريقاً لا يدخلك الكوفة، ولا يوصلك إلى المدينة، لأعتذر أنا لـابن زياد بأنك خالفتني في الطريق، فتياسر الحسين عليه السلام حتى وصل إلى عذيب الهجانات).([77]).
وقال آية الله محمد تقي آل بحر العلوم: (خرج الحسين في إزار ورداء ونعلين متكئاً على قائم سيفه، فاستقبل القوم فحمد الله وأثنى عليه، وقال: إنها منحدرة إلى الله عز وجل وإليكم وإني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت بها عليّ رسلكم، أن اقدم علينا فإنه ليس لنا إمام، ولعل الله أن يجمعنا بك على الهدى، فإن كنتم على ذلك فقد جئتكم فأعطوني ما أطمئن به من عهودكم ومواثيقكم، وإن كنتم لمقدمي كارهين، انصرفت عنكم إلى المكان الذي جئت منه إليكم. فسكتوا جميعاً. وأذن الحجاج بن مسروق الجعفي لصلاة الظهر فقال الحسين للحر: أتصلي بأصحابك؟ قال: لا بل نصلي جميعاً بصلاتك فصلى بهم الحسين، وبعد أن فرغ من الصلاة أقبل عليهم فحمد الله، وأثنى عليه، وصلى على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقال: أيها الناس! إنكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحق لأهله يكن أرضى لله، ونحن أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم، والسائرين بالجور والعدوان، وإن أبيتم إلا الكراهية لنا، والجهل بحقنا، وكان رأيكم الآن على غير ما أتتني به كتبكم، انصرفت عنكم. فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها. فأمر الحسين عقبة بن سمعان فأخرج خرجين مملوئين كتباً. قال الحر: إني لست من هؤلاء، وإني أمرت أن لا أفارقك إذا لقيتك حتى أقدمك الكوفة على ابن زياد. فقال الحسين: الموت أدنى إليك من ذلك. وأمر أصحابه بالركوب وركبت النساء فحال بينهم وبين الانصراف إلى المدينة، فقال الحسين للحر: ثكلتك أمك ما تريد منا؟ قال الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي وهو على مثل هذا الحال، ما تركت ذكر أمه بالثكل كائناً من كان، والله مالي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر، ولكن خذ طريقاً نصفاً بيننا لا يدخلك الكوفة ولا يردك إلى المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد، فلعل الله أن يرزقنا العافية ولايبتليني بشيء من أمرك).([78])
وقد نقل هذه الواقعة التي تتضمن محاولة الحسين رضي الله عنه الرجوع إلى المكان الذي جاء منه بعد تخاذل الشيعة وخيانتهم غير واحد من أعلام الشيعة فقد ذكرها: عباس القمي([79]) وعبد الرزاق الموسوي المقرم([80]) وباقر شريف القرشي([81]) وأحمد راسم النفيس([82]) وفاضل عباس الحياوي([83]) وشريف الجواهري([84]) وأسد حيدر([85]) وأروى قصير قليط([86]) ومحسن الحسيني([87]) والمفكر الشيعي عبد الهادي الصالح([88]) كما ذكرها عبد الحسين شرف الدين([89]) وذكرها رضى القزويني([90]).
وينقل عباس القمي أن الحسين رضي الله عنه سار حتى نزل قصر بني مقاتل، فإذا فسطاط مضروب، ورمح مركوز، وفرس واقف، فقال الحسين عليه السلام: لمن هذا الفسطاط؟ قالوا: لـعبيد الله بن الحر الجعفي. فأرسل إليه الحسين عليه السلام رجلاً من أصحابه يقال له: الحجاج بن مسروق الجعفي فأقبل فسلم عليه فرد عليه السلام ثم قال: ما وراؤك؟ فقال: ورائي يـابن الحر أن الله قد أهدى إليك كرامة إن قبلتها، فقال: وما تلك الكرامة؟ فقال: هذا الحسين بن علي يدعوك إلى نصرته، فإن قاتلت بين يديه أجرت، وإن قتلت بين يديه استشهدت. فقال له عبيد الله بن الحر: والله يا حجاج ما خرجت من الكوفة إلا مخافة أن يدخلها الحسين عليه السلام، وأنا فيها ولا أنصره؛ لأنه ليس في الكوفة شيعة ولا أنصار إلا مالوا إلى الدنيا([91]) إلا من عصم الله منهم، فارجع إليه فأخبره بذلك. فقام الحسين عليه السلام وانتعل ثم سار إليه في جماعة من إخوانه وأهل بيته، فلما دخل وسلم وثب عبيد الله بن الحر عن صدر مجلسه وقبل يديه ورجليه، وجلس الحسين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يـابن الحر إن أهل مصركم قد كتبوا إلي وأخبروني أنهم مجمعون على نصرتي، وسألوني القدوم إليهم، وقدمت وليس الأمر على ما زعموا وأنا أدعوك إلى نصرتنا أهل البيت فإن أعطينا حقنا حمدنا الله تعالى على ذلك وقبلناه، وإن منعنا حقنا وركبنا الظلم كنت من أعواني على طلب الحق. فقال عبيد الله: يابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله لو كان في الكوفة شيعة وأنصار يقاتلون معك لكنت أنا من أشدهم على ذلك؛ ولكني رأيت شيعتك بـالكوفة وقد فارقوا منازلهم خوفاً من سيوف بني أمية، فلم يجبه إلى ذلك وسار الحسين عليه السلام...([92]).
المبحث الخامس: الغدر بمسلم بن عقيل:
قال الشيعي هاشم معروف: (لقد استطاع الوالي الجديد أن يحكم الحيلة ليقبض على هانىء بن عروة الذي آوى رسول الحسين (ع)، وأحسن ضيافته، واشترك معه في الرأي والتدبير، فقبض عليه وقتله بعد حوار طويل جرى بينهما، وألقى بجثمانه من أعلى القصر إلى الجماهير المحتشدة حوله، فاستولى الخوف والتخاذل على الناس، وذهب كل إنسان إلى بيته، وكأن الأمر لايعنيه).([93]).
وقال الشيعي محمد كاظم القزويني: (فدخل ابن زياد الكوفة، وأرسل إلى رؤساء العشائر والقبائل يهددهم بجيش الشام، ويطمعهم، فجعلوا يتفرقون عن مسلم شيئاً فشيئاً إلى أن بقي مسلم وحيداً).([94]).
قلت: هذا ما كان يتوقعه مسلم بن عقيل عندما طلب من الحسين رضي الله عنه أن يعفيه من هذه المهمة، لعلمه بغدر الشيعة بعمه علي، وابنه الحسن رضي الله عنهم، فقد تحقق ما كان يتوقعه، وقتل مسلم بمرأى ومسمع من دعاه وبايعه باسم الحسين.
وقال الشيعي المتعصب عبد الحسين شرف الدين ناقلاً غدر أسلافه بـمسلم بن عقيل: (لكنهم نقضوا بعد ذلك بيعته، وأخفروا ذمته، ولم يثبتوا معه على عهد، ولا وفوا له بعقد، وكان بأبي هو وأمي من أسود الوقائع، وسقاة الحقوق، وأباة الذل، وأولي الحفائظ، وله حين أسلمه أصحابه واشتد البأس بينه وبين عدوه مقام كريم،وموقف عظيم، إذ جاءه العدو من فوقه ومن تحته وأحاط به من جميع نواحيه، وهو وحيد فريد، لا ناصر له ولامعين …. حتى وقع في أيديهم أسيراً).([95])
* الخبر الفظيع:
قال عباس القمي: (ثم انتظر –أي: الحسين - حتى إذا كان السحر قال لفتيانه وغلمانه: (أكثروا من الماء فاستقوا وأكثروا ثم ارتحلوا) فسار حتى انتهى إلى زبالة، فأتاه خبر عبد الله بن يقطر فجمع أصحابه فأخرج للناس كتاباً قرأه عليهم فإذا فيه: (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإنه قد أتانا خبر فظيع، قتل مسلم بن عقيل وهانىء بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج ليس عليه ذمام.
فتفرق الناس عنه ممن اتبعوه طمعاً في مغنم وجاه، حتى بقي في أهل بيته وأصحابه ممن اختاروا ملازمته، عن يقين وإيمان).([96]).
المبحث السادس: نزول الحسين رضي الله عنه أرض كربلاء:
قال عبد الرزاق الموسوي المقرم: وكان نزوله في كربلاء في الثاني من المحرم سنة إحدى وستين.([97])
وقال عباس القمي: (اعلم أن هناك اختلافاً في اليوم الذي ورد فيه الإمام الحسين عليه السلام إلى كربلاء، وأصح الأقوال: هو أنه قدم كربلاء في الثاني من المحرم الحرام سنة إحدى وستين من الهجرة، ولما انتهى إليها قال: (ما اسم هذه الأرض؟ فقيل له: كربلاء. فقال: اللهم إني أعوذ بك من الكرب والبلاء).([98])
وقال محمد تقي آل بحر العلوم: (قال أرباب السير والمقاتل: ولما نزل الحسين عليه السلام كربلاء جمع أصحابه وأهل بيته، وقام فيهم خطيباً وقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
أما بعد فإنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، واستمرت حذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.([99]).
وينقل لنا الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس مناشدة الحسين([100]) رضي الله عنه وتذكيره لشيعته الذين دعوه لينصروه وتخلوا عنه فيقول: (كان القوم يصرون على التشويش على أبي عبد الله الحسين لئلا يتمكن من إبلاغ حجته، فقال لهم مغضباً: (ما عليكم أن تنصتوا إليَّ فتسمعوا قولي؟ وإنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد، فمن أطاعني كان من المرشدين، ومن عصاني كان من المهلكين، وكلكم عاص لأمري غير مستمع لقولي، قد انخزلت عطياتكم من الحرام، وملئت بطونكم من الحرام، فطبع الله على قلوبكم، ويلكم ألا تنصتون؟ ألا تسمعون؟.. فسكت الناس. فقال عليه السلام: تباً لكم أيها الجماعة! وترما حين استصرختمونا والهين مستنجدين فأصرخناكم مستعدين، سللتم علينا سيفاً في رقابنا، وحششتم علينا نار الفتن التي جناها عدونا وعدوكم، فأصبحتم ألباً على أوليائكم، ويداً عليهم لأعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم إلا الحرام من الدنيا أنالوكم وخسيس عيش طمعتم… فقبحاً لكم، فإنما أنتم من طواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومجرمي الكتاب، ومطفئي السنن، وقتلة أولاد الأنبياء).([101]).
هذا هو اللفظ الذي ضبطه الشيعي المذكور وقد روى أصل الخطبة شيخهم علي بن موسى بن طاوس([102]) ونقلها عبد الرزاق المقرم([103]). وفاضل عباس الحياوي([104]) وهادي النجفي([105]) وحسن الصفار([106]) ومحسن الأمين([107]) وعباس القمي([108]) وغيرهم كثير([109]) فلاحظ يا من تنشد الحق كيف وصف الإمام الحسين رضي الله عنه شيعته بأوصاف هم لها أهل:
(قد انخزلت عطياتكم من الحرام).
(وملئت بطونكم الحرام).
(فطبع الله على قلوبكم).
ولاحظ أنهم هم شيعته: الذين استصرخوه ولهين … وحششتم علينا نار الفتن.
فهؤلاء الشيعة:
(شذاذ الأحزاب).
(نبذة الكتاب).
(عصبة الآثام).
(مجرمو الكتاب).
(مطفئو السنن).
(قتلة أولاد الأنبياء).
المبحث السابع: من الذي قتل الحسين رضي الله عنه؟:
لقد نصح محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بـابن الحنفية أخاه الحسين رضي الله عنهم قائلاً له: يا أخي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك. وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى.([110]).
وقال الشاعر المعروف الفرزدق للحسين رضي الله عنه عندما سأله عن شيعته الذين هو بصدد القدوم إليهم:
(قلوبهم معك وأسيافهم عليك والأمر ينـزل من السماء والله يفعل ما يشاء. فقال الحسين: صدقت لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته.([111]).
والإمام الحسين رضي الله عنه عندما خاطبهم أشار إلى سابقتهم وفعلتهم مع أبيه وأخيه في خطاب منه: (... وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم، وخلعتم بيعتي من أعناقكم، فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي مسلم، والمغرور من اغتر بكم).([112])، وسبق للإمام الحسين رضي الله عنه أن ارتاب من كتبهم وقال: (إن هؤلاء أخافوني وهذه كتب أهل الكوفة وهم قاتليّ).([113]).
وقال رضي الله عنه في مناسبة أخرى: (اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا).([114]).
قلت: نعم إن شيعة الحسين رضي الله عنه دعوه لينصروه فقتلوه.
قال الشيعي حسين كوراني: (أهل الكوفة لم يكتفوا بالتفرق عن الإمام الحسين، بل انتقلوا نتيجة تلون مواقفهم إلى موقف ثالث، وهو أنهم بدأوا يسارعون بالخروج إلى كربلاء، وحرب الإمام الحسين عليه السلام، وفي كربلاء كانوا يتسابقون إلى تسجيل المواقف التي ترضي الشيطان، وتغضب الرحمن، مثلاً نجد أن عمرو بن الحجاج الذي برز بالأمس في الكوفة وكأنه حامي حمى أهل البيت، والمدافع عنهم، والذي يقود جيشاً لإنقاذ العظيم هانئ بن عروة، يبتلع كل موقفه الظاهري هذا ليتهم الإمام الحسين بالخروج عن الدين لنتأمل النص التالي: وكان عمرو بن الحجاج يقول لأصحابه: قاتلوا من مرق عن الدين وفارق الجماعة..).([115]).
وقال حسين كوراني أيضاً: (ونجد موقفاً آخر يدل على نفاق أهل الكوفة، يأتي عبد الله بن حوزة التميمي يقف أمام الإمام الحسين عليه السلام ويصيح: أفيكم حسين؟ وهذا من أهل الكوفة، وكان بالأمس من شيعة علي عليه السلام، ومن الممكن أن يكون من الذين كتبوا للإمام أو من جماعة شبث وغيره الذين كتبوا... ثم يقول: يا حسين أبشر بالنار....([116]).
ويتساءل مرتضى مطهري: كيف خرج أهل الكوفة لقتال الحسين عليه السلام بالرغم من حبهم وعلاقتهم العاطفية به؟ ثم يجيب قائلاً:
(والجواب هو الرعب والخوف الذي كان قد هيمن على أهل الكوفة. عموماً منذ زمن زياد ومعاوية والذي ازداد وتفاقم مع قدوم عبيد الله الذي قام على الفور بقتل ميثم التمار ورشيد ومسلم وهانئ … هذا بالإضافة إلى تغلب عامل الطمع والحرص على الثروة والمال وجاه الدنيا، كما كان الحال مع عمر بن سعد نفسه… وأما وجهاء القوم ورؤساؤهم فقد أرعبهم ابن زياد، وأغراهم بالمال منذ اليوم الأول الذي دخل فيه إلى الكوفة، حيث ناداهم جميعاً، وقال لهم: من كان منكم في صفوف المعارضة فإني قاطع عنه العطاء. نعم وهذا عامر بن مجمع العبيدي أو مجمع بن عامر يقول: أما رؤساؤهم فقد أعظمت رشوتهم وملئت غرائزهم.([117]).
ويقول الشيعي كاظم الإحسائي النجفي: (إن الجيش الذي خرج لحرب الإمام الحسين عليه السلام ثلاثمائة ألف، كلهم من أهل الكوفة، ليس فيهم شامي ولا حجازي ولا هندي ولا باكستاني ولا سوداني ولا مصري ولا أفريقي بل كلهم من أهل الكوفة، قد تجمعوا من قبائل شتى).([118]).
وقال المؤرخ الشيعي حسين بن أحمد البراقي النجفي: (قال القزويني: ومما نقم على أهل الكوفة أنهم طعنوا الحسن بن علي عليهما السلام، وقتلوا الحسين عليه السلام بعد أن استدعوه)([119]).
وقال المرجع الشيعي المعروف آية الله العظمى محسن الأمين: (ثم بايع الحسين من أهل العراق عشرون ألفاً غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم، فقتلوه)([120]).
وقال جواد محدثي: (وقد أدت كل هذه الأسباب إلى أن يعاني منهم الإمام علي عليه السلام الأَمَرَّين، وواجه الإمام الحسن عليه السلام منهم الغدر، وقتل بينهم مسلم بن عقيل مظلوماً، وقتل الحسين عطشاناً في كربلاء قرب الكوفة وعلى يدي جيش الكوفة).
ونقل شيوخ الشيعة أبو منصور الطبرسي وابن طاوس والأمين وغيرهم عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف بـزين العابدين رضي الله عنه وعن آبائه أنه قال موبخاً شيعته الذين خذلوا أباه وقتلوه قائلاً:
(أيها الناس: نشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه، فتباً لما قدمتم لأنفسكم، وسوأة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ يقول لكم: قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي).
فارتفعت أصوات النساء بالبكاء من كل ناحية، وقال بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون. فقال عليه السلام: (رحم الله امرأً قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله ورسوله وأهل بيته فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة، فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنا حرب لحربك، وسلم لسلمك، لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا، فقال عليه السلام: هيهات! هيهات! أيها الغدرة المكرة! حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم آبائي من قبل؟ كلا ورب الراقصات فإن الجرح لما يندمل، قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه، ولم ينسني ثكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وثكل أبي وبني أبي ووجده بين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصته تجري في فراش صدري...).([121]).
وعندما مر الإمام زين العابدين رحمه الله تعالى وقد رأى أهل الكوفة ينوحون ويبكون، زجرهم قائلاً: (تنوحون وتبكون من أجلنا فمن الذي قتلنا؟).([122]).
وفي رواية أنه عندما مرَّ على الكوفة وأهلها ينوحون وكان ضعيفاً قد أنهكته العلة، فقال بصوت ضعيف: (أتنوحون وتبكون من أجلنا؟ فمن الذي قتلنا؟).([123]).
وفي رواية عنه رحمه الله أنه قال بصوت ضئيل وقد نهكته العلة: (إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟).([124]).
وتقول أم كلثوم بنت علي رضي الله عنهما: (يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه، وانتهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه، ونكبتموه، فتباً لكم وسحقاً لكم، أي دواهٍ دهتكم، وأي وزر على ظهوركم حملتم، وأي دماء سفكتموها، وأي كريمة أصبتموها، وأي صبية سلبتموها، وأي أموال انتهبتموها، قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله، ونزعت الرحمة من قلوبكم).([125]).
ونقل لنا عنها رضي الله عنها الطبرسي والقمي والمقرم وكوراني وأحمد راسم وهي تخاطب الخونة الغدرة المتخاذلين قائلة:
(أما بعد: يا أهل الكوفة ويا أهل الختل والغدر والخذل والمكر، ألا فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الزفرة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، هل فيكم إلا الصلف والعجب، والشنف والكذب، وملق الإماء، وغمر الأعداء، كمرعى على دمنهُ، أو كفضة على ملحودة، ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون أخي؟ أجل والله، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فقد بليتم بعارها ومنيتم بشنارها، ولن ترخصوها أبداً، وأنى ترخصون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم، ومقر سلمكم، ومفزع نازلتكم، والمرجع إليه عند مقالتكم، ومنار حجتكم، ألا ساء ما قدمتم لأنفسكم وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعساً تعساً ونكساً نكساً، لقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة، أتدرون ويلكم أي كبد لمحمد فريتم؟ وأي عهد نكثتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟ وأي دم له سفكتم؟ ((لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً)) [مريم:89-90] لقد جئتم بها شوهاء خرقاء كطلاع الأرض وملء السماء).([126]).
