Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

حقوقُ الصَّحابةِ رضوانُ الله عليهم

حقوقُ الصَّحابةِ رضوانُ الله عليهم
فضيلة الشَّيخ عثمان بن محمَّد الخميس حفظه الله
 

السَّلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه
إنَّ الحمدَ لله ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَنْ يهدهِ الله فهو المهتدي ، ومَنْ يُضْلِلْه فلنْ تجدَ له وليّاً مُرشداً ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه .
فبادئ ذي بدءٍ أتقدَّم بالشُّكرِ الجزيلِ للقائمين على مِثْلِ هذه الدُّروسِ التي أسألُ الله جلَّ في علاه أنْ ينفعَ بها قائلَها وسامعَها  وأنْ يجعلَنا وإيَّاكم دُعاةً على أبوابِ جنَّاتِ النَّعيمِ .
إنَّ حديثَنا معكم في هذه اللَّيلةِ التي أسألُ الله تباركَ وتعالى أنْ يجعلَها مباركةً وأنْ يجعلَ أهلَها مباركين كما اجتمعنا في هذا المكانِ المباركِ في بيتٍ مِنْ بيوتِ الله تباركَ وتعالى .
إنَّ حديثَنا عن خيرِ البشرِ بعد أنبياءِ الله صلواتُ الله وسلامُه عليهم أجمعين ، وذلك أنَّ الله تباركَ وتعالى يصطفي مِنَ الخلقِ ما يشاءُ جلَّ في علاه .
وقد أخبرَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ الله تباركَ وتعالى : "  اصطفى كنانةَ مِنْ ولدِ إسماعيلَ ، واصطفى قريشاً مِنْ كنانة  ، واصطفى بني هاشم مِنْ قريش " ، ثم قالَ : "  واصطفاني  مِنْ بني هاشم " .
 هذا الحديثُ الشَّريفُ الذي أخرجَه الإمامُ مسلم في صحيحهِ يخبرُ به النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ الله يصطفي ويختارُ ويقدِّم  ويُعْلِي درجاتِ مَنْ يحبُّ سبحانه وتعالى .
إنَّ حديثَنا عن أصحابِ المرسلين ، بل عن أصحابِ سيِّد المرسلين صلواتُ ربِّي وسلامُه عليهم أجمعين .
إنَّ حديثَنا هو عن أصحابِ محمَّدٍ صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه .
 
ابتداءً نقولُ : أصحابُ محمَّدٍ هم في تعريفِهم عند أهلِ العِلْمِ هم مَنْ صَحِبُوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم .. صَحِبُوه وآمنوا به وماتوا على هذا الإيمانِ ، فهؤلاء هم أصحابُ محمَّدٍ صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه .
ولذلك نصَّ أهلُ العِلْمِ على تعريفِ الصَّحابيِّ فقالوا : هو كلُّ مَنْ لقيَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مؤمناً به وماتَ على ذلك .
هذا هو الصَّحابيُّ .. يُشْتَرَطُ أنْ يكونَ لقيَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه  وسلَّم سواء سمعَه أو لم يسمعْه .. رآه بعينهِ أو لم يره لأنه قد يكونُ أعمى .. مؤمناً به لأنَّ الكُفَّارَ لقُوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يُؤمنوا به ، والمنافقون لقُوا النَّبيَّ ولم يُؤمنوا به ، يُشترطُ  أنْ يكونَ مؤمناً به حالَ لُقياهُ ، وماتَ على ذلك - أي ماتَ على هذا الإيمانِ - ولم يكنْ مع المرتدِّين الذين تركوا دينَ الله تباركَ وتعالى وانحرفوا ؛ وإنما ثبتَ على دينِ الله تباركَ وتعالى حتى توفَّاه الله جلَّ وعلا ،  هؤلاء لهم شرفٌ يسمِّيه أهلُ العِلْمِ بـ " شرفِ الصُّحبةِ " ، أي تشرَّفوا بِصُحْبَةِ هذا الرَّجلِ .. هذا النَّبيّ الكريم صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه .
ذكرَ الله تباركَ وتعالى فَضْلَ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في كتابهِ كثيراً ، وأثنى عليهم ثناءً عَطِراً سبحانه وتعالى ليبيِّن لنا مكانتَهم ، وكأنَّ الله جلَّ وعلا يقولُ لنا احذر وا مَنْ يطعنُ في هؤلاءِ فها أنذا أُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِ فَضْلِهم ومكانتِهم وقَدْرِهم ورِفْعَةِ  شأنِهم حتى لا يأتيكم أحدٌ بعد ذلك فيطعن في دينِ هؤلاء    القومِ .
*- يكفينا مِنْ ذلك قولُ الله تباركَ وتعالى : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (29)" سورة الفتح .
 هكذا يخبرُنا الله تباركَ وتعالى عن هؤلاء الرَّهْطِ .. عن هؤلاء الصَّحْبِ .. عن هؤلاء القومِ الذين صَحِبُوا نبيَّنا محمَّداً صلَّى الله عليه وسلَّم .
 
