Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الرد على الشيخ أحمد سلمان حول أحد تحريفات ابن بابويه

الرد على الشيخ أحمد سلمان حول أحد تحريفات ابن بابويه 

بعد الانتهاء من طباعة كتابي (تحريفات الصدوق)، بلغني وجود عدد من الردود المرفوعة على الشبكة. وبعد الاطلاع عليها، وجدت في نفسي الرغبة للرد على أقواها. وهو ما كتبه الشيخ أحمد سلمان – هداه الله - الذي أحترم حدة عقله على الرغم من الاختلاف العقدي بيننا.
 
وقبل الشروع بالرد، سردت الحديث المقصود مع تعليقاتي لكي يتكون للقارئ الخلفية المطلوبة حول هذه المسألة .
 
الحديث
قال ابن بابويه: روى عبد الله بن جندب،[1] عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي والإسلام ديني، ومحمدًا نبيي وعليًا والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي و جعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن بن علي أئمتي، بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ، اللهم إني أنشدك دم المظلوم - ثلاثًا - ، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك لتهلكنهم بأيدينا وأيدي المؤمنين، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم أن تصلي على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد – ثلاثًا - ، وتقول: اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر – ثلاثًا - ، ثم تضع خدك الأيمن على الأرض، وتقول: يا كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليّ الأرض بما رحبت، ويا بارئ خلقي رحمة بي وكنت عن خلقي غنيًا، صل على محمد وآل محمد، وعلى المستحفظين من آل محمد – ثلاثًا - ، ثم تضع خدك الأيسر على الأرض وتقول: يا مذل كل جبار، ويا معز كل ذليل، قد وعزتك – بلغ بي مجهودي – ثلاثًا- ، ثم تعود للسجود وتقول مائة مرة: شكرًا شكرًا، ثم تسأل حاجتك إن شاء الله.[2]
قلت: رواه الكليني في الكافي[3] عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن جندب به إلا أن ليس فيه أسماء الأئمة غير علي، وفي مكانه: (ومحمد نبيي وعليًا وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم أئمتي).
 
تعليقات على هذا التحريف
تبدو الاختلافات بين الروايتين ظاهرة جلية؛ حيث تذكر الرواية الأولى  أسماء جميع الأئمة، في الوقت الذي تغيب عنها  في الرواية الثانية. والظاهر هنا أن الرواية الأصلية حُرِّفت من أجل تأييد اعتقاد الشيعة بالأئمة الاثني عشر.
اعلم أن رواية ابن بابويه تناقض ما صح عن الأئمة – على معايير الشيعة – من رواية عبد الله بن أبي يعفور وغيره أن الإمام لم يمت قبل أن يُعلمه الله تعالى من هو الموصي إليه،[4] فإن أسماء جميع الأئمة لم تكن معروفة عندهم كما في الراوية. وفي رواية صحيحة أخرى[5] نجد الإمام يمتنع عن إخبار صاحبه إسماعيل بن مهران بالإمام من بعده قبل اقتراب أجله، فلما اقترب، أخبره، وهذه إشارة أخرى أن الشيعة لم يكونوا  يعرفون جميع الأئمة كما توحي رواية ابن بابويه. وتعتبر رواية الكليني أقرب إلى الواقع التاريخي حيث اختلف الشيعة في الأئمة من بعد الكاظم اختلافا عظيمًا. 
 
 
رد الشيخ أحمد سلمان
ذكر الشيخ أحمد سلمان، أثناء رده على تهمة تحريف ابن بابويه للرواية، أن هناك احتمالات أخرى تفسر ما جرى.
وهذه التفسيرات التي ذكرها هي كالتالي:

  • اختصار الكليني للرواية، ونفي وجود زيادة.

  • وجود الزيادة، إلا أن زيادات الثقات مقبولة.

  • وجود الزيادة، إلا أنها زيادة تفسيرية من ابن بابويه.

  • وقوع التحريف، إلا أنها كانت بيد محمد بن علي ماجلويه.

ستجد رد الشيخ أحمد سلمان  على موقعه في هذا الرابط.
 
الاحتمال الأول:
(إنّ غاية ما يمكن أن يقال هو أنّ الخبر الذي رواه الصدوق فيه زيادة عن خبر الكليني، أي أنّ الكليني اختصر الخبر واقتضبه في حين أنّ الصدوق قد نقله كاملا ولم يختصره.)
 