وينقل الشيعي أسد حيدر عن زينب بنت علي رضي الله عنهما وهي تخاطب الجمع الذي استقبلها بالبكاء والعويل فقالت تؤنبهم: (أتبكون وتنتحبون؟! إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً، فقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترخصوها بغسل بعدها أبدا، وأنى ترخصون قتل سليل خاتم النبوة...).([127]).
وفي رواية أنها أطلت برأسها من المحمل، وقالت لأهل الكوفة: (صه يا أهل الكوفة! تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم، فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء).([128]).
المبحث الثامن: من قُتل مع الحسين من أهل البيت رضي الله عنهم:
من حب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه للخلفاء الثلاثة أن سمَّى أبناءه بأسمائهم، وقد قاتل هؤلاء مع أخيهم الحسين في كربلاء، ونلاحظ تعمد خطباء الشيعة عدم ذكر هذه الأسماء الطيبة حتى لا يعيد رواد الحسينيات النظر في مواقفهم من الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم، وأبناؤه هم:
أبو بكر بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد([129]) والطبرسي([130]) والأربلي([131]) وعباس القمي([132]) وباقر شريف القرشي([133]) وهادي النجفي([134]) وصادق مكي([135]) وابن شهرآشوب([136]).
عمر بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد([137]) والطبرسي([138]) وابن شهرآشوب([139]) والأربلي([140]) والنجفي([141]).
عثمان بن علي بن أبي طالب: ذكره محمد بن النعمان الملقب بـالمفيد([142]) وابن شهرآشوب([143]) والطبرسي([144]) والأربلي([145]) والقمي([146]) والقرشي([147]) وهادي النجفي([148]) وصادق مكي([149]).
أبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد([150]) والطبرسي([151]) والأربلي([152]) والقمي([153]) والقرشي([154]) والنجفي([155]) وصادق مكي([156]).
عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب: ذكره المفيد([157]) والطبرسي([158]) وصادق مكي([159]).
وهؤلاء الأخيار لقوا مصرعهم في كربلاء كما صرح بهذا من نقلنا عنهم في هذا المختصر، فرحمة الله عليهم وعلى آبائهم، وإنما ذكرناهم لكي يعلم الشيعي المنصف مبلغ حب أهل البيت للخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن هناك من أهل البيت أيضاً من سمى أبناءه بأسماء الخلفاء ويكفيك منهم الإمام الجليل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو المعصوم الرابع عند الإمامية الإثني عشرية فإن له ابناً اسمه عمر ذكره المفيد([160]) وقال الحر العاملي فيه: (كان فاضلا جليلا ولي صدقات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين، وكان ورعاً متجنباً).([161])
ثم وجدت الشيعي الملقب عندهم بالعلامة والمحقق البحاثة مرتضى العسكري يذكر أبناء علي بن أبي طالب الثلاثة: أبا بكر وعمر وعثمان في كتابه معالم المدرستين صفحة (127) من الجزء الثالث.
ولا شك أن الإنسان يختار لأبنائه أحب الأسماء إليه فـأبو بكر وعمر وعثمان أحب الأصحاب إلى قلب علي رضي الله عنهم فسمى أبناءه بأسمائهم.
الفصل الرابع: الشعائر الحسينية:
المبحث الأول: الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة:
أخي القارئ إن ما يفعله الشيعة في المآتم والحسينيات مثل اللطم والنياحة والتطبير وغيرها لم تكن على عهد الأئمة باعتراف علماء الشيعة، وقد ذكر نجم الدين أبو القاسم الشيعي المعروف بالمحقق الحلي بأن الجلوس للتعزية لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة، وأن اتخاذه مخالف لسنة السلف([162])، وهذا يعني أن المآتم والشعائر الحسينية من البدع التي يجب تركها، كما اعترف بهذا شيخهم آية الله العظمى جواد التبريزي عندما وجه له هذا السؤال:
ما هو رأيكم في الشعائر الحسينية وما هو الرد على القائلين بأنها طقوس لم تكن على عهد الأئمة الأطهار عليهم السلام فلا مشروعية لها؟
فأجاب: (كانت الشيعة على عهد الأئمة عليهم السلام تعيش التقية وعدم وجود الشعائر في وقتهم لعدم إمكانها لا يدل على عدم المشروعية في هذه الأزمنة، ولو كانت الشيعة في ذاك الوقت تعيش مثل هذه الأزمنة من حيث إمكانية إظهار الشعائر وإقامتها لفعلوا كما فعلنا، مثل نصب الأعلام السوداء على أبواب الحسينيات بل الدور إظهاراً للحزن).([163]).
وبمثل هذا اعترف علامتهم آية الله العظمى علي الحسيني الفاني الأصفهاني([164]) حيث أورد هذه الشبهة:
(إنه لم تعهد هذه الأمور في زمن المعصومين عليهم السلام وهم أهل المصيبة وأولى بالتعزية على الحسين عليه السلام، ولم يرد في حديث أمر بها منهم، فهذه أمور ابتدعها الشيعة وسموها الشعائر المذهبية والمأثور أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فأجاب الفاني الأصفهاني بقوله: والجواب واضح جداً أن ليس كل جديد بدعة إذ البدعة المبغوضة عبارة عن تشريع حكم اقتراحي لم يكن في الدين، ولا من الدين، والروايات الواردة في ذم البدعة والمبتدع ناظرة إلى التشريع في الدين، بل هي واردة مورد حكم العقل بقبح التشريع من غير المشرع بعنوان أنه شرع إلهي ومستمد من الوحي السماوي، وإلا فأين محل الشبهات الحكمية التي وردت الروايات بالبراءة فيها وحكم العقل بقبح العقاب عليها؟ وبديهي أن الشعائر الحسينية ليست كذلك كيف والإبكاء مأمور به([165])، وهو فعل توليدي يحتاج إلى سبب وهو إما قولي: كذكر المصائب، وإنشاء المراثي، أو عملي: كما في عمل الشبيه فللفقيه أن يحكم بجواز تلك الشعائر لما يترتب عليها من الإبكاء الراجح البتة كما أن التعزية عنوان قصدي ولا بد له من مبرر ونرى أن مبررات العزاء في الملل المختلفة مختلقة وما تعارف عند الشيعة ليس مما نهى عنه الشرع أو حكم قبحه العقل وعلى المشكك أن يفهم المراد من البدعة ثم يطبقها على ما يشاء إن أمكن).([166])
قال حسن مغنية: (جاء العهد البويهي في القرن الرابع الهجري فتحرر هذا اليوم([167])، وتجلى كما ينبغي حزيناً في بغداد والعراق كله وخراسان وما وراء النهر والدنيا كلها، إذ أخذت تتوشح البلاد بالسواد، ويخرج الناس بأتم ما تخرج الفجيعة الحية أهلها الثاكلين، وكذلك الحال في العهد الحمداني في حلب والموصل وما والاهم، أما في العهود الفاطمية فكانت المراسيم الحسينية في عاشوراء تخضع لمراسيم بغداد، وتقتصر على الأصول المبسطة التي تجري الآن في جميع الأقطار الإسلامية والعربية، وخاصة في العراق وإيران والهند وسوريا والحجاز فتقام المآتم والمناحات وتعقد لتسكب العبرات، وأصبحت إقامة الشعائر الحسينية مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة).([168])([169])
ثم يستعرض إمامهم وشهيدهم آية الله حسن الشيرازي الأدوار التي مرت بها هذه الشعائر فيشتكي من الظلم الذي منع الشيعة من إظهار هذه الشعائر فيقول: (غير أن الشيعة لم يقدروا على هذا التعبير الجريء عندما كانوا يرزحون في ظلمات بني أمية وبني العباس وإنما اختلفت عليهم الظروف القاسية والرخية اختلاف الفصول على مشاتل الورد فاختلفت تعبيراتهم باختلافها).([170]).
ثم ذكر الشيرازي خمسة أدوار:
الدور الأول: وهو دور الأئمة. قال الشيرازي: (انحصر فيه تعبير الشيعة على تجمع نفر منهم في بيت أحدهم، إنشاد فرد منهم أبيات من الشعر، أو تلاوته أحاديث في رثاء أهل البيت، وبكاء الآخرين بكل تكتم وإخفاء وتقية الحكومات الظالمة أن تطيش بهم في جنون فتطير رؤوسهم).([171]).
قلت: وهذا كلام مردود وهو من كيس الشيرازي؛ لأنه لم يذكر أي مصدر نقل منه هذا الكلام.
الدور الثاني: دور بني العباس. وقد اشتكى الشيرازي من هذا الدور إلا أنه عاد فقال: (فتوسعت مجالس التأبين على الإمام الشهيد وعلت برثائه المنابر؛ ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع).([172]).
قلت: وكلام الشيرازي هذا مردود أيضا وقد قام هو بنسفه عندما قال: (... ولكن في إطار محدود يفصله عن حركة التشيع) فما الفائدة إذن من استشهادك به؟.
الدور الثالث: ثم يذكر الشيرازي الدور الثالث فيقول: (دور البويهيين والديالمة والفاطميين وخاصة أيام معز الدولة الديلمي، الذين رفعوا الإرهاب، وأطلقوا طاقات الشيعة، ومكنوهم من إخراج مجالس التأبين عن الدور إلى المجامع والشوارع والساحات العامة،وإعلان الحداد الرسمي العام يوم عاشوراء، وإغلاق الأسواق، وتنظيم المواكب المتجولة في الشوارع والساحات).([173]).
الدور الرابع: ثم يذكر الدور الرابع فيقول: (دور الصفويين وخاصة عهد العلامة المجلسي الذي شجع الشيعة على ممارسة شعائرهم بكل حرية فأضافوا إليها التمثيل الذي كان إبداعاً منهم لتجسيد المأساة).([174])
الدور الخامس: ثم يذكر الدور الخامس فيقول: (دور الفقهاء المتأخرين وعلى رأسهم الشيخ مرتضى الأنصاري وآية الله الدربندي حيث أكثرت الشيعة من مواكب السلاسل والتطبير).([175]).
ثم عاد الشيرازي ليعترف بما اعترف به التبريزي والفاني الأصفهاني فقال: (ولو أن الشيعة في عهود الأئمة عليهم السلام وجدوا الحرية الكاملة لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم وأكثر، غير أنهم لم يكونوا يجدون الحرية الكافية للتعبير الكامل عن مدى انفعالهم في كل العصور).([176]).
فقول الشيرازي: (لأقاموا هذه الشعائر القائمة اليوم) دليل على أن هذه الشعائر القائمة اليوم لم تكن قائمة في تلك العصور التي تكلم عنها. إذن هذه الشعائر لم تكن على عهد الأئمة ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فهي من محدثات الأمور التي حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار».
فعلى الشيعي المنصف أن يدرك هذا ويعيد النظر في حضوره ومواظبته على هذه المآتم.
وقبل أن ننهي هذا الفصل نوقف القارئ الكريم على إجابة محمد حسين فضل الله على من سأله عن تأسيس المأتم الحسيني.
قال حسين فضل الله: (المأتم الحسيني أسسه أئمة أهل البيت (ع) الذين كانوا يعقدونه في بيوتهم ويستدعون من يقرأ الأشعار التي تذكر مصيبة الحسين عليه السلام بطريقة عاطفية)([177]).
وقد سئل بمناسبة سابقة عن تأسيس المأتم الحسيني فأجاب: (لا يبعد أن تأسيس الحسينيات انطلق من فكرة احترام المسجد؛ لأن الناس قد يحتاجون إلى الاستماع لعزاء الحسين عليه السلام أو للمواعظ والإرشادات وفيهم الجنب وفيهم الحائض ومن جهة عدم جواز تنجيس المسجد فلربما جعلت الحسينيات إلى جانب المساجد لا لتكون بديلة عنها فهذا ما لم يفكر فيه أحد، ولكن من أجل حماية المساجد وإفساح المجال للاستماع للموعظة والذكرى الحسينية حتى يحضرها كل الناس حتى لو أدى ذلك إلى تنجيسها أو ما إلى ذلك، ولا نعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات).([178]).
قلت: فلاحظ أنه أول الأمر زعم أن أئمة أهل البيت هم الذين أنشأوا المآتم الحسينية، ثم جاء بعد ذلك ليقول: إنها انطلقت من فكرة احترام المسجد، وأنه لا يعرف متى بدأ إنشاء الحسينيات.
المبحث الثاني: الشيعة يستحدثون بدعة النياحة واللطم:
أخي المسلم: إن ما يفعله الشيعة في الحسينيات تحت مسمى الشعائر الحسينية هي من البدع التي استحدثها ودعا إليها علماء الشيعة فقد ألف داعيتهم عبد الحسين شرف الموسوي كتاباً سماه المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة حاول فيه كعادته في مؤلفاته الدفاع عن البدع والخرافات التي يتعبد بها الشيعة، ومنها: المآتم كما يفهم من عنوان الكتاب، فقد حاول أن يثبت جواز إقامة المآتم من بكاء النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم([179]).
نعم لقد ذرفت عينا النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولكن هل فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما تفعله الشيعة في مآتمهم؟
وهل جعل النبي صلى الله عليه وسلم من موت عمه حمزة رضي الله عنه وغيره مناسبة سنوية يجمع فيها الناس ويتفنن باكياً أو متباكياً لكي يبكي الحاضرون كما يفعل علماء الشيعة وخطباؤهم في الحسينيات؟
وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يوزع شراب العصير في ذكرى مقتل أو موت من ذكرهم هذا الشيعي؟
ولماذا استعمل عبد الحسين القياس، والقياس محرم في مذهبه؟
يقول: (وقد استمرت سيرة الأئمة على الندب والعويل وأمروا أولياءهم بإقامة مآتم الحزن على الحسين جيلاً بعد جيل).([180])
وقال وهو يرد على من يعيب على الشيعة نياحهم وعويلهم:
(ولو علم اللائم الأحمق بما في حزننا على أهل البيت، والنصرة لهم، والحرب الطاحنة لأعدائهم، لخشع أمام حزننا الطويل، ولأكبر الحكمة المقصودة من هذا النواح والعويل، ولاذ من الإصرار في استمرارنا على ذلك في كل جيل)([181]).
ويقسِّم الدكتور الشيعي هادي فضل الله مواقف علماء الشيعة من اللطم وغيرها مما يقوم به الشيعة في حسينياتهم إلى قسمين:
1- المدرسة الإصلاحية: وتضم فريق المجددين الذي تزعمه محسن الأمين، ومن الأمور التي تركز المدرسة الإصلاحية على الابتعاد عنها وتحرم بعضها هي ضرر النفس بالضرب حتى الإدماء، واختلاق الأخبار، وذكرها، وإقامة الشبيه –أي: تمثيل مسرحية لملحمة كربلاء -([182]).
2- المدرسة المحافظة: وتضم فريق المحافظين الذي تزعمه عبد الحسين صادق وهي تركز على أن كل شيء لك مباح وإن أدى إلى الأذى. ما دام لا نص على حرمته وبالتالي فلاشيء في نظرها محرم مما ذكرته المدرسة الإصلاحية([183]).
ثم يتعرض هادي فضل الله إلى موقف عبد الحسين شرف الدين الموسوي من المدرستين فيقول: (لقد راح مفكرنا –أي: عبد الحسين - يؤكد أن المآتم الحسينية بجميع مظاهرها ليست من الحرام في شيء معتمداً على القاعدة الشرعية التي تنص على أن الأصل في الأشياء الإباحة لا الحرمة، فهو لم يحرم مظاهر المآتم الحسينية كما تفعل المدرسة الإصطلاحية...).([184])
وقال حسن مغنية: (وأما فيما يتعلق بإقامة الشعائر الحسينية في عاشوراء فهو أمر له مظاهره، فإذا جاء المحرم رأيت المساجد العاملية والنوادي الحسينية ومداخل القرى مجللة بالسواد، متسربلة بالحزن، عليها علامات الأسى واللوعة، وتراءت وجوه العاملين تعلوها الكآبة، وتتشح بالشجن، فالنفوس منقبضة، والوجوه متجهمة، والقلوب فزعة جزعة، قد تملكها الهلع من فاجعة كربلاء، فهنا وهناك عويل ونواح يكربان القلب، ويوجعان الصدر...)([185]).
وقال أيضاً: (وفي صبيحة اليوم العاشر يكون قد وفد إلى النبطية عشرات الألوف من أبناء الطائفة وغيرها للاشتراك بإحياء الذكرى، ويبدأ الاحتفال بقراءة مصرع الحسين في حسينية النبطية التحتا في الساعة الثامنة صباحاً، ينتهي في الساعة التاسعة والنصف تقريباً حيث يجري تمثيل المصرع، فيشترك في التمثيل أبناء النبطية كباراً وصغاراً نساءً ورجالاً، بالإضافة إلى من نذره أهله لهذه الغاية من الأطفال، وتمثل في ساحة النبطية العامة واقعة الطف، حيث يشهدها حشد من المؤمنين يقدر بأكثر من خمسين ألفاً، يتم التمثيل في جو عابق بالحماس الديني، ثم يطوف بعد ذلك عدد من الشبان والأطفال في المدينة، وهم عراة الصدور يضربون رؤوسهم بالسيوف والخناجر، وظهورهم بالسلاسل، بشكل يبعث في النفوس الأسى …).([186])
وقال الشيعي المعروف عند قومه الدكتور أحمد الوائلي([187]) عندما سئل عن ضرب الشيعة أنفسهم وجرح صدورهم في يوم عاشوراء؟ قال: (سبق للعلماء وأعطوا رأيهم في هذا الموضوع، وقالوا: إن هذا الضرب إن أضر بالنفس فهو محرم، وإذا لم يلحق بالنفس ضرراً فلم يحرم، فهو مجرد تعبير وجداني عن حبهم للحسين).([188]).
ويقول الكاتب الشيعي عبد الهادي عبد الحميد الصالح: (في حالة عدم إيذاء النفس فإن اللطم جائز، ويعتبر نوعاً من التعبير عما يجيش داخل النفس، وهي حالة فطرية، تجاه الإنسان في مشاعره فقد تراه يصفق أو يقوم من مكانه فرحاً بشرط عدم الضرر البليغ بالنفس، وهناك بعض من الفتاوى التي صدرت من بعض العلماء التي حرمت أو على الأقل لا تحبذ عملية التطبير، وهي على كل حال كما أرى حالة من واقع البيئة الاجتماعية تدعو فعلاً إلى تصحيحها وهي قضية لا تعبر بالضرورة عن أصل العقيدة).([189]).
ويقول شيخهم مهدي محمد السويج في كتابه مائة مسألة مهمة حول الشيعة ما نصه: (ولهذا ترى اللاطمين في ذكرى مأساة الحسين (ع) إنما يعبرون عن العواطف الجياشة، والمودة الصادقة من جانب، كما يعبرون من جانب آخر بنفس لطمهم يعبرون عن السخط على الظالمين ابتداءً من هناك وصولاً إلى هنا، وامتداداً حتى النهاية، ففي كل الأزمان يزيد وابن زياد، وفي كل زمان ضعفاء يعبرون عن ذلك باللطم ونحوه).([190]).
