براءة أهل السنة والإيمان مما في محاضرة حوار في الساحة الإسلامية لطارق السويدان
براءة أهل السنة والإيمان مما في محاضرة حوار في الساحة الإسلامية لطارق السويدان
عبدالله المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }.
أما بعد :
فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد"صلى الله عليه وسلم "وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
فإن مما يعجب منه المسلم كثيراً ظهور شذاذ ينادون بين الفينة والأخرى بالتقريب بين أهل الحق أهل السنة وبين أهل الباطل أهل الرفض والتشيع .
وهؤلاء قد خرجوا من بيننا ناكثين العهود متعدين الحدود التي حدها الله جل وعلا في معاداة أهل الباطل ومنافرتهم ومجاهدتهم بالحق ، ناصرين للبدع والمبتدعة ، طاعنين في أهل السنة ، مناوئين لحزب الله الموحدين ولقد بلغت الجرأة ببعضهم إلى تكذيب أهل السنة ، والكذب عليهم ، ونصرة أهل الرفض واتخاذهم إخواناً وأصحاباً ، ومن هؤلاء الدكتور: طارق بن محمد السويدان .
حيث جهر بالباطل دون حياء في شريطه المعنون بـ( الحوار في الساحة الإسلامية ) .
وهذا الشريط عبارة عن محاضرة ألقاها بين يدي الشيعة الرافضة بدعوة منهم كما صرح بذلك في أولها .
وللدكتور: طارق في مداهنته أهل الرفض سلف .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في منهاج السنة(4/98):عن سبط ابن الجوزي"وكان يصنف بحسب مقاصد الناس يصنف للشيعة ما يناسبهم ليعوضوه بذلك،ويصنف على مذهب أبي حنيفة لبعض الملوك لينال بذلك أغراضه فكانت طريقته طريقة الواعظ الذي قيل له : ما مذهبك ؟ قال : في أي مدينة ؟!! ولهذا يوجد في بعض كتبه ثلب الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم لأجل مداهنة من قصد بذلك من الشيعة ويوجد في بعضها تعظيم الخلفاء الراشدين وغيرهم"ا.هـ كلامه رحمه الله.
فما أشبه الليلة بالبارحة. فطارق السويدان يداهن أهل الرفض بتجويزه لهم سب أبي هريرة رضي الله عنه في دورهم ، زاعماً بأنهم يظهرون حب آل البيت أكثر من أهل السنة ، وأن أهل السنة مقصرون في ذلك ، كما أنه داهنهم بنفي قولهم بتحريف القرآن ، مكذباً لأهل السنة في ذلك ، إلى غير ذلك من مداهناته وأباطيله كما ستقرأها إن شاء الله .
ومن المهم قبل بيان ما وقع فيه من الزلل إيضاح مراده بالحوار ومقوماته فقد أطلق الحوار كما في عنوان المحاضرة وأراد به التقريب بين أهل السنة أهل الحق وبين أهل الرفض أهل الباطل من غير أن ينصح أهل الرفض كي يتركوا باطلهم وما هم عليه من الضلال .
فقد قال ما نصه :"في هذا الحوار يجب أن نكسر القطيعة ،كسر القطيعة شيء والوحدة شيء آخر مو شرط نتفق مو شرط نصل إلى أن أنا أترك مذهبي وإلا أنت تترك مذهبك ما هو بالضرورة لكن على الأقل يعني نسولف مع بعضنا نتحاور شوي مع بعض نجلس مع بعض بدون حرج بدون توتر بدون تشنج واحترمك وتحترمني وأحترم رأيك وتحترم رأيي ..."
وقال أيضاً :" كيف يتم حوار بهذه الصورة فبدون تجريح وبدون تجهم وبدون إلقاء التهم ...الخ كلامه .
فهذا مراده بالحوار ولذا أتى إلى الرافضة فطبق عملياً معنى الحوار، فجالسهم ، وخالطهم ، وضاحكهم ، وآنسهم ، وأحترم آراءهم ، ودافع عنهم .
قيل للأوزاعي –رحمه الله- : إن رجلاً يقول : أنا أجالس أهل السنة وأجالس أهل البدع .
فقال : هذا رجل يريد أن يسوي بين الحق والباطل " الإبانة (2/456).
والدكتور عندما دخل في هذا المزلق الخطر لم يكن عالماً عادلاً بل كان جاهلاً ظالماً جائراً ، ظلم أهل السنة ، وأتهمهم بما ليس فيهم كما سيأتي تفصيله إن شاء الله .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه –رحمه الله- في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (1/107-108) " ولما كان اتباع الأنبياء هم أهل العلم والعدل كان كلام أهل الإسلام والسنة بالعلم والعدل لا بالظن والهوى وما تهوى الأنفس " ثم ذكر رحمه الله قول النبي صلى الله عليه وسلم{ قاضيان في النار وقاض في الجنة} ثم قال :" فإذا كان من يقضي بين الناس في الأموال والدماء والأعراض-إذا لم يكن عالماً عادلاً- كان في النار فكيف بمن يحكم في الملل والأديان وأصول الإيمان والمعارف الإلهية والمعالم الكلية بلا علم ولا عدل كحال أهل البدع والأهواء..." ا.هـ كلامه رحمه الله .
فكم ظلم السويدان نفسه بنسبة أمور إلى أهل السنة هم منها براء ؟
وكم ظلم نفسه بغض الطرف عن طوام الرافضة وزندقتهم والدفاع عنهم ونصرهم على أهل الإسلام والسنة ؟
وقد تكلم في هذه المسائل وبينها برأيه- وهو ظالم لنفسه- من غير رجوع إلى كلام الله ولا إلى كلام رسوله صلى الله عليه وسلم ولا إلى كلام السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأتباعهم بحق .
قال ابن أبي العز الحنفي –رحمه الله- في شرح الطحاوية ص212 "ومن يتكلم برأيه وما يظنه في دين الله ولم يتلق ذلك من الكتاب فهو مأثوم وإن أصاب..."
قلت : كيف بمن كذب وتعدى وظلم أهل السنة والجماعة ظلماً عظيماً .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه –رحمه الله- في الجواب الصحيح (3/72-73) "فإن الظالم باغ معتد مستحق للعقوبة فيجوز أن يقابل بما يستحقه من العقوبة لايجب الاقتصار معه على التي هي أحسن بخلاف من لم يظلم فإنه لا يجادل إلا بالتي هي أحسن ...والظالم يكون ظالماً بترك ما تبين له من الحق وإتباع ما تبين له أنه باطل والكلام بلا علم فإذا ظهرله الحق فَعَند عنه كان ظالماً "ا.هـ
ومن أعظم الظلم أن ينسب لأهل الإسلام والسنة ما ليس فيهم ، ويغض الطرف عن زندقة وكفر وضلال أهل الرفض مع علمه بحالهم وضلالهم . فمحاضرته هذه صدت الناس عن سبيل الله وهوت بالعباد في أحضان المبتدعة الضلال ، والمجرمين الأشرار .
وهذه حال من لم يأخذ بما في الكتاب والسنة و ما كان عليه السلف الصالح .
وإنما جاء بزخرف من القول وباطل من الكلام .
قال الأوزاعي كما في الشريعة للأجري ص63 " عليك بآثار السلف وإن رفضك الناس وإياك وأراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول "
والدكتور من جماعة الإخوان المسلمين والمعلوم عن قادة هذه الجماعة أنهم أئمة الدعاة إلى التقريب بين السنة والرافضة ، وعلى رأسهم حسن البنا ومحمد الغزالي وزينب الغزالي وعمر التلمساني وعبد الكريم زيدان ومصطفى السباعي والبهنساوي والجبري وسعيد حوى والمودودي والندوي والغنوشي وعز الدين إبراهيم وغيرهم كثير ، وقد استضاف حسن البنا إمام الإخوان المسلمين في العالم المدعو محمد القمي – الرافضي - في مصر وقابل مرجعهم الأكبر آية الله الكاشاني في حج عام 1948هـ بغية السعي في التقريب بين أهل السنة والرافضة .
قال سالم البهنساوي في كتابه السنة المفترى عليها ص57 " منذ أن تكونت جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية التي ساهم فيه الإمـام البنا والإمام القمي والتعاون قائم بين الإخـوان المسلمين والشيعة "ا.هـ .
قلت : ومازال هذا التعاون قائماً عند الأتباع من الإخوان كطارق السويدان ومن نحى منحاه وسلك سبيله .
قال عبد المتعال الجبري في كتابه حوار مع الشيعة حول الخلفاء الراشدين وبني أمية ص10 "ولهذا كانت دور الإخوان المسلمين ومراكزهم مفتوحة لكل أصحاب المذاهب وما يسمى بالفرق ، الكل يعمل للإسلام المضيع والحرية المسلوبة من المسلمين الإباضي – أي الخارجي – والزيدي والسني وغيرهم ..." إلى أن قال :" و شعارهم نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ومن ثم فقد كانت مواضع الخلاف لا تثار بحال . فكل أخ يحرص على مشاعر أخيه وفي المتفق عليه من التكاليف والمعتقدات والتصورات الإسلامية ما يسمح للجميع بالكثير من اللقاءات والتعاون في كثير من المجالات . إن نعمة الإسلام التي ينعم بها كل من أهل السنة والشيعة والخوارج والأباضية ....."الخ كلامه .
وقالت زينب الغزالي " ولي أنا شخصياً تجربة في هذه المسألة فقبل عام 1958م كانت هناك جماعة التقريب بين المذاهب والتي كان يشرف عليها الشيخ محمود شلتوت – أي شيخ الأزهر في عصره- والشيخ القمي – أي الرافضي – وقد شاركت في عمل تلك الجماعة وبمباركة الإمام الشهيد حسن البنا الذي كان يرى أن المسلمين سنة وشيعة أمة واحدة وأن الخلاف المذهبي لا يفرق وحدة الأمة وكان كل الإخوان متعاونين مع هذه الجماعة ... "ا.هـ انظر الأجوبة السديدة ص87 .
فهذه الأقوال وغيرها كثير قد أظهرت بجلاء أن دعوة كبار قادة الإخوان المسلمين إنما هي دعوة التقريب بين السنة والرافضة والتي أسستها الروافض ، بل بلغ الأمر بهم إلى أن أصدر شيخ الأزهر محمود شلتوت فتوى بجواز التعبد بالمذهب الجعفري الرافضي " كما في كتاب مسألة التقريب للقفاري(2/182) .
وهذا يضطرني إلى سرد سريع لبعض أصول جماعة الإخوان المسلمين في هذه المسألة وغيرها لدفع ريب المرتاب ، فمن ذلك :
أولاً:-أنها دعوة صوفية حصــافية ، فإن مؤسسـها حسن البنا كان صوفياً حصافياً .
جاء في مــذكرات الدعوة والداعية ص27:" وصحبت الإخوان الحصافية بدمنهور وواضبت على الحضرة في مسجد التوبة كل ليلة" .
وقد وصل به الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم أن وصفه بصفات الرب تبارك وتعالى من غفران الذنوب والعفو عن السيئات فقد كان ينشد في الموالد كما نقله جابر رزق في كتابه حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه ص 71-72 :
هذا الحبيب مع الأحباب قد حضرا *** وسامح الكل فيما قد مضى وجرى
في أبيات فيها من الغلو والإطراء المحرم ما يرفعون به النبي صل الله عليه وسلم إلى مرتبة الألوهية .
ثانياً:- أنها جماعة قائمه على البدع كالاحتفال بالموالد وبالهجره النبوية وبليلة الإسراء والمعراج ، وقد وصل بهم الغلو في الاحتفالات إلى الاحتفال بمقدم نواب صفوي الرافضي كما في ذكريات لامذكرات ص"131 "للتلمساني مرشد الإخوان المسلمين .
ثالثاً:- أن إمامهم الذي يقلدونه هو في صفات الله من المفوضة وهم أضل من المؤولة بسائر أصنافهم كما هو نص كلامه في رسالته العقائد .
رابعاً:- يرون التقريب بين أهل السنة والرافضة كما سلف وكفى بذلك ضلالاً مبيناً .
خامساً:- غلوهم في مسائل التقريب حتى قالوا بالتقريب بين أهل الإسلام وأهل الكتاب نصارى ويهود ويرون مصافاتهم ومصادقتهم وأن القرآن أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقاً .
قال حسن البنا كما في كتاب الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ (1/409-410)أمام لجنة التحقيق البريطانية الأمريكية " فأقرر أن خصومتنا لليهود ليست خصومة دينية لأن القرآن حض على مصافاتهم ومصادقتهم والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية وقد أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقا"ا. هـ.
وقال السباعي "فليس الإسلام ديناً معادياً للنصرانية بل هو معترف بها مقدس لها ..." إلى أن قال: " والإسلام لا يفرق بين مسلم ومسيحي " .
وقال القرضاوي في حديث نشر في جريدة الراية القطرية العدد(4696) "إننا لا نقاتل اليهود من أجل العقيدة وإنما نقاتلهم من أجل الأرض ..." .
وقال الغزالي في كتابه-من هنا نعلم – ص150 " فإننا نحب أن نمد أيدينا وأن نفتح آذاننا وقلوبنا إلى كل دعوة تؤاخي بين الأديان وتقرب بينها وتنزع من قلوب أتباعها أسباب الشقاق ".
وكلامهم في هذا الباب كثير لابركة فيه لمخالفته الكتاب والسنة وما تقرر لدى عامة الأمة وخاصتهم .
سادساً:- هي دعوة قائمة على الخروج على الحكام المسلمين بعد تكفيرهم ، وقد غلا بعض قادتهم فكفر عامة المسلمين أيضاً كسيد قطب في العدالة الاجتماعية وغيره من كتبه ونقله عنه القرضاوي في أولويات الحركة الإسلامية ص110 .
سابعاً:- موافقة بعض قادتهم الرافضة في النيل من أصحاب المصطفى صلى الله عليه وسلم كسيد قطب فقد طعن في أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه فقال في العدالة الاجتماعية ص206 " ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله ، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما " ويرى في ص 186 أن عثمان -رضي الله عنه – أدركته الخلافة وهو شيخ كبير ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام وضعفت إرادته عن الصد لكيد مروان وكيد بني أمية من ورائه ".الخ تلك الطعون الشديدة في الخليفة الراشد أمير المؤمنين عثمان فلم يراقب الله فيه .