الرد:
هذا الادعاء يصعب تصوره لسببين:
الأول- ليس للكليني سبب لاختصار الرواية. يعلم الكليني  جيدًا قلة  الروايات التي تنص على أسماء جميع الأئمة في زمانه ، حيث لا يوجد  في الكافي سوى  روايتين بهذا المعنى، فما هو الدافع الذي يجعل الكليني يهدم هذا النص المهم؟
الثاني- وأما ابن بابويه، فله دافع قوي لتحريف الرواية، (إذ إنها في صورتها الأصلية لا تناسب الاعتقاد الإثني عشري أكثر مما تناسب غيرها من الفِرق الشيعية)، فصارت بعد هذا التحريف من أقوى الأدلة للإثني عشرية.
 
الاحتمال الثاني:
(والتفاوت بالزيادة والنقيصة بين الأحاديث مشهور معروف في كتب علم الحديث وقد قرّر الجميع أنّ الزيادة إذا رواها الثقة ولم تكن زيادة شاذّة أو معارضة بغيرها فإنّها تكون مقبولة.)
 
الرد:
نعم، لا شك أن هناك حالات يجب فيها قبول الزيادات، ولكن شروط القبول لم تتوفر في هذه الرواية. إن كلام الشيخ أحمد لا يشمل إلا روايات من توافقنا على وثاقتهم. وأقصد بذلك أن دراسة زيادات الثقات تدور حول الرواية ذاتها، وسواء قُبلت أو رُدت فلا علاقة للنتيجة بحال الراوي الذي يبقى ثقة في كلتي الحالتين.
ففي هذه الحالة، نقطة البحث تدور حول مُتهم بتحريف الرواية، ولا علاقة لها بزيادة الثقات من حيث القبول والرد.
 
الاحتمال الثالث:
(لو قبلنا أنّ هذه الزيادة ليست من أصل الخبر بل هي إضافة من الشيخ الصدوق فلا يعتبر هذا إشكالا أصلا، فإنّها تكون زيادة تفسيريّة للخبر، إذ أنّ أصل الخبر فيه إرشاد إلى استحباب ذكر أسماء الأئمّة عليهم السلام واحدا واحدا فجاء الصدوق وعدّد الأسماء.)
 
الرد:
القول بأن هذه مجرد زيادة تفسيرية لا يستقيم، وذلك لأن هناك بعض الكلمات المحذوفة من النص التي استبدلت بغيرها.
لاحظ أن الرواية الأصلية، وهي رواية الكافي، فيها: (ومحمد نبيي وعليًا وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم أئمتي).
لو كان هذا مجرد تفسير، لقال ابن بابويه: (ومحمد نبيي وعليًا وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم أئمتي، يعني: والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي و جعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن بن علي.)
ولكن نجد ابن بابويه يحذف (وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم)، ولا يُفرِّق بين كلام الكاظم وكلامه باستخدام كلمة: (يعني)، والزيادات التفسيرية لا ينبغي فيها استبدال الكلمات.
وأزيد على ذلك أن علماء الشيعة لم يُفرِّقوا  بين كلام الإمام وكلام ابن بابويه هنا، فلم يعتبروه زيادة تفسيرية، بل ظنوا أن جميعه من كلام الكاظم. ومن الأمثلة على ذلك قيام آية الله العظمى جواد التبريزي، بإدخال  هذه الرواية في رسالته في المختصرة واستدل بها كنص على أسماء الأئمة الإثني عشر.[6] ولا يُلام التبريزي على هذا الخطأ، إذ لا يوجد في النص ما يدل على أن هذه الزيادة تفسيرية.
وأما بالنسبة لقول الشيخ أحمد: (إذ أنّ أصل الخبر فيه إرشاد إلى استحباب ذكر أسماء الأئمّة عليهم السلام واحدا واحدا فجاء الصدوق وعدّد الأسماء.)
أقول: وهل تخفى أسماء الأئمة الإثني عشر على الإثني عشرية؟! أليس من الممكن أن يذكر ابن بابويه هذه الأسماء عقب الرواية؟ وهذا العمل بمفرده يكفينا للشك في مصداقية ابن بابويه، إلا أن الاختلافات السبعة الأخرى التي تتعلق بمعرفة الأئمة وعددهم تحول شكنا إلى يقين.
ولعل الشيخ أحمد غفل عن أهمية هذه الزيادة التفسيرية كرواية ذات عواقب عقائدية، وربما  لو كان صاحب الزيادة إسماعيلي أو واقفي أو فطحي وكان قد أدخل في الرواية تفسيره الشخصي الذي يوافق معتقده في تسمية الأئمة، لاستدرك الشيخ أحمد ذلك عليه.
 