ويقول من وصفوه بالأستاذ المحقق طالب الخرسان: (بهذا وأمثاله قامت النائحات في جميع العواصم الإسلامية يندبن الحسين (ع) ومن قتل معه من بنيه وإخوته وأنصاره).([191])
ونقل شيخهم الدكتور عبد علي محمد حبيل عن شيخهم حسن الدمستاني أنه قال: (النياحة على الحسين واجبة وجوباً عينياً)([192]).
وقال علي الخامنئي: (هناك أمور تقرب الناس إلى الله وتعزز تمسكهم بتعاليم الدين، ومن هذه الأمور مراسم العزاء التقليدية، وأن ما أوصانا الإمام([193]) بإقامة مواسم العزاء التقليدية هو المشاركة في المجالس الحسينية، ونعي الإمام الحسين، والبكاء عليه، واللطم على الصدور في مواكب العزاء، وهي من الأمور التي تعزز المشاعر الجياشة إزاء أهل البيت، أجل من المراسم اللطم على الرؤوس والصدور)([194]).
وقال مرجع الشيعة الراحل آية الله العظمى الخميني موجهاً كلامه إلى خطباء الشيعة: (تكليف السادة الخطباء أن يقرءوا المراثي، وتكليف الناس يقتضي أن يخرجوا في المواكب الرائعة، مواكب اللطم، ولكن لتخرج المواكب ولتلطم الصدور، وليفعلوا ما كانوا يفعلونه سابقاً...)([195]).
وقال أيضاً: (إن مواكب اللطم هذه هي التي تمثل رمزاً لانتصارنا، لتقم المآتم والمجالس الحسينية في أنحاء البلاد، وليلق الخطباء مراثيهم، وليبك الناس... ولتمارس مواكب اللطم والردات والشعارات الحسينية ما كانت تمارسه في السابق، واعلموا أن حياة هذا الشعب رهينة بهذه المراسم والمراثي والتجمعات والمواكب)([196]).
المبحث الثالث: فتاوى كبار علماء الشيعة تُجوّز العمل ببدعة النياحة واللطم وغيرها:
وإليك فتوى أحد كبارهم وهو من أسموه بالإمام المحقق رئيس الفقهاء العظام آية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني عندما سئل عن شعائرهم وطقوسهم التي يمارسونها في مآتمهم وحسينياتهم:
الأولى: خروج المواكب العزائية في عشرة عاشوراء ونحوها إلى الطرق والشوارع، مما لا شبهة في جوازه ورجحانه، وكونه من أظهر مصاديق ما يقام به عزاء المظلوم، وأيسر الوسائل لتبليغ الدعوة الحسينية إلى كل قريب وبعيد، لكن اللازم تنزيه هذا الشعار العظيم عما لا يليق بعباده مثله، من غناء أو استعمال آلات اللهو والتدافع في التقدّم والتأخر بين أهل محلتين، ونحو ذلك، ولو اتفق شيء من ذلك، فذلك الحرام الواقع في البين هو المحرم، ولا تسري حرمته إلى الموكب العزائي، ويكون كالناظر إلى الأجنبية حال الصلاة في عدم بطلانها.
الثانية: لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار والاسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى الحد المذكور، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى، وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً، وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم، ونحو ذلك، كما يعرفه المتدربون العارفون بكيفية الضرب، ولو كان عند الضرب مأموناً ضرره بحسب العادة، ولكن اتفق خروج الدم قدر ما يضر خروجه لم يكن ذلك موجباً لحرمته، ويكون كمن توضأ أو اغتسل أو صام آمناً من ضرره ثم تبيّن ضرره منه، لكن الأولى، بل الأحوط، أن لا يقتحمه غير العارفين المتدربين ولا سيما الشبان الذين لا يبالون بما يوردون على أنفسهم لعظم المصيبة وامتلاء قلوبهم من المحبة الحسينية. ثبتهم الله تعالى بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
الثالثة: الظاهر عدم الإشكال في جواز التشبيهات والتمثيلات التي جرت عادة الشيعة الإمامية باتخاذها لإقامة العزاء والبكاء والإبكاء منذ قرون، وإن تضمنت لبس الرجال ملابس النساء على الأقوى، فإنا وإن كنا مستشكلين سابقاً في جوازه، وقيّدنا جواز التمثيل في الفتوى الصادرة منه قبل أربع سنوات؛ لكنا لما راجعنا المسألة ثانياً اتضح عندنا أن المحرّم من تشبيه الرجل بالمرأة هو ما كان خروجاً من زي الرجال رأساً، وأخذاً بزي النساء دونما إذا تلبس بملابسها مقداراً من الزمان بلا تبديل لزيه، كما هو الحال في هذه التشبيهات، وقد استدركنا ذلك أخيراً في حواشينا على العروة الوثقى.
نعم يلزم تنـزيهاً أيضاً عن المحرمات الشرعية، وإن كانت على فرض وقوعها لا تسري حرمتها إلى التشبيه، كما تقدّم.
الرابعة: الدمام المستعمل في هذه المواكب مما لم يتحقق لنا إلى الآن حقيقته، فإن كان مورد استعماله هو إقامة العزاء وعند طلب الاجتماع تنبيه الراكب على الركوب وفي الهوسات القريبة ونحو ذلك.
ولا يستعمل فيما يطلب فيه اللهو والسروة وكما هو المعروف عندنا في النجف الأشرف فالظاهر جوازه … والله أعلم([197]).
وقد وافقه على هذه الفتوى كما جاءت في المصدر المذكور كل من:
1- آية الله العظمى ميرزا عبد الهادي الشيرازي بقوله: ما ذكره قدس سره في هذه الورقة صحيح إن شاء الله تعالى([198]).
2- آية الله العظمى محسن الحكم الطباطبائي([199]).
3- آية الله العظمى أبو القاسم الخوئي قال: (ما أفاده شيخنا الأستاذ قدس سره في أجوبته هذه عن الأسئلة البصرية هو الصحيح ولا بأس بالعمل على طبقه...)([200]).
4- آية الله العظمى الإمام محمود الشاهرودي([201]).
5- آية الله الشيخ محمد حسن المظفر([202]).
6- آية الله العظمى حسين الحمامي الموسوي([203]).
7- آية الله محمد الحسين آل كاشف الغطاء([204]).
8- آية الله العظمى محمد كاظم الشيرازي([205]).
9- آية الله جمال الدين الكلبايكاني([206]).
10- آية الله كاظم المرعشي([207]).
11- آية الله مهدي المرعشي([208]).
12- آية الله علي مدد الموسوي الفايني([209]).
13- آية الله الشيخ يحيى النوري([210]).
قال الشيخ مرتضى عياد: (وقد كتب جماعة كبيرة من عظماء الفقهاء فيما سبق ما يخص بالموضوع، ولا يسع المجال لذكر كل ما كتبوه بهذا الصدد)([211]).
ثم ذكر مرتضى عياد فتاوى كثيرة لكثير من علمائهم تجيز العمل بهذه البدع التي استحدثوها في الدين، إليك فقرة من إحداها وهي لمن أسموه بالعلامة الكبير الزاهد الورع المحدث آية الله الشيخ خضر بن شلال العفكاوي منها: (... قد يستفاد من النصوص التي منها ما دل على جواز زيارته ولو مع الخوف على النفس وجواز اللطم عليه والجزع لمصابه بأي نحو كان، ولو علم أنه يموت من حينه).
نقل هذا مرتضى عياد في كتابه مقتل الحسين صفحة (153) المطبوع عام (1996م) طبعة مصورة على طبعة المطبعة العلوية في النجف وقد اطلعت على طبعة دار الزهراء بـبيروت عام (1991م) حيث نُقِلَت فتوى الشيخ المذكور مختصرة في الصفحة (154) ونصها: (الذي يستفاد من مجموع النصوص ومنها الأخبار الواردة في زيارة الحسين المظلوم ولو مع الخوف على النفس يجوز اللطم والجزع على الحسين كيفما كان حتى لو علم أنه يموت في نفس الوقت).
ويقول شيخهم آية الله مرتضى الفيروز آبادي:
(إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية، وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين، ولم يسمع ولن يسمع، أن أحداً منهم قد أنكر ذلك ومنع، ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له، أو لاعوجاج في السليقة، فهو نادر والنادر كالمعدوم)([212]).
أما محمد حسين فضل الله فإليك ما صرح به في مسألة اللطم:
قال: (أما بالنسبة إلى ما يسمى الشعائر الحسينية فإننا نرى أنها تمثل الأساليب التعبيرية عن الحزن، وعن الولاء، وأساليب التعبير تختلف بين زمن وزمن. فالبكاء أسلوب إنساني في التعبير عن الحزن، واللطم الهادئ الحزين أسلوب إنساني في التعبير عن الحزن)([213]).
وقال فضل الله أيضاً: (وعلى هذا الأساس فنحن نقول بأنه يمكن للإنسان أن يلطم بحسب ولائه، وبحسب محبته، لكن بشرط أن لا يكون اللطم مضراً بالجسد...)([214]).
وقال أيضاً: (إن اللطم الهادئ هو الذي تلطم صدرك فيه وأنت تستحضر المأساة فكل ما يكون تعبيراً عن الحزن من دون أن يضر الإنسان في بدنه فهو جائز)([215]).
المبحث الرابع: عدم جواز التطبير وضرب السلاسل إذا أوجب هتك حرمة التشيع:
إن الشيعة يتهربون من كل ما من شأنه أن يهتك ستار مذهبهم، حتى وإن كان جائزاً عندهم، وذلك لخداع مخالفيهم، وتلميع صورة التشيع أمامهم، وأكبر مثال على ذلك آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي في موقفه من التطبير وضرب السلاسل، قال محمد حسين فضل الله: (فحتى السيد الخوئي كان يفتي بحرمتها في كتاب المسائل الشرعية التي نشرتها الجماعة الإسلامية في أميركا وكندا، فلقد سئل عن التطبير وضرب السلاسل هل يجوز؟ فقال: إذا أوجب هتك حرمة المذهب فلا يجوز. قالوا: كيف ذاك؟ قال: إذا أوجب سخرية الناس بالآخرين)([216]).
فلاحظ كيف أن تحريمها لمجرد هتكها حرمة المذهب!!!
هذا وقد سبق لنا نقل موافقة الخوئي لفتوى شيخهم وآيتهم العظمى محمد حسين النائيني والذي أجاز كل ما يقترفونه في مآتمهم من لطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الاحمرار إلى ضرب بالسلاسل على الأكتاف والظهور.. إلخ.
وعلى هذا ليس لأحد أن يطمئن إلى ما يقررونه، أو إلى ما ينكرونه؛ لأن عقيدة التقية والكتمان تبيح لهم التدليس على خصومهم، والكذب عليهم، فلو سأل أحد من أهل السنة الخوئي عن حكم اللطم والضرب بالسلاسل وغيرها من بدعهم لأجابه هذا الخوئي (التقوي)([217])بأنه محرم عنده؛ لأنه يهتك حرمة المذهب، لا أنه حرام كما يراه.
لقد كنت قديماً أسأل أهل العلم منهم عن حكم اللطم وغيره فيجيبونني بأنه من فعل العوام، وأنه حرام. ثم أتعجب عندما أجد هؤلاء وهم يحاضرون في المآتم والحسينيات والناس تلطم وتضرب أجسادها بالسلاسل وهم لا ينكرون عليهم، فانعقد اليقين عندي أن القوم يتعمدون عدم الوضوح مع مخالفيهم، وأعجب من ذلك أنه عندما ينكشف أمرهم لا يخجلون!!
الفصل الخامس: الشعائر الحسينية محرمة في مصادر الشيعة:
المبحث الأول: حرمة النياحة:
أخي المسلم: إن ما يفعله الشيعة في الحسينيات والمآتم تحت مسمى الشعائر الحسينية، مثل: اللطم والنياحة ولبس السواد والتطبير وغيرها، والتي أفتى علماؤهم وعظماؤهم بجوازها فإنها محرمة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى ألسنة أئمة أهل البيت الكرام في المصادر الشيعية القديمة والحديثة، واعترف بهذا التحريم شيوخ وأعلام المذهب الشيعي الإثني عشري، فهذا شيخهم محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الملقب عند الشيعة بـالصدوق. قال: (من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وآله التي لم يسبق إليها: «النياحة من عمل الجاهلية»([218]) ورواه محمد باقر المجلسي بلفظ: «النياحة عمل الجاهلية»([219]).
فالنوح الذي استمرت عليه الشيعة جيلاً بعد جيل من عمل الجاهلية كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن النوح من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، كما يرويه علماؤهم المجلسي والنوري والبروجردي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: «صوتان ملعونان يبغضهما الله إعوال عند مصيبة وصوت عند نغمة» يعني النوح والغناء.([220]).
فليحذر الشيعي المغرر به من حضور هذه المآتم فإن ما فيها من نوح وعويل هو من الأصوات الملعونة التي يبغضها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الروايات التي تنهى عما يقترفه الشيعة في الحسينيات، ما جاء في كتاب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه إلى رفاعة بن شداد: (وإياك والنوح على الميت ببلد يكون لك به سلطان)([221]).
ومنها قوله صلى الله عليه وآله من حديث: «... وإني نهيتكم عن النوح والعويل»([222]).
ومنها ما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإني نهيت عن النوح وعن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان»([223]).
وعن علي عليه السلام: (ثلاث من أعمال الجاهلية لا يزال فيها الناس حتى تقوم الساعة: الاستسقاء بالنجوم، والطعن في الأنساب، والنياحة على الموتى)([224]).
ومنها ما رواه الكليني وغيره عن الصادق عليه السلام أنه قال: (لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي ولكن الناس لا يعرفون)([225]).
وما رواه الكليني أيضا عن الصادق عليه السلام أنه قال: (لا ينبغي الصياح على الميت ولا تشق الثياب)([226]).
وقد سئل الإمام موسى بن جعفر عن النوح على الميت فكرهه([227]).
وروى محمد باقر المجلسي عن علي رضي الله عنه قال: «لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني فغسلته، وكفنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وحنطه، وقال لي: احمله يا علي، فحملته حتى جئت به إلى البقيع، فصلى عليه... فلما رآه منصباً بكى صلى الله عليه وآله فبكى المسلمون لبكائه حتى ارتفعت أصوات الرجال على أصوات النساء، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وآله أشد النهي وقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا بك لمصابون وإنا عليك لمحزونون...»([228]).
فلاحظ أخي المسلم كيف أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنكر عيهم أشد الإنكار ارتفاع أصواتهم بالبكاء، كما أنه صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها([229]).
وروى الكليني عن فضل بن ميسر قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه رجل فشكى إليه مصيبة أصيب بها. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: (أما إنك إن تصبر تؤجر، وإلا تصبر يمضي عليك قدر الله الذي قدّر عليك وأنت مأزور)([230]).
وعن الصادق جعفر بن محمد قال: (إنّ الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن، ويأتيه البلاء وهو صبور، وإنّ البلاء والجزع يستبقان إلى الكافر، فيأتيه البلاء وهو جزوع)([231]).
قال محمد بن مكي العاملي الملقب بـالشهيد الأول: (والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع)([232]).
فالشيخ وهو أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي الملقب بـشيخ الطائفة قد حرم النوح، وادعى الإجماع، أي: أنه وإلى عصر الطوسي، كان الشيعة مجمعين على تحريم النوح والعويل الذي نسمعه الآن في الحسينيات. فقارن بالله عليك بين هذا وبين فتاوى علمائهم التي مضى إيرادها.
وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: (لكن عن الشيخ في المبسوط وابن حمزة بالتحريم مطلقاً)([233]).
وقال الشيرازي: (ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل)([234]).
وقال نجم الدين أبو القاسم جعفر بن الحسن الملقب بالمحقق الحلي المتوفى سنة (676هـ): (والشيخ استدل بالإجماع على كراهيته-الجلوس للتعزية- إذ لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالفة لسنة السلف)([235]).
وقال محمد بن مكي العاملي: (والشيخ نقل الإجماع على كراهية الجلوس للتعزية يومين أو ثلاثة أيام، ورده ابن إدريس أنه اجتماع وتزاور، وانتصر المحقق لم ينقل من أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم، قلت: الأخبار المذكورة مشعرة به فلا معنى لاغترام حجة التزاور وشهادة الإثبات مقدمة...)([236]).
وقال يوسف البحراني معلقاً على روايات تحريم النياحة بما نصه: (وأكثر كلام أكثر الأصحاب الإعراض عن هذه الأخبار وتأويلها بل تأويل كلام الشيخ أيضاً بالحمل على النوح المشتمل على شيء من المناهي كما هو ظاهر سياق الحديث الأول. قال في الذكرى بعد نقل القول بالتحريم عن الشيخ وابن حمزة: والظاهر أنهما أرادا النوح بالباطل أو المشتمل على المحرم كما قيده في النهاية، ثم نقل جملة من أخبار النهي، وقال: وجوابه الحمل على ما ذكرناه جمعاً بين الأخبار؛ ولأنّ نياحة الجاهلية كانت كذلك غالباً؛ ولأنّ أخبارنا خاصة والخاص مقدّم).
أقول: من المحتمل قريباً حمل الأخبار الأخيرة على التقية، فإنّ القول بالتحريم قد نقله في المعتبر عن كثير من أصحاب الحديث من الجمهور([237]).
وتقييد الشيخ له في النهاية إن صح ما نقله البحراني عنه مردود بإقرار الشيخ نفسه بإجماع طائفته على تحريمه.
فماذا تنتظر بعد هذا أيها الشيعي المنصف؟!!
المبحث الثاني: حرمة اللطم:
من الأدلة التي تدين الشيعة على هذه البدعة الشنيعة قول الإمام الباقر: (أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل، ولطم الوجه والصدر، وجز الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر، وأخذ في غير طريقه)([238]).
ومنها قول الصادق رحمه الله تعالى: (من ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط أجره)([239]).
أقول: فما بالك بمن يلطم وجهه وصدره، ألا يحبط ذلك الأجر من باب أولى لمخالفته لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
ومنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب»([240]).
وقد ذكر الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي أنه سأل الإمام محمد باقر الصدر عن هذا الحديث فأجابه بقوله: الحديث صحيح لا شك فيه([241]).
ومنها ما جاء عن يحيى بن خالد: «أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما يحبط الأجر في المصيبة؟ قال: تصفيق الرجل يمينه على شماله، والصبر عند الصدمة الأولى، من رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط»، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أنا بريء ممن حلق وصلق» أي حلق الشعر ورفع صوته.([242]).
ومنها ما رواه جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المناهي أنه نهى عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والاستماع إليها ونهى عن تصفيق الوجه([243]).
وقال محمد بن مكي العاملي: (يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله)([244]).
وقال الشيرازي: (وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور)([245]).
ويشير الدكتور الشيعي محمد التيجاني السماوي إلى بكاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم على عمه أبي طالب وحمزة وزوجته خديجة فيقول: (ولكنه في كل الحالات يبكي بكاء الرحمة، ولكنه نهى أن يخرج الحزن بصاحبه إلى لطم الخدود وشق الجيوب فما بالك بضرب الأجسام بالحديد حتى تسيل الدماء؟)([246]).