وأمير المؤمنين عثمان هو الذي تستحي منه ملائكة الرب جل وعلا بل يستحي منه سيد الخلق أجمعين ويقول فيه الصادق المصدوق {ما ضر عثمان ما صنع بعد اليوم } .
فهذه النصوص وغيرها لم تشفع لعثمان عند سيد .
كما طعن سيد في الصحابيين الجليلين معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص – رضي الله عنهما - في كتابه كتب وشخصيات ص242 حيث قال : " وحين يركن معاوية وزميله-أي عمروبن العاص – إلى الكذب والغش والخديعة والنفاق والرشوة وشراء الذمم لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل ".
ويقول بعد ذلك في ص243 في معاوية : " فروح ميكيافلي التي سيطرت على معاوية قبل ميكيافلي بقرون " .
ويقول في الصحيفة نفسها :"لقد تكون رقعة الإسلام قد امتدت على يدي معاوية ومن جاء بعده ولكن روح الإسلام قد تقلصت وهزمت بل انطفأت " .
وكذا فعل محمد الغزالي في موقفه من عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.
وها هو طارق السويدان يأتي فيجوز للروافض سب الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه في بيوتهم .
ثامناً:- يرون الاجتماع بين جميع الفرق المنتسبة للإسلام من غير فرق بين سني وبدعي تطبيقاً لقاعداتهم المشهورة "نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " .
قال عباس السيسي في قافلة الإخوان المسلمين (1/42) " فقد كانت الشعبة – أي شعبة الإخوان المسلمين – جامعة تؤلف بين طوائف المسلمين " وقال الجبري في كتابه حوار مع الشيعة حول الخلفاء الراشدين وبني أمية ص10 : " ولهذا كانت دور الإخوان المسلمين ومراكزهم مفتوحة لكل أصحاب المذاهب وما يسمى بالفرق" إلى أن قال : " وشعارهم نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " .
وقد طبق طارق السويدان ما طبقه أسلافه من الإخوان المسلمين ، فهو سائر على أثرهم ومقتف لخطاهم حذو القذة بالقذة ، يوضح ذلك قوله : " وإذا نود نتحاور فيما نحن مختلفين عليه لن نتقدم خطوة واحدة فيما نحن متفقين عليه وهو حجمه كبير " .
وقوله أيضاً " نتعاون فيما نحن متفقين عليه " .
وهذه القاعدة الإخوانية البدعية كسر لمبدأ الولاء والبراء في الإسلام الذي هو أوثق عرى الإيمان فقد صح في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{ أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله عز وجل } وهي أيضاً تحطيم لمبدأ هجر المبتدع الأصل الأصيل في الإسلام وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله وهدم لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي امتازت به الأمة الإسلامية على سائر الأمم .
هذه بعض أصول جماعة الإخوان المسلمين والذين من دعاتهم في هذا العصر الدكتور طارق السويدان وقد زعم في محاضرته هذه مزاعم باطلة واتهم أهل السنة بما ليس فيهم؛ فمن تلك المزاعم والأباطيل : أن حجم الاتفاق بيننا أهل السنة وأهل الرفض كبير:
حيث قال في تقريره هذا الباطل : " وإذا نود نتحاور فيما نحن مختلفين عليه لن نتقدم خطوة واحدة فيما نحن متفقين عليه وهو حجمه كبير " و قال " وأعتقد أن نقاط الاتفاق كثيرة جداً " وقال " نحن نعتقد أن دائرة الاتفاق كبيرة " وقال " وأن حجم هذا الاتفاق كبير"ا.هـ
وهذه فرية عظيمة وكذبة فاضحة واضحة ، فالخلاف بيننا وبينهم في الله وفي كتاب الله وفي رسول الله وفي أصحاب رسول الله وهذا هو الدين كله . زعمه أن الخلاف بيننا وبين أهل الرفض في غير الأصول :
قال ما نصه : " الباب مفتوح للحوار والنقاش والجدل في أي شئ حتى في أعظم القضايا في قضية التوحيد التي هي أصل الدين وينبني عليها أمر الدين كله نحن مستعدين أن نتحاور ولذلك الله سبحانه يقول :{ قل إن كان للرحمن ولدٌ فأنا أول العابدين } ما عندي إشكال إن استطعتم أن تثبتوا أن الله سبحانه وتعالى له ولد فأنا سأكون أول من يعبده ، فإذاً الحوار مفتوح حتى في قضية التوحيد فما بالك في قضايا أهون من هذه المسألة " .
فقوله : " فما با لك في قضايا أهون من هذه المسألة " أي مسألة التوحيد إذاً عنى بذلك أن خلافنا مع الروافض ليس في أصول الدين ولا في التوحيد .
ولإزالة اللبس عنك أخي القاريء ، ولبيان كذبه وضلاله فيما ادعاه أسوق لك على وجه الاختصار بعض عقائد الرافضة من كتبهم لتعلم هل خلافنا معهم في أصل الدين والتوحيد أو لا ؟.
فمن عقائدهم الباطلة :
1-القول بتحريف القرآن الكريم وهذه عقيدة مستفيضة عـند الرافضة قـال محمد بن محمد النعمـان الملقب بالمفيد – وهو من مؤسسي مذهب الروافض في أوائـل كتـابه المـقالات : " واتـفقوا – أي الإمـامية الروافـض – أن أئمة الضلال – قصـد عدو الله الصحابة – خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل " .
وقال نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية (2/357 ) " الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة تصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادةً وإعراباً " .
أقول : لقد نقل كثير من علمائهم إجماعهم على ذلك ، وسيأتي مزيد نقل لكلامهم في مسألة إنكار السويدان القول بتحريف القرآن عند الرافضة إن شاء الله .
2-ومن عقائدهم الباطلة القول على الله بالبداء:
ويقصدون بذلك أن الله – تعالى عن قولهم – جهل ثم علم فلم يكن يعلم الأمر – بزعمهم الباطل – ثم بدأ له وعلمه بعد أن لم يكن عالماً به .
روى الكليني في كتابه الكافي عن بعض أئمتهم قوله : " ما عبد الله بشيء مثل البداء " .
وهذه العقيدة الخبيثة وهي القول على الله بالبداء محل إجماع عندهم كما نقله المفيد في أوائل المقالات ص48-49 .
3- ومن عقائدهم الباطلة :
عدم احتجاجهم بالسنة النبوية إلا من طريق رواتهم الكذبة وشيوخهم الفجرة –ناسبين ذلك إلى أئمة أهل البيت وهم منها براء - وهم لا يشترطون اتصال السند وغيره من شروط الصحة المعتبرة عند أهل السنة والجماعة أهل الصدق والعدالة والضبط والتثبت .قال بعض علمائهم : " إن الاعتقاد بعصمة الأئمة جعل الأحاديث التي تصدر عنهم صحيحة دون أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -كما هو الحال عند أهل السنة " ا.هـ كلامه
قلت : لذا كان الكذب عندهم على الله وعلى رسول الله وعلى آل البيت أهون من كذب بعضهم على بعض ، وكذبهم هذا لا يحصيه إلا الله .
4- ومن معتقداتهم الضالة القول برجعة أئمتهم :
قال الموسوي في الشيعة والتصحيح ص141 في بيان معنى الرجعة عند الشيعة : " تعني الرجعة في المذهب الشيعي أن أئمة الشيعة مبتدئاً بالإمام علي ومنتهياً بالحسن العسكري الذي هو الإمام الحادي عشر عند الشيعة الإمامية سيرجعون إلى هذه الدنيا ليحكموا المجتمع ... وأن كل واحد من الأئمة حسب التسلسل الموجود في إمامتهم سيحكم الأرض ردحاً من الزمن ثم يتوفى مرة أخرى" ا.هـ .
5- ومن عقائدهم المنحرفة :تكفير عامة الصحابة وسبهم إلا ثلاثة أوخمسة أو سبعة .
ويروون في ذلك أخباراً - مختلفة - في كتبهم العقدية المعتمدة عندهم ، كالكافي ورجال الكشي وغيرهما .
ففي الكافي عن أبي جعفر قال : " كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة .
فقلت : ومن الثلاثة ؟ فقال : المقداد بن الأسود، وأبو ذر، وسلمان" .
وفي روضة الكافي (12/323) وكتاب مسألة التقريب للقفاري (1/366) " أن الشيخين -يعني أبا بكر و عمر-فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وقال إمامهم المفيد " واتفقت الإمامية والزيدية والخوارج على أن الناكثين والقاسطين من أهل البصرة والشام أجمعين كفار ضلال ملعونون بحربهم أمير المؤمنين وأنهم بذلك في النار مخلدون " ا.هـ. وبنحو هذا الكلام الخبيث قال نعمة الله الجزائري .
وقال محمد باقر المجلسي - وهو أحد علمائهم الكبار- في كتابه حق اليقين " وعقيدتنا في التبرؤ أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة : أبي بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية، والنساء الأربع : عائشة، وحفصة، وهند، وأم الحكم، ومن جميع أشياعهم وأتباعهم وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض وأنه لايتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرؤ من أعدائهم" .
ويقول إمامهم الخميني في كشف الأسرار ص126 " إننا هنا لاشأن لنا بالشيخين – يعني أبا بكر وعمر – وما قاما به من مخالفات للقرآن، ومن تلاعب بأحكام الإله، وما حللاه وحرماه من عندهما، وما مارساه من ظلم ضد فاطمة ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم- وضد أولاده ولكننا نشير إلى جهلهما بأحكام الإله والدين " ا.هـ . كلامه .
وقد كذب عدو الله وعدو رسوله والمؤمنين ، وكلامهم في تكفير الصحابة وسبهم أشهر من أن يذكر.
6- ومن عقائدهم الباطلة :
القول بخروج إمامهم الغائب من السرداب ، ويقولون : إنه المهدي ، ولهم فيه خرافات كثيرة منها :
أنه يتكلم في المهد – وبجميع اللغات – .
وأنه قرأ جميع الكتب المنزلة على الأنبياء في جلسة واحدة .
وأنه يأتي بكتاب جديد غير القرآن كما ذكر ذلك المجلسي .
وأنه يحرق أبا بكر وعمر كما في كتاب الرجعة للأحسائي ص128 .
وأنه يبيح دماء أهل السنة ويأخذ عليهم الجزية ممن لم يؤمن به كما في بحار الأنوار.
ويرون أن أبا بكر، وعمر، يخرجان كل موسم حج من قبريهما ويرجمان الجمرات ولايراهما إلا الإمام المعصوم فيرجمهما بالحجارة .
وعلى الشيعة أن يقتدوا بالمعصوم فيرجمون الشيخين بالحجارة كما في كتاب الاختصاص لإمامهم المفيد ص270 –271.
فلا تعجب بعد هذا من حجهم مكة ورميهم الجمار فلمقصد مخصوص ، ويرى الخميني فيه أنه سيحقق ما عجز عن تحقيقه الأنبياء إلى غير ذلك من الخرافات والكفر الصراح .
7- ومن عقائدهم الباطلة :
تفضيل أئمتهم على الأنبياء عليهم السلام :
فقد جاء في الكافي " باب : أن الله عز وجل لم يعلم نبيه علماً إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين وأنه شريكه في العلم " .
وفيه أيضاً " باب : أن الأئمة يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل " .
وفيه " باب : أن الأئمة عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها " .
وبوب المجلسي في بحار الأنوار (26/193-200) أبواباً ذكر فيها أنهم أعلم وأفضل من الأنبياء ، وأن أولى العزم من الرسل إنما صاروا أولى عزم بحبهم لأئمة الشيعة ، وأنهم يرجعون بعد الموت ، وأنهم قادرون على إحياء الموتى ، وإبراء الأكمة، والأبرص، وجميع معجزات الأنبياء ، ويعلمون ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وأنهم يعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيارهم .
أقول : كل هذا الكفر والضلال والظلمات في كتابهم بحار الأنوار.
ويقول الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية ص91 " لا يتصور فيهم السهو والغفلة " ويقول أيضاً في الكتاب نفسه " وأن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولانبي مرسل " .
وزيارة قبور أئمتهم والدعاء والصلاة عندها والاستشفاع بأهلها كل ذلك عندهم أفضل من الحج إلى بيت الله كما في الوافي للفيض الكاشاني .
8-ويرون العصمة لأئمتهم ، وأن تعاليمهم كتعاليم الأنبياء كما في الحكومة الإسلامية للخميني ص76.
9- ويعدون أماكن قبور أئمتهم حرماً مقدساً ، فالكوفة ، وكربلاء ، وقم كلها حرم ، بل إن كربلاء عندهم أفضل من الكعبة كما في الوافي للفيض الكاشاني ( 14/ج 8 ص146) .
وقد نظم بعض شعرائهم في ذلك أبياتاً فقال :
وفي حديث كربلا والكعبة *** لكربلا بان علو الرتبة .
وسينزع الحجر الأسود ويوضع في حرمهم الكوفة كما في الوافي للفيض الكاشاني
10- ومن عقائدهم التقية :
وهي إظهار خلاف ما يبطن وهي النفاق الخالص وأصل دينهم الفاسد ويروون في ذلك عن جعفر الصادق - كذباً وزوراً - : " التقية ديني ودين آبائي " .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – "هذه صفة الرافضة شعارهم الذل ، ودثارهم النفاق والتقية ورأس مالهم الكذب والأيمان الفاجرة " .
11- يتخذون يوم مقتل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عيداً فيقولون : هو يوم العيد الأكبر ، ويوم المفاخرة ، ويوم التبجيل ، ويوم الزكاة ، ويوم البركة ، ويوم التسلية كما في الأنوار النعمانية ( 1/108-111) وبحار الأنوار ( 20/33) ومرآة الأنوار ص263 .
12-ومن عقائدهم الباطلة أن جبريل كان يأتي بعد وفاة النبى- صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بأنباء الغيب فيقوم أمير المؤمنين بتدوينها -وهذا هو مصحف فاطمة الذي يزعمونه- وقد دافع الخميني عن هذا المعتقد الباطل وبين صوابه بزعمه في كتابه كشف الأسرار ص143 .
ولإمامهم الخميني من الكفريات الشيء الكثير سوى ما تقدم .
