Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الشيعة وصكوك الغفران

الشيعة وصكوك الغفران
محمد مال الله 

الإهداء

إلى ابنتيَّ
ضُحى وسَجى
داعياً المولى – تبارك وتعالى – أن ينبتهما نباتاً طيباً وأن يجعلهما من الصالحات القانتات.

أبو عبد الرحمن

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
يسرني أن أضع بين يدي القراء الكرام رسالة متواضعة بذلت فيها من الجهد والوقت ما يعلمه الله تعالى، حاولت فيها إبراز الدليل والبرهان على القضية التي أودّ بيانها للآخرين، وذلك أن بعض المسلمين لا يزال يعتقد أن الرافضة فرقة من فرق المسلمين لا يجوز إخراجها عن دائرة الإسلام، وهذا الاعتقاد ناشئ عن الجهل بحقيقة الرافضة وأسس دينهم، ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها العلماء والمفكرون من هذه الأمة في بيان حقيقة دين الرافضة إلا أنه يوجد الكثير من المسلمين يحسنون الظن بالرافضة.
وهذه الرسالة تتناول قضية خطيرة لم يتطرق إليها أحد – حسب علمي المتواضع – حتى بعض الباحثين المتخصصين في الدين الشيعي، ورغم قضائي أكثر من سبعة عشر عاماً في دراسة الرافضة وعقائدهم، إلا أنني لما أعدت قراءة تراث الرافضة وجدت العجب العجاب، وجدت أنني خلال تلك الفترة لم أفهم إلا قشور ذلك الدين، وغابت عني أشياء كثيرة.
من ذلك: أن الرافضة يزعمون أنهم شعب الله المختار، وأن الله تعالى اصطفاهم على سائر خلقه عدا الأنبياء والمرسلين والأئمة المعصومين، وأنهم يدخلون الجنة بغير حساب، وأنهم وحدهم فقط من أصلاب آبائهم، وأما غيرهم فهم أبناء زنا!! ويرتكبون الفواحش والمنكر، ويتحمل وزر ذلك أهل السنة... أشياء غريبة.. وحماقات عظيمة...
وموضوع هذه الرسالة "الرافضة وصكوك الغفران" حيث يزعم الرافضة أن الأئمة المعصومين أعطوا أتباعهم أماناً من النار، وصكوكاً من أن يعاقبهم الله تعالى بما اقترفوا من الذنوب والآثام، وسبب ذلك: المحبة والموالاة للأئمة المعصومين.
وجعلت هذه الرسالة على أربعة فصول:
الفصل الأول: أسباب النجاة من العذاب في الآخرة، وفيه بيان الأسباب التي تندفع بها العقوبة والنجاة من النار. وهذا لا يكون إلا للمؤمنين الموحدين الذين اعتنقوا الإسلام ظاهراً وباطناً وليس مجرد الانضواء تحت راية الإسلام.
الفصل الثاني: الرافضة وصكوك الغفران: ذكرت في هذا الفصل الروايات المكذوبة التي تزعم النجاة والمغفرة للرافضة دون سواهم من البشر.
الفصل الثالث: الرافضة ودخول الجنة وتحريمها على من سواهم: تطرقت في هذا الفصل إلى استعراض روايات الرافضة التي توهم أنه لا يدخل الجنة إلا من اعتقد بعقائدهم، وسار على منهجهم، وأن ولاية الأئمة المعصومين هي السبب الرئيسي في دخول الجنة.
الفصل الرابع: أهل السنة يتحملون ذنب الرافضة: أوضحت فيه مدى انحدار العقل الرافضي في تحميل غيرهم ذنوبهم وموبقاتهم.
وختاماً، أرجو من المولى – تبارك وتعالى – أن يجعل ثواب هذا الجهد في ميزان حسناتي يوم القيامة.
وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
 
أبو عبد الرحمن
محمد مال الله
28 شعبان 1411ه‍

الفصل الأول
أسباب النجاة في الآخرة
من العذاب
أسباب النجاة من العذاب في الآخرة([1])
 
إن الذنوب مطلقاً من جميع المؤمنين هي سبب العذاب، لكن العقوبة بها في الآخرة في جهنم تندفع بنحو عشرة أسباب:
 
السبب الأول: التوبة: فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. والتوبة مقبولة من جميع الذنوب: الكفر، والفسوق، والعصيان. قال الله تعالى: { قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } [الأنفال: 38] وقال تعالى: { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } [التوبة: 11].
وقال تعالى: { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [المائدة: 73-74].
وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } [البروج: 10].
قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود، فتنوا أولياءه وعذبوهم بالنار، ثم هو يدعوهم إلى التوبة.
والتوبة عامة لكل عبد مؤمن، كما قال تعالى: { وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا، لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } [الأحزاب: 72-73].
وقد أخبر الله في كتابه عن توبة أنبيائه ودعائهم بالتوبة، كقوله: { فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة: 37].
وقول إبراهيم وإسماعيل: { رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } [البقرة: 127-128].
وقال موسى: { أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ، وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا } [الأعراف: 155-156].
وقوله: { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [القصص: 16].
وقوله: { تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } [الأعراف: 143].
كذلك ما ذكره في قصة سليمان وغيرها.
وبالجملة: ليس علينا أن نعرف كل واحد تاب، ولكن نحن نعلم أن التوبة مشروعة لكل عبد: للأنبياء، ولمن دونهم، وأن الله سبحانه يرفع عبدة بالتوبة، وإذا ابتلاه بما يتوب منه، فالمقصود كمال النهاية لا نقص البداية، فإنه تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، وهو يبدل بالتوبة السيئات حسنات.
والذنب مع التوبة يوجب لصاحبه من العبودية والخشوع والتواضع والدعاء، وغير ذلك، ما لم يكن يحصل قبل ذلك. ولهذا قال طائفة من السلف: إن العبد ليفعل الذنب فيدخل به الجنة، ويفعل الحسنة فيدخل بها النار. يفعل الذنب فلا يزال نصب عينيه، إذا ذكره تاب إلى الله ودعاه وخشع له، فيدخل الجنة، ويفعل الحسنة فيعجب بها فيدخل النار.
وفي الأثر: "لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أعظم من الذنب، وهو العُجب".
وفي أثر آخر: "لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه".
وفي أثر آخر: "يقول الله تعالى: أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب".
والتائب حبيب الله سواء أكان شاباً أو شيخاً.
 
السبب الثاني: الاستغفار: فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدعاء والسؤال، وهو مقرون بالتوبة في الغالب، ومأمور به، لكن قد يتوب الإنسان ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: ”أذنب عبد ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب: اغفر لي ذنبي. فقال تعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب. قد غفرت لعبدي“.
وفي رواية لمسلم: ”فليفعل ما شاء“([2]).
والتوبة تمحو جميع السيئات، وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا التوبة، فإن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وأما التوبة فإنه تعالى قال: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53].
وهذه لمن تاب. ولهذا قال: { لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ } بل توبوا إليه.
وقال بعدها: { وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ } [الزمر: 54].
وأما الاستغفار بدون التوبة، فهذه لا يستلزم المغفرة، ولكن هو سبب من الأسباب.
 
السبب الثالث: الأعمال الصالحة؛ فإن الله تعالى يقول: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ  السَّـيِّئَاتِ } [هود: 114].
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ بن جبل يوصيه: ”يا معاذ: اتق الله حيثما كنت، وأتبِعِ السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن“([3]).
وفي الصحيح عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفَّارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر“ (أخرجناه في الصحيحين)([4]).
وفي الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه“([5]).
وقال: ”من حجَّ هذا البيت فلم يرفُث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه“([6]).
وقال: ”أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهراً غمراً يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل كان يبقي من درنه شيء؟“ قالوا: لا. قال: ”كذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا كما يمحو الماء الدرن“. وهذا كله في الصحيح([7]).
وقال: ”الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار“ رواه الترمذي وصححه([8]).
وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [الصف: 10-12].
وفي الصحيح: ”يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين“([9]). وما روي: أن "شهيد البحر يغفر له الدين". فإسناده ضعيف([10])، والدَّين حق لآدمي فلابد من استيفائه.
وفي الصحيح: ”صوم يوم عرفة كفارة سنتين، وصوم يوم عاشوراء كفارة سنة“([11]).
ومثل هذه النصوص كثير، وشرح هذه الأحاديث يحتاج إلى بَسْطٍ كثير، فإنَّ الإنسان قد يقول: إذا كُفِّر عني الصلواتُ الخمسَ، فأيّ شيء تُكَفِّرُ عني: الجمعة، أو رمضان، وكذلك صَومُ يومِ عرفةَ وعاشوراء؟
وبعضُ الناسِ يجيبُ عن هذا بأنه يُكتَبُ لهم درجاتٌ إذا لم تجد ما تُكفِّرهُ من السّيّئاتِ.
فيقال أولا: العملُ الذي يمحو الله به الخطايا، ويكفرُ به السيئات هو العمل المقبول.
والله تعالى إنما يتقبَّلُ من المُتَّقينَ.
والناسُ لهم في هذه الآية وهي قوله تعالى: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [المائدة: 27] ثلاثَةُ أقوال: طرفان ووسط. فالخوارج والمعتزلة يقولون: لا يَتَقَبَّلُ الله إلا مِمَّن اتَّقى الكبائرَ: وعندهم صاحبُ الكبيرة لا يُقبل منه حسنة بحال. والمرجئة يقولون: من اتّقى الشرك. والسلف والأئمة يقولون: لا يتقبل إلا ممن اتّقاه في ذلك العمل ففعلَهُ كما أمِرَ به خالصاً لوجه الله تعالى.
قال الفضيل بن عياض في قوله تعالى: { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [هود: 7] قال: أخلصهُ وأصوبهُ. قيل: يا أبا عليّ ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إنَّ العملَ إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كانَ صواباً ولم يَكُنْ خالصاً لم يُقْبَل حتى يكون خالصاً صواباً. والخالص أن يكونَ لله، والصوابُ أن يكون على السُّنَّة.
فصاحبُ الكبائرِ إذا اتَّقى الله في عملٍ من الأعمال تقبَّلَ الله منه، ومن هو أفضل منه إذا لم يَتَّقِ الله في عَمَلٍ لم يتقبَّلْهُ منه، وإن تقبَّلَ منه عملاً آخر.
وإذا كان الله إنما يتقبَّلُ ممن يعمل العملَ على الوجهِ المأمورِ به ففي السنن عن عمَّار، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”إنَّ العبدَ لينصرفُ عن صلاتِهِ ولم يُكتب له منها إلا نِصفها، إلا ثُلثها، إلا رُبعها، حتى قال: إلا عُشرها“([12]).
وقال ابن عباس: ليسَ لكَ من صلاتِكَ إلا ما عقلتَ منها.
وفي الحديث: ”رُبَّ صائمٍ حَظَّهُ من صيامِهِ العَطَشَ، ورُبَّ قائمٍ حَظُّهُ من قيامِهِ السَّهَرُ“([13]). وكذلك الحج والجهاد وغيرهما.
وفي حديث معاذ موقوفاً ومرفوعاً، وهو في السنن: ”الغَزوُ غزوان: فغزوٌ يُبتغى به وَجْهُ الله، ويُطاعُ فيه الأمير، وتُنفق فيه كرائِمُ الأموالِ، ويُياسَرُ فيه الشريكُ، ويجتنبُ فيه الفسادُ، ويُتَّقى فيه الغلول، فذلك الذي لا يَعدِلُهُ شيءٌ، وغزوٌ لا يُبتغى به وجه الله، ولا يُطاع فيه الأمير، ولا تُنفقُ فيه كرائِمُ الأموالِ، ولا يُياسَرُ فيه الشريك، ولا يُجتنبُ فيه الفسادُ، ولا يُتقى فيه الغلولُ، فذاك حسب صاحبه أن يرجعَ كفافاً“([14]).
وقيل لبعضِ السَّلفِ: الحاجّ كثيرٌ؟ فقال: الداجُّ كثيرٌ، والحاجُّ قليلٌ. ومثل هذا كثير.
فالمحوُ والتكفيرُ يقع بما يُتقبّل من الأعمال، وأكثر الناس يقصِّرون في الحسناتِ، حتى في نفس صلاتهم. فالسعيدُ منهم من يُكتب له نصفها، وهم يفعلونَ السيئاتِ كثيراً، فلهذا يُكفَّر بما يُقبل من صيامِ رمضان شيء آخر، وكذلك سائِرُ الأعمال، وليس كل حسنة تمحو كل سيئة، بل المحو يكون للصغائِرِ تارَةً، ويكونُ للكبائِر تارَةً باعتبارِ الموازنة.
والنوعُ الواحدُ من العَمَلِ قد يفعلهُ الإنسانُ على وَجْهٍ يُكمِلُ فيه إخلاصَهُ وعبوديتهُ لله، فيغفر الله له به كبائرَ، كما في الترمذي وابن ماجه وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”يُصاحُ برجلٍ من أُمَّتي يومَ القيامةِ على رؤوسِ الخلائِقِ فيُنشرُ عليه تسعة وتسعونَ سجلاً، كل سجل منها مدّ البَصَرِ. فيقال: هل تُنْكِرُ من هذا شيئاً؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: لا ظلمَ عليك. فتخرج له بطاقَةٌ قَدْرَ الكَفِّ فيها شهادة أن لا إله إلا الله، فيقول: أينَ تقعُ البطاقةُ مع هذه السجلات؟ فتوضع هذه البطاقة في كفةٍ، والسجلات في كفة، فَثَقُلَتِ البطاقَةُ وطاشَتِ السجلاتُ“([15]).
فهذه حالُ من قالها بإخلاصٍ وصدقٍ، كما قالها هذا الشخص. وإلا فأهلُ الكبائرِ الذينَ دخلوا النارَ كلهم كانوا يقولون: لا إله إلا الله، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم، كما ترجَّحَ قول صاحبِ البطاقة.
وكذلك ي الصحيحين، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”بينما رجل يمشي بطريقٍ اشتدَّ عليه فيها العطشُ، فوجَدَ بئراً، فَنَزلَ فيها فشَرِبَ، ثم خَرَجَ، فإذا كَلبٌ يَلْهَثُ، يأكُلُ الثرى من العطشِ. فقال الرجل: لقد بلغَ هذا الكلبُ من العطشِ مثلَ الذي كانَ بلغَ مني، فنَزلَ البِئرَ فملأ خُفَّهُ، ثم أمسكَهُ بفيهِ حتى رقَى، فسقَى الكلبَ، فشَكَرَ الله له فغُفِرَ لَهُ“([16]).
وفي لفظ في الصحيحين: ”إنَّ امرأةً بَغِيّاً رأت كَلْباً في يومٍ حارٍّ يطيفُ ببئرٍ قد أدْلَعَ لسانه من العَطَشِ، فنَزَعَتْ له مُوقَها، فَسَقَتْهُ به، فَغُفِرَ لها“([17]). وفي لفظ في الصحيحين أنها كانت بغيّاً من بغايا بني إسرائيل([18]).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”بينما رجلٌ يمشي في طريقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ على الطريقِ فأخَّرَهُ فَشَكَرَ اللهُ له، فَغُفِرَ لَهُ“([19]).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ”دخلَتْ امرأةٌ النَّارَ في هِرّةٍ، رَبَطَتْها: لا هيَ أطعمَتْها، ولا هِيَ تركَتْها تأكُلُ من خَشاشِ الأرضِ حتى ماتت“([20]).
فهذه سَقَت الكلبَ بإيمانٍ خالصٍ كانَ في قلبها فغُفِرَ لها، وإلا فليسَ كلُّ بغيٍّ سَقَتْ كلباً يُغفَرُ لها. وكذلك هذا الذي نحى غُصْنَ الشوكِ عن الطريقِ، فعلَهُ إذْ ذاكَ بإيمانٍ خالصٍ، وإخلاصٍ قائمٍ بقلبِهِ، فغُفِرَ لَهُ بذلك، فإنَّ الأعمالَ تتفاضَلُ بتفاضِلِ ما في القلوبِ من الإيمانِ والإخلاصِ، وإنَّ الرجلين ليكونُ مقامُهُما في الصَّفِّ واحداً، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرضِ، وليسَ كلّ من نَحَّى غُصْنَ شوكٍ عن الطريقِ يُغْفَرُ لَهُ.
قال الله تعالى: { لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ } [الحج: 37]. فالناسُ يَشترِكونَ في الهدايا والضّحايا، والله لا ينالُهُ الدَّمُ المِهْراقُ ولا اللّحمُ المأكولُ، والتّصدّق به، لكن يَنَالُهُ تَقْوى القُلوب.
وفي الأثر: أنَّ الرَّجلين ليكونُ مقامُهُما في الصَّفِّ واحداً، وبين صلاتيهما كما بين المشرقِ والمغربِ.
فإذا عُرِفَ أنَّ الأعمالَ الظاهرةَ يَعْظُم قدرُها، ويَصْغُرُ قدرُها بما في القلوبِ، وما في القلوب يتفاضَلُ، ولا يَعْرِفُ مقادير ما في القلوب من الإيمانِ إلا الله – عَرَفَ الإنسانُ أنَّ ما قاله الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم كُلُّهُ حقٌّ لم يَضْرِبْ بَعضُهُ ببعضٍ.
وقد قال تعالى: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } [المؤمنين: 60].
وفي الترمذي وغيره، عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: يا رسول الله: أهو الرجلُ يزني ويسرِقُ ويشربُ الخمرَ ويخافُ أن يُعاقَبَ؟ قال: ”لا يا ابنةَ الصّدّيقِ، بل هو الرَّجُلُ يصوم ويصلِّي ويتصدّق ويخالُ أن لا يُتَقَبَّلَ منهُ“([21]).
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنْفقَ أحدكم مِثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مُدّ أحدهم ولا نَصيفه“([22]).
وذلك أن الإيمان الذي كان في قلوبهم حين الإنفاق في أوِّل الإسلام وقلَّة أهله، وكثرة الصَّوارف عنه، وضعف الدواعي إليه لا يمكن أحداً أن يحصلَ له مثله ممن بعدهم، وهذا يَعْرفُ بعضه من ذاق الأمورَ، وعرفَ المِحنَ والابتلاءَ الذي حَصَلَ للناسٍ، وما يحصل للقلوبِ من الأحوال المختلفة.
وهذا مما يُعرف به أن أبا بكر رضي الله عنه لن يكونَ أحدٌ مثله، فإنَّ اليقينَ والإيمان الذي كان في قلبه لا يساويه فيه أحدٌ. قال أبو بكر بن عيَّاش: ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاةٍ ولا صيامٍ، ولكن بشيءٍ وَقَرَ في قَلْبِهِ.
وهكذا سائرُ الصحابة حصلَ لهم بصحبتهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم، مؤمنين به مجاهدينَ معه، إيمانٌ ويقينٌ لم يشركهم فيه مَنْ بَعْدَهُم.
وقد ثبتَ في صحيح مسلم عن أبي موسى، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه رَفَعَ رأسه إلى السماء- وكان كثيراً ما يرفعُ رأسه إلى السماء – فقال: ”النجوم أمَنَةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجومُ أتى السماء ما تُوعدُ، وأنا أمَنَةُ لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعَدون، وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعَدون“([23]).
وفي الصحيح عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”ليأتينّ على النَّاس زمانٌ يَغْزو فيه فئامٌ من الناس، فيقال : هل فيكم من صحَبَ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فيُقال: نعم، فيُفتح لهم“ وفي لفظ: ”هل فيكم منْ رأَى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يَأتي على النَّاس زمانٌ يَغْزو فيه فئامٌ من الناس، فيقال: هل فيكم من صحب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فيقولون: نعم فيُفتح لهم“([24]). هذا لفظ بعض الطرق، والثلاث الطبقات متفق عليها في جميع الطرق، وأما الطبقة الرابعة فهي مذكورة في بعضها.
وقد ثبتَ ثَنَاءُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على القرونِ الثلاثة في عدّةِ أحاديثَ صحيحة، من حديث ابن مسعود، وعمران بن حصين يقول فيها: ”خير القرون قرني، ثم الذين يلونَهُم، ثم الذين يلونَهُم“ ويشك بعض الرواة: هل ذكر بعد قرنِهِ قرنين أو ثلاثة([25]).
والمقصود أنَّ فضلَ الأعمال وثوابها ليس لمجرد صورها الظاهرة، بل لحقائقها التي في القلوب، والناسُ يتفاضلونَ في ذلك تفاضلاً عظيماً. وهذا مما يحتج به من رجّح كل واحد من الصحابة على كل واحد ممن بعدهم، فإنَّ العلماء، متفقونَ على أنَّ جُملة الصحابةِ أفضلُ من جملةِ التابعين، لكن هل يفضّل كل واحد من الصحابة على كل واحد ممن بعدهم، ويفضل معاوية على عمر بن عبد العزيز؟
وذكر القاضي عياض وغيره في ذلك قولين، وأن الأكثرين يفضِّلون كل واحد من الصحابة، وهذا مأثور عن ابن المبارك، وأحمد بن حنبل وغيرهما.
ومن حُجَّةِ هؤلاء أنَّ أعمال التابعينَ وإن كانت أكثر، وعدل عمر بن عبد العزيز أظهر من عدل معاوية، وهو أزهد من معاوية، لكن الفضائلَ عند الله بحقائق الإيمان الذي في القلوب. وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”لو أنفق أحدُكُم مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً ما بلغَ مُدّ أحدهم ولا نَصِيفَهُ“.
قالوا: فنحن قد نعلمُ أنَّ أعمالَ بعض من بعدهم أكثر من أعمالِ بعضهم، لكن من أين نعلم أنَّ ما في قلبه من الإيمان أعظم مما في قلب ذلك، والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخبر أنَّ جبل ذهب من الذين أسلموا بعد الحديبية لا يساوي نصف مُدّ من السابقين. ومعلوم فضل النفع المتعدّي بعمر بن عبد العزيز: أعطى الناس حقوقهم وعدل فيهم، فلو قُدِّر أن الذي أعطاهم ملكه، وقد تصدَّق به عليهم، لم يعدل ذلك مما أنفقه السابقون إلا شيئاً يسيراً، وأين مثل جبل أحد ذهباً حتى ينفقه الإنسان، وهو لا يصير مثل نصف مدّ؟
ولهذا يقول من يقول من السلف: غبارٌ دَخَلَ في أنفِ معاوية مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أفضل من عملِ عمر بن عبد العزيز([26]).
وهذه المسألة تحتاج إلى بسط وتحقيق ليس هذا موضعه، إذ المقصود هنا أن الله سبحانه مما يمحو به السيئات الحسنات، وأن الحسنات تتفاضلُ بسبب ما في قلب صاحبها من الإيمان والتقوى. وحينئذ فيُعرف أنَّ مَنْ هو دونَ الصحابةِ قد تكون له حسناتٌ تمحو مثل ما يُذمّ من أحدهم فكيفَ الصحابة؟؟
 
السبب الرابع: الدعاءُ للمؤمنين، فإنَّ صلاةَ المسلمينَ على الميّت ودعاءهم له من أسباب المغفرةِ، وكذلك دعاؤهم واستغفارهم في غير صلاةِ الجنازة. والصحابةُ مازالَ المسلمون يدعون لهم.
 