ثم يذكر التيجاني أنّ أمير المؤمنين علياً لم يفعل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يفعله عوام الشيعة([247]) اليوم وكذلك لم يفعل الحسن والحسين والسجاد الذي قال فيه التيجاني: (إنه حضر محضراً لم يحضره أحد من الناس وشاهد بعينيه مأساة كربلاء التي قتل فيها أبوه وأعمامه وإخوته كلهم، ورأى من المصائب ما تزول به الجبال ولم يسجل التاريخ أنّ أحد الأئمة عليهم السلام فعل شيئاً من ذلك، أو أمر به أتباعه وشيعته([248]).
وقال أيضاً: (أغلب أهل السنة والجماعة ينتقدون أفعال الشيعة التي يقومون بها بمناسبة عاشوراء من ضرب وتطبير بالسلاسل والحديد حتى تسيل الدماء... ورغم أنّ الشيعة في الهند والباكستان يفعلون ذلك وأكثر من غير ذلك، غير أنّ وسائل الإعلام المرئية كالتلفزيون لا تركز إلا على شيعة إيران لحاجة في نفس يعقوب يعرفها كل متتبع للأحداث، وكل مهتم بشؤون الإسلام والمسلمين)([249]).
ويضيف التيجاني السماوي المتعصب قائلا: والحق يُقال: إنّ ما يفعله بعض الشيعة من تلك الأعمال ليست هي من الدين في شيء، ولو اجتهد المجتهدون، وأفتى بذلك المفتون، ليجعلوا فيها أجراً كبيراً وثواباً عظيماً، وإنما هي عادات وتقاليد وعواطف تطغى على أصحابها، فتخرج بها عن المألوف وتصبح بعد ذلك من الفولكلور الشعبي الذي يتوارثه الأبناء عن الآباء في تقليد أعمى وبدون شعور، بل يشعر بعض العوام بأنّ إسالة الدم بالضرب هي قربة لله تعالى، ويعتقد البعض منهم بأن الذي لا يفعل ذلك لا يحب الحسين)([250]).
وقال أيضاً: (لم أقتنع بتلك المناظر التي تشمئز منها النفوس وينفر منها العقل السليم([251])، وذلك عندما يعرّى الرجل جسمه ويأخذ بيده حديداً ويضرب نفسه في حركات جنونية صائحاً بأعلى صوته حسين حسين، حسين حسين، والغريب في الأمر والذي يبعث على الشك أنك ترى هؤلاء الذين خرجوا عن أطوارهم وظننت أنّ الحزن أخذ منهم كل مأخذ فإذا بهم بعد لحظات وجيزة من انتهاء العزاء تراهم يضحكون ويأكلون الحلوى ويشربون ويتفكهون وينتهي كل شيء بمجرد انتهاء الموكب، والأغرب أنّ معظم هؤلاء غير ملتزمين بالدين، ولذلك سمحت لنفسي بانتقادهم مباشرة عدة مرات وقلت لهم: إنّ ما يفعلونه هو فلكلور شعبي وتقليد أعمى)([252]).
هذا ما أقر به هذا المتعصب المحترق الذي تخصص في الطعن في معتقدات أهل السنة والجماعة وقريب منه قول الشيخ حسن مغنية: (والواقع أنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف وإسالة الدماء ليست من الإسلام في شيء، ولم يرد فيها نص صريح؛ ولكنها عاطفة نبيلة تجيش في نفوس المؤمنين لما أريق من الدماء الزكية على مذابح فاجعة كربلاء)([253]). ولا ندري كيف نوفق بين قول حسن مغنية: (إنّ ضرب الرؤوس بالخناجر والسيوف... ليست من الإسلام في شيء ولم يرد فيها نص صريح) وبين قوله: (ولكنها عواطف نبيلة...) ألا يدرك حسن مغنية أنّ هذه الأمور من المنكرات والبدع الشنيعة؟
المبحث الثالث: لبس السواد في عاشوراء:
ويقوم الشيعة بلبس السواد في عاشوراء مع ما رووه من أنه لباس أهل النار، فقد (سئل الإمام الصادق عن الصلاة في القلنسوة السوداء؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار)([254]).
ورووا عن أمير المؤمنين علي فيما علم أصحابه أنه قال: (لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون)([255]).
ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره السواد إلا في ثلاثة العمامة والخف والكساء([256]).
وعن جبرئيل عليه السلام أنه هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قباء أسود ومنطقة فيها خنجر، فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذا الزي؟ فقال: زي ولد عمك العباس يا محمد، ويل لولدك من ولد عمك العباس. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى العباس فقال: يا عم ويل لولدي من ولدك. فقال يا رسول الله أفأجب نفسي؟ قال: جرى القلم بما فيه.([257]).
قال شيخهم الحاج محمد رضا الحسيني الحائري: (المشهور بين أصحابنا الإمامية شهرة عظيمة، بل المدعى عليه الإجماع كما في الخلاف، كراهة لبس الثياب السود في الصلاة، بل مطلقاً، إلاَّ في الخف والعمامة والكساء، وفي المعتبر الاقتصار على استثناء العمامة والخف ونسب ذلك إلى الأصحاب، وفي المنتهى نسبته إلى علمائنا، وعليه اقتصر في الشرايع والقواعد والإرشاد وفي الدروس، وعن اقتصار المفيد وسلار وابن حمزة الاقتصار على العمامة فقط، وعن الذكرى عدم الاستثناء في كلام كثير من الأصحاب، وفي كشف اللثام أن الكساء لم يستثنه أحد من الأصحاب إلا ابن سعيد)([258]).
ويختتم الحائري كلامه بقوله: (هذه هي الروايات التي استدل بها الأصحاب لكراهة لبس الثياب السود والصلاة فيها، مضافاً إلى ما عرفت من دعوى الشهرة الإجماع في المسألة)([259]).
قلت: إذا كانت هذه الروايات رواياتهم، والإجماع إجماعهم، فلماذا يقوم شيعة اليوم بلبس السواد في الأيام العشر الأولى من محرم؟
لماذا لا يحترم الشيعة رواياتهم وإجماع علمائهم؟
المبحث الرابع:كلمة إلى خطيب أباح النياحة واللطم:
قال فقيه الشيعة الأكبر محمد بن مكي العاملي والذي يلقبونه بـالشهيد الأول: (والشيخ في المبسوط وابن حمزة حرما النوح وادعى الشيخ الإجماع)([260]).
وقال آية الله العظمى محمد الحسيني الشيرازي: (لكن الشيخ في المبسوط وابن حمزة القول بالتحريم مطلقاً)([261]).
وقال الشيرازي: (ففي الجواهر دعوى القطع بحرمة اللطم والعويل)([262]).
وقال الشهيد الأول: (يحرم اللطم والخدش وجز الشعر إجماعاً قاله في المبسوط ولما فيه من السخط لقضاء الله)([263]).
وقال الشيرازي: (وعن المنتهى يحرم ضرب الخدود ونتف الشعور)([264]).
وقال هاشم الهاشمي في حواره مع فضل الله: (نعم ذهب ابن حمزة والشيخ إلى حرمة النياحة وادعى الشيخ الإجماع عليها في مبسوطه)([265]).
وقال أيضاً: (نعم ورد النهي عن النياحة في جملة من الأخبار...)([266]).
فهذه نصوص علمائكم تحرم النوح والعويل واللطم بالإجماع اعتماداً على نصوص شرعية سقنا بعضها، فلماذا تقام الحسينيات والمآتم وتضرب بهذا الإجماع عرض الجدار؟!
ثم اسمع أيها الخطيب كيف يتربى أهل البيت رضي الله عنهم ويربون أصحابهم على الصبر والاسترجاع لا على النوح والعويل كما تفعل أنت في المآتم والحسينيات.
عن موسى بن جعفر رحمه الله قال: (نعي إلى الصادق جعفر بن محمد إسماعيل بن جعفر وهو أكبر أولاده وهو يريد أن يأكل، وقد اجتمع ندماؤه فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحث ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يرون للحزن أثراً، فلما فرغ قالوا: يا بن رسول الله لقد رأينا عجباً، أصبت بمثل هذا الابن وأنت كما ترى. قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم، إن قوماً عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولم ينكروا من يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل)([267]).
أرأيت بعد هذا براءة أهل البيت رضي الله عنهم مما يدور في هذه المآتم.
المبحث الخامس: النساء والحسينيات:
إن التحذيرات الواردة في الروايات السابقة تشمل الرجال والنساء على حد سواء، ولمزيد من الفائدة نذكر الروايات التي تطرقت إلى النساء بشكل خاص لكي تعيها وتتدبرها النساء الشيعيات اللاتي يذهبن إلى المآتم والحسينيات حتى لا يقعن في المحظور.
قال الحسين رضي الله عنه لأخته زينب عندما لطمت وجهها وأهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها:
(يا أُخَيَّةّ اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأن أهل السماء لا يبقون، وأن كل شيء هالك إلا وجه الله تعالى، الذي خلق الخلق بقدرته فيعودون، وهو فرد وحده، أبي خير مني، وأمي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولكل مسلم برسول الله أسوة، فعزاها بهذا ونحوه ثم قال لها:
يا أختاه! إني أقسمت عليك فأبري قسمي، إذا أنا قتلت فلا تشقي عليَّ جيباً، ولا تخمشي عليَّ وجهاً، ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور)([268]).
وفي رواية قال: (يا أختاه يا أم كلثوم! يا فاطمة! يا رباب! انظرن إذا قتلت فلا تشققن عليَّ جيباً ولا تخمشن وجهاً)([269]).
وفي رواية: (يا أختي إني أقسمت عليك فأبري قسمي لا تشقي عليَّ جيباً ولا تخمشي عليَّ وجهاً ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور إذا أنا هلكت)([270]).
وروى الصدوق وغيره عن عمر بن أبي المقدام قال: سمعت أبا الحسن وأبا جعفر عليهما السلام يقولان في قول الله عز وجل: ((... وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ...)) [الممتحنة:12] قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لـفاطمة رضي الله عنها: «إذا أنا مت فلا تخمشي عليَّ وجهاً ولا ترخي عليَّ شعراً ولا تنادي بالويل ولا تقيمي عليَّ نائحة. قال: ثم قال: هذا هو المعروف الذي قال الله عز وجل: ((... وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ...)) [الممتحنة:12]».
وعن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ((... وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ...)) [الممتحنة:12] قال: (المعروف أن لا يشققن جيباً، ولا يلطمن وجهاً، ولا يدعون ويلاً، ولا يقمن عند قبر)([271]).
وعن أبي سعيد: «أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن النائحة والمستمعة»([272]).
قلت: فما الفائدة إذن من الذهاب إلى الحسينيات بعد الوقوف على هذه الأحاديث الصريحة؟ الحذر! الحذر!
وروى القطب الراوندي في لب اللباب([273]) «أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن أربعة: امرأة تخون زوجها في ماله أو في نفسها، والنائحة، والعاصية لزوجها، والعاق». وعندما سمع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بكاء النساء على قتلى صفين، وخرج إليه حرب بن شرحبيل الشامي وكان من وجوه قومه فقال علي عليه السلام له: (أتغلبكم نساؤكم على ما أسمع؟! ألا تنهونهن عن هذا الرنين)([274]).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها، ومن أصيب بمصيبة فجاء عند تلك المصيبة بنائحة فقد كفرها. وفي رواية: فقد أحبطها)([275]).
وعن جعفر بن محمد عن آبائه رضي الله عنهم في وصية النبي صلى الله عليه وآله لـعلي: «يا علي من أطاع امرأته أكبه الله عز وجل على وجهه في النار، قال علي رضي الله عنه: وما تلك الطاعة؟ قال: يأذن لها في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنياحات ولبس الثياب الرقاق»([276]).
وروى الصدوق وغيره عن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «أربعة لا تزال في أمتي إلى يوم القيامة: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وإن النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب»([277]).
وعن أبي جعفر الثاني عن آبائه رضي الله عنهم قال: قال رسول لله صلى الله عليه وآله: «لما أسري بي إلى السماء رأيت امرأة على صورة كلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار فسئل صلى الله عليه وآله وسلم عنها فقال: إنها كانت قينة، نواحة، حاسدة»([278]).
وعن جعفر بن محمد رضي الله عنهما أنه أوصى عندما احتضر فقال: (لا يُلْطَمَنَّ عليَّ خد، ولا يُشْقَنَّ عليَّ جيبٌ، فما من امرأة تشق جيبها إلا صدع لها في جهنم صدع كلما زادت زيدت)([279]).
وعن علي رضي الله عنه قال: «أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله البيعة على النساء أن لا ينحن ولا يخمشن ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء»([280]).
المبحث السادس: من الكاذب محمد باقر الصدر أم التيجاني؟:
نقل الدكتور محمد التيجاني السماوي الشيعي عن شيخهم آية الله محمد باقر الصدر أنه قال له: (إن ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم، ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء، بل هم دائبون على منعه وتحريمه)([281]).
فيا لله العجب! آية الله مرتضى الفيروز آبادي يقول فيما مر نقله: (إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة... ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم –أي: علماءهم- قد أنكر ذلك ومنع) والصدر يقول: (إن علماءهم دائبون على منعه وتحريمه) فهل كذب الصدر أم أن التيجاني افترى عليه؟!
والذي أراه أن مصدر الكذب هنا هو التيجاني؛ لأنه يذكر أنه سأل محمد باقر الصدر عند زيارته النجف هذا السؤال: لماذا يبكي الشيعة ويلطمون ويضربون أنفسهم حتى تسيل الدماء وهذا محرم في الإسلام فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم «ليس منَّا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»؟ فأجابه محمد باقر الصدر كما نقله التيجاني نفسه: الحديث صحيح لا شك فيه؛ ولكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله، فالذي ينادي بثأر الحسين ويمشي على درب الحسين دعوته ليست دعوى جاهلية، ثم إن الشيعة بشر فيهم العالم وفيهم الجاهل ولديهم عواطف، فإذا كانت عواطفهم تطغى عليهم في ذكرى استشهاد أبي عبد الله، وما جرى عليه وعلى أهله وأصحابه من قتل وهتك وسبي فهم مأجورون؛ لأن نواياهم في سبيل الله([282])،([283]).
فالرجل يعترف بصحة الحديث الذي ينهى عن لطم الخدود وشق الجيوب فيرده مكابراً راداً على رسول الله صلى الله عليه وآله، زاعماً أنه لا ينطبق على منكرات أتباعه وبدعهم، والتيجاني يدعي أنه وعلماء الشيعة يحرمونها. فمن الكاذب؟
المبحث السابع: التيجاني يعود إلى الكذب مرة أخرى:
قال التيجاني: (ولا يخفى أن كثيراً من العلماء كـمحسن الأمين، واليوم سماحة السيد القائد علي الخامنئي، وآية الله محمد حسين فضل الله، وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوازها...)([284]).
قلت: إن الكذب الذي طبع عليه التيجاني في سائر مؤلفاته التي اطلعنا عليها يدخل عنده في باب التقية التي يؤجر الشيعي عليها، فهو يريد أن يلمع صورة التشيع أمام المسلمين؛ لأن كتبه توزع بكثرة([285]) في أوساط أهل السنة والجماعة، فكلامه الذي أمامك كذب مفضوح فـالخامنئي (وهو مرشد الثورة) أجاز فيما مر نقله ما نفاه عنه هذا التيجاني الأفاك.
أما محمد حسين فضل الله فقد نقلنا لك تجويزه للطم الذي قيده بالهادىء، وفي مناسبة أخرى قال: له اللطم بحسب الولاء. ولك بعد هذا أن تحكم على التيجاني بما تراه.
وأما قوله: (وكثير من العلماء أفتوا بعدم جوازها) فكذب مفضوح؛ لأن آيتهم مرتضى الفيروز آبادي أضاع الفرصة على التيجاني دون تمرير كذبته وذلك بقوله: (ولم يسمع ولن يسمع أن أحداً منهم –يعنى: أعاظم وكبار علمائهم المتقدمين والمتأخرين- قد أنكر ذلك ومنع) فهل نصدق التيجاني الذي تكذبه النصوص والفتاوى أم كبار علمائهم؟
المبحث الثامن: الشيعة وإنكارهم صوم عاشوراء:
الشيعة ينكرون صيام هذا اليوم ويتهمون الأمويين بوضع الروايات التي تحث على صومه، وقد ألف أحدهم وهو المدعو جمال الدين بن عبد الله كتاباً بعنوان صيام عاشوراء جمع فيه الروايات التي تتعرض لصوم هذا اليوم أمراً أو نهياً، وحاول الانتصار فيه لمذهبه، وما أفلح الرجل.
لقد حشد الروايات التي تنهى عن صوم هذا اليوم. أنقل لك طائفة منها وهي ولله الحمد متعارضة متناقضة يكذب بعضها بعضاً.
من هذه الروايات: ما رووه عن الرضا أنه سئل عن صوم يوم عاشوراء وما يقول الناس فيه؟ فقال: (عن صوم ابن مرجانة تسألني! ذلك اليوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين عليه السلام، وهو يوم يتشايع به آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويتشايع به أهل الإسلام، واليوم الذي يتشايع به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرك به، ويوم الإثنين يوم نحس قبض الله فيه نبيه صلى الله عليه وسلم، وما أصيب آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا في يوم الإثنين... فمن صامهما أو تبرك بهما لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب، وكان محشره مع الذين سنوا صومهما والتبرك بهما)([286]).
وما رووه عن زيد النرسي قال: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: (من صامه كان حظه من صيام ذلك اليوم حظ ابن مرجانة وآل زياد. قال: قلت: وما كان حظهم من ذلك اليوم؟ قال: النار أعاذنا الله من النار، ومن عمل يقرب من النار)([287]).
وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: (لا تصم في يوم عاشوراء ولا عرفة بـمكة)([288]).
وعن نجية قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء؟
فقال: صوم متروك بنزول رمضان، والمتروك بدعة). قال نجية: فسألت أبا عبد الله عليه السلام من بعد أبيه عليه السلام عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه. ثم قال: (أما إنه صوم يوم ما أنزل به كتاب ولا جرت به سنة إلا سنة آل زياد بقتل الحسين بن علي عليهما السلام)([289]).
فلاحظ أخي القارىء الكريم أن الرواية الأولى تصرح بأن عاشوراء يوم صامه آل زياد، وفي رواية أوردها المؤلف المذكور عن جعفر الصادق منها... لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس بـالشام إلى يزيد فوصفوا له الأخبار وأخذوا عليه الجوائز من الأموال، فكان مما وضعوا له أمر هذا اليوم وأنه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور...([290]).
ومثلهما الروايتان الثانية والثالثة وأما الرواية الرابعة فتنسف الروايتين السابقتين مؤكدة أن صيام هذا اليوم موجود قبل وجوب شهر رمضان أي أن صيام هذا اليوم موجود قبل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما، فانظر أخي القارىء! كيف ينسف الباطل بعضه بعضاً.