من ذلك على سبيل الاختصار والاقتصار ما زعمه في كشف الأسرار ص155 أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قصرفي أداء الرسالة فقال ما نصه " وأوضح بأن النبي لوكان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمره الله به وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الخلافات والمشاحنات والمعارك ولما ظهرت ثمة خلافات في أصول الدين وفروعه " ا.هـ . كلامه .
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون الإ كذباً .
ويرى في كتابه السابق أن طلب الحاجة من الحجر أو الصخر ليس شركاً .
كما كذب على أهل السنة في هذا الكتاب ، وفي غيره من كتبه في كثير من المواطن، وجاء بأحاديث كثيرة من صنع الروافض ووضعهم ، زاعماً أن مصادر أهل السنة قد ذكرتها ، وهذا كذب من عدو الله عليهم .
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله رحمة واسعة – في مجموع فتاويه (4/439) " أخطرها - أي فرق الشيعة الروافض – فرقة الرافضة الخمينية الاثني عشرية لكثرة الدعاء إليها ولما فيها من الشرك الأكبر كالاستغاثة بأهل البيت واعتقاد أنهم يعلمون الغيب ولاسيما الاثني عشر حسب زعمهم ولكونهم يكفرون ويسبون غالب الصحابة كأبي بكر، وعمر – رضي الله عنهما –" ا.هـ .
فهل بعد هذه الكفريات كلها يصح إدعاء السويدان أن حجم الاتفاق بيننا أهل السنة والجماعة وبين الروافض كبير ، وأنه ليس في التوحيد وأصول الإيمان وحقائق الإسلام.
وهل بعد هذه العقائد الباطلة تطمئن نفس مؤمن في صحبة هؤلاء الأشرار أو مجالستهم ومخالطتهم فضلاً عن محبتهم والدفاع عنهم فضلاً عن الطعن في أهل السنة وتكذيبهم والكذب عليهم .
وقد تقدم أن الرجل من جماعة الإخوان المسلمين ولذا هو مغترف من كدر أئمتهم ناهل من معينهم الملوث وسلفه في هذه الادعاءات مؤسس الإخوان المسلمين حسن البنا؛ فقد نقل عنه التلمساني في ذكريات لامذكرات ص25 قوله : " واعلموا أن أهل السنة والشيعة مسلمون تجمعهم كلمة لاإله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذا أصل العقيدة والسنة والشيعة فيه سواء وعلى النقاء أما الخلاف بينهما فهو في أمور من الممكن التقريب فيها بينهما " ا.هـ .
وقد غلا السويدان في هذه القضية حتى جعل الخلاف بيننا وبين الروافض من عظمة هذا الدين فقال ما نصه : " فمن عظمة هذا الدين أنه فيه متسع للخلاف والذي يقول الخلاف أو الاختلاف بغض النظر عن موقفه شر مو صحيح " ا.هـ .
ولا تنس أخي القارئ أن تلك الأقوال المذكورة آنفاً إنما كان يقولها أمام الروافض .
وكلامه هذا من أبطل الباطل فقد قرر علماء الإسلام أن الخلاف خلافان:
1- خلاف تضاد.
2- وخلاف تنوع .
وخلافنا مع الرافضة خلاف تضاد ،خلاف في الإله وفي الرسول وفي القرآن وفي الأصحاب ، خلاف في أصول الدين ومسائل الإيمان والتوحيد لاكما يزعمه السويدان .
وهذا كما تقدم- مما زلت فيها أقدام قادة الإخوان المسلمين - الذين ينتسب إليهم السويدان – حيث حادوا فيه عن طريق الأنبياء والمصلحين ، فيجمعون الناس على الغث والسمين ، فلا يدعون أتباعهم إلى تصحيح عقائدهم وترك منكراتهم ، وهذا تطبيق واضح من السويدان لمذاهبهم الباطلة – ولأجل أن يقرر في أذهان سامعيه عدم الخلاف بيننا وبين الرافضة جاء بطامة كبرى وداهية عظمى وهي : أن الصواب متفرق بين أهل السنة وأهل الرفض :
فقال ما نصه : " الصواب لا يوجد عند إنسان واحد الصواب توزع فالوفاق الجيد هو الذي تتشابه فيه الأفهام وتتناظر وتجتمع ،يجتمع صواب الشيخ حسن – يعني أحد شيوخ الروافض الحاضرين معه – مع الصواب اللي عندي مع الصواب اللي عند الدكتور يجتمع الصواب "ا.هـ.
فهلا أدركت معي أخي السني كيف جعل الصواب مفرقاً بين أهل السنة والروافض، فعند الرافضة صواب لا يوجد عند أهل السنة .
وهذا بهتان عظيم فالصواب ولله الحمد والمنة كله عند أهل السنة والجماعة ، وإنما تمدح الفرق الإسلامية الأخرى بحسب موافقتها لأهل السنة والجماعة وتذم بقدر بعدها عن مذهب أهل السنة والجماعة .
إن من المعلوم بالضرورة أن مذهب أهل السنة والجماعة هو الحق الذي لامرية فيه، وهو الإسلام الخالص الذي أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم- وليس هناك قول واحد أخطأ فيه أهل السنة وأصاب فيه أهل الرفض لا في الأصول ولا في الفروع ، كما أن من المعلوم بالضرورة أن مذهب الروافض مذهب مغاير للإسلام لأنه بني على الشرك بالله والبدع والكذب والنفاق وشتم وتكفير خيار الأمة .
ومن بلاياه في هذه المحاضرة :
تجويزه للروافض سب أبي هريرة – رضي الله عنه - في بيوتهم :
قال ما نصه : " أنا أتشبث بكل حريتك بس لاتسب أبو هريرة عندي ، سبه في بيتك كيفك لا تسبه عندي " ا.هـ.
وهذه مداهنة كبرى وطامة عظمى وفتوى جائرة ، فحافظة الإسلام وأكثر الصحابة رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم لابأس بسبه في البيوت عند السويدان ذاك أبو هريرة الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم وغيره :
{ اللهم حبب عُبَيدك هذا – يعني أبا هريرة – وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين } قال أبو هريرة : فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا احبني .
فهل من أفتى الروافض بسب أبي هريرة في البيوت قد أحبه ؟!!!
جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لاتسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم انفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه } .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :{ من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين } .
قال الإمام مالك –رحمه الله – " الذين يشتمون أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم ليس لهم سهم أو قال : نصيب في الإسلام " .
وقال الإمام أحمد – رحمه الله – " إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوء فأتهمه على الإسلام " .
وقال – رحمه الله – " فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحداً منهم فهو مبتدع رافضي خبيث مخالف لا يقبل الله منه صرفاً ولاعدلاً " ا.هـ. كلامه.
وهذا إجماع من أهل السنة والجماعة، وهو إجماع مشهور عند العامة والخاصة .
قال أبو الحسن الأشعري – رحمه الله – في الإجماع الثامن والأربعين في رسالته لأهل الثغر:
"وأجمعوا على الكف عن ذكر الصحابة إلا بخير ما يذكرون به وعلى أنهم أحق من ينشر محاسنهم ".
قال الله جل ذكره { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم } .
فهل أصبح طارق السويدان يُعَلِّم الروافض حقيقة التقية ؟
وقد مر أن بعض قادة الإخوان قد صرحوا بسب الأصحاب كسيد قطب ومحمد الغزالي .
فسبحان الله يسلم الروافض من طعن قادة الإخوان أما الصحابة وعموم أهل السنة فلا يسلمون من الطعن والذم والتنقص فلا حول ولاقوة إلا بالله العظيم .
وقد أجاب السويدان عن سبب تجويزه سب أبي هريرة في بيوت الروافض بأجوبة فيها من التدليس والجهل الشئ الكثير ففي جوابه على أمين النبهان بين أن كلامه ليس دعوة إلى سب أبي هريرة – رضي الله عنه – وإنما هي على نسق قول الفقهاء " من شرب الخمر في بيته فلا يعاقب في الدنيا ولكن من أظهر ذلك يعاقب " ا.هـ.
وفي موقعه الرسمي في الإنترنت بتاريخ 2/1/1422هـ بين أن كلمته عند أهل الكويت ليست دعوة السب في البيوت بل إني لا أحكم تصرفاتك هناك ولكني لن أرضى بسبه أمامي"
وفي موقعه أيضاً بتاريخ 24/2/1422هـ قال : " وكنت أقول لهم أن من أدب الحوار ألا يستفز المتحاور صاحبه وأن سب الصحابة يستفزني ولا أرضى به ، ولكن لا أستطيع أن أمنعك أن تسبه في بيتك "ا.هـ.
ففي استدلاله بما نقله أولاً عن الفقهاء تدليس وسوء فهم وكذب عليهم .
أما التدليس ففي قياسه فتواه على قول الفقهاء ، حيث قاس قياساً مع الفارق ، فالعلماء يبينون تحريم الخمر مثلاً ويحذرون منها وينهون عنها .
أما سويدان فما حذر الروافض من سب الأصحاب في محاضرته ولم يبين لهم تحريم ذلك ولم يشنع على فعالهم بما دل عليه الكتاب والسنة . فأين فعل السويدان من قول الفقهاء . وهذا أولاً
أما ثانياً: فالفقهاء لم يقولوا هذا القول وإنما قالوا : إن من شرب الخمر مثلاً مستتراً عن الناس ، ولم يتعد ضرره إلى غيره فإنه لايهتك ستره ، ولم يقولوا : إنه لا يعاقب في الدنيا حتى و لو اكتشف أو تعدى ضرره على الغير ، بل إن حصل ذلك فإنه يقام عليه الحد .
والفرق واضح بين الأمرين لطلبة العلم . ومن الأدلة على ذلك تقييد النبي صلى الله عليه وسلم للإنكار باليد بالرؤية في قوله - صلى الله عليه وسلم- :{ من رآى منكم منكراً فليغيره بيده ...}الحديث .
قال العلماء : إنه لا يجوز أن يهتك ستر من استتر بالمنكر إلا إذا تعدى الضرر إلى غيره أو كان في هذا المنكر حرمة لايمكن استدراكها إذا لم تنكر كالزنا أو القتل ونحوه .
أما قوله في موقعه في التاريخ الأول وأن ذلك عند أهل الكويت ليست دعوة السب في البيوت بل إني لا أحكم تصرفاتك هناك .
فهذا من أسمج الأجوبة فهل لأهل الكويت لغة غير العربية حتى لا يفهمها إلا هم ، أم أنك قصدت بأهل الكويت هم الفقهاء في جوابك على النبهان ....؟!!
وأما قوله في التاريخ الثاني من موقعه "ولكن لا أستطيع أن أمنعك أن تسبه في بيتك".
فهذا من التدليس والتلبيس ، فمن الذي طلب منك منعه ؟ وإنما كان الواجب عليك بيان حكم ذلك الفعل لهم ، لا سيما وأنت تعلم علم اليقين أنهم أئمة السب والشتم لخيار الأمة ، فكيف ترشدهم إلى تلك الفعلة الشنيعة ؟ .
ومن سماجة أجوبته قوله : إنه ما قصد ذلك :
قلت : الألفاظ قوالب المعاني وأما القصد فهو أمر قلبي لايعلمه إلا الله وليس للناس إلا ظاهر كلامك ، وهو بيِّن لا خفاء فيه ، ولذا أنكر عليك محبوك ؟ هذا أولاً .
وثانياً: إن قولك هذا إنما هو تحصيل حاصل لا جديد فيه ، وليس بجواب مفيد تغتفر بسببه تلك الزلة الشنيعة .
وهذه الطرق التي سلكها للجواب على الفتوى الجائرة كلها طرق وعرة توصل إلى غضب الله وغضب أوليائه كما أنها مضحكة للعقلاء عليه .
وإن أقصر طريق أمامه وأسهله -لمن سهله الله عليه - هو طريق التوبة إلى الله من تلك الأقوال ، لا على سبيل التنزل للخصم ولكن على سبيل الاعتراف بالهفوة والإقرار بالزلة .
وبالمناسبة فإن جوابه للنبهان يحتاج إلى رد مستقل ؛ لأنه زاد من أوهامه ودلس كثيراً نسأل الله السلامة والعافية .
ومن طوامه في هذه المحاضرة :
زعمه قصور أهل السنة في إظهار حب آل البيت بخلاف الرافضة الذين أظهروا حبهم :
قال ما نصه : " واعتقد أن نقاط القصور – أيضاً – كثيرة – يقصد عند أهل السنة – ولأضرب مثالاً واضحاً من القضايا الرئيسية التي يعتز بها الإخوة الشيعة قضية تبجيل وتعظيم أهل البيت – عليهم السلام – وكنت تأملت في هذه المسألة عند أهل السنة والجماعة فوجدت – أيضاً – أن عند أهل السنة والجماعة تبجيل وتعظيم لأهل البيت لكن إظهار هذا التبجيل والتعظيم عند السنة بالتأكيد أقل مما هو عند الشيعة وهذا أنا أقوله بلا تردد قصور عند الإخوة السنة ويجب أن يعبروا عن حبهم وولائهم وتعظيمهم لأهل البيت أنا ما أقول هذا الكلام مجاملة لكم هذا دين هذا الكلام دين موجود في كلام الله موجود في السنة النبوية موجود في التطبيق الواضح فتعبيرنا نحن السنة عن قضية حبنا لأهل البيت أقل مما ينبغي ويجب أن يزداد " ا.هـ.كلامه
وهو ملئ بالباطل والفجور وبالطعون العظام في أهل السنة الكرام وبهذا الكلام وبما قبله وما سيأتي نادى الرجل على نفسه بالجهل بمذهب أهل السنة والجماعة أو بالتجاهل وهواه في هذا وغيره مع أهل البدع ، وميله إليهم واضح كالشمس في رابعة النهار.
وقبل الرد عليه تفطن أيها السني لقوله " قصور عند الإخوة السنة " فهل يعتبر السويدان نفسه من غير أهل السنة بهذا الإسلوب أو لا ؟
ثم من هم أهل البيت يا طارق :
أهل البيت في لغة العرب كما في معاجم وقواميس اللغة أول ما ينصرف إلى زوجة الرجل ثم تُجُوّز فقيل أهل بيت الرجل لمن يجمعه معهم نسب وهذا في أهل بيت النبي- صلى الله عليه وسلم- واضح وضوح الشمس في كبد الظهيرة قال الله تعالى في سورة الأحزاب مخاطباً أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم- { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء .. } إلى أن قال جل وعلا { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ...} الآية.