*- ويقولُ سبحانه وتعالى : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ... (18) سورة الفتح .
وقد ثبتَ أنَّ الذين بايعوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم تحتَ الشَّجرةِ هم أهلُ بيعةِ الرِّضوان ، وذلك في الحديبيةِ ، وكانَ عددُهم ألفاً وأربعمئة أو ألفاً وخمسمئة .. هؤلاء هم الذين بايعوا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بيعةَ الشَّجرةِ - بيعةَ الرِّضوان - بايعوه على الموتِ .. بايعوه على النُّصْرَةِ .. الله تباركَ وتعالى يقولُ عن أولئك القومِ .. يخبرُ عمَّا في قلوبهم مِنَ الإيمانِ  والتَّقوى والدِّينِ والخيرِ : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً (18) سورة الفتح .
هكذا يُعلنُها الله تباركَ وتعالى مُدَوِّيةً أنَّ هؤلاء القوم كانتْ قلوبُهم مطمئنَّةً .. صافيةً نقيَّةً .. محبَّةً لله .. محبَّةً لنبيِّه صلواتُ الله  وسلامُه عليه .
 
*- ويقولُ الله تباركَ وتعالى عنهم ، وانتبِهوا لهذه الآيةِ : " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ....(100) " سورة  التوبة .
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ " عمَّهم جميعاً .. جميع السَّابقين الأوَّلين  سواء كانوا مِنَ المهاجرين أو مِنَ الأنصارِ ، ثم قالَ : " وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ " ، ثم قيَّدها فقالَ : " بِإِحْسَانٍ " ، وهذه مسألةٌ مهمَّةٌ جِدّاً وذلك أنَّ الله جلَّ في علاه لم يقلْ : " والسَّابقون الأوَّلون بإحسانٍ مِنَ المهاجرين والأنصارِ " لم يقلْ هذا ..
لماذا ؟
قالَ أهلُ العِلْمِ : لأنَّ جميعَهم محسنٌ .
كلُّهم محسنون بلا استثناءٍ .
 أمَّا الذين اتَّبعوهم - التَّابعون - فيهم المحسنُ وفيهم المسيء ، ولذلك قيَّد فقالَ : " وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ " ليس كلّ مَنِ اتَّبعَهم  وإنما مَنِ اتَّبعَهم "  بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " جاء الرِّضا مِنَ الله تباركَ وتعالى .
 لم يُعْلِنِ الله الرِّضا أبداً عن منافقٍ ولا عمَّن يعلمُ أنه سيرتدُّ ، فالله تباركَ وتعالى في عقيدتِنا جميعاً أنه يعلمُ ما كانَ وما يكونُ وما سيكونُ ، فلو كانَ الله تباركَ وتعالى يعلمُ أنَّ هؤلاء القوم سينحرفون .. سيرتدُّون فإنه لا يقولُ أبداً  : "  رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ " لا يمكنُ أنْ يقولَ الله تباركَ وتعالى هذا إلا في قومٍ يعلمُ أنهم سيموتون وهم على سبيلِ الرِّضا .. حقَّقوا الرِّضا في حياةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وحقَّقوا الرِّضا بعد وفاةِ النَّبيِّ صلَّى لله عليه وسلَّم ، ولذلك أعلنَ الله أنه رضيَ عنهم في أكثرَ مِنْ موضعٍ في كتابهِ العزيزِ .
هؤلاء القوم الذين قالَ الله تباركَ وتعالى فيهم : " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) " ، سورة الحشر .
الله تباركَ وتعالى يتكلَّم عن أفعالٍ ويتكلَّم عن قلوبٍ ، " أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ " هذا فعلُ الجوارح ، " يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا " وهذا فعلُ القلوبِ .
 فزكَّى الله ومدحَ أعمالَهم الظَّاهرة ، وزكَّى ومدحَ أعمالَهم الباطنةَ
" يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا " لا كما قالَ عن المنافقين : " .... وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ ...(142)  سورة النِّساء ، أبداً ..  وإنما أخبرَ الله تباركَ وتعالى عنهم أنهم يُريدون وجهَ الله  .. يُريدون القُرْبَ مِنَ الله بهذه الأعمالِ التي يقومون بها .
 