السبب الخامس: دعاءُ النبي صلّى الله عليه وسلّم واستغفارُهُ في حياتِهِ وبعدَ مماتِهِ، كشفاعتِهِ يومَ القيامةِ، فإنَّهُم أخصّ الناس بدعائه وشفاعتِهِ في محياه ومماتِهِ.
 
السبب السادس: ما يُفعلُ بعدَ الموتِ من عملٍ صالحٍ يُهدى له، مثل من يتصدّق عنه، ويحجّ عنه، ويصوم عنه. فقد ثبتَ في الأحاديث الصحيحة أنَّ ذلك يصلُ إلى الميتِ وينفعه، وهذا غير دعاء ولده، فإنَّ ذلكَ من عمله.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”إذا ماتَ ابنُ آدم انقطعَ عَمَلُهُ إلا من ثلاثٍ: صَدَقَةٍ جارِيَةٍ، أو علمٍ يُنْتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو لَهُ“ رواه مسلم([27]) فولده من كسبه، ودعاؤه محسوب من عمله، بخلافِ دعاءِ غير الولد: فإنَّهُ ليسَ مَحْسُوباً من عمله، والله ينفعه به.
 
السبب السابع: المصائبُ الدنيويةُ التي يكفِّرُ الله بها الخطايا كما في الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”ما يصيبُ المؤمن من وَصَبٍ ولا نَصَبٍ، ولا غَمٍّ ولا هَمٍّ، ولا حُزْنٍ ولا أذىً، حتى الشَّوكَةَ يُشاكها، إلاّ كفَّرَ الله بها من خطاياه“([28]).
وفي الصحيحين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”مَثَلُ المؤمنِ مَثَلُ الخامَةِ من الزرع تفيِّئها الرياح، تقومها تارة وتميلها أخرى. ومثل المنافقِ كمثل شجرة الأرْزَةِ، لا تزال ثابتة على أصلها، حتى يكونَ انجعافُها مرَّة واحدةً“([29]).
وهذا المعني متواترٌ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في أحاديث كثيرة، والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يُبتلون بالمصائب الخاصة، وابتلوا بمصائبَ مشتركة، كالمصائب التي حصلت في الفتن، ولو لم يكن إلا أن كثيراً منهم قُتلوا، والأحياء أصيبوا بأهليهم وأقاربهم، وهذا أصيبَ في ماله، وهذا أصيبَ بجراحَتِهِ، وهذا أصيبَ بذهابِ ولايته وعزّه، إلى غير ذلك، فهذه كلها مما يكفِّر الله بها ذنوب المؤمنين من غير الصحابة، فكيف الصحابة؟ وهذا مما لابُدَّ منه.
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألتُهُ أن لا يُهلكَ أمتي بسنةٍ عامة، فأعطانيها، وسألته أن لا يُسلِّطَ عليهم عدوّاً من غيرهم فيجتاحهم، فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها“([30]).
وفي الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه لما نزل قوله تعالى: { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ } [سورة الأنعام: 65] قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”أعوذ بوجهك“ { أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ } قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”أعوذ بوجهك“ { أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ } قال: ”هذا أهون وأيسر“([31]).
فهذا أمر لابد منه للأمة عموماً. والصحابة رضي الله عنه كانوا أقل فتناً من سائرِ مَنْ بعدهم، فإنه كلما تأخّرَ العصرُ عن النبوة كَثُرَ التَفرّقُ والخلاف.
ولهذا لم تحدث في خلافةِ عثمان بدعة ظاهرة، فلما قُتل وتفرّق الناس حدثت بدعتان متقابلتان: بدعةُ الخوارج المكفّرين لعلي، وبدعةُ الرافضة المدّعين لإمامته وعصمته، أو نبوته أو إلاهيته.
ثم لما كانَ في آخر عصر الصحابة، في إمارة ابن الزبير، وعبد الملك، حَدَثَتْ بدعةُ المُرجِئَةِ والقَدَريّةِ. ثم لَمّا كان في أول عصر التابعين في أواخر الخلافة الأموية حدثت بدعةُ الجهميّةِ المعطّلة والمشبّهة الممثَّلة، ولم يكن على عهدِ الصحابة شيءٌ من ذلك.
وكذلك فِتَنُ السَّيْفِ، فإنَّ الناسَ كانوا في ولاية معاوية رضي الله عنه متفقين يغزونَ العدو، فلما ماتَ معاوية قُتل الحسين، وحوصِرَ ابن الزبير بمكة، فم جرت فتنة الحرَّة بالمدينة.
ثم لما ماتَ يزيد جَرَتْ فتنةٌ بالشام بين مروان والضّحّاك بمرج راهط.
ثم وَثَبَ المختار على ابن زياد فقتلَهُ وجرتْ فِتْنَةٌ.
ثم جاء مُصعب بن الزبير فقتل المختار، وجرت فِتْنَةٌ.
ثم ذهب عبد الملك إلى مُصعب فقتله وجرت فِتْنَةٌ.
وأرسلَ الحجّاج إلى ابن الزبير فحاصَرَهُ مُدَّةَ، ثم قتله وجرتْ فِتْنَةٌ.
ثم لما تولى الحجّاج العراق خرجَ عليه ابن الأشعث مع خلقٍ عظيم.
 
السبب الثامن: ما يُبتلى به المؤمن في قبرِهِ من الضّغطَةِ وفتنةِ الملَكَين.
السبب التاسع: ما يحصل له في الآخرة من كَرْبِ أهوالِ يوم القيامة.
السبب العاشر: ما ثبتَ في الصحيحين أنّ المؤمنينَ إذا عَبَروا الصراط، وقفوا على قَنْطَرَةٍ بين الجنة والنار، فيُقتصّ لبعضهم من بعض فإذا هُذِّبوا ونُقُّوا أذن لهم في دخولِ الجنة([32]).
فهذه الأسباب لا تفوت كلها من المؤمنين إلا القليل، فكيف بالصحابة رضوان الله عليهم، الذين هم خَيْرُ قرونِ الأمة؟ وهذا في الذنوب المحققة، فكيف بما يُكذب عليهم؟ فكيف بما يُجعل من سيئاتهم وهو من حسناتهم؟

الفصل الثاني
الرافضة وصكوك الغفران
 

ساغ للرافضة الادعاء بأنهم دون خَلْقِ الله تعالى بأنَّ الله قد غفرَ لهم جميعَ ذُنوبهم بسببِ موالاتهم لآل البيت ومحبَّتهم واتباعهم، ووضعوا في ذلك المروياتِ الكثيرةِ من أجل تبرير ذلكَ الادعاء.

وحينما نضعُ تلكَ المرويات تحتَ مجهرِ الجرحِ والتعديلِ يتبينُ لنا زِيفَ وكذبَ تلك المروياتِ، بيد أنَّ القوم دَرَجوا على الكذبِ والتزوير، فإذا كانوا قد وضعوا في مناقب أئمتهم، ومثالبِ أعدائهم الشيءَ الكثير، أفلا يحقُّ لهم أن يضعوا في فضائلهم أيضاً؟
ومن نظر في المرويات التالية يجد أنَّ الرافضة تحاولُ الرفعَ من شأنهم، والحطّ من مُخالفيهم.
ولا أحبّ – أخي القارئ – أن أُطيل عليك ولكني أدعُ تلك المرويات تُفْصِحُ عن مدى الكذب الذي اتصفتْ به الرافضة حتى أنهم يزعمونَ بأن لا قيمةَ للعملِ الصالح الذي يعمله المخالفون لهم، وبالمقابلِ فإنَّ المذنبَ منهم لا يُعاقب، وإذا أمن الإنسان من العقابِ مهما فَعَلَ فما قيمة الإيمان بالله؟ أيكفي الحب لوحدهِ.
وقبلَ أن نشرعَ في المروياتِ ينبغي لنا فهمَ موقف آلِ البيتِ – رضي الله عنهم – من تلك العصابة التي تتدثر بالمحبة وبالموالاة، لتتضح الصورة أمام القراء الكرام، وأيضاً لِيُكشَفَ زيف الانتماء إليهم – رضي الله عنهم – ونكتفي بذكر بعض الخُطَبِ التي توضحُ حقيقة موقف الرافضة من أهلِ البيت – رضي الله عنهم -.
 
من خطب الإمام علي – رضي الله عنه –
في ذَمِّ أصحابِهِ
 
1 -  فلو ائتمنتُ أحدكم على قُعْبٍ([33]) لخشيتُ أن يذهب بعلاقَتِهِ. اللهم إنِّي قدب مللتُهُم وملُّوني، وسئمتهم وسئموني، فأبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً مني. اللهم مُثْ([34]) قُلوبَهُم كما يُماثُ الملحُ في الماء. أما والله لوددتُ أنّ لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم([35]):
هنالك لو دعوت أتاك منهم          فوارس مثل أرمية الحميم([36])
2 -  فيا عجباً! واللهُ يُميتُ القلبَ ويجلبُ الهَمَّ من اجتماع هؤلاء القوم على باطلهم وتَفَرُّقكم عن حقكم، فَقُبحاً لكم وتَرَحاً([37]) حين صِرتُم غَرَضاً يُرمى يُغارُ عليكم ولا تُغيرون، وتُغزون ولا تغزون، ويُعصى الله وترضَونَ. فإذا أمرتُكم بالسير إليهم في أيام الحرِّ قُلتم هذه حمارةُ القيظِ([38]) أمهلنا يُسَبَّخ([39]) عنّا الحرُّ. وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم هذه صبارة القُرِّ([40]) أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فراراً من الحر والقُرِّ، فإذا كنتم من الحر والقر تفرون، فإذا أنتم والله من السيف أفر. يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلُومُ الأطفال، وعُقُولُ ربات الحِجَالِ([41]). لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم، معرفةٌ والله جرَّت ندماً وأعقبت سَدَماً([42]).قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً. وشحنتُم صدري غيظاً. وجرّعتُمُوني نُغَبَ التهمام أنفاساً([43]) وأفسدتم عليَّ رأيي بالعصيان والخذلان حتى لقد قالت قُريشٌ إن ابن أبي طالب رجلٌ شُجاعٌ ولكن لا علم له بالحرب. لله أبُوهُم وهل أحدٌ منهم أشدُّ لها مِراساً وأقدمُ فيها مقاماً مني، لقد نهضتُ فيها وما بلغتُ العشرين، وها أنا قد ذرّفتُ على الستين([44]) ولكن لا رأي لمن لا يطاع([45]).
3 -  أيها الناسُ المُجتمعَةُ أبدانُهم، المختلفةُ أهواؤهم. كلاكم يُوهِي الصُّمُّ الصِّلابَ. وفِعلُكُم يُطمِعُ فيكمُ الأعداء، تقولون في المجالس كيت وكيت، فإذا جاء القتال قلتم حِيدي حياد([46])، ما عزَّت دعوةٌ من دعاكم ولا استراح قلبُ من قاساكم([47]) أعاليل بأضاليل([48]). دفاعَ ذي الدَّين المطول لا يمنعُ الضَّيم الذّليلُ([49])، ولا يُدرَكَ الحقُّ إلا بالجِدِّ، أيِّ دارٍ بعدَ دارِكُم تمنعون. ومع أيِّ إمامٍ بعدي تُقاتلون، المغرور والله من غررتُمُوه، ومن فاز بِكُم فقد فاز والله بالسَّهم الأخيب، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوَقَ ناصل([50]) أصبحتُ والله لا أُصدِّقُ قولكم، ولا أطمعُ في نصرِكُم ولا أوعدُ العدو بكم، ما بالكم؟ ما دواؤكم؟ ما طِبُّكُم؟ القومُ رجالٌ أمثالكم. أقوالاً بغير عملٍ وغفلة من غير ورعٍ. طمعاً في غير حقٍّ([51]).
4 -  أف لكم سَئِمتُ عتابَكُم. أرضيتُم بالحياة الدنيا من الآخرة عِوَضاً. وبالذّلِّ من العزِّ خَلَفاً، إذا دعوتُكُم إلى جهاد عدوِّكُم دارت أعيُنَكم كأنكم من الموت في غمرةٍ([52]). ومن الذُّهول في سكرةٍ. يُرتَجُّ عليكم حواري فتعمهون([53]) فكأنَّ قلوبكم مألوسةٌ([54]) فأنتم لا تعقلون، ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي([55]) وما أنتم بركن يُمالُ بِكُم ولا زوافِر عز يُفتقرُ إليكم([56]). ما أنتم إلا كإبل ضلَّ رُعاتُها. فكُلَّما جُمِعت من جانبٍ انتشرت من آخر. لبئس لعمرُ الله سعرُ نارِ الحربِ أنتم([57]) تُكادُون ولا تَكِيدون. وتُنقصُ أطرافُكُم فلا تمتعِضُون([58]) لا يُنامُ عنكم وأنتم في غفلة ساهون، غُلِبَ والله المُتخاذلُون وأيمُ الله إني لأظنُّ بكم أن لو حَمي الوغى واستحرّ الموتُ قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراجَ الرأسِ([59]) والله إن امرأ يُمكِّنُ عَدُوّه من نفسه يَعرُقُ لحمَهُ([60]) ويهشِمُ عظمَهُ ويفري جِلدَهُ لعظيمٌ عجزُهُ ضعيفٌ ما ضُمَّت عليه جوانِحُ صَدرِهِ([61]) أنت فكن ذاك إن شئتَ، فأما أنا والله دون أن أعطي ذلك ضربٌ بالمشرفيّة تطيرُ منه فراشُ الهام. وتطيحُ السواعِدُ والأقدامُ([62]). ويفعلُ الله بعد ذلك ما يشاءُ([63]).
5 -  كما أداريكم كما تُدارى البِكارُ العَمِدَةُ([64]). والثيابِ المُتداعيةُ([65]) كُلّما حيصت من جانبٍ تهتَّكت من آخرَ([66]) أكُلّما أطلّ عليكم منسرٌ من مناسر أهل الشام أغلقَ كُلُّ رجُلٍ بابه وانجحرَ انجحار الضَبَّةُ في جُحرها والضَّبعُ في وجارها([67]). الذليلُ والله من نصرتموه. ومن رُمي بكم فقد رُمِي بأفَوَقَ ناصِلٍ. وإنكم والله لكثيرٌ في الباحاتِ([68]) قليلٌ تحت الرايات، وإني لعالمٌ بما يُصلِحُكُم ويُقيمُ أودَكُم([69]) ولكنّي لا أرى إصلاحَكُم بإفسادِ نفسي. أضرع الله خُدُودكم([70]) وأتعسَ جُدُودكم([71]) لا تعرفون الحقَّ كمعرفتكم الباطل، ولا تُبطِلُون الباطلَ كإبطالِكُم الحقّ([72]).
6 -  استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سِرّاً وجهراً فلم تستجيبوا ونصتُ لكم فلم تقبلوا، أشُهُودٌ. كغُيَّاب وعبيدٌ كأرباب؟ أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها. وأعظِكُم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها. وأحثكم على جهاد أهل البغي فما آتي على آخر القول حتى أراكم متفرقين أيايد سبا([73]) ترجعون إلى مجالسكم وتتخادعون عن مواعظكم. أقوِّمُكُم غُدوة وترجعون إلى عشية كظهر الحيّة([74])، عجز المقوِّمُ وأعضل المُقوَّمُ([75]).
أيها الشاهدةُ أبدانُهُم. الغائبة عقولهم. المختلفةُ أهواؤهم، المُبتَلَى بهم أمراؤُهُم. صاحبكم يُطيعُ الله وأنتم تعصونهُ. وصاحبُ أهلِ الشّام يعصي الله وهم يُطيعونَهُ.
لودِدتُ والله أنَّ معاويَةَ صارفني بكم صَرفَ الدينارِ بالدّرهم فأخذ منّي عشرةً منكم وأعطاني رجُلاً منهم.
يا أهل الكوفةِ مُنيتُ بكم بثلاثٍ واثنتين: صُمّ ذوو أسماع، وبُكمٌ ذوو كلام، وعُميٌ ذوو أبصارٍ. لا أحرارُ صدقِ عند اللقاءِ ولا إخوانُ ثقةٍ عندَ البلاءِ.
تَرِبَت أيديكم. يا أشباه الإبل غابَ عنها رُعاتها، كُلمَّا جُمِعت من جانبٍ تفرَّقت من جانبٍ آخر.
والله لكأنِّي بكم فيما إخَالُ([76]) أن لو حَمِسَ الوغى وحَمِيَ الضِّرابُ وقد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراجَ المرأة عن قُبُلِها([77]).
 

من خطب الحسن بن علي في ذم الشيعة

 
1 -  أرى والله أنَّ معاوية خيرٌ لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلى وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي، وأؤمن به في أهلي، خير لي من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلماً، والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير، أو يمن عليّ فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت([78]).
2 -  والله ما سَلَّمْتُ الأمر إليه إلا أني لم أجد أنصاراً، ولو وجدت أنصاراً لقاتلته ليلي ونهاري حتى يحكمَ الله بيني وبينه، ولكني عَرَفْتُ أهلَ الكوفة، وبلوتُهم ولا يصلح لي منهم من كان فاسداً، إنهم لا وفاء لهم، ولا ذمة في قول ولا فعل، إنهم لمختلفون ويقولون لنا: إنَّ قلوبهم معنا. وإنَّ سيوفهم لمشهورة علينا([79]).
 