فالآية في أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- والسياق قبلها وما بعدها من الآيات كله في أزواجه -صلى الله عليه وسلم-فهن المقصودات ابتداء ً بقوله جل ذكره {أهل البيت } يؤيد ذلك ويؤكده ما أخرجه البخاري في صحيحه (3/177) من حديث أنس في قصة زواج النبي -صلى الله عليه وسلم- بزينب بنت جحش أنه أتى حجرة عائشة فقال :{السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله...}وهكذا فعل مع باقي نسائه صلى الله عليه وسلم .
قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسيره للآية السابقة " وهذا نص في دخول أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- ..إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح "أ.هـ.
إذن فالخلاف واقع في غير الأزواج هل هم داخلون في الآية أو لا ؟ أما نساؤه فداخلات دخولاً أولياً .
ولذا كان يجب على السويدان أن يعلم ذلك قبل اتهامه لأهل السنة بالقصور في إظهار حبهم لآل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ؟
فأهل بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- هم أزواجه ، وبنو هاشم ، وبنو المطلب ، وهم من حُرِم الصدقة ، وأزواجه ممن تحرم عليهن الصدقة في الصحيح من أقوال أهل العلم كما في منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيميه (4/153) وجلا ء الأفهام لابن القيم ص .
فهل يرى طارق السويدان أن آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- مخصوصون ببعض آل علي - رضي الله عنه - كما شذ بذلك أهل الرفض ، ووافقهم عليه السويدان كما هو ظاهر كلامه .
إن جمهور الرافضة كما في كتبهم المعتمدة يرون أن أهل البيت إضافة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - هم علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وذرية الحسين فقط .
أما أهل السنة - كما سبق - فيرون أن كل من حرمت عليه الصدقة فهو من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم – أزواجه، وآل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس، وغيرهم ممن تقدم ذكرهم، وأزواجه أول الداخلات في ذلك .
فعلى هذا التعريف الصحيح لآل البيت نسأل السويدان قائلين له : من الذي يكفر عموم آل البيت فضلاً عن السكوت عنهم فضلاً عن حبهم أو إظهار ذلك ، هل هم أهل السنة أو الرافضة ؟
وأيضاً : من الذي يكفر عائشة، وحفصة، وعامة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ويلعنونهن آناء الليل وأطراف النهار ؟ بل من الذي يكفر سائر الأصحاب ممن فيهم كبار آل البيت ؟ هل هم أهل السنة المقصرون في نظرك القاصر الجائر أو الروافض أهل الباطل والزيغ والضلال والشتم والسب واللعن ؟
هل ترى أننا قصرنا في إظهار حب آل البيت لَمَّا لم نتخذهم أرباباً من دون الله وآلهة يعبدون من دون الرحمن كما هو متواتر لدى إخوانك الروافض – على حدِّ قولك - في كتبهم القديمة والحديثة .
يا طارق إن أهل السنة يرون أن حب آل البيت كلهم فرض واجب وحتم لازم. وكتبهم مليئة بذلك؛ الصحاح والمسانيد والجوامع والأجزاء وكتب العقائد المختصرة والمطولة .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله - كما في مجموع الفتاوى (4/487) " فمن يبغض أهل البيت فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولاعدلاً "ا.هـ.
وليعلم السويدان - وما أكثر احتياجنا وإياه إلى العلم - أن أعظم الفِرَق قاطبة طعناً وتنقصاً لآل بيت النبوة هم الرافضة فكم كذبوا عليهم بأنواع الأكاذيب ، وافتروا عليهم بأصناف الافتراءات ، ونسبوهم بهذا إلى الكفر والزندقة والإلحاد ، فكم نسبوا لأمير المؤمنين علي – رضي الله عنه – ما لم يقله ، وللحسن والحسين ولمحمد الباقر وجعفر الصادق وغيرهم من آل البيت وهم براء من ذلك كله .
قال شيخ الإسلام في منهاج السنة "(7/408) " الرافضة من أعظم الناس قدحاً وطعناً في أهل البيت وأنهم الذين عادوا أهل البيت في نفس الأمر ونسبوهم إلى أعظم المنكرات التي من فعلها كان من الكفار وليس هذا ببدع من جهل الرافضة وحماقتهم "
و قال السرمري – رحمه الله – في الحمية الإسلامية :
قلت الروافض قوم لاخـلاق لهم *** من أجهل الناس في قول وأكذبه
هم أكذب الناس في قول وفي عمل *** وأعظـم الخلق جـهلاً في توثبه
وهم أقل الورى عـقلاً وأغفلـهم *** عـن كل خير و أبطا عن تكسبه
وكل عيب يرد الشرع قـد جمعوا *** هـم جند إبليس بل فرسان مقنبه
قلت : لقد صدقا - رحمهما الله – فما اسخف عقول القوم ، وما أظلمهم ، فكتبهم مليئة بالكفر وبما لا يحصى من الكذب والسخافات والحماقات وبسبب هذه المعاصي العظام ذهبت عقولهم وهكذا المعصية والبدعة تغتال عقل صاحبها.
وإليك أخي القاري هذين النصين من أصح كتاب عند الروافض لتعلم صحة قولي وصدقه .
قال الكليني في كتابه الكافي في كتاب الحجة (1/237) : " فذكر أمير المؤمنين أن أول شئ من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء فرمى بنفسه فيها فكانت قبره ".
أي إنه انتحر..!!
وقال أيضاً في الصحيفة نفسها : " وروى أن أمير المؤمنين قال : إن ذلك الحمار كَلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت وأمي .
قلت : هل سمعت بمثل هذه الزندقة ؟ فدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- حمار!!!
ثم قال : قال الحمار – أي للرسول صلى الله عليه وسلم - بأبي أنت وأمي ، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة ، فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال : يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين .قال الحمار : فالحمد لله الذي جعله ذلك الحمار" ا.هـ
فهذه الحماقات والأكاذيب والسخافات والتناقضات مدونة في أصح كتبهم فيما يزعمون ، فكيف بغيرها !!!
والسويدان لا يجهل غلو الرافضة في آل البيت فهو معلوم لدى العامة من المسلمين فضلاً عن طلبة العلم والعلماء ولكنه يغض الطرف عنهم فهو راض عن الرافضة مدافع عن عوارهم ساخط على أهل السنة مبدياً -فيما يظن- مساويهم وهم أبعد عن كل عيب وسوء .
ومن دفاعه عنهم أنه يسمي غلوهم في آل البيت من اعتقاد عصمتهم ودعائهم من دون الله واعتقاد أنهم يعلمون الغيب إلى غير ذلك من اعتقاداتهم الفاسدة يسميه مبالغة لاكفراً ولا بدعة ولا معصية ولا غلواً فهو من باب تسمية الشي بغير اسمه ، كما يسمي أهل الضلال الخمر مشروبات روحية ، وتعري النساء وغنائهن ودخولهن في الأفلام والمسلسلات فناً .
قال ما نصه " كما أن بعض – أقول بعض – الإخوة الشيعة قد بالغ في تبجيلهم لأهل البيت " ا.هـ. كلامه .فها هو أيها السني قد تورع وتحرى في النقل عن الشيعة حينما قال : " بعض " ، وأكده بقوله : " أقول بعض " ، يعني لا كل الشيعة ، أما أهل السنة فعمم و أطلق ولم يقيد ولم يستثن ، فنعوذ بالله من الهوى . ومن طوامه:
تكذيبه أهل السنة في رميهم أهل الرفض بالقول بتحريف القرآن :
قال ما نصه : " القضية ليست هذه – يعني لما واحد يقول هناك مصحف آخر غير المصحف الذي نعرفه هذا كلنا متفقين أنه كافر ، فلما يأتيني واحد يقول : لا لا هذا مذهبهم يا أخي يا ابن الحلال هو يقول لك أنا ما أؤمن بمصحف ثاني تقول : لا غصبن عليك تؤمن ايش نوع النقاش هذا ايش نوع الحوار هذا أنا يكفيني من الرجل أن يقول هذا كتاب الله من الفاتحة إلى الناس هذا الذي أؤمن به لا أؤمن بغيره ما أشق عن قلبه ..." الخ كلامه .
قلت : وهذه جرأة عظيمة ودفاع مستميت عن عقائد الرافضة وإنكار لما تواتر عند الطائفتين وقد تقدم في السرد السريع لعقائد الرافضة ذكر شئ من عقيدتهم في القرآن وأنه محرف ولا بأس بذكر المزيد هنا للحاجة إليه:
لقد اتفقت الرافضة الإمامية على القول بتحريف القرآن فقال محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد - وهو معدود من مؤسسي مذهبهم - في أوائل كتاب المقالات :
" واتفقوا - أي الإمامية – أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل " .
وقال أيضاً : " إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمون فيه من الحذف والنقصان " ا.هـ.
وقال أبو الحسن العاملي في المقدمة الثانية لتفسيره مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص36 : " إعلم أن الحق الذي لامحيص عنه بحسب الأخبار المتواترة وغيرها أن القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- شيء من التفسيرات وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات" ...الخ هذيانه وأكاذيبه .
ويقول سلطان محمد الخراساني في تفسيره بيان السعادة في مقامات العبادة ص19 :
"اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة و التحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك " أ.هـ .كلام الأفاك الأثيم .
وقال نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية (2/ 357) " الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة تصريحها على وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً" ا.هـ.
ويقول شيخهم يحي تلميذ الكركي كما في فصل الخطاب ص23 " إجماع أهل القبلة الخاص والعام أن هذا القرآن الذي في أيدي الناس ليس القرآن كله وإنه قد ذهب من القرآن ما ليس في أيدي الناس " .
وهذا كذب على أهل السنة إن كان قَصَدَهم بقوله : " العام " .
وقال نعمة الله الجزائري : " وقد استفاض في الأخبار أن القرآن كما أنزل لم يِؤلفه إلا أمير المؤمنين بوصية من النبي - صلى الله عليه وسلم- " .
وقد نقلوا في ذلك الإجماع فقال حجتهم عدنان البحراني في مشارق الشموس الدرية ص126 " الأخبار التي لا تحصى – في التحريف بزعمه – كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر ولافي نقلها كثير فائدة بعد شيوع القول بالتحريف والتفسير" إلى أن قال "بل واجماع الفرقة المحقة وكونه من ضروريات مذهبهم وبه تضافرت أخبارهم " ا.هـ. وقد ألف إمامهم النوري الطبرسي الهالك عام 1320هـ كتاباً جمع فيه ما تفرق من أقوال أئمتهم في تحريف القرآن بزعمهم سماه ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب ) .والقول بتحريف القرآن عند الرافضة قول قديم فقد زعم ذلك شيخ مفسريهم وصاحب أقدم تفاسير الرافضة علي بن إبراهيم القمي الهالك عام 307هـ حيث ذكر في تفسيره من الآيات المحرفة بزعمه فقال : " وأما ما هو محرف فهو قوله ( لكن الله يشهد بما أنزل عليك في علي ) وقوله ( يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك في علي ...) وقوله : ( إن الذين كفروا وظلموا آل محمد ....) .
وجاء في أصح كتبهم الكافي للكليني ( 1/479)روايات زعموا فيها التحريف ، من ذلك ما رواه : " عن جابر عن أبي جعفر قال : قلت لم سمي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين قال : الله سماه وهكذا أنزل في كتابه [ وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم وأن محمداً رسولي وأن علياً أمير المؤمنين ] .
وفي صحيفة ( 479 ) من المجلد نفسه " عن أبي عبد الله قال : نزل جبريل على محمد بهذه الآية هكذا [يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا في علي نوراً مبيناً] ا.هـ.
بل زعموا أن سوراً كاملة حذفت كسورة الولاية وسورة النورين وقد ذكر نصهما المكذوب الطبرسي في كتابه فصل الخطاب ص180 والمجلسي في تذكرة الأئمة ص18 وغيرهما .
بل جاء في الكافي الذي هو أصح كتبهم ولا يطعنون فيه بوجه بخلاف كتاب الله الذي يوجهون إليه الطعون صباحاً مساءً والكافي هو أول كتبهم المعتمدة في مذهبهم جاء فيه " عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال : إن عندنا لمصحف فاطمة وما أدراك ما مصحف فاطمة . قال : قلت : وما مصحف فاطمة ؟ قال : مصحف فاطمة فيه مثل قرانكم هذا ثلاث مرات والله مافيه من قرانكم حرف واحد قال قلت : هذا والله العلم "أ.هـ. وهذا القول مازال الروافض عليه إلى عصرنا الحاضر وكتبهم مليئة بذلك وقد جاء فيما يسمونه دعاء صنمي قريش والذي علية تواقيع كبار أئمتهم كالخميني وشريعتمداري وغيرهما من أئمة الروافض المعاصرين جاء فيه:" اللهم صل على محمد وآل محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وافكيهما وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وصيك وجحدا أنعامك وعصيا رسولك وقلبا دينك وحرفا كتابك ."
إلى أن قالوا :" اللهم العنهما بكل آية حرفوها "
وقد يعترض معترض فيقول : إن بعض علمائهم قال بعدم التحريف .
فالجواب : إن الإجماع قد انعقد عندهم على القول بوقوع التحريف في القرآن الكريم سوى ما نقل عن ثلاثة أو أربعة من علمائهم ، وإنما كان منهم ذلك على سبيل التقية.
قال نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانيه (2/357-358 ) بعد أن ذكر إطباق علماء الرافضة على صحة وتواتر الأخبار في تحريف القرآن بزعمه قال :" نعم قد خالف فيها المرتضي والصدوق والشيخ الطبرسي ... " إلى أن قال :" والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها" وقال النوري الطبرسي :" لا يخفى على المتأمل في كتاب التبيان للطوسي أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة للمخالفين ".
وقال عدنان البحراني :" فما جاء عن المرتضى والصدوق والطوسي من إنكار ذلك فاسد " .
وقال أحمد سلطان :" الذين أنكروا التحريف لا يحمل إنكارهم إلا على التقية " .