الاحتمال الرابع:
(لو أبى المستشكل إلّا أن تكون هذه الزيادة تحريفا في الحديث، فاتهامه للصدوق هو محض تظنّي وتخمين، إذ من المحتمل أن يكون المحرّف –تنزّلا- غيره، وذلك لأنّ: الصدوق لم يتلقّى الحديث من الكليني كما أوهم صاحب الشبهة بل أخذه من غير الكليني وهو (محمد بن علي ماجلويه.)
 
هذا الاعتراض المذكور أقرب إلى القبول مما سبق، والجواب عليه بسيط يتمثل  بوجود نمط يمنعنا من اتهام محمد بن علي ماجلويه.
لاحظ أن الروايات الأربعين التي ذكرتها في كتاب (تحريفات الصدوق) ليس فيها إلا خمس روايات تأتي من طريق محمد بن علي ماجلويه، وهي الروايات رقم 2، 11، 12، 25، 32. فلو افترضنا أنه قام بتحريف هذه الروايات، فما الذي سنفعله بالروايات الأخرى؟!
والمعروف من مناهج المحدثين أنهم يوجهون النقد باتجاه المُتَّهم الأكبر عندما ينتقدون الأخبار. فإذا كان في الإسناد كذاب وضعيف الضبط وثقة،اتهموا الكذّاب مع وجود احتمال صدقه. وإذا توبع في الرواية، وجدتهم يطعنون في الراوي الضعيف، مع احتمال ضبطه لهذه الرواية وأن الخطأ فيه كان من الثقة.
فإذا عُلم ذلك واتضح أن ابن بابويه هو القاسم المشترك الأدنى، وعُلم أيضًا أن محمد بن علي ماجلويه لم يُتّهم في رواية خالية من وجود ابن بابويه، اتضح سبب اتهام ابن بابويه، إذ يستبعد أن يكون ابن بابويه في ساحة الجريمة في جميع هذه الحالات ولا يكون له يدٌ فيها. وهذا الكلام وضحته في مقدمة كتابي ص15، حيث بينت أن احتمالية عدم تحريفه لأي من الروايات ضئيلة إلى حد خيالي.
 
هل حرف البخاري الروايات؟
ذكر الشيخ أحمد في أثناء محاولته للدفاع عن ابن بابويه مثالا لاختلاف ألفاظ رواية للبخاري مع غيره، وناقش بأن من يتهم ابن بابويه بالتحريف عليه أن يتهم البخاري أيضًا.
إلا أن الاتهام الموجه للبخاري لا علاقة له بابن بابويه، فلو سلمنا جدلًا أن البخاري حرف الروايات النبوية فسنضرب بحديثه عرض الحائط. ولن أخوض في الرد على هذه التهمة هنا وسأخص مقالة أخرى للرد على هذه الشبهة إذ موضوعنا هو: وثاقة ابن بابويه القمي.
 
الخلاصة
إن الأعذار التي ذكرها الشيخ أحمد ليست مقنعة. ولو لم تكن هذه التحريفات ذات أهمية بالغة من حيث الاعتقاد والكثرة لاستطعنا أن نتجاهلها كزيادات بريئة. ولكن الواقع يثبت لنا عكس ذلك، وهو أن تحريف ابن بابويه لهذه الرواية كان نتيجة نية سيئة وهي لنصرة اعتقاده، وهذا ما ثبت من رواية واحدة، فماذا لو بنينا حكمًا على جميع التحريفات المذكورة في الكتاب؟
وفي النهاية بعد أن قدمت هذه الأدلة لا يسعني إلا أن أسأل الله تعالى أن يشرح صدر الشيخ أحمد وأن يهديه إلى الصراط المستقيم.
والحمد لله رب العالمين.


[1]  طريق ابن بابويه إلى عبد الله بن جندب كما في مشيخة الفقيه ص99-100: وما كان فيه عن عبد الله بن جندب، فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد الله بن جندب.