كما أنكر المدعو/ محمد التيجاني السماوي صوم عاشوراء ونسب إلى الأمويين صيام هذا اليوم. قال السماوي: ويتبين لنا أيضا بأن أهل السنة والجماعة يحتفلون بيوم عاشوراء؛ لأنهم اتبعوا سنة يزيد بن معاوية وبني أمية في احتفالهم بذلك اليوم؛ لأنهم انتصروا فيه على الحسين وأخمدوا ثورته التي كانت تهدد كيانهم، وقطعوا بذلك دابر الشغب على حد زعمهم... وتقرَّب إليهم علماء السوء من أهل السنة والجماعة فوضعوا لهم أحاديث في فضل ذلك اليوم، وأن عاشوراء هو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح على جبل الجودي، وهو اليوم الذي كانت فيه النار برداً وسلاماً على إبراهيم، وهو اليوم الذي خرج فيه يوسف من السجن، ورد فيه بصر يعقوب، وهو اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون، وهو اليوم الذي نزلت فيه على عيسى مائدة من السماء … وقد أمعنوا في الكذب عندما رووا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «هاجر إلى المدينة فصادف دخوله إليها يوم عاشوراء فوجد يهود المدينة صياماً فسألهم عن السبب قالوا: هذا اليوم الذي انتصر فيه موسى على فرعون فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: نحن أولى بـموسى منكم، ثم أمر المسلمين بصوم عاشوراء وتاسوعاء لمخالفة اليهود». وهذا كذب مفضوح([291]).
ويتهجم على أهل السنة معارضاً صوم يوم عاشوراء، زاعماً أنه يومٌ سنَّه الأمويون لطمس ذكرى قتل الحسين رضي الله عنه. وذلك في شريط مسجل بصوته في كلام طويل منه قوله: (في حين أن روايات أهل البيت عليهم السلام تحرم صيام هذا اليوم).
اسمع أيها التيجاني: إننا لا ندينك ولا نلزمك إلا بروايات شيعية محضة تأخذك من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك... إن شاء الله تعالى، فهذا شيخ طائفتك على الإطلاق أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي في كتابيه تهذيب الأحكام والاستبصار وهما من أصولكم الأربعة التي قال فيها عبد الحسين شرف الدين العاملي وهو أحد أساطينكم: (الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها)([292]).
يروي عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه أن علياً عليهما السلام قال: (صوموا العاشوراء-هكذا- التاسع والعاشر فإنه يكفر ذنوب سنة)([293]).
وروى عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: (صام رسول الله صلى عليه وآله وسلم يوم عاشوراء)([294]).
وروى عن جعفر عن أبيه عليه السلام أنه قال: (صيام يوم عاشوراء كفارة سنة)([295]).
وعن الصادق رحمه الله قال: (من أمكنه صوم المحرم فإنه يعصم صاحبه من كل سيئة)([296]).
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن أفضل الصلاة بعد الصلاة الفريضة الصلاة في جوف الليل، وإن أفضل الصيام من بعد شهر رمضان صوم شهر الله الذي يدعونه المحرم»([297]).
أرأيت بعد هذا أيها التيجاني! أن الذي سن صيام يوم عاشوراء هو المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا الأمويون كما تزعم أنت آثما مفترياً على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين.
أرأيت افتراءك على أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما زعمت أنهم يحرمون صوم هذا اليوم.
وعن علي رضي الله عنه قال: (صوموا يوم عاشوراء التاسع والعاشر احتياطاً، فإنه كفارة السنة التي قبله وإن لم يعلم به أحدكم حتى يأكل فليتم صومه)([298]).
أرأيت أيها المفتري! حرص أمير المؤمنين علي رضوان الله عليه على صوم هذا اليوم الذي تحاول أنت وأضرابك حرمان المسلمين من أجره فانظر كيف أنه أمر من أكل في هذا اليوم أن يمسك ويتم صومه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح صائماً قلت –أي: الراوي-: كذلك كان يصوم محمد صلى الله عليه وآله قال: نعم)([299]).
وأما إنكاره وتحامله على علماء أهل السنة بأنهم وضعوا على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن هذا اليوم هو الذي تاب الله فيه على آدم وهو اليوم الذي رست فيه سفينة نوح... فدليل على جهله أو تجاهله بل وقلة علمه، فهذا شيخ طائفته أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي يروي عن أبي جعفر رحمه الله قال: (لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجودي، فأمر نوح عليه السلام من معه من الجن والإنس أن يصوموا ذلك اليوم. قال أبو جعفر عليه السلام: أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تاب الله عز وجل فيه على آدم وحواء، وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون ومن معه، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى عليه السلام فرعون، وهذا اليوم الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام، وهذا اليوم الذي تاب الله فيه على قوم يونس، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم)([300]).
ورواه الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاوس قائلاً: (ووردت أخبار كثيرة بالحث على صيامه)([301]).
وذكر هذه الرواية الحر العاملي([302]) والنوري الطبرسي([303]) وحسين البروجردي([304]) ويوسف البحراني([305]).
وروى النوري الطبرسي عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: (أوفت السفينة يوم عاشوراء على الجودي فأمر نوح من معه من الإنس والجن بصومه، وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم عليه السلام)([306]).
فهل هذه أيضاً من الروايات التي يرددها أهل السنة والجماعة؟!
وروى الصدوق في المقنع: أنه في عشر من المحرم وهو يوم عاشوراء أنزل الله توبة آدم، وفيه استوت سفينة نوح على الجودي، وفيه عبر موسى البحر، وفيه ولد عيسى بن مريم عليه السلام، وفيه أخرج الله يونس من بطن الحوت، وفيه أخرج الله يوسف من بطن الجب، وفيه تاب الله على قوم يونس، وفيه قتل داود جالوت، فمن صام ذلك اليوم غفر له ذنوب سبعين سنة وغفر له مكاتم عمله([307]).
وفي حديث الزهري عن علي بن الحسين عليهما السلام في عداد الصوم الذي صاحبه بالخيار: صوم عاشوراء([308]). ومثله المروي في الفقه الرضوي([309]).
فماذا يقول التيجاني بعد هذا؟!!
هذا وعلى التيجاني أن يعلم أن روايات صوم عاشوراء جاءت من طرق الشيعة بأسانيد معتبرة، في حين جاءت الروايات الناهية عن صومه بأسانيد ضعيفة، وقد اعترف بهذا شيخهم الحاج السيد محمد رضا الحسيني الحائري في كتابه نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة صفحة (145، 146، 147) طبع قم إيران (1413هـ).
فماذا يقول بعد ذلك؟.
وما رد الدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس القائل: إن أجهزة الدعاية الأموية قلبت الحقائق، وحولت يوم الكارثة إلى يوم عيد وسرور، وهو الذي ما زال متداولاً إلى يومنا هذا([310]).
فهل الطوسي والصدوق والحر العاملي والنوري الطبرسي وابن طاوس الذين رووا فضل صوم عاشوراء من العاملين والمروجين للدعاية الأموية التي قلبت الحقائق؟
لماذا تردّد الأكاذيب أيها الدكتور؟
لماذا لا تنصف أهل السنة وتبيّن للشيعة أن أهل السنة يصومون هذا اليوم اقتداءً بنبيّهم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم بروايات صحيحة عند الفريقين السنة والشيعة، اعترف شيخكم ابن طاوس بكثرتها؟!
وإذا كنت ساخطاً على أهل السنة لعدم اتخاذهم يوم قتل الحسين رضي الله عنه حزناً كما هو حال الشيعة، فيُرد عليك من وجهين:
الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم سن صيام هذا اليوم باتفاق الفريقين، وهذا ما يفعله أهل السنة ولله الحمد والمنة.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر باتخاذ هذا اليوم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة، بل إنه صلوات الله وسلامه عليه نهى عن هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: «النياحة من عمل الجاهلية»، وهذا حديث متفق على صدوره بين الفريقين، وقد سقناه مع غيره في فصل (حرمة النياحة) فراجعه.
ثم إنّ أعظم مصيبة أصيب بها المسلمون هي موت النبي صلى الله عليه وسلم بنص حديثه صلى الله عليه وسلم: «من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب»([311]).
ومع هذا لم يتخذ المسلمون يوم وفاته حزناً ونياحة رغم أنها أكبر المصائب، وكذلك وفاة
الصديق وقتل الفاروق وذي النورين وعلي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين لم يتخذ المسلمون وفاتهم حزناً ونياحة كما يفعل الشيعة.
فلماذا لم يحي الشيعة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أعظم من مصيبة قتل الحسين رضي الله عنه؟!!
لماذا لم يقم الحسن والحسين مأتماً سنوياً بمناسبة قتل أبيهما علي رضي الله عنهم جميعاً؟!!
أليس أبو الحسن خيراً من الحسن والحسين([312])؟!!
إن أبناء جلدتك هم الذين دعوه فخذلوه ثم قتلوه، فهذا سبط رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإنه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد الله بن يقطر، وقد خذلنا شيعتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف في غير حرج، ليس معه ذمام، فتفرق الناس عنه وأخذوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاءوا معه، ونفر يسير ممن انضمّوا إليه.([313]).
فأسلافك هم الذين دعوه فخذلوه.
ألم تقل أيها الدكتور: (... فـالشيعة مسلمون... والمنصف هو من يعود إلى كتبهم العقيدية ليطلع على أفكارهم وعقائدهم لا أن يقرأ كتب خصومهم التي تحتوي على الافتراءات والأكاذيب بما لا يرتضيه دين ولا يقر به عاقل منصف)([314]).
وها هي كتب أتباعك تثبت سنة صوم عاشوراء وتنهى عن النياحة وأنتم تخالفونها.
وها هي تأمر بصوم عاشوراء وأنتم تلصقونه بالأمويين.
وأما خصوم الشيعة أيها الدكتور! فقد استندوا في إدانتهم لكم إلى كتب وأقوال علماء الشيعة، وحسبك تهمة تحريف القرآن، فإن عمدتهم الروايات المتواترة والتي صرح كباركم بأنها معلومة من دينكم بالضرورة، وأن ردّها ودفعها يستلزم دفع جميع الأخبار ولا أظنك ممن يجهل هذا؛ ولكنها التقية التي قال عنها إمامك الخميني: (... ولولا التقية لصار المذهب في معرض الزوال والانقراض)([315]).
والتي قال عنها جعفر الصادق رحمه الله – كما نسبتموه له!!-: (إنّكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله)([316]).
وفي رواية عنه: (ليس من شيعة علي من لا يتقي)([317]).
وروى الكليني والكاشاني عن أبي عبدالله رحمه الله قال: (من استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلّط الله عليه حر الحديد وضيق المجالس)([318]).
وفي رواية عن الصادق: (ليس منّا من لم يلزم التقية)([319]).
فهل هذا خُلُق من يقول فيصدق في قوله أيها الدكتور؟!!
وليس لك أيها الدكتور! أن تلوذ وراء جواز التقية عند احتمال الخطر على النفس، لأن إمامك الخميني أجازها حتى وإن كان الشيعي آمناً على نفسه قال: (ثم إنه لا يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره بل الظاهر أن المصالح النوعية صارت سبباً لإيجاب التقية من المخالفين فتجب التقية وكتمان السر لو كان مأموناً وغير خائف على نفسه)([320]).
فكيف يُعرف أيها الدكتور صِدْقُكم من تقيتكم؟
فهل لك أن تفيدنا في إجابة هذا السؤال المحيّر؟!!
وهل لك أن تجيبنا وتوضّح لنا هذا السر الذي يجب كتمانه؟!!
وهل هذه الروايات وما سقناه وأوردناه في هذه الرسالة من كتب خصومكم أم من كتبكم؟!!
إن الذي أمر الناس بالنوح والبكاء وإقامة المآتم على الحسين في السكك والأسواق وبالتهنئة والسرور يوم الغدير هو معز الدولة البويهي وكان من علماء الإمامية([321]) وليس أهل البيت رضي الله عنهم، فهل تعلم هذا أيها الدكتور؟!!
أما أهل البيت رضي الله عنهم فقد سمعوا جدّهم صلى الله عليه وسلم يقول: «النياحة من عمل الجاهلية» فهيهات هيهات أن يأمروا بإقامة مآتم تقام بها أعمال الجاهلية.
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لـفاطمة رضي الله عنها: «إذا أنا مت فلا تخمشي عليّ وجهاً، ولا ترخي عليّ شعراً، ولا تنادي بالويل والثبور، ولا تقيمي عليّ نائحة..»؟!!([322]).
ألم ينقل شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي تحريم النوح إجماعاً؟([323]).
هذا بالإضافة إلى تناقض الشيعة في نقل الحوادث ومبالغتهم فيها. فهذا المحامي الشيعي أحمد حسين يعقوب يقول ما نصه: (ولأجل قتل الإمام الحسين وإبادة بيت النبوة جمع عبيد الله ثلاثين ألف مقاتل)([324]). ثم يأتي بعد ذلك لينسف كلامه هذا بما نقله عن الحسين رضي الله عنه أنه قال: (يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً لكم وانجوا بأنفسكم فليس المطلوب غيري، ولو قتلوني ما فكروا فيكم، فانجوا رحمكم الله وأنتم في حل وسعة من بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني)([325]).
فالإمام الحسين يصرّح هنا بأنه هو المطلوب، ولو ظفروا به ما فكروا في غيره، وأنت تقول إن المطلوب إبادة أهل البيت فما الصحيح في كلامك أيها المحامي؟!!
إن الأخبار التي ترددونها في مقتل الحسين رضي الله عنه وعلى ضوئها تطعنون وتسبّون وتحقدون وتتآمرون، هي من الأباطيل والأكاذيب التي لا أساس لها، وقد اعترف بهذا شيخكم ومجتهدكم عبد الحسين الحلي حيث قال: (نعم إن تلك الأخبار غير معلومة الصدق وهكذا جميع الأخبار بلا استثناء، وشتان بين معلوم الكذب وبين غير معلوم الصدق، ولو لزم الناس أن لا ينقل أحد منهم إلا الصادق أو معلوم الصدق ولو بالطرق الظاهرية المعروفة في كتب الأصول والحديث لانسَدّ باب نقل الأخبار وبطل الاحتجاج بأقوال المؤرخين)([326]).
ثم إن خبر: (يا أهلي وشيعتي اتخذوا هذا الليل جملاً...) يناقض ويدحض ما نقله الدكتور أحمد راسم النفيس وغيره من أن الإمام الحسين رضي الله عنه قال لمن عرض عليه عدم اصطحاب نسوته معه وهو أخوه محمد بن الحنفية عن جدّه المصطفى صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد شاء أن يرى نسوتك سبايا»([327]).
فليفسر لنا الدكتور النفيس هذين الخبرين المتناقضين.
قال عبد الحسين الحلي الشيعي المتعصب جداً: (إن وقائع الطف لم تصل إلينا حتى التي تلقيناها بواسطة المفيد والشيخ والسيد وأضرابهم إلا مرسلة، وأكثر ما يرسل المؤرخون وأوثقهم ابن جرير الطبري عن أبي مخنف وهو لم يحضر الواقعة)([328]).
أرأيت أيها الدكتور! كيف أنكم ترددون في مآتمكم أخباراً مرسلة غير معلومة الصدق، وتخالفون النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه عن النياحة، وتتنكرون لصوم عاشوراء رغم ثبوته عندكم.
فسر لنا أيها الدكتور! كيف رفض الإمام الحسين عليه رضوان الله ورحمته صرف النسوة ثم جاء أخيراً وطلب من الجميع الانصراف، وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وآله أن الله شاء أن يرى نسوته سبايا؟!!!
الفصل السادس: ثواب زيارة الحسين وبدعة البناء على القبور:
المبحث الأول: ثواب زيارة الحسين رضي الله عنه:
روت الشيعة عن أبي الحسن الماضي قال: (من زار الحسين عليه السلام عارفاً بحقه غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر)([329]).
وعن أبي عبد الله قال: (من زار الحسين عليه السلام كتب الله له ثمانين حجة مبرورة)([330])
وعن أبي عبد الله قال: (من أتى قبر الحسين عارفاً بحقه كان كمن حج ثلاث حجج مع رسول الله صلى الله عليه وآله)([331]).
وعن أبي عبد الله قال: (من أتى قبر الحسين عارفاً بحقه كان كمن حج مائة حجة)([332]).
وعن حذيفة بن منصور قال: قال لي: أبو عبد الله: (كم حججت؟ قلت: تسع عشرة. قال: فقال: أما إنّك لو أتممت إحدى وعشرين حجة لكتب لك كمن زار الحسين)([333]).
وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله قال: (ومن زار قبر الحسين عارفاً بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر)([334])
ومن هذه الأحاديث الباطلة المختلقة التي فضلوا بها السجود على ما يسمّونه بالتربة الحسينية على أرض الحرم فقد سئل آيتهم العظمى محمد الحسيني الشيرازي هذا السؤال:
(يقال: إن أرض كربلاء أفضل من أرض مكة والسجدة على التربة الحسينية أفضل من السجدة على أرض الحرم... هل هذا صحيح؟).
فأجاب: (نعم)([335]).
كما ردد شيخهم وآيتهم المعروف محمد الحسين كاشف الغطاء هذا البيت من الشعر:
ومن حديث كربلاء والكعبـة لكربلاء بان علو الرتبة([336])
ويقول آيتهم عبد الحسين دستغيب: (لقد جعل رب العالمين لطفاً بعباده زيارة قبر الحسين عليه السلام بدلاً من حج بيت الله الحرام ليتمسّك بها من لم يوفق إلى الحج، بل إن ثوابه لبعض المؤمنين وهم الذين يراعون شرائط الزيارة أكثر من ثواب الحج كما هو صريح كثير من الروايات الواردة في هذا المعنى)([337]).
ونسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عن كربلاء: «هي أطهر بقاع الأرض وأعظمها حرمة وإنها لمن بطحاء الجنة»([338]).
إن زيارة الحسين رضي الله عنه ليست من الدين فقد اكتمل الدين قبل وجود ضريحه الذي وجدت فيما بعده هذه الروايات التي تبالغ فيه وحسبك قوله عز وجل: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإسلامَ دِيناً)) [المائدة:3] فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها أمير المؤمنين علياً والحسن والحسين وأبا ذر والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن اليمان وأبا سعيد الخدري وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم لم يحصل لهم فضل زيارة هذا المرقد.
أما من أتى بعد مقتله رضي الله عنه ومنهم الإمام الصادق عليه رحمة الله فقد روت الشيعة عن حنان بن سدير قال: قلت لـأبي عبدالله عليه السلام: (ما تقول في زيارة قبر الحسين فإنه بلغنا عن بعضكم أنه قال: تعدل حجة وعمرة فقال: ما أصعب هذا الحديث ما تعدل هذا كله؛ ولكن زوروه فلا تجفوه فإنه سيد شباب أهل الجنة..)([339]).
المبحث الثاني: بدعة البناء على القبور:
إن الشيعة ارتكبت إثماً في البناء على قبره رضي الله عنه قال إمامهم الشيرازي: (الشيعة تعتقد أن بناء الأضرحة والقباب على مراقد الأنبياء والأئمة والشخصيات الإسلامية من أفضل المقربات إلى الله سبحانه)([340]).
وهذا باطل لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور فقد روت الشيعة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصلى على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه»([341]).
وعن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى أن يجصص القبر أو يبنى عليه أو أن يقعد عليه»([342]).
لذا تناقل الأئمة هذا النهي، فعن الإمام الصادق رحمه الله قال: (من أكل السحت سبعة: الرشوة في الحكم، ومهر البغي، وأجر الكاهن، وثمن الكلب، والذين يبنون البناء على القبور...)([343]).
وعن علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن البناء على القبر والجلوس عليه هل يصلح؟ فقال: (لا يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه)([344]).
إننا ننصح الشيعة بعدم البناء على القبور وأن يقتدوا بأمير المؤمنين علي رضي الله عنه والذي بعثه النبي صلى الله عليه وآله ليهدم القبور ويكسر الصور حتى يكون قدوة لمن بعده. كما سيأتي إيراده.