وقد جاءَ في الحديثِ الذي ذكرَه شيخُنا حفظَه الله تباركَ وتعالى  - المقدِّم الآن - وهو حديثٌ عظيمٌ قالَ فيه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : "  النُّجومُ أمَنةُ للسَّماءِ ، فإذا ذهبتِ النُّجومُ أتى السَّماءَ  ما تُوعدُ ، وأنا أمَنةٌ لأصحابي ، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يُوعدون ، وأصحابي أمَنةٌ لأمَّتي ، فإذا ذهبَ أصحابي أتى أمَّتي ما تُوعدُ " جعلَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هؤلاء القومَ - وهم أصحابُه رضيَ الله تباركَ وتعالى عنهم - جعلَهم سبباً في بقاءِ هذه الأمَّةِ بخيرٍ ، أمَنة لأمَّته ، فإذا ذهبوا أتى الأمَّةَ ما تُوعدُ ، وهكذا كانوا كما أخبرَ عنهمُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم .
هؤلاء الأصحاب هم حجرُ الزَّاويةِ في بناءِ هذه الأمَّةِ العظيمةِ .. حجرُ الزَّاويةِ الذي إذا أزِيلَ سقطَ البناءُ .. هؤلاء الصَّحابة هم الذين حفظَ الله بهمُ الدِّين ..  حفظَ الله بهمُ الشَّريعةَ .. هم نَقَلَةُ كتابِ الله تباركَ وتعالى .
 لو لم يكنْ هؤلاء أمناء بالله عليكم كيف سيصلُنا كتابُ الله ؟؟؟!!
هم نقلةُ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فإذا لم يكنْ أولئك أمناء كيف سنعبدُ الله ؟؟؟!!
 كيف سنصلِّي هذه الصَّلاةَ التي صلَّيناها ؟؟؟!!
كيف سنحجُّ ؟؟؟!!
كيف سنعرفُ ربَّنا ؟؟؟!!
لو لم يكنْ هناك أناسٌ أمناءَ وَكَّلَهمُ الله تباركَ وتعالى لِنَقْلِ هذا الدِّينِ العظيمِ عن هذا النَّبيِّ الكريمِ صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه .. إنْ لم يكنْ هؤلاء القوم ثقات فيما نقلوا مِنَ الدِّينِ ، مِنَ القرآنِ والسُّنةِ فلا يمكننا أبداً أنْ نعتمدَ على هذا القرآنِ ، ولا يمكننا أبداً أنْ نعتمدَ على هذه السُّنةِ .. لا بدَّ مِنْ توثيقِ النَّقَلَةِ .
  ولذلك قالَ كثيرٌ مِنَ الطَّاعنين في أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الذين يكفِّرونهم ويتَّهمونهم
 قالوا كلمةً يعتقدونها ألا وهي : كيف نثقُ بقرآنٍ وسنَّةٍ نقلَها أناسٌ نعتقدُ أنهم مرتدُّون ؟؟!!
كيف نثقُ بهذا القرآنِ ؟؟!!
كيف نثقُ بهذه السُّنةِ ؟؟!!
فما كانَ منهم إلا أنْ قالوا إنَّ هذا القرآنَ محرَّفٌ ..
 وإنَّ هذه السُّنةَ محرَّفةٌ ..
 لماذا ؟
قالوا لا نثقُ بالنَّقَلَةِ .. لا نثقُ بِنَقَلَةِ القرآنِ .. لا نثقُ بِنَقَلَةِ السُّنةِ ... نعتقدُ أنهم مرتدُّون .. نعتقدُ أنهم منافقون .. فكيف نأخذُ ديناً عن مرتدِّين ؟؟!! كيف نأخذُ ديناً عن منافقين ؟؟!!
لا يمكننا أبداً ذلك ..
فَمَنْ يطعنُ في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يتوقَّف الطَّعنُ عندهم أبداً ، لا يمكنُ أنْ يتوقَّف هذا الطَّعنُ عند أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم .
لأنَّ هؤلاء قد ماتوا وأفضَوا إلى ما قدَّموا وانتهى أمرُهم ، القضيَّةُ في الدِّين .. في هذا الكتابِ العظيمِ .. في سنَّةِ النَّبيِّ الكريمِ .
 مَنْ نقلَها لنا ؟؟؟
هؤلاء ..
فإذا طُعِنَ فيهم طُعِنَ في هذا الكتابِ العظيمِ .. إذا طُعِنَ فيهم طُعِنَ في هذه السُّنةِ الشَّريفةِ .. فالطَّعنُ فيهم ليس لِذَاتهم ، لأنَّ الإنسانَ كما يقالُ بقضيَّة منطقيَّة واضحة إذا أتاهُ خبرٌ مِنْ كاذبٍ فإنه لا يمكنُ أنْ يثقَ بهذا الخبرِ .
 ولذا نبَّه على هذا الأمرِ الإمامُ أبو زُرْعَةَ الرَّازيّ رحمه الله تباركَ وتعالى حيثُ قالَ : إذا رأيتَ الرَّجلَ يطعنُ في أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فاعلمْ أنه زنديقٌ ، وذلك أنَّ القرآنَ عندنا حقٌّ ، وأنَّ السُّننَ عندنا حقٌّ ، وإنما نقلَ لنا القرآنَ والسُّننَ أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وهؤلاء - يعني الطَّاعنين -
 قالَ : و هؤلاء يريدون أنْ يجرِّحوا شهودَنا ( النَّقَلَة ، الصَّحابة الذين نقلوا القرآن ، الذين نقلوا السُّنة )
قالَ : وهؤلاء يريدون أنْ يجرِّحوا شهودَنا ليُبطِلوا القرآنَ  والسُّننَ .