[2]  من لا يحضره الفقيه لابن بابويه 1/ 158

[3]  الكافي للكليني 3/ 211-212

[4]  ينظر: الكافي للكليني 1/ 166

[5]  ينظر: الكافي للكليني 1/ 198

[6]  رسالة مختصرة في النصوص على إمامة الإثني عشر ص16


الرد على الشيخ أحمد سلمان حول أحد تحريفات ابن بابويه

 
بعد الانتهاء من طباعة كتابي (تحريفات الصدوق)، بلغني وجود عدد من الردود المرفوعة على الشبكة. وبعد الاطلاع عليها، وجدت في نفسي الرغبة للرد على أقواها. وهو ما كتبه الشيخ أحمد سلمان – هداه الله - الذي أحترم حدة عقله على الرغم من الاختلاف العقدي بيننا.
 
وقبل الشروع بالرد، سردت الحديث المقصود مع تعليقاتي لكي يتكون للقارئ الخلفية المطلوبة حول هذه المسألة .
 
الحديث
قال ابن بابويه: روى عبد الله بن جندب،[1] عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي والإسلام ديني، ومحمدًا نبيي وعليًا والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي و جعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن بن علي أئمتي، بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ، اللهم إني أنشدك دم المظلوم - ثلاثًا - ، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأعدائك لتهلكنهم بأيدينا وأيدي المؤمنين، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم أن تصلي على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد – ثلاثًا - ، وتقول: اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر – ثلاثًا - ، ثم تضع خدك الأيمن على الأرض، وتقول: يا كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليّ الأرض بما رحبت، ويا بارئ خلقي رحمة بي وكنت عن خلقي غنيًا، صل على محمد وآل محمد، وعلى المستحفظين من آل محمد – ثلاثًا - ، ثم تضع خدك الأيسر على الأرض وتقول: يا مذل كل جبار، ويا معز كل ذليل، قد وعزتك – بلغ بي مجهودي – ثلاثًا- ، ثم تعود للسجود وتقول مائة مرة: شكرًا شكرًا، ثم تسأل حاجتك إن شاء الله.[2]
قلت: رواه الكليني في الكافي[3] عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن جندب به إلا أن ليس فيه أسماء الأئمة غير علي، وفي مكانه: (ومحمد نبيي وعليًا وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم أئمتي).
 
تعليقات على هذا التحريف
تبدو الاختلافات بين الروايتين ظاهرة جلية؛ حيث تذكر الرواية الأولى  أسماء جميع الأئمة، في الوقت الذي تغيب عنها  في الرواية الثانية. والظاهر هنا أن الرواية الأصلية حُرِّفت من أجل تأييد اعتقاد الشيعة بالأئمة الاثني عشر.
اعلم أن رواية ابن بابويه تناقض ما صح عن الأئمة – على معايير الشيعة – من رواية عبد الله بن أبي يعفور وغيره أن الإمام لم يمت قبل أن يُعلمه الله تعالى من هو الموصي إليه،[4] فإن أسماء جميع الأئمة لم تكن معروفة عندهم كما في الراوية. وفي رواية صحيحة أخرى[5] نجد الإمام يمتنع عن إخبار صاحبه إسماعيل بن مهران بالإمام من بعده قبل اقتراب أجله، فلما اقترب، أخبره، وهذه إشارة أخرى أن الشيعة لم يكونوا  يعرفون جميع الأئمة كما توحي رواية ابن بابويه. وتعتبر رواية الكليني أقرب إلى الواقع التاريخي حيث اختلف الشيعة في الأئمة من بعد الكاظم اختلافا عظيمًا. 
 
 
رد الشيخ أحمد سلمان
ذكر الشيخ أحمد سلمان، أثناء رده على تهمة تحريف ابن بابويه للرواية، أن هناك احتمالات أخرى تفسر ما جرى.
وهذه التفسيرات التي ذكرها هي كالتالي:

  • اختصار الكليني للرواية، ونفي وجود زيادة.
  • وجود الزيادة، إلا أن زيادات الثقات مقبولة.
  • وجود الزيادة، إلا أنها زيادة تفسيرية من ابن بابويه.
  • وقوع التحريف، إلا أنها كانت بيد محمد بن علي ماجلويه.

 
الاحتمال الأول:
(إنّ غاية ما يمكن أن يقال هو أنّ الخبر الذي رواه الصدوق فيه زيادة عن خبر الكليني، أي أنّ الكليني اختصر الخبر واقتضبه في حين أنّ الصدوق قد نقله كاملا ولم يختصره.)
 