والحذر الحذر من بناء المساجد على القبور أو عندها فعن سماعة بن مهران (أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها: فقال: أما زيارة القبور فلا بأس بها ولا يبنى عندها المساجد)([345]).
والحذر الحذر من اتخاذها قبلة ومسجداً لقوله صلى الله عليه وآله: «لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً فإن الله عز وجل لعن اليهود والنصارى حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»([346]).
وعن أمير المؤمنين رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «لا تتخذوا قبري مسجداً ولا بيوتكم قبوراً وصلّوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم وسلامكم يبلغني» وزاد في رواية: «ولا تتخذوا قبوركم مساجد»([347]).
وعندما تعرض شيخهم محمد الحسين آل كاشف الغطاء إلى مسألة البناء على القبور في رسالته (نقض فتاوى الوهابية!!) (ص27) لم يتعرض وبصورة متعمدة إلى الروايات التي وردت من طرق الشيعة إذ أوهم القراء بأن النهي عن البناء على القبور ورد من طرق السنة، واتهم الوهابية على حد زعمه بالفهم الخاطئ. فقد أورد ما رواه مسلم عن علي رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته»([348])، ولم يشر إلى بقية الروايات التي تنهى نهياً صريحاً عن البناء على القبور من روايات الفريقين، وهذا من الأدلة القطعية التي تثبت أن علماء هذه الطائفة يتعمدون الدس والكذب والتضليل من أجل نصرة مذهبهم، أرأيت بعد هذا صدق الخميني عندما قال: (ولولا التقية لصار المذهب في معرض الزوال والانقراض)([349]).
أتدري أخي المسلم أنه بالإضافة إلى كتمانه الروايات السابقة تعمد عدم الإشارة إلى روايتين شيعيتين صريحتين تؤيدان رواية مسلم لحديث علي.
فالأولى: ما رواه الكليني والحر العاملي عن أبي عبدالله رحمه الله قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة فقال: لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبراً إلا سويته، ولا كلباً إلا قتلته»([350]).
والثانية: ما رواه الكليني والحر العاملي عن أبي عبد الله رحمه الله قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدم القبور وكسر الصور»([351]).
ولا تنتهي الغرائب فقد تابع كاشف الغطاء شيعي آخر يدعى: حسن سعيد، حيث أورد رواية مسلم عن علي رضي الله عنه، ثم ذكر رواية أخرى عند مسلم والترمذي في النهي عن تجصيص القبور والبناء عليها([352])، ثم نسب إلى الأمة الإجماع على البناء على القبور والكتابة عليها([353]). وهذا كذب محض وإن أردت الوقوف عليه فارجع إلى كتاب: (تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد) للألباني.
وكذلك نسب إلى أئمته الإجماع على ذلك، وهذا كذب أيضاً، للروايات التي وقفت عليها عن أئمته والتي تحرم البناء على القبور، حيث تابع كاشف الغطاء على كتمانها ولا تخلو المسألة هنا من طرافة، قال شيخهم يوسف البحراني: (إنه قد صرح جملة من الأصحاب بكراهة تجصيص القبور والبناء عليها، بل ظاهر التذكرة الإجماع عليه. قال الشيخ في النهاية يكره تجصيص القبور وتظليلها، وفي المبسوط تجصيص القبر والبناء عليه في المواضع المباحة مكروه إجماعاً)([354]).
وقال علامتهم ومحققهم الملا محمد باقر السبزواري: (وأما البناء على القبر فمكروه عند الأصحاب، ونقل المصنف في التذكرة الإجماع عليه، وكذا الشيخ، وفي الذكرى: المشهور كراهية البناء على القبر واتخاذه مسجداً... قال في الذكرى بعد نقل هذه الأخبار: وهذه الأخبار رواها الصدوق والشيخان وجماعة المتأخرين في كتبهم ولم يستثنوا قبراً)([355]).
ونقل الإجماع عندهم على كراهية البناء على القبور شيخهم محمد جواد الحسيني العاملي([356]) ومع هذا ينقل شيخهم السبزواري عن شيخهم الشهيد الأول بأن الإمامية مجمعة على مخالفة هذا الإجماع الذي نقله شيخ طائفتهم أبو جعفر الطوسي وعلامتهم الحلي وغيرهما من علمائهم([357]) مثلما خالفوا إجماعهم على حرمة النياحة واللطم فاعتبروا يا أولي الألباب.
إنهم لا يحترمون ولا يلتزمون برواياتهم وإجماع علمائهم فهم ينقلون الإجماع ثم يخالفونه.
الخاتمة:
وفي ختام هذا البحث أحدد النتائج التي توصلت إليها وهي:
1- أن أهل الكوفة هم الذين كتبوا إلى الحسين رضي الله عنه وطلبوا منه المجيء وما لبثوا أن خذلوا رسوله مسلم بن عقيل وغدروا به ثم جاء الدور على الحسين لينال منهم ما ناله مسلم بن عقيل، وليس الحسين الوحيد الذي غدر به الشيعة بل غدروا قبله بأبيه وأخيه ثم من بعده أئمة أهل البيت رضي الله عنهم.
2- أن من حُب علي وأهل بيته للصحابة أن سموا أبناءهم بأسمائهم كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، والمرء يختار لأبنائه الأسماء المحببة إلى قلبه.
3- أن ما يسمى بالشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة؛ وإنما أحدثت في عصور متأخرة، فالنوح واللطم ولبس السواد محرم إجماعاً كما سبق نقله عن علمائهم.
4- ينكر الشيعة صوم عاشوراء ويلصقونه بالأمويين، وقد تم إثبات صيام هذا اليوم من كتبهم.
5- يجيز الشيعة البناء على القبور رغم ثبوت نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك من رواياتهم وإجماع علمائهم.
ولا يفوتنا في خاتمة هذا المبحث أن نبين لكل شيعي أنه ليس ملزماً بدفع الخمس إلى من يُسَمّون بالسادة ونواب الإمام لسببين:
الأول: أن الخمس لا يدفع إلا من غنائم الحرب خاصةً بدليل ما رواه عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: (ليس الخمس إلا في الغنائم خاصة)([358]).
وعن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما السلام: (ليس الخمس إلا في الغنائم)([359]).
الثاني: أن الأئمة أباحوا الخمس لشيعتهم، فعن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبدالله عليه السلام: (أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري فقال: من قبل خمسنا أهل البيت إلا لشيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم ولميلادهم)([360]).
وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: (إن أمير المؤمنين عليه السلام حللهم من الخمس يعني: الشيعة ليطيب مولدهم)([361]).
وهناك روايات كثيرة تعفي الشيعة من دفع الخمس أعرضنا عنها خشية الإطالة. قال شيخ الطائفة الإمامية أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي: (فأما في حال الغيبة فقد رخصوا لشيعتهم التصرف في حقوقهم مما يتعلق بالأخماس وغيرها فيما لا بدّ لهم منه من المناكح والمتاجر والمساكن)([362]).
وبمثل هذا أفتى المحقق الحلي في شرائع الإسلام، ومحمد باقر السبزواري في ذخيرة المعاد والملا محسن الملقب بـالفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع، وغيرهم من العلماء المعتمدين، وعلى هذا لا يوجد ما يُلزم الشيعي بدفع الخمس بل الأدلة على خلافه.
هذا ما يسّر الله لي كتابته سائلاً المولى عز وجل أن ينفع به والحمد لله حمداً كثيراً، وصلى الله على محمد وآله وسلم.
المؤلف/ عبد الله بن عبد العزيز
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
السبت الثاني من رمضان 1422هـ
الموافق: 17/ 11/ 2001م
مصادر الكتاب:
(أ)
الاحتجاج لأحمد بن علي الطبرسي، شركة الكبتي، بيروت 1414هـ.
آداب المنابر الحسينية، لحسن مغنية، الطبعة الأولى، مؤسسة عز الدين بيروت 1415هـ.
اعرف الحق، لمحمد التيجاني السماوي، الطبعة الأولى، دار المجتبى، بيروت 1415هـ.
الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، طبع النجف.
أعيان الشيعة، لمحسن الأمين، طبع دار التعارف، بيروت.
الإرشاد، لمحمد بن محمد النعمان، الطبعة الثالثة مؤسسة الأعلمي، بيروت 1979م.
أضواء على ثورة الحسين، لمحمد الصدر.
الأرض والتربة الحسينية، لمحمد بن الحسين كاشف الغطاء، طبع مؤسسة أهل البيت، بيروت 1402هـ.
إقبال الأعمال لابن طاوس، طبع دار الكتب الإسلامية بطهران.
بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، لمحمد بن باقر المجلسي، الطبعة الثالثة، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1403هـ.
تعال نتفاهم، لعبد الهادي عبد الحميد، ط الكويت.
تهذيب الأحكام، لشيخ الطائفة الطوسي، طبع طهران.
تظلم الزهراء، لرضى بن بني القزويني، بيروت لبنان.
تاريخ الكوفة، لحسين بن أحمد البراقي، الطبعة الرابعة، دار الأضواء، بيروت 1407هـ.
تفسير نور الثقلين، لعبد علي!!، العروسي الحويزي – طبع قم إيران.
تفسير الصافي للفيض الكاشاني، طبع المؤسسة الأعلمي، بيروت 1979م.
(ث)
ثورة الطف لطالب الخرسان، انتشارات أنوار الهدى قم 1413هـ.
الثورة الحسينية، لعبد الحسين دستغيب، طبع دار التعارف، بيروت.
ثم اهتديت، لمحمد التيجاني، ط مؤسسة الفجر، لندن.
(جـ)
جامع أحاديث الشيعة، المطبعة العلمية قم إيران.
جواهر الكلام لمحمد بن الحسن النجفي، ط دار إحياء التراث العربي، بيروت.
(حـ)
حوار مع فضل الله حول الزهراء، لهاشم الهاشمي، الطبعة الأولى الكويت 1418هـ.
حياة الإمام الحسين لباقر شريف القرشي، الطبعة الرابعة، نشر مدرسة الإيرواني.
الحدائق الناضرة ليوسف البحراني، الطبعة الثانية، دار الأضواء، بيروت 1405هـ.
الحسين ومسؤولية الثورة، لحسن الصفار.
(خـ)
خير الأصحاب لعبد الهادي عبد الحميد، الطبعة الأولى، 1421هـ.
خطب المسيرة الكربلائية لقصير قليط، الطبعة الأولى، دار البلاغة، بيروت 1417هـ.
(ذ)
ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، لمحمد بن مكي العاملي، منشورات مكتبة بصيرتي.
ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد، لمحمد باقر السبزواري، نشر مؤسسة آل البيت لإحياء التراث.
(ر)
روضة الجنات في أحوال العلماء والسادات لمحمد باقر الخونساري، ط بيروت 1991م.
رائد الفكر العربي، لهادي فضل الله.
الرسائل لروح الله الخميني، طبع قم إيران.
رجال الكشي، نشر مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، كربلاء.
الرسول والشيعة، لحسن سعيد، مكتبة الألفين، الكويت.
(س)
سيرة الأئمة الاثني عشر، لهاشم معروف الحسيني، منشورات الشريف الرضى قم إيران.
سفينة النجاة، لعبد الحسين إبراهيم العاملي، الطبعة العشرون، دار الحوراء، بيروت، 1407هـ.
السجود على التربة الحسينية، لمحمد بن إبراهيم القزويني، الطبعة الثانية 1402هـ.
السجود على الأرض للشيخ علي الأحمدي، مركز الجواد، بيروت 1993م.
سفير الحسين، مسلم بن عقيل لمحمد نعمة السماوي، دار المرتضى، بيروت.
(ش)
الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي، لعبد الحسين الحلي، مكتبة الطف، دمشق 1995هـ.
الشعائر الحسينية لحسن الشيرازي، دار الصادق، بيروت 1419هـ.
الشيعة هم أهل السنة، لمحمد التيجاني، نشر شمس المشرف، بيروت.
الشيعة وعاشوراء، لرضا حسين الحسيني، الطبعة الأولى، دار المرتضى، بيروت 1996م.
(ص)
صيام عاشوراء، جمال الدين بن عبدالله، الطبعة الأولى، بيروت 1418هـ.
صراط النجاة، لأبي القاسم الخوئي مع تعليمات وملحق للميرزا جواد التبريزي، ط مكتبة الفقيه، الكويت.
(ط)
الطريق إلى مذهب أهل البيت، للدكتور أحمد راسم النفيس، الغدير، بيروت.
(ع)
عيون أخبار الرضا، لمحمد بن علي بن بابويه القمي طبع طهران، إيران.
عدة الداعي ونجاح الساعي، لأحمد بن فهد الحلبي، ط دار الكتاب الإسلامي، 1407هـ.
عاشوراء للشيخ كاظم حمد الإحسائي النجفي، الطبعة الأولى، مؤسسة البلاغ، بيروت 1411هـ.
على خطى الحسين، للدكتور أحمد راسم النفيس، الغدير، بيروت 1418هـ.
علل الشرايع لمحمد بن علي بن بابويه الصدوق، طبع النجف.
(ف)
الفقه العقائد، لمحمد الحسيني الشيرازي، الطبعة الأولى 1421هـ.
فقيه من لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن بابويه القمي، طبع دار الكتب الإسلامية، طهران.
في رحاب أهل البيت، لمحمد حسين فضل الله، ط مكتبة الفقيه، الكويت.
في رحاب كربلاء، للشيخ حسين كوراني، دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1413هـ.
الفقه، لمحمد الحسيني الشيرازي، الطبعة الثانية دار العلوم، بيروت 1408هـ.
فاجعة الطف، لأمير محمد كاظم القزويني، الطبعة الثامنة، 1971هـ.
فلسفة عاشوراء، لعلي الخامنئي، مكتبة الأسفار، الكويت.
(ك)
الكافي، لمحمد بن يعقوب الكليني، طبع دار الكتب الإسلامية، طهران، إيران.
كربلاء الثورة والمأساة، للمحامي أحمد حسين يعقوب، الغدير، بيروت 1418هـ.
كل الحلول، لمحمد التيجاني، الطبعة الأولى، دار المجتبى، بيروت 1416هـ.
كامل الزيارات، لابن قولويه، الطبعة الأولى، دار السرور، بيروت 1418هـ.
(ل)
لواعج الأشجان لمحسن الأمين العاملي، ط دار الأمير بيروت 1996م.
لقد شيعني الحسين لإدريس الحسيني، الطبعة الأولى، دار النخيل، بيروت 1414هـ.
(م)
محاورة عقائدية، لأمير محمد كاظم القزويني، الطبعة الأولى.
مقتل الحسين يوم عاشوراء، لفاضل عباس الحناوي طبع قم 1412هـ.
ملحمة الطف لعبد علي!! محمد حبيل، الطبعة الأولى، دار أهل البيت جد حفص البحرين، 1412هـ.
المعتبر في شرح المختصر، لنجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن الحلي، منشورات مجمع الذخائر الإسلامية، قم، إيران.
موسوعة عاشوراء، لجواد محدثي، الطبعة الأولى، دار الرسول الأكرم، بيروت 1418هـ.
مستدرك الوسائل للميرزا حسين النوري الطبرسي، طبع دار الكتب الإسلامية، طهران.
معاني الأخبار لأبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الملقب بالصدوق، طبع دار المعرفة بيروت 1399هـ.
مناقب آل أبي طالب، لابن شهرآشوب طبع إيران.
مائة مسألة حول الشيعة، لمهدي محمد السويج، دار البيان العربي.
المراجعات لعبد الحسين شرف الموسوي.
المفيد في ذكر السبط الشهيد، لعبد الحسين العاملي طبع دار مكتبة الهلال، بيروت 1974م.
المزار، لمحمد بن محمد المفيد، الطبعة الأولى، قم إيران 1409هـ.
مثير الأحزان، للشيخ شريف الجواهري، توزيع دار الكتاب الإسلامي، بيروت.
الملحمة الحسينية لمرتضى مظهري، ط الدار الإسلامية، بيروت 1413هـ.
المقنع لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه، الطبعة الأولى، دار المحجة البيضاء، بيروت 1414هـ.
مظالم أهل البيت، لصادق مكي، طبع الدار العلمية، بيروت 1404هـ.
مجموعة ورام (تنبيه الخواطر ونزهة النواظر) للأمير ورام، طبع مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت.
مأساة إحدى وستين، لعبد الحسن نور الدين العاملي، الطبعة الأولى، دار الفردوس، بيروت، 1986م.
مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة، لمحمد جواد الحسيني العاملي، الطبعة الأولى، مؤسسة فقه الشيعة، بيروت 1996م.
مقتل الحسين لمرتضى عياد، طبعة رابعة 1417هـ، طبعة دار الزهراء، بيروت 1412هـ.
مقتل الحسين، لعلي بن موسى بن طاوس (اللهوف) مؤسسة الأعلمي، بيروت 1414هـ.
المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة، لعبد الحسين العاملي، ط مؤسسة الوفا، بيروت.
مقتل الحسين، لعبد الرزاق الموسوي المقرم، دار الكتاب الإسلامي، بيروت 1399هـ.
مقتل الحسين (واقعة الطف) لمحمد تقي آل بحر العلوم، دار الزهراء، بيروت 1412هـ.
منتهى الآمال في تاريخ النبي والآل، الدار الإسلامية، بيروت 1414هـ.
معالم المدرستين لمرتضى العسكري، مكتبة الفقيه، الكويت.
معالي السبطين، لمحمد مهدي الحائري، ط. قم إيران 1407هـ.
مع الحسين في نهضته لأسد حيدر، دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1399هـ.
(ن)
نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة، الطبعة الأولى، قم 1413هـ.
نقض فتاوى الوهابية!!، لمحمد الحسين كاشف الغطاء، الغدير بيروت.
نفس المهموم للشيخ عباس القمي، دار المحجة البيضاء، بيروت 1412هـ.
نهج البلاغة للشريف الرضي، ط دار المعرفة، بيروت، لبنان.
نهضة عاشوراء، لروح الله الخميني.
الندوة هي سلسلة حوارات الشيخ محمد حسين فضل.
الهداية، لمحمد بن علي بن الحسين بن بابويه (مطبوع مع المقنع).
(و)
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة لمحمد بن الحسن الحر العاملي طبع دار إحياء التراث العربي، بيروت.
الوافي لملا محسن المعروف بالفيض الكاشاني، ط قم إيران 1404هـ.
(ي)
يوم الطف لهادي النجفي ط قم 1413هـ.
([1]) وهو ما سنقف عليه في هذا المبحث بروايات الشيعة أنفسهم.
([2]) وهو ما سنقف عليه في هذا المبحث بروايات الشيعة أنفسهم.
([3]) صحيح مسلم بشرح النووي كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي رضي الله عنه (15/ 188) حديث (2408).
([4]) أي: يخوضون ويتحدثون في ذلك. انظر: النهاية لابن الأثير (2/ 140).
([5]) صحيح البخاري مع فتح الباري: كتاب فضائل الصحابة باب مناقب علي رضي الله عنه (7/ 70) حديث (1-37)، صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي رضي الله عنه (4/ 1872) حديث (3406) واللفظ له.
([6]) صحيح البخاري في فتح الباري: فضائل الصحابة (7/ 105).