إذاً القضيَّةُ قضيَّةُ أناسٍ أرادوا هَدْمَ هذا الدِّينِ .. أرادوا رَدَّ هذا الدِّينِ  .. وإنما جعلوا الصَّحابةَ وسيلةً لأنهم ابتداءً لا يمكنُهم أبداً أنْ يقولوا كلاماً في كتابِ الله أو كلاماً في النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فطعنوا في الكتابِ وطعنوا في السُّنةِ مِنْ وجهٍ آخرَ .
 ولذلك صرَّحوا - كما قلتُ - فقالوا : كيف يُوْثَقُ بِسُنَّةٍ نقلَها أناسٌ نعتقدُ أنهم كذَّابون ؟؟!
كيف نثقُ بقرآنٍ نقلَه أناسٌ نعتقدُ أنهم كذَّابون ؟؟!!
كيف نثقُ ؟؟!!
لا نثقُ .
ولذلك تنبَّه أبو زُرْعَةَ رحمه الله تباركَ وتعالى لهذا الأمرِ وقالَ : هؤلاء يريدون أنْ يجرِّحوا شهودَنا لا لتجريح الشُّهودِ وإنما ليُبطِلوا القرآنَ والسُّننَ ، والطَّعنُ بهم أولى ، وهم زنادقةٌ         ( أي الذين يريدون أنْ يطعنوا بأصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآلهِ  وسلَّم ) .
هؤلاء الصَّحابةُ .. هؤلاء القوم لهم علينا فضلٌ لا شكَّ .. هذه النِّعمةُ التي نعيشُها نعمة الإيمان .. تقرأ كتابَ الله غَضّاً طَرِيّاً كما أنزِلَ على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم  .. تصلِّي كما كانَ يصلِّي رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .. تحجُّ كما حجَّ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ..
 هذا الدِّينُ العظيمُ الذي وصلكَ وتفرحُ به وترفلُ به مَنِ الذي أوصلَه إليك ؟؟
إنهم أصحابُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ...
 فلا بدَّ أنْ نعرفَ لهؤلاءِ القومِ حقَّهم وفَضْلَهم ومكانتَهم  وقَدْرَهم ، وهذا هو موضوع حديثِنا معكم .. هو
 حقوق أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم علينا .
 *- أوَّل ما نجدُ مِنْ هذه الحقوقِ محبَّتهم .. أنْ نحبَّ هؤلاء القوم ، الله تباركَ وتعالى يقولُ في كتابهِ العزيزِ : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55) سورة المائدة .. هؤلاء الذين يجبُ علينا أنْ نتولَّاهم ، بخلافِ ما أخبرَ الله تباركَ وتعالى عن المنافقين فقالَ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) " سورة المائدة ، حتى قالَ : " إِنَّمَا وَلِيُّكُم اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55) سورة المائدة .
ومِنْ لازمِ الولايةِ المحبَّةُ والوُدُّ .. أنْ نعرفَ لهم مكانتَهم وقَدْرَهم وأنْ نحبَّهم قُرْبَى إلى الله تباركَ وتعالى ، فهذه أوَّلُ الحقوقِ .
*- كذلك مِنْ حقِّهم علينا نُصْرُتهم والدِّفاعُ عنهم جملةً .. أنْ ندافعَ عن جميعِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، وأنْ ننصرَ جميعَ أصحابِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم  .. هذا مِنْ حقِّهم علينا جملةً ، أي على عامَّةِ الصَّحابةِ ، وأنْ ننصرَهم أفراداً ، كأنْ نسمعَ إنساناً يطعنُ في أبي بكرٍ أو عمرَ أو عثمانَ أو عليٍّ أو عائشةَ أو الزُّبير أو طلحةَ ، أو يطعنُ في أبي هريرةَ أو ابنِ عمرَ أو ابنِ عبَّاس أو غيرِهم مِنْ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم .. أنْ ندافعَ عنهم كما ندافع عن آبائِنا أو أمَّهاتِنا .
  والله الذي لا إلهَ إلا هو إنهم عند الله خيرٌ مِنْ آبائِنا وأمَّهاتِنا  .. وعلينا أنْ نحبَّهم أكثرَ مما نحبّ آباءَنا وأمَّهاتنا لما لهم علينا مِنَ الفَضْلِ ، وما لهم مِنَ المكانةِ عند الله عزَّ وجلَّ .. أنْ ندافعَ عنهم ..
يحزنُ الإنسانُ أحياناً ويغضبُ وقد ينتقمُ ويفعلُ إذا تُكُلِّمَ في أبيهِ أو في أمِّه أو أخيهِ أو أختهِ ، ولا يحزنُ ولا يُجْرَحُ ولا يهتمُّ إذا طُعِنَ في زوجةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم !!!!
إذا طُعِنَ في أصحابِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم !!!!
 إذا طُعِنَ في نَقَلَةِ هذا الدِّينِ العظيمِ !!!!
 لا يتألَّم !!
لا يحزن !!
لا يتأثَّر !!
 ويجبُ أنْ يكونَ هؤلاء أحبّ إلينا مِنْ هؤلاء جميعاً ..
 يجبُ أنْ نعرفَ لهم قَدْرَهم ومكانتَهم ، وألَّا نرضى أنْ يُمَسَّ أحدٌ منهم رضيَ الله عنهم وأرضاهم  .. هذا مِنْ حقِّهم    علينا .
 