قلت : قد صدق هؤلاء الكذبة في أن شيوخهم الأربعة أو الثلاثة إنما أنكروا القول بالتحريف تقية ومما يصحح هذا الرأي أنهم لم يصنفوا كتباً مستقلة تزيف الروايات في أصولهم المعتمدة كالكافي وغيره التي فيها القول بالتحريف ، ولم ينكروا على من قال بذلك ، ومما يحقق ذلك أيضاً وأن إنكار تحريف القرآن منهم إنما هو على سبيل التقية أنهم يلقبون القائلين بالتحريف بالأئمة الثقات والآيات والأعلام ويعظمونهم ويتخذونهم مراجع ، ومن أوضح الأدلة على تقيتهم في ذلك أن هؤلاء السابق ذكرهم من علماء الرافضة كلٌ منهم قد ذكر في تضاعيف كتبه الروايات التي زعم فيها رواتهم الكذبة التحريف في كتاب الله ، فبان بهذا صحة ما نسبه أهل السنة إلى الروافض من القول بتحريف القرآن .
قال القاضي أبو يعلى -رحمه الله - في المعتمد في أصول الدين ص258 :" والقرآن ما غير وما بدل ولانقص منه ولازيد فيه خلافاً للرافضة القائلين أن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه ".
وقال ابن حزم في الفصل (5/40 ) " ومن قول الإمامية كلها قديماً وحديثاً أن القرآن مبدل زيد فيه ما ليس منه ونقص منه كثير " ا.هـ .
بل حتى النصارى عرفوا ذلك من دين الروافض فإن ابن حزم لما كان يناظر القساوسة في الأندلس كانوا يحتجون عليه بأن الشيعة قرروا أن القرآن - أيضاً- محرف فكان يجيبهم كما في الفصل : " دعوى الشيعة ليست حجة على القرآن ولا على المسلمين لأن الشيعة غير مسلمين " كما في الخطوط العريضة ص40.
قلت :فلا تعجب عندما يشن السويدان غارة أمام الروافض على ابن حزم فلعله لأجل نصوص ابن حزم هذه وغيرها في الروافض .
واعتقاد الروافض هذا تكذيب لكتاب الله - جل وعلا - وكفر به، ومخالفة لما أجمع عليه أهل الإسلام قال تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } فهذا القرآن الكريم منذ أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم- حتى يومنا هذا وإلى أن تقوم الساعة يحفظه العربي، وغير العربي، ويكتبه العربي، وغير العربي، بل يقرأه ويحفظه من لا يعرف القرأة والكتابة، ولم تختلف آياته ولا ألفاظه، ولم يزد فيه ولم ينقص منه عبر هذه القرون الطويلة فلو لم يتعهد الله بحفظه كما يزعمه هؤلاء الضلال لكان في كل قرن بل أقل من قرن عدة قرآنات لا قرآناً واحداً فسبحان الله ما أصدق وعده وأحكم خبره .
وصريح كلام السويدان السابق يدل على إنكاره للتقية عند الرافضة فإنه قال : لا يشق عن قلوب الروافض حتى يعلم ما بداخلها .
قلت : ومن الذي أمرك بشق قلوبهم ، فإنه لا يعلم ما تكنه الصدور إلا الله ، ولكن ألا تعلم أنهم أهل كذب وزور ونفاق ، ولذلك فإنك في جوابك على النبهان قد تناقضت حينما قلت : إنك تعلم أن بعض الروافض يقول بالتقية وبتحريف القرآن .
فلا أدري من أين جئت ببعض ؟ ومن هم هؤلاء البعض ؟ وأين صريح كلامهم سواء كان مسجلاً بأصواتهم أوفي كتبهم ؟ وخاصة هؤلاء الذين كنت تحاضر أمامهم .
وكما سبق فإن جوابك للنبهان ملئ بالتدليس والتلبيس والتزوير والكذب . ومن أباطيله :
زعمه أن أهل السنة أخذوا على الروافض زلات بعض علمائهم لا أصول مذهبهم : قال ما نصه:
" وجدت أن الذي حدث هو عملية تجميع لمجموعة من الزلات ، ما فيه عالم ما عنده زلة ولا فيه مذهب ما فية زلة فتخيلت لو أني جمعت زلات علماء أهل السنه الكبار يعني مثل زلات لابن حزم مثلاً علماء الأمة في كتب موثقة ومعروفة لكن فيها بلاوي ، وهذا موجود في كل الأماكن ولو جمعتها ووضعتها في كتاب وقلت :هذا مذهب أهل السنة والجماعة من كتبهم والله نطلع إحنا كفار " ا.هـ.كلامه بنصه.
قلت : وهذا من أفجر الفجور وأكذب الكذب :
أولاً : تنبه أخي القارئ إلى أنه ساوى بين علماء السنة وعلماء الرافضة وأن كلاً عنده زلات .
ثانياً : كلامه هذا امتداد لما ذكرته لك – سابقاً- في زعمه أن عند أهل السنة قصوراً لذا قال : " ولا فيه مذهب ما فيه زلة " ثم ضرب مثالاً بأهل السنة لا بأهل الرفض .
ثالثاً : ليعلم السويدان أن مذهب أهل السنة والجماعة هو الإسلام الخالص الصافي الذي لاكدر فيه وإن وقع من أحد علماء السنة زلل أو خلل رُدَ عليه بأدلة الكتاب والسنة سواءً كان ابن حزم أو غيره ، وأهل السنة ليسوا كالروافض الذين تدافع عنهم وتجلب – من أجلهم – بخيلك ورجلك على أهل السنة والجماعة .
فيردون الخطأ ممن كان نصحاً لله ولرسوله فدينهم دين النصيحة كما جاء في صحيح مسلم من حديث تميم الداري –رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الدين النصيحة . قلنا لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين و عامتهم } قال ابن رجب – رحمه الله – عند شرح هذا الحديث في جامع العلوم والحكم : " ومن أنواع النصيحة لله تعالى وكتابه ورسوله – وهذا مما يختص به العلماء – رد أنواع الأهواء المضلة للكتاب والسنة وبيان دلالتهما على ما يخالف الأهواء كلها ، وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماء وبيان دلالة الكتاب والسنة على ردها ..." الخ كلامه .
فالرد على المخالف أصل أصيل عند أهل السنة والجماعة سواء كان المردود عليه واحداً منهم أومن غيرهم لا كالرافضة الذين تدافع عنهم ولا كأئمة الإخوان المسلمين الذين يصرخون وتصرخ معهم بقاعدتهم الباطلة الشهيرة : " نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " مخالفين بذلك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل سلفنا الصالح مع أهل الأهواء والبدع الذي اجمعوا عليه .
رابعاً : لم يأخذ أهل السنة – كما زعمت وافتريت – بزلات وشذوذات بعض الرافضة – بل أخذوهم بأصول مذهبهم ، وهذا واضح بَيِّنٌ عند الطائفتين وكتبهم المعتمدة لديهم وأصولهم المعتبرة التي يستقون منها مذاهبهم بين أيدينا وأيديهم ولكن كما قيل :
وكيف يصح في الأذهان شئ *** إذا احتاج النهار إلى دليل
وبفريته هذه وما قبلها وما بعدها أصبح أشد على أهل السنة من أهـل البدع .
قـال عبد الله بن عون – رحمه الله - : " من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع "
قلت : رحم الله ابن عون فقد قال ذلك فيمن يجالس المبتدعة فحسب ، فكيف بمن دافع عن أهل الرفض وحشد لهم الأدلة – بزعمه - على صحة مذهبهم الفاسد وطعن في أهل الحق أهل السنة وافترى عليهم بأنواع الافتراءات ، بل إنه جمع لأهل الرفض مالم يحتجوا به نصرة لهم بزعم الحوار والتقريب .
قال الإمام أحمد - رحمه الله - لماقرئ عليه بعض كتاب حسين الكرابيسي في التدليس - و أين الكرابيسي من طارق السويدان – قال- رحمه الله : " هذا قد جمع للمخالفين ما لم يحسنوا يحتجوا به حذروا عن هذا " ا. هـ.
ثم لِمَ ضرب السويدان المثال بابن حزم ، هل لكشفه عوار الروافض في الفصل أم ماذا ؟ .
ومن أباطيله :
زعمه أن في معلومات أهل السنة عن الرافضة كثيراً من الخلل والانحراف :
قال ما نصه : " فوجدت أن الحقيقة حتى لما نأتي في معلومات أهل السنة عن الشيعة وإلا الشيعة عن السنة فيها – الحقيقة – الكثير من الانحراف والخلل " ا.هـ.كلامه .
قلت : أما أهل الرفض فنعم ، و كم كذبوا على أهل السنة في سائر كتبهم ، بل كذبوا على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم- وهذا متواتر ، وهم أكذب الفرق قاطبة .
أما أهل السنة فقد افترى السويدان عليهم ، فأهل السنة لا يأخذون المخالف إلا بما ثبت عنه بلا إفراط ولا تفريط ، وهم أهل العدل والصدق والأمانة متمثلين قول الله - جل وعلا- : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ، واتقوا الله ، إن الله خبير بما تعملون } .
ولكن فَرْضُ المسألة : هل السويدان لا يعلم – حقاً - أن أهل السنة صادقون فيما ينقلونه عن الروافض ، وأن الرافضة كاذبون في كثير مما ينسبونه لأهل السنة ؟ .
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ومن أباطيله :
كذبه على السيف المسلول على أهل البدع قاطبة، الأسد الضرغام شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيميه الحراني – رحمه الله – في أن كلامه في الرافضة يختلف اختلافاً جذرياً عن كلام الشيخ إحسان إلهي ظهير – رحمه الله - :
قال مانصه : " رجعت ليس إلى كتب المتأخرين وإنما إلى كتب المتقدمين بما فيهم بعض الناس اللي استشهد فيهم إحسان إلهي يمكن بعض الشيعة يرون أنهم متشددون ضد الشيعة مثل الإمام ابن تيميه فوجدت كلام ابن تيميه يختلف اختلافاً جذرياً عما يقوله " ا.هـ. كلامه .
قلت : تنبه أخي السني كيف أن السويدان لم يصف الشيخ إحسان إلهي ظهير بوصف يليق به كالشيخ أو العالم أو بالدعاء له عند ذكره ونحو ذلك مما يدل على الاحترام والتقدير مع أنه في المقابل وصف في أول المحاظرة بعض الروافض الحاضرين معه بقوله الشيخ وقال : " الشيخ الله يحفظه " . هذا أولاً
ثانياً : يعلم الرافضة الذين تخاطبهم بُعْدك عن الحقيقة في هذه المقولة فضلاً عن أهل السنة والجماعة فهم يعرفون من هو ابن تيميه ولاينسون أبداً منهاج السنة في الرد على إمامهم الحلي .
ثالثاً : لم لم تذكر مما خالف فيه شيخ الإسلام الشيخ إحسان إلهي – رحمهما الله -
رابعاً :لم يبلغ الشيخ إحسان إلهي –رحمه الله – مبلغ شيخ الإسلام في الرد على الرافضة ولاعلى غيرهم ، ولم يُؤَلِّف في الإسلام أعظم ولا أفضل ولا أنفع من منهاج السنة النبوية في الرد على الرافضة ، وإنما الشيخ إحسان مغترف من بحر علم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمهما الله - .
خامساً : هاك نقولاً قليلة مختصرة وهي كالصواعق المرسلة أرسلها شيخ الإسلام على الروافض فأحرقتهم وأزهقت باطلهم ، فمن ذلك :
قوله في المنهاج ( 2/46) : " والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر منه في سائر الطوائف بل لابد لكل منهم من شعبة من نفاق "
وقوله -كما في مجموع الفتاوى ( 28/482 –483)- : " فبهذا يتبن أنهم شر عامة أهل الأهواء ..." إلى أن قال " فغالب أئمتهم زنادقة ، وإنما يتظاهرون بالرفض لأنه طريق إلى هدم الإسلام "
وقوله في المنهاج ( 1/34) : " وليس في الطوائف المنتسبة للقبلة أعظم افتراءً للكذب على الله وتكذيباً للحق من المنتسبين إلى التشيع ولهذا لايوجد الغلو في طائفة أكثر مما يوجد فيهم "
وقوله في المنهاج - أيضاً- ( 1/161) : " وهؤلاء الرافضة إما منافق، وإما جاهل، فلا يكون رافضي ولا جهمي إلا منافقاً وجاهلاً بما جاء به الرسول- صلى الله عليه وسلم- لايكون منهم أحد عالماً بما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع الإيمان به فإن مخالفتهم لماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وكذبهم عليه لايخفى قط إلا على مُفْرِط في الجهل والهوى "
وقوله في المنهاج ( 7/409) : " ولهذا مازال أهل العلم يقولون : إن الرفض من إحداث الزنادقة الملاحدة ... فإن منتهى أمرهم تكفير علي وأهل بيته بعد أن كفروا الصحابة والجمهور "
وقوله في المنهاج ( 4/134) : " ولا يتصور أن يكون في الباطن رافضياً إلا زنديق منافق أو جاهل بالإسلام كيف كان مفرط في الجهل …" .
وقوله- كما في مجموع الفتاوى ( 4/471-472)- : " الرافضة أمة ليس لها عقل صريح ولا نقل صحيح ولا دين مقبول ولا دنيا منصورة ، بل هم من أعظم الطوائف كذباً وجهلاً ودينهم يُدْخِل على المسلمين كل زنديق ومرتد …فإنهم يعمدون إلى خيار الأمة يعادونهم وإلى أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين يوالونهم …" الخ كلامه .
وقوله في الصارم المسلول ص567-587 " إن من زعم أنهم ارتدوا – أي الصحابة – بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا بعامتهم …" إلى أن قال : " وهذا قول الرافضة الأثني عشرية ومن وافقهم فهذا –أيضاً- لاريب في كفره ، لأنه مكذب لما نصه القرآن" .
وقوله في المنهاج (7/413-414) : " وأما الرافضة فهم المعروفون بالبدعة عند الخاصة والعامة حتى أن أكثر العامة لاتعرف في مقابلة الشيء -أظنه السني وإنما هو خطأ طباعي- إلا الرافضي لظهور مناقضتهم لما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند العامة والخاصة "
قلت : إلا السويدان - ثم قال : " فهم عين على ما جاء به حتى الطوائف الذين ليس لهم خبرة بدين الرسول - صلى الله عليه وسلم- ما لغيرهم إذا قالت لهم الرافضة نحن مسلمون يقولون : أنتم جنس آخر " .