من خطب الحسين بن علي رضي الله عنهما

 
تباً لكم أيتها الجماعة وترحا([80]) وبؤساً لكم، حينَ استصرختمونا وَلهين([81]) فأصرخناكم موجفين([82]) فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وخمشتُم علينا ناراً أضرمناها على عَدُوِّكم وعدونا، فأصبحتم إلبا([83]) على أوليائكم، وبدا على أعدائكم من غير عَدْلٍ أفشوه فيكم، ولا أملَ أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا إليكم، فهلا لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم والجأش([84]) طامن والرأي لم يستحصف، ولكنكم أسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدبا، وتهافتم إليها كتهافت الفراش، ثم نقضتمونا سفهاً وضلة، فبعداً وسُحقاً لطواغيت هذه الأمة، بقيةِ الأحزابِ، ونبذة الكتاب، ومطفئي السنن، ومؤاخي المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عِضين، وعصاة الإمام، وملحقي العهرة بالنسب، ولبئسَ ما قدمت لهم أنفسهم أنْ سَخِطَ الله عليهم، وفي العذابِ هم خالدون.
أفهؤلاء تعضدون وعنا تتخاذلون، أجل، والله خذل فيكم معروف، نبتت عليه أصولكم، واتذرت عليه عروقكم، فكنتم أخبث ثمر شجر للناظر، وأكلة للغاصب، ألا لعنةُ الله على الناكثين الذين ينقضون الإيمان بعد توكيدها وقد جعلوا لله عليهم كفيلاً([85]).
 
من خطب علي (زين العابدين) بن الحسين في ذم الشيعة
 
أيها الناس‍ ناشدتكم بالله هل تَعْلَمُونَ أنكم كتبتم إلى أبي وخَدَعْتُمُوهُ وأعطيتموه من أنفسكم العَهْدَ والميثاق والبيعة؟ قاتلتموه وخذلتموه، فتباً لكم ما قدمتم لأنفسكم، وسوء لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ يقول لكم: قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي.
فارتفعت أصواتُ الناس بالبكاء. ويدعو بعضهم بعضاً: هَلكُتم وما تَعْلَمون.
فقال علي بن الحسين: رَحِمَ الله امرءاً قَبِلَ نصيحتي، وحَفِظَ وصيّتي في الله وفي رسوله، وفي أهلِ بيته، فإنَّ لنا في رسولِ الله أسوَةٌ حَسَنَةٌ.
فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا يا ابن رسول الله سامعونَ مطيعونَ حافظون لذمامك، غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك، فمرنا بأمرك رحمك الله فإنا حَرْبٌ لحربِكَ، سلم لسلمك لنأخذن نزتك ونزتنا عمن ظلمك وظلمنا.
فقال علين الحسين: هيهات هيهات!!! أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم وبين شهواتِ أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إليَّ كما أتيتم إلى آبائي من قبل. كلا ورب الراكضات إلى منى، فإن الجرح لما يندمل!!! قتل أبي بالأمس، وأهل بيته معه، فلم ينسني ثكل رسول الله صلّى الله عليه وآله، وثكل أبي وبني أبي وجدي شق لها زقي، ومرارته بين حناجري وحلقي، وغُصصه تجري في فراشي صدري. ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا([86]).
 
من خطب زينب بنت علي بن أبي طالب
في ذم الشيعة
 
عن حذيم بن شريك الأسدي قال:
لما أتي علي بن الحسين زين العابدين بالنسوة من كربلاء وكان مريضاً، وإذا نساء أهلِ الكوفة ينتدبن مشققات الجيوب، والرجال معهن يبكون.
فقال زين العابدين عليه السلام – بصوتٍ ضئيلٍ وقد نهكته العلة -: إن هؤلاء يبكون علينا فمن قتلنا غيرهم؟!!!
فَأَوْمَتْ زينب بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام إلى الناسِ بالسكوتِ.
قال حذيم الأسدي: لم أر والله خفرة قط أنطق منها. كأنها تنطقُ وتفرغ على لسان علي عليه السلام، وقد أشارت إلى الناس بأن: انصتوا، فارتدَّتِ الأنفاسُ وسكنتِ الأجراس، ثم قالت – بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلّى الله عليه وآله:
أما بعد! يا أهل الكوفة، يا أهل الختل([87]) والغدر والخذل!!! ألا فلا رَقَأتِ([88]) العبرة، ولا هدأت الزفرة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً([89]) تتخذون أيمانكم دَخَلاً بينكم([90]) هل فيكم إلا الصلف([91]) والعُجْب والشنف([92]) والكذب، وملق الإماء، وغمز الأعداء([93]) أو كمرعى على دمنة([94]) أو كفصة على ملحودة([95]).
 
خطبة فاطمة الصغرى في ذم الشيعة
 
يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدرِ والخُيلاء، إنا أهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعلَ بلائنا حسناً، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبةُ علمه، ووعاءُ فهمهِ وحكمته وحجته في الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضلنا بنبيه صلّى الله عليه وآله على كثير من خلقه تفضيلاً، فكذبتمونا وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً، وأموالنا نهباً، كأنا أولاد الترك أو كابل، كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دماءنا أهل البيت لحقد متقدم، قرت بذلك عيونكم وفرحت به قلوبكم، اجتراءاً منكم على الله، ومكراً مكرتم والله خير الماكرين، فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل([96]) بما أصابنا من المصائب الجليلة، والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم، والله لا يحبُّ كُلَّ مختال فخور.
تباً لكم فانتظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حَلَّ بكم، وتواترت من السماء فيسحِتَكُم([97]) بما كسبتم، ويذيق بعضكم بأسَ بعض، ثم تخلدونَ في العذابِ الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله على الظالمين، ويلكم أتدرون أية يد طاعنتنا منكم، أو أية نفس نزعت إلى قتالنا، أم بأية رجل مشيتم إلينا، تبغون محاربتنا؟ قست قلوبكم، وغلظت أكبادكم، وطبع على أفئدتكم، وختم على سمعكم وبصركم، وسَوَّلَ لكم الشيطانَ، وأملى لكم، وجعلَ على بَصَرِكُم غشاوة فأنتم لا تهتدون.
تباً لكم يا أهل الكوفة. كم تراثٍ لرسول الله صلّى الله عليه وآله قبلكم، ودخوله لديكم. ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي، وبنيه عترة النبي الطيبين الأخيار([98]) ألا بئسَ ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، أتبكون أخي؟!! أجل والله فابكوا فإنكم أحرى بالبكاء فابكوا كثيراً، واضحكوا قليلاً، فقد أبليتم بعارها، ومنيتم بشنارها([99]).
ولن ترحضوها أبداً([100]) وأنى ترحضون. قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ حربكم، ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم وأسى كلمكم([101]) ومفزع نازلتكم، والمرجح إليه عند مقاتكتم ومدرة حججكم([102]) ومنار محجتكم، فتعساً تعسا! لقد خاب السعي وتبت الأيدي، وخَسِرَتِ الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضُرِبَتْ عليكم الذلة والمسكنة، أتدرون ويلكم أي كبدٍ لمحمد صلّى الله عليه وآله فرثتم؟! وأي عهد نكثتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي دمٍ له سفكتم؟! لقد جئتم شيئاً إدّاً تكاد السماوات يَتَفَطَّرْنَ منه وتنشقُّ الأرض وتخر الجبال هدّاً!!! لقد جئتم بها شوهاء([103]) صلعاء، عنقاء، سوداء، فقماء([104]) خرقاء([105]) كطلاع الأرض([106]) الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فإن الله عز وجل لا يحفزه([107]) البدار، ولا يخشى عليه فوات الثأر، كلا إن ربك لنا ولهم لبالمرصاد([108]).
 