 أبو أيُّوب الأنصاريّ رضيَ الله عنه وأرضاه لما وقعتْ حادثةُ الإفكِ وتكلَّم النَّاسُ في عِرْضِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .. في عائشةَ رضيَ الله عنها .
 جاءتْ أمُّ أيُّوب إلى أبي أيُّوب فقالتْ له : يا أبا أيُّوب ، أسمعتَ الكلامَ الذي يقالُ في عائشةَ ؟
- يعني أنها وقعتْ منها الفاحشةُ ، والعياذُ بالله .. تريدُ أنْ تسمعَ منه رأيَه -
 فقالَ لها أبو أيُّوب:  يا أمَّ أيُّوب ، أوَ تفعلينَه أنتِ ؟؟
أتزنينَ ؟!
 أوَ تفعلينَه أنتِ ؟؟
 قالتْ : لا والله ..
قالَ : فعائشةُ والله خيرٌ منكِ .
- يقولُه ( أي هذا الكلام ) لزوجتهِ وهي صحابيَّةٌ !!  لكنْ نظرَ إلى الأخرى فإذا هي أمُّه زوجةُ خيرِ البشرِ " .... وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ ....(26) " سورة النور -
قالَ : أوَ تفعلينه ؟؟
 قالتْ :  لا والله ..
قالَ : فعائشةُ والله خيرٌ منكِ .
أي لا تفعلُه عائشةُ .
هكذا كانوا يُظهرون محبَّتهم لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم  ولأصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم .
 