وقوله في المنهاج (7/415) : " فهذه الأمور وأمثالها مما هي ظاهرة مشهورة يعرفها الخاصة والعامة توجب ظهور مباينتهم للمسلمين ومفارقتهم للدين ودخولهم في زمرة الكفار والمنافقين حتى يعدهم من رأى أحوالهم جنساً آخر غير جنس المسلمين …" وقوله في المنهاج (5/160) : " فما ذكرته في هذا الكتاب من ذم الرافضة وبيان كذبهم وجهلهم قليل من كثير ما اعرفه عنهم ، ولهم شر كثير لا أعرف تفصيله …" إلى أن قال : " والله يعلم – وكفى بالله عليماً – ليس في جميع الطوائف المنتسبة إلى الإسلام مع بدعة وضلالة شر منهم لا أجهل ولا أكذب ولا أظلم ولاأقرب إلى الكفر والفسوق والعصيان وأبعد عن حقائق الإيمان منهم " .
قلت : هذا بعض ما سطره من خَبَرَهم وعرفهم وكشف ضلالهم وهتك أستارهم -رحمه الله رحمة واسعة- .
ومن أباطيله في هذه المحاضرة :
مدافعته عن حرية الروافض في إبداء آرائهم الضالة :
فقال ما نصه مخاطباً الروافض : " ولذلك أنا مستعد أن أخالفك يعني إلى النخاع كما يقولون لكن في نفس الوقت سأدافع عن حريتك في إبداء رأيك حتى النخاع أنا مستعد أن لا أتفق معك في كثير من القضايا لكن ماني مستعد أن أسمح لأحد أن يحجر على حريتك في الكلام " .
ويقول أيضاً : " فنحن ننظر إلى دوافع الناس ولذلك ما قاتل الخوارج – يعني علياً رضي الله عنه – رغم أنهم على باطل واضح لأنهم كانوا يريدون الحق هذا دافعهم ، دافعهم الحق لكنهم أخطؤوه إلى أن وصلوا إلى قضية الاعتداء ما دام القضية قضية حوار ، ورأي ، وجدل ، ومبادئ ، وقناعات كل إنسان له حريته " ا.هـ.
قلت : قد اشتمل هذا الكلام على جملة من الباطل أبينها – إن شاء الله – في النقاط الاتيه :-
أولاً : أي أراء عند الرافضة سوى الكفريات التي أملاها عليهم إبليس ؟ طعن في كتاب الله ، وفي رسول الله ، وفي صحابة رسول الله ، بل طعن في ذات الله -جل وعلا -.
أقول : هذه أراء الرافضة التي يريد أن يدافع عنها السويدان ، وهذه أراء الروافض التي يريد أن يكفل لهم السويدان حرية التعبيرعنها في جميع المحافل ؟!! فأي ضلال أعظم من هذا.
ثانياً : لقد جنح بهذا الرأي إلى تبني أراء الديمقراطيين ، فإن من أساسيات مذهبهم أن الحقوق والحريات مكفولة لكل فرد يعيش تحت النظام ، وأنواع الحريات عندهم كثيرة منها : حرية العقيدة ، وحرية الأخلاق ، وهو ما يسمى بالحرية الشخصية ، وحرية الرأي والقول ، فهم يرون أن الإنسان له حقوق بحكم أنه إنسان ، بصرف النظر عن أي اعتبار آخر ويسمونها الحقوق الطبيعية فهو حر في كل ما يريد أن يقوله وله أن يعبر عما في نفسه بما شاء وبأي أسلوب .
فالسويدان يريد أن يكفل للروافض حرية الاعتقاد وحرية أن يقولوا ما يشاءون ، وهذا لم يبتدعه السويدان بل هو من أصول الإخوان المسلمين الأصلية .
وليعلم السويدان علم اليقين - هو وغيره ممن يحملون هذه الأمراض الفتاكة - أن الإسلام كفل حرية الإنسان ، بل ليس هناك دين ولا مذهب على وجه الأرض رفع الإنسان إلى أعلى مراتب الإنسانية وإلى أعلى مقامات الحرية كالإسلام ، لكن حرية الإسلام ليست الحرية المطلقة التي يدندن حولها الديموقراطيون ومن تأثر بهم من قادة الجماعات الإسلامية ومن سلك سبيلهم ، بل حرية مقيدة بقيود الشريعة الإسلامية السمحة التي تنظم حياة الناس ، أما حرية الكفر والظلال والإلحاد والزندقة والرفض والاعتزال والتجهم وأنواع الباطل من غير إنكار على أهلها ورد لباطلهم وتحذير منهم وهجر لهم وعدم مجالسة ومخالطة لهم ، بل وأخذٍ على أيدي السفهاء ، فهذه حرية أهل الباطل لا حرية أهل الحق أهل الإسلام .
ثم يقول مفتخراً ، مؤكداً هذه الحرية بقوله : " الله سبحانه أنعم علينا بحرية وانفتاح يعني أنا متأكد أن هناك مسلمين في بلاد كثيرة يتمنون أن يعيشوا مثل هذه الجلسة التي نعيشها الليلة يتمنونها أمنية يعني ما يخطر ببالهم أن هذا ممكن يحدث يعني نحن نعيش في أجواء حرية وأجواء صحافة مفتوحة وديمقراطية مثل ما يقولون " .
ثالثاً : يرى في النص الثاني أنه لابد من النظر في دوافع الناس وأن نتفهم المقابل فإن كان دافعه عبادة الله فلا بأس بذلك وقد بين مراده بتفهم المقابل فقال : " من المهم عندنا في الحوار أن نتفهم المقابل كما يقول أهل الصين : " لن تستطيع أن تفهم إنساناً حتى تمشي في حذائه ميلاً " . يعني خلك مكانه وانظر إلى دوافعه وهو لماذا يتصرف بهذه الطريقة يعني الشيخ الله يحفظه – يقصد الرافضي – لابس عمامة أنا لابس غترة لماذا ؟ لأنه يريد أن يتعبد الله بهذه الطريقة ، أنا أرى أني أتعبد الله بطريقة ثانية هذه قضية دوافع لا بأس ، أنا في النهاية أرى أن مقصوده هو عبادة الله".
قلت : هو بهذا القول والمبدأ ينكر وجود البدع ؟ فما دام أن الشخص يريد عبادة الله فلا بأس بغض النظر عن أي أمر آخر ، سبحان الله ، وهل هذا إلا هدم لشهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ألغى وجوب متابعة المكلف للمصطفى- صلى الله عليه وسلم- ؟ بل إن قاعدته هذه يدخل فيها حتى اليهود والنصارى ما دام دافعهم هو عبادة الله ؟
وماذا تصنع بقول الله تعالى { هل أتاك حديث الغاشية ، وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى ناراً حاميه ...} ؟
ثم هو يصحح دين الروافض مادام أنهم يريدون بتلك الأفعال والأقوال والعقائد عبادة الله علىحد زعمه.
وقد بين مقصده بالدوافع حين ذكر المثل الصيني ، وهذا المثل باطل شرعاً وعقلاً ؟ وقد فسره بقوله : " يعني خلي نفسك مكانه " .
أقول :ماذا يريد السويدان ؟ هل يريد من أهل السنة أن يترفضوا حتى يصح لهم حوار الروافض ؟
رابعاً : يزعم أن أمير المؤمنين علياً – رضي الله عنه – لم يقاتل الخوارج لأنهم كانوا يريدون الحق هذا دافعهم فلما اعتدوا قاتلهم " .
وهذا باطل من وجوه :
1-أن علياً – رضي الله عنه – دعا الخوارج إلى الرجوع إلى الحق ، وأرسل إليهم من يناظرهم ويبين لهم باطلهم ، وينكر عليهم كابن عباس – رضي الله عنهما – لذا رجع منهم الآلاف .
2-فهل أنت في حوارك مع الرافضة بينت لهم باطلهم وقارعتهم بالحجج النيرة والبراهين الساطعة ؟ أو أنك حملت على أهل السنة وقولتهم مالم يقولوا ونصرت أهل الرفض وجادلت عنهم ؟ فأين فعل الخليفة الراشد من فعلك وتأصيلك .
3- أن علياً – رضي الله عنه – عنده الوعد الحق بقتالهم كما في الأحاديث الصحيحة المتكاثرة فهو إذاً كان ينتظر ذلك الوعد .
4-إن الرد على المبتدعة وإيضاح باطلهم ونصحهم وردهم إلى سواء الصراط غير مقاتلتهم فتقييد المقاتلة بالاعتداء باطل ، فإن كان المعتدي على الأموال والأعراض والأنفس من أهل السنة أو من غيرهم ، وكانت له شوكة فالواجب إيقافه عند حده ولو أدى إلى مقاتلته وقتله من غير نظر لأمر آخر كالمحاربين ومن في حكمهم .
5-أين الخوارج من الرافضة فالخوارج مع ضلالهم خير من الرافضة كما هو معلوم ومتقرر عند أهل السنة قاطبة .
6-إن علياً – رضي الله عنه – قد حرق بعض السبئية وهم أصل الروافض :
فروى أبو الطاهر المخلص بسند حسن كـما قـال الحـافظ بن حجر في الفتـح :
(12/370) من طريق عبد الله بن شريك العامري عن أبيه قال : " قيل لعلي إن هنا قوماً على باب المسجد يدعون أنك ربهم ... في قصة طويلة وفي آخرها أن علياً أمر بحفر أخدود وملأه ناراً ثم قال لهم : " إني طارحكم فيها أو ترجعوا فأبوا أن يرجعوا!!! فقذف بهم فيها حتى إذا احترقوا قال :
إني إذا رأيت أمراً منكراً *** أوقدت ناري ودعوت قنبراً
فَلِمَ لَمْ تذكر هذه الرواية وأمثالها عند الروافض وما فعله الخليفة الراشد علي –رضي الله عنه- في أسلافهم.
ثم استمع للسويدان كيف يؤكد على حرية الروافض فيقول :"ماني مستعد أن أسمح لأحد أن يحجر على حريتك في الكلام هذا هو المعنى الأصيل في الإسلام وتجلى بشكل واضح في حياة الخلفاء الراشدين –رضي الله عنهم –بلال-عليه السلام –وقف موقف شديد في قضية أراضى الفتح أمام عمر بن الخطاب –رضي الله عنه – موقف شديد ظل يجادله ثلاثة أيام ،ما منعه وحجز عليه، وحطه في سجن ولا كذا وإنما قال: " اللهم اكفني بلالاً وأصحابه" خلاص وصل الأمر إلى أني ما أقدر أصبر أكثر من هذا ،قام يلجأ إلى الدعاء ، وهو حاكم يستطيع أن يلجأ إلى السجن وإلا غيره" ا.هـ.كلامه .
إذن هو يؤكد حرية الرافضة في الكلام فيما يشاؤون ثم يستدل على مشروعية ذلك بأمور لا صلة لها بما نحن فيه من قريب ولا بعيد .
وكلامه هذا اشتمل على أنواع من الباطل ، سأبين بعضها في النقاط التالية :
أولاً : هل فطنت أخي المستمع إليه كيف ميز بين الخليفة الثاني فاروق هذه الأمة وبين بلال فالأول يترضى عنه والثاني وهو بلال يسلم عليه ؟ فإن كان السلام أعلى من الترضي فلم لا يساوي بين الأصحاب ؟ أم أن ذلك مقصوداً ومراداً منه لأجل مداهنة الروافض ؟
ثانياً : ما استدل به – إن ثبت وهو لم يثبت كما سيأتي – إنما هو في خلاف فقهي يسوغ فيه الخلاف حسب الأدلة الشرعية لكنه على قاعدته السابقة يرى أن الخلاف بيننا وبين الروافض ليس في أصول الدين ومسائل التوحيد والإيمان .
ثالثاً : الأثر الذي استدل به لا يثبت ؛ فهو أثر ضعيف منقطع أخرجه أبو عبيد القاسم ابن سلام في كتابه الأموال ص58 من طريق يعقوب الماجشون قال : قال بلال لعمر فذكر الأثر في القرى التي افتتحت عنوة وهو إسناد ضعيف لانقطاعه فيعقوب لم يدرك أمير المؤمنين عمر . ثم المتن منكر ففي آخره مما لم يذكره السويدان فقال عمر : اللهم اكفني بلالاً وذويه قال : فما حال الحول ومنهم عين تطرف " فهل يدعو عمر على بلال وهو القائل : " أبو بكر سيدنا واعتق سيدنا " .
رابعاً : من العجيب أنه يستدل بمن عرف عنه بغض أهل النفاق والزيغ وبغضهم له وعلى رأسهم الروافض الذين يتملقهم المحاضر فإن عمر الفاروق هو الذي يهرب منه الشيطان واتباعه من الروافض وغيرهم فقد كان يقف موقفاً حازماً من المبتدعة والضالين كما روى الدارمي في سننه : (1/67 رقم 48 ) والتيمي في كتابه الحجة في بيان المحجة (1/194) وابن وضاح (63) من طريق نافع أن صبيغاً العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتى قدم مصر فبعث عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه قال أين الرجل ؟ قال : في الرَّحْل. قال عمر : أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني العقوبة الموجعة ، فأتاه به فقال عمر : تسأل محدثة فأرسل عمر إلى أرطاب الجريد فضربه حتى ترك ظهره خبزةً ثم تركه حتى برئ ثم عاد له ثم تركه حتى برئ فدعا به ليعود له فقال له صبيغ : إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً وإن كنت تريد تداويني فقد والله برئت. فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري : ألاّ يجالسه أحدٌ من المسلمين فاشتد ذلك على الرجل فكتب أبو موسى إلى عمر بن الخطاب : أن قد حَسُنت هيئته فكتب عمر أن يأذن للناس يجالسونه " ا.هـ.
فانظر نظر معتبر هل زعم صبيغ أن القرآن محرف وأن الأصحاب كفارٌ وسبهم بأقذع السباب وأنواع الشتائم ، وهل تعدى على الملك الجبار في ربوبيته والوهيته وأسمائه وصفاته ؟ بل إنه لم يفعل ذلك كله وإنما سأل عن المتشابه فأدبه عمر الفاروق -رضي الله عنه - وأمر المسلمين بهجره فنفعه ذلك فتاب وأناب .