وبعد أن استعرضنا موقف آل البيتِ من الرافضة، إليك بعض أكاذيب الرافضة التي تزعم أن الأئمة أعطوهم صكوك الغفران:
1 -  عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: يا عليّ إنَّ الله وهبَ لك حُبَّ المساكين والفقراء في الأرض، فرضيتَ بهم إخواناً، ورضوا بك إماماً فطوبى لمن أحبك، وويل لمن أبغضك. يا عليّ: أهل مودتك كلّ أواب حفيظ، وكل ذي طِمْريْنِ([109]) لو أقسمَ على الله لأبرّه. يا عليّ: أحبّاؤك كلّ محتقر عند الخلق، عظيم عند الحقّ. يا عليّ: محبّوك في الفردوس الأعلى، جيرانُ الله لا يأسفونَ على ما فاتهم. يا عليّ: إخوانك ذبل الشفاه، تعرف الرهبانية في وجوههم، يفرحون في ثلاث مواطن: عند الموتِ وأنا شاهدهم، وعند المساءلة في قبورهم وأنتَ هناك تلقّنهم، وعند العرض الأكبر إذا دعي كلّ أناس بإمامهم.
يا عليّ: بشر إخوانك أنَّ الله قد رضيَ عنهم، يا عليّ: أنت أمير المؤمنين، وقائد الغُرِّ المُحَجَّلين، وأنت وشيعتك الصافون المسبّحون، ولولا أنت وشيعتك ما قام لله دين، ولولا من في الأرض منكم ما نزل من السماءِ قَطْرٌ. يا عليّ: لك في الجنة كنـز وأنت ذو قرنيها، وشيعتك حزب الله، وحزب الله هم الغالبون. يا عليّ: أنت وشيعتك القائمون بالقسط، وأنتم على الحوضِ تَسْقونَ من أحبَّكم، وتمنعونَ من أخلّ بفضلكم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر.
يا عليّ: أنت وشيعتك تظّلون في الموقف، وتنعمون في الجنان، يا عليّ: إنَّ الجنَّةَ مُشتاقةٌ إليك وإلى شيعتك وإن ملائكة العرش المقربين يفرحون بقدومهم والملائكة تستغفر لهم، يا عليّ: شيعتك الذين يخافون الله في السرّ والعلانية. يا عليّ: شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات، ويَلْقَوْنَ الله ولا حساب عليهم. يا عليّ: أعمال شيعتك تعرض عليّ في كل جمعة فأفرح بصالح أعمالهم، وأستغفر لسيئآتهم.
يا عليّ: ذِكرُكَ وذكرُ شيعتكَ في التوراة بكل خيرٍ، قبل أن يُخْلَقُوا، وكذلكَ في الإنجيل فإنهم يعظّمون أليا وشيعته، يا عليّ: ذكرُ شيعتك في السماء أكثر من ذكرهم في الأرض فبشرهم بذلك. يا عليّ: قل لشيعتك وأحبائك يتنـزهون من الأعمال التي يعملها عدوهم، يا عليّ: اشتدَّ غضب الله على مَن أبغضك وأبغضَ شيعتكَ([110]).
2 -  عن محمد بن عمران بن عبد الكريم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: دخلَ أبي المسجد فإذا هو بأناس من شيعتنا فدنا منهم، فسلّم، ثم قال لهم: والله إني لأحب ريحكم وأرواحكم، وإني لعلى دين الله، وما بين أحدكم وبين أن يغتبط بما هو فيه إلا أن تبلغ نفسه هاهنا – وأشارَ بيده إلى حجرته – فأعينونا بورعٍ واجتهادٍ، ومن يأتم منكم بإمام فليعمل بعمله.
أنتم شرطُ الله، وأنتم أعوانُ الله، وأنتم أنصارُ الله، وأنتم السابقونَ الأولون، والسابقون الآخرون، وأنتم السابقون إلى الجنة، قد ضمنا لكم الجنان بضمانِ الله ورسوله، كأنكم في الجنة تنافسون في فضائل الدرجات.
كلّ مؤمن منكم صدّيق، وكلّ مؤمنة منكم حوراء، فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا قنبر: قم فاستبشر فالله ساخِطٌ على الأمة ما خلا شيعتنا، ألا وإن لكلّ شيء شرفاً، وشرفُ الدينِ الشيعة، ألا وإنَّ لكل شيء عماداً وعماد الدين الشيعة، ألا وإن لكل شيء سيداً وسيد المجالس مجالس شيعتنا، ألا وإنَّ لكل شيء شهوداً وشهود الأرض أرض سكان شيعتنا فيها ألا ومن خالفكم منسوبٌ إلى هذه الآية { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ، عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً }، ألا ومن دعا منكم فدعوته مستجابة، ألا ومن سأل منكم حاجة فله بها مئة حاجة، يا حبذا حسن صنع الله إليكم، تخرج شيعتنا يوم القيامة من قبورهم مشرقة ألوانهم ووجوههم قد أعطوا الأمان، لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والله أشد حبّاً لشيعتنا منّا إليهم([111]).
3 -  عن محمد بن سليمان، عن أبيه قال: كنتُ عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخلَ عليه أبو بصير، وقد حَفَزَهُ النفس، فلما أخذ مجلسه، قال له أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد! ما هذا النَّفَسُ العالي؟ فقال: جُعِلْتُ فداك يا ابن رسول الله. كَبُرَتْ سنّي، ودقّ عظمي، واقتربَ أجلي مع أنني لست أدري ما أرد عليه من أمر آخرتي؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد و إنك لتقولُ هذا؟ قال: جُعِلْتُ فداك فكيف لا أقول؟ فقال: يا أبا محمد! أما عَلِمْتَ أنَّ الله تعالى يكرم الشباب منكم ويستحي من الكهول؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فداكَ فكيف يكرم الشباب ويستحي من الكهول؟ فقال: يُكرمُ الشباب أن يعذبهم، ويستحي من الكهول أن يحاسبهم.
قال: قلت: جعلتُ فداكَ هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد؟ قال: فقال: لا والله إلا لكم خاصة دون العالم، قال: قلت: جُعِلْتُ فداكَ فأنا نبزنا نبزا انكسرت له ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلَّتْ له الولادةُ دماءنا في حديثٍ رواه لهم فقهاؤهم.
قال: فقال: أبو عبد الله عليه السلام: الرافضة؟ قال: قلت: نعم، قال: لا والله ما هم سموكم، ولكن الله سمَّاكم به([112]). أما علمتَ يا أبا محمد أنَّ سبعين رجلاً من بني إسرائيل رَفَضوا فِرعَونَ وقومه، لَمَّا استبان لهم ضلالهم، فلحقوا بموسى صلّى الله عليه وسلّم لما استبانَ لهم هُداه، فسُمّوا في معسكر موسى: الرافضة، لأنهم رفضوا فِرعون، وكانوا أشدَّ أهل ذلك المعسكر عبادة، وأشدهم حبّاً لموسى وهارون، وذريتهما عليهما السلام، فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني سميتهم به، ونحلتهم إياه. فأثبت موسى صلّى الله عليه وسلّم لهم، ثم ذَخَرَ الله عز وجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه.
يا أبا محمد! رفضوا الخيرَ، ورفضتم الشرّ، افترقَ الناس كل فرقةٍ، وتشعَّبوا كل شُعبةٍ، فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم صلّى الله عليه وآله وذهبتم حيثُ ذهبوا، واخترتم من اختارَ الله لكم، وأردتم من أرادَ الله، فأبشروا، ثم أبشروا، فأنتم والله المرحومون، المُتَقَبَّل من مُحسنكم، والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يأتِ الله عز وجل بما أنتم عليه يوم القيامة لم يُتَقَبَّل منه حسنة، ولم يُتجاوز له عن سيئة، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُكَ؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِداكَ زِدني.
قال: فقال: يا أبا محمد! إنَّ لله ملائكةً يُسقطونَ الذُّنوبَ عن ظهورِ شيعتنا، كما يُسقِطُ الريحُ الورقَ في أول أوانِ سُقوطِهِ، وذلك قوله عز وجل: { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } استغفارهم والله لكم دونَ هذا الخلق. يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
قال: يا أبا محمد! لقد ذَكَرَكُمْ الله في كتابه، فقال: { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }، إنكم وفيتم بما أخذ الله عليه ميثاقكم من ولايتنا، وإنكم لم تُبَدِّلُوا بنا غيرنا، ولو لم تفعلوا لعيَّرَكُم الله كما عيّرهم، حيق يقول جلّ ذكره: {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ}، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
فقال: يا أبا محمد ولقد ذكركم الله في كتابه فقال: { إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ } والله ما أرادَ بهذا غيركم، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
فقال: يا أبا محمد! لقد ذكرنا الله – عز وجل – وشيعتنا وعدونا في آيةٍ من كتابِهِ، فقال عز وجل: { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ } فنحن الذين يعلمون، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتا هم أولو الألباب، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
قال: يا أبا محمد! والله ما استثنى الله عز ذكرُهُ بأحد من أوصياءِ الأنبياءِ ولا أتباعهم ما خلا أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته، فقال في كتابه وقوله الحق: { يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ، إِلاّ مَن رَّحِمَ اللَّهُ }، يعني بذلك علياً وشيعته، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
قال: لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }، والله ما أراد بهذا غيركم، فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
فقال: يا أبا محمد! لقد ذكركم الله في كتابه فقال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}، والله ما أراد بهذا إلا الأئمة عليهم السلام وشيعتهم، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
قال: يا أبا محمد! لقد ذكركم الله في كتابه فقال: { فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا }، فرسول الله في الآية "النبيون" ونحن في هذا الموضع " الصديقون والشهداء" وأنتم "الصالحون" فتسموا بالصلاح كما سمّاكم الله عز وجل، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
قال: يا أبا محمد! لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: { وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشْرَارِ، أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ }، والله ما عني الله بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، وأنتم والله في الجنة تحبرون، وفي النار تُطلَبونَ، يا أبا محمد! فهل سَرَرْتُك؟ قال: قلت: جُعِلْتُ فِدَاكَ زِدْني.
قال: يا أبا محمدَ ما من آية نزلت تقود إلى الجنة، ولا يذكر أهلها بخير، إلا وهي فينا وفي شيعتنا، وما من آية نزلت تذكر أهلها بشرّ، ولا تسوق إلى النار إلا وهي في عدونا ومن خالفنا فهل سَرَرْتُكَ يا أبا محمد؟ قال: جُعِلْتُ فِداكَ زِدْني.
فقال: يا أبا محمد! ليس على ملَّة إبراهيم إلا نحن وشيعتنا، وسائر الناس من ذلك براء، يا أبا محمد فهل سَرَرْتُكَ؟([113]).
4 -  عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله على منبره: يا علي! إن الله عز وجل وهب لك حُبَّ المساكين والمستضعفين في الأرض فرضيت بهم إخواناً ورضوا بك إماماً، فطوبى لمن أحبَّكَ وصَدَقَ عليكَ وويلٌ لمن أبغضكَ وكذَبَ عليك.
يا عليّ أنت العَلَمُ لهذه الأمة، مَن أحبَّكَ فازَ، ومن أبغضكَ هلكَ، يا علي أنا المدينة وأنت بابها، يا علي أهل مودتك كلّ أوَّابٍ حفيظ، وكلّ ذي طِمْرٍ لو أقسمَ على الله لبر قسمه.
يا علي إخوانك كل طاهر زكي مجتهد عند الخلق، عظيم المنـزلة عند الله عز وجل، يا علي محبّوك جيرانُ الله في دار الفردوس، لا يأسفون على ما فاتهم من الدنيا، يا علي أنا وليّ لمن واليت، وأنا عدو لم عاديت، يا عليّ من أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد أبغضني، يا عليّ إخوانك الذبل الشفاه، تعرف الرهبانية في وجوههم.
يا عليّ إخوانك يفرحون في ثلاث مواطن: عند خروجِ أنفسهم وأنا شاهدهم وأنت، وعند المسألة في قبورهم، وعند العرض، وعند الصراط، إذا سئل الخلق عن إيمانهم فلم يجيبوا، يا عليّ حربكَ حربي، وسلمك سلمي، وحربي حربُ الله، وسلمي سلمُ الله، ومن سالمكَ فقد سالمني، ومن سالمني فقد سالمَ الله عز وجل.
يا عليّ بشّر إخواك فإنَّ الله عز وجل قد رضي عنهم إذ رضيك لهم قائداً ورضوا بك ولياً، يا عليّ! أنت أمير المؤمنين، وقائد الغرّ المحجلين، يا عليّ شيعتك المنتجبون ولولا أنت وشيعتك ما قام لله عز وجل دين، ولولا من في الأرض منكم لما أنزلت السماء قطرها، يا عليّ لك كنـز في الجنة وأنت ذو قرنيها، شيعتك تعرف بحزب الله عز وجل، يا عليّ أنت وشيعتك الفائزون بالقسط، وخيرة الله من خلقه.
يا عليّ أنا أوّلُ من ينفضُ التراب عن رأسه، وأنت معي ثم سائر الخلق، يا علي أنت وشيعتك على الحوض تَسْقُونَ من أحببتم، وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأبكر في ظل العرش، يفزَعُ الناسُ ولا تفزعون، ويحزنُ الناس ولا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] وفيهم نزلت: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103].
يا عليّ أنت وشيعتك تطلبون في الموقف، وأنتم في الجنانِ تنعمون، يا عليّ إنَّ الملائكة والخزّان يشتاقونَ إليكم وإن حملة العرش والملائكة المقربين ليخصونكم بالدعاء، ويسألون الله لمحبيكم، ويفرحونَ لمن قدم عليهم منكم، كما يفرح الأهل بالغائب القادم بعد طول الغيبة.
يا عليّ شيعتك الذين يخافون الله في السّرّ وينصحونه في العلانية، يا عليّ شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات، لأنهم يلقون الله عز وجل وما عليهم ذنب، يا عليّ إنَّ أعمالَ شيعتك ستعرض عليّ في كل جمعة فأفرح بصالح ما بلغني من أعمالهم وأستغفر لسيئاتهم.
يا عليّ ذكرك في التوراة وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير، وكذلك في الإنجيل، فاسأل أهل الإنجيل وأهل الكتاب يخبرونك عن أليا، مع علمك بالتوراة والإنجيل وما أعطاكَ الله عز وجل من علم الكتاب، وإنَّ أهلَ الإنجيل ليتعاظمون أليا وما يعرفونه وما يعرفون شيعته، وإنما يعرفهم بما يجدونهم في كتبهم.
يا عليّ إن أصحابك ذكرهم في السماء أكبر وأعظم من ذكر أهل الأرض لهم بالخير، فليفرحوا بذلك وليزدادوا اجتهاداً، يا عليّ إن أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم، فتنظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقاً إليهم، ولما يرون من منـزلتهم عند الله عز وجل، يا عليّ قل لأصحابك العارفين بك يتنـزهون عن الأعمال التي يقارفها عدوهم فما من يوم ولا ليلة إلا ورحمة الله تبارك وتعالى تغشاهم فليجتنبوا الدنس.
يا عليّ اشتد غضب الله عز وجل على من قلاهم وبرئ منك ومنهم، واستبدل بك وبهم، ومال إلى عدوك، وتركك وشيعتك، واختارَ الضلال، ونصب الحرب لك ولشيعتك، وأبغضنا أهل البيت، وأبغض من والاك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا.
يا عليّ أقرئهم منّي السلام من رآني منهم ومن لم يرني، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم، فليلقوا عملي إلى من لم يبلغ قرني من أهل القرون من بعدي وليتمسكوا بحبل الله وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل فإنا لا نخرجهم من هدى إلى ضلالة، وأخبرهم أنَّ الله عز وجل راض عنهم، وأنه يباهي ملائكته، وينظر إليهم في كل جمعة برحمته، ويأمر الملائكة أن تستغفر لهم.
يا عليّ لا ترغب عن نصرة قوم يبلغهم أو يسمعون أني أحبك فأحبوك لحبي إياك، ودانوا الله عز وجل بذلك، وأعطوك صفو المودة من قلوبهم، واختاروك على الآباء والأخوة والأولاد، وسلكوا طريقك، وقد حملوا على المكاره فينا، فأبوا إلا نصرنا، وبذلك المهج فينا مع الأذى وسوء القول، وما يقاسونه من مضاضة ذلك.
فكن بهم رحيماً واقنع بهم، فإن الله عز وجل اختارهم بعلمه لنا من بين الخلق، وخلقهم من طينتنا، واستودعهم سرنا، وألزم قلوبهم معرفة حقّنا، وشرح صدورهم متمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مما يزول من الدنيا عنهم، أيدهم الله وسلك بهم طريق الهدى فاعتصموا به، فالناس في عمه الضلالة، متحيّرون في الأهواء، عموا عن الحجّة، وما جاء من عند الله عز وجل فيهم يصبحون ويمسون في سخط الله، وشيعتك على منهاج الحق والاستقامة، لا يستأنسون إلى من خالفهم، وليست الدنيا منهم وليسوا منها، أولئك مصابيح الدجى أولئك مصابيح الدّجى([114]).
5 -  عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: خرجتُ أنا وأبي حتى إذا كنّا بين القبر والمنبر إذا هو بأناس من الشيعة، فسلم عليهم، ثم قال: إني والله لأحب رياحكم وأرواحكم، فأعينوني على ذلك بورعٍ واجتهاد، واعلموا أن ولايتنا لا تُنال إلا بالورع والاجتهاد، من ائتم منكم بعبد فليعمل بعلمه.
أنتم شيعة الله، وأنتم أنصارُ الله، وأنتم السابقون الأولون، والسابقون الآخرون، والسابقونَ في الدنيا إلى محبتنا والسابقون في الآخرة إلى الجنة، قد ضمنّا لكم الجنة بضمان الله عز وجل، وضمان رسول الله صلّى الله عليه وآله، والله ما على درجة الجنة أكثر أرواحاً منكم فتنافسوا في فضائل الدرجات، أنتم الطيبون، ونسائكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صدّيق.
ولقد قال أمير المؤمنين عليه السلام لقنبر: يا قنبر أبْشِرْ وبشّر واستبشر، فوالله لقد ماتَ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وهو على أمته ساخط إلا الشيعة، ألا وإنَّ لكل شيء عزّاً، وعزُّ الإسلام الشيعة، ألا وإنَّ لكل شيء دعامة، ودعامة الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شيء ذروة وذروة الإسلام الشيعة، ألا وإنَّ لكلّ شيء سيداً وسيّد المجالس مجالس الشيعة، وإن لكل شيء شرفاً وشرف الإسلام الشيعة، ألا وإن لكل شيء إماماً وإمام الأرض أرضٌ تسكنها الشيعة.
والله لولا ما في الأرض منكم ما رأيت بعين عشباً أبداً، والله لولا ما في الأرض منكم ما أنعم الله على أهل خلافكم، ولا أصابوا الطيبات، ما لهم في الدنيا ولا لهم في الآخرة من نصيب، كل ناصب وإن تعبد واجتهد فهو منسوبٌ إلى هذه الآية { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ، تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً }، فكل ناصبٍ مجتهد فعمله هباء، شيعتنا ينطقون بأمر الله عز وجل، ومن يخالفهم ينطقون بتفلت.
والله ما من عبد من شيعتنا ينامُ إلا أصعدَ الله عز وجل روحه إلى السماء، فيبارك عليها، فإن كان قد أتى عليها أجلها، جعلها في كنوز من رحمته، وفي رياض جنته، وفي ظلّ عرشِهِ، وإن كان أجلها متأخراً بعثَ بها مع أمنته من الملائكة ليردها إلى الجسد الذي خرجت منه، لتسكن فيه، والله إنَّ حاجكم وعماركم لخاصّة الله عز وجل، وإنَّ فقراءكم لأهل الغنى، وإن أغنياءكم لأهل القناعة، وإنكم كلكم لأهل دعوتِهِ وأهل إجابته.
ألا وإنَّ لكل شيءٍ جوهراً وجوهر ولد آدم محمد صلّى الله عليه وآله، ونحن وشيعتنا بعدنا، حبّذا شيعتنا، ما أقربهم من عرشِ الله عز وجل، وأحسن صنع الله إليهم يوم القيامة، والله لولا أن يتعاظم الناس ذلك أو يدخلهم زهو لسلّمت عليهم الملائكة قبلاً، والله ما من عبدٍ من شيعتنا يتلو القرآن في صلاته قائماً إلا ولهُ بكلِّ حرفٍ مئة حسنة، ولا قرأ في صلاته جالساً إلا وله بكل حرفٍ خمسون حسنة، ولا في غير صلاة إلا وله بكلِّ حرفٍ عشر حسنات، وإن للصامت من شيعتنا لأجر مَن قرأ القرآن ممن خالفه.
أنتم والله على فُرشكم نيام لكم أجر المجاهدين، وأنتم والله في صلاتكم لكم أجر الصادقين في سبيله، أنتم والله الذين قال الله عز وجل { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ }، إنما شيعتنا أصحاب الأربعة الأعين: عينان في الرأس، وعينان في القلب، ألا والخلائق كلهم كذلك، ألا إن الله عز وجل فَتَحَ أبصاركم وأعمى أبصارهم([115]).
6 -  عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليهم: قال عليه السلام: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: معاشر عباد الله عليكم بخدمةِ مَن أكرمه الله بالارتضاء، واجتباه بالاصطفاء، وجعله أفضل أهل الأرض والسماء بعد محمد سيد الأنبياء "علي بن أبي طالب"، وبموالاة أوليائه، ومعاداة أعدائه، وقضاء حقوق إخوانكم الذين هم في موالاته، ومعاداة أعدائه، شركاؤكم.
فإن رعاية عليّ أحسن من رعاية هؤلاء التجار الخارجين بصاحبكم الذي ذكرتموه إلى الصين الذي عرّضوه للغناء وأعانوه بالثراء، أما إن شيعة عليّ لم يأتي يوم القيامةِ وقد وضع في كفة الميزان سيئاته من الآثام، ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار التيارة، تقول الخلائق: قد هلكَ هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين، وفي عذاب الله تعالى من الخالدين.
فيأتيه النداء من قبل الله عز وجل: يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقاتِ، فهل لك بإزائها حسنات تكافئها فتدخل جنة الله برحمته أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟
فيقول العبد: لا أدري، فيقول منادي ربّنا عز وجل: فإنَّ ربّي يقول: ناد في عرصات القيامة، ألا وإنّي فلان بن فلان من أهل بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا، وقد رهنت بسيئات كأمثال الجبال والبحار، ولا حسنات لي بإزائها، فأي أهل هذا المحشر من كان لي عنده يد أو عارفة فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها.
فينادي الرجل بذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب: لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي المظلوم بعداوتي.
ثم يأتي هو ومعه عدد كثير وجمّ غفير وإن كانوا أقل عدداً من خصمائِهِ الذين لهم قبله الظلامات.
فيقول ذلك العدد: يا أميرَ المؤمنين نحن إخوانه المؤمنين، كان بنا باراً ولنا مكرماً، وفي معاشرته إيّانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعاً، وقد تركنا له عن جميع طاعتنا وبذلناها له.
فيقول عليّ عليه السلام: فبماذا تدخلون جنة ربكم؟ فيقولون: برحمته الواسعة التي لا يعدمها من والاك، ووالى وليّك يا أخا رسول الله.
فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له؟ فإني أنا الحكم أمّا ما بيني وبينه من الذنوب فقد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات، فلابد من فصل الحكم ما بينه وبينهم، فيقول عليّ عليه السلام: يا ربِّ افعل ما تأمرني.
فيقول الله تعالى: يا عليّ اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن عليّ عليه السلام ذلك، ويقول لهم: اقترحوا عليّ ما شئتم أعطيكم عوضاً عن ظلاماتكم. فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراشِ محمد صلّى الله عليه وآله. فيقول علي: قد وهبتُ ذلك لكم.
فيقول الله عز وجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من عليّ، فداءً لصاحبه من ظلاماتكم، ويظهر لكم ثواب نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضي الله عز وجل به خصماءه المؤمنين، ثم يريهم بعد ذلك من الدرجات والمنازل ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على بال بشر.
فيقولون: يا ربنا هل بقي من جنّاتك شيء إذا كانَ هذا كلّه لنا، فأين تحلّ سائر عبادك المؤمنين والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين؟
ويخيل إليهم عند ذلك أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم.
فيأتي النداء من قبل الله: يا عبادي، هذا ثوابُ نَفَس من أنفاس علي بن أبي طالب الذي اقترحتموه عليه، جعلته لكم، فخذوه وانظروا.
فيصيرونَ هم وهذا المؤمن الذي عوّضهم عليّ عليه السلام عنه إلى تلك الجنان.
ثم يرون ما يضيفه الله عز وجل إلى ممالك عليّ عليه السلام في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليّه الموالي له مما شاء الله عز وجل من الأضعاف التي لا يعرفها غيره.
ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: { أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ } المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب([116]).
7 -  عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه أمير المؤمنين صلواتُ الله عليهم أجمعين قال: المؤمن على أيِّ حالٍ مات وفي أيِّ ساعةٍ قُبِضَ فهو شهيدٌ، ولقد سمعت حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: لو أنّ المؤمنَ خرجَ من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الأرض لكانَ الموت كفّارة لتلك الذنوب.
ثم قال صلّى الله عليه وآله: من قال: لا إله إلا الله بإخلاص فهو بريءٌ من الشرك، ومن خرجَ من الدنيا لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ثم تلا هذه الآية: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } وهم شيعتك ومحبّوك يا عليّ.
فقلت: يا رسول الله هذا لشيعتي؟
قال: إي وربي لشيعتك ومحبيك خاصة، وإنهم ليخرجونَ من قبورهم وهم يقولون "لا إله إلا الله، محمد رسول الله، عليٌّ ولي الله" فيؤتون بحللٍ خُضْرٍ من الجنة وأكاليل من الجنة، وتيجان من الجنة، فيلبس كل واحد منهم حلّة خضراء وتاجَ الملك، وإكليل الكرامة، ثم يركبون النجائب، فتطير بهم إلى الجنة: { لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }([117]).
8 -  عن أبان بن تغلب قال: قال: أبو عبد الله عليه السلام: يبعث الله شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوبٍ وعيوب، مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقاً من ياقوتٍ، فلا يزالون يدورون خلال الجنة، عليهم شركٌ من نور يتلألأ، توضعُ لهم الموائد فلا يزالون يطعمون، والناس في الحساب وهو قول الله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ، لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ }([118]).
9 -  عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا عليّ بشّر إخوانك بأنّ الله قد رضي عنهم إذ رضيكَ لهم قائداً ورضوا بك ولياً.
يا عليّ لك كنـز في الجنة، وأنت ذو قرنيها، وشيعتك تُعرَفُ بحزبِ الله.
يا عليّ أنت وشيعتك القائمونَ بالقسط وخيرة الله من خلقه.
يا عليّ أنا أول من ينفض التراب من رأسه وأنت معي، ثم سائر الخلق.
يا عليّ أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون، وفيكم نزلت هذه الآيات: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ، لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ، لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }([119]).
10 -  عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل يدفَعُ بمن يُصلّي من شيعتنا عمّن لا يصلّي من شيعتنا، فلو اجتمعوا على تركِ الصلاة لهلكوا، وإنَّ الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي، ولو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا، وإن الله عز وجل ليدفع بمن يحجّ من شيعتنا عمّن لا يحج، ولو اجتمعوا على ترك الحجّ لهلكوا.
وهو قول الله عز وجل { لَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } [البقرة: 251] فوالله ما نزلت إلا فيكم وما عني بها غيركم([120]).
 