قد يسمعُ البعضُ مِنَّا رجلاً يستهزئُ بأبي هريرةَ أو ابنِ عمرَ أو معاويةَ أو أبي سفيانَ أو غيرِهم مِنْ أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلا يتمعَّر وجهُه !!!
 وما كأنه سمعَ شيئاً !!!
ولو كانَ الطَّعنُ متوجِّهاً إلى أبيهِ و أخيهِ لثأرَ وثارَ وغضبَ  وزمجرَ وفعلَ الأفاعيلَ !!!
يُطْعَنُ في أمِّ المؤمنين عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فلا يزيدُ على أنْ يقولَ : دَعُوا هذا الأمرَ ... لا تتكلَّموا فيه .
!!!!!!
فإذا تُكُلِّمَ في أمِّهِ أو أختهِ أو ابنتهِ قامتْ قائمتُه وأقامَ الدُّنيا ولم يُقعدْها !!!
 وكأنه يقولُ - وهو قد قالَ - : إنَّ أمَّه وابنتَه وأختَه أفضلُ مِنْ عائشةَ ..
!!!!!!
 وكذبَ لَعَمْرُ اللهِ .
 
فعلينا أنْ ندفعَ عن أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم رجالاً ونساءً .. وأنْ ننصرَهم في وجهِ مَنْ يطعنُ فيهم
 
*- كذلك مِنْ حقِّهم علينا شُكْرُهم والدُّعاءُ لهم بِظَهْرِ الغيبِ  .. وبهذا وصفَ الله المؤمنين فقالَ سبحانه وتعالى بعد أنْ ذكرَ المهاجرين : " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) " ، سورة الحشر .
 
ثم ذكرَ الأنصارَ فقالَ : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) " ، سورة الحشر .
 
بعد أنْ ذكرَ المهاجرين وذكرَ الأنصارَ قالَ : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ... " وهم التَّابعون ، وأتباعُ التَّابعين ، وأنتَ ، وأنا ، و مَنْ يأتي بعدَنا : "  وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) " ، سورة الحشر .
 هكذا يخبرُنا الله تباركَ وتعالى عن حالِ المؤمنين وما يجبُ عليهم أنْ يقولوا " رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ " يؤدِّبنا ربُّنا .. يعلِّمنا ربُّنا سبحانه وتعالى .
 
ولذلك لما جاءَ رجلٌ إلى زينِ العابدين عليِّ بنِ الحسينِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ الله عنهم أجمعين ..
 فقالَ هذا الرَّجلُ لعليِّ بنِ الحسين : إني لا أحبُّ أصحابَ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم .
فقالَ له عليُّ بنُ الحسين : فإنَّ الله تباركَ وتعالى يقولُ : " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) " ، سورة الحشر ، هل أنتَ مِنْ هؤلاء ؟
قالَ الرَّجلُ : لا .. هؤلاء المهاجرون .
قالَ : فإنَّ الله قالَ بعدَها : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) " سورة الحشر ، هل أنتَ مِنْ هؤلاء ؟
قالَ :  لا .. هؤلاء الأنصار .
قالَ : فإنَّ الله تعالى قالَ بعدَها : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10) " ، سورة الحشر ، هل أنتَ مِنْ هؤلاء ؟
قالَ : أرجو ذلك .
قالَ :كذبتَ ، لا يكونُ مِنْ هؤلاء مَنْ لم يحبّ هؤلاء وهؤلاء .
لا يمكنُ .. لا يمكنُ أنْ يكونَ الإنسانُ مِنَ الصِّنفِ الثَّالثِ ، وهؤلاء الأصناف الثَّلاثة هم الذين أخبرَ الله تباركَ وتعالى أنهم مستحقُّون للفيء : " مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنياء مِنْكُمْ ... (7)  سورة الحشر .
ثم بيَّن الله تباركَ وتعالى هذه المصارفَ فقالَ : " لِلْفُقَرَاءِ ... "
 ثم قالَ : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ... " .
ثم قالَ : "  وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ... " .
هؤلاء أهلُ الفيءِ ، هؤلاء المستحقُّون للفيءِ .. هؤلاء الذين يأخذون الغنيمةَ ، أمَّا غيرُهم فلا .. فلا بدَّ أنْ نعرفَ لهم قَدْرَهم  وأنْ ندعوَ لهم في ظَهْرِ الغيبِ كما أوصلوا لنا هذا الخيرَ العظيمَ .
 