([7]) سنن الترمذي: كتاب المناقب باب مناقب الحسن والحسين (5/ 661) حديث (3782) وقال: حديث حسن صحيح، وقال الألباني: صحيح كما في صحيح سنن الترمذي (3/ 226).
([8]) المسند (3/ 3)، وسنن الترمذي: كتاب المناقب باب مناقب الحسن والحسين (5/ 656) حديث (3768) وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم في المستدرك (3/ 166-167) وصححه، وفي رواية أخرى بزيادة: (وأبوهما خير منهما) وصححهما ووافقه الذهبي، وابن خزيمة في صحيحه (2/ 206). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 184): رواه الطبراني وإسناده حسن، وصححه الألباني في الأحاديث الصحيحة (2/ 448).
([9]) الحلية (3/ 138).
([10]) الحلية (3/ 141)، وتهذيب التهذيب (7/ 305).
([11]) الطبقات الكبرى (5/ 222).
([12]) الطبقات الكبرى (5/ 324).
([13]) الوافي بالوفيات (4/ 102).
([14]) سير أعلام النبلاء (4/ 413).
([15]) تذكرة الحفاظ (1/ 166).
([16]) كتاب الجرح والتعديل (2/ 487).
([17]) مختصر العلو (148).
([18]) الجرح والتعديل (4/ 139).
([19]) منهاج السنة (4/ 57).
([20]) ميزان الاعتدال (4/ 202).
([21]) السير للذهبي (9/ 387).
([22]) منهاج السنة (4/ 68) لابن تيمية.
([23]) هو: عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الإسفراييني، فقيه شافعي أصولي أديب، ولد ونشأ في بغداد، وكانت وفاته سنة (429هـ)، بإسفرائين. انظر: وفيات الأعيان (3/ 203)، والأعلام (4/ 48).
([24]) الفرق بين الفرق (360).
([25]) هو: طاهر الإسفراييني الشافعي الشهير بـ (أبو المظفر) إمام أصولي فقيه مفسر كانت وفاته سنة (471هـ) بطوس، انظر: طبقات الشافعية (3/ 175).
([26]) التبصير في الدين (196).
([27]) العقيدة في أهل البيت للسحيمي.
([28]) مجموع الفتاوى (4/ 511).
([29]) حياة الإمام الحسين (3/ 12).
([30]) حياة الإمام الحسين (3/ 13).
([31]) اعرف الحق (ص:161).
([32]) موسوعة عاشوراء (ص:59).
([33]) موسوعة عاشوراء (ص:59).
([34]) في رحاب كربلاء (ص:53).
([35]) موسوعة عاشوراء (ص:60).
([36]) حياة الإمام الحسين (2/ 370).
([37]) نهج البلاغة (1/ 187ـ189).
([38]) لاحظ كيف أن الرفض مصدر للفتن والمصائب.
([39]) لاحظ أن قتلة عثمان رضي الله عنه هم أنفسهم الذين هددوا علياً رضي الله عنه بالقتل فهل الرفض إلا الفتن؟!!.
([40]) لاحظ ما لقيه منهم علي رضي الله عنه.
([41]) على خطى الحسين (ص:34-35).
([42]) نهج البلاغة (1/ 118،119).
([43]) نهج البلاغة (1/ 70).
([44]) على خطى الحسين (ص:38).
([45]) لقد شيعني الحسين (ص:274 ـ 275).
([46]) على خطى الحسين (ص:39).
([47]) على خطى الحسين ص39 ـ 40.
([48]) لقد شيعني الحسين (ص:279).
([49]) أعيان الشيعة (1/ 26).
([50]) كل الحلول عند آل الرسول (ص:122ـ123) ويلاحظ هنا صدور هذا الاتهام من شيعته، لكن التيجاني عبر عنهم ببعض الجاهلين تدليساً على القراء.
([51]) الندوة (3/ 208)، وفي رحاب أهل البيت (ص:270).
([52]) الاحتجاج (2/ 10)، وهذا النص في آداب المنابر لحسن مغنية (ص:20).
([53]) محاورة عقائدية (ص122ـ123). أيضاً ولا ضرر يعود على المسلمين من تسليم الأمر إلى معاوية.
([54]) لقد شيعني الحسين هامش الصفحة رقم (283).
([55]) رجال الكشي (ص:131).
([56]) رجال الكشي (ص:134).
([57]) رجال الكشي (ص:142).
([58]) راجع تراجم هؤلاء في كتاب رجال الشيعة في الميزان، ولجوء عبد الحسين الموسوي إلى الكذب الصريح في الدفاع عنهم.
([59]) رجال الكشي (ص:254).
([60]) رجال الكشي (ص:253).
([61]) الكافي (8/ 228) مجموعة ورام (2/ 152).
([62]) وسائل الشيعة (11/ 441).
([63]) عاشوراء (ص:85)، تظلم الزهراء (ص:141).
([64]) على خطى الحسين (ص:94).
([65]) فاجعة الطف (ص:6).
([66]) منتهى الآمال (1/ 430).
([67]) اللهوف لابن طاووس (ص:22)، المجالس الفاخرة (ص:58،59)، منتهى الآمال (1/ 430)، على خطى الحسين (ص:93).
([68]) منتهى الآمال (1/ 430) اللهوف (ص:22) المجالس الفاخرة (ص:58).
([69]) الشيعة وعاشوراء (ص:167).
([70]) سيرة الأئمة الاثنى عشر (2/ 57 ـ 58).
([71]) المجالس الفاخرة (ص:61).
([72]) مقتل الحسين للمقرم (ص:147). مأساة إحدى وستين (ص:24).
([73]) منتهى الآمال (1/ 436).
([74]) منتهى الآمال (1/ 436).
([75]) منتهى الآمال (1/ 453) خير الأصحاب (ص:33).
([76]) على خطى الحسين (ص:99 ـ 100)، الشيعة وعاشوراء (ص:178)، ولاحظ أن قوله (فإن نزل القضاء بما نحب …) يناقض ما نقله عباس القمي (كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء...).
([77]) اللهوف لابن طاوس ص47 المجالس الفاخرة (ص:87).
([78]) واقعة الطف لبحر العلوم (ص:191 ـ 192).
([79]) في منتهى الآمال (ص:464) من الجزء الأول، كما ذكرها في نفس المهموم (ص:170).
([80]) مقتل الحسين (ص:183).
([81]) في حياة الإمام الحسين (3/ 75).
([82]) على خطى الحسين (ص:102).
([83]) مقتل الحسين (ص:11).
([84]) مثير الأحزان (ص:43).
([85]) مع الحسين في نهضته ص165.
([86]) خطب المسيرة الكربلائية (ص:49).
([87]) الإمام الحسين بصيرة وحضارة (ص:82).
([88]) جريدة الأنباء الكويتية يوم (17/ 5/ 97م).
([89]) المجالس الفاخرة (ص:87).
([90]) تظلم الزهراء (ص:174) وما بعدها.
([91]) هاهم أتباعك أيها التيجاني.
([92]) ذكر عباس القمي هذه الواقعة في منتهى الآمال (1/ 466)، وفي هامش (ص:177) من نفس المهموم واللفظ للمصدر الثاني.
([93]) سيرة الأئمة الاثني عشر (2/ 61).
([94]) فاجعة الطف (ص:7) وقريب منه ما في تظلم الزهراء (ص:149) وانظر: سفير الحسين مسلم بن عقيل (ص:50) وما بعدها، وانظر منه (ص:113). يقول عبد الحسن نور الدين العاملي: فأخذ الناس يتفرقون، وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها فتقول: انصرف، الناس يكفونك ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه فيقول: غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر؟ انصرف فيذهب به، فما زالوا يتفرقون حتى أمسى ابن عقيل وصلى المغرب وما معه إلا ثلاثون نفراً في المسجد، فلما رأى أنه قد أمسى وما معه إلا أولئك النفر خرج من المسجد متوجهاً نحو أبواب كندة فما بلغ الأبواب إلا ومعه عشرة، ثم خرج من الباب فإذا ليس معه إنسان. مأساة إحدى وستين (ص:27).
([95]) المجالس الفاخرة (ص:62).
([96]) في منتهى الآمال (1/ 462)، وفي نفس المهموم (ص:167)، والمجلسي في بحار الأنوار (44/ 374)، ومحسن الأمين في لواعج الأشجان (ص:67)، وعبد الحسين الموسوي في المجالس الفاخرة (ص:85)، والكاتب عبد الهادي الصالح في خير الأصحاب (ص:37)، (ص:107)، كما ذكرها من أسموه بسلطان الواعظين محمد الموسوي الشيرازي في ليالي بشاور (ص:585)، ومحمد مهدي المازندراني في معالي السبطين الجزء الأول صفحة (267)، ومرتضى العسكري في معالم المدرستين جـ(3) صفحة (67)، وأسد حيدر في كتابه مع الحسين في نهضته (ص:163) وهو في دائرة المعارف الشيعية (8/ 264) والمحامي أحمد حسين يعقوب في كتابه كربلاء الثورة والمأساة (ص:244).
([97]) مقتل الحسين للمقرم ص193.
([98]) منتهى الآمال (1/ 471).
([99]) مقتل الحسين لبحر العلوم (ص:263).
([100]) وأصله في الاحتجاج للطبرسي (2/ 24) باختلاف يسير.
([101]) على خطى الحسين (ص:130-131).
([102]) اللهوف (ص:58).
([103]) مقتل الحسين (ص:234).
([104]) مقتل الحسين (ص:16).
([105]) يوم الطف (ص:28).
([106]) الحسين ومسئولية الثورة (ص:61).
([107]) لواعج الأشجان (ص:97) وما بعدها، وفيه ما يفيد أنهم أخذوا لا يكلمونه ولا ينصتون له.
([108]) منتهى الآمال (1/ 487).
([109]) انظر: معالم المدرستين (3/ 100)، كربلاء الثورة والمأساه للمحامي أحمد حسين يعقوب (ص:283-284).
([110]) اللهوف لابن طاوس (ص:39)، عاشوراء للإحسائي (ص:115)، المجالس الفاخرة لعبد الحسين (ص:75)، منتهى الآمال (1/ 454)، على خطى الحسين (ص:96).
([111]) المجالس الفاخرة (ص:79)، على خطى الحسين (ص:100)، لواعج الأشجان للأمين (ص:60)، معالم المدرستين (3/ 62).
([112]) معالم المدرستين (3/ 71 – 72)، معالي السبطين (1/ 275)، بحر العلوم (194)، نفس المهموم (172)، خير الأصحاب (39)، تظلم الزهراء (ص:170).
([113]) مقتل الحسين للمقرم (ص:175).
([114]) منتهى الآمال (1/ 535).
([115]) في رحاب كربلاء (ص:60 – 61).
([116]) في رحاب كربلاء (ص:61).
([117]) الملحمة الحسينية (3/ 47 – 48).
([118]) عاشوراء (ص:89).
([119]) تاريخ الكوفة (ص:113).
([120]) أعيان الشيعة (1/ 26).
([121]) ذكر الطبرسي هذه الخطبة في الاحتجاج (2/ 32)، وابن طاوس في الملهوف (ص:92)، والأمين في لواعج الأشجان (ص:158)، وعباس القمي في منتهى الآمال الجزء الأول (ص:572)، وحسين كوراني في رحاب كربلاء (ص:183)، وعبد الرزاق المقرم في مقتل الحسين (ص:317) ومرتضى عياد في مقتل الحسين (ص:87)، وأعادها عباس القمي في نفس المهموم (ص:360)، وذكرها رضى القزويني في تظلم الزهراء (ص:262).
([122]) الملهوف (ص:86)، نفس المهموم (357)، مقتل الحسين لمرتضى عياد (ص:83) ط 4 عام (1996م) تظلم الزهراء (ص:257).
([123]) منتهى الآمال (1/ 570).
([124]) الاحتجاج (2/ 29).
([125]) اللهوف (ص:91)، نفس المهموم (363)، مقتل الحسين للمقرم (ص:316)، لواعج الأشجان (157)، مقتل الحسين لمرتضى عياد (ص:86)، تظلم الزهراء لرضى بن بني القزويني (ص:261).
([126]) الاحتجاج (2/ 29)، منتهى الآمال (1/ 570)، مقتل المقرم (ص:311) وما بعدها، في رحاب كربلاء (ص:146) وما بعدها، على خطر الحسين (ص:138)، تظلم الزهراء (ص:258).
([127]) مع الحسين في نهضته (ص:295) وما بعدها.
([128]) نقلها عباس القمي في نفس المهموم (ص:365)، وذكرها الشيخ رضى بن بني القزويني في تظلم الزهراء (ص:264).
([129]) الإرشاد للمفيد (ص:248).
([130]) إعلام الورى (ص:203).
([131]) كشف الغمة (1/ 440).
([132]) منتهى الآمال (1/ 528).
([133]) حياة الإمام الحسين (1/ 270).
([134]) يوم الطف (ص:171-174).
([135]) مظالم أهل البيت (ص:258).
([136]) مناقب آل أبي طالب (3/ 305).
([137]) الإرشاد (ص:186).
([138]) إعلام الورى (ص: 203).
([139]) مناقب آل أبي طالب (3/ 304).
([140]) كشف الغمة (1/ 440).
([141]) يوم الطف (ص:188).
([142]) الإرشاد (ص:186).
([143]) مناقب آل أبي طالب (3/ 304).
([144]) إعلام الورى (ص:203).
([145]) كشف الغمة (1/ 440).
([146]) منتهى الآمال (1/ 526، 527).
([147]) حياة الإمام الحسين (3/ 262).
([148]) يوم الطف (ص:175، 179).
([149]) مظالم أهل البيت (ص:257).
([150]) الإرشاد (ص:186، 248).
([151]) إعلام الورى (ص:212).
([152]) كشف الغمة (1/ 575،580).
([153]) منتهى الآمال (1/ 526).
([154]) حياة الحسين (3/ 254).
([155]) يوم الطف (ص:167).
([156]) مظالم أهل البيت (ص:258).
([157]) الإرشاد (ص:197).
([158]) إعلام الورى (ص:112).
([159]) مظالم أهل البيت (254).
([160]) في الإرشاد.
([161]) خاتمة الوسائل.
([162]) المعتبر (ص:94) وسيأتي كلامه بنصه.
([163]) ملحق بالجزء الثاني من صراط النجاة للخوئي صفحة (562 ط 1417هـ).
([164]) ويأتي تصريح الخونساري وعباس القمي بأن معز الدولة البويهي هو الذي أمر الناس بالنواح والبكاء وإقامة المآتم في السكك والأسواق … إلخ.
([165]) روى أحمد بن فهد الحلي في عدة الداعي (ص 169) عن الصادق عليه السلام قال: كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة عيون: عين غضت عن محارم الله، وعين سهرت في طاعة الله، وعين بكت في جوف الليل من خشية الله (فالبكاء يكون من خشية الله، لا كما يكون في الحسينيات والمآتم.
([166]) مقتل الحسين لمرتضى عياد (ص:192) الطبعة الرابعة.
([167]) أي: أن المآتم والحسينيات لم تعرف إلا في هذا اليوم بسبب البويهيين.
([168]) آداب المنابر (ص:192).
([169]) أي: أنه قبل البويهيين والفاطميين ليست مظهراً من مظاهر خدمة الحق وإعلان الحقيقة فجاء هؤلاء وليس الأئمة المعصومون فجعلوها مظهراً من مظاهر خدمة الحق.
([170]) الشعائر الحسينية للشيرازي (ص:97-98).
([171]) المصدر السابق (ص:98).
([172]) المصدر السابق (ص:98).
([173]) الشعائر الحسينية (ص:99).
([174]) الشعائر الحسينية (ص:99).
([175]) الشعائر الحسينية (ص:99).
([176]) الشعائر الحسينية (ص:100).
([177]) الندوة (5/ 509).
([178]) الندوة (4/ 478-479).
([179]) راجع صفحة (11) وما بعدها من مجالسه الفاخرة.
([180]) المجالس الفاخرة (ص17) ويأتي إن شاء الله تعالى من كلام أئمتهم ما يدحض هذا الافتراء.
([181]) المجالس الفاخرة (ص26-27).
([182]) رائد الفكر الإصلاحي (ص:137).
([183]) رائد الفكر الإصلاحي هامش (ص138).
([184]) رائد الفكر الإصلاحي (ص:137).
([185]) آداب المنابر (ص176).
([186]) آداب المنابر (ص:181).
([187]) ويسمونه كبير خطباء المنبر الحسيني.
([188]) مجلة مرآة الأمة الكويتية العدد (1073/ 16) يونيو (1997م).
([189]) تعال نتفاهم (ص61).
([190]) مائة مسألة مهمة حول الشيعة (ص168-169).
([191]) ثورة الطف (ص75).
([192]) ملحمة الطف (ص:15).
([193]) أي: الخميني.
([194]) فلسفة عاشوراء (ص8-9).
([195]) نهضة عاشوراء (ص107).
([196]) نهضة عاشوراء (ص108).
([197]) نقل الفتوى شيخهم مرتضى عياد في مقتل الحسين (ص146).
([198]) مقتل الحسين (ص147).
([199]) مقتل الحسين (ص147).
([200]) مقتل الحسين (ص148).
([201]) مقتل الحسين (ص148).
([202]) مقتل الحسين (149).
([203]) مقتل الحسين (ص149).
([204]) مقتل الحسين (ص149).
([205]) مقتل الحسين (ص150).
([206]) مقتل الحسين (ص150).
([207]) مقتل الحسين (ص150).
([208]) مقتل الحسين (ص151).
([209]) مقتل الحسين (ص151).
([210]) مقتل الحسين (ص152).
([211]) مقتل الحسين (ص152).
([212]) مقتل الحسين (ص:188، 189، ط4، 1996م، ص170) ط دار الزهراء.
([213]) الندوة (1/ 289) لاحظ عدم إتيانه بنص شرعي … الأساليب التعبيرية !!!.
([214]) الندوة (1/ 337).
([215]) الندوة (1/ 339).
([216]) الندوة (1/ 338).
([217]) لكثرة استعماله التقية.
([218]) رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه (4/ 271-272)، كما رواه الحر العاملي في وسائل الشيعة (2/ 915)، ويوسف البحراني في الحدائق الناضرة (4/ 167)، والحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 488).
([219]) بحار الأنوار (82/ 103).
([220]) أخرجه المجلسي في المجلد (82/ 101) من بحار الأنوار، والنوري في مستدرك الوسائل (1/ 144)، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 486).
([221]) أخرجه النوري في مستدرك الوسائل (1/ 144)، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة (1/ 144)، وهو في البحار (82/ 101).
([222]) أخرجه بهذا اللفظ الحاج حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 372).
([223]) كما في مستدرك الوسائل (1/ 145)، وجامع أحاديث الشيعة (3/ 486).
([224]) أخرجه المجلسي في بحار الأنوار (82/ 101)، ومستدرك الوسائل (1/ 143-144)، وجامع أحاديث الشيعة (3/ 488).
([225]) أخرجه الكليني في الكافي (3/ 226) والملا محسن الملقب بالفيض الكاشاني في الوافي (13/ 88) والحر في وسائل الشيعة (2/ 916) والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 483).
([226]) الكليني في الكافي (3/ 225)، وأخرجه الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي في ذكرى الشيعة (72)، والفيض في الوافي (13/ 88)، والحر في الوسائل (3/ 914)، والنجفي في الجواهر (4/ 369)، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 483).
