Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الثورة العراقية ... بداية التصحيح ..

وَصَـف المالكي الثورة الشعبية في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وكركوك بأنها حركات مسلحة إرهابية متناسياً الاعتصامات السلمية التي انتهجها أهالي تلك المناطق قرابة العام من أجل تصحيح مسار سياسي خاطئ يتمثل بتهميش مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي. يمثل ثوار العشائر الثقل البشري لهذه الثورة على عكس ما يُروج له في وسائل الإعلام من تضليل متعمد بأن 'داعش' هي التي وراء تلك 'الحركة الإرهابية'. هذا الترويج الإعلامي المضلل هي محاولة لصهر الشتات السياسي الطائفي في العراق في قالب واحد لمواجهة تلك الثورة الشعبية بقيادة المالكي ليظهر كرجل دولة مما يعزز مكانته السياسية المحلية، وكذلك من أجل الحصول على زخم إعلامي وتأييد سياسي من قبل أطراف إقليمية وعالمية. 
لو قـَبـِلنا على سبيل المجاز بفرضية أن داعش هي المسؤولة عن تلك الحركات الإرهابية، ألا يجدر بنا السؤال كيف أمكن لهم أن يسيطروا على أكبر محافظات العراق بعد بغداد؟. الإجابة حتماً تكون نتيجة الممارسات السياسية والأمنية والإقصاء الطائفي المُمَنهج في حكومة المالكي التي خلقت حالة استياء شعبي على نطاق واسع أدى إلى خلق حالة توافق مؤقت وهدف مشترك بين الثوار ومقاتلي داعش. كما أن حكومة المالكي ذات لون سياسي وطائفي أ ُحادي الأمر الذي لا ينسجم مع مجتمع متعدد مثل المجتمع العراقي. ولا أدل على ذلك التعبئة الطائفية من قبل مراجع دينية ورجال دين ضد الثورة الشعبية، صاحب تلك أيضاً التعبئة السياسية والعسكرية من قبل أطراف دولية مثل إيران.
منذ الغزو الأمريكي للعراق، أصبح جلياً للعيان التدخل الإيراني من الناحية العسكرية والسياسية في العراق عبر بوابة المذهب الديني وتغلغل حتى أصبح يهيمن على مفاصل الدولة العراقية، بينما لم يكن هناك تحرك على مستوى الدول العربية أو الخليجية عدا تلك التحذيرات التي أطلقها ملك الأردن بأن إيران تسعى إلى السيطرة على الهلال الخصيب. تمثل داعش حالة الغياب السياسي والعسكري للدول العربية وبالأخص الخليجية في مرحلة ما بعد غزو أمريكا للعراق، ويشير إلى ذلك وجود عناصر خليجية ضمن هذا التنظيم. وقد يغلب على البعض وجود تنسيق خفي بين الجماعات الإسلامية الجهادية ودول الخليج وهذا ما لا يؤيده الواقع خاصة بأن معظم تلك التنظيمات أ ُدرجت ضمن قائمة الإرهاب في تلك الدول.
الثورة العراقية الحالية قامت على أسس ومطالب وطنية سواء كانت داعش هي على رأس الهرم أو غيرها، كما أن حالة التوافق بينها وبين الثوار لابد أن تستمر لكي تتحقق أهداف الثورة بسقوط حكومة المالكي وعودة العراق إلى الجذور العربية. تهويل المالكي والآله الإعلامية الموالية له بوجود عناصر من داعش ضمن الثورة العراقية ليس إلا استغلالاً مستهلكاً لدعاية الإرهاب التي أصبحت تطلق من غير ضابط. على الرغم من الاختلاف العقائدي، لابد من القول بأن داعش تلعب دور رئيسي في الساحة العراقية لما تملكه من خبرة العسكرية ودعاية إعلامية خلافاً لدورها المشكوك به في سوريا، ووجودها في الساحة العراقية قد يخفف الضغط على الساحة السورية لصالح الثورة هناك. المرحلة المقبلة قد تكون حرجة وتستلزم من الدول الخليجية والعربية دور فعّال ليس فقط لاستعاده هذا القطر العربي من النفوذ الإيراني بل من أجل أمنها واستقرارها فيما لو تم سيطرة إيرانية كاملة على المنطقة الشمالية للجزيرة العربية. - 

 نواف المطيري - الآن.