*- كذلك أنْ نعرفَ فَضْلَهم ، وأنْ نتعلَّم أخبارَهم ومحاسنَهم  وسِيَرَهم  رضيَ الله عنهم  وأرضاهم ، وأنْ نعلِّم هذا أبناءَنا .
أبناؤنا صاروا يعرفون الكُفَّارَ أكثرَ مما يعرفون المسلمين !!!
يعرفون أخبارَ اللَّاعبين وصفاتِ اللَّاعبين وما يحبُّه اللَّاعبون  والفنَّانون والرَّاقصون !!!
وبناتُنا مع الرَّاقصاتِ والفنَّاناتِ !!!!
 والذي ينبغي علينا أنْ نربطَهم بهذا الجيلِ الكريمِ .. أنْ يتشبَّهوا بهم
فتشبَّهوا إنْ لم تكونوا مثلَهم *** إنَّ التَّشبُّهَ بالكِرَامِ فَلاحُ 
أنْ يعرفوا سِيَرَهم .. أنْ يعرفوا أخبارَهم ..  أنْ يتعرَّفوا على أعمالَهم فيقتدوا بهم .. والإنسانُ يحتاجُ إلى القدوةِ ، والله قالَ لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم بعد أنْ ذكرَ له الأنبياءَ : " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ... (91) سورة الأنعام .
إذا كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُرشدُه الله إلى القدوةِ أفلا نحتاجُ نحن إلى القدوةِ ؟!!
بمنْ يقتدي أولادُنا إنْ لم يقتدوا بهؤلاء ؟؟!!
فينبغي علينا أنْ نعرفَ فَضْلَهم وأنْ ننشرَ هذا بين النَّاسِ وبين أولادِنا خاصَّة .
كذلك مِنْ حقِّهم علينا أنْ نكفَّ اللِّسانَ عمَّا شَجَرَ بينهم ، هم بشرٌ يُصيبون ويخطئون ، ولا يكون دائماً حديثُنا عن أخطائِهم ، نحن لا نقولُ أبداً إنهم معصومون كأفرادٍ .. هم بشرٌ .. الله جلَّ وعلا جعلَ العِصْمَةَ لأنبيائهِ وملائكتهِ أمَّا غيرُ الأنبياءِ فغيرُ معصومين ، يقعُ الخطأ منهم .. قد تقعُ الصَّغائرُ ، بل قد تقعُ الكبائرُ ، ولكنَّنا لا نجعلُ هذا سمرَنا في مجالسِنا وأنْ نتكلَّم في معايبِهم وفي أخطائِهم رضيَ الله عنهم  وأرضاهم .
إنَّ أخطاءَهم مهما كانتْ فهي حبَّاتُ رملٍ في جبالٍ أو قطراتُ ماءٍ في عُبَابٍ .. لا شيءَ .. لا شيءَ أبداً في مقابل حسناتِهم التي كانتْ كالجبالِ .
أين الإنصافُ ؟؟؟!!
موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ألقى الألواحَ وفيها كلامُ الله !!
أخذَ برأسِ أخيهِ و جرَّه إليه !!
حتى قالَ : " ... يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ...(49) سورة طه .
 قتلَ نَفْساً  !!
ومع هذا الله تباركَ وتعالى لم ينسَ حسناته بل ذكرَها له سبحانه وتعالى وجعلَه كليمَ الله ... فإذا قيلَ اليوم مَنْ كليمُ الله ؟؟
قالَ النَّاسُ كلُّهم : موسى صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه .
ويقرِّبه الله ، وما ذُكِرَ نبيٌّ في القرآنِ كما ذُكِرَ موسى صلواتُ ربِّي وسلامُه عليه .
وكأنَّ القائلُ يقولُ :
وإذا أتى الحبيبُ بذنبٍ واحدٍ  *** جاءتْ محاسنُه بألفِ شفيع
 أوَ لا يكونُ الأمرُ كذلك بالنِّسبةِ لأصحابِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟؟!!
 وإذا أتى الحبيبُ بذنبٍ واحدٍ  *** جاءتْ محاسنُه بألفِ شفيع
كم لهم مِنَ المحاسنِ ؟؟؟
كم لهم مِنَ الفضائلِ ؟؟؟
كم لهم مِنَ الحسناتِ ؟؟؟
نتركُها جميعاً ؟؟؟!!
تركوا الأموالَ .. تركوا الأوطانَ  .. تركوا الأهلين .. بذلوا  أنفسَهم  .. مُهَجَهم في سبيلِ الله تباركَ وتعالى ..
  كلّ هذا ننساه ؟!!
ونتذكَّر اجتهاداً اجتهدوا به  فأخطؤوا وهم مُثابون عليه ؟؟!!
والله لا يفعلُ ذلك إلا إنسانٌ في قلبهِ غِلٌّ على أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، وقدِ استحوذَ عليه الشَّيطانُ ونالَ منه مُرَادَه .
فنكفّ عمَّا شَجَرَ بينهم ، وأنْ نعرفَ قَدْرَهم ، مكانتَهم
 