الرد:
هذا الادعاء يصعب تصوره لسببين:
الأول- ليس للكليني سبب لاختصار الرواية. يعلم الكليني  جيدًا قلة  الروايات التي تنص على أسماء جميع الأئمة في زمانه ، حيث لا يوجد  في الكافي سوى  روايتين بهذا المعنى، فما هو الدافع الذي يجعل الكليني يهدم هذا النص المهم؟
الثاني- وأما ابن بابويه، فله دافع قوي لتحريف الرواية، (إذ إنها في صورتها الأصلية لا تناسب الاعتقاد الإثني عشري أكثر مما تناسب غيرها من الفِرق الشيعية)، فصارت بعد هذا التحريف من أقوى الأدلة للإثني عشرية.
 
الاحتمال الثاني:
(والتفاوت بالزيادة والنقيصة بين الأحاديث مشهور معروف في كتب علم الحديث وقد قرّر الجميع أنّ الزيادة إذا رواها الثقة ولم تكن زيادة شاذّة أو معارضة بغيرها فإنّها تكون مقبولة.)
 
الرد:
نعم، لا شك أن هناك حالات يجب فيها قبول الزيادات، ولكن شروط القبول لم تتوفر في هذه الرواية. إن كلام الشيخ أحمد لا يشمل إلا روايات من توافقنا على وثاقتهم. وأقصد بذلك أن دراسة زيادات الثقات تدور حول الرواية ذاتها، وسواء قُبلت أو رُدت فلا علاقة للنتيجة بحال الراوي الذي يبقى ثقة في كلتي الحالتين.
ففي هذه الحالة، نقطة البحث تدور حول مُتهم بتحريف الرواية، ولا علاقة لها بزيادة الثقات من حيث القبول والرد.
 
الاحتمال الثالث:
(لو قبلنا أنّ هذه الزيادة ليست من أصل الخبر بل هي إضافة من الشيخ الصدوق فلا يعتبر هذا إشكالا أصلا، فإنّها تكون زيادة تفسيريّة للخبر، إذ أنّ أصل الخبر فيه إرشاد إلى استحباب ذكر أسماء الأئمّة عليهم السلام واحدا واحدا فجاء الصدوق وعدّد الأسماء.)
 
الرد:
القول بأن هذه مجرد زيادة تفسيرية لا يستقيم، وذلك لأن هناك بعض الكلمات المحذوفة من النص التي استبدلت بغيرها.
لاحظ أن الرواية الأصلية، وهي رواية الكافي، فيها: (ومحمد نبيي وعليًا وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم أئمتي).
لو كان هذا مجرد تفسير، لقال ابن بابويه: (ومحمد نبيي وعليًا وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم أئمتي، يعني: والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي و جعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة بن الحسن بن علي.)
ولكن نجد ابن بابويه يحذف (وفلانًا وفلانًا إلى آخرهم)، ولا يُفرِّق بين كلام الكاظم وكلامه باستخدام كلمة: (يعني)، والزيادات التفسيرية لا ينبغي فيها استبدال الكلمات.
وأزيد على ذلك أن علماء الشيعة لم يُفرِّقوا  بين كلام الإمام وكلام ابن بابويه هنا، فلم يعتبروه زيادة تفسيرية، بل ظنوا أن جميعه من كلام الكاظم. ومن الأمثلة على ذلك قيام آية الله العظمى جواد التبريزي، بإدخال  هذه الرواية في رسالته في المختصرة واستدل بها كنص على أسماء الأئمة الإثني عشر.[6] ولا يُلام التبريزي على هذا الخطأ، إذ لا يوجد في النص ما يدل على أن هذه الزيادة تفسيرية.
وأما بالنسبة لقول الشيخ أحمد: (إذ أنّ أصل الخبر فيه إرشاد إلى استحباب ذكر أسماء الأئمّة عليهم السلام واحدا واحدا فجاء الصدوق وعدّد الأسماء.)
أقول: وهل تخفى أسماء الأئمة الإثني عشر على الإثني عشرية؟! أليس من الممكن أن يذكر ابن بابويه هذه الأسماء عقب الرواية؟ وهذا العمل بمفرده يكفينا للشك في مصداقية ابن بابويه، إلا أن الاختلافات السبعة الأخرى التي تتعلق بمعرفة الأئمة وعددهم تحول شكنا إلى يقين.
ولعل الشيخ أحمد غفل عن أهمية هذه الزيادة التفسيرية كرواية ذات عواقب عقائدية، وربما  لو كان صاحب الزيادة إسماعيلي أو واقفي أو فطحي وكان قد أدخل في الرواية تفسيره الشخصي الذي يوافق معتقده في تسمية الأئمة، لاستدرك الشيخ أحمد ذلك عليه.
 