 
الفصل الثالث
الرافضة ودخول الجنة وتحريمها على من سواهم
 
زعمَ الرافضة أن الجنة وقفٌ عليهم، لا يدخلها إلا من دانَ بدينهم، واعتقدَ عقائدهم الفاسدة، وهذا الادعاء ورثة الرافضة من إخوانهم اليهود والنصارى، حيث يقول الحق تبارك وتعالى: { وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [البقرة: 111].
ولن يستطيعَ الرافضة إثباتَ ذلك الادعاء إلا باختلاق أكاذيبَ ينسبونها زوراً وبهتاناً إلى آل بيت المصطفى صلّى الله عليه وسلّم.
ونذكُرُ للقرَّاءِ الكرام بعضَ تلك الأكاذيب من أوثق مصادر الرافضة، والحكم بعد ذلك لذوي العقل والبصيرة.
1 -  عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام: يا عليّ شيعتك هم الفائزون يوم القيامة، فمن أهانَ واحداً منهم فقد أهانك، ومن أهانك فقد أهانني، ومن أهاني أدخله نار جهنم وبئس المصير.
يا علي: أنت مني وأنا منك، روحك من روحي، وطينتك من طينتي، وشيعتك خلقوا من فضل طينتنا فمن أحبهم فقد أحبنا، ومن أبغضهم فقد أبغضنا، ومن عاداهم فقد عادانا، ومن ودّهم فقد ودّنا.
يا علي: إنَّ شيعتك مغفور لهم على ما كان فيهم من ذنوب وعيوب، يا عليّ: أنا الشفيعُ لشيعتك غداً إذا قمت المقام المحمود، فبشرهم بذلك.
يا عليّ: شيعتك شيعة الله، وأنصارك أنصار الله، وأولياؤك أولياء الله، وحزبك حزب الله.
يا عليّ: سعد من تولاك، وشقي من عاداك، يا علي: لك كنـز في الجنة وأنت ذو قرنيها([121]).
2 -  عن محمد بن يعقوب النهشلي، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله، عن جبرئيل عن ميكائيل عن إسرافيل، عن الله جل جلاله: إن علياً حجتي في السماوات والأرضين على جميع من فيهن من خلقي، لا أقبل عمل عامل منهم إلا بالإقرار بولايته مع نبوة أحمد رسولي، وهو يدي المبسوطة على عبادي، وهو النعمة التي أنعمت بها على من أحببته من عبادي، فمن أحببته من عبادي وتوليته عرفته ولايته ومعرفته، ومن أبغضته من عبادي أبغضته لانصرافه عن معرفته وولايته، فبعزتي حلفت وبجلالي أقسمت أنه لا يتولى علياً عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار وأدخلته الجنة، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلا أبغضته وأدخلته النار وبئس المصير([122]).
3 -  عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى يبعث أناساً وجوههم من نور على كراسي من نور، عليهم ثياب من نور، في ظل العرش بمنـزلة الأنبياء وليسوا بالأنبياء، وبمنـزلة الشهداء وليسوا بالشهداء.
فقال رجل: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: لا، قال آخر: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: لا، قيل: من هم يا رسول الله؟.
فوضع يده على رأس عليّ عليه السلام وقال: هذا وشيعته([123]).
4 -  عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال: قال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: كنت ذات يوم جالساً عند رسول الله صلّى الله عليه وآله إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له: يا عليّ ألا أبشرك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: هذا حبيبي جبرئيل يخبرني عن الله جلّ جلاله أنه قد أعطى محبك وشيعتك سبع خصال: الرفق عند الموت، والأنس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والأمن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل سائر الناس من الأمم بثمانين عاماً([124]).
5 -  عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة([125]).
6 -  عن عمرو بن جميع عن أبي المقدام قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: نزلت هاتان الآيتان في أهل ولايتنا وأهل عداوتنا {فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} يعني في قبره {وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} يعني في الآخرة {وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ، فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ} يعني في قبره {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} يعني في الآخرة([126]).
7 -  تفسير القمي: في قوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: هم والله شيعتنا، إذا دخلوا الجنة، واستقبلوا الكرامة من الله استبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من المؤمنين في الدنيا ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون([127]).
8 -  عن عمر بن شيبة عن أبي جعفر في خَبَرٍ طويل قال: إذا كان يوم القيامة كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام وشيعته على كثبان من المسك الأذفر، على منابر من نور، يحزن الناس ولا يحزنون، ويفزع الناس ولا يفزعون، ثم تلا هذه الآية: { مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ }، فالحسنة والله ولاية عليّ عليه السلام ثم قال: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}([128]).
9 -  عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ليهنكم الاسم.
قلت: ما هو جعلت فداك؟
قال: { وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْرَاهِيمَ } وقوله: { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ } فليهنكم الاسم([129]).
10 -  تفسير القمي: { وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } هم الأولان وبنو أمية ثم ذكر من كان بعدهم ممن غصب آل محمد حقهم فقال: {وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ، هَذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ} وهم بنو السباع، فيقول بنو أمية { لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ } فيقول بنو فلان { بَلْ أَنتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } وبدأتم بظلم آل محمد { فَبِئْسَ الْقَرَارُ }، ثم يقول بنو أمية { رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ } يعنون الأولين، ثم يقول أعداء آل محمد في النار { مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الأَشْرَارِ } في الدنيا وهم شيعة أمير المؤمنين عليه السلام { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأَبْصَارُ } ثم قال: { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ } فيما بينهم. وذلك قول الصادق: والله إنكم لفي الجنة تحبرون، وفي النار تطلبون([130]).
11 -  عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا يعذر الله يوم القيامة أحداً يقول: يا رب لم أعلم أن ولد فاطمة هم الولاة على الناس كافة، وفي شيعة ولد فاطمة أنزل الله هذه الآية خاصة: { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }([131]).
12 -  عن صفوان الجمّال عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: عن يمين الله – وكلتا يديه يمين – عن يمين العرش قوم على وجوههم نور، لباسهم من نور، على كراسي من نور، فقال عليّ: يا رسول الله ما هؤلاء؟ فقال له: شيعتنا وأنت إمامهم([132]).
13 -  عن ابن علوان، عن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: يخرج أهل ولايتنا يوم القيامة من قبورهم، مشرقة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد فرّجت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، وقد أعطوا الأمن والإيمان، وانقطعت عنهم الأحزان، حتى يحملوا على نوقٍ بيض لها أجنحة، عليهم نعال من ذهب شركها النور، حتى يقعدون في ظل عرش الرحمن، على منابر من نور، بين أيديهم مائدةً يأكلون عليها حتى يفرغ الناس من الحساب([133]).
14 -  عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: إذا حمل أهل ولايتنا على الصراط يوم ناد مناد: يا نار اخمدي، فتقول النار: عجّلوا جُوزوني فقد أطفأ نوركم لهبي([134]).
15 -  عن زيد بن علي، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام قال: شكوتُ إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله حسد من يحسدني. فقال: يا عليّ أما ترضى أن تكونَ أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت وذرارينا خلف ظهورنا، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا([135]).
16 -  عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنا وهذا – يعني علياً – كهاتين، وضمّ بين أصبعيه وشيعتنا معنا ومن أعانَ مظلوماً كذلك([136]).
17 -  بهذا الإسناد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: توضعُ يوم القيامة منابر حول العرش لشيعتي وشيعة أهل بيتي المخلصين في ولايتنا، ويقول الله عز وجل: هلمَّ يا عبادي إليّ لأنشر عليكم كرامتي، فقد أوذيتم في الدنيا([137]).
18 -  عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ترد شيعتك يوم القيامة وراء غير عطاش، ويرد عدوّك عطاشاً يستسقون فلا يسقون([138]).
19 -  عن محمد بن الصامت قال: كنّا عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده قوم من البصريين فحدّثهم بحديث أبيه، عن جابر بن عبد الله في الحج أملاه عليهم، فلما قاموا قال أبو عبد الله عليه السلام: إنَّ الناس أخذوا يميناً وشمالاً وإنكم لزمتم صاحبكم فإلى أين ترون يريد بكم؟ إلى الجنة والله، إلى الجنة والله، إلى الجنة والله([139]).
20 -  عن ابن عقدة قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: نحن خيرة الله من خلقه، وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيه([140]).
21 -  عن زيد بن علي، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام: أنت يا عليّ وأصحابك في الجنة، أنت يا عليّ وأتباعك في الجنة([141]).
22 -  عن أسباط بن سالم قال: قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: إذا كان يوم القيامة ناد منادٍ: أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله صلّى الله عليه وآله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.
قال: ثم ينادى أين حواري علي بن أبي طالب وصيي محمد بن عبد الله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي، ومحمد بن أبي بكر، وميثم بن يحيى التمار مولى بني أسد وأويس القرني.
قال: ثم ينادي المنادي أي حواري الحسن بن علي بن فاطمة بنت محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني، وحذيفة بن أسيد الغفاري.
قال: ثم ينادي أين حواري علي بن الحسين؟ فيقوم جبير بن مطعم، ويحيى بن أم الطويل، وأبو خالد الكابلي، وسعيد بن المسيب([142]).
ثم ينادي أين حواري محمد بن عليّ وجعفر بن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري، زرارة بن أعين وبُريد بن معاوية العجلي، ومحمد بن مسلم الثقفي، وليث بن البختري، وعبد الله بن يعفور، وعامر بن عبد الله بن جذاعة، وحجر بن زائد، وحمران بن أعين.
ثم ينادي سائر الشيعة مع سائر الأئمة صلوات الله عليهم يوم القيامة، فهؤلاء أول الشيعة يدخلون الفردوس وهؤلاء أول السابقين، وأول المقربين المتحررة من التابعين([143]).
ولست بحاجة إلى القول بوضع هذه الرواية، ولكني أجد نفسي مضطراً بيان حال أحد أولئك الحواريين الذين يزعمون بأنَّ الأئمة قد شهدوا لهم بالجنة، وهذا الحواري هو زرارة بن أعين، وهو الملعون على لسان الأئمة والمبشر بالنار، ولكن بذهاب العقل والدين يجد الكذب مكاناً له.
والآن نستعرض حال زرارة بن أعين الحواري المبشر بالجنة من واقع كتب الرافضة أنفسهم وليس من كتب خصومهم.

1 -  لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس

عن محمد بن أبي عمير قال: دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام فقال: كيف تركت زرارة؟ فقلت: تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس. فقال: فأنت رسولي إليه، فقل له: فليصلِّ في مواقيت أصحابي فإني قد حرقت([144]).

2 -  بُغض زرارة للصادق رحمه الله تعالى

تذكر كتب الرجال أن زرارة كان في قلبه بعض الشيء لإمامه المعصوم جعفر الصادق رحمه الله تعالى وكان زرارة يصرح بذلك، ولكن ما السبب في ذلك؟ السبب هو أن الصادق أخرج مخازيه.
عن ابن مسكان قال: سمعت زرارة يقول: رحم الله أبا جعفر، وأما جعفر فإن في قلبي عليه لفتة.
فقلت له (أي يونس بن عبد الرحمن) : وما حمل زرارة على هذا؟ قال (ابن مسكان) : حمله على هذا أن أبا عبد الله أخرج مخازيه([145]).

3 -  تكذيب الصادق لزرارة ولعنه واستهزاء زرارة بالصادق

1 -  عن زياد بن أبي الحلال قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن زرارة روى عنك في الاستطاعة شيئاً فقبلنا منه وصدقناه وقد أحببت أن أعرضه عليك فقال: هاته.
فقلت: يزعم أنه سألك عن قول الله عز وجل: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } فقلت: من ملك زاداً وراحلة. فقال لك: كل من ملك زاداً وراحلة فهو مستطيع للحج وإن لم يحج؟ فقلت: نعم؟
فقال: ليس هكذا سألني ولا هكذا قلت، كذب عليّ والله كذب عليّ والله، لعن الله زرارة، لعن الله زرارة، إنما قال لي: من كان له زاد وراحلة فهو مستطيع للحج. قلت: قد وجب عليه. قال: فمستطيع هو؟ فقلت: لا، حتى يؤذن له. قلت: فأخبر زرارة بذلك؟ قال: نعم.
قال زياد: فقدمت الكوفة فلقيت زرارة فأخبرته بما قال أبو عبد الله وسكت عن لعنه، قال (زرارة) : أما أنه قد أعطاني الاستطاعة من حيث لا يعلم وصاحبكم هذا ليس له بصر بكلام الرجال([146]).
2 -  وعن عبد الرحيم قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ائت زرارة وبريداً فقل لهما: ما هذه البدعة التي ابتدعتماها، أما علمتما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: كل بدعة ضلالة. قلت له: إني أخاف منهما فأرسل معي ليثاً المرادي.
فأتينا زرارة فقلنا له ما قال أبو عبد الله عليه السلام، فقال: والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر. فأما بريد فقال: لا والله لا أرجع عنها أبداً([147]).
3 -  عن مسمع كرد بن أبي سيار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لعن الله بريداً ولعن الله زرارة([148]).
4 -  عن عمران الزعفراني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لأبي بصير – وكنا اثني عشر رجلاً -: ما أحدث أحد في الإسلام ما أحدث زرارة من البدع عليه لعنة الله. هذا قول أبي عبد الله عليه السلام([149]).
5 -  عن كليب الصيداوي أنهم كانوا جلوساً ومعهم عذافر الصيرفي وعدة من أصحابهم معهم أبو عبد الله عليه السلام قال: فابتدأ أبو عبد الله من غير ذكر لزرارة فقال: لعن الله زرارة، لعن الله زرارة، لعن الله زرارة. ثلاث مرات([150]).
6 -  عن حريز قال: خرجت إلى فارس وخرج معنا محمد الحلبي إلى مكة فاتفق قدومنا جميعاً إلى حين، فسألت الحلبي فقلت له: أطرفنا بشيء.
قال: نعم جئتك بما تكره، قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في الاستطاعة؟ فقال: ليس من ديني ولا دين آبائي. فقلت الآن ثلج عن صدري والله لا أعود لهم مريضاً ولا أشيع لهم جنازة ولا أعطيهم شيئاً من زكاة مالي. قال: فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالساً وقال لي: كيف قلت؟ فأعدت عليه الكلام. فقال أبو عبد الله كان أبي يقول: أولئك قوم حرم الله وجوههم على النار. فلت: جعلت فداك وكيف قلت لي: ليس من ديني ولا دين آبائي؟ قال: إنما أعني بذلك قول زرارة وأشباهه([151]).

4 -  لا يموت زرارة إلا تائهاً

عن ليث المرادي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يموت زرارة إلا تائهاً([152]).

5 -  زرارة عجل المحيا والممات

عن علي القصير عن بعض رجاله قال: استأذن زرارة بن أعين وأبو الجارود على أبي عبد الله عليه السلام قال: يا غلام أدخلهما فإنهما عجلا المحيا وعجلا الممات([153]).

6 -  اعتقاد زرارة بأن الصادق ساحر

عن فضيل الرسان قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: إن زرارة يدعي أنه أخذ الاستطاعة. قال لهم: غفراً كيف أصنع بهم وهذا المرادي بين يدي وقد أريته وهو أعمى بين السماء والأرض فشك فأضمر أني ساحر. فقلت اللهم لو لم يكن جهنم إلا سكرجة([154]) لوسعها آل عين بن سنسن.
قيل: فحمران؟
قال: حمران ليس منهم([155]).
7 – زرارة مسلوب الأيمان
عن مسعدة بن صدقة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن قوماً يعارون لإيمان عارية ثم يسلبونه فيقال لهم يوم القيامة المعارون. أما إن زرارة بن أعين منهم([156]).
8 – زرارة شر من اليهود والنصارى
عن علي بن الحكم، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه، فقال عليه السلام: متى عهدك بزرارة؟ قال: قلت: ما رأيته منذ أيام.
قال: لا تبالي. وإن مرض فلا تعده، وإن مات فلا تشهد جنازته.
قال: قلت: زرارة؟ متعجباً مما قال.
قال: نعم، زرارة شر من اليهود والنصارى، ومن قال: إن الله ثالث ثلاثة([157]).

9 - إن الله نكس قلب زرارة

عن فضالة بن أيوب، عن ميسر، قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام، فمرت جارية في جانب الدار على عنقها قمقم قد نكسته، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: فما ذنبي إن الله نكس قلب زرارة كما نكست هذه الجارية هذا القمقم([158]).
10 – إقرار الصادق بخيانة زرارة وعدم أمانته
عن علي بن أشيم قال: حدثني رجل عن عمار الساباطي قال: نزلت منزلاً في طريق مكة ليلة فإذا أنا برجل قائم يصلي صلاة ما رأيت أحداً صلى مثلها، ودعا بدعاء ما رأيت أحداً دعا بمثله، فلما أصبحت نظرت إليه فلم أعرف، فبينا أنا عند أبي عبد الله عليه السلام جالساً إذ دخل الرجل، فلما نظر أبو عبد الله عليه السلام إلى الرجل قال: ما أقبح بالرجل أن يأمنه رجل من إخوانه على حرمة من حرمته فيخونه بها.
قال: فولى الرجل.
فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عمار أتعرف هذا الرجل؟
قلت: لا والله إلا أني نزلت ذات ليلة في بعض المنازل فرأيته يصلي صلاة ما رأيت أحداً يصلي مثلها، ودعا بدعاء ما رأيت أحداً دعا بمثله.
فقال لي: هذا زرارة بن أعين هذا والله من الذين وصفهم الله تعالى في كتابه العزيز وقال:  { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا }([159]).
11 – عدم ثقة الصادق بزرارة
عن الوليد بن صبيح قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فاستقبلني زرارة خارجاً من عنده.
فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا وليد أما تعجب من زرارة؟ يسألني عن أعمال هؤلاء([160]) أي شيء كان يريد أن أقول له لا فيروي ذلك عني. ثم قال: يا وليد متى كانت الشيعة تسأل عن أعمالهم، إنما كانت الشيعة تقول من أكل طعامهم وشرب من شرابهم واستظل بظلهم، متى كانت الشيعة تسأل عن مثل هذا([161]).
وعن هشام بن سالم عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن جوائز العمال؟ فقال: لا بأس به. قال: ثم قال: إنما أرد زرارة أن يبلغ هشاماً أني أحرم أعمال السطان([162]).
12 -  استهزاء زرارة بالإمام الصادق
إزاء سيل اللعنات المتدفق من قبل إمامه المعصوم، لم يستطع زرارة أن يقف موقف السامع للعنات دون أن يحرك ساكناً، لذا نراه ينتهز أدنى فرصة سانحة له لينال من إمامه المعصوم، فنراه يسفه آراء الصادق رحمه الله تعالى وينتقص منه.
عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التشهد؟ فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قلت: التحيات والصلوات.
قال: التحيات والصلوات.
فلما خرجت قلت: إن لقيته لأسألنه غداً، فسألته من الغد عن التشهد فقال كمثل ذلك.
قلت: التحيات والصلوات.
قال: التحيات والصلوات.
قلت: ألقاه بعد يوم لأسألنه عن التشهد. فقال كمثله.
فقلت: التحيات والصلوات.
قال: التحيات والصلوات.
فلما خرجت ضرطت في لحيتي وقلت لا تفلح أبداً([163]).
وبالغ في التطاول على شخص إمامه المعصوم بأن كذّبه فيما يحدّث عن أبيه المعصوم بأنه أخبر الحكم بن عتيبة بصلاة المغرب دون المزدلفة.
عن عيسى بن أبي منصور وأبي أسامة الشحام ويعقوب الأحمر قالوا:
كنا جلوساً عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه زرارة فقال: إن الحكم بن عتيبة حدّث عن أبيك أنه قال: صلّ المغرب دون المزدلفة.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام بأيمان ثلاثة ما قال أبي هذا قط كذب الحكم على أبي.
قال: فخرج زرارة وهو يقول: ما أرى الحكم كذب على أبيه([164]).
فرغم أن الصادق رحمه الله تعالى حلف ثلاثاً بأن ذلك كذب إلا أن زرارة لم يقتنع بجواب الإمام المعصوم وأصرّ على صدق الحكم بن عتيبة وكذب الصادق.
ويعلّق المامقاني على تلك الرواية فيقول:
فإن إنكاره كذب الحكم بعد حلف أبي عبد الله عليه السلام ثلاث مرات يورث الكفر والفسق([165]).
والعجيب أن مرويات زرارة بن أعين في الكتب الأربعة عند الرافضة قرابة 2094 رواية([166]).
وبعد هذا كله أيمكن أن يكون زرارة من حواري جعفر الصادق رحمه الله تعالى ويدخل الجنة؟
 