 أقِلُّوا عليهم لا أبا لأبيكمُ مِنَ اللَّوم *** أو سُدُّوا المكانَ  الذي سَدُّوا
 لقد سَدُّوا مكاناً عظيماً .. نشروا دينَ الله تباركَ وتعالى .. ونصروا محمَّداً صلَّى الله عليه وسلَّم .. أفرحوا محمَّداً صلَّى الله عليه وسلَّم .. تبسَّم محمَّدٌ وهو بين أيديهم .. دَفَعُوا عنه بأنفسِهم .. يجعلُ أحدُهم ظَهْرَهُ دِرْعاً لرسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيقولُ : رُوْحِي دونَ رُوْحِكَ الفِدَاءُ .. نفسي دونَ نفسِك الفداءُ .. أعراضهم فداء .. أنفسهم فداء .. أموالهم فداء .. أوطانهم فداء ..
ننسى هذا كلَّه ؟؟ !!!
ثم نطعنُ فيهم ؟؟ !!
 نتكلَّم فيهم ؟؟!!
 نبحثُ عن أخطائِهم ؟؟!!
 هذا لا شكَّ أنه سُوْءُ أدبٍ مع أصحابِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وآلهِ وسلَّم .
ولذلك نبَّه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك ، وذلك لا شكَّ أنه عن وحي أوحاه الله إليه ، فقالَ : " لا تسبُّوا أصحابي  فلو أنَّ أحدَكم أنفقَ مِثْلَ أحُدٍ ذهباً ما بلغَ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفَه " .
يبيِّن لنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَدْرَهم وقَدْرَنا .. يقولُ لنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم اعرفْ قَدْرَكَ ..
 مَنْ تكونُ ؟؟
 مَنْ أنتَ ؟؟
لو أنفقتَ مِثْلَ أحُدٍ ذهباً ما بلغتَ مُدّاً قدَّمه أحدُهم ..
 ما قَدْرُ المدِّ الذي يملأ الكفَّينِ مقابلَ جبلِ أحُد ؟؟؟!!!
  ما قَدْرُه مقابلَ جبلِ أحُدٍ ؟؟!!
لا شيءَ ..
لو أنفقَ أحدُكم مِثْلَ أحُدٍ ذهباً ما بلغَ مُدَّ أحدِهم  بل ولا نصيفَه .
كأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ينبِّهنا إلى مكانةِ أولئك القوم
قوم حكمَ الله أنهم مِنْ أهلِ الجنَّةِ .. انتهى الأمرُ " لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ...(10) "سورة الحديد ، انتهى .
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ(101) سورة الأنبياء ، مُبْعَدُونَ عن النَّار .. كتبَ الله لهمُ الحسنى .
 " لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) " سورة النساء .
أناسٌ وعدَهمُ الله الحسنى ، انتهى الأمرُ .. نأتي اليومَ لنتكلَّمَ فيهم ونطعنَ فيهم ؟؟!!
والله لا يزيدُنا هذا إلا خَبَالاً ، ولا يزيدُنا إلا دناءةٍ عند ربِّ العِزَّةِ تباركَ وتعالى .
 
 *- وأخيراً أقولُ إنَّ مِنْ حقِّ هؤلاء علينا أنْ نفعلَ كما فعلَ الله ونقولَ كما قالَ الله سبحانه وتعالى حيثُ قالَ : " لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ .... (18) " سورة الفتح ، فإذا ذكرناهم قلنا رضيَ الله عنهم وأرضاهم .
 أنْ نترضَّى عنهم كلَّما ذُكِرُوا .. كلَّما ذُكِرَ أصحابُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ترضَّينا عنهم لأنَّ الله رضيَ عنهم  سبحانه وتعالى .
 
هذه كلماتٌ جالتْ في خاطري أحببتُ أنْ أطرحَها بين أيديكم وأسألُ الله تباركَ وتعالى أنْ ينفعَنا بها .
 والله أعلى وأعلم ، وصلَّى الله وسلَّم وباركَ على نبيِّنا محمَّد .
 
 
 
تم تفريغ الدرس بواسطة الأخوات
فاعلة خير و  نازك  و عبق
شبكة المنهج تحت إشراف الشيخ //:
عثمان بن محمَّد الخميس حفظه الله