فالواجب على ولاة أمر المسلمين وعلمائهم ودعاتهم أن يفعلوا بالمبتدعة كفعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كل على حسب قدرته ، وكلاً يؤخذ على حسب بدعته حماية للدين وسداً لطريق المفسدين. ومن أباطيله في هذه المحاضرة :
زعمه أن كثيراً من المسلمين يتمنى أن يجالس الرافضة كما جالسهم السويدان:
قال ما نصه : " أنا متأكد أن هناك مسلمين في بلاد كثيرة يتمنون أن يعيشوا مثل هذه الجلسة التي نعيشها الليلة يتمنونها أمنية يعني ما يخطر ببالهم أن هذا ممكن يحدث" ا.هـ.
قلت : كيف علمت – يا طارق - بأن كثيراً من المسلمين يتمنون أن يعيشوا مثل هذه الجلسة . هل قمت بعملية إحصائية ؟ أو أنه من إلقاء الكلام على عواهنه . هذا أولاً
ثانياً : من هم هؤلاء الذين يتمنون ما أنت فيه ؟ لا شك أنه لا يتمنى ذلك إلا جاهل أو من مسخ عقله وأصبح على فكرك وعلى شاكلتك في البعد عن السنة والالتزام بما عليه أهلها . وأما عوام أهل السنة والتوحيد فيدينون الله ببغض هؤلاء ، ويدينون الله بعدم جواز مجالستهم ومخالطتهم ، ويرون هجرهم والإنكار عليهم ، والخير كل الخير في البعد عنهم ، وهذا متقرر لدى عوام أهل السنة فضلاً عن طلبة العلم فيهم ودعاتهم وعلمائهم والأصل عندهم في ذلك قول الله تعالى :{ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين } .
قال بن جرير - رحمه الله - عند تفسير هذه الآية : " وفي هذه الآية الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع من المبتدعة والفسقة عند خوضهم في باطلهم "
وقد هجر النبي -صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين وغيرهما -كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومراره بن الربيع، لما تخلفوا عن غزوة تبوك خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم وهجر غيرهم في معاصي أخرى .
وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال : { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } وقال صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين وغيرهما - : { إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد ريحاً طيباً ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة }.
وقد تواتر عن السلف وتابعيهم التحذير من مجالسة المبتدعة وأهل الأهواء وهي أحد أصول السنة العظام قال عبدوس بن مالك العطار سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : " أصول السنة عندنا : التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والإقتداء بهم، وترك البدع وكل بدعة فهي ظلالة، وترك الخصومات، وترك الجلوس مع أصحاب الأهواء " ا.هـ من طبقات الحنابله ( 1/241)
والنقول عن السلف في هذا الأصل العظيم كثيرة .
وقد ذهب كثير من أئمة السلف كالإمام أحمد - رحمه الله - وغيره إلى أن من شأنه مجالسة أهل الأهواء ينهى عن مجالستهم فإن انتهى وإلا أُلحق بهم . انظر طبقات الحنابله ( 1/160).
ثم إن مجالسة أهل الباطل ولو على سبيل الإنكار والرد عليهم خطر على صاحبها قد ترديه في باطلهم إلا على سبيل الإضطرار قال ابن بطه في الإبانة (2/470) : " لقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم ويسبونهم – أي أهل الأهواء – فجالسوهم على سبيل الإنكار والرد عليهم فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر ودقيق الكفر حتى صبوا إليهم " .
قلت : انظر - أرشدني الله وإياك إلى الحق - يقول هذا في المناظر لهم الحذر من دسائسهم الفطن لمقاصدهم ومع ذلك كله قد يصل به الحال لموافقتهم ومماشاتهم واتباع آرائهم فكيف بمن يجالسهم ويؤانسهم بل ويدافع عنهم وعن باطلهم متهماً أهل السنة بأنواع الأباطيل كطارق السويدان .
ومن أباطيله في هذه المحاضرة :
جعله الخلاف في الأصول والفروع من عظمة هذا الدين :
فظهور الرافضة والمعتزلة والجهمية والقدرية واضرابهم من المبتدعة من عظمة هذا الدين فاستمع إليه وهو يقول ذلك الضلال والهذيان بحضرة الروافض : " والله سبحانه وتعالى كان قادر ومازال على أن يجعل الناس أمة واحدة وحتى يجعل أمة الإسلام طائفة واحدة ورأى واحد ، وما فيه داعي لكل هالكتب ، الله سبحانه قادر أن ينزل القرآن وينزل الأحكام بطريقة ليس فيها اجتهاد وليس فيها خلاف ... " إلى أن قال : " لكن من عظمة هذا الدين أنه جعل فيه متسع للاجتهاد ، متسع للرأي ، متسع للتفكير وإلا ما ظهر علماء " ا.هـ.كلامه .
إذن من عظمة هذا الدين عنده أن يقع الخلاف في أصول الدين وفروعه ، وهذا الدين فيه متسع لاجتهاد الروافض بجميع أقوالهم واعتقاداتهم من كفر وزندقة وإلحاد وتعد لحدود الله .
سبحانك هذا بهتان عظيم .
ثم من هو المجتهد في دين الله المأجور غير المأزور؟ هل هم أهل الرفض والضلال أهل الزندقة والإلحاد والتكذيب لله ولرسوله ولصحابة رسوله ؟ أو هم أهل التقوى والورع والعلم المتلقى من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ؟
لاشك أنهم أهل التقوى والورع الذين يتقون الله ما استطاعوا ، ويبتغون العلم الشرعي حسب الإمكان والاستطاعة ، مخلصين لله - جل وعلا-، يعلمون رجحان دليل على آخر ويقولون بموجب الراجح .
أما من فرط فيما يجب عليه من اتباع القرآن والسنة ، وتعدى حدود الله وسلك سبيل أهل الضلال ، واتبع هواه بغير هدى من الله فهو ظالم لنفسه متوعد بالعقاب والعذاب.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه في الرد على الأخنائي ص9 " ومن تكلم في الدين بغير الاجتهاد المسوغ له الكلام وأخطأ فإنه كاذب آثم ... بخلاف المجتهد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر } . فهذا جعل له أجراً مع خطئه لأنه اجتهد فاتقى الله ما استطاع " إلى أن قال : " والمقصود أن من تكلم بلا علم يسوغ وقال غير الحق فإنه يسمى كاذباً" ا.هـ.
ومن أباطيله :
زعمه أن القرآن غير محكم مفصل بل فيه المتشابه الذي به يظهر جهد المجتهد :
قال ما نصه : " لو نزل كتاب محكم مفصل ليس فيه تشابه وليس فيه اجتهاد ... ما عاد فيه حاجة للعلماء " إلى أن قال : " والله تعالى أراد أن يظهر جهد المجتهد " .
قلت : هل سمعت بباقعة وداهية كهذه ، إن أحسن المخارج لهذا الكلام أن حب الروافض أسكر المحاضر حتى صار لا يدري ما يخرج من رأسه ولا يعي ما يقول وحتى غفل عن قول الحق تبارك وتعالى : { ألم كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } .
وقوله - جل وعلا -: { كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون } .
وقوله - جل ذكره - : { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم } .
وقوله تعالى : { ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلاً }. إلى غير ذلك من الآيات الكريمات الدالة على أن القرآن محكم كله ومفصل ومبين .
أما المتشابه فقد ذم الله متبعيه قال الله تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } .
وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ... الآية } قالت : قال الرسول - صلى الله عليه وسلم- : { فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم }.
وقد بين الله - جل وعلا- في الآيات السابقات أن في القرآن آيات محكمات أي واضحات المعنى بينات بياناً لا لبس فيه لأنها لا تحتمل إلا معنى واحداً ، وفيه أخر متشابهات تحتمل عدة معاني ولا يتعين منها واحد بمجردها حتى ترجع وترد إلى المحكم . فالذين في قلوبهم زيغ ومرض وانحراف لسوء قصدهم يتبعون المتشابه منه فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة وآرائهم الزائفة طلباً للفتنة وتحريفاً لكتاب الله وتأويلاً له على مشاربهم ومذاهبهم ليَضلوا ويُضلوا .
أما أهل العلم والإيمان أهل السنة والأثر فيردون المتشابه إلى المحكم ، ليصير الجميع محكماً .
وتحصل الحيرة في المتشابه لناقص العلم وناقص المعرفة ، أما أهل العلم فيردون المتشابه إلى المحكم فيعود الجميع محكماً ، ويقولون : { آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب } .انظر تفسير السعدي – رحمه الله – عند آية آل عمران (7) ومن أباطيله :
حصره الحوار بيننا وبين النصارى وسائر الكفرة بالعقل واللغة ولا يمكن مناظرتهم بالكتاب أوالسنة :
قال ما نصه : " اذكر لما كنت في أمريكا فكان كثير من الشباب يسألوني يقولون : كيف نتحاور مع الأمريكان ؟ فكنت أقول لهم : أصل الدين يرجع عندنا إلى القرآن والسنة لكن عندما نتحاور مع الكفار فأصل الحوار يرجع ليس إلى القرآن والسنة لأنهم لا يعترفون أصلاً بالقرآن والسنة كيف تحاور إنسان على أصول هو غير مؤمن بها مثل واحد يقولك جاء في الإنجيل كذا هل سيحجك ؟ كذلك أنت لما تقوله قال الله كذا ما تحجه . فأصل الحوار يرجع إلى ليس القرآن والسنة بل إلى أصلين آخرين وهو العقل واللغة " ا.هـ. كلامه.
قلت : هذا الكلام على إطلاقه فاسد وعلى عمومه باطل ، ومارمى الرجل في أباطيله هذه إلا اتباعه العقل مجرداً عن الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين واتباعهم .
وقد ضرب مثالاً على صحة قاعدته فيما يرى بالنصراني المؤمن بالإنجيل ، فيقال له : بل قد نرد عليه وعلى غيره من الكفرة بالكتاب والسنة وذلك في صور منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- إذا زعم النصراني أن القرآن دال على التثليث وما يقوله ويعتقده من الكفر والباطل كأن يستدل بضمائر الجمع التي في القرآن ( كأنزلنا ، وجعلنا ونحن ) وما في معناها .
2- أو كزعمه أن القرآن خاص بالعرب دون غيرهم .
3- أو أن القرآن دال على صحة الأناجيل وكتبهم المقدسة .
4- كذلك قد نرد عليه بالكتاب والسنة في مثل أن القرآن بَيَّن التحريف في الأناجيل وهو حق وصدق ثم نضرب أمثلة على التحريف من كتبهم التي بين أيديهم .
5- إن من وجوه الرد على المخالف سواء كان نصرانياً أو غيره الرد عليه من مسلماته وكتبه المعتمدة لديه كالإنجيل والتوراة ، وليس العقل واللغة فقط ، فنبين له أنه على طريق خاطئ من كتبه . فالنصراني على سبيل المثال يبين له أن في كتابه المقدس الشيء الكثير من التوحيد المنافي للشرك والتثليث الـذي يزعمونه وكذا في كتابهم المقدس الشيء الكثير من البشارة بالرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- وهذا معلوم عند أهل العلم .
وكذلك أهل الرفض نرد عليهم بالكتاب والسنة ونرد عليهم من كتبهم ومسلماتهم المليئة بالباطل .
6- وهو مهم جداً:
أن القرآن والسنة مليئان بالأدلة العقلية والبراهين اليقينية وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمه في رسالته معارج الوصول ص9-10 أن الرسول صلى الله عليه وسلم بَيَّن الأدلة والبراهين الدالة على أصول الدين ودل الناس وهداهم إلى الأدلة العقلية والبراهين اليقينية التي بها يعلمون المطالب الإلهية وبها يعلمون إثبات ربوبية الله ووحدانيته وصفاته وصدق رسوله وغير ذلك مما يحتاج إلى معرفته العقلية ..." إلى أن قال :" بل الكتاب والسنة دلا الخلق وهداياهم إلى الآيات والبراهين والأدلة المبينة لأصول الدين وهؤلاء الغالطون الذين أعرضوا عما في القرآن من الدلائل العقلية والبراهين اليقينية صاروا إذا صنفوا في أصول الدين أحزاباً ..."الخ. كلامة ومما ذكر من تلك الحجج والبراهين العقلية الصحيحة المستقاة من كتاب الله قوله تعالى :
{ أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } وقوله :{ أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد } وقوله:{ أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم } وقوله :{ أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يكن نطفة من مني يمنى ...} وقوله:{ أفريتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون} وقولة :{ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين } إلى غير ذلك مما ذكر من الأدلة العقلية والبراهين اليقينية والحجج الصحيحة في القرآن التي لايمكن ردها بله هي ملجمة للخصم ومفحمة له.
أما العقل المجرد ، فهل نرد عليهم بعقل المعتزلي، أو الجهمي، أو الخارجي، أو الرافضي، أو النصراني، أو بأي عقل ؟
ولذا يجب أن يكون الرد بالسنة لا بالبدعة وبالحق لا بالضلال فرد البدعة بالبدعة بدعة ورد الضلال بالضلال ضلال . فكم ممن رد على الكفار إنما رد عليهم بالباطل ، فوقع في مزالق عظيمة ، فأنكر ما هو معلوم من الشرع صحته ، وصحح ما هو معلوم من الشرع بطلانه ، وهذا مشاهد معلوم والأمثلة عليه في عالم اليوم وفي الماضي لاتعد ولاتحصى ، كل ذلك من أجل الاعتماد على العقل والإعراض عن الاحتجاج بالكتاب والسنة اللذين هما مصدرا الهدى والنور. ومن أباطيله :
تملقه للروافض بأنواع التملقات فمن ذلك :
1- استخدامه لألفاظ واصطلاحات الروافض -فإذا جاء ذكر أمير المؤمنين علي – رضي الله عنه – يقول : " عليه السلام " . وقد وقع منه ذلك كثيراً في هذه المحاضرة ، ومرة واحدة فقط جمع فيها بين السلام عليه والترضي ، ومثله إذا جاء ذكر آل البيت فإنه يقول : " عليهم السلام " وكذا إذا جاء ذكر بلال.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – عن حكم الصلاة على علي – رضي الله عنه – مفرداً هل يجوز ؟ فأجاب -كما في مجموع الفتاوى ( 4/420) -: " ليس لأحد أن يخص أحداً بالصلاة عليه دون النبي - صلى الله عليه وسلم- لا أبا بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علياً ، ومن فعل ذلك فهو مبتدع إما أن يصلى عليهم كلهم أو يدع الصلاة عليهم كلهم " . وبنحوه قال – كمـا في المجمـوع ( 4/497) -. والسلام في معنى الصلاة فلا يستعمل في الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء كما قال الجويني وغيره فيما نقله الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره عند قول الله تعالى في سورة الأحزاب : { إن الله وملائكته يصلون على النبي ... } الآية .