الاحتمال الرابع:
(لو أبى المستشكل إلّا أن تكون هذه الزيادة تحريفا في الحديث، فاتهامه للصدوق هو محض تظنّي وتخمين، إذ من المحتمل أن يكون المحرّف –تنزّلا- غيره، وذلك لأنّ: الصدوق لم يتلقّى الحديث من الكليني كما أوهم صاحب الشبهة بل أخذه من غير الكليني وهو (محمد بن علي ماجلويه.)
 
هذا الاعتراض المذكور أقرب إلى القبول مما سبق، والجواب عليه بسيط يتمثل  بوجود نمط يمنعنا من اتهام محمد بن علي ماجلويه.
لاحظ أن الروايات الأربعين التي ذكرتها في كتاب (تحريفات الصدوق) ليس فيها إلا خمس روايات تأتي من طريق محمد بن علي ماجلويه، وهي الروايات رقم 2، 11، 12، 25، 32. فلو افترضنا أنه قام بتحريف هذه الروايات، فما الذي سنفعله بالروايات الأخرى؟!
والمعروف من مناهج المحدثين أنهم يوجهون النقد باتجاه المُتَّهم الأكبر عندما ينتقدون الأخبار. فإذا كان في الإسناد كذاب وضعيف الضبط وثقة،اتهموا الكذّاب مع وجود احتمال صدقه. وإذا توبع في الرواية، وجدتهم يطعنون في الراوي الضعيف، مع احتمال ضبطه لهذه الرواية وأن الخطأ فيه كان من الثقة.
فإذا عُلم ذلك واتضح أن ابن بابويه هو القاسم المشترك الأدنى، وعُلم أيضًا أن محمد بن علي ماجلويه لم يُتّهم في رواية خالية من وجود ابن بابويه، اتضح سبب اتهام ابن بابويه، إذ يستبعد أن يكون ابن بابويه في ساحة الجريمة في جميع هذه الحالات ولا يكون له يدٌ فيها. وهذا الكلام وضحته في مقدمة كتابي ص15، حيث بينت أن احتمالية عدم تحريفه لأي من الروايات ضئيلة إلى حد خيالي.
 
هل حرف البخاري الروايات؟
ذكر الشيخ أحمد في أثناء محاولته للدفاع عن ابن بابويه مثالا لاختلاف ألفاظ رواية للبخاري مع غيره، وناقش بأن من يتهم ابن بابويه بالتحريف عليه أن يتهم البخاري أيضًا.
إلا أن الاتهام الموجه للبخاري لا علاقة له بابن بابويه، فلو سلمنا جدلًا أن البخاري حرف الروايات النبوية فسنضرب بحديثه عرض الحائط. ولن أخوض في الرد على هذه التهمة هنا وسأخص مقالة أخرى للرد على هذه الشبهة إذ موضوعنا هو: وثاقة ابن بابويه القمي.
 
الخلاصة
إن الأعذار التي ذكرها الشيخ أحمد ليست مقنعة. ولو لم تكن هذه التحريفات ذات أهمية بالغة من حيث الاعتقاد والكثرة لاستطعنا أن نتجاهلها كزيادات بريئة. ولكن الواقع يثبت لنا عكس ذلك، وهو أن تحريف ابن بابويه لهذه الرواية كان نتيجة نية سيئة وهي لنصرة اعتقاده، وهذا ما ثبت من رواية واحدة، فماذا لو بنينا حكمًا على جميع التحريفات المذكورة في الكتاب؟
وفي النهاية بعد أن قدمت هذه الأدلة لا يسعني إلا أن أسأل الله تعالى أن يشرح صدر الشيخ أحمد وأن يهديه إلى الصراط المستقيم.
والحمد لله رب العالمين.


[1]  طريق ابن بابويه إلى عبد الله بن جندب كما في مشيخة الفقيه ص99-100: وما كان فيه عن عبد الله بن جندب، فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد الله بن جندب.
[2]  من لا يحضره الفقيه لابن بابويه 1/ 158
[3]  الكافي للكليني 3/ 211-212
[4]  ينظر: الكافي للكليني 1/ 166
[5]  ينظر: الكافي للكليني 1/ 198
[6]  رسالة مختصرة في النصوص على إمامة الإثني عشر ص16