ومن الأمور المضحكة عند الرافضة أن أئمتهم لديهم سجل خاص بالرافضة يتضمن أسماءهم وأسماء آبائهم، ربما يتساءل بعض القراء الكرام عما يحتويه هذا السجل العجيب، فالإجابة أنَّ هذا السجل السكاني خاص بالرافضة الذين يدخلون الجنة دون غيرهم، وأهمية هذا السجل تكمن في حصر الرافضة دون أن يسمحوا لغير الرافضة بالانضواء تحت راية التشيع، فإذا تجرأ فإن هذا السجل الغريب يكشف زيف الادعاء والانضواء، وذلك أن الله تعالى – على حد زعم الرافضة – أخذ ميثاقهم مع الأئمة على ولايتهم لا يزيدون ولا ينقصون، يردون موردهم، ويدخلون مدخلهم، وليس على ملة الإسلام غيرهم.
ربما يستغرب بعض القراء ويظنون ذلك محض افتراء، ولكن نضع بين أيديهم الأدلة التي تثبت هذه الحقيقة، التي لا يمكن لأي رافضي إنكارها، وإليك أخي القارئ تلك الأدلة:
1 -  عن ظريف بن ناصح وغيره عمن رواه عن حبابة الوالبية قالت: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّ لي ابن أخ وهو يعرف فضلكم وإنّي أحب أن تعلّمني أمن شيعتكم؟
قال: وما اسمه؟
قالت: قلت: فلان بن فلان.
قالت فقال: يا فلان هات الناموس فجاءت بصحيفة تحملها كبيرة فنشرها ثم نظر فيها، فقال: نعم هو ذا اسمه واسم أبيه هاهنا([167]).
2 -  عن أبي بكر الحضرمي عن رجل من بني حنيفة (!!!) قال: كنت مع عمّي فدخل على عليّ بن الحسين فرأى بين يديه صحائف ينظر فيها. فقال له: أي شيء هذه الصحف جعلت فداك؟
فقال: هذا ديوان شيعتنا. قال أفتأذن أطلب اسمي فيه؟ قال: نعم. فقال: فإني لست اقرأ وابن أخي على الباب فتأذن له فيدخل حتى يقرأ؟ قال: نعم.
فأدخلني عمي فنظرت في الكتاب فأول شيء هجمت عليه اسمي، فقلت: اسمي ورب الكعبة. قال: ويحك فأين أنا فجزت بخمسة أسماء أو ستة ثم وجدت اسم عمي.
فقال عليّ بن الحسين: أخذ الله ميثاقهم معنا على ولايتنا لا يزيدون ولا ينقصون، إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق شيعتنا من طينتنا أسفل من ذلك، وخلق عدونا من سجّين وخلق أولياءهم منهم من أسفل النار([168]).
3 -  عن أبي محمد البزاز قال: حدثني حذيفة بن أسيد الغفاري صاحب النبي صلّى الله عليه وآله، قال: دخلت على عليّ بن الحسين عليه السلام فرأيته يحمل شيئاً، قلت: ما هذا؟ قال: هذا ديوان شيعتنا.
قلت: أرني أنظر فيها اسمي. فقلت: إني لست أقرأ، قال: ابن أخي يقرأ. فدعا بكتاب فنظر فيه، فقال ابن أخي: اسمي ورب الكعبة، قلت: ويلك أين اسمي؟ فنظر فوجد بعد اسمه بثمانية أسماء([169]).
4 -  عن الحسن بن عليّ الوشا، عن أبي حمزة قال: خرجت بأبي بصير أقوده إلى باب أبي عبد الله عليه السلام قال: فقال لي: لا تتكلم ولا تقل شيئاً، فانتهيت به إلى الباب فتنحنح فسمعت أبا عبد الله عليه السلام فقال: يا فلانة افتحي لأبي محمد الباب.
قال: فدخلنا والسراج بين يديه فإذا سفط([170]) بين يديه مفتوح. قال: فوقعت عليّ الرعدة فجعلت أرتعد، فرفع رأسه إليّ فقال: أبزاز أنت؟ قلت: نعم جعلني الله فداك. قال: فرمى إليّ بملاءة قوهية([171]) كانت على المرفقة. فقال: اطو هذه، فطويتها.
ثم قال: أبزاز أنت؟ وهو ينظر في الصحيفة، قال: فازددت رعدة، قال: فلما خرجنا قلت: يا أبا محمد ما رأيت كما مرّ بي الليلة إنّي وجدت بين يدي أبي عبد الله عليه السلام سفطاً أخرج منه صحيفة فنظر فيها، فكلما نظر فيها أخذتني الرعدة.
قال: فضرب أبو بصير يده على جبهته ثم قال: ويحك ألا أخبرتني فتلك والله الصحيفة التي فيها أسامي الشيعة ولو أخبرتني لسألته أن يريك اسمك فيها([172]).
5 -  عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أن حبابة الوالبية كانت إذا وفد الناس إلى معاوية وفدت وهي إلى الحسين عليه السلام، وكانت امرأة شديدة الاجتهاد قد يبس جلدها على بطنها من العبادة، وأنها خرجت مرة ومعها ابن عم لها غلام، فدخلت به على الحسين عليه السلام فقالت له: جعلت فداك فانظر هل تجد ابن عمي هذا فيما عندكم وهل تجده ناجياً؟ قال: فقال: نعم نجده عندنا ونجده ناجياً([173]).
6 -  عن داود الرقي قال: قلت لأبي الحسن الماضي عليه السلام: اسمي عندكم في السفط التي فيها أسماء شيعتكم؟ فقال: أي والله في الناموس([174]).
7 -  عن المرزبان بن عمران قال: سألت الرضا عليه السلام عن نفسي، فقلت: أسألك عن أهم الأشياء أمن شيعتكم أنا؟
فقال: نعم.
فقلت: جعلت فداك فتعرف اسمي في الأسماء؟
قال: نعم([175]).
8 -  عن عبد الله بن جندب عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه كتب إليه في رسالة: إن شيعتنا مكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ الله علينا الميثاق يردون موردنا ويدخلون مدخلنا ليس على ملة الإسلام غيرنا وغيرهم([176]).
9 -  عن عليّ بن السري الكرخي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه شيخ ومعه ابنه، فقال له الشيخ: جعلت فداك أمن شيعتكم أنا؟ أخرج أبو عبد الله عليه السلام صحيفة مثل فخذ البعير فناوله طرفها ثم قال له: أدرج، فأدرجه حتى أوقفه على حرف من حروف المعجم فإذا اسم ابنه قبل اسمه، فصاح الابن فرحاً: اسمي والله، فرحم الشيخ ثم قال له: أدرج فأدرج، ثم أوقفه أيضاً على اسمه كذلك([177]).
10 -  عن عمر بن أبي بكران عن رجل (!!!!) عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لَمّا وادعَ الحسن بن عليّ عليه السلام معاوية وانصرف إلى المدينة، صحبته في منصرفه وكان بين عينيه حمل بعير لا يفارقه حيث توجه.
فقلت له ذات يوم: جعلت فداك يا أبا محمد هذا الحمل لا يفارقك حيث ما توجهت؟
فقال: يا حذيفة أتدري ما هو؟
قلت: لا.
قال: هذا الديوان.
قلت: ديوان ماذا؟
قال: ديوان شيعتنا فيه أسمائهم.
قلت: جعلت فداك فأرني اسمي.
قال: اغد بالغداة.
قال: فغدوت إليه ومعي ابن أخ لي وكان يقرأ ولم أكن أقرأ.
قال: ما غدا بك؟
قلت: الحاجة التي وعدتني.
قال: من ذا الفتي معك؟
قلت: ابن أخ لي وهو يقرأ ولست أقرأ.
قال: فقال لي: اجلس، فجلست فقال: عليّ بالديوان الأوسط.
قال: فأتى به، قال: فنظر الفتى فإذا الأسماء تلوح، قال: فينما هو يقرأ إذا قال هو: يا عماه هو ذا اسمي، قلت: ثكلتك أمك انظر أين اسمي؟ قال: فصفح ثم قال: هو ذا اسمك، فاستبشرنا، واستشهد الفتى مع الحسين بن علي عليه السلام([178]).
11 -  عن عبد الصمد بن بشير قال: ذكر عند أبي عبد الله عليه السلام بدء الأذان وقصة الأذان في إسراء النبي صلّى الله عليه وآله انتهى إلى سدرة المنتهى قال: فقالت سدرة المنتهى: ما جازني مخلوق قبلك. قال: { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } [النجم: 9-11] قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال.
قال: وأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه ففتحه فنظر إليه فإذا فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، قال: فقال له: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ } قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: { وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } قال: فقال الله: قد فعلت، قال: { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا } إلى آخر السورة [البقرة: 285-286] وكلّ ذلك يقول الله: قد فعلت.
قال: ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه: وفتح صحيفة أصحاب الشمال فإذا فيها أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم. قال: فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. قال: فقال الله: { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } [الزخرف: 89].
قال: فلما فرغ من مناجاة ربّه ردّ إلى البيت المعمور ثم قصّ قصة البيت والصلاة فيه، ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام([179]).
12 -  عن الأعمش قال: قال الكلبي: يا أعمش أيّ شيء أشدّ ما سمعت من مناقب عليّ عليه السلام؟
قال: فقال: حدثني موسى بن طريف عن عباية قال: سمعت علياً وهو يقول: أنا قسيم النار فمن تبعني فهو مني ومن عصاني فهو من أهل النار.
فقال الكلبي: عندي أعظم مما عندك، أعطى رسول الله صلّى الله عليه وآله علياً عليه السلام كتاباً فيه أسماء أهل الجنة وأسماء أهل النار، فوضعه عند أم سلمة. فلما ولّى أبو بكر طلبه، فقالت: ليس لك، فلما ولّى عمر طلبه، فقالت: ليس لك، لما ولّي عثمان طلبه، فقالت: ليس لك، فلما ولّى علي عليه السلام دفعته إليه([180]).
13 -  عن أبي حفص الأعشى عن الأعمش قال: قال الكلبي: ما أشد ما سمعت في مناقب علي بن أبي طالب؟
قال: قلت: حدثني موسى بن طريف عن عباية قال: سمعت علياً عليه السلام يقول: أنا قسيم النار.
فقال الكلبي: عندي أعظم مما عندك، أعطى رسول الله صلّى الله عليه وآله كتاباً فيه أسماء أهل الجنة وأسماء أهل النار([181]).
14 -  عند عبد الصمد بن بشير عن أبي جعفر عليه السلام قال: انتهى النبي صلّى الله عليه وآله إلى السماء السابعة وانتهى إلى سدرة المنتهى، قال: فقالت السدرة: ما جازني مخلوق قبلك {} قال: فدفع إليه كتاب أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، فأخذ كتاب أصحاب اليمين بيمينه وفتحه ونظر فيه فإذا فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، قال: وفتح كتاب أصحاب الشمال ونظر فيه، فإذا فيه أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم. ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام([182]).
15 -  عن موسى بن القاسم يرفعه قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم([183]).
16 -  عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا عبد الله بن الفضل إن الله تبارك وتعالى خلقنا من نور عظمته وصنعنا برحمته وخلق أرواحكم منا، فنحن نحنّ إليكم وأنتم تحنّون إلينا، والله لو جهد أهل المشرق والمغرب أن يزيدوا في شيعتنا رجلاً أو ينقصوا منهم رجلاً ما قدروا على ذلك، وإنهم لمكتوبون عندنا بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم وأنسابهم، يا عبد الله بن الفضل ولو شئت لأريتك اسمك في صحيفتنا.
قال: ثم دعا بصحيفة فنشرها فوجدتها بيضاء ليس فيها أثر الكتابة، فقلت: يا ابن رسول الله ما أرى فيها أثر الكتابة.
قال: فمسح يده عليها فوجدته مكتوبة ووجدت في أسفلها اسمي فسجدت لله شكراً([184]).
وبعد هذه السلسلة من الكذب والوضع، ما رأيك أخي القارئ أن نأخذك بجولة سريعة لاستطلاع معالم الجنة الموعودة للرافضة، لأننا لن ندخلها ما لم نعتنق مبادئ الدين الشيعي، ولأننا نحترم عقولنا فلن نعتنق الدين الشيعي، لأن الجنة المزعومة ما هي إلا وهم وخيال، وإننا نطمع في أن يدخلنا ربنا جل جلاله الجنة الحقيقة لا الوهمية، والآن استعد أيها القارئ الكريم لهذه الجولة – التي أرجو أن تكون ممتعة ولو في عالم الخيال -:
عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عليه السلام أن علياً عليه السلام قال: يا رسول الله أخبرنا عن قول الله عز وجل: { غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ } [الزمر: 20] بماذا بنيت يا رسول الله؟
فقال: يا عليّ تلك غرف بناها الله لأوليائه بالدر والياقوت والزبرجد سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة، وحشوها المسك والعنبر والكافور، وذلك قول الله عز وجل: { وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ } [الواقعة: 34].
إذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة ووضع على رأسه تاج الملك والكرامة وألبس حلل الذهب والفضة والدّرّ المنظوم في الإكليل تحت التاج وألبس سبعين حلّة حرير بألوان مختلفة وضروب مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الأحمر، فذلك قوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} [الحج: 23، فاطر: 33].
فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحاً.
فإذا استقر لولي الله عزّ وجلّ منازله في الجنان استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله إيّاه، فيقول له الخدّام من الوصفاء والوصائف: مكانك فإن وليّ الله قد اتكأ على أريكته وزوجته الحوراء تهيأت له فاصبر لولي الله.
قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة وحولها وصائفها وعليها سبعون حلّة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد وهي من مسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفي قدميها نعلان من الذهب مكللتان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر.
فإذا دنت من وليّ الله فهم أن يقوم إليها شوقاً، فتقول له: يا وليّ الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم، أنا لك، وأنت لي.
قال: فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملّها ولا تملّه، فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها فإذا عليها قلائد من قصب من ياقوت أحمر وسطها لوح صفحته درّة مكتوب فيها: أنت يا ولي الله حبيبي، وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي، وإليّ تناهت نفسك.
ثم يبعث الله إليه ألف ملك يهنئونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء.
قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه، فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه: استأذن لنا على وليّ الله فإن الله بعثنا إليه تهنئه.
فيقول لهم الملك: حتى أقول للحاجب، فيعلمه بمكانهم.
قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم ربّ العالمين تبارك وتعالى، ليهنئوا وليّ الله وقد سألوني أن آذن لهم عليه، فيقول الحاجب: إنه ليعظم عليّ أن أستأذن لأحد على وليّ الله وهو مع زوجته الحوراء.
قال: وبين الحاجب وبين وليّ الله جنتان.
قال: فيدخل الحاجب إلى القيّم فيقول له: على باب العرصة ألف مالك أرسلهم رب العزة يهنئون وليّ الله، فاستأذن لهم، فيتقدم القيّم إلى الخدّام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة، وهم ألف ملك أرسلهم يهنئون وليّ الله فأعلمه بمكانهم.
قال: فيعلمونه فيؤذن للملائكة فيدخلون على وليّ الله وهو في الغرفة، ولها ألف باب، وعلى كل باب من أبوابها ملك موكّل به، فإذا أذن للملائكة بالدخول على وليّ الله فتح كل ملك بابه الموكل به، فيدخل القيّم كل ملك من باب من أبواب الغرفة.
قال: فيبلّغونه رسالة الجبّار جلّ جلاله، وذلك قول الله عز وجل: { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ، سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } [الرعد: 23، 24].
قال: وذلك قوله عز وجل: { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } [الإنسان: 20]. يعني بذلك وليّ الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم.
والملك العظيم الكبير: أن الملائكة من رسل الله عز وذكره يستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، فذلك الملك العظيم الكبير.
قال: والأنهار تجري من تحت مساكنهم، وذلك قوله الله عز وجل: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } [الإنسان: 14] من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ، وإن الأنواع من الفاكهة ليقلن لولي الله: يا وليّ الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي.
قال: وليس من مؤمن في الجنة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات وأنهار من خمر، وأنهار من ماء، وأنهار من لبن، وأنهار من عسل.
فإذا دعا وليّ الله بغذائه أتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمّي شهوته، ثم يتخلى مع إخوانه ويزور بعضهم بعضاً، ويتنعمون في جناتهم في ظل ممدود مثل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وأطيب من ذلك.
ولكل مؤمن سبعون زوجة حوراء وأربع نسوة من الآدميين، وللمؤمن ساعة مع الحوراء، وساعة مع الآدمية، وساعة يخلو بنفسه على الأرائك متكئاً ينظر بعضهم إلى بعض.
وإن المؤمن ليغشاه نور وهو على أريكته.
فيقول لخدّامه: ما هذا الشعاع اللامع لعلّ الجبار لحظني؟ فيقول له خدّامه: قدّوس قدّوس جلّ جلاله بل هذه حوراء من أزواجك ممن لم تدخل بها بعد، أشرفت عليك من خيمتها شوقاً إليك وقد تعرّضت لك وأحبّت لقاءك، فلما رأتك متكئاً على سريرك تبسمت شوقاً إليه، فالشعاع الذي رأيت والنور الذي غشيك هو من بياض ثغرها وصفائه ونقائه ورقته.
قال: فيقول وليّ الله لخدمه: ائذنوا لها فتنـزل إليّ. فيبتدر إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشرونها بذلك، فتنـزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلّة منسوجة بالذهب والفضة مكلّلة بالياقوت والدّرّ والزّبرجد صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة مضمومة سوقاء([185]) يرى مخ ساقيها من وراء سبعين حلة، طولها سبعون ذراعاً، وعرض ما بين منكبيها عشرة أذرع.
فإذا دنت من وليّ الله أقبل الخدّام بصحائف الذهب والفضة فيها الدّرّ والياقوت والزّبرجد، فينثرونها عليها، ثم يعانقها وتعانقه لا تملّ ولا يملّ([186]).
 
الفصل الرابع
أهل السنة يتحملون ذنوب الرافضة
 
يعتقد الرافضة بأنهم من جنس مميز عن سائر بني آدم، حيث يزعمون أن طينتهم التي خلقوا منها صافية نقيّة وهي فضل من طينة أئمتهم التي هي مأخوذة من الجنة، ومن هذا الزعم ادّعى الرافضة العصمة لأنفسهم من الذنوب شأنهم شأن أئمتهم المعصومين، وإن الحمق بلغ بالرافضة إلى حدّ الادعاء بأن الذنوب التي يقترفها بعض الرافضة إنما هي نتاج اختلاط الطينة بين الرافضة وبين غيرهم من البشر، وخصّوا أهل السنة والجماعة بمزيد من تحمل التبعة في ذلك، فالرافضي إذا أذنب فهو مغفور له ويتحمل المسلم أوزاره التي اقترفها، ويعلم الله تبارك وتعالى أنني لم أقرأ في أي دين أو مذهب مثل هذا الادعاء، ولا يستغرب القراء من ذلك، فالرافضة يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار.
ولا يظن القراء الكرام أنني أتهم الرافضة بما هم منه براء، ولكن أسوق لهم الروايات الدالة على ما سبق بيانه وأترك لهم الحكم بعد ذلك.
( 1 )  عن بشر بن أبي عقبة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: إن الله خلق محمداً من طينة من جوهرة تحت العرش، وإنّه كان لطينة نضح فجبّل طينة أمير المؤمنين عليه السلام من نضح طينة رسول الله صلّى الله عليه وآله، وكان لطينة أمير المؤمنين نضح، فجبل طينتنا من فضل طينة أمير المؤمنين عليه السلام، وكانت لطينتنا نضح فجبل شيعتنا من نضح طينتنا فقلوبهم تحن إلينا، وقلوبنا تعطف عليهم تعطّف الوالد على الولد، ونحن خير لهم وهم خير لنا، ورسول الله صلّى الله عليه وآله لنا خير، ونحن له خير([187]).
( 2 )  عن أبي الحجاج قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا أبا الحجاج: إن الله خلق محمداً وآل محمد من طينة عليين وخلق قلوبهم من طينة فوق ذلك، وخلق شيعتنا من طينة دون عليين، وخلق قلوبهم من طينة عليين، فقلوب شيعتنا من أبدان آل محمد، وإن الله خلق عدو آل محمد من طين سجّين، وخلق قلوبهم من طين أخبث من ذلك، وخلق شيعتهم من طين دون طين سجّين، وخلق قلوبهم من طين سجّين، فقلوبهم من أبدان أولئك، وكل قلب يحن إلى بدنه([188]).
( 3 )  عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله خلقنا من أعلى عليين، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية: { كَلاّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ، كِتَابٌ مَّرْقُومٌ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ }، وخلق عدونا من سجين، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: { كَلاّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ، كِتَابٌ مَّرْقُومٌ }([189]).
( 4 )  عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنا وشيعتنا خلقنا من طينة واحدة، وخلق عدونا من طينة خبال من حمأ مسنون([190]).
( 5 )  عن ربعي عن عليّ بن الحسين عليه السلام قال: إن الله تعالى خلق النبيين من طينة عليين، قلوبهم وأبدانهم وخلق المؤمنين([191]) من تلك الطينة، وخلق أبدان المؤمنين من دون ذلك، وخلق الكفّار([192]) من طينة سجّين قلوبهم وأبدانهم، فخلط بين الطينتين، فمن هذا يلد المؤمن الكافر، ويلد الكافر المؤمن، من هاهنا يصيب المؤمن السيئة، ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة، فقلوب المؤمنين تحنّ إلى ما خلقوا منه، وقلوب الكافر تحنّ إلى ما خلقوا منه([193]).
( 6 )  عن جابر الجعفي قال: كنت مع محمد بن عليّ عليه السلام فقال: يا جابر: خلقنا نحن ومحبينا من طينة واحدة بيضاء نقية من أعلى عليين، فخلقنا نحن من أعلاها، وخلق محبونا من دونها، فإذا كان يوم القيامة التقت العليا بالسفلى، وإذا كان يوم القيامة ضربنا بأيدينا إلى حجزة طينتنا، وضرب أشياعنا بأيديهم إلى حجزتنا، فأين ترى يصير الله نبيه وذريته؟ وأين ترى يصير ذريته محبيها؟ فضرب جابر يده على يده فقال: دخلناها ورب الكعبة ثلاثاً([194]).
( 7 )  عن عبد الغفار الجاري عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق المؤمن من طينة الجنة، وخلق الناصب من طينة النار، وقال: إذا أراد الله بعبد خيراً طيّب روحه وجسده فلا يسمع شيئاً من الخير إلا عرفه، ولا يسمع شيئاً من المنكر إلا أنكره.
قال: وسمعته يقول: الطينات ثلاثة: طينة الأنبياء، والمؤمن من تلك الطينة، إلا أن الأنبياء هم صفوتها وهم الأصل ولهم فضلهم، والمؤمن الفرع من طينة لازب، كذلك يفرق الله بينهم وبين شيعتهم، وقال: طينة الناصب من حمأ مسنون، وأما المستضعفون من تراب لا يتحول مؤمن عن إيمانه، ولا ناصب عن نصبه. ولله المشيئة فيهم جميعاً([195]).
( 8 )  عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عجن طينتنا وطينة شيعتنا، فخلطنا بهم وخلطهم بنا فمن كان في خلقه شيء من طينتنا حنّ إلينا، فأنتم والله منّا([196]).
( 9 )  عن الحسن بن شمئون عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: إن الله عز وجل خلقنا من عليين، وخلق محبينا من دون ما خلقنا منه، وخلق عدوّنا من سجّين، وخلق محبّيهم مما خلقهم منه، فلذلك يهوى كلّ إلى كلّ([197]).
( 10 )  عن الحسين بن يزيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: إن الله بعث جبرئيل إلى الجنّة فأتاه بطينة من طينتها، وبعث ملك إلى الأرض فجاءه بطينة من طينتها، فجمع الطينتين ثم قسّمها نصفين، فجعلنا من خير القسمين، وجعل شيعتنا من طينتنا، فما كان من شيعتنا مما يرغب بهم عنه من الأعمال القبيحة فذاك مما خالطهم من الطينة الخبيثة ومصيرها إلى الجنة، وما كا في عدوّنا من برّ وصلاة وصوم ومن الأعمال الحسنة فذاك لما خالطهم من طينتنا الطيبة ومصيرهم إلى النار([198]).
( 11 )  عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبيه عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: سمعته يقول: خلق الله الأنبياء والأوصياء يوم الجمعة، وهو اليوم الذي أخذ الله فيه ميثاقهم، وقال: خلقنا نحن وشيعتنا من طينة مخزونة لا يشذّ منها شاذ إلى يوم القيامة([199]).
( 12 )  عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل خلق محمداً صلّى الله عليه وآله وعترته من طينة العرش، فلا ينقص منهم واحد ولا يزيد منهم واحد([200]).
( 13 )  عن الفضل بن عيسى الهاشمي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام أنا وأبي عيسى فقال له: أمن قول رسول الله صلّى الله عليه وآله "سلمان منّا أهل البيت"؟ فقال: نعم. فقال: أي من ولد عبد المطلب؟ فقال: منّا أهل البيت. فقال له: أي من ولد أبي طالب؟ فقال: منّا أهل البيت. فقال له: إنّي لا أعرفه. فقال: فاعرفه يا عيسى فإنه منّا أهل البيت. ثم أومى بيده إلى صدره، ثم قال: ليس حيث تذهب. إن الله خلق طينتنا من عليين وخلق طينة شيعتنا من دون ذلك. فهم منّا، وخلق طينة عدوّنا من سجّين وخلق طينة شيعتهم من دون ذلك، وهم منهم، وسلمان خير من لقمان([201]).
( 14 )  عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: إن الله تبارك وتعالى خلق محمداً وآل محمد من طينة عليين، وخلق قلوبهم من طينة فوق ذلك، وخلق شيعتهم من طينة عليين، وخلق قلوب شيعتهم من طينة فوق عليين([202]).
( 15 )  عن فضيل بن الزبير عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا فضيل: أما علمت أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إنّا أهل بيت خلقنا من عليين، وخلق قلوبنا من الذي خلقنا منه، وخلق شيعتنا من أسفل من ذلك، وخلق قلوب شيعتنا منه، وإن عدوّنا خلقوا من سجّين، وخلق قلوبهم من الذي خلقوا منه، وخلق شيعتهم أسفل من ذلك، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقوا منه. فهل يستطيع أحد من أهل عليين أن يكون من أهل سجين؟ هل يستطيع أهل سجين أن يكونوا من أهل عليين؟([203]).
( 16 )  عن أبي بكر الحضرمي عن علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: قد أخذ الله ميثاق شيعتنا معنا على ولايتنا، ولا يزيدون ولا ينقصون، إن الله خلقنا من طينة عليين، وخلق شيعتنا من طينة أسفل من ذلك، وخلق عدوّنا من طينة سجّين، وخلق أوليائهم من طينة أسفل من ذلك([204]).
( 17 )  عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا !!! قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك، وخلق أرواح شيعتنا من عليين، وخلق أجسادهم من دون ذلك. فمن أجل تلك القرابة بيننا وبينهم قلوبهم تحن إلينا([205]).
( 18 )  عن محمد بن مضارب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ الله جعلنا من عليين، وجعل أرواح شيعتنا مما جعلنا منه، ومن ثم تحنّ أرواحهم إلينا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، وخلق عدوّنا من سجّين، وخلق أرواح شيعتهم مما خلقهم منه، وخلق أبدانهم من دون ذلك، ومن ثم تهوى أرواحهم إليهم([206]).
( 19 )  عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: خلقنا الله من نور عظمته ثم صوّر خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه فكنّا نحن خلقنا نورانيين، لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا، وخلق أرواح شيعتنا من أبداننا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة، ولم يجعل الله لأحد في مثل ذلك من الذين خلقهم منه نصيباً إلا الأنبياء والمرسلين، فلذلك صرنا نحن وهم الناس، وصار سائر الناس هجماً في النار وإلى النار([207]).
ولقد استشكل على بعض الرافضة أمر هذه الطينة الأرستقراطية، فإذا كان الشيعة بهذا السمو في الخلق، فكيف يمكن لتلك الطينة وهي المخلوقة من طينة الأنبياء والأئمة أن ترتكب الكبائر والفواحش: شرب الخمور، الزنا، اللواط، أكل الربا، الاستهتار بالعبادات وغير ذلك من الأفعال المشينة؟ بينما الجاحدون والنواصب – وهم أهل السنة – يتنـزهون عن فعل تلك الأمور، ويتسابقون في فعل الخيرات ويجاهدون ويجتهدون في العبادة.
أيعقل بعد هذا الاصطفاء أن يقترف الشيعة كل محرّم؟ وأعداء الأئمة – على حد زعمهم – سابقون في الخيرات والأعمال الصالحة؟ لابد إزاء هذه المعادلة المعكوسة والمغلوطة من أن يحصل هذا الرافضي على بيان شاف حول هذا الأمر المزري لواقع الرافضة الذين لا يتورعون عن فعل المحرمات.
ولكن هل هذا الرافضي استطاع الحصول على الجواب الشافي لتلك الانحرافات السلوكية؟ وذلك التناقض بين التكوين وبين الفعل؟ نترك جواب هذا التساؤل لهذه الرواية التي تُضحك الثكلى وتُعطي التبريرات الساذجة للرافضة الذين يقعون في المحرمات والفواحش.
عن أبي إسحاق الليثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام: يا ابن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟ قال: اللهم لا، قلت: فيلوط؟ قال: اللهم لا، قلت: فيسرق؟ قال: لا، قلت: فيشرب الخمر؟ قال: لا، قلت: فيذنب ذنباً؟ قال: نعم وهو مؤمن مذنب مسلم، قلت: ما معنى مسلم؟ قال: المسلم بالذنب لا يلزمه ولا يصير عليه، قال: فقلت: سبحان الله ما أعجب هذا، لا يزني ولا يلوط، ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي كبيرة من الكبائر ولا فاحشة؟ فقال: لا عجب من أمر الله، إن الله عز وجل يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يُسألون، فمِمَّ عجبت يا إبراهيم؟ سل ولا تستنكف ولا تستحسر فإن هذا العلم لا يتعلمه مستكبر ولا مستحسر.
قلت: يا ابن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب ويقطع الطريق، ويحيف السبيل، ويزني ويلوط، ويأكل الربا، ويرتكب الفواحش، ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة، ويقطع الرحم، ويأتي الكبائر، فكيف هذا؟ ولم ذاك؟
فقال: يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شيء غير هذا؟ قلت: نعم يا ابن رسول الله أخرى أعظم من ذلك. فقال: وما هو يا أبا إسحاق؟ قال: فقلت: يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام، ويخرج الزكاة، ويتابع بين الحج والعمرة، ويحضّ على الجهاد، ويأثر على البرّ وعلى صلة الأرحام، ويقضي حقوق إخوانه، ويواسيهم من ماله، ويتجنّب شرب الخمر والزنا واللواط وسائر الفواحش، فمم ذاك؟ ولم ذاك؟ فسّره لي يا ابن رسول الله وبرهنه وبيّنه، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي.
قال: فتبسم صلوات الله عليه ثم قال: يا إبراهيم خذ إليك بياناً شافياً فيما سألت، وعلماً مكنوناً من خزائن علم الله وسرّه أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما؟ قلت: يا ابن رسول الله أجد محبيكم وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهباً أو فضة أن يزول عن ولايتكم ومحبتكم إلى موالاة غيركم وإلى محبتهم مازال، ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيكم، ولو قتل فيكم ما ارتدع ولا رجع عن محبتكم وولايتكم، وأرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطى أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهباً وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم، ولو قتل فيهم ما ارتدع ولا رجع، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلاً اشمأز من ذلك وتغير لونه، ورُئي كراهية ذلك في وجهه، بغضاً لكم ومحبة لهم.
قال: فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا إبراهيم من هنا هلكت العاملة الناصبة، تصلى ناراً حامية، تُسقى من عين آنية، ومن أجل ذلك قل عز وجل: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا }. ويحك يا إبراهيم أدري ما السبب والقصة في ذلك؟ والذي قد خفي على الناس منه؟ قلت: يا ابن رسول الله فبيّنه لي واشرحه وبرهنه.
قال: يا إبراهيم إن الله تبارك وتعالى لم يزل عالماً قديماً خلق الأشياء لا من شيء، ومن زعم أن الله عز وجل خلق الأشياء من شيء فقد كفر، لأنه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الأشياء قديماً معه في أزليته وهويته كان ذلك أزلياً، بل خلق الله عز وجل الأشياء كلها لا من شيء، فكان مما خلق الله عز وجل أرضاً طيبة، ثم فجّر منها ماءاً عذباً زلالاً، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبّقها وعمّها، ثم نضب ذلك الماء عنها، وأخذ صفوة ذلك الطين طيناً فجعله طين الأئمة عليهم السلام، ثم أخذ ثقل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا، ولو ترك طينتكم يا إبراهيم على حاله كما ترك طينتنا لكنتم ونحن شيئاً واحداً.
قلت: يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا؟ قال: أخبرك يا إبراهيم: خلق الله عز وجل بعد ذلك أرضاً سبخة خبيثة منتنة، ثم فجّر منها ماءاً أجاجاً، آسناً، مالحاً، فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمّها، ثم نضب الماء عنها، ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأئمتهم، ثم مزجه بثفل طينتكم، ولو ترك طينتهم على حاله ول يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا أمانة ولا أشبهوكم في الصور، وليس شيء أكبر على المؤمن من أن يرى صورة عدوّه مثل صورته.
قلت: يا ابن رسول الله فما صنع بالطنتين؟ قال: مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني، ثم عركها عرك الأديم، ثم أخذ من ذلك قبضة فقال: هذه إلى الجنة ولا أبالي وأخذ قبضة أخرى وقال: هذه إلى النار ولا أبالي، ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته، ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط، أو ترك صلاة أو صيام، أو حج أو جهاد، أو خيانة، أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه لأن من سنخ الناصب وعنصره اكتسب المآثم والفواحش والكبائر، وما رأيت من الناصب ومواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه لأن من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم، فإذا عرضت هذه الأعمال على الله عز وجل قال: أنا عدل لا أجور، ومنصف لا أظلم، وحكم لا أحيف، ولا أميل ولا أشطط، ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردّوها كلها إلى أصلها، فإني أنا الله لا إله إلا أنا، عالم السر وأخفى، وأنا المطّلع على قلوب عبادي، لا أحيف ولا أظلم ولا ألزم أحداً إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه.
ثم قال الباقر عليه السلام: يا إبراهيم اقرأ هذه الآية، قلت: يا ابن رسول الله أيّة آية؟ قال: قوله تعالى: { قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذًا لَّظَالِمُونَ }، هو في الظاهر ما تفهمونه، وهو والله في الباطن هذا بعينه، يا إبراهيم إن للقرآن ظاهراً وباطناً، ومحكماً ومتشابهاً، وناسخاً ومنسوخاً.
ثم قال: أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت وبدا شعاعها في البلدان، أهو بائن من القرص؟ قلت: في حال طلوعه بائن، قال: أليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه؟ قلت: نعم، قال: كذلك يعود كل شيء إلى سنخه وجوهره وأصله، فإذا كان يوم القيامة نزع الله سنخ الناصب وطينته مع أثقاله وأوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب وينـزع سنخ المؤمن وطينته مع حسناته وأبواب برّه واجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن. أفترى هاهنا ظلماً وعدواناً؟ قلت: لا يا ابن رسول الله، قال: هذا والله القضاء الفاصل والحكم القاطع والعدل البيّن، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، هذا – يا إبراهيم – الحق من ربك فلا تكن من الممترين، هذا من حكم الملكوت.
قلت: يا ابن رسول الله وما حكم الملكوت؟ قال: حكم الله وحكم أبنيائه، وقصة الخضر وموسى عليهم السلام حين استصحبه فقال: { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا }.
افهم يا إبراهيم واعقل، أنكر موسى على الخضر واستفظع أفعاله، حتى قال له الخضر: يا موسى ما فعلته عن أمري، إنما فعلته عن أمر الله عز وجل، من هذا – ويحك يا إبراهيم – قرآن يتلى، وأخبار تؤثر عن الله عز وجل، من رد منها حرفاً فقد كفر وأشرك وردّ على الله عز وجل.
قال الليثي: فكأني لم أعقل الآيات – وأنا أقرؤها أربعين سنة – إلا ذلك اليوم، فقلت: يا ابن رسول الله ما أعجب هذا، تؤخذ حسنات أعدائكم فتردّ على شيعتكم، وتؤخذ سيئات محبيكم فتردّ على مبغضيكم؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو، فالق الحبة، وبارئ النسمة، وفاطر الأرض والسماء، ما أخبرتك إلا بالحق، وما آتيتك إلا بالصدق، وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد، وإن ما أخبرتك لموجود في القرآن كلّه.
قلت: هذا بعينه يوجد في القرآن؟ قال: نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعاً في القرآن، أتحب أن أقرأ عليك؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، فقال: { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ، وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } الآية.
أزيدك يا إبراهيم؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، قال: { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ }، أتحب أن أزيدك؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، قال: { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات، ويبدل الله حسنات أعدائنا سيئات، وجلال الله ووجه الله إن هذا لمن عدله وإنصافه لا رادّ لقضائه، ولا معقّب لحكمه وهو السميع العليم.
ألم أبين لك أمر المزاج والطينتين من القرآن؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، قال: اقرأ يا إبراهيم { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ إنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ المَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ } يعني من الأرض الطيبة والأرض المنتنة { فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُم هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } يقول: لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته وصيامه وزكاته ونسكه لأن الله عز وجل أعلم بمن اتقى منكم، فإن ذلك من قبل اللمم وهو المزاج.
أزيدك يا إبراهيم؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله، قال: { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ } يعني أئمة الجور دون أئمة الحق { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } خذها إليك يا أبا إسحاق، فوالله إنه لمن غرر أحاديثنا وباطن أسرارنا ومكنون خزائننا، وانصرف ولا تطلع على سرّنا أحداً مؤمناً مستبصراً، فإنك إن أذعت سرّنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك([208]).
وفي رواية أخرى: عن إسحاق القمي قال: دخلت على أبي جعفر الباقر عليه السلام فقلت له: جعلت فداك أخبرني عن المؤمن يزني؟ قال: لا. قلت: فيلوط؟ قال: لا، قلت: فيشرب المسكر؟ قال: لا، قلت: فيذنب؟ قال: نعم، قلت: جعلت فداك لا يزني ولا يلوط ولا يرتكب السيئات، فأي شيء ذنبه؟
فقال: يا إسحاق قال الله تبارك وتعالى: { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ } وقد يلم المؤمن بالشيء الذي ليس فيه مراد. قلت: جعلت فداك أخبرني عن الناصب لكم يظهر بشيء أبداً؟ قال: لا.
قلت: جعلت فداك فقد أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي ويدين الله بولايتكم وليس بيني وبينه خلاف فيشرب المسكر، ويزني، ويلوط، وآتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه، كامح اللون، ثقيلاً في حاجتي، بطيئاً فيها، وقد أرى الناصب المخالف لما أنا عليه ويعرفني بذلك فآتيه في حاجة فأصيبه طلق الوجه، حسن البشر، متسرعاً في حاجتي، فرحاً بها، يحب قضاءها، كثير الصلاة، كثير الصوم، كثير الصدقة، يؤدي الزكاة، ويستودع فيؤدي الأمانة.
قال: يا إسحاق ليس تدرون من أين أوتيتم؟ قلت: لا والله، جعلت فداك إلا أن تخبرني، فقال: يا إسحاق إن الله عز وجل لَمّا كان متفرداً بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شيء، فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين، وهي طينتنا أهل البيت، ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطينة، وهي طينة شيعتنا، ثم اصطفانا لنفسه، فلو أن طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم، ولا شرق، ولا لاط، ولا شرب المسكر، ولا اكتسب شيئاً مما ذكرت، ولكن الله عز وجل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام ولياليها، ثم نضب الماء عنها، ثم قبض قبضة، وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون، وهي طينة خبال، وهي طينة أعدائنا، فلو أن الله عز وجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين، ولم يقروا بالشهادتين، ولم يصوموا، ولم يزكوا، ولم يحجوا البيت، ولم تروا أحداً منهم بحسن خلق، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين: طينتكم وطينتهم فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ومزجهما بالمائين فما رأيت من أخيك من شر لفظ أو زنا، أو شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره، فليس من جوهريته ولا من إيمانه، إنما هو بمسحة الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت، وما رأيت من الناصب من حسن وجه وحسن خلق، أو صوم، أو صلاة، أو حجّ، أو صدقة، أو معروف، فليس من جوهريته، إنما تلك الأفاعيل من مسحة الأيمان اكتسبها، وهو اكتساب مسحة الأيمان.
قلت: جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فمه؟ قال: يا إسحاق أيجمع الله الخير والشر في موضع واحد؟ إذا كان يوم القيامة نزع الله عز وجل مسحة الإيمان منهم فردّها إلى شيعتنا، ونزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردّها على أعدائنا وعاد كل شيء إلى عنصره الأول الذي منه ابتدأ، أما رأيت الشمس إذا هي بدت ألا ترى لها شعاعاً زاجراً متصلاً بها، ولو كان بائناً منها لما بدا إليها.
قال: نعم يا إسحاق كل شيء يعود إلى جوهره الذي منه بدأ. قلت: جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا؟ وتؤخذ سيئاتنا فترد إليهم؟ قال: أي والله الذي لا إله إلا هو. قلت: جعلت فداك أجدها في كتاب الله عز وجل؟ قال: نعم يا إسحاق، قلت: في أي مكان؟ قال لي: يا إسحاق أما تتلوا هذه الآية { فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } فلم يبدل الله سيئاتهم حسنات إلا لكم والله يبدل لكم([209]).
وفي رواية أخرى: عن جعفر بن محمد عن جده عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: إنَّ الله بعثَ جبرئيل إلى الجنة فأتاه بطينة من طينها، وبعثَ ملك الموت إلى الأرض فجاءه بطينة من طينها، فجمع الطينتين ثم قسّمها نصفين، فجعلنا من خير القسمين، وجعل شيعتنا من طينتنا، فما كان من شيعتنا مما يرغب بهم عنه من الأعمال القبيحة فذلك مما خالطهم من الطينة الخبيثة ومصيرها إلى الجنة، وما كان في عدونا من بر وصلاة وصوم من الأعمال الحسنة فذاكَ مما خالطهم من طينتنا الطيبة ومصيرهم إلى النار([210]).
وأيضاً: عن عبد الله بن القاسم عمّن حدثه (!!!!) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أرى الرجل من أصحابنا ممن يقول بقولنا خبيث اللسان، خبيث الخلطة، قليل الوفاء بالميعاد، فيغمّني غماً شديداً، وأرى الرجل من المخالفين علينا حسن السمت، حسن الهدي، وفياً بالميعاد، فأغتم غمّاً. فقال: أو تدري لم ذاك؟ قلت: لا. قال: إنَّ الله خلق الطينتين فعركهما – وقال بيده هكذا راحتيه جميعاً واحدة على الأخرى، ثم فلقهما، فقال: هذه إلى الجنة، وهذه إلى النار ولا أبالي، فالذي رأيت من خبث اللسان والبذاء وسوء الخلطة وقلّة الوفاء بالميعاد من الرجل الذي هو من أصحابكم، يقول بقولكم فبما التطخ بهذه الطينة الخبيثة وهو عائد إلى طينته، والذي رأيت من حسن الهدى وحسن السمت وحسن الخلطة والوفاء بالميعاد من الرجال من المخالفين فبما التطخ به من الطينة. فقلت: فرّجت عنّي فرّج الله عنك([211]).
ونختم هذا الفصل بقول بعض أحبار الرافضة حول تلك الطينة الأرستقراطية فيقول: إن مسألة الخلط واللطخ من أمهات مسائل المبدء والمعاد، وقد وردت فيها أخبار أهل البيت عليهم السلام، غير أنها مستورة المعنى عند كثير من أهل الفضل، فطالما بحث عنها الباحثون ولم يرجعوا إلا بخفي حنين، ولو أنا رمنا إيراد ماة (!!!) له الناس في المقام، وبيان ما يرد عليها من النقض والإبرام خرجنا عن اقتضاء المقام، مع عدم فائدة مهمة يترتب عليها، فلنبين ما هو حقيقة الأمر وببيانه يبطل كلما هو على خلافه.
فنقول وبالله التوفيق: إن الله عز وجل خلق نفوس الخلق متساوين في الصلوح بقبول التكليف وإنكاره بسرّ ما أودع فيهم من صلوح الأمرين، وجمعهم تحت النور الأخضر، وكلفهم بالإقرار له بالربوبية ولمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم بالنبوة ولأمير المؤمنين وأولاده الطاهرين بالولاية، فمنهم من آمن، ومنهم من كفر، فمن آمن منهم خلقه بمقتضى إيمانه خلقاً ثانياً من الطينة الطيبة، طينة الإيمان وأجرى عليها من ماء الولاية، ومن كفر خلقه بمقتضى كفره خلقاً ثانياً من الطينة الخبيثة، طينة الكفر والجحود، وأجرى عليها من الماء الأجاج، ماء إنكار الولاية. ولما أراد أن ينقلهم من ذلك العالم إلى عالم الأجسام دار التكليف الثاني أخذت طينة السعداء في النـزول من عليين وهو مبدئها الذي أخذت منه، وطينة الأشقياء في الصعود من سجين وهو مبدئها الذي أخذت منه فاختلط كل من الطينتين بالآخر في الطبيعة الجسمانية إلى أن اجتمعوا في دار الدنيا، وذلك ما ترى من اختلاف طينة جميع الناس في غيوب الأفلاك والعناصر والمعادن والنبات والحيوان، فإن نطف الخلق لما نزلت من عالم الملكوت استجنت في خزائن تلك الأشياء المذكورة إلى أن استقرت في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات بواسطة المأكل والمشرب، فهذا هو معنى الخلط بين الطينتين، ومن هنا يلد المؤمن الكافر، والكافر المؤمن، وهو تأول قوله تعالى: { يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ }.
هذا ومن البيّن أن المجاورة والمصاحبة بين شيئين مما يوجب التأثير والتأثر من طبع كل منهما في الآخر بشرط وجود الاستعداد لذلك في طبع المنفعل، فمبقدار استعداده ينفعل من طبع ما يجاوره ويمازجه، ومثاله الماء المنفعل من الأراييج الطيبة والخبيثة ونظائر ذلك.
ولما كانت طينة الأنبياء والأوصياء الممتحنين من المؤمنين في كمال قوة الإجابة الموجبة لنضعاف جهة الإنية فيهم، بحيث لا تقتضي العصيان لا بنفسها ولا بمعونة مجاورة الغير لها لم يؤثر فيها هذا الخلط والممازجة، فبقيت على الصرافة الأصلية، وكذا طينة رؤساء الكفار والمنافقين في جانب العكس، وأما سائر الخلق من الفريقين فحيث أن طينتهم ضعيفة الإجابة، وذلك موجب لا محالة لبقاء شيء من أحكام ظلمة الإنية في المؤمنين ونور الوجود في المنكرين، وهو يوجب استعداد الانفعال من لطخ طينة المجاور، فلا جرم تأثرت تلك الطين (بكسر الطاء وفتح الباء) بعضها من طبع بعض عند النـزول والامتزاج في الخزائن العلوية والسفلية، فصار المؤمن الضعيف في دار الدنيا مصدر القبايح والشرور، والكافر مصدراً للحسنات والخيرات مع أن طينة المؤمن نورانية لا يقتضي بالذات الشرور، وطينة الكافر ظلمانية لا يقتضي بالذات الخيرات، فالمؤمن من حيث هو لو خلى وطبعه لم يفعل إلا الخير وإن كان قادراً على الشر كونا، والكافر من حيث هو لو خلى وطبعه لم يفعل إلا الشر وإن كان قادراً على الخير كوناً، لكن المجاورة أثّرت في كل منهما، حتى صارا بالعرض منشأين لما لا يقتضي طبعهما الشرعي، وإن كانا بالطبع الكوني قادرين مختارين، فإذا أخذ كل من الفريقين في العود يقتضي حكم العدل أن يرجع أثر كل شيء إلى أصله، فيلحق الله الأعمال الحسنة التي صدرت عن الكافر بالمؤمن، والسيئة التي صدرت عن المؤمن بالكافر..... ([212]).
وبعد هذا كله فما هو رأي القارئ الكريم في هذا الهراء؟ أيمكن أن يصدر عن عاقل يتمتع بأدنى مسكة من عقل أو دين؟ أترك الإجابة لفطنة القارئ.
 