([227]) أخرجه الحر العاملي في وسائل الشيعة (12/ 92)، وبين أن الكراهية هنا تعني التحريم كما أخرجه البحراني في الحدائق (4/ 168) وفي (18/ 139)، وذكره البروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 488)، وهو في بحار الأنوار (82/ 105).
([228]) بحار الأنوار (82/ 100-101).
([229]) أخرجه بهذا اللفظ الحر العاملي في وسائل الشيعة (2/ 915)، والمجلسي في بحار الأنوار (82/ 104) ويوسف البحراني في الحدائق (4/ 167)، وهو في كتاب الفقه للشيرازي (5/ 253).
([230]) الكافي (3/ 225)، الذكرى (ص71)، وسائل الشيعة (2/ 913).
([231]) الذكرى (ص71).
([232]) الذكرى (ص72)، بحار الأنوار (82/ 107).
([233]) الفقه (15/ 253).
([234]) الفقه (15/ 260).
([235]) المعتبر (ص94).
([236]) الذكرى (ص70).
([237]) الحدائق (4/ 168).
([238]) رواه الكليني في الكافي (3/ 222-223)، وذكره الفقيه الأكبر محمد بن مكي العاملي الملقب بالشهيد الأول في ذكرى الشيعة (ص71)، والفيض الكاشاني في الوافي (13/ 87)، والحر العاملي في وسائل الشيعة (2/ 915)، والمجلسي في بحار الأنوار (82/ 89)، والبحراني في الحدائق (4/ 167)، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 483-484)، والنجفي في جواهر الكلام (4/ 371).
([239]) تجد هذا الحديث في الكافي (3/ 225)، وذكرى الشيعة (ص71)، والوسائل (2/ 914).
([240]) مستدرك الوسائل (1/ 144)، وجامع أحاديث الشيعة (3/ 489)، وهو في جواهر الكلام (4/ 370).
([241]) ثم اهتديت (ص58).
([242]) جامع أحاديث الشيعة (3/ 489) ومستدرك الوسائل (1/ 144).
([243]) رواه الصدوق في من لا يحضره الفقيه (4/ 3-4)، والمجلسي في بحار الأنوار (82/ 104)، والحر العاملي في وسائل الشيعة (12/ 91).
([244]) في الذكرى (ص72)، ونقله صاحب الجواهر في (4/ 367).
([245]) الفقه (15/ 260).
([246]) في كتابه كل الحلول (ص151)، وعلى التيجاني أن يبين أن هذا وقت المصيبة وليس إحياءً لها، فالشيعة لا يكتفون بالمخالفة بل بإحيائها أيضاً.
([247]) ما يفعله الشيعة هو بناءً على فتاوى كبار علمائهم، وقد سبق أن نقلنا بعض هذه الفتاوى حيث لا يوجد منكر لذلك من علمائهم على حد كلام آيتهم مرتضى الفيروز آبادي. راجع مقتل الحسين لمرتضى عياد (ص170) ط دار الزهراء.
([248]) كل الحلول عند آل الرسول صلى الله عليه وسلم (ص151). أقول: الحمد لله الذي أنطق هذا المعتوه فاعترف بأن ما يقوم به الشيعة لم يسجله التاريخ عن أحد الأئمة الذين ينتسبون إليهم.
([249]) كل الحلول (ص147-148).
([250]) كل الحلول (148).
([251]) قال آية الله العظمى مرتضى الفيروز آبادي فيما مر نقله: (إن اللطم على الصدور ونحوه هو مما استقرت عليه سيرة الشيعة في العصور السابقة والأزمنة الماضية وفيها الأعاظم والأكابر من فقهاء الشيعة المتقدمين والمتأخرين ولم ولن يسمع أن أحداً منهم أنكر ذلك ومنع، ولو فرض أن هناك من منع لشبهة حصلت له أو لاعوجاج في السليقة فهو نادر (مقتل الحسين لمرتضى عياد (ص:188-189)، ط (1996م) (ص:170) ط الزهراء فمعنى ذلك: أن كبار علمائكم قد أجمعوا على إباحة ما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول السليمة، فهل ستعيد أيها التيجاني ترتيب أوراقك.
([252]) كل الحلول (ص:149).
([253]) آداب المنابر (ص182).
([254]) من لا يحضره الفقيه (1/ 162)، وسائل الشيعة (3/ 281)، نجاة الأمة (ص85).
([255]) من لا يحضره الفقيه (1/ 163)، وسائل الشيعة (3/ 278)، نجاة الأمة (ص84).
([256]) من لا يحضره الفقيه (1/ 163)، نجاة الأمة (ص84).
([257]) من لا يحضره الفقيه (1/ 163)، وسائل الشيعة (3/ 279)، نجاة الأمة (ص84-85)، انظر مستدرك الوسائل (1/ 208).
([258]) نجاة الأمة في إقامة العزاء على الحسين والأئمة (ص83).
([259]) المصدر نفسه (85).
([260]) الذكرى (ص72).
([261]) الفقه (15/ 253).
([262]) الفقه (15/ 260).
([263]) الذكرى (ص:77)، الجواهر (4/ 367).
([264]) الفقه (15/ 260).
([265]) حوار مع فضل الله حول الزهراء (ص231).
([266]) المصدر نفسه (ص 232) وقد ضعف إحدى هذه الروايات، وفاته أن هذه الرواية في الكافي وقد أوردناها في فصل حرمة اللطم، والكافي هو أحد الكتب الأربعة عندهم وبما أنه يستشهد ويأنس برأي عبد الحسين شرف الدين فعبد الحسين هذا حكم بصحة جميع ما في كتبهم الأربعة ومنها الكافي وإليك كلامه بنصه كما في المراجعات المراجعة (110) قال: الكافي والتهذيب والاستبصار ومن لا يحضره الفقيه وهي متواترة ومضامينها مقطوع بصحتها، والكافي أقدمها وأحسنها وأتقنها. والغريب من عبد الحسين زعمه أن الأئمة أمروا أتباعهم بالندب والعويل مع أن النهي عنها جاء في مصادر يعتقد صحة ما فيها!!!
وما هو رده على ما رواه المجلسي في بحار الأنوار (6/ 33، 219 و63/ 99 و79/ 247) عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (كان إبليس أول من ناح وأول من تغنى وأول من حدا...؟!!!)
وما هو رده على باقي الروايات؟
وما هو رده على اعتراف التيجاني بأن ما يقومون به في هذه المآتم من أعمال مما تشمئز منه النفوس وتنفر منه العقول؟.
([267]) عيون أخبار الرضا (2/ 2)، بحار الأنوار (82/ 128)، جامع أحاديث الشيعة (3/ 511).
([268]) أخرجها ابن طاوس في الملهوف (ص50)، والشيخ عباس القمي في منتهى الآمال (1/ 481)، وهي في الشعائر الحسينية للشيرازي (ص106)، وذكرها الشيخ محمد حسين فضل الله في الندوة (5/ 209).
([269]) ذكر هذه الرواية عبد الرزاق الموسوي المقرم في مقتل الحسين (ص218)، وذكرها رضى القزويني في تظلم الزهراء (ص190).
([270]) تجد هذه الرواية في مستدرك الوسائل (1/ 144)، وفي مظالم أهل البيت (ص264)، كما ذكرها محمد تقي آل بحر العلوم في مقتل الحسين (ص286)، والدكتور أحمد راسم النفيس في كتابه على خطى الحسين (ص116)، ورضى القزويني في تظلم الزهراء (ص190)، ومحمد الصدر في أضواء على ثورة الحسين (ص103)، وأوردها الشيخ عبد الحسين العاملي في كتابه المفيد في ذكر السبط الشهيد (ص67) بلفظ: (أقسمت بحقي عليك أنت يا زينب! وأنت يا أم كلثوم! وأنت يا سكينة! وأنت يا رباب! فإذا أنا قتلت في هذه الأرض فلا تشققن علي جيباً ولا تخمشن خداً ولا تقلن هجراً.
([271]) كما في تفسير نور الثقلين (5/ 308)، ومستدرك الوسائل (1/ 144)، وهو في بحار الأنوار (72/ 77).
([272]) أخرجه الحاج النوري في مستدرك الوسائل (1/ 144)، والآقا حسين البروجردي في جامع أحاديث الشيعة (3/ 487)، وهو في البحار (82/ 93).
([273]) فيما نقله عنه الحاج النوري في مستدرك الوسائل (2/ 431).
([274]) جامع أحاديث الشيعة (3/ 387)، انظر: البحار (82/ 89).
([275]) هذه الرواية ذكرها الحر العاملي في وسائل الشيعة (12/ 90)، ويوسف البحراني في الحدائق (18/ 139)، كما ذكرها المجلسي في بحار الأنوار (82/ 103)، فانظري أيتها الشيعية كيف يضيع علماء الشيعة بفتاواهم أجر المصيبة.
([276]) والرواية عند الحر العاملي في وسائل الشيعة (1/ 376).
([277]) في الخصال صفحة (226)، وذكرها البحراني في الحدائق (4/ 68)، وأعادها في (18/ 139)، كما ذكرها الحر في وسائل الشيعة (12/ 19)، والمجلسي في بحار الأنوار (22/ 451، 58/ 226، 73/ 290، 82/ 74-75) وصفحة (93) مختصرة.
([278]) عيون أخبار الرضا (2/ 11)، بحار الأنوار (82/ 76)، جامع أحاديث الشيعة (3/ 487-488)، واللفظ للثاني.
([279]) بحار الأنوار (82/ 101)، جامع أحاديث الشيعة (3/ 490).
([280]) بحار الأنوار (82/ 101)، جامع أحاديث الشيعة (3/ 484).
([281]) كل الحلول عند آل الرسول للتيجاني (ص150).
([282]) ثم اهتديت للتيجاني (ص58).
([283]) لو كانت نواياهم في سبيل الله لسمعوا وأطاعوا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في نهيه لهم ولأمثالهم بقوله: (ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب) وكلام الصدر هنا غريب، فقد اعترف بصحة الحديث، وعدم تطرق الشك إليه؛ لكنه عاد فالتف على الحديث الذي اعترف بصحته بقوله: (لكنه لا ينطبق على مآتم أبي عبد الله) وانتهى إلى أن الشيعة مأجورون على هذه العواطف التي طغت على نهي النبي صلى الله عليه وسلم -نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة-.
([284]) كل الحلول عند آل الرسول (ص 153).
([285]) وقد رد عليه غير واحد من أهل السنة فبينوا بالأدلة الدامغة كذبه وتدليسه منهم الشيخ عثمان الخميس في (كشف الجاني)، خالد العسقلاني في (بل ضللت) ثم الدكتور إبراهيم الرحيلي في الانتصار للصحب والآل.
([286]) صيام عاشوراء (ص:117-118).
([287]) صيام عاشوراء (ص:118).
([288]) صيام عاشوراء (ص117-118).
([289]) صيام عاشوراء (ص:114).
([290]) صيام عاشوراء ص (122) ثم ذكر في الصفحة (188) رواية عن الصادق جاء فيها: (إن آل أمية نذروا نذراً إن قتل الحسين عليه السلام أن يتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم يصومون فيه شكراً ويفرحون أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم فلذلك يصومونه... إلخ).
([291]) الشيعة هم أهل السنة للتيجاني (ص301-302) نشر شمس المشرق بيروت ومؤسسة الفجر بلندن، وردد هذه الأكاذيب في كتابه (فسيروا في الأرض) (ص276).
([292]) المراجعات: المراجعة (110ص 311).
([293]) أخرج الطوسي هذه الرواية في تهذيب الأحكام (4/ 299)، وفي الاستبصار (2/ 134) وأخرجها الفيض الكاشاني في الوافي (7/ 13)، والحر العاملي في وسائل الشيعة (7/ 337)، والبروجردي في جامع أحاديث الشيعة (9/ 474-475)، وذكرها جمال الدين في صيام عاشوراء (ص112).
([294]) تهذيب الأحكام (4/ 29)، والاستبصار (2/ 134)، والفيض الكاشاني في الوافي (7/ 13)، والحر في وسائل الشيعة (7/ 337)، وهو في جامع أحاديث الشيعة (9/ 475)، وكذلك في الحدائق الناضرة (13/ 370-371)، وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء (ص 112).
([295]) في تهذيب الأحكام (4/ 300)، والاستبصار (2/ 134)، وجامع أحاديث الشيعة (9/ 475)، وهو في الحدائق الناضرة (13/ 371)، وذكره جمال الدين في صيام عاشوراء (ص:112)، والوافي للكاشاني (7/ 13)، والحر في وسائل الشيعة (7/ 337).
([296]) أخرج هذه الرواية الحر في وسائل الشيعة (7/ 347)، والبحراني في الحدائق الناضرة (13/ 377)، والحاج آقا حسين بروجردي في جامع أحاديث الشيعة (9/ 474).
([297]) المصادر السابقة في المواضع نفسها.
([298]) أخرج هذه الرواية المحدث الشيعي الحاج حسين النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل (1/ 594)، والحاج البروجردي في جامع أحاديث الشيعة (9/ 475).
([299]) أخرج هذه الرواية الشيخ الشيعي رضي الدين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن طاوس في كتابه: إقبال الأعمال (ص554)، والحر العاملي في وسائل الشيعة (7/ 347)، والحاج النوري الطبرسي في مستدرك الوسائل (1/ 594)، وهو في جامع أحاديث الشيعة (9/ 475).
([300]) تهذيب الأحكام للطوسي (4/ 300).
([301]) في إقبال الأعمال (ص558) ط دار الكتب الإسلامية بطهران.
([302]) وسائل الشيعة (7/ 338).
([303]) ذكرها النوري في مستدرك الوسائل (1/ 594).
([304]) جامع أحاديث الشيعة (9/ 475-476).
([305]) في الحدائق الناضرة (13/ 371)، كما ذكرها الشيخ جمال الدين بن عبد الله في صيام عاشوراء (ص112-113).
([306]) أورد النوري الطبرسي هذه الرواية في مستدرك الوسائل (1/ 594)، فراجعها لتعلم أن المنكرين لا أمانة علمية عندهم.
([307]) المقنع للصدوق (ص101)، صيام عاشوراء (ص113) مختصرة.
([308]) الهداية للصدوق (ص303).
([309]) صيام عاشوراء (ص113).
([310]) على خطى الحسين (ص106) لاحظ جرأة الرجل فهل يوجد سني على وجه الأرض اتخذ يوم قتل الحسين عيداً؟.
([311]) وهذا حديث متفق عليه بين الفريقين؛ رواه الكليني في الكافي (3/ 220)، والحر العاملي في وسائل الشيعة (2/ 911) واللفظ الثاني فراجع هذين المصدرين تجد تخريجهما للحديث بألفاظ متقاربة.
([312]) راجع مبحث (الشعائر الحسينية طقوس لم تكن على عهد الأئمة).
([313]) نقل هذا عبد الحسين شرف الدين في المجالس الفاخرة (ص:85) وقد مر نقله عنه وعن غيره فراجع.
([314]) الطريق إلى مذهب أهل البيت (ص27).
([315]) الرسائل للخميني (2/ 185).
([316]) الكافي (2/ 222)، والرسائل (2/ 185).
([317]) جامع الأخبار للشعيري (ص95).
([318]) الكافي (2/ 372)، الوافي (3/ 159).
([319]) وسائل الشيعة (11/ 466).
([320]) الرسائل للخميني (2/ 201).
([321]) كما نقل لنا هذا شيخكم محمد باقر الخونساري في روضات الجنات (6/ 139)، ومحدثكم عباس القمي في الكنى والألقاب (2/ 430).
([322]) راجع فصل النساء والحسينيات.
([323]) راجع فصل وقفة مع من أباح النياحة واللطم.
([324]) كربلاء الثورة والمأساة (ص280)، راجع أيضاً (ص269) وما بعدها.
([325]) كربلاء الثورة والمأساة (ص297)، وراجع (ص295، 296) حيث ناقض المحامي نفسه لنتعجب بعد ذلك من تلاعب الحاقدين بالوقائع التاريخية.
([326]) الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي (ص:29).
([327]) على خطى الحسين (97،101).
([328]) الشعائر الحسينية (ص27).
([329]) كامل الزيارات (ص262).
([330]) المزار للمفيد (ص47).
([331]) كامل الزيارات (ص:267).
([332]) كامل الزيارات (ص304)، وسائل الشيعة (10/ 350).
([333]) كامل الزيارات (ص303-304)، وسائل الشيعة (10/ 350).
([334]) وسائل الشيعة (10/ 347).
([335]) الفقه العقائد (ص37).
([336]) الأرض والتربة الحسينية (ص26).
([337]) الثورة الحسينية لدستغيب (ص15) ط دار التعارف بيروت.
([338]) السجود على التربة الحسينية لمحمد إبراهيم القزويني (ص25)، وكذلك السجود على الأرض لآية الله علي الأحمدي (ص140).
([339]) وسائل الشيعة (10/ 352) وهذا الحديث يصادر الروايات السابقة والتي تفرد الشيعة بنقلها، والحق الذي لا مرية فيه أنها روايات لا أصل لها فهي ظاهرة البطلان، ولك أخي القارئ أن تتساءل إذا كانت الزيارة بهذه الأهمية، فلماذا لم يأت ذكرها في كتاب الله وفي سنته صلى الله عليه وسلم؟ فكل ما في الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بمقتل الحسين رضي الله عنه، ولم يأمر بزيارة قبره ولا اتخاذ يوم مقتله مناسبة سنوية كما يفعل الشيعة.
([340]) الفقه العقائد (ص365).
([341]) وسائل الشيعة (2/ 869).
([342]) مستدرك الوسائل (1/ 127).
([343]) مستدرك الوسائل (1/ 127).
([344]) وسائل الشيعة (2/ 869)، جامع أحاديث الشيعة (3/ 444).
([345]) الكافي (3/ 228)، من لا يحضره الفقيه (1/ 114)، وسائل الشيعة (2/ 887).
([346]) من لا يحضره الفقيه (1/ 114)، علل الشرايع (ص358)، الوافي (5/ 72)، وسائل الشيعة (2/ 887 و3/ 455).
([347]) مستدرك الوسائل للنوري (1/ 225).
([348]) فهو يناقش هذه الرواية على سبيل التسليم للخصم في المناقشة لا أنها قد وردت من طرق الشيعة، فراجع (ص31 وما بعدها).
([349]) الرسائل للخميني (2/ 185).
([350]) الكافي (6/ 528)، وسائل الشيعة (2/ 869)، جامع أحاديث الشيعة (3/ 445).
([351]) الكافي (6/ 528)، وسائل الشيعة (2/ 870)، جامع أحاديث الشيعة (3/ 445).
([352]) في كتاب له بعنوان: (الرسول والشيعة) (ص132، 136).
([353]) (ص137).
([354]) الحدائق (4/ 130).
([355]) ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد للسبزواري (ص343).
([356]) مفتاح الكرامة شرح قواعد العلامة للعاملي (2/ 856).
([357]) ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد (ص344).
([358]) جامع أحاديث الشيعة (10/ 8، 17، 22، 24)، وسائل الشيعة (6/ 336).
([359]) جامع أحاديث الشيعة (10/ 8، 17)، وسائل الشيعة (6/ 342).
([360]) وسائل الشيعة (6/ 379)، جامع أحاديث الشيعة (10/ 88).
([361]) وسائل الشيعة (6/ 383)، جامع أحاديث الشيعة (10/ 88-89).
([362]) النهاية في مجرد الفقه والفتاوى (ص200) ط2، دار الكتاب العربي، بيروت.