2- ومن ذلك : أنني لم أسمعه يقول في حق علي – رضي الله عنه- أمير المؤمنين وإنما يلقبه [بالإمام] وهذا اصطلاح عند الرافضة الإثني عشرية فهو بزعمهم أحد أئمتهم الإثني عشر المعصومين .
3- ومن ذلك دعاؤه للروافض وكون زيارات مشايخهم مباركة :
فإنه قال في زيارة حسن الصفار أحد شيوخ الروافض بعد أن أطلق عليه لفظ :
[الفضيلة] قال : " وإن شاء الله تكون زيارة مباركة " ثم قال : " حياك الله يا شيخ " وقال أيضاً : " يعني الشيخ الله يحفظه لابس اعمامه " يعني الشيخ الرافضي وقال : " لكن ما فيه داعي لإسلوب – أجلكم الله – ألفاظ بذيئة " .
وهكذا بألفاظ الدعاء والتبريك والتحية لأعداء الله وأعداء رسوله وأعداء صحابة رسوله والمؤمنين .
4- ومن ذلك :
حرصه على اقتناء كتب الروافض ومصادرهم ويحمد الله على هذه النعمة في نظره :
واقتناؤه لها ليس هو من باب الرد عليهم وهدايتهم وبيان باطلهم لكن للافتخار بذلك والتقرب إليهم قال ما نصه : " وحرصت أن أقتني كتب الشيعة والحمد لله عندي شوي كتب مو كثير " ا .هـ.
وقد خالف في ذلك ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من عدم النظر في كتب أهل البدع فضلاً عن اقتنائها إلا لقلب حججهم عليهم لمن له أهلية الرد فقد روى الإمام أحمد في المسند وغيره من حديث جابر أن عمر بن الخطاب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فقال : { أمتهوكون يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها نقية لا تسألوهم عن شئ فيخبروكم بحق ، فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى - عليه السلام- كان حياً ما وسعه إلا اتباعي } . حسنه الألباني في الإرواء :(6/338) .
قال ابن قدامه - رحمه الله - : " وكان السلف ينهون عن مجالسة أهل البدع والنظر في كتبهم والاستماع لكلامهم " ا.هـ.انظر الأداب الشرعيه لابن مفلح : (1/232)
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في مجموع الفتاوى (2/132) : " ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم أو ذب عنهم ، وأثنى عليهم ، أو عظم كتبهم ، أو عرف بمساعدتهم ، أو كره الكلام فيهم ، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لايُدرى ما هو ؟ أو قال : إنه صنف هذا الكتاب ... وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم ولم يعاون على القيام عليهم ، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات لأنهم أفسدوا العقول والأديان ... " ا.هـ. كلامه .
فانظر إلى كلام هذا الإمام الرباني الشامل في التعامل مع المبتدعة ، وقارن بينه وبين فعل السويدان ودفاعه عن الروافض وطعنه في أهل السنة وكذبه عليهم بأنواع الأكاذيب وحشده الأدلة الباطلة لأهل الرفض كل ذلك بدعوى الحوار بين أهل الحق وأهل الباطل .
5- ومن ذلك أيضاً :
وصفه للروافض بأنهم إخوته فقال : " من القضايا الرئيسية التي يعتز بها الإخوة الشيعة " وقال : " كما أن بعض أقول بعض الإخوة الشيعة قد بالغ في تبجيلهم لأهل البيت " .وقال في أول المحاضرة : " وأتقدم بالشكر للإخوة في إدارة مكتبة الرسول الأعظم على هذه الدعوة الكريمة " وقوله : " واعتقد أن مثل هذا الحوار المبارك الذي يديره الإخوة " .
قلت : يقول ذلك والله قد حصر الأُخوة في الإيمان لا في الضلال والزندقة والإلحاد قال تعالى : { إنما المؤمنون إخوة } وقال جل وعلا في الصنف الثالث من أصناف المؤمنين وهم من جاء بعد المهاجرين والأنصار: { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم} .
فهل الروافض الذين يلعنون الأصحاب ويكفرون عامتهم إخوة لنا وقد خالفوا هذه الآية وغيرها ؟!!.
لكن ليس غريباً على الإخوان المسلمين وقادتهم هذه الطوام فكم من قادتهم من يصف النصارى بأنهم إخوانه فمن باب أولى على مذهبهم وأصلهم أن يصفوا الروافض بذلك والله المستعان .
ومن أباطيله في هذه المحاضرة :
أنه يرى أن جرح الروافض من سوء الأدب قال ما نصه :
" عندما ينتقل الحوار من قضية مبادئ وقناعات وقضية رأي وفكر إلى قضية سوء أدب عندها يتوقف الحوار ... فلا بد من المنطق ولابد من الأدب ... "إلى أن قال :
" لكن مافي داعي لإسلوب ... أجلكم الله ألفاظ بذيئة وأسلوب سفيه كيف يتم حوار بهذه الصورة فبدون تجريح وبدون تجهم وبدون إلقاء تهم ...ا.هـ. كلامه.
قلت : كلامه هذا قد اشتمل على أنواع من الباطل منها :
أولاً : أنه يرى وجوب الأدب مع الروافض فما هو الأدب ؟ إن أعظم الأدب هو قول الحق والصدع به وإيضاح الدلائل للمخالف نصحاً وأداءً للأمانة وإبراءً للذمة ، أما سوء الأدب بل أعظم سوء الأدب هو الطعن في دين الله وحملته الكرام والسكوت عن بيان الحق وإيضاح السبيل ومداهنة أهل الباطل أهل الرفض والميل عن سواء السبيل .
ثانياً : أهل الأدب هم أهل السنة والجماعة صدقاً وعدلاً وأهل سوء الأدب والوقاحة والكذب والنفاق هم أهل الرفض ، ومن سكت عن منكراتهم وأباطيلهم ومالأهم عليها.
ثالثاً : ليس من سوء الأدب في قليل ولا كثير ولا قبيل ولا دبير جرح المجروح فإن هذا أصل أصيل في الإسلام ؛ به يقوم الدين القويم وتتضح السنة الغراء ، وتنكشف البدع العوجاء .
ولذا مما اشتهر لدى أهل السنة جواز بل وجوب الطعن على أهل البدع وتجريحهم والتشهير بهم بقصد النصيحة والتحذير منهم ومن باطلهم وهذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ميز الله به هذه الأمة قال تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } وقال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}
وقال جل وعلا : { لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : { من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان } .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه - كما في مجموع الفتاوى (35/414)- : " والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين ولو قدر أنه لا يستحق العقوبة أو لايمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله ".
وقال- كما في مجموع الرسائل (5/110)- : " ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة والعبادات المخالفة للكتاب والسنة فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين حتى قيل لأحمد بن حنبل الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم في أهل البدع فقال : " إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه ، وإذا تكلم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين هذا أفضل" ا.هـ.
رابعاً : هل ما وصف به أهل السنة الروافض تهم أو حقائق ؟ لا شك هي حقائق في مذهبهم وأصول دينهم الباطل .
فأهل السنة لا يُقَوِلون ولا ينسبون للمخالف إلا ما هو فيه أو قاله ، ولا يقولونه ما لم يقل ولا يزيدون عليه ولا ينقصون -كما سبق إيضاحه- .
ومن أباطيله :
أنه يدعو إلى عدم القطيعة بين أهل السنة والرافضة الإثني عشرية :
قال ما نصه : " يجب أن نكسر هذه القطيعة كسر القطيعة شئ والوحدة شئ آخر مو شرط نتفق ... لكن على الأقل يعني نسولف مع بعضنا نتحاور شوي مع بعض ، نجلس بدون حرج بدون توتر بدون تشنج ، واحترمك وتحترمني ، واحتر رأيك وتحترم رأيي ونتناقش وأقولك أنت غلطان وتقولي أنا غلطان " ا.هـ. كلامه .
قلت : والله لقد سئمت من تتبع أباطيله ، ولا أكون مبالغاً إن قلت إن المحاضرة كلها صد عن سبيل الله ومحاربة لدين الله وهي شر وبلاء عريض نسأل الله السلامة والعافية .
وقوله السابق هو هدم لمبدأ الولاء والبراء الذي هو أوثق عرى الإيمان فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله، والموالاة في الله، والمعاداة في الله } .
وهو هدم لأصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهدم لما أصله أهل السنة من عدم جواز مجالسة أهل البدع ومؤانستهم فضلاً عن احترامهم واحترام آرائهم .
ومن أباطيله :
رميه أهل السنة بأنهم يكفرون الخلق :
قال في معرض دفاعه عن عقيدة الرافضة في القرآن : " أنا يكفيني من الرجل أن يقول هذا كتاب الله من الفاتحة إلى الناس هذا الذي أؤمن به لا أؤمن بغيره ما أشق عن قلبه " إلى أن قال : " لذلك أكتفي بذلك هل الهدف نكفر الناس " .
لقد عنى بقوله الرجل : الرافضي ، والخطاب موجه لأهل السنة والجماعة الذين يقولون : إن الروافض يرون تحريف القرآن ، فلذا دافع عنهم ورمى أهل السنة بالباطل ، فقال : " هل الهدف نكفر الناس " ؟
وليعلم طارق السويدان أن أهل السنة والأثر أهل الحديث هم أبعد الناس عن تكفير الخلق بغير مكفر وللتكفير عندهم شروط لابد أن تتحقق وموانع لابد أن تنتفي وشبهات يجب أن تُزَال عن فكر صاحبها ، أما أهل البدع والأهواء بجميع فرقهم وسائر مللهم فهم أسرع الناس تكفيراً للخلق ولعباد الله ، وتكفير من لا يستحق التكفير .
وعلى سبيل المثال لا الحصر كم كفر الإخوان المسلمون من شعوب العالم الإسلامي وقادتهم ، والناظر في كتبهم وعلى الخصوص كتب سيد قطب يرى العجب العجاب . وقد بين ضلاله وانحرافه كثير من أهل العلم . ومن أباطيله :
دعوته الرافضة إلى البقاء على باطلهم :
فقال ما نصه : " وهي دعوة أن ليس لنسيان الخلاف وليس للإقرار بأن عقيدة الآخرين كويسة ولا عقيدتنا أنا ما ادعوا لهذا كل واحد يضل على ما هو عليه " .
قلت : هل السويدان في شك من أن الصواب هو اعتقاد أهل السنة ؟ أو أنه يعتقد أن أهل الرفض مصيبون في عقائدهم حينما تردد في قوله : " بأن عقيدة الآخرين كويسة ولا عقيدتنا " ؟
وليعلم هو وغيره بأن الحق واحد لا يتعدد وهو الذي عليه أهل الإسلام أهل السنة والجماعة وما عليه أهل الرفض هو الباطل بعينه ، ولهذا فإنه قد خان الأمانة ولم يقم بأدائها ، لأنه لم ينصح أهل الرفض بالرجوع عن غيهم وباطلهم وضلالهم ولم ينصر الحق في موطن يجب فيه نصرته ونصرة أهله ، وهو لم يصنع من ذلك شيئاً ، بل فعل العكس تماماً .
ومن أباطيله :
أنه لا يفرق بين الفساد في الاعتقاد وبين الفساد في الأمور العملية فيريد أن يجتمع هو والروافض على حرب الربا :
قال ما نصه : " لكن دعونا في الأشياء المتفقين عليها أقل شئ يا جماعة على الأقل قضايا تربوية ، اجتماعية ،اقتصادية ، نعم كلنا متفقين على محاربة الربا ليش ما نحط أيدينا مع بعض على هذا الفجور الموجود في البلد هذا الذي ندعوا إليه " ا.هـ كلامه .
قلت : الخلاف بيننا وبين الروافض في أصول الإيمان ومسائل الاعتقاد كما مر . هذا أولاً .
ثانياً: أن من أكل الربا من أهل الإسلام وهو معتقد حرمته فهو مسلم مرتكب لكبيرة فإن لم يتب إلى الله فهو تحت المشيئة إن شاء الله غفرله وإن شاء عذبه ومآله ومصيره إلى جنات النعيم .
أما هؤلاء الروافض فهم أهل بدع كفرية تخرج من ملة الإسلام فهل نلتقي مع من يسب الله ورسوله ويطعن في دين الله ويُكَفِّر ويشتم عامة الأصحاب من أجل إنكار الربا فذنبهم أعظم من ذنب آكل الربا الذي جعله الله محارباً لله ولرسوله ، فماذا نسمي هؤلاء الروافض يا سويدان ؟
ثالثاً :أن من أعظم الفجور وأربى الربا ما يقوله ويعتقده أهل الرفض في صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : { وإن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه}.
رابعاً: هم من أحوج الناس أن تبين لهم التربية الصحيحة المتلقاة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- ، وهم أسوأ الناس أدبا مع الله، ومع رسل الله، وعباد الله المؤمنين. وتربيتهم إنما هي تربية أهل النفاق والزيغ والضلال ، فماذا عساك أنت وإياهم أن تعلموا العباد ، هل هي تربية القرآن والسنة أو تربية النفاق والبدعة والضلال .
وليعلم القاري الكريم بأن المحاضرة لم تصل إليّ كاملة وإنما وصلت إليّ ناقصةً فإن في الشريط طمساً ، ولكن ما سمعته منها دال على باطل ما لم أسمعه ، وشئ آخر وهو من أجل الاختصار فإني لم أذكر كل أباطيله التي ذكرها في شريطه ، ولعل الله أن ييسر تدارك ذلك فيما بعد.
وكل ما نقلته من نص كلام المحاضر فإنني لم أتصرف فيه بل نقلته كما هو بعاميته، وركاكة أسلوبه، وأخطائه النحوية .
وفي الختام أدعو الدكتور طارق السويدان وهو مازال في دار الاختبار ودار الزرع قبل الحصاد وقبل فوات الأوان إلى أن يتوب إلى الله مما في هذه المحاضرة من الأباطيل فإن الله - جل وعلا-يقول : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً } .ويقول تعالى : { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون }. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : { كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } ، قبل أن يكون خصمك أمام الرب تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة كلهم ؟
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتابه ولا تجعله ملتبس علينا فنضل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين .