احمد تركستاني
نقـض المَوْسُوعَة اليُوسُفيَّة في بَيَان أدلَّة الصُّوفيَّة
يوسف خطار محمد الطبعة الرابعة 1423 طبعة نضر
المجلَّد الأول
القسم الخامس (5)
كتبه أبو ماجد أحمد بن عبد القادر تركستاني 1428هـ
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
حقوق الطبع محفوظة للشبكة العلمية لخدمة الطالب (المدينة النبوية دوار القبلتين)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله خالق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، وأنزل الكتاب مفصلاً بأحسن الحديث بآياتٍ بَيّنَاتٍ فيها الهدى والشفاء الذي يغنينا عن الحيرة والترهات والمتاهات. وصلوات ربي وسلامه على الخليل محمد نبيّ الهدى المرشد إلى التمسك بكتاب ربنا؛ لننجو بأمان من الضلال والردى والاختلاف والهلاك والهوى، وليس لنا الخيرة في اتباع غيره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً بربوبيَّته ووحدانيته توجب الفوز والنجاة لمن شهد له بها، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ شهادةً نشهد بها بكمال الدين، ونستغني بها عن فلسفة وآراء وترهات وسخافات المعتزلة والصوفية والشيعة الذين أعرضوا عن الدين ونبذوه وراءهم ظهرياً، ومالوا إلى دين الحيرة والندامة متذبذبين بين فتن الاعتزال والرفض والتشيع والتصوف غير مبالين من يحاربون.
فيا أيها القارئ الكريم! هذا هو القسم الخامس من المجلَّد الأول في نقضنا لموسوعة يوسف خطار محمد المليئة بالأخطار على دين الإسلام، والتي سماها "الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية"، وقد كنت قد تفرعت كثيراً، للفائدة التي جعلتها موسوعة في الرد على كثير من خالف الكتاب والسنة عمداً أو سهواً أو غفلة أو محاباتاً ومداهنة، وكنت قد أطلت في نقض آراء القرضاوي بالذَّات؛ لكونه من أكثر المعروفين في ساحة المسلمين...
وليعلم القُرَّاء الكرام أنه ليس بيني وبين القرضاوي خصومة شخصيَّة، فأنا لا أعرفه شخصياً، ولم ألتق به يوماً، وإنما استمعت إلى بعض مقالاته في محاضراته، وبعض ما سطره في بعض كتبه التي افتتن بها الجم الكثير من الناس من مثقفين وعامة، وأنا أعرف أن الفارق بيني وبينه في العلم فارقاً كبيراً، فأنا مجرد طُوَيْلب علم صغير، والدكتور القرضاوي من الأعلام الذين يُشار إليه بالبنان في الساحة الإسلامية، وكلامه مقبول لدي شريحة ليست بقليلة من المثقَّفين، ومع ذلك فلا ضير من الرد عليه مع هذه الحالة، فالحق لا يَعْرفُ صغيراً ولا كبيراً، ولا يُعْرَفُ بالرجال، ولا يُعرف أهل الحق إلا بالحق.
ونحن إذا أوردنا الحق ورددنا الباطل؛ لا يعني أن صاحب الباطل من أهل السنة قد تعمد باطله أو اعتقده، وإنما نورده ونردّه ليَتَنَبَّه الناس قبل صاحب الباطل، وإذا تنبه صاحب الباطل؛ فما عليه إلا أن يرجع عن باطله، وهذا لا يضره ولا يضيره، بل هو منقبة له، فمن من الناس بعد رسول الله e قد نال العصمة؟ ومن منا لا تُعَدُّ معايبه؟
قد يقول قائل: إنك رددت على فكر القرضاوي تجاه الشيعة الرافضة، ولكنَّ القرضاوي رجع عن فكره تجاههم، فبدأ بالرد عليهم في محاضرات سمعناها في الإعلام، فلا داعي لكل هذه الزوبعة...
فنقول: وإنْ رجع وتاب واستغفر وأناب، وتنصَّل ورجع من جميع ما تكلَّم به أو خطه بيده أو نُسب إليه[1]؛ فيجب أن تُحْمل منه كل المخالفات على أنها كانت قبل توبته، وما رددنا عليه كان حال بدعته، ويُنسب كل ما وجدناه في مؤلفاته وكلامه في تلك الحالة لا غير. وهذا من عادة علمائنا المتقدمين منهم والمتأخرين، فقد كانوا لا يُحبُّون ذكر المعايب والمعاتب، وإنما يقدّمون الستر ويحبونه، ولكنهم يرون وجوب بيان حال من رجع عن بدعته قبل رجوعه، وذلك لاغترار أقوام بمقالاته، واقتداء آخرين ببدعه، أو تشكيك آخرين بعقيدته حتى بعد رجوعه إلى الحق دون علمهم، فوجب حينئذ كشف حال بدعه والتنبيه عليها[2]، ثم يبان توبته منها، وهذه من أكبر الفوائد التي تكون لصالح من كان هذا حاله، وبهذه الطريقة ينحسم الداء بحسم سببه هذا أولاً، ثم ينحسر الداء عن كلا الطرفين، فإن الشيء يزول من حيث ثبت، والله ولي التوفيق..
ولكن يجب على التائب من بيان رجعته وتحرير توبته والرد على ما قاله في كتبه ومحاضراته، ونريد بيان هذا الرجوع من قوله لا من غيره، فإن ذلك أعظم للقبول وأبلغ في النظام وأحسن في الكلام، فيجيب هو على الشُّبَه – وما أكثرها كما رأيت- التي ذكرها بأحسن جواب، ويفنّدها بأحسن تفنيد، ويُفَلّيهَا بأدق من التدقيق في الدقيق، فلعل إحسانه بهذا يمحو الإساءة والزلة، وتوبته تمحو البدع القبيحة المُخلَّة، والله تعالى يقبل التوبة ويعفو عن كثير. فنحن ننتظر منه هذا بفارغ الصبر، فيقولها صريحة لا يخشى في الله لومة لائم[3]: إنني أبرأ إلى الله من مذاهب المبتدعة، وأبرأ من التكثّر بهم، وأقر بأن المبتدعة على أشكالهم ضُلال يهدمون مباني الإسلام، وما كنتُ كتبتُه أو تكلمتُ به عن هذه القضية؛ فإني تائب إلى الله تعالى منه، ولا يحل لأحد قَرَأَهُ أو سمعه أن يعتقده أو يحتج به أو يغرر به أو يتعلَّق به؛ فهذا حرام لا يحل لمسلم اعتقاده، وإلاَّ كان معْوَلاً لهدم الإسلام، وأنا بريء منه براءة توبة، أما الذين ردوا عَلَيَّ؛ فأرجو من الله أن يحسن جزاءهم فهم مصيبين في الإنكار لما شاهدوه أو قرءوه أو سمعوه والذي أبرأ إلى الله تعالى منه، فقد تحقق أنني كنت مخطئاً غير مصيب، ويشهد الله أنني رجعت إلى الحق غير مجبر ولا مكره..
وقد يقول قائل وهو يقلب كتابنا: كأنك خرجت عن موضوعك، وأخذت موضوعاً آخر، وكأنك نسيت أنك تنقض "الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية" ليوسف خطار المليئة بالأخطار، واتجهت في نقض منهج القرضاوي، فحري أن تسمي كتابك بغير اسمه الذي سَمَّيته!!
أقول نعم! هذا الكلام له وجاهته، ولكنني لما رأيت أن صاحب "الموسوعة اليوسفية" احتج بالقرضاوي! فقلت: هي فرصة أهتبلها لنقض أفكار شيخ من أشياخ صاحب "الموسوعة اليوسفية" كباقي أشياخه الذين نقضناهم في هذا المجلد بأقسامه السابقة، ولهذا قسَّمت المجلد الأول إلى عدَّة أقسام كما ترى، وعندما نرجع إلى نقض "الموسوعة اليوسفية" سوف يكون – بإذن الله- بداية المجلد الثاني. ثم لم يكن في بالي الرد على القرضاوي بهذه الطريقة المطولة، ولكن كانت أيضا فرصة لبيان حال الصوفية الذي يشابهون الرافضة من جهة، واليهود والنصارى من جهات أخرى، حتى أبين أن هذه العقائد لها علاقة بالوثنيات المشتركة بين الناس في جميع الديانات، حتى أنك إذا رأيت الرد على اليهود والنصارى والرافضة فإنك سوف تجد طرح السمات المشتركة بينهم، فهم لهم أصول ثابتة، وفروع انتمائية واضحة، ولعلها تسهل للقارئ الكريم ربطها ببعضها البعض[4].
وستجد أيضاً في هذا القسم بعض التركيز على أخبار العراق، والفتن التي وقعت، وسوف تقع في آخر الزمان لا محالة، ولاسيما أنها قد شاعت في المجالس بين العامة والخاصة بسبب تسارع الأحداث فيها في وقت قصير، والله المستعان..
فالواجب علينا معاشر المسلمين طلب علم ما أنزل الله على رسوله e من الكتاب والحكمة، ومعرفة ما أراد بذلك، كما كان على ذلك الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم بإتقان y، فكل شيء قد استبان وبان بياناً شافياً كافياً، وكل شيء قد بينه الرسول الإمام، وليس في البيان محالات العقول، فأقوال الناس وما أرادوه تُعرض على ميزان ما جاء به e، وليس ما جاء به e تبعاً لأهواء الناس، ولا على وفق ما أصَّلوه من مناهج وأفكار واقتراحات مُحالات مستحيلات، فالعقل الصريح موافق للرسول e لا يخالفه قيد أنملة[5]..
واللهَ أسال أن يوفقني على ما عزمتُ عليه في رسالتي هذه، والتي أعتبرها بين يدي القارئ الكريم - إن شاء الله- كموسوعة ترجعه إلى تحكيم شرع الله، وترفع راية الجهاد بالعلم الشرعي لنبذ كل دخيل فيه، ونبذ غلو كغلو النصارى، وتقصير كتقصير اليهود، وغيرهما من الأمم الوثنية، لنكون أمة وسطاً، فخير الأمور والأعمال أوسطها[6]، والأوسط من الأمور ينزل إليه العالي، ويرتفع إليه النازل[7]، والحسنة بين السيئتين[8]، أي بين الغلو والتفريط.
أخي القارئ! خذ هذا البحث الذي أظنه قد ألقى الضوء على خطورة البدع، وعلى أهم الأسباب التي أدت أو قد تؤدي إلى ظهورها، وعلى أهم طرق معالجتها، واللهَ أسأل أن أكون قد وُفّقْتُ لما قصدت إليه، وأن يعصمني وإياكم من التقصير والتفريط والإفراط والزلل، وأن يغفر لي ولكم عن شيء منها – وهو حاصل- وأن يوفقنا للاعتصام بحبله المتين، وصراطه المستقيم، وأن يجنبنا سبيل المغضوب عليهم والضالين.. فاللهم اجعل هذا البيان منافحاً به عن دينك وسنة نبيك e، وعن حرمة الصحابة الأبرار الأطهار، وعن عرض أمهات المؤمنين العفيفات المحصنات، وعن باقي الخلفاء والملوك النجباء والقادة العظماء الذين بنوا صرح الحضارات الإسلامية على مر العصور...آمين.
وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين: سيد ولد آدم محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه وأزواجه الطيبين الطاهرين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا جميعاً معاشر المسلمين....آآآميييين.
وكتبه: أبو ماجد أحمد بن عبد القادر بن محمد تركستاني المدينة النبوية 1428هـ
أُمَّهات المُؤمنينَ رَضيَ اللهُ عَنْهُنَّ وأرضاهُنَّ
إن منزلة أمهات المؤمنين وفضلهن لا يخفى على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، فيكفيهنَّ فخراً وشرفاً باختيارهنَّ اللهُ زوجاتاً لسيد الخلق والبشر، سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.. فهن رضي الله عنهن لَسْنَ كأحد من النساء، فَهُنَّ أعلاماً يَمْتَزْنَ برفيع المنزلة، ويُعرفن بعظيم المكانة في العلم والأدب والتقوى البينة والإيمان الخالص، وأعرف من غيرهم بمطارح أنظار زَوْجهنَّ صلى الله عليه وآله وسلم والمشي على طريقته في حياته وبعد مَماته، قال الله تعالى عنهنَّ: }النَّبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم...يا نساء النبي لستن كأحد من النساء...إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً واذْكُرْن ما يُتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة{ الأحزاب
فَهُنَّ والله أُمَّهات لنا، وفضلهُنّ ظاهر، وفضائلهن لا تخفى، فيجب على كل مسلم أن يُبَرْهن هذه العقيدة تجاههنَّ؛ كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((إن الذي يحنو عليكن بعدي لهو الصادق البار))[9] وفي لفظ: ((أمْرُكُنَّ مما يَهُمَّني بعدي، ولن يصبرَ عليْكُنَّ إلا الصابرون))[10]
فَرَضيَ الله عن زوجات سيد المرسلين، فَهُنَّ والله كما أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، هن نساؤه في الدنيا وفي الجنة وإن ساخت عيون الشيعة وانخسفت وصارت سُواخاً..
قال صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا والآخرة؟)) قالت: بلى، قال: ((فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة))[11]
وعنها رضي الله عنها أنها قالت: أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراءَ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة.[12] فهي زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدارين، وهي كما قالت بعد سماعها لهذه البشارة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إن يكن هذا من عند الله يُمْضه[13].
وكان عمار بن ياسر رضي الله عنهما يحلف بالله أن عائشة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة.[14]
وروى أنس بن مالك رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما طلق حفصة وقال له: إن الله يُقرئك السلام، ويقول: إنها لزوجتك في الدنيا والآخرة فراجعها.[15]
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزوجته صفية رضي الله عنها: (( إنك لابنة نَبيّ – أي إسحاق عليه السلام- وإن عمك لنبي – أي إسماعيل عليه السلام- وإنك لَتَحْتَ نبيّ..))[16]
وقد أجمع المسلمون على تحريم نكاح هؤلاء النسوة الطاهرات من بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على غيره، وأجمعوا على وجوب احترامهن، فهن أمهات المؤمنين في الحرمة والتحريم، وهذا أمر معلوم للأمة علماً عاماً.. فنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم كسفينة نوح عليه السلام؛ من ركب فيها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهلك، فلا يبَرّ النبيّ أحد إلا ببرّهنّ، ولن ينجو أحد بالطعن فيهن، فالطعن فيهن هو طعن في بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأمْرهنَّ رضي الله عنهن مما يهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعده، ولن يصبر على الانتماء إليهن إلا الصابرون الذين يحبون أمهات المؤمنين لحب زوجهن لهنّ، فمن طعن في أحد منهن؛ فقد انتهك حرمة نبي الله وآذى الله تعالى والنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن آذى الله ورسوله؛ وقع في الوعيد والشديد في الدنيا, التوعّد بالعذاب العظيم في الآخرة، قال تعالى: }إنَّ الَّذينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنْيَا وَالآَخرَة وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهينًا{ الأحزاب:57 وقال جل ثناؤه: }وَالَّذينَ يُؤْذُونَ المُؤْمنينَ وَالمُؤْمنَات بغَيْر مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإثْمًا مُبينًا{ الأحزاب:58
فالشيعة الرافضة أخزاهم الله لم يحفظوا رسول الله في أزواجه، وآذوا الله ورسوله بإيذائهم أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكان لهم موقفاً من هؤلاء النسوة المؤمنات الغافلات اللاتي شاركن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سرَّائه وضرائه، وخَفَّفْنَ عنه ما وجده في سبيل دعوته إلى ربه تبارك وتعالى، بل كُنَّ أسرع الناس بالتعلق بأسباب رضا زوجهن صلى الله عليه وآله وسلم في كل ما تقر به عينه، ومع هذا فقد كان للشيعة الرافضة موقفاً خاصاً من عائشة وحفصة رضي الله عنهما؛ لكونهما ابنتا أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فَبُغْض الرَّافضة لوالديْهما انتقل إليهما رضي الله عنهم؛ وهذا ما يدركه إلا من قرأ كتب القوم التي نضحت ببغض أمهات المؤمنين عامة، وعائشة وحفصة خاصة.. فيا ويلهم إن لم يتوبوا إلى الله العزيز الجبار، والويل لهم ثم الويل إن بقوا على ما يُمْليه عليهم أشياخهم الفُجَّار، فسب أمهات المؤمنين، والصحب الكرام الميامين؛ لهو المروق من الدين، والخروج منه خروج الشعر من العجين، وذلك بإجماع المسلمين المقرر في القواعد الشرعية في الدين، وسابهم كافر يُراجع وإلاَّ قُتل وأُلقيَ في المزابل والحشوش، لتأكله الهوام والسباع لأكلهم لحوم خير الناس، ليكون موعظة لباقي المسلمين..}يعظكم أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين{ (النور) إن كانوا مؤمنين[17]..
فتجرَّأَ الشيعةُ الرافضة على أمهات المؤمنين بالإهانة فقالوا أن زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم سراري وحشاوي ولَسْنَ بزوجات له صلى الله عليه وآله وسلم، ففي كتبهم ذكروا قصة مناظرة ابن عباس رضي الله عنه لعائشة؛ وفيها أن عبد الله بن عباس – وحاشاه- قال لعائشة: (ما أنت إلا حشيَّة من تسع حشايا[18] خلفهنّ بعده – أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-...)[19]
فهذه القصة مكذوبة عن ابن عباس رضي الله عنه، وهو بريء منها براءة يوسف عليه السلام من امرأة العزيز، ففي سندها أبو مخنف لوط بن يحيى الإخباري التَّالف، والشيعي المحترق، الكذاب الأشر، المُجْمَع على تضعيفه[20]..
ومن المعاصرين الشيعة (مرتضى العسكري) وصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأنها سريَّة من سراري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم![21] فهذا الكاتب من معاصري زماننا يقول بهذا!
فلا نعجب بعدها من أصحاب التيار القرضاوي الوسطي عندما يَرْوُون لعامة المسلمين روايات لوط بن يحيى الكذاب، ثم يقرُّونها، مع علمهم بضعفه وكذبه وافترائه، وما هذا إلا الجهل بسيرة السلف الصالح الذين ذبوا عن الدين بالتحذير من روايات الكذابين والوضَّاعين، فأين مكانة الدين في قلوب هؤلاء القصاصين الذين فضحوا أنفسهم بسَوْق روايات الكذابين؟![22]
عائشة الصّدّيقَة الحبيبة بنت الحبيب الصّدّيق وزوجة الخليل الصادق المصدوق
عائشة رضي الله عنها: من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأم للمؤمنين جميعاً إلى يوم الدين، وهي الحُمَيْرَاء الفصيحة الطاهرة العفيفة المبرأة من فوق سبع سماوات[23]، وزوجة خير الخلق، وخير من داس على الأرض، وسيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، أحظاها الله تعالى بالمنزلة السامية بحكمته، فتزوجها رسول الله e بأمر ربه عز وجل؛ جاءه جبريل بصورتها في قطعةٍ من حرير فقال له: هذه امرأتك[24]، فلها قصب السبق إلى قلب حبيبها المدلل لها صلى الله عليه وآله وسلم، فهي ابنة حبيب له في الله، وثاني اثنين في الغار؛ الصدّيق الصاحب الكريم، لم يتزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكراً غيرها، ولم ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في فراش امرأة سواها، فهي المتوقدة بالذكاء والصفاء، وصاحبة الصفحة البيضاء الذي نقش رسول الله e في صفحات عقلها من علم النبوة ما شاء[25]، وهي الممرضة التي قامت بوظيفة تمريض زوجها وخليلها في أيامه الأخيرة بطلب منه صلى الله عليه وآله وسلم بعد استئذانه من باقي زوجاته؛ فقامت رضي الله عنها وأرضاها برعايته وخدمته إلى أن قبضه الله تعالى إليه ورأسه صلى الله عليه وآله وسلم بين سحرها ونحرها وحاقنتها وذاقنتها، وريقه قد خالط ريقها قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى بسواك طلبه صلى الله عليه وآله وسلم منها أن تبله بريقها قبل أن يستاك به، فقُبض صلى الله عليه وآله وسلم وهو راض عنها، وقُبر في حجرتها.. فكانت أحب الناس إليه صلى الله عليه وآله وسلم، والأقرب إلى قلبه؛ فكان قد قال لما سُئل: أي أحب الناس إليك؟ قال: ((عائشة))، ثم سُئل: ومن الرجال؟ قال: ((أبوها)) ثم قيل: ثم من؟ قال: ((عمر)) وعدَّ رجالاً[26].. فالمرء مع من أحب، فنحن نحبهم، ونرجو الله أن يجمعنا بهم في دار كرامته[27].. حتى أنه لما قُتل الصحابي الجليل (عقربة) واستُشهد في غزوة أُحٍد، بكى ابنه بشْر، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((أسكت! أما ترضى أن أكون أنا أبوكَ، وعائشةُ أُمَّكَ؟))[28]
فهل يحب الشيعة الرافضة أُمَّنَا الحبيبة عائشة رضي الله عنها ويتخذونها أمَّا لهم، أم يبغضونها مع من أبغضها ويرميها بالفاحشة، فيكونون مع من أبغضها ورماها بالإفك يوم القيامة؟!
الجواب هُوَ هَو! الجواب نفسه عند الشيعة لم يتغير على مر العصور وانقضاء الدهور، فهم لا يحبونها، ولا يجلّونها، ولا ينزلونها المنزلة التي أنزلها الله ورسوله، فهم يرفضونها ويبغضونها أشد البغض لبغضهم لأبيها، فيسبونها ويرمونها بالكفر وعدم الإيمان، ويرمونها بفاحشة الزّنا الذي برأها الله منه في كتابه وسنة نبيه، ويطعنون فيها المطاعن التي لا يقبلها أحد في النساء الغريبات، فكيف بأم المؤمنين رضي الله عنها.. فهم على ما قيل عنهم حقاً: أن ظاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض.
من مطاعن الشيعة في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
المطاعن كثيرة جداً لا تكاد تُحصر، فهي مطاعن مترامية الأطراف في كتبهم ومحاضراتهم وخطبهم ومجالسهم، ولكننا نختار منها شيئاً ننقله من كتبهم ومراجعهم المعتمدة[29]، فيا عبد الله المؤمن! أمسك على قلبك، واشخص ببصرك، وائت بماء بارد لتشربه عند ارتفاع الضغط أو السكر، وقرب منك جهاز الهاتف؛ فلعلك تهاتف الطبيب المناوب..
وقبل أن نبدأ في ذكر بعض المطاعن، فإني أذكر القراء الأفاضل ببعض العلاقة الطيبة بين عليٍّ وأمه عائشة رضي الله عنهما..
منها أنها رضي الله عنها كانت ممن روى حديث الكساء في فضل عليٍّ وزوجته وابنيهما الحسن والحسين y[30] وهي الصديقة التي روت حديث محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحسن بن علي[31]، وكانت رضي الله عنها كثيراً ما تحيل السائل إلى عليٍّ رضي الله عنه ليجيبه؛ فلما سألها شُرَيْح بن هانئ عن المسح على الخفين قالت له: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يُسافر مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم[32]، ومع علمها بالجواب، فهي أيضاً تحيل على عليّ رضي الله عنه، فقد سُئلت: كم تصلي المرأة من الثياب؟ فقالت للسائل: سل علياً، ثم ارجع إليَّ فاخبرني بالذي يقول لك، فأتى علياً فسأله فقال: في الخمار والدرع السابغ، فرجع إلى عائشة فأخبرها، فقالت: صدق[33].
وهي الأم للمؤمنين التي طلبت من الناس بعد مقتل عثمان رضي الله عنه أن يلزموا علياً رضي الله عنه ويبايعوه[34]، والشيعة تعترف بهذا![35]. حتى أن الحسن والحسين قد سموا بعض بناتهم باسمها رضي الله عنها، وهذا ما يعترف الشيعة أنفسهم بذلك![36].
فهي الصدّيقة التي أمر النبيُّ e ابنته فاطمة رضي الله عنها بحبها فقال لها: ((أي بنيَّة! ألست تحبين ما أحب؟)) قالت: بلى. قال: ((فأحبي هذه)) وأشار إلى عائشة[37].
وهي التي قال صلى الله عليه وآله وسلم لأم سلمة وهو ينهاها عن إيذائها لعائشة رضي الله عنهما: ((يا أم سلمة! لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها))[38]
حتى أن الصحابة y كانوا يتحرون بهداياهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومها[39].
فنحن معاشر أهل السنة؛ موافقين لرسول الأمة فيما يحبه، كما أن فاطمة الزهراء وافقت أباها في أمره لها، وكذا جميع أهل بيته وآله وعترته، وجميع من اتبع سنته إلى يوم الدين؛ قد وافقوا أمر نبيهم وخليلهم صلى الله عليه وآله وسلم في المحبة، فهم يحبون ما أحبَّ اللهُ ورسولُه، ويبغضون ما أبغض اللهُ ورسولُه، فالنبي قد أحب من جعلهن الله أمهات للمؤمنين على مر العصور وانقضاء الدهور، فالله تعالى قد اصطفى لخليله المصطفى الزوجات الطاهرات الطيبات العفيفات اللواتي لسن كأحد من النساء في العفة والطهارة والخُلق الحسن، فهنَّ القدوة في الفضائل والشمائل لبقية النساء على مر العصور، وهنَّ زوجاتٌ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في جنات الخلود..
فلننظر إلى بعض مطاعن الشيعة في عائشة رضي الله عنها؛ حتى نعلم أن الشيعة هم كما قال عنهم السلف: أكذب الخلق تحت أديم السماء وفوق البسيطة..وقولهم: ما من رواية أو حديث مكذوب في كتب الحديث والتاريخ والسير إلا وتجد مجوسياً وراءه.. فهم والله! لم يَقفوا عند هذا الحد، بل راحوا ينشرون الزندقة والإلحاد[40]، حتى يتخلى الناس عن الإسلام، ويتسنى لهم إعادة المجوسية الوثنية إلى العالم الإسلامي.. فوالله إنهم لو كانوا من الطير لكانوا رخماً وإن كانوا من البهائم لكانوا حمراً..
◄ قولهم أن عائشة رضي الله عنها قد كفرت؛ وهي التي قال الله عنها: }ولا تكونوا كالتي نَقَضَتْ غَزْلَها من بعد قوةٍ أنكاثاً{ (النحل) فقال الشيعة أخزاهم الله بتأويلهم الباطني: (التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً: عائشة، وهي التي نكثت إيمانها)[41]، فالشيعة من شدة بغضهم لعائشة رضي الله عنها؛ ادعوا بكذبهم وافترائهم أنها هي الذي أُنزلت فيها هذه الآية! وهذه الآية إنما هي مثلاً لمن نقض العهود، وعائشة رضي الله عنها مبرأة من هذا التفسير الشيعي المنحرف المحرف لكلام الله تعالى، فويل للكاذبين الناقضين لعهدهم وينهم..وما نقض العهود إلا عند الشيعة، وهو دينهم على مر العصور، حتى أنهم بنقض عهدهم تسببوا في قتل الحسين رضي الله عنه!
فنقل علامتهم المعاصر هبة الدين الشهرستاني ما رواه الجاحظ عن خريجة الأسدي قال: دخلت الكوفة فصادفت مُنصَرف عليّ بن الحسين بالذرية من كربلاء إلى ابن زياد، ورأيت نساء الكوفة يومئذ قياماً يندبن متهتكات الجيوب، وسمعت عليَّ بن الحسين وهو يقول بصوت ضئيل – وقد نحل من شدة المرض- يا أهل الكوفة! إنكم تبكون علينا، فمن قتلنا غيركم؟!. ورأيت زينب بنت عليّ عليه السلام، فلم أرَ والله خفرة أنطق منها، قالت: يا أهل الكوفة، يا أهل الختر والخذل، فلا رقأت العَبْرَة ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوت أنكاثاً تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم[42]، ألا وهل فيكم إلا الصّلف والشّنف، وملق الإماء وعمر الأعداء، وهل أنتم إلا كمرعى على دفنه أو كغصة على ملحودة؟ ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم؛ أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون[43]، أتبكون؟! إي والله فابكوا، وإنكم والله أحرياء بالبكاء، فابكوا كثيراً، واضحكوا قليلاً، فلقد فزتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً[44].
◄ قولهم أن عائشة رضي الله عنها – وحاشاها- تدخل النار من بابها السابع؛ لكفرها في مقاتلة علي رضي الله عنه في معركة الجمل، وقد استدلوا بقولهم هذا بحديث كذبوا به على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يبغض عليٌّ أحد من أهلي ولا من أمتي إلا خرج من الإيمان.)[45]. وقولهم في حديث آخر أعجمي ركيك: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعائشة: أما تستحين أن تحاربين لمن رضي الله عنه، إنه عُهد إلي أنه من خرج على عليّ فهو من أهل النار.)[46]. وقالوا كذباً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعليٍّ رضي الله عنه: (يا عليّ من أحبك ووالاك سبقت له الرحمة، ومن أبغضك وعاداك سبقت له اللعنة، ثم أخبر عائشة أنها ممن يُبغض علياً ويعاديه، فهي لذلك مستحقة للَّعن.)[47]. وقال شيخ الطائفة الشيعية الطوسي: عائشة كانت مصرة على حربها لعليّ، ولم تتب، وهذا يدل على كفرها وبقائها عليه[48]. وقال الزنجاني الشيعي المعاصر: عائشة لم يثبت لها الإيمان[49].
فأمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها كافرة من أهل النار عند الشيعة؛ لخروج الإيمان من قلبها.. فكيف بالله عليكم! كيف يحب النبي الطيب الطاهر صلى الله عليه وآله وسلم من كان هذا حاله؟!
لا والله! فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يحب إلا الأطياب الأطهار رغم أنوف الشيعة الفجَّار، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه[50] لعائشة وهي تموت:
(كُنْت أحبّ نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه، ولم يكن يحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا طيباً)[51]. وفي رواية قال ابن عباس رضي الله عنه لعائشة وهي في فراش الموت: (كُنْت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه، ولم يكن ليحب إلا طيباً، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات، فليس في الأرض مسجدٌ إلا هو يُتْلى فيه آناء الليل وآناء النهار.. إلى أن قال: فوالله إنك لمباركة.. الخ)[52]
وجاء عن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أنه كان بحضرته رجل فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة، فقال: يا غلام! إضرب عنقه، فقال العلويون: هذا رجلٌ من شيعتنا، فقال: معاذ الله، هذا رجل طعن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال الله تعالى }الخَبيثَاتُ للْخَبيثينَ وَالخَبيثُونَ للْخَبيثَات وَالطَّيّبَاتُ للطَّيّبينَ وَالطَّيّبُونَ للطَّيّبَات{ (النور:26) فإن كانت عائشة خبيثة؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم خبيث، فهو كافر، فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه[53]..
وجاء أيضاً عن أخيه محمد بن زيد بن علي بن الحسين أنه لما قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء، فقام إليه بعمود فضرب به دماغه فقتله، فقيل له: هذا من شيعتنا ومن بني الآباء! فقال: هذا سمَّى جدي – أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - قرنان، ومن سمَّى جدّي قرنان استحق القتل[54]..
وعن عكْرمة قال: قيل لابن عباس بعد صلاة الصبح:
ماتت فلانة - لبعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم- فسجد، قيل له: أتسجد هذه الساعة؟ قال: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذا رأيتم آية فاسجدوا))؟ فأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟![55]
وسمع عمار بن ياسر رضي الله عنه رجلاً ينال من عائشة رضي الله عنها، فقال: أغرب مقبوحاً منبوحاً، أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟[56]، وقال رضي الله عنه لرجل تكلم في أمه وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعابها: ويحك! ما تريد من حبيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ما تريد من أمّ المؤمنين؟ فأنا أشهد أنها زوجته في الجنة، وقال هذه المقولة بين يدي عليٍّ رضي الله عنه وهو ساكت[57]، بل وقال هذه المقولة بين يدي السبط الحسن رضي الله عنه على منبر الكوفة فقال: إن عائشة قد صارت إلى البصرة، ووالله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة[58]. حتى أن علياً رضي الله عنه لما خاطب جيشه؛ خاطبهم منبهاً لفضل عائشة رضي الله عنها قائلاً: (إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة[59].
بل إن الصدّيقة عائشة بنت الصديق أبي بكر رضي الله عنهما كانت تنكر وجود أية عداوة بينها وبين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وكانت تقول: (والله؛ ما كان بيني وبين عليٍّ في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار.) فأجابها عليٌّ رضي الله عنه أمام الناس: (يا أيها الناس! صدقت والله وبرَّت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة)[60]
حتى أن الشيعة يثبتون هذه الرواية[61] عن علي رضي الله عنه ففي كتابهم الشيعي المعتمد "كشف الغمة" للأربلي1/147 أن عائشة رضي الله عنها قالت بعد معركة الجمل: رحم الله علياً، إنه كان على الحق، ولكني كنت امرأة من الأحماء. وقال الإربلي بعد عشر صفحات تتقريباً1/159 أن عائشة رضي الله عنها قالت لما بلغها قتال علي رضي الله عنه للخوارج: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول عنهم: هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وفي رواية: إنهم شرار أمتي، يقتلهم خيار أمتي، ثم قالت: وما كان بيني وبينه إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها.. فهذا دليل شيعي في أن العلاقة بين علي وعائشة رضي الله عنهما كانت علاقة طيبة باحترام ومودة..ومع ذلك فما زال الشيعة يَعْوُون بسبّ عائشة رضي الله عنها، ويسبونها ويلعنونها ويحكمون عليها بالنار، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعدها بالجنة معه فقال: ((لقد رأيت عائشة في الجنة كأني أنظر إلى بياض كفيها ليهون بذلك علي عند موتي))[62]
فعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة بشهادة زوجها وأبنائها، وعلى رأسهم عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً، أما شهادة الشيعة؛ فهي شهادة الزور بعينها، والتناقض بمحتواها، والإفك المبين بأصله، والافتراء العظيم بفصله؛ لما فيهم البغض الدفين الناضح بالسموم التي تُنفث من قلوبهم التي قد أضرمت الحقد نارها، والله مجازيهم بما هم يستحقونه..
فالشيعة - أخزاهم الله - لا يوثق بهم، فهم لا يوثقون بخير الناس حتى بالإمام عليٍّ، فهو – أي عليٌّرضي الله عنه – قد قَبلَ أمر ربه في كتابه، وأمر نبيه في كلامه؛ فاتخذ عائشة وأخواتها أماً له، ورضي بإطلاق أمّ المؤمنين لها، على العكس من الشيعة الذين يدَّعون أنهم ينتسبون إليه، فقالوا استكباراً وعناداً لله ورسوله: أن لقب أم المؤمنين لعائشة ليس بأهل لها!! فلقبوا أم المؤمنين عائشة بأمّ الشرور وبالشيطانة[63]..
◄ ومن المطاعن على أم المؤمنين أنهم لا يقبلون أحاديثها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فكيف يقبلونها وهم يكفّرونها- فقالوا: ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة[64].
فهؤلاء الثلاثة من المكثرين في رواياتهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومجموع ما رووه أكثر من عشرة آلاف حديث، لذلك كان الطعن في مثل هؤلاء طعناً للكثير من الشريعة المنقولة من قبَلهم، فهم – أي الشيعة- زنادقة[65]؛ لكونهم طعنوا بالذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الحق من ربه، فأرادوا أن يطعنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فما وجدوا طريقاً غير الطعن بشهوده على وحيه، فأردوا القدح في الناقل لإبطال المنقول، فهم زنادقة بإجماع علماء السنة على مر العصور..
◄ زعم[66] الشيعة أن المهدي سوف يقوم في آخر الزمان ويقيم الحد على عائشة رضي الله عنها، فيزعمون أنها افترت على مارية القبطية واتهمتها بالزّنا من رَجُلٍ اسمه جريح القبطيّ، فيدعون أن الآية التي في سورة النور المبرئة لعائشة }إن الذين جاءوا بالإفك عصبةٌ منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خيرٌ لكم..{ والآية التي في الحجرات التي نزلت في حق الوليد بن عقبة }يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة..{ فيدعون أنها أنزلت في حق مارية رضي الله عنها، والله قد أثبت براءتها بأنْ وُجد الرجل المتهم بها خصياً ليس فيه ما للرجال ولا ما للنساء[67]..
ويدل على كذبهم وشدة حقدهم على عائشة وأبيها وخليفة أبيها[68]؛ أنهم تناقضوا وادعوا أن الذي اتهم مارية القبطية هو أبو بكر وعمر بتحريض عائشة وحفصة رضي الله عنهما وعن أبويهما، فادعوا أن هذه الآية:
}إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{ إنما نزلت في حق أبي بكر وعمر لما كُشف افتراؤهما على مارية طلباً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يستغفر الله لهما..فانظر هذا التناقض في كتبهم التي مُلئت ظلماً وجوراً على خير خلق الله بعد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وسوف يتبوأ واضعوها مقاعدهم من النار، كما بشرهم بذلك النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم[69]..
والدليل الآخر في كذبهم وافترائهم على سيدة أزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ أنهم تناقضوا في نفس المراجع تقريباً؛ فاعترفوا بأن الله قد برَّأَ عائشة رضي الله عنها مما نُسب إليها من الإفك، وبأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد جلد من جاء به، واستشهدوا بقصة الإفك على وجود العداوة بين علي رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها، وبأنها ظهرت العداوة منذ ذلك الحين[70].
أما قصة مارية القبطية رضي الله عنها؛ فهي قصة لم يُنَزَّل فيها قرآناً، وإنما جاء في صحيح السنة عن أنس رضي الله عنه قال: (أنَّ رجلاً كان يُتَّهم بأم ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليٍّ رضي الله عنه: ((إذهب فاضرب عنقه))، فأتاه علي رضي الله عنه فإذا هو في رَكيً – أي بئر- يتبرد فيها، فقال له عليٌّ: أخرج! فناوله يده فأخرجه، فإذا هو مجبوب ليس له ذكر، فكفّ عليٌّ عنه، ثم أتى النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله! إنه مجبوب ما له ذكر.)[71]
هكذا الشيعة عليهم من الله ما يستحقونه، فهم لم يستطيعوا إثبات قصتهم المخترعة في الإفك، ولم يستطيعوا إثباتها في حق أطهر نساء العالمين، ولم يستطيعوا فك شبهتهم في إقامة حق الحد في عائشة رضي الله عنها في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم, ولا في عهد علي رضي الله عنه، ولا في عهد الحسن رضي الله عنه لكونهم – أي الشيعة- لا يستطيعونه، فأرادوا الخروج من المأزق، فقالوا: إن الذي سوف يقيم الحد هو القائم المهدي الذي سوف يخرج في آخر الزمان بزعمهم، ويقيم الحد على عائشة وأبي بكر وعمر، فالقائم المهدي هو المبعوث نقمة، على العكس من محمد صلى الله عليه وآله وسلم فهو المبعوث رحمة[72]..
فالشيعة أخزاهم الله قدحوا في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطعنوا في إمامته بزعمهم أنه أسقط حدَّ القذف في محصنة مؤمنة غافلة ثبت عندهم – بزعمهم مع تناقضهم- أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقمه، وأسقطوا في نفس الوقت إمامة إمامهم الأول علي رضي الله عنه بأنه هو أيضاً أسقط هذا الحد في أيام خلافته، وكذا ابنه الحسن رضي الله عنه، وكذا بقية الأئمة الإثني عشر؛ فهم في ريبهم يترددون، فزعموا أن سبب إسقاط النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحد كونه أُرْسل رحمة، فالرَّحمة عندهم إسقاط الحدود والتفريط في إمضائها، والنقمة عندهم عند من أقام الحدود في دولته، لا تأخذه في إمضائها لومة لائم..
كيف يكون عند الشيعة دين وإيمان بسيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم وهم يسقطون ولايته في إقامة الحدود، وهو الذي لم يقبل الشَّفاعة لإسقاط في حد من حدود الله، فهو القائل في حق فاطمة رضي الله عنها لو سرقت: ((لو كانت فاطمة لقطعت يدها))[73] فلم يتوانى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حد من حدود الله، فكيف بحد كهذا؟! وهل يحق لقائل بأن يقول أن تطبيق النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحدود فيها نقمة وبعداً عن الرحمة؟!فعندهم الحدود لم يقمها الرسول ولا الأئمة، عدا الذي هو عندهم محجوز في السرداب..فوالله لا يقول هذا الكلام إلا جاهل منافق زنديق، بأن ادعى أن الذي يقيم الحدود هو القائم المنتظر الذي لن يخرج من سردابه، وإنما الذي سوف يخرج من قيوده ليملأ الأرض كفراً وظلماً وجوراً؛ هو الدجال المنتظر؛ الذي سوف يتبعه كل من آمن بعقيدة الرجعة الشيعية المثبتة في قلوبهم ثبات اللّحام في الحديد، فقالوا في قول الله تعالى: }هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون{ (التوبة) أي أن الله تعالى لن يظهر الدين كله إلا في الرجعة الشيعية المثبَّتة في قلوبهم، والمسودة في عقولهم، والمتطورة في أذهانهم[74].. فالحدود لا تطبَّق ولن تمضي إلا في زمن القائم، والدين لا يظهر إلا في زمنه، والعدل والحق لا يظهر إلا بعد خروجه، والظلم لا يُمحى إلا في زمنه، فقالوا:
(..فإذا بعث الله قائمنا أهل البيت؛ حكم بحكم الله عز وجل، لا يريد فيه بينة، الزاني المحصن يرجمه، ومانع الزكاة يضرب عنقه.)[75]
فنقول نحن أهل السنة: ليس في حدود الله نقمة كما ادعى الشيعة، وإنما هي رحمة وحياة للمتقين، كما قال الله رب العالمين: }ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون{ (البقرة)
فجعل الله تعالى في القصاص الحياة، وهي البقاء، لكون القتل للقاتل أنفى للقتل، وسد الذريعة لمن يريد أن يَقْتُل، فلا يَقْتُل فيُقْتَل، وهذه الآية ما يَعْقلها إلا العالمُون أولوا الألباب والأفْهام والنُّهى، لا كأمثال الشيعة أولوا الأوهام والهوى وأصحاب العقول المغلفة بالرَّان الموعودة بالنيران..
◄ زعم الشيعة أن عائشة رضي الله عنها كانت تبغض فاطمة رضي الله عنها، وجعلوا – بجهلهم وحماقتهم- فاطمة كالضرة لعائشة، كون عائشة رضي الله عنها تزوجت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أمها خديجة رضي الله عنها، حتى أنهم قلوا: لو قدرنا أن خديجة حيَّة؛ لكانت العداوة مضطرمة متسعّرة، وأخذوا يسوقون القصص المفترية والموضوعة بين الشخصيتين المحبين لبعضهما البعض[76]..
وقال نعمة الله الجزائري: وأول عداوة خربت الدنيا وبُنيَ عليها جميع الكفر والنفاق إلى يوم القيامة: عداوة عائشة لمولاتها الزهراء.)[77]
ومن شدة تناقض الشيعة؛ فهم يثبتون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يُظهر محبته لعائشة رضي الله عنها أمام ابنته فاطمة رضي الله عنها، فقالوا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما تغدّى عند فاطمة قال لها أول ما قال: إغرفي لعائشة.)[78] وذكر ابن رستم الطبري الشيعي أن فاطمة رضي الله عنها ماتت وهي راضية عن عائشة رضي الله عنها، وأوصت لها باثني عشرة أوقية ولكل زوجة من زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل ذلك[79].
أما غيرة عائشة على خديجة رضي الله عنهما؛ فذلك لشدة محبتها لزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت تغار بسبب ذكر رسول صلى الله عليه وآله وسلم لخديجة رضي الله عنها كثيراً، والغيرة جبلةٌ في النساء، ولم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوبخ عليها أو يعاتب عليها، فروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما غرت على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتُها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة؟ فيقول: ((إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد.)) فلم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها عدوة لها، أو عدوة لبناتها، أو أنها تبغضها، أو أنها عدوة لأهل البيت وآله لكونها لم تنجب منه ولد لمجرد الغير الجبلية التي جعلها الله تعالى في النساء[80]..
◄ زعم الشيعة أن عائشة رضي الله عنها تزوجت من طلحة لكون طلحة كان يحبها، فلما أرادت أن تخرج إلى البصرة، قال لها طلحة: لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم، فزوجت نفسها من طلحة[81].. فلهذه الفرية الأخرى يريد الشيعة أخزاهم الله إقامة الحد على عائشة كونها تزوجت من بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع حرمة ذلك، ولا بد أن يقام الحد في عهد القائم المنتظر بعد خروجه المُدّعى، فأخزاهم الله ولعنهم في الدنيا والآخرة ولهم عذاب أليم...
}إنَّ الَّذينَ يُحبُّونَ أَنْ تَشيعَ الفَاحشَةُ في الَّذينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ في الدُّنْيَا وَالآَخرَة وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ{ النور:19
ولكن الشيعة فُضحوا بكذبهم لتناقضهم! فقد قال جمهورهم أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما كان مع عائشة رضي الله عنها، وكان في عسكرها، وهم يعلمون أن عبد الله أبن أخت عائشة، وهو محرم لها، وادعى الشيعة أن عبد الله بن الزبير هو الذي حرض أباه وعائشة على المسير إلى البصرة[82]..
ولم يَكْتَف الشيعة بتهمة عائشة العفيفة بتلك التهم، فزادوا تهماً أخرى تفوق تهم رأس المنافقين ابن أبي سلول الذي تولى كبره وأَتباعه في زمن الرسول؛ فقالوا أنها قد جمعت أربعين ديناراً من خيانة، وفرقتها على مبغضي عليّ[83].." وزادوا – وشر الزاد زادهم- فقالو– لعنهم الله أنى يؤفكون- أن عائشة كانت تدعوا للدعارة؛ فقالوا:
أن عائشة زيَّنت جاريةً كانت عندها، وقالت: لعلَّنا نصطاد بها شاباً من شباب قريش بأن يكون مشغوفاً بها[84].
قال الشيخ محمد بن سليمان التميمي رحمه الله: (والحاصل أن قذفها – أي عائشة رضي الله عنها- كيفما كان؛ يوجب تكذيب الله تعالى في إخباره عن تبرئتها عما يقول القاذف فيها...ومن كذب الله فقد كفر...وأما قذفها الآن فهو كفرٌ وارتداد، ولا يكفي فيه الجلد؛ لأنه تكذيب لسبع عشرة آية من كتاب الله كما مر، فيُقتل ردَّة...ومن يقذف الطاهرة الطيبة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة كما صح ذلك عنه، فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين...)[85]
◄ زعم الشيعة الرافضة أن عائشة رضي الله عنها وأرضاها منعت من دفن الحسن بن علي رضي الله عنه عند جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأنها ركبت بغلة وخرجت إلى الناس لتمنع من ذلك، واختلقوا الروايات المتناقضة والقصص المختلفة فيما بينها والتي تنضح ببغضهم للصديقة رضي الله عنها، فرووا أن الحسن طلب من الحسين أن يدفنه عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي رواية طلب أن يُدفن عند جدَّته فاطمة بنت أسد، وفي رواية أنه طلب أن يُدفن بالبقيع عند أمه فاطمة رضي الله عنهم جميعاً، وفي رواية ذكروا فيها أن مروان ابن الحكم هو الذي منع وليس عائشة رضي الله عنها، وفي أخرى أن ابن عباس هو الذي حث أمه عائشة في المنع..والكثير من الروايات المتناقضة المختلفة المتساقطة التي تبين كذبهم وافتراءهم وتدليسهم وتلبيسهم[86]..
والصحيح في المسألة والعلم عند الله؛ أن عائشة لم تمانع من دفن الحسن رضي الله عنه عند جده صلى الله عليه وآله وسلم، بل وافقت وسمحت ولم تمانع لمَّا استأذن الحسين رضي الله عنه؛ فقالت له: نعم وكرامة.. والذي منع الدفن هو مروان بن الحكم والي بني أمية على المدينة في تلك الأثناء، فهو الذي أقبل لما بلغه ذلك، فقال: كذبَ، وكذبتْ، والله لا يُدفن هناك أبداً، منعوا عثمان من دفنه في المقبرة، ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة[87]؟!
◄ زعم الشيعة أخزاهم الله أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((ألا إن الفتنة ها هنا – يشير إلى المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان – أو قال: قرن الشمس.))[88] قالوا: وكان يشير إلى بيت عائشة.. وبوبوا لهذا الحديث بقولهم: باب في إخبار النبي أن الفتنة ورأس الكفر من بيت عائشة..[89]
وسيأتي قريباً في فصل: الشيعة والصوفية قرنا الشيطان، وسنبين فيه حقيقة هذه الفرية، ونفك فيه الشبهة التي اتخذها الرافضة والصوفية شهوة وشهرة، فصبر جميل والله المستعان...
◄ يزعم الشيعة عليهم من الله ما يستحقون أن عائشة رضي الله عنها هي التي حرضت على قتل عثمان رضي الله عنه مع طلحة رضي الله عنه، وأنها كانت تسبه وتلعنه وتتمنى موته، ويزعمون أن عمار بن ياسر رضي الله عنه كان قد شهد على عائشة في ذلك، وقالوا أنها كانت تسمي عثمان رضي الله عنه نعثلاً، وكانت تخرج كل صلاة وهي آخذة بقميص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وترفعه وتقول: إن عثمان قد خالف صاحب هذا القميص وترك سنته..ثم سُرَّت بمقتله بعد سماعها وهي في الحج فقالت لمن بَكَاه: ما بكاؤكم على نعثل؟ أراد أن يطفئ نور الله فأطفأه الله تعالى، وأن يضيع سنة رسوله فقتله! بُعداً لنعثل وسحقاً، وظنت أن طلحة وُلّيَ بعده، فلما علمت أن علياً رضي الله عنه قد وُلي، تمنت لو أن السماء أطبق على الأرض إن تَمَّ هذا.. ثم صارت تنعي عثمان رضي الله عنه بعد وتقول: لإصبع من أصابع عثمان خير من عليّ، وأخبرت الناس بمكة أن عثمان قد قُتل مظلوماً؛ فخرجت على عليٍّ تزعم أنها تُطالب بدم عثمان..وقد أيَّدوا تأييد مزاعمهم هذه بكثير من القصص الكاذبة والأشعار الموضوعة، فلعنة الله على الكاذبين المفترين الدجالين[90].. فلعنة الله على الكاذبين، وهذه القصص المفترية قد نقلها أهل السنة عن الشيعة من كتبهم، وأسندوها بأسانيدها؛ حتى يتبين للناس كذب الشيعة على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فذكرها ابن سعد في"طبقاته"[91]، وابن جرير الطبري في"تاريخه"[92]، وابن الأثير في"الكامل في التاريخ"[93]، وابن أعثم في"تاريخه"[94]، فأسندوا هذه القصص عن نصر بن مزاحم المنقري الرافضي الغالي الجلد الكذاب الغير مأمون، وهم – الشيعة- قد أسندوا قصصهم عن أبي مخنف لوط بن يحيى الشيعي المحترق والإخباري التالف الهالك الغير موثوق به ولا بعلمه، وكما قيل: من أسند فقد أحال، ونحن نقول: فللَّه الحمد؛ فقد تبين الحال؛ فالرافضة كما قال عنهم الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاّم رحمه الله: (عاشرت الناس، وكلمتُ أهل الكلام، فما رأيتُ قوماً أوسخ وسخاً، ولا أقذر قذراً، ولا أضعف حجةً، ولا أحمق من الرافضة.)[95] وقال الإمام الشافعي رحمه الله: (لمْ أرَ أحداً أشهد بالزور من الرافضة.)[96]
فالشيعة الرافضة هم أكذب الناس تحت أديم السماء، فهم ما يكتبون قصة أو رواية أو مسألة إلا وناقضوها في موضع آخر، ومما يدل على عظيم التناقض عندهم[97]؛ أنك ترى التناقض في نفس الكتاب الذي قص القصة أو الخبر أو الرّواية؛ فهي التي قالت عندهم: لإصبع واحد من عثمان خير من علي، وهي التي كرهت استخلاف علياً لحقدها الذي في قلبها عليه، وفي نفس الوقت هي التي دعت إلى مبايعته مع شدَّة بغضها له، ثم هي التي طلبت بقتل قَتَلَة عثمان رضي الله عنه من عليّ رضي الله عنه، وهي التي حرّضت طلحة والزبير رضي الله عنهما الخروج على عليّ رضي الله عنه ومهدت هذا الخروج فخرجت عليه – وفي رواية أن الذي حرض ومهَّد هو طلحة والزبير- فهي التي كانت تسب عثمان وتلعنه وتلمزه، وهي التي – في نفس الوقت- تطلب بدمه وقتل قَتَلَته!! والكثير الكثير من التناقض والاختلاف[98]..
قال المفيد الملقب بشيخ الطائفة: أن الأحنف بن قيس قدم على عائشة وهي في مكة – وعثمان رضي الله عنه محاصراً- فقال لها: إني لأحسب هذا الرجل مقتولاً، فمن تأمرينني أن أبايع؟ فقالت:بايع علياً[99]..
وقد أخرج ابن أبي شيبة رواية فيها استشارة الأحنف بن قيس لطلحة والزبير وعائشة y فيمن يُبايع بعد عثمان؟ فكلهم قال: (نأمرك بعليٍّ. قال: وترضونه لي؟ قالوا: نعم. قال: فمررت على عليٍّ بالمدينة فبايعته، ثم رجعت إلى البصرة، ولا أرى إلاَّ أن الأمر قد استقام.)[100]
◄ طعن الشيعة لعائشة رضي الله عنها وأرضاها بقصة الطائر المشوي الذي ملأ كتب الشيعة؛ وهذه القصة الموضوعة المطروحة المكذوبة تحكي أن جبريل عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بطير، فدعا الله فقال: اللهم يسر عبداً يحبُّك ويُحبّني يأكل معي، وكان عليّ رضي الله عنه يأتي وتمنعه عائشة رضي الله عنها، ودعا أخرى، وتمنع.. وتقول له مرة أنه نائم، وأخرى أنه على الحاجة، حتى إذا كانت الدعوة الثالثة؛ طرق عليٌّ بشدة، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أدخلي علياً...فكلمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: اشتهيت أن يكون أبي، فقال لها: ما هذا بأول ضعن بينك وبينه، لتقاتلينه، وإنه لك خيرٌ منك له، ولينذرنَّك بما يكون الفراق بيني وبينك في الآخرة[101]..
وهذه القصة بالإضافة إلى كونها مكذوبة، فإنها تخالف المشهور في حديث الطائر عند الشيعة أنفسهم: فقد أسند جمهورهم إلى أئمتهم أن الذي منع علياً من الدخول هو أنس بن مالك رضي الله عنه لرغبته أن يكون الداخل رجلاً من الأنصار.. وهذا التناقض يفضح الكذب والاختلاف في كتبهم الذي يدل الناس ويبصرهم في أن الشيعة ما تحكمهم إلا أهواؤهم بالهذيان والبهتان، وما يروُون الروايات المختلقة والمخترعة إلا في حاجة في صدورهم[102]، وسيرون يوم القيامة من هو خصمهم الحقيقي الذي كذبوا عليه متعمدين قاصدين أحب الناس إليه..
ولم يشك أحد من أهل العلم أن قصة الطائر موضوعة ومتناقضة؛ رواها سُقَّاط أهل الكوفة، فرووها عن المشاهير والمجاهيل عن أنس، وهو حديث من المكذوبات والموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل، وهذه القصة هي واحدة من مئات – بل آلاف- القصص الموضوعة التي ما مُلئت كتب الشيعة إلا بها، وهي على كثرتها؛ فهي متناقضة تناقض الغرائب، ومختلفة اختلاف العجائب[103]..
◄ زعم الشيعة أن عائشة رضي الله عنها قد ارتكبت فاحشة بخروجها على عليٍّ رضي الله عنه، فقالوا إن قول الله تعالى }يَا نسَاءَ النَّبيّ مَنْ يَأْت منْكُنَّ بفَاحشَةٍ مُبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضعْفَيْن { الأحزاب:30 إنما هو قتال عائشة لعليٍّ رضي الله عنهما، ففسروا الفاحشة هنا بهذا التفسير، وقالوا أن عائشة رضي الله عنها خالفت أمر ربها: }[وَقَرْنَ في بُيُوتكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهليَّة الأُولَى { الأحزاب:33 فخرجت متبرجة تبرج الجاهلية الأولى بين الملأ والعسكر، ووضعوا في ذلك أحاديث مكذوبة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبأنه أخبر أن ابنة أبي بكر سوف تخرج على عليٍّ مع فئام من الناس، وسوف تنبح عليها كلاب الحوأب، فيقاتلها عليٌّ، فيقتل مقاتليها, يأسرها فيحسن أسرها.. ووضعوا في ذلك – متعمدين- قصصاً وأحاديث موضوعة مصنوعة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في أن عائشة هي التي تخرج؛ ومن خرج على علي فهو من أهل النار.. وما علموا أو تعلَّموا أن من كذب على النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم فقد تبوأ مقعده من النار وبئْسَ القرار في تلك الدار، فرمتني بدائها وانسلت[104]..
أما دليل تناقضهم وعظيم اختلافهم الذي يدل على وضعهم للأحاديث؛ فهم لما رووا الأحاديث في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بخروج عائشة على عليّ؛ أمر علياً في روايات بأن يرفق بها، وفي أخرى بأن يضربها، وفي روايات أخرى بأن يطلقها ويفصمها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم...وكل هذه الروايات بأسانيد ساقطة تالفة شيعية محترقة، فيها المجاهيل والتالفين التي تسقط قيمة الرواية عندهم، وتبطل الاعتداد بها، بل هو أكبر دليل على كذبهم فيما يرونه وينقلونه[105]..
فمن العجب – وإن تعجب تعجب حقاً- أن الشيعة الرافضة يعتقدون بأن علياً رضي الله عنه له الحق في تطليق زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه بعد موته! ويضعون الأحاديث في الخيال لهذه العقيدة الغريبة، فقال الملقب بالصدوق عندهم أن الحسن العسكري قال: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل طلاق أزواجه بيد عليّ بن أبي طالب، وقال له على حد زعمهم: (يا أبا الحسن! إن هذا الشرف باقٍ لهم ما دمن لله على الطاعة، فأيتهنَّ عصت الله بعدي بالخروج عليك؛ فطلقها في الأزواج، وأسقطها من تشرّف الأمهات، ومن شرف أمومة المؤمنين) وفي رواية: (فمن عصتك منهن؛ فطلقها طلاقاً يبرأ الله ورسوله منها في الدنيا والآخرة)[106].. وفي رواية عند الطبرسي عن الباقر أن علياً رضي الله عنه طلَّق عائشة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمل، فزعم الطبرسي أن علياً رضي الله عنه روى حديثاً فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: (يا عليّ! أَمْر نسائي بيدك من بعدي) ثم قال علي رضي الله عنه: والله ما أراني إلا مطلقها، وشهد على ذلك ثلاثة عشر، منهم إثنان بدْريَّان، فبكت عائشة بكاءً شديداً[107]..
فالرافضة دائماً هكذا! إن لم تسعفهم نصوص القرآن الكريم وأحاديث النبي الصادق الأمين؛ استباحوا انتحال الكذب الواضح المبين، ولجئوا إلى الوضع في الحديث، وعندما نقول: لجئوا إلى الوضع في الحديث؛ ذلك لأن الحديث النبوي تأخر جمعه عن القرآن الكريم، حيث ما دوّن من الأحاديث حتى نهاية الخلافة الراشدة كان أقل بكثير مما لم يدوّن، فكانت هذه ثغرة نفذ منها أهل الأهواء جميعاً – شيعة وغيرهم- لتحقيق أغراضهم، وإلاَّ فالشيعة قد استباحوا الكذب على كتاب الله تعالى -كما تقدم وما سيأتي-
وكان أول باب طرقه الشيعة في تحقيق أغراضهم؛ هو باب ذكرهم فضائل الأشخاص ومثالبهم، فذكروا القصص الموضوعة التي تحاكي الخيال والخرافات والأساطير في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته الكرام y، وفي آل البيت وأهله، وهي قصص تعكس مدى جرأة الشيعة على كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يكتفوا بكل ما عندهم من التَّخرُّص والكذب، فأراقوا ماء وجوههم بالتأليف، فنفَّقوا كذبهم، ونشروا أباطيلهم، وسودوا صحائفهم بكذبهم الذي يشير إلى منازلهم الهابطة، والتي كشف عوارها السلف رحمهم الله، الذين اتفقوا على أنَّ: ما كل ما كُتب يصير مُسلَّماً به، ولا مقطوعاً بصحته؛ حتى يؤتى بالسند الموصول المتصل، المُحتَجُّ برواته، الموثقة عدالتهم، فيُعرض على المعلوم من ديننا، بطرق الاستدلال، وصحة الخبر، فإن وافق، وإلاَّ ضُربَ به عرض الحائط، لئلا يكون في ديننا القويم شبهة، بل كل ما عندنا قد ثبت بما تقدم من الشروط؛ فكان حجة قاطعة، وبالله التوفيق..
موقعة الجمل
لا يشك أحد من المسلمين أن موقعة الجمل موقعة قد حصلت بين عائشة وعليّ رضي الله عنهما.. ولكن! روايات أهل السنة في هذه الموقعة تختلف عن روايات الشيعة الرافضيَّة، فروايات أهل السنة قد اعتمدت على صحة الأسانيد، فلا تقبل الروايات عندهم إلا عن نقل العدل الضابط المتصل بعدل ضابط إلى منتهاه بغير علة أو شذوذ، فيخرج عن حد الصحيح عندهم ما انتقد بجرح أو انقطاع أو نحو ذلك مما سطره أهل السنة في كتبهم التي تُعتبر من أدق الكتب التي تحمل أعظم فن وأدقه، بل تحمل رأس العلوم وأشرفها التي ما يحملها إلا الذين تضلعوا الحفظ، وتبحَّروا الخبرة، وغاصوا الإتقان، فهم بهذا أهل الفهم الثاقب، والبيان القاصد، والنية الصادقة، والبحار التي لا تخاض لجتها، ولا تُنقض حجتها، فهم الجهابذة النقاد من أئمة هذا العلم العزيز[108]، فلله درهم، وعليه شكرهم (كيف لا؟! وهم ورثة النبي e حقاً، ونواب شرعه صدقاً، حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا في حبهم وسيرتههم..)[109].. أما الشيعة الرافضة[110]؛ فليس عندهم هذه الشروط التي تفرض على أصحابها سلامة المعتقد، وصيانة الشريعة من كل إفراط أو تفريط، أو اعوجاج يخرجهم عن جادة الطريق، فهم يروون الأحاديث دون شروط تقودهم، ولا أحكام تلزمهم، فهي من غير أزمّة ولا خطام، فتراها موضوعة وحطام بين الركام، على وجه فيه تحريف الكلام، ولعب على عقول السذج العوام، فيروون الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي فيها واضح التحريف على التمام، وجعلوها أداةً للخنوع والاستسلام، فلا تجمع فيها صفات الصحيح من الحديث والآثار العظام، بل ولا حتى صفات الحسن منها، فأحاديثهم تجمع جميع صفات الضعيف؛ كالموضوع – وهذا أكثرها عندهم- والمقلوب، والشاذ، والمعلل، والمضطرب، والمرسل، والمنقطع، والمقطوع، والمعضل، والمدلس، والمنكر..الخ. حتى أنك إذا اطلعت على أسانيد الشيعة؛ رأيت الراوي يرويها وبينه وبين الحادثة أو الواقعة عشرات السنين، فهو لم يشاهدها فضلاً من أن يوصلها، أما إذا أسندها؛ فهو قد جهزها في معمله ومختبره، فيرويها بعد تحليله عن شلة طائفته التي نفخت في الرماد، وسعرت نار الفتن بأقلامهم وألسنتهم كأبي مخنف والواقدي والكَلْبيَّان وغيرهم الكثير من أصحاب الوقيعة في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسادة الأمة وقادتها، وهي بمجموع ما فيها من الضعف وما تحمله معها الحقد والبهتان لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزوجاته؛ فتراها تحمل معها ركاكة ورداءة الألفاظ، وفساد المعاني وتحريفها، والمجازفة الفاحشة في مباني الإسلام وتزييفها، والمخالفة الواضحة لما ثبت في السنة الصحيحة والقرآن تقشعر منه جلود أهل السنة، وتنفر منه قلوبهم..
والذي ننقله في كتابنا هذا – نقض الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية – إنما ننقله على سبيل القدح فيها؛ لنحذر من اغتر بها من الجهلة والعوام الرعاع، كأصحاب المناهج الدخيلة على الإسلام وأهلها، من الذين يهرفون بما لا يعرفون، ويرددون غير الذي يقرؤون أو يسمعون، وكمنهج القرضاوي الذي سماه وسطي! ويدعي أنه حريص على سلامة صرح الإسلام، ويزعم أنه يرفع بمنهجه قواعده، وهو في الحقيقة؛ ضرب بمعول منهاجه أساس الصرح الشامخ، ورد عليه ونقضه، وهدد من خالفه، وهو لا يشعر بما مُنيَ به من الشذوذ والخطأ، فيزداد سقوطاً بتمرده واستكباره عن قبول الحق، ونحن في انتظار سقطة أخرى له، يدافع بها عن الشيعة[111]!!
أرى خلل الرماد وميض جمر وأخشى أن يكون لها ضرام
فـإن النــار بـالعيــــدان تـــذكـى وإن الحـرب مبـدؤها الكلام
ولا يشك أحد – في قلبه ذرة من إيمان، أو توقير للصحابة الكرام- أن أحاديث الشيعة الرافضة المختلقة والمخترعة المتناقضة الموضوعة من أشر الأحاديث، فهي التي بضررها أفسدت الكثير من الأمة وأخرجتها من دينها الحق إلى دين آخر لا يمت إلى الإسلام بأي صلة، فَحَمَلَةُ دين الشيعة الرافضة هم شر من كل كذاب تحت أديم السماء، فكان دينهم عاراً على واضعي أحاديثهم في الدنيا، وشناراً وناراً في الآخرة، فقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))، فوالله ما يكذب على الله ورسوله إلا من كمل جهله، وقل عقله، وكثر فجوره، وامتد افتراؤه، وتفاقم عليه هواه، ووقر في نفسه الحقد على الإسلام وأهله، وهم المنافقون حقاً، والزنادقة موافقةً..
فالذي ننقله عن علماء الشيعة الرافضة إنما هو من كتبهم المعتمدة لدى أتباعهم، والموثَّقة بالوثائق والمصائد والمصادر المعتمدة عندهم؛ حتى لا يقول قائل: قيل عنا ولم نقله، بل نقول لهم: قلتم فنقلناه، وننقلها حتى يتبين لكل بصير؛ أنهم علماء سوء، قد اشتروا الدنيا بالآخرة، وتقربوا إلى أتباعهم وموافقيهم بشهادة الزور وبالفتاوى الكاذبة والأقوال المخترعة، فأنكروا أموراً متواترة من الشرع معلومة من الدين بالضرورة؛ لإرضاء أهوائهم الشخصية، ونصرة لأغراضهم الشيعية، فاستحبوا العمى على الهدى، والغي على الرشاد، حتى صار الكذب شعاراً لهم يسمونه (التقية)، والنفاق دثارهم، والتكفير للصحابة وأمهات المؤمنين عقائدهم، حتى أنهم إذا ترجموا لراوي من رواتهم فيقولوا عنه: (حسن المذهب، يلزم التقية) هكذا في تراجمهم أخزاهم الله، فالكذب من دينهم بالتعبير الصحيح؛ فلا إيمان لمن لا تقية له! فلعنة الله على الكذابين الأفَّاكين المنافقين الجائرين البائرين، الذين كان الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أداتهم ووسيلتهم[112].. لهذا لما سُئل مالك رحمه الله إمام دار الهجرة عن الرافضة، قال: لا تكلمهم، ولا ترو عنهم، فإنهم يكذبون، وقال الإمام الشافعي رحمه الله عنهم: لم أرَ أحداً أشهد بالزور من الرافضة، وقال يزيد بن هارون: يكتب عن كل مبتدع – إذا لم يكن داعية- إلا الرافضة، فإنهم يكذبون، وقال شريك بن عبد الله النخعي: أحمل العلم عن كل من لقيته إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث ويتخذونه حديثاً، وقال الأعمش: أدركت الناس وما يسمونهم إلا الكذابين، ومن تأمل كتب الجرح والتعديل؛ رأى المعروف عن مصنفيها بالكذب في الشيعة أكثرهم من جميع الطوائف.. والرافضة يقرون بالكذب حيث يقولون بالتقية[113]..
فالشيعة الرافضة هم العمدة في سرد الروايات التي يكذّب آخرُها أولَها، وأولُها آخرَها، والحكايات التي فيها الهوس والجنون، والخزعبلات التي يتعذر على المتأوّل تأويلها، فيسردون الروايات والحكايات والخزعبلات عن الحوادث التي وقعت أيام عثمان رضي الله عنه، والحروب التي حلَّت بين علي رضي الله عنه وبين المطالبين بثأر عثمان، وغيرها من الوقائع الكثيرة التي صبغوها بصبغتهم الخاصة المعتمدة على استباحة الكذب الذي خدعوا به الأتباع والسذج من الناس، وسرقوا عقولهم بدعوى حب أهل البيت، الذي دخلوا به في الطعن والتشنيع في أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي أزواجه أمهات المؤمنين البررة العفيفات الطاهرات المحصنات المبرءات من فوق سبع سماوات.
فلولا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه من الإخلاص، و نصب الأنفس للدفاع عن الدين وحملته الأطهار، وتفرغوا للذب عن سنة النبي المختار، وأفنوا أعمارهم في التمييز بين الثابت والمكذوب؛ لهدمت جميع معاقل الإسلام، ولأُفْنيَت جميع محاسنه، ولانْدرست جميع معالمه، فرحم الله الأئمة الأعلام الذين زكاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدولُه[114]، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)) فلولاهم لاختلط الحابل بالنابل، ولاختلط الأمر على العلماء والدهماء، ولسقطت الثقة بالأحاديث، ولسقط من نُسبَ إليهم من مشاهير الخليقة ما وضعوا عليهم.. فهم الذين رسموا قواعد النقد بتوفيقٍ من الله، ووضعوا علم الجرح والتعديل لكي يعرف الناس قيمة الروايات بقدر الرواة، ويعلموا أن كل واقعة وحادثة يتفرد برواتها الشيعة الروافض لا يُعتمد عليها، ولا يكون لها اعتبار ولا كرامة.. فكان من علْم علماء السنة؛ علم مصطلح الحديث، وهو أدق –ولا أقول من أدق- الطرق التي أظهرت في العلم للتحقيق التأريخي، ومعرفة النقل الصحيح من الباطل، فرحم الله هؤلاء الأئمة، وجزاهم الله عن الأمة والدين أحسن الجزاء، ورفع درجاتهم في الدنيا والآخرة، وجعل لهم لسان صدق في الآخرين..
فمزاعم الشيعة في موقعة الجمل وغيرها من الوقائع؛ فأكثرها باطل وعاطل لا تمت إلى الحقيقة بأي صلة، ففي روايات الشيعة لهذه الموقعة وغيرها العجائب والاضطراب والغرائب!
ونحن هنا في هذا النقض لا نريد أن نسرد الوقائع التاريخية بالتفصيل؛ وإنما نريد أن نكتب فيها رؤوس أقلام، فالقصة مدونة عند مؤرخي السنة كالطبري وابن كثير وابن الأثير وابن خلدون وغيرهم، من الذين اعتنوا في نقولاتهم على الأسانيد..
فالذي يعتقده أهل السنة والجماعة أن عائشة رضي الله عنها لم تخرج لقتال علي رضي الله عنه، بل خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين، وهذا:
لما قُتل عثمان الحيي رضي الله عنه في شهر الحرام وفي بيته؛ فكان لا بد من القصاص من قَتَلَته، وكان قد بويع عليٌّ بالخلافة بحق ورضى من جميع المسلمين؛ لأهليته لهذه الخلافة الراشدة، ولعلم الجميع انه رضي الله عنه رابع من زكَّاهُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث العشرة المبشرة بالجنة، فهو إمام حقٌ واجب الطاعة، وهو الخليفة في زمانه خلافة نبوة؛ فوَّضَ إليه الخلافة جميع الصحابة سوى معاوية رضي الله عنه ومن معه في الشام، والحق مع علي رضي الله عنه، والسبب في ذلك:
(فإن عثمان رضي الله عنه لما قُتل؛ كثر الكذب والافتراء على عثمان وعلى من كان بالمدينة من أكابر الصحابة كعليّ وطلحة والزبير، وعظمت الشبهة عند من لم يعرف الحال، وقويت الشهوة في نفوس ذوي الأهواء والأغراض، ممن بعدت داره من أهل الشام، ويحمي الله عثمان، أن ظن بالأكابر ظنون السوء، ويبلغه عنهم الأخبار، منها ما هو كذب، ومنها ما هم محرف، ومنها ما لم يُعرف وجهه، وانضم إلى ذلك أهواء أقوام يحبون العلو في الأرض، وكان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان – من لم يُعْرَف بعينه، ومن تنصر له قبيلته، ومن لم تقم عليه حجة بما فعله، ومن في قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله، ورأى طلحة والزبير أنه إن لم يُنصر الشهيد المظلوم، ويُقمع أهل الفساد والعدوان، وإلاَّ استوجبوا غضب الله وعقابه، فجرت فتنة الجمل على غير اختيار من عليّ، ولا طلحة والزبير، وإنما أثارها المفسدون بغير اختيار السابقين، ثم جرت فتنة صفّين لرأي، وهو أن أهل الشام لم يعدل عليهم، أو لا يُتَمَكَّن من العدل عليهم- وهم كافُّون، حتى يجتمع أمر الأمة، وأنهم يخافون طغيان من في العسكر، كما طغوا على أمر الشهيد المظلوم، وعلي رضي الله عنه هو الخليفة الراشد المهدي الذي تجب طاعته، ويجب أن يكون الناس مجتمعين عليه، فاعتقد أن الطاعة والجماعة الواجبتين عليهم تحصل بقتالهم، بطلب الواجب عليهم، بما اعتقد أنه يحصل به أداء الواجب، ولم يعتقد أن التأليف لهم كتأليف المؤلفة قلوبهم على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخليفتين من بعده مما يسوغ، فحمله ما رآه – من أن الدين إقامة الحد عليهم ومنعهم من الإثارة، دون تأليفهم- على القتال، وقعد عن القتال أكثر الأكابر، لمَا سمعوه من النصوص في الأمر بالقعود في الفتنة، ولمَا رأوه من الفتنة التي تربو مفسدتها على مصلحتها، ونقول في الجميع الحسنى: } رَبَّنَا اغْفرْ لَنَا وَلإخْوَاننَا الَّذينَ سَبَقُونَا بالإيمَان وَلا تَجْعَلْ في قُلُوبنَا غلاَّ للَّذينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَحيمٌ {الحشر:10
والفتنة التي كانت في أيامه قد صان الله عنها أيدينا، فنسأل الله أن يصون عنها ألسنتنا، بمنه وكرمه.)[115]
فمعاوية رضي الله عنه لم يكن مبايعاً لعلي رضي الله عنه لكونه رأى أن قتلة عثمان قد لجأت إلى معسكره وتحت كنفه، فرأى أن الخلافة لم تثبت له حتى ينفذ في القتلة حد السيف، فإن فعل ذلك؛ سلم له بالخلافة، فقال معاوية رضي الله عنه لعلي رضي الله عنه في رسالته: (أما بعد: فإنكم دعوتموني إلى الجماعة والطاعة، فأما الجماعة فمعنا هي، وأما الطاعة! فكيف أطيع رجلاً أعان على قتل عثمان، وهو يزعم أنه لم يقتله؟ ونحن نرد ذلك عليه ولا نتهمه به، ولكنه آوى قتلة عثمان، فيدفعهم إلينا حتى نقتلهم، ثم نحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة..)[116]. وقال: (فليقدنا من قتلة عثمان، ثم أنا أول من بايعه من أهل الشام)[117]
وكان معاوية رضي الله عنه قد طلب عمرو بن العاص رضي الله عنه ورؤوس أهل الشام فاستشارهم؛ فأبوا أن يبايعوا علياً حتى يقتل قتلة عثمان أو أن يسلم إليهم قتلة عثمان[118].. فكان هذا رأياً من معاوية وأصحابه y؛ بحث أنهم رأوا الثأر لدم الإمام المظلوم صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخليفته الحق الثالث للمسلمين، الذي أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيعة المشهورة لأخذ الثأر عنه يوم الحديبية، وسميت فيما بعد ببيعة الرضوان، حيث أنزل الله تعالى رضاه لكل من بايع لأجله، وهو قوله تعالى: }لَقَدْ رَضيَ اللهُ عَن المُؤْمنينَ إذْ يُبَايعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَة فَعَلمَ مَا في قُلُوبهمْ فَأَنْزَلَ السَّكينَةَ عَلَيْهمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَريبًا{ الفتح:18
حتى أن علياً رضي الله عنه لم يكَفّر الذين عارضوه ولم يبايعوه، ولكنه قال: (إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً؛ كان ذلك لله رضى، فإن خرج منهم خارج بطعن أو بدعة؛ ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى؛ قاتلوه على اتّبَاعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى...) وقال: (أوصيكم عباد الله تقوى الله، فإنها خير ما تواصى به العباد به، وخير عواقب الأمور عند الله، وقد فُتحَ باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة.)[119]
فعليٌّ رضي الله عنه لم يكفرهم، بل حكم بإسلامهم، وأنهم أخطئوا في رفضهم البيعة التي أجمع عليها المهاجرون والأنصار، حتى أنه كتب إلى أهل الأمصار كتاباً يقص فيه ما جرى بينه وبين أهل صفين، فقال: (وكان أمر بدء أمرنا؛ أنا التقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد، ونبينا واحد، ودعوتنا واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله، ولا يستزيدوننا، والأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان، ونحن منه براء.)[120]
وقال رضي الله عنه: (إني أكره لكم أن تكونوا سبَّابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم.)[121]
فهذا كتاب "نهج البلاغة" وهو كتاب شيعي يعترف بإسلام الطائفتين، حتى أن أعظم كتاب عند الشيعة يعترف بهذا؛ وهو "الكافي" للكليني فيقول في حديثهم المشهور عن إمامهم السادس المعصوم بزعمهم جعفر بن محمد الباقر: (ينادي منادٍ من السماء أول النهار: ألا إن علياً صلوات الله عليه وشيعته هم الفائزون، وينادي منادٍ آخر النهار: إلا إن عثمان وشيعته هم الفائزون.)[122]
فبعد تولي عليٌ رضي الله عنه للخلافة؛ طُولب أيضاً من بعض الصحابة y بإيقاع القصاص على قتلة عثمان رضي الله عنه، فالقتلة لا يزالون حينذاك في المدينة.. ولكنهم في ذلك الوقت كان لهم قوة ونفوذ وقبائل تذب عنهم، فيُخشى من بطشهم، ويُخاف من أذاهم، فكان عليٌّ رضي الله عنه يخشى إن استعجل إيقاع القصاص عليهم أن يخرجوا عن طاعته؛ من ثَم يمسكوا بزمام الأمور في المدينة بدلاً منه؛ فيعيثوا في الأرض الفساد، فالأمر الذي طالب به الصحابة y ليس بالسهل.. فعليّ رضي الله عنه لم يكن جاهلاً بإقامة الحد على قتلة عثمان رضي الله عنه، ولكنه أراد أن يمهلوه حتى تهدأ القلوب، فكان رضي الله عنه أعلم من غيره في زمانه بكتاب الله وسنة رسول الله، وغيره الذين كانوا يطالبون بدم عثمان يظنُّون أنهم مصيبون برأيهم، فقال لهم وهم إخوته ورفاقه الذي شاركوه في صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا أخوتاه! إني لست أجهل ما تعلمون، ولكني كيف أصنع بقومٍ يملكونا ولا نملكهم، ها هم هؤلاء قد ثارت معهم عبدانكم، وثابت إليهم أعرابكم، وهم خلالكم يسومنكم ما شاءوا، فهل ترون موضعاً لقدرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا، قال: فلا والله لا أرى إلا رأياً ترونه إن شاء الله، إن هذا الأمر أمر جاهلية، وإن لهؤلاء القوم مادة...) ثم أمرهم بالهدوء، فأمر مناديه أن ينادي: (برئت الذمة من عبدٍ لم يرجع إلى مواليه، يا معشر الأعراب! الحقوا بمياهكم... فأبت السّبَئيَّة وأتاهم الأعراب...)[123]
وبقيت السَّبَئيَّة في المدينة مثيرة للفتن والقلاقل ويسعون في الأرض الفساد والإفساد بنشر الأراجيف وتشييع الأكاذيب، فيثيرون الأحقاد والضغائن بين المسلمين بمحاولة إسعار الحرب بين المسلمين وإشعالها، وحتى تستل سيوف المسلمين فيما بينهم، فيضرب بعضهم رقاب بعض، فحرَّضوا علياً رضي الله عنه ضد كل من طالب بدم عثمان، فطلب طلحة والزبير من عليّ أن يأذن لهما أن يأتيا البصرة والكوفة لإحضار قوة من الجند لمعاقبة الغوغاء، لكنه لم يأذن لهما لعلة رآها أمير المؤمنين علي رضي الله عنه..فلما لم يأذن لهما في ذلك، استأذناه في الذهاب إلى مكة، فأذن لهما، وفي مكة اجتمع رأيهما مع رأي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على المطالبة بدم عثمان رضي الله عنه ومعاقبة السَّبَئيَّة[124] والغوغاء الذين ثاروا عليه وقتلوه، فكان لهم y أجر الاجتهاد، وفاتهم أجر الصواب..
أما خروج طلحة والزبير ومن معهما إلى البصرة لم يكن خروجاً على أمير المؤمنين، بل كان لنفس السبب الذي طلبوا به علياً رضي الله عنه؛ وهو جمع قوة تتمكن من معاقبة الثائرين الغوغائيين، والاقتصاص منهم لدم عثمان رضي الله عنه، الذي ظنوا أنهم بهذه المطالبة السريعة فيها مصلحة للمسلمين، فعاتبهم عليٌ رضي الله عنه على هذا التسرع، فقال لهما: ألم تُبايعاني؟
فقالا: نطلب دم عثمان[125]..وعلي رضي الله عنه لما سمع بخروجهم؛ أراد أن يردهم عن مقصدهم، ولم يكن يريد قتالهم، وإنما أراد أن ينزلهم على رأيه من التريث في معاقبة القتلة حتى يهدأ الناس ويدخلوا في طاعته، ثم يتعاونون جميعاً على قتلة عثمان رضي الله عنه، فما خرج إليهم إلى لقصد الإصلاح، ودلهم على أن رأيهم ليس فيه مصلحة للمسلمين..
وكذا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إنما أرادت الإصلاح، وظنَّت أن رأيها فيه مصلحة راجحة للمسلمين، وظنَّت أنها ترأب صدع الأمة وتصلحه، ولم يكن يخطر ببالها طرفة عين أن الأمر سوف يصل إلى القتال وسفك الدماء، فخرج إليها علي رضي الله عنه، فأرسلت إليه عن سبب خروجها له، ففرحوا جميعاً لنجاح الخطة، حتى قال علي رضي الله عنه: (ألا إني مرتحل غداً فارتحلوا، ولا يرتحلن أحد معي أعان على قتل عثمان بشيء من أمر الناس.)[126]
فلما سمعت السَّبَئيَّة بمقولة علي رضي الله عنه عرفوا مصيرهم، وهم يعلمون أن عددهم لا يساوي بجيش عائشة وعلي رضي الله عنهما المكون من ثلاثين ألفاً مع عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وعشرين ألفاً مع علي رضي الله عنه، وقتلة عثمان لا يتجاوز عددهم الألفين والخمسمائة ليس فيهم صحابي ولله الحمد.
فعندئذ! بدأت المؤامرة من قتلة عثمان رضي الله عنه، وبدأت الخطة والجيشان في صلح وكادت كلمتهم تُجمع، بل قد جُمعت، والنفوس مطمئنة وساكنة باتت في ليلة خير ليلة لم يبيتوا بمثلها من العافية، وبات قتلة عثمان بشر ليلة قد أشرفوا فيها على الهلكة، وجعلوا يتشاورون ليلتهم كلها، فكانت ليلة حاسمة! كيف يثيرون الحرب بين الفرْقَتَيْن المصطلحتين؟؟
فكانت الخطة التي حيكت في ليلة لم تنم فيها أعينهم الحاقدة على الإسلام وعلى ملة الإسلام، فنهضوا قبل طلوع الفجر على فرقتين يتوزَّعون في الجيشين؛ ففرقة تنصرف إلى مخيم أم المؤمنين، وأخرى إلى مخيم أمير المؤمنين؛ فهجموا عليهم بالسيوف، وأعْملوا السلاح في الطرفين، فقام الناس من منامهم ظانين أن الخيانة من الآخَر، كلٌ منهم يقول: غُدرَ بنا، فثار كل فريق إلى سلاحه، ولم يشعر أحد منهم من الذي بيتهم وغدر بهم، وكان الأمر قدراً مقدوراً، وقامت الحرب على قدم وساق، وتبارز الفُرْسَان، وجالت الشُّجْعَان، فنشبت الحرب، وتواقَفَ الفريقان، وأم المؤمنين جالسة في هودجها فوق بعير قد سُتر بالدروع، وتصاوَل الناس وتجاوَلوا، حتى راح ضحية هذه الكارثة الآلاف من الرجال، ونجا قتلة عثمان الذين أذكوا نار الفتنة وأوقدوها... فإنا لله وإنا إليه راجعون، وانتهت الحرب بسقوط الجمل، وقد علم الفريقان أن قتلة عثمان لا سبيل إليهم إلا بالصبر حتى التمكين، كما كان رأي أمير المؤمنين رضي الله عنه.
ولما رأى علي رضي الله عنه الحادثة قال: ليتني متُّ قبلها بعشرين عاماً، يعني في العام الذي مات فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال لأمه عائشة رضي الله عنها: كيف أنت؟ فقالت: بخير، فقال: يغفر الله لك، قالت: ولك.. وقد رأت رضي الله عنها أن ترك الخروج إلى عليّ رضي الله عنه كان أولى، وتمنت أن لو قد ماتت قبل الحادثة بعشرين عاماً، بل تمنت أن لو كانت نسياً منسياً، فكانت رضي الله عنها كلما تذكر حادثة خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها ندماً على مسيرتها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل، وما ظنت أن الأمر يبلغ ما بلغ[127].. ثم أتى عليٌّ الموتى الذين قُتلُوا، وقال حين رأى طلحة بن عبيد الله وهو صريع قال: لَهْفي عليك يا أبا محمد! إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، والله لقد كنتُ أكره أن أرى قريشاً صرعى، وأنت والله كما قال الشاعر: فتىً كان يدنيه الغنى من صديقه إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر
وجعل كلما مر برجل فيه خير قال: زعم من زعم أنه لم يخرج إلينا إلا الغوغاء وهذا العابد المجتهد فيهم[128]..
ثم جهز عليٌ أمَّهُ عائشةَ رضي الله عنها بكل شيء ينبغي لها من مركب أو زاد أو متاع، وأخرج معها كل من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام... فلما كان اليوم الذي ترتحل فيه، جاءها حتى وقف لها، وحضر الناس، فخرجت على الناس وودعوها وودعتهم، وقالت رضي الله عنها: يا بني! تعتب بعضنا على بعض استبطاء واستزادة فلا يعتدن أحد منكم على أحد بشيء بلغه ذلك، إنه والله ما كان بيني وبين عليٍّ في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار..
وقال عليٌ رضي الله عنه: يا أيها الناس! صدقت والله وبرَّت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة..
وخرجت يوم السبت لغرة رجب سنة 36هـ وشَيَّعَها عليٌّ أميالاً، وسرَّح بَنيه معها يوماً[129]..
◄ ومن المطاعن التي طعنت الشيعة الرافضة عائشةَ رضي الله عنها؛ زعمهم أنها رضي الله عنها خالفت أمر ربها }وَقَرْنَ في بُيُوتكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهليَّة الأُولَى { الأحزاب:33 ووضعوا في تفسير هذه الآية الأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهم لم يطعنوا بالصديقة رضي الله عنها؛ بل طعنوا بكل نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد خرجن رضي الله عنهن إلى الحج والعمرة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم إن هذه الآية الكريمة المحكمة قد نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسافر معه أزواجه رضي الله عنهن وحججن معه صلى الله عليه وآله وسلم بعد نزول هذه الآية، وعائشة رضي الله عنها عندما خرجت إلى البصرة؛ قد اعتقدت أن سفرها فيه مصلحة للمسلمين، فهي وإن كانت قد أخطأت واعترفت بخطئها؛ فهي امرأة مجتهدة حميراء باعتراف الشيعة أنفسهم، فهم يسمونها الحميراء في كثير من كتبهم[130].
فالحميراء لقب كان يطلقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حبيبته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو تصغير الحمْراء، ويريد البيضاء والحسن في الحمرة، ومنه قول الشاعر:
فـإذا ظهــرت تقنَّعنـي بالحُمْر إنَّ الحُسْنَ أحْمَـرْ[131]
فكانت عائشة رضي الله عنها بيضاء اللون مُشرب بياضها بحمرة، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لها بالحميراء تصغير تحبيب، وهذا اللقب من أخص مناقبها رضي الله عنها لما عُلمَ من حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لها، فهي الأم التي شاع من تخصيصها عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقد نزل القرآن في عذرها وبراءتها والتنويه بقدرها، فهي الأم التي توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين سحرها ونحرها، وكان الوحي ينزل في بيتها، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكراً سواها، ولقب حميراء قد ثبت لها في صحيح البخاري ومسلم والنسائي وأحمد وغيرهم، وهو حديث الحبشة الذين كانوا يزفنون ويلعبون بحرابهم في المسجد في يوم عيد، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا حُمَيرَاءُ! أتحبين أن تنظري إليهم؟)) فقالت رضي الله عنها: نعم، فأقامها صلى الله عليه وآله وسلم وراءه، وطأطأ لها منكبه لتنظر إليهم، فوضعت رضي الله عنها ذقنها على عاتق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأسندت وجهه إلى خدها، وكان يقول لها صلى الله عليه وآله وسلم: يا عائشة! ما شبعت؟ فتقول: لا! لتنظر منزلتها عنده صلى الله عليه وآله وسلم..
فهل بالله عليكم يلقب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زوجته بلقب يبغضه الله عز وجل؟!
فخروج عائشة أم المؤمنين إلى البصرة لمصلحة ارتأتها، والخروج للمصالح لا ينافي الأمر بالاستقرار في البيوت كما ادعاه وتعلق به الرافضة أخزاهم الله ولعنهم وأعمى أبصارهم وبصائرهم، فهي رضي الله عنها لم تقتحم مآزق الحرب والضرب أو فيما لم يُفرض عليها ولا يجوز لها، فهي ما خرجت لحرب كما تقدم الكلام في ذلك، وإنما خرجت لتعلّق الناس بها، وشكواهم إليها إلى ما صاروا إليه من عظيم الفتنة وتهارج الناس، ورجوا بركتها للإصلاح، وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت إلى الخلق، وظنت هي ذلك، فخرجت مقتدية بالله في قوله: }لاَ خَيْرَ في كَثيرٍ منْ نَجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاس وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلكَ ابْتغَاءَ مَرْضَاة الله فَسَوْفَ نُؤْتيه أَجْرًا عَظيمًا{ النساء:114 وبقوله: }وَإنْ طَائفَتَان منَ المُؤْمنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلحُوا بَيْنَهُمَا{الحجرات:9
فخروجها رضي الله عنها ما كان إلا لمصلحة رأتها، وهي الصلح المطالب به كل مسلم ذكراً كان أو أنثى، حراً كان أو عبداً، ولا ينافي أمر الله لها ولنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاستقرار في البيوت بقوله عز وجل: }وَقَرْنَ في بُيُوتكُنَّ {ولكن الله بسابق قدره وقضائه ونافذ حكمه؛ لم يرد أن يقع إصلاح، ولكن كانت الجراحات التي لم يطلبها أي الفريقين، فعائشة رضي الله عنها كانت متأوّلة باجتهاد، طالبة الصواب، لها أجر اجتهادها، بل وهذا من مناقبها رضي الله عنها رغم أنوف الشيعة ومن شايعهم أو وافقهم..
ونحن نقول في حق علي رضي الله عنه أنه حين ترك المدينة النبوية، وجعله الكوفة عاصمة خلافته بدلاً من المدينة التي كانت عاصمة الخلافة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه y إنما كان اجتهاداً منه رضي الله عنه، ولا نقول أنه ترك المدينة النبوية رغبة عنها، بل يُقال: اجتهد فأخطأ، وخطأ المجتهد مغفور، بل وله الأجر الواحد، كما أن لعائشة رضي الله عنها الأجر الواحد، فلا نقول مقولة الشيعة الرافضة الباغية الظالمة البائرة الجائرة الكافرة في حق أم المؤمنين عائشة...
◄ومن المطاعن التي طعنت الشيعة عائشة رضي الله عنها؛ زعمهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حذرها من قتال علي رضي الله عنه، وأنه أخبرها أنها ستقاتله وهي ظالمة له، ثم يستدلون كعادتهم بالأحاديث الموضوعة والأخبار المصنوعة؛ فيسوقنها كذباً وزوراً، وينسبونها إلى النبي وآل بيته بأسانيد لا تُعرف، ولا يُعْتَرف بها عند أهل العلم المعتمدة كتبهم من أهل السنة والجماعة..
وفي هذا المقام شُبْهة لزم فك رموزها وتفنيد مقاصدها: É
^ حديث كلاب الحَوْأَب الذي باء به الشيعة الرافضة بذكره بأعظم حوب، وجروا على هذا الحديث في كتبهم بأعظم الباطل والقول العاطل، وخرجوا به بتفسيق وبتكفير أم المؤمنين، وحبيبة خليل المسلمين صلى الله عليه وآله وسلم... وحديث الحوأب قد أثبته أهل السنة الثقات كالإمام ابن حبان والذهبي والحاكم وابن كثير وابن حجر العسقلاني والهيثمي وغيرهم[132] وفيه أن عائشة رضي الله عنها لما خرجت إلى علي رضي الله عنه بلغت مياه بني عامر ليلاً؛ نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا أني راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لها ذات يوم: ((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب)) وفي رواية: ((أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب)) فقال لها الزبير: ترجعين! عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس.. وفي رواية: ((ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب[133] تخرج فينبحها كلاب الحوأب، يُقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير، ثم تنجو بعد ما كادت))
فالحديث صحيح والحمد لله، ولم يكن فيه أي مثلبة لأي من أمهات المؤمنين، بل كان مضمون الحديث من النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الإخبار عن خروج واحدة منهن لم يكن عليه الصلاة والسلام يعلم من هي بالضبط، وإن كان قد شك في ذلك لما رواه البيهقي[134]، والحاكم[135]، وابن عساكر[136] وحسنه، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين، وضحكت عائشة، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أنظري يا حميراء أن لا تكوني أنت) ثم التفت إلى عليّ رضي الله عنه وقال: (يا علي! إن ولّيت من أمرها شيئاً؛ فارفق بها) وقد علق الحافظ ابن كثير على هذا الحديث فقال: هذا حديث غريب جداً[137].
ثم إنه لم يكن في الحديثين أدنى وعيد أو مطعن لمن خرج، بل فيهما معجزة من معجزات النبوة، ففيهما الإخبار بخروج إحدى أمهات المؤمنين، ولعلها تكون عائشة رضي الله عنها كما في الحديث الثاني إنْ صحَّ، وخاصة إذا عُلم أن الخروج كان لمصلحة ارتأتها صاحبة الخروج الذي لم يرد الله بسابق قضائه ونافذ حكمه أن يقع فيه إصلاح.. ونحن لا نشك أن اجتهاد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان خطأً من أصله، ولذلك همَّت بالرجوع حين علمت يتحقق نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند مياه بني عامر ونبح الكلاب هناك عليها رضي الله عنها، فأشار عليها الزبير رضي الله عنه باجتهاد منه هو الآخر، فأقنعها بترك الرجوع للغرض الذي من أجله جاءت إلى البصرة، وهو الإصلاح بين الناس بها، فوافقت الزبير على اقتراحه، والزبير رضي الله عنه كان أحد من بشره النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة، ولكن هذا لا يعصمه من الخطأ في الاجتهاد، فقد يقع الخطأ من الكُمَّل من الناس، والخطأ غير لائق بهم، ولكنَّ العصمة ليست لأحد سوى لله، وهي ليست لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا للأئمة، ولا لأئمة الشيعة..
فهذا هو الحق الذي ما بعده إلا الضلال، وروايات أهل السنة في الأحاديث والسير والتأريخ تختلف عن روايات الشيعة الرافضة، فالرافضة تعتمد على روايات الكذب المسمى عندهم تقية، والتقية عندهم تسعة أعشار الدين الرافضي الرافض للصدق والأمانة العلمية في النقل، فهم يدَّعون أن الزبير رضي الله عنه حلف كذباً أن الماء الذي مروا عليه ليس ماء الحوأب، وغير ذلك من الأباطيل التي ملأ الشيعة بها كتبهم..نعم! فقد أخطأت أم المؤمنين بعدم رجوعها، وأخطأ الزبير بتأويله، وأصاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإخباره، فكان الأجر الواحد لها وللزير، وكان علي رضي الله عنه رفيقاً بها حيث ردها لمأمنها كما سنبينه إن شاء الله في الآتي:
أولاً: ندم عائشة رضي الله عنها لهذا الخروج، فقالت لابن عمر رضي الله عنه: يا أبا عبد الرحمن! ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد غلب عليك – يعني الزبير- فقالت: أما والله لو نهيتني ما خرجت. وفي رواية: أن عائشة قالت لابن أبي عتيق: إذا مر ابن عمر فأرنيه، فلما مر بها قيل لها: هذا ابن عمر، فقالت: يا أبا عبد الرحمن! ما منعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال: رأيت رجلاً قد غلب عليك. يعني ابن الزبير[138]. وفي تاريخ الطبري بسنده عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه عن جده قال: (كان عمرو بن الأشرف أخذَ بخطام الجمل، لا يدنو منه أحد إلا خبطه بسيفه، إذ أقبل الحارث بن زهير الأزدي، وعمرو بن الأشرف يقول:
يا أمّنــا يـا خيـــر أمٍ نعلـــم أما ترين كم شُجاع يُكلم
وتختلي هامته والمعصم
فاختلفا ضربتين، فرأيتهما يفحصان الأرض بأرجلهما حتى ماتا. فدخلت على عائشة رضي الله عنها، فقالت: من أنت؟ قلت: رجل من الأزد، أسكن الكوفة. قالت: أشهدتنا يوم الجمل؟ قلت: نعم. قالت: ألَنا أم علينا؟ قلت: بل عليكم. قالت: أفتعرف الذي يقول: يا أمنا يا خير أم نعلم؟ قلت: نعم! ذلك عمي. فبكت حتى ظننت أنها لا تسكت)[139]
ثانياً: عدم دفنها في بيتها، وكانت تحدّث نفسها أن تدفن في بيتها، فقالت: إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حدثاً، ادفنوني مع أزواجه، فدُفنت في البقيع رضي الله عنها..
قال الألباني رحمه الله: تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل، فإنها ندمت ندامة كلية، وتابت من ذلك، مع أنها ما فعلت ذلك إلا مُتَأَوّلة قاصدة للخير، كما اجتهد طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وجماعة من الكبار رضي الله عن الجميع))[140]
وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: لما بَعَث عليٌّ عماراً والحسنَ إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال: إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة، ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. يعني عائشة، وكانت خطبته قبل وقعة الجمل ليكفّهم عن الخروج معها رضي الله عنها[141].
ثالثا: الرفق بها من عليٍّ بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فروى الإمام أحمد بسنده عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعليّ بن أبي طالب: (( إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر)) قال: أنا يا رسول الله؟! قال: ((نعم)) قال: أنا؟! قال: ((نعم)) قال: فأنا أشقاهم يا رسول لله، قال: ((لا، ولكن إذا كان ذلك؛ فارددها إلى مأمنها))[142]
فهذا الحديث المعجز هو حجة على الرافضة الذين لا يتحرجون من سب أم المؤمنين، وأمير المؤمنين علي رضي الله عنه يتحرج من فتنة كهذه فيقول: أنا أشقاهم، لعلمه أنها أمّه، وحبيبة نبيه، بل وزوجته في الدنيا والآخرة، وقد تقدم قول عمار رضي الله عنه لرجل وقع في أمه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ويحك! ما تريد من حبيبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ ما تريد من أم المؤمنين؟ فأنا أشهد أنها زوجته في الجنة. وكان هذا بين يدي عليٍّ، وعليٌّ ساكت[143]..فهذا هو عمار بن ياسر رضي الله عنهما وقد وصف عائشة رضي الله عنها بالأم له وللمؤمنين، وكذا بعض الشيعة المتناقضون يذكرون قصة الجمل وخطاب عمار لها بأم المؤمنين[144].. إلا أن الشيعة وقفوا عند كلمة عمار رضي الله عنه وأنها زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة، فحاولوا بشتى الطرق تضعيف هذه الرواية؛ كقولهم فيها: غير صحيحة، وأن عماراً لم يسمعها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ونحوها من الحجج التي ليس لها خطام ولا زمام..
◄ومن المطاعن الشيعية في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها لم تبك عقب معركة الجمل إلا من أجل أنها فشلت في المعركة، ولم يكن بكاؤها توبة أو ندم، فهي بزعمهم لم تحقق مأربها في النيل من عليٍّ وأبنائه والانتقام منهم إلى الممات، فيستدلون على ذلك بالقصص المكذوبة، والأدلة الموضوعة التي ليس لها أصل في كتب أهل العلم، وإنما هي في كتبهم وحدهم المتميزة بالكذب والافتراء، فهم أكذب الخلق على البسيطة دون منازع[145]..
فقد أطال الشيعة الرافضة الكذب والتطاول على الصحابة y وخاصة على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فيكيلون المثالب على خير أمَّة أخرجت للناس دون وازع يردعهم، أو ضمير يؤنبهم، فهم لا يذكرون إلا الأخبار الكاذبة والأنباء المختلقة التي تتحدث عن شيءٍ لا وجود له إلا في أذهانهم، فيردّدون الأكاذيب دون أسانيد، أو بأسانيد فيها الوضَّاعون والكذابون الذين ينتمون إليهم، فيكذبون على الله وعلى رسوله وعلى المؤمنين دون استشعار بمراقبة الله لهم، حتى تأصل الكذب في نفوسهم فسموه: "تَقيَّــةً"..
فهاهي كتبهم ومصنفاتهم قد ملأت في أذهان الشيعة ونفوسهم المريضة بُغْض أكثر الصحابة، وبغض أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته، فالذي ينظر إلى كتبهم وما سطروه فيها؛ يجد أكاذيبهم لا تُقبل إلا من أصحاب القلوب المنكوسة، ويجد الترهات التي سُطرت فيها؛ لا يقبلها إلا العقول المعكوسة، ويجد الهذيانات التي صُنفت فيها؛ لا يقبلها إلا الأذهان المريضة، حتى قال أحد السلف، وهو الأعمش:
(أدركت الناس وما يسمونهم إلا الكذابين) فنعوذ بالله من الوقوع في الضلال، ونعوذ بالله من الخذلان..
فك شبهة الرافضة في أمهات المؤمنين ونقضها
جاء في صحيح مسلم من طريق عبيد الله بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب الثقة الثبت، عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قام عند باب حفصة، فقال بيده نحو المشرق: ((الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان)) قالها مرتين أو ثلاثاً.[146] وجاء لفظ عند مسلم والإمام أحمد: قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند باب عائشة..[147]وفي لفظ للبخاري في كتاب فرض الخمس، باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما نسب من بيوتهن إليهن: قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطيباً، فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: ((هنا الفتنة – ثلاثاً- من حيث يطلع قرن الشيطان))[148] وفي لفظ مسلم: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيت عائشة، فقال: ((رأس الكفر من هاهنا، من حيث يخرج قرن الشيطان))[149] ففي هذه الألفاظ فرح بها الشيعة الرافضة لعنهم الله، فجعلوا هذه الأحاديث ضمن الطعونات في أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن، فذكروا هذه الأحاديث وزادوا عليها ألفاظاً من عندهم كعادتهم جنفاً وحيفاً وحنقاً وطغياناً وحقداً على التوحيد والسنة وأهلها وأئمتها! ولا قوة إلا بالله، فأوهموا الناس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما أشار إلى بيوت أمهات المؤمنين وليس نحوها، فقال أحدهم أخزاه الله - وهو عبد الحسين الشيعي - واصفاً نفسه تعصباً وكفراً بالعبودية لغير الله- في كتابه "المراجعات"[150]: (هاهنا الفتنة، حيث جابت في حرب أمير المؤمنين الأمصار، وقادت في انتزاع ملكه وإلغاء دولته، ذلك العسكر الجرار) اهـ هكذا قال فُضَّ فوه، بروايته الشيعية التي تقطر فرية وإثماً وفجوراً وردةً، فأوهم أن عائشة هي الفتنة، محرفاً الكلم عن مواضعه، فليعامله الله بما يستحقه..
قال الألباني رحمه الله تعالى[151]: (وإن من تلك الفتن طعن الشيعة في كبار الصحابة y، كالسيدة عائشة بنت الصديق التي نزلت براءتها من السماء، فقد عقد عبد الحسين الشيعي المتعصب في كتابه "المراجعات" (ص237) فصولاً عدة في الطعن فيها وتكذيبها في حديثها، ورميها بكل باقعة، بكل جرأة وقلة حياء، مستنداً في ذلك إلى الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد بينت قسماً منها في "الضعيفة" (4963-4970) مع تحريفه للأحاديث الصحيحة، وتحميلها من المعاني ما لا تتحمل كهذا الحديث الصحيح، فإنه حمله – فُضَّ فوه وشلَّت يداه- على السيدة عائشة رضي الله عنها زاعماً أنها هي الفتنة المذكورة في الحديث - }كَبُرَتْ كَلمَةً تَخْرُجُ منْ أَفْوَاههمْ إنْ يَقُولُونَ إلَّا كَذباً{ الكهف:5 معتمداً في ذلك على الروايتين المتقدمتين:
الأولى: رواية البخاري: فأشار نحو مسكن عائشة...
والأخرى: رواية مسلم: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيت عائشة فقال: ((رأس الكفر من هاهنا...
فأوهم الخبيث القراء الكرام بأن الإشارة الكريمة إنما هي إلى مسكن عائشة ذاته، وأن المقصود بالفتنة هي عائشة نفسها!
والجواب؛ أن هذا هو صنيع اليهود الذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه، فإن قوله في الرواية الأولى: "فأشار نحو مسكن عائشة" قد فهمه الشيعي كما لو كان النص بلفظ: "فأشار إلى مسكن عائشة"! فقوله: "نحو" دون "إلى" نصٌ قاطع في إبطال مقصوده الباطل، ولاسيما أن أكثر الروايات صرحت بأنه أشار إلى المشرق، وفي بعضها العراق، والواقع التاريخي يشهد لذلك.
وأما رواية عكرمة فهي شاذة كما سبق، ولو قيل بصحتها، فهي مختصرة جداً اختصاراً مخلاً، واستغله الشيعي استغلالاً مراً، كما يدل عليه مجموع روايات الحديث، فالمعنى: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيت عائشة رضي الله عنها، فصلى الفجر، ثم قام خطيباً إلى جنب المنبر (وفي رواية للبخاري: نحو مسكن عائشة) وفي أخرى لأحمد: يشير بيده يؤم العراق. فإذا أمعن المنصف المتجرد عن الهوى في هذا المجموع قطع ببطلان ما رمى إليه الشيعي من الطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها. عامله الله بما يستحق.)[152] اهـ
من قتل الحسين رضي الله عنه؟[153]
من قتل الحسين؟! سؤال يطرح نفسه! هل قتله أهل السنة، أم الشيعة، أم يزيد، أم من؟؟؟
والغريب جداً والحقيقة المفاجئة أن الكثير من كتب الشيعة، العديد منها تقرر وتؤكد أن شيعة الحسين هم الذين قتلوه، فقال السيد محسن الأمين: (بايع الحسينَ عشرون ألفاً من أهل العراق، غدروا به وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم وقتلوه.)[154]
لقد قُتلَ الحسين رضي الله عنه وذهب شهيداً إلى الله تعالى وذلك حسب اجتهاده رضي الله عنه، ولكنه رضي الله عنه خرج على يزيد بن معاوية بعد أن بايعته أكثر الأمة، وذلك بتوريط من أهل الكوفة الذين خذلوا من كان قبله، فوثق بهم وببيعتهم له، وخرج على يزيد بن معاوية، ولم يكن هناك موجب لهذا الخروج بعد أن بايعته الأمة - ولو كان الحسين رضي الله عنه خيراً من ألف من مثل يزيد- ولذلك فقد نهاه خيرة الصحابة والتابعين عن هذا الخروج فأبى، وقد جرَّ خروجُه على الأمة شراًّ مستطيراً إلى الآن..
والناس في خروجه على ثلاثة أضرب:É
الفريق الأول: الذين يحاكمون الأشياء بعواطفهم وليس بعقولهم فقالوا: لقد كان خروجه واجباً؛ وذلك لأن يزيداً لا يستحق الخلافة، وقد فُرض على الأمة بالقوة، فكان يجب الخروج عليه لإصلاح هذا الخلل ورد الأمور إلى نصابها.
وأما الفريق الثاني: فيرون أنه قد خرج بغير حق على الإمام المبايع شرعاً، فلا يجوز خروجه هذا، وقالوا: إذا بايعت الأمة لشخص واستقر الأمر له؛ فلا يجوز الخروج عليه إلاَّ بكفر بواحٍ وما أشبه ذلك، ولم يكن ذلك في يزيد بن معاوية، وما اتُّهم به من تهم لم يثبت منها تهمة واحدة، وهي من نسج خيال أعدائه، ولو بويع لإمام وبقي نفر قليل لم يبايعوا؛ فلا عبرة برأيهم فيجب عليهم الدخول فيما دخل فيه الناس، والحسين رضي الله عنه ولو كان خيراً من يزيد بلا منازع، ولكن الأمة لم تبايعه وليس معه نص من الله ورسوله e بالخروج، بل النصوص الشرعية الصحيحة تمنع ذلك000
وأما الفريق الثالث: فقد قالوا: إنه قد اجتهد فأخطأ، وذلك لأنه كان قد بيَّت الخروج على يزيد قبل أن يظهر منه أي شيء يوجب هذا الخروج، وظن أن الأمة ستبايعه هو لمكانته من النبي e، وكذلك لوثوقه بأهل الكوفة، وهم قوم لا يوثق بهم، فقد قُتل رضي الله عنه على أيديهم[155]، فهو مأجور من حيث قصده ولكن خروجه ما كان ينبغي، ولو نظرنا في تعامل يزيد مع خروج الحسين لوجدنا أنه قد تصرف بحكمة حتى نفذ صبره، وإلاَّ أي حاكم في الأرض يعلم أن شخصاً سيقوم عليه وتركه؟!
فقد علم يزيد بخروجه، وحاول والي مكة المكرمة أن يثنيه عن هذا الخروج فأبى، بل أعطاه كتاباً فارغاً وقال له: اكتب فيه ما شئت من حاجات ولا تفرق صفوف الأمة، فأبى رضي الله عنه، وقد حاول خيرة الصحابة الذين عاصروه كابن عمر وابن عباس وأخيه ابن الحنفية وغيرهم أن يمنعوه فأبى، ومع هذا فقد خرج وكان بإمكان ولاة يزيد منعه من ذلك ولكن لم يفعلوا، وحتى عندما جاءه خبر مقتل مسلم بن عقيل الذي بعث له قبل موته أن ارجع فإن أهل الكوفة قد خذلوه وأسلموه[156]، ومع هذا لم يرجع حتى اقترب من الكوفة، حتى بلغ السيل الزَّبَى كان الجيش الذي شُكّلَ لقتاله هو من الذين كانوا قد بايعوه سراً، ولم يكن فيهم أمويٌّ واحد، ومع هذا ينسب قتله إلى يزيد، وهو غير صحيح[157]، وقد حزن يزيد على مقتله وأكرم أهله وسيَّرهم إلى المدينة وأوصى واليه بهم خيراً، حتى عندما خرج أهل المدينة عليه لم يخرج أحد من أهل الحسين رضي الله عنه، فإذا كانوا يعتقدون بأن يزيداً قد قتله بغير حق؛ فَلمَ لم يخرجوا وقد جاءتهم الفرصة سانحة؟!.
والصحيح أنهم كانوا يعتقدون أن الذي قتله هو الذي خذله وهم أهل الكوفة، وهم قاتلوه حقيقة وليس يزيد. فلعن الله من قتله ورضي بقتله.
لهذا قال عبد الرحمن بن أبي نُعْمٍ: سمعت عبد الله بن عمر وسأله رجلٌ عن المحرَّم، قال: شعبة: أحسبه يقتل الذباب؟ - أي عن قتل الذباب وهو محرم- فقال ابن عمر: أهل العراق يسألوني عن الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله e! وقال رسول الله e: ((هما ريحانتي من الدنيا))[158]
فالشيعة هم بأنفسهم يعترفون بأنهم هم الذين قتلوا الحسين رضي الله عنه؛ فقال الطَّبرسي وهو ينقل عن الحسين رضي الله عنه مناداته لشيعته: (ألم تكتبوا إليَّ أن قد أينعت الثمار، وإنما تقدم على جندٍ مجنَّدة؟ تباً لكم أيها الجماعة وتعساً حين استصرختمونا وَلهين، فشحذتم علينا سيفاً كان بأيدينا، وحششتم ناراً أضرمناها على عدوّكم وعدونا، وأصبحتم أَلَباً على أوليائكم، ويداً على أعدائكم. إستسرعتم إلى بيعتنا كَطَيَرَة الذباب، وتهافتم إلينا كتهافت الفراش، ثم نقضتموها سفهاً. بُعْداً وسحقاً لطواغيت هذه الأمة.)[159]
وقد قال أخو الحسين الحسن بن علي y واصفاً شيعته الأفذاذ! بعد أن طعنوه: (أرى والله أن معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وأومن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي وأهلي) [160]
وذكر المفيد مناداة أحد أصحاب الحسين الحُر بن يزيد لشيعة الحسين في كربلاء قوله: (أدَعَوْتُمْ هذا العبد الصالح، حتى إذا جاءكم أسلمتموه، ثم عدوتم عليه لتقتلوه فصار كالأسير في أيديكم؟ لا سقاكم الله يوم الضمأ.)[161]
وقال الحسين رضي الله عنه وهو يدعو على شيعته التي خذلته: (اللهم إن متَّعتهم إلى حينٍ؛ ففرّقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدَدَاً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنهم دَعَوْنا لينصرونا، ثم عدَوْا علينا فقتلونا.)[162]
وويذكر المؤرخ الشيعي اليعقوبي في تاريخه أنه لما دخل زين العابدين علي بن الحسين الكوفة؛ رأى نساءها يبكين ويصرخن، فقال: (هؤلاء يبكين علينا! فمن قتلنا؟!) أي من قتلنا غيرهم.[163] فموقعة كربلاء تدل على غدر أهل الكوفة وكيدهم وسفكهم دماء محرمة وجورهم على أهل بيت النبي e.
فهم لم يقتلوا الحسين فحسب، ولكنهم قتلوا أيضاً أباه علياً[164]، وأخاه الحسن y![165]، ففي مراجعهم قالوا عن الحسن في حديثه لهم لما فوَّض معاوية وبايعه: (يا أهل الكوفة! ذُهلَتْ نفسي عنكم لثلاث: مقتلكم لأبي، وسلبكم ثقلي، وطعنكم في بطني، وإني قد بايعت معاوية، فاسمعوا وأطيعوا. فطعنه رجل من بني أسد في فخذه فشقَّه حتى بلغ العظم.)[166]
فهذه كتب الشيعة بأرقام صفحاتها[167] تبين بجلاء أن الذين زعموا تشييع الحسين ونصرته هم أنفسهم الذين قتلوه ثم ذرفوا عليه الدموع، وتظاهروا بالبكاء، ولا يزالون يمشون في جنازة من قتلوه إلى يومنا هذا، ولو كان هذا البكاء يعكس شدة المحبة لأهل البيت فلماذا لا يكون البكاء من باب أولى على حمزة عم النبي e، فإن الفظاعة التي قتل بها لا تقل عن الطريقة التي ارتكبت في حق الحسين رضي الله عنه حيث بقر بطن حمزة واستؤصلت كبده، فلماذا لا يقيمون لموته مأتماً سنوياً يلطمون فيه وجوههم ويمزقون ثيابهم، ويضربون أنفسهم بالسيوف والخناجر؟ أليس هذا من أهل بيت النبي e؟ بل لماذا لا يكون هذا البكاء على موت النبي e؟! فإن المصيبة بموته تفوق كل شيء، أم أن الحسين أفضل من جده لأنه تزوج ابنة كسرى الفارسية؟ فهل عرفتم من قتل الحسين رضي الله عنه؟!
قصة مقتل الحسين رضي الله عنه:
بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية وذلك سنة 60هـ فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة، وذلك أنهم لا يريدون يزيد ولا أباه ولا عثمان ولا عمر ولا أبا بكر، فهم لا يريدون إلا علياً وأولاده، وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب. عند ذلك أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليتقصَّى الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة وجليتها، فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين، فبايعه الناس على بيعة الحسين وذلك في دار هانئ بن عروة. ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة ليعالج هذه القضيَّة، ويمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين ولم يأمره بقتل الحسين، فدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة، وأخذ يتحرى الأمر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة. فخرج مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه، وذلك في الظهيرة. فقام فيهم عبيد الله بن زياد وخوفهم بجيش الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً فقط. وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد. فقبض عليه وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين فأذن له عبيد الله، وهذا نص رسالته: ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي. ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل وذلك في يوم عرفة، وكان مسلم بن عقيل قبل ذلك قد أرسل إلى الحسين أن أقْدم، فخرج الحسين من مكة يوم التَّروية.. وحاول مَنْعه كثير من الصحابة ونصحوه بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن عمرو وأخيه محمد بن الحنفية وغيرهم. وهذا ابن عمر يقول للحسين: (إني محدثك حديثا: إن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم أبداً وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فأبى أن يرجع، فاعتنقه وبكى وقال: استودعك الله من قتيل)، وروى سفيان بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال للحسين في ذلك: (لولا أن يزري - يعيبني ويعيرني- بي وبك الناس لشبثت يدي من رأسك، فلم أتركك تذهب).وقال عبد الله بن الزبير له: (أين تذهب؟ إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك؟) وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: (عجّل الحسين قدره، والله لو أدركته ما تركته يخرج إلا أن يغلبني)[168].
وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم، فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة (عمرو بن سعد) و(شمر بن ذي الجوشن) و(حصين بن تميم) فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث: أن يسيّروه إلى أمير المؤمنين (يزيد) فيضع يده في يده (لأنه يعلم أنه لا يحب قتله) أو أن ينصرف من حيث جاء (إلى المدينة) أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله[169]. فقالوا: لا، إلا على حكم عبيد الله بن زياد. فلما سمع (الحر بن يزيد) ذلك -وهو أحد قادة ابن زياد- قال: ألا تقبلوا من هؤلاء ما يعرضون عليكم؟ والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه. فأبوا إلا على حكم ابن زياد. فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق إلى الحسين وأصحابه، فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم، ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه[170].
ولا شك أن المعركة كانت غير متكافئة من حيث العدد، فقتل أصحاب الحسين (رضي الله عنه وعنهم) كلهم بين يديه يدافعون عنه حتى بقي وحده وكان كالأسد، ولكنها الكثرة، وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمنىَّ لو غيره كفاه قتل الحسين حتى لا يبتلي بدمه رضي الله عنه، حتى قام رجل خبيث يقال له (شمر بن ذي الجوشن) فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضاً فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيداً سعيداً. ويقال أن (شمر بن ذي الجوشن) هو الذي اجتز رأس الحسين وقيل (سنان بن أنس النخعي) والله أعلم.
وأما قصة منع الماء وأنه مات عطشاناً وغير ذلك من الزيادات التي إنما تذكر لدغدغة المشاعر فلا يثبت منها شيء. وما ثبت يغني. ولا شك أنها قصة محزنة مؤلمة، وخاب وخسر من شارك في قتل الحسين ومن معه وباء بغضب من ربه. وللشهيد السعيد ومن معه الرحمة والرضوان من الله ومنا الدعاء و الترضّي.
وأما ما رُويَ من أن السماء صارت تمطر دما، أو أن الجُدُر كان يكون عليها الدم، أو ما يرفع حجر إلا و يوجد تحته دم، أو ما يذبحون جزوراً إلا صار كله دماً فهذه كلها أكاذيب تذكر لإثارة العواطف ليس لها أسانيد صحيحة[171].
يقول ابن كثير عن ذلك: (وذكروا أيضا في مقتل الحسين رضي الله عنه أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط وأنه كسفت الشمس واحمر الأفق وسقطت حجارة، وفي كل من ذلك نظر، والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ليعظموا الأمر، ولا شك أنه عظيم ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه، وقد وقع ما هو أعظم من قتل الحسين رضي الله عنه، ولم يقع شيء مما ذكروه فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو أفضل منه بالإجماع ولم يقع شيء من ذلك، وعثمان بن عفان رضي الله عنه قتل محصوراً مظلوما ولم يكن شيء من ذلك، وعمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل في المحراب في صلاة الصبح، وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ولم يكن شيء من ذلك، وهذا رسول الله e وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه، ويوم مات إبراهيم ابن النبي e خسفت الشمس فقال الناس خسفت لموت إبراهيم فصلى بهم رسول الله e صلاة الكسوف وخطبهم وبيَّن لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته.). اهـ
مَنْ قُتلَ مع الحسين رضي الله عنه في كربلاء:
من أولاد علي بن أبي طالب: أبو بكر – محمد – عثمان – جعفر – العباس.
من أولاد الحسين: أبو بكر – عمر – عثمان – علي الأكبر – عبد الله.
من أولاد الحسن: أبو بكر – عمر – عبد الله – القاسم.
من أولاد عقيل: جعفر – عبد الله – عبد الرحمن – عبد الله بن مسلم بن عقيل.
من أولاد عبد الله بن جعفر: عون – محمد
وأضف إليهم الحسين ومسلم بن عقيل (رضي الله عنهم أجمعين)[172]
حكم خروج الحسين رضي الله عنه :
لم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه مصلحة ولذلك نهاه كثير من الصحابة وحاولوا منعه ولكنه لم يرجع، وبهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله حتى قتلوه مظلوماً شهيداً. وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده[173]، ولكنه أمر الله تبارك وتعالى، وما قدره الله كان ولو لم يشأ الناس. وقتل الحسين ليس هو بأعظم من قتل الأنبياء، وقد قُدّم رأس يحيى عليه السلام مهراً لبغيٍّ، وقتل زكريا عليه السلام، وكثير من الأنبياء قتلوا كما قال تعالى: }قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ منْ قَبْلي بالبَيّنَات وَبالَّذي قُلْتُمْ فَلمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادقينَ{ (آل عمران:183) وكذلك قتل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.
كيف نتعامل مع هذا الحدث:
لا يجوز لمن يخاف الله إذا تذكر قتل الحسين ومن معه y أن يقوم بلطم الخدود وشق الجيوب والنوح وما شابه ذلك، فقد ثبت[174] عن النبي e أنه قال ((ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب)) وقال: ((أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة))[175]. والصالقة هي التي تصيح بصوت مرتفع. وقال: ((إن النائحة إذا لم تتب فإنها تلبس يوم القيامة درعاً من جرب وسربالاً من قطران))[176] وقال: ((أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة))[177]. وقال: ((اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت))[178] وقال: ((النياحة من أمر الجاهلية وإن النائحة إذا ماتت ولم تتب قطع الله لها ثيابا من قطران ودرعاً من لهب النار))[179]. والواجب على المسلم العاقل إذا تذكر مثل هذه المصائب أن يقول كما أمر الله }الَّذينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصيبَةٌ قَالُوا إنَّا لله وَإنَّا إلَيْه رَاجعُونَ{ البقرة:156 . وما عُلمَ أن علي بن الحسين أو ابنه محمداً أو ابنه جعفراً أو موسى بن جعفر y ما عُرفَ عنهم ولا عن غيرهم من أئمة الهدى أنهم لَطَمُوا أو شقُّوا أو صاحوا فهؤلاء هم قدوتنا. فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح.
إنّ النياحة واللطم وما أشبهها من أمور ليست عبادة وشعائر يتقرب بها العبد إلى الله، وما يُذكر عن فضل البكاء في عاشوراء غير صحيح، إنما النياحة واللطم أمر من أمور الجاهلية التي نهى النبي عليه الصلاة والسلام عنها وأمر باجتنابها، وليس هذا منطق أموي حتى يقف الشيعة منه موقف العداء، بل هو منطق أهل البيت رضوان الله عليهم وهو مروي عنهم عند الشيعة كما هو مروي عنهم أيضاً عند أهل السنة...فقد روى ابن بابويه القمي[180] أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (النّياحة من عمل الجاهلية) وفي رواية للمجلسي[181] (النّياحة عمل الجاهلية).
ومن هذا المنطلق اجتنب أهل السنة النّياحة في أي مصيبة مهما عظمت، امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل بالمقابل هم يصومون يوم عاشوراء، ذلك اليوم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من الغرق، وهم يرون أنّ دعوة مخلصة للحسين من قلب مؤمن صائم خير من رجل يتعبد الله بعمل أهل الجاهلية (النّياحة واللطم)، ففي الصائم يحصل له الخيرين، خير صيام يوم فضيل وخير دعاء المرء وهو صائم والذي يمكن أن يجعل جزءاً منه أو كله إن أراد للإمام الحسين.
ومما ورد من روايات في فضل صيام هذا اليوم من روايات الشيعة ما رواه الطوسي[182] والحر العاملي[183] عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه أنّ علياً عليهما السلام قال: (صوموا العاشوراء، التاسع والعاشر، فإنّه يكفّر الذنوب سنة)[184]. وعن أبي الحسن عليه السلام قال: (صام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم عاشوراء)، وعن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: (صيام عاشوراء كفّارة سنة).
فما يفعله الشيعة اليوم من إقامة حسينيات أو مآتم أو لطم ونياحة وبكاء أو سجود على التربة التي يسمونها الحسينية[185]؛ في حقيقتها إضافات لا تَمُتُّ لمنهج أهل البيت ولا لعقيدة الإسلام بأي صلة، وإذا كان الشيعة يرددون عبارة (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة) فأين هذه العبارة من التطبيق حين يجعلون أموراً من الجاهلية التي نهى محمد عليه الصلاة والسلام عنها شعائراً لدين الإسلام ولأهل البيت!!
والطامة الكبرى أن تجد كثيراً من مشايخ الشيعة بل من مراجعهم الكبار يستدلون بقوله تعالى {ذَلكَ وَمَنْ يُعَظّمْ شَعَائرَ الله فَإنَّهَا منْ تَقْوَى القُلُوب}الحج:32 على ما يُفعل في عاشوراء من نياحة ولطم وسب وشتم لخلق الله ولصحابة رسول الله ويعتبرون هذا من شعائر الله التي ينبغي أن تُعظم، ومن شعائر الله التي تزداد بها التقوى!!.
وما لا أكاد أفهمه تجاهل علماء الشيعة للروايات الواضحة في بيان فضل صيام عاشوراء، بل وبالمقابل اتهام أهل السنة مراراً وتكراراً بأنهم حزب بني أمية، وأنهم استحدثوا صيام هذا اليوم احتفالاً بمقتل الحسين - عياذاً بالله من ذلك - مع اتفاق أحاديث السنة والشيعة على فضل صيام هذا اليوم، وأنّ نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم صامه!!
بل قل لي بربك: آلذي يصوم يوم عاشوراء ويحييه بالذكر والقرآن والعبادة في نظرك يحتفل ويفرح بمقتل الحسين، أم من يوزع اللحم والطعام والشراب على الناس في هذا اليوم ويحيي الليل بإنشاد القصائد[186]؟!! أليس هذا تناقضاً في حد ذاته؟ ألا ترى في اتهام أهل السنة بالفرح بموت الحسين والادعاء بأنّ صيامهم ليوم عاشوراء نكاية بالحسين وبأهل البيت ليس إلا دعاية مذهبية للتنفير منهم ومن مذهبهم وإبرازهم كعدو لأهل البيت دون وجه حق؟!!
موقف يزيد من قتل الحسين رضي الله عنه:
لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين، ولا نقول هذا دفاعاً عن يزيد؛ ولكن دفاعاً عن الحق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (إن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كَتَبَ إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره، ولم يَسْبُ لهم حريماً، بل أكرم بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت رسول لله وأنهن أُخذْن إلى الشام مسبيات وأُهنّ هناك؛ هذا كلام باطل بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم، ولذلك لما تزوج الحجاج بن يوسف من فاطمة بنت عبد الله بن جعفر لم يقبل عبد الملك بن مروان هذا الأمر، وأمر الحجاج أن يعتزلها، وأن يطلقها فهم كانوا يعظمون بني هاشم ولم تسب هاشمية قط.)[187]
قال شيخ الإسلام رحمه الله[188]: (وأما ما ذكر من سبي نسائه والذراري والدوران بهم في البلاد وحملهم على الجمال بغير أقتاب، فهذا كذب وباطل، ما سبى المسلمون ولله الحمد هاشمية قط، ولا استحلت أمة محمد e سبي بين هاشم قط، ولكن كان أهل الجهل والهوى يكذبون كثيراً)
(وأرسل يزيد إلى كل امرأة من الهاشميات يسأل عن كل ما أخذ لهن كل امرأة تدعي شيئاً بالغاً ما بلغ إلا أضعفه لهن في العطية. وكان يزيد لا يتغدى ولا يتعشى إلا دعا علي بن الحسين. وبعث يزيد إلى المدينة فقدم عليه ذوي السن من موالي بني هاشم ومن موالي بني علي. – ولعل يزيد أراد باستقدامه لهؤلاء الموالي إظهار مكانة الحسين وذويه ويكون لهم موكب عزيز عند دخول المدينة-. وبعد أن وصل الموالي أمر يزيد بنساء الحسين وبناته أن يتجهزن وأعطاهن كل ما طلبن حتى أنه لم يدع لهن حاجة بالمدينة إلا أمر بها. وقبل أن يغادروا قال يزيد لعلي بن الحسين: إن أحببت أن تقيم عندنا فنصل رحمك ونعرف لك حقك فعلت)[189].
قال شيخ الإسلام[190]: (وأكرم أبناء الحسين و خيرهم بين المقام عنده والذهاب إلى المدينة فاختاروا الرجوع إلى المدينة)
وعند مغادرتهم دمشق كرر يزيد الاعتذار من علي بن الحسين وقال: (لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة أبداً إلا أعطيتها إياه ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضى ما رأيت، كاتبني بكل حاجة تكون لك)[191]. وأمر يزيد بأن يرافق ذرية الحسين وفد من موالي بني سفيان، وأمر المصاحبين لهم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا ومتى شاءوا، وبعث معهم محرز بن حريث الكلبي وكان من أفاضل أهل الشام[192]
وخرج آل الحسين من دمشق محفوفين بأسباب الاحترام والتقدير حتى وصلوا إلى المدينة. قال ابن كثير في ذلك: (وأكرم آل الحسين ورد عليهم جميع ما فقد لهم وأضعافه، وردهم إلى المدينة في محامل وأهبة عظيمة)[193].
قال المحدث ابن الصلاح رحمه الله: (لم يصح عندنا أنه أمر بقتله - أي الحسين t- والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله - كرمه الله - إنما هو عبيد الله بن زياد والي العراق إذ ذاك)[194]
بل ابن زياد نفسه عندما جيء بنساء الحسين إليه وأهله، وكان أحسن شيء صنعه أن أمر لهن بمنزل من مكان معتزل، وأجرى عليهن رزقاً وأمر لهن بنفقة وكسوة[195].
وقال عزت دروزة المؤرخ (ليس هناك ما يبرر نسبة قتل الحسين إلى يزيد، فهو لم يأمر بقتاله، فضلاً عن قتله، وكل ما أمر به أن يحاط به ولا يقاتل إلا إذا قاتل).
فالشيعة يدعون أن خروج الحسين على يزيد يدل على فسق يزيد لكونه ضال وسكير، وليس لهم في ذلك دليل صحيح يستطيعون إثبات دعواهم..
ونحن من باب الإنصاف نقول أن يزيد بن معاوية أخطأ عندما لم يعاقب عبيد الله بن زياد، وهذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: (ولكنه مع ذلك أي مع إظهار الحزن على الحسين ما انتصر للحسين ولا أمر بقتل قاتله، ولا أخذ بثأره)[196].
وهذا لا يعني أنه سبب في قتل لحسين رضي الله عنه، وليس دفاعاً عن يزيد، والذي حصل حقيقة أن يزيداً قد أرسل عبيد الله بن زياد ليمنع وصول الحسين إلى الكوفة، ولم يأمر بقتله، بل الحسين نَفْسُه كان حسن الظن بيزيد بن معاوية حتى قال دعوني أذهب إلى يزيد فأضع يدي في يده.. لهذا قال ابن كثير رحمه الله: (وليس كل ذلك الجيش كان راضياً بما وقع من قتله - أي قتل الحسين - بل ولا يزيد بن معاوية رضي بذلك والله أعلم ولا كرهه، والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يقتل لعفا عنه، كما أوصاه أبوه، وكما صرح هو به مخبراً عن نفسه بذلك، وقد لعن ابن زياد على فعله ذلك وشتمه فيما يظهر ويبدو) ا.هـ
وقال الغزالي: (فإن قيل هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين أو آمر به؟ قلنا: هذا لم يثبت أصلاً فلا يجوز أن يقال إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت، فضلاً عن اللعنة، لأنه لا تجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق) وقال – أي الغزالي-: (فإن قيل: فهل يجوز أن يقال: قاتل الحسين لعنه الله؟ أو الآمر بقتله لعنه الله؟ قلنا: الصواب أن يقال: قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله، لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة، لأن وحشياً قتل حمزة عم رسول الله e قتله وهو كافر، ثم تاب عن الكفر والقتل جميعاً ولا يجوز أن يلعن، والقتل كبيرة ولا تنتهي به إلى رتبة الكفر، فإذا لم يقيد بالتوبة وأطلق كان فيه خطر، وليس في السكوت خطر، فهو أولى) اهـ
فيزيد بن معاوية وإن قيل أنه قتل الحسين رضي الله عنه، فهو ليس بمستحلّ للقتل، ولكن بتأويل باطل، وهذا فسق بلا شك وليس كفراً، ومع ذلك فنحن نقول أنه لم يثبت أنه قتل الحسين رضي الله عنه، ولم يثبت سروره بذلك من وجه صحيح، بل الذي ثبت خلاف ذلك كما قدمنا.
قد يعترض قائل فيقول: إن كان يزيد غير راضٍ على فعل عبيد الله بن زياد، ولا مستحل لقتل الحسين رضي الله عنه.. فلماذا لم يعزله، أو ينتقم للحسين، أو أي شيء نحوه؟!
قلت: هذا خطأً كبيراً من يزيد كما أسلفت، وهو اعتراض له قدر من الوجاهة[197]، ولكن الجواب على هذا الاعتراض له قدر من لأهمية؛ وهو معرفة ظروف العصر الذي حدثت فيه الحادثة، وهذا مما يجعلنا أكثر تعمقاً في مناقشة هذا الرأي..
(فالكوفة كما هو معروف هي مركز التشيع في تلك الفترة، وهي بلدة غير مستقرة، معروفة بثوراتها وفتنها، وطوائفها وأحزابها، وعندما كان أمير الكوفة النعمان بن بشير رضي الله عنه كادت الأمور أن تنفلت من يده، فلما أسل يزيد ابن زياد أميراً على الكوفة استطاع ابن زياد في مدة قصيرة أن يعيد الأمور إلى نصابها، وأن يكبح جماح الثورة، وسيطر سيطرة كاملة على الكوفة، وحتى بعد مقتل الحسين رضي الله عنه، فإن الوضع الأمني في الكوفة ازداد خطورة، ولا أظن أن يزيد يسجن قائداً بحزم ابن زياد وبقوته، ثم إن الشيعة لن ترضى سواء عُزل ابن زياد أم بقي، ولن تغير ما في قلوب الشيعة من حقد على الدولة نفسها. ولو أقدم يزيد على إقالة ابن زياد فإنه سيدفع تكاليف هذه الخطوة كثيراً، وربما سوف يتحول الوضع إلى ثورة كبرى يقودها الشيعة أنفسهم والمتأسفون لقتل الحسين رضي الله عنه.
أما بالنسبة إلى تتبع قتلة الحسين رضي الله عنه، فإن هذا ليس من السهولة، فنفس الصعوبات التي اعترضت علياً رضي الله عنه في عدم تتبعه لقتلة عثمان رضي الله عنه، ومن بعده معاوية رضي الله عنه، والذي كان من المصرين على تنفيذ القصاص على قتلة عثمان، سوف تعترض يزيد بن معاوية لو أنه أراد تتبع قتلة الحسين.
ولعل تصرف سليمان بن صُرَدْ رضي الله عنه الذي قاد التوابين ضد ابن زياد يوضح هذه المسألة بوضوح، فقد أدرك سليمان بن صرد أن قتلة الحسين رضي الله عنه في الكوفة، ومع ذلك اتجه لمقاتلة ابن زياد بدلاً من مقاتلة قتلة الحسين في الكوفة قائلاً لأصحابه: (إني نظرت فيما تذكرون فرأيت أن قتلة الحسين هم أشراف أهل الكوفة، وفرسان العرب، وهم المطاَلبون بدمه، ومتى علموا ما تريدون وعلموا أنهم المطاَلبون كانوا أشد عليكم، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ولم يشفوا أنفسهم، ولم ينكوا في عدوهم وكانوا لهم حذراً[198]..
وبهذا يتضح السبب أكثر في عدم تتبع قتلة الحسين، وبالأخص من قبل الدولة الأموية؛ إذ ليس الأمر بالهين وهم يتبعون قبائل كبيرة لها وزنها الاجتماعي والسياسي، فلربما أدى تصرف مثل هذا، إلى زعزعة أمن الدولة وبالأخص في منطقة العراق كلها، ثم إن يزيد لم يتفرغ بعد لمحاسبة ولاته، بل كانت الثورات متتابعة، فمعارضة ابن الزبير أخذت تكبر وتنمو، وأهل الحجاز قلوبهم ليست مع يزيد، إلى غير ذلك من مشاكل الدولة الخارجية، والتي تجعل يزيد عاجزاً عن اتخاذ موقف قوي مع ولاته أو الذين أخطئوا في حق الحسين رضي الله عنه.)[199]
ولو قال قائل: إن الحسين رضي الله عنه هو صحابي جليل وابن بنت رسول الله e ومن آل بيته ومن الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وهو وأخوه سيدا أهل الجنة، فهذه الفضائل وغيرها الكثير يحق له أن يرفض بيعة يزيد بن معاوية، ويعتبره حاكماً ظالماً منحرفاً فاسداً، ألا يكفي هذا دليلاً على لعن يزيد وسبه والخروج عليه..؟!
فأقول: قد تقدَّم الكلام في هذا سابقاً في أعلاه قريباً، ولكننا نقول عن الفقرة الأخيرة التي فيها الخروج على يزيد أن الحسين رضي الله عنه لم يكن مبايعاً ليزيد كما يعرف الناس كلهم، فلهذا لا نستطيع أن نقول أن الحسين خارجاً يزيد، فالحسين لم يبايع يزيد في الأصل، لهذا ظل معتزلاً في مكة حتى جاءت إليه رسل أهل الكوفة تطلب منه القدوم كما تقدم، فلما رأى كثرة المبايعين ظن رضي الله عنه أن أهل الكوفة لا يريدون يزيد فخرج إليهم، وحدث ما حدث، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإن قلنا أن الحسين قد خرج على يزيد؛ فلا يصح قياس خروجه بجواز لعن يزيد، ومن ما هو معلوم أن كثيراً من الصحابة y قد بايع يزيداً، حتى أن منهم من حذر الحسين بعدم الخروج. وسئل الحافظ عبد الغني المقدسي عن يزيد بن معاوية فأجاب بقوله: (خلافته صحيحة، وقال بعض العلماء: بايعه ستون من أصحاب النبي e، منهم ابن عمر، وأما محبته: فمن أحبه فلا ينكر عليه، ومن لم يحبه فلا يلزمه ذلك، لأنه ليس من الصحابة الذين صحبوا رسول الله e، فيلزم محبتهم إكراماً لصحبتهم، وليس ثم أمر يمتاز به عن غيره من خلفاء التابعين، كعبد الملك وبنيه، وإنما يمنع من التعرض للوقوع فيه، خوفاً من التسلق إلى أبيه، وسداً لباب الفتنة)[200]. وقال ابن الصلاح: (وأما سب يزيد ولعنه فليس من شأن المؤمنين، فإن صح أنه قتله أو أمر بقتله، وقد ورد في الحديث المحفوظ: ((أن لعن المسلم كقتله))[201] وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم- والناس في يزيد ثلاث فرق: فرقة تحبه وتتولاّه، وفرقة أخرى تسبه وتلعنه، وفرقة متوسطة في ذلك لا تتولاّه ولا تلعنه، وتسلك به سبيل سائر ملوك الإسلام وخلفائهم غير الراشدين في ذلك وشبهه، وهذه الفرقة هي الصائبة، ومذهبها اللائق بمن يعرف سير الماضين، ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة، جعلنا الله من خيار أهلها آمين)[202]. قال الذهبي: (ويزيد ممَّن لا نسبه ولا نحبه، وله نظراء من خلفاء الدولتين، وكذلك من ملوك النواحي، بل فيهم من هو شر منه، وإنما عظم الخطب لكونه ولي بعد وفاة النبي e بتسع وأربعين سنة والعهد قريب والصحابة موجودون، كابن عمر الذي كان أولى منه ومن أبيه وجدّه)[203]. وقال ابن الحداد الشافعي في عقيدته (ونترحم على معاوية، ونكل سريرة يزيد إلى الله تعالى)[204]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية[205]رحمه الله: (وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة، وأما بالنسبة للعنه فالناس فيه ثلاث فرق، فرقة لعنته، وفرقة أحبّته، وفرقة لا تسبه ولا تحبه.. وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد، وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين، وهذا القول الوسط مبني على أنه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه، أو بناء على أن الفاسق المعيّن لا يلعن بخصوصه، إما تحريماً أو تنزيهاً، فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمر في قصة عبد الله بن حمار الذي تكرّر منه شرب الخمر، وجلده رسول الله e، لمّا لعنه بعض الصحابة، قال النبي e: ((لعن المؤمن كقتله)) متفق عليه....ثم قال: وهذا كما أن نصوص الوعيد عامة في أكل أموال اليتامى والزاني، والسارق فلا يشهد بها عامة على معيّن بأنه من أصحاب النار؛ لجواز تخلف المقتضى عن المقتضى لمعارض راجح: إما توبة؛ وإما حسنات ماحية؛ وإما مصائب مكفرة؛ وإما شفاعة مقبولة؛ وإما غير ذلك كما قررناه في غير هذا الموضع...) اهـ بتصرف يسير.
أما من يدعي أن يزيداً كان سكيراً؛ فهذا لم يثبت أيضاً، فكل ما روي في ذلك لم يثبت إطلاقاً، فالروايات تدور على الواقدي، وأبي مخنف، وعوانة بن الحكم، وعمر بن شبة، ومحمد بن زكريا الغلابي، والفسوي، ورواية عن جويرية بن أسماء عن أشياخ أهل المدينة..
فيتضح من هذه الروايات: أن روايات الواقدي وأبي مخنف ومحمد بن زكريا الغلابي[206] متروكة عند أهل الحديث، وأما أبو عوانة بن الحكم فقد قال عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني: (فكان يضع الأخبار لبني أمية)، وأما عمر بن شبة فقد كان بينه وبين يزيد زمان، فروايته منقطعة، وأما ما رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في رواية كغيرها لم تحظَ بأي نسبة من الصدق لا سنداً ولا متناً[207]..
قد يقول قائل مُلَبَّسٌ عليه: أن الشيعة تقول: أن يزيد بن معاوية أخذ ولاية الأمر من غير مشورة، كما أخذها أبوه من قبل، وفي الناس بقايا الصحابة كابن عمر وابن عمر وابن عباس وغيرهم..
فنقول: هذا الادعاء باطل من أسه وأساسه؛ فالحسن والحسين ابنا علي y قد تنازلا لمعاوية رضي بالخلافة، وقد بايع معاويةَ جميعُ الناس، ولم نعلم أن أحداً من الصحابة امتنع عن مبايعته.. وهذا ما ذكرناه في قصة الصلح وحقن الدماء في يوم الجماعة الذي تنبأ به النبي e في السيد الحسن رضي الله عنه، وكان الحسن رضي الله عنه قد مهَّد لفعله هذا، فلا شبهة في هذا الأمر الذي يريد الشيعة إثارته!وتفصيل ذلك:
ذكر ابن سعد في الطبقات[208] في رواية من طريق ميمون بن مهران قال: (إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين، بايعهم على الإمارة، وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه، ويرضوا بما رضي به.).
ورواية أخرى أخرجها ابن سعد أيضاً وهي من طريق خالد بن مُضرّب قال: سمعت الحسن بن علي يقول: (والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم، قالوا: ما هو؟ قال: تسالمون من سالمت، وتحاربون من حاربت).[209] فهاتين الروايتين مهَّد الحسن رضي الله عنه للصلح فور استخلافه، فكان رضي الله عنه الله عنه سيد الناس في هذا الصلح على مر العصور[210]..
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى قال: سمعت الحسن - أي البصري - يقول: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها. فقال له معاوية - وكان خير الرجلين -: أي عمرو! إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس - عبد الله بن سمرة و عبد الله بن عامر بن كريز - فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه. فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له وطلبا إليه. فقال لهما الحسن بن علي: إنّا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك، قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئاً إلا قالا نحن لك به فصالحه، فقال الحسن - أي البصري-: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله eعلى المنبر والحسن بن علي إلى جنبه و هو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول -: ((إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين))[211].
وأخرج الطبراني رواية عن الشعبي قال: شهدت الحسن بن علي رضي الله عنه بالنخيلة حين صالح معاوية رضي الله عنه، فقال معاوية :إذا كان ذا! فقم فتكلم وأخبر الناس أنك قد سلمت هذا الأمر لي، وربما قال سفيان - وهو سفيان بن عيينة أحد رجال السند -: أخْبر الناس بهذا الأمر الذي تركته لي، فقام فخطب على المنبر فحمد الله وأثنى عليه، قال الشعبي: وأنا أسمع، ثم قال: أما بعد فإنَّ أكيس الكيس - أي الأعقل - التُّقى، وإن أحمق الحمق الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما كان حقاً لي تركته لمعاوية إرداة صلاح هذه الأمة وحقن دمائهم، أو يكون حقاً كان لامرئ أحق به مني ففعلت ذلك {وَإنْ أَدْري لَعَلَّهُ فتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إلَى حينٍ{[212] الأنبياء:111
وأخرج يعقوب بن سفيان ومن طريقه أيضاً البيهقي في الدلائل من طريق الزهري، فذكر قصة الصلح، وفيها: (..فخطب معاوية ثم قال: قم يا حسن فكلم الناس، فتشهد ثم قال: أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول)[213]. وقد تم الصلح في الكوفة على رؤوس الناس، وأخذ الناس يبايعون معاوية فتمت له البيعة في خمس وعشرين من ربيع الأول من سنة واحد وأربعين من الهجرة، وسمي ذلك العام بعام الجماعة. وحقاً ما قاله العلماء في ذلك الصلح: أن موقف الحسن رضي الله عنه كان كموقف عثمان بن عفان رضي الله عنهفي نسخه للقرآن، وكموقف أبي بكر رضي الله عنه في أهل الردة.
أما عن ولاية العهد ليزيد بن معاوية واستخلافه؛ فقد تمَّ بمبايعة الناس، ومنهم عبد الله بن عمر، ولم يتخلّف إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، وليس تخلّف من تخلف عن البيعة بناقض لها، وقد بايعه ستون من الصحابة رضوان الله عليهم، وقد بدأ معاوية رضي الله عنه يفكر فيمن يكون الخليفة من بعده، ففكر معاوية في هذا الأمر ورأى أنه إن لم يستخلف ومات؛ ترجع الفتنة مرة أخرى، فقام معاوية رضي الله عنه باستشارة أهل الشام في الأمر، فاقترحوا أن يكون الخليفة من بعده من بني أميَّة، فرشَّح ابنه يزيد، فجاءت الموافقة من مصر وباقي البلاد، وأرسل إلى المدينة يستشيرها؛ وإذْ به يجد المعارضة من الحسين وابن الزبير، وابن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عباس.[214]
إلا أن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما قد بايعا فيما بعد طوعاً ليزيد، وكان اعتراض هؤلاء النفر حول تطبيق الفكرة نفسها، لا على يزيد بعينه..
ثم كانت سنة واحد وخمسين هجرية، فحج معاوية في الناس وقرأ كتاب الاستخلاف ليزيد على الناس، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (لقد علمتم سيرتي فيكم، وصلتي لأرحامكم، وصفحي عنكم وحلمي لما يكون منكم، ويزيد ابن أمير المؤمنين أخوكم وابن عمكم، وأحسن الناس لكم رأياً وإنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة، وتكونوا أنتم الذين تنزعون وتؤمرون، وتجيبون وتقسمون، لا يدخل عليكم في شيء من ذلك)[215]. فاعتبر معاوية أن معارضة هؤلاء ليست لها أثر، وأن البيعة قد تمت، حيث أجمعت الأمة على هذه البيعة[216]. وكان سبب تولية معاوية ابنه يزيد لولاية العهد من بعده أسباب كثيرة، فهناك سبب سياسي؛ وهو الحفاظ على وحدة الأمة، خاصة بعد الفتن التي تلاحقت يتلوا بعضها بعضاً، وكان من الصعوبة أن يلتقي المسلمون على خليفة واحد، خاصة والقيادات المتكافئة في الإمكانيات قد تضرب بعضها بعضاً فتقع الفتن والملاحم بين المسلمين مرة ثانية، ولا يعلم مدى ذلك إلا الله تعالى[217].
ويروي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت، فقال له يزيد، وكان له مكرماً: يا أبا القاسم، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعتُ عنه، وأتيتُ الذي تُشير به علي؟ فقال: والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه، وأخبرك بالحق لله فيه، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلاّ خيراً[218].
كما أن مجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية، من أمثال عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس وأبو أيوب الأنصاري، على مصاحبة جيش يزيد في سيره نحو القسطنطينية، فيها خير دليل على أن يزيد كان يتميز بالاستقامة، وتتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة، ويتمتع بالكفاءة والمقدرة لتأدية ما يوكل إليه من مهمات؛ فأخرج البخاري عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحة حمص وهو في بناء له ومعه أم حرام، قال عمير: فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي e يقول: ((أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا))، فقالت أم حرام: قلت يا رسول الله! أنا فيهم؟ قال: ((أنت فيهم)). ثم قال النبي e: ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم))، فقلت: أنا فيهم قال: ((لا))[219]. وأخرج البخاري عن محمود بن الربيع في قصة عتبان بن مالك قال محمود: (فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله eفي غزوته التي توفي فيها، ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم)[220]؛ وفي هذا الحديث منقبة ليزيد رحمه الله حيث كان في أول جيش يغزوا أرض الروم.
وقد اعترف بمزايا خطوة معاوية هذه -تولية العهد ليزيد- كل من ابن العربي في "العواصم من القواصم"[221]، وابن خلدون الذي كان أقواهما حجة، إذا يقول: (والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه، إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه - و حينئذ من بني أمية - ثم يضيف قائلاً: وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا، فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك، وحضور أكابر الصحابة لذلك، وسكوتهم عنه، دليل على انتفاء الريب منه، فليسوا ممن تأخذهم في الحق هوادة، وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق، فإنهم - كلهم - أجلّ من ذلك، وعدالتهم مانعة منه)[222].
رأس الحسين رضي الله عنه:
لم يثبت أن رأس الحسين أرسل إلى يزيد بالشام بل الصحيح أن الحسين قتل في كربلاء ورأسه أخذ إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة فذهب برأسه الشريف إلى عبيد الله بن زياد، فجعل في طست، فجعل ينكت عليه، وقال في حسنه شيئاً فقال أنس: (إنه كان أشبههم برسول الله)[223].. وفي رواية قال: (ارفع قضيبك فقد رأيت رسول الله e يلثم حيث تضع قضيبك فانقبض)[224]، ولا يعلم قبر الحسين ولا يعلم مكان رأسه. قُتل الحسين رضي الله عنه يوم عاشوراء عام إحدى وستين هو وطائفة من أهل بيته وغيرهم..
(ثُمَّ[225]حَمَلُوا ثقْلَهُ وَأَهْلَهُ إلَى يَزيدَ بْن مُعَاويَةَ إلَى دمَشْقَ وَلَمْ يَكُنْ يَزيدُ أَمَرَهُمْ بقَتْله وَلا ظَهَرَ منْهُ سُرُورٌ بذَلكَ وَرضًى به، بَلْ قَالَ كَلامًا فيه ذَمٌّ لَهُمْ؛ حَيْثُ نُقلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَقَدْ كُنْت أَرْضَى منْ طَاعَة أَهْل الْعرَاق بدُون قَتْل الْحُسَيْن. وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مرجانة - يَعْني عُبَيْدَ اللَّه بْنَ زيَادٍ- وَاَللَّه لَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُسَيْن رَحمٌ لَمَا قَتَلَهُ[226]وَبَنُو أُمَيَّةَ وَبَنُو هَاشمٍ كلاهُمَا بَنُو عَبْد مَنَافٍ. وَرُويَ أَنَّهُ لَمَّا قَدمَ عَلَى يَزيدَ ثقْلُ الْحُسَيْن وَأَهْله ظَهَرَ في دَاره الْبُكَاءُ وَالصُّرَاخُ لذَلكَ، وَأَنَّهُ أَكْرَمَ أَهْلَهُ وَأَنْزَلَهُمْ مَنْزلاً حَسَنًا، وَخَيَّرَ ابْنَهُ عَليًّا بَيْنَ أَنْ يُقيمَ عنْدَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمَدينَة، فَاخْتَارَ الْمَدينَةَ[227]. وَالْمَكَانُ الَّذي يُقَالُ لَهُ سجْنُ عَليّ بْن الْحُسَيْن بجَامع دمَشْقَ بَاطلٌ لا أَصْلَ لَهُ.
فَقُتلَ الحسين رضي الله عنه بكَرْبَلاءَ قَريبٌ منْ الْفُرَات وَدُفنَ جَسَدُهُ حَيْثُ قُتلَ وَحُملَ رَأْسُهُ إلَى قُدَّام عُبَيْد اللَّه بْن زيَادٍ بالْكُوفَة، هَذَا الَّذي رَوَاهُ الْبُخَاريُّ في صَحيحه وَغَيْرُهُ منْ الأَئمَّة. وَأَمَّا حَمْلُهُ إلَى الشَّام إلَى يَزيدَ: فَقَدْ رُويَ ذَلكَ منْ وُجُوهٍ مُنْقَطعَةٍ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ منْهَا، بَلْ في الرّوَايَات مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا منْ الْكَذب الْمُخْتَلَق فَإنَّهُ يُذْكَرُ فيهَا أَنَّ "يَزيدَ" جَعَلَ يَنْكُتُ بالْقَضيب عَلَى ثَنَايَاهُ؛ وَأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَة الَّذينَ حَضَرُوهُ - كَأَنَس بْن مَالكٍ وَأَبي بَرْزَةَ - أَنْكَرَ ذَلكَ، وَهَذَا تَلْبيسٌ. فَإنَّ الَّذي جَعَلَ يَنْكُتُ بالْقَضيب إنَّمَا كَانَ عُبَيْدُ اللَّه بْنُ زيَادٍ؛ هَكَذَا في الصَّحيح وَالْمَسَاند. وَإنَّمَا جَعَلُوا مَكَانَ عُبَيْد اللَّه بْن زيَادٍ "يَزيدَ" وَعُبَيْدُ اللَّه لا رَيْبَ أَنَّهُ أَمَرَ بقَتْله وَحَمْل الرَّأْس إلَيه بَيْن يَدَيْه. ثُمَّ إنَّ ابْنَ زيَادٍ قُتلَ بَعْدَ ذَلكَ لأَجْل ذَلكَ، وَممَّا يُوَضّحُ ذَلكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ الْمَذْكُورينَ كَأَنَس وَأَبي بَرْزَةَ لَمْ يَكُونُوا بالشَّام وَإنَّمَا كَانُوا بالْعرَاق حينَئذٍ، وَإنَّمَا الْكَذَّابُونَ جُهَّالٌ بمَا يُسْتَدَلُّ به عَلَى كَذبهمْ. وَأَمَّا حَمْلُهُ إلَى مصْرَ فَبَاطلٌ باتّفَاق النَّاس، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ هَذَا الْمَشْهَدَ الَّذي بقَاهرَة مصْرَ الَّذي يُقَالُ لَهُ "مَشْهَدُ الْحُسَيْن" بَاطلٌ لَيْسَ فيه رَأْسُ الْحُسَيْن وَلا شَيْءٌ منْهُ، وَإنَّمَا أُحْدثَ في أَوَاخر دَوْلَة "بَني عُبَيْداللَّه بْن الْقَدَّاح" الَّذينَ كَانُوا مُلُوكًا بالدّيَار الْمصْريَّة مائَتَيْ عَامٍ إلَى أَنْ انْقَرَضَتْ دَوْلَتُهُمْ في أَيَّام "نُور الدّين مَحْمُودٍ" وَكَانُوا يَقُولُونَ: إنَّهُمْ منْ أَوْلاد فَاطمَةَ، وَيَدَّعُونَ الشَّرَفَ، وَأَهْلُ الْعلْم بالنَّسَب يَقُولُونَ لَيْسَ لَهُمْ نَسَبٌ صَحيحٌ، وَيُقَالُ: إنَّ جَدَّهُمْ كَانَ رَبيبَ الشَّريف الْحُسَيْنيّ، فَادَّعُوا الشَّرَفَ لذَلكَ. فَأَمَّا مَذَاهبُهُمْ وَعَقَائدُهُمْ فَكَانَتْ مُنْكَرَةً باتّفَاق أَهْل الْعلْم بدين الإسْلام وَكَانُوا يُظْهرُونَ التَّشَيُّعَ وَكَانَ كَثيرٌ منْ كُبَرَائهمْ وَأَتْبَاعهمْ يُبْطنُونَ مَذْهَبَ الْقَرَامطَة الْبَاطنيَّة وَهُوَ منْ أَخْبَث مَذَاهب أَهْل الأَرْض أَفْسَدُ منْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَلهَذَا كَانَ عَامَّةُ مَنْ انْضَمَّ إلَيْهمْ أَهْلُ الزَّنْدَقَة وَالنّفَاق وَالْبدَع الْمُتَفَلْسفَةُ والمباحيَّة وَالرَّافضَةُ وَأَشْبَاهُ هَؤُلاء ممَّنْ لا يَسْتَريبُ أَهْلُ الْعلْم وَالإيمَان في أَنَّهُ لَيْسَ منْ أَهْل الْعلْم وَالإيمَان. فَأُحْدثَ هَذَا "الْمَشْهَدُ" في الْمائَة الْخَامسَة نَقْلٌ منْ عَسْقَلانَ. وَعَقيبَ ذَلكَ بقَليل انْقَرَضَتْ دَوْلَةُ الَّذينَ ابْتَدَعُوهُ بمَوْت الْعَاضد آخر مُلُوكهمْ. وَاَلَّذي رَجَّحَهُ أَهْلُ الْعلْم في مَوْضع رَأْس الْحُسَيْن بْن عَليٍّ - رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - هُوَ مَا ذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بكار في كتَاب "أَنْسَاب قُرَيْشٍ" وَالزُّبَيْرُ بْنُ بكار هُوَ منْ أَعْلَم النَّاس وَأَوْثَقُهُمْ في مثْل هَذَا ذَكَرَ أَنَّ الرَّأْسَ حُملَ إلَى الْمَدينَة النَّبَويَّة وَدُفنَ هُنَاكَ وَهَذَا مُنَاسبٌ. فَإنَّ هُنَاكَ قَبْرَ أَخيه الْحَسَن وَعَمّ أَبيه الْعَبَّاس وَابْنه عَليٍّ وَأَمْثَالهمْ.
قَالَ أَبُو الْخَطَّاب بْنُ دحْيَةَ - الَّذي كَانَ يُقَالُ لَهُ: "ذُو النَّسَبَيْن بَيْنَ دحْيَةَ وَالْحُسَيْن" في كتَاب "الْعلْم الْمَشْهُور في فَضْل الأَيَّام وَالشُّهُور" - لمَا ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بكار عَنْ مُحَمَّد بْن الْحَسَن: أَنَّهُ قَدمَ برَأْس الْحُسَيْن وَبَنُوا أُمَيَّةَ مُجْتَمعُونَ عنْدَ عَمْرو بْن سَعيدٍ فَسَمعُوا الصّيَاحَ فَقَالُوا: مَا هَذَا؟ فَقيلَ: نسَاءُ بَني هَاشمٍ يَبْكينَ حينَ رَأَيْنَ رَأْسَ الْحُسَيْن بْن عَليٍّ، قَالَ: وَأَتَى برَأْس الْحُسَيْن بْن عَليٍّ فَدَخَلَ به عَلَى عَمْرٍو فَقَالَ: وَاَللَّه لَوَددْت أَنَّ أَميرَ الْمُؤْمنينَ لَمْ يَبْعَثْ به إلَيَّ، قَالَ ابْنُ دحْيَةَ: فَهَذَا الأَثَرُ يَدُلُّ أَنَّ الرَّأْسَ حُملَ إلَى الْمَدينَة وَلَمْ يَصحَّ فيه سوَاهُ، وَالزُّبَيْرُ أَعْلَمُ أَهْل النَّسَب وَأَفْضَلُ الْعُلَمَاء بهَذَا السَّبَب، قَالَ: وَمَا ذَكَرَ منْ أَنَّهُ في عَسْقَلانَ في مَشْهَدٍ هُنَاكَ فَشَيْءٌ بَاطلٌ لا يَقْبَلُهُ مَنْ مَعَهُ أَدْنَى مُسْكَةٍ منْ الْعَقْل وَالإدْرَاك؛ فَإنَّ بَني أُمَيَّةَ - مَعَ مَا أَظْهَرُوهُ منْ الْقَتْل وَالْعَدَاوَة وَالأَحْقَاد- لا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَبْنُوا عَلَى الرَّأْس مَشْهَدًا للزّيَارَة. هَذَا؛ وَأَمَّا مَا افْتَعَلَهُ "بَنُوا عُبَيْدٍ" في أَيَّام إدْبَارهمْ وَحُلُول بَوَارهمْ وَتَعْجيل دَمَارهمْ؛ في أَيَّام الْمُلَقَّب "بالْقَاسم عيسَى بْن الظَّافر" وَهُوَ الَّذي عُقدَ لَهُ بالْخلافَة وَهُوَ ابْنُ خَمْس سنينَ وَأَيَّامٍ لأَنَّهُ وُلدَ يَوْمَ الْجُمْعَة الْحَادي منْ الْمُحَرَّم سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعينَ وخمسمائة وَبُويعَ لَهُ صَبيحَةَ قَتْل أَبيه الظَّافر يَوْمَ الْخَميس سَلْخَ الْمُحَرَّم سَنَةَ تسْعٍ وَأَرْبَعينَ وَخَمْسمائَةٍ وَلَهُ منْ الْعُمْر مَا قَدَّمْنَا فَلا تَجُوزُ عُقُودُهُ وَلا عُهُودُهُ وَتُوُفّيَ وَلَهُ منْ الْعُمْر إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَستَّةُ أَشْهَر وَأَيَّامٌ لأَنَّهُ تُوُفّيَ للَيْلَة الْجُمْعَة لثلاث عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقيَتْ منْ رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسينَ وَخَمْسمائَةٍ، فَافْتَعَلَ في أَيَّامه بنَاءَ الْمَشْهَد الْمُحْدَث بالْقَاهرَة وَدُخُولَ الرَّأْس مَعَ الْمَشْهَدَيْ الْعَسْقَلانيّ أَمَامَ النَّاس ليَتَوَطَّنَ في قُلُوب الْعَامَّة مَا أَوْرَدَ منْ الأُمُور الظَّاهرَة وَذَلكَ شَيْءٌ اُفْتُعلَ قَصْدًا أَوْ نُصبَ غَرَضًا وَقَضَوْا مَا في نُفُوسهمْ لاسْتجْلاب الْعَامَّة عَرْضًا وَاَلَّذي بَنَاهُ "طَلائعُ بْنُ رزيك" الرافضي. وَقَدْ ذَكَرَهُ جَميعُ مَنْ أَلَّفَ في مَقْتَل الْحُسَيْن أَنَّ الرَّأْسَ الْمُكَرَّمَ مَا غَرُبَ قَطُّ، وَهَذَا الَّذي ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّاب بْنُ دحْيَةَ في أَمْر هَذَا الْمَشْهَد وَأَنَّهُ مَكْذُوبٌ مُفْتَرًى هُوَ أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْه عنْدَ أَهْل الْعلْم. وَالْكَلامُ في هَذَا الْبَاب وَأَشْبَاهه مُتَّسعٌ فَإنَّهُ بسَبَب مَقْتَل عُثْمَانَ وَمَقْتَل الْحُسَيْن وَأَمْثَالهمَا جَرَتْ فتَنٌ كَثيرَةٌ؛ وَأَكَاذيبُ وَأَهْوَاءٌ؛ وَوَقَعَ فيهَا طَوَائفُ منْ الْمُتَقَدّمينَ والمتأخرين وَكُذبَ عَلَى أَمير الْمُؤْمنينَ عُثْمَانَ وَأَمير الْمُؤْمنينَ عَليّ بْن أَبي طَالبٍ أَنْوَاعٌ منْ الأَكَاذيب يُكَذّبُ بَعْضَهَا شيعَتُهُمْ وَنَحْوُهُمْ وَيُكَذّبُ بَعْضَهَا مُبْغضُوهُمْ لاسيَّمَا بَعْدَ مَقْتَل عُثْمَانَ فَإنَّهُ عَظُمَ الْكَذبُ وَالأَهْوَاءُ. وَقيلَ في أَمير الْمُؤْمنينَ عَليّ بْن أَبي طَالبٍ مَقَالاتٍ منْ الْجَانبَيْن؛ عَليٌّ بَريءٌ منْهَا. وَصَارَتْ الْبدَعُ وَالأَهْوَاءُ وَالْكَذبُ تَزْدَادُ حَتَّى حَدَثَ أُمُورٌ يَطُولُ شَرْحُهَا، مثْلُ مَا ابْتَدَعَهُ كَثيرٌ منْ الْمُتَأَخّرينَ يَوْمَ عَاشُورا فَقَوْمٌ يَجْعَلُونَهُ مَأْتَمًا يُظْهرُونَ فيه النّيَاحَةَ وَالْجَزَعَ وَتَعْذيبَ النُّفُوس وَظُلْمَ الْبَهَائم وَسَبَّ مَنْ مَاتَ منْ أَوْليَاء اللَّه وَالْكَذبَ عَلَى أَهْل الْبَيْت وَغَيْرَ ذَلكَ منْ الْمُنْكَرَات الْمَنْهيّ عَنْهَا بكتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله e وَاتّفَاق الْمُسْلمينَ[228].
وَالْحُسَيْن رضي الله عنه أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بالشَّهَادَة في هَذَا الْيَوْم وَأَهَانَ بذَلكَ مَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْله أَوْ رَضيَ بقَتْله وَلَهُ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ بمَنْ سَبَقَهُ منْ الشُّهَدَاء فَإنَّهُ وَأَخُوهُ سَيّدَا شَبَاب أَهْل الْجَنَّة وَكَانَا قَدْ تَرَبَّيَا في عزّ الإسْلام لَمْ يَنَالا منْ الْهجْرَة وَالْجهَاد وَالصَّبْر عَلَى الأَذَى في اللَّه مَا نَالَهُ أَهْلُ بَيْته، فَأَكْرَمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بالشَّهَادَة تَكْميلاً لكَرَامَتهمَا وَرَفْعًا لدَرَجَاتهمَا، وَقَتْلُهُ مُصيبَةٌ عَظيمَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ شَرَعَ الاسْترْجَاعَ عنْدَ الْمُصيبَة بقَوْله تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بشَيْءٍ منَ الْخَوْف وَالْجُوع وَنَقْصٍ منَ الأَمْوَال وَالأَنْفُس وَالثَّمَرَات وَبَشّر الصَّابرينَ الَّذينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصيبَةٌ قَالُوا إنَّا للَّه وَإنَّا إلَيْه رَاجعُونَ أُولَئكَ عَلَيْهمْ صَلَوَاتٌ منْ رَبّهمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[229].البقرة وَفي الصَّحيحَيْن عَنْ النَّبيّ e أَنَّهُ قَالَ: ((مَا منْ مُسْلمٍ تُصيبُهُ مُصيبَةٌ فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ: إنَّا للَّه وَإنَّا إلَيْه رَاجعُونَ اللَّهُمَّ أْجُرْني في مُصيبَتي وَأَخْلفْ لي خَيْرًا منْهَا. إلاَّ أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ خَيْرًا منْهَا)). وَمنْ أَحْسَن مَا يُذْكَرُ هُنَا: أَنَّهُ قَدْ رَوَى الإمَامُ أَحْمَد وَابْنُ ماجه عَنْ فَاطمَةَ بنْت الْحُسَيْن عَنْ أَبيهَا الْحُسَيْن رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e: ((مَا منْ مُسْلمٍ وَلاَ مَسْلمَةٍ يُصَابُ بمُصيبَةٍ فَيَذْكُرُهَا وَإنْ طَالَ عَهْدُهَا - قالَ عَبَّادٌ قَدمَ عَهْدُهَا - فَيُحْدثُ لذَلكَ اسْترْجَاعاً إلاَّ جَدَّدَ اللَّهُ لَهُ عنْدَ ذَلكَ فَأَعْطَاهُ مثْلَ أَجْرهَا يَوْمَ أُصيبَ بهَا))[230] هَذَا حَديثٌ رَوَاهُ عَنْ الْحُسَيْن ابْنَتُهُ فَاطمَةُ الَّتي شَهدَتْ مَصْرَعَهُ. وَقَدْ عُلمَ أَنَّ الْمُصيبَةَ بالْحُسَيْن تُذْكَرُ مَعَ تَقَادُم الْعَهْد فَكَانَ في مَحَاسن الإسْلام أَنْ بَلَّغَ هُوَ هَذه السُّنَّةَ عَنْ النَّبيّ e وَهُوَ أَنَّهُ كُلَّمَا ذُكرَتْ هَذه الْمُصيبَةُ يَسْتَرْجعُ لَهَا فَيَكُونُ للإنْسَان منْ الأَجْر مثْلُ الأَجْر يَوْمَ أُصيبَ بهَا الْمُسْلمُونَ. وَأَمَّا مَنْ فَعَلَ مَعَ تَقَادُم الْعَهْد بهَا مَا نَهَى عَنْهُ النَّبيُّ e عنْدَ حَدَثَان الْعَهْد بالْمُصيبَة فَعُقُوبَتُهُ أَشَدُّ مثْلَ لَطْم الْخُدُود وَشَقّ الْجُيُوب وَالدُّعَاء بدَعْوَى الْجَاهليَّة. فَفي الصَّحيحَيْن عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e: ((لَيْسَ منَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بدَعْوَى الْجَاهليَّة))[231]. وَفي الصَّحيحَيْن عَنْ أَبي مُوسَى الأَشْعَريّ رضي الله عنه قَالَ: أَنَا بريءٌ ممَّنْ بَرئَ منْهُ رَسُولُ اللَّه e إنَّ رَسُولَ اللَّه e بَرئَ منَ الصَّالقَة وَالْحَالقَة وَالشَّاقَّة[232]. وَفي صَحيح مُسْلمٍ عَنْ أَبي مَالك الْأَشْعَريّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّه e قَالَ: ((أَرْبَعٌ في أُمَّتي منْ أَمْر الْجَاهليَّة لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ في الأَحْسَاب وَالطَّعْنُ في الأَنْسَاب وَالاسْتسْقَاءُ بالنُّجُوم وَالنّيَاحَةُ)). وَقَالَ: ((النَّائحَةُ إذَا لَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقيَامَة وَعَلَيْهَا سرْبَالٌ منْ قَطرَانٍ وَدرْعٌ منْ جَرَبٍ)).[233] وَالآثَارُ في ذَلكَ مُتَعَدّدَةٌ. فَكَيْفَ إذَا انْضَمَّ إلَى ذَلكَ ظُلْمُ الْمُؤْمنينَ وَلَعْنُهُمْ وَسَبُّهُمْ وَإعَانَةُ أَهْل الشّقَاق وَالإلْحَاد عَلَى مَا يَقْصدُونَهُ للدّين منْ الْفَسَاد وَغَيْر ذَلكَ ممَّا لا يُحْصيه إلاَّ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَوْمٌ منْ الْمُتَسَنّنَة رَوَوْا وَرُويَتْ لَهُمْ أَحَاديثُ مَوْضُوعَةٌ بَنَوْا عَلَيْهَا مَا جَعَلُوهُ شعَارًا في هَذَا الْيَوْم يُعَارضُونَ به شعَارَ ذَلكَ الْقَوْم فَقَابَلُوا بَاطلاً ببَاطل وَرَدُّوا بدْعَةً ببدْعَة وَإنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْظَمَ في الْفَسَاد وَأَعْوَنَ لأَهْل الإلْحَاد مثْلَ الْحَديث الطَّويل الَّذي رُويَ فيه: (مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلكَ الْعَامَ وَمَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ ذَلكَ الْعَامَ) وَأَمْثَالَ ذَلكَ منْ (الْخضَابُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَالْمُصَافَحَةُ فيه) وَنَحْوُ ذَلكَ؛ فَإنَّ هَذَا الْحَديثَ وَنَحْوَهُ كَذبٌ مُخْتَلَقٌ باتّفَاق مَنْ يَعْرفُ علْمَ الْحَديث، وَإنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْل الْحَديث وَقَالَ: إنَّهُ صَحيحٌ وَإسْنَادُهُ عَلَى شَرْط الصَّحيح فَهَذَا منْ الْغَلَط الَّذي لا رَيْبَ فيه كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ في غَيْر هَذَا الْمَوْضع. وَلَمْ يَسْتَحبَّ أَحَدٌ منْ أَئمَّة الْمُسْلمينَ الاغْتسَالَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَلا الْكُحْلَ فيه وَالْخضَابَ وَأَمْثَالَ ذَلكَ، وَلا ذَكَرَهُ أَحَدٌ منْ عُلَمَاء الْمُسْلمينَ الَّذينَ يُقْتَدَى بهمْ وَيُرْجَعُ إلَيْهمْ في مَعْرفَة مَا أَمَرَ اللَّهُ به وَنَهَى عَنْهُ وَلا فَعَلَ ذَلكَ رَسُولُ اللَّه e وَلا أَبُو بَكْر وَلا عُمَر وَلا عُثْمَانُ وَلا عَليٌّ وَلا ذَكَرَ مثْلُ هَذَا الْحَديث في شَيْءٍ منْ الدَّوَاوين الَّتي صَنَّفَهَا عُلَمَاءُ الْحَديث لا في الْمُسْندَات: كَمُسْنَد أَحْمَد وَإسْحَاقَ وَأَحْمَد بْن مَنيعٍ الحميدي والدالاني وَأَبُو يَعْلَى الموصلي؛ وَأَمْثَالهَا. وَلا في الْمُصَنَّفَات عَلَى الأَبْوَاب: كَالصّحَاح وَالسُّنَن. وَلا في الْكُتُب الْمُصَنَّفَة الْجَامعَة للْمُسْنَد وَالآثَار مثْل مُوَطَّأ مَالك وَوَكيعٍ وَعَبْد الرَّزَّاق وَسَعيد بْن مَنْصُورٍ وَابْن أَبي شَيْبَةَ وَأَمْثَالهَا. ثُمَّ إنَّ أَهْلَ الأَهْوَاء ظَنَّتْ أَنَّ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا أَنَّهُ يَفْعَلُهُ عَلَى سَبيل نَصْب الْعَدَاوَة لأَهْل الْبَيْت وَالاشْتفَاء منْهُمْ فَعَارَضَهُمْ مَنْ تَسَنَّنَ وَأَجَابَ عَنْ ذَلكَ بإجَابَة بَيَّنَ فيهَا بَرَاءَتَهُمْ منْ النَّصْب وَاسْتحْقَاقَهُمْ لمُوَالاة أَهْل الْبَيْت وَأَنَّهُمْ أَحَقُّ بذَلكَ منْ غَيْرهمْ. وَهَذَا حَقٌّ. لَكنْ دَخَلَتْ عَلَيْهمْ الشُّبْهَةُ وَالْغَلَطُ في ظَنّهمْ أَنَّ هَذه الأَفْعَالَ حَسَنَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بمَنْ ابْتَدَأَ وَضْعَ ذَلكَ وَابْتدَاعَهُ هَلْ كَانَ قَصْدُهُ عَدَاوَةَ أَهْل الْبَيْت أَوْ عَدَاوَةَ غَيْرهمْ؟ فَالْهُدَى بغَيْر هُدًى منْ اللَّه - أَوْ غَيْر ذَلكَ- ضَلالَةٌ. وَنَحْنُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَّبعَ مَا أُنْزلَ إلَيْنَا منْ رَبّنَا منْ الْكتَاب وَالْحكْمَة وَنَلْزَمَ الصّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ؛ صرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهمْ؛ منْ النَّبيّينَ وَالصّدّيقينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالحينَ. وَنَعْتَصمُ بحَبْل اللَّه جَميعًا وَلاَ نَتَفَرَّقُ، وَنَأْمُرُ بمَا أَمَرَ اللَّهُ به وَهُوَ "الْمَعْرُوفُ" وَنَنْهَى عَمَّا نَهَى عَنْهُ وَهُوَ "الْمُنْكَرُ"، وَأَنَّ نَتَحَرَّى الإخْلاصَ للَّه في أَعْمَالنَا؛ فَإنَّ هَذَا هُوَ دينُ "الإسْلام" قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلاَّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تلْكَ أَمَانيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادقينَ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّه وَهُوَ مُحْسنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عنْدَ رَبّه وَلا خَوْفٌ عَلَيْهمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}[البقرة/111، 112]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دينًا ممَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّه وَهُوَ مُحْسنٌ وَاتَّبَعَ ملَّةَ إبْرَاهيمَ حَنيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهيمَ خَليلاً} [النساء/125]. وَقَالَ تَعَالَى: {وَإذَا فَعَلُوا فَاحشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بهَا قُلْ إنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّه مَا لا تَعْلَمُونَ قُلْ أَمَرَ رَبّي بالْقسْط وَأَقيمُوا وُجُوهَكُمْ عنْدَ كُلّ مَسْجدٍ وَادْعُوهُ مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَريقًا هَدَى وَفَريقًا حَقَّ عَلَيْهمُ الضَّلالَةُ إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطينَ أَوْليَاءَ منْ دُون اللَّه وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأعراف/28-30]. وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاته وَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلمُونَ وَاعْتَصمُوا بحَبْل اللَّه جَميعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ إذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بنعْمَته إخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ منَ النَّار فَأَنْقَذَكُمْ منْهَا كَذَلكَ يُبَيّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاته لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ منْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْر وَيَأْمُرُونَ بالْمَعْرُوف وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنْكَر وَأُولَئكَ هُمُ الْمُفْلحُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا منْ بَعْد مَا جَاءَهُمُ الْبَيّنَاتُ وَأُولَئكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفي رَحْمَة اللَّه هُمْ فيهَا خَالدُونَ تلْكَ آَيَاتُ اللَّه نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بالْحَقّ وَمَا اللَّهُ يُريدُ ظُلْمًا للْعَالَمينَ}آل عمران102-108 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَبْيَضُّ وُجُوهُ أَهْل السُّنَّة وَالْجَمَاعَة وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْل الْبدْعَة وَالْفُرْقَة. وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذينَ فَرَّقُوا دينَهُمْ وَكَانُوا شيَعًا لَسْتَ منْهُمْ في شَيْءٍ إنَّمَا أَمْرُهُمْ إلَى اللَّه ثُمَّ يُنَبّئُهُمْ بمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}الأنعام/159، 160 وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذينَ أُوتُوا الْكتَابَ إلاَّ منْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيّنَةُ وَمَا أُمرُوا إلاَّ ليَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاءَ وَيُقيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلكَ دينُ الْقَيّمَة}[البينة/4-6].[234]
وَلَيْسَ الْكَذبُ في هَذَا "الْمَشْهَد" وَحْدَهُ؛ بَلْ الْمَشَاهدُ الْمُضَافَةُ إلَى الأَنْبيَاء وَغَيْرهمْ كَذبٌ مثْلُ الْقَبْر الَّذي يُقَالُ لَهُ: "قَبْرُ نُوحٍ" قَريبٌ منْ بَعْلَبَكَّ في سَفْح جَبَل لُبْنَانَ، وَمثْلَ الْقَبْر الَّذي في قبْلَة مَسْجد جَامع دمَشْقَ الَّذي يُقَالُ لَهُ: "قَبْرُ هُودٍ" فَإنَّمَا هُوَ قَبْرُ مُعَاويَةَ بْن أَبي سُفْيَانَ، وَمثْلَ الْقَبْر الَّذي في شَرْقيّ دمَشْقَ الَّذي يُقَالُ لَهُ: "قَبْرُ أبي بْن كَعْبٍ" فَإنَّ أبيَّا لَمْ يَقْدَمْ دمَشْقَ باتّفَاق الْعُلَمَاء. وَكَذَلكَ مَا يُذْكَرُ في دمَشْقَ منْ قُبُور "أَزْوَاج النَّبيّ" e وَإنَّمَا تُوُفّينَ بالْمَدينَة النَّبَويَّة. وَكَذَلكَ مَا يُذْكَرُ في مصْرَ منْ قَبْر "عَليّ بْن الْحُسَيْن" أَوْ "جَعْفَرٍ الصَّادق" أَوْ نَحْو ذَلكَ هُوَ كَذبٌ باتّفَاق أَهْل الْعلْم، فَإنَّ عَليَّ بْنَ الْحُسَيْن وَجَعْفَرًا الصَّادقَ إنَّمَا تُوُفّيَا بالْمَدينَة، وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْعَزيز الْكنَانيُّ: -الْحَديثُ الْمَعْرُوفُ- لَيْسَ في قُبُور الأَنْبيَاء مَا ثَبَتَ إلاَّ قَبْرُ "نَبيّنَا" قَالَ غَيْرُهُ: وَقَبْرُ "الْخَليل" أَيْضًا. وَسَبَبُ اضْطرَاب أَهْل الْعلْم بأَمْر الْقُبُور أَنَّ ضَبْطَ ذَلكَ لَيْسَ منْ الدّين فَإنَّ النَّبيَّ e قَدْ نَهَى أَنْ تُتَّخَذَ الْقُبُورُ مَسَاجدَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْرفَةُ ذَلكَ منْ الدّين لَمْ يَجبْ ضَبْطُهُ[235]. فَأَمَّا الْعلْمُ الَّذي بَعَثَ اللَّهُ به نَبيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ فَإنَّهُ مَضْبُوطٌ وَمَحْرُوسٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَإنَّا لَهُ لَحَافظُونَ}[الحجر/9] وَفي الصّحَاح عَنْهُ e أَنَّهُ قَالَ: ((لا تَزَالُ طَائفَةٌ منْ أُمَّتي ظَاهرينَ عَلَى الْحَقّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ))[236]. وَأَصْلُ هَذَا الْكَذب هُوَ الضَّلالُ وَالابْتدَاعُ وَالشّرْكُ فَإنَّ الضُّلاَّلَ ظَنُّوا أَنَّ شَدَّ الرّحَال إلَى هَذه الْمَشَاهد وَالصَّلاةَ عنْدَهَا وَالدُّعَاءَ وَالنَّذْرَ لَهَا وَتَقْبيلَهَا وَاسْتلامَهَا وَغَيْرَ ذَلكَ؛ منْ أَعْمَال الْبرّ وَالدّين، حَتَّى رَأَيْت كتَابًا كَبيرًا قَدْ صَنَّفَهُ بَعْضُ أَئمَّة الرَّافضَة (مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَان) الْمُلَقَّبُ بالشَّيْخ الْمُفيد شَيْخ الْمُلَقَّب بالْمُرْتَضَى وَأَبي جَعْفَرٍ الطوسي سَمَّاهُ "الْحَجُّ إلَى زيَارَة الْمَشَاهد" ذَكَرَ فيه منْ الآثَار عَنْ النَّبيّ e وَأَهْل بَيْته وَزيَارَة هَذه الْمَشَاهد وَالْحَجّ إلَيْهَا مَا لَمْ يَذْكُرْ مثْلُهُ في الْحَجّ إلَى بَيْت اللَّه الْحَرَام. وَعَامَّةُ مَا ذَكَرَهُ منْ أَوْضَح الْكَذب وَأَبْيَن الْبُهْتَان حَتَّى أَنّي رَأَيْت في ذَلكَ منْ الْكَذب وَالْبُهْتَان أَكْثَرَ ممَّا رَأَيْته منْ الْكَذب في كَثيرٍ منْ كُتُب الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَهَذَا إنَّمَا ابْتَدَعَهُ وَافْتَرَاهُ في الأَصْل قَوْمٌ منْ الْمُنَافقينَ وَالزَّنَادقَة؛ ليَصُدُّوا به النَّاسَ عَنْ سَبيل اللَّه. وَيُفْسدُوا عَلَيْهمْ دينَ الإسْلام وَابْتَدَعُوا لَهُمْ أَصْلَ الشّرْك الْمُضَادَّ لإخْلاص الدّين للَّه كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ منْ السَّلَف في قَوْله تَعَالَى عَنْ قَوْم نُوحٍ: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آَلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثيرًا وَلا تَزد الظَّالمينَ إلاَّ ضَلالاً}[نوح/23-25] قَالُوا هَذه أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالحينَ كَانُوا في قَوْم نُوحٍ فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورهمْ ثُمَّ صَوَّرُوا تَمَاثيلَهُمْ[237]. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلكَ الْبُخَاريُّ في صَحيحه وَبَسَطَهُ وَبَيَّنَهُ في أَوَّل كتَابه في قَصَص الأَنْبيَاء وَغَيْرهَا. وَلهَذَا صَنَّفَ طَائفَةٌ منْ الْفَلاسفَة الصَّابئينَ الْمُشْركينَ في تَقْرير هَذَا الشّرْك مَا صَنَّفُوهُ وَاتَّفَقُوا هُمْ وَالْقَرَامطَةُ الْبَاطنيَّةُ عَلَى الْمُحَادَّة للَّه وَلرَسُوله حَتَّى فَتَنُوا أُمَمًا كَثيرَةً وَصَدُّوهُمْ عَنْ دين اللَّه. وَأَقَلُّ مَا صَارَ شعَارًا لَهُمْ تَعْطيلُ الْمَسَاجد وَتَعْظيمُ الْمَشَاهد فَإنَّهُمْ يَأْتُونَ منْ تَعْظيم الْمَشَاهد وَحَجّهَا وَالإشْرَاك بهَا مَا لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ به وَلا رَسُولُهُ وَلا أَحَدٌ منْ أَئمَّة الدّين، بَلْ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ عبَادَهُ الْمُؤْمنينَ[238].
وَأَمَّا الْمَسَاجدُ الَّتي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ فَيُخَرّبُونَهَا؛ فَتَارَةً لا يُصَلُّونَ جُمْعَةً وَلا جَمَاعَةً بنَاءً عَلَى مَا أَصَّلُوهُ منْ شُعَب النّفَاق وَهُوَ أَنَّ الصَّلاةَ لا تَصحُّ إلاَّ خَلْفَ مَعْصُومٍ وَنَحْوَ ذَلكَ منْ ضَلاَلَتهمْ. وَأَوَّلُ مَنْ ابْتَدَعَ الْقَوْلَ بالْعصْمَة لعَليّ وَبالنَّصّ عَلَيْه في الْخلافَة: هُوَ رَأْسُ هَؤُلاء الْمُنَافقينَ "عَبْدُ اللَّه بْنُ سَبَأٍ" الَّذي كَانَ يَهُوديًّا فَأَظْهَرَ الإسْلامَ وَأَرَادَ فَسَادَ دين الإسْلام كَمَا أَفْسَدَ بولس دينَ النَّصَارَى، وَقَدْ أَرَادَ أَميرُ الْمُؤْمنينَ عَليُّ بْنُ أَبي طَالبٍ قَتْلَ هَذَا لمَا بَلَغَهُ أَنَّهُ يَسُبُّ أَبَا بَكْر وَعُمَر حَتَّى هَرَبَ منْهُ، كَمَا أَنَّ عَليًّا حَرَقَ الْغَاليَةَ الَّذينَ ادَّعُوا فيه الإلَهيَّةَ، وَقَالَ في الْمُفَضّلَة: لا أوتى بأَحَد يُفَضّلُني عَلَى أَبي بَكْر وَعُمَر إلاَّ جَلَدْته جَلْدَ الْمُفْتَري. فَهَؤُلاء الضَّالُّونَ الْمُفْتَرُونَ أَتْبَاعُ الزَّنَادقَة الْمُنَافقُونَ يُعَطّلُونَ شعَارَ الإسْلام وَقيَامَ عَمُوده؛ وَأَعْظَمُهُ سُنَنُ الْهُدَى الَّتي سَنَّهَا رَسُولُ اللَّه e بمثْل هَذَا الإفْك وَالْبُهْتَان فَلا يُصَلُّونَ جُمْعَةً وَلا جَمَاعَةً. وَمَنْ يَعْتَقدُ هَذَا فَقَدْ يُسَوّي بَيْنَ الْمَشَاهد وَالْمَسَاجد حَتَّى يَجْعَلَ الْعبَادَةَ: كَالصَّلاة وَالدُّعَاء وَالْقرَاءَة وَالذّكْر وَغَيْر ذَلكَ مَشْرُوعًا عنْدَ الْمَقَابر كَمَا هُوَ مَشْرُوعٌ في الْمَسَاجد وَرُبَّمَا فَضَّلَ بحَاله أَوْ بقَاله: الْعبَادَةُ عنْدَ الْقُبُور وَالْمَشَاهد عَلَى الْعبَادَة في بُيُوت اللَّه الَّتي هيَ الْمَسَاجدُ حَتَّى تَجدَ أَحَدُهُمْ إذَا أَرَادَ الاجْتهَادَ في الدُّعَاء وَالتَّوْبَة وَنَحْوَ ذَلكَ قَصَدَ قَبْرَ مَنْ يُعَظّمُهُ كَشَيْخه أَوْ غَيْر شَيْخه فَيَجْتَهدُ عنْدَهُ في الدُّعَاء وَالتَّضَرُّع وَالْخُشُوع وَالرّقَّة مَا لا يَفْعَلُهُ مثْلُهُ في الْمَسَاجد وَلا في الأَسْحَار وَلا في سُجُوده للَّه الْوَاحد الْقَهَّار. وَقَدْ آلَ الأَمْرُ بكَثير منْ جُهَّالهمْ إلَى أَنْ صَارُوا يَدْعُونَ الْمَوْتَى وَيَسْتَغيثُونَ بهمْ كَمَا تَسْتَغيثُ النَّصَارَى بالْمَسيح وَأُمّه فَيَطْلُبُونَ منْ الأَمْوَات تَفْريجَ الْكُرُبَات وَتَيْسيرَ الطَّلَبَات وَالنَّصْرَ عَلَى الأَعْدَاء وَرَفْعَ الْمَصَائب وَالْبَلاء وَأَمْثَالَ ذَلكَ ممَّا لا يَقْدرُ عَلَيْه إلاَّ رَبُّ الأَرْض وَالسَّمَاء. حَتَّى أَنَّ أَحَدَهُمْ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ هَمّه الْفَرْضَ الَّذي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْه وَهُوَ (حَجُّ بَيْت اللَّه الْحَرَام) وَهُوَ شعَارُ الْحَنيفيَّة ملَّة إبْرَاهيمَ إمَام أَهْل دين اللَّه بَلْ يَقْصدُ الْمَدينَةَ. وَلا يَقْصدُ مَا رَغبَ فيه النَّبيُّ e منْ الصَّلاة في مَسْجده حَيْثُ قَالَ في الْحَديث الصَّحيح: ((صَلاَةٌ في مَسْجدي هَذَا خَيْرٌ منْ أَلْف صَلاَةٍ فيمَا سوَاهُ إلاَّ الْمَسْجدَ الْحَرَامَ))[239] وَلا يَهْتَمُّ بمَا أَمَرَ اللَّهُ به منْ الصَّلاة وَالسَّلام عَلَى رَسُوله حَيْثُ كَانَ وَمنْ طَاعَة أَمْره وَاتّبَاع سُنَّته وَتَعْزيره وَتَوْقيره وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْه منْ أَهْله وَمَاله وَالنَّاس أَجْمَعينَ بَلْ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إلَيْه منْ نَفْسه، بَلْ يَقْصدُ منْ زيَارَة قَبْره أَوْ قَبْر غَيْره مَا لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ به وَرَسُولُهُ وَلا فَعَلَهُ أَصْحَابُهُ وَلا اسْتَحْسَنَهُ أَئمَّةُ الدّين. وَرُبَّمَا كَانَ مَقْصُودُهُ بالْحَجّ منْ زيَارَة قَبْره أَكْثَرَ منْ مَقْصُوده بالْحَجّ، وَرُبَّمَا سَوَّى بَيْنَ الْقَصْدَيْن، وَكُلُّ هَذَا ضَلالٌ عَنْ الدّين باتّفَاق الْمُسْلمينَ، بَلْ نَفْسُ السَّفَر لزيَارَة قَبْرٍ منْ الْقُبُور - قَبْرُ نَبيٍّ أَوْ غَيْره- مَنْهيٌّ عَنْهُ عنْدَ جُمْهُور الْعُلَمَاء؛ حَتَّى أَنَّهُمْ لا يُجَوّزُونَ قَصْدَ الصَّلاة فيه بنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَفَرُ مَعْصيَةٍ؛ لقَوْله الثَّابت في الصَّحيحَيْن: ((لاَ تُشَدُّ الرّحَالُ إلاَّ إلَى ثَلاَثَة مَسَاجدَ الْمَسْجد الْحَرَام، وَمَسْجد الرَّسُول e، وَمَسْجد الأَقْصَى))[240] وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاس بمثْل هَذه الْمَسْأَلَة. وَكُلُّ حَديثٍ يُرْوَى في زيَارَة الْقَبْر فَهُوَ ضَعيفٌ بَلْ مَوْضُوعٌ، بَلْ قَدْ كَرهَ مَالك وَغَيْرُهُ منْ أَئمَّة الْمَدينَة أَنْ يَقُولَ الْقَائلُ: زُرْت قَبْرَ النَّبيّ e، وَإنَّمَا الْمُسنُّونَ السَّلامَ عَلَيْه إذَا أَتَى قَبْرُهُ e، وَكَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابعُونَ يَفْعَلُونَ إذَا أَتَوْا قَبْرَهُ؛ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ في غَيْر هَذَا الْمَوْضع. وَمنْ ذَلكَ الطَّوَافُ بغَيْر الْكَعْبَة وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلمُونَ عَلَى أَنَّهُ لا يَشْرَعُ الطَّوَافُ إلاَّ بالْبَيْت الْمَعْمُور فَلا يَجُوزُ الطَّوَافُ بصَخْرَة بَيْت الْمَقْدس وَلا بحُجْرَة النَّبيّ e وَلا بالْقُبَّة الَّتي في جَبَل عَرَفَاتٍ وَلا غَيْر ذَلكَ. وَكَذَلكَ اتَّفَقَ الْمُسْلمُونَ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْرَعُ الاسْتلامُ وَلا التَّقْبيلُ إلاَّ للرُّكْنَيْن الْيَمَانيَّيْن؛ فَالْحَجَرُ الأَسْوَدُ يُسْتَلَمُ وَيُقَبَّلُ وَالْيَمَانيُّ يُسْتَلَمُ. وَقَدْ قيلَ: إنَّهُ يُقَبَّلُ وَهُوَ ضَعيفٌ. وَأَمَّا غَيْرُ ذَلكَ فَلا يُشْرَعُ اسْتلامُهُ وَلا تَقْبيلُهُ؛ كَجَوَانب الْبَيْت وَالرُّكْنَيْن الشَّاميَّيْن؛ وَمَقَام إبْرَاهيمَ وَالصَّخْرَة وَالْحُجْرَة النَّبَويَّة وَسَائر قُبُور الأَنْبيَاء وَالصَّالحينَ. وَفي الصَّحيحَيْن عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبيّ e أَنَّهُ قَالَ[241]: ((قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبيَائهمْ مَسَاجدَ)) ، وَفي روَايَةٍ لمُسْلم: ((لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبيَائهمْ مَسَاجدَ))[242]. وَفي الصَّحيحَيْن أَيْضًا عَن الزُّهْريّ أَخْبَرَني عُبَيْدُ اللَّه بْنُ عَبْد اللَّه بْن عُتْبَةَ أَنَّ عَائشَةَ وَعَبْدَ اللَّه بْنَ عَبَّاسٍ قَالاَ: لَمَّا نَزَلَ برَسُول اللَّه e طَفقَ يَطْرَحُ خَميصَةً لَهُ عَلَى وَجْهه، فَإذَا اغْتَمَّ بهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهه، فَقَالَ وَهْوَ كَذَلكَ: لَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْيَهُود وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبيَائهمْ مَسَاجدَ)). يُحَذّرُ مَا صَنَعُوا.[243] وَفي الصَّحيحَيْن أَيْضًا عَنْ عَائشَةَ - رضي الله عنها- قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّه e في مَرَضه الَّذي لَمْ يَقُمْ منْهُ: ((لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبيَائهمْ مَسَاجدَ)). لَوْلاَ ذَلكَ أُبْرزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خَشيَ أَوْ خُشيَ أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجدًا.[244] وَفي صَحيح مُسْلمٍ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارث النَّجْرَانيّ قَالَ حَدَّثَني جُنْدَبٌ قَالَ سَمعْتُ النَّبيَّ e قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بخَمْسٍ وَهُوَ يَقُولُ: ((إنّي أَبْرَأُ إلَى اللَّه أَنْ يَكُونَ لي منْكُمْ خَليلٌ فَإنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَد اتَّخَذَني خَليلاً كَمَا اتَّخَذَ إبْرَاهيمَ خَليلاً وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخذًا منْ أُمَّتي خَليلاً لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَليلاً أَلاَ وَإنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخذُونَ قُبُورَ أَنْبيَائهمْ وَصَالحيهمْ مَسَاجدَ أَلاَ فَلاَ تَتَّخذُوا الْقُبُورَ مَسَاجدَ إنّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلكَ))[245] وَفي صَحيح مُسْلمٍ عَنْ أَبى مَرْثَدٍ الْغَنَويّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e: ((لاَ تَجْلسُوا عَلَى الْقُبُور وَلاَ تُصَلُّوا إلَيْهَا))[246] وَعَنْ أَبى سَعيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e - وَقَالَ مُوسَى في حَديثه فيمَا يَحْسَبُ عَمْرٌو - أَنَّ النَّبيَّ e قَالَ: ((الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجدٌ إلاَّ الْحَمَّامَ وَالْمَقْبُرَةَ)) رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَن؛ كَأَبي داود والترمذي وَابْن ماجه وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بأَنَّهُ رُويَ مُرْسَلاً وَصَحَّحَهُ الْحَافظُ.[247] وَفي الصَّحيحَيْن عَنْ عَائشَةَ - رَضيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ لَمَّا اشْتَكَى النَّبيُّ e ذَكَرَتْ بَعْضُ نسَائه كَنيسَةً رَأَيْنَهَا بأَرْض الْحَبَشَة، يُقَالُ لَهَا مَاريَةُ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبيبَةَ - رضي الله عنهما- أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَة، فَذَكَرَتَا منْ حُسْنهَا وَتَصَاويرَ فيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: ((أُولَئكَ إذَا مَاتَ منْهُمُ الرَّجُلُ الصَّالحُ بَنَوْا عَلَى قَبْره مَسْجدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فيه تلْكَ الصُّورَةَ، أُولَئكَ شرَارُ الْخَلْق عنْدَ اللَّه))[248] وَعَنْ ابْن عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: ((لَعَنَ رَسُولُ اللَّه e زَوَّارَات الْقُبُور وَالْمُتَّخذينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجدَ وَالسُّرُجَ))[249]. رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَن: كَأَبي داود والنسائي والترمذي. وَقَالَ حَديثٌ حَسَنٌ وَفي بَعْض النُّسَخ صَحيحٌ. وَفي مُوَطَّأ مَالك عَنْ عَطَاء بْن يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّه e قَالَ: ((اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْري وَثَنًا يُعْبَدُ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّه عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبيَائهمْ مَسَاجدَ))[250].وَفي مسند أحمد عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e: ((لاَ تَتَّخذُوا قَبْري عيداً وَلاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُوراً وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ فَإنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُني))[251].
وَأَمَّا الْعبَادَاتُ في الْمَسَاجد: كَالصَّلاة وَالْقرَاءَة وَالدُّعَاء وَنَحْو ذَلكَ: فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ ممَّنْ مَنَعَ مَسَاجدَ اللَّه أَنْ يُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ وَسَعَى في خَرَابهَا أُولَئكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إلاَّ خَائفينَ لَهُمْ في الدُّنْيَا خزْيٌ وَلَهُمْ في الآَخرَة عَذَابٌ عَظيمٌ }[البقرة/114] وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجدَ اللَّه مَنْ آَمَنَ باللَّه وَالْيَوْم الآَخر وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئكَ أَنْ يَكُونُوا منَ الْمُهْتَدينَ}[التوبة/18] الآيَةَ. وَفي التّرْمذيّ عَنْ أَبى سَعيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e: (إذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بالإيمَان. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى }إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجدَ اللَّه مَنْ آمَنَ باللَّه وَالْيَوْم الآخر{[252] وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَمَرَ رَبّي بالْقسْط وَأَقيمُوا وُجُوهَكُمْ عنْدَ كُلّ مَسْجدٍ وَادْعُوهُ مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَريقًا هَدَى وَفَريقًا حَقَّ عَلَيْهمُ الضَّلالَةُ إنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطينَ أَوْليَاءَ منْ دُون اللَّه وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأعراف/29، 30] الآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ الْمَسَاجدَ للَّه فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّه أَحَدًا{ [الجن/18]وَقَالَ تَعَالَى: {في بُيُوتٍ أَذنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فيهَا بالْغُدُوّ وَالآَصَال}[النور/36] الآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تُبَاشرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكفُونَ في الْمَسَاجد تلْكَ حُدُودُ اللَّه فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلكَ يُبَيّنُ اللَّهُ آَيَاته للنَّاس لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}[البقرة/187].
وَفي الصَّحيحَيْن عَنْ أَبى سَعيدٍ الْخُدْريّ أَنَّهُ سَمعَ النَّبيَّ e يَقُولُ: ((صَلاَةُ الْجَمَاعَة تَفْضُلُ صَلاَةَ الْفَذّ بخَمْسٍ وَعشْرينَ دَرَجَةً))[253] وَفي لَفْظٍ– ((صَلاَةُ الْجَمَاعَة أَفْضَلُ منْ صَلاَة الْفَذّ بسَبْعٍ وَعشْرينَ دَرَجَةً))[254]. وَفي الصَّحيح عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e: ((إنَّ أَثْقَلَ الصَّلاَة عَلَى الْمُنَافقينَ صَلاَةُ الْعشَاء الآخرَة وَصَلاَةُ الْفَجْر وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فيهمَا لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً وَلَوْ عَلمَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ عَرْقاً منْ شَاةٍ سَمينَةٍ أَوْ مرْمَاتَيْن حَسَنَتَيْن لأَتَيْتُمُوهَا أَجْمَعينَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بالصَّلاَة فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً يُصَلّى بالنَّاس ثُمَّ آخُذَ حُزَماً منْ حَطَبٍ فَآتيَ الَّذينَ تَخَلَّفُوا عَن الصَّلاَة فَأُحْرّقَ عَلَيْهمْ بُيُوتَهُمْ))[255].
وَفي صَحيح مُسْلمٍ عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبيَّ e رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه! إنَّهُ لَيْسَ لي قَائدٌ يَقُودُني إلَى الْمَسْجد. فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّه e أَنْ يُرَخّصَ لَهُ فَيُصَلّيَ في بَيْته فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: ((هَلْ تَسْمَعُ النّدَاءَ بالصَّلاَة؟)). فَقَالَ نَعَمْ. قَالَ: ((فَأَجبْ))[256]. وَفيه أَيْضًا عَنْ عَبْد اللَّه قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَداً مُسْلماً فَلْيُحَافظْ عَلَى هَؤُلاَء الصَّلَوَات حَيْثُ يُنَادَى بهنَّ فَإنَّ اللَّهَ شَرَعَ لنَبيّكُمْ e سُنَنَ الْهُدَى وَإنَّهُنَّ منْ سُنَن الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ في بُيُوتكُمْ كَمَا يُصَلّى هَذَا الْمُتَخَلّفُ في بَيْته لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبيّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبيّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، وَمَا منْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمدُ إلَى مَسْجدٍ منْ هَذه الْمَسَاجد إلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بكُلّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بهَا سَيّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلاَّ مُنَافقٌ مَعْلُومُ النّفَاق وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى به يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْن حَتَّى يُقَامَ في الصَّفّ[257]. وَهَذَا بَابٌ وَاسعٌ قَدْ نَبَّهْنَا بمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى سَبيل الْهُدَى في هَذَا الأَمْر الْفَارق بَيْنَ أَهْل التَّوْحيد الْحُنَفَاء أَهْل ملَّة إبْرَاهيمَ الْمُتَّبعينَ لدين اللَّه الَّذي بَعَثَ به رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ به كُتُبَهُ وَبَيَّنَ مَنْ لَبَّسَ الْحَقَّ بالْبَاطل وَشَابَ الْحَنيفيَّةَ بالإشْرَاك. قَالَ تَعَالَى:
}وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا منْ قَبْلكَ منْ رُسُلنَا أَجَعَلْنَا منْ دُون الرَّحْمَن آَلهَةً يُعْبَدُونَ{ [الزخرف/45] وَقَالَ تَعَالَى: }وَمَا أَرْسَلْنَا منْ قَبْلكَ منْ رَسُولٍ إلاَّ نُوحي إلَيْه أَنَّهُ لاَ إلَهَ إلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون{ [الأنبياء/25] وَقَالَ تَعَالَى: }وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَن اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنبُوا الطَّاغُوتَ فَمنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْه الضَّلالَةُ فَسيرُوا في الأَرْض فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقبَةُ الْمُكَذّبينَ{ [النحل/36] وَقَالَ تَعَالَى: }وَمَا تَفَرَّقَ الَّذينَ أُوتُوا الْكتَابَ إلاَّ منْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيّنَةُ وَمَا أُمرُوا إلاَّ ليَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلصينَ لَهُ الدّينَ حُنَفَاءَ وَيُقيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلكَ دينُ الْقَيّمَة{ [البينة/4-6] الآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى: }فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا فطْرَةَ اللَّه الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْديلَ لخَلْق اللَّه ذَلكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلَكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لاَ يَعْلَمُونَ مُنيبينَ إلَيْه وَاتَّقُوهُ وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا منَ الْمُشْركينَ منَ الَّذينَ فَرَّقُوا دينَهُمْ وَكَانُوا شيَعًا كُلُّ حزْبٍ بمَا لَدَيْهمْ فَرحُونَ{ [الروم/30-32]. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.) انتهى
الشيعة والتصوف الشيعة والتصوف الشيعة والتصوف
أقول: لولا التشيع؛ لما عرف التصوف، فالتشيع هو الأصل الأصيل للتصوف؛ بحكم أن أوائل المتصوفة هم غلاة الشيعة[258]، وأن للصوفية سلاسل كلها تنتهي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكثير منها هي نفس تسلسل الأئمة الإثني عشرية[259]، فَهُمَا خطىً واحدة تجمع مخالفات وانحرافات وشطحات واحدة[260]؛ كاتخاذ القبور مساجد، والمساجد قبوراً، وتقديس الأضرحة، وتعظيم شأنها بالغلو فيهم، واعتقاد أنهم يَسمعون ويُسمعون وينفعون ويضرون ويتصرفون في الكون؛ فيستغيثون بهم كاستغاثة أهل الأوثان بأوثانهم، فهي أوثاناً وإن لم يسموها أوثاناً، فللشيعة أوثاناً هائلة من الأضرحة، كما أن للصوفية أوثاناً تضاهي أوثان الشيعة، وكل من الفريقين إصراره على التجريح في الدين، وتحريف قول رب العالمين، والتآمر على سنة الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، رضوا أم أبوا، وهذا هو حالهم الذي أدى إلى مآلهم؛ فإدمان الكذب عندهم شعاراً، والتقية والنفاق لهم ديناً ودثاراً ودياراً[261].. إلا أن الشيعة تريد إحياء دولة المجوس عبدة النيران، والصوفية تريد إحياء دولتهم الباطنية عبدة القبور والأوثان[262]، وهما يتفقان في نفس الوثن:
◄ ((1- فالشيعة والصوفية متفقة أن الوحي لم يكن للأنبياء وحدهم، بل ربما كان لمن بعد الأنبياء أوصافاً تتعدى أوصاف الأنبياء، فالأنبياء يكلمهم الله بالوحي أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً يوحي إليه بإذنه ما يشاء، أما الأئمة عند الشيعة والأولياء عند الصوفية؛ فكان ينزل الوحي عليهم بنفس الأوصاف التي هي عند الأنبياء، وربما زاد بأن يكلمهم الله ويناجيهم بلا حجاب..
ونقل محمد بن حسن الصفار رواية عن حمران بن أعين أنه قال: (قلت لأبي عبد الله (جعفر) عليه السلام: جعلت فداك, بلغني أن الله تعالى قد ناجى عَليَّا عليه السلام؟ قال: أجل, قد كان بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبريل).
بل ويفضلون الإمام على النَّبي: فروى الكليني عن يوسف التَّمَّار أنه سمع جعفر بن الباقر أنه قال: (ورب الكعبة, ورب البنية – ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر عليهما السلام لأخبرتهما أني أعلم منهما, ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان, ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة).
وعلى ذلك قال الخميني زعيم شيعة إيران اليوم في كتابه "ولاية الفقيه"ما نصّه: (إن من ضروريات مذهبنا أنه لا ينال أحد المقامات المعنوية الروحية للأئمة حتى ملك مقرب ولا نبي مرسل, كما روي عندنا بأن الأئمة كانوا أنوارا تحت ظل العرش قبل تكوين هذا العالم.... وأنهم قالوا: إن لنا مع الله أحوالا لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل, وهذه المعتقدات من الأسس والأصول التي قام عليها مذهبنا).
وبمثل ذلك قالت الصوفية: فيقول الصوفي الكبير عبد القادر الحلبي المعروف بابن قضيب البان:
(كل ما خُصّت به الأنبياء, خصّت به الأولياء). وقد قال الدباغ الصوفي: (وأما ما ذكروه في الفرق بين النبي والوليّ من نزول الملك وعدمه فليس بصحيح, لأن المفتوح عليه سواء كان وليا أو نبيا لا بد له أن يشاهد الملائكة بذواتهم على ما هم عليه, ويخاطبهم ويخاطبونه, وكل من قال: إن الوليّ لا يشاهد الملك ولا يكلمه فذاك دليل على أنه غير مفتوح عليه). ونقل النفزي الرندي عن بعض المشايخ أنه قال: (إن الملائكة تزورني فآنس بها, وتسلم عليّ فأسمع تسليمها).
وليس هذا فحسب, بل يقولون بعروج المتصوفة إلى السماء, ووقوفهم بين يدي الربّ, ومناجاتهم به, وتكليمه إياهم, فيقول أحد من المتقدمين من الصوفية نجم الدين كبري المقتول 618هـ:(أنه أيضا ممن عرج به إلى السماء). ويذكر الصوفي القديم المشهور عزيز الدين النسفي عن عروج المتصوفة إلى السماء: (إن بعض الصوفية يعرجون إلى السماء الأولى ويطوفون حولها, وبعضهم يتجاوزون من السماء الأولى... وبعضهم يصلون إلى العرش إذا أمكن لهم).
وكذلك ادعائهم علم الغيب مثلهم مثل الشيعة تماما بتمام: فقد نقلوا عن الشبلي أنه قال: (لو دبت نملة سوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء ولم أشعر بها أو لم أعلم بها لقلت أنه ممكور بي).
ويقول ابن عربي كبير الصوفية: (من يكن الحق سمعه وبصره فكيف يخفى عليه شيء).
وهذه هي عقيدة الشيعة: فقد أورد الكليني عن جعفر الصادق أنه قال: (إني لأعلم ما في السموات وما في الأرض, وأعلم ما في الجنة وما في النار, وأعلم ما كان وما يكون).
2. المساواة بين النَّبي والولي: فقد قال أحد الصوفية: (ما قيل في النبي يقال في الوليّ). وكذب على رسول الله e أنه حكى عن الله عز وجل أنه قال: (أولئك كلامهم كلام الأنبياء).
3. تفضيل الولي على النَّبي: فقد قال الصوفية: (خضنا بحورا وقفت الأنبياء بسواحلها). و(معاشر الأنبياء, أوتيتم اللقب, وأوتينا ما لم تؤتوه).
وهذا ما صرّح به بعضهم: (مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الوليّ).
4. إجراء النبوة: وهي بمعنى أن النُّبَوة لا تنقطع أبدا, وأن النبوة جارية, ويأتي نبيّ حيناً بعد حين, أخذوها من بعض فرق الشيعة, من الخطابية, والخرمية, والمنصورية وغيرها.
فيقول الفرغاني: (أما الولاية فهي التصرف في الخلق بالحق, وليست في الحقيقة إلا باطن النبوة, لأن النبوة ظاهرة الأنباء, وباطنها التصرف في النفوس بإجراء الأحكام عليها. والنبوة مختومة من حيث الأنباء, إذْ لا نبيّ بعد محمد e, دائمة من حيث الولاية والتصرف).
5. العصمة: فقد قال الشيعة: (إن الإمام يجب أن يكون معصوما).
وقال خاتمة محدثي الشيعة ملاّ باقر المجلسي: (الشرط الثاني في الإمام أن يكون معصوما, وإجماع الإمامية منعقد على أن الإمام مثل النبيّ صلى الله عليه وآله معصوم من أول عمره إلى آخر عمره من جميع الذنوب الصغائر والكبائر والأحاديث المتواترة على هذا المضمون واردة).
وبمثل ذلك قال المتصوفة في كبرائهم وأوليائهم. فقد قال ابن عربي: (إن من شرط الإمام الباطن (يعني الولي) أن يكون معصوما, وليس الظاهر إن كان غيره مقام العصمة).
ولربما استعملوا الحفظ على أوليائهم ومتصوفيهم, بدل العصمة الشيعية لأئمتهم, لكن في نفس المعنى والمقصود, فقالوا: (ومن شرط الوليّ أن يكون محفوظا, كما أن من شرط النبي أن يكون معصوما).
6. عدم خلو الأرض من حجة: فقد قالت الشيعة: منها ما رواها الكليني عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال: (لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان الإمام أحدهما).
كما أورد روايات كثيرة في باب: (أن الأرض لا تخلو من حجة): منها ما رواها أيضا عن جعفر أنه سئل: (أتخلو الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت بأهلها).
وقالت الصوفية مثل ذلك: فيقول أبو طالب المكي في قوته, مستعملا حتى الألفاظ الشيعية ومصطلحاتهم نقلا عن علي رضي الله عنه أنه قال: (لا تخلو الأرض من قائم لله تعالى بحجة, إمّا ظاهر مكشوف, وإمّا خائف مقهور لئلا تبطل حجج الله تعالى وبيّناته). ومثل ذلك أورد الطوسي السراج أبو نصر عنه: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة لئلا تبطل آياته, وتدحض حججه).
7. وجوب معرفة الإمام: فقد قالت الشيعة: مثل الطوسي الملقب بشيخ الطائفة: (دفع الإمامة كفر, كما أن دفع النبوة كفر, لأن الجهل بهما على حدّ واحد, وقد روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية, وميتة الجاهلية لا تكون إلا على كفر).
والمتصوفة تقول كما ذكروا ذلك عن أبي يزيد أنه قال: (من لم يكن له أستاذ فإمامه الشيطان).
وعلى ذلك يقول نيكلسون المستشرق: (من لم يكن له شيخ كان الشيطان شيخه, يقول بعده: (هي فكرة يظهر أن لها صلة بالنظرية الشّيعية, الذي كان عبد الله بن سبأ أول من قال بها).
8. الولاية والوصاية: فإن الشيعة يقولون: (أن الأئمة ولاة أمر الله وخزنة علم الله وعيبة وحي الله)
ورووا عن جعفر الباقر أنه قال: (نحن المثاني التي أعطاها الله النبي صلى الله عليه وآله, ونحن وجه الله نتقلب في الأرض بين أظهركم, عرفنا من عرفنا, وجهلنا من جهلنا, من عرفنا فإمامه اليقين, ومن جهلنا فإمامه السعير).
ويقول ابن عجيبة الصوفي عن المتصوفة: (هم باب الله الأعظم, ويد الله الآخذة بالداخلين إلى حضرة الله, فمن مدحهم فقد مدح الله, ومن ذمّهم فقد ذمّ الله).
9. الحلول والتناسخ: وإن فرَقَاً من الشيعة يعتقدون في أئمتهم بأنهم هم الذين ظهروا في مختلف الصور في الأزمنة المتعددة, والأمكنة المختلفة, وهم الذين ظهروا في أيام آدم بصورة آدم, وفي دور نوح بنوح, وكذلك شيث وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم في زمانهم, وأن أئمتهم هم الذين نجّوا نوحاً, وأغرقوا الخلق في عهد نوح, وخرقوا السفينة, وقتلوا الغلام وغير ذلك.
فقد روى الشيعة عن جعفر بن الباقر أنه قال: (أنا منْ نور الله, نطقت على لسان عيسى بن مريم في المهد, فآدم وشيث ونوح وسام وإبراهيم وإسماعيل وموسى ويوشع وعيسى وشمعون ومحمد كلنا واحد, من رآنا فقد رآهم... أنا أحيي وأميت وأخلق وأرزق, وأبرئ الأكمه والأبرص, وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم بإذن ربي, وكذلك الأئمة المحقون من ولدي لأنا كلنا شيء واحد).
وأما الصوفية فقد رووا عن أحد المتصوفة البارزين أنه كان يقول: (أنا موسى الكليم في مناجاته, أنا عليّ في حملاته, أنا كل وليّ في الأرض خلقته بيدي, ألبس منهم من شئت, أنا في السماء شاهدت ربي, وعلى الكرسي خاطبته, أنا بيدي أبواب النار إن أغلقتها أغلقها بيدي, وبيدي جنة الفردوس إن فتحتها أفتحها, ومن زارني أدخلته جنة الفردوس).
10. مراتب الصوفية: وهم حسب كلام لسان الدين بن الخطيب: (خواصّ الله في أرضه, ورحمة الله في بلاده على عباده: الأبدال, والأقطاب, والأوتاد, والعرفاء, والنجباء, والنقباء, وسيدهم الغوث)[263]. فهذه المراتب والترتيب والأعداد لم يأخذها المتصوفة إلا من الشيعة أيضا, وخاصة من الشيعة الإسماعيلية والنصيرية والدروز.
فعن القاضي الإسماعيلي النعمان بن محمد المغربي, ذكر فيها أصحاب المراتب العليا, فيقول: (والحدود السفلية هم: الأسس, الأئمة, والحجج, والنقباء, والأجنحة).
11. التقية: من أهم المبادئ الشيعية وأسسهم ومعتقداتهم الإخفاء والكتمان, وإظهار ما لا يعتقدونه في السر, وإعلان ما يبطنون خلافه, وهذا من أخطر ما يؤمن به الشيعة, ويميزهم من الطوائف المسلمة الأخرى, ويحول بينهم وبين الالتقاء بهم, لأنه لا يعلم ظاهرهم من باطنهم, وكذبهم من صدقهم.
فقد قالت الشيعة كما في الكليني عن جعفر أنه قال لأصحابه معلى بن خنيس: (يا معلى! أكتم لأمرنا ولا تذعه, فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا, وجعله نورا بين عينيه في الآخرة, يقوده في الجنة. يا معلىّ! من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا ونزع النور من بين عينيه في الآخرة وجعله ظلمة تقوده إلى النار. يا معلى! إن التقية من ديني ودين آبائي, ولا دين لمن لا تقية له).
وعلى ذلك قال صدوقهم ابن بابويه القمي: (اعتقادنا في التقية أنها واجبة, لا يجوز رفعها إلى أن يقوم القائم, ومن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الإمامية, وخالف الله ورسوله والأئمة).
وبمثل ذلك قالت الصوفية فقد نقل الشعراني عن سيده محمد الحنفي أنه قال: (وهاهنا كلام لو أبديناه لكم لخرجتم مجانين لكن نطويه عمن ليس من أهله).
وكما يروون أن الخضر عَبَرَ على الحلاج وهو مصلوب, فقال له الحلاج: (هذا جزاء أولياء الله؟ فقال له الخضر: نحن كتمنا فسلمنا, وأنت بحت فمتّ).
ونقل الشعراني كذلك عن الجنيد أنه (كان يستر كلام أهل الطريق عمن ليس منهم, وكان يستتر بالفقه والإفتاء على مذهب أبي ثور, وكان إذا تكلم في علوم القوم أغلق باب داره, وجعل مفتاحه تحت وركه).
12. الظاهر والباطن: وأما الفكرة الأخرى التي تسربت إلى التصوف من التشيع, واعتنقها الصوفية بتمامها هي فكرة تقسيم الشريعة إلى الظاهر والباطن، والعام والخاص. فلقد قالوا: (لا بدّ لكل محسوس من ظاهر وباطن, فظاهره ما تقع الحواسّ عليه, وباطنه يحويه ويحيط العلم به بأنه فيه, وظاهره مشتمل عليه). وكذبوا على رسول الله e أنه قال: (ما نزلت عليّ آية إلا ولها ظهر وبطن, ولكل حرف حدّ, ولكل حدّ مطلع). ثم قسموا الظاهر والباطن بين النبي والوصيّ حيث قالوا: (كانت الدعوة الظاهرة قسط الرسول صلوات الله وسلامه عليه, والدعوة الباطنة قسط وصيّه الذي فاض منه جزيل الإنعام). ثم قالوا: (إن الظاهر هو الشريعة, والباطن هو الحقيقة, وصاحب الشريعة هو الرسول محمد صلوات الله عليه, وصاحب الحقيقة هو الوصيّ عليّ بن أبي طالب)[264].
وأن الشيعة الآخرين كالشيعة الإثني عشرية يقولون بهذا القول كما روى كلينيهم في كافيّه عن موسى الكاظم – الإمام السابع عندهم – أنه قال: (إن القرآن له ظهر وبطن).
ثم أخذ المتصوفة بدورهم أفكار الشيعة ومعتقداتهم, فآمنوا بها واعتقدوها, وجعلوها من الأصول والقواعد لعصابتهم, فقالوا مثل ما قاله الشيعة والفرق الباطنية: (العلوم ثلاثة: ظاهر, وباطن, وباطن الباطن, كما أن الإنسان له ظاهر, وباطن, وباطن الباطن. فعلم الشريعة ظاهر, وعلم الطريقة باطن, وعلم الحقيقة باطن الباطن).
وقال الطوسي أبو نصر السراج: (إن العلم ظاهر وباطن... ولا يستغني الظاهر عن الباطن, ولا الباطن عن الظاهر, وقد قال الله عز وجل: } وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُول وَإلَى أُولي الأَمْر منْهُمْ لَعَلمَهُ الَّذينَ يَسْتَنْبطُونَهُ منْهُمْ{ النساء:83 : فالمستنبط هو العلم الباطن, وهو علم أهل التصوف, لأن لهم مستنبطات من القرآن والحديث وغير ذلك... فالعلم ظاهر وباطن, والقرآن ظاهر وباطن, وحديث رسول الله e ظاهر وباطن, والإسلام ظاهر وباطن). وذكر المتصوفة نفس تلك الرواية التي نقلها الشيعة والإسماعيلية, وهي: (لكل آية ظاهر وباطن, وحدّ ومطلع).
13. نسخ الشريعة ورفع التكاليف: وهي من العقائد الباطنية الخبيثة: فقد قالت الشيعة وخاصة الإسماعيلية: كما قال أبو يعقوب السجستاني: (أما القائم عليه السلام فإنه يرفع الشرائع).
وأيضا في الكتب النُّصَيْريَّة والدرزية وغيرها من الفرق الباطنية الأخرى.
وأما رفع التكاليف فيقول الداعي الإسماعيلي طاهر بن إبراهيم الحارثي اليماني: (حجج الليل هم أهل الباطن المحض, المرفوع عنهم في أدوار الستر التكاليف الظاهرة لعلو درجاتهم).
وبمثل ذلك نقلوا عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال: (من عرف الباطن فقد سقط عنه عمل الظاهر... ورفعت عنه الأغلال والأصفاد وإقامة الظاهر).
والشيعة الأثنا عشرية أيضا, كاذبين على أئمتهم, ومتهمين إياهم بمقولات هم منها براء. كما روى الكليني في كافيّه عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال لشيعته: (إن الرجل منكم لتملأ صحيفته من غير عمل). بل (كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة).
وذكر ابن بابويه القمّي أن علي بن موسى الرضا – الإمام الثامن المعصوم عند الشيعة – قال: (رفع القلم عن شيعتنا, فقلت: يا سيدي, كيف ذاك؟ قال: لأنهم أخذ عليهم العهد بالتقية في دولة الباطل, يأمن الناس ويخوّفون, ويكفرون فينا ولا نكفر فيهم, ويقتلون بنا ولا نقتل بهم, ما من أحد من شيعتنا ارتكب ذنبا أو خطأ إلا ناله في ذلك غمّ يمحص عنه ذنوبه, ولو أتى بذنوب عدد القطر والمطر, وبعدد الحصى والرمل, وبعدد الشوك والشجر).
وأما المتصوفة فيقولون بكل هذا, سالكين مسلك هؤلاء الضالة النحرفين: (وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى درجة تزول فيها عنهم العبادات, وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا وغيره مباحات لهم). وقالوا: (إذا وصلت إلى مقام اليقين سقطت عنك العبادة) مؤولين قول الله عز وجل: }وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتيَكَ اليَقينُ {الحجر:99.))[265]
◄ هناك علاقة قوية بين الصوفية والشيعة في شروط الإمامة التي يرتكز شرطها الأول على أن يكون الإمام من آل البيت، فالأئمة الإثني عشر من آل البيت، وبعض الطرق الصوفية أئمتها تدعي أنها من آل البيت، فالشاذلي والرفاعي والبدوي والدسوقي والجيلاني وغيرهم يزعمون أن نسبهم ينتهي إلى آل البيت ليحيطوا بأنفسهم هالة قدسية تجعل العامة من الناس تظن أنهم مركزاً للدنيا والدين وأمان أهل الأرض الذين اختصهم الله بتلك المكانة – وقد تقدَّم الكلام في ذلك كثيراً-..
◄ الصوفية متفقة مع الشيعة في الأضرحة والقبور[266]، فالصوفية أطلقت على المقابر التي يعبدونها[267] من دون الله أو مع الله (أضرحة ومقامات)، والشيعة أطلقت عليها (أعتاب). وكلاَّ من الفرقتين نهاية مطافهما واحد في حرب الإسلام ورسالة خير الأنام e، فتقديس الأموات عند الفريقين بتقديس القبور وتجصيصها واتخاذها مساجد، حتى صارت شعاراً وعاراً وكأنه معلم من معالم الدين الإسلامي الحنيف، والإسلام براء من كل ذلك، فالأضرحة والمشاهد والمقامات والأعتاب ركن من أركان معتقد الشيعة والصوفية، إلا أن الشيعة هم أول من بنى المشاهد – القباب- على القبور وجعلوها شعاراً لهم[268]، وقد أقر بهذه الصلة ابن خلدون في مقدمته[269] فقال وهو يربط الصوفية بالشيعة في عدة تشابهات: «ثم إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك، فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة كما أشرنا إليه وملئوا الصحف منه مثل الهروي في كتاب "المقامات" له وغيره وتبعهم ابن عربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف وابن الفارض والنجم الإسرائيلي في قصائدهم، وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول وإلهية الأئمة مذهبا لم يعرف لأولهم، فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر، واختلط كلامهم، وتشابهت عقائدهم، وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب، ومعناه: رأس العارفين، يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد من مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان، وقد أشار إلى ذلك ابن سينا في كتاب "الإشارات" في فصول التصوف منه، وهو بعينه ما تقوله الرافضة في توارث الأئمة عندهم. فانظر كيف سرقت طباع القوم هذا الرأي من الرافضة، ودانوا به، ثم قالوا: بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب كما قال الشيعة في النقباء حتى إنهم لما ارْتَدُوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه منهم في الدين بشيء يؤثر عنه في الخصوص، بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة يشهد لذلك سيرهم وأخبارهم.» اهـ
فتقديس المشاهد أساء للإسلام عند من لا علم له بتعاليمه، ولهذا تجد وسائل الإعلام الحاقدة على الإسلام تنقل هذا التقديس الشركي على أنه صورة الإسلام الحقيقي. والمشكلة الكبرى أن ترى منَ المسلمين من تسري عليه هذه الترويجات..
ولكننا نقولها صريحة وبدون أن تأخذنا في الله لومة لائم ولا انقاد متعالم: إن عقول مثل هؤلاء قد خدرها أفيون التصوف والتشيع، ونفوسهم قد مسخها شيطانهم، وقلوبهم قد طبع عليها أربابهم ومشايخهم بخاتم الجهل وقلة الحياء، وإلاَّ كيف يصدّق هذا الهراء من كان صاحب عقل نظيف ونفس زكية وقلب واع؟! أليس هذه فرصة يهتبلها الكفار لنشر المخازي التي ابتليت بها الأمة، أليس من الجهل والزَّريَّة المزرية أن يبقى الناس يدافعون عن المبتدعة بحماس وينشرون خرافاتهم بوضعهم يداً بيد مع الكفار الذين استخدموهم في نشر هذه الخزعبلات؟! لقد أدرك أعداء الإسلام ذلك فحاولوا أن يشوهوا دين الإسلام ويقضوا على صفائه وصفاء عقيدته بهذه السلبية التي بها يستطيعون القضاء عليه فلا تقوم له قائمة[270]..
◄ الصوفية متفقة مع الشيعة في أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله هم أصحاب الكساء لا غيرهم، ويقولون هم الذين نزلت فيهم آية التطهير: }إنّما يُريدُ الله ليُذْهبَ عَنْكمُ الرّجْسَ أهْل البَيْت ويُطَهّرَكم تَطْهيراً[271]{[الأحزاب] وهم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفاطمة وعلي والحسن والحسين y، وقد يُدْخل بعضهم من شاء بحسب مشربه وهواه، فالجفري الصوفي أدخل جبريل عليه السلام معهم، وأدخل سلمان الفارسي رضي الله عنه أيضاً، وهو نفس المعتقد الذي يعتقده الشيعة[272] ولكن الشيعة زادوا وأنقصوا، وتناقضوا في هذه المسألة كثيراً، وكل منهم يدعي الإجماع على كلامه، حتى أنهم يفرقون بين أهل البيت وآل البيت والعترة بتفريق متناقض، واختلاف متعدد؛ فمنهم من يدعي أن العترة هم جميع بني هاشم، ويطلقون عليهم: أمة محمد؛ كما زعم المفيد كبير الطائفة الإثني عشرية وشيخهم[273] ثم تناقض المفيد بعد ذكره الإجماع على قوله، فقال أن العترة هم كبار الأهل وأجلهم وخاصتهم في الفضل..وبعض الشيعة من اقتصر على ولد السيدة فاطمة رضي الله عنها خاصة[274]ومنهم من اقتصر العترة على الحسن والحسين وحدهما[275]. ومنهم من ادعى أن آل البيت ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأهل البيت هم الأئمة الإثنا عشر[276]. ومنهم من يرى أن المراد بالآل الأئمة الإثنا عشر، والأهل هم أصحاب الكساء[277]. وجمهورهم يرى أن آل البيت هم آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، مستدلين على ذلك بكونهم لا تحل لهم الصدقة[278].. والكثير من الخلاف والاختلاف الواضح البين في هذه التسميات، إلا أنهم متفقون على أن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَسْنَ من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم! فهن لَسْنَ من آله، ولا من أهله، ولا من عترته! فيخالفون الشرع والعرف واللغة بهواهم وما يمليه عليهم مشايخهم، فتشيعهم لآل البيت لا حباً بآل البيت، ولكن هو تصور يلائم عقيدتهم المجوسية التي لاءمت مع عقيدة اليهود والنصارى والبوذيين الحلوليَّة التناسخية الخرافية المعتمدة على التنظيم والسرية والتقيَّة؛ حتى يراعوا بها ظروف العصر، وحتى يتمكنوا من الوصول إلى الحكم في وقت ضعف الدول، أما في حالة ضعفهم؛ فهم الآيات التي ترعى الدين..
من هُم آل البيت وأهل البيت والعترة؟؟؟
هذه الألفاظ مترادفة ذات معنى واحد، وقد يدخل فيها كل صحابة رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد بينت هذا المعنى في رسالتي "الجفري وكشف تلبيساته وملابساته وتدليساته وافتراءاته" الذي حصر أهل البيت في علي وفاطمة وابنيهما ومن نسل من نسلهم y، وأخرج الكل ومعهم نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم! وهذه العقيدة الصوفية مشاكلة العقيدة الشيعية سواء بسواء، وهذه العقيدة مخالفة ما عليه الشرع والعرف واللغة كما سوف نبينه إن شاء الله في نقل ما قلته في الرد على الجفري[279]..
فمن الأمور المعروفة لجميع العرب الذين يتكلمون بلغة العرب أن أهل فلان تُطلق على الزوجة، فإذا سألت عن أهل بيت صاحبك؛ فهذا يعني زوجته، وفي هذا قول الله تعالى في زوجة إبراهيم عليه السلام: }.. رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْت إنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ{ هود:73 فأهل بيت إبراهيم هي امرأة إبراهيم عليه السلام، والشيعة يعترفون بذلك في تفاسيرهم![280]، وفي قصة موسى عليه السلام قال الله تعالى: } فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بأَهْله آَنَسَ منْ جَانب الطُّور نَارًا قَالَ لأَهْله امْكُثُوا إنّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلّي آَتيكُمْ منْهَا بخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ منَ النَّار لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ {القصص:29 والشيعة يعترفون أن المراد بأهله امرأته![281]
أما إذا جئنا إلى سورة الأحزاب؛ فترى الشيعة ومعهم الصوفية لا يقولون بأنها في أهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيقولون في قوله تعالى: } إنَّمَا يُريدُ اللهُ ليُذْهبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ البَيْت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهيرًا{ الأحزاب:33 إنما هو خطاب لفاطمة وعليّ وولديهما ومن نسل من ذريتهم، فيخالفون أنفسهم والشرع والعرف واللغة على حساب ما ينتمون إليه من الهوى وعبادتهم لأهل القبور مع الله, ومن دون الله.. ثم الاستدلال الآخر الذي يستدل به الفريقان أن آية التطهير تعني العصمة، فيكون عليّ وزوجته وأبناؤه معصومين، وما أنتجا من ذرية وأولى بالإمامة من غيرهم..
أما عقيدة أهل السنة في أهل البيت في هذه الآية فهي خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكونه خطاب من الله لهن خاصة، وليس فيه ذكر لغيرهن رضي الله عنهن وأرضاهن..[282] وفي صحيح مسلم: أن عائشة رضي الله عنها[283] قالت: (خرج النبي e غداة وعليه مرط مرحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليٌّ فأدخله، ثم قال: } إنَّمَا يُريدُ اللهُ ليُذْهبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ البَيْت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهيرًا {. قال القرطبي رحمه الله: (فهذه دعوة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم بعد نزول الآية أَحب أن يدخلهم في الآية التي خُوطب بها الأزواج)[284]. وقال الشوكاني رحمه الله: (فمن جعل الآية خاصة بأحد الفريقين؛ فقد أعمل بعض ما يجب إعماله، وأهمل ما لا يجوز إهماله)[285]
قال أبو ماجد عفا الله عنه وعن والديه:
أما ما ادعاه الشيعة والصوفية ومن وافقهم في أن الآية ليس فيها نون النسوة في قوله تعالى }عَنْكُمُ... وَيُطَهّرَكُمْ { يدل على أن الآية لا يدخل فيها نساء النبي e؛ فهو قول يرده فهم جماهير السلف لكتاب الله، ويرده لغة العرب؛ أنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث في جملة؛ غُلّب المذكر[286]..
أما لفظة آل البيت؛ فهي كأهل البيت؛ فهي ليست خاصة لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما يدخل معهن غيرهن، حتى أن من العلماء من عدَّ أتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأتقياء من أمته[287] من أهله، بل أقول أنهم من أهل الله وخاصَّته.. ونحن إذا تأملنا صيغ تعليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه ماذا يقولون في التشهد؛ يجد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علمهم صيغ فيها دلالة على أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهله؛ ففي الصحيحين قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((قولوا: اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد))، وفي صيغة أخرى: ((اللهم صل على محمد وعلى آل محمد)) وفي الصيغتين دلالة على أن آل النبي e يشمل أزواجه وذريته[288]..
وروى الإمام مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله e يوماً خطيباً.. وفي الحديث: ((أذكركم الله في أهل بيتي – ثلاثاً- فقال حصين بن سبرة: ومَنْ أهل بيته يا زيد! أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل عليّ وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس، قال: أَكُلُّ هؤلاء حرم الصدقة؟ قال نعم.. ففي هذا الأثر دخل في آل البيت أقارب النبي e مع أزواجه..
وهنا ننقل ما كتبته في الرد على علي الجفري في كشفه في الملابسات والتدليسات التلبيسات والتنكيسات والتنميسات والافتراءات: (...من هم أهل البيت ؟؟
إعلم أخي المسلم! أنه لا يعني المراد بأهل البيت هم أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط، بل إن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإلاَّ فأهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثير، يدخل فيهم أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وهذه الآية نصٌّ صريح في دخولهن في أهل البيت، ولكن الآية نزلت خاصة بهنَّ دون غيرهن[289].
فأهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعَمّ مما فهمه الجفري الصوفي الخرافي؛ الذي حصر أهل البيت بعلي وفاطمة وأولادهما y ومن نَسَلَ منهم، فأهل البيت يدخل فيه أولاد وبنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأزواجه، ويدخل فيه أولاد فاطمة من علي y، ويدخل فيه بيت نسبه كالعباس وأبنائه وبنوا أعمامه منهم، وعلي رضي الله عنه يدخل في أهل البيت لكونه زوج فاطمة، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك الصحابة y كما سوف نبينه إن شاء الله.
ففي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية ]نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ{ آل عمران:61 دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: ((اللهم هؤلاء أهل بيتي))
وفي مسلم أيضاً عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداةً وعليه مرطٌ مُرَحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن عليّ فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: ] إنَّمَا يُريدُ اللهُ ليُذْهبَ عَنْكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ البَيْت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهيرًا [290][
وفي رواية عند ابن جرير وزاد فيها: عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: وأنا يا رسول الله صلى الله عليك من أهلك؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((وأنت من أهلي))، قال واثلة رضي الله عنه: (وإنها من أرجى ما أرتجي) وفي رواية قال: (فوالله إنها لأوثق عمل عندي).
أما الرواية التي جاء بها الجفري في محاضرته؛ أن جبريل أدخل رأسه في المرط معهم؛ فهذا من إدخالات الجفري على الأحاديث وليّ أعناقها، ولو بالضعيف منها والموضوع[291].
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأخذهُ والحسنَ فيقول: (اللهم أَحبَّهما؛ فإني أُحبُّهما)). وفي رواية: قال أسامة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن بن عليّ على فخذه الأخرى، ثم يضمّهما، ثم يقول: ((اللهم ارحمهما فإني أرحمهما))[292]
وعن عليّ رضي الله عنه قال: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أباه وأمه إلا لسعد – ابن أبي وقاص – قال له يوم أحد: ((أرم فداك أبي وأمي))[293]. وعن جابر رضي الله عنه قال: أقبل سعد فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((هذا خالي! فَلْيُرني أمرؤٌ خاله))[294]. قال الترمذي رحمه الله: كان سعد من بني زهرة، وكانت أم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بني زهرة، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((هذا خالي))
وقال صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة ابنته: ((يا بنية! ألا تحبين ما أحب؟)) قالت بلى، قال: ((فأحبّي هذه)) يعني عائشة[295].
وكان الأنصار من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم: ((اللهم أنتم من أحب الناس إلي))[296]
وكان سلمان الفارسي رضي الله عنه وهو رجل من فارس من أهل البيت كغيره من الصحابة y فعن أبي البختري سعيد بن فيروز قال: قالوا لعليٍّ: أخبرنا عن سلمان! قال: (أدرك العلم الأول والعلم الآخر، بحر لا ينزح قعره، هو منَّا أهل البيت)[297] وهو كما قيل عنه :
فقــد رفــع الإســلامُ سلمـانَ فـارسٍ وقد وضع الكفرُ النسب أبا لهب
أما الرواية المرفوعة التي يحتج بها الجفري؛ (سلمان منا أهل البيت) فهي رواية ضعيفة جداً، في أسانيدها ضعاف وكذابين وروافض[298].
فالجفري لا يتقي الله في روايته للأحاديث، فتراه كثيراً ما يحتج ببدَعه بالأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولا يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتبرئته من أقوال غيره المنسوبة إليه، ومن العجب العجاب أن هذا الدَّعْبوس يدعي علم الجرح والتعديل، وهو لم يشم رائحة هذا العلم العزيز العظيم..
فإن قال: أنا عالمٌ بهذا العلم، ودخلت بحره، وخضتُ لُجَّته؛ فنقول له حينئذ: أين أنت من حديث رسول الله الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم والثابت في الصحاح والذي قال فيه: ((من قال عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار))[299]؟
ونقول أيضاً: أين المحبة لرسول صلى الله عليه وآله وسلم الله الذي قال: ((إن كذباً عليّ ليس ككذبٍ على أحد، فمن كذب عليَّ متعمداً، فليتبوَّأ مقعده من النار))[300]؟
فمن الأحاديث الضعيفة التي يقول بها الجفري في محاضرته "رحلة الإيمان": قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( النجوم أمان للسماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ) فالجفري يقول بهذا الحديث ليبرر حصره لأهل البيت بفاطمة وعلي ونسلهما رضي الله عنهما غلواً فيهم y، وهذا الحديث أقرب ما يكون للوضع[301]. فالحديث وإن كان ضعيفاً موضوعاً، فهو ليس على ما يريد الجفري؛ فنحن لا نسلّم له بأن أهل البيت محصور على عليّ وفاطمة وأولادها y كما تقدم، فلو أن الحديث صحَّ – وهو لم يصح سنداً – فمعناه في ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (( النجومُ أَمَنَةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجومُ أتى السماء ما توعد، وأنا أمنةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون)). فأهل بيت النبي هم الصحابة الذين حملوا الدين؛ فنفوا عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وقد تحقق ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم إلا الطرف الأول من الحديث، وهو آتٍ لا محالة، وقريب جداً؛ فالذي بقي من الدنيا أقل بكثير من ما مضى منها، والله المستعان.
مَـــنْ هُـــــم العتْـــــرَة؟؟
الجفري – كما تقدَّم من الكلام عنه – من الدعاة الذين يريدون تغيير دين الله الذي أُرسل به رسول الله، فيدعي أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يا أيها الناس! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي))، وفي رواية ((... الثّقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يتفرقا حتى يَردَا علي الحوض)) وفي رواية ((... فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)) فهذه الأحاديث صحيحة رواها أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم، فالجفري أراد تضليل الأمة في المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((عترتي أهل بيتي))؛ فيدعي أن المراد بهم هم فاطمة وعليّ والحسن والحسين y وما تناسل منهم، وقد تقدم الكلام في هذا مفصلاً، فلله الحمد والمنة، ولكن بقي الكلام في العترة، فمن هم العترة؟
فمن السهل أن نتعرف على العترة من الحديث نفسه، فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((.. وعترتي أهل بيتي)) فالعترة هم أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأصل هم نساؤه صلى الله عليه وآله وسلم، كما هو صريح آية الأحزاب المتقدمة الذكر[302]..
أما تخصيص الجفري في العترة أنهم فاطمة وأبناءها، فهذا ما يقول به إلا من مرض قلبه بالتشيع، فالجفري هنا يحاكي الشيعة الذين ديدنهم تحريف آيات الله انتصاراً لمذهبهم وأهوائهم.
أما أهل السنة؛ فقد أعطوا النصوص حقها، وعملوا بها وبمجموعها، فعلموا أن العترة في هذا الحديث هم أهل العلم المطلعون العارفون، سواء كانوا من نسب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من أزواجه، أو من صحابته..فأعظم من تمسك بسنَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم الخلفاء الراشدون، فقد وصى بهم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: ((..أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن كان عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة))[303]
وقال تعالى: ] .. وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُول وَإلَى أُولي الأَمْر منْهُمْ لَعَلمَهُ الَّذينَ يَسْتَنْبطُونَهُ منْهُم [النساء
قال القاري[304]بعد ذكره للحديث المتقدم: (فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي، فالإضافة إليهم، إما لعلمهم بها، أو لاستنباطهم واختيارهم إيّاها) اهـ. فأهل العلم لن يعملوا إلا بسنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، لهذا وصى بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما؛ كتاب الله وسنة رسوله))[305] فهذا الحديث يبين لنا فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الخلفاء الراشدين المهديين هم من عترته ومن وأهل بيته الذين وصى بهم. قال الإمام أبو جعفر الطَّحاوي رحمه الله: (العترة هم أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم؛ الذين هم على دينه، وعلى التمسك بأمره) وهذا يعني أنهم هم العلماء الصالحون المتمسكون بالكتاب والسنة.
وقال ابن الأثير في "النهاية": (عترة الرجل: أخص أقاربه، وعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بنوا عبد المطلب، وقيل: أهل بيته الأقربون، وهم أولاده وعلي وأولاده، وقيل عترته الأقربون والأبعدون منهم، ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه: (نحن عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبيضته التي تفقّأت عنهم)، لأنهم كلهم من قريش. ومنه حديثه الآخر: قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حين شاور الصحابة في أسارى بدر: (عترتك وقومك)، أراد بعترته العباس ومن كان فيهم من بني هاشم، وبقومه: قريشاً، والمشهور المعروف أن عترته أهل بيته الذين حُرّمت عليهم الزكاة[306]..) اهـ
ومن هذا كله وبمجموعه نعلم أن المراد من الحديث الذي فيه العترة هم أهل بيته بوجه العموم، لا بالتخصيص، وهم الذين تمسكوا بسنته صلى الله عليه وآله وسلم، سواء كانوا من صلبه صلى الله عليه وآله وسلم، أم كانوا من قومه من المهاجرين والأنصار y، أم كانوا من الذين اتبعوهم بإحسان[307]..
وكل من هؤلاء لهم أحكام تتقيد بهم: فأهل بيته لا تحل لهم الصدقة، فهم يحملون نسبه الشريف، والمهاجرون هم من أول الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا، والأنصار دخلوا معهم، فصاروا منهم، فهم كَرَشَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبطانته وأهل سره، والذين اتبعوهم بإحسان صاروا منهم أيضاً، والذين جاءوا من بعدهم هم منهم، وآخرين منهم لم يلحقوا بهم؛ فهم أيضاً منهم، وكلهم قد أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا..
قال تعالى: ]وَالَّذينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا في سَبيل الله وَالَّذينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئكَ هُمُ المُؤْمنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفرَةٌ وَرزْقٌ كَريمٌ وَالَّذينَ آَمَنُوا منْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئكَ منْكُمْ وَأُولُو الأَرْحَام بَعْضُهُمْ أَوْلَى ببَعْضٍ في كتَاب الله إنَّ اللهَ بكُلّ شَيْءٍ عَليمٌ{ الأنفال:74-75 وقال الله تعالى: ﴿[وَالسَّابقُونَ الأَوَّلُونَ منَ المُهَاجرينَ وَالأَنْصَار وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسَانٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْري تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالدينَ فيهَا أَبَدًا ذَلكَ الفَوْزُ العَظيمُ{ التوبة:100 وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَن اتَّبَعَكَ منَ المُؤْمنينَ{ الأنفال:64
فـ((المرء مع من أحبّ)) و((من أحب قوماً فهو منهم)) و((حُشرَ معهم)) كما جاء في الأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة[308]..فويلٌ لمن أبغض أو سبَّ أو انتقص أحداً منهم[309]، ولاسيّما الصّحابة سادة الأُمَّة وعلى رأسهم الصديق الأكبر والخليفة الحق الأعظم حبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحبيب أمته، أبا بكر، ثم فاروق الأمة عمر، ثم عثمان الحيي، ثم علي أبا لحسن والحسين y، فنحن نواليهم، ونعادي من عاداهم، فنواليهم ونوالي من والاهم؛ لأنهم مُتَّبعون لا مبتدعون، ولأنهم يقتدون ولا يبتدون، فهم حزب الله المفلحون، وعباده المؤمنون[310]..
قال ابن عمر رضي الله عنه: (كنا نُخير بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان)[311] وفي رواية له: (كنا في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا نفاضل بينهم)[312] وفي رواية عند أبي داود والترمذي: (كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيّ: أفضل أمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان) وفي رواية عند الطبراني وغيره بزيادة صحيحة: (فيسمع ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينكره)[313]
فهؤلاء هم الخلفاء الراشدون المهديّون ومعهم علي رضي الله عنه الراشد الرابع؛ لفضله وإجماع أهل عصره بخلافته[314]، وهو من أهل الشورى الذين قدمهم عمر رضي الله عنه في اختيار الخليفة بعده، فاختاروا أفضلهم؛ وهو عثمان الحيي رضي الله عنه وهم المذكورون في هذا البيت:
علــي وعثمــان وسعـد وطلحــة وزبير وذو عوف رجال المشورة
أما من لم يتمسك بالسنة، ولم يقتد بأهلها، وابتدع في الدين، ولبَّس على عباد الله بالتزييف والتزيين؛ فهو ليس من العترة، وإن كان نسبه متصل صحيح إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.. فالتمسك بالكتاب والسنة سماه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((ثقلين)) كما في بعض الأحاديث كما تقدم..
قال ابن الأثير في "النهاية": (ثقل: ((إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي)) سماهما ثقلين؛ لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل. ويقال لكل خطير نفيس: ثقل، فسماهما ثقلين إعظاماً لقدرهما وتفخيماً لشأنهما) انتهى.
فهل الجفري أخذ بالثقلين وعمل بهما؟؟؟ أم قام بنسخ الثقلين بالبدع والمجازات والتجاوزات والتحريفات والتدليسات والتلبيسات والملابسات والافتراءات، و.. و.. و.. كما أثبتناه عليه في أعلاه وأدناه، فعليه الدفاع عن نفسه إن كان ما قلنا عنه غير ما قاله، أو يعترف بالذنب ويتوب إلى الله تعالى، فباب التوبة مفتوح ما لم يُغَرْغرْ، وما لم تطلع الشمس من غير مطلعها..) انتهى النقل من رسالة الرد على الجفري عدا الحواشي السفلية..
فمن هذا المفهوم الواسع الرحب نأخذ نحن أهل السنة، ونفترق عمن يحصرهم الشيعة والصوفية في فئة صغيرة، ثم يتناول السب والذم واللعن بحجة أنهم تطاولوا على منصب الإمامة، حتى أن منهم من حصر أهل البيت بسبعة كالإسماعيلية، واثنى عشر كالإمَاميَّة، ويصفون أئمتهم بمنازل تتجاوز منزلة البشر، إلى منزلة خالق البشر سبحانه وتعالى، وهذا في الشيعة والصوفية سيان بالتمام. وسيأتي!!
◄ ومن موافقة الصوفية للشيعة أنهم يقولون في الآية التي قال الله تبارك وتعالى لنبيه e آمراً له أن يقول للناس: }قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْه أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَى {الشُّورى:23 يقولون أنه نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين y، وهذا كذب وتدليس على الناس، فهذه الآية مكية ولم يكن علي وفاطمة قد تزوجا بعد، وقد رددت على هذه الكذبة ضمن ردي على الصوفي الجفري في رسالة "علي الجفري وكشف تلبيساته وملابساته وافتراءاته"[315] فهنا أريد أن أنقل ما كتبته في ردي عليه، فقلت: (..
التَّصوُّف والتَّشيُّع وَجْهان لعمْلة واحدةÉç
أما عن انحياز الجفري إلى التشيع؛ فنراه في تفسيره للقرآن والسنة، فيفسرهما تفسيراً شيعياً، كما سنبينه إن شاء الله تعالى:
أولاً: كما في قوله تعالى ]قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْه أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَى [ فعلق على حصر هذه الآية في أولاد علي وفاطمة رضي الله عنهما.
ثانياً: في قوله تعالى: ]إنَّما يُريدُ اللهُ ليذْهبَ عنْكم الرّجسَ أهل البيت ويُطَهّرَكم تَطْهيراً[
فيفسر أهل البيت في هذه الآية على عليّ وفاطمة والحسن والحسين y، ويزعم أن من لم يفسرها بتفسيره؛ فقد قصَّر بحبه لآل البيت، وأعرض عن حقوقهم، وأضاع مقدارهم، وجهل بمكانتهم .. الخ
أما الآية الأولى: وهي قوله تعالى: ] قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْه أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَى [ الشورى 23
فهذه الآية ليست كما فسرها الجفري! وقال بأنها نزلت في علي وفاطمة وولديهما y، محتجاً بحديث ضعيف كعادته في الاستدلال بما يوافق هواه؛ وإن كان الحديث الضعيف مخالف للصحيح كما بينا في أعلاه.. فقد جاء في البخاري في كتاب التفسير باب قوله تعالى] :إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَى [ عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سُئل عن قوله تعالى: ]إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَى [فقال سعيد بن جُبَيْر: قربى آل محمد، فقال ابن عباس: عجلت، إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: ((إلا أن تَصلُوا ما بيني وبينكم من القرابة)). وفي "المستدرك" للحاكم 2/444 عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لا أسألكم على ما آتيتكم من البينات والهدى أجراً إلا أن توادوا الله وأن تتقربوا إليه بطاعته)). وفيه أيضاً عن الشعبي أنه قال: أكثرَ الناسُ علينا في هذه الآية ] قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْه أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَى[ فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عن ذلك، فكتب ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أوسط بيت في قريش، ليس بطن من بطونهم إلا قد ولده، فقال الله عز وجل: ] قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْه أَجْرًا [إلى ما أدعوكم إليه إلا أن تودوني بقرابتي منكم، وتحفظوني بها)). أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش: لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالاً تعطونيه، وإنما أطلب منكم أن كفوا شرّكم عني، وتذروني أبلّغ رسالات ربي، إن لم تنصروني؛ فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة، يعني كفوا عني أذاكم، فلا تؤذوني لقرابتي منكم، أن تكونوا أولى بي من غيركم، فاتبعوني؛ فاتباعكم لي هو صلة رحم بي وبكم، فهذا الذي فهمه الصحابة y في هذه الآية الكريمة المحكمة.
أما الحديث الذي احتج به الجفري في محاضرته التي سماها "رحلة الإيمان" وهو عن ابن عباس؛ قال: لما أنزلت هذه الآية ]قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْه أَجْرًا إلاَّ المَوَدَّةَ في القُرْبَى [ قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال: علي وفاطمة وولدها y. فهذا الحديث إسناده ضعيف؛ ففيه مُبهم لا يُعرف، عن شيعي محترق وهو حسين الأشقر ولا يُقبل خبره، وفيه قيس بن الربيع تغيّر لما كبر وأَدْخَلَ عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدّث به.
والآية كما هو معروف آية مكيّة كما تقدّم، ولم يكن إذ ذاك لفاطمة أولاد، فهي لم تكن قد تزوجت بعلي رضي الله عنه بعد، فقد تزوجت في المدينة النبوية في السنة الثانية من الهجرة بعد غزوة بدر الكبرى، فتأمل ما يلقيه الجفري على العامة، واحكم عليه بحقٍ وصدقٍ وبعدٍ عن المجاملات..). انتهى النقل من رسالة الرد على الجفري بحرفه عدا بعض الحواشي السفلية.
معتقد أهل السنة في آحاد أهل البيت
فنحن نحب أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونواليهم دون غلو وكذب، وفضلهم وعلو منزلتهم عند الله معلومة ولله الحمد من طرق ثابتة تفيد العلم اليقيني الذي لا يحتاج إلى كذب أو إلى ما لا يعلم صدقه، فنحفظ فيهم وصية رسول الله e، منها ما في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام: ((أذكركم الله في أهل بيتي)) حتى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: (والذي نفسي بيده؛ لقرابة رسول الله e أحب إليَّ أن أصل من قرابتي) وقال: (أرقبوا محمداً في أهل بيته)[316]. (وأهل البيت لم يتفقوا ولله الحمد على شيء من خصائص مذهب الرافضة؛ بل هم المبَرَّئونَ المُنَزَّهون عن التدنُّس بشيء منه)[317]. وقال البغدادي[318] وهو يبين عقيدة أهل السنة في آحاد أهل البيت[319] فيقول في إجماع أهل السنة: (وقالوا بموالاة الحسن والحسين والمشهورين من أسباط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كالحسن بن الحسن، وعبد الله بن الحسن، وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر.. وجعفر بن محمد المعروف بالصادق، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى الرضا، وكذلك قولهم في سائر أولاد علي من صُلبه، كالعباس، وعمر، ومحمد بن الحنفية، وسائر من درَج على سَنَن آبائه الطاهرين، دون مَنْ مَالَ منهم إلى الاعتزال أو الرفض، ودون من انتسب إليهم وأسرف في عدوانه وظلمه كالبرقعي الذي عَدَا على أهل البصرة ظلماً وعدواناً، وأكثر النسابين على أنه كان دَعيَّاً فيهم، ولم يكن منهم.)
فنحن أهل السنة نتولى جميع أهل السنة، ونحبهم كلهم، ونثني عليهم جميعهم، سواء كانوا من آل البيت تخصيصاً، أو تعميماً، وموقفنا فيهم موقفاً ساميًا؛ فلا نخرجهم عن المشروع بالمغالاة في وصفهم، أو نعتقد عصمتهم، أو نخرجهم عن التكاليف الشرعية، وإنما نواجه كل الدسائس التي تفرق بين الأمة، أو تحاول افتعال فجوة وقطيعة بين الآل والأصحاب والأتباع، فهذه التفرقة تبني الفرقة وتجعل العداوة بين المسلمين، فالقرآن والسنة لم يربطا النجاة والهلاك بحب فلان أو بغضه، وإنما الذي يبني هذا هو طاعة الله ورسوله، كما قال الله تعالى: }وَمَنْ يُطع اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئكَ مَعَ الَّذينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهمْ منَ النَّبيّينَ وَالصّدّيقينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالحينَ وَحَسُنَ أُولَئكَ رَفيقًا{ النساء:69
والأحاديث في ذلك كثيرة جداً؛ بحيث تبين علماً بالاضطرار أن الشرك يضر صاحبه كائناً من كان، ولو كان المشرك يبتدئ أو ينتهي نسبه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد رد علماء أهل السنة الأحاديث التي فيها الغلو في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لكونها أحاديث موضوعة سنداً ومتناً، منها حديث (حب عليٍّ حسنة لا يضر معها سيئة). قال ابن تيمية في هذا الحديث: (هذا القول كُفر ظاهر، يُستتاب صاحبه، ولا يجوز أن يقول هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر..)[320]اهـ
لهذا وغيره الكثير كان الرافضة من أعظم الناس قدحاً ومعاداةً وطعناً في أهل البيت؛ بحيث نسبوهم إلى أعظم المنكرات التي من فعلها كان من الكفار، فهم ينيبون إلى أئمتهم أكثر من هذا بكثير كما بينا في أعلاه، ثم لا يكتفون بها؛ بل إن الذين يخالفونهم كفاراً مرتدين..
◄ ومن موافقة الصوفية للشيعة؛ أنهما يتفقان في إيمان عَمّ وجدّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد المطلب وأبي طالب، ويروون الأحاديث الموضوعة في ذلك، منها: (يا علي! إن الله قد غفر لك ولذريتك ولوالديك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك.)[321]، ويروون حديث (أهل بيتي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم.) وهذا الحديث من نسخة نبيط الكذاب[322]، وقد علقت عليها في ردي على الجفري، وهذا الحديث قد ذكرت فيه أن الصوفية قد قابلوا به حديث في صحيح مسلم، وقد تبين لي الآن أن هذه المقابلة إنما هي من عند الشيعة؛ فوافق شَنٌّ طبقة، فوافقه فعانقه..
◄ منهم من يقول: إن آزر أبا إبراهيم كان مؤمناً وإنَّ أبويّ النبيّ e كانا مؤمنين، حتى لا يقولون: إنَّ النبيَّ يكون أبوه كافراً، فإذا كان أبوه كافرا أمكن أن يكون ابنُه كافراً، فلا يكون في مجرد النسب فضيلةٌ، وهذا مما يدفعون به أنَّ ابنَ نوحٍ كان كافراً لكونه ابن نبيٍّ، فلا يجعلونه كافراً مع كونه ابنَه، ويقولون أيضا: إن أبا طالبَ كان مؤمناً، ومنهم من يقول: كان اسمه عمرانَ، وهو المذكور في قوله تعالى :{إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إبْرَاهيمَ وَآَلَ عمْرَانَ عَلَى الْعَالَمينَ{ [آل عمران/33] وهذا الذي فعلوه مع ما فيه من الافتراء والبهتان، ففيه منَ التناقض وعدم حصول مقصودهم مالا يخفى، وذلك أن كون الرجلُ أبيه أو ابنه كافراً لا ينقصه ذلك عند الله شيئا، فإن الله يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحيّ، ومن المعلوم أن الصحابةَ أفضلُ من آبائهم، وكان آباؤهم كفاراً، بخلاف من كونُه زوجُ بغيٍّ، فإن هذا من أعظم ما يذمُّ به ويعابُ، لأن مضرةَ ذلك تدخلُ عليه بخلاف كفر أبيه أو ابنه، وأيضا فلو كان المؤمنُ لا يلد إلا مؤمناً لكان بنو آدمَ كلَّهم مؤمنينَ.
وقد قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بالْحَقّ إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبّلَ منْ أَحَدهمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ منَ الآَخَر قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ منَ الْمُتَّقينَ لَئنْ بَسَطْتَ إلَيَّ يَدَكَ لتَقْتُلَني مَا أَنَا ببَاسطٍ يَديَ إلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إنّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمينَ إنّي أُريدُ أَنْ تَبُوءَ بإثْمي وَإثْمكَ فَتَكُونَ منْ أَصْحَاب النَّار وَذَلكَ جَزَاءُ الظَّالمينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخيه فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ منَ الْخَاسرينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ في الأَرْض ليُريَهُ كَيْفَ يُوَاري سَوْأَةَ أَخيه قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مثْلَ هَذَا الْغُرَاب فَأُوَاريَ سَوْأَةَ أَخي فَأَصْبَحَ منَ النَّادمينَ{ [المائدة/27-31]
وفي الصحيحين عَنْ عَبْد اللَّه رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّه e ((لاَ تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إلاَّ كَانَ عَلَى ابْن آدَمَ الأَوَّل كفْلٌ منْ دَمهَا، لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ))
◄وأيضا فهم يقدحون في معاوية خال المؤمنين الذي تواترَ إيمانُه، ويمدحون أبا طالبَ الذي مات كافراً باتفاق أهل العلم[323]، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عَن الزُّهْريّ قَالَ أَخْبَرَني سَعيدُ بْنُ الْمُسَيَّب عَنْ أَبيه قَالَ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّه e فَوَجَدَ عنْدَه أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّه بْنَ أَبى أُمَيَّةَ بْن الْمُغيرَة، فَقَالَ ((أَيْ عَمّ! قُلْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ، كَلمَةً أُحَاجُّ لَكَ بهَا عنْدَ اللَّه)). فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّه بْنُ أَبى أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ ملَّة عَبْد الْمُطَّلب؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّه e يَعْرضُهَا عَلَيْه، وَيُعيدَانه بتلْكَ الْمَقَالَة حَتَّى قَالَ أَبُو طَالبٍ آخرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى ملَّة عَبْد الْمُطَّلب، وَأَبَى أَنْ يَقُولُ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e ((وَاللَّه لأَسْتَغْفرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ)). فَأَنْزَلَ اللَّهُ } مَا كَانَ للنَّبيّ وَالَّذينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفرُوا للْمُشْركينَ { وَأَنْزَلَ اللَّهُ في أَبي طَالبٍ، } إنَّكَ لاَ تَهْدى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكنَّ اللَّهَ يَهْدى مَنْ يَشَاءُ {
وأخرجه مسلم عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه e لعَمّه ((قُلْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بهَا يَوْمَ الْقيَامَة)). قَالَ لَوْلاَ أَنْ تُعَيّرَني قُرَيْشٌ؛ يَقُولُونَ إنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلكَ الْجَزَعُ لأَقْرَرْتُ بهَا عَيْنَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ }إنَّكَ لاَ تَهْدى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكنَّ اللَّهَ يَهْدى مَنْ يَشَاءُ{ وفي الصحيحين عَنْ عَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلب قَالَ يَا رَسُولَ اللَّه هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالبٍ بشَيْءٍ، فَإنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ: ((نَعَمْ هُوَ في ضَحْضَاحٍ منْ نَارٍ، لَوْلاَ أَنَا لَكَانَ في الدَّرَك الأَسْفَل منَ النَّار)). وفيهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع النبي e وذُكر عنده عمه فقال: ((لعله تنفعُهُ شفاعتي يوم القيامة، فيُجعل في ضحضاح من النار، يبلُغُ كعبيه، يغلي منه دماغُه)).
ومن المعلوم عند أهل السنة والجماعة أن الله تعالى لم يستثن على أحد بمجرد نسبه، وإنما يثني عليه بإيمانه وتقواه كما قال سبحانه }يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُمْ منْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائلَ لتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عنْدَ الله أَتْقَاكُمْ إنَّ اللهَ عَليمٌ خَبير{ الحجرات:13
◄ والشيعة تدعي أن لفظة الشيعة كانت شائعة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن التشيع كان موجوداً في زمن النبوة، وكذلك الصوفية تدعي أن لفظة التصوف كان في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي وضع بذوره، فقال الرافضي محمد الحسين[324]: إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الإسلام هو نفس صاحب الشريعة، يعني أن بذرة التشيع وضعت مع بذرة الإسلام جنباً إلى جنب، وسواء بسواء، ولم يزل غارسها يتعاهدها بالسقي والعناية حتى نمت وازدهرت في حياته، ثم أثمرت بعد وفاته.) اهـ
ثم أخذ هذا الضال المضل يسرد أحاديثه ورواياته الواهية والموضوعة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى أن ابن أبي الحديد الشيعي الغالي في تشيعه يعترف بكذب الشيعة، فيقول: إن أصل الأكاذيب في أحاديث الفضائل كان من جهة الشيعة، فإنهم وضعوا في بدء الأمر أحاديث مختلفة في فضائل أئمتهم، حملهم على وضعها عداوة خصومهم..)[325]
والصوفية يقولون نفس مقولة الشيعة، فانظر إلى ما كتبه صاحب "الموسوعة اليوسفية" في التصوف ومنشأه وأسسه وأهميته في أول كتابه؛ لترى كيف ضم المؤلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه إلى التصوف، وأن الذي وضع بذورها هو صاحب الشريعة!
◄والشيعة يغلون في سلمان الفارسي لكونه من بلاد فارس، حتى أنهم ادعوا أنه يوحى إليه[326]، والصوفية دخلت في هذا الغلو في سلمان رضي الله عنه من نفس الباب، فكلاهما يعظم الفرس ومن نسل منهم، فتراهم يعظمون أولاد الحسين رضي الله عنه دون أولاد الحسن رضي الله عنه! لكَوْن أولاد الحسين من امرأة فارسية وهي شهربانو بنت يزدجرد وهي أم زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، فيرون أن الشجرة الساسانية التقت مع الشجرة الهاشمية[327]، فينظرون إلى الدين نظرة شعوبية فارسية[328]، حتى أنهم حرَّموا النار على كسْرَى وادعوا أن النار محرمة عليه وإن كان من أهلها[329]!. ولم يكتفوا بهذا كله فقالوا عن الصحابة الذين فتحوا بلاد فارس: (أولئك العرب الأوباش عباد الشهوات الذين يتعطشون إلى عفة نساء فارس)[330] بهذه النظرة المجوسية التي توحي بأنهم لا ينظرون إلى إسلام وكفر[331]، ولا حتى إمامة علي والحسين ومن نسل منها، وإنما هي النظرة الشعوبية البحتة، وإمامة من نسل من شهربانو الفارسية[332]
◄ويغلون في فاطمة بنت أسد كالشيعة[333]. وللشيعة والصوفية قصص عنها ركيكة فضلوا فيها بنت أسد على ابنة عمران عليها السلام..
◄يتفق الشيعة والصوفية في الذّكْر الذي تقوم عليه الحضرات؛ حيث يذكرون الله قياماً وقعوداً بالتمايل وبحركات هستيرية[334] يتخللها صراخ وعويل وارتماء على الأرض وتمايل كتمايل اليهود عند حائط المبكى وأشد، وتصرفات أشبه بالذي يصيبه صرع أو مس من الشيطان -كل على حسب طريقته بزاويته وتَكيَّته- وأخطر اتفاق بين الشيعة والصوفية في الذكر أنهم يعتمدون على علم (الجفر) فيها، وهو علم يرجع في أصله إلى سحرة بني إسرائيل وكهنتهم[335]، فقد استخدموا هذا السحر زمن النبي e يستعينون بالجن ويستغيثون بهم، والصوفية والشيعة استخدموا هذا العلم بفك السحر وفك المربوط، فلا تستغرب عندما ترى مشايخهم يكتبون الحروف والأرقام على طبق ثم يغسله بالماء ويسقي المرضى والمسحورين، ويوهمون الناس أن ذلك يحصل بالمكاشفة والمشاهدة والإلهام بإذن الله، وقد قامت قنوات فضائية فضائحية بواقع وطابع مادي مستبد بتروج هذا العلم بين من عندهم أمية دينية وجهل بواقع دينهم، فعليهم من الله ما يستحقونه..
◄ الشيعة والصوفية يسيرون في ركاب الظلمة والمستعمرين، فالشيعة قد عُرف حالهم على مر العصور في هدم الدول الإسلامية، وقد نقلنا بعض هذا فيما تقدم[336] وما سيأتي، والصوفية أيضاً يسيرون نفس المسير الذي سار فيه الشيعة في ركاب المستعمرين[337]، فقال الشعراني: (أُخذ علينا العهد بأن نأمر إخواننا أن يدوروا مع الزمان وأهله كيف داروا، ولا يزدرون قط من رفعه الله عليهم، ولو في أمور الدنيا وولايتها)[338] وكان للتيجانية دور كبير في ترسيخ أقدام الفرنسيين في الجزائر وبعض الأقطار الأفريقية[339]! فكان للغرب فرصة يهتبلونها لنشر أفيون الشعوب – التصوف- ودعمه لصالحها[340]..وهذا الاتجاه الغربي لا يزال إلى يومنا هذا وهو يكيد لهذه الأمة ويمكر بها ويلفتها عن دينها، ولم يفتر إلى الآن وهو يمكر بنهج أهل السنة والجماعة، فأجلب عليهم بخيله ورجله[341]. حتى قال الباحث الدكتور عبد الوهاب المسيري: (مما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام يشجع الحركات الصوفية. ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين ابن عربي (مُمْحي الدين) وأشعار جلال الدين الرومي[342]، وقد أوصت لجنة الكونغرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية؛ فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي...)[343]اهـ
وهذا يعني أن الذي يرمي إلية الغرب ويريده هو جعل سلاح الصوفية هي المستقبل للعالم الإسلامي، وأنه هو الإسلام التقليدي الذي يريده ويخضع لنظامهم الديمقراطي والتبعية لقوانين ومعايير السلوك الدولي، بحيث يخضع له المسلمون في شتى أنحاء العالم[344]، وبهذه المخططات الكافرة الواضحة نستطيع أن نعي ونفهم ما يرسمه الغرب والشرق الكافر، ونستطيع أن نصرح في الحكم على الدعاة المتعاطفين مع الشيعة والصوفية كأمثال القرضاوي والبوطي والسويدان وعمرو خالد ومحمد العوضي وغيرهم الكثير؛ في أنهم أداة مستخدمة لدى الكفار، قد أعدُّوا ترتيب أدمغتهم بما يرسمونه لهم من خطط – شعروا أم لم يشعروا- فهم أداه نتجت من خطط ومؤامرات تنفذ العمل المباشر لإنتاج سياسة يستفيد منها الغرب بوجه أو بآخر، وغايتها انطماس حقائق الديانة، وانتشار الخرافة والجهل محل العلم واليقين، فإنا لله وإنا إليه راجعون[345].
◄والشيعة متفقة مع الصوفية في تحريف حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قرن الشيطان: ((ألا إن الفتنة ها هنا – يشير إلى المشرق - من حيث يطلع قرن الشيطان- أو قال: قرن الشمس.))[346]
فالشيعة يقولون أن قرن الشيطان عائشة رضي الله عنها، والصوفية يقولون أن قرن الشيطان محمد بن عبد الوهاب ودعوته المباركة، وهنا نريد أن نعرف الحق بدليله في هذه المسألة التي تبين لنا من هم الشيعة ومن هم الصوفية الذين اتفقوا على تحريف النصوص، وتقاربوا في وثنيَّاتهم في عبادة القبور[347]..
الشيعة والصوفية قرنا الشيطان
لا يشك أحد من المسلمين أن الحقيقة دائماً ناصعة وإن كانت في أعين المُلَبَّس عليهم مظلمة، فالجهل قد يكون سببه العناد وقلة العلم والرُّشد، وهذا السبب كافياً لبناء التحريف والتغيير والتشهير بأناس مظلومين لم يعنهم مراد النصوص الشريفة المطهرة من فكر المعاندين والمناوئين لها، فحديث قرن الشيطان[348] قد كثر فيه الكلام في هذا الزمان المتأخّر، ولاَكَه الكثير من الذين لم يؤتوا علماً ولا رشداً ولا فقها في الدين، فأخذوا هذا الحديث الصحيح الصريح - بالبغي والعدوان والزور والبهتان - من غير مأخذه ومورده روَايَة ودرَايَة، فسلطوه على أهل التوحيد الرافعين لرايته في هذا الزمان، فكذبوا على الله وعلى رسوله؛ بغياً وعدوانا منهم، وفساداً ونكاية بما عندهم من سوء المعتقد على أناس لم يعنهم الرسول الأمين علية الصلاة وأتم التسليم، فقالوا إن قرن الشيطان هي نجد اليمامة السعودية[349] حيث خرج منها شيخ الإسلام الحق محمد بن عبد الوهاب الذي أخرج بدعوته العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ومن عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فلما حارب الشيخ دعوة القبوريّين الوثنية - كما حاربها خير البرية صلى الله عليه وآله وسلم- حارب الوثنيون دعوتَه باختلاق الأحاديث المكذوبة، وتحريف الأحاديث الصحيحة[350]..
فمن شدة بغض الصوفية والرافضة للتوحيد؛ جعلوا الأحاديث التي فيها قرن الشيطان على هذه البلاد – السعودية- وأهلها الموحدين، وملئوا الدنيا بدعاياتهم الفاجرة الكاذبة، ووضعهم أحاديثَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكذبون بها على العوام قليلي العلم وسيّئي الفهم..
وقالوا: إن الأحاديث الواردة عن قرن الشيطان إنما تَنْصَبّ على آل سعود وأتباعهم، فيلقون على الناس تأويلاتهم الزائفة وتهويلاتهم الفارغة، ومعتقداتهم الخاسرة، فيكتمون الحق عن الناس، ويلبسون عليهم بالباطل و القول العاطل، وهم كما قيل عنهم: رمتني بدائها وانسلت..
فحديث قرن الشيطان في الصحيحين وفي مسند الإمام أحمد وفي موطَّأ الإمام مالك وفي الكثير من كتب السنة ومصنفاتهم، ففي البخاري في كتاب الفتن بإسناده إلى ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام إلى جنب المنبر فقال: ((الفتنة هاهنا، الفتنة هاهنا، من حيث يطلع قرن الشيطان)) أو قال: ((قرن الشمس)) وفي حديث آخر في البخاري أيضاً عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((اللهم بارك لنا في شَامنَا، اللهم بارك لنا في يَمَننَا)) قالوا: يا رسول الله! وفي نجدنا، فأظنّه قال: في الثالثة: ((هناك الزلازل، والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان))
وقد ذكر البخاري هذا الحديث في كتابه الجامع الصحيح في عدة مواضع، فذكره في كتاب الاستسقاء: باب ما قيل في الزلازل والفتن، وكتاب: الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ((الفتنة من قبَل المشرق))، وذكره مسلم في صحيحه في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب: الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان، بسنديهما عن نافع عن ابن عمر..
وفي مسلم عن نافع عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مستقبل المشرق، يقول: ((ألا إن الفتنة هاهنا؛ من حيث يطلع قرن الشيطان))
وجاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله بإسناده عن شيخه: أبو هشام الكوفي عبد الله بن نمير الهمداني الثقة شيخ أصحاب الكتب السبعة، عن شيخه الحافظ الثقة الثّقة الحجة: حنظلة بن أبي سفيان الجمحي المكي شيخ أصحاب الكتب السبعة وغيرها، عن شيخه العابد الفاضل الثقة الثبت: سالم بن عبد الله بن عمر أحد الفقهاء السبعة من تابعي أهل المدينة المعتد بإجماعهم الذين قال عنهم العراقي في أَلْفيّته:
وفي الكبار الفقهاءُ السبعةُ خارجــةُ القاسمُ ثم عروةُ
ثـــم سليمـــانُ عُبيـــــدُ الله سعيدُ والسابـعُ ذو اشتبــاه
إمَّا أبــو سلمـــة أو سـالـمُ أوْ فأبــو بكــر خلافٌ قائــمُ
فسالم رجل سالم، ومن رجال الكتب الستة، يروي هذا الحديث عن أبيه الصحابي الجليل عبد الله بن عمر الفاروق، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشير بيده يؤم العراق: ((ها أن الفتنة هاهنا، إن الفتنة هاهنا، ثلاث مرات، من حيث يطلع قرن الشيطان))[351]
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((اللهم بارك لنا في مكَّتنا، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدّنا)) فقال رجل: يا رسول الله! وفي عراقنا، فأعرض عنه، فرددها ثلاثاً، كل ذلك يقول الرجل: وفي عراقنا، فيعرض، فقال: ((بها الزلازل والفتن، وفيها يطلع قرن الشيطان.))[352] وجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: ((إن فيها قرن الشيطان وتهيج الفتن، وإن الجفا بالمشرق))[353]
وفي الطبراني في الكبير[354] من طريق إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عون، عن أبيه، عن نافع عن ابن عمر بلفظ: ((اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا)) فقالها مراراً، فلما كان في الثَّالثة أو الرَّابعة، قالوا: يا رسول الله! وفي عراقنا؟ قال: ((إنَّ بها الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان))
وكذا في الأوسط[355] في آخر الحديث:..فقال رجل: والعراق يا رسول الله؟! قال: ((من ثمَّ يطلع قرن الشيطان، وتهيجُ الفتن))
وهذا ما فهمه الصحابة y؛ فقال سالم بن عبد الله بن عمر[356]: (يا أهل العراق! ما أسْأَلَكم عن الصغيرة، وأركبكم الكبيرة، سمعت أبي عبدَ الله بن عمر يقول: سمت رسول الله e يقول: ((إن الفتنة تجيءُ من هاهنا - وأومأ بيده نحو المشرق- من حيث يطلع قرنا الشيطان)) وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض..)[357]
وقد قالها من قبل علي رضي الله عنه وهو على منبر الكوفة: (بلغني أن قوماً يفضلوني على أبي بكر وعمر، ولو كنت تقدمت في ذلك؛ لعاقبت فيه، ولكني أكره العقوبة قبل التقدمة، ومن قال شيئاً في هذا فهو مفترٍ، عليه ما على المفتري، إن خيرة الناس رسول الله e، وبعد رسول الله e أبو بكر ثم عمر، وقد أحدثنا أحداثاً يقضي الله فيها ما أحب.)[358] وهذا الأثر فيه أن فتنة التفضل التي جرَّت الكثير إلى الفتن بدأت من عند أهل الكوفة، فبدأ الروافض بتفضيل عليٍّ على أبي بكر وعمر وغلوا في حبه، وأطروه بما ليس فيه كغلو اليهود والنصارى، حتى أوصلهم الإطراء ببغض باقي الصحابة وتكفيرهم، بل وبتكفير كل من لا يؤمن بهذه العقيدة.
كما أنه بالمقابل نشأت فرقة الخوارج[359] في العراق - من بلد قرب الكوفة تُدعى (حروراء) ثم جعلوا البصرة مركزاً لهم- أبغضت علياً وبهتته بما ليس فيه حتى كفَّرته وقتلته في الكوفة، فشابهت اليهود الذين أبغضوا عيسى عليه السلام وبهتوا أمه[360]، وقد جاء أثراً عن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال: (يهلك فيَّ رجلان: مفرط في حبي، ومفرط في بغضي.)[361].
فأهل العراق هم الذين غلوا في عليٍّ وأبنائه، حتى أرداهم غلوهم في الوقيعة في أصحاب النبي e، فقالت الصديقة عائشة رضي الله عنها عن الغلاة: (أُمروا بالاستغفار لأصحاب محمد e فسبوهم.)[362]
وقالها من قبل عمر بن الخطاب المُلْهَم رضي الله عنه حين بعث رهطاً من الأنصار إلى الكوفة: (أنكم تأتون الكوفة، فتأتون قوماً لهم أزيز بالقرآن، فيأتونكم فيقولون: قدم أصحاب محمد e، فيسألونكم عن الحديث. فأقلوا الرواية عن رسول الله e.)[363] وجاء في رواية[364] (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد الخروج إلى العراق، فقال له كعب: لا تخرج إليها يا أمير المؤمنين، فإن بها تسعة أعشار السحر (يعني الشر) وبها فسقة الجن، وبها الداء العضال.)[365]. وقالها من بعد الحسن بن علي رضي الله عنهما.
هكذا مُصَرَّحاً مُحَدَّداً الموضع باسمه وعينه (العراق) وجهته ورسمه نحو (المشرق) ليكون سُخْنَة في أعين الجهلة والأغبياء أعداء السنة الذين يطيلون ألسنتهم بالسوء والنفاق والشقاق على رافعي راية الإسلام الذي أكمله الله وأتم به النعمة ورضيه للناس ديناً..
أما معنى (نجد) في اللغة: الرفعة والعلو، ويقال لكل شيء عال نجد، ولكل قطعة من الأرض مرتفعة عما حواليها وأشرفت من الأرض وارتفعت وصلبت وغلظت تُسمى نجد، وهو خلاف الغور[366].
قال الخطابي: (نجد: ناحية المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهلها، وأصل النجد: ما ارتفع من الأرض، والغور: ما انخفض منها، وتهامة كلها من الغور، ومنها مكة، والفتنة تبدو من المشرق، ومن ناحيتها يخرج يأجوج ومأجوج والدَّجَّال، في أكثر ما يروى من الأخبار.)[367] اهـ
وقال الكرماني في شرحه على صحيح البخاري بعد تبيينه وبيانه في معنى النجد والغور: (ومن كان بالمدينة الطيبة – صلى الله على ساكنها- كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهلها)[368]
قال القسطلاَّني: (وإنما أشار عليه الصلاة والسلام إلى المشرق؛ لأن الفتنة تكون من تلك الناحية، وكذا وقعت، فكانت وقعة الجمل، ووقعة صفين، ثم ظهور الخوارج في أرض نجد وما ورائها من المشرق.. وهذا من أعلام النبوة.)[369]
فقول القسطلاني: ..ثم ظهور الخوارج في أرض نجد.. دليل على أن العلماء يعلمون أن نجد هي العراق، لكون الخوارج ما خرجوا إلا من ناحيتهم..
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في آخر بحثه: (.. قال المهلب: إنما ترك الدعاء e لأهل المشرق؛ ليضعفوا عن الشر الذي هو موضوع في جهتهم، لاستيلاء الشيطان بالفتن... إلى أن قال: وقال غيره: كان أهل المشرق يومئذ أهل كفر، فأخبر e أن الفتنة تكون من تلك الناحية، فكان كما أخبر e، وأول الفتن كان من قبَل المشرق، فكان ذلك سبباً للفرقة بين المسلمين، وذلك مما يحبه الشيطان ويفرح به، كذلك البدع نشأت من تلك الجهة.)[370]
فأهل العراق قد طلع وتمركز وتسلط عليهم قرن الشيطان من أول الزمان؛ بعد مقتل الإمام الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان هو الباب دون الفتن، وليس ثم فتنة وعمر حيّ، كما قال ذلك الصحابي المجاهد الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه لرجل قاله له: اتق الله، فإن الفتن قد ظهرت، فقال له خالد: (وابن الخطاب حي؟! إنما تكون بعده..)[371].
وقد تتابع هذا القرن في أهل العراق في أوقات مختلفة، وأزمنة متغيرة، وبصور شتَّى، حتى سرى قرنه إلى سائر الجهات، وعمت البلدان كلها، فلم يسلم منه إلا من عصمه الله تعالى، كما دلَّت عليه الروايات الحديثيَّة الموثقة، والحقائق التاريخية الماضية المدوَّنة، وشواهد القرون الماضية الغابرة، والأحداث المرئية الحاضرة الواقعة، والأحداث المتوقعة، كل ذلك وغيره يشهد ويظهر منها صدق الأخبار بعد الإخبار، ويستحيل في الإخبار عدم الوقوع[372].. فقد نهضت في تلك الأرض الفرق الضالة التي زلزلت الناس ومَاجَت بهم الفتن والملاحم موج البحار، ولا نزال ننتظر باقي ما أخبر به النبي الصادق المصدوق في أحاديثه في الفتن وأشْراط الساعة وأشواطها، فكان مفتاح الفتنة ومنبعها ومركز مثارها وفساد ذات البين من العراق؛ فقاموا أول ما قاموا به قتل عثمان الشهيد رضي الله عنه، فكانت موقعة الجمل ومحاربة صفين وفتنة كربلاء امتداد لفتنة مقتله رضي الله عنه، بل إن القتال في النَّهروان كان بسبب التحكيم بصفين، فكل قتال وقع في ذلك العصر إنما تولد عن شيء من ذلك أو عن شيء تولد عنه..
وهذه الفتنة – أي فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه- الصماء العمياء ما زال الناس يدورون تحت رحى فتنتها إلى هذا الزمان، بل وإلى آخر الزمان، وكان أشد أسبابها هي الطعن على إمرته رضي الله عنه، ثم عليه بتوليته لهم، وأول ما نشأ ذلك من العراق، وهي من جهة المشرق من المدينة النبوية.. حتى قال حُذَيْفَةُ رضي الله عنه: أول الفتن قتل عثمان، وآخرها الدجال[373].
فكانت لفتنة مقتل الخليفة الراشد الحيي عثمان رضي الله عنه أثراً بارزاً في ظهور كثير من الفرق[374]..
أما الدَّجال! فهو خارج من العراق، ولكن من عراق إيران، فأخرج ابن أبي شَيْبَة في مصنفه بسند صحيح إلى سعيد ابن المسيب قال: قال أبو بكر: هل بالعراق أرض يقال لها خُرَسَان؟ قالوا: نعم. قال: فإن الدجال يخرج منها.[375]
وقد دلت الأحاديث الكثيرة، والآثار الوفيرة على خروج الدجال من خُرَسَان وأصْبَهان، وهبوطه خوز وكرمان، وهي جميعها الآن في إيران[376]..
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرْمان من الأعاجم، حمرَ الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، كأنَّ وجوههم المجان المطرقَة، نعالهم الشعر.))[377]
فالفرق الضَّالة وأهل البدع الذين مزقوا وحدة العقائد الإسلامية قد خرجوا وابتدءوا ونبغوا ونبعوا وانبعثوا من العراق؛ فالخوارج والشيعة قد خرجوا من هناك، وفرق القدرية والمرجئة وفروعها قد خرجت أيضا من هناك، والجَهْميَّة الذين أخرجهم كثير من السلف من الإسلام إنما خرجوا ونبغوا بالعراق، وما تفرخ منها – أي الجهمية- من معتزلة؛ وما تواتر عن أصولهم الخمسة التي خالفوا فيها أهل السنة والجماعة، قد خرجوا من هناك، وما تفرخ منها وتفرَّع – أي المعتزلة- من أشاعرة وماتريدية؛ فقد تأصلت وتأسست من هناك، والصوفية الخُزَعْبَلاتيَّة التي ضاهت قول النصارى في المسيح من وحدة وجود وحلول واتحاد وفناء في توحيد الربوبية الذي جعلوه غاية يسقطون به الأمر والنهي؛ إنما نبغوا وظهروا بالبصرة، وكانوا وجها واحداً لشر الفرق كلها، وهم الشيعة الرافضة الغلاة في أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم والقائلين المقولة الشنيعة في علي رضي الله عنه وسائر الأئمة الإثني عشر، وسبهم للصحابة الكرام، فكلهم ظهروا من هناك، فكانت العراق هي منبع الكفر والفساد، وبؤر الإلحاد والعناد.. بل وما حل بالمسلمين من التقتيل من قبَل الترك بني قنطوراء (التَّتار والمغول) الغاشمين، عندما خرجوا إلى العراق والشام ومصر، وعاثوا فيها الفساد، وصبوا على أهلها العذاب، فكانوا هم المقوضون لدولة بني العباس سنة 656هـ وإعانة الشيعة الروافض الظالمة لهم في تقتيل المسلمين من أهل السنة، وتحريق بلادهم وممتلكاتهم؛ كلهم خرجوا من هناك[378]، ومزقوا وحدة الخلافة الإسلامية، وأخمدت حرارة الإيمان من قلوب المسلمين.
ولم يكتف الأمر إلى هذا الحد؛ بل قام بقايا منهم – أي المغول والتَّتار يخربون ويقتلون، إلى أن كان ما كان من (تَمُر لنك الأعرج) الذي طرق الديار الشامية، وعاث فيها، وحرق دمشق، حتى صارت خاوية على عروشها[379]..
وما حصل في هذا الزمان من فتنة البعث الاشتراكي الصدَّامي، وما سوف يقع لا محالة في آخر الزمان، ولا يسما عند جفاف نهر الفرات، وانحساره عن جبل أو جزيرة أو تلّ أو كنز من ذهب، فيقتتل الناس عنده مقتلة عظيمة، وبعد الفرات يقع الخراب بمصر؛ بالاعتداء على نهر النيل والطمع به، كما هو وارد في الأخبار التي وردت في أحداث ما قبل ظهور المهدي، وكذا أعظم فتنة تخرج من العراق؛ فتنة الدجال، ثم فتنة يأجوج ومأجوج، وهي التي قالو عنها: الداء العضال والهلاك في الدين، حتى أننا نستطيع أن نقول: أن منبع الفتن ونبوغها كلها من تلك الجهة الغير محمودة، حيث خرج قرن الشيطان فيها، وضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بها المثل بقرني الشيطان، فكانت كما ضُرب به المثل؛ في افتراق كلمة المسلمين، وفساد نيَّات كثير منهم إلى يوم القيامة..
فكان قول النبي e ((رأس الكفر نحو المشرق))[380] حق لا ريب فيه ولا مرية، فلا جدال..
فالعراق هي أرض الفتن، والقلاقل والمحن، وهذا القول مقرراً في أذهان السلف على مر العصور، وانقضاء الدهور، فلا راد لحكم الله، ولا معقب لأمره، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد..
فلم يخرج قرن الشيطان من هناك في عصر واحد فقط، وإنما يتكرر خروجه في كل عصر وحين، ويتربى هذا القرن على أيد ظالمة غاشمة فتاكة أثيمة، ونحن الآن نعيش ونرى الفتن التي في العراق، وما فعله الطاغية العراقي صدام حسين، الذي أوصل الغرب إلى الخليج، في أوائل القرن الواحد والعشرين الميلادي، فكان صدام هو المعين للقرن الشيطاني المتسلط على تلك الديار في هذا القرن أيما تسلط، الذي أنتج الفساد العريض، والفتن العاصفة المهلكة، التي عَبَرَ بها الغرب إلى بلاد المسلمين، فنعوذ بالله من تسلط الشيطان وأعوانه علينا وعلى المسلمين الآمنين...
فأهل العراق هم الذين قتلوا الحسن والحسين ريحانتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقتلوا والدهما الخليفة الراشد الحق الرابع أبا الحسن علي بن أبي طالب y، فأهل العراق هم القتلة الظلمة الغاشمين على مر العصور إلا من رحم الله، وقليل ما هم.. فمقتل علي رضي الله عنه على يد الخارجي ابن ملجم المرادي كانت أكبر فتنة سوداء مُظلمة فتاكة رهيبة مرت بالمسلمين، بل هي أشد فتنة وقعت في موضع قرن الشيطان في ذلك الوقت المظلم. وكذا مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما في أرض كربلاء العراق – كرب وبلاء- كان في موضع قرن الشيطان، حيث استشهد رضي الله عنه ظلماً وعدواناً وخيانةً ونقضاً للعهود والمواثيق التي وعدها إياه شيعته في العراق، وكان ما كان من فتنة يدور تحت رحاها الشيعة من أول الزمان إلى آخره، فكان يوم استشهاده في المحرم في اليوم العاشر – عاشوراء- من سنة 61هـ وهو الموافق لفتنة الخليج الثانية التي قام بها صدام حسين طاغية العراق في المحرم في الحادي عشر من سنة 1411هـ فارتكب في الشهر الحرام ما ارتكبه قَتَلَةُ الحسين من القبائح البشعة، والجرائم الشنيعة، كل ذلك نابع من موضع قرن الشيطان[381].. وكانت فتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار بن عبيد الثقفي المدعي النبوة، وثم الألوهية، وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي من القتال، وسفك الدماء المعصومة ما كال تدوينه، كل ذلك نبع وثار من العراق.. ولم تُنْس فتنة الزنج الخوارج في البصرة؛ الذين خرجوا في سنة سبع وخمسين ومئتين، إلى سنة سبعين، وهم أحفاد الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه، فقاموا على القتل والإحراق، وسب عثمان وعلي ومعاوية وطلحة والزبير وعائشة y على المنابر، وبيع العلويات بأثمان بخسة دراهم معدودة، حتى قُتل رئيسهم اللعين سنة سبعين ومئتين، لعنه الله؛ فقد ادعى النبوة، ثم علم المغيبات.. وفي زمنه ظهرت القرامطة بالكوفة؛ أصحاب الفتن الصماء العمياء في العراق، ومن العجب أن تعجب من أفعالهم الشنيعة، ومعتقداتهم الفظيعة، والتي وقع في فخاخ باطلهم وفساد معتقدهم الروافض؛ لكون الروافض أقل الناس عقولاً، وأجرأهم في الدخول في الفضائح القبيحة الفظيعة، وأسرعهم في اتباع كل ناعق[382]..
وفتنة القول بخلق القرآن لهي أشد وأنكى، قد نبعت من موضع قرن الشيطان على يد القرمطي الخبيث بشر بن غياث المريسي، وهذه الفتنة قد ذهب ضحيتها الجم الكبير من العلماء والعامة، وما زالت هذه الفتنة تحرك قرنها الشيطاني في كثير من دعاة الضلالة في هذا الزمان.. وفتنة الحلاج فتنة عراقية أنتجت الغزالي وابن عربي[383]، وهم فتنة لكل مفتون إلى آخر الزمان، وهي فتنة فرحت بكثرتها الزاحفة على قلوب الكثير من المسلمين، حتى تجاوز بغيها الحد بأن تعددت فرقها وأحزابها وطرقها وأفكارها وعقائدها جل أوطان المسلمين، وكل حزب بما لديهم فرحون، فكان كل ذلك نابع من قرن الشيطان..
وقد استفاضت السنن عن النبي e في الشر أن أصله من المشرق، وأن الطائفة المنصورة القائمة على الحق من أمته بالمغرب وهو الشام[384] وما يغرب عنها، فكان أهل المدينة يسمون أهل الشام أهل المغرب، فيقولون عن الأوزاعي أنه إمام أهل المغرب، ويقولون عن سفيان الثوري ونحوه إنه مشرقي إمام أهل المشرق، لكون الشام عندهم تنتهي عند الفرات، وهو على مُسامَتَة مكة؛ ولهذا كانت قبلتهم أعدل القبلة، بمعنى أنهم يستقبلون الركن الشاميَّ ويستدبرون القطب الشاميَّ من غير انحرافٍ إلى ذات اليمين كأهل العراق، ولا إلى ذات الشمال كأهل الشام، فكان لأبي بكر رضي الله عنه عناية بفتح الشام أكثر من العراق، حتى قال رضي الله عنه: (لَكَفْرٌ من كُفُور الشام أحبُّ إليَّ من فتح مدينة بالعراق.) وكذلك عمر رضي الله عنه في خلافته كان يفضل أهل الشام على أهل العراق، حتى أنه قدم الشام غير مرَّة وامتنع من الذهاب إلى العراق، واستشار؛ فأشاروا عليه أنه لا يذهب إليها، وكذلك حين وفاته لما طُعنَ أدخل عليه أهل المدينة أولاً وهم كانوا إذ ذاك أفضل الأمة، ثمَّ أدخل أهل الشام، ثمَّ أدخل عليه أهل العراق، وكانوا آخر من دخل عليه، هكذا في الصحيح، فلم يكن العراق يوماً أفضل من غيره غير الزمان الذي كان فيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذاك كان أمراً عارضاً[385]، ولهذا لما ذهب عليٌّ ومات؛ ظهر منهم من الفتن والنفاق والردة والبدع، ولم يكن معروفاً قديماً أن أهل نجد المعروفة بالسعودية الآن هم المعنيون في الأحاديث، وإنما أحدث هذا الفهم وابتدعه هم الشيعة والصوفية في آخر الزمان محاربةً لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله..
حديث أبي هريرة الذي شهد عليه لحمه ودمه
ونحن عندما نتذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي شهد عليه لحمه ودمه؛ نرى ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم عياناً في هذا الزمان، بل وإذا قرأنا التأريخ؛ نرى أن هذا الحديث قد تكرر في كثير من الأزمان، وهو حديث عظيم في دلائل نبوة الرسول الصادق المصدوق عليه الصلاة وأتم التسليم.. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَنَعَت العراقُ درهمَها وقَفيزَها، ومنعت الشامُ مُدْيَها ودينارها، ومنعت مصرُ إردَبَّها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم.)) قال أبو هريرة: شهد على ذلك لحمُ أبي هريرة ودمُه[386].
فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((منعت)) بصيغة الماضي؛ دلالة على تحقق حصولها ووقوعها، كقوله تعالى: }أَتَى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْركُونَ{ النحل:1، ويؤكد حصول ذلك؛ قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((وعدتم من حيث بدأتم))، وهذا فيه مبالغة في الإشارة على وقوع ذلك لا محالة، كقوله سبحانه وتعالى: }كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ{ الأعراف:29، ومعنى الحديث والله أعلم؛ أن هذه المناطق: العراق والشام ومصر، يمنعون ما عليهم من الخراج والجباية بعدما تُفْتَح، وهذا المنع في وقت حصول الفتن ولا بد، والفتن ما تأتي إلا بعد انتهاك ذمة الله، وذمة رسول الله، واستئثار الأمراء للأموال، واتخاذهم مال الله دولاً، مما يشدّ الله على قلوب أهل الذمة، فيمنعون ما في أيديهم من الخراج وغيره، بل ويمتنعون من أحكام الإسلام التي كانت تجري عليهم، فيتسلطون على المسلمين بعد أن تقوى شوكتهم، ويستولون على معظم ديارهم يوماً بعد يوم، ويسيطرون عليها، ويضعون قوانينهم ونُظمهم مكان الأحكام الشرعية الإسلامية، ويلزمونها على من كان تحت أيديهم من المسلمين..
فالمسلمون هناك اليوم تُقطَّع أوصالهم، وتنثر دولتهم، ويُتحكّم في أرزاقهم ومعاشهم، وسُلب ما عندهم من الخيرات -كالبترول وغيره- فمنعت التوسع في خيراتها الكبيرة الكثيرة الوفيرة، وحوصروا اقتصادياً وسياسياً، فمنعوا عنها الأموال والغذاء والدواء؛ لإجبارهم على الخضوع لإرادتهم وسيطرتهم..
وهذا لم يحصل مرة واحدة في التأريخ! بل حدث أكثر من مرة، وهو الآن يحدث بشكل أوضح وأوسع، فلله الأمر من قبل ومن بعد[387]..
وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم.)) فيه دقة متناهية، فهو يدل على المكان الذي بدأ منه، وسوف يعود إليه، لهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((..من حيث..)) و"حيث" ظرفٌ للمكان..
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله[388]: (وفي قوله: ((وعدتم من حيث بدأتم))؛ إشارة إلى استحكام غربة الإسلام، ورجوعه إلى مقره الأول؛ كما في الحديث الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها))[389]. وفي رواية لأحمد: ((إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها))
وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، وهو يأرز إلى المسجدين؛ كما تأرز الحية في جحرها))[390]
ثم قال – أي التويجري-: وقد تقدمت الأحاديث في باب غربة الإسلام، وما ذكر فيها من انضمام الإيمان إلى المدينة وما حولها لم يقع إلى الآن، ويوشك أن يقع، والله المستعان.) اهـ
وهذا الذي حصل؛ فقد كانت غربة في أول الإسلام، والدين الحق في قلة من الناس، وستعود الغربة إلى ما كانت عليه: غربةٌ في الإسلام، وغربة في الإيمان، وغربة في العلم، وغربة في السنة، وغربة في الدعوة، وغربة في الشرائع، وغربة في الاهتمام، وغربة في الاتجاه، حتى صار الغرباء هم الغرباء الذين هم أهل الله، وأهل سنة رسول الله؛ المستجيبون القابلون لهم قليل، والمخالفون العاصون لهم كثير، فهم قد عادوا من حيث بدءوا، وإلى المدينة، حيث بدأ الإسلام فيها في آحاد وقلة من الناس، والله المستعان.. بل حتى صارت الغربة في داخلها غربة؛ بحيث ترى من أهل الغربة من يحارب ويطعن في أهل غربته! والله المستعان..
وجاء في صحيح مسلم[391]، عن أبي نضرة، قال: كنا عند جابر بن عبد الله، فقال: (يوشك أهل العراق أن لا يُجْبى إليهم قفيز ولا درهم. قالنا: من أين ذاك؟! قال: من قبَل العجم، يمنعون ذاك. ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يُجبى إليهم دينار ولا مُدْي. قلنا: من أين ذاك؟! قال: من قبل الروم..)
وهكذا قُطع أهم مصدر يصدر ومورد لبيت مال المسلمين، ومنعت تلك البلدان أهم مورد إسلامي، بسبب استيلاء الكفار لديار المسلمين في عصور مختلفة، وأزمنة متفرقة، وها هم في هذا الزمان؛ قد احتَلُّوا الكثير من دول المسلمين، وأسقطوا الخلافة الإسلامية وأبعدوها، وأبعدوا الشريعة المحمدية عن الحكم وأسقطوها، وفككوا الدولة الإسلامية إلى دويلات مستقلة، وانعدم بيت المال، ومنعت البلدان الإسلامية الخراج الذي كان يؤدَّى لبيت المال..
قال كعب الأحبار: (سَتُعْرَكُ العراق عَرْكَ الأديم، وتُفتُّ مصر فتَّ البعر.)[392] وقال: (ليوشكن العراقُ يعركُ عركَ الأديم، ويُشقُّ الشامُ شقَّ الشعر، وتُفتُّ مصرُ فتّ البعرة، فعندها ينزل الأمر)[393]
نعم! فقد بدأت ونبعت الفتنة من المشرق، واستقر الضرر فيها وتمكن منها كل التمكن، ثم تحولت الفتنة والضرر إلى المغرب؛ فلا تُرفع فتنة من ناحية، إلا انْفَتَقَتْ أخرى من ناحية أخرى، والله المستعان..
فكان العراق هو المحل لبداية الحروب الطَّاحنَة، والمعارك العَركَة، ففي زماننا هذا يتداعى إليها الناس من جميع أنحاء العالم من أجل خيرات ظهرت فيها، فها هي الآن تُعرك عرك الأديم، وتمور مور البحار، الذي عندها تكون بدايات وإرهاصات الملاحم التي تسبق خروج المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، وخروج الدجال الضال، ويأجوج ومأجوج، فكلهم في عصر واحد..
فقد جاء عن عبد الله بن زُرَيْر الغافقي أنه سمع علياً رضي الله عنه يقول: (الفتن أربعٌ: فتنة السراء، وفتنة الضراء، وفتنة كذا، فذكر معدن الذهب، ثم يخرج رجل من عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يُصلح الله على يديه أمرهم.)[394] وهذا الأثر فيه دليل على إرهاصة؛ وهي خروج المهدي آخر الزمان، فتأمل!
وتأمل قوله رضي الله عنه: (فذكر معدن الذهب)! فقارن بينه وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((يوشك الفراتُ أن يَحْسرَ عن كنز، وفي رواية: عن تلّ، وفي أخرى: عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: والله لئن تركنا الناس يأخذون منه ليُذهبن به كله، فيقتتلون عليه، حتى يقتل من كل مائه تسعةٌ وتسعون.)) وفي رواية: ((كلهم يرى أنهم ينجوا)) وفي أخرى: ((فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً))[395]
ثم إذا تأملت هذا، فلا تنس أن تتأمل في الأثر بعد ذكر المعدن، أن المهدي سوف يخرج بعد انحسار الفرات وجفافه! وعلى ذلك جزم الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال بعد ذكره لحديث الانحسار: (فهذا إن كان المراد بالكنز فيه: الكنز الذي في حديث الباب، دل على أنه يقع عند ظهور المهدي، وذلك قبل نزول عيسى، وقبل خروج النار جزماً، والله أعلم.)[396] اهـ
ففي حديث الانحسار فائدة عظيمة، وهي نصيحة عزيزة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث وجه المسلمين بأن لا يحضروا هذا الانحسار، وبأن لا يغتروا في هذا المعدن الذي هو فتنة بحد ذاته؛ بحيث تجر هذه الفتنة الاقتتال الكثير، والمنازعة الكبيرة، فمن امتثل النهي النبوي؛ سلم في نفسه، وسلم منه غيره، فاحرص يا عبد الله! على الإقتداء، وتثبت في الفتن، فمدعي العلم قد كثروا، والله المستعان..
قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((تقيء الأرض أفلاذ أكبادها، أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل فيقول: في هذا قَتَلْتُ، ويجيء القاطع فيقول: في هذا قَطَعْتُ رحمي، ويجيء السارق فيقول: في هذا قُطعت يدي، ثم يدَعونه فلا يأخذون منه شيئاً.))[397]..فالفتن دائماً تؤدي إلى الندم، ومحصلاتها لا يُنتفع بها، كما جاء في الأثر: ((إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة.))[398]..فالأرض سوف تقيء لا محالة بفلذات أكبادها من الكنوز الوفيرة، حتى يأتي زمان فلا يُنتفع بها، وحتى يمر الرجل فيضربها برجله، ويقول: في هذه كان يَقْتَتلُ من كان قبلنا، وأصبحت اليوم لا يُنتفع بها[399]..
قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب، ثم لا يجد أحداً يأخذها منه، ويُرى الرجلُ الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به؛ من قلة الرجال وكثرة النساء.))[400]..
فهكذا مآل الفتن دائماً؛ الحسرة والندامة، فالقتال الذي حصل ويحصل، والذي سوف يفنى فيه كثير من الرجال، سوف يندم عليه الناس، والذي من أجله قاتلوا؛ سوف يركلونه بأرجلهم لعدم الانتفاع به.. ونحن في هذا الزمان، وما نراه في العراق وواقعه السخيف، ودخول الغرب في قرن شيطانه، وما يلقونه في روع عامة المسلمين: بأن دخولهم فيها بدعوى إخلائه من أسلحة الدمار الشامل! فيصدقها العامة، وتعززها منظمة الأمم المتحدة، وما كل هذا إلا فوائد نستطيع أن نستنبطها:
^ إن دخول الغرب في العراق، ومن قبله إلى أفغانستان، واستيلائهم لهما بالسلاح القهري؛ إنما هو مبدأ عدوان، أراد أن يزيل اليد المحقة، ويقرر يده المبطلة، وهو خرم لأصل الحق والعدل، مما سوف يؤدي إلى اضطراب الأمن في العالم كله، وسوف يمتد إلى باقي دول العالم الإسلامي المتمركزة في الشرق الأوسط.. فاللهم سلم سلّم..
ونحن إذا قلنا: استيلاء قصري! يعني ذلك: وجب على المسلمين جميعاً دفع عدوان المعتدين بالجهاد المالي والنفسي تحت راية واحدة[401]واضحة غير عُمّيَّة[402]، ترفع المعنى الحقيقي للإسلام بحذافيره..
}وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقفْتُمُوهُمْ وَأَخْرجُوهُمْ منْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالفتْنَةُ أَشَدُّ منَ القَتْل {البقرة
^ في الأحاديث المتقدمة دليل على أن المانعين لخيرات العراق هم العجم الذين هم خليط وأمشاج من الناس تجمعهم العُجْمة، وأن المانعين لخيرات الشام هم الروم الإفرنج، وهم بني الأصفر، وأنهم سوف يختلفون، فتنتقل القيادة من العجم إلى الروم، وهذه هي بداية الملحمة الكبرى التي سوف تكون بين المسلمين وغيرهم من العجم والروم، فإذا وقع هذا - ولا محالة- سوف يكون علامة لانحسار الفرات عن الذهب، وأمارة لظهور المهدي المنتظر[403]..
الخوارج مع الدجال
ولا تزال الفتن في هذا الموضع الذي طلع فيه قرن الشيطان متسلسلة، آخذة كل حلقة منها بأختها، حتى تصل إلى الدَّجال، كما أخبر بهذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن حذيفة رضي الله عنه، قال: ذُكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ((لأنَا لفتنة بعضكم أخوفُ عندي من فتنة الدجال، ولن ينجوَ أحدٌ مما قبلها إلا نجا منها، وما صُنعَت فتنةٌ – منذ كانت الدنيا – صغيرةٌ ولا كبيرةٌ إلا لفتنة الدجال))[404]
هكذا بهذه الصراحة الواضحة الجليَّة، في أن الفتن إنما هي إرهاصات لخروج الدجال آخر الزمان، ولا تزال الفتن تخرج، ويترأسها الخوارج في كل زمان، حتى يخرج في أعراضهم الدجال، كما أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بقوله: ((ينشأ نشئٌ يقرؤون القرآن، لا يتجاوز تراقيهم، كُلَّمَا خرج فَرْقٌ قُطع، حتى يخرجَ في أعراضهمُ الدَّجال))[405]
هكذا في الحديث الذي هو من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث أخبر عليه الصلاة والسلام عن خروج هؤلاء وظهورهم بين الفنية والفنية من الزمان، فكلما خرجت واحدة منهم؛ قُطعت، فيُقطعون بالحجة والبيان بالبرهان، فلما كان أول خروجهم، قام عليهم ابن عباس بالحجة البيان؛ فرجع الكثير منهم بالبرهان، وقاتل علي رضي الله عنه الذين لم يرجعوا في النَّهْرَوان، وفرقهم على شر حالة، حتى كاد أن يقضيَ عليهم..
وكان من قدر الله – الكوني- أن أبقى ثلة منهم أفلتوا من قبضة علي رضي الله عنه، فجمعوا حولهم السذج والغوغاء من الناس - كما هو الحال في جميع الأزمان – فأرسل إليهم عليٌّ رضي الله عنه الجيوش؛ فقاتلوهم، وقَتَلُوهُمْ، تقرباً إلى الله، فهم شر قتلى تحت أديم السماء، ومن قتلهم له الأجر العظيم من رب الأرض والسماء يوم القيامة، وبقيت منهم شرّ شرذمة، وهي التي قتلت علياً رضي الله عنه في شهر رمضان المبارك سنة ثمان وثلاثين من الهجرة..
هم أفلتوا من علي رضي الله عنه، كما أفلتوا من ابن عمه؛ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلو لم يفلتوا من قبضة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حينه وعهده؛ لَمَا وجدت فتنة بعدها، ففي مسند الإمام أحمد، عن أبي بكرة رضي الله عنه أن نبيَّ الله صلى الله عليه وآله وسلم مر برجل ساجد – وهو ينطلق إلى الصلاة- فقضى الصلاة، ورجع عليه وهو ساجد، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ((من يقتل هذا؟)) فقام رجل فحسر عن يديه فاخترط سيفه وهزه ثم قال: يا نبي الله! بأبي أنت وأمي كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله؟ ثم قال: ((من يقتل هذا؟)) فقام رجل فقال: أنا. فحسر عن ذراعيه واخترط سيفه وهزَّه حتى ارتعدت يده فقال: يا نبي الله! كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو قتلتموهُ لكان أول فتنةٍ وآخرَها.))[406]
وفي رواية: عن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه أن أبا بكر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله! إني مررت بوادي كذا وكذا، فإذا رجلٌ مُتَخَشّعٌ حسن الهيئة يصلي، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: ((اذهب أليه فاقتله)) قال: فذهب إليه أبو بكر، فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لعمر: ((اذهب فاقتله)) فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر، قال: فكره أن يقتله، قال: فرجع، فقال يا رسول الله! إني رأيته مُتَخَشّعاً فكرهت أن أقتله، قال: ((يا علي! اذهب فاقتله))، قال: فذهب علي فلم يره، فرجع عليٌّ فقال: يا رسول الله! إنه لم يره، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه، حتى يعود السهم في فُوقه، فاقتلوهم، هم شر البريَّة.))[407]
وفي رواية: من حديث أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي رضي الله عنه بعد رجوع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: ((أنت له إن أدركتَه)) فذهب عليٌّ فلم يجده، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أقتلت الرجل؟)) قال: لم أدر أين سلك من الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن هذا أول قرن خرج من أمتي، لو قتلته ما اختلف من أمتي اثنان.))[408]
ولكنها سنة الله الكونية التي تبين خلالها كثير من الأمور الشرعية، فأفلتوا من يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم أفلتت بقية منهم من يد الخليفة الراشد الرابع للمرة الثانية، فكانت هذه الفلتة سبباً في قتله، فلو قُتّلوا من آخرهم؛ ما اختلف من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم رجلان، ولكن لا بد من خروج الدجال الذي ما صُنعت فتنةٌ منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة خروجه في آخر الزمان، فهي فتن متسلسلة في حلقاتها حتى تصل إليه، فكانت أول ما خرجت من ضئضئ ذاك الرجل، الذي لو قُتل، لكان أول فتنة وآخرها، كما أخبر بهذا الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام..
وكان العراق هو مسرح أحداث هذه الفتنة الصماء العمياء، التي تُرسم في الليالي الظلماء، لتُسَفَّك فيها دماء الأبرياء، حتى وصل شررها إلى معاوية رضي الله عنه، فقامت الثورات المتعددة المتكررة من سنة إحدى وأربعين، إلى نهاية الدولة الأموية سنة أربع وستين، وبعد هذه السنة اشتدت شوكتهم بالبصرة، فقُطعت، ثم قامت الثورة مرة أخرى سنة اثنتين وسبعين، خرجوا مرات عديدة، ودُحرُوا في كل المرات، حتى بقيت لهم بقية في العراق في عهد الدولة العباسية، وقاموا بعدة ثورات في خلافة الرشيد، ودُحروا، وهكذا..[409]
ونحن في هذا الزمان نرى واقع الخوارج؛ فهم والله ما قاموا إلا ويفرقهم الله على شر حال، وما ظهر منهم فَرْقٌ؛ إلا وقسمه الله..ونحن نراهم الآن في هذا الزمان؛ قد غلبت على نفوسهم الشبهات، وظهرت من فلتات ألسنتهم الشهوات، حتى صارت فيهم من معاني الخمر؛ أن من ذاقها أدمن، وفيها من آفات الميسر؛ أن من جرَّبها أمعن، فرفع الغوغائيون رؤوسَ قادتهم - الذين لا يُعرف عنهم خبر، ولا وُجد لهم أثر- الذين من آثارهم؛ تفريق الشمل، وتبديد المال، ومع ذلك كله؛ فهم لم يجتمعوا على رجل واحد من قادتهم قط، وهذا من لطف الله عز وجل، وشأن سنته سبحانه وتعالى في أهل الباطل، فلو أمكن الله لهم ولرأْيهم؛ لفسدت الأرض، وقطعت السبل، وبَعُدَ الأمن والاستقرار في البلاد، ولعاد أمر الجاهلية، وتفكك المجتمع الإسلامي، ولتصارع رؤوس الخوارج على الخلافة لأدنى شهوة، ولكفَّر المسلمون بعضهم البعض بأدنى شبهة، ولقامت بعدها الحروب الضروس تحت مسمى الجهاد والقتال في سبيل الله؛ لإزالة المنكرات وإقامة العدل بزعمهم، وهي أبعد ما تكون عن أحكام الدين الحنيف اعتقاداً وعملاً، وإنما هي تسليم الأنفس لقادةٍ – خوارج - ساقوهم باسم الدين، لا يعرف عنهم خبر، ولا وُجد لهم أثر...
وحقٌّ أن يقال فيهم: أرادوا الدين في الحاكمية التي فسرها لهم شيخهم في كتابه "الظلال"؛ فلا يقيسون الأمور إلا من خلال ما فسره شيخهم، ولا يقيّمون الأشخاص إلا على ضوء فكره، ولا يحملون هدفاً في الحياة سوى الوصول إلى هدفه، بل وزادوا فيه من الغلو أشكالاً، ومن التطرف ألوانا، فهم بهذا حكموا بغير ما أنزل الله، فأولئك هم الكافرون الظالمون الفاسقون، على ميزان أهل السنة والجماعة، على مر العصور، وانقضاء الدهور[410]...
شتَّان بين أهل الحق وأهل الباطل
وأما الحق؛ فلا يعرفه إلا أهل الحق المنشرحة صدورهم له، الثابتون عليه، الذين يعرفون مظاهر الفتن الخداعة، وخاصة عند بروزها، وظهور مخايلها قبل وقوعها، وتمكن مخالبها وقرونها، على العكس تماما من الجُهَّال؛ فهم يعرفونها عند انقضائها، وانصرافها، لهذا نرى أهل الحق الثابتون عليه يحذرون المسلمين من شبه الفتن الفاتنة الآثمة، واتجاهاتها السيئة، وتأويلاتها الباطلة، وينصحون الأمة على الصبر الذي هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، فيأخذون على أنفسهم بإقامة الحق، وما يحتاجون إليه في إقامته، وإزالة الشبه عن جادته، فَيُحْكمُون البدايات؛ لتسلم النهايات، ويضبطون المصطلحات؛ ليتقوا الانزلاقات، فيكونون هم السياج أو مثابة السياج المنضبط المُحْكم الذي يحفظ بيضة الأمة من جهة، ويبلغ دعوتهم إلى سائر الأمم من جهة أخرى...
فهم على دين الحق الذي بُعث به محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فبالهدى يُعرف الحق، وبدين الحق يُقصد الخير ويُعمل به، فهم يعلمون الحق وقصده، لهذا هم يقْدرون عليه؛ فأحيوا دين أنبيائهم، وأخرجوا الكثير من الناس من ظلمات الممارسات الشركية الوثنية، والعبادات البدعية الضلالية، والضلالات الأشعرية التلبيسية، والخرافات الصوفية الخزعبلاتية، والتَّكَتُّلات الحزبية المتفرقة، مما بعث التفاؤل والاستبشار في المحصلة في المستقبل القريب إن شاء الله...
فشتان بين ما يؤسس على الماء والهواء ولا حقيقة له إلا الهباء، وبين تأسيس الفحول على منهج له أصول ثابتات راسخات شامخات، وفروع باسقاتٍ ظاهرات طاهرات، حاملة على غصونها ثمرات الأمانة النقية، التي تأتي أكلها كل حين بإذن ربها عز وجل؛ لتسلّمها لمن بعدهم ناصعة جلية، على مر العصور وانقضاء الدهور[411]..
فالفتن دائماً خداعة، تمنع معرفة الحق وقصده، فهي تمنع القدرة عليه، فهي دائماً محمَّلة بالشبهات التي تلبس الحق بالباطل، فلا يتميز للكثير من الناس، تحمل معها اندفاعات العواطف الجيَّاشة، والحماسات الشبابية العاصفة، ودندنة الخطباء المقلدين الملفقين المتعالمين الحماسيين أنصاف المتعلمين؛ الثَّوَّارون للعنف، المتلبسون بمقدماته، المسوغون لأحداثه، الذين لا يحسنون تقدير المصالح والمفاسد، ولا يزنونها بميزان المقاصد الملزمة، ولا الضوابط المعتبرة، فتطيش عندها الفتن وتُثار بثورة هوجاء، وتندلع برغبات ورعونة مثل هؤلاء الحماسيين الغوغائيين، الذين لم يعرفوا قدرهم، وواجب وقتهم، وتقدير مَكَنَتهم، بل ولم يتعدُّوا طورهم، ولم يعرفوا حقيقة استدراج عدوهم، ولا ما يكاد لهم، بل ومُنعت قلوبهم عن معرفة الحق وقصده، فتشتعل النيران قلوب الكثير من الناس عند حدوثها، ويظهر الغضب العام، وتُقتحم المهالك، ويفلت الزمام من بين أيدي العلماء والعقلاء من الناس، فيعجزون عن دفع السفهاء، وإطفاء نار الفتنة، وكف أهلها، ويَفْقد عندها العقل دوره وسيطرته على مجريات الأحداث، ولم يسلم منها والتلوث بها إلا من عصمه الله، وأكثر من يدخلها؛ السذج والبسطاء والمغفلون والأشرار، ومن ليس له بصيرة تجاهها من الغوغاء والدهماء؛ الذين لم يحصل بفعلهم صلاح، بل هو خَوَر الفساد بعينه، الذي بدأ برأي خطأ مبتدع - كسائر أخطاء أهل الأهواء والبدع، الذين يعاقبون من خالفهم في بدعهم..- وبعد استحسانها – أي الآراء الفاتنة المبتدعة - والاغترار بظواهرها، وعقد الآمال عليها، وتعشعش في القلوب والعقول بلاؤها؛ اجتمع عرس الشيطان بتزاوج عناصرها، وضُربَ الطبل عليها في عرسها! فما لبثت بعد دُخْلَتها؛ أنْ فرخت وولدت الشر العقيم، وسقته من لبانها! وإذا بالناس يصحون بعد غفلتهم على هول الكارثة التي أظهرت حقيقتها المبطنة بالشر المستطير، وكشفت عن ساق مشاربها المنهجية الفكرية العقدية المتمردة، والتي بدأت أول بدايتها بالتعلق في الاختلاف والافتراق الموصل إلى الخروج عن جماعة المسلمين بعامة، وإمامهم بخاصة، فتتحول تلك آمال إلى مآس وأحزان، وتفجرت على أيديهم أحداث الفتن من أحداث الأسنان، الذين لم يُفطموا من لبان شيطانهم الذي كانت مادة لبانه:التكفير، ووسيلة توصيله إلى أجوافهم: المقالات البدعية، والأطروحات الفكرية، بقوالبها الحزبية، فكانوا هم الثمرة الذين شاركوا في الفتنة بتمرد، على منهج أهل الحماسات والخروج، وأدعياء فقه الواقع، المتستر بمذهب السلف – زعموا- فأبرزوا ما يشهد لبدعهم من النصوص بجهل وقلة علم وإيمان، وأخفوا ما يخالف منهجهم من النصوص وكتموها، فضخموا زلات المخالفين بدون سلطان ولا حجة، وانتقصوا العلماء الربانيين، وقطعوهم عن العامة والأتباع، وطعنوا في الأحكام الشرعية المستفادة من نصوص الشرع، فوجدوا موضع الخروج، فكفَّروا، وخرجوا، فأريقت بسبب ذلك كله الدماء المعصومة البريئة بفوضى واضطراب، وهُتّكت الأعراض، وتلاعب بمصالح العباد، ثم الويلات بعد ويلات؛ التي انكشفت فيها العواقب الوخيمة، فلم تقم ديناً، ولم تُبْق دُنْيا..
فسرعان ما تموت وتتلاشى، بعد ما خلَّفت تلك الخلْفَة الشيطانية المتنوعة الأحداث، المتداخلة المتناقضة في الرغبات، الممزوجة بالتلبيسات والملابسات والتمويهات؛ التي كانت بدورها أن فجرت الخلافات، وهتكت الأستار، فاشتد بينهم الصراخ، وأعقبه الاتهامات والانقسامات والانشقاقات، فكانت الهزيمة الهزيلة التي سامها كل مفلس، والذي فرح بها من صنع تلك الذرائع التي سوغت لأهل الكفر التسلط على أهل الإسلام وإذلالهم، واستغلال خيراتهم؛ فهم أعانوهم في مقصدهم، وفتحوا على المسلمين وبلاد الإسلام ثغراً لهم، فتسلطوا على بلدانهم، ومقدساتهم، فليس جُرماً في حق الأمة أكبر من هذا الجرم.. ولم يدفع الثمن إلا السذج أحداث الأسنان المغفلين، الذين شربوا من لبان الشيطان الذي كاد لهم فاستدرجهم، فلم يشعروا بمغبة أمرهم، ومآل أحوالهم العاطفية المزاجية، فيهلكون وليس لهم عاقبة، بل زائل أجرهم، فانٍ ذكرهم، مأزورين غير مأجورين، وشر قتلى تحت أديم السماء، والواقع خير شاهد..
فويحٌ لهم من فكرهم المزعج المستكبر العنيف، وويل لهم من يوم الحساب الفظيع المخيف، فهم عُرضة بأن يكونوا كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنهم؛ أنهم كلاب أهل النار..
فندعوهم من هذا المنبر، إلى التوبة إلى الله من جهالتهم، وإن كانوا قد أخطئوا باجتهاداتهم وتأويلاتهم، أو أغفلوا توجيهات وتقريرات علمائهم وعقلائهم، فغفلوا عن المعرفة الشرعية الحقيقية للفتن، فنحن نقول لهم مقولة أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لقوم سألوه في قتل عثمان: (إن تفعلوا؛ فبيضاً فَلْتُفْرخُنَّه.)، وفي رواية: (إن أبيتم؛ فبيض، فليفرخ)[412]
فإياكم أن تغتروا بحماسكم، فتكونوا البَيْض الذي يفرخ، ثم يُقطع، إلى أن تصلوا إلى الداء العضال؛ الدَّجال ومن معه! فهذا الذي لا يُحمد عقباه، ولم يمدحه الشرع وما ارتضاه، بل يستحيل أن يقر الشرع بجني ثمرات الفتن، فالفتن مفسدة، واعتزالها قربة إلى الله تعالى[413]..
الفتنة الصَّدَّاميَّة الدَّمويَّة
وما غابت ولن تغيب فتنة زماننا الصَّدَّاميَّة الدَّامية[414]، على يد السفاك الذي تمثل فيه قرن الشيطان في هذا الزمان، وكانت فتنته توافق تأريخ فتنة مقتل الحسين بن أبي طالب رضي الله عنه دون رحمة ولا شفقة في شهر الله الحرام، فقام الطاغية العراقي بالخيانة نفسها، وبالغدر ونقض العهود والمواثيق، فاعتدى على جيرانه في الشهر الحرام نفسه، وقطع اليد التي كانت تساعده، وتشد أزره؛ مالياً، ومعنوياً، ولكن كما قيل: أُعَلّمُــه الرّمـايَــةَ كُـلّ يـومٍ فَلَمَّا اسْتَدَّ[415] ساعدُهُ رَمَاني..
وكان قبلها قد طغى وتجبَّر على أهل بلده الذين حكمهم بالحديد والجلاميد والنار؛ فقتل منهم القتل الجماعي بالآلاف المؤلفة، ظلماً وعدواناً ونكاية بالمسلمين، رجالاً ونساءً وأطفالاً، وكان قتلهم بطرق منكرة قبيحة، وبأعمال مشينة، وبهمجية هوجاء، وغوغائية نكراء، وبجرأة فاجرة، تقشعر منها الجلود، وتضطرب فيها النفوس والضمائر، فاستخدم فيهم المجازر الوحشية، والمواد الكيماوية المحرمة، ورماهم في القبور الجماعية، فهلك فيهم الحرث والنسل، يتمثل به رأس الشيطان وقرنه وأصله، ويؤيده على هذه النزعة الشيطانية بعض خفافيش العرب، الذين ناصروه وأيدوه، وقدَّموا له الغالي والنفيس بمبادرات جنونية وهرائية، دون نظر دقيق، ولا فكر سديد، بل بجَعَاجعَ وشُبهات دنيَّة، فخيَّمت عليهم الفتنة، وظهرت شجاعة المسلمين على بعضهم البعض، وهم أذلاء جبناء مع عدوهم الأصل، الذي بذر فتنته فيما بينهم، حتى صاروا مضطربين، مختلّي التوازن، ضاقت صدورهم بين بعضهم البعض، فتمثل بصَدَّامهم تجميع شياطين العالم كله في جيبه وجعبته؛ ليطبقوا معه النَّزعة الإبْليسيَّة الجشعة البشعة الغاشمة الفاجرة، التي كاد أن ينساها الناس في فتنة الخليج الحالية..
فنقول للمناصرين له: هل الذي تريدونه هو الإسلام؟! وهل اتخذ صدام حسين قراراً بحل حزب البعث وأعلن عن براءته منه ليحكّم شرع الله، وهل الأفعال التي فعلها الطاغية العراقي من الإنسانية والفضيلة الرجولة والشهامة التي دعا إليها الإسلام؟! أين عقولكم، هل منكم رجل رشيد؟!
ما الذي تريدون؟! آلظلم تريدون؟! أم الفساد والبغي في الأرض تؤيّدون؟! أم العدوان والقهر والبطش والجبروت تنشرون؟! وهل هذا إلا تفسير: نصرة الظالم على المظلوم؟! وهو المعنى الحقيقي للإرهاب وتفسيره..
لهذا لم يَدْعُ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لهؤلاء الناس الذين طغوا وبغوا، ونشروا الفساد البشع اللئيم الجبان في الأرض[416]..
قال الله تعالى: }وَمنَ النَّاس مَنْ يُعْجبُكَ قَوْلُهُ في الحَيَاة الدُّنْيَا وَيُشْهدُ اللهَ عَلَى مَا في قَلْبه وَهُوَ أَلَدُّ الخصَام وَإذَا تَوَلَّى سَعَى في الأَرْض ليُفْسدَ فيهَا وَيُهْلكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحبُّ الفَسَادَ وَإذَا قيلَ لَهُ اتَّق اللهَ أَخَذَتْهُ العزَّةُ بالإثْم فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبئْسَ المهَادُ{ البقرة
أما في عن فتنة الخليج الثالثة؛ فهي غاية الغايات عند الغرب الأمريكي لبسط جناحه واستعلائه على العالم بأسره، والعالم الإسلامي بخاصة، وعلى الشرق الأوسط بوجه خاص، وعلى قلب العالم الإسلامي وعاصمته المقدسة بوجه أخص..
ففتنة الخليج الثالثة – كما نشاهدها اليوم- فهي فتنة التَّهارش والتَّخاصم والضنك والخبال، والتَّصارخ والخبال، والشتم والعويل والوبال، ثم القتل دون أي سبب معقول، حتى صار القاتل لا يعلم لماذا قَتَل، ولا المقتول لماذا قُتل! فلا يُسمع فيها إلا التَّهارش والتفجير، والتخاصم والتدمير، والشتم والتشريد، والتصارح بالعويل، وطلب الإنصاف، فالكل يريد أن ينجو بنفسه وبفكره، وقد يُغْرق الواحد منهم غيره لينجو هو..
فالأمر واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، فهي لعبة لاعب، وسخرية ساخر، ورهينة استبداد، والخطة قد نُفّذَت خطوة خطوة، وحياكة المؤامرة فُصلت على قدّ المقاس، ببذلة انفرنجية شوهاء ناقصة، لُبست من أول يوم على أسوأ ما يُعرف من التناقض، وأشنع ما يُعلم من التحكم والعنصرية الهمجيَّة، فقد دخل الغربُ الشرقَ الأوسط بحملاته الصليبية الغاشمة، وفي وقت والعالم مضطرب اقتصادياً، ومفكك مالياً، فلا ضابط له، ولا ميزانَ صحيح يعدله، فجاء الأعداء الغَربيُّون والشَّرقيُّون إلى العراق ليكملوا الخطة التي حيكت لأجل أن تكون العراق هي المنفذ إلى باقي دول العالم الإسلامي، الغني بثرواته الطبيعية، ومخزوناته الحيوية..
وكان قد خُطّطَ من زمن بعيد بأن تكون العراق هي المنفذ الرئيس؛ بحيث استخدموا هذا الطاغية (صدام) المحتال لصنع هذه الفجوة والثغرة، فكان هو لقيط مصيدة أستاذه اليوناني ميشيل عفلق فتبنَّاه، وأسس به حزبه (البَعْثيّ الاشتراكيّ) بمزالقه المعروفة، وأطروحاته الخطيرة، وقوانينه العقابية في ذبح الأمة، كما تبنى نصراني آخر- جورج حبش- حزباً آخر سماه (القوميين العرب)، وأسس رجل نصراني ثالث – أنطون سعادة- حزباً ثالثاً سماه (الحزب القومي السوري)، وحزباً رابعاً أسسه خالد بكداش باسم (الحزب الشيوعي)، كل هذه الأحزاب حصلت وتأسست بعد وعد بلفور لإسرائيل، فتأسست هذه الأحزاب للتَّنْكيل بالمسلمين، فامتصت الشباب العرب المسلم، وأنشأته على المبادئ الخبيثة، والاتجاهات العلمانية الرزية الرديئة الملحدة، حتى أدخلت بمجموعها الصّراعات الطبقية؛ التي أول ما استهدفت إلى إفساد العقائد والضمائر والقلوب، وإخراجهم عن الإسلام الذي هو عزهم وشرفهم وتمكينهم في الأرض، وكان طاغية العراق قد سيطر على كرسي وسدّة الحكم هناك ظلماً وخيانة وغدراً وقهراً، ليكون قرن الشيطان الذي أخبر به النبي الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم، فكان هو الشر المستطير على الأمة الإسلامية، واستخدمه الغرب الصليبي كأفتك سلاح رمونا به بعد الاستعمار، فكان هو الضربة القاضية التي رسمها وخططها الغرب ومعهم اليهود للدخول في قلب العالم الإسلامي من خلال العراق قرن الشيطان..
فكان صدَّام حسين هو المنهج والقرن الشيطاني والمُخَطَّط الرهيب، لاحتلال الدول الخليجية كلها، والسيطرة على ثرواتها الغنية، وحصار أهلها ومنعهم من خيرات بلادهم، فلمَّا خذله الله؛ قام بفعلته الذميمة الخسيسة بأن سكب ملايين البراميل البترولية الكويتية الخام في مياه الخليج، ليفسد حتى على الحيوانات البرية والبحرية حياتهم، ثم قام بفعل أغشم منه بأن حرَّق بعض آبار البترول، ليفسد الأجواء على كل المدن المجاورة، حتى وصل الضرر إلى مئات الكيلومترات، فتضررت كل المخلوقات المحيطة بتلك المساحات الشاسعة...
وقد أراد الله تعالى أن يهلك هذا الطاغية بصانعيه، ويزيل وجوده بأناس فجرة كفرة لا خلاق لهم، هم كانوا السبب الرئيس في تكوينه وتنشئته، ليكون هو الجسر البشري، والقرن الشيطاني لهذا العصر الذي خططوا به دخول الشرق الأوسط، وقد صار الذي كان قد خُطّط، بفضائح يندى لها الجبين خجلاً، فدخل الغربُ والشرقُ قرنَ الشيطان، ليذوقوا من الوبال الذي هو في حقيقته وباء، فَجَنَتْ على نفسها الكلبة برَّاقش!
فكان ما أراده الله تعالى كوناً، ليتبين للناس خلال هذه الفتنة الكثير من الأمور الشرعية، فدمَّر اللهُ طاغية العراق في هذا الزمان، وأهلكه بصفة قد شاهدها الناس جميعاً، ولا إرادة ولا قوة لأحد على ما أراده الله تعالى من هذا الظالم السفاك، وقد أعطاه الله تعالى كل الاختيار في اختيار سبيل العدل أو الظلم، وأعطاه من الكنوز التي تحملها أرض العراق، وسهل له السبل عن طريق جيرانه الأوفياء، ولكنه اختار سبيل البغي والغيّ والفساد والظلم والخيانة والعدوان، وقطع الصلة التي بينه وبين ربه وبين جيرانه، واتخذ منهجاً غير الإسلام للكسب والإنفاق من كنوزه، وفصل العقيدة الإسلامية الصحيحة القوية عن طريقته، إلى طريقة حزب البعث الاشتراكي، حتى صار كرسيه عاملاً قوياً في إفساد الرجولة والعقيدة والدين، وإمراض العزائم والإرادات، ليكون - بقدر الله الكوني - هو قرن الشيطان في هذا الزمان، والعَلاَمَة البارزة على صدق الرسول عليه الصلاة والسلام؛ الذي أخبر مسبقاً بوحي من الله العليم الخبير عن وقوع الفتن المظلمة، والزلازل الرهيبة وطلوع قرن الشيطان في أزمنة مختلفة، وأوقات متعددة في أرض العراق، وليكون هذا الحديث النبوي الشريف قرة أعين المسلمين الموحدين، وسُخْنَة أعين الجهلة الأغبياء الكذبة البغاة الجناة الذين اتخذوا هذا الحديث الشريف – جهلا منهم أو عناداً- ذريعة لهم في الطعن والنكاية لأهل الحق والإسلام، فحرفوا معناه وغيروا مراده وبدلوا روايته وأوَّلوا درايته فكانوا من الذين قد تبوؤوا مقاعدهم من النار وبئس القرار
فتنة حزب اللات – حزب الله زعموا –
لا شك أن الخلط والخبط في الأزمات يشتد، ولاسيما في أحكام الجهاد في سبيل الله، فكانت فتنة الخليج الأولى؛ وهي حرب العراق ضد إيران[417]، وكان الغرب يحارب من بُعْد، فالأسلحة من عنده، والأرواح من عند المسلمين! فلا حجة لهم في الدخول جسدياً إلى منطقة الأطماع الاقتصادية والسياسية، سواء كانت في الخليج أم في بلاد الأفغان!
ثم الخليج الثانية؛ وهي فتنة احتلال الكويت من قبَل العراق، ودخول القوَّات الغربية الصليبية في شبه الجزيرة العربية، بحجة حماية المصالح المشتركة في العالم، فطلبت الإذن بالدخول إلى منطقة الخليج[418]!
ثم الثالثة؛ التي دخل فيها الأمريكان بلاد الأفغان والعراق، بحجة أن المسلمين كانوا وراء تفجير برجي التجارة العالمي، فكوَّنت لهم القواعد العسكرية التي ما استطاعوا دخول المنطقة إلا بهذه الحجج الواضحة لكل ذي علم وبصيرة..! والدليل على ذلك أنهم بعد سقوط برجي التجارة العالمي بوقت قصير كان الأمريكان جاهزين لدخول أفغانستان، وتبلور مشروع الحرب ضد الإرهاب في فترة زمنية أقصر من القصيرة[419]، غايتها إخضاع منطقة الشرق الأوسط لنفوذها (الأمريكي الصهيوني)، وتحويل لمنطقة إلى مقر دائم لجيوشها[420]..
وأخيراً، وليس آخراً؛ ففي هذه الفترة الحالية - وأنا أكتب هذه الورقات[421]- دخول حزب اللات[422] الشيطاني الرافضي[423] في حربه مع يهود في معركة قدَّم فيها هذا الحزب بلادَ لبنان قرباناً لمصالح إيران، وكبش فداء وأضحية وفريسة وأداة كيد لتحقيق مراده في التوسع الإقليمي الشيعي الوثني الرافضي – الهلال الإيراني- وتصدير ثورته الخُمَيْنيَّة[424] الفارسية المجوسية الفاشلة لجميع أنحاء العالم[425]، الذي تمتد من إيران، لترتبط معها بالعراق وسوريا ولبنان، ثم إلى ما الله به عليم من باقي الأوطان! الذي جعل للغرب حجة أخرى في الدخول إلى لبنان، وبناء القواعد في تلك المنطقة الحساسة التي تربط بين مصالح اليهود والغرب في آن واحد![426] ويُقَدَّم لصالح هذا الحزب الفتاوى الجائرة التي تقلدها القرضاوي بتياره، وغيره من الأصناف التي اتخذت وسائل الإعلام مؤسسات وهيئات مصدّرة لمثل هذه الفتاوى المنغلقة التي لم تُرَبَّ على الأسس الصحيحة للتصورات الشرعية في الوحيين الشريفين المشرقين وآثار الصحابة ومن تبعهم بإحسان؛ الفاهمين للعوامل التي تَغَيَّر بها تاريخ الإنسانية عامة، والإسلامية خاصة، ولكنها ربَّت أصحابها – أي أصحاب التيار- على ما ارتبطت به شخصياتهم، ومدى أفهامهم وأوهامهم على الحوادث، وما قارفها من ظروف أحاطت بهم على الوجه العموم والخصوص في آن واحد.. وهم علموا أم لم يعملوا؛ أنهم قد عملوا قاسماً مشتركاً بينهم وبين الحركات العالمية الماسونيَّة والشيوعية اللتان تناديان بالمؤاخاة والمساواة دون النظر إلى الدين والجنس[427]..
والعجب العُجاب، أن الفتاوى التي صُدّرت في الميدان؛ فيها من التناقض الشديد، والعقم الذي يعزل الناس عن التتبع والكشف عن المجهول، وعزلهم عن واقع المجتمعات والفرق والجماعات[428]، فجعلوا فتاويهم متعالية على النصوص، ومتعالية على الحقائق التاريخية، والقرائن المكانية، والأحداث الواقعية، فترى الاختلاف ناتج على حسب البلدان، وعلى سلبية وهوى الفرق والأحزاب، بحيث تدور مع مصالح ما ينتمون إليه، دون النظر إلى مآلات الأفعال، ودون تقْعيدات العلماء وأصولهم، ودون استدعاء النصوص التي تفحص المكان والواقع الذي تُنَزَّل عليه – وهم يزعمون أنهم علماء الواقع- لهذا ترى القوم في هذه الفتنة صرعى في التحمس والتَّوَثُّب والتذبذب؛ الذي كان قائدهم فيه الخُطب الرَّنَّانَة من دعاة الأحزاب، وأصحاب زينة البيانات الحزبية، الذين لم ينهضوا بواجب وقتهم، ولم يُوْصلوا أمتهم يوماً إلى ذروة السنام الصحيح، فضلا بأن يوصلوهم إلى التربية الشرعية الجادة الموصلة إلى الولاية لله ورسوله والمؤمنين.. فهم على ما قيل: ضغثاً على إبالة[429]..
ونحن في هذه الفتنة الحالية، وفي الحقبة الزمنية الحرجة التي نعيش فيها؛ نريد من علمائنا وطلبة العلم الأكفَّاء تحليل الفتن تحليلاً شرعياً، وبدراسة تَحْليليَّة قيّمة؛ نابعة من المبادئ القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية، مع الاهتمام بالعلوم الاجتماعية والإنسانية والنفسية، والتصورات الإسلامية الأصيلة، وبنظرة موضوعية شمولية تكاملية، ومن ثَمَّ تخريجها على تلك الأصول الكلية، وتحليل غاياتها في بناء الشخصية الإسلامية التي تفهم المقاصد الحقيقية للشريعة الإسلامية، وربطها بما يجري من واقعات، مع البحث والتنقيب في الأسباب الحقيقية، والعوامل الخفيَّة التاريخية التي تُسَيّر حركة شغب الواقع المرير، مع التحذير من المزالق الفكرية الخطيرة المسوغة للواقع، والمنخدعة بالخائضين الجدد، الخائضين في الأحداث دون أساس، ولا أهلية، ولا كفاية، ولا إثبات في الاستنباط، فكانوا سببا في الفوضى في الاستدلال، ومسايرة الهوى باسم الشرع، فوقعوا في الفتن الحالقة للدين والدنيا معاً[430]..
ويتجلى هذا التحليل الشرعي في الفهم الصحيح لمعاني الجهاد في الإسلام[431]، الذي هو بذل الجهد لإعلاء الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله) بيقين جازم وبعقيدة ثابتة، هذه الكلمة هي التي بها إعْمَار الكون وإصلاحه، لكونها بريئة من كل العيوب والنقائص مهما كانت الظروف، فهي كلمة لا تعتذر أبداً بالواقع السَّيّئ، بل هي كلمة متفاعلة مع الحياة، فهي تأخذ وتعطي وتبني بهدف، لكونها تقتبس من نور الله، تسير على خطى الأنبياء والمرسلين، وكذا المجددين على مر العصور، وانقضاء الدهور، عبر تاريخ المسلمين الطويل، فهذه الخُطى التي رسمت لنا الطريق الذي يجب أن نسير عليه، لكون الدلائل عليه كافية، والنتائج فيه حتمية قاطعة[432]..
ولا يشك مسلم تقيّ نقيّ أن الفتنة الرافضية فتنة أشد من القتل، يصل فيها المكلف إلى سلبيات قاتلة؛ بحيث يصل إلى مستوى عدم القدرة حتى على تغيير نفسه، فكيف بمجتمعه[433]؟!
فالناس الآن في واقعهم المرير، يضغط عليهم هذا الواقع الضرير بالانصياع لمطالب الشيعة الرافضة، والغرق في بحور أوحالها وأحوالها، فيتعاملون مع الشيعة بالتَّسْويغ المتقاعس لهم ولمنهجهم وعقيدتهم، فهم في هذا الدور المزري ينتشلون البشرية قاطبة إلى هوة سحيقة ينحدرون إليها، فهم نسوا أو تناسوا، أو جهلوا أو تجاهلوا حقائق الشيعة الكثيرة، وغفلوا عنها، ولم يربطوا العلة بالمعلول، ولم يعالجوا المستجدات من أصول علمية؛ فوقعوا في الفتن، وانحطُّوا فيها، وبل ومهَّدوا لها، وساعدوا على نشوئها واستمرارها، فاللهم سَلّمْ سَلّم، فهم قد رَكبُوا مركباً لا عهد لأحد به من أهل السنة من قبل، فاللهم لطفك وحنانيك بالمسلمين[434]..
ومما ينبغي أن يُعلم! أن حقيقة الرافضة معلومة لدى أهل السنة على مر العصور، والدراسات المتعينة بها كثيرة جداً، وقد سُبرت أحداثها وفُحصت، وبان ما أُتحف فيها من أمور، وما خفي فيها من نوايا ومخططات، وقاسوا الغائب منها بالشاهد، والحاضر بالذاهب[435]..
ولكن المعاصرين في زماننا هذا - من الذين اغتروا بأثارة من علم حصلوها، ومناصب خداعة تقلدوها- قد عثروا وزلَّت بهم الأقدام كعادتهم، وحادوا عن جادة الصدق، وغالطوا الواقع، ولم يعرضوه على أصوله، ولا قاسوا أشباهه، ولا سبروا معاييره، ولا حكَّموا النظر والبصيرة في التأريخ، وكما قيل: عند بعض المواقف تغيب الموازين ويُفقد التفكير، فكثر فيهم اللغط والغلط في هذه الفتنة – إلا من رحم الله منهم، وقليل ما هم - مما أدى إلى التقليل من خطر الرافضة الأعمى الجائر، والتجاوز عن زللهم، بالتهور والكذب، بل وظهور بوادر منهم بقبول مذهبهم وعقيدتهم الكفرية، بحجة أنهم يقولون (لا إله إلا الله) فَيُرْغمُون النصوص الربانية على أن تحمل معاني وتأويلات بعيدة عن مدلولاتها الشرعية، فهم بمجرد ظهور بوادر لأحداث سياسية أو عسكرية؛ محلية، أو عالمية – كما هو الحال الآن- تراهم تستخفهم البُداءات، وتستفزهم الانفعالات، وتثيرهم الفتاوى الجريئة الجائرة بترهاتها وجعاجعها، التي جعلت توهماتهم كأنها محكمة دلت على المراد بغير التباس، فتأتي عجلتهم وتهورهم بعكس ما يشتهون، وعلى غير ما يتوقعون، بوجهٍ ظاهرٍ للعيان[436]..
أما عن السبب! فهُوَ هوَ؛ البعد السحيق عن منهجية العلم، وطريق العلماء، الذين رسموا المعالم التي تضبط السَّيْر على الصراط المستقيم، وفي المنهج القويم..
والسبب الآخر هو استعراض هذا الحزب عمله الدعائي، الذي استدرَّ عطف العالم الإسلامي المخدوع، فله قنواته الفضائية التي زيفت الحقائق الواقعية[437]..
فلو أنهم قلَّبوا صفحات التاريخ، ووقائع الأحداث الثابتة قديماً وحديثاً، وطبقوها على تطبيقات وتأصيلات العلماء الثقات الربانيين، واستعملوها مقياساً؛ لوجدوا الإرهاصات والمقدمات لمنهج الرافضة الذي يوافق الواقعات - أو يشابهها- بل سوف يَتَبَرْهَنُ للناظر شدة الانطباق، فيزول الشك، ويذهب كل ما انقدح في أذهان المستعجلين، أو جرى على أفهامهم وأوهامهم وتصوراتهم، فيتذكروا عندها الأسباب عند ذكر المسببات، فتتصل الحلقات ببعضها، ويتضح عندها أسباب الارتباط في هذه الحلقات التي ربطت كل المناسبات عبر التاريخ الإسلامي، الذي ما حصلت فتنة إلا وهي تصنع للدجال أسباب خروجه -كما تقدم الكلام في أعلاه-
وصدق المناوي رحمه الله عندما حث على اقتباس العلوم الدّينية قبل هجوم الأيام الدنيئة الرديئة[438]..
ونقول هنا: É
إذا أراد المسلمون ثورة الرافضة، ويعينوا جيشها في لبنان، بقيادة حسن نصر اللات[439]، وحزبه الشيطاني[440]؛ فيجب عليهم أن يأمروا أولياء الحزب الشيطاني في العراق أن يتوقفوا عن قتل أهل السنة هناك، فإنه لم يعد خافياً على أحد التقتيل والإبادة الجماعيَّة على كل من عارض التوسع الإيراني لاحتلال العراق[441]..وعليهم أيضاً أن يأمروا هذا الحزب الشيطاني وأعوانه في إيران والعراق بأن يطلقوا كل المساجين المعتقلين في سجونهم الرافضيَّة، فهم يُسامون سوء العذاب، بل وأشد من عذاب المعتقلات الصليبية[442].. وأيضاً عليهم أن يأمروا هذا الحزب وأعوانه بالجهاد ضد المحتل المحتال، بدلاً من العمل مع المحتل كجواسيس يدلونهم على ملاذ المجاهدين السُّنة وقتلهم – في العراق وأفغانستان[443]- بل وأن يقفوا عن قتل أهل السنة بأنفسهم منذ قدوم المحتل، بل وأن يكفُّوا عن مؤامراتهم ودسائسهم ضد أهل السنة في إيران ولبنان وخارجهما[444]..
وإن كان حقاً قتال حزب اللات لتحرير فلسطين؛ فليسمح بفتح الجبهات القتالية في جنوب لبنان، بدون اشتراط للخضوع لهيمنة الحزب، وهذا دليل قوي على أن هذا الحزب لم يعلن جهاداً إسلامياً ضد المحتل الصهيوني[445]، ولم يتحرك لتحرير فلسطين[446]، فهو لم يدعُ الأمة لذلك البتة، ولو حقاً فعل؛ لوجب عليه أن يفتح المجال لمن يريد أن يقاتل الصهاينة[447] في الجنوب اللبناني من المسلمين أهل السنة[448]، ويسهل لهم الوصول، وهذه هي أمنية المسلمين المجاهدين أهل السنة، الذين تطاردهم جميع الدول حول الكيان الصهيوني لتمنعهم من الوصول إلى ضربه وسحقه، والله المستعان، وحزب حسن نصر اللات[449] يمنعهم من الوصول إلى المراد المنشود: (النصر أو الشهادة).
ونحن نقول: لن يكون هذا، فالهدف ليس تحرير فلسطين، ولا لتمكين دين أمة الإسلام وحضارة أهله، ولا لتأمين الأمن لهم، وإنما هو إشعال حرب مجوسية خالصة تريد توسيع نطاق الرافضة الإقليمي الذي يمتد من إيران المجوسية، ومروراً من العراق الخصيب، إلى سوريا ولبنان، فلو كان غير هذا؛ لسمح الرافضي حسن نصر اللات – خُمَيْني العرب- بفتح جبهة إسلامية سُنّيَّة تجاهد الصهاينة[450]، ولضرب المنشئات الحيوية كمصفاة حيفا وتل أبيب اللتان تقعان ضمن مدى صواريخه[451]، ولكنه الخبث الرافضي الذي يريد من السنة أن يتنازلوا عن أغلى شيء يملكونه - عقيدتهم وانتمائهم- ويصيروا تحت إمرته، ويُنفذ بأجندة شيعية، تحقق مكاسب سياسية للثورة الإيرانية الخُمَيْنيَّة، فيريد من المسلمين أن يسلّموا لهذه الثورة، وتكون العمليات تُصب لهذا الهدف السياسي الخبيث لا غير[452].
ثم هو نفسه حزب نصر اللات لم يقل أنه جاهد ضد الاحتلال، وإنما زعم أنه أسر صهاينة ليحرر أسراه[453]. فالقضية ليست حرباً لفلسطين، حتى يُقال أنه يستعين بالأسرى لقتال الصهاينة، مع أنَّ جهاد الصهاينة واجب قبل الأحداث وبعدها، ولا علاقة له بالثورة الخُمَيْنيَّة أصلاً[454].. فآلة الثورة الخُمَيْنيَّة[455] التي استولت على إيران؛ هي ثورة سياسية عنصرية الروح، تنزع إلى التعصب السياسي البغيض[456]، ليحقق مكاسب لثورة لها مشروعها العنصري الخاص، وتوظف التشيُّع لأطماع توسعية ذات أهداف خبيثة في غاية الخطورة على الأمة الإسلامية، يحمل في طياته نقض الدين، ويضرب عرض الحائط بأهداف الأمة وغايات دينها، ليثبت دين الفرس المجوسي الباطني[457]، كما أسردناه في مقدمة الرد على الرافضة، وما سوف تراه قريباً إن شاء الله. فاللهم إنا نشكو إليك عجز الثقات، وجَلَد أهل النفاق والشقاق..
فالجيش الإيراني في لبنان الذي يمثله حزب اللات إنما هو ورقة لعب تلعب بها إيران[458] في تنافسها مع الغرب الصليبي على الهيمنة على الأمة ومحاربة عقيدتها، فكانت إيران تريد أن تستعمل أوراق اللعب لتحوز على صفقة مع الغرب والصهاينة تحصل بها على أطماعها في العراق وغيره[459]، لتحقق هيمنتها على الخليج، ولتخدم أطماعهم التوسعية على حساب أهل السنة، بعد تقديم دماءهم ثمناً، ووحدة العراق قرباناً[460]..
وقد قدمنا سلفاً[461] عن عقائد الرافضة المنحرفة في القرآن، والغلو في آل البيت لدرجة عبادتهم إياهم مع الله، أومن دون الله، وحقدهم الدفين وتطاولهم القبيح على الصحابة الكرام وتكفيرهم إياهم إلاَّ مالا يتجاوز عدد أصابع اليدين فقط - بل وأقل- وطعنهم في عرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وزعم أنهن خانوه بعد وفاته، فجعلوا كل هذا تاريخاً عَبَرَ جميع أجيالهم[462]، إذْ هو تاريخ متوارث عندهم للخيانة الأولى في ترك عقد الولاية لعلي رضي الله عنه، فالدين لا يُؤخذ إلا من علي وفاطمة والحسن والحسين وذرّياتهم من الأئمة الإثني عشر إلى صاحب السرداب المتخندق في جحره الذليل؛ ينتظرون خروجه من سردابه الذي عشعش فيه الدبابير[463]، وما سوى هذا الدين؛ فضلال مبين عندهم، ناهيك عن دورهم الخطير الخبيث عبر التاريخ القديم والحديث في التآمر على أهل السنة مع أعداهم من التتار واليهود والصليبيين، وما سقوط بغداد عنا ببعيد[464]..
فحزب نصر اللات؛ حزب إيراني في لبنان، كما أن هناك أحزاب كثيرة غيره؛ منها في الجزيرة العربية تتربص بنا الدوائر- تخدع المنخدعين بشعاراتها الجوفاء- فهي متحالفة مع اليهود والصليبية على أهل السنة لتكوين دولة لهم في العراق، تكون بين إيران وسوريا ولبنان[465]، بصفقة ليس لها حدود، ولا يردعها أي رادع، فهي لا تستشعر يوماً في تأريخهم بأي انتماء لعقيدتنا ومنهاجنا، بل تناقضه تماماً[466]..
فمساعدة ومساندة حزب اللات إنما هو إنقاذ لثورة الخميني[467] المجوسية التي قتلت مئات الألوف من أهل السنة، ومازال الذَّبْح والتقتيل يجري إلى ساعتنا هذه، لا يفرقون بين الأطفال الرضع، ولا الشيوخ الركع، فهذا الحزب جزء من الثورة الخمينيَّة الباطنيَّة الخبيثة التي هي أشد على الإسلام من أحفاد القردة والخنازير، فكل معونة ومساندة لهذا الحزب إنما هي مساندة للثورة الخمينيَّة التي ظهرت خيانتها للأمة، وهي امتداد للخيانات الرافضية الغابرة التي اجتاحت الأمة على مر العصور، ولم تصبّ يوماً في مصلحة الإسلام ولا الأمة الإسلامية..
فهل نَسيَ المسلمون تحول المخيمات الفلسطينية الضواحي المحيطة بها إلى كتلة من لهب، وما فعله حافظ الأسد النُّصَيْري ضد الفلسطينيين واللبنانيين المسلمين؟!
وهل نسوا ما فعله الصدر عندما غدر وانضم إلى الجيش النُّصيري عند دخوله لبنان، وأمر منظمة أمل الشيعية التي تعمل في جيش لبنان بالانضمام إلى الجيش السوري[468]؟!
وأنا أستغرب! كم هي ضحالة فكر المغفلين من أهل السنة الذين يَفْصلون الحدث عن ماضيه، فنراهم يصفقون للذين قتلوا بالأمس رجالهم ونساءهم وأطفالهم، حتى الأجنَّة في بطون أمهاتهم لم تسلم من البطش والجبروت!!. وأستغرب من الذين يزعمون أنهم علماء الواقع كيف يتناسون ويتغافلون عن تعاون هؤلاء الأوباش مع اليهود ووقوفهم صفاً واحداً يتزعمه الأمريكان في هدف استئصال الوجود السني من لبنان ليأمن الكيان الصهيوني وينام قرير العين[469]؟!!.
ونحن هنا لا نريد تقديم دراسات تاريخية مفصلة، فهذا موجود في مرسوم الكتب لمن التمسها[470]، ولكننا هنا نعرض عرضاً موجزاً، نورد فيه بالأدلة القطعية أن الفرس والمجوس لم يتخلوا عن الكيد لديننا الإسلامي يوماً واحداً، فضلاً عما يربون عليه أجيالهم من حمل الأحقاد على أمتنا، والتربص بها للانتقام، فلهم مخططات نريد كشفها، وكشف أساليبها المبطنة المتناقضة، وكشف تأويلاتها الباطنية المغلَّفة المحملة بالعقائد المنحرفة المجوسيَّة الغَريبَة[471]..
وقد قدَّمنا، وسنقدم بدورنا قصداً موجزاً يشمل تقديم مراحل من التاريخ الذي برهن لنا أن كل الفرَق، وعلى رأسها الشيعة؛ قد تأثرت باليهود والنصارى والبوذيين، الذين هم بدورهم – أي الشيعة- يتعاونون مع أكثر الفرق في المؤامرات، فتراهم الآن في العراق ولبنان يستخدمون أساليب العنف والبطش والتفجير والتدمير والاغتيالات في المواطنين، قبل العدو الأول المحتل الغاصب لبلاد المسلمين.. فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يخدع المسلمين بالتكتم على حقيقة هذه الثورة وتصدير أهدافها، أو يزيّف وعي المسلمين بزعم أن هذه الثورة - سواء كانت في إيران أو العراق أو سوريا أو لبنان أو في غيرها- تخوض حرباً لصالح الأمة، فيُدعى لها بالعون والدعاء والمساندة، فقائل ذلك؛ غير ناصح للأمة البتة، بل غاش لها، فيصف واقعاً مغايراً للحقائق، فيه البلبلة والغش والخداع المناقض للنصيحة الواجبة شرعاً، إذ إنَّ قوله يكذبه الشرع ويناقضه الواقع، ويخالفه التأريخ لحقيقة الحزب الرافضي الشيطاني المجوسي، ويناقضه حقيقة وجوده في العالم بأسره، فيا للأسى على أمة جعلت لسانها خير سند لأعدا أعداء الإسلام[472]!!
الفتنة أكبر من القتل وأشد
المتتبع لأنشطة الرافضة ومخططاتهم ووسائل نشر دعوتهم في العالم الإسلامي، يرى أنهم قد وصلوا إلى التمكن في كثير من الأماكن، وضموا إليهم الكثير من الأحزاب الإسلامية المتفرقة، بل وإلى بعض الدول التي جعلوها ركائز لحركتهم الباطنية! ليبتلعوا باقيها في مستقبل مخططاتهم، كما فعل المجوس قديماً في بسط نفوذهم؛ بعدما قويت شوكتهم، واستفحل أمرهم، فرفعوا راياتهم في معظم بلدان العالم، حتى وصلوا إلى أنطاكية واليمن والرَّها ودمشق وبيت المقدس والإسكندرية، إلى أن جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم برسالته الجامعة الخالدة التي أوقفت الزحف الفارسي المجوسي، ومن معهم من عرب والوهم وانضموا معهم، وانحطَّ أمرهم سفلاً وذلاً ووهناً برجال أوفوا وصدقوا بما عاهدوا الله عليه، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر إحدى الحسنيين؛ النصر أو الشهادة، وما بدَّلوا تبديلا.. أما في زمننا هذا؛ فقد كانت بداية حركة الرافضة في العصر الحالي هي إزاحة التمييز بين الرافضة والسنة مؤقتاً؛ لنشر ما يريده الرافضة من مخططات في المستقبل، والتي في حقيقتها مرتبطة بعقائد الفرس القديمة..
فقامت الثورة الخُمَيْنيَّة الفارسية المتزمّتة التي شارك في تصميمها وتنفيذها وتضخيمها فرنسا وأمريكا، ومع الأسف قامت الأحزاب الإسلامية المغلوب على أمرها، وبعواطفها الحماسية الهوجاء بتأييدها والنفخ في بوقها، بحجة أنها ثورة إسلامية، ترفع شعار الإسلام، وتريد إعادة التراث الإسلامي المفقود، فقاموا بإعانة الرافضة في تصدير ثورتهم، فأحنوا رؤوسهم لهم، ليعيدوا دولتهم المجوسية الباطنية العُبَيْديَّة الفاطميَّة القُرمطيَّة، التي ما قامت إلا بعد قتلهم عمر الفاروق الذي به عز الإسلام، وذل أهل الشرك والمجوس، الذين منْ تشيُّعهم شتم عمر وسبه، لكونه هو الذي طهَّر الأرض من ظلمهم، وأطفأ بيوت نارهم[473].
فأهل السنة على مر العصور يعلمون أن ثورة القرامطة والعُبَيْديَّة المجوسية قد تظاهرت برفع شعار الإسلام، وأنها تنتمي إلى الإسلام، وأنها ترفع شعار حب آل بيت[474] النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هذه الثغرة استطاعوا قتل الكثير من المسلمين بدون رحمة ولا شفقة، فألحدوا في الحرم إلحاداً لم يسبقهم إليه أحد، ولا يلحقهم فيه أحد، فقتلوا في مكة ورحابها وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الكعبة من المسلمين الخلق الكثير، حتى أنهم هدموا زمزم، ودفنوا فيه القتلى، وقلعوا باب الكعبة، وقلعوا الحجر الأسود، وهو يقولون: أين الطير الأبابيل، أين الحجارة من سجيل، فأخذوا الحجر إلى بلادهم، ومكث عندهم اثنتين وعشرين سنة، وما حملهم على هذا الصنيع إلا الكفر والزندقة، وكانوا قبل إلحادهم في الحرم؛ قاموا بمذابح كبيرة في الكوفة، وتعرضوا قوافل الحجاج، فيقتّلون الرجال، ويسبون النساء، ووضعوا السيف في أهل البصرة[475]..
ونحن في هذه الفترة نرى أن التاريخ يعيد نفسه، فنحذر المسلمين من الوقوع في فتنتهم التي هي أشد من فتن اليهود والنصارى، بل شر من فتنة المجوس أنفسهم عبدة النيران والأوثان[476]..
وفي وقتنا الحاضر! يُرفع نفس الشعار؛ حب آل البيت[477]، الذي جعلوه شعاراً رابحاً، وورقة رائجة، وباباً واسعاً يدخلوا من خلاله إلى ترويج عقيدة المجوس التي تتألف من الحلول ووحدة الوجود وعصمة الشهود المقدسين عندهم..
ولا يخفى على أهل العلم أن دين الرافضة يقوم بتأليه عليٍّ رضي الله عنه كما تقدم الكلام في هذا في أعلاه، وهذه العقيدة هي نفس عقيدة اليهود في يوشع بن نون، والنصارى في عيسى ابن مريم عليهما السلام، والتي هي نفسها عقيدة التناسخ والرجعة بعد الموت عند المجوس، وهي نفسها التي أخذها الصوفية في علمهم في التأويل والباطن، وعلم الآفاق والأنفس، فهي كلها بجوهرها ومضمونها الواحد، وإن اختلف الأسماء والمسميات، فالتشيع والتصوف عبارة عن ستارة يتسترون بها لنشر معتقداتهم المجوسية..
وقد تكلمنا عن ابن سبأ سابقاً، ولا نريد أن نطيل، ففتنته أكبر فتنة مرَّت على الأمة الإسلامية، وقد امتدت في كل العصور، والله أكبر والمستعان..
ولكن أهل السنة كانوا عليهم بالمرصاد، حتى أن بعضهم – وهو المهدي العباسي- قد أنشأ هيئة مهمتها التنقيب والبحث عن الزنادقة وتتبعهم، والبطش بهم، وجعل لها رئيساً سماه (صاحب الزنادقة)، وقام بأمر تصنيف الكتب ليقيم البراهين على المعاندين، ويرد على الملحدين والجاحدين لدين سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، فأوضحوا رحمهم الله الحق للشاكّين[478]..
وهذا كان قبل ظهور القرامطة والعبيديين، الذين خلص المسلمين من شرورهم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله في عام568هـ ، ولكن لظهورهم الجديد الكثير من الإرهاصات التي نحن نعايشها اليوم في هذا الزمان[479]، والتاريخ يعيد نفسه، فكان عهد بني أمية الضرب من حديد على يد كل من أراد التخطيط لإقامة دولتهم المجوسية، حتى صاروا – أي المجوس - يعملون في الظلام، وبشدة كتمان..
أما العهد العباسي؛ فقد ظهرت حركات فارسية كثيرة، أظهروا الكثير من الشعائر الفارسية المجوسية، بل وتمكنوا من قيادة الجيوش العباسية، وصاروا وزراء توصلوا إلى أعلى المناصب، واقتسموا الولايات الإسلامية ونشروا الكفر والزندقة في كل مكان وطأته أقدامهم، بل وتمكَّنوا من تزويج بناتهم للخلفاء، فنشأ جيلاً ربَّاه الأخوال على معتقدات وثنية فارسية، تنشر التراث المجوسي، حتى قال المأمون بخلق القرآن، وما هي إلا فلسفة فارسية مجوسية؛ جاءت من تربية أخواله الفرس المجوس القائمين على أساس المعتقدات المجوسية..
ومع ذلك؛ فقد أطفأ الكثير منها أهل السنة في ذلك الوقت[480]، كالمنصور الذي قتل أبا مسلم الخُرساني الذي أسس حكم الفرس في خُرسان عام 132هـ ثم جاء المهدي العباسي فأنشأ هيئة التنقيب الآنفة الذكر[481]، والتي نحن بأمس الحاجة إلى مثل هذه الهيئة؛ والتي بمثلها نملك الدنيا والآخرة معاً..
ولكن الفتن المجوسية لم تنته! فالمؤامرات على مر العصور، والمخططات على انقضاء الدهور، فاستطاع المجوس من خُرسان نفسها إلى تقسيم الدولة الإسلامية في العصر العباسي إلى دويلات، وكان هذا بعد تولية المأمون لطاهر بن الحسين لبلاد خُرسان، وكان طاهرٌ هذا هو الذي قتل الأمين أخو المأمون عام 198هـ، فأسس دولته الطاهرية التي قامت في مرو ونيسابور، واستمرت حتى عام 259هـ ثم قامت بعدها باقي دول فارس من قرامطة في الإحساء والبحرين واليمن وعُمان وفي بلاد الشام، وجنوب العراق، والبويهيون في العراق وفارس وسائر المشرق، والعُبيديون في مصر والشام، وهم كلهم خليط مع سائر الفرق الباطنية، الحالية المعاصرة من نُصَيْريَّة، وإسماعيلية، ودرزية، وإسماعيلية، وصفويَّة، وبهائيَّة، وبابيَّة، وقاديانيَّة أحمديَّة، وحشَّاشون، وبهرة، وغيرهم في مختلف البلدان؛ من إيران والشام ولبنان والهند والقطيف ونجران، وحتى في أفريقيا وأوربا[482]..
فكان لكل منهم دعاة في كل قرية، يبشرون بمعتقدات المجوس؛ كالتناسخ والحلول ووحدة وجود، وهم يعملون بما يوحى إليهم من أوامر وأنظمة، كما هو الحال الآن في واقعنا الحاضر، وهو أقوى شاهد، وأوضح برهان[483]..
وقد كانت هذه الفرق على مر العصور عونا للحروب الصليبية والتتارية والمغولية ضد المسلمين، وسببا في احتلال النصارى لبلاد الشام في الحروب الصليبية، وفي سقوط بيت المقدس، وما دخلت فرنسا إلى بلاد الشام في مطلع هذا القرن إلا من طريق النُّصَيْريَّة، فصنعوا للنُصَيْريين دولة في الشام، يخططون من خلالها القضاء على الإسلام والمسلمين، بإقامة باقي دولهم في باقي مناطق الشام، بالدعم والتعاون مع إسرائيل وإيران والأمريكان[484]!
حتى أن الدروز قد عُلم منهم أنهم متطوعون في جيش الدفاع الإسرائيلي، ويعمل منهم مع العدو الصهيوني كجواسيس، فهم على اتصال مستمر مع الصهاينة لإقامة دولة لهم في سوريا ولبنان، والتاريخ يعيد نفسه، فقد دخلت فرنسا وغيرها من دول الغرب في هذا العام إلى لبنان عن طريق حزب اللات، الذي قدم شعب لبنان كبش فداء لهذا المخطط؛ والذي يريدون به التوسيع الإقليمي للرافضة[485]..
إيران في عهد البهلوي
لنرجع قليلاً إلى الوراء؛ لنذكر أحداثاً صنعت أحداث اليوم، ولنبين أن التنظيم الباطني الرافضي العالمي كان ولا يزال مرتبطاً بالزعماء قديماً، فتحالفهم مع الكفار من يهود ونصارى وغيرهم من الوثنيين قديم جداً، ولكننا هنا نرجع إلى تاريخ عصرنا الحاضر قليلاً وليس بعيداً، فهو مرتبط بالماضي حذو القُذَّة بالقُذَّة والحافر بالحافر، فرضا خان بهلوي؛ نصَّبته بريطانيا ملكاً على بلاد فارس عام 1925م، وكان لتنصيبه مصلحة حيوية لها، مع خوفها من الزحف الروسي الذي امتد على كثير من الدول المجاورة له..
وفي عام 1927م ألغى رضا خان أحكام الشريعة الإسلامية، ووضع قانوناً وضعياً مبني على أساس القانون الفرنسي، تمهيداً له بطريق معبَّد لإعادة مجد كسرى، وإرجاع الدين المجوسي في المنطقة، والكيد لدين الإسلام..
وفي عام 1930م فرض اللغة الفارسية بدلا من اللغة العربية، وهو بهذا يقتفي خُطَا صديقه الحميم كمال أتاتورك، وهما اللذان راجت بهما الفساد في العالم الإسلامي، وراجت فيهم المخدرات، والانحلال، وتفشي الإلحاد..
وفي عام 1935م غير اسم الدولة، فأصبحت إيران بدلاً من فارس، منفذاً لسياسة الإنجليز في حربها للإسلام والمسلمين، حتى أبعده أسياده الحلفاء عام 1941م واختاروا ابنه محمد رضا[486] ملكاً لإيران، وكان هذا على تربية بريطانية وثيقة، أوصلته بالاعتراف بإسرائيل، وإقامة علاقة قوية ووثيقة معها، ففتح لهم أوسع المجالات في الجيش، والاقتصاد الواسع في إيران..
أما في الخمسينيات – أي بعد عام 1950م – تولى الأمريكان حماية الشاه؛ فقدموا له السلاح والخبراء والجند، وجعلوا إيران مركزاً لحماية مصالحهم في شبه الجزيرة العربية، فموقع إيران موقع إستراتيجي مميز ومهم، فهي تطل على بحار عالمية تربط الشرق بالغرب، وتجاور دولاً كبرى كالاتحاد السوفيتي شمالاً، ودول الخليج والعراق غرباً، وهي من أكبر الدول تصديراً للبترول، وللغربيين وإسرائيل مصالح حيوية هناك، وتربطهم علاقات حميمة، ومعاهدات سياسية واقتصادية وعسكرية[487]..
ولكن الشاه بعد تمكنه في المنطقة؛ صار يطالب بأطماعه التوسعية في الخليج بعد انسحاب الإنجليز من الخليج عام 1971م؛ فقام باحتلال الجزر العربية أبو موسى، وطنب الكبرى والصغرى، ليكَوّن ضمان حريَّة الملاحة في منطقة الخليج، ولتكون منوطة بهم[488]..
فعندئذ ساءت علاقات الشاه مع الولايات المتحدة الأمريكية، لكون الشاه راح يخرج عن الدور المدعوم والمرسوم له من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فأخذ بكبريائه يتحدى من صَنَعَه، بل وربط مصيره به؛ فرفع أسعار النفط، فراحت أمريكا تبحث عن بديل للشاه، فكان الخميني المنفي من العراق إلى فرنسا هو صاحب البطولة التي استخدمته أمريكا، فكانت ثورة الخميني بإيحاء أمريكي، والتي كانت أمريكا هي صاحبة الدور الأول وراء خلع الشاه ومجيء الخميني[489]، ولم يكن هَمّ أمريكا شخصاً بعينه[490]، ولكن البحث القائم عندهم هو المحافظة على مصلحة أنفسهم، وخاصة مقابل المد الشيوعي الذي بدأ في تلك الآونة في نشاطه، وكان هذا المد منتفع من نظام الشاه، فاستغلت أمريكا التيار الديني الشيعي المشرئب بالغدر والخيانة المستمرة؛ لكونه هو التيار الغالب في إيران، وهم يعلمون أنهم مطايا لأعداء الإسلام في كل عصر ومصر، ويمكنهم احتوائه والسيطرة به على العالم، فكان لا بد لها من البحث عن شخصية تصلح للقيام بتغيير النظام[491]!
كسرى الجديد (الخميني)
ولكن الله تعالى أراد أمراً فقدره تقديرا؛ فقد قامت الثورة الخُمَيْنيَّة الكسْرَويَّة الإماميَّة الإسْماعيليَّة الجعفريَّة الرافضيَّة الصفويَّة المجوسيَّة الوثنيَّة الفاشلة[492]! فأطاحت بنظام الشَّاهنْشَاهي وأقامت نظام جمهوري في إيران لا يقل عن ديكتاتورية الشاه في قرن الشيطان، وقد كانت هذه الثورة تُعد من فرنسا (مَنْفَى الخميني نوفل لوشاتل) ومن هناك كانت التوجيهات والأوامر، وأيضاً من أمريكا التي من مبادئها المصلحة الذاتية، والتعامل مع كل بلد؛ لتبقى مصالحها مضمونة، مهما حصل من تغييرات وانقلابات لأعز الأصدقاء لها..
فكانت بداية التصدير لثورته – أي الخميني- قد امتدت على خطوط الحركات الإسلامية في مصر والهند وباكستان وإندونيسيا، وقد تأثرت هذه الحركات بالخميني الذي ظن به الناس أنه يريد تحكيم الشريعة الإسلامية، والرجوع إلى أصالتها، ومحاربة النفوذ الأجنبي، وتدمير قواعد الطغيان والتجبر، لهذا تراهم إلى الآن يركضون خلف هذه الثورة رغم فشلها، ويركضون خلف مقولة الخميني أن وحدة المسلمين لن تتحقق إلا بتأييد هذه الثورة، وما علموا أن الثورة إنما هي ذر للرماد في العيون، واتخاذها تَقيَّة لتنفيذ مخططات رهيبة؛ تريد بها نشر الطائفية، والتوسع الإقليمي الرافضي في العالم، فلا بد من التحذير من هذه الثورة وفروعها وجنودها، التي هي في حقيقتها مؤامرة خطيرة قد أعدَّها الخميني المتربص بالمسلمين دائرة السوء أكثر وأشد مما يفعله الكفار، ويستمر أتباعه بتكميلها؛ لتوسيع نطاقهم الإقليمي على الخليج والعراق والشام وجزيرة العرب وغيرها[493]، فالحذر الحذر من أعوان القردة والخنازير، فعليهم جميعاً دائرة السوء، وغضب الله عليهم، ولعنهم، وأعد لهم عذاباً أليما..آمين.
فالخميني الدَّجَّال الضَّال ينادي بحكومة شيعيَّة، وإمبراطورية إماميَّة جعفرية إسماعيلية كسْرَويَّة كبرى - ولا نقول إسلامية كما يقوله البعض- لها خلفيات وخطوط عريضة، فهو في كتبه لا يطرق أي موضوع ينادي بالتعاون مع السنة والاندماج معهم، لكونه يعلم أن السنة لا توافق مذهبه البتة، لهذا فهو في حكومته الشيعية يوجب أن يكون نواب الإمام المهدي – الإمام الغائب- هم المسئولون فيها، وأن الوحدة الإسلامية التي ينادي بها ما تكون إلا من منطلق عقيدته الشيعية وأصولها، كما في كتبه التي سطر فيها معتقداته وآرائه: "ولاية الفقيه" و"الحكومة الإسلامية" وكتاب "من هنا المنطلق" وكتاب "جهاد النفس" و"تحرير الوسيلة" فهو يرى أن غير هؤلاء النواب كفرة وظلمة، ويرى أن الحكومة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه هي الحكومة الشرعية، وغيرها ملغية، جاهلية، غير مُعترف بها، وهي عبارة عن ثغرة بين الحكومتين[494]، والحكومة التي بعد علي رضي الله عنه حكومات ملعونة كما قال في كتابه: "جهاد النفس": (معاوية ترأس قومه أربعين عاماً، ولكنه لم يكسب لنفسه سوى لعنة الدنيا، وعذاب الآخرة.)[495]
فهل يبقى البسطاء من الناس يقولون أن ثورة الخميني إسلامية، وليست طائفية؟! رغم تصريحات الخميني نفسه بأن ثورته شيعية المنطلق[496]!!
فهاهو الخميني عندما يتكلم عن القوانين الإسلامية؛ فهو لا يذكر إلا المصادر الشيعية، أما أصول ومصادر أهل السنة؛ فلا يذكرها البتة، بل يلمح على أنه لا يعترف بها أصلا، وأن ما خالفها فهو الرشاد، حتى لو كان ظاهر الحق عند أهل السنة، فيقول - مثلا- بصراحة ووقاحة: (وإن من ضروريات مذهبنا؛ أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرَّب، ولا نبي مرسل..)[497]
فالإمامة عنده ركن من أركان دين الشيعة[498]، ويجعلها كالشهادتين تُلقن للميت قبل موته، وُكتب على أكفانه، ولا يمكن أن يكون المسلم مسلماً حتى يكون الإيمان بالولاية جزء لا يتجزأ من الإيمان، فللأَئمَّة العصمة والمقام المحمود، والدرجة السامية، يسيطرون على جميع ذرَّات الكون، لا سهو فيهم ولا غفلة – أي لا سنَة ولا نوم- فهم عنده أنوار، ولهم مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل، ولهم تعاليم كتعاليم القرآن[499]، يجب تنفيذها، فهي كالوحي الإلهي، ولفاطمة مثل هذه المنزلة[500]..
فهل بقي لمثل هؤلاء إسلام؟! لهذا هم يحاربون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي كفر من قال بمقولتهم هذه[501]..
فأهل السنة عند الخميني نواصب، ابتداءً من عهد الصحابة وجيلهم الأول، إلى آخر الزمان، وإن كان في مجاميعهم ومصنفاتهم الحديثيَّة ما ينفي ذلك، لكون أئمته كانوا ينفون أن يكون أهل السنة محبي لآل البيت! فعنده أن من يرفض التلقي عن أئمتهم عن طريق كتبهم، وعلى رأسها "الكافي" فهو بلا ريب عندهم ناصبي، بل وكافر مرتد أكفر من اليهود والنصارى، ولا تجوز ذبيحته، بل ولا تجوز له الصدقة، ولا الصلاة عليه، وإن كان من الأقربين، ويجب إلحاقه بأهل الحرب، فيُباح ما اغتنم منه، وجواز أخذ ماله أينما وُجد، وبأي نحو كان، مع وجوب إخراج خمسه[502]..
ويؤيد ويوثق الخميني الضال الأثيم كتاب الشيعة "ضياء الصالحين" وفي هذا الكتاب السب والشتم لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمهات المؤمنين، فمن الذّكر الذي يتعبدون به: (من قال: اللهم العن الجبت والطاغوت – أبا بكر وعمر- كل غداة مرة واحدة؛ كتب الله له سبعين ألف حسنة، ومحا عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين درجة، وعن حمزة النيسابوري أنه قال: ذكرت ذلك لأبي جعفر الباقر فقال: ويُقضى له سبعون ألف ألْف حاجة، إنه واسع كريم.. ثم ردد: كل من لعنهما كل غداة مرة واحدة؛ لم يُكتب عليه ذنب اليوم حتى يمسي، ومن لعنهما في المساء لم يُكتب عليه ذنب حتى يصبح..)[503]
فالخميني عليه من الله ما يستحق يكفر الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فيفتي بإباحة دمائهم، ويحكم عليهم بأنهم أنجاس، ويعترف بأنه على دينٍ يغاير دين الصحابة ومن تبعهم، لدرجة أنه يكفر من يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة[504]!
فالخميني عليه من الله ما يستحقه، عندما يطعن في خير الناس، ويفتري على أتقى الناس، ويشتم أطهر الناس، تجده في المقابل يثني على شر الناس على وجه البسيطة؛ فتراه يثني ويشيد على ما فعله نصير التتار والشرك الطوسي وابن أبي الحديد والعلقمي في أمة الإسلام! فيقول: (ويشعر الناس بالخسارة أيضاً بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام.)[505]
وقال: (وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحداً منا بالدخول في ركب السلاطين، فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله، إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين، مثل دخول علي بن يقطين، ونصير الدين الطوسي، رحمهما الله.)[506]
وقد تقدَّم الكلام عن الطوسي الإسماعيلي الملحد مستشار التتار وقاضيهم المسئول عن المذبحة التي لم يُسمع بمثلها في كل العصور، والتي قامت في بغداد على يد هولاكو الوثني بتحريض وتسهيل منه ومن مستشاريه ابن أبي الحديد والعلقمي، الذين اتخذهم الخميني قدوة له، وأن النصر الحقيقي الذي يراه هو التذبيح لأهل السنة، بالتعاون مع أعداء الإسلام، لهذا تراه قد أجاز خدمة الطوسي ومستشاريه للتتار الغزاة[507]..
قال ابن القيم رحمه الله في "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" عن وزير الملاحدة؛ النَّصير الطُّوسي: (ولما انتهت النوبة إلى نصير الشرك والكفر المُلْحد، وزير الملاحدة، النصير الطوسي وزير هولاكو، شفا نفسه من أتباع الرسول وأهل دينه، فعَرَضَهم على السَّيف، حتى شفا إخوانه من الملاحدَة، واشْتَفَى هو، فقتل الخليفة والقُضاة والفقهاء والمحدّثين، واسْتَبْقَى الفلاسفة، والمنجّمين، والطبائعيّين، والسَّحَرَة، ونقل أوقاف: المدارس، والمساجد، والرُّبُط إليهم، وجعلهم خاصته وأولياءَه، ونصَرَ في كتبه قدَم العالم، وبطلان المعاد، وإنكار صفات الرب جل جلاله: من علمه، وقدرته، وحياته، وسمعه، وبصره، وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، وليس فوق العرش إلهٌ يُعبد البتَّه. واتخذ للملاحدة مدارسَ، ورام جعل إشارات إمام الملحدين ابن سينا مكان القرآن، فلم يقدر على ذلك. فقال: هي قرآن الخواصّ. وذلك قرآن العوام. ورام تغييرَ الصلاة، وجعلها صلاتين، فلم يتمَّ له الأمر، فكان ساحراً يعبد الأصنامَ. وصارع محمدٌ الشهرستانيُّ ابنَ سينا في كتاب سماه: "المصارعة"، أبطل فيه قوله بقدم العالم وإنكار المعاد، ونفي علم الرب تعالى قدرته، وخلقه العالم. فقام له نصير الإلحاد وقعد، ونقضه بكتاب سماه: "مصارعةُ المصارعة" – ووقفنا على الكتابين- نصر فيه: أن الله تعالى لم يخلق السماوات والأرض في ستة أيام، وأنه لا يعلم شيئاً، وأنه لا يفعلُ شيئاً بقدرته واختياره، ولا يبعث من في القبور.
وبالجملة فكان هذا الملحدُ هو وأتباعُهُ من الملحدين الكافرين بالله، وملائكته، وكتبه، ورُسُله، واليوم الآخر. والفلسفة التي يقرؤها أتباعُ هؤلاء اليوم هي مأخوذة عنه وعن إمامه ابن سينا، وبعضُها عن أبي نصر الفارابي، وشيء يسيرٌ منها من كلام أرسطو، وهو- مع قلّته وغَثاثَته وركاكة ألفاظه- كثيرُ التطويل، لا فائدةَ فيه.)[508] انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
ونحن لا ننسى استمرار أحفاد نصير التتار بالخيانة، فقد استخدم النصارى الشيعةَ في حروبهم الصليبية المشهورة، وعملت الدولة العُبَيْديَّة المجوسية كل ما تقدر عليه من أجل تثبيت أقدام الصليبيين في مصر والشام، كما استخدمهم البرتغاليون والإنجليز ضد الدولة العثمانية، وهاهم اليوم الأمريكان يستوردون البترول من إيران، وتورده إيران إلى إسرائيل، فالولايات المتحدة الأمريكية - التي هي أكثر يهودية من اليهود- هي راعية الثورة الخمينيَّة، وهي التي يتلقى الخميني منهم التوجيهات، رضي أم أبى أهل فقه الواقع، الذين غرتهم الشعارات الخُمَيْنيَّة؛ التي رُفعت تقيَّة بأن أمريكا وراء الاضطهاد لشعوب العالم الإسلامي! فما لبث العالم بأن فوجئ بأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت من أول الدول التي اعترفت بالنظام الخميني الجديد في طهران، فأظهرت ما كان يتظاهر به الشقيقان تقيَّة؛ بأنهما متخاصمان، متنافران، وفي الحقيقة أنهما عميلان متقاسمان، قد احتويا الثورة التي هي أعدى ثورة للإسلام والمسلمين[509]!
فللخميني علاقات قوية مع البابا وأعوانه، فعندما نجحت ثورته؛ سارع البابا يوحنا بولس الثاني[510] بتأييد الثورة، فقد كان الخميني يسلّم على رجال الدين النصارى ويدعوهم للدعاء لثورته، ويدَّعي أنهم يحملون تعاليم عيسى ابن مريم عليهما السلام، ويريد التقارب إليهم[511]!
ونحن نقول: إن إيمان النصارى بعيسى ابن مريم لا يختلف عن إيمان الرافضة بمحمد عليه الصلاة والسلام، فيرجو الخميني الدعاء من القائلين بأن الله ثالث ثلاثة، وينتظر الفرج من صلاتهم الوثنية، فتشابهت قلوبهم وأوثانهم!!
بل وللخميني دور مع السوفيت، فلم يتضرر السوفيت من ثورة الخميني[512]، بل اعتبرت ثورته تعادل الثورة الماركسية التي جعلت شعارها حرب الله والرسل واليوم الآخر، فتشابهت معها في تقتيل المسلمين بالملايين[513]، وسب حواريي النبيين، والطعن في حملة الدين إلى يوم الدين.. هكذا يجتمع الخميني الضال في ثورته مع النصارى والشيوعيين؛ ليبرهن للناس أن ثورته هي نفسها ثورة ابن سبأ اليهودي المجوسي الوثني، والذي ما أنشأ ثورته إلا من وراء الكيان اليهودي الفاجر..
فاليهود والنصارى وراء كل بلاء يعيش فيه المسلمون في هذا الزمان، فهم الذين أعطوا لليهود فلسطينَ بوعد بلفور، وهم الذين مكَّنوا لإيران احتلال الجزر العربية الإستراتيجية الثلاث قبل انسحابهم من الخليج، لهذا كان الخميني يعترف لهم بالوفاء، فهو شريك لهم بالإحاطة بالمسلمين من جميع الجهات؛ فاليهود في فلسطين وشمال الجزيرة العربية في العقبة وإيلات مع الممرات المائية ومياه البحر المتوسط، وفي الشرق الجزر الثلاث المحتلة المائية في طريق مضيق هرمز، والأحواز في الشمال الشرقي في شط العرب، والأحباش الصليبيون على ساحل البحر الأحمر، فالخليج بجميع جزره وشواطئه فارسياً، وليس عربياً بزعمهم، فهم يحاولون الاستيلاء على كل الجزر والشواطئ الخليجية، ويضمونها إلى الإمبراطورية الإيرانية الأعجمية الفارسية الكسروية[514]المجوسية المنشودة لهم..
مع العلم أن الخليج العربي ليس فارسياً البتة، بل هو عربي قد عاش على شواطئه القضاعيُّون وربيعة وإياد والأزد وأهل الأحواز منذ القديم من العصور.[515] والفرس قد احتلوا البحرين من ربيعة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم تحررت عندما دخلت الإسلام على يد القائد المسلم العلاء بن الحضرمي، فعاشت البحرين مسلمة عربية في عهد الخلافة الراشدة وبني أمية وبني العباس، حتى تمكن الزنج الباطنيون من احتلالها عام 249هـ ثم القرامطة بعد الزنج، حتى الأحواز (عربستان) أو (خوزستان) فقد سكنها العرب في قديم العصور، وفتحها المسلمون عام 17هـ أيام الخليفة الحق الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه حتى أُلْحقَت بالبصرة، إلى أن تعرضت لهجمات المغول الذين دمروا معالم الحضارة الإسلامية، وقتلوا الكثير من أبناء المسلمين، بمساعدة الرافضة الباطنيين، ثم تحررت مرة أخرى من أيدي الفرس الغاصبين على يد بني أسد، وبني كعب[516]..
ولايــة الفقيــه
ومن العجب ترى عجباً؛ لما رأى الخميني أن إمَامَهُ المحبوس في سردابه لم يخرج، وطال عليه الأمد؛ قام بتأليف أسطورة جديدة خيالية، فأفتى بالإنابة عنه في كل شيء إلى أن يخرج، فيتولى النيابة، ويقيم الدولة والثورة، فكتب رأيه في كتابه "الحكومة الإسلامية" أو "ولاية الفقيه" بأن يقوم أحد فقهاء الشيعة في إحياء قضية الإمامة الغائبة في صورة نيَابيَّة تُعتبر توأم الإمامة - تذكرنا بمعبودات اليونان الوثنية، وبوضع الباباوات والقسس في النظام الكنسي، الذين هم نواب المسيح عليه السلام بزعمهم- فوضع الخميني نفسه الإمام النائب عن الغائب، فهو نائب عن الإمام المُتَسَرْدبْ في جميع وظائفه وخصائصه، الذي من رد عليه؛ فكأنما رد على الله، وأشرك بالله[517].
فثورة الخميني ما هي إلا لتمهيد خروج المهدي[518] الذي بزعمهم أنه سوف ينجح فيما فشل فيه النبي e[519]، فلعنة الله على الكافرين. وقد اعترض عليه بعض الشيعة؛ لكونهم لم يصلوا لمرحلته التي استحوذ بها على فيوضات النيابة عن المعصوم المحشور في سردابه، فاعترضوا عليه..
فالقرضاوي ينادي بالتلاحم معهم، ويتعلق هو وشيخه الغزالي إلى آمالٍ واسعة مع حركة الخميني التي تبارك ما عمله الطوسي في هدم الخلافة الإسلامية، وبناء الخلافة الرافضيَّة، مع علمهما – أي الغزالي وتلميذه القرضاوي- أن بداية الرافضة مؤسس من قبل اليهود، والتي أنشأها ابن سبأ وشركاؤه الباطنيون، ويعلمان أنَّ القرامطة والبويهيون والعبيدون، وما تفرع عنهم من بهائية وبابيَّة ونُصيريَّة وقاديانيَّة أحمدية[520] ودروز وإسماعيليَّة وصفويَّة وحشاشون وبهرة...إلا من ثمرات الغلو الرافضي، فما أظن أن القرضاوي وشيخه يجهلان ما عَلمَهُ أصغر طالب علم مسلم! ولكنه هوَ هُوَ الاتجاه الذي انطلق من الولاء الحزبي، الذي لم يصدر، ولن يصدر عن وعي وتصور لعقيدة وطائفة الشيعة الرافضة، ولكنه صدر من خضم العواطف المتعطّشة؛ التي تنادي بدولة الإسلام بدون تروٍ ولا وزنٍ للأمور، حتى لو كانت دولة شيعية المنطلق، كما صدر في منشوراتهم: أن الثورة التي يريدها الله: شيعية المنطلق، إسلامية الصيغة، عالمية الأهداف!
فإلى متى يستخف الشيعة عقول أصحاب التيارات وأفكارهم، وإلى متى يبني أصحاب التيارات مواقفهم بدون دليل أو بينة؟؟!! فإن كنت لا تعلم... وإن كنت تعلم.. أعظم..املأ الفراغات!
لهذا؛ فلا تستغرب ما فعلته الحركات الإسلامية في مصر والسودان وإندونيسيا والباكستان والهند من مظاهرات يرفعون بها شعار حزب اللاّت الرافضي اللبناني، والدعاء له في خطبهم، ومسيراتهم..
وهذه الحركات - مع الأسف الشديد- لم تكلف نفسها يوماً من الأيام بدراسة عقيدة الرافضة، وما فيها من زيغ وزندقة وانحراف، فهم لم يحاولوا يوماً متابعة أخبارهم ومؤامراتهم التي لا يجهلها طالب علم سنّي، فضلا عن العامة في بلاد التوحيد، فتراهم – أي أصحاب الحركات- يتباكون على الفرقة القائمة بين المسلمين، ويرفعون شعار حزب الشيطان اللبناني الرافضي بحجة أنه يحارب اليهود، ويرفع شعاره في أوساط السنة تحت ستار جمع كلمة المسلمين، ومحبة آل بيت النبي الطاهرين، فقام ضعاف النفوس من كل الجماعات المتفرقة القائمة بين المسلمين – إلا من رحم الله وقليل ما هم- بنفخ بوق الشيعة، وتشييد مذهبهم في مقالاتهم وخطبهم ودروسهم التي تناسوا عقيدة الشيعة تقيةً.. فإلى الله المشتكى.. شبهٌ تَهَافَت كالزُّجاج تخالها حقــاً وكـل كـاســـر ومكســـور
فأنا وغيري لا ندري ما الأساس الذي اعتمد عليه أصحاب الشعارات!! فهل يجوز عندهم أن تكون آراؤنا السياسية منفصلة عن العقيدة والنصوص والأدلة الشرعية، وهل يجوز أن يحكموا بغير ما أنزل الله، وهم يكفرون من حكم بغير حكم الله؟! وهل الذين أيَّدوا الرافضة وحزب اللات والزلات، وطالبوا بالوقوف معهم، هل هم أعلم من العلماء الذين حرصوا على جمع كلمة المسلمين، بالتحذير من الرافضة المارقة من الدين؛ الذين كذبوا على الله، وعلى رسول الله، وعلى أصحاب رسول الله، وعلى آله عليٍّ وأبنائه الذين يقولون بعصمتهم، وملئوا التاريخ دساً وافتراءً؟!
فإني لا أرى طلب الوحدة بيننا وبينهم إلا مطلباً يُنشد بأرخص الأثمان وأبخسها، فيقوم على تأييد الشرك، والثنية، والغلو، والطعن في خير الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام!!
لقد ساوم أصحاب التيارات على الدين، ومَيَّعوه بأساليب تياراتهم الفاجرة الجائرة، وظنوا أن القوة بالكثرة، لا بالعقيدة الصافية من الكُدْرَة! فمثلهم كمثل الذي أراد تبليط البحر، وطلاء الهواء!
ونحن إذا عرفنا حقيقة الرافضة، واعتقادهم أن الحكومة لا يمكن أن تكون إسلامية إلا إذا كانت جعفرية رافضية إثنى عشرية، غير قابلة للتغيير إلى الأبد، وأن الحكم محصور لهم وفيهم، والنظام يقوم على أساس قرآنهم وسنة معصوميهم من أئمتهم - وليس على سنة المصطفى المعصوم محمد صلى الله عليه وآله وسلم- وأن وليّ الفقيه في عصر غيبته؛ هو الوصي والإمام للمسلمين وقائدهم، وقائد ولاية أمرهم، وأن من لم يؤمن بركن من أركان عقيدتهم؛ ليس مسلماً، فهل نستمر في الغفلة، بحيث نتفاءل في ثورات الرافضة التي ما تريد إلا توسيع النطاق الإقليمي الرافضي الوثني الذي يمتد ويشمل جميع البلدان الإسلامية، تحت قيادة إيرانية؟!
فالرافضة مقبلون على مخطط جديد يريدون تنفيذه[521]، وسوف يكون وجودهم بين أظهرنا أخطر من وجود أي ملة على وجه البسيطة[522]، فماذا نقول في الرايات الإسلامية التي ما زالت تطيّب خاطر الشيعة، وتتمنى لهم النصر، فيلقون بزمام عقولهم، وأزمَّة عواطفهم، ينتقلون بهما من جاهلية إلى جاهلية، ومن رقّ إلى رقّ، ومن شعارات زائفة إلى شعارات أزيف تهتف بالتغيير والتحرير، وفي حقيقتها تغرير إلى تغرير، بنفس مخدّر الحماسة الخاسر، وربما يكون التخدير أقوى لا يقوم بعدها المخَدَّر أبدا، فيموت دماغياً، لا يعي، ولا ينظر، ولا يسمع، ولا حتى يحس، فوالله إن لم ينتبه المسلمون لهذا الوضع؛ فسوف نكون جميعاً على خطر، بل سوف يعمّ الخطر العالم الإسلامي بأجمعه، فاللهم سَلّمْ سَلّمْ[523].
المتعة لا يشترط أن تكون فيها المرأة بالغة
قال الموسوي في كتابه[524] ما يثبت أن الخميني أجاز التمتع بمن هي دون العاشرة؛ فروى قصة تشمئز لها النفوس وتقشعر لها الأبدان....وتحدث عن الفترة التي أقام فيها الخميني في العراق وكان على علاقة وثيقة به وكيف أنهما سافرا إلى مدينة تلعفر غرب الموصل بالسيارة بهدف نشر التشيع بين أهل هذه المدينة، فيقول الموسوي بالنَّص (لما انتهت رحلتنا رجعنا، وفي طريق عودتنا أراد الإمام أن يرتاح من السفر فأمر بالتوجه إلى منطقة العطيفية حيث يسكن هناك رجل إيراني الأصل يقال له (سيد صاحب)، كان بينه وبين الإمام معرفة قوية، فرح سيد بوصولنا، فصنع لنا غذاء فاخراً، واتصل ببعض أقاربه فحضروا وطلب (سيد صاحب) إلينا المبيت عنده تلك الليلة، فوافق الإمام، ثم أتونا بالعشاء، وكان الحاضرون يقبّلون يد الإمام ويسألونه ويجيب عليهم، ولما حان وقت النوم، وكان الحاضرون انصرفوا إلاَّ أهل الدار، أبصر الإمام الخميني صبيَّة بعمر أربع سنوات أو خمس، ولكنها جميلة جداً، فطلب الإمام من أبيها (سيد صاحب) إحضارها للتمتع بها، فوافق أبوها بفرح بالغ، فبات الإمام الخميني والصبية في حضنه، ونحن نسمع بكاءها وصريخها!!. المهم أنه أمضى تلك الليلة، فلما أصبح الصباح وجلسنا لتناول الإفطار، نظر إليَّ! فوجد علامات الإنكار واضحة في وجهي، فقال لي: سيد موسوي! ما تقول في التمتع بالطفلة؟! قلت له: سيد! القول قولك، والصواب فعلك، وأنت إمام مجتهد، ولا يمكن لمثلي أن يرى أو يقول إلا ما تراه أو تقوله، ومعلوم أني لا يمكنني الاعتراض وقت ذاك. فقال الخميني إن التمتع بها جائز ولكن بالمداعبة والتقبيل والتَّفخيذ!!؟
وحتى لا يشك أحد في هذه الرواية المقززة أردف الموسوي قائلاً: وكان الإمام الخميني يرى جواز التمتع حتى بالرضيعة فقال (لا بأس بالتمتع بالرضيعة ضماً وتفخيذاً – أي يضع ذكره بين فخذيها – وتقبيلاً)[525]
ثم تناول الموسوي في كتابه كيف كان الأئمة والمراجع يكيلون بمكيالين في هذا الخصوص فأورد إجابة الإمام الخوئي لما طلب منه أحد المغتربين التمتع بإبنته لمدة شهرين لحين عودته لأهله (فحملق فيه الخوئي هنيهة ثم قال: أنا سيد وهذا حرام على السادة وحلال عند عوام الشيعة) وبعد أن خرج السائل لحق به الموسوي خارجاً وقال بالنص: (أنفجر الشاب الشيعي قائلاً: يا مجرمين! تبيحون لأنفسكم التمتع ببناتنا وتخبروننا بأنه حلال وأنكم تتقربون إلى الله بذلك وتحرمون علينا التمتع ببناتكم؟! وراح يسب ويشتم، وأقسم أنه سيتحول إلى مذهب أهل السنة، فأخذتُ أهدّئه ثم أقسمت له أن المتعة حرام وبيَّنت له الأدلة على ذلك) انتهى كلام الموسوي[526]
يقول الموسوي: (وكم من متمتع جمع بين المرأة وأمها وبين المرأة وأختها.. قال: جاءتني امرأة تستفسر مني عن حادثة حصلت معها! إذ أخبرتني أن أحد السادة هو السيد حسين الصدر كان قد تمتع بها قبل أكثر من عشرين سنة، فحملت منه، ولما أشبع رغبته منها فارقها، وبعدها رزقت ببنت منه هو, إذ لم يتمتع بها وقت ذاك أحد غيره، وما أن كبرت البنت وتأهلت للزواج وصارت شابة جميلة؛ اكتشفت الأم أن ابنتها حبلى! فلما سألتها عن سبب حملها؟! أخبرتها أن السيد المذكور استمتع بها فحملت منه، فدهشت الأم وفقدت صوابها! إذ أخبرتها أن هذا السيد هو أبوها وأخبرتها بالقصة.
فكيف يتمتع بالأم اليوم ثم يتمتع بابنتها التي هي ابنته.
يقول المؤلف حسين الموسوي في خاتمة كتابه: بعد هذه الرحلة المرهقة في بيان الحقائق المؤلمة ما الذي يجب عَلَيَّ فعله؟ هل أبقى في مكاني ومنصبي وأجمع الأموال الضخمة من البسطاء والسذج باسم الخُمس والتبرعات للمشاهد وأركب السيارات الفاخرة وأتمتع بالجميلات؟ أم أترك عرض الدنيا الزائل وأبتعد عن هذه المحرمات وأصدع بالحق لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس. ثم روى حديث لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب يبين حقيقة الشيعة قال: (لو ميزت شيعتي لما وجدتهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين، ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد)[527]
ويقول الموسوي في موضع آخر من نفس الكتاب: (وعرفت أن التشيع قد عبثت به أيادي خفية هي التي صنعت فيه ما صنعت كما أوضحنا في الفصول السابقة، فما الذي يبقيني في التشيع بعد ذلك؟ ولهذا ورد عن محمد بن سليمان عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك فإنا قد نبزنا نبزاً أثقل ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلت له الولاة دماءنا. قال أبو عبد الله عليه السلام: الرافضة؟ فقلت: نعم. قال: لا والله ما هم سموكم به ولكن الله سماكم به)[528].
فإذا كان أبو عبد الله قد شهد عليهم بأنهم رافضة وأن الله تعالى سماهم به فما الذي يبقيني معهم؟
(وعن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله يقول: لو قام قائمنا بدأ بكذاب الشيعة فقتلهم)[529].
يقول الموسوي: لماذا يبدأ بكذاب الشيعة فيقتلهم؟ يقتلهم قبل غيرهم؛ لقباحة ما افتروه وجعلوه ديناً يتقربون به إلى الله تعالى كقولهم بإباحة المتعة واللواطة وقولهم بوجوب إخراج خمس الأموال وكقولهم بتحريف القرآن والبداء لله تعالى ورجعة الأئمة، وكل السادة الفقهاء والمجتهدين يؤمنون بهذه العقائد وغيرها، فمن منهم سينجو من سيف القائم عجل الله فرجه[530].
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا وهي فيمن ينتحل التشيع)[531] فكيف يمكنني أن أبقى معهم بعد ما قيل.
وفي نهاية كتابه يقول الموسوي: (لقد أخذ الله تعالى العهد على أهل العلم أن يبينوا للناس الحق، وها أنا ذا أبينه للناس وأوقظ النيام الغافلين، وأدعوا هذه العشائر العربية الأصيلة أن ترجع إلى أصلها، وألاّ تبقى تحت تأثير أصحاب العمائم "السوداء" الذين يأخذون منهم أموالهم باسم الخمس والتبرعات للمشاهد ويعتدون على شرف نسائهم باسم المتعة. وبهذا أكون قد أديت جزءاً من الواجب). انتهى كلام حسين الموسوي في كتابه كشف الأسرار.
الرافضة والصوفية وثنيون والدليل على ذلك
إن البلاء العريض الذي وقع لدعاة التقريب؛ هو الإغفال والتهوين من الوثنية التي وقع فيها الكثير من الفرق، حتى زعم بعضهم أن التحدث في هذه الموضوعات من المسائل المنقرضة التي اندثرت في ظل الحضارات المعاصرة!
والغريب العجيب أن واقعنا المعاصر يشهد بضد هذا الزعم؛ فهاهي عقائد الصوفية والشيعة مرسومة في كتبهم القديمة والحديثة، لا يتنازلون عن حرف واحد منها، وكأنها قرآن منزل والعياذ بالله، ففيها الوثنية القبوريَّة التي لا ينكرها إلا من مرض قلبه بالتعلق بغير الله تعالى..[532]
فها هي الأضرحة التي يتعلق بها الشيعة والصوفية والتي يعتبرها روادها أعظم من الحج بمئات بل بآلاف المرات، وسنفرد فصلاً في هذا الباب إن شاء الله تعالى إن تيسَّر لنا، نبين فيه كيف غلت الأمة في القبور، وأن الشيعة الرافضة من أكثر الفرق غلواً، كون منشأ الشيعة منشأً يهودياً، بل وأسوأ من عقائد اليهود في كيدهم على الإسلام والمسلمين، ثم تبعهم الصوفية الغالية التي كونت علاقة بينها وبين الشيعة، فجامعتها، وبذرت في أحشائهم عقيدتهم في الغلو في كافة اتجاهاتها، فأنجبت الربيبة التي تداخلت مع الشيعة عرْقياً وروحياً في كثير من العقائد والمبادئ والأصول[533].
وهنا نريد أن ننظر إلى نظرة الخميني وصور التصوف فيه في أوضح مظاهره، ففي كتابه ( مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية):
1 - قوله بالحلول الخاص: يقول الخميني عن أمير المؤمنين رضي الله عنه: (خليفته (يعني خليفة الرسول e) القائم مقامه في الملك والملكوت، المتحد بحقيقته في حضرت الجبروت واللاهوت، أصل شجرة طوبى، وحقيقة سدرة المنتهى، الرفيق الأعلى في مقام أو أدنى، معلم الروحانيين، ومؤيد الأنبياء والمرسلين علي أمير المؤمنين)[534].
فقوله هذا هو بعينه قول النصارى الذين قالوا باتحاد اللاهوت بالنَّاسوت، فالصوفية تشبههم في ذلك، لذلك نرى هذه العقيدة وغيرها من العقائد الفاسدة والآراء الكاسدة التي يتبناها الرافضة والصوفية ما لا يمكن ردها للمصادر الإسلامية في الكتاب والسنة، فمن قبل زعمت غلاة الرافضة أن الله حلَّ في عليٍّ رضي الله عنه ولا تزال مثل هذه الأفكار الغالية والإلحادية تعشعش في أذهان هؤلاء الشيوخ كما ترى هنا، وكما بيناه في ثنايا الأقسام السابقة من هذا المجلد.
فتناسخ الأرواح وتجسيم الله وحلوله ومثل ذلك من الأقوال كانت معروفة عند البراهمة والمجوس، ومن هذا المنطلق نسب الخميني الهالك إلى علي قوله: (كنت مع الأنبياء باطناً ومع رسول الله ظاهراً)[535]. ويعلق عليه الخميني قائلاً: (فإنه عليه السلام صاحب الولاية المطلقة الكلية، والولاية باطن الخلافة.. فهو عليه السلام بمقام ولايته الكلية قائم على كل نفس بما كسبت، ومع الأشياء مَعيَّة قيُّوميَّة ظلّيَة إلهيَّة ظل المعية القيُّومية الحقَّة الإلهية، إلا أن الولاية لما كانت في الأنبياء أكثر خصهم بالذكر)[536].
فيعلق الخميني على تلك الكلمة الموغلة في الغلو، والمنسوبة زوراً للرجل الفاضل أمير المؤمنين رضي الله عنه بما هو أشد منها غلواً وتطرفاً، فهو عنده ليس قائماً على الأنبياء فحسب بل على كل نفس. ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
فالفرس كانت ملوكهم أشخاص مقدَّسون ينتقل الملك في أبنائهم عن طريق الوراثة الدينية، وهذه هي الفكرة الشيعية في وراثة آل البيت للخلافة وتقديسهم الأئمة العلويين، ففي زعمهم بحلول الله في أجساد أئمتهم؛ يقول الخميني الضال المشرك تحت قوله تعالى:
}اللهُ الَّذي رَفَعَ السَّمَاوَات بغَيْر عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ يَجْري لأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبّرُ الأَمْرَ يُفَصّلُ الآَيَات لَعَلَّكُمْ بلقَاء رَبّكُمْ تُوقنُونَ{ الرعد2 قال الضال المشرك: (أي ربكم الذي هو الإمام)[537]. وهذا الكلام تأليه صريح لعلي رضي الله عنه، فهو الذي لا يخفى عليه من العلم ولا يخطئ لا عمداً ولا سهواً ولا رشداً، ولو كان عليّ موجوداً لأحرقهم بالنار، ولقتلهم أشد قتلة كما فعل بأسلافهم[538].
2 - قوله بالحلول والاتحاد الكلي: وتجاوز الخميني مرحلة القول بالحلول الجزئي، أو الحلول الخاص بعلي إلى القول بالحلول العام، فيقول بعد أن تحدث عن التوحيد ومقاماته حسب تصوره: (النتيجة لكل المقامات والتوحيدات عدم رؤية فعل وصفة حتى من الله تعالى ونفي الكثرة بالكلية وشهود الوحدة الصرفة..)[539].. ثم ينقل عن أحد أئمته أنه قال: (لنا مع الله حالات هُو هوَ ونحن نحن، وهو نحن، ونحن هو)[540].. ثم يعلق بقوله: (وكلمات أهل المعرفة خصوصاً الشيخ الكبير[541] محي الدين مشحونة بأمثال ذلك مثل قوله: الحق خلق، والخلق حق، والحق حق، والخلق خلق). ثم نقل جملة من كلام شيخه وإمامه ابن عربي (النكرة) الملحد الهالك، وقال: (لا ظهور ولا وجود إلا له تبارك وتعالى والعالم خيال عند الأحرار)[542]. والخميني الهالك تراه يستدل كثيراً على مذهبه بأقوال ابن عربي الملحد الوجودي والذي يصفه بالشيخ الكبير. وبهذا يتبين لنا أن الخميني قد ورث عقيدة الحلول من أئمته ابن عربي والقونوي وكلاهما من دعاة وحدة الوجود ومن الصوفية الغلاة الذين يدل بأن فكرهم ممزوج بالأفكار اليهودية والنصرانية والمجوسية، وكلها وثنية[543]. وقد أفتى كثير من أهل العلم بكفر ابن عربي حتى ألف فيه الإمام برهان الدين البقاعي مؤلفاً بعنوان "تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي".
3- دعوى النبوة: أفرزت لوثات التصوف وخيالات الفلسفة عنده دعوى غريبة خبيثة وكفراً صريحاً حيث رسم للسالك أسفاراً أربعة: (ينتهي السفر الأول إلى مقام الفناء وفيه السر الخفي والأخفى.. ويصدر عنه الشطح فيحكم بكفره فإن تداركته العناية الإلهية.. فيقر بالعبودية بعد الظهور بالربوبية) [544]
وينتهي السفر الثاني عنده إلى أن (تصير ولايته تامة، وتفنى ذاته وصفاته وأفعاله في ذات الحق وصفاته وأفعاله، وفيه يحصل الفناء عن الفنائية أيضاً الذي هو مقام الأخفى، وتتم دائرة الولاية)[545].
أما السفر الثالث فإنه (يحصل له الصحو التام ويبقى بإبقاء الله، ويسافر في عوالم الجبروت والملكوت والنَّاسوت، ويحصل له حظ من النبوة، وليست له نبوة التشريع، وحينئذ ينتهي السفر الثالث ويأخذ في السفر الرابع)[546].
وبالسفر الرابع (يكون نبياً بنبوة التشريع)[547].
انظروا إلى الكفر الصريح في كلام الخميني الهالك، والإلحاد المكشوف، كفر بالنبوة وبالأنبياء، وخروج عن دين الإسلام.
وقد ذكر (أن الفقيه الرافضي بمنزلة موسى وعيسى)[548]. وقد قال أحد مسؤلي إيران: (إن الخميني أعظم من النبي موسى وهارون). وقد قارن الرافضي المعاصر (محمد جواد مغنية) بين الخميني الهالك ونبي الله موسى مقارنة سيئة توضح مدى تقديمهم الخميني وحبه على أنبياء الله تعالى.
وموسى عليه السلام أكرم وأعظم من أن يقارن بصفوة الصالحين فكيف يفضل عليه الخميني الهالك، ولكنه منطق الغلاة الذين فرغت قلوبهم من حب الأنبياء وأشبعت بحب الخميني والأئمة حتى قدموهم على أنبياء الله والعياذ بالله من سوء العاقبة. فنحن نستغرب من كلامٍ مثل هذا، ولكننا لما نعلم أن أصل دين الرافضة وضعه اليهود؛ يذهب هذا الاستغراب، فانظروا يا عباد الله بعين البصيرة إلى كلام الخميني الهالك الذي ليس فيه ذرة علم، بل هو فلسفة يهودية نصرانية مجوسية ورثها أباً عن جدّ من إمامه وشيخه ابن عربي - النكرة- الملحد الوجودي، وغيره!!
4- الاتجاه الوثني: في كتابه كشف الأسرار ظهر الخميني داعياً للشرك ومدافعاً عن ملة المشركين حيث يقول: تحت عنوان (ليس من الشرك طلب الحاجة من الموتى).
قال: (يمكن أن يقال إن التوسل إلى الموتى وطلب الحاجة منهم شرك، لأن النبي والإمام ليس إلا جمادين فلا تتوقع منهما النفع والضرر، والجواب: إن الشرك هو طلب الحاجة من غير الله، مع الاعتقاد بأن هذا الغير هو إله ورب، وأما طلب الحاجة من الغير من غير هذا الاعتقاد فذلك ليس بشرك!!، ولا فرق في هذا المعنى بين الحي والميت، ولهذا لو طلب أحد حاجته من الحجر والمدر لا يكون شركاً، مع أنه قد فعل فعلاً باطلاً. ومن ناحية أخرى نحن نستمد من أرواح الأنبياء المقدسة والأئمة الذين أعطاهم الله قدرة. لقد ثبت بالبراهين القطعية والأدلة النقليَّة المحكمة حياة الروح بعد الموت، والإحاطة الكاملة للأرواح على هذا العالم)[549].
انظروا إلى هذا الكلام الكفري، الذي يعتقد صاحبه أن دعاء الأحجار والأضرحة من دون الله ليس بشرك إلا إذا اعتقد الداعي أنها هي الإله والرب. وهذا الاعتقاد من الدواهي التي يروج لها المغرضون من الشيعة والصوفية على حد سواء، وهذا باطل من القول وزورا، بل هو الشرك الأكبر بعينه الذي أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لإبطاله، وهو بعينه شرك المشركين الذين جاهدهم رسول الله e.
فلا تستغرب يا عبد الله ما قاله (محمد علوي مالكي) في كتابه "مفاهيم يجب أن تُصَحَّح"[550] عن قوله تعالى: }مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ ليُقَرّبُونَا إلَى الله زُلْفَى {الزُّمر:3 (..وهنا مهمة لا بد من بيانها؛ وهي أن هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما حكى ربنا عنهم) اهـ
فيدعي المالكي أن المشركين لم يقولوا مقولتهم على سبيل الجد فيما حكاه الله عنهم، فهو يرد بمقولته قولَ الله تعالى الذي حكى عن المشركين قولاً بنى عليه حكماً، فيدَّعي المالكي أنهم غير جادين فيما حكى الله عنهم! فقوله تعالى في آية الزمر3 }أَلاَ لله الدّينُ الخَالصُ وَالَّذينَ اتَّخَذُوا منْ دُونه أَوْليَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ ليُقَرّبُونَا إلَى الله زُلْفَى إنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ في مَا هُمْ فيه يَخْتَلفُونَ إنَّ اللهَ لاَ يَهْدي مَنْ هُوَ كَاذبٌ كَفَّارٌ{ فهذه الآية يدعي أنها سيقت لقولٍ غير جاد، وهذا القول في غاية الافتراء، ولكنها هي الصوفية التي تشابهت مع اليهود والنصارى والمجوس، لهذا لما فسر هذه الآية الفخر الرازي في تفسيره ذكر اليهود والنصارى وعبادتهم لعزير والمسيح ابن مريم، فقال: (..الثاني: أنه لا يبعد أن يعتقد أولئك الكفار في المسيح والعزير والملائكة أن يشفعوا لهم عند الله. أما يبعدُ من العاقل أن يعتقد في الأصنام والجمادات أنها تقربه إلى الله؟..) [551] اهـ فالمالكي مزج عقيدته مع اليهود والنصارى، وظن أنَّ من الناس من يُطلب منهم الشفاعة وهم أموات، فاعتذر للمشركين بأنهم لم يكنوا جادين فيما حكى الله عنهم؛ تبريراً للشرك والغلو في الأنبياء والصالحين، وغيرهم من الطالحين، فبئست المقولة، ويئست العقيدة..
سلامة مكة والمدينة والشام من قرن الشيطان
فقد تقدم الكلام في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن مصدر الكفر والطغيان متمركز في العراق، ومبدأ الفتن والفساد في العراق، ومركز الكفر والإلحاد والابتداع والضلال في العراق، فقال عليه الصلاة والسلام: ((رأس الكفر قبَلَ المشرق))[552] وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((رأس الكفر نحو المشرق))[553] وقال: ((من هنا جاءت الفتن نحو المشرق))[554]
والحديث الذي جاء عن ابن عمر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشير نحو المشرق ((إن الفتنة هاهنا، إن الفتنة هاهنا))[555] وفي رواية عند البخاري: وهو مستقبل المشرق يقول: ((إن الفتنة هاهنا))[556]
ولقد أثبتنا في أعلاه أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة النبوية هي العراق لا غير، والعراقيون كما بينا في أعلاه؛ هم (قومٌ يكْذبون ويُكَذّبون ويسخرون..)[557] إلا من رحم الله وقليل ما هم.. فالأحاديث قد حدَّث بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، وزاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم للحديث تفهيماً عندما ذكر العراق نصاً منه عليه الصلاة والسلام، فحدد المراد، لكي لا يكون الحديث حجة للمخالف، أو قرة لعيون المخادع.. وزيادة إثبات؛ نود أن نورد الأحاديث التي زكت مراكز الإيمان، وحددت أماكن النور المتلألئ من الأوطان، فقال عليه الصلاة والسلام:
^ ((الإيمان في أهل الحجاز))[558]
^ ((إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، وهو يأرز إلى بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها))[559]
^ أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيده نحو اليمن فقال: ((ألا إن الإيمان هاهنا))[560]
^ ((الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية))[561]
^ ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية))[562]
^ ((طوبى للشام)) قلنا لأي ذلك يا رسول الله! قال: ((لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها))[563]
هذه الأحاديث وغيرها الكثير تدل على أن هذه المناطق هي مراكز الإسلام ما بقيت الدنيا، فمكة المكرمة داخلة في تهامة، وتهامة قطعة من اليمن يقال لها غور[564]، ومكة والمدينة من الحجاز[565]، والمدينة بالنسبة إلى مكة تُعتبر من الشام[566]، والشام لها فضائل جمعها العلماء في مؤلفات، فهذه المناطق الثلاث قد سلمها الله من قرن الشيطان رغم أنوف المبتدعة على مر العصور..
سلامة نجد السعودية من قرن الشيطان
زعم بعضُ من لم يرد الله هدايته، فأزاغ قلبه؛ أن نجداً المذكورة في الأحاديث المتقدمة – على كثرتها- هي نجد الحجاز، فركضوا وراء أهواءهم، فأسقطوا الأحاديث والآثار والنقول الثابتة ثبوت الجبال، والواضحة وضوح شمس الظهيرة للعيان في رابعة النهار، فأخذوا ينزلون الأحاديث على دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله، فأخذوا بتأليف الكتب التي اخترعوها بفوضى الاستدلال، والمدعَّمة بالأكاذيب والبواطيل والترهات، وهم يلعبون بها على السذج من الناس بعناوين براقة، ومظاهر خلابة..
ومع كل ذلك؛ فإن دعوة الإمام المجدد قد ظهرت باقية، خالدة رائجة، على الرغم من أنوف الحاقدين المبغضين المموهين الدَّجالين..
وقد ذكرنا في القسم الأول من هذا المجلد عن بعض المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، كالحداد في كتابه "مصباح الأنام"، ودحلان في "الدرر السنية في الرد على الوهابية"، والنبهاني في "الرائية الصغرى"، والعاجلي في "كشف الارتياب"، ومحمد حسن الموسوي في "البراهين الجلية"، وأحمد الغماري في "جؤنة العطار"، و"مطابقة الاختراعات العصرية لما أخبر به سيد البرية"، والدجوي في "مجلة الأزهر"، كل هؤلاء وغيرهم من الخصوم الذين أزاغ الله قلوبهم، فهم لا يفقهون ولا يعلمون ولا يرشدون، قد تجرؤوا على الله وعلى رسوله بتحريف كل الأحاديث الواردة في نجد المشرق[567]، وألصقوها في دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي السَّلَفيَّة الخالصة، المتبعة الغير مبتدعة، فألصقوها بالتهم والأباطيل والافتراءات والأكاذيب؛ دفاعاً عن قبورهم التي يشركون بها مع الله، وطرقهم الصوفية التي ينازعون بها دعوة الرسول الإمام عليه الصلاة والسلام[568].
الرَّادون على ابن عبد الوهَّاب شيعة وصوفيَّة
وليس غريباً من أن ترى الرادين على ابن عبد الوهاب إما شيعة أو صوفية، ولكن! ما الدوافع التي أدت إلى العداء والمناوأة والمناهضة لدعوة شيخٍ يدعو إلى منهج السلف عقيدةً ونهجاً وطريقاً وسلوكاً من مصادر موثقة؟! وقد رأينا في الحاشية السفلية العدد الهائل من المصنفات والمؤلفات والكتب والرسائل والقصائد - وهي غيض من فيض- التي جيَّشت نفسها عبر السنين والأعوام في الرد على دعوة رجل مثل محمد بن عبد الوهاب[569]!
مع العلم أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة واضحة للعيان، ومؤلفاته منشورة من غابر الزمان، ومنتشرة في جل الأوطان، وفي متناول كل الناس، ومترجمة بجل لغات الأجناس[570].
فمؤلفات الشيخ موجودة؛ فيستطيع أي منصف أن يقرأها، ويقارن بينها وبين مؤلفات الخصوم أعداء دعوته الذين ردوا عليه بهوى وكذب وجهل مركب، فأثاروا حول دعوته الشبه، ووسموها بالسموم والأباطيل التي لا يمكن لشخص واحد يستوعبها في مؤلف.
قال شيخ الإسلام ابن عبد الوهاب التَّميميّ رحمه الله وهو ينص على بيان معتقده ومنهجه: (لست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي، أو متكلم، أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم؛ مثل ابن القيم، والذهبي، وابن كثير، وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم، وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أُشْهدُ الله وملائكته وجميع خلقه: إن أتانا منكم كلمة الحق، لأقبلنَّها على الرَّأس والعين، ولأضْربَنَّ الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي، حاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه لا يقول إلا الحق..)[571] اهـ
وقال في مكان آخر: (أخبرك أني - ولله الحمد- متبع، ولست بمبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة و الجماعة، الذي عليه أئمة المسلمين؛ مثل: الأئمة الأربعة، وأتباعهم إلى يوم القيامة، ولكني بينت للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعبد الله به، من الذَّبح والنذر والتوكل والسجود، وغير ذلك مما هو حق لله الذي لا يشركه فيه مَلَكٌ مقرب، ولا نبيٌّ مرسل، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة... ثم قال: فإني ألزمت نفسي من تحت يدي بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك من فرائض الله، ونهيتهم عن الربا، وشرب الخمر، والمسكرات، وأنواع المنكرات، فلم يمكن الرؤساء القدحَ في هذا وعيبه؛ لكون مستحسناً عند العوام، فجعلوا قدحهم وعداوتهم فيما آمر به من التوحيد، وأنهى عنه من الشرك، ولبَّسوا على العوام: أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، وكبرت الفتنة جداً، وأَجْلَبُوا علينا بخيل الشيطان ورَجله؛ منها: إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه، فضلاً أن يفتريه..ثم قال: والحاصل: أن ما ذُكر عنا من الأسباب غير دعوة الناس إلى التوحيد والنهي عن الشرك، فكله من البهتان، وهذا لو خُفي على غيركم، فلا يخفى عليكم..)[572] اهـ وقال رحمه الله وهو ينص على حقيقة إتباعه: (وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد؛ فنحن مقلدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى.)[573]
فما الدوافع إذن؟
لا يتردد عبد مسلم أن يقول - بعد قراءته لكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وكتب خصومه- إن أبرز الأسباب التي أدت إلى تشنيع الخصوم هي ما كان عليه الخصوم أنفسهم من ضلال وغي وفساد في الاعتقاد، والمصاحب في فشوّ البدع واستفحال الخرافات، والتي في غالبها غلو في الأموات، متمثلة في تشييد القبور وإقامة المشاهد والأضرحة والمقامات[574]، وزخرفتها زخرفة اليهود والنصارى وغيرهم من وثنيات الديانات، حتى صارت هذه المنكرات عند غالبية الناس من الأمور المسلَّمات – بالأخص عند الصوفية والشيعة- والعوائد المألوفات في كل قرية وبادية ومدينة، فشب الصغار وشاب الكبار على ظلمات الجهل والتخبط في دياجير الظلام..
فكان قبر محجوب وقبة أبي طالب يأتون إلى الاستغاثة بها، ولو دخل سارق أو غاصب أو ظالم قبر أحدهما لم يتعرضوا لهُ؛ لما يرون من وجوب التعظيم والاحترام لهذا الضريح... وكان عندهم رجل من الأولياء بزعمهم يسمى تاج، سلكوا فيه سبيل الطواغيت، وصرفوا إليه النذور، واعتقدوا فيه النفع والضر، وكان يأتي إليهم لتحصيل ما لديهم من النذور والخراج، وينسبون إليه حكايات عجيبة، منها: أنه أعمى، وأنه يخرج من بلدة الخرج بدون قائدٍ يقوده... وشجرة تدعى الذئب، يأُمها النساء اللاتي يُردن المواليد الذكور، ويعلقن عليها الخرق البالية، لعل أولادهنّ يسلمون من الموت والحسد... ومغارة في جبل يسمونها بنت الأمير، وأن بعض الفسقة أراد أن يظلم بنت الأمير، فصاحت ودعت الله فأنفلق لها الغار، فأجارها من السوء؛ فكان العامة من هؤلاء الجهلة المشركين يسعون إلى ذلك الغار يقدمون اللحم وصنوف الهدايا...وكان بعض النساء والرجال يأتون إلى ذكر النخل المعروف بالفحال في بلدة معينة، يفعلون عنده أقبح الفعال، وكانت المرأة إذا تأخر زواجها تضمُّهُ بيدها، ترجوا أن تفرج كربتها، وتقول: يا فحل الفحول، أُريد زوج قبل الحول... كانت شجرة أبي دجانة في العيينة، وقبة رجب، وقبة ضرار بن الأزور، وشجرة الطرفيين مثل ذات أنواط، وكانت هذه القباب والقبور تُعبد من دون الله... وأفرادٌ من المتصوفة على مذهب الملاحدة من الحلوليَّة الذين يعتقدون أن الله حل في كل مكان، وأنه حل في المخلوقات، وأن كل ما ترى بعينك فهو الله، لا يميزون بين مخلوقٍ وخالق، كان لهم انتشار في بلاد نجد وغيرها... وكانت الموالد التي فيها الشرك تُقرأ على الناس، وكانت الحجب تكتب بالطلاسم وتعلق... وكانت الكتب مثل: دلائل الخيرات وروض الرياحين التي فيها استغاثة وتوسل بغير الله مشهورة لها قرأه في الموالد بين الناس... وخلت كثير من المساجد من المصلين وانتشرت عبادة النجوم واعتقاد تأثيرها في الحوادث الأرضية... تبركٌ بالأشجارٍ والأحجار والجمادات، وأمرٌ عظيم قد ران الجزيرة في نجـد وغيرها.
حتى أن الرائي ليرى - في تلك العصور- أن آثار الدين وأعلام الشريعة ونصوص التنزيل وأصول السنة قد عفت واندرست وانطمست لدى الكثير من عوام الناس، حتى أنه ليقول القائل أن الإسلام لم يدخل البلاد، ولم يطأ الوهاد، فعمَّ الجهل فيهم وغلب وطمَّ، ورُفعت عندها رؤوس طواغيت الكهان الذين انخلعوا عن ربقة التوحيد والدين؛ الذين جدوا واجتهدوا في التعلق بأوثانهم وأصنامهم وشياطينهم بالاستغاثة والاستعانة والتعلق بهم من دون الله، حتى قال حسين بن غنام الأحسائي[575]وهو يصف الحالة السيئة التي وصل إليها المسلمون في مختلف البلاد والبقاع في فساد الاعتقاد في زمن المجدد الإمام:
(كان غالب الناس في زمانه متضمخين بالأرجاس، متلطخين بوضر الأنجاس حتى قد انهمكوا في الشرك بعد حلول السنة المطهرة بالأرماس، وإطفاء نور الهدى بالانطماس... فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين، وخلعوا ربقة التوحيد والدين فجدوا في الاستغاثة بهم في النوازل والحوادث.. أحدثوا من الكفر والفجور والإشراك بعبادة أهل القبور وصرف الدعاء لهم والنذور)
ثم قال وهو يصف بلدان نجد في زمانه: (وكان في بلدان نجد من ذلك أمر عظيم والكل على تلك الأحوال مقيم وفي ذلك الوادي مسيم، حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون، وقد مضوا قبل بدوّ نور الصواب يأتون من الشرك بالعجاب وينسلون إليه من كل باب، ويكثر ذلك منهم عند قبر زيد بن الخطاب فيدعونه لتفريج الكرب بفصيح الخطاب ويسألونه كشف النوب من غير ارتياب...ثم قال: (... وكان ذلك في مدينة (الجبيلة) مشهوداً وبقضاء الحوائج مذكوراً)[576]
فهذا كان وضع البلدان في عصر الإمام، لهذا لماَّ جاء الإمام بدعوة الناس إلى عبادة رب العباد وإفراده سبحانه وتعالى بالعبادة من استغاثة الاستعانة ونذر وذبح وتوبة وخوف ورجاء وتوكل.. ونحوها - والتي تخالف عوائد الناس الشركية ومألوفاتهم البدعية-؛ استنكرها الرعاع وأَدْعياء العلم، وادعوا أن دعوةً كهذه تعتبر انتقاص في حق الأولياء والأنبياء، فما كان منهم إلا أن خالفوا الحق بعد ظهور أدلته، وبيان حجته، ووضوح برهنته.
فلهذا شمَّر الإمام عن ساعد جدّه واجتهاده[577]، بالصبر والعزيمة والمثابرة، وأعلن دعوته المباركة إعلاناً مدوياً بالنُّصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، فظهرت دعوة الإمام المجدد بعد صبر ومحنة وعناء، لا يخشى في الله لومة لائم، أو سطوة سلطان ظالم، أو مدافعة عدو غاشم، حتى أضاء نورها الظلام الدامس، وفضحت بحجتها الشرك النجس، وتحقق ببرهانها التوحيد وحق الله على العبيد.. فبدأ رحمه الله بعد عودته في تعريف الناس بأوجب الواجبات، وهو دعوتهم إلى التوحيد، وأنه لابد من محاربة الشرك، ولابد من تغيير الواقع، ولا بد من تعريف الناس بالمسئولية العظيمة تجاه دين الله عز وجل، فالكفر والشرك منتشر. وهكذا بدأت الدعوة، وبدأ الإصلاح في العيينة والدرعية، وتحالف الشيخ مع محمد بن سعود وغيره لأجل إقامة دين الله عز وجل. فاتجه إلى هدم القبة التي كانت مبنية على قبر زيد بن الخطاب ومعه ستمائة من المقاتلين فهدمها؛ ثم قبة ضرار بن الأزور فهدمت، وأشجار كانت تعبد من دون الله وتصرف لها أنواع من العبادات فقطعها الشيخ رحمه الله. فبدأت الدعوة إلى التوحيد، ورأى الناس بأم أعينهم أن هذه الأشياء التي كانوا يعظمونها من دون الله لا تدفع عن نفسها ضراً، ولا تملك نفعاً، وأنها أُزيلت وقطعت فلم يحدث شيء. بدأ الأثر العملي في القلوب، بدأ الشيخ رحمه الله الدعوة بالنصيحة والحسنى، بالتذكير، بوعظ الناس؛ بالتبيان، بالتأليف، وكان أول ما ألفه كتاب التوحيد، الذي يدرس اليوم في كثير من الأماكن، التوحيد الذي هو حق الله على العبيد.
وإذا كان هناك استعصاء من قبل سدنة الأضرحة وعباد القبور، فإن الشيخ رحمه الله بدأ يُجرد المفارز من أهل التوحيد لإزالة هذه الأشياء بالقوة، إذا لم يستجيبوا لإزالتها بالنصح واللين، فأدرك الخصوم نذير زوال عقائدهم الباطلة العاطلة، فثارت ثائرة بعض هؤلاء الجهلة من المشركين والذين لهم مصالح في القبور والأضرحة، والذين كانت تأتي إليهم الأموال من الناس، أصحاب المصالح الشخصية، أعداء الدعوات في القديم والحديث، فثاروا على الشيخ، ناوئوه، عادوه، أرادوا تشويه سمعته، وكتبوا إلى أماكن مختلفة في التحذير منه؛ بل إنهم جردوا الجيوش لحربه؛ فقاموا بخطط أرادوا بها وقف مسيرة الدعوة، حتى وصل الأمر إلى الخصوم أن اجتمعوا وأرادوا القضاء على هذه الدعوة المباركة، فأرادوا أن يرفعوا السلاح في وجهها ويمنعوا انتشارها[578]، فعرف الشيخ أنه لابد من الأخذ بالحديد لقتال من ناوئ الكتاب، وهكذا قام الجهاد في سبيل الله ضد المشركين، ونصر الله الشيخ. وكعادة المخالف الذي لا يملك الحجة ولا يستطيع البرهنة؛ بأن يتخذ أسلوب حشد الكذب وإلصاق التهم الجائرة والمفتريات الباهتة الباطلة؛ فألصقوا في دعوة الشيخ المجدد ما ليس في دعوته، فاتهموه[579] بالخروج وانتقاص الرسول وعدم احترام الأولياء والصالحين وغيرها الكثير من المفتريات، حتى أن بعض المؤلفين يصطنع أحداثاً وأحاديث ينسبها للنبي e ويسوقها من أجل الافتراء على دعوة الشيخ المجدد رحمه الله والتنفير منها[580]، حتى أن الكثير من دعاة الضلالة من جنَّدوا أنفسهم ضد دعوة الشيخ الإمام، فأخذوا بسرد الأكاذيب وبث الافتراءات البهتانية على الدعوة السلفية بتحامل شديد، من أبرزها جهود المدعو حسين حلمي إيشق التركي الإستانبولي الذي قام بتأليف الكتب وطبعها ضد الدعوة السلفية، وقد ذكرنا الكثير منها في الحاشية المتقدمة في أعلاه[581]، ومن المؤسف والمقرف أن تجد كثيراً من الناس يتلقف الإفك والبهتان دون تثبت أو تحري، فينقل ما سمعه أو قرأه وكأنه وحي من السماء[582].
ونحن في هذا الزمان وفي العصر الحالي ومنذ حوالي عقد من الزمان؛ بدأنا نسمع بالروس، ومن بعدهم الأمريكان يعلنون ويركزون ويحشدون أجنادهم في حربهم على ما يسمونهم بالوهابية! مما زاد جميع أعداء التوحيد والدعوة السلفية الجرأة على دعوة الإمام ابن عبد الوهاب، وكل من هؤلاء الأعداء يحاول أخذ دوره في مساندة الكفار في حربهم على دعوة الإمام التي انتُهكت فيها كل الحدود والمبادئ الأخلاقية والإنسانية، جَمَعَهُم العداء القذر الذي لا شرف له ولا مبدأ[583].
نعم! لقد بدأ الروس والأمريكان حربهم ضد الإسلام بالتشدق بكلمة (وهابية) وتَسْعَدْي الناس عليها بحجة أنهم إرهابية وخوارج، ويخرج مع هؤلاء الصليبيين مسلمون خونة خبثاء أذلاَّء يدعون الناس إلى التكتل معهم لحرب الوهابية، وليكونوا أحذية في أقدام جنرالات الروس والأمريكان.
ومع كل هذه الفضائح والجرائم والذل والإذلال، تخرج شرذمة من علماء المذاهب المضلة تدعو إلى التقريب مع الرافضة وغيرها من المذاهب الهدامة، ويجتهدون في ترويجها اجتهاداً عجيبا! وبالمقابل يشددون على منابذة أهل السنة وأتْباع السلف الصالح، ويرمونهم بشتى النعوت والتهم والتي يعلم كبراؤهم أنها كذب وبهتان صادرة عن قلب حاقد على السنة وأهلها، وأعلنوها حربا عشواء دون مزعة حياء في وجوههم[584]، في نفس الوقت الذي أعلن فيه أعداء السنة (من علمانيين ورافضة وروس وأمريكان) الحرب عليها من الخارج.
وهنا لا أريد كلامي الإحباط للقارئ الفاضل، وإنما أريد أن أبين أن الصفوف تتجه إلى التمايز، }ليَميزَ اللهُ الخَبيثَ منَ الطَّيّب وَيَجْعَلَ الخَبيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَميعًا فَيَجْعَلَهُ في جَهَنَّمَ أُولَئكَ هُمُ الخَاسرُونَ{ الأنفال
فمعركة الفصل بين الحق والباطل قريبة ومحسومة لصالح الحق بوعد من الله ورسوله، وبخلافة سلفية راشدة على منهج النبوة[585]، من أصحاب هذه الآية الكريمة: }وَالسَّابقُونَ الأَوَّلُونَ منَ الْمُهَاجرينَ وَالأَنْصَار وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسَانٍ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْري تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالدينَ فيهَا أَبَدًا ذَلكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ{ علماً وعملاً، عقيدةً وخلقاً، أخذاً وتركاً، فهماً ومنهجاً، ولاءً وبراءً، تصفيةً وتربيةً، لإقامة الحجة، وتبرئة الذمة، وتنبيه الغافلين، لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ولو كره الكافرون والمخالفون والخاذلون والخائنون! }ليَهْلكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيّنَةٍ وَإنَّ اللَّهَ لَسَميعٌ عَليمٌ{
والله غالب على أمره، والأمر كله لله، فلم يفتر الحماس، فيسَّر الله أمر الدعوة السلفية، وفتح عليها، وتحققت أهدافها تترا، وسمت نتائجها علوّا، ووضحت معالمها لكل الناس وفي كل الأنحاء، فانتشر التوحيد[586] - حقيقة عبودية المخلوق للخالق- وحل محل الشرك، والسنة[587]– متابعة الرسول e في الاعتقادات والأقوال والأفعال- محل البدعة، بيسر وسهولة.. وحل – أيضاً- العلم محل الجهل؛ حتى صار المجتمع يهتم بالناحية التعليمية والتنظيمية[588] التي تجمع الشمل[589]، وتطفئ نيران الظلم والفتن، فصار الناس تحت راية التوحيد كالجسد الواحد، وكالبنيان المرصوص ذو غلبة ومنعة، يقيم الحدود، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر بشروطه، مصداقاً لقوله تعالى: }وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آَمَنُوا منْكُمْ وَعَملُوا الصَّالحَات لَيَسْتَخْلفَنَّهُمْ في الأَرْض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذينَ منْ قَبْلهمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دينَهُمُ الَّذي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ منْ بَعْد خَوْفهمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَني لاَ يُشْركُونَ بي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلكَ فَأُولَئكَ هُمُ الفَاسقُونَ{ النور:55
فهذا وعد الله لمن أقام دين الله بين عباد الله بالطرق الموصلة إلى رضوان الله..
لهذا قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب للإمام السلطان محمد بن سعود في المعاهدة والمؤازرة: (وأنا أبشرك بالعز والتمكين والنصر المبين، وهذه كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم، فمن تمسك بها وعمل بها ونصرها؛ ملك بها البلاد والعباد.)[590]
وهناك عامل مهم لم ينساه الخصوم المفترين الطاعنين في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية، وهو العامل السياسي، وهذا العامل معلوم أنه لا دين له؛ حيث أنه يقلب الحقائق، ويظهر الأشياء بخلاف ما هي عليه، فكيف إذا كان هذا العامل يجتمع معه الأحقاد والمنافع الشخصية، فلا شك أنه سوف يعمي الحقائق على الكثير من الخلق، والتاريخ قد سطر ما حصل بين آل سعود وبين الدولة العثمانية التي كانت الجزيرة العربية جزءاً من أملاكها، فقامت الدولة العثمانية – وهي دولة صوفية- بالدعايات ضد دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب السلفية التي استقلت بالحكم على بعض أجزاء الجزيرة، فقامت الدولة العثمانية بإظهار دعوة الشيخ مظهر المعتدي على الدين والخارج عن تعاليمه؛ حتى يسهل مقاومتها والقضاء عليها[591]، وفي بداية قيام الدولة السعودية الثالثة قام الأشراف تكيل التهم والأكاذيب على الدعوة السلفية ورميها بالكفر، وقذفها بتكفير أهل السنة والطعن في الرسول[592].
يقول الشيخ محمد رشيد رضا: (كانت جريدة القبلة – لسان الملك حسين – آنذاك تكيل التهم والأكاذيب على هذه الدعوة السلفية. وقد أصدر الملك حسين عدة منشورات في جريدة القبلة سنة1336هـ وسنة 1337هـ رمى الوهابيين بالكفر، وقذفهم بتكفير أهل السنة، والطعن في الرسول… وقام بعض أهل دمشق وبيروت يتقربون إلى الأشراف بطبع الرسائل في تكفيرهم ورميهم بالأكاذيب ثم سرى ذلك إلى مصر، وظهر له أثر في بعض الجرائد) وقال: (إن سبب قذف الوهابية بالابتداع والكفر سياسي محض، كان لتنفير المسلمين منهم لاستيلائهم على الحجاز، وخوف الترك أن يقيموا دولة عربية، ولذلك كان الناس يهيجون عليهم تبعاً لسخط الدولة، ويسكتون عنهم إذا سكنت ريح السياسة)[593]
وهذا القذف والشبهة التي انتشرت في بلاد الإسلام قد روجها أعداء الإسلام والمسلمين؛ من مستعمرين وغيرهم لكي تبث الفرقة في صفوفهم، فقد كان المستعمرون يسيطرون على غالب العالم الإسلامي في ذلك الوقت، وهو وقت عنفوانهم، ويعلمون من واقع حروبهم الصليبية، أن عدوهم الأول في تحقيق مآربهم: الإسلام الخالي من الشوائب، وتمثله السلفية، ووجدوا ثوباً جاهزاً ألبسوه هذه الدعوة تنفيراً، وتفريقاً بين المسلمين – لأن مبدأهم فرق تسد – حيث أن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله لم يخرجهم من ديار الشام إلى غير رجعة، إلا بعد أن قضى على دولة الفاطميين العبيديين الباطنيين من مصر، ثم استقدم علماء من أهل الشام ووزعهم في الديار المصرية فتحولت مصر من التشيّع الباطني إلى منهج أهل السنة والجماعة، الواضح دليلاً وعملاً واعتقاداً[594].
فالمستعمرون خافوا من إعادة الكرّة، بعدما رأوا دولة التوحيد السنّية التي قادها الإمامان: محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن سعود، ومن جاء بعدهما، فخافوا اتساع نفوذهم، ويكثر المستجيبون لما تهدف إليه هذه الدعوة، ومعلوم تاريخياً أن المستعمر ما دخل بلدة إسلامية إلا حاول إقصاء أهل السنة، وتقريب أهل الأهواء والبدع؛ لأنهم مطيته فيما يريد عمله في ديار الإسلام[595].
كيف اتفق الكل - إلاَّ من رحم الله - ضد دعوة الإمام على مر العصور
فأعداء الإسلام من يهود ونصارى وغيرهم من الوثنيين إنما يحاربون دعوة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب لكونها حركة سلفية المعتقد، قمع الله بها البدع والشركيات التي انتشرت في جزيرة العرب، وحاربت الدولة العثمانية وأعوانها من الصليبيين وانتصرت عليها، وكانت الدولة العثمانية تتبنى البدع والخرافات وتحميها وتوفر لها مناخا رطبا لتنشر عفنها في المجتمعات الإسلامية التي تسيطر عليها، والتي ما ضعفت إلا بأفيون هذا العفن. فبدءوا بتشكيل معادلات[596] لتكوين مصطلح الوهابية في أذهان الناس، لتتأجج نار الأحقاد لديهم.
فبدأ استخدام مصطلح (الوهابية) من قبل هؤلاء الخصوم المخالفون للسلفية عقيدة ومنهاجا وعلماً وعملاً من أمثال الرافضة وغلاة الأشاعرة والمعتزلة والإباضية ومن لف لفيفهم، فكونوا أول معادلة لهم: الوهابية = السلفية[597].
واستغل خصومها الإصلاح المسلح الذي قامت به الحركة - بعد النصح المدعَّم، وباللين المسدد- ليقرنوا الحركة بالعنف، فصارت عندهم معادلة أخرى: الوهابية = عنف[598].
وبما أن الوهابية أصبحت علما - عند الحداثيين والعلمانيين ودعاة الانحلال- على التشدد في الدين فتكونت معادلة أخرى: الوهابية = التشديد في الالتزام بشعائر الدين[599].
وبما أن الشيخ القائد محمد بن عبد الوهاب حنبلي المذهب، والبيئة النجدية التي نشأت فيها هذه الحركة بيئة حنبلية؛ صار عندهم معادلة أخرى: الوهابية = حنبلية[600].
وبما أن الشيخ عقد اتفاقا سياسيا مع آل سعود، وآل سعود كان فيهم وفيهم، فهم حنابلة سلفية متشددة في الالتزام وعنيفة في تطبيق الحدود والأحكام؛ نتج عن هذا المعادلة: الوهابية = آل سعود[601].
وبما أنهم قاتلوا الأتراك، وكان معظمهم من العرب الأقحاح؛ فنتجت المعادلة التالية عند الأعاجم: الوهابية = العرب[602].
وبما أنها أتت على غربة للدين بين أهله، ودعت إلى أمور وعقائد وعبادات نسيها كثير من الناس، ونهتهم عن عقائد وعبادات أَلفَها الكثير لانتشارها وتحولها تقاليد قبلية أوطنية؛ تكونت معادلة العوام: الوهابية = كل أمر جديد ضد العادات والتقاليد[603] - بغض النظر عن شرعيته-.
نعم! الوهابية لم تكن الوحيدة في هذه المعادلات، ولكنها الوحيدة التي جمعتها؛ فتكوَّن من خلال جمعها الخصوم الذين ما يمر زمان إلا وتزايدوا، مصداق قوله e: ((ما من عام إلا الذي بعده شرٌّ منه حتى تلقوا ربكم))[604]فعلى أتباع المنهج السلفي التحمل والصبر، فالقادمون أكثر وأشد وأشر.. فهم:
1- أهل البدع الذين أصابهم الانحراف والكدر في مصدر تلقي الدين، أو منهج تلقيه، من قبورية، أو رافضة، أو غلاة الأشاعرة الجهمية، أو المعتزلة التي تقدس العقل، فهم أهل الأحقاد وتصدير الكذب المكشوف، وخسَّة أصولهم، فهم أكثر الناس خوفاً على انحسار بدعهم وانقراضها، فمنهج السلف الرباني كفيل بنقض معتقداتهم وأصولهم وأفيون عقولهم.
2- ودعاة الانحلال والإباحية، ثم من بعدهم الحداثيين والعلمانيين وأصحاب المناهج الوضعية في الحياة؛ فهم لم يختلفوا عن أصحابهم أصحاب المناهج الوضعية في الدين، فلم تكن تنقصهم الأحقاد على الفضيلة وشعائر الدين التي لا تخدم وضاعة حياتهم ومناهجهم، ولم يكونوا بحاجة لمن يتوسط لهم لحرب الحق وأهله.
3- كل من خسر مكتسباته في هذه الحرب التي ربحها الحق؛ صار يُوَلْول ويتهم الحركة بأنها من حركات الخوارج! جاهلا أو متجاهلا حقيقة الخوارج وصفاتهم، والتي لا تشترك معها الحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلا بمسألتين:
أولها: قتال من يدَّعون الإسلام، وهذه إن كفت أن تجعل الإنسان من الخوارج لكان أبو بكر الصديق أول الخوارج والعياذ بالله[605].
ثانيها: الخروج على الحاكم! وشتان بين من خرج عليه الخوارج والدولة المُهْتَرئَة التي خرجت عليها حركة الشيخ والتي كان الشرك يعشش فيها، وتحكم بالقوانين الوضعيَّة التي استجلبها من سويسرا وفرنسا، لأن مشايخ الدولة العثمانية كانوا قد حجروا الاجتهاد وأحكموا إغلاق الباب عليه[606].
4- المذهبيون كان لهم موقف عجيب! فمنهم من استغل الموقف لتصفية حساباته مع المذهب الحنبلي الذي طالما أفرى أكباد المبتدعة من لدن شيخه الإمام أحمد بن حنبل الذي استحق بجدارة لقب إمام أهل السنة لمواقفه البطولية الكريمة في وجه أحفاد لبيد بن الأعصم اليهودي من الجهمية والمعتزلة، والذين عادوا مرة أخرى على الساحة متسترين بالأشاعرة والأشعرية بعد ما أخزى الله أجدادهم ودحرهم بفضل مواقف الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله؛ وهؤلاء لم تكن تنقصهم الأحقاد أساسا على المذهب الحنبلي.
ومنهم من التزم بقواعد اللعبة المذهبية، خصوصاً المنتسبون للحنابلة الذين شعروا أنهم في ورطة! فوجدوا المخرج في أن يتهموا الشيخ بأنه يخطط لــ "إنشاء (مذهب خامس)، وبدؤوا بحربه بين أتباعهم من هذه الجهة[607].
5- أما أعداء آل سعود فقد يجتمع فيهم بعض الأسباب السابقة في العداء لحركة الشيخ، وقد تكون دوافعهم سياسية سلطوية محضة، وهي من أخس الدوافع وأقذرها؛ فهي لا تعرف ديناً ولا مبدأً، وهي من جنس عداوة رأس النفاق ابن أبي سلول لرسول الله e على الرغم من إيمانه قلبيا بدعوته.
6- تشارك الدوافع العرقية العنصرية؛ الدوافع السياسية في خستها وقذارتها وحقدها الأعمى، وتفوقها في كونها عداوة عمياء لا ترى حقا ولا تحسب إلا حساب المصالح الشخصية الضيقة، وهي من جنس عداوة اليهود لنبي الهدى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم مع يقينهم بنبوته وصحة رسالته، لأنه لم يكن من بني داوود.
وكذلك العنصرية ضد العرب، التي كانت تلهب أوارها الشعوبية البغيضة، التي كانت تحسد العرب على ريادتهم لأمة الإسلام بلغة القرآن، وتتهم العرب بأنهم أمة أمية، وتتكبر عليها بما عندها من حضارات زائفة، ويطيش عقلها وهي ترى أهل البداوة يهزمونهم ويزلزلون عروشهم ويقلبون حضارتهم المادية على رؤوس أصحابها. وقد تضيق حلقة العنصرية في أحيان كثيرة لتنصب على أهل نجد، واستعمل هؤلاء فهما مغلوطا مشوها لبعض الآثار النبوية التي أتت على ذكر نجد، لتغطية سوءتهم العصبية المنتنة وتسعير الأحقاد العنصرية.
7- عند العوام، العداء لا يكتسب مقدارا كبيرا من الأحقاد بقدر ما يكتسب ضبابية وغموضا وغوغائية، وهؤلاء دائما وقود مسيرين بكبرائهم الذين سوف يتبرؤون منهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، فهم مسيرون بتقديس العادات والموروثات، وأئمتهم في ذلك من كانوا يقولون: }... قَالَ مُتْرَفُوهَا إنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آَثَارهمْ مُقْتَدُونَ { الزُّخرف:23 }بَلْ قَالُوا إنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آَثَارهمْ مُهْتَدُونَ{ الزُّخرف:22
هذه هي الخصومات والأحقاد التي اجتمعت على هذه الدعوة الإصلاحية التي قادها الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله..
ولكن تبقى خصومات وصراعات أخرى ظهرت فيما بعد وفي هذا القرن الذي نحن فيه، وكان لها دور ملحوظ في تأجيج الصراع من جهة، وتوجيهه من جهة أخرى في ضرب الإسلام والمسلمين، ودخل عاملان مهمان على الصراع:
1- الثروة التي رزقها الله ابتلى بها أهل الجزيرة، وما تبع ذلك من حسد الناس لهم عليها[608]، فأضيف إلى المعادلات السابقة الوهابية = البترول والثروة[609].
2- الكفار الذين وجدوا في السلفية دعوة ومنهجا وتربية خطراً داهماً عليهم وعلى دينهم الباطل؛ فهي لا تتوقف على شخص معين، لا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولا على غيره، وتحمل دائما أسباب بقائها وديمومتها لأن منهجها منهج رباني محدد، يمثل مرجعية ثابتة متجددة، فهو منهج واحد، أخطر ما فيه أنه واحد؛ ينبثق من الفطرة، وينمو بماء القرآن والسنة التي تكفل الله بحفظهما، فإذا اجتمع على الأخذ به مليار ونصف المليار من البشر؛ لأبتلع نوره الظلام الذي يعشش فيه كفرهم، ولأفسد عليهم خططهم في السيطرة على العالم.
وهذا ما فهموه من دراستهم لأحوال المسلمين - وهم أهل دراسة وتدبر ولو في الباطل- فوجدوا أن الحركات التَّجْديديَّة التي حركت المسلمين؛ قد تبنت المنهج السلفي بطريقة أو بأخرى؛ مما يعكس التفاف الناس حوله، وثقتهم به، فأصبح حرب هذا المنهاج على رأس أولوياتها؛ وأصبحت عندئذ: الوهابية = الإسلام.
بعد هذا الاستعراض للعوامل التي كونت هذا المصطلح الفضفاض الشديد التناقض "الوهابية"؛ نلخص التحديات التي قامت في وجه الإسلام مستخدمة مصطلح "الوهابية":
التَّحَدّي الأول: العداء الأيدلوجي العقدي الشامل:
وهو تحدي الفئات التي اعتبرت معركتها مع التيار السلفي السني معركة مصير ووجود، فهي معركة عقائدية لا يجب أن تنتهي إلا بإفناء هذا المنهج الرباني والذي لا يدري أهل الباطل أنهم لن يقدروا عليه بوعد من الرحمن، وأن بركاته سوف تبقى على الرغم من كيد المخالفين وخيانة الخاذلين، هذا المنهج الذي تبقى بركة الرّضَى الإلهي تنبض فيه وتبقيه حيا نَضراً على مر السنين والعصور: }وَالسَّابقُونَ الأَوَّلُونَ منَ الْمُهَاجرينَ وَالأَنْصَار وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُمْ بإحْسَانٍ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْري تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالدينَ فيهَا أَبَدًا ذَلكَ الْفَوْزُ الْعَظيمُ{ التوبة/100
أصحاب هذا التحدي يمكن تمييزهم إلى ثلاث فرق رئيسية، تفرق بينهم أمور كثيرة، وتجمعهم عداوتهم للحق والحرب على وأهله:É
◄ الكفار الأصليين من روس وأمريكان ويهود؛ ولقد أسفروا مؤخرا عن وجههم الكالح، وجاهروا بعدائهم للدين، ولكنهم مازالوا يشيعون أن عدائهم مركز على السَّلَفيَّة، أو ما يسمونه بالـ"وهابية".
◄ غلاة المبتدعة من صوفية ورافضة وجهمية وأشاعرة[610]؛ وهؤلاء أصحاب مصلحة مباشرة في القضاء على أهل السنة، وكانوا – ومازالوا- على استعداد للتحالف مع الشيطان للقضاء على السنة والسلفية، أو ما يسمونه بالـ"وهابية".
◄ أهل الانحلال والإباحية - العلمانييون والحداثيون- وأمر هؤلاء لا يختلف عن أمر أسيادهم الكفار الأصليين إلا من ناحية تضاعف خطرهم على الإسلام والمسلمين؛ لتسترهم بجلدتنا وأسمائنا، وترى أمثال هؤلاء يتظاهرون بحب الإسلام، وبل وبالدفاع عنه، ولكن يلخصون مشكلتهم مع هذا التيار المتنطع المتعصب.. والذي يسمونه كإخوانهم السابقين بالـ "وهابية".
التَّحَدّي الثاني: العداء العقدي أو الأيدلوجي الجزئي:
وهو العداء الذي لا يمثل حربا عامة بقدر ما يمثل خلافات جزئية في بعض جوانب المنهج، قد تتسع وتضيق تبعا للظروف. ومع أن هذا لم يكن - بحمد الله - عاما في أصحاب هذا العداء، ووجد منهم بعض المنصفين الذين نادوا بتضييق هوة الخلاف مع أهل السنة السلفيين بدلا من حربهم، ولم يتورطوا في تكفير أهل السنة كما فعلت شياطين الجهمية والرافضة، وكانوا ينحازون إلى أهل السنة في الأوقات العصيبة التي تهددت المسلمين؛ خصوصا عند معاينتهم للحلف القذر بين أولئك الجهمية والرافضة من جهة، وأعداء الأمة من الكفار من جهة أخرى، ومع هذا فإن لهم دوراً غير مباشرٍ، ولكنه فعال في حرب الإسلام والسنة. وللأسف صار لهؤلاء منظرون ممن ينتسبون إلى العلم، وغَرَّهُم تمسيح أهل الباطل على أعناقهم، وطبطبتهم على ظهورهم في رضًى كانوا يستحقونه بالفعل، فقد كانوا – وما زالوا - نعم المطايا لهم. ويمكن تمييز هؤلاء إلى خمسة فرق رئيسية:
1- الأشاعرة: والأشاعرة أطياف مختلفة، ومنهجهم العقدي يمتد نظريا قربا من أهل السنة إلى أقصى مداه في أحضان الجهمية والمعتزلة، بل ويفوقونهم بشديد تناقضهم وتذبذبهم، وهذا الطرف تكلمنا عليه في التحدي الأول؛ كونه يمثل عداء عقائديا شاملا فاجراً[611].
2- المذهبيين: وهؤلاء كما أسلفنا؛ كان عداؤهم إما للمذهب الحنبلي من منطقات مذهبية ضيقة، أو لما أسموه بالوهابية كمذهب يحاول أن ينازعهم احتكارهم للفقه الإسلامي، ولم يمثل ذلك حربا شاملة، ولو أنه كان له دور كبير في تلك الحرب التي شنها أعداء الإسلام عليه وعلى السنة.
3- الحزبيين: وهؤلاء كأسلافهم؛ فهم أصحاب نظرة حزبية ضيقة، مع أنهم أوجعوا رأس الأمة بكلامهم عن الشمولية[612]، فالحزب عندهم مرجعية الحق، وجماعتهم هي جماعة المسلمين التي من تخلف عنها هلك[613]، فيتخيلون أنهم يعملون للأمة، وكل الآخرين عملاء ومتخلفين وغير ذلك. فالتحريري عند الإخواني عميل، صنعتهم المخابرات لتوهن من الجماعة الـ"أم"، والإخواني عند التحريري عميل.. وهكذا.. أما السلفية عند كليهما؛ فمرض خطير وشبح مخيف..
وأما جماعة التبليغ! مع تواضعهم الجم مع الناس، وعدم أخذهم بمبدأ النهي عن المنكر؛ أصبح عندهم من ضروريات العمل للإسلام أن تطعن في غيرهم من الجماعات.. وهكذا دواليك..
4- أصحاب المنهج الدعوي المعكوس: الدعوة تقوم على دعوة الناس للإسلام، ولكن في هذا القرن بالذات قام فكر (دعوي) استنتج أن إحضار الناس للدين (صعب) وعليه؛ فلم يبق لنا إلا إحضار الإسلام للناس! هؤلاء صاروا يعيبون على السلفية "جمودها"، وحوَّلوا هذه النقطة إلى منطلق لحرب السلفية، وبرروا بها تساهلهم مع أعداء الأمة من الداخل والخارج، وتسامحهم البارد مع الرافضة!.
5- أعداء آل سعود السياسيين: وهؤلاء عداؤهم للسلفية التي يسمونها وهَّابية محدود بعدائهم لآل سعود.
وبعضهم ممن قد يكون على عقيدة سليمة، ولكن أقذار السياسة ومصالحها المتقلبة الآنية تعمي هؤلاء عن الحق، حتى يجد نفسه وقد أصبح لعبة في يد غيره! وتعساً له إذا كانت هذه الأيدي الآثمة تقاتل دين الله.
التَّحَدّي الثالث: العداء الغوغائي
العوام هم أصحاب العداء الغوغائي المسير بغير عقيدة، وهم في شبه من إخوانهم أصحاب العداء الجزئي مُسَيَّرُون بغيرهم، كمثل الحمار الذي يلوح له راكبه بالبرسيم ليستمر في المشي إلى حيث يريد له أن يسير، ولكن الفرق بينهما أن راكبهما يستبدل البرسيم للأول بالتبن للثاني. ومع أن عامة الناس لا يعلمون عن عقائد مسيريهم شيئا، ولو علموها لاستمجُّوها وبصقوها ولأنفتها عقولهم وقلوبهم. ومع أن عداء العامة عداء سطحي؛ يقوم على دغدغة شهوات منحطة في النفس البشرية، وتَهْييج رغبات سافلة منتنة فيها؛ إلا أنه خطورته في أنه أعمى، وأنه يتخذ له مراكز في القواعد الشعبية التي تتميز بالزخم العددي دون النوعي، وبما أنهم صنف واحد - غوغاء العامة- فسوف نتعرض إلى:
الوسائل التي استخدمها أعداء الأمة العقائديين لتسييرهم[614]:
1- العصبيات العنصرية: سواء العصبيات ضد العرب عند غيرهم من المسلمين، أو العصبيات ضد أهل نجد عند غيرهم من العرب. والعصبية من الأمراض القديمة من لدن إبليس؛ ولذلك فلا يحتاج مستعملوها في توجيه الشعوب جهدا كبيرا. ولكنه أقذر أسلوب استخدم في تأجيج العصبية، ومن ثم العداء ضد السنة، وهو أسلوب ضرب الدين بمبادئ الدين!. فاستغل هؤلاء فهما مغلوطا لبعض أحاديث الرسول e في نجد في تأجيج الأحقاد العنصرية المنتنة ضد دعوة التوحيد والسنة.
وهنا نحن قد تعرضنا لهذه الأحاديث بشرح أو تعليق – وما زلنا- وأسهبنا الكلام عن تبيان المقصود من "نجد" التي وردت في الأحاديث. وسأفرض جدلا أن " نجد" المقصودة هي نجد الحالية! ولكن يكفي رداً على هؤلاء دين محمد e نفسه؛ الذي جاء لهدم أوثان العصبية، ونسف الشريعة الشيطانية (أنا خلقتني من نار وخلقت آدم من طين)؛ والتي يستحيل معها اتخاذ الإسلام هذه العصبية التي جاء لهدمها مقياسا للحق والصواب!
2- العصبيات المذهبية: وهو انتماء العامة إلى المذهب ليس فيه تفكير وعقائدية، وإنما أشبه ما يكون بالانتماء العرقي الذي لا دخل للمرء فيه! فأخذ بذلك معظم خصائص العصبيات العنصرية الجاهلية، حتى أن أقواما يستنكرون على أحدهم إذا اختار مذهبا آخر غير مذهب غيرهم، مع أن قوانين اللعبة المذهبية المتداولة تتيح للمرء بأن يقلد ما شاء من المذاهب شرط أن يلتزم به!.
3- تقديس الموروثات من عادات وتقاليد ولو كانت مخالفة للإسلام: وهذه متأصلة في العامة! وكان هذا من أهم أسباب الكفار في العناد ومقاومة دعوة الأنبياء، ويكفينا في ذلك استعراض شهادة القرآن في هذه الصفة الذميمة التي طالما وقفت ومازالت تقف عقبة كؤودا في وجه الحق؛ يقول الله تبارك وتعالى في هذا: }وَإذَا قيلَ لَهُمُ اتَّبعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْه آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ{ البقرة /170
}وَإذَا قيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإلَى الرَّسُول قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْه آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ{ المائدة/104 }وَإذَا قيلَ لَهُمُ اتَّبعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْه آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إلَى عَذَاب السَّعير{ لقمان /21 }وَكَذَلكَ مَا أَرْسَلْنَا منْ قَبْلكَ في قَرْيَةٍ منْ نَذيرٍ إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارهمْ مُقْتَدُونَ{ الزخرف/23
4- الميل إلى التفلُّت من الأحكام والواجبات الشرعية: فالناس تميل إلى من يقدم لها دينا يطمئن فيها غريزة التدين ولكن دون أن "يثقلهم" بالتزامات كثيرة في حياتهم، فاستغل أعداء الإسلام هذه النقطة لينفروا الناس عن السنة وعن أهلها، ويوهموهم أن السلف لهم عصرهم ولنا عصرنا، وأن السلفية مجرد "مرحلة زمنية مباركة" انتهت بانتهاء زمانها الــ"مبارك"، وهي بهذا ليست منهجا إسلاميا دائما، وأن الحياة حلوة، والذي يريد أن يتقرب إلى الله فما عليه إلا أن يصبح "ملا "، أو "شيخ"، ويتدروش، أما باقي الناس؛ فافعلوا ما شئتم، مادمتم تؤدون شعائر الطاعة للــ"مشايخ" و"تحترمون" الأولياء الأموات منهم والأحياء..
5- الحسد: استغل أعداء الإسلام والسنة ومطاياهم من الفريق الثاني ارتباط دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أذهان الناس بآل سعود ودولتهم، فبدؤوا يثيرون في أنفسهم مشاعر الحسد على ما أنعم الله عليهم من ثروة بترولية في عصرنا الحالي، وصاروا يسلطون الضوء على سياسات الدولة السعودية المخالفة للإسلام، ويربطونها بالدعوة السلفية. ولم يكتفوا بذلك! وإنما صاروا "يستدلون" بممارسات أفراد الشعب السعودي المنافية للإسلام! وهذا كله من كيد الشياطين الذين لا عقل لهم ولا دين..
فكل الدول التي تتبنى مذاهب هؤلاء الحُسَّاد رسميا، ويتصدر الفتوى فيها علماؤهم - رافضة كانوا أم أشعرية أم إباضية أم صوفية ..الخ- فيها من الظلم والعمالة واحتكار الثروات العامة والبطش بالمسلمين ما لا يوجد في السعودية ولا غيرها.
بل إن بعض هذه الدول محكومة بمذاهب يكفرها حتى الرافضة! ولكن هؤلاء يوالونها ويدافعون عنها بلا حياء!
ولئنْ كانت المسألة مسألة ممارسات شعبية؛ فالشعب السعودي ككل الشعوب فيه الصالح وفيه الطالح، وفيه السني كما فيه الرافضي والأشعري والصوفي بل والإسماعيلي، ومن أهل السنة فساق لا ينكر ذلك أحد، ولكن مع هذا كله؛ ماذا يوجد في غيرها من البلاد؟! وعلى أي أخلاق عامة أهلها؟! فلماذا تكون سياسات الدولة السعودية وممارسات الشعب السعودي حجة ملزمة لمنهج رباني من لدن أصحاب رسول الله e؟! ولا تكون سياسات حكوماتهم وشعوبهم حجة ملزمة لمناهجهم الوضعية المنحطة!
6- العنف والتشدد: والعنف والتشدد كلمتان فضفاضتان قد يراد بهما حق وقد يراد بهما باطل، والعلماء الربانيون يفصلون الكلام فيهما ولا يذكرونهما مجملتين دون قرينة لبيان المراد منهما. أما غيرهم فيستعملهما استعمالا مجملاً مبهماً؛ يلبس على المسلمين دينهم، ويدغدغ فيهم العواطف ليصرفهم عن الحق.
وسنحاول في هذه السطور تبين الملامح الرئيسية التي تحملهما هاتان الكلمتان؛ لنعرف من أين يُكَادُ للمسلمين، وكيف يلبس عليهم بالباطل ليعادوا الحق. ولتلازمهما، واقارب الفروق بينهما، وتشابههما في أكثر الصفات الرئيسية، فسوف نتعرض بالتفصيل للعنف، وننوه على ما يخص التشدد عندما يلزم ذلك بإذن الله:
1- العنف الشرعي: فمع الكفار وهو: الجهاد، وهذا الذي يرمي أهل الباطل إلى إجهاضه من خلال التهويش بكلمة العنف مع المسلمين..
وقد يكون هذا في شدة الأخذ على يد المخطئ، وهذه لا تعيب صاحب حق، فقد كان عمر الفاروق شديدا في الحق، ويقسو أحيانا كثيرة على من يرى منه الخطأ خصوصاً قبل خلافته، وما كان هذا ليعيبه رضي الله عنه.
وقد يكون في قتال من أمر الشرع بقتالهم من ألمنتسبين لأهل القبلة؛ مثل الخوارج، وقتال الفئة الباغية، وقتال الفئة الممتنعة عن شعيرة من شعائر الدين.
كما أن التشدد الشرعي؛ هو التزام مبادئ الدين، ومحاب الله ومراضيه، ولو استهجنه الناس وخالف ما اعتادوا عليه.. وهذا هو أخذ الدين بقوة الذي أمر به الأنبياء والمصلحون: قال الله تعالى: }يَا يَحْيَى خُذ الْكتَابَ بقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ{ مريم /12
وقال تعالى مخاطبا موسى عليه السلام: }وَكَتَبْنَا لَهُ في الأَلْوَاح منْ كُلّ شَيْءٍ مَوْعظَةً وَتَفْصيلاً لكُلّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بأَحْسَنهَا سَأُريكُمْ دَارَ الْفَاسقينَ{ الأعراف /145
وقال تعالى: }وَالَّذينَ يُمَسّكُونَ بالْكتَاب وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إنَّا لا نُضيعُ أَجْرَ الْمُصْلحينَ{ الأعراف/ 170
وهو أيضا مصداق خبر الصادق المصدوق e عن زمان غربة دين الله وبشراه لأهلها؛ ففي الحديث الذي رواه أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال رسول الله e: ((طوبى للغرباء، طوبى للغرباء، طوبى للغرباء)) فقيل: من الغرباء يا رسول الله؟! قال: ((ناس صالحون في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم))
فالغربة هي الحرص على تطبيق الدين بغض النظر عن درجة تطبيق المحيط له، وهذا بعينه ما يطلق عليه أهل الباطل الآن "التشدد"! وينعق من خلفهم بهذا المصطلح الغوغاء الذين يبحثون عن طريقة لتبرئة ذواتهم مما يتلبسهم من بعد عن شرع الله، بدلا من التواضع لله والاعتراف بقصورهم في تطبيق شريعة الرحمن.
2- العنف الغير شرعي المرتبط بالغلو المنفر عن الحق: ونستطيع أن نميز أصحاب هذا العنف إلى فريقين رئيسين:
◄ فريق يمارسه على غير قصد سَيّئ في التنفير من الدين، ويكون بفعل إحدى العوامل التالية:É
1- جلافة الطبع؛ بدون أن يقصد منها شراً.
2- حداثة العهد بالتدين؛ والجهل بأساليب الدعوة، وأدب الخلاف.
3- الحرص التَّشديد على هداية الناس وحملهم على الحق حملا دون سلطان - مثل سلطان الأبوة أو سلطان ولاية أمر المسلمين-.
4- اجتهاد خاطئ قد يحدث في ممارسة العنف المشروع، وأخطاء بشرية تصيب حركة الإنسان بدون سوء نية.
5- قصور في فهم السنة ومنهج السلف فهما شاملا، والتسرع في حرفية تطبيق بعض جوانبها، مع إهمال جوانب لا تقل أهمية عن الجوانب المطبقة.
6- التقليد لمن يظن فيهم الخير والغيرة على الدين، وهم على غير ذلك من أصحاب الفريق الثاني الذي سوف نتعرض لذكره.
أخطاء هؤلاء استغلته الماكينة الإعلامية لأهل الباطل عموما - والتي يتزعمها أعدى أعداء السنة اليهود- لتسويغ حربهم على السلفية عند العامة، وتبرير ضربهم مع ضمان سكوت الناس عن ذلك. فضخَّمت حوادث فردية، وركزت على فئات معينة – أرادت لها هي– أن تمثل السلفية والسنة. وابتلع الطعم بلؤم وغباء المنتسبون للإسلام من أعداء السلفية؛ فبدؤوا يلوكون هذه الأخبار كلما بصق لهم سادتهم شيئا منها، وينشرونها ويبصقونها بدورهم للغوغاء لكي يصدوا الناس عن دين الله.
◄فريق يمارس العنف بقصد التنفير عن الدين والسنة:
وهذا هو الفريق الأخطر، وهؤلاء أصحاب نوايا خبيثة مبرمجة على حرب الإسلام والسنة، يمتهنون التلبس في زَيّ المسلمين لضرب الإسلام والسنة من الداخل، وتسهيل انتشار صورة قاتمة عنه لدى العامة، وإحداث تصدعات في الصف السني واصطناع حروب في داخله، وهذا الطابور الخانس (بإذن الله) فئة موجودة لا خيالية. وهؤلاء على ضربين من اللؤم والخيانة:
الضرب الأول: هم الخونة العقائديون:
وهؤلاء أظهرت كثير من التحقيقات نوعية جرائمهم وارتباطهم المباشر بدوائر المخابرات المعادية للإسلام ومهمة هؤلاء الرئيسية هي القيام بأعمال منافية للدين باسم الدين والسنة لتوفير مادة للإعلام المضاد للسنة وأهلها؛ ليقوم بإبرازها تحت مسميات سنية لتشويه السنة وإفقاد الناس الثقة في أهلها.
من الأمثلة الواقعية لهؤلاء: الجماعات التي تقوم بمذابح المدنيين في الجزائر. وكذلك – وإن كان على نحو أضيق - جماعات قامت بأعمال لا تقل وحشية وعنفا على أرض القوقاز، وأثبتت تحقيقات المجاهدين مع بعض من قدروا عليهم؛ أنهم من أصول غير إسلامية، وكثير ممن ينتسب منهم للإسلام لا يصلي.
الضرب الثاني: هم الخونة من أصحاب المطامع المادية:
تعطش الناس[615] إلى منهج سلف هذه الأمة الصافي الذي لا كدر فيه ولا دخن، ولامست دعوة السنة أرواحا ظامئة إلى هدى ربها بعد عهود طويلة من الظلام والتخبط في صحاري الفلسفة المقفرة وسراديب البدعة والخرافة المظلمة، فبارك الله في هذه الدعوة، وكُتب لها من الانتشار ما قرت به عيون الموحدين، وأغاظت به قلوب الحاقدين، وساخت به أعين الظالمين.
ولكن! في نفس الوقت؛ أسالت له لعاب أصحاب المطامع الدنيوية الدنيئة من المتنفعين! فعمدوا إلى التدثر بعباءتها، ورفعوا شعاراتها، ولبسوا جلود التقوى والسنة على قلوب خربة أكلتها الدنيا!
ولم يكن لهم من هم إلا اهتبال هذه الفرصة، وحصد الأموال والمراكز، وامتصاص دماء أهل الخير الذين كانوا يبذلون أموالهم في سبيل الدعوة إلى السنة، واستغلال حب الناس وإقبالهم عليها، غير مبالين بما توقعه تصرفاتهم الدنيئة، وأخلاقهم الهابطة، وعقائدهم الحقيقية الخربة من ضرر على الدين والسنة[616].
ولم يكتفوا بذلك! ولكن عقلياتهم التجارية الدنيوية الدنيئة؛ أفضت بهم إلى احتكار المنهج السلفي، وصارت المسألة مسألة: وكالة حصرية للسلف! وفعلوا كما فعل أصحابهم من أصحاب المناهج الوضعية الذين لم يكتفوا بالاستيلاء على اسم السنة؛ ولكنهم احتكروه! واحتكروا أي عالم سني قال بشيء يشبه - ولو من بعيد - شيئا من كلامهم!
وقد ابتليت كثير من بلاد المسلمين بأمثال هؤلاء، مثل الأردن ومصر وتركيا وبعض دول الخليج، وكان لهم دور بشع في الصد عن سبيل الله وإعاقة انتشار الدعوة، وتشويه نقاء المنهج السلفي السني في عيون الناس. ولكن الله غالب على أمره... انتهى[617].
هل نذم من سكن قرن الشيطان
فالفتن التي ذُكرت في أعلاه ومركز الكفر والطغيان ومصدره لم تخرج من ناحية نجد الحجاز، فهذه الدعوى فرية بلا مرية، فضلا أنها مضادة للأحاديث النبوية الكثيرة الشهيرة التي ذُكرَ فيها أن الفتنة من جهة المشرق، وإن كان الذم يقع في الحقيقة على الحال وليس على المحل؛ فقد جرى في العراق ما يشهد على حال أهلها – في الغالب- فالبدع وأنواع الضلال كان منشأها العراق، والفتن كذلك كما ذكرنا ذلك، فهي معدن كل محنة وبلية، وما زال المسلون يعانون من محنها وفتنها وبلاياها عاما بعد عام، وعقداً بعد عقد، وقرناً بعد قرن، فآثارها ما زالت جلية بعد انحسار أمواجها..
ولو كان الذم يقع على المحل وإن زال الفعل المذموم، لَضَرَّ اليمن خروج الأسود العنسي ودعواه النبوة، وهي التي دعا لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبركة، وشهادته لأهلها بالإيمان ولين القلوب، بل وَلَضَرَّ المدينة سكنى اليهود المغضوب عليهم بها، و هي مُهَاجَرَ رسول الهدى صلى الله عليه وآله وسلم وصحبه الكرام، حتى سُمّيَت فيما بعد: المدينة النبوية[618]، بل وَلَضَرَّ مكة المكرمة بتكذيب أهلها لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وشدة عداوتهم له، وهي أحب البقاع إلى الله تعالى، وهكذا نقول في نجد السعودية: فلو ذُمَّت بخروج مسيلمة الكذاب بعد زواله، لذمت باقي البقاع التي كان فيها خروج بعض المناوئين لدعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولو زالوا..كمكة والمدينة واليمن، وغيرها من البقاع..
وبالمقابل؛ فنحن لا نذم كل من سكن في مواضع الفتن، فمواضع الفتن لا بد من أن يبعث الله فيها جهابذة من الناس - علماء وأئمة- ليقوموا بحجته على أهلها، فإلى العراق اتجه الصحابة y واستوطنوا بها ونشروا دين الله فيها، وتولَّد عن الصحابة تابعين أجلاء وأئمة حنفاء، وانتقل الشافعي من مكة إلى العراق لنشر الكتاب وإشاعة السنة، حتى أنه لُقّب هناك بناصر السنة، وولد في العراق إما أهل السنة أحمد بن حنبل الذي لم يوجد له نظير، وفي العراق خرج علماء أجلاء، من أكابر علماء الدنيا في الحديث والفقه والتفسير والسير وغيرها، فأهل الجرح والتعديل أكثرهم من أهل العراق، فمجرد وقوع الفتنة في موضع، لا يستلزم ذم كل من يسكنه..
فلو كان وقوع الفتن في موضع مستلزماً لذم ساكنيه؛ لكان خير بقاع الدنيا مذمومة لوقوع الفتن فيها، ولكن الكلام في منبع الفتن، وتصدير شَرَرها وشرارها إلى باقي العالم عبر الدهور والأزمان.
فأفضل البلاد؛ أكثرها علماً واتباعاً لمعرفتهم بالسنن والآثار النبوية، وشرّ البلاد؛ أقلها علماً وأكثرها جهلاً بالسنن والآثار النبوية، فتراها أكثر البلاد بدعاً وشركاً ومخالفة لهدي الإسلام، فالأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الناس أعمالهم الموافقة لمنهج السلف الصالح، المعانقة لآثار النبوة الغالية، (والفاضل من الناس حيث كان؛ فهو فاضل، والمفضول الساقط حيث كان من البلدان؛ لا تصلحه بلدة؛ لأن الأرض لا تقدس صاحبها، وإنما يقدس المرء عمله، وإن من مدح بلدة وذم أخرى يحتاج إلى توقيف ممن يجب التسليم له على أنه لا مدح ولا ذم لبلدة إلا على الأغلب من أحوال أهلها، وأما على العموم فلا، وقد عم البلاء والفتن اليوم في كل جهة من جهات الدنيا.)[619]
قال الألباني رحمه الله تعالى بعد تخريجه لحديث دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمكة والمدينة والشام بالبركة:
(وإنما أفضت في تخريج هذا الحديث الصحيح وذكر طرقه وبعض ألفاظه؛ لأن بعض المبتدعة المحاربين للسنة والمنحرفين عن التوحيد يطعنون في الإمام محمد بن عبد الوهاب مجدد دعوة التوحيد في الجزيرة العربية، ويحملون الحديث عليه باعتباره من بلاد (نجد) المعروفة اليوم بهذا الاسم، وجهلوا وتجاهلوا أنها ليست المقصودة بهذا الحديث، وإنما هي (العراق) كما دل عليه أكثر طرق الحديث، وبذلك قال العلماء قديماً كالإمام الخطابي وابن حجر العسقلاني وغيرهم.
وجهلوا أيضاً أن كون الرجل من بعض البلاد المذمومة لا يستلزم أنه هو مذموم أيضاً إذا كان صالحاً في نفسه، والعكس بالعكس. فكم في مكة والمدينة والشام من فاسق وفاجر، وفي العراق من عالم وصالح. وما أحكم قول سلمان الفارسي لأبي الدَّرْدَاء حينما دعاه أن يهاجر من العراق إلى الشام: (أما بعد؛ فإن الأرض المقدسة لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله.).
وفي المقابل أولئك المبتدعة من أنكر هذا الحديث[620] وحكم عليه بالوضع لما فيه من ذم العراق كما فعل صلاح الدين المنجد في مقدمته على "فضائل الشام ودمشق" ورددت عليه في تخريجي لأحاديثه، وأثبت أن الحديث من معجزاته صلى الله عليه وآله وسلم العلمية، فانظر الحديث الثامن منه.) اهـ
ومع ذلك! فإن في آخر الزمان سوف يخرج خيار الناس من العراق، ويتحولون إلى الشام، وشرار أهل الشام إلى العراق، وكان هذا توجيه نبوي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فعن أبي حوالة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ((يا ابن حوالة! كيف تصنع في فتنة تثور في أقطار الأرض كأنها صياصي بقر؟))– أي قرون بقر- قال: قلت: أصنع ماذا يا رسول الله؟ قال: ((عليك بالشام))[621] وفي مسند الإمام أحمد[622] وابن عساكر في "تاريخ دمشق"[623] عن أبي أمامة قال: (لا تقوم الساعة حتى تتحول أشرار الناس إلى العراق، وخيار أهل العراق إلى الشام، حتى تكون الشام شاماً، والعراق عراقاً.)[624] وفي ابن عساكر[625] بإسناد جيد عن شرحبيل بن مسلم، عن أبيه، قال: (بلغنا أنه لن تقوم الساعة حتى يخرج خيار أهل العراق إلى الشام، ويخرج شرار أهل الشام إلى العراق.)
ومع ذلك أيضاً! فإن الشام سوف تصلها الفتن ولا محالة؛ فالروم سوف يصلون إلى الشام بعد حصار العجم للعراق، والله أعلم، فجاء في الحديث: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((ستكونُ هجرةٌ بعد هجرةٍ، فخيار أهل الأرض ألزمُهم مهاجر إبراهيمَ، ويبقى في الأرض شرار أهلها، تَلْفظُهم أرضوهُم، تقذُرهم نفسُ الله، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير.))[626]
فهجرة إبراهيم ولوط كانت من العراق إلى الشام من غير خلاف، كما قال الله تعالى: }وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إلَى الأَرْض الَّتي بَارَكْنَا فيهَا للْعَالَمين{الأنبياء:71 والأرض المباركة؛ هي أرض الشام، كما في قوله تعالى: }سُبْحَانَ الَّذي أَسْرَى بعَبْده لَيْلاَّ منَ المَسْجد الحَرَام إلَى المَسْجد الأَقْصَى الَّذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ{ الإسراء:1
وجاء في تفسير سورة الأنبياء؛ عن قتادة: كانا – أي إبراهيم ولوط- بأرض العراق، فأُنجيا إلى أرض الشام، وكان يُقال للشام: عمادُ دار الهجرة، وما نقص من الأرض زيدَ في الشام، وما نقص من الشام زيدَ في فلسطين، وكان يُقال: هي أرض المَحْشَر والمنشر، وبها مجمع الناس، وبها ينزل عيسى ابن مريم، وبها يَهلك الله شيخ الضلالة الكذاب الدجال[627]..
وهنا أريد أن أذكر ما قاله الألباني رحمه الله تحت هذا الحديث في سلسلته المباركة "سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها": قال رحمه الله[628] بعد ذكره لكلام ابن تيمية واستبشاره بهذا الحديث، وأن هجرة أهله من حران إلى بلاد الشام؛ تعدل هجرة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، وهي كهجرة إبراهيم عليه السلام التي تعدلها هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتمام:
(وبهذه المناسبة يحق لي أن أقول بياناً للتاريخ، وشكراً لوالدي – رحمه الله- تعالى[629]-:
وكذلك في الحديث بشرى لنا: آلَ الوالد الذي هاجر بأهله من بلده (أشقودرة) عاصمة (ألبانيا) يومئذٍ؛ فراراً بالدين من ثورة (أحمد زوغو) أزاغ الله قلبه، الذي بدأ يسير في المسلمين الألبان مسيرة سلفه (أتاتورك) في الأتراك، فجنين – بفضل الله ورحمته- بسبب هجرته هذه إلى (دمشق الشام) ما لا أستطيع أن أقوم لربي بواجب شكره، ولو عشت عمر نوح عليه الصلاة والسلام؛ فقد تعلمت فيها اللغة العربية السورية أولاً، ثم العربية الفصحى ثانياً، الأمر الذي مكنني أن أعرف التوحيد الصحيح الذي يجهله أكثر العرب الذين كانوا من حولي – فضلاً عن أهلي وقومي-؛ إلا قليلاً منهم، ثم وفقني الله – بفضله وكرمه دون توجيه من أحد منهم- إلى دراسة الحديث والسنة أصولاً وفقهاً، بعد أن درست على والدي وغيره من المشايخ شيئاً من الفقه الحنفي وما يُعرف بعلوم الآلة، كالنحو والصرف والبلاغة، بعد التخرج من مدرسة (الإسعاف الخيري) الابتدائية، وبدأت أدعو من حولي من إخوتي وأصحابي إلى تصحيح العقيدة، وترك التعصب المذهبي، وأحذرهم من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وأرغبهم في إحياء السنن الصحيحة التي أماتها حتى الخاصة منهم، وكان من ذلك إقامة صلاة العيدين في المصلى في دمشق، ثم أحياها إخواننا في حلب، ثم في بلاد أخرى في سوريا، واستمرت هذه السنة تنتشر حتى أحياها بعض إخواننا في (عمان/الأردن)؛ كما حذرت الناس من بناء المساجد على القبور والصلاة، وألَّفتُ في ذلك كتابي "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد"، وفاجأت قومي وبني وطني الجديد بما لم يسمعوا من قبل، وتركت الصلاة في المسجد الأموي، في الوقت الذي كان يقصده بعض أقاربي؛ لأن قبر يحيى فيه كما يزعمون! ولقيت في سبيل ذلك – من الأقارب والأباعد- ما يلقاه كل داعية للحق لا تأخذه في الله لومة لائم، والَّفت بعض الرسائل في بعض المتعصبين الجهلة، وسُجنْتُ مرتين بسبب وشاياتهم إلى الحكام الوطنيين والبعثيين، وبتصريحي لبعضهم حين سُئلت: لا أؤيد الحكم القائم؛ لأنه مخالف للإسلام، وكان ذلك خيراً لي وسبباً لانتشار دعوتي.
ولقد يسر الله لي الخروج للدعوة إلى التوحيد والسُّنة إلى كثير من البلاد والسورية والعربية، ثم إلى بعض البلاد الأوروبية، مع التركيز على أنه لا نجاة للمسلمين مما أصابهم من الاستعمار والذل والهوان، ولا فائدة للتكتلات الإسلامية، والأحزاب السياسية إلا بالتزام السنة الصحيحة وعلى منهج السلف الصالح – رضي الله عنهم-؛ وليس ما عليه الخلف اليوم – عقيدة وفقهاً وسلوكاً-؛ فنفع الله ما شاء من عباده الصالحين، وظهر ذلك جلياً في عقيدتهم وعبادتهم، وفي بنائهم لمساجدهم، وفي هيئاتهم وألبستهم، مما يشهد به كل عالم منصف، ولا يجحده إلا كل حاقد ومخرّف، مما أرجو أن يغفر الله لي بذلك ذنوبي، وأن يكتب أجر ذلك لأبي وأمي، والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات: }رَبّ أَوْزعْني أَنْ أَشْكُرَ نعْمَتَكَ الَّتي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخلْني برَحْمَتكَ في عبَادكَ الصَّالحينَ{ ، ربّ }..وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإنّي من المسلمين{) اهـ
أما البقعة التي خرج منها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي؛ فهي بقعة مباركة أيضاً؛ (وقد جاء في فضل بعض أهل نجد كَتَميْم، وما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: أحب تميماً لثلاث سمعتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قوله لما جاءت صدقاتهم: ((هذه صدقات قومي))، وقوله: في الجارية التَّميميَّة: ((اعتقها فإنها من ولد إسماعيل))، وقوله: ((هم أشد أمتي على الدَّجال)).)[630]. فنحن نحبهم لحب رسول الله e وأبي هريرة رضي الله عنه لهم، والمرء مع من أحب.. فاللهم اغفر لنا ولمن أحب أبا هريرة، ولمن استغفر له، فعن محمد بن سيرين رحمه الله تعالى قال: كنا عند أبي هريرة ليلةً فقال: (اللهم اغفر لأبي هريرة، ولأمي، ولمن استغفر لهما). فقال محمد: فنحن نستغفر لهما حتى ندخل في دعوة أبي هريرة رضي الله عنه[631].. ولا يشك أحد أعطاه الله بصيرة في الدين أن لأهل اليمامة من بني تميم فضل عظيم في نشر التوحيد وحق الله تعالى على العبيد، فرفعوا رايته، وعملوا بالكتاب والسنة، ونشروا شرائع الإسلام، ورفعوا مناره وأعلامه، ودعوا الناس ودفعوهم لذلك بثبات جأش وقوة إيمان، فنشروا الكتب المشتملة على التوحيد والسنة واتباع منهج الصحابة الكرام والذين اتبعوهم بإحسان[632]، ومحذرين في نفس الوقت من البدع ومواسمها والضلالات والعقائد الفكْريَّة والكُفْريَّة والشّرْكيَّة وعبادة المشايخ والقبور، ومنفذين في نفس الوقت – بقوة اجتماعية ودولة منيعة- لأحكام الشريعة التي حفظت أمن بلادهم وسلامة نفوس وأموال وأعراض أفرادهم[633]..
تنبيه مهم فيما قدمناه في أعلاه عن قرن الشيطان والأحداث التي دارت وسوف تدور فيه:
ونحن هنا لا ندعي القدرة على كسر حاجز الزمن، ولا الإبحار عبر المستقبل، فلا نستطيع تحديد موعد خروج المهدي، أو نزول عيسى عليه السلام، وخروج الدجال الضال، أو موعد زوال دولة إسرائيل، أو تحديد موعد قيام الساعة، فهذا أمر يدخل فيه الفاعل إلى التحريف والتعدي على المسلمات والقواعد والكليات، سواء فيما يخص الشرع بعامة، أو الفتن بخاصة، ولكنها كلها إرهاصات أخبر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويظهر فيها صدق ما أنبأ وحدَّث به أمته، وخاصة أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر بأن الفتن تكون تمهيداً لخروج الدجال الضال، وله صفات وأحوال عند الخروج، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتحدث بتلك الأحاديث – أحاديث الفتن – عبثاً، وإنما قالها ليفقهها عنه العلماء الربانيون في كل عصر ومصر، وهي أحاديث قد بلَّغها؛ لكونها ضمن رسالته التي بُعث بها عليه الصلاة والسلام، فهو صلى الله عليه وآله وسلم وضع أحاديثه للمسلمين؛ ليتبصروا بها، ولتكون لهم هداية، وليعرفوا مدى حب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم، وحرصه على نجاتهم من الفتن..
فمنهج أهل السنة والجماعة منضبط بقواعد في الاستدلال والاستنباط، يُسْقط كل القضايا في الواقع بقوة حجية المصادر الصحيحة التي يؤخذ منها القضايا في محلها، على شرط صحة النقل بالدليل، وطريقة تنزيله، لا الخوض في الظن، ولا العبث في الاحتمال، فيكون الدليل الصحيح مرتبط بالبيّنات والحجج الواضحات المرتبطة المتصلة مع بعضها البعض، ليصل الباحث إلى فهم سديد لمراد الله ورسوله من النصوص، كما قال إمام أهل السنة أحمد بن حنبل: (الحديث إذا لم تجمع طرقه؛ لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً)[634]
وصحة النقل ما تكون إلا بمنهج علمي منضبط؛ وهو النقل المصدق، والبحث المحقق، فإن لم يكن هذا الشرط؛ فاستدلال يكون هذياناً وسراباً لا يُعرف صحيحه من فاسده، بل سوف يكون فيه الزلل والتعسف والتكلف في فهم مراد الشارع من النصوص..
فنحن لم نذكر أحاديث الفتن؛ إلا من أجل التحذير منها، وتنبيه المسلمين من سنَتهم، وإيقاظهم من رقدتهم، وتبعيدهم من غشيانها أو القرب منها، ومن أجل اعتقاد صحة ما أخبر به خير العباد صلى الله عليه وآله وسلم الذي لم تتحمله عقول الكفار الذين قاسوا قدرة الله بعقولهم القاصرة الخاسرة.. فكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أحاديث الفتن واقع لا محالة؛ فهي كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير زيادة ولا نقصان، فمجريات الأحداث غيب، والأيام حُبالى، والمعصوم؛ من عصمه الله، والعصمة؛ لأهل اليقين والإيمان الصحيح المولَّد من تصور متيقظ صحيح، يعلم صاحبه كيف يبتعد عن الفتن في زمن تشرأب فيه وتكثر، فيقوم المسلم بدفع أسبابها وعللها، مما يساعد كثيراً في الاعتصام منها والبعد عنها..
ومع ذلك! فنحن وإن اعتقدنا أن أحاديث الفتن واقعة لا محالة – وهي أمور كونية قدرية- إلاَّ أننا نحاربها، لا من أجل أننا سوف نوقف تكوينها، ولكن من أجل التحذير منها، وتحفيز أنفسنا للاستعداد لها، والبعد عنها، فلا نكون جَبْريّين؛ فنتعجل البلاء قبل وقوعه، فنقعد مكتوفي الأيدي لا نحرك ساكنا، ليس لنا كسب ولا اختيار، متواكلين لا نعمل فيما أُمرْنا به من سلوك أسباب التغيير، فنكون سهاماً مسمومة تطعن في جسد الأمة لتخدَّر، ولا نكون أيضاً قَدَريّين إلزاميين؛ نحيق بالناس دون أن يكون لنا ذنب، أو دون أن نقدم من الأسباب والبدايات ما يجعلنا نُصاب بنتائجها، وكلاهما أهل توهم باطل، ويأس عاطل، وفي فهمهم ضلال، وفي إيمانهم كفر، غير واقعيين، ولا يحسنون واجب الوقت...
فالفتن لا تجيء لتهدي الناس، ولكنها تجيء تقارع المؤمن عن دينه، فإذا أقبلت؛ لم يعرفها إلا العلماء، وإذا أدبرت عرفها الجُهَّال، فالخوض فيها بغير علم؛ يُضعف العقل، ويوهن الدين، لهذا لما سُئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن عقول الناس في الفتن، بحيث يقتل الناس فيها بعضهم بعضاً، فيقتل المسلمُ المسلمَ: ((...إنه لتُنْزَع عقولُ أهل ذلك الزمان، ويَخْلفُ له هباءٌ من الناس، يحسبُ أكثرُهم أنهم على شيءٍ، وليسوا على شيء))[635]
ففي هذا الحديث دليل على أن جهلة الناس هم الذين يخلفون في هذه الفتن، وهم ليسوا على شيء، وإن رأوا أنهم على شيء، فهم أصحاب عقول معوجَّة غير متزنة، وفهوم ساقطة في الكذب، تخوض في الفتن دون حلم ولا أناة ولا رفق ولا انضباط، بل بعصبية لفرق ومذاهب وبلدان وتصورات أشخاص، وتبجحهم بذكرهم المسائل العلمية، وهم ليسوا من أهلها، أو ذكرهم كبار المسائل لمن لا يحتمل عقله إلا صغارها على ضد التربية الشرعية، فوجب على العلماء كشفهم، والتحذير من أفكارهم، فهم يوقعون الكذب الصراح على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويتسللون لواذاً إلى ميدان العلماء، ويقتحمونه بهلكة، ويدَّعون تنبؤات، فيصطنعون الأخبار، ويخوضون في أحاديث الفتن وهم مُتَكَهّنُون، ومستشرفون الغيب بالظنون، معتمدون على تنبؤات الكهنة، وكتب الرافضة، والإسرائيليات، وكتب خادمة لتوجهات وأفكار ومناهج ومذاهب ومشارب؛ فيعيّنون الأوقات، ويسمُّون الرجال، ويحدّدون المكان، ويقدمون استنباطاتهم على النصوص، من غير مبالاة لتقويم ما أظهرته الأحداث بمضي الزمان من أخطاء، كل ذلك بفهمهم القاصر للأدلة، أو باستدلالاتهم بأدلة واهية موضوعة، وأفكار مُوَسْوَسَة، فينقضي الزمان؛ ولا أثر لشيء من تخرصاتهم وتكهناتهم! بل قد ظهر كذبهم في بعضها، وسيظهر باقي الكذب والتدجيل لاحقا إن شاء الله.
منهم صاحب كتاب "هرمجدون" الكذاب، محمد عيسى داود[636]، صاحب المخطوطات المُدعاة، ومن كان على شاكلته، من الذين يتأَكَّلون بالدين، فيصطادون السذج المساكين، ومنهم فاروق الدسوقي صاحب كتاب "البيان النبوي بانتصار العراقيين على الروم والترك وتدمير إسرائيل وتحرير الأقصى" وكتاب "القيامة الصغرى على الأبواب" وآخر اسمه فهد سالم في كتاب له سماه "أسرار الساعة وهجوم الغرب" وغيرهم الكثير ممن لا تتعدى همتهم بطونهم وفروجهم، من الناقلين عنهم الذين استدلوا بكتبهم..فقاتلهم الله أنى يؤفكون[637].
فليس كل من صعد المنبر بعالم، وليس كل ما يُكتب بمسلَّم، فالمكتوب كالمسموع، لا يوثق به إلا إذا جاءنا بسند متصل صحيح إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علة، والعالم هو من عُلم قدره وبضاعته وضبطه وإتقانه في بضاعته ومعرفته ومصادره المنهجية؛ المحافظة على سلامة المعتقد، وصيانة الشريعة من كل إفراط أو تفريط أو اعوجاج عن جادة الطريق...
هكذا العالم الذي لا يفتي في الفتنة إلا بعد تحققه من صحة النصوص، وجمع ألفاظها، وحصر مَرْويَّاتها؛ ليتمكن من معرفة معانيها على الوجه المراد، على قاعدة: استدل، ثم اعتقد، لا العكس..
فمنهج أهل السنة إبَّان حلول الفتنة، هو عدم تنزيل أحاديثها على واقعٍ حاضر، وإنما يتبين صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما أنبأ وحدَّث به أمته من حدوث الفتن عقب حدوثها واندثارها، مع تنبيه الناس وتحذيرهم من الفتن عامة، ومن تطبيقها على الواقع الحالي خاصة..
فالنصوص الشرعية هي التي تكوّن المواقف والمقررات، لا السياسات، ولا المذاهب، ولا الفرَق، ولا الاتجاهات، ولا الرواسب والمواقف والمنطلقات والتَّخَرُّصَات والتَّصورات والتيارات التَّعَسُّفيَّة التهوريَّة، التي أتت منها المقررات الجامدة الحزبية، والتَّخَبُّطَات الغير موضوعية ولا منهجية، والشطحات العقلية، والتَّعَصُّبات المذهبية، والانحرافات العقدية البائسة الجائرة الخائرة البائرة الحائرة! التي خالفت المقاصد الشرعية، والضوابط المنهجية، في التعامل مع الشريعة المحمدية.. والله وحده المستعان..
وأخيراً وليس آخراً! هل نكفر الرافضة؟؟
المقصود من كلامنا سلفاً عن الرافضة[638]؛ أردنا أن نبين المحاربين لجماعة المسلمين من الرافضة ونحوهم، فهم شر من غيرهم من الطوائف الذين نص النبي e على قتالهم ورغب فيه كالخوارج، وهذا متفق عليه بين علماء الإسلام العارفين لحقيقة دينهم، ونحن ليس لدينا أدنى شك في أن كل قول يخالف لما جاء به النبي e كُفر وظلم وفسق، وخاصة إذا كانت الأفعال تشابه جنس أفعال الكفار، ولكن تكفير الواحد المُعَيَّن منهم والحكم بتخليده في النار موقوف على ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه، ولا بأس إذا أطلقنا القول بنصوص الوعد والوعيد والتكفير والتَّفسيق، ولكن لا ندخل مُعَيَّناً في ذلك العام حتى يقوم فيه المقتضى الذي لا معارض له، لهذا لا يكفّر العلماء من استحل شيئاً من المحرمات لقرب عهده بالإسلام، أو لنشأته ببادية بعيدة، فحكم الكفر لا يكون إلا بعد بلوغ الرسالة، وخاصة أن الكثير من الناس قد لا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه، ولا يعلم أن الرسول بُعث بذلك، فنقول في الأقوال المخالفة أنها كفر، ويُكفَّر قائلها ومعتقدها متى قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها دون غيره[639].. فالمعين منهم قد يقول أنه غير مقتنع بدين قومه أو متشكك في دينهم، وقد ينكر عليهم أموراً لا توافق الفطرة ولا العقل، ويقول إذا نوقش: أنه لم يكن هناك من يرشده إلى الحق ونحو ذلك، فالله هو الهادي والفاتن سبحانه وتعالى، فمثل هذا له حكمه على حالته..
وبعد أيها القارئ الكريم! فأنت تعلم أن الشيعة موجودون حاضرون، واليوم نستطيع الحكم عليهم بأكثر من حكم المتقدمين من أهل السنة الذين كفروا الشيعة[640]؛ لكون الحُجَّة في هذا الزمان قائمة؛ بحيث نستطيع أن نكفر من صرح بالكفر وشرح صدره له، ولا أشك أنك أدركت مدى ما حوته عقيدة الرافضة من طوام تسقط قيمتهم بالكليَّة، وظهر لنا ما غاب عنا من فترات طويلة عن حالهم[641]، فما عساكم قائلون؟ وإلى أي شيء ستحكمون؟ هل ستساقون خلف أئمتهم ومرجعياتهم وآياتهم معصبي العيون، مسددي الآذان؟ هل ستسلمون لهم القيادة مع العقول؟!
فيا أيها اللبيب العاقل! احتكم، فإقرار المرء على نفسه من أقوى البينات، فلا تخيب المسعى الذي قام به العلماء من التحذير منهم، وكن صادقاً وأسند قولك قبل ولات حين مَنْدَم..
ونحن لما بينا عقيدة الرافضة رأينا أنهم طائفة كفر وردَّة؛ لأنها جمعت كل أنواع الشرك والكفر؛ الشرك الأكبر والأصغر، والكفر الاعتقادي العملي، والنفاق الأكبر والأصغر، والنفاق الاعتقادي والعملي، فنراهم يُؤلّهون أهل البيت، ويعتقدون عصمتهم وعصمة أئمتهم وآياتهم، ويضفون عليهم صفات الله تعالى، وبالمقابل يكفرون كل من لا يؤمن بهذه العقيدة، فنراهم يجعلون قبورهم معابد ومشاهد يحجون إليها، ويفضلونها على حج بيت الله الحرام[642]، فيدعون الموتى ويستغيثون بهم، ويجعلونهم مناط الرجاء ومفزع الحاجات[643]، ويكفرون كل من لا يؤمن بهذا الشرك، حتى وصل بهم أن خوَّنوا جبرائيل عليه السلام، وتنقَّصوا من الرسول الإمام e، وادعوا أنه لم يُبَلّغْ كل ما أُوحيَ إليه من ربه، ويعتقدون أن الذي سوف يكمله هو المهدي الخرافي المسردب في سردابه من أكثر من 1200عام، فيأتي بسنته ودينه الخاص، ويَسبون أبر هذه الأمة قلوباً وأرسخهم إيماناً وأمناء الوحي وخيرة الله لصحب نبيه وهم الصحابة فيسبونهم كلهم إلاَّ ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، ويبهتونهم بكل رذيلة[644]، مع أن منهم من هم أنسابه وأصهاره وخاصته وخلفاؤه ووزراؤه وقادته وموضع سره وكَرَشه ونوابه، وسب مثل هؤلاء ما هو إلا عبارة طعنٍ في الرسول e، وأي طعن أعظم من اتهامه e بالفشل المطبق في حياته وفي مجهوده التربوي والدَّعوي مع خاصة أصحابه وخلاصة رفاقه[645]، وبالمقابل يوالون الكفار على مر العصور بجميع أصنافهم من يهود ونصارى ومجوس وغيرهم، حتى صاروا علماً في هذا المضمار الذي لا يباريهم فيه أحد، ويقذفون أمهات المؤمنين، ويتهمونهم بما لا يجيزونه لأمهاتهم وبناتهم، وبالمقابل يبيحون الزنا وزواج المتعة ويعتبرونه قربة إلى الله ومغفرة للذنوب وجبال الحسنات، وينسبون هذا الزنا لأئمتهم[646]، حتى أنهم أفتوا بإعارة الفروج، والجمع بين البنت وخالتها وعمتها، ونكاح بنت الأخ على العمة، وبنت الأخت على الخالة بإذنهما، كما أنهم يبيحون اللواطة بالنساء وبالاستمتاع بالرضَّع مفاخذةً، فكتبهم وأعمالهم وأفعالهم زاخرة بمثل هذا الكفر البواح، والشرك الصراح، فمن أنكر منهم وقال أن هذا ليس عندهم؛ فهو مكابر، ومغالط مكشوف، فكتبهم مشحونة بهذه العقائد، ومطبوعة ومتداولة، وقولهم هذا تقية مردودة إلاَّ إذا تبرأ من عقائد الشيعة، وانخلع من الانتماء إليهم، فعندئذ نعذره ونقول بظاهره وعلانيته، ونَكلُ سريرته إلى الله تعالى، وأما إذا ادعى أنه يجهل عقائد ومذاهب الشيعة الذين ينتمي إليهم، ولا يعرف تفاصيلها، ولا حتى جملها وقواعدها ومفرداتها وخصوصياتها؛ فإنه يُبيَّن له بالمجالسة والمحادثة والصبر عليه وتعامله بالحسنى رجاء أن يفتح الله قلبه، فإن أظهر موافقة الحق، ورد الباطل، وتبرأ منهم، فذلك نعذره أيضاً، فالمُعَيَّن منهم قد يهزه حسام الذكرى، وأما إذا أظهر تراوغاً وأعمل تداوراً بعد بذل الجهود معه؛ حكمنا عليه بما يقتضيه حاله..
وعلى كلّ حال، قد تبيَّن الحال! فالشيعة مباينون للمسلمين بمفارقتهم للدين، ودخولهم في زمرة الكافرين والمنافقين، حتى أن من يرى أحوالهم يرى أنهم جنساً آخر غير جنس المسلمين، بل إنهم شر من عامة أهل الأهواء[647]، بل إن من دينهم السعي في هدم الإسلام ونقض عراه وإفساد قواعده، بل إن من خاصة خصوصياتهم وضع السرور لأعداء الإسلام، فأيامهم على مر العصور سوداء، وقد ذكرنا بعضها في هذين القسمين، ولو ذكرنا كل ما عرفناه عنهم لاحتاج إلى كتاب كبير. وفي جعبتنا ما فيها، وقد تطاول ليلك بالإثمد.. فالظروف ألمت، والحوائج حمت.. فالأوقات دولات، وفي أيدينا جولات.. أسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه..
نعم! موضوع التكفير يلزم الهدوء والحلم والروية والأناة، فهو موضوع شائك يخشى المرء الولوج فيه دون علم وصبر وتؤدة، والحكم على الشيء فرع من تصوره، وخاصة أن معتقدات الشيعة تتفاوت ببواطلهم – جمع باطل- فبواطلهم لا تنضبط، وأسس مذهبهم أيضاً لا ينضبط، حتى إن أقل صورة من باطلهم يستحق معتقدها التفسيق والتعزير والتأديب والعقوبة واستتابته، فكيف إذا اجتمع معه باقي العقائد المترددة في الرّدة فيما بينها[648]؟!
قال أبو ماجد عفا الله عنه وأحسن خاتمته: فإنني أعتقد أن مذهب الرافضة[649] في واقعه مستقر على أصول الكفر والشركيات، فأعتقد – عقيدةً- أنهم كفروا بأصول الدين كلها عمداً، فهم قد كفروا بأقوالهم وأفعالهم واعتقاداتهم، فكفرهم كفر أصلع يهوي بصاحبه لأدنى درجات النيران، فكفرهم بَيّنٌ واضح، فهم ينكرون أمور الدين المعروفة أجمع المسلمون على خروج منكرها من الإسلام، فهم كفروا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فكرفهم كفر متعمَّد؛ بحيث كذبوا كتاب الله تعالى، وكذبوا بما جاء به النبي e، وكذبوا ما جاء به الدين من الأخلاق والآداب والأحكام، وجحدوا قواعد الشرع وما عُلم من الدين بالضرورة متسترين بالتأويل في ما لا يكمن تأويله، وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً؛ فدعوا غير الله في الشدة والرخاء، وذبحوا ونذروا لغير الله، وخافوا ورجوا غير الله، واعتمدوا على غير الله، فصرفوا أنواع العبادة لغير مستحق العبادة، فأشركوا شركاً أكبر يخرجهم من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر المحبط للعمل والمخلد في دار البوار، ويحول بينهم وبين شفاعة سيد البشر المختار e... كما بينا ذلك وأثبتناه في أعلاه[650]..
وهنا سنبين بعض أقوال علماء أهل السنة والجماعة في حكمهم على الرافضة أخزاهم الله، حتى لا يقولنَّ أحد من الناس أننا نتكلم من واقع خصومة شخصية بيننا وبينهم، أو أننا نفتري عليهم، وليكون كلامنا أيضاً موضع قبول لدى القراء الأفاضل الكرام..
بعض أقوال العلماء المتقدمين والمتأخرين في الرافضة:
هذه بعض فتاوى أئمة المسلمين وعلمائهم في مسالة حكم الرافضة الذين هم شر من اليهود والنصارى، وأضل من حمر البهائم، لأنها ارتضت مذهبا لنفسها غير مذهب المسلمين، ودينا غير دينهم، فجاءت بالكفر من أوسع أبوابه، وبالشرك من أعرض نوافذه، وبالفسق من أعمق مقاصده، وبالزندقة من أعلى هممها، بالغلو من أكبر أوديته، حتى اعتقدوا بأن حب علي حسنة لا يضر معها سيئة؛ لذا فإننا نعتقد بأنهم كفرة, ليسوا من الإسلام في شيء بسبب فسقهم وشركهم وكفرهم وزندقتهم وغلوّهم، وسبهم للصحابة، وطعنهم في كتاب الله وغيرها من العقائد التي بينا الكثير منها في هذين القسمين..
أولاً: الإمام مالك: روى الخلال عن أبي بكر المرُّوذي قال: سمعت أبا عبد الله يقول: قال مالك: الذي يشتم أصحاب النبي e ليس لهم اسم، أو قال: نصيب في الإسلام[651].
وقال ابن كثير عند قوله سبحانه وتعالى: }مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذينَ مَعَهُ أَشدَّاءُ عَلَى الكُفَّار رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً منَ الله وَرضْوَانًا سيمَاهُمْ في وُجُوههمْ منْ أَثَر السُّجُود ذَلكَ مَثَلُهُمْ في التَّوْرَاة وَمَثَلُهُمْ في الإنْجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقه يُعْجبُ الزُّرَّاعَ ليَغيظَ بهمُ الكُفَّارَ { الفتح:29 قال: (ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة y قال: لأنهم يغيظونهم. ومن غاظ الصحابة y فهو كافر لهذه الآية. ووافقه طائفة من العلماء y على ذلك)[652]. وقال القرطبي: (لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين وأبطل شرائع المسلمين)[653]
ثانياً: الإمام أحمد: رويت عنه روايات عديدة في تكفيرهم، فروى الخلال عن أبي بكر المرُّوذي قال: سألت أبا عبد الله عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة؟ قال: ما أراه على الإسلام. وقال: أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال: سمعت أبا عبد الله قال من شتم أخاف عليه الكفر مثل الروافض، ثم قال: من شتم أصحاب النبي eلا نَأْمَن أن يكون قد مرق عن الدين)[654]. وقال أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أراه على الإسلام. وجاء في كتاب السنة للإمام أحمد قوله عن الرافضة: (هم الذين يتبرؤون من أصحاب محمد e ويسبونهم وينتقصونهم ويكفرون الأئمة إلا أربعة: علي وعمار والمقداد وسلمان وليست الرافضة من الإسلام في شيء)[655]. وقال ابن عبد القوي: (وكان الإمام أحمد يكفر من تبرأ منهم (أي الصحابة) ومن سب عائشة أم المؤمنين ورماها مما برأها الله منه وكان يقرأ }يَعظُكُمَ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لمثْله أَبَدًا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمنينَ[656]{. النور:17
ثالثاً: البخاري: قال رحمه الله: (ما أبالي صليت خلف الْجَهْميّ والرافضي، أم صليت خلف اليهود والنصارى ولا يسلم عليهم ولا يعادون ولا يُناكحون ولا يُشْهدون ولا تُؤكل ذبائحهم)[657]
رابعاً: عبد الله بن إدريس قال : (ليس لرافضي شفعة إلا لمسلم)
خامساً: عبد الرحمن بن مهدي: قال البخاري: قال عبد الرحمن بن مهدي: هما ملتان الجهمية والرافضية[658].
سادساً: الفريابي: روى الخلال قال: (أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال: حدثنا موسى بن هارون بن زياد قال: سمعت الفريابي ورجل يسأله عمن شتم أبا بكر، قال: كافر، قال: فيصلى عليه؟ قال: لا، وسألته كيف يصنع به وهو يقول لا إله إلا الله، قال: لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته[659]
سابعاً: أحمد بن يونس: الذي قال فيه أحمد بن حنبل وهو يخاطب رجلاً: اخرج إلى أحمد بن يونس فإنه شيخ الإسلام[660]. قال: لو أن يهودياً ذبح شاة، وذبح رافضي؛ لأكلت ذبيحة اليهودي، ولم آكل ذبيحة الرافضي لأنه مرتد عن الإسلام[661].
ثامناً: ابن قتيبة الدينوري قال: بأن غلو الرافضة في حب علي المتمثل في تقديمه على من قدمه رسول الله e وصحابته عليه، وادعاءهم له شركة النبيe في نبوته، وعلم الغيب للأئمة من ولده.
وتلك الأقاويل والأمور السرية قد جمعت إلى الكذب والكفر أفراط الجهل والغباوة[662].
تاسعاً: عبد القاهر البغدادي يقول: وأما أهل الأهواء من الجارودية والهشامية والجهمية والإمامية الذين كفروا خيار الصحابة.. فإنا نكفرهم، ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا ولا الصلاة خلفهم[663]، وقال: وتكفير هؤلاء واجب في إجازتهم على الله البداء، وقولهم بأنه يريد شيئاً ثم يبدو له، وقد زعموا أنه إذا أمر بشيء ثم نسخه فإنما نسخه لأنه بدا له فيه...وما رأينا ولا سمعنا بنوع من الكفر إلا وجدنا شعبة منه في مذهب الروافض)[664].
عاشراً: القاضي أبو يعلى: قال: وأما الرافضة فالحكم فيهم.. إن كفر الصحابة أو فسقهم بمعنى يستوجب به النار فهو كافر)[665].
الحادي عشر: ابن حزم الظاهري الأندلسي قال: وأما قولهم (يعني النصارى) في دعوى الروافض تبديل القرءات؛ فإن الروافض ليسوا من المسلمين، إنما هي فرقة حدث أولها بعد موت رسول الله e بخمس وعشرين سنة.. وهي طائفة تجري مجرى اليهود والنصارى في الكذب والكفر[666]. وقال وأنه: (ولا خلاف بين أحد من الفرق المنتمية إلى المسلمين من أهل السنة، والمعتزلة والخوارج والمرجئة والزيدية في وجوب الأخذ بما في القرآن المتلو عندنا أهل.. وإنما خالف في ذلك قوم من غلاة الروافض وهم كفار بذلك مشركون عند جميع أهل الإسلام وليس كلامنا مع هؤلاء وإنما كلامنا مع ملتنا)[667].
الثاني عشر: الإسفراييني: فقد نقل جملة من عقائدهم ثم حكم عليهم بقوله: (وليسوا في الحال على شيء من الدين ولا مزيد على هذا النوع من الكفر إذ لا بقاء فيه على شيء من الدين[668].
الثالث عشر: أبو حامد الغزالي: قال: ولأجل قصور فهم الروافض عنه ارتكبوا البداء ونقلوا عن علي رضي الله عنه أنه كان لا يخبر عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيه فيغيره، وحكوا عن جعفر بن محمد أنه قال: ما بدا لله شيء كما بدا له إسماعيل أي في أمره بذبحه..وهذا هو الكفر الصريح، ونسبة الإله تعالى إلى الجهل والتغيير[669].
الرابع عشر: القاضي عياض: قال رحمه الله: (نقطع بتكفير غلاة الرافضة في قولهم إن الأئمة أفضل من الأنبياء). وقال: وكذلك نكفر من أنكر القرآن أو حرفاً منه أو غيَّر شيئاً منه أو زاد فيه كفعل الباطنية والإسماعيلية
الخامس عشر: السمعاني: قال رحمه الله: (واجتمعت الأمة على تكفير الإمامية، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة وينكرون إجماعهم وينسبونهم إلى ما لا يليق بهم[670].
السادس عشر: شيخ الإسلام ابن تيمية: قال رحمه الله: (من زعم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة، فلا خلاف في كفرهم، ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسَّقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا؟ فإن كفره متعين!، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: }كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرجَتْ للنَّاس{ وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفاراً، أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام[671]. وقال أيضاً عن الرافضة: أنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج[672]. وقال في نفس الصفحة: (ومن اعتقد من المنتسبين إلى العلم أو غيره أن قتال هؤلاء بمنزلة قتال البغاة الخارجين على الإمام بتأويل سائغ فهو غالط جاهل بحقيقة شريعة الإسلام..لأن هؤلاء خارجون عن نفس شريعة رسول الله e وسنته شرا من خروج الخوارج الحرورية, وليس لهم تأويل سائغ فإن التأويل السائغ هو الجائز الذي يقر صاحبه عليه إذا لم يكن فيه جواب كتأويل العلماء المتنازعين في موارد الاجتهاد. وهؤلاء ليس لهم ذلك بالكتاب والسنة والإجماع, ولكن لهم تأويل من جنس تأويل اليهود والنصارى, وتأويلهم شر تأويلات أهل الأهواء).
السابع عشر: ابن كثير الدمشقي: أسرد رحمه الله في "البداية والنهاية" الأحاديث الثابتة في السنة المتضمنة نفي دعوى النَّص والوصية التي تدعيها الرافضة لعلي ثم عقب عليها: (ولو كان الأمر كما زعموا؛ لما رد ذلك أحد من الصحابة فإنهم كانوا أطوع لله ولرسوله في حياته وبعد وفاته، من أن يفتاتوا عليه فيقدموا غير من قدمه، ويؤخروا من قدمه بنصه، حاشا وكلا ومن ظن بالصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقد نسبهم بأجمعهم إلى الفجور والتواطؤ على معاندة الرسول e ومضادته في حكمه ونصه، ومن وصل من الناس إلى هذا المقام فقد خلع ربقة الإسلام، وكفر بإجماع الأئمة الأعلام وكان إراقة دمه أحل من إراقة المدام[673].
الثامن عشر: أبو حامد محمد المقدسي: قال بعد حديثه عن فرق الرافضة وعقائدهم: لا يخفى على كل ذي بصيرة وفهم من المسلمين أن أكثر ما قدمناه في الباب قبله من عقائد هذه الطائفة الرافضة على اختلاف أصنافها؛ كفر صريح، وعناد مع جهل قبيح، لا يتوقف الواقف عليه من تكفيرهم والحكم عليهم بالمروق من دين الإسلام[674]
التاسع عشر: أبو المحاسن الواسطي: وقد ذكر جملة من مكفراتهم فمنها قوله: إنهم يكفرون بتكفيرهم لصحابة رسول الله e الثابت تعديلهم وتزكيتهم في القرآن بقوله تعالى: }لتكونوا شهداء على الناس{ وبشهادة الله تعالى لهم أنهم لا يكفرون بقوله تعالى: }فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين{[675]
العشرون: علي بن سلطان القاري: قال: (وأما من سب أحداً من الصحابة فهو فاسق ومبتدع بالإجماع إلا إذا اعتقد أنه مباح كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم، أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم، أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة فإنه كافر بالإجماع[676].
الحادي والعشرون: محمد بن علي الشوكاني رحمه الله قال: (إن أصل دعوة الروافض كياد الدين, ومخالفة شريعة المسلمين، والعجب كل العجب من علماء الإسلام, وسلاطين الدين, كيف تركوهم على هذا المنكر البالغ في القبح إلى غايته ونهايته, فإن هؤلاء المخذولين لما أرادوا ردّ هذه الشريعة المطهرة ومخالفتها؛ طعنوا في أعراض الحاملين لها, الذين لا طريق لنا إليها إلا من طريقهم, واستزلوا أهل العقول الضعيفة بهذه الذريعة الملعونة والوسيلة الشيطانية, فهم يظهرون السب واللعن لخير الخليقة, ويضمرون العناد للشريعة, ورفع أحكامها عن العباد. وليس في الكبائر أشنع من هذه الوسيلة إلا ما توسلوا بها إليه, فإنه أقبح منها, لأنه عناد لله عز وجل ولرسوله e ولشريعته.
فكان حاصل ما هم فيه من ذلك أربع كبائر كل واحدة منها كفر بواح:
الأولى: العناد لله عز وجل.
الثانية: العناد لرسوله e.
الثالثة: العناد لشريعته المطهرة ومحاولة إبطالها.
الرابعة: تكفير الصحابة y, الموصوفين في كتاب الله سبحانه بأنهم أشداء على الكفار, وأن الله تعالى يغيظ بهم الكفار, وأنه قد رضي عنهم, مع أنه قد ثبت في هذه الشريعة المطهرة أن من كفر مسلماً كفر كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي e قال: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كان كما قال وإلاَّ رجعت عليه).
وبهذا يتبين أن كل رافضي خبيث يصير كافرا بتكفيره لصحابي واحد, فكيف بمن كفر كل الصحابة, واستثنى أفرادا يسيرة تغطية لما هو فيه من الضلال على الطغام الذين لا يعقلون الحجج ؟!)[677] إ.ﻫ
الثاني والعشرون: الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قال: (فإذا عرفت أن آيات القرآن تكاثرت في فضلهم -يعني الصحابة y- والأحاديث المتواترة بمجموعها ناصة على كمالهم, فمن اعتقد فسقهم أو فسق مجموعهم, وارتدادهم وارتداد معظمهم عن الدين, أو اعتقد حقيَّة سبهم و أباحته,أو سبهم مع اعتقاد حقيَّة سبهم, أو حلّيته؛ فقد كفر بالله تعالى ورسوله..وغالب هؤلاء الرافضة الذين يسبون الصحابة يعتقدون حقيَّة سبهم أو أباحته بل وجوبه,لأنهم يتقربون بذلك إلى الله تعالى ويرون ذلك من أجّل أمور دينهم )[678]
الثالث والعشرون: الإمام الآلوسي المفسر: قال رحمه الله: (ذهب معظم علماء ما وراء النهر إلى كفر الاثني عشرية وحكموا بإباحة دمائهم وأموالهم وفروج نسائهم, حيث إنهم يسبون الصحابة y لا سيما الشيخين وهما السمع والبصر منه عليه الصلاة والسلام, وينكرون خلافة الصّدّيق, ويقذفون عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها مما برأها الله تعالى منه, ويفضلون بأسرهم عليا كرم الله وجهه.. على غير أولي العزم من المرسلين, ومنهم من يفضله عليه أيضا... ويجحدون سلامة القرآن العظيم من الزيادة والنقص)[679] إ.ﻫ
الرابع والعشرون: الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن وهو من علماء الدعوة النجدية: يقول رحمه الله: (وأما حكم الرافضة فيما تقدم فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله..: ومن سب الصحابة أو أحدا منهم، واقترن بسبه أن جبريل غلط في الرسالة؛ فلا شك في كفره، بل لا شك في كفر من توقف في كفره، ومن قذف عائشة فيما برأها الله عنه؛ كفر بلا خلاف... إلى أن قال: وأما من زعم أن الصحابة ارتدوا بعد موت النبي e إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر وأنهم فسقوا؛ فلا ريب أيضا في كفر قائل ذلك، بل لا ريب في كفر من لم يكفره... انتهى.. فهذا حكم الرافضة في الأصل وأما الآن فحالهم أقبح و أشنع لأنهم أضافوا إلى ذلك الغلو في الأولياء الصالحين من أهل البيت وغيرهم واعتقدوا فيهم النفع والضر في الشدة والرخاء ويرون أن ذلك قربة تقربهم إلى الله ودين يدينون به فمن توقف في كفرهم والحالة هذه وارتاب فيه فهو جاهل بحقيقة ما جاءت به الرسل ونزلت به الكتب فليراجع دينه قبل حلول رمسه , ..إلى قول :وأما مجرد السلام على الرافضة ومصاحبتهم ومعاشرتهم مع اعتقاد كفرهم وضلالهم؛ فخطر عظيم، وذنب وخيم، يخاف على مرتكبه من موت قلبه وانتكاسه, وفي الأثر أن من الذنوب ذنوبا عقوبتها موت القلوب وزوال الإيمان)[680] إ.ﻫ
الخامس والعشرون: الإمام محمد الأمين الشنقيطي: قال رحمة الله عليه عند تفسيره لقوله عز وجل }وَالسَّابقُونَ الأَوَّلُونَ منَ الْمُهَاجرينَ وَالأَنصَار وَالَّذينَ اتَّبَعُوهُم بإحْسَانٍ رَّضيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ...{ التوبة : 100:
(ولا يخفى انه تعالى صرح في هذه الآية الكريمة أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار, والذين اتبعوهم بإحسان, وهو دليل قرآني صريح في أن من يسبهم ويبغضهم أنه ضال مخالف لله جل وعلا, حيث أبغض من رضي الله عنه ولا شك أن بغض من رضي الله عنه مضادة له جل وعلا, وتمرد وطغيان)[681]
السادس والعشرون: الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: سُئل رحمه الله: هل يمكن التعامل معهم - أي الشيعة - لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟
فأجاب رحمه الله: (لا أرى ذلك ممكنا، بل يجب على أهل السنة أن يَتَّحدُوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسداً واحداً، وأن يدعوا الرافضة، وأن يلتزموا بما دل عليه كتاب الله وسنة الرسول e من الحق، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا، وعلينا أن نتعاون معهم، أما ما داموا مصرين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسب الصحابة إلا نفرا قليلا، وسب الصديق وعمر، وعبادة أهل البيت كعلي رضي الله عنه وفاطمة والحسن والحسين، واعتقادهم في الأئمة الاثني عشرة أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب؛ كل هذا من أبطل الباطل وكل هذا يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة)[682]إ.ﻫ
وفي جواب اللجنة الدائمة للبحوث العلميةوالإفتاء:
س / ما حكم عوام الروافض الإمامية الإثني عشرية؟ وهل هناك فرق بين علماء أي فرقة من الفرق الخارجة عن الملة وبين أتباعها من حيث التكفير أو التفسيق.
ج / من شايع من العوام إماماً من أئمة الكفر والضلال وانتصر لسادتهم وكبرائهم بغياً وعدواً حكم له بحكمهم كفراً وفسقاً قال تعالى: }يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَن السَّاعَة{ إلى أن قال : }وَقَالُوا رَبَّنَا إنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبيلا رَبَّنَا آَتهمْ ضعْفَيْن منَ العَذَاب وَالعَنْهُمْ لَعْنًا كَبيرًا{
وأقرأ الآية رقم 165،166،167 من سورة البقرة والآية رقم 37،38،39، من سورة الأعراف والآية رقم 21،22 من سور سبأ والآيات قم 20 حتى 36 من سورة الصافات والآيات 47 حتى 50 من سورة غافر وغير ذلك في الكتاب والسنة كثير ولأن النبي e قاتل رؤساء المشركين وأتباعهم وكذلك فعل أصحابه ولم يفرقوا بين السادة والأتباع. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء[683].
السابع والعشرون: الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: سُئل رحمه الله في سؤال وجهه الرئيس العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي الشعبي الدكتور بشار عواد يقول فيه: (فقد وقفنا على عبارات وردت في كتب روح الله الخميني وما نشرته وسائل الإعلام الإيرانية من خطبه وأقواله نرجوا تفضلكم مأجورين إن شاء الله ببيان حكم فضيلتكم فيها)
ثم ذكر خمسة أقوال نذكرها بإيجاز:
القول الأول: قول الخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية" ص 52 ما نصه: (إن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل).
القول الثاني: عن قيام المهدي المنتظر بما لم ينجح فيه الأنبياء جميعاً حتى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء الذي لم ينجح - حسب قوله- في إرساء قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم في جميع مراتب إنسانية الإنسان وتقويم انحرافاته!!
القول الثالث: أذيع بالإذاعة الإيرانية بمناسبة عيد المرأة والذي زعم فيه أن الوحي ظل ينزل على فاطمة رضي الله عنها مدة خمسة وسبعون يوماً بعد وفاة النبي e.
القول الرابع: فصلين في كتابه المسمى بكشف الأسرار أحدهما تكفير أبا بكر الصديق رضي الله عنه والآخر تكفير عمر الفاروق رضي الله عنه ص 114.
القول الخامس: توقيع الخميني على دعاء (صنمي قريش) وهو من أدعية الشيعة على أبي بكر وعمر فهم يقولون به تقرباً إلى الله عز وجل.
نص فتوى الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد وقفت على الأقوال الخمسة التي نقلتموها عن كتب المسمى "روح الله الخميني" راغبين مني بيان حكمي فيها، وفي قائلها، فأقول وبالله تعالى وحده أستعين:
إن كل قول من تلك الأقوال الخمسة كُفْر بواح، وشرك صراح، لمخالفته للقرآن الكريم، والسنة المطهرة وإجماع الأمة، وما هو معلوم من الدين بالضرورة. ولذلك فكل من قال بها، معتقداً، ولو ببعض مافيها، فهو مشرك كافر، وإن صام وصلَّى وزعم أنه مسلم. والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه المحفوظ عن كل زيادة ونقص: }وَمَنْ يُشَاقق الرَّسُولَ منْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبعْ غَيْرَ سَبيل المُؤْمنينَ نُوَلّه مَا تَوَلَّى وَنُصْله جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصيرًا{.
وبهذه المناسبة أقول: إن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يدَّعون أنهم من أهل السنة والجماعة، يتعاونون مع (الخُمَيْنيّين) في الدعوة إلى إقامة دولتهم، والتمكين لها في أرض المسلمين، جاهلين أو متجاهلين عما فيها من الكفر والضلال، والفساد في الأرض: }والله لا يحب الفساد{. فإن كان عذرهم جهلهم بعقائدهم، وزعمهم أن الخلاف بيننا وبينهم إنما هو خلاف في الفروع وليس في الأصول، فما هو عذرهم بعد أن نشروا كتيبهم: "الحكومة الإسلامية" وطبعوه عدة طبعات، ونشروه في العالم الإسلامي، وفيه من الكفريات ما جاء نقل بعضها عنه في السؤال الأول، مما يكفي أن يتعلم الجاهل ويستيقظ الغافل، هذا مع كون الكتيب كتاب دعاية وسياسة، والمفروض في مثله أن لا يذكر فيه من العقائد ما هو كفر جلي عند المدعوين، ومع كون الشيعة يتدينون بالتقية التي تجيز لهم أن يقولوا ويكتبوا ما لا يعتقدونه، كما قال عز وجل في بعض أسلافهم: }يَقُولُونَ بأَلْسنَتهمْ مَا لَيْسَ في قُلُوبهمْ{، حتى قرأت لبعض المعاصرين منهم قوله وهو يسرد المحرمات في الصلاة: (والقبض فيها إلا تقية)، يعني وضع اليمين على الشمال في الصلاة. ومع ذلك كله فقد }قَالُوا كَلمَةَ الكُفْر{ في كتيبهم، مصداق قوله تعالى في أمثالهم: }وَاللهُ مُخْرجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ{، }وَمَا تُخْفي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ{.
وختاماً أقول محذراً جميع المسلمين بقول رب العالمين: }يَا أَيُّهَا الَّذينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّخذُوا بطَانَةً منْ دُونكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنتُّمْ قَدْ بَدَت البَغْضَاءُ منْ أَفْوَاههمْ وَمَا تُخْفي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآَيَات إنْ كُنْتُمْ تَعْقلُونَ{.وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه: محمد ناصر الدين الألباني، أبو عبد الرحمن
عَمَّان 26 / 12 / 1407هـ
وبعد!:
فأقول: ليعلم أصحاب التمييع والتهوين وغائبي الوعي بحقيقة الفرق المهزلة وجهال فقه الواقع من أصحاب الاتجاهات الإسلامية والقومية الذين يضللون الأمة بما يكتبون وينشرون دعوة التقريب بين المذاهب والأديان، فليعلموا أنه ليس لهم حجة في أن يسكتوا عن الشيعة وينتصرون لهم، فوالله ما هذا الأسلوب إلاَّ خيانة لله وللرسول وللمؤمنين، فالدين النصيحة، والشيعة بالذات هم أعداء الإسلام، وأولياء كل عدو له، أما الساكتون عن الشيعة؛ فهم أيضاً لن يُعذروا عن بيان حقيقتهم، وإلاَّ صاروا ناكبون عن الحق، فالشيعة بما تقدم من بيان معتقداتهم كيف يواليهم المسلمون، فما يواليهم إلا ظالم رضي بالظلم على رسول الله e وأصحابه رضي الله عنه ورسالته الطاهرة الظاهرة، ورضي بأن يكون في الصف المقابل للرسول والصحابة وأئمة السلف على مر العصور، ورضي بأن يكون أداةً بيد الذين استحلوا ويستحلون دماء أهل السنة وأموالهم، فوالله إن الذي يسكت عن الشيعة أو يحارب المحذرين منهم؛ لهو من الحاكمين على أنفسهم بالعداوة لدينهم وشعوبهم وأوطانهم، بل هو من أهل البدع الذين مزجوا أساطيرهم بالعقيدة، وأوهامهم بالحقائق، وهذا المزيج هو الذي أظهر البدع التي نراها اليوم في أكثر الأمة، إلا من رحم الله، قليل ما هم.
فأفيقوا إن كنتم من أهل السنة، ولا تقعوا في نفس الشراك والعشوائية الذي وقع فيه القدماء من الذين ميَّعوا وهونوا من واقع الرافضة، ونحن في يوم أشبه بالبارحة، فكما أَسْقَطَ بغداد ودَمَّرَ العراق ابن العلقمي والطوسي قديماً، فقد أُسْقطَت بغداد ودُمّرَت العراق على أيدي الرافضة كالسيستاني والشلبي والصدر ونصر اللات وغيرهم في زمننا المعاصر، فلا فرق بين شراسة وهمجية الغزاة في زمن التتار، وشراستهم وهمجيتهم في زمن المارينز الأمريكي الآن!
قال الإمام القحطاني رحمه الله في النونية:
إن الروافض شر من وطئ الحصى مـن كـل إنس ناطـق أو جـآن[684]
قد يقول قائل: كيف نكفر الرافضة وهم يقولون لا إله إلا الله؟!
فأقول: هم يقولونها ولا يقولون بمقتضاها، وإنما بضدها وبالذي يبطلها وينفيها، فهم لن يكونوا من أهل لا إله إلا الله وهم يقولون ويأتون بنواقضها التي تقدم ذكرها، ولا يمكن أن يُقال أنهم من أهل لا إله إلا الله وهم يعتقدون بأن أخطاءهم العقدية هي الدين الذي له القدسية والعصمة التي لا يمكن التعقيب عليها أو حتى مناقشتها، ولا يمكن أن ندخلهم في أهل لا إله إلا الله وهم يقتلون أهل لا إله إلا الله من أهل السنة بغرض بسط نفوذهم والهيمنة على أراضيهم...
وإذا سأل سائل: كيف نفسر موقف حزب الله الذي تُسَمّيه حزب الشيطان بقيادة حسن نصر الله الذي تُسَمّيه نصر اللات، كيف نفسر موقفه المناوئ لدولة اليهود الصهاينة؟
فأقول: هذا الموقف لا أكثر من موقف إعلامي دعائي لنشر المذهب الشيعي الرافضي الإثني عشري وترويجه بين عوام المسلمين، وبرهان ذلك ما كتباه في أعلاه، فهو باختصار حزب من صنيع إيران الرافضية، يتلقى تعليماته وميزانيته منها ومن حزب البعث السوري النُّصيري الحليف الأكبر لإيران الفارسية المجوسية، فحزب الشيطان ما هو إلا وسيلة لغاية مجوسية، والبرهان الثاني أن الحزب الشيطاني لا يسمح لغيره من القوى السنية المتواجدة في المنطقة بعمل أي عمل عسكري معها، وهي قوى متعطّشة للجهاد الذي لن ينتهي إلا بالنصر بإذن الله وقوته، والبرهان الثالث أن الأمر مرتب كما يبدو في الواقع؛ فالجهات التي يشنها الحزب ويرمي عليها قذائفه إنما هي جهات صورية عديمة الأثر والفاعلية، فهي مناطق ميتة لم يترتَّب عليها أية خسارة في صفوف الصهاينة اليهود، فصواريخه تصل إلى مسافات حيوية واقتصادية هي أقرب من تلك المناطق الميتة، فحربه في حقيقتها ذريعة لقيام الأساطيل الفرنسية ثم الأمريكية في مياه البحر المتوسط[685]، والبرهان الرابع أن حزب الشيطان يصرح بموالاته للسلطة الحاكمة المارونية في لبنان، وأنه يتحرك وفق السياسة التي تمليه عليه الدولة، وهي أداة طيعة بيد النظام السوري الرافضي النُّصَيْري العلوي، والبرهان الخامس أن حزب أمل الذي هو أصل حزب الشيطان هم الذين قاموا بالمجازر الفلسطينية ومحاصرتهم في لبنان، حتى بلغ عدد القتلى الفلسطينيين أكثر بكثير من الذين قتلهم اليهود طيلة مدة الانتفاضة الفلسطينية، فالقضية الفلسطينية ما هي إلا مركباً يعمل في قيادة موجة الاستعطاف الجماهيري للوصول إلى تثبيت مآرب كل طاغوت في العالم الإسلامي وتحقيق أهدافه، وإن كانت حقيقة هذا الطاغوت الشدة والعداوة للقضية الفلسطينية كحزب اللات اللبناني المجوسي..
فنحن لَمَّا نكفر الشيعة الرافضة للدين والممتنعة عن التزام شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة[686]؛ لسنا بظالمين بهذا الحكم، فنحن نعتقد محاربة وقتال من كان هذا حاله[687]، وإن كان من الناطقين بالشهادة، أو حتى ولو كان من الملتزمين ببعض الشرائع الإسلامية، فالصحابة y قد اتفقوا على القتال على حقوق الإسلام عملاً بالكتاب والسنة، فمجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال، فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله، وحتى لا تكون فتنة..
فمتى كان الدين لغير الله؛ فالقتال واجب، وهذا ما فعله أبو بكر رضي الله عنه مع مانعي الزكاة، مع أنهم ملتزمون بباقي الشرائع، فكيف إذا امتنعوا من الشرائع الأخرى المفروضة من صلاة وصيام وحج، أو امتنعت عن الالتزام بتحريم الدماء والأموال، أو امتنعت عن الالتزام بتحريم الزنا ونكاح ذوات المحارم، وغيرها الكثير من واجبات الدين ومحرماته، أو امتنعت عن الالتزام بجهاد الكفار، فكيف إذا تعاونت معهم لتقتيل المسلمين وخيارهم وانتهاب أموالهم وانتهاك أعراضهم؟ وكيف إذا عظمت دين الكفار على دين المسلمين، فيطيعونهم ويوالونهم أعظم بكثير من طاعة الله ورسوله؟ لا يشك مسلم أدنى شك بأن قتال مثل هؤلاء واجب بإجماع المسلمين[688]، وخاصة أنه قد عُرف حقيقة أمرهم..
ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين، وباتفاق جميع المسلمين؛ أن من سوَّغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد e؛ فهو كافر مرتد[689]، وهذا هو حال الشيعة الكذبة المفترين الغالين الملحدين المتعاونين مع الكفار ضد المسلمين، فالرافضة لم يَكْفهمْ أنهم لا يقاتلون الكفار مع المسلمين، حتى قاتلوا المسلمين مع الكفار، فكانوا أعظم مروقاً عن الدين من الخوارج المارقين الذين وصَّى النبي e على قتالهم، فهم – أي الرافضة- خرجوا من الدين خروج الشعر من العجين، فنصرتهم ومناصرتهم ذل للإسلام، ومحاربتهم عز للإسلام، فلو استولت الرافضة على أراضي المسلمين؛ لم يبق للإسلام عز ولا كلمة عالية ولا طائفة ظاهرة عالية يخافها أهل الأرض.
ونحن نعلم يقيناً أن السنة قد استفاضت واستقرت بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة ذكرها العلماء، ونعلم أن الردة عن أصل الدين أعظم من الكفر بأصل الدين، فالردَّة عن شرائعه أعظم من خروج الخارج الأصلي عن شرائعه، ولهذا كان كل من علم أحوال الرافضة؛ علم أنه شر من الكفار الأصليين، فالمسلم الأصلي إذا ارتد عن بعض شرائعه؛ كان أسوأ حالاً ممن لم يدخل بعد في تلك الشرائع، لهذا كان الرافضة وما زالوا أشد كفراً من اليهود والنصارى من عدة أوجه، وهذا أحدها، فضررهم على الدين لا نجده في اليهود ولا في النصارى ولا في غيرهم، لهذا كان قتالهم مقدم على قتالهم، فكيف لا يُقاتل هؤلاء الخارجين عن شرائع الإسلام المحاربين لله ورسوله المعتدين الصائلين على المسلمين في أنفسهم وأموالهم وحرمهم ودينهم؟ فقتالهم ثابت في السنة والإجماع، فقد قُوتل من هو دونهم من المُتَأَوّلين من الذين راسلهم الأئمة ولم ينصاعوا لهم، فكيف بمن خرجوا عن شرائع الدين وجحدوها ظلماً وعلواً؟ فسبوا وطعنوا بتأويلات فيها الويلات[690]، يسوغون تأويلات فيها سب الصحابة وقتال المسلمين والطعن في أصول الدين واللعب في فروعه، فلم يكن لهم تأويل يقوله ذو عقل.
يقول قائل: إذا حكمنا على الرافضة بالكفر! هل يصح الزواج بهم ومنهم؟!
فأقول: فلا ينبغي – أي لا يجوز- لمسلم أن يزوج موليته منهم، فهم كفار عيناً؛ لجحودهم حكم الإسلام، فهم كفار وإن قالوا وادعوا وتظاهروا بالإسلام، فالنصوص الشرعية والأحكام المرعية تحتم عليهم تكفيرهم، فمن ضرورة التنديد بهم وفضح مخططاتهم وتنبيه الشعوب إلى خيانتهم وتلاعبهم؛ قطع الصّلة بهم، وإظهار ردتهم، فلا نناكحهم، فالمرتد لا يناكح ولا يورث ولا تؤكل ذبيحته ولا تُقبل جزيتهم ولا يُهادنوا؛ تغليباً لحكم شركهم، فكيف إذا ثبت ذلك؟ ولما أقول لا تُقبل جزيتهم ولا هدنتهم؛ لأن قبول الجزية وعقد الهدنة موضوعان للإقرار على الكفر، والمرتد لا يُقر على كفره إذلالاً وقهراً، فالإسلام يعلو ولا يُعلى[691]، والله ولي التوفيق.
هنا قد انتهى هذا القسم في الرد على القرضاوي ونقض شبهته في اتجاه الشيعة الرافضة، ونقول له في نهاية هذا القسم: (لا يا دكتور! فالرافضة أعداؤنا، وليسوا إخواننا)[692]، ولا يمكن الوحدة معهم ولا التصالح، فهم كفار لا رحم الله فيهم مغرز إبرة، فأنت يا دكتور! قلت في برنامج "الشريعة والحياة" لمشاركك فيه على الهاتف الشيخ التسخيري[693]: (أخي وصديقي آية الله العلامة الشيخ التسخيري...) ثم بادلك هو الأخوة بقوله لك: (أود قبل كل شيء أن أحيي سماحة الدكتور القرضاوي، هذا الرجل الداعية المجاهد في سبيل الحق، ولقد عرفته فقيهاً ومبلغاً ومتحرقاً للقضية الإسلامية..)
فما أدري! كيف أنت يا شيخ تدافع عن الرافضة وتلتمس لهم الأعذار، وكأنك ناطق باسم حكومتهم المجوسية، وتدعي بأنك تستطيع بالذي لم يستطعه الأوائل؛ في إمكانية التعايش معهم في أرضية مشتركة تقاوم أعداء الإسلام وتنفع الأمة الإسلامية، فهل يا شيخ التيار الذي تدعي أنه وسطي وتلهج بذكره تستطيع أن تثبت عكس ما أثبتناه لك، أو تثبت أن الرافضة سوف يثبتون عكس عقائدهم التي يعيشون ويموتون عليها على مر الأزمان، أم تريد أن تغض الطرف عن الأشياء والمواقف المخزية التي نال منها الروافض من الإسلام ورسوله ورجاله والتي هي من صميم معتقداتهم بحجة أنها تزيد التوتُّر، فلا داعي عندك من مناقشتها؛ لكونها يستحيل أن تتلاقى مع أهل السنة في شيء منها؟!
فأنا لا أتوقع أبداً في مثل الشيخ أنه يجهل خفايا الشيعة وأصولهم ومعتقداتهم، فهل نقول أنه لا يستطيع أن يجهر بها مراعاة لشعورهم، أو أنه يخاف أن يفتح جبهة للرد عليهم ومقاومة زحفهم المجوسي، أم أنه يخشى فقدان الود الخيالي معهم الذي لا طائل من وراءه؛ بدافع فتح شهية تجميل عقائدهم القبيحة، التي من شدة قبحها أن عجزت كل الفرق التقرب إليها، أو تلاقح أفكارَها مع أفكارها ولو بكلمة في كتبهم، ولو بمقاس مغرز أبرة!
فأنا لا أريد التشهير والنيل منك يا شيخ! ولكن واجب الدفاع عن عقيدة المسلمين ودينهم هو الذي يمنع كل ذي عقل ودين التراجع عن الرد..
فنحن وإن كنا أقل في العلم من طويلب بسيط، ولكننا لسنا في منأى عن الشيعة، فهم يعيشون بين أظهرنا، وكتبهم أصبحت في زماننا في متناول الأيدي، ولكنك يا شيخ! قد عشت كثيراً بين ظهرانيهم في الخليج، وتعرف حقائق كثيرة عنهم نحن نجهلها، فهل من الأمانة أن تكتم عن العالم ما علمته عنهم، أم تريد أن تضللهم؟! فما أظنك تفعل هذا البتة، فهذا لا يليق بمثلك، فاتق الله تعالى في هذه الأمة، ولا تزيدها جهلاً فوق جهلهم، ولا تستهلكهم وتسوقهم جزافاً إلى تيَّارك.
فوالله الذي لا إله حق غيره؛ مهما حاولت تقريب الشيعة؛ فأنت عندهم ناصبي كافر في أحكام الدنيا والآخرة، مخلد في النار، لا تجوز الصلاة خلفك إلا تقيَّة، فأنت عندهم نجس حلال الدم المال لا يجوز مناكحتك ولا توريثك ولا الصلاة عليك بعد موتك، فينادون عليك حياً وميتاً بالويل والثبور من كل سهل وجبل وغور ونجد[694]؛ حتى تؤمن بعقائدهم وأخبارهم وأحكامهم القبيحة الوقحة المستوبلة الوخيمة المخالفة لعقائد أهل السنة، وحتى تؤمن بإلههم الذي حرم عليهم الحلال، وحلل لهم الحرام، فلا يمكنك أيها الشيخ بالتقريب حتى تؤمن بهذا الإله الجاهل الذي لا يعلم الشيء إلا بعد حدوثه، فيحتاج إلى علامات وإشارات تهديه إلى بعض الأمور – جلَّ تعالى ذكره وتقدس عن مفترياتهم التي وافقت اليهود والنصارى والمجوس-
فاسأل يا شيخ! إن كان الجهل يحيطك من بين يديك ومن خلفك، فاسأل الشيعة: هل هذا عندكم حقاً؟! هل أنتم فعلاً تروننا بهذه الصورة القاتمة من الحقد والكراهية؟! هل أنتم فعلاً سجلتم تاريخكم وكتبتموه بمداد الحقد والكراهية للجيل المثالي الأول من صحابة وتابعين وتابعيهم بإحسان على مر الزمان؟! هل أنتم الذين هتكتم أعراض العذارى من بنات أهل السنة وقتلتم آباءهم وأمهاتهم وأطفالهم في صبرا وشاتيلا، وتناوبتم مع اليهود والموارنة في تدمير المخيمات الفلسطينة في لبنان على رؤوس ساكنيها؟!
يا شيخ! ما هي الوحدة التي تريدها مع الشيعة؟!
فوالله لن تكون وحدة يا شيخ! فمطلب وحدهم هي تمكينهم بكل ما يقدرون عليه من ذبحنا ونشر تشيعهم وتصدير ثورتهم، ولن يقبلوا إلا بهذا، رضيت أم أبيت، سكتت أو تكلمت، فلا تنخدع بظاهر قولك ولا قولهم إذا اجتمعوا بأمثالك، وأريد منك أن تعود إلى أصولهم في أمهات كتبهم في القديم والحديث، وتعود إلى تاريخهم المملوء بالفتن التي عمَّت الكثير من بلدان العالم الإسلامي، وتعود أيضاً – لزاماً- إلى أصول أهل السنة في القديم والحديث تجاه الرافضة، وإياك من المواقف المضطربة التي عند شيخك الغزالي وغيره من الذين نشطوا إعلامياً وتسارعوا تجاه الرافضة وهم لا يبالون بالبلوى، ولا يعتبرون بالعبرة، ولا يهربون من الشبهة التي يروجها الرافضة وغيرهم.
ولكنني أقول هنا: أن الأمل معقود على الله ثم على أهل السنة المتبعون لا المبتدعون، فأدعو دعاة المسلمين من هذا المنبر القَلَميّ بأن يتقوا الله وينشطوا في بيان الحق وتبليغه للناس في أي وسيلة إعلامية متاحة لهم، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في فضح العقائد المنحرفة عن الكتاب والسنة البعيدة عن فهم سلف الأمة، وأن يركّزوا على كشف الأكثر خطراً، فيد الله على الجماعة..
هذا نهاية ما أردت الرد على القرضاوي من ناحية محاولة تقريبه للرافضة، وتَقَرُّبه إليهم، وبقيت بعض المسائل التي تعرض لها عفا الله عنا وعنه، وسأتناولها في القسم التالي إن شاء الله تعالى، وسأحاول أن أشبع الكلام فيها على قدر استطاعتي واتساع وقتي..
فاللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذَلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر. وأسأله تعالى أن يجعلنا ممن طال عمره في طاعته، وحَسن عمله في دنيته، وخُتم له في آخر عمره بالخاتمة الحسنة، وأن يبصرنا بأنفسنا، وينفع بما كتبنا، وهو سبحانه المسئول أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن لا يكلنا لأنفسنا طرفة عين أبدا. وأعوذ به سبحانه من زلات الأفهام وكدرة الأوهام وطغيان الأقلام. والحمد لله رب الأنام، وصلّ اللهم على خير الأنام محمد الإمام، وعلى آله وصحبه الكرام، ومن تبعهم بإحسان وتمام..
وكتب: أبو ماجد أحمد بن عبد القادر تركستاني المدينة النبوية
الفهارس والمحتويات
الصفحة الموضوع
1 مقدمة مهمة للقسم الخامس من المجلد الأول
5 أُمَّهات المُؤمنينَ رَضيَ اللهُ عَنْهُنَّ وأرضاهُنَّ
8 عائشة الصّدّيقَة الحبيبة بنت الحبيب الصّدّيق وزوجة الخليل الصادق المصدوق
10 من مطاعن الشيعة في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
11 بعض مطاعن الشيعة في عائشة رضي الله عنها
12 قولهم أن عائشة رضي الله عنها قد كفرت
13 قولهم أن عائشة رضي الله عنها – وحاشاها- تدخل النار من بابها السابع؛ لكفرها في مقاتلة
علي رضي الله عنه في معركة الجمل
14 عقيدة الصحابة وآل البيت في أمهم عائشة رضي الله عنها
16 الشيعة لا يقبلون أحاديثها رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا: ثلاثة كانوا يكذبون على
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة
17 قالوا: المهدي سوف يقوم في آخر الزمان ويقيم الحد على عائشة رضي الله عنها ويزعمون
أنهاافترت على مارية القبطية واتهمتها بالزّنا من رَجُلٍ اسمه جريح القبطيّ
17 الوراثة العمودية عند الشيعة واختلاط الصوفية بهذه الأفكار
19 قصة مارية القبطية رضي الله عنها
21 زعم الشيعة أن عائشة رضي الله عنها كانت تبغض فاطمة رضي الله عنها، وجعلوا فاطمة
كالضرة لعائشة، كونها تزوجت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أمها خديجة رضي الله عنها
21 غيرة عائشة من خديجة رضي الله عنهما
22 زعم الشيعة الملاعين أن عائشة رضي الله عنها تزوجت من طلحة لكون طلحة كان يحبها،
وتزوجت به ليكون لها محرم لما خرجت إلى البصرة
23 زعم الشيعة الرافضة أن عائشة رضي الله عنها وأرضاها منعت من دفن الحسن بن علي رضي الله عنه
عند جده رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم والصحيح في المسألة
24 زعم الشيعة أخزاهم الله أن قرن الشيطان هو عائشة رضي الله عنها، وبوبوا لأحاديث قرن
الشيطان أبوابا في كتبهم بقولهم: باب في إخبار النبي أن الفتنة ورأس الكفر من بيت عائشة.
24 يزعم الشيعة عليهم من الله ما يستحقون أن عائشة رضي الله عنها هي التي حرضت على
قتل عثمان رضي الله عنه مع طلحة رضي الله عنه، وأنها كانت تسبه وتلعنه وتتمنى موته
26 طعن الشيعة لعائشة رضي الله عنها وأرضاها بقصة الطائر المشوي الذي ملأ كتب الشيعة..
27 زعم الشيعة لعنهم الله أن عائشة رضي الله عنها قد ارتكبت فاحشة بخروجها على عليٍّ رضي الله عنه،
فقالوا إن قول الله تعالى }يَا نسَاءَ النَّبيّ مَنْ يَأْت منْكُنَّ بفَاحشَةٍ مُبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضعْفَيْن {
وقالوا أن عائشة رضي الله عنها خالفت أمر ربها: }وَقَرْنَ في بُيُوتكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهليَّة الأُولَى{
28 الشيعة الرافضة لا رحم الله فيهم مغرز إبرة يعتقدون بأن علياً رضي الله عنه له الحق في تطليق زوجات
النبي صلى الله عليه وآله وسلم منه بعد موته!
28 أول باب طرقه الشيعة في تحقيق أغراضهم؛ هو باب ذكرهم فضائل الأشخاص ومثالبهم
29 موقعة الجمل
29 روايات أهل السنة في هذه الموقعة تعتمد على شروط ثابتة والشيعة الرافضة المتناقضة ليس
عندهم هذه الشروط التي تفرض على أصحابها سلامة المعتقد، وصيانة الشريعة من كل
إفراط أو تفريط، أو اعوجاج يخرجهم عن جادة الطريق
33 الذي يعتقده أهل السنة والجماعة أن عائشة رضي الله عنها لم تخرج لقتال علي رضي الله عنه، بل
خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين
34 معاوية رضي الله عنه لم يكن مبايعاً لعلي رضي الله عنه لأسباب..
34 علي الإمام رضي الله عنه لم يكَفّر الذين عارضوه ولم يبايعوه وكتاب "نهج البلاغة" وهو كتاب شيعي
يعترف بإسلام الطائفتين
35 قتلة عثمان رضي الله عنه كان لهم قوة ونفوذ وقبائل تذب عنهم، فيُخشى من بطشهم، ويُخاف من
أذاهم
36 خروج طلحة والزبير ومن معهما إلى البصرة لم يكن خروجاً على أمير المؤمنين
37 بدأت المؤامرة من قتلة عثمان رضي الله عنه والخطة حيكت بليل
38 جهز عليٌ أمَّهُ عائشةَ رضي الله عنهما بكل شيء ينبغي لها من مركب أو زاد أو متاع
38 طعنت الشيعة الرافضة عائشةَ رضي الله عنها؛ زعمهم أنها رضي الله عنها خالفت أمر ربها
}وَقَرْنَ في بُيُوتكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهليَّة الأُولَى {
39 الحميراء لقب لعائشة رضي الله عنها يناقض الشيعة فيه
39 خروج عائشة أم المؤمنين إلى البصرة لمصلحة ارتأتها ليس فيها ما ينافي الاستقرار في البيوت
40 علي رضي الله عنه حين ترك المدينة النبوية، وجعله الكوفة عاصمة خلافته بدلاً من المدينة التي كانت
عاصمة الخلافة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلفائه y إنما كان اجتهاداً منه رضي الله عنه، ولا نقول أنه ترك
المدينة النبوية رغبة عنها
40 طعنت الشيعة عائشة رضي الله عنها بزعمهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حذرها من قتال علي رضي الله عنه، وأنه
أخبرها أنها ستقاتله وهي ظالمة له وفي هذا المقام شُبْهة لزم فك رموزها وتفنيد مقاصدها
40 حديث كلاب الحَوْأَب
42 ندم عائشة رضي الله عنها لهذا الخروج
43 عدم دفنها في بيتها
43 الرفق بها من عليٍّ بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
44 المطاعن الشيعية في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها لم تبك عقب معركة الجمل إلا من
أجل أنها فشلت في المعركة، ولم يكن بكاؤها توبة أو ندم، والرد عليهم في هذا المطعن
45 فك شبهة الرافضة في أمهات المؤمنين ونقضها
45 قرن الشيطان
47 من قتل الحسين رضي الله عنه؟
47 والناس في خروج الحسين رضي الله عنه على ثلاثة أضرب
48 الشيعة هم بأنفسهم يعترفون بأنهم هم الذين قتلوا الحسين رضي الله عنه
51 قصة مقتل الحسين رضي الله عنه:
53 مَنْ قُتلَ مع الحسين رضي الله عنه في كربلاء
53 حكم خروج الحسين رضي الله عنه
54 كيف نتعامل مع هذا الحدث
56 موقف يزيد من قتل الحسين رضي الله عنه
59 تَتَبُّع قتلة الحسين رضي الله عنه ليس من السهولة
60 الحسين رضي الله عنه هو صحابي جليل وابن بنت رسول الله e ومن آل بيته ومن الذين أذهب الله
عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فهل يحق له أن يرفض بيعة يزيد بن معاوية، وهل اعتبره
حاكماً ظالماً منحرفاً فاسداً، وهل أجاز لعنه وسبه والخروج عليه..؟!
61 الناس مع يزيد؛ فرقة لعنته، وفرقة أحبّته، وفرقة لا تسبه ولا تحبه..
62 من يدعي أن يزيداً كان سكيراً
63 أن الشيعة تقول: أن يزيد بن معاوية أخذ ولاية الأمر من غير مشورة، كما أخذها أبوه من
قبل
65 ولاية العهد ليزيد بن معاوية واستخلافه والرد على هذه الشبهة
67 رأس الحسين رضي الله عنه
69 أكرم الله الحسن والحسين بالشهادة تكميلا لكرامتهما ورفعاً لدرجتهما
72 نقل كلام لابن تيمية السلفي رحمه الله تعالى لضرورة فهم واقع الأمة
79 لولا التشيع؛ لما عرف التصوف
80-87 الشيعة والصوفية متفقة أن الوحي لم يكن للأنبياء وحدهم - يفضلون الإمام علَى النَّبي –
عروج المتصوفة إلى السماء- ادعائهم علم الغيب - المساواة بين النَّبي والولي - تفضيل الولي
على النَّبي - إجراء النبوة – العصمة - عدم خلو الأرض من حجة - وجوب معرفة الإمام
الولاية والوصاية -الحلول والتناسخ - مراتب الصوفية – التقية - الظاهر والباطن –
نسخ الشريعة ورفع التكاليف
87 شروط الإمامة
87 الصوفية متفقة مع الشيعة في الأضرحة والقبور
89 الصوفية متفقة مع الشيعة في أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله هم أصحاب الكساء لا غيرهم
90 من هُم آل البيت وأهل البيت والعترة؟؟؟
94 من هم أهل البيت ؟؟
98 مَنْ هُـم العتْـرَة؟؟
102 التَّصوُّف والتَّشيُّع وَجْهان لعمْلة واحدة
104 معتقد أهل السنة في آحاد أهل البيت
105 موافقة الصوفية للشيعة؛ أنهما يتفقان في إيمان عَمّ وجدّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد المطلب وأبي طالب
106 منهم من يقول: إن آزر أبا إبراهيم كان مؤمناً وإنَّ أبويّ النبيّ e كانا مؤمنين
106 وأيضا فهم يقدحون في معاوية خال المؤمنين الذي تواترَ إيمانُه ويمدحون أبا طالبَ الذي مات
كافراً باتفاق أهل العلم
107 والشيعة تدعي أن لفظة الشيعة كانت شائعة في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن التشيع كان موجوداً في
زمن النبوة، وكذلك الصوفية تدعي أن لفظة التصوف كان في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
هو الذي وضع بذوره
108 تلاعب الشيعة في ألفاظ النبي e في أحاديث الإثني عشر خليفة كلهم من قريش (حاشية)
109 والشيعة يغلون في سلمان الفارسي لكونه من بلاد فارس والصوفية دخلت في هذا الغلو في
سلمان رضي الله عنه من نفس الباب
109 الصفويون وفكرة الحق الإلهي المجوسي (حاشية)
110 يغلون في فاطمة بنت أسد كالشيعة
110 يتفق الشيعة والصوفية في الذّكْر الذي تقوم عليه الحضرات
111 الشيعة والصوفية يسيرون في ركاب الظلمة والمستعمرين
115 والشيعة متفقة مع الصوفية في تحريف حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قرن الشيطان
116 الشيعة والصوفية قرنا الشيطان
116 قولهم إن قرن الشيطان هي نجد اليمامة السعودية حيث خرج منها شيخ الإسلام الحق محمد
بن عبد الوهاب
حديث قرن الشيطان في الصحيحين وفي مسند الإمام أحمد وفي موطَّأ الإمام مالك وفي الكثير
من كتب السنة ومصنفاتهم
119 العراق وفتنة التفضيل
120 فرقة الخوارج
120 (نجد)
121 البدع نشأت من قبَل أهل العراق الذين قد طلع وتمركز وتسلط عليهم قرن الشيطان من
أول الزمان؛ بعد مقتل الإمام الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي كان هو الباب دون الفتن
تتابع هذا القرن في أهل العراق في أوقات مختلفة، وأزمنة متغيرة، وبصور شتَّى حتى سرى
قرنه إلى سائر الجهات، وعمت البلدان كلها، فلم يسلم منه إلا من عصمه الله تعالى
122 أول ما قاموا به قتل عثمان الشهيد رضي الله عنه، فكانت موقعة الجمل ومحاربة صفين وفتنة كربلاء
امتداد لفتنة مقتله رضي الله عنه، بل إن القتال في النَّهروان
122 الدَّجال! فهو خارج من العراق، ولكن من عراق إيران
122 الفرق الضَّالة وأهل البدع الذين مزقوا وحدة العقائد الإسلامية قد خرجوا وابتدءوا ونبغوا
ونبعوا وانبعثوا من العراق: الخوارج والشيعة القدرية والمرجئة والجَهْميَّة ومعتزلة وأشاعرة
وماتريدية وصوفية خُزَعْبَلاتيَّة (التَّتار والمغول) الغاشمين تَمُر لنك الأعرج فتنة البعث
الاشتراكي الصدَّامي جفاف نهر الفرات الخراب بمصر فتنة الدجال، ثم فتنة يأجوج ومأجوج 124 لم يخرج قرن الشيطان من هناك في عصر واحد فقط، وإنما يتكرر خروجه في كل عصر وحين
124 أهل العراق هم الذين قتلوا الحسن والحسين ريحانتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقتلوا والدهما الخليفة الراشد
الحق الرابع أبا الحسن علي بن أبي طالب y
مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما في أرض كربلاء العراق – كرب وبلاء- فكان يوم
استشهاد الحسين رضي الله عنه في المحرم في اليوم العاشر – عاشوراء- من سنة 61هـ وهو الموافق
لفتنة الخليج الثانية التي قام بها صدام حسين طاغية العراق في المحرم في الحادي عشر من سنة
1411هـ فارتكب في الشهر الحرام ما ارتكبه قَتَلَةُ الحسين من القبائح البشعة، والجرائم
الشنيعة، كل ذلك نابع من موضع قرن الشيطان
فتنة ابن الأشعث - فتنة المختار بن عبيد الثقفي - ولاية الحجاج بن يوسف الثقفي من
القتال وسفك الدماء المعصومة - فتنة الزنج الخوارج في البصرة - ظهرت القرامطة
بالكوفة - وفتنة القول بخلق القرآن - وفتنة الحلاج فتنة عراقية أنتجت الغزالي وابن عربي
استفاضت السنن عن النبي e في الشر أن أصله من المشرق، وأن الطائفة المنصورة القائمة
على الحق من أمته بالمغرب وهو الشام
126 حديث أبي هريرة الذي شهد عليه لحمه ودمه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((مَنَعَت العراقُ درهمَها وقَفيزَها، ومنعت الشامُ مُدْيَها ودينارها، ومنعت مصرُ إردَبَّها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم.))
129 معدن الذهب وبدايات وإرهاصات الملاحم التي تسبق خروج المهدي ونزول عيسى عليه السلام،
وخروج الدجال الضال، ويأجوج ومأجوج، فكلهم في عصر واحد
130 دخول الغرب في قرن شيطانه
131 الخوارج مع الدجال - ثلة منهم أفلتوا من قبضة علي رضي الله عنه، فجمعوا حولهم السذج والغوغاء
من الناس وأفلتوا من ابن عمه؛ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
133 العراق هو مسرح أحداث هذه الفتنة الصماء العمياء
133 واقع الخوارج
134 شتَّان بين أهل الحق وأهل الباطل
135 الفتن دائماً خداعة، تمنع معرفة الحق وقصده، فهي تمنع القدرة عليه
137 الفتنة الصَّدَّاميَّة الدَّمويَّة
139 فتنة الخليج الثالثة
139 حزب صدام بَعْثيّ الاشتراكيّ
140 صدَّام حسين هو المنهج والقرن الشيطاني والمُخَطَّط الرهيب، لاحتلال الدول الخليجية كلها
141 فتنة حزب اللات – حزب الله زعموا – نشأته وتطوره
141 فتنة الخليج الأولى الخليج الثانية ثم الثالثة
142 حرب حزب الشيطان الرافضي مع يهود في معركة قدَّم فيها هذا الحزب بلادَ لبنان قرباناً
لمصالح إيران وكبش فداء وأضحية وفريسة وأداة كيد لتحقيق مراده في التوسع الإقليمي
الشيعي الوثني الرافضي
144 الفتاوى التي صُدّرت في الميدان؛ فيها من التناقض الشديد
145 نريد من علمائنا وطلبة العلم الأكفَّاء تحليل الفتن تحليلاً شرعياً
148 المعاصرين في زماننا هذا قد اغتروا بأثارة من علم حصلوها، ومناصب خداعة تقلدوها
150 إذا أراد المسلمون ثورة الرافضة ماذا نقول لهم؟!
151 وإن كان حقاً قتال حزب اللات لتحرير فلسطين فما الدليل على ذلك؟
151 الهدف ليس تحرير فلسطين والدليل على ذلك
153 إشعال حرب مجوسية خالصة تريد توسيع نطاق الرافضة الإقليمي الذي يمتد من إيران
المجوسية، ومروراً من العراق الخصيب، إلى سوريا ولبنان
154 حزب نصر اللات لم يقل أنه جاهد ضد الاحتلال
156 الجيش الإيراني في لبنان الذي يمثله حزب اللات إنما هو ورقة لعب تلعب بها إيران في
تنافسها مع الغرب الصليبي على الهيمنة على الأمة ومحاربة عقيدتها
157 حزب نصر اللات؛ حزب إيراني في لبنان، كما أن هناك أحزاب كثيرة غيره؛ منها في الجزيرة
العربية تتربص بنا الدوائر
مساعدة ومساندة حزب اللات إنما هو إنقاذ لثورة الخميني المجوسية هي التي قتلت مئات
الألوف من أهل السنة فهل نَسيَ المسلمون تحول المخيمات الفلسطينية الضواحي المحيطة بها
وهل نسوا ما فعله الصدر عندما غدر وانضم إلى الجيش النُّصيري عند دخوله لبنان
161 الفتنة أكبر من القتل وأشد وبداية حركة الرافضة في العصر الحالي هي إزاحة التمييز بين
الرافضة والسنة مؤقتاً لنشر ما يريده الرافضة من مخططات في المستقبل، والتي في حقيقتها
مرتبطة بعقائد الفرس القديمة
162 الثورة الخُمَيْنيَّة وثورة القرامطة والعُبَيْديَّة المجوسية
164 المهدي العباسي- قد أنشأ هيئة مهمتها التنقيب والبحث عن الزنادقة وتتبعهم والبطش بهم
وجعل لها رئيساً سماه (صاحب الزنادقة)
164 العهد العباسي
165 الفتن المجوسية لم تنته
166 إيران في عهد البهلوي
168 كسرى الجديد (الخميني)
169 الخميني الدَّجَّال الضَّال ينادي بحكومة شيعيَّة، وإمبراطورية إماميَّة جعفرية إسماعيلية كسْرَويَّة
كبرى
170 الإمامة عنده ركن من أركان دين الشيعة
171 أهل السنة عند الخميني نواصب ويكفر الصحابة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ويثني
ويشيد على ما فعله نصير التتار والشرك الطوسي وابن أبي الحديد والعلقمي في أمة الإسلام
ما قاله ابن القيم رحمه الله في "إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان" عن وزير الملاحدة؛ النَّصير
الطُّوسي
174 استمرار أحفاد نصير التتار بالخيانة
175 للخميني علاقات قوية مع البابا وأعوانه ودور مع السوفيت
175 اليهود والنصارى وراء كل بلاء يعيش فيه المسلمون في هذا الزمان
176 الخليج العربي ليس فارسياً البتة
176 ولاية الفقيه
176 ثورة الخميني ما هي إلا لغرض تمهيد خروج المهدي الشيعي المنتظر الذي بزعمهم أنه سوف
ينجح فيما فشل فيه النبي e
القرضاوي ينادي بالتلاحم معهم، ويتعلق هو وشيخه الغزالي إلى آمالٍ واسعة مع حركة
الخميني بالولاء الحزبي وما فعلته الحركات الإسلامية وطلب الوحدة بيننا وبينهم إلا مطلباً
يُنشد بأرخص الأثمان وأبخسها
المتعة عند الخميني لا يشترط أن تكون فيها المرأة بالغة ونقل كلام الموسوي في كتابه أن
الخميني أجاز التمتع بمن هي دون العاشرة؛ فروى قصة تشمئز لها النفوس وتقشعر لها
الأبدان
183 الرافضة والصوفية وثنيون والدليل على ذلك
184 قول الخميني بالحلول الخاص قوله بالحلول والاتحاد الكلي ودعوى النبوة والاتجاه الوثني
187 ما قاله (محمد علوي مالكي) في كتابه "مفاهيم يجب أن تُصَحَّح"
188 سلامة مكة والمدينة والشام من قرن الشيطان
189 سلامة نجد السعودية من قرن الشيطان
190 المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
198 الرَّادون على ابن عبد الوهَّاب شيعة وصوفيَّة
199 دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة واضحة للعيان ومؤلفاته منشورة من غابر الزمان،
ومنتشرة في جل الأوطان، وفي متناول كل الناس، ومترجمة بجل لغات الأجناس
199 شيخ الإسلام ابن عبد الوهاب التَّميميّ رحمه الله ينص على بيان معتقده ومنهجه
200 فما الدوافع إذن؟
200 أبرز الأسباب التي أدت إلى تشنيع الخصوم هي ما كان عليه الخصوم أنفسهم من ضلال
وغي وفساد في الاعتقاد، والمصاحب في فشوّ البدع واستفحال الخرافات
203 تحالف الشيخ مع محمد بن سعود وغيره لأجل إقامة دين الله عز وجل
204 الروس، ومن بعدهم الأمريكان يعلنون ويركزون ويحشدون أجنادهم في حربهم على ما
يسمونهم بالوهابية
205 الصفوف تتجه إلى التمايز
207 العامل السياسي لا دين له؛ حيث أنه يقلب الحقائق، ويظهر الأشياء بخلاف ما هي عليه
207 القذف والشبهة التي انتشرت في بلاد الإسلام قد روجها أعداء الإسلام والمسلمين؛ من
مستعمرين وغيرهم لكي تبث الفرقة في صفوفهم
208 كيف اتفق الكل - إلاَّ من رحم الله - ضد دعوة الإمام على مر العصور
208 حركة محمد بن عبد الوهاب حركة سلفية المعتقد
209 معادلات لتكوين مصطلح الوهابية في أذهان الناس، لتتأجج نار الأحقاد لديهم:
الوهابية = السلفية - الوهابية = عنف - الوهابية = التشديد في الالتزام بشعائر الدين
الوهابية = حنبلية - الوهابية = آل سعود - الوهابية = العرب
الوهابية = كل أمر جديد ضد العادات والتقاليد
210 القادمون أكثر وأشد وأشر.. فهم: أهل البدع - دعاة الانحلال والإباحية - من خسر
مكتسباته في هذه الحرب التي ربحها الحق؛ صار يُوَلْول ويتهم الحركة بأنها من حركات
الخوارج – المذهبيون - أعداء آل سعود - تشارك الدوافع العرقية العنصرية - العوام
212 خصومات وصراعات أخرى ظهرت فيما بعد وفي هذا القرن الذي نحن فيه
- الثروةç الوهابية = البترول والثروة - الكفارç الوهابية = الإسلام
213 التحديات التي قامت في وجه الإسلام مستخدمة مصطلح "الوهابية":
213 التَّحَدّي الأول: العداء الأيدلوجي العقدي الشامل يمكن تمييزهم إلى ثلاث فرق رئيسية
الكفار الأصليين - غلاة المبتدعة من صوفية ورافضة وجهمية وأشاعرة - أهل الانحلال
والإباحية - العلمانييون والحداثيون
214 التَّحَدّي الثاني: العداء العقدي أو الأيدلوجي الجزئي وتمييز هؤلاء إلى خمسة فرق رئيسية:
الأشاعرة – المذهبيين - الحزبيين أصحاب المنهج الدعوي المعكوس - أعداء آل سعود
السياسيين
215 التَّحَدّي الثالث: العداء الغوغائي
216 الوسائل التي استخدمها أعداء الأمة العقائديين لتسييرهم: العصبيات العنصرية – العصبيات
المذهبية - تقديس الموروثات من عادات وتقاليد ولو كانت مخالفة للإسلام - الميل إلى
التفلُّت من الأحكام والواجبات الشرعية - الحسد - العنف والتشدد
218 العنف الشرعي
219 العنف الغير شرعي المرتبط بالغلو المنفر عن الحق
219 فريق يمارس العنف على غير قصد سَيّئ في التنفير من الدين: جلافة الطبع - حداثة العهد
بالتدين - الحرص التَّشديد على هداية الناس وحملهم على الحق حملا دون سلطان – اجتهاد
خاطئ قد يحدث في ممارسة العنف المشروع - قصور في فهم السنة ومنهج السلف - التقليد
لمن يظن فيهم الخير والغيرة على الدين
220 فريق يمارس العنف بقصد التنفير عن الدين والسنة:
وهؤلاء على ضربين من اللؤم والخيانة: الضرب الأول: هم الخونة العقائديون: الضرب
الثاني: هم الخونة من أصحاب المطامع المادية:
221 هل نذم من سكن قرن الشيطان
222 فأفضل البلاد وشرّ البلاد
226 البقعة التي خرج منها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي
227 تنبيه مهم فيما قدمناه في أعلاه عن قرن الشيطان والأحداث التي دارت وسوف تدور فيه
227 منهج أهل السنة والجماعة منضبط بقواعد في الاستدلال والاستنباط وصحة النقل
227 لم نذكر أحاديث الفتن؛ إلا من أجل التحذير منها
228 فالفتن لا تجيء لتهدي الناس
229 فمنهج أهل السنة إبَّان حلول الفتنة والنصوص الشرعية هي التي تكوّن المواقف والمقررات،
لا السياسات، ولا المذاهب، ولا الفرَق
230 هل نكفر الرافضة وتكفير الواحد المُعَيَّن والحُجَّة في هذا الزمان قائمة
231 الرافضة طائفة كفر وردَّة
233 وعلى كلّ حال، قد تبيَّن الحال وموضوع التكفير يلزم الهدوء والحلم والروية والأناة
والحكم على الشيء فرع من تصوره
أقوال علماء أهل السنة والجماعة المتقدمين والمتأخرين في حكمهم على الرافضة في الرافضة
224 أصحاب التمييع والتهوين وغائبي الوعي بحقيقة الفرق ومن يسكت عن الشيعة أو يحارب
المحذرين منهم هو من الحاكمين على أنفسهم بالعداوة لدينهم وشعوبهم وأوطانهم، بل هو من
أهل البدع الذين مزجوا أساطيرهم بالعقيدة
245 كيف نكفر الرافضة وهم يقولون لا إله إلا الله؟!
246 حزب الشيطان بقيادة حسن نصر الله الذي أُسَمّيه نصر اللات كيف نفسر موقفه المناوئ
لدولة اليهود الصهاينة؟ برهاننا في ذلك
246 نحن لَمَّا نكفر الشيعة الرافضة لسنا بظالمين بهذا الحكم
247 من سوَّغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد e؛ فهو كافر مرتد
247 عقوبة المرتد وكل من علم أحوال الرافضة؛ علم أنهم شر من الكفار الأصليين
248 هل يصح الزواج بهم ومنهم؟!
249 انتهى هذا القسم في الرد على القرضاوي ونقض شبهته في اتجاه الشيعة الرافضة، ونقول له في نهاية هذا القسم:..... لا يا دكتور...
252 الفهارس والمحتويات
[1]) سواء كان تجاه الشيعة وغير ذلك من المخالفات التي ذكرناها في الأقسام السابقة وما سنذكره إن شاء الله في اللاحقة..
[2]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى2/132عن عموم أهل البدع: (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذبَّ عنهم، أو أثْنى عليهم، أو عظَّم كتبهم، أو عُرِف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن الكلام لا يدري ما هو؟ أو من قال إنه صنف هذا الكتاب؟ وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق؛ بل يجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ فإنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء وهم يسعون في الأرض فساداً، ويصدون عن سبيل الله... ثم قال: ومن كان محسناً للظن بهم – وادعى أنه لم يعرف حالهم- عرف حالهم، فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلاَّ أُلحق بهم وجُعِل منهم، وأما من قال لكلامهم تأويل يوافق الشريعة؛ فإنه من رؤوسهم وأئمتهم...)
[3]) لا نلزم من تاب عن رأيه بألفاظ هذه العبارة، وإنما هي عبارة عن معنى مُجمل مراد يفيد عموم التوبة عن مثل من كان حاله في هذا الحال والله المستعان..
[4]) فغالباً ما أنبه عليها في ثنايا الكلام وأقول راجع القسم كذا عن اليهود والنصارى واربطها مع عقيدة الصوفية والرافضة ونحو ذلك..
([5] فعقول الناس قد تقصر وتعجز وتحار عن التفاصيل، فيأتيهم البيان الذي يخبرهم بما حارت به عقولهم..
([6] حديثي (خير الأمور أوسطها) لم يصح مرفوعاً، وإنما هو من قول ابن منبه بنحوه رواه أبو يعلى بسند جيد عنه، كما ذكر ذلك الألباني رحمه الله في "جلباب المرأة المسلمة" ص30، و(خير الأعمال أوسطها) أيضا لا يصح، رواه الديلمي بلا سند عن ابن عباس.
([7] جاء عن علي t أنه قال: (عليكم بالنمط العالي الأوسط؛ فإليه ينزل العالي، وإليه يرتفع النازل) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 2/154 ط.دار الفكر.
([8] المصدر السابق عن عمر t.
([9] أخرجه أحمد في المسند6/299
([10] أخرجه الحاكم وصححه الألباني في الصحيحة1594
([11] أخرجه ابن أبي حاتم وهو في "السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين" للمحب الطبري ص28
([12] رواه الترمذي بإسناد صحيح
([13] متفق عليه
([14] رواه الحاكم في "المستدرك"4/6 وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي
([15] رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه4/15، وابن عساكر في "الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين"91وحسنه، والمحب الطبري في "السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين"68، والشوكاني في "در السحابة"323، والطبراني في الأوسط والكبير وغيرهم..
[16]) رواه الترمذي والنسائي بسند صحيح
([17] وسيأتي بيان الحكم عليهم في آخر هذا القسم إن شاء الله تعالى.
([18] وهذا دليل على الطعن في باقي نساء النبي e، فلم يبقوا واحدة منهن، أخزاهم الله وعاملهم بما يستحقون..
[19]) انظر اختيار معرفة الرجال للطوسي ص57-60، و"الشافي" في الإمامة" للمرتضى ص292، و"شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد2/82، و"بحار الأنوار" للمجلسي8/451، و"الدرجات الرفيعة" للشيرازي ص108، و"سيرة الأئمة الإثني عشر" لهاشم معروف الحسيني ص461
[20]) انظر رسالة الماجستير "مرويَّات أبي مخنف في تاريخ الطبري من إعداد يحيى بن إبراهيم اليَحيى.
قال أبو ماجد عفا الله عنه وعن والديه: قد أثبتنا فيما تقدم أن الشيعة ليس لهم أسانيد إلى رسول الله e، فضلاً عن كتبهم ومروياتهم، وهم مع ذلك يقرون بذلك، فكتبهم عبارة عن كتب وجدوها فقالوا: أرووها فإنها حق! فقال الكليني في "الكافي"1/53 عن محمد بن الحسن أنه قال: قلت لأبي جعفر الثاني: جُعلت فداك؛ إن مشايخنا رووا عن جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة، فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا. فقال: حدثوا بها فإنها حق. فهذا اعتراف منهم أنه ليس لهم أسانيد لكتبهم يعوِّلون عليها، حتى أن (الحر العاملي) – عامله اله بما هو أهله- اعترف بذلك في كتابه "خاتمة الوسائل" فبين في الفائدة التاسعة أن الشيعة ليس لهم أسانيد تصحح على أساسها الروايات، بزعم أن قضية الإسناد أمر مستحدث، فنحن ولله الحمد أدناهم من ألسنتهم..
[21]) انظر "حديث الإفك" له ص17
[22]) انظر رسالتي "الأشرطة السِّويدانية"
([23] مع براءتها رضي الله عنها جاءت البركة المصاحبة لهذه البراءة؛ ففي قصة الإفك التي رمى فيها المنافقون بالمدينة الصِّدِّيقة بالسوء، فأنزل الله في ذلك قرآناً في ست عشرة آية من سورة النور تتلى إلى يوم القيامة شرع فيها أحكاماً ما يحمي بها أعراض المؤمنين من ألسنة السفهاء والمنافقين، فكانت هذه من بركتها رضي الله عنها، حتى قال الصحابي الجليل أسيد بن حُضير t في قصة بسببها نزلت آية التيمم رحمة ورخصة للأمة إلى يوم القيامة: (ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر) رواه البخاري في صحيحه في التيمم في قصة سبب نزول آية التيمم..
([24] انظر صحيح البخاري في كتاب النكاح باب النظر إلى المرأة قبل التزويج، وهو حديث رواه البخاري رحمه الله في ومواضع من صحيحه..
([25] حتى أنها رضي الله عنها حفظت من علم النبوة أكثر من ألفين ومائتين وعشرة أحاديث. اتفق البخاري ومسلم على مائة وأربعة وسبعين حديثاً منها، وانفرد البخاري بأربعةٍ وخمسين، ومسلم بثمانية وستين، وأكثر ما روته في الأحكام، حتى قال العلماء أنها نقلت إلى الأمة ربع الشريعة، وروى عنها أبوها وعمر وابن عمر وأبو هريرة وابن عباس وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري، حتى قال مسروق رحمه الله: رأيت مشيخةً من أصحاب رسول الله e الأكابر يسألونها عن الفرائض، وكان= =يقول إذا حدَّث عنها: حدَّثتني الصدِّيقة بنت الصِّديق حبيبة حبيب الله، بل وقال عنها الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري t: (ما أشكل علينا أصحاب رسول الله e حديث قطُّ فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها علماً) وروى عنها التابعون أمم من أجلهم: مسروق بن الأجدع والأسود النخعي وسعيد بن المسيب وعروة ابن أختها وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والشعبي، ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة ونافع مولى ابن عمر وعمرة بنت عبد الرحمن، وقال عطاء: كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأياً في العامة. وقال ابن شهاب الزهري التابعي الجليل: لو جُمِع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل، (ذكره الزركشي في "الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة")
[26]) الحديث في الصحيحين، والرافضة المتبوئة مقعدها من النار جعلت الحديث في علي وفاطمة رضي الله عنهما.. مع أن أهل السنة لم يتركوا مناقبهما الكثيرة التي جاءت عن النبي e وأصحابه y..
[27]) أول من أحدث سب الصحابة على المنابر وجعله وسيلة لامتحان شعبه هم الصفويون أقران الصوفية، مع أن السب كان موجوداً في العصور المتقدمة، ولكنه ما صار بصورته البشعة إلا في العهد الصفوي فأعلنوا السب في الشوارع والأسواق والمنابر..
[28]) أخرجه البخاري في التاريخ1/2/78 (انظر الصحيحة للألباني3249)
([29] أما الخطب والمحاضرات فهي أكثر بكثير من المدونات، ولكننا نرد عليهم من المدونات لتكون شاهدات،وهي التي بقيت وتبقى لمن أراد المراجعة والتحقيق.
[30]) والحديث في صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أهل بيت النبي r
[31]) نفس المرجع
[32]) والحديث في مسلم كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح
[33]) والحديث في مصنف عبد الرزاق2/128
[34]) انظر فتح الباري 13/29
[35]) انظر "الجمل" للمفيد ص73
[36]) انظر "إعلام الورى" للفضل بن الحسن الطبرسي 301، و"كشف الغمة" للأربلي 2/236
[37]) متفق عليه
[38]) رواه البخاري
[39]) انظر صحيح البخاري كتاب المناقب باب ما جاء في فضل عائشة
[40]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (...وَالْمَلاحِدَةُ يُظْهِرُونَ مُوَافَقَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيُبْطِنُونَ خِلافَ ذَلِكَ وَهُمْ شَرٌّ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُظْهِرُ الإِيمَانَ وَيُبْطِنُ الْكُفْرَ، وَلا يَدَّعِي أَنَّ الْبَاطِنَ الَّذِي يُبْطِنُهُ مِنْ الْكُفْرِ هُوَ حَقِيقَةُ الإِيمَانِ، وَالْمَلاحِدَةُ تَدَّعِي أَنَّ مَا تُبْطِنُهُ مِنْ الْكُفْرِ هُوَ حَقِيقَةُ الإِيمَانِ، وَأَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالأَوْلِيَاءَ هُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ يُبْطِنُونَ مَا يُبْطِنُونَهُ، مِمَّا هُوَ كُفْرٌ وَتَعْطِيلٌ فَهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ إبْطَانِ الْكُفْرِ وَبَيْنَ دَعْوَاهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْبَاطِنَ هُوَ الإِيمَانُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِرْفَانِ، فَلا يُظْهِرُونَ لِلْمُسْتَجِيبِ لَهُمْ أَنَّ بَاطِنَهُ طَعْنٌ فِي الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَتَكْذِيبٌ لَهُ؛ بَلْ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ كَمَالِ الرَّسُولِ وَتَمَامِ حَالِهِ، وَأَنَّ الَّذِي فَعَلَهُ هُوَ الْغَايَةُ فِي الْكَمَالِ وَأَنَّهُ لا يَفْعَلُهُ إلا أَكْمَلُ الرِّجَالِ مِنْ سِيَاسَةِ النَّاسِ عَلَى السِّيرَةِ الْعَادِلَةِ وَعِمَارَةِ الْعَالَمِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْفَاضِلَةِ، وَهَذَا قَدْ يَظُنُّهُ طَوَائِفُ حَقًّا بَاطِنًا وَظَاهِرًا، فَيَئُولُ أَمْرُهُمْ إلَى أَنْ يَكُونَ النِّفَاقُ عِنْدَهُمْ هُوَ حَقِيقَةُ الإِيمَانِ، وَقَدْ عَلِمَ بِالاضْطِرَارِ أَنَّ النِّفَاقَ ضِدُّ الإِيمَانِ. وَلِهَذَا كَانَ أَعْظَمُ الأَبْوَابِ الَّتِي يَدْخُلُونَ مِنْهَا بَابَ التَّشَيُّعِ وَالرَّفْضِ؛ لأَنَّ الرَّافِضَةَ هُمْ أَجْهَلُ الطَّوَائِفِ وَأَكْذَبُهَا وَأَبْعَدُهَا عَنْ مَعْرِفَةِç èالْمَنْقُولِ وَالْمَعْقُولِ، وَهُمْ يَجْعَلُونَ التَّقِيَّةَ مِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ، وَيَكْذِبُونَ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ كَذِبًا لا يُحْصِيهِ إلا اللَّهُ، حَتَّى يَرْوُوا عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّهُ قَالَ التَّقِيَّةُ دِينِي وَدِينُ آبَائِي. و"التَّقِيَّةُ" هِيَ شِعَارُ النِّفَاقِ؛ فَإِنَّ حَقِيقَتَهَا عِنْدَهُمْ أَنْ يَقُولُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَهَذَا حَقِيقَةُ النِّفَاقِ. ثُمَّ إذَا كَانَ هَذَا مِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ؛ صَارَ كُلُّ مَا يَنْقُلُهُ النَّاقِلُونَ عَنْ عَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِمَّا فِيهِ مُوَافَقَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَقُولُونَ: هَذَا قَالُوهُ عَلَى سَبِيلِ التَّقِيَّةِ، ثُمَّ فَتَحُوا بَابَ النِّفَاقِ لِلْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الْفَلاسِفَةِ مِنْ الإسماعيلية والنصيرية وَنَحْوِهِمْ؛ فَجَعَلُوا مَا يَقُولُهُ الرَّسُولُ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَظْهَرَ بِهِ خِلافَ مَا أَبْطَنَ، وَأَسَرَّ بِهِ خِلافَ مَا أَعْلَنَ، فَكَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الرَّسُولَ هُوَ إمَامُ الْمُنَافِقِينَ، وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، الْمُبَيِّنُ لِلنَّاسِ مَا نَزَلَ إلَيْهِمْ، الْمُبَلِّغُ لِرِسَالَةِ رَبِّهِ، الْمُخَاطِبُ لَهُمْ بِلِسَانِ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.) اهـ
([41] "تفسير العياشي"2/269، و"البرهان" للبحراني2/383، و"بحار الأنوار"للمجلسي7/454
([42] هكذا بهذه الصراحة الموافقة لهم، والتي عائشة الصديقة البارة بريئة منه..
([43] هذا لعذاب الذي نراه في عقائدهم التي فيها لطم الخدود وشق الجيوب وضرب الرؤوس والصدور والظهور، حتى أنهم يعتقدون أن من ضرب نفسه وأدمى جسده أكثر من غيره كان أكثر محبة للحسين ومن أهل الجنة..
([44] مقدمة التحفة الإثني عشرية. انظر ما كتبه الشيخ ربيع بن محمد المسعودي في كتابه "الشيعة الإمامية الإثني عشرية في ميزان الإسلام" ص129
[45]) "الخصائص" للمفيد118، هكذا بلغة العوام المبرأ منها خير الأنام r، فالصواب علياً وليس عليّ، وهذا دليل كذبهم واختراعهم الأحاديث من عند أنفسهم..
[46]) "الصراط المستقيم" للبياضي3/162-166
[47]) "الخصال" للصدوق2/556
[48]) "الاقتصاد فيما يتعلق بالاعتقاد"361
[49]) "عقائد الإمامية الاثني عشرية"3/89
[50]) وهو من أهل البيت النبي r وآله الطيبين..
[51]) أخرجه أحمد وأبو حاتم، وانظر "السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين"للمحب الطبري30
[52]) أخرجه أحمد في مسنده1/220، 276، 349، 6/349، وفي "فضائل الصحابة" له2/872، وابن سعد في "طباقاته" 8/74، والحاكم في "المستدرك" 4/8، ووافقه الذهبي في التصحيح
[53]) انظر "الصارم المسلول" لابن تيمية566 وقال: ومن رمى عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد مرق من الدين.ç
قلت: ذكر المقريزي في "إمتاع الأسماع" في فصل عقوبة من سب أصحاب رسول الله e: (أن موجب القتل أمران: أحدهما: شهادة القرآن ببراءتها، فتكذيبه كفر والوقيعة فيها رضي الله عنها تكذيب له. والثاني: أنها فراش رسول الله e، والوقيعة فيها رضي الله عنها تنقيص له e، وتنقيصه كفر... قال: وينبني على المأخذ الثاني: قتل كل من يقع في غير عائشة من زوجاته e؛ لأنهن كلهن فراش رسول الله e.) قلت: بل نص مالك رحمه الله على أن من سبها قُتِل، ولو لم يصرح بقذفها بالفحشاء، بخلاف من سب غيرها من الصحابة.
[54]) "الصارم المسلول"571 ç
قلت: قال الزمخشري في الكشاف3/67: (لو فلَّيت القرآن – أي تدبرته واستخرجت معانيه وغريبه- وفتَّشت عما أُوعِدَ به العصاةُ؛ لم تر الله عز وجل قد غلَّظ في شيءٍ تغليظه في إفك عائشة.)اهـ فالشيعة أخزاهم الله يكذبون القرآن في براءة الصديقة العفيفة زوجة رسول الله e، فالأمة مجمعة على من قذف عائشة بالفحشاء صار كافراً خارجاً من الملة، وتطلق زوجته ولا يصلى عليه ولا يُقبر في مقابر المسلمين، فقد كفر بستَّ عشر آية متوالية من القرآن أُنزلت في براءة زوجة النبي e.
[55]) رواه الترمذي في فضل أزواج النبي r بإسناد حسن، وأبو داود.ç
قلت: قال العلماء: إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون؛ سبَّح نفسه لنفسه، قال تعالى: }وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ{البقرة:116 والله تعالى ذكر عائشة فقال: }وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم {النور:16 فسبح نفسه في تنزيه عائشة كما سبح نفسه لنفسه في تنزيهه. انظر "الإجابة" للزركشي تحقيق سعيد الأفغاني ص53
[56]) رواه الترمذي في مناقب عائشة رضي الله عنها، وقال حديث حسن
([57] رواه الترمذي في كتاب المناقب، وأحمد في فضائل الصحابة وغيرهما
([58] رواه البخاري في كتاب الفتن، والطبري في "السمط الثمين"ص28
([59] "تاريخ الطبري"5/225
([60] المرجع السابق
([61] سبحان الله! فهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ما جاء صاحب باطل ببدعة إلا أُخِذ من كلامه ما يرد به إليه.. أو كما قال..
([62] أخرجه أحمد في المسند6/138، وفي فضائل الصحابة2/871، و"السط الثمين" للطبري29
([63] "الصراط المستقيم" للبياضي3/135، 161
([64] "الخصال" للصدوق1/190
([65] قال الذهبي رحمه الله في ترجمة سهل بن عبد الله التَّستري عنه: (إنما سمِّيَ الزنديق زنديقاً، لأنه على وزن دقيق الكلام بمخبول عقله، وقياس هوى طبعه، وترك الأثر والإقتداء بالسنن، وتأويل القرآن بالهوى، فسبحان من لا تكيفه الأوهام. في كلام نحو هذا) اهـ
([66] لم تجيء لفظة (زعم) في القرآن إلا في الإخبار عن قوم مذمومين في أشياء مذمومة كانت منهم؛ فكره للناس أخلاق المذمومين في أخلاقهم، والكافرين في أديانهم، والكاذبين في أقوالهم. مثل قوله تعالى: }زعم الذين كفروا أن لن يُبعثوا{ وعن ابن مسعود t أن رسول الله e قال: ((بئس المطية زعموا)) وفي رواية ((بئس مطية الرجل زعموا)) انظر السلسلة الصحيحة 866 قال الألباني رحمه الله: وفي الحديث ذم استعمال هذه الكلمة (زعموا) وإن كانت في اللغة قد تأتي بمعنى قال، كما هو معلوم، ولذلك لم تأتِ في القرآن إلا في الإخبار عن المذمومين بأشياء مذمومة كانت منهم... ثم ذكر رحمه الله كلام الطحاوي بعد سياقه بعض الآيات.. ثم ذكر كلام البغوي في شرح السنة.. قال أبو ماجد عفا الله عنه وعن والديه: وذكر هذه اللفظة الشيخ بكر أبو زيد في "معجم المناهي اللفظية" وذكر كلام الألباني فيه، ثم قال: على أن (زعم) قد تجيء في (القول الحق المحقق) كما في حديث أنس t الطويل، وفيه (جاء رجل من أهل البادية فقال: يا محمد! أتانا رسولك، فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، فقال e: ((صدق..)) رواه الشيخان وغيرهما. قلت: وهنا عندما نستخدم هذه الكلمة؛ فنقصد بها الذم على القوم المذمومين الذين أحوالهم مذمومة سواء كانت في عقيدتهم أو أقوالهم أو أفعالهم، فتكون أديانهم وأخلاقهم وأقوالهم مذمومة، فيجب على المسلم عند سماع أو رؤية كلمة (زعموا أو زعم) أن يكون حريصاً محتاطاً على دينه من عقائد وأفعال وأعمال مذمومة يُحَذَّر منها..
([67] أنظر "تفسير القمي" مع حاشية السيد طيب الموسوي الجزائري المعلق على تفسير القمي و"الجمل" للمفيد219، و"الأمالي" للمرتضى1/77، و"مناقب آل أبي طالب"لابن شهر آشوب2/225، و"تفسير الصافي"للكاشاني2/160، و"البرهان" للبحراني3/126، و"سيرة الأئمة الإثني عشر" لهاشم معروف الحسيني1/438
([68] الشيعة عليهم من الله ما يستحقون ما نقموا من عائشة وحفصة إلا لكونهما ابنتا أبي بكر وعمر رضي الله عنهم، وهذه عقيدة ناتجة عن عقيدتهم في الإمامة والفكر السياسي، فمبدأ الإمامة في الحكم يقوم على الركائز التالية:ç
الوراثة العمودية وهي انتقال الولاية والإمامة من الأب إلى الابن كما يدعي الشيعة في انتقالها من علي t إلى بَنِيه.
تقوم على انتقال ميراث الرسول e إلى الإمام، فالإمام الذي لا يملك الميراث لا يحق له الإمامة والميراث هو: سيف الرسول e، ومقتنياته الأخرى، والقرآن الحقيقي، والجفر. (والجفر عبارة عن صحيفة فيها كل علوم أهل البيت).
العصمة: أن يكون الإمام معصوما ونسبه من عترة فاطمة وفرع الحسين وليس الحسن لتوفر العنصر الفارسي في أبناء الحسين...فأم أبنائه فارسية ابنة ملك فارس من السبي (شهربانو بنت يزدجرد).
ومن هنا اختلطت الأفكار الصوفية بالمعتقدات الشيعية وأصبحت شيئا واحدا، وهي هي كما كانت عند إسماعيل الصفوي الذي كان صوفيا فأستشيع ونشر التشيع بالقوة في إيران، والدولة الصفوية بقيت قرابة 250 سنة وهي تشيِّع الإيرانيين بالقوة، فالإيرانيون لم يكونوا شيعة إلا بنسبة 10% فأصبحت اليوم65%، فالسنة في إيران وإن كانوا 35% فهم لا قيمة لهم في إيران، بل إن النصارى واليهود والزرادشت والبهائيين والذين مجموع نسبتهم 2% لهم الحرية في العبادة والعمل داخل إيران أكثر من أهل السنة بأضعاف مضاعفة، وهذا مما جعلنا - حقيقةً- أن نرد على القرضاوي بالخصوص لكونه يدعي أن الخلاف بيننا وبين الشيعة في موضوع الخلافة! ونحن نقول هذا القول صحيحاً إذا أعددناه السبب الرئيس في باقي الخلافات الجذرية بيننا وبينهم؛ بدءاً من القرآن والسنة إلى باقي المسائل التي لا تكاد ترى مسألة توافق أهل السنة حتى في الأحكام، لشدة كذبهم وافترائهم وعظيم جهلهم الذي لا يشركهم فيه أحد من طوائف الأمة، فهم قوم منافقون غير مؤمنين.
ثم إن الفكر الشيعي لا يشجع على أقامة الحكومة الإسلامية في عصر الغيبة – أي غيبة الإمام المنتظر- وهذه تكفَّل بها إسماعيل الصفوي حيث دخل أحدى المغارات في موعد مع القائم -الإمام الغائب عند الشيعة- وأخذ منه تفويضا وختما أَوْهَمَ به متبعيه، وأصبح إماما للشيعة وهذا يسمى تفويضا في الفكر السياسي الشيعي حيث يمكن للعالم أو الفقيه إذا حصل على تفويضا من الإمام الغائب أن يحكم ويقيم دولة إسلامية في عصر الغيبة كما فعل الخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية" وكتاب آخر اسمه "ولاية الفقيه". فانظر إلى قصة إسماعيل الصفوي في قصته الخرافية مع المهدي وتفويضه للإمامة في كتاب "تاريخ الشاه إسماعيل"ص88 وهو مصدر شيعي فارسي، وذكر ذلك (رجر سيوري) في كتابه "إيران في العصر الصفوي" ص64 ومن المضحكات أن الخميني أثناء فترة حكمه - ونقلها التلفزيون الإيراني- كان يأكل الرز مع الإمام الغائب وقد صور التلفزيون الملعقة تتحرك لوحدها حيث الإمام المستور لا يرى طبعا؟!!
ونحن لما نرد على فكر مثل فكر القرضاوي الذي سماه (وسطي) إنما نريد من الناس أن يفهموننا، ويفهمون منا ما نريده من نقضنا لفكر مثل هذا، فموضوع الخلافة عند الشيعة والذي استسهله القرضاوي هو موضوع يُعتبر مركز يرتكز عليه الشيعة في جميع أفكارهم التي خالفت القرآن والسنة، فيا سبحان الله! ألم ينتبه القرضاوي قول الخميني لما هنَّأه الإخوان المسلمون على ثورته: إن السنة حكموا 14 قرناً، وآن للشيعة أن يحكموا العالم الإسلامي، أو كلمة نحوها.. أما علم القرضاوي أن الدولة الصفوية التي بقيت 250 سنة أنها ما قامت إلا بحجة الخلافة، فقتلت الكثير من أهل السنة ليطروها على التشيع أطراً، فهل نقول أن القرضاوي تغافل عن الثورة الإيرانية الصفوية بحجة تياره الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بزعمه فسماه وسطي؟!
أقولها صريحة: لقد تغافل القرضاوي ومعه الجماعات الإسلامية الأخرى عن عقيدتهم تجاه هؤلاء، ورموا عقيدة أهل السنة وراء ظهورهم، حتى صار غالب الجيل الإسلامي الحاضر لا يعرف من هم الشيعة وما هو خطرهم، حتى صار من يعرف خطر الشيعة يدعي أن شيعة اليوم غير الماضين، وأن خطر اليهود والنصارى أخطر، فلا داعي بزعمهم للبحث عن الشيعة وعقائدهم وتاريخهم، ونسوا وتناسوا التحالفات الشيعية مع المغول والتتار قديماً ومع الأوربيين في العهد الصفوي، ومع اليهود في فضيحة إيران جيت، واليوم مع الأمريكان لإسقاط أفغانستان والعراق واحتلالهما، وبين ذلك مما لم يكن خافياً على التاريخ تدوينه وتسطيره، والذي خُفِيَ هو أعظم من كل ذلك، والله المستعان.. هل خفي على أصحاب المنهج الوسطي (الوثني) أن الشيعة تتحالف حتى مع الشيطان لضرب أهل السنة والقرآن؟ ألم يعقلوا أن حزب اللات اللبناني يردد أنه عدو أمريكا الأكبر وهو يتحالف معها في إسقاط أفغانستان والعراق، ويزعمون أنهم مؤيدون لأهل فلسطين، وفي نفس الوقت يقتلون الفلسطينيين في لبنان في صبرا وشاتيلا وفي العراق ويغتصبون نساءهم، نعم لقد غيب التيار القرضاوي الوسطي حقيقة الرافضة للأجيال المعاصرة، حتى أنه من المؤسف المقرف أن مرشد الإخوان المسلمين (محمد مهدي عاكف) شبه حسن نصر اللات بصلاح الدين، وما علم هذا المرشد أن الشيعة كلهم بدون استثناء يكرهون صلاح الدين، فهو الذي نقض دولتهم الفاطمية، حتى أن مفكرهم الشيعي اللبناني (الأمين) ألَّف كتاباً في ذم صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.
([69] انظر و"دلائل الإمامة" لابن رستم الطبري
([70] انظر "الجمل" للمفيد219، و"تلخيص الشافي"للطوسي468، و"مناقب آل أبي طالب" لابن شهر آشوب1/201، و"نفحات اللاهوت"للكركي، و"الصوارم المهرقة" للتسترس105، و"إحقاق الحق" للتستري284، و"الدرجات الرفيعة" للشيرازي25، و"الفصول المهمة"للموسوي156
([71] صحيح مسلم باب براءة حرم رسول الله r من الريبة.وهذه القصة قد روتها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أنظر "الاستيعاب" لابن عبد البر4/411
([72] انظر "الروضة من الكافي"للكليني ص237، و"دلائل الإمامة"لابن رستم الطبري ص260، و"المحاسن"للبرقي ص339، و"علل الشرائع"للصدوق ص210
([73] متفق عليه
([74] "تفسير العياشي" و"تفسير القمي" و"تفسير الصافي"للكاشاني، و"مجمع البيان"للطبرسي، و"البرهان"للبحراني، و"بحار الأنوار"للمجلسي و"إثبات الهداة"للحر العاملي
([75] "أصول الكافي"للكليني1/142/ و"من يحضره الفقيه"للصدوق2/6، و"إكمال الدين"للصدوق629
([76] "شرج نهج البلاغة" لابن أبي الحديد2/457-460
([77] "الأنوار النعمانية"1/80
([78] "قرب الإسناد" للحميري137
([79] "دلائل الإمامة"42، وهذا دليل على شدة تناقض الشيعة أخزاهم الله..
([80] انظر "الخصال" للصدوق2/404، و"الصراط المستقيم"للبياضي3/166، والأنوار النعمانية"للجزائري1/80، و"شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد2/457
[81]) انظر "تفسير القمي" ط.حديثة2/377، و"البرهان" للبحراني4/358، و"تفسير عبد الله شبر"338، و"الطرائف" لابن طاوس294، و"فصل الخطاب"للنوري الطبرسي58
[82]) أنظر "الاختصاص" للمفيد119، و"شرح نهج البلاغة" لابن أبي الحديد2/167، 4/480، و"أحاديث أم المؤمنين عائشة" لمرتضى العسكري1/227، 268
[83]) مشارق أنوار اليقين"لرجب البرسي86
([84] "الاحتجاج" لأحمد بن علي الطبرسي82
([85] "رسالة في الرد على الرافضة" لمحمد التميمي24، وسيأتي في آخر البحث الحكم على الرافضة..فصبر جميل، والله المستعان.
([86] انظر "أصول الكافي" للكليني1/238، و"إعلام الورى"للفضل بن الحسن الطبرسي211، و"دلائل الإمامة" لابن رستم الطبري61، و"الخرايج والجرايح" لابن الراوندي ق24، و"الدرجات الرفيعة" للشيرازي125
[87]) كما روى ذلك ابن عبد البر في "الاستيعاب" بطرق متعددة1/376، والذهبي في"سير أعلام النبلاء"3/275
([88] رواه البخاري في عدة مواطن ومسلم في الفتن
([89] انظر "الطرائف"لابن طاوس297، و"الصراط المستقيم"للبياضي3/142، 146، و"الكشكول"لحيدر الآملي177، و"إحقاق الحق"للتستري306، و"المراجعات"للموسوي268، و"كتاب السبعة من السلف"لمرتضى الحسيني176، و"في ظلال التشيع" لهاشم الحسيني74
[90])انظر "قرب الإسناد" للحميري14، و"لإيضاح" للفضل بن شاذان37، 143، و"تاريخ" اليعقوبي"2/175، و"الاختصاص" للمفيد116، و"الأمالي"للمفيد125، و"الجمل"للمفيد73، 195، 228، و"الشافي" للمرتضى266، و"كشف المحجة"لابن طاوس45، 75، و"شرح نهج البلاغة"لابن أبي الحديد4/458، 20/17، و"منهاج الكرامة"للحلي112، و"الصراط المستقيم"للبياضي3/119، 164، 239، و"كشف الغمة" للإربلي1/238، 479، و"قرة العيون" للكاشاني427، و"علم اليقين"للكاشاني2/704، و"إحقاق الحق" للتستري305، و"الدرجات الرفيعة"للشيرازي16، و"الأنوار النعمانية"للجزائري2/216، و"حق اليقين"للشبّر1/193، 219، و"الفصول المهمة"للموسوي126، و"المراجعات" للموسوي268، و"في ظلال التشيع"لهاشم الحسيني72، و"سيرة الأئمة الإثني عشر" لهاشم الحسيني1/410، 421، 437، 539، و"تاريخ الشيعة" للمظفر25، و"عقائد الإمامية الإثني عشرية" للزنجاني3/81، و"أحاديث أم المؤمنين" لمرتضى العسكري1/151، 168
([91] 4/188
([92] 5/172
([93] 3/206
([94] 155ط.بومباي
([95] "الشرح والإبانة" لابن بطة163
([96] "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" للالكائي7/1457
([97] هذا التناقض هو الذي يبرئ الصديقة رضي الله عنها، فهي مبرأة قبل تناقض الشيعة فهي مبرأة من فوق سبع سماوات، فهي الصديقة التي أسدت للأمة الخير العظيم رغم أنوف الشيعة المحاربين لسنة سيد المرسلين، فهي رضي الله عنها من أكبر الذين بثوا علم النبوة الذي نالت الأمة من علمها وبركتها الخير العميم..
([98] انظر "الجمل"للمفيد الملقب بشيخ الطائفة ص73، 87، و"الصراط المستقيم"للبياضي3/119، و"في ظلال التشيع"للشيعي المعاصر محمد علي الحسني76،
([99] "الجمل"73 وهذا قبل مقتل عثمان t، فأي تناقض أعظم من هذا؟! فما أدري أين تذهب عقول الشيعة لما ترى مثل هذا التناقض، فهم لا عقل لهم، ولا بصيرة فيهم، فهم قوم لا يعقلون ولا يبصرون ولا يتقون، فهم لا يرجعون..
([100] "المصنف"7/540، وصححه الحافظ في الفتح13/29، 48
([101] انظر "الاحتجاج" للطبرسي197، و"الصراط المستقيم"للبياضي1/195
([102] "الخصال"للصدوق2/580، و"الأمالي"للصدوق أيضاً655، و"الفصول المختارة من العيون والمحاسن"للمفيد65، و"رسالة تحقيق خبر الطائر"للمفيد أيضاً36، و"الشافي في الإمامة"للمرتضى133، 169، و"الطرائف" لابن طاوس72، و"تجريد الاعتقاد"لنصير الدين الطوسي419، و"كشف الغمة"للإربلي1/156، و"الكشكول" لحيدر الآملي170، و"كشف المراد"للحلي419، و"منهاج الكرامة"للحلي أيضاً171، و"الصراط المستقيم"للبياضي1/193، 3/144، و"عقائد الإمامية الإثني عشرية"للزنجاني3/142، و"علي مع القرآن"للحكيمي155
([103] انظر "المنتظم"لابن الجوزي7/275، و"العلل المتناهية"له1/233 و"منهاج السنة النبوية"لابن تيمية7/371، و"البداية والنهاية"لابن كثير7/351، و"لسان الميزان"لابن حجر3/336، و"الضعفاء"للعقيلي1/46، و"الفوائد المجموعة"للشوكاني332
[104])انظر مصادرهم المجمعة لديهم في عقائدهم: "الجمل" للمفيد79-81، 227، 231، و"الاختصاص له119، و"الكشكول"للآملي135، و"منهاج الكرامة"للحلي- مطبوع مع منهاج السنة2/183، و"الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف"لابن طاوس1/293، و"لملاحم" له28، 87، و"الصراط المستقيم"للبياضي3/161،142، و"الأنوار النعمانية"لجزائري2/215، و"مقدمة مرآة العقول"لمرتضى العسكري1/50، "إكمال الدين" للصدوق27، و"معاني الأخبار"له305، و"الخصال"له2/556، و"تفسير الصافي"للكاشاني2/351، و"فصل الخطاب"للنور الطبرسي51، و"إلزام الناصب"للحائري1/378، و"علم اليقين"للكاشاني2/659، و"الدرجات الرفيعة للشيرازي303، و"نفحات اللاهوت"للكركي، والغدير"للأميني3/166، و"عقائد الإمامية الإنثي عشرية"للزنجاني3/83، و"في ظلال التشيع"لمحمد علي الحسني80، و"سيرة الأئمة الإثني عشر"لهاشم الحسيني1/448
([105] انظر"الصراط المستقيم"للبياضي3/161، و"الجمل"للمفيد230، و"الصوارم المهرقة"للتستري106
([106] انظر "إكمال الدين"للصدوق429، و"دلائل الإمامة"لابن رستم الطبري277، و"الإيضاح"للفضل بن شاذان35، و"مناقب آل أب طالب"لابن شهر آشوب2/133، و"تفسير الصافي"للكاشاني2/332، و"الأنوار النعمانية"للجزائري4/344، و"إلزام الناصب"للحائري1/346
[107]) انظر "الإحتجاج"للطبرسي 164، وزعم أحمد الأحسائي في كتابه "الرجعة"135 أن علياً طلق عائشة
([108] قال الطحطاوي صاحب "شرح در المختار"4/153: (إن المعيار الصحيح في معرفة الحق من الباطل هو مصنفات أهل الحديث ومؤلفاتهم.... بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة وعلماء أهل الحديث الذين جمعوا صحاح الحديث في أمرور رسول الله e وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته، وأحوال الصحابة المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان؛ مثل الإمام البخاري ومسلم وغيرهما من الثقات المشهورين الذين اتفق أهل المشرق والمغرب على صحتهما، وما أوردوه في كتبهم من أمور الني e وأصحابه، بعد النقل يُنْظر إلى الذين تمسك بهديهم واقتفى أثرهم واهتدى بسيرهم في الأصول والفروع؛ فيحكم بأنه من الذين ساروا على المنهج، وهذا هو الفارق بين الحق والباطل والمتميز بين من هم على صراط مستقيم، وبين من هو على سبيل الذي على ميمنة شيطان وشماله.) اهـ
([109] "إمام الكلام" ص216 لأبي الحسنات عبد الحي اللكنوي رحمه الله.
([110] وكذا الصوفية وكلاهما نبع من العراق (قرن الشيطان) وسيأتي الكلام عن قرن الشيطان بشيء من التفصيل رواية ودراية...
([111] انظر لزاماً ما كتبته في مقدِّمة هذا القسم
([112] انظر "الكنى والأقاب" للقمي 3/230 وهو يصف مؤرخهم الواقدي بالتقية وقلة الحفظ وبسوء الذاكرة، وغير ضابط، وأن القرآن لم يكن يستقر في ذاكرته وقلبه..
([113] انظر "المنتقى من منهاج الاعتدال" للذهبي ص21ط.المطبعة السلفية القاهرة
([114] علم الجرح والتعديل علم سلفي حث عليه النبي e بهذا الحديث، فالعدول هم الذين يحملون هذا لعلم، والمجروحون هم الغالين المبطلين الجاهلين..
([115] انظر "شرح العقيدة الطحاوية"لابن أبي العز الحنفي483 قال السبكي: جمهور المذاهب الأربعة على الحق يُقِرُّون عقيدة الطحاوي التي تلقاها العلماء سلفاً وخلفاً بالقبول
[116]) "البداية والنهاية" 7/257، والطبري5/6، والكامل3/290
[117]) "البداية والنهاية" 7/259
[118]) المرجع السابق7/253
([119] "نهج البلاغة" 367ط.بيروت
([120] "نهج البلاغة" 448
([121] "نهج البلاغة" 323
([122] "الكافي في الفروع"8/209وهذا دليل تناقض الشيعة العظيم في أمور دينهم وعقيدتهم، فهم لا يعقلون ولا يبصرون ولا يتقون. وصدق من قال فيهم: لو كانوا من البهائم لكانوا حمرا، ولو كانوا من الطير لكانوا رخما.
([123] "تاريخ الطبري" 5/ 158وما بعدها
([124] تقدَّم الكلام في من هم السبئية في القسم السابق..
([125] أخرجه ابن أبي شيبة 15/287 بسند صححه الحافظ في الفتح 13/57
([126] ابن كثير7/238، الطبري5/191، ابن خلدون2/162
([127] انظر "سير أعلام النبلاء" 2/177، و"فتح الباري"لابن حجر العسقلاني13/56، و"طبقات ابن سعد"8/18، و"الدر المنثور" للسيوطي6/600
[128]) ابن الأثير3/130
([129] الطبري5/225
([130] انظر "الأشعثيات" للأشعث الكوفي ص212، و"المحاسن" للبرقي ص445، و"الاستبصار" للطوسي1/30، و"تهذيب الأحكام" للطوسي1/104
[131]) النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير
([132] الصحيحة474
([133] أي كثير وبر الوجه
([134] في "دلائل النبوة" 6/411
([135] في "المستدرك"3/119
([136] في الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين"ص71
([137] "البداية والنهاية" 6/212
([138] السلسلة الصحيحة للألباني1/776
([139] تاريخ الإمام الطبري رحمه الله 5/211
([140] وقد تقدم الكلام في هذا في أعلاه فراجعه للتأمل والعِبْرَة لعلها تخرج منك عَبْرَة.
([141] المرجع السابق وانظر سنن الترمذي5/707 كتاب المناقب، و"فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل2/868، و"الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" لابن عساكر 69، و"السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين" للمحب الطبري 28
([142] المسند6/393 فهذا الحديث وإن ضعفه ابن الجوزي في "العِلَل المتناهية" 2/366؛ لتضعيفه أحد رواته؛ إلا أن الحافظ ابن حجر قد حسنه في "الفتح" 13/55 وقال الهيثمي في "المجمع": رواه أحمد والبزَّار والطبراني ورجاله ثقات، ثم إن الراوي الذي ضعفه ابن الجوزي هو أحد رجال الكتب الستة؛ وهو فضيل بن سليمان النُّميْري أبو سليمان البصري، وهو صدوق..
[143]) انظر سنن الترمذي5/707 كتاب المناقب، و"فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل2/868، والمستدرك3/393 وقالا على شرط الشيخين ووافقه الذهبي
[144]) انظر "الشافي في الإمامة" للمرتضى ص292، و"تلخيص الشافي" للطوسي ص466، و"الصراط المستقيم" للبياضي3/162
[145]) أنظر المراجع الشيعية في هذا: "الشافي" للمرتضى ص287، 292 و"تلخيص الشافي" للطوسي ص350،465، و"الاقتصاد" له ص361، و"الطرائف" لابن طاوس ص292،289، و"الكشكول" لحيدر الآملي ص158، و"الصراط المستقيم" للبياضي1/187،3/164، و"دلائل الإمامة" لابن رستم ص121، و"الإرشاد" للمفيد ص236، و"الجمل" له ص231، و"إحقاق الحق" للتستري ص309، و"سيرة الأئمة الإثني عشر" لهاشم الحسيني1/463
([146] مسلم 2905
([147] المسند 2/18
([148] البخاري 3104
([149] مسلم 2905 - ولنا وقفة في الكلام حول قرن الشيطان، فصبر جميل والله المستعان-
([150] ص254
([151] في سلسلته الصحيحة المِعْطاة 5/656
[152] انظر السلسة الضعيفة من حديث رقم 4881 إلى 4975 في الرد ونقض "المراجعات" الشيعية الغوغائية.
[153] انظر كتاب "رأي شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمه الله بالرافضة" ضمن حاشية من قتل الحسين، وانظر "حوار هادئ بين السنة والشيعة" لعبد الله بن سعيد الجنيد في فصل (من قتل الحسين) وانظر "رأس الحسين" لشيخ الإسلام ابن تيمية
[154] "أعيان الشيعة" 1/34 سيأتي الكلام في هذا..
([155] وهم إلى الآن يضربون أنفسهم ويخمشون وجوههم ويشقون ثيابهم ويضربون على صدورهم نَوْحاً عليه وندماً على تخذيلهم له، }ولعذاب الآخرة أشد وأبقى{ طه
[156]) انظر "رأس الحسين" لشيخ الإسلام ابن تيمية فإنه في غاية الأهمية
([157] سيأتي الكلام عن موقف يزيد بن معاوية في مقتل الحسين t
([158] رواه البخاري
([159] "الاحتجاج" للطبرسي الشيعي 145
([160] الإحتجاج للطبرسي جـ2 ص290
([161] "الإرشاد" 234 للمفيد الشيعي، و"إعلام الورى بأعلام الهدى" للطبرسي 242
([162] "الإرشاد" للمفيد241، "إعلام الورى" للطبرسي949، "كشف الغمة"18و38
([163] "تاريخ اليعقوبي"1/235
([164] كانوا معه ومن شيعته ثم انقلبوا عليه في قصة التحكيم فصاروا خوارج ناصبة، وهؤلاء قد انقرضوا ولله الحمد.
([165] في تفسير ابن كثير آية33من سورة الأحزاب : (إن الحسن بن علي رضي الله عنهما اُستخلف حين قُتِل علي t، فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجره.. وبلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسدوحسن t ساجد.. والطعنة وقعت في وركه، فمرض منها أشهراً، ثم برأ، فقعد على المنبر فقال: يا أهل العراق! اتقوا الله فينا، فإنا أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل البيت الذي قال الله تعالى: }إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً{ فما زال يقولها حتى ما بقي أحد من أهل المسجد إلا وهو يحن بكاءً.). وجاء في "تاريخ الخلفاء" للسيوطي ص181: (لما سُقِيَ الحسن t سُمَّا أوصى لأخيه الحسين وقد حضره الموت: إن الحوادث والأحوال تشهد أن سفهاء الكوفة يخرجونك منها ويذلونك، فعزمت عليك أن تغادرها وتخرج منها.).
([166] "كشف الغمة"540، "الإرشاد" للمفيد190، "الفصولالمهمة"162، "مروج الذهب" للمسعودي"2/431
([167] انظر هذه المراجع الشيعية التي تعترف بأنهم هم الذين قتلوا ريحانتي رسول الله e: "على خطى الحسين" ص94 .للشيعي كاظم حمد الاحسائي النجفي، "فاجعة الطف" ص6 . للشيعي محمد كاظم القزويني، "مقتل الحسين" للمقرم ص147 للشيعي عبد الرزاق الموسوي المقرم، "نفس المهموم" 172، خير الأصحاب 39، تظلم الزهراء ص 170"المجالس الفاخرة" ص 75،ص62 للشيعي المتعصب عبد الحسين شرف الدين ناقلاً غدر أسلافه بمسلم بن عقيل، عاشوراء للإحسائي ص115، منتهى الآمال 1/454 "مقتل الحسن" لبحر العلوم ص263 للشيعي محمد تقي آل بحر العلوم، "لواعج الأشجان" للأمين ص60، "معالم المدرستين" 3/62على خطى الحسين" ص96ص130و131 للدكتور الشيعي أحمد راسم النفيس، معالي السبطين 1/ 275 "هوف" لابن طاووس ص 39... وهو ينقل نصح محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنيفة أخاه الحسين رضي الله عنهم قائلا له: يا أخي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك. وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى.. وقول الشاعر المعروف الفرزدق للحسين رضي الله عنه عندما سأله عن شيعته الذين هو بصدد القدوم إليهم: قلوبهم معك وأسيافهم عليك والأمر ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء. فقال الحسين: صدقت! لله الأمر، وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يبعد من كان الحق نيته والتقوى سريرته"
([168] رواه يحيى بن معين بسند صحيح.
([169] رواه ابن جرير من طريق حسن.
([170] ابن جرير بسند حسن
([171] الصفويون هم أول من نظم الاحتفالات بذكرى مقتل الحسين سنوياً بضرب الظهور بالزناجيل (الجنزير) واللطم على الوجوه والصدور والرؤوس، وغرس السكاكين الحادة على الرؤوس ويسمونه (التطبير) ولبس الأسود في شهر المحرم، ومنعوا الزواج فيه، وجعلوا هذه الشعائر الجاهلية من صميم وصلب دينهم إلى يومنا هذا، ويسمون من خالفهم في هذا نواصب يعادون أهل البيت، وهذه الشعائر تشبه شعائر النصارى حيث كانوا يقومون بنفس الطقوس تعبيراً منهم بمصار المسيح والحواريين، حتى أن الكاتب الشيعي الدكتور علي الوردي ذكر هذا في كتابه "لمحات اجتماعية في تاريخ العراق" 1/51
([172] لاحظ أخي المسلم! أن أسماء القتلى توافق أسماء الخلفاء الراشدين، فتأمل كيف كانت محبتهم لهم!! وتألم من بغض الرافضة لهم..
([173] انظر رسالتي "المسلمون وولاة أمرهم على ضوء الكتاب والسنة" وأخرى "منهج الثوار والتكفير والتفجير في الميزان"
([174] أخرجه البخاري
([175] أخرجه مسلم
([176] أخرجه مسلم.
([177] أخرجه مسلم
([178] رواه مسلم.
([179] رواه ابن ماجة.
([180] في "من لا يحضره الفقيه"(39) وجاء في صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد عن أبي مالك الأشعريt أن النبي e قال: ((النياحة على الميت من أمر الجاهلية، وإن النائحة إذا لم تتب قبل أن تموت، فإنها تُبعث يوم القيامة عليها سرابيلُ من قَطِران، ثم يُغْلى عليها بدروع من لهب النار)) وفي رواية ابن ماجة عن أبي هريرة t
([181]في بحار الأنوار 82/103
[182]) في "الاستبصار" 2/134
([183] في "وسائل الشيعة" 7/337
([184] ثبت في مسلم أبي داود عن أبي قتادة t عن النبي e أنه قال في صيام عاشوراء: ((إني أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله))
[185]) وأول من أدرج السجود هذا في دين الشيعة هو الصفويون، فهم الذين جعلوه من المسلمات الدينية لديهم، فالشيعة إلى يومنا هذا تسجد للقبور، كما أن الصوفية تسجد لها أيضاً وبإصرار وتكرار..
([186] وهذا من موافقات الصوفية للشيعة، فهم بدل من صيام يوم الاثنين يوم مولد النبي e نراهم يأكلون ويشربون ويغنون، ويوم موته e الذي هو الثاني عشر من ربيع الأول أيضاً يأكلون ويرقصون ويفرحون... فتشابهت قلوبهم وطقوسهم..
([187] منهاج السنة النبوية 4/570-571
([188] منهاج السنة (4/559)
([189] ابن سعد في الطبقات (5/397)
([190] المنهاج (4/559)
([191] الطبري 5/462
([192] . ابن سعد في الطبقات 5/397
([193] البداية والنهاية 8/235 .
[194] فتاوى ومسائل ابن الصلاح 1/216-219.
[195]) رواه ابن جرير بسند حسن.
[196] منهاج السنة (4/558
([197] موقف أهل السنة من مقتل الحسين t فيلخصه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله في مجموع الفتاوى(4/511): (وقد أكرمه الله بالشهادة وأهان بذلك من قتله أو أعان على قتله أو رضي بقتله وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء، فانه وأخوه سيدا شباب الجنة، وقد كانا قد تربيا في عز الإسلام لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر والأذى في الله ما ناله أهل بيته فأكرمهما الله بالشهادة تكميلا لكرامتهما ورفعاً لدرجاتهما وقتله مصيبة عظيمة، والله سبحانه وتعالى قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى:}وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ{
([198] الطبري (5/558
([199] "بعض شبهات الرافضة قبحهم الله وبعض ردود العلماء" لأبي عمر المذحجي
([200] ذيل طبقات الحنابلة 2/34.
([201] البخاري كتاب الأدب - باب ما ينهى من السباب واللعن .
([202] فتاوى ومسائل ابن الصلاح 1/216-219.
([203] سير أعلام النبلاء 4/36.
([204] اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم 66.
([205] مجموع الفتاوى.4/484،483 بتصرف و3/409 حيث بين رحمه الله كيف تدرج الناس بسب الصحابة y..
([206] الغلابي صاحب رواية أن يزيد في حداثته كان يشرب الخمر فأرشده أبوه إلى شربها ليلاً، والغلابي وَضَّاع باتفاق أهل العلم، فضلا في أن روايته عن مجهول وهو محمد بن حفص بن عائشة، أما من ناحية المتن فهو متن منكر؛ ومن شدة نكارته أن معاوية t مع أنه خال المؤمنين وكاتب الوحي هو راوي حديث ((إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إذا شربوا فاجلدوهم، ثم إذا شربوا فاجلدوهم، ثم إذا شربوا [الرابعة] فاقتلوهم)) (الصحيحة1360) ففضح الله الشيعة وأظهر خزاياهم من فلتات ألسنتهم.
([207] قال الفسوي:سمعت ابن عفير: أخبرنا ابن فليح أن عمرو بن حفص وفد على يزيد فأكرمه، وأحسن جائزته، فلمّا قدم المدينة قام إلى جنب المنبر، وكان مرضياً صالحاً. فقال: ألم أجب؟ ألم أكرم؟ والله لرأيت يزيد بن معاوية يترك الصلاة سكراً. فأجمع الناس على خلعه بالمدينة فخلعوه) فابن فليح هو يحيى بن فليح بن سليمان المدني مجهول وليس بالقوي كما قال ابن حزم، ولو سُلِّم لهما في شيء؛ فالرواية منقطعة لكون ابن فليح وأبوه لم يدركا الحادثة المروية المفتراة، فوالد الراوي ولد سنة 90هجرية فالرواية منقطعة بمفاوز زمنية كبيرة.. حتى أن محمد بن الحنفية ابن علي بن أبي طالب ناظر من قال عن يزيد ما قيل عنه؛ فعندما ذهب عبد الله بن مطيع إليه فأرادوه على خلع يزيد فأبى، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب، فقال لهم ابن الحنفية: ما رأيت منه ما تذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة، متحرياً للخير، يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنعاً، فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر لي الخشوع؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحلّ لكم أنç èتشهدوا بما لم تعلموا، قالوا: إنه عندنا لحق إن لم نكن رأيناه، فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، ولست من أمركم في شيء.. الخ. البداية و النهاية (8/233) وتاريخ الإسلام - حوادث سنة 61-80هـ - ص274) وحسَّن محمد الشيباني إسناده، انظر "مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية" ص384... واعلم أخي المسلم أن محمد بن الحنفية هو أخو الحسين بن علي، وقد قتل أخوته وأقاربه في كربلاء، وليس من المعقول أن يقف مع يزيد، خاصة إذا علم أنه كان يشرب الخمر ويترك الصلاة لهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولم يكن يزيد مظهراً للفواحش كما يحكي عنه خصومه) اهـ حتى أن علياً بن الحسين أقام عند يزيد شهراً بعد مقتل والده وأقاربه في كربلاء ولم يرو رواية واحدة يتهم فيها يزيد بن معاوية بشرب الخمر، بل ولا الصحابيان الجليلان النعمان بن بشير وعبد الله بن جعفر اللذان كانا وزيرين ليزيد فلم يرد عنهما ذكراً في هذه القضية..
([208] القسم المفقود الذي حققه الدكتور محمد السلمي (1 / 316 - 317) قال المحقق في هذا الأثر: إسناده حسن
([209] طبقات ابن سعد (1/286 ، 287). وقال المحقق: إسناده صحيح .
([210] انظر صحيح البخاري5/361 وقد علق ابن حجر الهيتمي على هذا الحديث بقوله: وبعد نزول الحسن لمعاوية اجتمع الناس عليه، وسمي ذلك العام عام الجماعة، ثم لم ينازعه أحد من أنه الخليفة الحق يومئذ. انظر: تطهير الجنان ص19، 21-49
([211] صحيح البخاري مع الفتح (5/361) و الطبري (5/158)
([212] المعجم الكبير (3 / 26) بإسناد حسن. وقد أخرج هذه الرواية كل من ابن سعد في الطبقات (1 /329) و الحاكم في المستدرك 3/175 وأبو نعيم في الحلية (2 /37) والبيهقي في الدلائل (6 /444) وابن عبد البر في الاستيعاب 1/388-389
([213] المعرفة و التاريخ (3/412) و دلائل النبوة (6/444-445) وذكر بقية الحديث
([214] انظر : تاريخ الإسلام للذهبي - عهد الخلفاء الراشدين- ص147-152 وسير أعلام النبلاء 3/186 والطبري 5/303 وتاريخ خليفة ص213.
([215] راجع "العواصم من القواصم" ص226-228، والكامل في التاريخ 2/512
([216] راجع لتزداد علماً وفهماً: "الفصل في الملل والنحل" لابن حزم (4/149-151) في ذكر كيفية انعقاد البيعة وشروطها.
([217] انظر "بعض شبهات الرافضة قبحهم الله" لأبي عمر المذحجي
([218] أنساب الأشراف للبلاذري 5/17
([219] البخاري مع الفتح 6/120
([220] البخاري مع الفتح 3/73
([221] ص228-229
([222] المقدمة لابن خلدون (ص210-211 .
[223]) رواه البخاري
[224]) رواه البزار والطبراني. الفتح(7/96)
[225]) انظر الفتاوى لابن تيمية 4/504 "منهاج السنة النبوية" وكتاب "رأي شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية رحمه الله بالرافضة" ضمن حاشية من قتل الحسين، وانظر "حوار هادئ بين السنة والشيعة" لعبد الله بن سعيد الجنيد في فصل (من قتل الحسين): ( ثم حملوا ثقله.. - بتصرف يسير من مجموع المصادر-
[226]) يُرِيدُ بِذَلِكَ الطَّعْنَ فِي اسْتِلْحَاقِهِ حَيْثُ كَانَ أَبُوهُ زِيَادٌ اُسْتُلْحِقَ حَتَّى كَانَ يَنْتَسِبُ إلَى أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ
([227] تاريخ الطبري 3/290 الوراق
([228] اللطم والنياحة وضرب الجسد بالقامة وغير ذلك من منهج الشيعة والصوفية على حد سواء بحجة لوم النفس والتطهير والرياضة الروحية.. فالمسيرات الشيعية الدموية التي تقام في ذكرى مقتل الحسين t لا تخفى على أحد في هذا الزمان، وفي الطرقة الرفاعية الصوفية نجد أن شيخهم يأمر أتباعه بالخلوة سبعة أيام حزناً على الحسين يصومون فيها ولا يتكلمون ولا ينامون ولا يعاشرون النساء ولا يأكلون من كل ذي روح..
[229]) أخرجه بهذا اللفظ مسلم برقم (918)
[230]) أخرجه أحمد في مسنده برقم (1760) وابن ماجة برقم (1668) من طرق وهو ضعيف
[231]) أخرجه البخاري برقم (1927) ومسلم برقم (103)
[232]) أخرجه البخاري برقم (1296) ومسلم برقم ( 104)
([233] أخرجه مسلم برقم (934)
([234] أردت نقل كلام شيخ الإسلام في هذا المكان لضرورة فهم واقع الأمة؛ فالأمة لو اتبعت كلام هذا الرجل السلفي؛ لما وقعت في الذي هي فيه من ذل وهوان وطغيان أهل الكفران، فالنصر والأمن والتمكين والاستخلاف من عند الله ومقيد بتحقيق توحيد الله تعالى.. فأرجو التامل!
([235] كلا الفرقتين – الشيعة والصوفية تشجع البناء على القبور (المشاهد) وتقدسها وتقدس أعتابها وتعتقد بوجوب التوسل والتشفع بأتربتها، فالصوفية بأقطابهم كعبد القادر الجيلاني أو الكيلاني والرفاعي والدسوقي والعيدروس وغيرهم الكثير الذين لا يحصون، والشيعة بآل البيت الإثني عشر وغيرهم الكثير عبر الأزمنة العصور.. فكلا الفريقين يعتقد بأن الكون يتحكم به معبوداتهم هؤلاء، فأعتاب الشيعة وأضرحة ومقامات الصوفية عبارة عن مراكز لإدارة الكون، فالصوفية يقولون أن الكون يتحكم به الروح المصطفوي محمد e، ومعه الأقطاب والأوتاد والنقباء والنجباء، ولكل لقب من هذه الألقاب معاني، والشيعة يقولون أن في كل سماء إمام يتحكم في قسط الكون العظيم، وأما الإمام علي هو وجه رب الكون، وأنه باسط الأرزاق، وهو نفسه الذي يعتقده الصوفية في عبد القادر الجيلاني..وسيأتي قريباً التشابه بين الصوفية والشيعة..
[236]) هو حديث متواتر
([237] في عصرنا الحاضر تخصصاً لكل صاحب ضريح يناقض أصل الإسلام، فهناك ضريح مشهور عنه أنه شفاء الأمراض، ومنها ما هو مخصص لشفاء أمراض الأطفال كضريح الشيخ عز الرجال بطنطا لرجل مغربي يقام له مولد كل عام على غرار مولد السيد البدوي، وهناك أضرحة مشهور عنها أنها بتزويج العوانس كقبر الشيخ الحامولي الذي يتردد إليه النساء فيقلن عند قبره: سيدي يا حامولي جوزني وأنا أجيب لك شمعة طولي.. أما قبر (معروف الكرخي) فهو الترياق المجرب عند الصوفية، كما قاله السلمي في "طبقات الصوفية" ص85.
([238] فبدلا من زيارة القبور للعِبْرة وسكب العَبْرة، نجدهم قد قلبوا هذا الهدف برفعها وتسويرها بالذهب والفضة والسرج الحديثة، وبدلوا الدعاء للميت بطلب الدعاء منه.. تعمُّداً لمخالفة أمر النبي e..
[239]) أخرجه البخاري برقم (1190) ومسلم برقم (1394)
[240]) أخرجه البخاري برقم ( 1189) ومسلم برقم ( 1397)
([241] أخرجه البخاري برقم (427) ومسلم برقم (530)
([242] أخرجه مسلم برقم (530)
([243] أخرجه البخاري برقم (435 و436) ومسلم برقم (531)
([244] أخرجه البخاري برقم (1390) ومسلم برقم (529)
([245] أخرجه مسلم برقم (532)
([246] أخرجه مسلم برقم (972)
([247] أخرجه أبو داود برقم(492) والترمذي برقم(318) وابن ماجة برقم(794)وأحمد في مسنده برقم (12108و12242) وهو حديث صحيح وانظر الإرواء للألباني 287
([248] أخرجه البخاري برقم (434 و1341)ومسلم برقم (528)
([249] أخرجه الترمذي برقم (1076) وابن ماجة (1641) والبيهقي في السنن الكبرى برقم(7455 و7456 و7457) وهو حديث حسن
([250] أخرجه مالك في الموطأ برقم( 419 ) بسند صحيح مرسل
([251] أخرجه أحمد في مسنده برقم (9039)وهو حديث صحيح
([252] أخرجه الترمذي برقم (3375) وابن ماجة برقم (851)وأحمد في مسنده برقم (11969) والحاكم برقم (770) وهو حديث لا يصح مرفوعاً، أنظر "تمام المنة" للألباني ص291
([253] أخرجه البخاري برقم (626)
([254] أخرجه مسلم برقم (649 و650)
([255] أخرجه البخاري معلقا ووصله أحمد في مسنده برقم (11165) وهو صحيح
([256] أخرجه مسلم برقم (635)
([257] أخرجه مسلم برقم (654) عن عبد الله بن مسعود t
([258] أول ثلاثة عرفوا باسم صوفي هم: 1- أبو موسى جابر بن حيان بن عبد الله الطرطوسي الكوفي المعروف بالصوفي الذي يُعد من أعيان الشيعة، وترجم له محسن الأمين الشيعي في "أعيان الشيعة" في أكثر من ثلاثين صفحة. 2- عبدك الصوفي كان شيعياً مغالياً نقل الشيبي عن السمعاني أنه قال: إن اسم عبدك هو عبد الكريم، وكان مقدم الشيعة. 3- أبو هاشم الكوفي الصوفي الشيعي، وذكرهم الشيخ المجاهد إحسان إلهي ظهير في "التصوف.. المنشأ والمصدر"
([259] فصَّلها الشيخ إحسان إلهي ظهير رحمه الله تعالى في المرجع السابق حرفاً بحرف
([260] ومن العجب أن ترى عجبا!! أن محققاً عراقياً صوفياً حقق كتاب "الغنية" للشيخ عبدالقادر الجيلاني رحمه الله، فقام هذا الصوفي المنحرف بمحو ما كتبه الشيخ في ذم الشيعة، بدعوى أن خطر الوهابية أشد من خطر الشيعة.. فلما علم الصوفي المنحرف أن الوهابية تحارب الشيعة والصوفية لكونهما وجهان لعملة واحدة مزيفة؛ تغافل عن الشيعة لكونهم أصلاً لهم.. وهذا دليل يكفي لتشابه قلوبهم، وأنهم على نفس الطريق، فتتوحد ديانتهم ووحدتهم كما سوف ترى قريباً إن شاء الله..
([261] ولا ننسى أن شرك الجاهلية الأولى هو شرك توسط وتشفُّع، انظر رسالتي في الرد على الجفري وكشف تلبيساته وانظر ما قاله التفتازاني في "شرح المقاصد"4/41. فشرك الجاهلية هو شرك تشفع وتوسل بالموتى الذين كانوا في حياتهم الدنيوية أصحاب مراتب عالية وصلاح، فلما ماتوا أقاموا التماثيل التي تمثل أشكالهم على قبورهم وعظموها بزعم أنها تقربهم إلى الله زلفى..
([262] الناظر في تاريخ الأمة الإسلامية في عصورها المتأخرة يجد أن التشيع كان بسبب التصوف، كما كان التشيع سببا في التصوف في العصور الأولى، وهذا من غرائب الزمان، "فالصَّفَوِيُّون" كانوا في أول أمرهم صوفية، فما لبثوا أن صاروا شيعة غلاة، فأول من أعلن مذهب دولة الإمامية الإثني عشرية وعممه في إيران هم الصَّفَوِيُّون، فكان التصوف في زمن الصَّفَوِيِّين أكبر مدخلاً للتشيع الغالي، وقد اعترف بذلك الدكتور الشيعي كامل مصطفى الشيبي في كتابه "الفكر الشيعي والنزعات الصوفية" وكتابه الآخر "الصلة بين التصوف والتشيع" وقد أشار إلى ذلك المستشرق (براون) في كتابه: حيث قال: إن التشيع والتصوف كان من الأسلحة التي حارب بها الفرس العرب، (A literary History of Persiavol P.410). - نقلاً من "التحذير من عودة الصفويين" للشيخ عبد العزيز بن صالح المحمود- فإيران لم تكن شيعية، فهي سنية إلى أن أتى الصَّفَوِيُّون وبامتشاق الحسام وقتلهم أكثر من مليون سني صيروهم شيعة إمامية؛ يُسب فيها الخلفاء الثلاثة وباقي الصحابة على المنابر، مع المبالغة في تقديس الأئمة..
([263] هذه المراتب أطلقها الصوفيون على من سموهم (أولياء) وجعلوهم المتصفون في الكون أعلاه وأسفله ويعلمون الغيب كله.. يقول المعتدي على شرع الله الحكيم أحمد بن مبارك السلجماوس المغربي في وصف الديوان الباطني الصوفي: «سمعت الشيخ -هو عبدالعزيز الدباغ الذي يدعى علم الأولين والآخرين- رضي الله عنه يقول: الديوان يكون بغار حراء الذي كان يتحنث فيه الرسول e قبل البعثة. قال رضي الله عنه: فيجلس الغوث خارج الغار ومكة خلف كتفه الأيمن والمدينة أمام ركبته اليسرى وأربعة أقطاب عن يمينه، وهم مالكية على مذهب مالك بن أنس رضي الله عنه وثلاثة أقطاب عن يساره واحد من كل مذهب من المذاهب الأخرى، والوكيل أمامه، ويسمى قاضي الديوان، وهو في هذا الوقت مالكي أيضا من بني خالد القباطني بناحية البصرة واسمه سيدي أحمد بن عبد الكريم البصراوي، ومن الوكيل يتكلم الغوث ولذلك يسمى وكيلا، لأنه ينوب في الكلام عن جميع من في الديوان. ثم قال: والتصرف للأقطاب السبعة على أمر الغوث، وكل واحد من الأقطاب السبعة تحته عدد مخصوص يتصرفون تحته، والصفوف الستة من وراء الوكيل، وتكون دائرتها من القطب الرابع الذي على اليسار من الأقطاب الثلاثة فالأقطاب السبعة هم أطراف الدائرة، وهذا هو الصف الأول وخالطه الصف الثاني على صفته وعلى دائرته، وهكذا الثالث. ثم قال: فإذا حضر جلس في موضع الغوث، وجلس الغوث في موضع الوكيل، ثم ادعى أن ساعة انعقاد الديوان هي الساعة التي ولد فيها النبي e لأنها ساعة استجابة. "الإبريز" ص164. ثم استمر في هرائه وضلاله مبينا لغة أهل الديوان وأنها السريانية، ثم يقول: قد يغيب الغوث عن الديوان فلا يحضره، فيحصل بين أولياء الله تعالى من أهل الديوان ما يوجب اختلافهم، فيقع منهم التصرف الموجب لأن يقتل بعضهم بعضا، وأما إذا حضر الغوث فلا يقدر أحد أن يحرك شفته السفلى بالمخالفة فضلا عن النطق بها، فإنه لو فعل ذلك لخاف على نفسه من سلب الإيمان فضلا عن شيء آخر. ثم يبين سبب اجتماع أهل الديوان فقال: إن أهل الديوان إذا اجتمعوا فيه اتفقوا على ما يكون في ذلك الوقت إلى مثله من الغد، فهم رضي الله عنهم يتكلمون في قضاء الله عز وجل في اليوم المستقبل والليلة التي تليه. ثم قال: قال رضي الله عنه: ولهم التصرف في العوالم كلها السفلية والعلوية وحتى في الحجب السبعين وحتى في عالم الرقى - وهو ما فوق الحجب السبعين، فهم الذين يتصرفون فيه وفي أهله وفي خواطرهم وما تهمس به ضمائرهم، فلا يهمس في خاطر واحد منهم شيء إلا بإذن أهل التصرف رضي الله عنهم أجمعين، وإذا كان هذا في عالم الرقى الذي هو فوق الحجب السبعين التي هي فوق العرش فما ظنك بغيره من العوالم». "الإبريز" ص163-169. فماذا أبقى هؤلاء- الذين كذبوا على ربهم - لربهم يتصرف فيه ويدبر أمره، }ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين{، سبحانه وتعالى عما يفتري عليه الخرَّاصون، }كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا{.
([264] انظر فرق الشيعة ص382
([265] بين الهلالين الكبيرين من كتاب "التصوف.. المنشأ والمصدر" باختصار الأخ الفاضل أبو بدر – النظير- وبتصرف يسير والحواشي السفلية لأبي ماجد عفا الله عنه.
([266] يقول الشيعي المشرك عبد الله الممقاني في كتابه "مرآة الرشاد": (..وعليك بُنَي بالتوسل بالنبي وآله صلى الله عليهم أجمعين، فإني قد استقصيت الأخبار؛ فوجدت أنه ما تاب الله على نبي من أنبيائه من الزلة؛ إلا بالتوسل بهم.)
([267] كل من دعا غير الله؛ فقد عبده، رضي أم أبى، فالدعاء هو العبادة..
([268] انظر "رسائل إخوان الصفا 4/199
([269] ص473
([270] وسيأتي الكلام في أن الكفار صاروا يداً واحدة مع المبتدعة ضد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لكون دعوته تحارب أفيون التشيع والتصوف والمخازي التي ابتليت بها الأمة، فخاف الكفار لعنهم الله من رجوع دعوة كدعوة شيخ الإسلام رحمه الله، فصاروا يقدحون بدعوة الإمام علناً نهاراً جهاراً، }وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ{ يوسف:21
([271] يدخل في مسمى الرجس: القذر و الذنب أو الإثم أو الفسق أو الشك أو الشرك أو الشيطان
([272] انظر ردي عليه في كشف ملابساته حيث احتج بحديث الكساء الشيعي الطويل وكأنه قصة مأخوذة من فيلم هندي، والشيعة أخزاهم الله يجعلون هذا الحديث تمثيلية يظهرون فيها أشخاصاً يتمثلون بالنبي e وبصهره علي وبالزهراء ابنته وبالحسنين ريحانتيه y، فيبثونها في الإعلام من انترنت وقنوات فضائية فضائحية في مدة أكثر من نصف ساعة، يَتْلُون حديثهم الشيعيّ الركيك الموضوع المكذوب.. ولولا الإطالة لذكرته.
[273]) في كتابه "الثقلان"ص10-12
([274] كما ذكره الإربلي صاحب "كشف الغمة" 1/43، وصاحب كتاب "نفحات اللاهوت" الكركي وصاحب كتاب "سيرة الأئمة" هاشم معروف الحسيني ص13-51
[275]) كما قاله رجب البرسي في "مشارق أنوار اليقين"ص49
[276]) كما في "كفاية الأثر"للخرزاز ص87 وغيره..
[277]) كما في "معاني الأخبار" للصدوق ص94
[278]) "الثقلان" للمفيد ص10، وكشف الغمة" للإربلي 1/41-47
([279] للفائدة وزيادة المعرفة أنقل ما ذكره الطَّحاوي رحمه الله في مشكل الآثار باب رقم (116) (بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} مَنْ هُمْ؟). حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا بُكَيْر بْنُ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: (لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ e عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا عَلَيْهِمْ السَّلامُ فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي)) فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادِينَ بِمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ هُمْ رَسُولُ اللَّهِ e وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ. حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيِّ عَنْ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي رَسُولِ اللَّهِ e وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ عَلَيْهِمْ السَّلامُ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ الَّذِي فِي الأَوَّلِ. حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ أَخْبَرَنِي ابْنُ هَاشِمِ بْنُ عُتْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e جَمَعَ فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ، ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبِهِ، ثُمَّ جَأَرَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى: ((رَبِّ هَؤُلاءِ أَهْلِي)) قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَتُدْخِلُنِي مَعَهُمْ. قَالَ: ((أَنْتِ مِنْ أَهْلِي)) فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ e لأُمِّ سَلَمَةَ جَوَابًا مِنْهُ لَهَا عِنْدَ قَوْلِهَا لَهُ تُدْخِلُنِي مَعَهُمْ أَنْتِ مِنْ أَهْلِي؛ فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا مِنْ أَهْلِهِ لأَنَّهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ وَأَزْوَاجُهُ أَهْلُهُ. كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ الإِفْكِ الَّذِي قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ مَعْبَدٍ ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَسَعِيدٍ وَعَلْقَمَةَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي حَدِيثِ الإِفْكِ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاَللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إلاَّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إلاَّ مَعِي)). فَكَانَ قَوْلُهُ: ((مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي)) يَعْنِي فِي زَوْجَتِهِ الَّتِي كَانَ أَذَاهُ فِيهَا، فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تُسَمَّى بِهَذَا الاسْمِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لأُمِّ سَلَمَةَ: ((أَنْتِ مِنْ أَهْلِي)) مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا أَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُخَوَّلُ بْنُ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ الْحَنَّاطُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبَّاسٍ الشِّبَامِيُّ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ أَفْعَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي بَيْتِي {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} يَعْنِي فِي سَبْعَةٍ جَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلَ وَرَسُولِ اللَّهِ e وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عَلَيْهِمْ السَّلامُ وَأَنَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ قَالَ: ((إنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ)) وَمَا قَالَ إنَّكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْأَحْمَرُ عَنْ الأَجْلَحِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِطَعَامٍ لَهَا إلَى أَبِيهَا، وَهُوَ عَلَى مَنَازِلِهِ فَقَالَ: ((أَيْ بُنَيَّةُ ائْتِينِي بِأَوْلادِي وَابْنِي وَابْنِ عَمِّك)) قَالَتْ: ثُمَّ جَلَّلَهُمْ أَوْ قَالَتْ حَوَى عَلَيْهِمْ الْكِسَاءَ، فَقَالَ: ((هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَحَامَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا)) قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَأَنَا مَعَهُمْ؟ قَالَ: ((أَنْتِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ أَوْ إلَى خَيْرٍ)). وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبَّانٍ حَدَّثَنَا مَنْدَلٌ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ e فِي بَيْتِي فَجَاءَتْهُ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ بِخَزِيرَةٍ فَقَالَ: ((اُدْعِي لِي بَعْلَكِ، فَدَعَتْهُ وَابْنَيْهَا فَجَاءَ بِكِسَاءٍ فَحَفَّهُمْ بِهِ، ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ إنَّ هَؤُلاءِ ذُرِّيَّتِي وَأَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ الرِّجْسَ عَنْهُمْ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا)) قَالَتْ: فَرَفَعْتُ الْكِسَاءَ وَأَدْخَلْتُ رَأْسِي فِيهِ فَقُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: ((إنَّكِ عَلَى خَيْرٍ)). حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي بَيْتِي {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: ((أَنْتِ عَلَى خَيْرٍ إنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ e)) وَفِي الْبَيْتِ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ لِفَاطِمَةَ: ((ائْتِينِي بِزَوْجِكِ وَابْنَيْكِ)) فَجَاءَتْ بِهِمْ فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ كِسَاءً فَدَكِيًّا، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ: ((اللَّهُمَّ إنَّ هَؤُلاءِ آلُ مُحَمَّدٍ فَاجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ)) قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَرَفَعْتُ الْكِسَاءَ لأَدْخُلَ مَعَهُمْ، فَجَبَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ e وَقَالَ: ((إنَّك عَلَى خَيْرٍ)). وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (ح) وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامُ حَدَّثَنَا شَهْرٌ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ حِينَ جَاءَ نَعْيُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَتْ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، وَغَرُّوهُ وَذَلُّوهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ، فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ e وَجَاءَتْهُ فَاطِمَةُ غَدِيَّةً بِبُرْمَةٍ لَهَا قَدْ صَنَعَتْ فِيهَا عَصِيدَةً تَحْمِلُهَا فِي طَبَقٍ لَهَا حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لَهَا: ((أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ)) فَقَالَتْ: هُوَ فِي الْبَيْتِ. قَالَ: ((اذْهَبِي فَادْعِيهِ وَائْتِينِي بِابْنَيْكِ)) قَالَتْ: فَجَاءَتْ تَقُودُ ابْنَيْهَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلِيٌّ فِي أَثَرِهِمْ يَمْشِي حَتَّى دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ e فَأَجْلَسَهُمَا فِي حِجْرِهِ، وَجَلَسَ عَلِيٌّ عَلَى يَمِينِهِ وَجَلَسَتْ فَاطِمَةُ عَلَى يَسَارِهِ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَاجْتَبَذَ مِنْ تَحْتِي كِسَاءً خَيْبَرِيًّا كَانَ بِسَاطًا لَنَا عَلَى الْمَنَامَةِ بِالْمَدِينَةِ فَلَفَّهُ رَسُولُ اللَّهِ e عَلَيْهِمْ جَمِيعًا فَأَخَذَ بِشِمَالِهِ طَرَفَيْ الْكِسَاءِ وَأَلْوَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا)) ثَلاثَ مِرَارٍ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ ((بَلَى)) قَالَ: ((فَادْخُلِي فِي الْكِسَاءِ)) قَالَتْ: فَدَخَلْتُ بَعْدَمَا قَضَى دُعَاءَهُ لابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ وَابْنَيْهِ وَابْنَتِهِ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمْ السَّلامُ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْمَكِّيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ e، وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} قَالَتْ فَدَعَا النَّبِيُّ e الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَفَاطِمَةَ فَأَجْلَسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَعَا عَلِيًّا فَأَجْلَسَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ جَلَّلَهُمْ جَمِيعًا بِالْكِسَاءِ، ثُمَّ قَالَ: ((اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا)) قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْهُمْ، قَالَ أَنْتِ مَكَانَكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ عَنْ عَمْرَةَ الْهَمْدَانِيَّةِ قَالَتْ: أَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتِ؟ فَقُلْتُ عَمْرَةُ الْهَمْدَانِيَّةُ، فَقَالَتْ عَمْرَةُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! أَخْبِرِينِي عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قُتِلَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَمُحِبٌّ وَمُبْغِضٌ، تُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: أَتُحِبِّينَهُ أَمْ تُبْغِضِينَهُ؟ قَالَتْ: مَا أُحِبُّهُ وَلا أُبْغِضُهُ. فَقَالَتْ: أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} إلَى آخِرِهَا، وَمَا فِي الْبَيْتِ إلاَّ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ e وَعَلِيُّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَيْهِمْ السَّلامُ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ؟ فَقَالَ: ((إنَّ لَك عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا)) فَوَدِدْتُ أَنَّهُ قَالَ نَعَمْ، فَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ.
فَدَلَّ مَا رَوَيْنَا فِي هَذِهِ الآثَارِ مِمَّا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ e إلَى أُمِّ سَلَمَةَ مِمَّا ذَكَرَ فِيهَا لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ أُرِيدَ بِهِ مِمَّا فِي الآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَنَّ الْمُرَادِينَ بِمَا فِيهَا هُمْ رَسُولُ اللَّهِ e وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عَلَيْهِمْ السَّلامُ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللَّهِ e بِقَوْلِهِ لأُمِّ سَلَمَةَ فِيمَا رُوِيَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا ((أَنْتِ مِنْ أَهْلِي)). مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ وَسُلَيْمَانُ الْكَيْسَانِيُّ قَالا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ الْبَجَلِيُّ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو عَمَّارٍ حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ قَالَ أَتَيْتُ عَلِيًّا فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: انْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ e يَدْعُوهُ. قَالَ: فَجَاءَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ e فَدَخَلا وَدَخَلْتُ مَعَهُمَا، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ e الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَأَقْعَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ وَأَدْنَى فَاطِمَةَ مِنْ حِجْرِهِ وَزَوْجَهَا، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبًا وَأَنَا مُنْتَبِذٌ، ثُمَّ قَالَ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} الآيَةَ، ثُمَّ قَالَ ((اللَّهُمَّ هَؤُلاءِ أَهْلِي إنَّهُمْ أَهْلُ حَقٍّ)) فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ؟ قَالَ: ((وَأَنْتِ مِنْ أَهْلِي)) قَالَ: وَاثِلَةُ فَإِنَّهَا مِنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو، وَوَاثِلَةُ أَبْعَدُ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْهُ لأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ لَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَأُمُّ سَلَمَةَ مَوْضِعُهَا مِنْ قُرَيْشٍ مَوْضِعُهَا الَّذِي هِيَ بِهِ مِنْهُ فَكَانَ قَوْلُهُ لِوَاثِلَةَ ((أَنْتَ مِنْ أَهْلِي)) عَلَى مَعْنَى لاتِّبَاعِك إيَّايَ وَإِيمَانِكَ بِي فَدَخَلْتَ بِذَلِكَ فِي جُمْلَتِي. وَقَدْ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} فَأَجَابَهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ {إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} فَكَمَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ ابْنَهُ لِخِلافِهِ إيَّاهُ فِي دِينِهِ جَازَ أَنْ يَدْخُلَ فِي أَهْلِهِ مَنْ يُوَافِقُهُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوِي نَسَبِهِ، فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ e جَوَابًا لأُمِّ سَلَمَةَ أَنْتِ مِنْ أَهْلِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَهَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ مِثْلَهُ لِوَاثِلَةَ. وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ مِنْ الأَحَادِيثِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مَعْقُولٌ بِهَا مِنْ أَهْلِ الآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِيهَا؛ لأَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e لَمَّا دَعَا مَنْ دَعَا مِنْ أَهْلِهِ عِنْدَ نُزُولِهَا لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِهَا الْمُرَادِينَ فِيهَا أَحَدًا سِوَاهُمْ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِيمَا أُرِيدَتْ بِهِ سِوَاهُمْ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ بَيَانُ مَا وَصَفْنَا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ e هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِتِلْكَ الآيَةِ لأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ} إلَى قَوْلِهِ {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ{ إلَى قَوْلِهِ {الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يُرَدْنَ بِهِ لأَنَّهُ عَلَى خِطَابِ النِّسَاءِ لا عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ، ثُمَّ قَالَ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ} الآيَةَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ الَّذِي تَلاهُ إلَى آخِرِ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} الآيَةَ خِطَابٌ لأَزْوَاجِهِ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِخِطَابِهِ لأَهْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ} الآيَةَ فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ لأَنَّهُ قَالَ فِيهِ {لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ} وَهَكَذَا خِطَابُ الرِّجَالِ، وَمَا قَبْلَهُ فَجَاءَ بِهِ بِالنُّونِ وَكَذَلِكَ خِطَابُ النِّسَاءِ. فَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَهُ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ} الآيَةَ خِطَابٌ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنْ الرِّجَالِ بِذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ تَشْرِيفَهُ لَهُمْ وَرِفْعَتَهُ لِمِقْدَارِهِمْ أَنْ جَعَلَ نِسَاءَهُمْ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ لِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِمَّا فِي الآيَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ قَبْلَ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ تَعَالَى. وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e كَانَ إذَا خَرَجَ لِصَلاةِ الْفَجْرِ يَقُولُ الصَّلاةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} الآيَةَ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَهُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُد قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَهُوَ نُفَيْعٌ الْهَمْدَانِيُّ الأَعْمَى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَمْرَاءِ قَالَ صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ e تِسْعَةَ أَشْهُرٍ كَانَ إذَا أَصْبَحَ أَتَى بَابَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ فَقَالَ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} الآيَةَ. وَفِي هَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ مَنْ هُمْ، وَباللَّهِ التَّوْفِيقُ.)
([280] "مجمع البيان" للطبرسي3/180، و"منهج الصادقين في إلزام المخالفين" للكاشاني4/493
([281] "مجمع البيان" 4/211، و"منهج القاصدين"7/95 و"نور الثقلين" للحويزي4/126، و"البرهان" للبحراني"3/225
([282] انظر "جامع البيان" للطبري، و"تفسير القرطبي"، و"أسباب النزول" للواحدي، و"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير، و"فضل آل البيت" للمقريزي، و"الدر المنثور" للسيوطي، و"فتح القدير" للشوكاني، و"الكشاف" للزمخشري، و"تفسير أبي السعود" و"مفاتح الغيب"، و"منهاج السنة النبوية" لابن تيمية في المجلد السابع، والرابع21، و"المنتقى"168، و"الدين الخاص"3/395، وانظر "فتح الباري" لابن حجر11/160، و"المعتمد" لأبي يعلى257، "آية التطهير بين أمهات المؤمنين وأصحاب الكساء" لعلي السالوس..
([283] ويلاحظ هنا أن الحديث ترويه عائشة الصديقة رضي الله عنها التي يزعم الشيعة أخزاهم الله أنها تبغض آل بيت النبي e!
([284] "تفسير القرطبي" 14/184
([285] "فتح القدير" 4/280
([286] "فضل آل البيت" للمقريزي ص32-35 قال أبو ماجد عفا الله عنه: وليس في ذلك إشكال؛ فالنبي e داخل معهم في الآية لكونه رب بيتهن وسيده، فلما كان الخطاب للنساء في الآيات فكان الخطاب بنون النسوة، ولما دخل النبي e مع النساء فلا بد لغوياً أن تُحذف هذه النون ويأتي بدلاً منها ميم الجمع الذي يجمع الرجال وإن كان معهم نساء، وهذا يشبه قوله تعالى عن امرأة إبراهيم عليه الصلاة والسلام: } رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ { فلم يقل الله تعالى (عليكِ) وعليه؛ فدخول النبي e حذف نون النسوة وألغاها.
([287] انظر "المعتمد" لأبي يعلى 257، ورده ابن القيم في "جلاء الأفهام" 126، وأميل إلى قول أبي يعلى لشواهد ذكرتها في الرد على الجفري كما ستراه قريباً
([288] أما من كان من أهل البيت نسباً وليس هو من منهم ديناً كأبي لهب وغيره؛ فنقول: إن أبا لهب ليس من آل محمد ولا من أهل بيته، وإن كان من أقاربه، فلا يدخل في قولنا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وهذا يشبه قوله تعالى عن نوح u وابنه: }وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ....إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ{
([289] أي سبب النزول للمتأمل، فنجد أن الله تبارك وتعالى قال في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} فنجد أن الآيات كلها في نساء e, يا نساء النبي .. يا نساء النبي .. يا نساء النبي .. وقرن في بيوتكن .. ولا تبرجن .. فالآيات متناسقات لمن تدبر القرآن، فهي آيات خاصة لنساء النبي e لا دخل في علي وزوجته وأبناؤهما y، فهؤلاء لهم أمر خاص وهو حديث الكساء الذي بين فيه النبي e أنهم من أهل بيته، فهم من أهل بيته بدليل حديث الكساء، ونساؤه من أهل بيته بدليل آية التطهير، وغيرهم من أبناء عمومته من آل بيته لحديث منعهم من الزكاة في قوله e: ((إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، وسيأتي قريباً.
([290]في هذه لآية الكريمة يبين الله تعالى أنه يريد بعد الأوامر والنواهي لأمهات المؤمنين تطهيرهن وإذهاب الرجس عنهن، وهن رضي الله عنهن متطهرات منه أصلاً، وكذا في حديث (الكساء) فالنبي e يدعو فيه الله بذهاب الرجس عنهم والذي هو أصلاً ذاهب عنهم رجالاً ونساءً، فهم مطهرون خلقة.
([291] ولقد وجدها عند الشيعة حذو القذة بالقذة من حديث الكساء الشيعي الخرافي الموضوع وقد لمَّحت عن ذلك في أعلاه..
([292] رواه البخاري
([293] رواه الترمذي
([294] رواه الترمذي والحاكم، وإسناده حسن
([295] متفق عليه
([296] متفق عليه
([297] رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" بإسناد صحيح
([298] أنظر السلسلة الضعيفة للألباني رحمه الله 3704
([299] الصوفية والشيعة وجهان لعملة واحدة في رواية الأحاديث الموضوعة، وبما أن منبع التشيع والتصوف من العراق كما سوف نبين ذلك قريباً، فإن علماء الجرح والتعديل كان لهم موقف كبير تجاههم؛ فقال هشام بن عروة: إذا حدثك العراقي بألف حديث، فألق تسعمائة وتسعين، وكن من الباقي في شك. انظر تدريب الراوي للسيوطي، وفي تذكرة الحفاظ للذهبي في ترجمة مالك بن أنس أنه قال في فتواه: ما رأيت عراقياً تام العقل، وفي ترجمة الزهري أنه قال: إذا سمعت بالحديث العراقي؛ فاردد به ثم اردد به، وقال: أن في حديث أهل الكوفة دغلاً كثيراً. حتى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله قال: ليس لحديث أهل الكوفة تور. "سنن أبي داود"
([300] متفق عليه
([301] كما قال الذهبي في "التلخيص" (المستدرك 2/448 ) وضعفه الألباني في الضعيفة 4699
([302] والعترة عموماً وخصوصاً هم الذين لهم حقوق أُمرنا بحفظها إعظاماً لهم وتفخيماً لشأنهم، وسيأتي معنى ذلك..
([303] رواه الخمسة. ولاحظ أيها القارئ قوله e ((..تمسَّكوا بها)) ولم يقل تمسكوا بهما! فسنة الخلفاء الراشدين هي سنة سيد المرسلين لا فرق بينهما، فلو خالف الخلفاء الراشدون سنة سيد المرسلين لم يكن التمسك بها من الدين، لهذا قال ابن عباس t (أراكم تهلكون؛ أقول لكم قال رسول الله e وتقولون قال أبو بكر وعمر) أو نحوه، فتأمل أخي المسلم لألفاظ الأحاديث؛ فلا تقع في غير المراد منها..
([304] في "المرقاة" 1/199
([305] رواه مالك في الموطأ
([306] والشيعة أخزاهم الله يخرجون العباس وابنه عبد الله رضي الله عنهما من العترة ويطعنون فيهما، ويطعنون في أولاد الحسن ويزعمون أنهم يحسدون أولاد الحسين، ويطعنون في أبناء الحسين نفسه من غير الأئمة كزيد بن علي بن الحسين وكذلك= =إبراهيم أخي الحسن العسكري وغيرهم.. انظر "الكافي"1/247، 1/504، 2/155، و"بحار الأنوار" 46/194، و"رجال النجاشي"52..
([307] وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" 7/396 أن أئمة العترة من بني العباس فقال: إن أئمة العترة كابن عباس وغيره...ومع ذلك فهو لم يحصرهم في بني العباس، فالعترة يدخل فيها من قد بينا كل بحسبه والله أعلم
[308]) أما من أحب شخصاً لهواه؛ مثل أن يحبه لدنيا يُصيبها منه، أو لحاجة يقوم له بها، أو لمال يتآكل به، أو لعصبية فيه، فهذه ليست محبة حقيقية، فهي ليست لله، وإنما للهوى الذي يميل إليه، فمن أحب لأجل غير الله؛ تكون محبته لذلك الغير، وما أكثر من يدعي حب المشايخ لله، ولو كان حبهم لله؛ لأطاع الله الذي أحبهم لأجله. فنحن نحب الله، ونحب من يحبه الله، فمن أحبه الله فهو محبوبنا، فمحبوب المحبوب محبوب، فمحبوب الله هو أصلاً يحب الله، فمن أحب الله؛ فسيحبه من أحب الله، فكمال محبة الله هي عبادة الله، وعبادة الله تتضمن كمال المحبة لله، وكمال الذل لله، فالله تعالى هو الإله الحق الذي تحبه القلوب وتخشاه، فتألهه بالمحبة والتعظيم والإجلال والإعظام والرجاء والخوف ونحو ذلك، فخلوا القلوب عن محبة ما سواه بمحبته، وعن رجاء ما سواه برجائه، وعن سؤال ما سواه بسؤاله، وعن العمل لما سواه بالعمل له، وعن الاستعانة بما سواه بالاستعانة به، لهذا كان وسط الفاتحة: }إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ{ أي لا يُعْبد إلا الله، ولا يُستعان إلا إياه..وكلامنا يعني:أن المؤمنين أشد حباً لله من غيرهم، فهم لا يعبدون إلا الله وحده، ولا يجعلون معه شيئاً يحبونه كمحبته؛ لا أنبيائه، ولا غيرهم؛ بل أحبوا ما أحبه بمحبته لله، وأخلصوا دينهم لله، وعلموا أن أحداً لا يشفع لهم إلا بإذن الله، فأحبوا عبدَ الله ورسولَه محمداً e لحب الله، وعلموا أنه عبدُ الله المبلغ عن الله؛ فأطاعوه فيما أمر، وصدَّقوه فيما أخبر، ولم يرجوا إلا الله، ولم يخافوا إلا الله، ولم يسألوا إلا الله، وشفاعته لمن يشفع له؛ فهو بإذن الله، فلا ينفع رجاؤنا للشفيع، ولا مخافتُنا له، وإنما ينفع توحيدنا وإخلاصنا لله، وتوكلنا عليه، فهو الذي يأذن للشفيع..
([309] فالذي يسب أو ينتقص أحداً منهم، وفي نفس الوقت يحب بعضاً منهم؛ فهو كاليهود والنصارى، فهم يغلون في حب من يحبونه، وينفرون من نظيره، فاليهود والنصارى آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض، والرافضة يوالون بعض الصحابة ويعادون بعضهم، وكذا أهل العصبية للشيوخ والأئمة المنتسبين إلى الفقه والزهد، فهم يوالون بعضاً دون البعض، أما المؤمنون حقاً وصدقاً؛ فهم الذين يوالون جميع أهل الإيمان، وهم كالبنيان يشد بعضهم بعضاً بالتواد والتراحم والتلاحم والتعاطف، فهم عباد الله إخواناً متحابين وعلى سرر يوم القيامة متقابلين.. فعلينا أن نفرق بين محبة المؤمنين ودينهم، ومحبة النصارى والمشركين ودينهم، ونتبع أهل التوحيد والإيمان، ونخرج من مشابهة المشركين وعبدة الصلبان، فدين الإسلام مبني على هذا، والقرآن والسنة يدوران عليه، وهذا للمتأمل..!.
[310]) نحن نحب أبا بكر وعمر وعثمان وعلي لله، وكذا باقي الصحابة والتابعين لهم بإحسان، لكونهم أحبوا النبي e مخلصين لله، ولا نحب أبا طالب؛ لكونه كان بحب النبي e لنصرة هواه لا لله، لهذا تقبل الله محبتهم، أما أبو طالب فلم يقبل الله عمله، بل أدخله النار، لكونه مشركاً عاملاً لغير الله. وعلى هذا فقس..
([311] رواه البخاري 3655 قال أبو ماجد غفر الله له ولوالديه: ثبت بالتواتر عن علي t أنه قال: (أفضل الناس بعد رسول الله e أبو بكر وعمر) رواه البخاري في صحيحه في فضائل الصحابة.
([312] البخاري 3697
([313] انظر "فتح الباري"7/21
([314] فهو القائل: (أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً) نهج البلاغة ص95 رقم 92
([315] الآن ولله الحمد قد تبين لكثير من الناس تلبيسات الجفري وتدليساته وافتراءاته، بل وشركياته التي لو كان أبو جهل موجوداً في زماننا لحاربه على شركه، فأبو جهل لم يشرك بالله رباً، ولكنه أشرك بألوهية ربه، والجفري أشرك بربوبية الله وألوهيته وأسمائه وصفاته، فانظر إلى الردود التي انهالت عليه من طلبة العلم الموحدين، في جميع أنحاء العالم، فلله الحمد والمنة.
([316] رواهما البخاري في المناقب
([317] "منهاج السنة النبوية" 7/395
([318] "الفرق بين الفرق" 360
([319] موضوع آل البيت وحقوقهم يأخذ سفراً كاملاً ومجلداً ضخماً، فقد ألف العلماء في هذا الكثير؛ فألفوا في نسبهم وشرفهم وخصائصهم وبركتهم وإظهار فضائلهم وولايتهم العظمى وحبهم وحب من أحبهم وإسداء الوفاء لهم وحكم من آذاهم وتبرئتهم من الرذائل والفواحش.. وبينوا -جزاهم الله خيراً-أنه ليس محباً لأهل البيت من كان رافضياً أو ناصبياً...
([320] "منهاج السنة النبوية" 3/17، وانظر "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للشوكاني في ذكر عليًّ t
([321] فيه داود الوضاع
([322] فانظر رحمني الله وإياك إلى كتاب "الفوائد المجموعة"1094-57 وانظر في باب ذِكر علي t في نفس المرجع، وكذا "تذكرة الموضوعات"للفتني98
([323] وقد سألت أحد المتأثرين بالصوفية في المدينة النبوية عن عمرو بن العاص t، فقال: أنا لا أحبه ولا أكرهه، ثم سألته عن أبي طالب! فذهب يمدح دفاعه عن النبي e، فكأن الجواب واضح من عنوانه، فهم قد تشابهت قلوبهم وعقولهم مع الشيعة..
([324] في كتابه "أصل الشيعة وأصولها"ص87
([325] "شرح نهج البلاغة" 1/783 ç
èقال أبو ماجد وفقه الله: يلعب الشيعة في ألفاظ أحاديث النبي e في الإمامة، فيحتجُّون بقوله e: ((يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش)) وفي رواية أخرى: ((لا يزال أمر هذا الدين قائماً حتى يلي اثني عشر خليفة من قريش))، ((لا يزال منيعاً))، ((لا يزال الدين عزيزاً ما ولي اثنا عشر خليفة)) فأحاديث الإمامة موجودة في كتب أهل السنة: في البخاري في كتاب الأحكام باب الاستخلاف رقم 7222 وفي مسلم كتاب الإمارة باب الناس تبع لقريش رقم 5، 6، 7، وفي الترمذي باب ما جاء في الخلفاء حديث رقم 2223، وفي أبي داود 3731، فالشيعة يتعلقون بهذه الأحاديث ويدعون أنها لأئمتهم الاثني عشر، وأنهم المقصودون في ذلك، ونحن هنا بدورنا نريد إثبات أن هذه الدعوى غير صحيحة لعل الشيعة تخترع قولاً غير الذي يدعونه. فأقول: أولاً: من هم الخلفاء الإثني عشر الذين حددهم الشيعة؟ أليس علي بن أبي طالب أولهم؟ ثم الحسن بن علي بن أبي طالب، ثم الحسين بن علي بن أبي طالب، ثم علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (زين العابدين السجاد)، ثم محمد بن علي بن الحسين بن علي (الباقر)، ثم جعفر بن محمد بن علي بن الحسين (الصادق)، ثم موسى بن جعفر بن محمد بن علي (الكاظم)، ثم علي بن موسى بن جعفر بن محمد (الرضا)، ثم محمد بن علي بن موسى بن جعفر (الجواد)، ثم علي بن محمد بن علي بن موسى (الهادي)، ثم الحسن بن محمد بن علي (العسكري)، ثم محمد بن الحسن الذي يزعمون أنه المهدي المنتظر والقائم المرتقب المسردب في سرداب يتعجلون خروجه، فهؤلاء اثنا عشر يزعمون أنهم هم المقصودين في الحديث! ولكننا إذا نظرنا في كتب الشيعة؛ نرى أنهم لا يقولون باثني عشر خليفة! وإنما يقولون بثلاث عشر، والدليل على ذلك من كتبهم المتناقضة المتخالفة، فيقول صاحب "الكافي" 1/534: عن أبي جعفر أن رسول الله e قال لعلي t: (إني واثني عشر إماماً من ولدي وأنت يا علي سر الأرض)، وقبل صفحتين عدهم وذكر أسماءهم وليس بينهم علي t فقال عن علي t: (فعددت اثني عشر آخرهم قائمهم ثلاثة منهم محمد، وثلاثة علي) هنا ننظر من هم محمد، ومن هم علي؟ فعدهم صاحب الكافي: محمد الباقر، ومحمد الجواد، ومحمد المهدي، وعلي بن الحسين السجاد، وعلي موسى الرضا، وعلي بن محمد الهادي، هكذا في "الكافي" دون ذكر علي بن أبي طالب t وهذا من ناحية الرواية، أما من ناحية الدراية – إن كان عندهم دراية- فهم يقولون عندنا اثني عشر إماماً، ولكنهم يختلفون من ناحية تأميمهم وتوليهم الإمامة، فنرى أن أقطابهم وكبارهم لم يبايعوا بعض من ادعوا إمامتهم، فنرى زرارة بن أعين والجواليقي وابن النعمان الأحوال الذي يسمونه مؤمن الطاق، وهو شيطان الطاق، والساباطي – وهم من كبار أعيان الشيعة- لم يبايعوا موسى بن جعفر (الكاظم) وإنما بايعوا عبد الله بن جعفر (الأفطح)، فنقل صاحب "الكافي" 1/351 عن أحدهم وهم هشام بن سالم أنه قال: (رجعنا من عبد الله بن جعفر ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه ولا نقصد)، وكذا زيد بن علي بن الحسين رحمه الله هو أخو محمد الباقر رحمه الله وعم جعفر الصادق رحمه الله، وزيد هذا هو الذي تنتسب إليه طائفة الزيدية، فهو إمام من أئمتهم، وكذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الذي يسمى (النفس الزكية) فهذا خرج وزعم أنه المهدي وتبعه أقوام جعلوه إماماً، لهذا كانت فرق الشيعة الكثيرة – وقد ذكرها البغدادي في "الفرق بين الفرق"- لم تقل باثني عشر خليفة البتة، وإنما جاءت التسمية بعد الحسن العسكري العقيم، فهم لما رأوا أن الإمامة سوف تنقطع بموته وهو لم ينجب؛ اخترعوا قضية الولد المُسَرْدَب، وهو الإمام رقم اثنا عشر الوهمي الغائب الذي لم يخلقه الله تعالى، لهذا لم نرَ في التاريخ فرقة تُسمى اثنا عشرية في زمن الأئمة من علي t إلى موت الحسن بن محمد العسكري، فهم لما رأوا حديث النبي e في الاثني عشر خليفة طاروا فرحاً، ونسبوه لأئمتهم، مع أن النبي الصادق المصدوق قد أخبر بقوة الدين وعزّته ومناعته بوجود الأئمة كما قال في الأحاديث السابقة، والشيعة يقولون أن أئمتهم كانوا يتقون ويستترون ويخافون فلم يظهروا إمامتهم، مع أن في أوقات وجودهم كانت الإمامة والحكم لغيرهم، حتى أن الحسن بن علي t فوض الإمامة لخال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان t في يوم الجماعة، فلماذا تنازل الحسن عن الإمامة والإمامة نصٌ في للإثني عشرية يكفر من لا يؤمن به، فهل غشهم الحسن لا سمح الله؟ بل نقول هل غشهم علي t لا سمح الله؟ لم يغشهم لا علي ولا ابنه الحسن فحاشاهما، وإنما كان قولهم قول أهل السنة.. قال علي t: (إنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وكان لله إماماً كان ذلك لله رضاً) "نهج البلاغة" ص367، وقال في نفس المرجع: (بايعني الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد) وقال t لما اختير للخلافة: (دعوني والتمسوا غيري، فإننا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول، وإن تركتموني فإني كأحدكم، ولعلِّي أسمعُكم وأطوعُكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً)، ثم إن الإمامة يلزم أن تكون في الحكم، وليس كما يدعي الشيعة الأغبياء أن الإمام لا يُشترط أن يكون حاكماً، فهم يشترطون شروطاً وينقضونها في نفس الوقت، فهم يحاربون من أجل الإمامة، ويكفِّرون من لا يؤمن بحكم الأئمة، وهم أول من يدخل في الحكم الذي حكموا به على الناس، ثم نقول لهم لماذا خرج الحسين على يزيد بن معاوية ولم يخرج على أبيه وكان قد حكم سنين طويلة في حياة الحسن والحسين y، فهل نقول للشيعة بعد هذا التناقض: هل الإمامة من أركان الإسلام عندكم وأنتم أول من يخالفها؟ ثم إن أحاديث النبي e تقول أن الأئمة من قريش دون تحديد أسمائهم ولم تقل أنهم علي وأولاده من نسبه، فلو كان كما تقول الشيعة لقاله النبي e وحدده، أما قوله e: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)) فقد بينا معناه في القسم السابق من هذا المجلد، وخلاصته أن المقصود بالولاية ليس الإمارة وإنما هي المحبة، لكون كلمة المولى تقع على عدة معانٍ منها الرب والمالك والمنعم والناصر والمحب والحليف والعبد والمعتق وابن العم والصهر كما قاله ابن الأثير، وهنا تقع بمعنى المحب، وذلك بدليل أن النبي e قال في باقي الحديث ((اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه)) فلم يقصد النبي e بالإمامة بشيء، وهذا ما فهمه الصحابة وعلى رأسهم الإمام علي t كما تقدم في نقلنا من كتاب نهج البلاغة الشيعي، فالموالاة وصف ثابت لعلي t عبر العصور وانقضاء الدهور، فالمؤمنون أولياء بعضهم لبعض..
([326] انظر "رجال كشي"21
([327] انظر "بحار الأنوار"45/329
([328] الصفويون اعتمدوا على فكرة الحق الإلهي للملوك الإيرانيين قبل الإسلام قبل سبعة ألاف سنة، وذلك بوراثة هذا الحق، وعندما تزوج الحسين بن علي t بنت ملك فارس (يزدجرد) بعد معركة القادسية وأولدها علي زين العابدين؛ اجتمع عندهم حقان بزعمهم: حق أهل البيت في الخلافة (حسب نظرية الإمامية) وحق ملوك إيران، بالإضافة إلى نيابة المهدي. هذا من جانب التشيع، أما من الجانب الصوفي فبالتنبؤات المنامية والرؤى الكشفية التي سحرت عالم التصوف، والرؤى والتنبؤات ما هي إلا أصولاً من أصول الصفويين، انظر "إيران في العصر الصفوي" لرجر سيوري ص26، 29
([329] انظر "بحار الأنوار" 41/214
([330] "رسالة الإيمان" للحائري 323
([331] بعد انهيار الصفويين على يد العثمانيين شرعوا بالبحث عن متعاونين معهم، فاستعانوا بالبرتغال الصليبية على أهل السنة، ثم استعانوا بعد ذلك بالأوربيين وأقاموا حلفاً معهم ضد العثمانيين، وهذا ليس غريباً منهم فهم أصحاب المغول سابقاً، والأمريكان حاضراً، والمثلث الإيراني لم يكن خافياً حتى على من رزقه الله فقها بصيراً في واقع الأمة المرير..انظر "المثلث الإيراني" والعلاقات السرية الإسرائيلية الإيرانية الأمريكية للصحفي اليهودي شموئيل سيجف بترجمة غازي السعدي..
([332] ولكن نقول: كيف قبل سلمان الفارسي t إمارةً من قِبل عمر t بحيث جعله من أحد القادة الذين أرسلهم لفتح المدائن كما في"ابن كثير7/67، و"حياة القلوب" للمجلسي الشيعي المحترق2/780
([333] وقد رددت على الصوفية في هذه المسألة في ردي على الجفري المشرك، وفي الرد على الموسوعة الكويتية الفقهية.
([334] ولنا وقفة مع الذكر الصوفي في نقضنا لموسوعة خطار اليوسفية في فصل "الذكر"
([335] وقد استخدمه بعض اليهود المعاصرون لظهور الإسلام ليحسبوا مدة ملك الإسلام ومتى سيزول، ويقوم هذا العلم على أن كل حرف عربي يقابله رقم حسابي بطريقة (أبجد هوَّز حطِّي كلمن شعفص..الخ) وأن لكل حرف في القرآن معنى باطنياً وتفسيراً إشاراتياً لا يطلع عليه إلا الصوفي أو الشيعي المتبحر المكشوف قلبه، وهذا العلم هو من أشهر علوم الباطنية عند الشيعة وانتقل إلى الصوفية؛ حتى أن الصوفية صاروا أكثر المروجين لهذه الطريقة؛ فأحدثوا لأسماء الله الحسنى أرقاماً، ولم يكتفوا بهذا؛ فأحدثوا لله أسماء غريبة اعتبروها لله فيكررونها بأعداد معينة ليتحصلوا – بزعمهم- إلى مراتب الزهد والتصوف وإلى عروج الروح إلى السماء والفناء في الله والحلول فيه الذي يهدف إلى الوصول إلى مقام الألوهية وانجلاء مرآة القلب الذي بانجلائها يظهر لهم الغيب كله والوصول إلى السر الأعظم الذي يرتقي بهم إلى وحدة الوجود حسب زعمهم الذي يرتبطون به بكشوفاتهم التي يستمدون بها علومهم التي هي سلب جميع الصفات البشرية والتحلي بالأخلاق الإلهية ظاهراً وباطناً. فقاتل الله هؤلاء الخراصين فأنَّى يؤفكون..
([336] انظر ما نقلناه عن شيخ الإسلام ابن تيمية وتلامذته في منهاج السنة النبوية 1/10-21، و"إغاثة اللهفان" 2/266 وابن كثير في "البداية والنهاية" في عدة مواضع، وقد ذكروا أن الصوفية والشيعة كانوا في خندق واحد ضد أهل السنة يتعاونون بإخلاص مع الكفار في سبيل نشر زندقتهم وإلحادهم..
([337] فماذا بالله عليكم نقول لفقهاء الواقع المنتمون للتيارات الوسطية الذين ما يزالون يشيدون بالشيعة والصوفية ويمدحونهم، هل يريدون أن يقودوا الإسلام ويحمونه ويدافعون عن جنابه؟! وهل حماية الدين تكون بتزييف الحقائق وتعمية الواقع المرير عن شباب الإسلام، هذا الذي يريدون بشباب الإسلام الذي رفع رايات حزب الشيطان اللبناني بقيادة الشيطان نصر اللات الرافضي، هذا هو حال الشباب المسلم الذي غُيِّب عنه منهج دينه القويم؛ حتى صاروا لا يدركون حجم المؤامرة التي تدور عليهم، فيا حسرة على العباد..
([338] "البحر المورود" ص292
([339] ففي سنة 1870م استطاعت امرأة فرنسية تسمى (أوريلي بيكار) أن تخترق الزاوية التيجانية وتتزوج من شيخها سيد أحمد، ولما هلك تزوجت أخاه سيدي علي، فأصبحت هذه المرأة مقدسة عند التيجانيين, وأطلقوا عليها لقب (زوجة السيدين)، وكانوا يتيممون بالتراب الذي تطؤه، وقد استطاعت هذه المرأة إدارة الزاوية التيجانية كما تحب فرنسا وكسبت للفرنسيين مزارع خصبة ومراعي كثيرة، ولذلك أنعمت عليها فرنسا بوسام الشرف.- انظر"مخازي الولي الشيطاني" ص12- .وساعد التيجانيون الجيوش الفرنسية حتى إن الشيخ محمد الكبير صاحب السجادة التيجانية الكبرى وخليفة الشيخ أحمد التيجاني مؤسس الطريقة قال في خطاب له أمام رئيس البعثة العسكرية الفرنسية في مدينة (عين ماضي) المركز الرئيسي للطريقة التيجانية بتاريخ 28 ذي الحجة 1350هـ: «إن من الواجب علينا إعانة حبيبة قلوبنا فرنسا ماديا ومعنويا وسياسيا، ولهذا فإنني أقول لا على سبيل المن والافتخار ولكن على سبيل الاحتساب والشرف والقيام بالواجب: إن أجدادي قد أحسنوا صنعا في انضمامهم إلى فرنسا قبل أن تصل إلى بلادنا، وقبل أن تحتل جيوشها الكرام ديارنا». "مخازي الولي الشيطاني" ص12. ولهذه المرأة الفرنسة كتاباً سمَّته "أميرة الرمال" تذكر فيه مذكراتها في ذلك..
([340] وقد فعل الغربيون في أمريكا وأستراليا وكندا مع سكانها الأصليين بأن نشروا بينهم المخدرات والخمور والزنا ليخدروا الشعوب وتغفيلهم عن المطالبة بحقوقهم، وهكذا فعلوا بالمسلمين بأن نشروا أفيون التصوف ودعموه وروجوا أفكاره فخدَّروا المسلمين عن نشر دينهم الحق..
([341] حتى أننا سمعنا كفار الغرب والشرق – صانعوا الإرهاب- يتكلَّمون عن السلفية وينطقوها باسمها وينطقون اسم محمد بن عبد الوهاب وينكرون عليه كما تنكر الشيعة والصوفية وأهل البدع عليه، ويدَّعون أن منهج ابن عبد الوهاب منهجاً تعصبياً غير متنور كالصوفية، والمتتبع للواقع يرى ما أقوله صحيح، فها هي الخطة الأمريكية المسماة: (مشروع الشرق الأوسط الكبير) - الذي يمتد من الغرب إلى إندونيسيا مروراً بجنوب آسيا وآسيا الوسطى والقوقاز- الذي تحارب كل من يتصدى للعدوان الأمريكي الغاشم تحت شعار: (محاربة الإرهاب)- نرى أن من أهداف خطها أنها تبحث عن كل تيار إسلامي يعارض الإسلام الحقيقي ينسجم مع الرؤية الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط.. فأكبر ما استغله الغرب والشرق الكافر ضد الإسلام الحقيقي هو إدماج الصوفية في الحكم ليكون التصوف السياسي هو الذي سوف يحد من التأثير الإسلامي السياسي، فالتصوف حري بأن يُدْعَم من الكفار؛ لكونه يفصل بين الدين والحياة، وقوة كبيرة مضادة للإسلام السياسي المجاهد؛ فلهذا نراهم يوجبون على الصوفية أن تدخل في الاستراتيجية الأمريكية للتعامل مع العالم الإسلامي، كما قال ذلك (ستيفن شوارتز) في كتابه "وجها الإسلام: الأصولية السعودية ودورها في الإرهاب"، وهذا الكاتب كان شيوعياً متطرفاً (تروتسكياً) ثم دخل الإسلام من باب التصوف المتطرف جداً، وقد ذكر في كتابه منهج الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ونسبه إلى الإرهاب والتعصب والاستبداد، حتى أنك إذا قرأت كتاباته؛ فتراها وكأنها معارك ضد ما يسميه (بالوهابية). وما خفي علينا ما يكتبه الكاتب النصراني (دانيال بايبس) رئيس مؤسسة (منبر الشرق الأوسط للأبحاث) المقيم حالياً في ولاية فيلادلفيا في تهجمه على الإسلام والمسلمين، حتى أنه لما قام بإنشاء (مركز التعددية الإسلامية) أعلن فيه أن الهدف من أنشاء هذا المركز هو إحباط جهود المنظمات ذات التوجه الوهابي المتطرف بزعمه، وتقوم جهود هذا المركز- كما يقول- بالتعاون مع وسائل الإعلام ومع المنظمات الحكومية الأمريكية، ومن الدلائل على ما أقوله أن مدير مركز (التعددية الإسلامية) هو نفس الكاتب المتقدم ذكره (ستيفن شوارتز) ومساعده هو الدكتور أحمد صبحي منصور المفصول من الأزهر في الثمانينيات بسبب إنكاره للسنة النبوية، وهذا المساعد هو من المحبين لدانيال بايبس الذي قال عنه في (نيويورك صن في 23/11/2004): (إن هناك أخباراً سارة تقول: إن فكرة أن الإسلام المتطرف والعنفي هو المشكلة، وأن الإسلام المعتدل هو الحل وتلقى رواجاً واسعاً مع الوقت.. ثم قال: كذلك فن أشخاصاً بارزين مثل أحمد صبحي منصور ومحمد هشام قباني يرفعون أصواتهم) وقد أثلج صدري في مقابلة أجرتها قناة الجزيرة مع دانيال هذا وآخر مسلم؛ فضحه وفضح مخططاته دون أن يتكلم بنبت شفة.. وللمعلومية أن من أبرز الداعمين لمشروع المركز هو نائب وزير الدفاع الأمريكي (بول وولفوتيز) وهو مهندس الحرب على العراق وأحد أبرز اليهود الناشطين بين المحافظين الجدد ورئيس البنك الدولي مؤخراً، وكذالك (جيمس وولسي) مدير المخابرات المركزية السابق. كما ذكرت انترناشيونال برس سيرفس في 7/4/2004.
([342] وأشعار جلال الدين الرومي يقوم الآن رجل شيعي علماني سياسي لا دين له ولا إيمان عنده بكتاب ولا سنة بشرحه وهو إياد جمال الدين.
([343] انظر www.aljazeera.ne
([344] ولكي يعزِّزون العلاقة مع الحركات الصوفية فإنهم قاموا بدعمهم مادياً بترميم المزارات الصوفية والحفاظ على تراثهم الصوفي المتمثل في الأضرحة والمشاهد والمقامات والأعتاب والموالد التي تحارب السنة وتشوه الإسلام، وهذا الدعم من أكبر الوسائل لأخذ عقولهم وقلوبهم بدولاراتهم، وأول ما فعلوه في أفغانستان هو فتح أبواب المزارات وعلى رأسها (مزار شريف) وسمحوا للموالد أن تُقام ويروج لها - وكانت حركة طالبان طوال فترة حكمها أغلقت أبواب المزارات وأوقفت الاحتفالات وحلقات الذكر والإنشاد الصوفي- وهم الآن يعملون بجد واجتهاد مع تركيا - العلمانية التي هي جزء لا يتجزأ من الغرب وصاحبة العلاقات الحميمة مع إسرائيل- لتسويدها في منطقة الشرق الأوسط لكون الجماعات الإسلامية فيها يغلب عليهم الجانب الصوفي بأشكاله المختلفة، وإذ نحن نيام في بيوتنا؛ فهم يسهرون الليالي ويعملون على مدار الساعة في إماتة الروح الإسلامية الفعالة، وإقامة مؤسستهم الصوفية التي تخضع لنظامهم العلماني.. ونحن هنا لما نرد على "الموسوعة اليوسفية في بيان أدلة الصوفية"؛ إنما نريد أن نصل إلى أن هذا الصوفي الخرافي يوسف خطار محمد هو أحد المدعومين من الغرب - علم أم لم يعلم شعر أم لم يشعر- فهاهو الغرب يرعى الحركات الصوفية بالتسارع في افتتاح المدارس والأكاديميات والأربطة لاستقبال المريدين الصوفية، ففي 28/3/2001م عقد في مدينة بامبرج الألمانية المؤتمر الثامن والعشرين للمستشرقين الألمان، ومن ضمن البحوث التي قدمت في المؤتمر بحث بعنوان «الأخوة الصوفية كحركات اجتماعية»، و(الحركة النقشبندية في داغستان) و(التيجانية) في غرب أفريقيا، وصورة الموالد الشعبية في مصر(انظر جريدة الشرق الأوسط4/1/1422هـ العدد8156). وفي عام 2002م تم افتتاح أقسام لتعليم اللغات (الإنجليزية والفرنسية والأسبانية) في المعاهد الشرعية التابعة للشيخ (أحمد كفتارو) النقشبندي، وهذه الأقسام تستقبل الطلبة الناطقين بهذه اللغات أو تعلم الطلبة العرب هذه اللغات كي يقوموا بالتدريس في هذه الدول بعد ذلك(انظر وكالة الأنباء الفرنسية سبتمبر2002م). وفي 12/7/2003م نظم المركز الثقافي الأوروبي البلغاري ندوة حول أدب التصوف في الإسلام(انظر جريدة الشرق الأوسط العدد8992. وفي صيف (2001م) شنت الحكومة اليمنية هجمة شرسة على جميع المعاهد الدينية بحجة مكافحة الإرهاب، فقامت بإغلاقها عدا (دار المصطفى) بـ (تريم) وهي تتبنى النهج الصوفي(انظر جريدة الشرق الأوسط 10/12/2001) – ودار المصطفى في تريم يقوم عليه الداعية الصوفي المشرك علي الجفري أخزاه الله- وفي زيارة هامة للرئيس الباكستاني (برفيز مشرف) إلى الهند شملت إجراء محادثات مع رئيس الوزراء الهندي (مانموهان سينج). توجه الرئيس (مشرف) لولاية راجستان بغرب الهند لزيارة ضريح إسلامي بارز، ثم توجه إلى العاصمة دلهي(انظر موقع شبكة البي بي سي وجريدة الراية القطرية 24/3/2005) وقام الرئيس الجزائري (عبد العزيز بوتفليقة) بزيارات مكثفة لعدد من زوايا وأضرحة (الأولياء والصالحين) المنتشرة في مختلف أنحاء الجزائر؛ لزيادة شعبيته لدى عدد كبير من الجزائريين الذين يتبركون بهؤلاء الأولياء، وذلك قبيل الانتخابات الرئاسية التي أقيمت في الثامن من إبريل2004م(انظر جريدة الشرق الأوسط العدد9211، وجريدة الراية القطرية4/3/2004) وفي 16شوال1426 حضر مولد البدوي السفير الأمريكي في القاهرة معلناً عن إعجابه الشديد بعالم التصوف الإسلامي، لافتاً إلى ما تنطوي عليه الصوفية من تسامح، وما تجسده من قيم ومبادئ إسلامية رفيعة مثل الحق والخير والجمال!(انظر جريد الخليج الإماراتية العدد 9680 في 19/11/2005، وجريدة الشرق الأوسط 16/10/1426) وفي العراق أيضاً ـ في مدينة كركوك ـ أوضح عدد من أهالي المدينة أن مِن المتصوفة في المدينة مَن أخذوا يهادنون الاحتلال والحكومة المعينة خوفاً من الاعتقال، خاصة شيخ الطريقة الكستزانية ويدعى محمد الكستزاني والذي أعلن قبل أشهر أن الجهاد في العراق ينبغي أن تنطبق عليه عدة شروط قبل إعلانه منها: صفاء القلب وتحقيق الصلة بين العبد وربه. وهو ما أثار حفيظة المقاومة العراقية وأهالي المدينة على حد سواء(www.islammemo.cc/news/ السبت22رجب1426هـ ـ 27 أغسطس 2005). وفي أغسطس عام (2003) الموافق جمادى الآخرة (1424هـ) صدر العدد الأول من المجلة المنعوتة: بـ (مجلة البحوث والدراسات الصوفية) وهي من مطبوعات جمعية العشيرة المحمدية بمصر وتقع في حوالي (600) صفحة، وتصدر عن المركز العلمي الصوفي الذي يهدف إلى (إحياء التصوف في الأمة، ونشره على كافة مستوياتها، وبين كل فئاتها، وفي مختلف أوجه أنشطتها)!(انظر مجلة البحوث والدراسات الصوفية العدد الأول من مقدمة المجلة).وفي عام (2003م) شهدت مدينة (الإسكندرية) في الفترة من (18ـ 21) إبريل المؤتمر العالمي للطريقة الشاذلية بمدينة الإسكندرية وقد انعقدت جلسات المؤتمر بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع (منظمة اليونسكو) و(المركز الوطني الفرنسي للبحوث والدراسات العلمية) و(المعهد الفرنسي لآثار الشرقية) و(الوزارة الفرنسية للبحث العلمي) و(وزارة الخارجية الفرنسية) و(دار العلوم الإنسانية بفرنسا) وأخيراً (وزارة السياحة المصرية)(انظر مجلة البحوث والدراسات الصوفية العدد الأول ص595). وفي عام 2004م أقيمت على مدى عشرين يوماً محاضرات عن الحلاج وابن عربي وابن الفارض في الدانمرك(انظر www.aljazeera.net.) وفي سبتمبر من عام (2004م) تم افتتاح الأكاديمية الصوفية بمصر(عبر النت إسلام أون لاين في14/7/2004). وفي9/1/2004م أعلن في العراق عن تشكيل «الأمانة العليا للإفتاء والتدريس والبحوث والتصوف الإسلامي» التي من أهدافها «إنشاء المدارس الدينية ودعم الطرق الصوفية»(انظر جريدة الشرق الأوسط العدد9173 لعام 2004). وفي (10/9/2004م) أقيم مؤتمر هو اللقاء الأول من: (لقاءات سيدي شيكر العالمية للمنتسبين إلى التصوف) تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس)(وكالة الأنباء المغربية في 10/9/2004م). يقول الدكتور عمار حسن: «وفي الفترة الأخيرة في مصر ظهر جلياً تقرب الحكومة من المتصوفة وتقرب المتصوفة من الحكومة، بل السعي من الطرفين للتقارب؛ فقد خلقت الظروف الملائمة للتحالف ضد الجماعات الإسلامية أمام الرأي العام باعتبارها طرحاً دينياً له مكانته عند المصريين؛ بينما هي تحتمي بالنظام ضد ممارسات الجماعات السلفية التي ترى تحريم رفع القباب على القبور وتحريم الطواف بها وعبادتها والتي تتعيش الجماعات الصوفية على بثها بين الناس والتي لولاها لتقوض ركن ركين من أركان التصوف، ومن هنا فقد حرصت السلطة السياسية على حضور الموالد والاحتفالات الصوفية، بل صار شيخ مشايخ الصوفية (أبو الوفا التفتازاني) (توفي) عضواً في الحزب الحاكم ورئيساً لعدة لجان داخل جهاز الدولة، بل حرص رئيس الدولة بنفسه على الصلاة في مساجد الأولياء مثل سيدنا الحسين والسيد البدوي»(انظر كتابه "الصوفية والسياسة" ص104).وفي ديسمبر من عام (2004م) أقيم في عاصمة مالي (باماكو) المؤتمر العالمي الأول للطرق الصوفية بغرب أفريقيا تحت شعار: (التصوف أصالة وتجدد) www.alelam. net/policy/details وفي الفاتح من سبتمبر من عام (2005) أقامت الجماهيرية الليبية مؤتمراً دولياً بعنوان: (الطرق الصوفية في أفريقيا/حاضرها ومستقبلها) ومن أهداف المؤتمر اقتراح الخطط والوسائل والبرامج التي تساعد على تفعيل دوره، أما شعار المؤتمر فهو: (معاً من أجل تفعيل دور الطرق والزوايا الصوفية في أفريقيا) (انظرhttp:. org/LSC/elan1 htm.www.libsc). وفي(5) يوليو (2005م) أقيم مؤتمر (حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصر) الذي بدأ أعماله في العاصمة الأردنية (عمان) برعاية العاهل الأردني الملك (عبد الله الثاني) وقد قرر في خطابه فكرة التصوف واصفاً له بالتصوف المعتدل، فقال: (لقد أفتى شيخ الأزهر بأن الفكر الصوفي المعتدل مقبول ما دام يستند إلى الشهادتين؛ ذلك أن الاعتراف بالمذاهب هو اعتراف بمنهجية الإفتاء وتحديد من هو المؤهل لهذه المهمة، مما يؤدي إلى عدم تكفير بعضنا بعضاً، وإغلاق الباب أمام الجاهلين الذين يمارسون أعمال القتل والإرهاب باسم الإسلام والإسلام منها بريء)(انظر جريدة الرياض، الثلاثاء (28) جمادى الأولى1426هـ، العدد (13525).
إن هذه المؤتمرات المتلاحقة حول التصوف تنبئ أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الأمة مقبلة على مد صوفي يُراد إحياؤه من جديد بعد أن بدأ بالخمود، سواء أكان هذا التحرك ذاتياً من قِبَل الجماعات الصوفية، أم هو بتحريك غربي عربي؛ فالخطر العقائدي لا يزال قائماً.
([345] } وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ{ فعزة الإسلام لن تموت إلى أن يرث الله ألأرض ومن عليها، والنظام العقدي لن يُمْحى مهما بلغت قوى الأنظمة الكافرة والمتعاونة معها، فالله لن يخلف وعده لعباده المتقين الصالحين، والأرض لن يرثها إلا هم كما بشر بذلك رب العالمين }وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ{ النور }وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ{ الأنبياء
([346] متفق عليه
([347] الشبه بين الشيعة والصوفية شبها عجيباً، فتراهم في كتبهم ومحاضراتهم ومواقعهم يقدحون في مشايخ أهل السنة ويكذبون عليهم، فتراهم متفقين على القدح في ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب والألباني وابن باز وابن عثيمين؛ فكل من دعا إلى التوحيد وحق الله على العبيد وإخلاص العبادة لله وحده تعالى وترك عبادة الأئمة والأولياء تجد أن اسمه انضم إلى الوهابية، حتى ابن تيمية والأئمة الأربعة صاروا وهابية بمجرد دعوتهم إلى التوحيد وتحذيرهم من الشرك وعبادة العبيد، حتى أننا في المناظرات التي نراها في القنوات دائماً ما يقدحون فيها في السلفية ودعوة الأئمة الإصلاحية، حتى أننا لا نكاد نرى مناظرة بين الصوفية والشيعة، ولا نرى في مواقعهم عبر الشبكة العنكبوتية (الانترنت) أي ردود على الشيعة من الصوفية ولا العكس، ولكن الذي نراه هو السب والطعن في أهل السنة والتحذير منهم، مع أن الشيعة تكفر الصوفية في كتبهم كما في كتاب "رسالة الإثني عشرية في الرد على الصوفية للحر العاملي ص13-16، وكذلك تكفيرهم للأشاعرة كما في "الأنوار النعمانية" للجزائري 2/278
([348] قرن الشيطان يعني القرنان الذي في جانبي رأس الشيطان، لهذا جاءت بعض الأحاديث أن رأس الكفر نحو المشرق، فذكر الرأس، والقرنان في الرأس، فالشيطان يغري الناس بالضلال بواسطة قرونه، فيحرك الناس بين قرونه ليتسلط عليهم، والقرون دائما ما تكون شديدة، فهي تضرب في الناس وتوجههم وتسير بهم إلى ما لا يُحمد عقباه من الأمور، فكل من يتبع قرن الشيطان فسوف يقوده إلى شيعته، وشيعتُه هم المتلبسون في الفتن العظيمة والبدع السقيمة والحروب الغاشمة العاتية الشديدة.. وهذا ما سنبينه قريباً إن شاء الله..
([349] وإن كانت اليمامة من نجد، ونجود العرب كثيرة ذكرها صاحب "معجم البلدان" 5/265، وصاحب "تاج العروس" 2/509، إلاَّ أن المقصود منها نجد المشرق من جهة المدينة النبوية، وهي نجد العراق كما ذكر ذلك أهل اللغة والحديث، وقالوا: كل ما وراء الخندق الذي خندقه كسرى إلى الحرة فهو نجد العراق، وهي التي قال عنها الرسول e في الأحاديث الآتية قريباً..
([350] وقد تقدم الكلام في هذا الإمام ودعوته في القسم الأول من هذا المجلد وسيأتي زيادة بيان في هذا قريباً إن شاء الله..
([351] المسند 2/143 على شرط الشيخين كما تقدم
([352] أخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/746-748، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 6/133، وابن عساكر 1/120، والطبراني في "الأوسط"4256، وغيرهم، كلهم عن سالم عن أبيه عن النبي r بإسناد صحيح
([353] "كنز العمال"14/135، وأخرجه الحافظ الثقة الحجة أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي المتقدم بإسناد صحيح في كتابه البارع المفيد "المعرفة والتاريخ" 2/746 انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ 607
([354] 13422 بإسناده جيد
([355] (4098) ط.الحرمين وانظر "تاريخ الرقة" رقم 145 لعلي الحراني، وابن عسكر في "تاريخ دمشق" 1/132، و"بغية الطلب" لابن العديم 1/342، و"فضائل الشام" للربعي وتخريجه للألباني رحمه الله ص 25-27 وتفصيل الكلام فيه
([356] رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة 18/22 مع النووي شرح مسلم
([357] ومراد سالم رحمه الله: أن أهل العراق سألوا عن دم البعوض في الإحرام، فقال لهم (انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله e) انظر جامع الترمذي في المناقب. قال الترمذي: هذا الحديث صحيح. وهو البخاري في المناقب والأدب أيضاً أن رجلاً محرم من العراق سأل ابن عمر عن قتل الذباب – وفي رواية البعوض- فقال: ابن عمر: (أهل العراق يسألون عن الذباب! وقد قتلوا ابنَ ابنة رسول الله e، وقال النبي e: ((هما ريحانتايَ في الدنيا)). هكذا أهل العراق يحرصون على السؤال عن الشيء اليسير، ويفرطون في الشيء الجليل. وهذا دليل على أن الصحابة كانوا يعلمون أن المشرق هي العراق، حتى أن رواية البخاري في كتاب الأدب سأل ابن عمر السائل: ممن أنت؟ فقال من أهل العراق.. فتأمل ولا تتأول بتأويلات أهل البدع الزائفة، ولا تتلبس بتلبيساتهم الباطلة، ولا تكتم الحق الأبلج، ولا تتدثر بالباطل اللجلج.
([358] "السنة" لابن أي عاصم 993 بإسناد حسن كما قال الألباني رحمه الله
([359] قال e: ((يخرج أناس من قِبَل المشرق ويقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم..)) رواه البخاري في كتاب التوحيد باب قراءة الفاجر، انظر فتح الباري 13/535 وأيضاً في باب قتال الخوارج 12/290 حديث رقم 1934 وفيه عن سهل بن حنيف t أنه سمع النبي e وأهوى بيده قِبل العراق: ((يخرج منه قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم)). فوقع الخبر كما أخبر e.
([360] وهذه الفرقة قد انقرضت ولله الحمد، أما الرافضة فما زالت إلى أيامنا هذه يتمركزون في الكوفة وبلاد العراق..
([361] "السنة" لابن أبي عاصم 984 بإسناد حسن كما قال الألباني رحمه الله، وقال: وقد روي مرفوعاً..قال لي النبي e: (فيك مثل من عيسى؛ أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه، وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس به. ثم قال: يهلك فيَّ رجلان: محب مفرط، ويقرضني بما ليس فيَّ، ومبغض يحمله شأني على أن يبهتني.) قال الألباني: أخرجه عبد الله بن أحمد(1/160) وأبو يعلى (1/156) وإسناده ضعيف "السنة"1004.
([362] "السنة" لابن أبي عاصم 1003 قال الألباني: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
([363] "حجة الله البالغة" للشاه ولي الله الهندي 1/313
([364] "سيرة النعمان" 2/27
([365] "موطأ الإمام مالك 1/691، و"كنز العمال" 14/183 وفيه (.. وباض إبليس وفرخ)
([366] انظر "القاموس المحيط" 1/340، و"لسان العرب" 3/413، و"النهاية" لابن الأثير5/19، و"تاج العروس"2/509، و"معجم البلدان"5/261
([367] "إعلام السنن" أي "أعلام الحديث" 2/1274 ط.المغربية، وانظر "عمدة القاري" للعيني 24/200
([368] 24/168، 10/44 من قول ابن بطال عن الخطابي
([369] "إرشاد الساري" 10/181
([370] الفتح 13/46
([371] قال الألباني في السلسلة الصحيحة تحت حديث رقم 1682: أخرجه أحمد (4/90) والطبراني (رقم3841) بسند حسن في المتابعات والشواهد
([372] حدود العراق المراد ذكرها في الأحاديث أوسع من حدودها الجغرافية المعتمد في الوقت الحاضر فتنبَّه
([373] "تاريخ دمشق" 459 في ترجمة عثمان t
([374] انظر تفصيل ذلك في "العواصم والقواصم"لابن العربي173، و"مجموع فتاوى ابن تيمية"13/32، و"فتح الباري"12/283
([375] 8/654 ط. دار الفكر
([376] وقد تقدم الكلام عن الدجال في أول القسم الثالث من المجلد الأول من "نقض الموسوعة اليوسفية" في وقفة عاجلة، فراجعها تزدد علماً.. ولا ننس أن فتنة مقتل عمر t كان منبعها أعجمياً من هناك..
[377]) رواه البخاري وأحمد
([378] انظر "منهاج السنة النبوية" لابن تيمية رحمه الله 3/374وما بعدها، و"البداية والنهاية" لابن كثير 17/356 ط.هجر، و"الروضتين في أخبار الدولتين" لأبي شامة2/477، 4/411
[379]) ولن ينس المسلمون ما فعله الحجاج الأثيم في سفك الدماء المعصومة.
[380]) متفق عليه
([381] انظر ما ذكره ابن حجر في "الإصابة" 1/335 عن مقتل الحسين t
([382] انظر "البداية والنهاية" لابن كثير 11/61 لترى ما فعل القرامطة، و"وفيات الأعيان" لابن خلكان3/28، و"الإشاعة" 87ط.دار الهجرة للبرزنجي، ولي رسالة "هل تريدون رجوع طاغية العراق" يسر الله إتمامها
[383]) - وقد تقدم ذكرهم في القسم الأول من المجلد الأول -
[384]) انظر "فضائل الشام ودمشق" للحافظ الربعي
[385]) وكذلك أيضاً لا ريب أن من أعيان أهل العراق من العلماء والصالحين من هو أفضل من غيرهم في زمانهم كابن مسعود وعمار وحذيفة ونحوهم وممن جاء بعدهم من الأئمة كأحمد وغيره في زمانه..وهذا لا يمنع اختصاص طائفة بأمر راجح على أخرى في مقابلة الجملة وترجيحها. وسيأتي الكلام في هذا قريباً إن شاء الله..
([386] أخرجه مسلم في صحيحه 2896، وأبو عمرو الداني في "الفتن" رقم 602، وفي "الخراج" له واللفظ له رقم 227، والقفيز والمدي والإردب: مكاييل معروفة عند أهل بلدانها..
([387] انظر "أحكام أهل الذمة" لابن القيم 1/226 تحقيق الصالح
([388] في "إتحاف الجماعة" 2/239
([389] رواه الإمام أحمد، والشيخان، وابن ماجة؛ من حديث أبي هريرة t.
([390] رواه مسلم
([391] رقم 2913
([392] تاريخ دمشق لابن عساكر2/215
([393] ذكره نعيم بن حماد في "الفتن" رقم585
([394] أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" رقم94بإسناد جيد
([395] والأحاديث فيه كثيرة في الصحيحين والمسانيد والمصنفات، تل، أو كنز، أو جزيرة، أو جبل؛ معاني مترادفة بمعنى الكثرة والله أعلم، وهنا ينبغي أن ننبه على من ظن أن الذهب هو البترول، وسماه بالذهب الأسود! وهذه مجازفة خطيرة ترد هذا الحديث الصحيح، وتضعه في غير محله، وخاصة أن البترول ليس جبلاً بارزاً، وإنما هو مُستخرج من باطن الأرض، ومن مسافات بعيدة، ثم إن البترول موجود في أماكن متعددة في العالم، وليس مخصوصاً في الفرات، وهو معدن سائل، وليس جامداً كالذهب! انظر رد الشيخ حمود التويجري رحمه الله على من تجرأ في تأويل الأحاديث والآيات بالتحريف على حسب ما يحلو لهم في كتابه: "إيضاح الحجة في الرد على صاحب طنجة" وكتاب للشيخ أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين: "تحذير ذوي الفطن من عبث الخائضين في أشراط الساعة والملاحم والفتن"..
[396]) "الفتح"13/81
[397]) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة
[398]) مسلم4/2223
[399]) انظر صحيح ابن حبان "الإحسان" 6853
([400] متفق عليه
([401] فنحن ندعو المسلمين إلى هذه الراية في نقضنا للموسوعة اليوسفية الصوفية
([402] كما هو حاصل الآن؛ لا يُعرف قائد ولا يُعرف أمير، والنصيحة قبل الخسارة في الدنيا والآخرة: أن يجاهد المسلمون تحت راية إسلامية واضحة المعالم والاستقامة الحقة، موزونة بميزان أهل السنة المقسط الغير مجحف، والمرجع في الميزان هو العلماء= =الذين يقيمون بالتقييم الصحيح، والحكم الشرعي الصريح، فلا يجوز للجهال وأنصاف المتعلمين الذين علموا شيئاً وفاتهم أشياء، قال e: ((من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات؛ مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عُمِّيَّةٍ؛ يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة فقُتِل؛ فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي؛ يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده؛ فليس مني، ولست منه.)) أخرجه مسلم وأحمد والنسائي
([403] مهدي السنة لا الشيعة وقد تقدم التفريق بينهما في القسم السابق فراجعه تزدد علماً وفهماً وقناعةً
([404] أخرجه أحمد وصححه الألباني في الصحيحة 3082
([405] أخرجه ابن ماجة بإسناد صحيح، انظر الصحيحة 2455
([406] المسند 5/42، السلسلة الصحيحة 2495
([407] أخرجه أحمد 3/15 وصححه الألباني في المصدر السابق
([408] أخرجه أبو يعلى 3/1019- 1020 بسند فيه ضعف نفس المرجع السابق
([409] انظر "تاريخ الطبري" 5/313، 613، "البداية النهاية"10/306، "الفصل في الملل والأهواء والنحل" لابن حزم 4/190
([410] انظر "في ظلال القرآن" 2/1057، 1125، 3/1735، 4/2009، 2010، 2122، و"العدالة الاجتماعية" له 183، و"معركة الإسلام والرأسمالية63، 84 في تكفيره المسلمين، وطعنه في خلافة الخليفة الراشد عثمان t، وتمجيده للمارقين من فلاسفة وممثلين ومغنيين..
([411] فأهل الإيمان يحبون العمل بالكتاب والسنة، فبهما تنصب أعينهم وتنصت آذانهم وتطمئن قلوبهم وتنطق ألسنتهم، ويعدون طاعة الله وطاعة رسول الله من أكبر أسباب النجاح والفوز والفلاح، فهم أهل السنة الذين لا يلتفتون إلى قول أحد ولا لرأي ولا قياس حيث وجدوا الدليل من الكتاب والسنة، على العكس من أهل البدعة والضلال؛ فهم بعيدون عن الحق، وخاصة أهل العراق منبع الفتن والبدع، فأكثرهم أهل رأي وقياس، فهم يبنون الحوادث عليهما، ويقدموهما على آحاد الأخبار. فأهل الرأي لم يكن عندهم من الأحاديث والآثار ما يقدرون به على استنباط الفقه على الأصول التي اختارها أهل الحديث.. انظر "مقدمة ابن خلدون" 1/372، "الماع في تقيد الرواية والسماع" ص7 للقاضي عياض، و"الملل والنحل" للشهرستاني2/45، و"سنن الدارمي"1/54.
([412] "الغريب" للخطابي 2/203، وابن سعد في "الطبقات" 3/65
([413] (انظر رسالتي: جواب على أسئلة في المنهج)
([414] العراق لها حدود شاسعة وواسعة مع إيران، وفيها المزارات المقدسة التي تُشد إليها الرحال، بل ويُحج إليها، فتُعتبر العراق لدى الشيعة عازلاً يعزلهم عن إخوانهم النُّصيريين في الشام وفي جبل عامل في جنوب لبنان، وفي سهل البقاع، فالشيعة في إيران لن يتمكنوا من دول الخليج إلا بعد السيطرة على العراق، لكون العراق مركز قوة من الصعب جداً أن يسيطر الإيرانيون عليه، فكان الشيعة على مر العصور يحاولون السيطرة على العراق، وإشعال نار الفتن فيه، ليعود كسرى بزي إسلامي، ليس له من الإسلام إلا الاسم، فوزعوا النشرات المنادية بالثورات، وكوَّنوا الجبهات، وأصدروا الكتيبات. ومع أن العراق كان من الدول التي اعترفت بالثورة الخمينيَّة ورحبت بها، إلا أن الثوار قابلوا هذا الاعتراف بالهجوم والتشنيع على حكام العراق، وقدموا لهم خُمَيْنِياً اعتبروه مرجعاً لهم في العراق، وهو محمد باقر الصدر، فكانوا يستعدون لمعركة مع النظام البعثي العراقي، ويتهيئون لكل فرصة ليضموا العراق، ليكوِّنوا الهلال الرافضي المُوَحَّد الممتد من إيران إلى سوريا ولبنان، موصولاً – ليس مقطوعاً- بالعراق، وتكون عاصمتهم بغداد، وقائدهم الهالك حافظ الأسد السوري البعثيّ النُّصيري، فقامت الحكومة البعثية العراقية باعتقال عدد كبير منهم، ومعهم مرجعهم، بعد ضبطهم لمؤامرات انقلابية كانت تُعد في الظلام، وعندها انقطعت العلاقات السورية العراقية، وبالمقابل تضخمت العلاقات السورية الإيرانية، والتي كان لها الدور الكبير – أي سوريا- في الدعم بجميع أشكاله للثورة الإيرانية، ومن المعلوم أنَّ سوريا لها موقع جغرافي هام جداً، وتضخم العلاقات الإيرانية السورية يعني السيطرة الشاملة على بلاد الشام كلها، وخاصة أنَّ إيران لها وحدة خاصة مع النصيريين في سوريا، الشيعة في لبنان، ومن الطبيعي بعد ذلك أن تتوتر الأجواء السياسية الخليجية مع إيران، وخاصة السعودية والكويت، فانضمت دول الخليج مع بعضها البعض، ومعها العراق؛ لتكون جيشاً واحداً متعاوناً ضد أي عدوان عليه، وأي عدوان على أي دولة منها؛ يعني الاعتداء على الكل، وهذا ما لم تكن إيران تتوقعه أو تحسبه! فضلاً بالمعاهدات المبرمة مع دول الخليج ومعظم دول العالم!
([415] وليس (اشتدَّ) كما يظنه الأغلبية من الناس! فشدة الساعد ليست كتسديده. فالهدف يصيبه المُسَدِّد وليس شديد الساعد. فتأمَّل!
([416] لم يدع النبي e لجند العراق، ولم يحث الناس إلى الذهاب إليهم، فجاء في المسند4/110، وفي أبي داود في كتاب الجهاد3/10بإسناد صحيح: عن أبي حَوالة t قال: قال رسول الله e: ((سيصير الأمر أن تكونوا جنوداً مجندةً؛ جندٌ بالشام، وجند باليمن، وجندٌ بالعراق)) فقال ابن حَوالة: خِرْ لي يا رسول الله إن أدركت ذلك! فقال e: ((عليك بالشام؛ فإنها خيرة الله في أرضه،؛ يجتبي إليها من عباده، فإن أبيتم؛ فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدوركم، فإن الله عز وجل توكل – أي تكفََّل- لي بالشام وأهله.)) قال الهيثمي في "المجمع"10/59: رواه الطبراني ورجاله ثقات. قلت: سكوت النبي e عن العراق فيه إشارة إلى أنها مصدر الفتن ومنبع الزلازل والمحن...
([417] وهذه الحرب تسخير من الله للطاغية صدام ليواجه الطاغية الخميني...
([418] وهذه أعظم فرصة تاريخية لواشنطن لتوسيع قواعدها العسكرية في الخليج؛ حتى تكون المرحلة الثالثة لحرب الخليج جاهزة.
([419] لن يستطيع الأمريكان دخول العالم الإسلامي إلا بهذه الحجج، فهي كعادتهم: طبخة بنار هادئة، وبسياسة نَفَسٍ طويلة، للسيطرة على الخليج مصادر النفط، فخطط الغزو كانت على طاولة الجنرالات في (البينتاجون)، فهم أرادوا بها الوصول إلى نقطة الصِّدام، فمن قبل كانوا يساعدون الأفغان وابن لادن بالسلاح بصورة غير مباشرة؛ لكونهم لن يستطيعوا الإتيان بأنفسهم في تلك الفترة، وإلاَّ كانت حرباً عالمية مع الروس، ولكنهم بهذه الحجج استطاعوا الإطاحة بالامتداد الروسي، وكذا نقول في الثورة الخُمَيْنِيَّة التي هم صنعوها فساعدوا العراق ضدها، ثم القضاء على البعث العراقي الذي هم صنعوه أيضاً بمساعدة إسرائيل للخميني ضد العراق، ثم العمل على القضاء على إيران الحليفة التي تريد اجتياحاً باطنياً مجوسياً لدول الخليج وبلاد الشام...، ونحن هنا لا نريد عرض تحليل سياسي للأحداث الإيرانية التي هي امتداد لفترة طويلة يداً لليهود على المسلمين، وهذا الموضوع يحتاج إلى دقة في الكلام بين السطور أكثر من الاهتمام بالكلام الظاهر، ويحتاج إلى أدلة وأرقام، لا إلى مجاملات وعواطف؛ لكونه يتعلق بالمؤامرة الصهيونية التي تصور لنا العلاقات الإسرائيلية الإيرانية الأمريكية طيلة نصف قرن من الزمان
[420]) أعظم غرض رئيسي في هذه الخطة هو احتلال منابع النفط وحماية الكيان الصهيوني وفرض ثقافته.
([421] وقد كتبتها في العام الماضي وضممتها في هذا الجزء لارتباطها به..
[422]) حزب الرافضة ليس حزب الله، وليسوا من حزب الله يوماً أبداً، وذلك لما تقدم عن عقائدهم والتي منها أنهم يكفرون حزب الله الحقيقيين من صحابة وكل من تابعهم بإحسان، فكيف يكون حزب الرافضة الذي رفض دين حزب الله الذين نقلوا لنا القرآن والسنة؟! وكيف يكون حزب الشيطان اللبناني الرافضي حزباً لله وهو يشرك مع الله بدعاء الأئمة الإثني عشر، وغير ذلك من الشركيات التي بينا بعضها في نقض الرافضة؟!
([423] نشأ حزب اللات الشيطاني (حزب الله زعموا) من أحضان حركة أمل الشيعية الرافضيَّة في لبنان التي أنشأها آيتهم موسى الصدر الإيراني الذي مُنِح الجنسية اللبنانية، ولموسى الصدر علاقة وصلة وثيقة مع الخميني، ومع النصيريين في سورية، وهو- أي موسى الصدر- الذي شق المؤسسة الدينية الإسلامية في لبنان إلى سنية وشيعية قبل أكثر من ثلاثين سنة، معلناً بشكل رسمي انطلاق المسلسل الطائفي المأساوي الحالي، فما من معركة خاضها جيش لبنان العربي والقوَّات اللبنانية الفلسطينية إلا ووجدوا ظهورهم مكشوفة أمام الشيعة، وكان السيستاني هو المرجع الروحي الأعلى لمليشيات بدر وصولاغ في العراق، وهذه المليشيات هي التي نقلت حرب أمل على مخيمات الفلسطينيين من أطراف بيروت إلى أطراف بغداد، حيث تتداخل خيام فلسطيني العراق مع مخيمات إخوتهم السنة في الصحراء، وكان لحركة أمل الدور الكبير في ذبح أهل السنة في لبنان بالاشتراك مع اليهود والمارون وأعوانهم من الباطنية، وذلك يعرفه القاصي والداني، حتى أن مجلة "الايكونومست" البريطانية في نهاية الشهر السابع من سنة 1982م أقرت بأن مقاتلي أمل انضموا إلى قوات مليشيا سعد حداد النصراني، حتى أن "وكالة رويتر" في 1/7/1982م ذكرت أن الصهاينة تعاونوا مع حزب أمل ومدوهم بالسلاح لقتل الفلسطينيين السُّنة، وحركة أمل لم تكن حركة دينية؛ فميثاق الحركة قد تم صياغته في عام 1975م كان من قِبَل 180 مثقفاً لبنانياً معظمهم من النصارى، وكان يلغي النظام الطائفي، - ذكر هذا (نبيه بري) وكيل أعمال حافظ الأسد في بيروت والمشارك لحركة أمل في ذبح المسلمين السنة في لبنان- وفي عام 1983م أعلن المفتي الجعفري عبد الأمير قبلان باسم المجلس الشيعي الأعلى (أن حركة أمل هي العمود الفقري للطائفة الشيعية، وإن ما تعلنه أمل يُتمسَّك به كمجلس شيعي أعلى، ومن ثم فإن ما يعلنه المجلس الشيعي تتمسك به الحركة)، وجاء هذا التأييد للحركة بعد الانشقاق الذي خرجت به "أمل الإسلامية" - حزب الله فيما بعد- وبعد الحضور الفعلي "لحزب اللات" على أرض الصراع، وكان حسين الموسوي عندما كان رئيساً لحركة أمل قد أعلن عن انشقاقه عن منظمة أمل وأعلن "أمل الإسلامية" التي تحولت إلى :حزب الله" أما حسن نصر اللات؛ فهو الأمين العام لهذا الحزب المتمركز في الجنوب اللبناني الذي خُدِع به الكثير من السذج بشعاراته المخدرة للمغفلين التي تنادي بزعمه أنها تريد القضاء على اليهود وإزالتهم من الوجود. ويدعي أنه يضحي من أجل الوطن، والوطن والمواطنين دائنين لهم، وعليهم أن يردوا الدَّين الذي عليهم.. وفي حقيقته أنه يعمل ويتحرَّك ويصرخ ويقاتل بوقود إيرانية شيعية صبيانية لا علاقة لها بحسابات العالم الإسلامي ولا العربي ومصالحه.
([424] يقول حسن نصر اللات في كلمته بعنوان "الإمام الخميني في قلوبنا": (سنبقى للإمام الخميني أوفياء لطريق الإمام وفكر الإمام ونهج الإمام وعزم الإمام، ولن يكون أمامنا سوى الانتصار الذي وعدنا به الإمام منذ بدايات الطريق.) وقال في "خطاب عاشوراء" ص59: (إذا أردنا الآخرة فآخرتنا مع ولي أمرنا نائب الحجة ( عج) - أي المهدي المنتظر، ومعنى (عج) أي عجل الله خروجه- وأزيدكم إذا أردنا عز الدنيا وشرفها وكرامتها فلن ننالها إلا مع ولي الأمر حتى هذه المقاومة الكبيرة التي نعتني بها والتي هي الشيء الوحيد في هذا العالم العربي الذي نرفع رأسنا به ونعتز به وبوجوده لولا رجل اسمه روح الله الخميني لما كان لها وجود في لبنان، وبعده لولا رجل اسمه علي الحسيني الخامنائي لما استمرت المقاومة) فهذا قوله بلسانه، وبيانه ببنانه! فهو قدَّم لبنان قرباناً لمصالح إيران الإقليمية، وإذا قلنا غير ذلك؛ لكان هو القربان الذي جنى على نفسه وعلى لبنان في آن واحد، فإيران الفارسية لا تقبل حتى شيعة العرب – كما هو الحال مع شيعة الأحواز، والعشائر الشيعية في العراق، ولا ننس شيعة أذربيجان الذين اصطفت إيران ضدهم في نزاعهم مع الأرمن لكونهم أتراك- فحسن نصر اللات وحزبه الشيطاني قد قبل بأن يقوم بدور الذراع لإيران، وأدوار الوكالة التي لا تخدم المحيط الذي يوجد فيه؛ ولسوف تبيعه إيران ضمن صفقة إقليمية شاملة، وتتركه للدمار مقابل مكافأة أكبر، أقرب إليها، وأبعد عن الكيان الصهيوني، هي العراق.
([425] أنشأ حزب الشيطان هذا الشيطان الكبير الخميني ومعه شياطين (قُمْ) ليكون لهم قدم في لبنان لنشر الرفض في الربوع اللبنانية بدلا من السنة.. فكان هذا الحزب في الثمانينيات كفصيل لبناني يرفع شعار المقاومة بدعم من إيران وسوريا والحرس الثوري الإيراني ليكون ذراعها الطولى العسكري هناك، ولتأمين أيضاً خطاً عسكرياً ساخناً بين طهران وجنوب لبنان.. حتى يقول قائلهم الناطق باسمهم في ذلك الوقت – إبراهيم الأمين-: (نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران، ونحن شريان الحياة لأمريكا وإسرائيل في العراق، وسمَّاً مميتاً لهما في لبنان) فهم يحملون بندقية المقاومة بيد، وبوقاً بالأخرى ينعت به نظامه الطائفي الإقليمي الذي يقول: (نحن رجال الثأر وثورتنا لم تمت في رمال كربلاء)، هكذا بعمى ألوان لا يميز، وإفاقة قصيرة لا تمعن، ونوم عميق لا يشعر، وبغشاوة سياسية لا ترى في الحقيقة.. فيا أيها السذج المغفلين! لقد غركم ضجيج الحزب الأجرب الخرب، فملأ إعلامه الدنيا ضجيجاً يدعي فيه الوحدة الإسلامية، ويطلق العنان في الوقت نفسه لعمائمه السوداء والبيضاء وجُبَبِه الداكنة الألوان في الحسينيات طعنا بكل رمز إسلامي توحيدي كان حول الرسول محمد e منذ أكثر من 1400 عام، ثم يشعل حرائق الفتنة في لافتات سوداء في شوارع بيروت في عاشورائه التي عاش وراءه.. ثم يجعل منابر الحسينيات القليلة في العاصمة تحت سيطرته أبواقَ تحريض مذهبي رخيص استجداء لبكائيات وندب ولطم تنفر ولا تقرب، تسيء ولا تحمد، تفرق ولا توحِّد. فالمضامين تجاه المنطقة واحدة لا تتغير ولم تتبدل، لذا يلزم من المسلمين في كل أنحاء العالم أن يعوا الأمر، وألاَّ ينساقوا وراء شعارات براقة وكلمات مخادعة وابتسامات صفراء، فينبغي علينا أن نكون حريصين على مصالحنا الدينية والدنيوية، فهي معبرنا إلى الآخرة والله المستعان.
[426]) وكل هذا من مخططات كانت قد دُبرت منذ عقود من الزمن.. فهي الآن نراها تنفذ بمرأى من العين.
[427]) هكذا تُصَدَّر الفتاوى دون دِقَّة أو مراعاة للظروف، وما يحيط بها من مستجدات للمخططات! وقضية المساواة والمؤاخاة هذه التي ينادي بها القاديانيون! فيقولون: أننا نريد إقامة دولة عادلة تؤاخي بين اليهود والنصارى والمسلمين والبوذيين وكل أديان العالم.. وهذا الذي سمعناه منهم بأفواههم في قناتهم (الأحمدية) "mta" العربية.. فتشابهت قلوبهم..
[428]) ونحن وإن كنا نقول أن اليهود هم ألد أعداء الله ورسله، وأشد عداوة للذين آمنوا، فلا يرعون حقاً، ولا يوفون عهداً، وأيديهم ملطخة بدماء الأنبياء قبل عامة الناس، إلا أن الرافضة المجوس الخبثاء فلا يقل كفرهم وخبثهم وإجرامهم عن اليهود، فهم منافقون، والمنافقون هم شر من وطئ الحصى، وأكفر من عُرِف في الورى، فهم رؤوس النفاق، وشذَّاذ الآفاق، فهم مجوس حاقدون، وشيعة فتانون، تاريخهم مسطر بالخيانة، ومدوَّن بالكذب وبدون أدنى الأمانة، فهم قتلة عمر الفاروق وعثمان جامع الذكر، والحسن والحسين ريحانتي النبي، وباقي ما ذكرناه من الخيانات التي أودت بدماء أهل السنة في أعلاه، تعاوناً مع الكفار وجميع الملل ضدهم، والذي يقول غير ذلك؛ فهو أعمى البصر وميت البصيرة، بل ومن أجهل الناس، وأقلهم فهماً، بل إن عقله ورأيه قد طغى على الشرع والوحي..
[429]) لا يشك أحد أن العقيدة هي محرك قوي جداً للقضايا السياسية، فلما رأى حزب الشيطان بقيادة نصر اللات أن حربه عقيدية؛ فلا بد له حينئذ من أن يتخذ الخيانة الرافضية وسيلة له للحصول على مآربه، فقرار حربه تمت دراسته وإصداره من طهران، وصدر قرارا الرد من واشنطن، فكلا الدولتين لا يمكن أن يقاتل أحدهما الآخر لوجود المصالح المشتركة ضد عدوهم المشترك ألا وهو السنة، والذي يحصل الآن إنما هو نفسه الذي حصل من صدام والخميني ومن قبلهما شاه إيران وجمال عبد الناصر في دعاوى (مقاومة الاستكبار) وكان لكل واحد من هؤلاء علاقة قوية مع من يزعم العداء معه، فهم هلكى يتساقطون، وسوف يسقط كل واحد من هؤلاء كما سقط الذين من قبلهم. فحال الحرب بين حزب اللات وإسرائيل كحال قافلة اختلفت على سرقتها عصابتان؛ فهم يقتتلون عليها، وكل منهما يطمع في الغنيمة، وأقولها صريحة: فوز أي من أحد هاتين العصابتين خطر على أهل السنة! فأفيقوا! فالرافضة لا تريد أن تقيم دولة إلا على أنقاض دُوَلِ أهل السنة، فالرافضة لم يُعرف عنهم قتال ضد أهل الكتاب عبر التاريخ، ولكن لهم السبق في الخيانة والغدر ضد أهل السنة على مر العصور وانقضاء الدهور..
[430]) وأنا أعلم أن هذا يأخذ جهداً ووقتاً كبيراً، فصبر جميل، والله المستعان..والذي نراه ونخشاه - إنْ تأخَّر العلماء وطلبة العلم عن البيان- هو أن الشعوب الإسلامية هذا الزمان في نوم عميق، وضرب من الغفلة سحيق، وعندها فراغ علمي كبير، فهي شعوب مكشوفة، والذي أخشاه هو أن هذا الفراغ قد يملؤه المشروع الصَّفوي الخطير المعادي لأهل السنة، فتقاد الأمة إلى التهلكة بسبب التقاعس عن كشف حقيقة هذا المشروع وتوضيح أهدافه، فحماية الأمة هي مخطط علماء السنة، فلنسد نحن الثغرة قبل أن تُسَد بجسر يتخذننا به الصفيون إلى تنفيذ مشروعهم الخبيث الذي يمسخ التراث الإسلامي ويقضي على عقيدته ودينه بإعمال السيف في رقابنا ورقاب أبنائنا. فتبيين حال الرافضة واجب شرعي متعين على العلماء، والرد عليهم والتحذير منهم والأخذ على أيديهم واجب على الدول الإسلامية جميعها، فالمسألة فيها مصير الأمة وتعريض قوام هويتها للخطر، فالرافضة أخزاهم الله أشد الأعداء خطورة، وخاصة أنه دين باطني يحمل في طياته جميع أصناف الزندقة، فضلاً عن أنه يجمع بدع الجهمية والقدرية والمرجئة، وخاصة بدعة الخوارج في أعلى غلو في التكفير، فيكفرون كل من لا يؤمن بالإمامة الرافضية – أي كل العالم السني- يمزجه التعصب البغيض، والأحقاد الشعوبية المقيتة، يصحبها الطغيان السياسي، والإفلاس الحضاري، والتمرد بأعلى صفاته...
[431]) الجهاد فرض عين على أهل البلد التي داهمها العدو، إن لم يكفِ أهل تلك البلد لدفع العدو؛ امتدَّ الوجوب إلى البلدة التي تليها وتجاورها، فإن لم يكْفوا؛ وجب على التي تليهما في المشاركة، وهكذا إلى أن يعم الوجوب العيني على جميع المسلمين في كل أنحاء الأرض، هذا ما قاله الفقهاء.. ولكن تطبيق هذا في الواقع وفقه النوازل؛ يجب التأمل في كيفية التطبيق، ليكون التوافق في العلم والعمل والحكم والحكمة، فالعلة القائمة هي النصرة ودفع العدو الصائل بقدرة لا تخرج عن مناط التكليف، فالعجز يشمل البدن والمادة، لكون الجهاد في سبيل الله لم يقم على هلكة النفس والمال في سبيل الله، وإنما هذا يقوم في ساحة القتال، أما الهلكة بدون قتال، فلم يكن ذلك من حكمة الجهاد في شيء، فإحدى الحسنين لا تتأتى بدون الجهاد في ساحة المعركة، كما لو كانت – مثلاً- الطرق الموصلة إلى ساحة الجهاد منقطعة أو فيها تهلكة وأذى، أو هناك مانع أو حائل يحول بين العبد والجهاد؛ فهذا الأمر يُعتبر من مسقطات الإثم، فأحكام الجهاد تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فلا يُعمَّم الحكم في الجهاد على الجميع، فالأحكام الإسلامية لا تنفك أبداً عن عللها، فالحكم له حِكْمَة؛ وهي تحقيق المقصود، ففي نوازل هذا الزمان نقول أن صور الجهاد وآلاته وموازين القوى قد تغيرت عن الماضي، فالحروب القائمة الآن بآليات حديثة أكثر من قيامها على تكثير عدد الأفراد بدون تحصيل تلك الآليات، ثم إن الدول الإسلامية قد قسَّمت نفسها من الداخل إلى مدنيين وعسكريين، لكل منهم له أنظمته، فالعسكر له تنظيمه وتجهيزه الخاص، وهذا يختلف عن الماضي؛ بحيث كان كل شخص معه سلاحه الشخصي الخاص.. وعلى العموم أن المقصود من الجهاد هو إلحاق الهزيمة بالخصم، وهذا يعني أننا يلزمنا فهم أحكامه وعلله ومقاصده بدقَّة وتأني، دون تعجل أو اندفاع أو تعميم.. فمقاومة العدو الصائل تنطلق من أسس واضحة ومنطلقات شرعية صحيحة تسعى لطرد المحتل، وعودة الأرض لأصحابها، وتُعلي كلمة الله وتطبق شريعته، دون أن يكون لها تعلقات مشبوهة وارتباطات مريبة بوعي أو بلا وعي.. فراجع كتب أهل السنة التي تكلمت عن الجهاد بالتفصيل قبل اتخاذ أي رأي قد يكون دخيلاً، فيكون بعدها الواقع وبيلاً.والله أعلم.
([432] وهذه هي السلفية بعينها التي ندعو الناس إليها..
[433]) نحن لا نعيب على الشباب! فهم لم يواجهوا الواقع المرير الذي وقعت فيه الأمة في السبعينيات وما قبلها، حتى ما بعدها، فبعضهم لم يكن قد وُلد، والآخر لم يبلغ سن التمييز، فمثل هؤلاء؛ شفاء عيِّهم السؤال، ولكن العيب في المغفلين من أبناء جلدتنا الكبار في السن من القادة والمرشدين المتزينين بالعمائم، والمتوشِّحين بالألقاب الشرعية، والمتقلدين المناهج والتيارات الوسطية -بزعمهم- من الذين عَلِمُوا ودسوا على الناس، فغشوهم فدلسوا عليهم بقولهم أن حرب حزب الشيطان كان نصراً عظيماً وفتحاً للمسلمين، وسوف يفاجأ القارئ عندما نقول أن هذا إغلاق لأبواب العقول، وفتح لأبواب الإرهاب الفكري الذي سوف يساعد أعدى أعداء أهل السنة للنيل منا، وهذا هو الحاصل الآن، وهو لا يخفى على العيان؛ فأهل السنة لا يلقون إلا الكبت والتنكيل والاضطهاد، وحرمانهم من الأنشطة الإعلامية والسياسية والاقتصادية والثقافية من غالب الحكومات، حتى صارت المساعدات المالية والمادية تكون في غالبها للجهات التي تحاد الله ورسوله والذين آمنوا، فلو نظرنا في الجانب الاقتصادي والاجتماعي في حزب الشيطان بقيادة حسن نصر اللات؛ لوجدنا أنفسنا أمام دولة وليس أمام حزب، حتى أنا وقد رأينا لو أن خطاباً لقائد حزب الشيطان مباشر على الفضائيات؛ لقطعت القنوات الفضائية برامجها لمشاهدة خطابه، ولا أحد ينكر عليه لما يدلي بحديثه وعقيدته والكلام عن مهديِّه الذي داخل سردابه وهو يقول (عجل الله خروجه) وهو ينتظره ليقيم ما يريده الشيعة من أهل السنة على مر العصور - وقد تقدم الكلام في المهدي الذي يعتقد الشيعة خروجه وترتيباته- فأفيقوا قبل أن يفيقكم حزب الشيطان بدلاء الدماء التي تقول: من قتل سنياً دخل الجنة..
[434]) من باب ربط العلة بالمعلول نقول: إن كثيراً من الناس تجذبهم طباعهم في تناول القضايا إلى التحدث من زاوية واحدة ينطلقون فيها بعواطف مجردة مغيبة عن عبرة التاريخ، وبعيدة عن المنطلقات العقدية والشرعية التي ينبغي أن تهيمن على الرؤى والمواقف، فمثلا؛ نحن نعلم أن الله تعالى قال لما غُلبت الروم: }وهم من بعد غَلَبِهِمْ سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله{ فهذا الفرح لم يكن فيه مانعاً بأن يقفوا بوجه الإمبراطورية الرومانية المتسلطة، فنحن الآن إذا أحسن بعض الناس الظن بحزب الشيطان كونه حارب الصهاينة، فنقول له: إن أحسنت الظن؛ فأحسنه للفعل لا للفاعل، فيجب عليك إن اعترفت بقتال حزب اللات للصهاينة المحتلين بحسب رؤيتك؛ فإننا نريد منك أن تضع هذا القتال في إطاره الصحيح، دون مسخ للحقائق والاستهتار بعقول أبناء الأمة، فيجب عليك أن تعرف أن قتال هذا الحزب بجانبه السياسي لا ينفك أبداً عن الجانب العقدي له، فلا تتدغدغ بالعواطف، ولا تنجرف بالخواطر، فتجد نفسك يوماً ما وأنت في مصاف الهجوم المسف على أهل السنة، ولعلنا نراك تقول يوماً: هذا والله هو الإسلام الشيعي، وهؤلاء هم القادة والعلماء، فلا تستغرب من قولي هذا! فقد أيَّدَتْ جماعات إسلامية سنية ثورة الخميني، ووقفوا بجانبها ضد أهل السنة الذين حذروا من ثورته، وها نحن اليوم نسمع والملايين تسمع من قادات بعض الجماعات تأييداتهم لحسن نصر اللات، حتى أن بعضهم وصفه بأنه مجدد العصر وقدوة شباب الإسلام وأنه صلاح الدين زمانه، وما علم هؤلاء الجهال أن الشيعة لا يحبون صلاح الدين، ولا يريدون إصلاح دينهم المأفون.. فصلاح الدين الأيوبي رحمه الله هو كاسر شوكة الرافضة، ومبيد دولتهم.. وصلاح الدين رحمه الله - أيضاً- كان فاتحاً لبيت المقدس كما كان عمر t فاتحاً له، ولا يمكن أن يفتح بيت المقدس من يسب عمر وصلاح الدين، ونحن هنا لما نقول هذا القول؛ لا نعني أبداً أننا نقف مع العدو الصهيوني أو نسكت عن جرائمه أو نغض الطرف عنه أو نسوغ له عدوانه، فنحن قد بينا في قسمين من هذا المجلد عن حقيقة هؤلاء، ولم نسكت عنهم ولا عن عقائدهم الوثنية، فحذرنا ونصحنا، فلله الحمد والمنة..
([435] والذي ذكرناه عنهم فشيئاً قليلاً، وهنا أقول: إن جهود أهل السنة لا تزال محدودة، وأتمنى أن تكون قنوات لدعوة الشيعة إلى الدخول في الإسلام، وخاصة أن الكثير منهم لا يعرف السنة ولم تبلغه الرسالة المحمدية على الوجه الصحيح، فهم يحملون إسلاماً مزيفاً يزيف حقيقته المشرقة المشرِّفة، بل ولا يعترف بدين الإسلام الذي جاء به خير الأنام e، وإنما دينهم دين آخر له مشروع عدواني لديه الاستعداد لخيانة أمتنا بالوقوف مع كل الدينات الوثنية والتعاون معها ضد أهل السنة، وأتمنى أن تكون هناك جهود مؤسساتية وحكومية لمعالجة خطر الشيعة المتسلط في جسد الأمة الذي لا يريد إلا الغزو الفكري في أسوأ مشاريعه التخريبية؛ بحيث يستهدف ثقافة الأمة حتى في أصول عقيدتها الإسلامية، نعم! لقد أحدثت المناظرات التي جرت في قناة المستقلة بين السنة والشيعة أثراً بالغاً، فهدى الله الكثير من الشيعة، فدخلوا السنة، وأنا أشكر الدكتور الهاشمي في إتاحة الفرصة لهذه المناظرات، وأنا أعلم أنه لا يريد التقريب بيننا وبينهم، وإلاَّ لقبل أو سكت على الأقل عن عقائد الشيعة المخالفة للدين الإسلامي الحنيف، ولكنه ردها، وهذا ليس من التقريب في شيء، ولكنه النصرة للسنة وحامليها، والتقرب إلى الله بمحاربة كل من طعن في الصحابة الكرام..
[436]) وفي المقابل؛ فهناك علماء عرفوا حقيقة المشروع الصفوي المجوسي الكافر الجائر البائر الخائر، واستعرضوا تاريخ معلوماتهم، وشريط ذكرياتهم، وفندوا المآسي التي مرَّت على هذه الأمة المنكوبة وراء هؤلاء الرَّفَض الجبناء، وتبين لهم خبثهم وعظيم خطرهم، بل وتبين لهم أن المشروع الصفوي أشد خطراً من المشروع الصهيوصليبي، فقرروا مواجهته، ورأوا أن مواجهته واجب شرعي، وهتك سره ومخططاته فرض عليهم، وتبصير المسلمين بأبعاد مؤامراته من الجهاد في سبيل الله الذي لا يجوز التنازل ولا التخلي عنه، ورأوا أن ترك سد ثغرته من أكبر الجرائم، فهم لهذا قائمون مشمرون، يتقدمون بكل ثقة، لا يهولهم صياح المخدوعين، ولا طبال المبهورين، ولا صفيق المتخاذلين، ولا سحر الإعلاميين، ولا نفاق المندسين في صفوف الصفويين، فوأد الفتنة ورد مخططاتها، وحماية المسلمين من إفكها واجب على الكل، وكلٌ على قدر استطاعته ومقدرته، والله المعين، ونحن عليه متوكلون، فهو حسبنا ونعم الوكيل، فحسبنا الله على جميع أعدائه من الصهاينة والصليبيين، والرافضة المنافقين، ومن عاونهم وسكت عنهم وداهنهم، والله نعم المولى، ونعم النصير.
[437]) ما الحرب بين حزب الشيطان واليهود إلا حرباً بين كفرة ومشركين جرياً وراء مصالح ومكاسب دنيوية، فأطماع الحزب الشيطاني هو نشر المذهب الرافضي الكافر المشرك في لبنان، وإقامة المشروع الصَّفوي الرافضي الباطني الذي يمتد من إيران مروراً بالعراق ولبنان وينتهي مؤقتاً بسوريا، ثم إلى باقي الأوطان، وهو مشروع قديم يريد الفرس إقامة دولتهم ويسابقون الزمن من أجل تحقيقه، أما اليهود فلهم أطماع قديمة أيضاً لإقامة مشروعهم التوسعي وإقامة مملكتهم (أورشليم) وهي أيضاً أطماع معلنة يجاهر بها كبار الساسة اليهود، والضحية هم أهل السنة في جميع مواقع المعركة، وهذه الضحية هي ما اختلف عليها الحرامية – كما نقوله في المثل-. ونحن لا بد لنا أن نعي تماماً بأنه ليس من اللازم علينا أن كل من كان عدواً لدولة يهود يكون صديقاً لنا، فنحن نعادي اليهود، ولكن بدون ترك مبادئنا أو التخلي عن عقائدنا، فكما أن اليهود هم أعداء، فكذلك الذين يكفرون أصحاب رسول الله e ومن تبعهم بإحسان هم أعداء، فنسأل الله أن يسلطهم على بعضهم البعض، وأن ينزل بأسه عليهم، وأن يرنا فيهم عجائب قدرته، وأن ينصر من نصر دينه، وقاتل لتكون كلمته هي العليا..
[438]) انظر"فيض القدير" 2/444 قال أبو ماجد: فكأننا اليوم نصيح في واد، وننفخ في رماد.
[439]) حسن نصر الله: هو حسن عبد الكريم نصر الله خميني العرب وعدو الصحابة وأمهات المؤمنين، من مواليد 1960م، عُيِّن مسئولاً عن حركة أمل في بلدة البازورية في قضاء صور، وسافر إلى النجف في العراق عام 1976م لتحصيل العلم الديني الإمامي، وعُيِّن مسئولاً سياسياً في حركة أمل – العمود الفقري للطائفة الشيعية- عن إقليم البقاع، وعضواً في المكتب السياسي عام 1982م، ثم ما لبث أن انفصل عن الحركة وانضم إلى حزب اللات، وعُيِّن مسئولاً عن بيورت عام 1985م، ثم عضواً في القيادة المركزية وفي الهيئة التنفيذية للحزب عام 1987م، واختير أميناً عاماً على إثر اغتيال الأمين العام السابق عباس الموسوي عام 1992م مكملاً ولاية سلفه، ثم أعيد انتخابه مرتين عام 1993و1995م (هذه الترجمة في مجلة "الشاهد السياسي" في حوار معه في العدد147 في 13/1/1999م.) فحسن نصر اللات في حقيقته صاحي الفرقعات الإعلامية التي تسيطر على عقول الدهماء لانتزاع إعجابهم، فهو يتحدث تارة كسياسي محترف خالعاً لعباءة المفتي، وتارة أخرى يلبسها كوكيل معتمد للحوزة العلمية في قم، فتراه دائما في خطبه المنبرية متهجماً ومتطاولاً على القيادات العربية والإسلامية السنية ويشكك في نواياها تجاه القضية الفلسطينية، محاولا صرف النظر عنها، لظنه الأجوف بأنه هو وشيعته الذين يناصرون القضية ويحمون أهالي فلسطين! فهو ينطبق عليه المثل القائل: يقتل القتيل ويمشي في جنازته.. فهل ينكر حسن نصر اللات عمليات التقتيل والتشريد التي شارك فيها حزبه ضد أهل السنة الفلسطينيين في لبنان؟
([440] حسن نصر اللات وحزبه اللبناني الشيطاني هم من غلاة الرافضة، وأسيادهم علماء إيران، وكل ما يعلنه المجلس الشيعي تتمسك به الحركة ولا تحيد عنه قيد أنملة، ويؤمنون بجميع أفكار الهالك الخميني؛ فيكفرون الصحابة، ويطعنون في أمهات المؤمنين، ويؤمنون بالوصية الكاذبة، وبالتقية الفاجرة، وبالعصمة التافهة، وهي نفس الأفكار التي طرحها ابن سبأ اليهودي الفاجر، فهو حرباً ضروساً على أهل السنة في جنوب لبنان، وحرباً شعواء على السنة في شمال فلسطين. فالحزب عبارة عن فصيل أو أداة إيرانية مجوسية غير مباشرة تهدف إلى إيجاد قدم لها في المنطقة العربية تستطيع من خلالها أن تكوِّن نفوذاً لها يساعدها على التدخل في الشئون العربية وقضياها السياسية.
[441]) أمَا؟ علم هؤلاء المساكين أن هذا الحزب يخدم مخططات إيران الرافضية في بلاد المسلمين، وترسيخ لقواعد إيران في لبنان، وما حزب الشيطان بقيادة حسن نصر اللات في لبنان إلا بوابة إيران إلى البلدان العربية، وأنَّ الممول للحزب هو قادته في إيران؟ فهذا الحزب الأجرب ما هو سوى أحد المؤامرات الخمينيَّة على العالم الإسلامي، أمَّا لبنان؛ فقد وجدت فيه إيران هدفاً مهماً استراتيجياً لتحويله إلى أحد توابعها، وتسخير أرضه لمؤامراتها، مستفيدة من الوجود الشيعي في الجنوب، ووجود آخر في باقي الجهات؛ كالوجود الدرزي، وقوات حزب أمل الشيعي، والقوات المارونية في الشمال، وهذا الوجود لا بد من استغلاله وتوظيفه حتى يكون جيوشاً شيعية وموالية في دولة داخل دولة.
أمَا؟ علموا أن الشيعة ومنهم حزب الشيطان قد عَملُوا على محاولة القضاء على المقاومة السنية ضد الاحتلال في العراق؛ فارتكبوا المجازر البشعة وصنعوا السجون التي هي أكبر من سجون صدام حسين وحشدوا بها الآلاف من الأحرار، وزادوا بأن برعوا بالاغتيالات التي ما سلمت منها منطقة من مناطق أهل السنة؟! فلم تكن الحرب في العراق إلا مقدمة لحروب كثيرة أوكلت إليها القيادات الخمينيَّة الشابة التمهيد لفرج المهدي صاحب الزمان من غيبته الكبرى بزعمهم.. لهذا ما ترى خطبة من خطب حسن نصر اللات – عدا النزر اليسير- إلا ويذكر هذه العقيدة ويقول: عجل الله خروجه، أو نحوها من الكلمات التي ربما لم يلق لها السامع السني لها بال..
أمَا؟ علم العاطفيون السذج من المسلمين الذين تشدقوا بحسن نصر اللات أن علاقته كانت وطيدة مع من ذبح الفلسطينيين من أهل السنة، فكيف يصدقونه الآن وهو يزعم كذباً أنه ينافح عن قضيتهم ويناصرهم؟!
فإذا كان حسن نصر اللات حريصاً على سلامة لبنان وسيادته قولاً وفعلاً؛ فلماذا يوجه الإهانة للجيش اللبناني فيمنعه من حماية حدود بلده، فإذا كان يدعي أن المليشيات عبارة عن دفاع للوطن؛ فأين حكومة لبنان الشرعية، ولكن مع الأسف والكثير من القرف أن نرى السلاح صار متروكاً لكل من حمله، حتى أننا نرى أن المليشيات قد تعدَّت سيادة قوانين الدول بنزعاتها وأهدافها، فصارت الدولة الواحدة متعددة الحكم بمليشيات سلاحها بيدها، ويد تمويلها من الخارج. (انظر ما كتبته في موقف الإسلام من التعددية الحزبية في القسم الثالث من هذا المجلد)
([442] فحزب الشيطان بقيادة حسن نصر اللات يداً واحدة مع السيستاني ومقتدى الصدر وقوات فيلق بدر يسومون أهل السنة والجماعة في العراق سوم العذاب. فحزب الشيطان بقيادة حسن نصر اللات قد أثنى على مواقف المراجع الشيعية في العراق من الحرب الأمريكية، وقد كانت مواقف متخاذلة شهدها الجميع.
[443]) يقول (بريمر) حاكم العراق السابق في مذكراته: (شجع السيستاني أتباعه على التعاون مع الائتلاف منذ التحرير) وأكد (بريمر) أنه على اتصال دائم بالسيستاني للاستفادة منه في السيطرة على الشعب العراقي.. ومما يدل على ذلك أيضاً كثافة الوجود الإيراني في العراق وخاصة (فيلق بدر الثوري) وقوَّات (القدس)، ومستشارو قوَّات مقتدى الصدر، حتى كثر رجال الدين الشيعة أهل العمائم السوداء والبيضاء بصورة واضحة، وكذا الوجود الإسرائيلي وتعدد أوجه نشاطه، فمن بينهم فرق المخابرات (الموساد) والخبراء العسكريين والوزاريين والاقتصاديين..، فهذا الوجود - الإيراني الإسرائيلي- لم يجيء عفوياً أو من غير ترتيب أو تنسيق مع القوَّات الأمريكية المحتلة! ولكننا نقول: هكذا الرافضة على مر العصور وقد تقدم الكلام في هذا.. فلا أطيل.
([444] ولهذا الحزب الشيطاني دور معروف في هدر الدماء المسلمة السنية الفلسطينية في بلاد الرافدين، وهذا لا يستطيع أحد أن ينكره. فالنظام العنصري الإيراني في لبنان بقيادة نصر اللات عندما يلقي بصواريخه على الصهاينة، فهو يلقي ضرباته على العراق في فصيل آخر من نفس الجيش العنصري، فهو يلقي الصواريخ على اليهود، وفي نفس الوقت يغطي على مذابحه في مشروعه في مكان آخر، فالإخطبوط واحد، يبني أعشاشه في أماكن مختلفة يمدها بسلاحه الغادر الجبان، فيفرخ في عشه الفتن في بلاد المسلمين، وهذه الخدعة لم تنطلي على البصيرين بالواقع، ولم يخفى على الله نجواهم بين "قم" وطهران وتل أبيب وواشنطن عندما تناجوا على أمة الإسلام بالإثم والعدوان..}ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين{
[445]) فالحزب الشيطاني لا يسمح بأن يدخل من يريد قتال اليهود ولو خفية لنصرة أهل فلسطين عبر الشريط الحدودي لفلسطين الذي يشرف عليه في الجنوب اللبناني، فإن كانوا يدَّعون بغضهم وكراهيتهم للصهاينة وحبهم لأهل فلسطين؛ فليفتحوا باب الجهاد لهؤلاء..فالفلسطينيون لهم الحق الأول في الدفاع عن شعبهم الذي يقتَّل كل يوم.. وباقي المسلمين لهم الحق في ذلك أيضاً، وعندهم القدرة الكافية، وفي أيديهم الكثير مما يستطيعون استخدامه في الحرب ضد يهود، فالقضية ليست قضية فلسطين ولا القدس، ولا شيء غير تنفيذ المشروع الصفوي الطائفي على حساب خراب لبنان، وفي نفس الوقت هو نفس المشروع الذي الموازي له في العراق الذي يقوم بتفتيت العراق ونهب ثرواته وتمزيق أواصره، وهو نفسه المشروع الذي يتاجر بقضية فلسطين، وفي نفس الوقت يذبح الفلسطينيين ويستبيح دماءهم وأعراضهم وأموالهم في بغداد، كما حصل من قبل في لبنان، فهو مشروع واحد يسير وفق المشروع الممول من إيران لتحقيق الحلم الفارسي القديم..
[446]) الذي ينبغي التَّنبه إليه؛ أن كربلاء في نظر الشيعة أفضل من مكانة من مكة المكرمة والمدينة النبوية، فما بالنا بالنسبة للقدس؟!. فقضية القدس ما هي إلا ورقة يستخدمها الشيعة كمرحلة لتنفيذ مشروعهم الصفوي الفارسي الطائفي، والذي أخذ مساراً تنفيذياً متسارعاً منذ بدء اجتياح العراق واحتلاله أمريكياً بلباسٍ صفويٍ صهيوني، والكل منهم يتواطأ مع الآخر لتحقيق أحلامه التاريخية والاقتصادية والدينية، ويبني نفوذه وسيطرته على المنطقة العربية والإسلامية، ومع الأسف باستغلال اللعب بعواطف الجماهير والشعوب والأحزاب والحركات الإسلامية، والتي اُستخدمت ورقة في أيدي أصحاب المشروع يحركونها كيفما شاؤوا، وحيثما أرادوا، فتقاسم العدو المشترك الساحات، ورتبوا الأدوار، وكل واحد منهم له مخططاته الخاصة، وأهدافه الخسيسة، للسيطرة على أوطاننا الإسلامية، والتحكم بثرواتنا الاقتصادية، والعمل لإزالة أهل السنة من الواقع العالمي، ابتداءً من العراق، ثم إلى منطقتي الخليج العربي وشمال أفريقية، كل ذلك ضمن أهداف توسعية خطيرة تعيد أمجاد الصفويين الفرس، والرومان الصليبية، واليهود الصهاينة، فكل منهم يتفق في كثير من العقائد والمبادئ والتصورات، كما بينا الكلام في ذلك في القسمين الثاني والثالث من هذا المجلد..
[447]) ومعلوم لدى كل من علم الواقع أن إسرائيل ليست إلا كياناً صهيونياً دخيلاً في المنطقة العربية والإسلامية زرعه الغرب في قلب العالم العربي والإسلامي لتحقيق أهدافهم، والتي من أعظمها التجزئة والفرقة والتشتت والاحتقان، والحيلولة دون قيام دولة ذات مرجعية إسلامية سنيَّة، وعليه: يجب محاربته وإخراجه من حيث أخرج المسلمين – من البحر إلى النهر- وأرجو من كل مسلم أن يراجع نفسه، فحلقات التآمر تعمل متصلة لمحاربة السنة وأهلها..
[448]) من الصلاحيات التي مارسها النظام السوري (النُّصَيْري) في لبنان هو نزع سلاح جميع الأحزاب والمليشيات إلا سلاح حزب الشيطان، ومنعت جميع الجماعات والأحزاب الوطنية في الجهاد الجنوب اللبناني، مع العلم أن هذه الجماعات والأحزاب قد أدت أدواراً هامة في مقاومة الاحتلال، وأوقعت خسائر فادحة في العدو المحتل، وقدمت أعداداً كبيرة من الشهداء، ولكنهم منعوهم لكونهم من أهل السنة في لبنان. فالخطة هي نفسها التي رسمها الخميني في إيران، وهي تصدير الثورة، ولبنان خير أمل لهم لتصدريها، ولبنان – كما يكررون- أنها إيران في لبنان، ولبنان في إيران..كما كان المُخَطَّط له من قبل بأن تكون لبنان دولة مارونية تتحالف مع إسرائيل ضد الإسلام السني العربي، ولكن الثورة قد أخذت عنهم هذا العناء، حتى ولو أقاموا دولة مجوسية في لبنان؛ فهي تحفظ لإسرائيل الاستقرار وتُوقِف الاستنزاف...فالصراع ما هو إلا صراعاً صهيوصليبي صفوي في المسرح اللبناني العاهر، وعادة العاهر أنها تورط وتفشي المرض، والذي يحصل في واقع المنطقة إنما هو كيد يكيد الله به للإسلام وأهله، فصبر جميل يا أهل السنة، والله المستعان..
([449] لكونه حزباً باطنياً يحمل مشروعه الصَّفَوي الفارسي الذي يريد به المتاجرة بقضية فلسطين، والمشروع هذا يأخذ مساراً تنفيذياً متسارعاً منذ اجتياح العراق من المحتل، فهذا الحزب قد دخل مع المحتل في تشجيع المليشيات الصفوية العراقية وتدريبها، وهذه المليشيات هي نفسها التي تقوم بعمليات إبادة للفلسطينيين وأهل السنة في العراق، والدليل على ما أقول أنه تم تحالف استراتيجي إيراني سوري أعلنته سوريا، وضُمَّ حزب الشيطان وبعض الفصائل الفلسطينية في هذا التحالف، ومن المعلوم أن من أهم مظاهر هذا المشروع الشعوبي الصفوي هو التطهير العرقي والمذهبي ضد أهل السنة في العراق، والعمل على التغلغل الفارسي الصفوي في العراق، وهذا الذي نراه الآن رأي العين من التعاون الكامل مع المرجعيات الشيعية العراقية خاصة ذات الأصل الفارسي منها الخاضع للدعم العسكري اللوجستي من قِبَل المحتل الأمريكي، حتى أننا نرى في أيامنا هذه المنح السورية بتجنيس العراقيين الشيعة، بخطة تشييع سورية التي غالبية أهلها سنيون.. إلى غير ذلك من الأدلة.. فأمريكا وحلفاؤها يريدون إسلاماً شيعياً في دول الشرق الأوسط؛ لكونه يوافق عقائدهم الوثنية، ويحذرون أشد التحذير من (الوهابية) في مصطلحها الحديث - أي بعد أحداث برجي التجارة العالمي- ويعنون بالوهابية أي أهل السنة والجماعة على مختلف مذاهبهم وبلدانهم وهذا المصطلح بالذات تردده دوائر الشيعة..فكل أعداء السنة يفعلون ما يريدون بحماية أمريكية مطلقة، وبعجْزٍ عربي واضح، فهذا هو الحال؛ فالكل يعجز عن تغيير هذه المعادلة المخجلة، والعجْز هذا يتمركز بحب الدنيا وكراهية الموت، وإلاَّ فنحن لدينا السلاح الاقتصادي الهائل، بل ولدينا الأسلحة التي أُنفق عليها الكثير، والذي يمكننا بها - بإذن الله- من التمكن من إنقاذ أنفسنا في الدنيا والآخرة، ولكن الذي يهمنا الآن من هذا الكلام وقبل كل شيء هو حماية الأمة من الإنجرار بسذاجة إلى المشروع الصفوي وما يحمله من خطر بالغ على العقيدة، فالثورة الفارسية المجوسية لها نظرية في التصدير والتنفيذ، فتبدأ من دول الجوار، وإسقاط النظم الحاكمة في الدول العربية، وإقامة نظم أخرى موالية تأخذ التوجيهات من قادة الثورة، فالرؤوس النووية الإيرانية هي موجهة لدول الجوار العرب، كما أقرت ذلك "جريدة الأنباء العدد7931، اللاوس أنجلس تايمز..فأفيقوا يا أهل السنة!. فالرافضة تجحذ – تحد- شفرتها لذبحكم تحت شعار: من قتل سنياً فكأنما صافح علياً، ومن صافح علياً دخل الجنة، وكفر من لم يقتل وهابياً..
[450]) ليست قضية فلسطين مجرد قضية تعود لشعب، فهي قضية لا يجوز لمسلم عربي ولا أعجمي أن يتخلى عنها ما بقيت فيه عين تطرف، فرجال فلسطين هم المسلمون في جميع أنحاء الأرض وأقطارها، هم الأماجد الأخيار الأبطال،الذين ألقى الله في روعهم العزيمة على الرشد في مقاصد الجهاد الشرعية، والثبات على أمر الإيمان الذي جاء به الرسول الإمام محمد بن عبد الله e، فهم مستعدون برسم أرواحهم ومداد دمائهم لهذه القضية، لا الذين اتخذوا هذه القضية لتحويلها إلى مشروع طائفي ساساني صفوي سبأي يفقد كل قيمة إسلامية يعادي بها الأخيار الأبطال الأماجد. فاللهم ألهم ما فيه صلاح جهاد هؤلاء الأبطال الأخيار الأماجد، وأعنهم في صعوبة أحوالهم وضيق حالهم، فالأمل بك يا ألله عظيم، والنصر مع صبرنا، والفرج مع كربنا، والعسر مع اليسر، والله المستعان، وحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى، ونعم النصير.
[451]) وقد طلبت وزيرة الخارجية الأمريكية من إيران الضغط على حزب الشيطان بعدم قصف الهدفين.. مما يدل على أن مقر العمليات لحزب حسن نصر اللات هو طهران مع الأمريكان وهذا المقر عبارة عن قناة مفتوحة على الدوام.. ولكن بالحذر نفسه الذي عاشته أمريكا مع صدام حسين، ونظرية (إذا كبَّرت كلبك؛ فانتبه لا ياكلك).. وهذه هي نفس القضية مع المفاعل النووي الإيراني. فتأمل!.
[452]) كان لا بد من حسن نصر اللات من أن يطلق وسائل لإنجاح مشروعه الصفوي؛ منها: إطلاقه شعارات متهافتة بالدعوة لإزالة إسرائيل، وإعلانه للتحالف مع سورية وإيران ومع بعض المنظمات الفلسطينية، وإعلانه عن تقديم المساعدات المالية إليها في محنتها، مع أن هذا الزعم الأخير قد كذبه الفلسطينيون أنفسهم، فلم يصل إليهم شيء، وهذا لا يُستغرب من عقيدتهم في التقية، فهم قوم من مقتضي عقيدتهم الصَّفَوِيَّة: عدم تقديم أي مساعدات للسنة مهما كانت الظروف، لهذا تراهم أشد على السنة من اليهود والنصارى، فأهل السنة في سورية قد عانوا الأمرين من نظام البعث الرافضي النُّصَيْرِي الصفوي المتحالف والمتعاون مع الصهاينة لتصفية السنة من سوريا.. فحزب الشيطان حزب تابع وليس متبوعاً، وهو يؤدي دوراً يخدم مصالح التحالف الدنس، ولكن هذا الدور لابد وأن يُغلَّف بغلاف البطولة والنصر والفداء.
[453]) أقول: كم يبلغ عدد الأسرى السياسيين المعتقلين في السجون السورية؟! وهذا العمل في أسر الجنديين اليهوديين لا ندري كيف تم؟! ولكن الغاية هي الغاية، والوسيلة هي الوسيلة، وإلاَّ فكيف يقوم الحزب الشيطاني بعملية هو يعرف تماماً أنها ستمس لبنان كله، وستكون عواقب العملية وخيمة على البلاد، ونحن نقولها صريحة: أن حزب اللات قد قدَّم لبنان كبش فداء اتخذ قرار المواجهة والتنفيذ من الأراضي اللبنانية بأوامر من إيران وسورية دون علم من الحكومة اللبنانية ليظهر حزبه حزباً محرِّراً ومنقذاً، وأنه هو الوحيد الذي يعمل في الساحة ضد اليهود، فترتفع ورقة الرافضة على حساب المسلمين في لبنان الذين ما ضرب اليهودُ إلا هم، فهاهي قرى الجنوب اللبناني باتت خاوية على عروشها؛ كقرية عيترون والعرقوب وشبعا ودحيرجات وكفر شوبا ومروحين وكفر حمام وقسم من مرج عيون التي كانت قواعد صواريخ حزب الشيطان تضرب من أسطح بيوتها ومن بين أحيائها السنيَّة، لتدفع عربوناً يفتتح به سوق الضربات اليهودية، فتهلك النساء والأطفال وباقي المدنيين من كافة الطوائف دون حزب الشيطان، ثم ما هو حجم الخسائر مقابل الجنديين، وهل أقام الحزب حرباً مفتوحة مع اليهود كما وصفها الكذاب حسن نصر اللات؟ ثم ولو كانت حرباً مفتوحة، فهل ستكون حرباً تحريرية طويلة الأمد، أم هي كما رأينا؛ انتهت باتفاقية أمنية، ليس لها علاقة بمصالح الأرض التي دار عليها القتال والتي صارت خراباً يباباً، والذي تحقق هو تحكير المنطقة للحزب الشيطاني الإيراني الحقير، وهذا ما تسعى إليه سوريا وإيران لتحقيق المستقبل الذي بدأ يتحقق بعد سقوط العراق بالمشاركة الإيرانية المعلنة لإسقاطها هي وأفغانستان، والذي سهل انفتاح الممر الجغرافي من خرسان شرقاً إلى شواطئ المتوسط غرباً، بحيث بدأ دخول المحور الثلاثي – إيران سوريا وحزب الشيطان- المنطقة. فاللهم سلِّم سلم. ومع الأسف! أن من القنوات التي تدعي أنها سنية دافعت عن هذا الحزب كقناة "الجزيرة" الجائرة وغيرها، وأعطته أكبر من حجمه بكثير- فالقنوات مثل هذه وغيرها الكثيرة èهي بلا شك تحت السيطرة التامة من قِبَل أعداء السنة- والغريب أن كثيراً من الجماعات الإسلامية أيدته ونفخت في بوقه لجهلها بعقيدة أهل السنة، وبجهلها بعقيدة هذا الحزب وأعماله الخبيثة داخل لبنان، وما ذلك إلا لفقدها حقيقة عامل الولاء والبراء، ونوم جماعي سحيق، وما هذه الحالة إلاَّ حقيقة الحمقى الذين يُضحك عليهم بسهولة.. وهي حقيقة مزمنة فاقدة للمصداقية، وعاجزة عن الدفاع عن قضاياها وعلى رأسها عقيدتها..
([454] ونحن نفرح بقتل إخوان القردة والخنازير على يد أيٍ من أهل الأرض، ونحن مع كل عملٍ يؤذي الكيان الصهيوني الغاصب ويُضعفه ويضع هيبته.. ولكن ليس على حساب التنازل عن عقيدتنا والطعن في حملتها على مر العصور، ولا على أن تندرج العملية هذه في مسلسل تحقيق أهداف المشروع الأخطر من المشروع الصهيوني؛ ألا وهو المشروع الصفوي والنظام الطاغي، ولا على حساب المتاجرة بقضية فلسطين واللعب بورقتها التي لم يُعرف عن حزب الشيطان وحزب أمل إلا الاستباحة لدم الفلسطينيين وأعراضهم وأموالهم في العراق ولبنان، ولا على حساب أهل السنة في العراق وسورية ولبنان وغيرها من البلدان، ولا على حساب الوقت الذي يبنون به قنبلتهم النووية الإيرانية الصفويَّة التي تريد خدمة المشروع الصفوي الحاقد على أهل السنة.. أبمجرد دخول حزب الشيطان الصفوي في مواجهة مع العدو الإسرائيلي يجعلنا نعطيه العطايا، ونسخر له أمة الإسلام مجاناً، فنقف معه في مشروعه الذي يغذي مؤامراته على الأمة؟! كيف يكون ذلك وهو نفسه هو هو الحزب الذي سفَّك دماء الأمة، وقتَّل أبناءها، وعبث بمقدراتها، وعمل الوهن فيها، ومزقها، وجلب إليها العار، ومكر بها مكر السوء؟! وما زال يكيد ويصنع الدسائس بإقحامه مشروع غريب على أمتنا، وتحويلها إلى مرتع للإمبريالية الصفوية. فيا للعجب من فقه المتحمسين الحزبيين الأجوف!! فهل عَلِمَ هؤلاء أن موالاة الطاغوت الصفوي هو نفسه موالاة الطاغوت الصهيوصليبي؟! - مع أن كلا الطاغوتين خطرهما شديد، ولكن الأول أشد، لخفائه على الكثير- وهل عَلِمَ هؤلاء أن منطلقات الطاغوت الصفوي التي بها يرسم حزب الشيطان سياسته، ويحد أهدافه؛ إنما هو طاغوت يهدد الأمة، وهل عَلِمَ هؤلاء أن هذا الطاغوت الذي يدَّعي الحرص على لم شمل الأمة؛ هو الذي مبلغ نصحه متواصل مع ابن العلقمي والطوسي؟! فاحذروا يا أهل السنة! واقرءوا التاريخ، فأنتم في نفس الفخ، وفي نفس الجحر، فالمؤمن لا يُلدغ من جحر واحد مرتين..فكراهية الشيعة لأهل السنة ليست وليدة اليوم، ولا تختص بالسنة المعاصرين، بل هي كراهية عميقة تمتد إلى الجيل الأول لأهل السنة، فهم متواصلون عبر الأزمان في هذه الكراهية..
([455] الثورة الخمينية ثورة فاشلة رغم انخداع الكثير من مؤيديها، وهنا أذكر حادثة مهمة ربما غفل عنها المغفلون؛ فنحن نتذكَّر انتصار الأفغان السنة على الشيوعية في آخر الثمانينيات، فحقدت الرافضة على المنتصرين كعادتهم الخبيثة؛ فوظفوا (سلمان رشدي) وكتابه "آيات شيطانية" في نفس الزمن الذي انتصر فيه السنة في أفغانستان؛ لغرض إشغال الناس عن هذا الانتصار العظيم الذي ما استطاعت الثورة تحقيق معشاره أو حتى بعض معشاره، فقام الخميني المنكسر المنهزم في ثورته بإصدار فتواه ضد (سلمان رشدي)؛ حتى يقول الناس أن الشيعة هم الوحيدون الذين تصدوا (لرشدي) الضال، وبالفعل! انشغل الناس بهذه الفتوى الملفقة عن الانتصار الذي حققه الأفغان السنة، وصاروا هم والإعلام يرددون هذه الفتوى، رغم أن (سلمان رشدي) يوافقه الشيعة في كثير من طعناته في الرسول e، فالرافضة هم الرافضة على مر العصور وانقضاء الدهور..
[456]) ولما أرسلت المملكة العربية السعودية مساعدات للمتضررين؛ رفضها الشيعة الرافضة؛ كون السعودية دولة سنية ترفع شعار أهل السنة والجماعة، حتى قال حسن نصر اللات: مال السعودية مال خبيث، مما يدل على أنهم عنصريون يتغلغل التعصب الرافضي في كل مفصل من مفاصلهم.
[457]) فهاهي الساحات - العراق سورية لبنان- قد تقاسمت فيها الأدوار؛ لإنجاز مخطط الرافضة الصفوي الشعوبي الخطير، فيبدأ من إيران إلى لبنان مروراً بالعراق وسوريا.. فهل استوعب القرضاوي مقولته التي قال فيها: (لماذا لا يسعى المسلمون إلى نوع من التعايش والوفاق – أي مع الشيعة الرافضة- مهما تكن القضايا التي بينهم) "مجلة الفجر" ص13الصادرة عن مركز الإعلامي بالدنمرك العدد44 شهر شعبان 1419هـ
([458] لهذا لما سُئل أحد قيادات حزب اللات عن حزبه: (هل أنتم جزء من إيران؟) فكان الجواب: (بل نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران) انظر "النهار اللبنانية" 5/3/1987م فهذه المقولة بحد ذاتها تشرح لنا الواقع الذي يجري على الأرض حقيقةً! فتأمل!! فحزب الشيطان ليس سيد قراره، بل هو خادم لأسياده في إيران وسورية، وهذا يُعتبر قاعدة لا بد من استصحابها كلما مر موقف لحزب الشيطان يريد التصريح به، فالحزب ليس إلا أداة لتحقيق السياسات الإيرانية السورية في مناوشاتها الكلامية، فكل ما يردده الحزب الشيطاني إنما هو دعم لإيران ومشروعها الإقليمي، فحربه ما هي إلا لتحقيق أهداف معينة، فإذا تحققت في إطار حدود معينة؛ توقفت الحرب.. فالحرب في لبنان إنما هي معركة لصراع أمريكي إيراني، يعني فارسي رومي، يدفع لبنان فاتورة صراعه بالضحايا من المدنيين الأبرياء..فالخاسر أولاً وأخيراً هو المواطن اللبناني الذي خسر الأرض والبنية التحتية لخدمة قيام الدولة الفارسية المجوسية..
([459] فانظر رحمني الله وإياك! إلى التيار الصدري! كيف يريد كامل الصفقة في العراق ويتنافس مع أسياده، وسوف ترى كيف يضربه سيده الذي رباه والذي تعاون معه لضرب أهل السنة هناك، فاللهم سلط الأعداء على الأعداء، واقتلهم بسلاحهم الذي قتلوا به أهل السنة في جميع بقاع الدنيا، واجعل بأسهم بينهم شديد.
([460] فهاهم قد اشتروا الأراضي السنية في لبنان، فاشتروا نصف أراضي الجنوب ابتداءً من الجيه فصيداً وصولاً إلى صور وما بعدها، وكذالك في بيروت ونواحيها وفي البقاع من شتورا وصلاً إلى الحدود السورية.. وهذا ما يجعل لليهود أرضاً قوية وأمنية لها، ولا يكون لعدوها الحقيقي من الفلسطينيين وغيرهم من المسلمين السنة نقطة تماس مباشرة، فتكون بعيدة عن جغرافية المواجهة الحقيقية، وبعبارة أخرى: أن اليهود بحاجة إلى حزام أمني طائفي يعزلها عن محيط المناوئين الحقيقيين وأصحاب المنطلقات الإسلامية الصادقة التي لها غاية واحدة، وهي نشر التوحيد وتعميمه للعالم لإنقاذه من تعبيد اليهود والنصارى وباقي الوثنيين.. فاتخذت حزب الشيطان المشرك الوثني المضاهي لعقيدتهم، وإن كان له أطماعاً في إقامة مشروعه الإيراني الشعوبي الفارسي الوثني الذي هو أهون من الإسلام الحقيقي لدى يهود..
[461]) حيث قدَّمنا حقيقة العداء العقدي المستحكم بين السنة والشيعة منذ مقتل عثمان بن عفان t وكان لابن السوداء [ابن سبأ] دوراً بارزاً في هذا، ثم تلا ذلك الفتنة الكبرى بين الصحابة y، ثم مقتل الحسن والحسين بن علي رضي الله عنهما، ومنذ ذلك الوقت وآيات الرافضة يشعلون نار الحقد في قلوب أتباعهم، وقد تسامع الناس بكثير من الخطب والمقالات التي تؤجج الحقد، وقد شاهد القاصي والداني الحقد الصَّفَوِي الرافضي يظهر في العراق، فقد ذُبح السنة بالهوية بطرق وحشية لا يصدقها إلاَّ من رواها بعد أن رآها..
([462] فهذا هو ركن الشيعة الرئيس؛ وهو القيام بتشويه الدين الإسلامي الحنيف، وإشاعة الأباطيل والخرافات فيه، والقول بعقيدة التقية، ونشر الفساد المذهبي القائم على نشر ما يُعرف لديهم بمصحف فاطمة، وزواج المتعة، وتأليه الأئمة الإثني عشر، وشتم الصحابة الأجلاء الكرام البررة، والتعرض في عرض النبي e، وتحريف القرآن الكريم والسنة المطهرة، وتكفير المسلمين أهل السنة، وغيرها الكثير من مشاريع الحقد التاريخية التي تقوم بدور خبيث لا يقل خطورة عن الدور الذي قام به ابن العلقمي والطوسي، فهم في هذا الزمان تواطئوا مع أمريكا لاحتلال أفغانستان والعراق، حتى أن محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني السابق صرح بقوله: لولا إيران لما احتلت أمريكا العراق.. ولولا إيران لما احتلت أمريكا أفغانستان..
[463]) والذي يعتقده الشيعة في مهديهم المنتظر: أنه سوف يضع السيف في العرب، ويُسالم اليهود والنصارى، ويهدم المسجد الحرام والمسجد النبوي ليبني بدلاً منهما في كربلاء والنجف، ويقيم حكم آل داود وسليمان، ويلغي القرآن.. وغير ذلك الكثير من التآمر الأسود المنظم ضد أهل السنة، وقد تقدَّم الكلام في هذا، فلا أطيل.
[464]) وهذا هو عين المشروع الصَّفوي الشيعي الذي يشبه المشروع الصهيوني في معظم وجوهه، بل وأخطر؛ كونه مشروعاً استيطانياً قومياً فارسياً مذهبياً متطرفاً يخطط بإبادة أهل السنة إبادة تامة، لهذا كان على المسلمين مقاومة المشروع الصَّفَوِيّ الذي هو أشد على المسلمين من المشروع الصهيوني والأمريكي..
[465]) بل تريد الانطلاق إلى منطقة الخليج وشمال أفريقية لتعيد أمجاد الصفويين والفاطميين..
([466]قد يقوا قائل: لندع أمر العقيدة جانباً، ولننظر إلى ما تحقق في الساحة وأرض الواقع! فنقول له: هل انخدعت بأراجيف وزيف كلام الثعالب الذين تسربلوا بمسوح التقوى والصلاح؟! فما الذي تحقق في أرض الواقع غير الخيانة وقتل أهل السنة وتشريدهم واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم، بل وحتى مساجدهم كما في إيران والعراق ولبنان، فهؤلاء المجوس في بنائِهم اليوم في غاية التنظيم والترتيب والجمال في ظاهر واجهته، ولكن أساسه في غاية الضعف والتهالك والتآكل، فهل يكون ارتفاع المبنى بهذه الحالة يقنع مرتاديه وسكانه؟ الجواب بلا شك: لا! وخاصة إذا زاد على هذه العلة وانضم إليها أنه يقدم لمرتاديه الأطعمة الملوثة التي تُسقى بماء فاسد ملوث، يفسد العقل وصفائه قبل الجسد، لهذا نقول للعاطفيين: لا تحرككم عواطفكم بنواعق مفكريكم بولوج هذا المبنَى المبنِي على شفا جرف هار، فإنه سوف ينهار بلا محالة على رؤوسكم ورؤوسِهم ومعكم رؤساؤكم الناعقون فيكم، وأنتم تحملون أوزار الرافضة العفنة مع أوزاركم المحمَّلة بالتوجيهات المشبوهة المشوَّهة، لقلة مصادركم النظيفة، الغير محصنة ولو بحد أدنى بالعلم الشرعي، فلهذا نراها منفلتة بعقل لا خطام له ولا زمام..
[467]) ولا تغفل عن صورة الخميني المجوسي الفارسي المعلقة فوق رأس حسن نصر اللات في مكتبه. ثم لا تغفل كما غفل الذين هللوا للخميني الذي زعم أن قيام الجمهورية الفارسية هو أول خطوات تحرير المسجد الأقصى، فكان أول ما قام به هو الاضطهاد والتقتيل والتشريد والتهجير لأهل السنة أكثر بأضعاف ما لاقوه على يد الشاه، حتى باتت إيران ولا مسجد واحد للسنة فيها، بينما فيها العديد من الكنائس النصرانية والمعابد اليهودية والمعابد المجوسية..
[468]) وننحن نقول للأحزاب الإسلامية لتي رفعت شعار حزب اللات الشيطاني: هل نسيتم عواطفهم الفائرة بجمال عبد الناصر وشعاراته وخطبه النارية الرَّنانة التي غدت مغادرة مصراً هباباً يباباً، ثم تعلقكم بالخميني وأردتم رفع شعار ثورته إلى العالم السني، ثم ذهب الضال وهلك وهو يتجرع سم أحقاده وتعصبه، بل أقول: هل نسيتم ما فعله العبيديون الفاطميون بكم؟! ثم أنتم تعاودون الكرة اليوم فتتعلقون بعواطفكم الفائرة البائرة الخائرة المائرة الفاجرة بشيخ يتلقى أوامره وإمداداته من إيران وسوريا لينفذ مشروع الهلال الإيراني والمد الإقليمي المجوسي العبيدي الصفوي الواسع، فلا أدري! كم مرة سيندم هؤلاء الحزبيون، وكم مرة يغفلون بغفلات ليس لها عقل ولا أساس من الدين؟!.
[469]) العدو المشترك طوال الحروب الدموية والمجازر الجماعية هم أهل السنة الذين تناوب في حربهم اليهود والقوَّات النصيرية والموارنة وحركة أمل بدعم قوي من الشيعة والدروز، فهذه القوى متعاونة ومنسِّقة فيما بينها علنياً وميدانياً، وقد يكون هناك وسطاء من طريق غير مباشر، وأقواهاً، وأكثرها فاعليه الوسيط الأمريكي عن طريق مبعوثهم الدائم في المنطقة..
([470] ففي الساحة الإيرانية: التطهير الواسع لأهل السنة والتنكيل بهم واستباحة أموالهم وأعراضهم ومساجدهم، حتى أن طهران ليس فيها وسجداً واحداً سنياً. وفي الساحة العراقية: تهجير أهل السنة واتباع عمليات الإبادة، والتعاون مع الأمريكان في تجزئة العراق، وتزوير النسبة المئوية لسكان العراق بزعم أنهم أكبر نسبة من السنة، فقاموا باجتياح فارسي استيطاني في العراق لتكثير النسبة، وقاموا بحملات مكثفة ضد الفلسطينيين المستوطنين في العراق لدرجة أكبر من معاناتهم مع الصهاينة. وفي الساحة السورية: قام النظام السوري بتجنيس الشيعة الوافدين من العراق وإيران وتوطينهم وتوظيفهم لتغطية التبشير للدين الشيعي المنحرف في البلاد مع تصفية الشعب السوري السني وقمعه والتضييق عليه، وجعل البلاد قاعدة للتآمر على لبنان والأردن. وفي الساحة اللبنانية - التي تعتبر بوابة إيران إلى البلدان العربية والإسلامية-: اللعب بورقة المقاومة المزيفة من قبل حزب اللات، والخلط في الأوراق السياسية لصالح الحلف الصَّفوي الفارسي، فقاموا باستفزاز اليهود لضرب لبنان ووحدتها، كل ذلك لتكوين دولة شيعية وتشكيلها في لبنان، أو ولو على الأقل في داخل لبنان.. كل ذلك من أجل تحقيق الهلال الشيعي الصَّفوي..
([471] فتراهم اشتراكيون مع الدول الاشتراكية، ورأسماليون مع الدول الرأسمالية، ودعاة للإسلام مع الإسلاميين، فهم في المكان الذي يناسبهم، وفي باطنهم أصل يؤمنون به، ويعتقدونه!!
([472] فلا ينسَ المسلمون أن الرافضة لم تخض حرباً على الكفار يوماً من الدهر، ولم يكن لها على مر تاريخ الصراع بين المسلمين واليهود على بيت المقدس قديماً وحديثاً أي مشاركة في الجهاد المقدَّس، فلن يجد المسلمون حرفاً واحداً في التاريخ يفيد ذلك، ولكنها على مر العصور منشغلون بتأليف الكتب التي يتهجمون فيها على أصحاب النبي e، وعوناً للكفار على أهل السنة، فنحن ولله الحمد في هذا البحث والرد على من يظن بالرافضة الخير أردنا أن نقول للناس: إن غَدْر الرافضة قد عمَّ، ولكن قد انكشفت أكاذيبهم وهُتِكت أستارهم، فهاهم يريدون تجديد ذكرى خيانة الطوسي وابن العلقمي وغيرهما من أعلام التاريخ الشيعي، فانكشف في العصر الحاضر عنهم الغبار؛ فهاهم يتعاونون مع الأمريكان في واشنطن ولندن وجنيف من أجل تسهيل احتلالهم للعراق وتسليم الحكم فيه للشيعة.. حتى أن النائب لرئيس إيران للشئون القانونية والبرلمانية محمد علي أبطحي قد اعترف - وقد تقدم الكلام- أن بلاده قدَّمت الكثير من العون للأمريكيين في حربهم ضد أفغانستان والعراق، وأكد أنه لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة... ثم استدرك قائلاً: (لكننا بعد أفغانستان حصلنا على مكافأة وأصبحنا ضمن محور الشر، وبعد العراق نتعرض لهجمة إعلامية أمريكية شرسة) وأدلى بكلامه هذا في ختام مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بإمارة أبو ظبي مساء الثلاثاء 15/1/2004م، وهذا الكلام يؤكد كلام علي أكبر هاشمي رفسنجاني في جامعة طهران 8/2/2002م: (إن القوَّات الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها، وأنه لو لم تساعد قوَّاتهم في قتال طالبان؛ لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني... ثم تابع قائلاً: يجب على أمريكا أن تعلم أنه لولا الجيش الإيراني الشعبي؛ ما استطاعت أمريكا أن تسقط طالبان.) أنظر موقع "مفكرة الإسلام"، فهذا هو المخطط الذي تريد بناؤه أمريكا وحلفاؤها التابعون لها- منهم الشيعة- فهم يريدون الشيعة أن ترابط في جميع الدول الإسلامية، فالتيارات الشيعية الإيرانية التي في العراق هي جزء من التركيبة التي وضعتها الولايات المتحدة في العراق؛ لكون هذا البناء هو الذي يضمن مصالحهم ومصالح إسرائيل، فهم لا يريدون عودة السنة أو العودة إليهم، لكون هذا يعني عندهم وقف ما يسمونه مسيرة السلام مع إسرائيل، فقوَّات التحالف تريد استمرار مرابطة حزب الشيطان في الجنوب اللبناني؛ لكون هذه المرابطة تعني الحرس الحدودي لإسرائيل، وعدم عودة العمليات الفدائية التي تقلق يهود، ولكنهم يريدون منهم انضباطاً أكثر للاستجابة لمطالبهم، وهذا الذي سوف يستجيبون له لا محالة؛ لكونه هو واقع مبادئهم الثابتة التي لن تتغير، فأمريكا هي اللاعب السياسي، أحببنا أو كرهنا، فهي التي تحرك المائدة كيف تشاء، وهي التي تفرض الشروط وفرض الأمر الواقع، حتى أنها لم تتعاطى بدبلوماسية مع أحد حتى مع أصدقائها، حتى مع حلفاءها في يوم من الأيام، فهي تستطيع الآن أن تجتاح أي بلد عربي بجبروتها وبتحالفها حتى مع من يسمون أنفسهم مسلمون؛ فيسهلون لهم الدخول إلى بلدان المسلمين بخططهم العسكرية، حتى أنهم اعترفوا بأنهم لولاهم لما دخل الأمريكان أفغانستان والعراق، هكذا بعنتريات إرهابية فيها ماضي التجربة، مما جعل العالم العربي والإسلامي ينهزم انهزاماً رسمياً كبيراً، وإحباطاً لدى النخب العربية والرأي العام العربي.. فنحن اليوم بات كل شيء ممكناً ومتوقعاً يجعل الحليم منا حيران!!، فالرافضة هم الذين عبَّدوا الطريق للأمريكان وخدموهم في العراق، وأفتى شيخهم السيستاني الإيراني بوجوب طاعة أمريكا وخدمتها في العراق، وعندما وصل الأمر للدولة المجوسية الفارسية؛ أفتى بوجوب الجهاد في حال تعرض طهران لهجوم أمريكي! فتعبيد السيستاني الطريق لأمريكا للوصول إلى بغداد، إنما هو شبيه فعل نصير الدين الطوسي وابن العلقمي في تعبيدهم الطريق لتيار التتار لإسقاط الخلافة الإسلامية في بغداد عام 656هـ حتى قُتل أكثر من مليوني مسلم سني، فأعقب ذلك انهيار الحضارة الإسلامية وانتقالها للغرب بعد سقوط دار العلم ببغداد بيد المغول، ولهذا نرى الخميني يترحم على الرافضيَّيْن الطوسي والعلقمي، ويدعي أنهما قدما خدمة جليلة للإسلام، ونحن نرى التاريخ يعيد نفسه؛ فيقدم الشيعة الخدمة للصليب في العراق على نفس المنهج الذي قدماه الطوسي ابن العلقمي للمغول في نفس المكان وبنفس المقال، ولا ننسى التاريخ ما فعله القرامطة الباطنيين، وما زال أحفاد وتلامذة القرامطة المجوس يقومون بأشنع صور الإرهاب، لا يبالون ببلدٍ حرام ولا بدم معصوم، ومع ذلك كله لم يشاركوا عبر تاريخهم فتوحات إسلامية، ولا نشر إسلام سماوي، بل كان شرهم شوكة في خاصرة الدول الإسلامية على مر العصور، حتى أن الدولة العثمانية قد انشغلت عن فتوحاتها في أوروبا بحروبهم الدامية معها، حتى انحسر المدَّ الإسلامي في أرجاء أوروباً، حتى لما كان الخليفة العثماني يتغلغل بجيوشه في النمسا، إلى أن دخل قلب فينا، وكادت أوروبا تدخل في حضيرة الإسلام؛ زحف الرافضة إلى دولة الخلافة، مما أدى إلى اضطرار الجيش العثماني إلى الانسحاب والرجوع لدحض ودفع الرافضة وخطرهم الصفوي لعنهم الله، وقبل ذلك كانوا من أعظم الأسباب في استيلاء النصارى على بيت المقدس حتى استنقذه المسلمون منهم. والآن قد تحقق قول الخبير عن الرافضة شيخ الإسلام أحمد بن تيمية حيث قال في "منهاج السنة النبوية" 3/378 وهو يصيغ لنا بعقليته الربانية ما يمكن أن يحدث في المستقبل: (وكذلك إذا صار لليهود دولة في العراق وغيره؛ تكون الرافضة من أعظم أعوانهم، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم.) وبعد أكثر من سبعمائة سنة نسمع ونشاهد واقع كلمات هذا الشيخ الرباني السلفي رحمه الله.
[473]) انظر تاريخ الطبري 4/190. قلت: وأول عمل أظهر صلاح الدين الأيوبي وعرَّف الناس به؛ هو القضاء على الدولة الفاطمية العبيدية الرافضية المجوسية الكافرة.
[474]) أيُّ آل بيتٍ يريده الرافضة؟! أهو ما يُسمى بالوصية وحق المعصوم وآل البيت؟! أهو بيت النار المجوسية التي أطفأها الصحابة الكرام؟! أهو بيت رفض القرآن والسنة؟! واليوم بعد أن كشف الناس عورات الرافضة الحاقدين في العراق وفي إيران ولبنان وسوريا وغير هذه البلاد, فعلموا خيانتهم وتواطؤهم مع اليهود والصليبين في قتل خيار أهل السنة كما فعلوا في سوريا في مدينة حماة وحلب وجسر الشغور وتدمر وغير ذلك وفي طرابلس الشام وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا وفي الفلوجة والرمادي وبغداد والبصرة والمحمودية وبعقوبة وأبو غريب والقائم وغير ذلك من بلدان السنة المطهرة، عندما كشف كل ذلك سخّر الدهاقنة ثعلبهم لافتعال هذه المواجهة التي دمرت بلدًا بكامله, عامة ما فيه من مصالح للناس بُنِيَ على أيدي أهل السنة وبأموال أهل السنة وإخوانهم المؤمنين، بينما موارد حزب الشيطان خاصة لطائفته. فيا أهل السنة! أفيقوا.. فلا تصفقون للرافضة الماكرة، فلن تجنوا شيئاً بهذا التصفيق إلا فقدان عامل الولاء والبراء الذي هو قوام الدين، فهل تصفقون لمن يعتبركم كفاراً، ويعتبر أمهات المؤمنين زواني فجاراً، وأصحاب النبي وحواريه خواناً، والقرآن شيطاناً. فيا أيها المصفقون! لو كنتم في زمن ابن سبأ لكنتم له مناصرون، ولكنتم متعاونون معه ومشاركون في قتل شهيد الدار عثمان ذي النورين t. بل لكنتم مع أبي لؤلؤة المجوسي قاتل الفاروق، ولشاركتم اليوم في زيارة قبر أبي لؤلؤة المجوسي الوهمي في كاشان وترحمتم عليه كما يفعل الرافضة ويسمونه بابا شجاع الدين. ويا أيها المصفقون! سوف تصفقون مع الرافضة لما ترونهم يقتلون أهل السنة تحت شعار حب الحسين، وتحت شعار غش السنة تدخل الجنة، فهل صفقتم لهم لما بايعوا (بريمر) على إبادة السنة في العراق وهدم مساجدهم؟! وهل صفقتم عند قتلهم للفلسطينيين اللاجئين في العراق، وهل صفقتم لما منع - حسن نصر اللات- أهل السنة من حمل السلاح من أجل المقاومة ضد إسرائيل على الحدود مثل أهل مرواحين وأهل البستان؟! وهل صفقتم لما رأيتم راياتهم فوق مساجد السنة التي اغتصبوها في العراق مكتوب عليها: (نصرت يا قائم آل كسرى)؟!! نعم، أقولها بكل أسى: ليس حالكم إلا كحال من استمالته الريح أينما مالت..
([475] انظر "البداية والنهاية" لابن كثير المجلد السادس- الجزء الحادي عشر
([476] والشيعة عليهم لعائن الله يدَّعون أن كفر أهل السنة أغلظ من أكفر اليهود والنصارى، لأن اليهود والنصارى كفار أصليون، وأهل السنة كفار مرتدون، وكفر الردة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلي، ولهذا السبب يتعاونون مع الكفار على الجمهور من المسلمين. ثم لا ننسى أن التقية والنفاق ركن من أركان دينهم، بل وتسعة أعشاره.
([477] ومَنْ مِنَ الناس لا يحب آل بيت النبي r؟! ولكننا نقول: إنما يفضَّل المسلم بإيمانه وتقواه، لا بآبائه ولو كانوا من بني هاشم أهل بيت النبي e، فإن الله خلق الجنة لمن أطاعه، وإن كان عبداً حبشياً، وخلق النار لمن عصاه وإن كان شريفاً قرشياً، فقال e: ((ألا إن آل أبي – يعني فلاناً- ليسوا لي بأولياء، إنما وليِّيَ الله وصالح المؤمنين)) متفق عليه، فأخبر النبي e أن موالاته ليست بالقرابة والنسب؛ بل بالإيمان والتقوى، وقد أجمع المسلمون على أن من كان أعظم إيماناً وتقوى؛ كان أفضل ممن هو دونه في الإيمان والتقوى، وإن كان الأولُ أسودَ حبشياً، والثاني علوياً عباسياً..
([478] أنظر "ضحى الإسلام" لأحمد أمين 1/140، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى28/482 عن الرافضة: (إنهم شر من عامة أهل الأهواء، وأحق بالقتال من الخوارج.)
([479] في هذا الزمان لا مشكلة لدى الغرب مع المذهب الشيعي؛ لأنهم لم يسبق لهم غزو عليهم، فهم يعلمون أن من أصول مذهبهم المنحرف تحريم الجهاد إلا تحت راية المهدي المنتظر، ورغم القوة التي تمتع بها الشيعة في بعض الأزمان مثل الدولة الفاطمية والعبيدية والصفوية، فهم لم يفتحوا شبراً من أرض، ولا حرروا ذراعاً محتلاً، وليس لهم دعوة جارفة وسط الغربيين، على العكس من أهل السنة تماماً، فكان للشيعة على مر العصور إلى عصرنا هذا فضل على الغرب في شق المسلمين ومحاربتهم وإشغالهم عن الغرب، ومساعدة الصليبيين وغيرهم من الوثنيين على أهل السنة، ومن ناحية أخرى؛ فالغرب والفرس في هذا الزمان تحكمهم المصالح لا المبادئ، فعندما تتفق المصالح؛ تراهم متعاونون، فمهدوا للغرب دخول أفغانستان والعراق، ولما اختلفت المصالح في السلاح النووي ونفط الخليج، وهددت أمريكا بمس سلاح الفرس الصفوي؛ كان التهديد كل على حسبه، حتى أن الفرس المجوس هددوا بضرب المصالح في الخليج، وضرب إسرائيل ربيبة الروم إن لزم الأمر، لا من أجل تحرير البقاع المقدسة، وإنما لاختلاف المصالح التي ليس فيها أي مبادئ، مستغلة التعثر الأمريكي في العراق وأفغانستان، وغيرها من الجبهات المعادية مثل كوريا الشمالية، وفنزويلا، وغيرها الكثير من التعثرات والمشكلات الداخلية والخارجية وارتفاع أسعار النفط، والخوف من اشتعال كارثة إذا ما ضربت إيران المصالح النفطية في الخليج، والذي تُعتبر الرئة العالمية لجميع النشاطات الاقتصادية.
[480]) أهل السنة على مر العصور لديهم تمييز بين الحق والنور والصفاء والخير، بين البدعة والباطل والظلمات والكدرة والشر..على العكس من غيرهم الذين لم يفرقوا بين الثريا والثرى..
[481]) هيئة التنقيب التي فصلت الذهب الإبريز عن البُرا، وفرَّقت بين ضياء الصدق وظلمات الفجور.
([482] وكل هؤلاء ليس بينهم وبين آل البيت أي نسب باتفاق أهل العلم، فأين الفردوس من هاوية الجحور، وأين الرأس من الرجلين، وأين التاج من النعلين، وأين جيد الغزال من ذنب الكلب، وأين الصراط المستقيم من عمى القلب؟! }وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا والنور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يُسْمع من يشاء وما أنت بِمُسْمع من في القبور{
([483] كان للإنجليز مد يد العون والدعم لكثير من هذه الفرق ولا حول ولا قوة إلا بالله. انظر "المذاهب الإسلامية" لأبي زهرة، وكذا مؤلفات الشيخ إحسان إلهي ظهير، وقد تقدَّم ذكر بعضها في أعلاه..
([484] انظر "المنتقى من منهاج الاعتدال" للذهبي بتحقيق محب الدين الخطيب.
([485] ولسوف تدخل أمريكا لتنصِّب قواعدها في البحر الأبيض لإكمال الحلقة التي تدور حول القصعة..
([486] لا ننسَ أن النصيريين لهم صلات تاريخية مع شاه إيران المخلوع ونظامه، ثم صارت لهم صلات أقوى وأوثق مع الثورة الخُمَيْنِيَّة.
([487] هم الغرب ومعهم أمريكا وإسرائيل أهل الاحتراف في صناعة المؤامرات والانقلابات والإرهاب في العالم..
([488] انظر "تاريخ الشعوب الإسلامية" لبروكلمان، و"الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية" للندوي، وهناك جزر أخرى محتلة كجزيرة صرى الواقعة بين الشارقة وأبو ظبي، وجزيرة هنجام قرب رأس الخيمة، وجزيرة الغنم التابعة لعمان وتقع في مضيق هرمز، والمؤامرات في احتلال الجزر مستمرة
([489] كما قلت أن النظام النصيري السوري له صلات وثيقة مع الشاه المخلوع ونظامه، وله مع الخميني صلات أقوى وأوثق، مما يدل على أن المهم عندهم هو التحالف والانتصار للقيادة السياسة الإيرانية مهما كانت هويتها، وللزعامة الدينية في (قم)..
([490] وكذا نقول أنه ليس للخلافات بين البهلويين والآيات الشيعية ولا الأحزاب المعارضة أي تأثير على سياسة إيران الخارجية وأطماعها في جيرانها، فنظام الشاه والآيات الرافضية متفقة على إقامة الإمبراطورية الفارسية الكبرى، فشاه إيران قد احتل الجزر العربية بزعم أنها فارسية، والآيات زعموا نفس الزعم، وزادوا بالمطالبة بدول الخليج كلها بزعم أن الخليج فارسي، وحتى الغرب لا يقولون أن الخليج عربي، بل يزعمون نفس الزعم بأنه فارسي، حتى امتدت أطماع الفرس إلى المطالبة بالعراق ومكة والمدينة وجنوب لبنان، ثم إلى باقي العالم الإسلامي حتى يكون تحت قيادتهم الفارسية..
([491] ولاحظ أن في نفس الفترة قام الجهاد الأفغاني ضد الروس، والدور الأمريكي في هذا الجهاد، وما فعلته في تكوين وتفخيم قادة الجهاد هناك!
([492] جذور الرافضة جذور اشتراكية قديمة؛ ليس في عقيدتهم أصول تمنعهم من المحرمات أو تردعهم من فعل المنكرات، فهم أكذب الخليقة على وجه البسيطة، لا تمنعهم عقيدتهم من الزنى - المتعة- فغالب أنسابهم بغاة زناة، ومن وقاحة عقيدتهم أن سهلت عليهم شتم صحابة رسول الله e والافتراء عليهم. وهذا من أصول عقيدتهم المدونة في كتبهم، والمنفذة بمنهجهم..
([493] والتوسع هذا ينادي باحتلال مكة والمدينة قبل تحرير القدس؛ ليعيدوا أمجاد القرامطة والعبيديين والزنج، وليثأروا من الخليفة الحق الثاني عمر t الذي هدم مجد فارس وهزم كسرى وكسر سلطانه وأطاح بدولته الوثنية..
([494] يدعي الشيعة أن النبي e علم بخيوط المؤامرة من الصحابة الذين يسمونهم المنافقين، فدبَّر النبي e خطة لإحباط المؤامرة؛ وذلك بأمره في مرض موته بتجهيز جيش أسامة بن زيد t وإلحاق كبار الصحابة لتخلوا المدينة من عصابة النفاق في زعمهم؛ حتى يتم أخذ البيعة للوصي والإمام، وهذه العقيدة نقلها ابن أبي الحديد في "شرح نهج البلاغة" عن الشيعة، وقرره الرافضي ابن المطهر الحلي صاحب "منهاج الكرامة" الذي رد عليه شيخ إسلامنا ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم "منهاج السنة" وأشار بذلك الخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية" ص69. وقال في ص131: (وكانت إمامة أمير المؤمنين - أي علياً t- بعد النبي (ص) ثلاثون سنة، منها أربع وعشرون سنة وستة أشهر ممنوعا من التصرف في أحكامها، مستعملا للتقية والمداراة، ومنها خمس سنين وستة أشهر ممتحناً بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين ومضطهداً بفتن الضالين، كما كان رسول الله e ثلاثة عشر سنة من نبوته ممنوعاً من أحكامها خائفاً محبوساً وهارباً ومطروداً لا يتمكن من جهاد الكافرين ولا يستطيع دفعاً عن المؤمنين، ثم هاجر وأقام في الهجرة عشر سنين مجاهداً للمشركين ممتحناً بالمنافقين، إلى أن قبضه الله جل اسمه إليه وأسكنه جنات النعيم.)
[495]) ص18، و"الحكومة الإسلامية" ص33، 132
([496] فليس بين كسرى الجديد والقديم إلا لقب آية الله! وبمثل هذه الألقاب كانت عند القرامطة، وكان التظاهر بالزهد والتقوى هو بداية دعوتهم، وتقدموا للناس بأنهم دعاة إلى الله، وثوار بوجه الطغاة العباسيين، فما لبثوا بعد التمسكن بأن تمكنوا، وقتلوا من أهل السنة ما لا يُحصى ولا يُعد..
[497]) "الحكومة الإسلامية" ص52 ويحيل في كتابه "الحكومة الإسلامية" إلى الكتاب الأكبر للإسماعيلية "دعائم الإسلام"
[498]) هم يعتقدون بالإمامة لكونهم يعتقدون أن الرسول e لم يبلغ كل ما أوحي إليه من ربه، وإنما أخرج في حياته قدراً معيناً حسب حاجة الناس، وأودع الباقي في أوصيائه، فالصحابة t - بزعمهم- أنهم لم يتلقوا الإسلام كاملاً، فالشيعة الإمامية لديهم الباقي المودع عند الأئمة! فيقول محمد حسين آل كاشف الغطاء المرجع الشيعي إلى عام 1973هـ: (إن حكمة التدرج اقتضت بيان جملة من الأحكام وكتمان جملة، ولكنه سلام الله عليه أودعها عند أوصيائه، كل وصي يعهد بها إلى الآخر ينشره في الوقت المناسب له.) انظر أصل الشيعة وأصولها ص77. ويقول الخميني الهالك عن الغائب المنتظر: (لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة لكنهم لم ينجحوا حتى النبي محمد خاتم الأنبياء الذي جاء لإصلاح البشرية.. لم ينجح في ذلك وإن الشخص الذي سينجح في ذلك هو المهدي المنتظر). من خطاب ألقاه الخميني الهالك بمناسبة ذكرى مولد المهدي في 15شعبان 1400هـ ويقول أيضاً في خطاب ألقاه في ذكرى مولد الرضا الإمام السابع عند الشيعة بتاريخ 9/8/1984م: (إني متأسف لأمرين أحدهما أن نظام الحكم الإسلامي لم ينجح منذ فجر الإسلام إلى يومنا هذا، وحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يستقم نظام الحكم كما ينبغي). بل ويتهم الخميني النبي e بعدم تبليغ الرسالة كما ينبغي يقول في كتاب "كشف الأسرار" ص55: (وواضح أن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الاختلافات والمشاحنات والمعارك، ولما ظهرت خلافات في أصول الدين وفروعه). وقال أيضاً: في كتاب"كشف الأسرار" ص154: (وبالإمامة يكتمل الدين والتبليغ يتم). ويصف أئمتهم بقوله (لا يتصور فيهم السهو والغفلة) . "الحكومات الإسلامية" ص91. ويقول: (تعاليم الأئمة كتعاليم القرآن). "الحكومة الإسلامية" ص113. وينسب لهم صفة الألوهية فيقول: (فإن للإمام مقاماً محموداً وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرَّات الكون). أما الأنبياء فيصفهم بالعجز فيقول: (ونقول بأن الأنبياء لم يوفقوا في تنفيذ مقاصدهم وأن الله سبحانه سيبعث في آخر الزمان شخصاً يقوم بتنفيذ مسائل الأنبياء). يقصد بهذا الشخص إمامهم الغائب المُتسردب في سرداب أصغر من سرداب الفأر!. فبالله ماذا نقول للقرضاوي وهو يحاول التقريب بيننا نحن أهل السنة وبينهم أهل الرفض لدين الرب تبارك وتعالى؟! فيقول متساهلاً: (فإن منبع الخلاف بين السنة والشيعة هو موضوع الخلافة، ومن أحق بها بعد رسول الله e، فهو خلاف على أمور انتهت تاريخياً..) هكذا وكأن الخلاف فقط على أمر الخلافة، وأمرها – أي الخلافة- كما نراه بشطحاته وافتراءاته، ونحن نعرف أن الخلاف أكبر من ذلك ولا ينحصر في قضية واحدة، فالخلاف بيننا وبينهم جذري، ولو قلنا جدلا أنه فقط في الخلافة! فهل هذا الخلاف عصمهم عن باقي الخلافات الجذرية الأخرى، أم مدهم نفس هذا الخلاف إلى ما نراه في سائر مسائل العلم وأصوله وفروعه الغير معتبرة عن أهل السنة بحال على مر العصور، حتى لو وافقوا السنة في مسائل الإجماع، فخلافهم لا يُعتبر ولا كرامة، ولا يُذكر من جملة الموافقات الأخرى، فكيف بالخلافات والمخالفات؟!
([499] أما القرآن الكريم الذي }لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ{ فصِّلت:42 فهو محرف بالتواتر عندهم، حتى بلغت أحاديث الشيعة المُفتراة أكثر من ألفي حديث ذكرها عالمهم وعلمهم نعمة الله الجزائري، حتى أن كبير علمائهم (المفيد) الذي يلقبونه بركن الإسلام وآية الله الملك العلام (ت413) قال: (أقول إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد (ص) بالاختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان) "أوائل المقالات"ص98 المطبعة الحيدرية النجف، وقدم لهذا الكتاب عالمهم المعاصر الزنجاني الملقب بشيخ الإسلام. بل ونقل المفيد السالف الذكر في نفس المرجع ص51 أن الشيعة مجمعة على هذا فقال: (واتفقوا – أي الإمامية- على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي (ص) وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية) اهـ هكذا باعترافه بأنه مخالف لجميع الفرق. وقال الخميني في "كشف الأسرار ص114": (إن الذين لم يكن لهم ارتباط بالإسلام والقرآن إلا لأجل الرئاسة والدنيا، وكانوا يجعلون القرآن وسيلة لمقاصدهم الفاسدة، كان من الممكن أن يحرفوا هذا الكتاب السماوي في حالة ذكر اسم الإمام في القرآن، وأم يمسحوا هذه الآيات منه، وأن يلصقوا وصمة العار هذه على حياة المسلمين.) وهذه العقيدة يعتقدها المتقدمون والمعاصرون من الشيعة، وقد تقدم الكلام في هذا، فلا أطيل..
([500] أنظر "الحكومة الإسلامية" 20، 24، 52، 53، 113
([501] انظر "الرد على الرافضة"
([502] "تحرير الوسيلة"للخميني 1/79، 91، 116، 118، 119، 136، 146، 352... فأي تجاوب يريده أصحاب التيار الوسطي لما يقول شيخهم: (زرت إيران منذ أشهر، ووجدت تجاوباً طيباً، وحرصاً على التقريب بين المذاهب الإسلامية..) "مجلة الفجر" العدد24 شعبان 1419هـ فهل ملك القرضاوي حصافة الرأي في التعامل معهم، أم انخدع أصحابه ومؤيدوه بهذا الشعار الأجوف الذي يرفع شيخهم شعاره، أم هو تخدير للذين يجهلون حقيقة الشيعة ومقاصدهم؟؟!! فاللهم غُفْراً!
([503] ص513ط.عام 1389هـ هكذا يبيحون لأنفسهم عمل الذنوب والفجور من زنا ولواط وكذب وخداع، ثم إذا لعنوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما مُحيت عنهم الذنوب، ورُفعت لهم الدرجات.. فلعنة الله على الكفرة الفجرة عدد ما خلق. والغريب العجيب لما سُئِل القرضاوي في برنامج على قناة الجزيرة الفضائية من أحد المشاهدين في السويد يُدعى بأبي فاطمة: كيف للشيخ القرضاوي أن يواخي نفسه وبين الشيخ الشيعي الذين يسبون عائشة والصحابة؟ كيف تواخي بينهم وبين المسلمين الذين يجاهدون في سبيل الله؟! فرد الدكتور القرضاوي على سؤاله بقوله: (أنا أريد أن أقول للأخ: نحن لسنا في محاكمة للمذهب الشيعي أمام السنة أو العكس، نحن الآن نريد المصالحة، لا نريد أن نزيد النار اشتعالاً، الكلام الذي يقوله الأخ هو أيضاً في طريق التصعيد، نحن لا نريد التصعيد، الشيعة لنا انتقادات عليهم، ولكن ليس معنى هذا أنه ليس هناك موضوع للقاء، أنا أقول هناك موضع لقاء) اهـ هذا ما قاله القرضاوي بحرفه! فهو يريد التقريب على حساب النيل من عرض النبي e، ولكن العجب يزول عندنا لما علمنا أنه يريد أن يلاقي المسلمين مع اليهود والنصارى؛ لكون أن هناك موضع لقاء بيننا وبينهم، وأنه توجد بيننا وبينهم أصول مشتركة؛ فهم مسلمون في الحضارة والثقافة، وإن كانوا يختلفون معنا في العقيدة والطقوس.
[504]) انظر :كشف الأسرار" و"تحرير الوسيلة" له، حتى أنه في "تحرير الوسيلة" كفَّر الشيعة الذين لا يسبون الصحابة فقال: (غير الإثنى عشرية من فرق الشيعة إذا لم يظهر منهم نصب ومعاداة وسب لسائر الأئمة الذين يعتقدون بإمامتهم طاهرون، وأما مع ظهور ذلك منهم؛ فهم مثل سائر النَّواصِب.) ولم يكتف بذلك! بل وحكم على نفسه بالكفر في قوله في "كشف الأسرار" ص123: (إننا لا نعبد إلهاً يقيم بناءً شامخاً للعبادة والعدالة والتدين، ثم يقوم بهدمه بنفسه، ويجلس يزيداً ومعاوية وعثمان وسواهم من العتاة في مواقع الإمارة على الناس، ولا يقوم بتقرير مصير الأمة بعد وفاة نبيه.) فإله الخميني الذي يريد عبادته هو إله يلبي طلباته وأمانيه في الإمامة! وإلاَّ فلن يعبده..
([505] "الحكومة الإسلامية"128، وقد جلس مع الخميني الشيخ حسين الموسوي - التائب من التشيع- بعد أن تسلم الخميني زمام الأمور بعد آل بهلوي، فقال الخميني له: سيد حسين! آن الأوان لتنفيذ وصيا الأئمة صلوات الله عليهم، سنسفك دماء النواصب ونقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم، ولن نترك أحداً منهم يفلت من العقاب، وستكون أموالهم خالصة لشيعة أهل البيت، وسنمحو مكة والمدينة من وجه الأرض؛ لأن هاتين المدينتين صارتا معقل الوهابيين، ولا بد أن تكون كربلاء أرض الله المباركة المقدسة قبلة الناس في الصلاة، وسنحقق بذلك حلم الأئمة عليهم السلام، لقد قامت دولتنا التي جاهدنا سنوات طويلة من أجل إقامتها، وما بقي إلا التنفيذ. (انظر موقع "طريق الإسلام" في النت)
قال أبو ماجد عفا الله عنه وعن والديه وعن جميع المسلمين: إن الدكتاتوريات التي نراها لا شك أنها في زوال، والذي يبقى هو الإسلام بسلطته وسيادته دون تعددية ودون خرقاً لدستوره الذي لا يتغير؛ قرآن وسنة على فهم سلف الأمة، وهذا الدستور – إن صح التعبير باستخدامنا لهذه الكلمة- هو الذي بقي على مر العصور، لم تخرمه البدع ولا أي شيء من المحدثات، فكل البدع لم تبق محفوظة مع عظيم المنافحة عنها، فهي تندرس باندراس أصحابها، على العكس من الدين القويم؛ فهو باق وإن حاول الخلق بخيلهم ورجلهم على تغييره، وهذا مصداق قوله تعالى}إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{ (الحجر:9) فالذكر هو القرآن والسنة، وهما اللذان تكفل الله بحفظهما مهما كانت الظروف برجال قال الله عنهم: }مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً{ الأحزاب:23
([506] المرجع السابق 128
([507] فلا تستغرب بعدها إذا قلنا أن الخميني متعاون مع فرنسا وأمريكا، وحتى مع الشيطان؛ لتحريك الصِّراعات المذهبية والدينيَّة، التي هي مصلحة مشتركة بينهم!! وبالأخص فرنسا؛ فهي القريبة ميدانياً، فهي التي جعلت أرضها ميداناً للتآمر على صديقها الشاه، بحركات الخميني التي فجرها من خلال فرنسا!
[508]) 2/324ط.دار الكتاب العربي
([509] لا شك أننا نحن أهل السنة في مواجهة استراتيجية أوسع مما يُرى بالعين المجردة، فالاستراتيجية الحالية اليوم ترتكز على النظرية التي تريد إلغاء السنة وتحطيم نموها وفعالياتها، فالعدو المشترك اليوم يصرح بهذا دون أي رادع، فتصريحات أعيانهم تُذاع في كل مذياع صوتي ومرئي وقلمي، وسوف نورد هذا بالدليل لاحقاً في هذا الجزء من هذا القسم إن شاء الله تعالى.
[510]) وهو الذي ترحَّم عليه القرضاوي عفا الله عنا وعنه وتقدم الكلام في هذا.. ونحن لن نستغرب ولا نستبعد أن يحاول التيار الوسطي بأن يقرب بين المسلمين والهنادكة والبوذيين وكافة الأديان والمذاهب في العالم ويتَّحِد معهم بنفس الحجَّة الفجَّة التي حاول بها التقريب بيننا وبين اليهود والنصارى، ولو بحد أدنى نتفق معهم فيه! قد حاول هذا التيار المقاربة حتى مع الشيوعيين والرأسماليين، فلا نستغرب ولا نستشرق ولا نستبعد من تيار هذا حاله يكون هذا مآله!!.
([511] وهذا يدحض كل من زعم أو ادعى بأن الغرب الصليبي واليهود يناصبون إيران العداء، فهم أصحاب علاقات حميمة فيما بينهم، فلكل منهم مصالح استراتيجية وتسليحية عسكرية ضد العرب المسلمين من أهل السنة لتعطيل قدراتهم ككل، ولم يكن هذا خافياً على أحد البتة، فقد فاقت أيام الشاه أضعافاً مضاعفة، وهذا لا يخفى على مثل القرضاوي، فهو عالم بواقع المسلمين كما يدعي الكثير من المغفلين المنغلقين..
[512]) وقد تقدم الكلام في أن الرافضة اخترعت الفتوى ضد (سلمان رشدي) لينشغل الناس عن الانتصار السني على الشيوعي في أفغانستان..
([513] فالشيوعية لم تقتل إلا أهل السنة، ولم تقتل شيعياً واحداً، فالمؤامرة ضد الإسلام لا غير.. فأرجو من المسلمين أن يوسعوا صدورهم، فالكلام يطول في نقاشنا لهذا، ولو أردنا الاسترسال؛ لطال بنا المقام، فصبر جميل والله المستعان..
([514] وليست المحمدية..
([515] وقد تشيع الكثير من هذه القبائل على مدى قرنين من الزمان، والدعوة إلى التشيع في هذا الزمان تقوم على قدم وساق، والأسف الشديد على مثل هؤلاء الذين ينادون بالتقريب بين السنة والشيعة، وكأنهم يفكِّرون بعقل أكثر فراغاً من قلب أم موسى، فيا للحسرة من هؤلاء الخَسَرَة! وهناك دول تكاد أن تتحول أو تحولت إلى قوة سياسية واقتصادية إيرانية؛ يسيطر عليها الإيرانيون، فاللهم سلِّم سلم من التخطيط الرافضي الرهيب المرهب!!
[516]) انظر "معجم البلدان". قلت: وفي هذه الثورة أعاد الخميني مجزرة رافضية أخرى في الأحواز وكردستان وأذربيجان وبلوشستان وغيرها من الأماكن التي صدر إليهم ثورته، وهو في تلك الفترة كان يتوعد بفتح مكة والمدينة بزعمه، والأتباع لا يزالون يخططون لهذا المخطط، فأفيقوا يا من فكَّر بعواطفه دون عقله!
([517] انظر "عقائد الإمامية" للرافضي محمد رضا المظفر ص57 ط.دار الفريد، بيروت. قال الخميني في "الحكومة الإسلامية"80 عن فقهاء الرافضة: (هم الحجة على الناس كما كان الرسول e حجة عليهم، وكل من تخلَّف عن طاعتهم؛ فإن الله يؤاخذه ويحاسبه على ذلك، وعلى كلٍ فقد فوَّض الله إليهم جميع ما فوض إلى الأنبياء وأئمتهم على ما ائتمنوا عليه)
[518]) تصدير الثورة قد بدأ طور التنفيذ في خوض حرب الخليج الأولى، ثم أخذت طوراً جديداً بعد انهزامها، وهو طور الدسائس والكيد الخفي الذي يقوم بتقوية أحزابه السرية التابعة للثورة وإمدادها بالسلاح لتطوير جاهزيتها للانقضاض في الوقت المناسب، فمن الكيد الخفي أن تتبنى شعار التركيز على القضية الفلسطينية، وهذا ما نراه في قناة المنار بالذات كيف هي وكأنها هي القناة المهتمة بهذه القضية، وما ذلك الكيد إلا لتحقيق التعاطف الإسلامي للثورة الخمينية، وإلاَّ منحن نعلم من هم القتلة الحقيقيين للفلسطينيين، ونعلم من هم الذين استغلوا الحملة الصهيوصليبية وتآمروا معها في دخول أفغانستان والعراق، ونعلم أيضاً يقيناً أن الدولة الفارسية قد بدأت تتكون في وسط وجنوب العراق في ضمن حلف يشكل هلالاً يمتد من طهران إلى بنت جبيل في جنوب لبنان، أما عن البرنامج النووي الإيراني؛ فهو برنامج لا بد من تنفيذه وإكماله، فقد صار عقيدة شيعية! فنقلاً عن جريد الشرق الأوسط 3/11/2005م قالوا: (لأن هذه المسألة هي واحدة من الوسائل التي تهيئ لظهور المهدي وأثناء الحملة الانتخابية، من أجل دعم فوز أحمدي نجاد، كرر آية الله محمد تقي مصباح يزدي وهو من المتشددين أن المهدي اختار أحمدي نجاد وإنه لواجب ديني انتخابه.)
([519] انظر ردي على الداعية (عمرو خالد) في قوله أن النبي e فشل في الدعوة في أكثر من بضع وعشرين موضع في رسالة "الرد والنصيحة على من قال في عمرو خالد أنه داعية إسلامي"
([520] ولهم قناة تلفزيونية فضائية فضائحية فضحت عقيدتهم واتجاهاتهم؛ حيث أن مؤسسها ادعى أنه المهدي المنتظر، ثم ترقى إلى أن ادعى أنه المسيح عيسى ابن مريم، ثم ادعى النبوة. وقد رد عليه الشيخ إحسان إلهي ظهير في كتابه "القاديانية دراسات وتحليل" وبين عبادة القادياني (غلام أحمد) للإنجليز وعمالته لهم؛ فكشف قناعه، وأماط لثامه، وأبان عواره، وأظهر عورته، وأقام عليه الحجة بمنطوق لسانه؛ في غاية من الإبانة، ونهاية في الأمانة. وللشيخ إحسان رحمه الله ردود على البهائية والبابية والإسماعيلية والبريلوية والبهرة، أما الشيعة فله رحمه الله عدة مصنفات رد فيها عليهم بالحجة، وأقام عليهم المحجة. فلما لم يجد المبتدعة لهم حجة؛ قتلوه.
[521]) ماذا تقولون يا دعاة التقريب بعد ما رأيتم فتاوى الشيعة في أهل السنة، هل تأمنونهم؟ هل تثقون بهم؟ فإذا لم تفيقوا؛ فلتموتوا جميعاً بعقيدة ثابتة عند الرافضة ينتظرون تطبيقها في الواقع على أحر من الجمر..
[522]) قال أبو ماجد المستغفر لذنبه الفقير إلى عفو ربه: أنا لا أدعو الناس إلى القنوط من رحمة الله، ولا اليأس من روْح الله، فالعياذ بالله من هذا، ولكن التحذير واجب، وإلاَّ فأنا أعلم يقيناً أن الله ناصر أهل السنة، وهذا وعد الله وعهد من عنده، فسنن الله تعالى لا تتبدل، وقد قال e في الحديث المتفق عليه: ((إذا هلك كسرى أو ليهلكن كسرى، ثم لا يكون كسرى بعده، إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله))، ونحن نعلم يقيناُ أن قَسَمَ النبي e على المستقبل كان في مواضع كثيرة منها ما تحقق، ومنها ما نحن في انتظاره بإيمان ويقين، فالإيمان واليقين بحد ذاته نصر، كما أن المبادئ الحقة، والإرادة، والقدرة على ضبط النفس حين الأزمات، والاستفادة من دروس الهزيمة، والتخطيط للمستقبل على ضوء مرئيات الواقع وتوقع المستقبل؛ كلها نصر، فقد لا تبدو آثار النصر عاجلاً، ولكنها سوف تظهر ولو بعد حين، فكلما امتلأ الجو بالغبار وخيَّم البأس والإحباط؛ فلا بد للمسلم أن يتذكر قول الله تعالى: }ألا إن نصر الله قريب{، فنحن نثق بالله؛ فمهما بلغ كيد الأعداء ومكرهم، فكيد الله ومكره أعظم من مكرهم وكيدهم، فالأمة الإسلامية لها برجالها ونسائها وشبابها طاقات واستثمارات ذات يقين وإيمان وتجريد بالعبودية لله الواحد القهار، ونحن هنا نؤكد أن حتمية نهاية المشروع الصَّفَوي والصهيوصليبي العنصريان لا محالة، وإن تآمرا علينا، وأجمعا جميع ما عندهما من كيد وخيانة، فسيحدث الانفراج يوماً بإذن الله، وقد تكلمنا في هذا في أعلاه في كثير من ثنايا الكلام، فعلامات الساعة قد جاء أشراطها، وقدِّر لنا أن نعيش بعض إرهاصاتها في هذا الزمان، فنحن في هذا الزمان بين يدي حرب عظيمة، وفوضى هائلة، وإن هذا كله سيكون في صالح الإسلام في النهاية، ونحن عندما نرى التعاون الصَّفوي والصهيوصليبي؛ نجد أنهما مختلفان في الظاهر، وإن كانا متعاونين في الباطن في حقد دفين وسواد طوية على الإسلام وأهله السُّنِّيين، وهما وإن تعاونا على المسلمين في العراق وأفغانستان، فهما يختلفان في توزيع وتقسيم السرقة، وهذه هي بداية النهاية، وسيُهلك هذان الطاغيان في حربٍ على تقسيم السرقة، ويأتي لهذا الدين الفرج بإذن الله من حيث لا يحتسب أحد، والله أعلم، فالتاريخ الحتمي يعيد نفسه. فالله تعالى يولي الظالمين بعضهم بعضاً، ويسلطهم على من أعانهم، وينتصر الله لدماء المسلمين الموحدين في جميع أنحاء الأرض، فمهما قرَّب الصفيون دماء المسلمين قرباناً لنظامهم..
[523]) لو أن القضية هي مجرد خلاف بين السنة والشيعة في أمور اجتهادية، للزم منا تنحي هذا الخلاف جانباً، ونهتم بمناصرة الشيعة على اليهود، ولكن الخلاف بيننا وبينهم في حقيقته خلاف منظم يوظف التشيع في إبادة كل مسلم سني، ويمحو وجوده وثقافته وأصول عقيدته؛ تمهيداً لمؤامرات أخرى على الأمة لإقامة دولة شر من وطئت أقدامهم الحصى؛ فارس المجوسية الصفوية الإمبريالية العنصرية العدوانية، وإطلاق الإسلام عليها ما هو إلا تزييفا لحقيقة الإسلام، فدينهم دين آخر، وأهل السنة على مر العصور يعلمون أن الرافضة في شقّ والمسلمون في شق، ويعلمون أن الرافضة على مر العصور أعواناً لأعداء الإسلام عليه ويميلون معهم، فهم لم ولن يتغيروا أبد الآباد إلى أن يخرج آخرهم مع الدجال. قال e عنهم: ((يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)) فالرافضة هم كسائر الخارجين، فإنهم يستحلون دماء أهل القبلة أكثر مما يستحلون من دماء الكفار..لاعتقادهم أنهم مرتدون.
([524] في كتابه "كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار" تحت عنوان المتعة وما يتعلق بها وتناوَل قضية عدم اشتراط أن تكون المتمتَّع بها بالغة راشدة معتمد على "الكليني" في الفروع والطوسي في التهذيب..
([525] أنظر كتابه تحرير الوسيلة 2/241 – مسألة رقم 12.
([526] أنظر في ذلك "الإستبصار" لشيخ الطائفة الطوسي المجلد الثالث ص 147 حيث أورد تحت باب يجوز الجمع بين أكثر من أربع في المتعة ما يلي: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكر له المتعة أهي من الأربع؟ قال: تزوج منهن ألفاً فإنهن مستأجرات. وفي حديث آخر أنها لا تطلق ولا ترث ولا تورث إنما هي مستأجرة. أنظر التهذيب الجزء 2 ص 188 والكافي للكيليني الجزء 2 ص 43.
([527] الكافي الجزء 8 ص 338.
([528] "روضة الكافي" جزء 5/34.
([529] "رجال الكشي" ص 253.
([530] قوله عجل الله فرجه عقيدة شيعية ضالة ظالمة كفرية، إلا إذا اعتقد باعتقاد أهل السنة في المهدي، وقد بيناها في أعلاه فراجعها تزدد علماً وفهما لعقيدة أهل السنة..
([531] رجال الكشي ص 254.
[532]) قال أبو ماجد عفا الله عنه: إن كثيراً من أتباع المشايخ الصوفية ينسبون إلى مشايخهم الكذب المحال، أو ينقلون عنهم كلاماً يُعدُّ من المتشابه الذي إن دققته وحاققته رأيته إمَّا تأويلات أو مغالطات، فأغلبها لم تثبت عنهم، فإن ثبتت عنهم؛ فتراها بعد التدقيق والتفتيش غلطات وزلاَّت وأخطاء في تأويلات، وعامتها من كلام المتشبهين بالأولياء وليسوا من الأولياء، بل هم من الجاهلين الظالمين المعتدين أو المنافقين أو الكافرين، فتجدهم كثيراً ما يدَّعون الاختصاص بالأسرار والحقائق ما لا يدعي المرسلون، ويعتبرون هذا من خصائص خواصّهم الذين لا ينبغي أن يُقَابَلَ إلا بالتسليم، ويدَّعون أن هذه الدعاوى الباطلة إنما هي من ما قُذف في قلوبهم ووجدوه في وجدهم من الأسرار المخزونة والعلوم المَصونة التي تكون لخواص أولياء الله المتقين حتى وصل بهم الأمر إلى ادعاء الاتحاد والوحدة الوجودية، وغيرها الكثير من العقائد الكافرة برب البرية..
([533] أنظر "المقدمة" لابن خلدون ص619
[534]) مصباح الهداية ص1
([535] مصباح الهداية ص 142
([536] مصباح الهداية ص 142
[537]) مصباح الهداية ص 145
([538] من أجمع من قارن بين الرافضة واليهود والنصارى والمجوس (ابن شاهين) رحمه الله في كتابه "اللطف" ص492-503، وانظر "مختصر تحفة الإثني عشرية" ص299-300، و"الصراع بين الإسلام والوثنية" ص42، و"بذل المجهود فى إثبات تشابهه الرافضة لليهود" وقد تقدم الكلام في هذا في القسم السابق فراجعه..
[539]) مصباح الهداية ص 134
([540] مصباح الهداية ص 114
[541]) يصف ابن عربي بالشيخ الكبير في عدة مواضع في مصباح الهداية، ص 84، 94، 112 على سبيل المثال لا الحصر
([542] مصباح الهداية ص 123
([543] انظر ما دوِّن في القسمين الثاني والثالث السابقين عن أفكار اليهود والنصارى الوثنية ومصادر التلقي عندهما.. وصدق الشهرستاني لما قال في كتابه "الملل والنحل"2/10: (إنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية، والتناسخية، ومذاهب اليهود والنصارى.)
([544] انظر مصباح الهداية ص 148.
([545] مصباح الهداية ص148- 149
([546] مصباح الهداية ص 149 .
([547] مصباح الهداية ص 149 .
([548] انظر الحكومات الإسلامية ص 95.
([549] كشف الأسرار ص 30 .
([550] ص26
([551] 26/241
([552] رواه مسلم عن أبي هريرة في باب تفاضل أهل الإيمان
([553] رواه البخاري 6/350 في الفتح عن أبي هريرة في بدء الخلق
([554] رواه البخاري 3/217 عن ابن مسعود
([555] رواه مسلم في الفتن وأشراط الساعة
([556] 13/45 مع الفتح
([557] "الطبقات" لابن سعد4/12
([558] أخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله، الشرح 2/32 باب تفاضل أهل الإيمان
([559] رواه مسلم عن ابن عمر والشرح 2/176 باب إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ
([560] رواه مسلم والبخاري في المناقب عن ابن مسعود
[561]) رواه مسلم عن أبي هريرة باب تفاضل أهل الإيمان2/30
[562]) رواه البخاري في المناقب عن أبي هريرة 6/217 وقال: سُمِّيت اليمن لأنها على يمين الكعبة، والشام لأنها عن يسار الكعبة.
[563]) رواه الترمذي وأحمد وغيرهما وصححه الألباني في الصحيحة 503 في أكثر من عشر صفحات
([564] ذكر ذلك النووي في شرح مسلم 2/32، وقال الحافظ في الفتح: 13/470في كتاب الفتن: وتهامة من الغور ومكة من تهامة.
([565] ذكر ذلك القاري في المرقاة 5/649
([566] ذكر ذلك الشيخ عبد الحق الدهلوي في "اللمعات شرح المشكاة" وعنه في "المرقاة" 5/650
([567] قد تكلمنا كثيراً عن نجد السعودية التي هي نجد اليمامة، فنجد هذه هي نجد اليمن؛ لأن تهامة من اليمن، وتهامة من الغور الذي هو ضد نجد باتفاق جميع أهل اللغة وأهل الحديث، فكل بلاد مرتفعة ألحقت بتهامة هي نجد بالنسبة لها، لهذا جاء في الحديث المتفق عليه: (بعث النبي e خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يُقال له ثمامة بن أثال) صحيح البخاري مع الفتح8/88، وفي صحيح مسلم بلفظ: (بعث النبي e خيلاً نحو أرض نجد، فجاءت برجل يُقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة..) الحديث. فاتَّضَح من هذا بدون شك أن نجداً هي نجد اليمامة التي بين مكة واليمن، وليست نجد العراق، فمكة إذن من تهامة، وتهامة غور اليمن، فثبت بذلك بدون ريب أن نجد اليمامة هي نجد اليمن، وهي التي تُسمى الآن بنجد السعودية، فهي تقع جغرافياً بين مكة واليمن، فإذا كان ذلك كذلك؛ فهي تستحق البشارة النبوية؛ حيث دعا لها النبي e بقوله: ((اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا..)) فخص النبي e الشام واليمن في الدعاء، فمكة موضع مولد النبي e ونشأته، وهي من اليمن، والمدينة مسكنه ومدفنه وهي من الشام.. لا كما يزعمه الجُّهَّال الضلال الذين قرنوا قرونهم في الزلازل والفتن فذموا أهل التوحيد والإيمان الذين بشرهم النبي e بالبركة والإيمان.. وأنا أرجو من القراء الكرام بقراءة قصة ثمامة بن أثال في شرح البخاري لابن حجر، و"إرشاد الساري" 6/433، و"السيرة" لابن هشام 2/639 والله ولي التوفيق..
([568] وهنا نريد أن نذكر ما تيسر جمعه من الكتب التي ردَّت على الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من باب بيان من هم الذين ردوا عليه، وما الذي يريدون بردودهم - فشهادة الروافض والمتصوفة (ذوي التاريخ الأسود الملوث بخيانة الإسلام والمسلمين) ضد أي أحد هي في حقيقتها شهادة كمال له-:
1 ـ "نقض فتاوى الوهابية" لمحمد حسين كاشف الغطاء النجفي1294ـ 1373هـ طبع بالمطبعة العلوية/النجف 1345هـ . واعيد طبعها في شوال 1408هـ بتحقيق غياث طعمة
2ـ "آئين وهابيت" لجعفر السبحاني باللغة الفارسية. طبع في قم عامي 1984و 1985م
3ـ "الآيات الجلية في رد شبهات الوهابية" في جزئين. لمرتضى كاشف الغطاء، المتوفى سنة 1931م
-4 "وهابيت وريشه هاي آن" لنور الدين المدرس جهاردهي. طبع في طهران 1984م.
5ـ "الأجوبة النجدية عن الأسئلة النجدية" لأبي العون شمس الدين محمد بن أحمد ابن سالم، المعروف بابن السفاريني، النابلسي، الحنبلي، المتوفى سنة 1188هـ
6ـ "الأرض والتربة الحسينية" لمحمد حسين آل كاشف الغطاء النجفي 1294ـ 1373هـ
7ـ "إزاحة الغي في رد على عبد الحي باللغة الفارسية" . لعلي بن الحسن العسكري، المشهور بمشرف علي، المتوفى سنة نيف وأربعين ومائتين بعد الألف. رد فيه على كتاب«الصراط المستقيم» لعبد الحي
8ـ" إزاحة الوسوسة عن تقبيل الأعتاب المقدسة" لعبد الله بن محمد حسن المامقاني، المتوفى سنة 1351هـ المطبعة المرتضوية/ النجف 1345هـ طبع مع كتابه«مخزن اللآلي»
9ـ "إزهاق الباطل في الرد على الوهابية". لميرزا محمد بن عبد الوهاب آل داود الهمداني، الكاظمي، المتوفى سنة 1303هـ . كان ضمن مجموعة من رسائله في مكتبة السماوي ـ النجف
10ـ "الإسلام السعودي الممسوخ". لطالب الخرسان. نشر جماعة المدرسين في قم / 1409هـ
12ـ "الإسلام والوثنية السعودية" لفهد القحطاني طبع الطبعة الثانية في لندن 1406هـ .
13ـ" الاصول الاربعة في ترديد الوهابية" لمحمد حسن جان صاحب السرهندي، مجددي، المتوفى سنة 1346هـ. طبع في آمر تسر بالهند. وأعاد طبعه حسين حلمي بإسلامبول 1976م
14ـ "إظهار العقوق ممن منع التوسل بالنبي والولي الصدوق"للمشرفي المالكي الجزائري
15ـ "إعتراضات على ابن تيمية في علم الكلام". لأحمد بن إبراهيم السروطي الحنفي
16ـ "الأقول المرضيّة في الرد على الوهابية" لعطا الكسم الدمشقي الحنفي
17ـ "إكمال السنة في نقض منهاج السنة" لمهدي بن صالح الموسوي القزويني الكاظمي المعروف بالكيشوان المتوفى سنة 1358
18ـ "إكمال المنة في نقض منهاج السنة" لسراج الدين حسن بن عيسى اليماني اللكهنوي الشهير بالشيخ فدا حسين، المتوفى سنة 1353
19ـ "الإمامة الكبرى والخلافة العظمى في رد منهاج ابن تيمية الحنبلي الحراني". لحسن الحاج آغا مير القزويني الحائري، المتوفى سنة 1380هـ . في ثمانية أجزاء، طبع الاول منها في النجف 1377هـ .
20ـ "الانتصار للأولياء الأبرار" لطاهر سنبل الحنفي.
21 - "التوسل بالنبي والصالحين وجهلة الوهابيين ." لأبي حامد بن مرزوق الدمشقي الشامي. طبعه حسين حلمي بإسلامبول سنتي 1975 و 1984
22ـ "الإنصاف والانتصاف لأهل الحق من الإسراف" في الرد على ابن تيمية الحنبلي الحراني. تم تأليفه سنة 757هـ .
23ـ "إهداء الحقير معنى حديث الغدير إلى أخيه البارع البصير" لمرتضى بن أحمد الخسروشاهي. طبع في النجف 1353.
24ـ "الأوراق البغدادية في الجوابات النجدية" لإبراهيم الراوي، البغدادي، الرفاعي، رئيس الطريقة الرفاعية ببغداد. طبع في مطبعة النجاح / بغداد 1345هـ . واعاد طبعه حسين حلمي في تركيا 1976م .
25ـ اين است آئينه وهابيت فارسي. لابراهيم السيد علوي. طبع في طهران.
26ـ" بحوث مع أهل السنة والسلفية" لمهدي الحسيني الروحاني. رد فيه على مقالة لإبراهيم السليمان الجهمان. نشر: المكتبة الإسلامية ـ سنة 1399هـ = 1979م .
27ـ "براءة الشيعة من مفتريات الوهابية" لمحمد أحمد حامد السوداني.
28 ـ" البراءة من الاختلاف في الرد على أهل الشقاق والنفاق" لعلي زين العابدين السوداني . طبع بالسودان.
29ـ" البراهين الجلية في دفع شبهات الوهابية" . لمحمد حسن آغا مير القزويني الحائري، المتوفى سنة 1380هـ . وأعادت طبعه مطبعة الآداب / النجف 1382هـ. طبع بالمطبعة العلويّة / النجف 1346 . واعادت طبعه دار الغدير / بيروت 1394هـ .
30ـ "البراهين الجلية في ضلال ابن تيمية" لحسن الصدر الكاظمي، المتوفى سنة 1354هـ . وهو كتاب ضخم يدَّعي فيه أنه أقام الأدلة بشهادة علماء السنة الأشعرية، وحكمهم على الشيخ ابن عبد الوهاب بالزيغ، وزعم أنه أحصى سيئاته ومخالفاته لإجماع الأمة..
31ـ "البراهين الساطعة" لسلامة العزامي المتوفى سنة 1379هـ
32ـ "البصائر في رد الوهابين والماديين". باللغة الفارسية. لغلام نبي الله أحمد بن غلام أسد الله، المعروف بمجد الدولة. طبع بمطبعة الهداية في مدارس / الهند / 1295هـ
33ـ "البصائر لمنكري التوسل بأهل المقابر"لحمد الله الداجوي الحنفي الهندي طبعه حسين حلمي/إسلامبول 1975م .
34ـالبيت المعمور في عمارة القبور لعلي تقي بن أبي الحسن النقوي اللكهنوي الهندي المتوفى سنة 1408هـ . طبع بالهند 1345
35ـ "تاريخ آل سعود" لناصر السعيد.. طبع في بيروت، وأعيد طبعه بالاوفسيت في إيران .
36ـ" تاريخ الوهابية" لأيوب صبري باشا الرومي، صاحب "مرآة الحرمين"
37ـ "التبرك" لعلي الأحمدي الميانجي. يتعرض فيه إلى عقيدة الوهابيين بحرمة التبرك بآثار النبي e وغيره من الأولياء. طبع لأول مرة في بيروت وأعادت طبعه مؤسسة البعثة في طهران، سنة 1404هـ.
38ـ "تجديد كشف الارتياب" لحسن الامين.
39ـ "تجريد سيف الجهاد لمدعي الاجتهاد" لعبد الله بن عبد اللطيف الشافعي، وقد رد عليه في حياته. ذكره ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص 249. ويدعي الشيعة والصوفية أن عبد الله بن عبد اللطيف هو شيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب
40ـ "تحريض الأغنياء على الاستغاثة بالأنبياء والأولياء" لعبد الله بن إبراهيم مير غني، الساكن بالطائف. ذكره ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص 250.
41ـ "التحفة الإمامية في دحض حجج الوهابية" لمحمد حسن الحاج آغا مير القزويني الحائري، المتوفى سنة1380هـ
42ـ "التحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة" لتاج الدين عمر بن علي اللخمي المالكي الفاكهاني، المتوفى سنة 731هـ
43ـ "التحفة الوهبية في الرد على الوهابية" لداود بن سليمان البغدادي، النقشبندي الحنفي، المتوفى سنة 1299هـ
44ـ "تحليلي نوبر عقائد وهابيان" أي: تحليل جديد لعقائد الوهابين. لمحمد حسن الإبراهيمي. نشر: مكتب الإعلام الإسلامي بقم
45ـ "تطهير الفؤاد من دنس الاعتقاد" لمحمد بخيت المطبعي الحنفي، من علماء الأزهر. طبع في مصر 1318هـ . وأعاد طبعه حسين حلمي بإسلامبول 1405هـ.
46ـ "تهكم المقلدين بمن ادعى تجديد الدين" لمحمد بن عبد الرحمن الحنبلي وادعى أنه رد فيه على الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كل مسألة من المسائل بأبلغ رد . ذكره ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص 249.
47ـ "التوسّل" للمفتي محمد عبد القيوم القادري الهزاري. طبع حسين حلمي بإسلامبول / تركية 1984م .
48ـ "التوسل بالموتى" طبع بتركية 1976م.
49ـ. ـ "اتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان" لأحمد بن أبي الضياف.
50ـ "التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق على محمد بن عبد الوهاب" . لعبد الله أفندي الراوي. مخطوط في جامعة كمبردج / لندن باسم رد الوهابية . ومنه نسخة في مكتبة الأوقاف بغداد. دائرة المعارف الشيعية، للأمين12/97.
51ـ "ثامن شوال" لعبد الرزاق الموسوي المقرم، المتوفى سنة 1391هـ. بحث فيه عن الحوادث التي وقعت في ذلك اليوم من سنة 1343هـ، من هدم القبور في البقيع في المدينة النبوية، ويرد على فتوى ابن بليهيد الذي أمر بذلك، ويسمي البليهيد بالأبلة ويدعي أنه فضح أتباع الشيخ ابن عبد الوهاب
52ـ "وهابيها بالفارسي لإبراهيم السيد علوي. طبع في طهران.
. 53ـ "جلال الحق في كشف أحوال أشرار الخلق" لإبراهيم حلمي القادري السكندري مطبوع في الإسكندرية مصر1355هـ
54ـ" الجوابات" لابن عبد الرزاق الحنبلي، من الزبارة . قال الضال المضل علوي ابن الحداد: رأيت جوابات للعلماء الأكابر من المذاهب الأربعة، من أهل الحرمين الشريفين، والأحساء والبصرة وبغداد وحلب واليمن وبلدان الإسلام نثراً ونظماً. انظر:«التوسل بالنبي» لا بن مرزوق .
55 "جوابات الوهابيين" لمحمد حسين بن كاظم بن علي بن أحمد الموسوي، الكيشوان النجفي، المتوفى سنة 1356هـ
56ـ "جواز إقامة العزاء لسيد الشهداء" لعلي بن دلدار علي النقوي اللكهنوي الهندي، المتوفى سنة 1259هـ.
57ـ "جواز العزاء" للحسين بلغة الاردو. لظفر حسن الامروهي. مطبوع
58ـ "جواز لعن يزيد أشقى بني أمية" لهادي بن عباس آل كاشف الغطاء، المتوفى سنة 1361هـ.
59ـ "حسن المقصد في عمل المولد" لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911هـ . رسالة في تحسين عمل المولد النبوي، كتبها رداً على من أفتى بتحريم ذلك وابتداعه. نشر: مؤسسة البلاغ ـ بيروت، سنة 1407هـ، بتحقيق محمد سعيد الطريحي.
60ـ "الحسينية في إثبات حلية التشبيه في عزاء الحسين عليه السلام". للميرزا أبي القاسم ابن الميرزا كاظم الموسوي الزنجاني، المتوفى سنة 1292هـ. يوجد عند أحفاده بزنجان ـ إيران
61ـ "الحقائق الإسلامية في الرد على المزاعم الوهابية بأدلة الكتاب والسنة النبوية". لمالك بن محمود، مدير مدرسة العرفان بمدينة كوتبالي بجمهورية مالي الأفريقية. طبع عام 1403هـ وأعاد حسين حلمي طبعه في إسلامبول سنة 1405هـ
62ـ "الحق المبين في الرد على الوهابيين" لأحمد سعيد السرهندي النقشبندي .
63ـ "الحق اليقين" ليوسف الفقيه الحاريصي العاملي. طبع سنة 1345هـ
64ـ "الحقيقة الإسلامية في الرد على الوهابية" . لعبد الغني بن صالح حمادة. إدلب، سنة 1894م .
65ـ "خير الحجّة" في الردّ على ابن تيميّة في العقائد. لأحمد بن الحسين بن جبريل، شهاب الدين الشافعي
66ـ "مصباح الأنام وجلاء الظلام في رد شبه البدعي النجدي التي أضل بها العوام". لعلوي بن أحمد الحداد المتوفى سنة 1222هـ. طبع بالمطبعة العامرة بمصر 1325هـ. وذكره ابن مرزوق في «التوسل بالنبي»
67ـ "دفع شبه من شبه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد" لتقي الدين أبي بكر الحصني الدمشقي، المتوفى سنة 829هـ. طبع بمطبعة دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي / القاهرة 1350هـ. وهو رد على ابن تيمية رحمه الله في الأسماء والصفات والتوسل بأهل القبور.
68ـ "الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية". لعلي بن عبد الكافي، معاصر ابن تيمية. رد عليه في حياته وبعد وفاته بعدة مصنفات .
69ـ "الدرة المضيئة في الرد على ابن تيمية" . لمحمد بن علي الشافعي الدمشقي، كمال الدين المعروف بابن الزملكاني.
70ـ "الدرر السنية في الرد على الوهابية" لأحمد بن زيني دحلان المفتي الشافعي هدية العارفين طبعه حسين حلمي/إسلامبول 1976م
71ـ "الدر الفريد في العزاء على السبط الشهيد" للميرزا علي ابن الميرزا محمد حسين الحسيني المرعشي الشهرستاني الحائري، المتوفى سنة 1344هـ. مطبوع
72ـ "الدر المنيف في زيارة أهل البيت الشريف" لأحمد بن أحمد المصري ألفه سنة
73ـ "دعوى الهدى إلى الورع في الأفعال والفتوى" في رد فتاوى الوهابيين بهدم البقاع المحترمة. للعلامة لمحمد جواد البلاغي، المتوفى سنة 1352هـ طبع في النجف في المطبعة الحيدرية، سنة 1344هـ= 1925م
" 74الدعوة الحسينية إلى مواهب النبي السنية في إثبات استحباب البكاء على الحسين عليه السلام حسب الموازين الشرعية". لمحمد باقر الهمداني
75ـ "دعوة الحق إلى أئمة الخلق" لمحمد هادي بن البجستاني الخراساني الحائري المتوفى سنة 1368هـ في مجلدين طبع الاول منه في بغداد في مطبعة النجاح . والثاني مخطوطة أعدّه للطبع سبط المؤلف محمد جواد الحسيني الجلالي/ قم
76ـ "دليل واقعي در جواب وهابي" بالفارسية. لحسين عرب باغي. طبع بايران
77ـ "رد على ابن تيمية" لأحمد بن محمد الشيرازي، أبو القاسم كمال الدين
78ـ "الرد على ابن تيمية" في الاعتقادات لمحمد حميد الدين الحنفي الدمشقي الفرغاني
79ـ "الرد على ابن تيمية في مسألة الطلاق". لعيسى بن مسعود المنكلاتي
80ـ "رد على الشيخ ابن تيميّة". لنجم الدين بن أبي الدر البغدادي
81ـ "الردّ على الصنعاني الذي مدح ابن عبد الوهاب" للطباطبائي البصري. رد عليه بقصيدة جاء بعضها في "سعادة الدارين". وقال ابن مرزوق الضال المضل في "التوسل بالنبي": وسهام هذه القصيدة العمانية هي التي أرجعت الصنعاني إلى كتيبة أهل الحق
82ـ "الرد على ابن عبد الوهاب" لإسماعيل التميمي المالكي التونسي، المتوفى سنة 1248هـ .. ذكره ابن مرزوق في "التوسل بالنبي"
83ـ "رد على ابن عبد الوهاب" لأحمد المصري الاحسائي. ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي
84ـ "رد على ابن عبد الوهاب" لعبد الله بن عيسى المويسي. ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي
85ـ "رد على ابن عبد الوهاب" لبركات الشافعي، الأحمدي، المكي. ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي
86ـ "الرد على ابن عبد الوهاب" لمحمد بن عبد اللطيف الأحسائي. ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي
87ـ "الردّ على المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد" لابن الجوزي، المتوفى سنة 597هـ. طبع في بيروت سنة 1403هـ = 1983م . بتحقيق محمد كاظم المحمودي.
88ـ "الردود على محمد بن عبد الوهاب" لصالح الفلابي المغربي. قال علوي بن الحداد الضال المضل: كتاب ضخم فيه رسالات وجوابات كلها من العلماء أهل المذاهب الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، يردون على محمد بن عبد الوهاب بالعجب. انظر: «التوسل بالنبي» لابن مرزوق.
89ـ "الرد على المشبهة في قوله تعالى: ( الرحمن على العرش استوى ) (للقاضي بدر الدين ابن جماعة محمد بن إبراهيم الشافعي، المتوفى سنة 733هـ
90ـ "الرد على منكري الحسن والقبح" لأبي المكارم حمزة بن علي.
91ـ "الرد على الوهابية" لصالح الكواش التونسي
92ـ "الرد على الوهابية" لمحمد صالح الزمزمي الشافعي، إمام مقام ابراهيم بمكة المكرمة. ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي
93ـ" الرد على الوهابية" لهادي بن عباس بن علي آل كاشف الغطاء، المتوفى سنة 1361هـ. موجود في مكتبته بالنجف .
94ـ "الرد على الوهابية" لإبراهيم بن عبد القادر الطرابلسي الرياحي التونسي المالكي من مدينة تستور المتوفى سنة1266هـ
95ـ "الرد على الوهابية" لمهدي الأصفهاني. مطبوع
96ـ "الرد على الوهابية" لإبراهيم بن عبد القادر الرياحي التونسي المالكي
97ـ "الرد على الوهابية" لعبد المحسن الاشيقري الحنبلي. مفتي مدينة الزبير بالبصرة
98ـ "الرد على الوهابية" لمحمد جواد البلاغي، المتوفى سنة 1352هـ
99ـ "الرد على الوهابية" لمحمد بن محمود الحسيني اللواساني، المعروف بالعصار، المتوفى سنة 1356هـ
100ـ "الرد على محمد بن عبد الوهاب" لمحمد بن سليمان الكردي الشافعي، ويدعون أن هو أحد مشايخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ذكر ذلك ابن مرزوق في التوسل بالنبي . وانظر: "خلاصة الكلام في بيان أمراء البلد الحرام 2 / 260، طبع مصر
101ـ "الرد على الوهابية" لمحمد علي الاورودبادي بن أبي القاسم النجفي. طبع سنة 1345هـ
102ـ "الرد على الوهابية" لمهدي بن محمد علي الاصفهاني، ولد 1298هـ.
103ـ "الرد على الوهابية" لعمر المحجوب. مخطوط بدار الكتب الوطنية / تونس، برقم 2513. ومصورتها في معهد المخطوطات العربية/ القاهرة.
104ـ "الرد على الوهابية في تحريهم بناء القبور". لعبد الكريم الزين، المتوفى سنة 1360هـ.
105ـ "الرد على فتاوى الوهابيين" لحسن الصدر الكاظمي، المتوفى سنة 1354هـ. طبع لاول مرة في بغداد سنة 1344هـ. وثانياً في لكهنو الهند 1354هـ مصدرة بترجمة المؤلف بقلم السيد علي نقي اللكنهوي الهندي.
106ـ "الرد على محمد بن عبد الوهاب" لإسماعيل التميمي المالكي التونسي ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي ص215.
107ـ "رد الفتوى بهدم قبور الأئمة في البقيع" لمحمد جواد البلاغي، المتوفى سنة 1352هـ. مطبوع
108ـ "رد وهابي" للمفتي محمود بن المفتي عبد القيوم. طبع حسين حلمي/ إسلامبول 1401هـ.
109ـ "الردود الستة على ابن تيمية في الإمامة" لعبد الله بن أبي القاسم البلادي البوشهري. مطبوع.
110ـ "رسالة في الرد على الوهابية" لقاسم أبي الفضل المحجوب المالكي. ضمن «إتحاف أهل الزمان » لأحمد بن الضياف. ذكره البكري، ص 16.
111ـ "رسالة في جواز التوسل" في الرد على محمد بن عبد الوهاب لمفتي فاس مهدي الوازناني . ذكرها ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص 252.
112ـ "رسالة في حكم التوسل بالانبياء والأولياء" لمحمد حنين مخلوق. مطبوعة.
113ـ "رسالة في الرد على ابن تيمية في التجسيم والاستواء والجهة" لشهاب الدين أحمد بن يحيى الكلابي الحلبي، المتوفى سنة 733.
114- "نقد وتحليلي بيرامون وهابيكري" الدكتور همايون همتي. منظمة الإعلام الإسلامي ـ طهران، سنة 1367هـ ش
115ـ" الرسالة الردية على الطائفة الوهابية" لمحمد عطاء الله المعروف بعطا الرومي، من كوزل حصار
116 ـ رسالة في تحقيق الرابطة لخالد البغدادي طبع ضمن «علماء المسلمين والوهابيون» في إسلامبول 1973م
. 117ـ رسالة في مسألة الزيارة في الرد على ابن تيمية. لمحمد بن علي المازني. معجم المؤلفين 11/ 31.
118ـ "الرسالة المرضية في الرد على من ينكر الزيارة المحمدية" لمحمد السعدي المالكي
119ـ "رسالة مسجعة محكمة لصالح الكواش التونسي. ذكرها ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص251.
120ـ "سبيل النجاة عن بدعة أهل الزيغ والضلالة" للقاضي عبد الرحمن قوتي. طبع بتركية ـ إسلامبول 1985م
121ـ "سعادة الدارين في الرد على الفرقتين: الوهابية ومقلدة الظاهرية". في مجلدين. لإبراهيم بن عثمان بن محمد السمنودي المنصوري المصري. مطبوع في مصر سنة 1320هـ
122ـ "رسالة في هدم المشاهد" لأبي تراب الخونساري، المتوفى سنة 1346هـ
123ـ "السياسة الدينية لدفع الشبهات على المظاهرات الحسينية". لعبد المهدي بن إبراهيم آل المظفر. طبع في النجف.
124ـ "السيف الباتر لعنق المنكر على الأكابر" لعلوي بن أحمد الحداد، المتوفى سنة 1222هـ. وذكره ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص 250. قال أبو ماجد: وقد بينت حاله في ردي على الجفري المشرك..
125ـ "سيف الجبار المسلول على أعداء الأبرار" لشاه فضل رسول القادري طبع في الهند وأعاد طبعه حسين حلمي في إسلامبول 1979م .
126ـ "سيف حسيني في الرد على من حرم عزاء الحسين"، بلغة الأردو لبعض علماء الهند المتأخرين. طبع في الهند.
127ـ" السيف الحيدري في جواز تقبيل ضريح الحسين بن علي". بالفارسية. لولايت علي بن غلام رسول أكبر فوري. رد فيه على «الصراط المستقيم» لعبد الحي
128ـ "السيف الصقيل" في رد ابن تيمية وابن القيم الجوزية. لتقي الدين السبكي. طبع في مصر مع تكملته لمجد زاهد الكوثري.
129ـ "السيف الهندي في إماتة طريقة النجدي" لعبد الله بن عيسى الصنعاني اليمني
130ـ "السيوف الصقال في أعناق من أنكر على الأولياء بعد الانتقال" ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي ص250
131ـ" السيوف المشرفية لقطع أعناق القائلين بالجهة والجسمية" لعلي بن محمد الميلي الجمالي التونسي المغربي المالكي
132ـ "شبهات الوهابية" لحسن بن أبي المعالي. مطبوع في النجف.
133ـ" الشعائر الحسينية" لمحمد حسين بن الشيخ محمد آل المظفر النجفي، المتوفى سنة 1381هـ. طبع بمطبعة النجاح في بغداد، سنة 1348.
134ـ "الشعائر الحسينية في العراق" باللغة الإنكليزية . لطامس لائل. عربه علي نقي بن الحسن اللكهنوي الهندي.
135ـ "الشيعة والوهابية" لمهدي بن صالح القزويني الكاظمي، نزيل البصرة، المتوفى سنة 1358هـ
136ـ "شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام" لأبي الحسن علي تقي الدين السبكي الشافعي، طعن في الإمام ابن تيمية وقال له: المبتدع
137ـ "شواهد الحق في التوسل بسيد الخلق" ليوسف بن إسماعيل النبهاني، رئيس محكمة الحقوق في بيروت. طبع مع «علماء المسلمين والوهابيون» في إسلامبول 1973م .
138ـ شؤون الشيعة والوهابية لمحمد مهدي القزويني الكاظمي، المتوفى سنة 1358هـ . مطبوع في النجف
139ـ "الصارم الهندي في عنق النجدي" لعطاء المكي. ذكره ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص 250.
140ـ "صدق الخبر في خوارج القرن الثاني عشر" في إثبات أن الوهابية من الخوارج. لعبد الله بن حسن باشا بن فضل باشا العلوي الحسيني الحجازي، أمير ظفار. طبع باللاذقية
141ـ "الصراط المستقيم في استحباب العزاء لسيد الشهداء" باللغة الكجراتية لغلام علي البهاونكري الهندي
142ـ "صفحة عن آل سعود الوهابيين وآراء علماء السنة في الوهابية" لمرتضى الرضوي طبع بطهران سنة 1408هـ. وترجمه برادر ضيائي إلى اللغة الفارسية بعنوان «بركي از جنايات وهابيها» وصدر عن منظمة الإعلام الإسلامي في طهران.
143ـ "صلح الإخوان في الرد على من قال على المسلمين بالشرك والكفران" لداود بن سليمان النقشبندي البغدادي، المتوفى سنة 1299هـ.
144ـ "الصوارم الماضية لرد الفرقة الهاوية وتحقيق الفرقة الناجية في الإمامة "لمحمد المهدي بن الحسن القزويني الحلي، المتوفى سنة 1300هـ
145ـ "الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية" لسليمان بن عبد الوهاب أخ الشيخ محمد بن عبد الوهاب المزعوم طبع في بومباي سنة 1306. وأعاد طبعه حسين حلمي في إسلامبول 1379هـ = 1979م .
146ـ "صواعق محرقة في علائم الظهور" وهو رد على الوهابية في تخريب البقاع المتبركة. بالفارسية. لأبي الحسن بن محمد الدولت آبادي المرندي النجفي. طبع في طهران، سنة 1334 شمسية
147ـ "الصواعق والرعود" لعفيف الدين عبد الله بن داود الحنبلي. لخصه محمد بن بشير، قاضي رأس الخيمة. ذكره ابن مرزوق في«التوسل بالنبي» ص 49.
148ـ "ضلالات الوهابية" حسين حلمي في إسلامبول 1976م.
149ـ "ضياء الصدور لمنكر التوسل بأهل القبور" لظاهر شاه ميان الهندي طبعه حسين حلمي في إسلامبول سنة 1406
150ـ "العقائد الصحيحة في ترديد الوهابية النجدية" للخواجة حافظ محمد حسن خان السرهندي طبع في آمر تسر الهند عام 1360هـ. وأعاد طبعه حسين حلمي في إسلامبول 1398هـ.
151ـ "العقائد التسع" لأحمد بن عبد الأحد الفاروقي الحنفي النقشبندي. طبع مع «علماء المسلمين والوهابيون» في إسلامبول 1973م .
152ـ "عقد نفيس في رد شبهات الوهابي التعيس" لإسماعيل أبي الفداء التميمي التونسي، الفقية المؤرخ
153ـ "العقود الدرية" منظومة شعرية في الرد على الوهابية. من نظم محسن الأمين العاملي الشامي. طبعت مع كتابه «كشف الإرتياب».
154ـ "علماء المسلمين والوهابيون" جَمَعَهُ حسين حلمي ايشيق، وطبعه في مكتبته بإسلامبول سنة 1973م. مجموع من خمس رسائل في الرد على الوهابية، وهي:
1ـ الميزان الكبرى، لعبد الوهاب الشعراني المصري.
2ـ شواهد الحق، ليوسف بن إسماعيل النبهاني، رئيس محكمة الحقوق في بيروت ـ لبنان .
3ـ العقائد النسفي، لعمر بن محمد الحنفي .
4ـ من معرب المكتوبات، لأحمد بن عبد الأحد الفاروقي الحنفي النقشبندي.
5ـ رسالة في تحقيق الرابطة، لخالد النقشبندي.
155ـ "غفلة الوهابية عن الحقائق الدينية" لمهدي القزويني الكاظمي.
156ـ "غوث العباد ببيان الرشاد" لمصطفى الحمامي المصري مطبوع ذكره ابن مرزوق في التوسل بالنبي ص253
157ـ "فتنة الوهابية" لأحمد بن زيني دحلان المتوفى سنة 1304هـ مفتي الشافعية بالحرمين والمدرس بالمسجد الحرام بمكة وهو مستخرج من كتابه الفتوحات الإسلامية المطبوع بمصر سنة 1354هـ أعاد طبعه حسين حلمي في إسلامبول 1975م وترجمه الدكتور همايون همتي إلى اللغة الفارسية بعنوان «فتنة وهابيت» وصدر عن منظمة الإعلام الإسلامي ـ طهران .
158ـ "الفجر الصادق في الرد على منكري التوسل والكرامات والخوارق" لجميل صدقي الزهاوي الافندي البغدادي. وأعاد في مصر بمطبعة الواعظ عام 1332هـ. وأعاد طبعه حسين حلمي في إسلامبول 1396و 1406.
159ـ "فرقان القرآن بين جهات الخالق وجهات الأكوان" لسلامة العزامي القضاعي الشافعي. رد فيه على المثبتين لأسماء الله وصفاته منهم ابن تيمية وابن عبد الوهاب. طبع بمصر باهتمام محمد أمين الكردي في مقدمة كتاب«الأسماء والصفات» للبيهقي . وأعادت طبعه دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
160ـ" فرقة وهابي وباسخ به شبهات آنها" باللغة الفارسية. ترجمة كتاب «البراهين الجلية» لحسن الحاج آغا مير القزويني الحائري. ترجمه الشيخ علي دواني مع مقدمة. طبع بطهران
161ـ "فصل الخطاب في الرد على محمد بن عبد الوهاب" لسليمان بن عبد الوهاب أخ محمد بن عبد الوهاب المزعوم، وهذا أول كتاب ألف رداً على عقيدة شيخ الإسلام السلفية
162ـ "فصل الخطاب في ضلالات ابن عبد الوهاب" لأحمد بن علي البصري، الشهير بالقباني التوسل بالنبي لابن مرزوق 250
163ـ "فصل الخطاب في نقض مقالة ابن عبد الوهاب" لمحمد بن عبد النبي النيسابوري الأخباري المتوفى سنة1232هـ
164ـ "الفصول المهمة في مشروعية زيارة النبي والأئمة" لمهدي الساعدي العماري النجفي
165ـ "فضل الذاكرين والرد على المنكرين". لعبد الغني حمادة. طبع في سوريا/ إدلب سنة 1391هـ.
166ـ" فلسفة عزاداري" بالفارسية. لغلام حسين بن محمد ولي. مطبوع
167ـ "قاعدة أهل الباطل بدفع شبهات المجادل" فيه الرد على من حرم إقامة عزاء الحسين لعلي بن عبد الله البحراني، ألفه سنة 1305هـ. طبع في الهند 1306هـ.
168ـ "قصيدة في الرد على الصنعاني في مدح ابن عبد الوهاب" من نظم ابن غلبون الليبي، عدة ابياتها أربعون بيتاً،
مذكور في «سعادة الدارين» انظر: «التوسل بالنبي» لابن مرزوق.
169ـ "قصيدة في الرد على الصنعاني الذي مدح ابن عبد الوهاب" من نظم مصطفى المصري البولاقي، عدة أبياتها 126 بيتاً
مذكور في «سعادة الدارين » كما في «التوسل بالنبي» لابن مرزوق.
170ـ "قصيدة في الرد على ابن عبد الوهاب" من نظم السيو المعمي يزعم فيها أن ابن عبد الوهاب قتل جماعة لم يحلقوا رؤوسهم، مطلعها: أفي حلق رأسي بالسكاكين والحديد حديث صحيح بالأسانيد عن جدي انظر: «التوسل بالنبي»
171ـ "قصيدة في رد الوهابية" لعبد العزيز القرشي العلجي المالكي الاحسائي، عدة أبياتها، 95 بيتاً
172ـ" قيام العرش السعودي" لناصر الفرج
173ـ "كشف الارتياب في رد عقائد ابن الوهاب" لمحسن الأمين العاملي الشامي، المتوفى سنة 1372هـ. طبع في صيدا، وبيروت. ورتبه ابنه مع مقدمة مفصلة بعنوان «تجديد كشف الارتياب»
174ـ "كشف النقاب عن عقائد ابن عبد الوهاب" لعلي نقي النقوي اللكهنوي الهندي، المتوفى سنة 1409هـ. طبع المطبعة الحيدرية، النجف 1346
175ـ "كفر الوهابية" لمحمد علي القمي الكربلائي الحائري، المتوفى سنة 1381هـ. المطبعة الحيدرية/النجف 1927م
176ـ "الكلمات التامات في المظاهر العزائية". للميرزا محمد علي الاردوبادي، المتوفى سنة 1380هـ.
177ـ "الكلمات الجامعة حول المظاهر القرآنية" للميرزا محمد علي الاردوبادي النجفي المتوفى سنة1380هـ
178ـ "لفحات الوجد من فعلات أهل نجد" في الرد على عقيدة أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب. لمحسن بن عبد الكريم بن إسحاق، المتوفى سنة 1266هـ. مخطوط في جامع الغربية
179ـ "المدارج السنية في رد الوهابية" عامر القادري، معلم بدار العلوم القادرية ـ كراجي، الباكستان. طبع عام 1977وأعاد طبعه حسين حلمي في إسلامبول، سنة 1978م.
180ـ "مذكرات مستر همفر" الجاسوس الإنكليزي في الشرق الأوسط ترجمه إلى العربية الدكتور ج.خ طبع سنة 1973م
181ـ "المسائل المنتخبة" للقاضي حبيب الحق بن عبد الحق. طبع في تركيا سنة 1406هـ.
182ـ "المشاهد المشرفة والوهابيون" لمحمد علي السنقري الحائري، المتوفى سنة 1354هـ. طبع بالمطبعة العلوية/النجف 1345هـ
183ـ "مع الوهابيين في خططهم وعقائدهم" لجعفر السبحاني ترجمة: إبراهيم اركوازي. طبع في طهران، الإرشاد الإسلامي، سنة 1986م.
185ـ "المقالات الوفية في الرد على الوهابية" لحسن قزبك. مطبوع ذكره ابن مرزوق في «التوسل بالنبي» ص253
186ـ "المقالة المرضية في الرد على ابن تيمية" لقاضي قضاة المالكية، نقي الدين بن عبد الله محمد الاقناني.
187ـ "مكة" لمحمد هادي الأميني. نشر: مكتب نشر العلم والأدب ، طهران/ 1408هـ.
188ـ "المناهج الحائرية في نقض كتاب الهداية السنية" لمحمد حسن الحاج آغا مير الموسوي القزويني الحائري، المتوفى سنة 1380هـ
189ـ "المنح الالهية في طمس الضلالة الوهابية" لإسماعيل التميمي التونسي مخطوط بدار الكتب الوطنية في تونس، رقم 2780، ومصورتها في معهد المخطوطات العربية/ القاهرة ذكره أحمد بن أبي الضياف في«إتحاف أهل الزمان»انظر: «الوهابية» للبكري ص39
190ـ "المنحة الوهبية في الرد على الوهابية" لداود بن سليمان النقشبندي البغدادي، المتوفى سنة 1299هـ. طبع في بومباي سنة 1305هـ. وأعاد طبعه حسين حلمي في إسلامبول 1978م
191ـ "منهج الرشاد لمن أراد السداد" لجعفر كاشف الغطاء الكبير. طبع في النجف المطبعة الحيدرية سنة 1343هـ
192ـ "من معربات المكتوبات" لأحمد بن عبد الاحد القادري النقشبندي الحنفي. طبع مع «علماء المسلمين والوهابيون» في إسلامبول 1973م.
193ـ "منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية". لمهدي بن صالح الموسوي القزويني الكاظمي، المعروف بالكيشوان، المتوفى سنة 1358هـ. طبع في جزءين في النجف 1347هـ
194ـ "منظومة في الرد على الوهابية "في 1500 بيت لعبد الحسين الخيامي العاملي، المتوفى سنة 1375هـ
195ـ "المواسم والمراسم في الإسلام" لجعفر مرتضى العاملي وهو حول مشروعية ومحبوبية إقامة مراسم الاحتفال في الأعياد أو مظاهر الحزن في الماتم. أعادت طبعه للمرة الثانية منظمة الإعلام الإسلامي ـ طهران.
196ـ "المواهب الرحمانية والسهام الأحمدية في نحور الوهابية" لأحمد الشيخ داود
197ـ "الميزان الكبرى" لعبد الوهاب البصري. طبع مع «علماء المسلمين والوهابيون » في إسلامبول 1973م
198ـ "نبذة من السياسة الحسينية" لمحمد حسين آل كاشف الغطاء (1294ـ1373هـ) . طبع لأول مرة في المطبعة الحيدرية في النجف سنة 1368هـ. وأعادت طبعه مؤسسة دار الكتاب في قم.
199ـ "نجم المهتدين برجم المعتدين" فيه رد على اابن تيمية وابن عبد الوهاب. للفخر ابن المعلم القرشي.
200ـ . 201ـ "النقول الشرعية في الرد على الوهابية" لمصطفى بن أحمد الشطي الحنبلي، الدمشقي طبع في إسلامبول 1406ذكره البكري، ص 23و40.
202ـ "الهادي في جواب مغالطات الفرقة الوهابية رد على «كشف الشبهات» لمحمد بن عبد الوهاب. لمحمد الفارسي الحائري الدليمي . مطبوع بالمطبعة العلوية/ النجف 1346هـ
203ـ "الهدية السنية في إبطال مذهب الوهابية" لمحمد حسن الحاج آغا مير القزويني الموسوي الحائري، المتوفى سنة1380هـ
204ـ "هذي هي الوهابية" لمحمد جواد مغنية العاملي، المتوفى سنة 1400هـ. طبع في بيروت. واعيد طبعه في طهران 1987م. 205ـ "هكذا رأيت الوهابيين" لعبد الله محمد. طبع أول مرة في بيروت، دار التحدي، وطبع مرة اخرى في طهران في مكتبة السعادة عام 1402هـ.
206ـ "الوجيزة في رد الوهابية". بالفارسية. لعلي بن علي رضا الخوئي، المتوفى سنة 1350هـ
207ـ "الوجيزة في رد الوهابية". بالعربية. لعلي بن علي رضا الخوئي، المتوفى سنة 1350هـ
208ـ "وسيلة الإسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام" لأبي العباس أحمد بن الخطيب، الشهير بابن قنفذ القسطيني الجزائري، المتوفى سنة 810هـ. تقديم: سليمان الصيد .
209ـ "وهابيان بالفارسية". لعلي أصغر فقيهي. مطبوع في طهران 1973م.
210ـ "الوهابية في نظر علماء المسلمين" لإحسان عبد اللطيف البكري، وهو المعتمد عليه في هذه القائمة. طبع مكرراً، والطبعة الرابعة نشرتها مكتبة السيد المرعشي/ قم 1408هـ.
211ـ "الوهابية في الميزان" لجعفر السبحاني. مطبوع في قم سنة 1987م، نشرته جماعة المدرسين / قم.
قال أبو ماجد عفا الله عنه: المثير للاستغراب.. هو حجم العداء!!
([569] اسم (الوهابية) في اللغة: هي نسبة للوهاب؛ وهو الله، ولا يطلق هذا الاسم على غير الله. فالنسبة للوهاب هي=وهَّابي، وفي الاصطلاح هو تلاعب أهل الأهواء وأعداء السنة! فلا يوجد أي جماعة معروفة تتبنى هذا الاسم (وهابية) وتتسمى به، فماذا يريد مستخدمو هذا المصطلح منه؟! هل يريدون منه التزكية والنسبة للوهاب كما هو المعنى اللغوي؟! هذا ما سنبينه في ثنايا هذا البحث إن شاء الله تعالى.
[570]) ونذكر هنا أقسامها، وما هو مطبوع منشور: ففي العقيدة مجلد، وفي الفقه مجلدان، وله مختصر سيرة الرسول r، وله في الفتاوى مجلد، وله في التفسير، وله مختصر لزاد المعاد لابن القيم، وله الرسائل الشخصية مجلد، وفي الحديث خمسة مجلدات، وملحق المصنفات مجلد، كلها قد جمعتْها لجنة علمية متخصصة، في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد طُبِعَت في الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية لتكون هذه البلاد ممثلة لليقظة في الدين الإسلامي، وممثلة للدعوة إلى فهم الدين من مصادره الصافية؛ كتاب الله تعالى، وسنة رسوله محمد r، والذي بدونهما لا يمكن أن يكون توحُّداً للمسلمين..
[571]) انظر القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب "الرسائل الشخصية" رسالة رقم37 ص: 252 وهي رسالة وجهها إلى عبد الله بن عبد اللطيف.
([572] هذه الرسالة أرسلها الشيخ رحمه الله لعبد الرحمن بن عبد الله السويدي أحد علماء العراق، النظر الرسائل الشخصية 5/36
([573] "الرسائل الشخصية" الرسالة رقم 14ص96 وهي رسالة وجهها إلى أحمد البكبلي صاحب اليمن.
([574] جاءت الفتوى السلفية المباركة من علماء المدينة سنة 1344هـ حول حكم البناء على القبور واتخاذها مساجد، فأجابوا بالحق بالأدلة الشرعية، فهدموا القباب، وسووا القبور مع الأرض كما أمر الله ورسوله، فما كان من الصوفية والشيعة إلا الطعن في الفتوى، فألفوا الكتب والمنشورات في محاربة الدعوة السلفية – والتي ذكرنا الكثير منها في الحاشية أعلاه- فهم في حقيقتهم يحاربون الدين وليس الخصوم من السلفيين الذين يسمونهم بحق وهابية، فالوهاب هو اسم من أسماء الله الحسنى، والانتماء إلى دين الوهاب هبة من الله تعالى، فنحن لا نتحاشى بهذه التسمية، فخصومنا قصدوا ذمنا بتلقيبنا وهابية واتهامنا بعدم محبتنا لرسول ربنا، ولكن الله تعالى الوهاب بهذه التسمية جعلنا لقباً لكل من دعا إلى الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، ومحاربة كل بدعة وخرافة، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
([575] انظر "روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام" 1/5 ، 6 باختصار تحقيق ناصر الدين الأسد.
([576] المرجع السابق 1/7 وانظر ما كتبه حول المظاهر الشركيَّة والبدعيَّة في كل من بلاد مكة والطائف وجدة ونجران واليمن والشام والعراق ومصر 1/8 – 12
([577] وكان بعد طلبه للعلم من مظانه في بلدته والبلاد المجاورة، فطلبُ العلم من مظانه يعتبر من الأمور الضرورية في الدعوة على الله..
([578] ويشهد التاريخ تآمر المبتدعة مع بعض الصليبيين الذين أيدوا بعض الباشوات في قتال اتباع الدعوة، وهذا واضح في مكاتباتهم ومخاطباتهم وشهادة أهل التاريخ.
([579] انظر "دعيات مكثفة ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب" ص26 وما بعدها، وكتاب "محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومُفترى عليه" للشيخ مسعود الندوي
([580] وقد ذكرت ذلك في ردي على الجفري واستشهاده بكتب الحداد الذي افترى على رسول الله e في حديث يصف فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فراجعه في رسالتي "علي الجفري وكشف تلبيساته وملابساته وافتراءاته" لترى كم هؤلاء ينقمون من الشيخ ودعوته السلفية المباركة.. ولكي تتأسف أيضاً من أناس سذج مداهنين كيف يزكون الجفري المشرك ويدَّعون أنه داعية إسلامي..
[581]) ويرى الملاحظ للكتب التي قام بطباعتها فهي إما شيعية أو صوفية أو شيعية صوفية معاً، وهذا يدل على أن التشيع والتصوف وجهان لعملة واحدة مزيفة، الإسلام منها براء براءة الشمس من اللمس وبراءة النبي يوسف من امرأة العزيز وبراءة الذئب من دمه.. حتى أننا نجد في المؤلفات التي ذكرناها أن من المؤلفين من ينافح عن طريقته المنتمي إليها ويفتخر بالانتساب لها، فيقول مثلاً: أنا صوفي، أو أنا نقشبندي أو قادري أو تيجاني فيدافعون عن أعيان المتصوفة حتى الكفرة منهم كابن عربي والحلاج وابن سبعين وابن الفارض وغيرهم، وكذا الشيعة يفتخرون بأنهم إمامية إثنا عشرية رافضة، وحتى أنك تراهم في كتبهم - والتي نقلنا عنها الكثير في القسمين من هذا المجلد- يتعمدون قلب الحقائق، ويدافعون عن الشرك وتحريف الكلم عن مواضعه..
([582] وهناك بعض الناس من يجعل الوزر في دعوة الشيخ بسبب بعض الأعراب المتشددة والجافية المتطرفة؛ فحكموا جوراً على الدعوة السلفية من خلالهم..انظر ما قاله الشيخ حمود التويجري رداً على ادعى التشدد والتطرف في الدعوة السلفية في كتابه "إيضاح المحجة في الرد على صاحب طنجة" ص154
([583] ونحن لا نستغرب من هذا الفعل، فهو ليس جديداً، فقد استُخدم مثل هؤلاء في التَّعْبِيَة ضد الدين، والامتطاء على ظهورهم لحرب الإسلام وأهله.
([584] أشباه قديروف الروسي وسعيد فودة والجفري والبوطي حسن فرحان المالكي وأضرابهم الكثير من أصحاب المنهج الوسطي (زعموا) من الذين يعلنون حربهم للسنة باسم السنة..
([585] انظر السلسلة الصحيحة 1، 2، 3، 4، 5، 6 لناصر السنة والدين شيخ الإسلام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.
([586] تتمثل دعوة التوحيد: في إخلاص في العبادة لله تعالى وتخليص التوحيد مما شابه من شرك، والكفر بالطواغيت بجميع أنواعها، وقطع الصلة بالقبور والمقبورين، إلا ما ندب إليه الشرع من زيارتها والاتعاظ بها.
([587] وتتحقق السنة بطرح جميع البدع والخرافات، فالبدع أكبر من الكبائر وإن صحت نية فاعلها، وإن كثر انتشارها بين العوام، فهي بريد الردة والعياذ بالله، فنتائج البدع تناقض الاعتقاد وتنازع الرسل، وتورث نفاقاً، وتطمس السنن، وتزرع الجاهلية في الناس، وهذا من أعظم الانحلال من ربقة الإسلام..
([588] قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وهو يبين حقيقة دعوته: (فإنا نبين لكم أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وأم الواجب إشاعته في الناس وتعليمه النساء والرجال) انظر "الرسائل الشخصية" الرسالة 22 ص158 وهذا دليل على أن دعوة الشيخ هي نفسها دعوة السلف الصالح التي تسير على هدي أهل السنة والجماعة؛ سواء كان ذلك في الاعتقادات أو السلوك أو المعاملات، ولكن تشترط التحري في تحقيق ذلك بالوسائل التي تنفذ أوامر الدين وتبتعد عن نواهيه وتعض على ذلك بالنواجذ، مع الضرب بعرض الحائط كل ما خالفها، فلا مداهنة ولا محاباة في دين الله..
([589] كان أهل نجد قبل الدعوة السلفية المباركة متفرقة كلمتهم، ولم تكن تخضع لإمارة واحدة، بل كانت متفككة، لكل أمير بلدته، ولكل زعيم بردته، فالحروب بينهم طاحنة، والأمن مضطرب، والأمر غير متمكن لأحد، فجمع الله الشمل والتمكين والأمن بدعوة الإمام..
([590] "عنوان المجد في تاريخ نجد" 1/45 لعثمان بن عبد الله بن بشر النجدي، تحقيق عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ، وانظر "مجموع مؤلفات محمد بن عبد الوهاب" 1/376 في العقائد والآداب.
([591] انظر "النهضات الحديثة في جزيرة العرب" ص59
([592] وهذا ممتد إلى أيامنا هذه، حتى أن كل من ناقشته من الصوفية يدعون أن الإمام محمد بن عبد الوهاب وأتباعه لا يحبون الرسول e ويطعنون فيه، ويكفرون المسلمين، فكنت أقول لهم: هذا التكفير بعينه للسلفية ودعاتها، فرمتني بدائها وانسلتِ، وما نقموا منا إلا أننا دعاة إلى الكتاب والسنة على منهج السلف لا التلف... ولي وقفة مع القرضاوي في حربه للسلفية في القسم السادس من هذا المجلد.. يسر الله إخراجه بعد الانتهاء من هذا القسم..آمين..
([593] انظر المنار م24، ح8، ص584 بتصرف
([594] صلاح الدين الأيوبي ليس رمزا ينادى به، فالذي يُنادى به صلاح ديننا، فإن صلح الدين استطعنا بالذي استطاع به صلاح الدين رحمه الله، فتأمل، وتألَّم من واقع المسلمين في زماننا، فلو كان صلاح الدين حياً؛ لكان أول فعل له تنظيف الدين كما نظفه من أدعياء الدين من فاطميين وعبيديين وباطنيين، فما أكثرهم في هذا الزمان..
([595] وهذا الذي حصل على مر العصور، والتاريخ يعيد نفسه، فالحملات المصرية المتوالية المسعورة من قِبَل إبراهيم باشا ووالده محمد علي باشا وأحمد طوسون ومن لَفّ لفهّم؛ هي من أجل إطفاء نُور دَعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي أبْهَر خفافيش الظلام! وكان ذلك بإيعاز من الاحتلال الفرنسي في بعض بلاد المسلمين، وفي عصرنا الحاضر الشيعة هم الذين أدخلوا الصليبيين أفغانستان والعراق، فالذي يحاربه الصليبيون في الحقيقة هو الدعوة السلفية التي يسمونها (الوهابية) التي في حقيقتها تختلف عن دعوة جميع الفرق المخالفة لكتاب الله ولسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي دعوة تجديدية على منهج السلف الصالح، ولم تأت بشيء يخالف ذلك. فهي دعوة قامت لتصحيح العقائد، وللقضاء على الشوائب التي أُدخلت على الإسلام في صفاءه ونقاوته، وتنقيته من مداخل الشرك والبدع، فهي دعوة مثل التي سارت قبلها؛ كدعوة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل في العراق، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الشام، وغيرهم من أئمة الإصلاح والتجديد، الذين يخالفون كل الملل المخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة. فالغرب في كل زمان يخشون مِن قيام دعوة صحيحة تدعو إلى الإسلام الصحيح الخالي من كل شائبة شِرْك؛ لأنهم يعلمون أن من شأن ذلك كَسْر صليبهم!.
([596] انظر ما كتبه:Grozny من منتدى الأنبار في الإنترنت عن المعادلات فأنا أنقلها هنا بتصرف كثير، وصنع بعض الحواشي السفلية، والإضافات المهمة المكملة في بضع صفحات...
([597] مع أنها ليست أول حركة إصلاحية سلفية، فالسلفية حركة سُنِّية تعظم السنة وتعظم شعائر الإسلام ولو كانت شعائر مندوبة، وتشدد على الالتزام الكامل بالدين وبشعائره، فصارت بركة عقيدة السلف سرت فيها وجذبت إليها الأفئدة، ومكن الله لها في قلوب الناس.
([598] مع أنها ليست أول حركة مسلحة في تاريخ الإسلام.
([599] مع أنها ليست أول حركة تفعل ذلك.
([600] ومعلوم أنهم ليسوا أول الحنابلة.
([601] مع أن آل سعود نسبة عرقية – وهم من بني حنيفة- وقد تقدم الكلام عن بني حنيفة- والوهابية نسبة عقيدية إيدلوجية.
([602] مع أن هناك كثيراً من العرب لم يشاركوا فيها، بل يناوئونها، فهي حركة عقدية وليست عرقية.
([603] مع أنها ليست الحركة الوحيدة التي فعلت ذلك.
([604] أخرجه الترمذي على شرط الشيخين، وهو في البخاري في الفتن وغيره بلفظ: ((لا يأتي عليكم زمان لا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم))
([605] ثم من قاتلتهم حركة الشيخ لم يكونوا ممن شهد لهم بالإيمان كالصحابة الذين قاتلهم الخوارج؟
([606] ولكنهم استخدموا هذا العنف فزاعة ليخيفوا الناس، وصارت تنسج الحكايات، وتضخم الحوادث، وتعمم الأحكام لضرب لب هذه الحركة وهو التوحيد.
([607] وهذا يكذبه تصريح الشيخ بن عبد الوهاب بأنه حنبلي، وله شعر معروف في مدح الحنبلية ودعوة الناس أن "يتحنبلوا"!.. ولذلك كان هؤلاء أضعف الناس عداء للشيخ وحركته.
([608] والحسد من الأمراض الشعبية القذرة التي تنتشر بسهولة بين العوام ولا تحتاج لا إلى أدلة عقلية ولا إلى أسس أيدلوجية لبثها وتأجيج أوارها؛ ولذلك تراها سهلة التوجيه والاستخدام في توجيه الناس من قبل الأعداء العقائديين. والحسد في قذارته مثل الكبر والبطر الذي أصاب كثيرا من أهل الجزيرة بسبب ثرائهم، وما تبع ذلك من تصرفات عمياء لا خلاق لها ولا أخلاق، شحنت مشاعر الحسد عند الناس، وقدمت مجالا رطبا لتفاقم عفونتها في نفوسهم.
([609] مع أن هذه الثروة يشاركهم فيها الكثير من دول العالم. ولكن بارتباطها بالعامل الثاني الآتي..
([610] ومن هذا الصنف قديروف الروسي، والأحباش اللبنانيين، والروافض الفرس، وفلول غلاة الأشاعرة، والذين وضعوا أنفسهم تحت تصرف أعداء الإسلام مدفوعين بأكوام رهيبة من الحقد على السنة وأهلها، ليس فقط خيانة؛ بل عن عقيدة ومنهج وضعي منحرف منحط.
([611] وما نعنيه هنا هم الأشاعرة المعتدلين - إن صح التعبير- هؤلاء الذين يعترفون أن إمام مذهبهم قد تاب من الاعتزال، واستطاعوا الترويج لمذهبهم وكسب قلوب الناس له في فترة معينة من التاريخ الإسلامي عن طريق عدائهم للمعتزلة والجهمية والرافضة، دارت الأيام.. وباع فريق منهم أنفسهم وعقيدتهم لهؤلاء الذين بني مذهبهم على عدائهم - المعتزلة والجهمية- ورضوا لأنفسهم أن يتخذهم هؤلاء مطايا لحرب أهل السنة، وفعلوا فعل إخوانهم الزَّيدية الذين باعوا أنفسهم للرافضة - الذين ساموهم سوء العذاب من قبل- في مواجهة أهل السنة.
([612] انظر رسالتي "ملاحظات على الرسائل الشمولية" لعبد العزيز بن عبد الله الحميدي عفا الله عنا وعنه
([613] ومرض هؤلاء العضال أنهم يتخيلون أنهم يعملون للأمة وهم يعملون مبضع حزبيتهم تمزيقا في الأمة..
([614] ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
([615] الذين أتعبتهم فلسفة الكلاميين، ورهبنة الصوفية وخرافاتهم، وخزعبلات الشيعة الرافضة وتجاوزاتهم.
([616] انظر ردي على عمرو خالد والسويدان من قبله واغترار الناس بأمثال هؤلاء الذين جمعوا الأموال باسم الدين وتخريب عقائد المسلمين. وفي حقيقتهم أنهم حَطَبَة ليل وخَطَبَة ويل وجَرَفَة سيل..
([617] انتهى ما كتبه:Grozny من منتدى الأنبار في الإنترنت بتصرف كثير..
([618] قولنا المدينة المنورة فيه نظر، والصحيح عن السلف تسميتها (المدينة النبوية)
([619] "الاستذكار" لابن عبد البر27/248
([620] الحديث هو: قال e: ((اللهم بارك لنا في مكَّتنا، اللهم بارك لنا في مدينتنا، اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مُدِّنا)) فقال رجل: يا رسول الله! وفي عراقنا. فأعرض عنه، فرددها ثلاثاً، كل ذلك يقول الرجلُ: وفي عراقنا، فيعرض عنه، فقال: ((بها الزلازلُ والفتنُ، وفيها يَطْلُع قرنُ الشيطانِ)) "السلسلة الصحيحة" 2246
([621] أخرجه أحمد في المسند 5/33
([622] 5/249
([623] 1/316
([624] رواية أحمد دون الفقرة الأخيرة: حتى تكون..الخ
([625] 1/316
([626] أخرجه أبو داود وأحمد وغيرهم (انظر الصحيحة 3203)، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية27/41و44و509
([627] تفسير ابن جرير. وقد تكلمنا عن هذا الموضوع في القسم الثالث من هذا المجلد..
([628] (7/615)
([629] قال أبو ماجد عفا الله عنه وعن والديه: وأنا كذلك أقول مقولة شَيْخَيّ الإسلام ابن تيمية والألباني رحمهما الله، فقد كان جدي ووالدي يسكنان في بلاد تركستان، ثم فرا بدينهما من الاحتلال الروسي والصيني لبلادنا تركستان، وكانت تلك الفترة هي نفسها الفترة التي هاجر فيها الألباني الأب وأهله من ألبانيا، وهذا ما أمكن أهلي بمعرفة التوحيد الصحيح الذي فرَّط فيه أهل بلادنا تركستان مما ابتلاهم الله بالاحتلال الذي راح ضحيته أكثر من ثلاثين مليون، وقد ذكرت ذلك في فصل (الرؤوس البشرية التي انفصلت عن أجسادها بدون حرب أو ثمن) في الجزء الثالث من هذا المجلد، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات..
([630] انظر "منهاج التأسيس والتقديس في الرد على ابن جرجيس" ص61 للشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن
([631] رواه البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح، وكذا ورد في حديث طويل، وذكر الألباني رحمه الله في صحيحته المعطاة 3203 حديثاً فيه: قال قاضي مصر لعُلَيّ بن رباح: أبلغ أبا هريرة مني السلام، وأعلمه أني قد استغفرت الغداة له ولأمه...
[632]) فهم الذين نشروا كتب ابن تيمية وابن القيم وكتب كبار الأئمة من السلف والخلف ومشاهير الإسلام وأرسلوها إلى الأفاق مجاناً وعممت العلم في جميع الأطراف حتى رضي عنها من كل من له إلمام بالدين في العالم أجمعه إلا الجُهَّال والمبتدعة الضلال
[633]) كانت بلاد الجزيرة العربية قبل آل سعود مملوءة ظلماً وجوراً وفساداً وبغياً وعناداً وعدواناً وتعديا لحدود الله، حتى أن قوافل الحجيج لم تسلم منه، فيُقتل الحاج إن لم يكن له رفقة قوية، فإذا لم يسلم الحجيج؛ فغيرهم أولى.
([634] "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" للبغدادي رقم1640
([635] السلسلة الصحيحة للألباني 1682
([636] وهو صاحب كتاب "حوار صحفي مع جني مسلم" فيه الكذب والهراء الذي لا يصدقه إلا الهمج الرعاع، وقد أهدى إلي هذا الكتاب أحد الأقارب سنة 1413هـ وقرأته في حينه وتعجبت من جرأة الرجل في كتابه وكيف يكذب على الناس، ثم رأيت هذا الرجل هو نفس صاحب هذا الكتاب "هرمجدون" فعرفت ما وراء الأكمة..
[637]) انظر "تحذير ذوي الفطن من عبث الخائضين في أشراط الساعة والملاحم والفتن" لأبي عبد الله أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين"
([638] في قسمين من هذا المجلد..
([639] انظر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مسالة التكفير وضوابطه 12/478-488
([640] معنى الشيعة في مصطلح هذا الزمان هم الرافضة الذين رفضوا الدين وجاءوا بدين غير الدين – عقيدة ومنهاجاً وفقها- وأباحوا حرمات النبي e وأصحابه وكل من اتبعهم بإحسان، وليس معناه بالمعنى الذي كان في أول الزمان من الذين شايعوا علياً سياسياً، وهذا قد ذكرناه في ثنايا بحثنا، فأرجوا من القراء الكرام أن ينتبهوا لهذه القضية، فالرافضة قبحهم الله يدعون موالاتهم لآل البيت تقية، وينسبون أنفسهم لهم خداعاً لسذج الناس، وللمغرورين من المحسوبين على الإسلام في ساحة الإسلام الدعوية، وإلاَّ فحقيقتهم قد ظهرت في زماننا أكثر من ذي قبل، فهم رافضة اثني عشرية إمامية في العقيدة، وجعفرية في الفقه، والأئمة كلهم براء منهم ومن عقيدتهم التي لم يكونوا يوماً يعتقدونها، فهم ملة غير ملة الإسلام، وهم زنادقة ملئوا التاريخ بالكيد والخداع والغدر والخيانات، حتى تواطئوا مع اليهود والنصارى والصليبيين والتتار على مدار العصور وانقضاء الدهور حتى يومنا هذا، فأمرهم اليوم مفضوح مكشوف حتى لعامة الناس، فقنواتهم الفضائية وكتبهم المطبوعة أقامت الحجة عليهم..
([641] لقد كانت عقيدة الرافضة الضالة غير منتشرة كالحال اليوم، فالكثير من عقائدهم كانت متكتم عليها ولم تكن معروفة، في أيامنا هذه أظهرها المعاصرون وطبعوها طبعات بلغات العالم كله ونشروها عبر الإنترنت وخلال الأثير والفضائيات الفاضحات التي فضحوا فيها عقائدهم المنحرفة من قدرية وجهمية وخوارج ووعيدية وتكفيرية ومرجئة ووحدة وجود واتحاد وشركية قبورية...الخ.
([642] لا تنسى أن من كتبهم التي ذكرناها في أعلاه كتاب "مناسك المشاهد" الذي جعل فيه للقبور حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وتجارة لن تبور! بل وجعل الحج إليها أعظم من الحج إلى الكعبة، ضارباً عرض الحائط وصايا النبي e المتكررة في التحذير من اتخاذ القبور مساجد أو أوثاناً أو يُصلى إليها، فعليهم من الله ما يستحقونه.. وانظر "فروع الكافي" 1/324 وهو يزعم أن زيارة قبر الحسين t تعدل عشرين حجة وأفضل من عشرين عمرة وحجة.. ويدعي صاحب "البحار" أن تربة الحسين شفاء من كل داء فجعل لها فضل وآداب وأحكام تصل إلى ثمانين رواية، حتى أن الطفل ليحنَّك من هذه التربة..
([643] قال صاحب "بحار الأنوار" 94/29: (إذا كان لك حاجة إلى الله عز وجل فاكتب رقعة واطرحها على قبر من قبور الأئمة إن شئت أو فشدها واختمها واعجن طيناً نزيفاً واجعلها فيه واطرحها في نهر جار أو بئر عميقة أو غدير ماء فإنها تصل إلى السيد عليه السلام وهو يتولى قضاء حاجتك بنفسه)
([644] وبالمقابل يدَّعون أنهم – أي الشيعة- خُلِقوا من طينة خاصة! لها خاصيتها العجيبة! فانظرها في أعلاه لترى العجب العجاب الكذب الأجاج في ستين رواية من رواياتهم في الطينة الشيعية!!
([645] حتى صرح الحافظ ابن حجر العسقلاني بقوله: (من قدَّم عَلِيَّ بن أبي طالب على أبي بكر وعمر فهو رافضي)
قلت: هذا الحافظ ابن حجر الذي أدرك بعلمه في الحديث النبوي الشريف إدراكاً كبيراً عظيم قدر الصحابة y بالصحبة والنصرة الذين هم وحدهم قد سبقوا سبقاً بعيداً، ونالوا تزكية الله ورسوله لهم حتى بلغوا شأناً عظيماً، حتى بلغ الصديق الأكبر ثم الفاروق عمر الأعلى قدراً والأكثر أجراً والأثقل ميزاناً، وعلى هذا إجماع المؤمنين من الصحابة والتابعين، ثم ذو النورين عثمان ثم علي بن أبي طالب، وهم الخلفاء الراشدون الأربعة، وهم الأئمة المهديون، ومن بعدهم باقي العشرة المبشرين بالجنة، ومن ورائهم السابقون الأولون من المهاجرين الأبرار ثم الأنصار الأخيار ثم أهل بدر ثم أهل أحد ثم أهل بيعة الرضوان ثم من آمن من بعد الفتح وأنفق و جاهد. فكيف إذا جمع الشيعة مع تقديمهم لعلي t سبهم – أي الصحابة- والطعن فيهم وقذفهم بأشنع التهم وتكفيرهم، وجمع مع ذلك أيضاً بعض عقائدهم أو جلها أو كلها، فما هو حكم الحافظ رحمه الله فيهم بعد ذلك؟! لا أشك أدنى شك أن المسلم العاقل سوف يقول مقولة الإمام مالك: (هؤلاء قوم أرادوا الطعن في رسول الله e فلم يمكنهم ذلك فطعنوا في أصحابه ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان الصحابة صالحين) فأقول: أين أنتم الذين علت أصواتهم ضد كفار الدّنمرك والنّرويج لما آذوا رسول الله e في صور كاريكاتيرية، أين أنتم من عقيدة أناس تدَّعي أنها مسلمة وهم يطعنون في رسول الله e ليل نهار، ويبهتون نساءه وأصحابه وشريعته، أين أنتم وأنتم توالون حزب الشيطان اللبناني الذي ما قام إلا بعقيدة الرافضة من أسِّها وفصِّها، أين أنتم والغيرة على عرض النبي والرافضة يقعون فيه على مدِّ العصور وطول الدهور؟؟؟؟!! ولكن نعرتكم مع الأسف كبعرة في إست كبش مدلاَّة وذاك الكبش يمشي! فأنتم أصحاب هوى لا تعرفون مكانة نبيكم ولا أتباعه، فمكانة هؤلاء قد عمِّيت أعينكم عنها وصُمّت آذانكم منها، وبالمقابل ارتفعت أصواتكم ضد كل من رد على مثل الشيعة وغيرهم من المخالفين لدين سيد المرسلين e فقالوا: هي آراء ووجهات نظر نسكت عليها، فكل مجتهد مصيب، فإن سب الرافضة الصحابة، فلا يسبهم أمامنا، فليسبهم في بيته بكيفه، فـ}كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا{
([646] زعم الشيعة أخزاهم الله أن النبي e قال: (من تمتع بامرأة مؤمنة؛ كأ،ما زار الكعبة سبعين مرة) ونقل الصدوق عن الصادق أنه قال: (إن المتعة ديني ودين آبائي، فمن عمل بها؛ عمل بديننا، ومن أنكرها؛ أنكر ديننا واعتقد بغير ديننا) أنظر كتاب :من لم يحضره الفقيه" 3/366 في تكفير الذي يقول بغير قولهم.
([647] نعم قد يكون من أهل الأهواء من لهم نواقض في الدين يشتركون فيها مع الشيعة، فقد بيناً بعضاً منها خلال هذه الرسالة..فنحن لا نخلط في بحثنا هذا بالعواطف، فالقضية في هذا الباب علمية منهجية ينبغي التنبه لها في الكلام، والكلام ينبغي أن يدعَّم بالنصوص ذات الصلة في هذه القضية..
([648] سمعت من أحد الشيعة يقول أنه يفتخر بتشيُّعه، ولكنه يشعر بالخجل من عقائد الشيعة المتقدِّمة ذكرها.. ويتمنى أن الشيعة تترك هذه العقائد المنحرفة..الخ! فنقول لمن حاله مثل هذا – إن صدق-: مهما أخذ التشيع من شكل، فلن ينطلي على أهل السنة، ومهما حاولوا تقريب أنفسهم لأهل السنة؛ فلن تخفى تقيتهم على أهل السنة، ومهما حاولوا استغلال مهاراتهم التراوغية؛ فلن يخفى أمرها على علماء الأمة، فقد كُشِف الغطاء عن عقائدهم من كتبهم، وكشف عن وجهها القبيح وعن أصولهم البدعية والشركية في الاعتقاد، فلهذا نحن نلزم أنفسنا من خلال نقضنا لعقائدهم في دراسة تكون مرتكزة على التعرف على حقيقتهم، مع عزو كل ما نذكر إلى كتبهم الموثقة عندهم دون زيادة أو نقصان، لأن الحجة على كل طائفة إنما تُقام بما تصدقه وتؤمن به. أما عن هذا الذي يدعي أنه خجلان من عقائد الشيعة! فنقول له: فلماذا تفتخر بأنك شيعي؟! وهل الشيعي إلا حاملاً لهذه المعتقدات والتي من يؤمن ببعضها ليس له اسم في الإسلام، فكيف إذا اجتمعت فيه باقي العقائد الشيعية؟! فعلى الشيعي هذا أن يتبرأ من التشيع بعد أن استيقنت نفسه بأنهم أخجلوه بعقائدهم، فلا يجحد الحق الذي عند السنة ظلماً وعلواً، وإلاَّ ضُمَّ مع المفسدين المعاقبين يوم الدين..
([649] هنا أكرر وأقول: لم يعد هناك شيء اسمه (تشيع) بالمعنى الذي كان في المرحلة الأولى في عهد أمير المؤمنين علي t، وإنما هو الآن هو الرفض المحض، فنحن إن سميناهم شيعة، كقولنا في اليهود والنصارى: أهل كتاب، وإلاَّ فهم – أي اليهود والنصارى- ليس لهم كتاباً إلا محرفاً، وموسى وعيسى عليهما السلام بريئان من تحريفهم لكتابهما، وقد بينت ذلك في القسم الذي نقضنا فيه عقيدة اليهود والنصارى، وكذا نقول في الرافضة أنهم شيعة، وعلي t والأئمة براء من عقائدهم وإن انتسبوا إليهم، فتسمية الرافضة بالشيعة فيها تجوز كبير إذا نسبنا تشيعهم لآل البيت، فهم الآن لا يوجد فيهم إلا الرفض والغلو والشرك والكفر الذي لا علاقة له بالتشيع السابق الأول بتاتاً.
([650] وإن تعجب فعجب من رافضة السعودية بلد التوحيد، ففي السعودية توجد الإسماعيلية والإثني عشرية وغيرهم من فرق الصوفية، فهل نقول أنهم لم تقم عليهم الحجة وهم يدرسون في السعودية منهج أهل السنة والجماعة بضع عشر سنة، فنراهم يعاندون ويصرون ولا يستجيبون.. }وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ{ النمل:14
([651] السنة للخلال 2/557
[652] تفسير ابن كثير 4/219
([653] .تفسير القرطبي 16/297
([654] السنة للخلال ( 2 / 557 )
([655] السنة للإمام أحمد ص 82
([656] كتاب ما يذهب إليه الإمام أحمد ص 21
([657] خلق أفعال العباد ص 125
([658] خلق أفعال العباد ص 125
([659] السنة للخلال ( 2 / 566
([660] قد أخرج له أصحاب الكتب الستة (انظر تهذيب التهذيب 1/29)
([661] الصارم المسلول ص 570
([662] الاختلاف في اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ص 47
([663] الفرق بين الفرق ص357
([664] الملل والنحل ص 52
([665] المعتمد ص 267 .وروى أبو يعلى في مسنده1/11 عن عبد الرزاق صاحب "المصنَّف" قوله فيهم: الرافضي عندي كافر. وراجع "سير أعلام النبلاء" للذهبي 14/178
([666] الفصل في الملل والنحل 2 / 213، وانظر "الإحكام" له 1/96
([667] الإحكام لابن حزم 1/96
([668] التبصير في الدين ص 24 - 25
([669] المستصفى للغزالي 1 / 110
([670] الأنساب 6 / 341
([671] الصارم المسلول ص 586 - 587.
([672] مجموع الفتاوى 28 / 482
([673] البداية والنهاية 5/252
([674] رسالة في الرد على الرافضة ص 200 .
([675] الورقة 66 من المناظرة بين أهل السنة والرافضة للواسطي وهو مخطوط.
([676] شم العوارض في ذم الروافض الورقة 6أ مخطوط
([677] نقلا عن رسالة:"أصول مذهب الشيعة "للقفاري 3/1270-1271
([678] الرد على الرافضة ص:18
([679] أصول مذهب الرافضة 3/1271
([680] الدرر السنية 7/214
([681] أضواء البيان ص 352 قلت: فهذا الذي يشتم أصحاب النبي e! فكيف إذا ضم إلى الشتم التكفير وخصال الكفر الأخرى عندهم؟! لا شك أنهم كفار ليسوا من الإسلام في شيء فهم يهود في أصولهم، ووثنيون في عقائدهم ويغمصون الإسلام لتحيا ضلالاتهم كما يغمص بولس بن شاؤل ملك اليهود ليغلبوا. فهم لم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة من الله، وإنما مقتاً لأهل الإسلام وطعناً عليهم، فكان أول أمرهم أن ألَّهو علياً t فأحرقهم بالنار ونفاهم من البلدان: منهم عبد الله بن سبأ نفاه إلى ساباط، وعبد الله بن شباب نفاه إلى جازت، وأبو الكروش وابنه، فهم محنة يهودية نصرانية مجوسية وثنية في أصلها وفصلها!
([682] موقع الشيخ ابن باز
([683] ج2/37 (اللجنة الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز. نائب رئيس: عبد الرزاق عفيفي. عضو: عبد الله بن غديان. عضو: عبد الله بن قعود)
([684] قال الذهبي في ترجمة البعض في ميزان الاعتدال: خراء الكلب كالرافضي. صدق الإمام الذهبي رحمه الله تعالى، وصدق من قال عنهم: (إن كانوا من البهائم لكانوا حمراً) فهم لا يأخذون بمقتضى دلالة العقول، فالحمار يحمل الأسفار على ظهره ولا يعلم أنها أسفاراً، والكلاب دائماً تلهث سواء حملت عليها أو تركتها، فهم كالأنعام بل أضل لكونهم يشككون في إيمان سادة الأنام.
([685] وهذا لمن تأمل واقع الحروب الخليجية الثلاثة، وقد ذكرنا ذلك من قبل.
([686] فهم يرفضون ويمتنعون عناداً ومكابرة، وينظرون أن الدين لا يصلح إلاَّ بعد خروج مهديهم المسردب فهم يستعجلون بخروجه ويقولون عجَّل الله خروجه (عج) فهم يجاهرون بعقائدهم الكفرية، ويجادلون أهل السنة بالباطل وهم يعلمون ويعاندون..
([687] القتال إنما يكون مع أولياء الأمور الذين لهم قوة ومنعة، فهم الذين يختصون بإقامة الحدود، فقتل المرتدين حق من حقوق الله تعالى التي تنفرد الأئمة بإقامتها كالحدود، فإذا أقام الإمام بجهادهم؛ فيتحول القتل إلى المجاهدين لكون المرتد صار حربياً، وقتل الحربي جهاد يستوي الكافة فيه. ومن الطبيعي أن يُقال: يجب أن نسلك في قتالهم المسلك الشرعي من دعائهم إلى التزام شرائع الإسلام إن لم تكن الدعوة إلى شعائر الإسلام قد بلغتهم، ولكننا في نفس الوقت نكرر ونقول: (إن لم تكن شعائر الإسلام قد بلغتهم) ومن منهم لم تبلغه الشعائر، ولكننا نقولها تكراراً ومراراً: ندعوهم إلى الالتزام بالشرائع، فإن لم ينصاعوا؛ فنقاتلهم على الوجه الكامل الذي هو الغاية في رضوان الله وإعزاز كلمته وإقامة دينه وطاعة رسوله وإقامة أصول الإسلام التي يجب مراعاتها، والجهاد والغزو عند أهل السنة والجماعة يكون مع كل برِّ وفاجر من أئمة المسلمين، فالله تعالى يؤيد دينه بالرجال ولو كانوا فجرة أو لا خلاق لهم كما أخبر بذلك الخليل e، فبالجهاد دفع الأضرار وإقامة أكثر شرائع الإسلام..
([688] لا يشك مسلم أن خير وسيلة هي العمل على جهادهم وإسقاط عروشهم وبيان أعمالهم الكفرية..
([689] يدخل مع الرافضة المتفلسفة من عباد الجهمية الاتحادية الفرعونية ونحوهم.. فالرافضة جهمية قدرية كما سبق بيانه..
([690] حتى أن تأويل الخوارج ومانعي الزكاة أوجه من تأويلهم، ومع ذلك قاتلهم الصحابة ومن بعدهم على مر العصور.
[691] رواه البخاري في (الجنائز) تعليقاً من قول ابن عباس t
([692] هذا ما قاله الأستاذ مصطفى المصراتي في مجلة "الفجر" الصادرة عن مركز الإعلام الإسلامي في الدانمرك العدد 44 شهر شعبان 1419 ص13-14
([693] الشيعي المحترق والعدو اللدود للسنة وأهلها، فجهوده التبشيرية بالدين الرافضي في أفريقيا وجنوب شرق آسيا واضحة لا يستطيع هو ولا القرضاوي ولا غيرهما أن ينكرها، وفهو أعمدة الإرهاب في نظام الآيات في إيران، ولا تعجب بعد ذلك إذا علمت أنه أحد أعضاء المجمع الفقه الإسلامي!!
([694] لهم أحكام في حمل جنازتك والصلاة عليك، فنذكر بعض أذكار الصلاة عندهم على جنازة من مات من أهل السنة: فهم يقولون بعد التكبيرات: اللهم العنه ألف لعنة مؤتلفة غير مختلفة، اللهم أخره في عبادك وبلادك واصله حر نارك وأذقه أشد عذابك، اللهم إنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش قبره ناراً واحش جوفه نارا ومن بين يده نارا وعن يمينه نارا وعم شماله نارا وعجله إلى النار، اللهم ضيِّق عليه قبره ولا ترفعه ولا تزكه وسلط عليه الحيات والعقارب واجعل له الشيطان قرينا واخزه في عبادك وبلادك واصله أشد نارك، اللهم لا تخفف عنه العذاب وصب عليه صباً. فهذا في كتبهم ومؤلفاتهم لعنهم الله.