لم يكتف الرافضة بأن يحمل أهل السنة والجماعة أوزارهم، بل تمادوا في طغيانهم وتأويلهم للآيات القرآنية الكريمة، وجعلوا من النبي صلّى الله عليه وسلّم يتحمل أوزارهم وأن الله سبحانه وتعالى قد غفرها له صلّى الله عليه وسلّم، ووضعوا في ذلك عدة روايات موضوعة، نتحف القارئ بنماذج من تلك المرويات.
1 -  عن عبد الجبار بن كثير التميمي اليماني قال: قلت لمولاي جعفر بن محمد الصادق: يا ابن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسألك عنها.
فقال: إن شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألني، وإن شئت فسل([213]).
قال: فقلت: يا ابن رسول الله وبأي شيء تعلم ما في نفسي قبل سؤالي؟
فقال: بالتوسم والتفرس، أما سمعت قول الله عز وجل: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} وقول رسول الله صلّى الله عليه وآله: ”اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله“؟
فقلت: يا ابن رسول الله أخبرني بمسألتي.
فقال: مسألتك عن رسول الله صلّى الله عليه وآله لِمَ لم يطق حمله عليّ عليه السلام عند حطّ الأصنام عند سطح الكعبة مع قوته وشدته وظهر منه في قلع باب خيبر ورمي بها ما رماه أربعين ذراعاً وكان لا يطيق حمله أربعون رجلاً، وكان رسول الله يركب الناقة والفرس والبغلة والحمار وركب البراق ليلة المعراج وكل ذلك دون عليّ عليه السلام في القوة والشدة؟
قال: فقلت له: عن هذا أردت أن أسألك يا ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله فأخبرني عنه.
فقال: نعم، إنَّ عليّاً عليه السلام برسول الله صلّى الله عليه وآله شرّف وبه ارتفع وفضّل، وبه وصل وبه ارتفع وفضّل، وبه وصل إلى إطفاء نار الشرك، وإبطال كل معبود من دون الله، ولو علاه النبي صلّى الله عليه وآله لكان النبي بعليّ عليه السلام مرتفعاً شريفاً وواصلاً في حطّ الأصنام، ولو كان ذلك لكان عليّ أفضل من النبي صلّى الله عليه وآله، ألا ترى أن علياً عليه السلام لَمّا علا ظهر النبي صلّى الله عليه وآله قال: شرفت وارتفعت حتى لو شئت أن أنال السماء لنلتها.
أو ما علمت أن المصباح هو الذي يُهتدى به في المظالم وانبعاث فرعه عن أصله؟
وقال عليّ عليه السلام: أنا من أحمد كالضوء من الضوء. أو ما علمت أن محمداً وعلياً عليه السلام كانا نوراً بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام؟ وأن الملائكة لما رأت ذلك النور أن له أصلاً قد انشق منه شعاع لامع قالت: إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟
فأوحى الله تبارك وتعالى: هذا نور أصله نبوة وفرعه إمامة، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي وأما الإمامة فلعليّ نجيي ووليي، ولولاهما ما خلقت خلقي، أو ما علمت أن رسول الله رفع بيد عليّ عليه السلام بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعل أمير المؤمنين إمامهم؟ وحمل الحسن والحسين عليهما السلام يوم حظيرة بني النجار.
فقال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما يا رسول الله. فقال: نعم المحمولان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يصلّي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلما سلّم قيل له: يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة. فقال: رأيت ابني الحسين قد علا ظهري فكرهت أن أعالجه حتى ينـزل من قبل نفسه.
فأراد بذلك رفعهم وتشريفهم، فالنبي صلّى الله عليه وآله إمام ونبي، وعلي إمام ليس برسول ولا نبي، فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة.
قال: فقلت: زدني يا ابن رسول الله.
فقال: نعم إنك لأهل للزيادة.
اعلم أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حمل عليّ عليه السلام على ظهره، يريد بذلك أنه أبو ولده، وأن الأئمة من ولده، كما حوّل رداءه في صلاة الاستسقاء ليعلم أصحابه بذلك أنه لطلب الخصب.
فقلت: يا ابن رسول الله زدني.
فقال: نعم حمل رسول الله صلّى الله عليه وآله علياً، يريد أن يعلم قومه أنه هو الذي يخفف عن ظهره ما عليه من الدين والعداة والأداء عنه ما حمل من بعده.
فقلت: يا ابن رسول الله زدني.
فقال: حمله ليعلم بذلك أنه ما حمله إلا لأنه معصوم لا يحمل وزراً فتكون أفعاله عند الناس حكمة وصواباً.
وقال النبي صلّى الله عليه وآله لعليّ: يا عليّ إن الله تبارك وتعالى حملّني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي.
وذلك قوله تعالى: { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 2].
ولما أنزل الله عز وجل قوله: { عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } [المائدة: 102].
قال النبي صلّى الله عليه وآله: عليّ نفسي وأخي، فإنه مطهر معصوم لا يضلّ ولا يشقى، ثم تلا هذه الآية: { قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ } [النور: 54] ولو أخبرتك بما في حمل النبي صلّى الله عليه وآله لعلي عليه السلام من المعاني التي أرادها به لقلت: إن جعفر بن محمد مجنون، فحبسك من ذلك ما قد سمعت.
قال: فقمت إليه وقبلت رأسه ويديه وقلت: "الله أعلم حيث رسالته"([214]).
2 -  عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله في كتابه: { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ }.
قال: ما كان له ذنب ولا هم، ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له([215]).
3 -  عن محمد بن سعيد المروزي قال: قلت لرجل (!!!!) أذنب محمد صلّى الله عليه وآله قط؟
قال: لا.
قلت: فقوله عز وجل: { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } فما معناه؟
قال: إن الله سبحانه حمّل محمداً ذنوب شيعة عليّ عليه السلام ثم غفر له ما تقدم وما تأخر([216]).
4 -  عن أبي الحسن الثالث عليه السلام أنه سُئل عن قول الله عز وجل: { لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ }.
فقال عليه السلام: وأي ذنب كان لرسول الله صلّى الله عليه وآله متقدماً أو متأخراً، وإنما حمله الله ذنوب شيعة عليّ عليه السلام من مضى منهم ومن بقي منهم ثم غفرها له([217]).
5 -  عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام قال: سأله رجل عن هذه الآية.
فقال: والله ما كان له ذنب، ولكن الله سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة عليّ عليه السلام ما تقدم من ذنبهم وما تأخر([218]).
ويشرح لنا أحد علماء الرافضة كيفية تحمل النبي صلّى الله عليه وآله ذنوب الرافضة بشكل فلسفي صوفي فيقول:
وورد في عدة أخبار أنه حمله ذنوب شيعة عليّ رضي الله عنه والمعنى واحد، لأن المغفور له الذنب فرقة واحدة وهي الفرقة الناجية، وهم التابعون لأهل بيته صلّى الله عليهم أجمعين.
ثم أقول: إن هذا الخبر وما في معناه من الأخبار لم يزل في حجاب الخفاء لم يكشف عن وجهه الغطاء، فإني أرى الناس يروون ويسمعون أن الله حمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذنوب شيعته أو شيعة أمير المؤمنين، ويكتفون بمجرد سماع ذلك ويسكتون عليه، ولم أجد إلى الآن أحداً يسأل: ما معنى تحمل ذنب الغير وكيف يتعقل هذا؟ حتى يبلغ الأمر إلى أن ينسبه الله تعالى إلى رسوله المعصوم صريحاً، ويكون ذلك أحد أسباب تشنيع الملل الخارجة على الإسلام.
فنقول في بيان هذه النكتة على وجه الاختصار والله ولي الهداية: لقد علم المستحفظون من حملة الآثار أن الله تعالى أول ما ابتدأ في خلق الوجود نور نبيه صلّى الله عليه وسلّم ثم خلق من أشعة نوره الشعشاني وجودات سائر الخلق، بمعنى أن من قبل منه خلقه في الخلق الثاني التكليفي من شعاع نوره، ومن أنكر خلقه في الخلق المذكور من ظل نوره، وذلك بعد ما كانوا في الخلق الأول الكوني متساوين في الخلق أمة واحدة، كلهم من أثر نوره المشرق في العالم منحصر في وجود الصادر الأول صلّى الله عليه وسلّم مع من خلق من سنخ نوره وحقيقته وهم المعصومون الثلاثة عشر، وما صدر عنهم من الآثار، إما على سبيل الإقبال، وإما على نحو الإدبار، أما المدبرون فهم مطرودون عن بابه، ومحجوبون عن جنابه، لا نسب بينه وبينهم لأنهم منسوبون إلى قوله تعالى: { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ }، وأما المقبلون وهم شيعته بالمعنى الأعم، فهم منسوبون إليه قد وصلوا نسبهم بنسبه، وسبيهم بسببه، فهم كشعاع الشمس بالنسبة إليها، يدورون معه حيثما دار، لأنهم آخذون بحجزة أهل بيته، وأهل بيته آخذون بحجزته، والحجزة النور.
وقد ورد أن كل نسب منقطع يوم القيامة إلا نسب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فافهم، فالشيعة ليست بأجنبية عنه صلّى الله عليه وسلّم بأن تكون بينهم وبينه بينونة عزلة، كما أن الأشعة ليست بأجنبية من الشمس لأنها أشعتها صادرة عن إشراقها.
والشيعة إنما سميت شيعة لأنهم من شعاع نور أئمتهم صلوات الله عليهم، وأصل ذلك النور رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ففي الحقيقة ما بالديار سواه لابس مغفر.
وإذ تبينت هذا فنقول: إن الأمور المضافة إلى الشيء على قسمين: قسم هو من آثاره بغير واسطة كالأفعال الصادرة منه نفسه. وقسم: هو من آثار آثاره وهو أيضاً قد يضاف إليه في النسبة، لأن الآثار واقعة في ملكه وليست بأجنبية عنه، مثاله: الأدران العارضة للشخص فإنها قد تعرض جسده فتنسب إليه بغير إشكال، وقد تعرض ثوبه الذي هو ملكه ومع ذلك ينسب إليه فإنه يقال: اغسل درنك وطهره بالماء، ويراد به الدرن العارض لجسده، وقد يقال: اغسل درنك ويراد به الدرن العارض لثوبه، ومثل هذه النسبة شايع بين أهل العرف لا ينكره أحد وكلتاهما عند أهل الحقيقة حقيقة، غير أن الأولى حقيقة أولية، والثانية حقيقة ثانوية. ووجه كون الثانية نسبة حقيقته هو أنها وأمثالها نسب عارضة للشخص في مقام ظهوره بالمالكية حقيقة، وإن كان في مقام تجرده الذاتي منـزهاً عنها، فافهم ولا أظنك تفهم، لكن لكل إشارة أهل يفهمها والكلام معه، والقوم حيث حرّموا عن رحيق التحقيق جعلوا أمثال هذه النسب من النسب المجازية ولا وجه لذلك مادام الحمل على الحقيقة ممكناً، والمقام منه ونظير ذلك ما ينسب إلى الشخص من حيث هو هو، وما ينسب إليه من حيث عروض إضافة له، ككونه أباً لشخص وابناً له إلى غير ذلك من الإضافات، وكلتا النسبتين حقيقة ليست من المجاز في شيء، كما يقال: زيد وارث عمرو، فإنه يقال عليه من حيث كونه ابناً له لا من حيث كونه زيداً من حيث هو زيد، فافهم ومع ذلك الحمل حمل حقيقي لا مجازي.
وإذا تقرر هذا فنقول: إن نسبته الذنب في الآية إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم من القسم الثاني، بمعنى أن الله تعالى نسب ذنوب شيعته إليه وحمّلها إياه لكونها صادرة عن أشعته من باب عروض الوسخ لثوبك، الذي أنت لابسه ونسبته إليك في التعبير فإنك حامل لذلك الوسخ بواسطة الثوب، وإن كنت في نفسك طيباً طاهراً لا وسخ فيك، وإنما غفرها الله عز وجل لنبيه صلّى الله عليه وسلّم لأنها ليست ناشئة من ذوات أشعته من حيث هي أشعته. وإنما هي أعراض عارضة من لطخ طينة الأعداء ومجاورتها نظيره أيضاً الثوب قد يكون نجس العين كالمنسوج من شعر خنـزير مثلاً، وهذا لا يطهر بالغسل، وقد يكون طاهر العين، وتعرضه النجاسة من خارج، كالأثواب المتنجسة، وهذا يطهر بالغسل لا محالة، وذنوب الشيعة من القسم الثاني، ولذا طهرها الله تعالى بفاضل نورانية نبيه صلّى الله عليه وآله الذي هو بمنـزلة الماء فافهم وتبصر([219]).
 

الفهـرس
 
الموضوع                                                                 الصفحة
*  المقدمة ..............................................................  
*  الفصل الأول : أسباب النجاة في الآخرة من العذاب ...............  
    التوبـة : ..........................................................

  • التوبة من الكفر والفسوق والعصيان ..........................................

  • بعض الآيات القرآنية الواردة في التوبة ........................................  

  • بعض الآثار الواردة فيها .....................................................  

    الاسـغفار : .......................................................

  • الاستغفار وصلته بالتوبة .....................................................  

  • حديث أبي هريرة ".. قد غفرت لعبدي فليفعل ما يشاء " ......................  

  • التوبة تمحو جميع السيئات ....................................................  

  • قوله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا } ..............................  

    الأعمال الصالحة : ...................................................  

  • قوله تعالى: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ } ..........................  

  • قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”.. وأتبع السيئة الحسنة تمحها ..“، وأحاديث أخرى في غفران الله تعالى الذنوب بالأعمال الصالحة ....................................  

  • العمل الذي يمحو الله به الخطايا ويكفر به السيئات هو العمل المقبول، والله تعالى إنما يتقبل من المتقين .............................................................  

  • أقوال الخوارج، والمعتزلة، والمرجئة، والسلف في قوله تعالى: { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }...................................................................

  • اقتران العمل الصالح بصدق النية، والأحاديث في ذلك .........................  

  • فضل إخلاص شهادة لا إله إلا الله ............................................  

    الدعاء للمؤمنين .....................................................  

  • صلاة المسلمين على الميت دعاء له ............................................  

  • الدعاء في غير صلاة الجنازة ..................................................  

  • الدعاء لمن سبق من سلفنا من الصحابة وغيرهم ................................  

    دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم واستغفاره : ...........................  

  • في حياته ....................................................................  

  • بعد مماته (فقد أبقى شفاعته صلّى الله عليه وسلّم لأمته يوم القيامة) .............  

    ما ينفع من صالح الأعمال بعد الممات ................................  

  • التصدق، والحج، والصوم عن الميت ..........................................  

  • حديث النبي e : ”إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث...“.............

    المصائب الدنيوية كفارات ...........................................  

  • حديث النبي e : ”ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب...“ ................  

  • حديث النبي e : ”مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع...“ ......................  

  • حديث النبي e : ”سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة...“ .........  

  • حديث النبي e : ”... هذا أهون وأيسر“ ....................................  

  • كثرة الفتن كلما تأخر العصر عن النبوة .......................................

     ما يبتلى به المؤمن في القبر ..........................................  

  • ضمة القبر ...................................................................  

  • فتنة الملكين ..................................................................  

ما يحصل للمؤمن في الآخرة من كرب أهوال يوم القيامة ...........................  
تنقية المؤمنين إذا عبروا الصراط والإذن لهم في دخول الجنة بعد ذلك ................  
*  الفصل الثاني : الرافضة وصكوك الغفران .........................  

  • مزاعم موهومة للرافضة ......................................................  

    من خطب الإمام علي (رضي الله عنه) في ذم أصحاب : ................  

  • وصفه إياهم بالخيانة .........................................................  

  • وصفه إياهم بالجبن، وما يليق بهم من خسيس الصفات ........................  

    من خطب الحسن بن علي (رضي الله عنهما) في ذم الشيعة : ...........  

  • تفضيل الإمام الحسن (رضي الله عنه) معاوية على الشيعة .......................  

  • وصفه إياهم بأنهم لا وفاء لهم ولا ذمة في قول ولا فعل ........................  

    من خطب الحسين بن علي (رضي الله عنهما) .........................  

  • وصفه (رضي الله عنه) إياهم بالخديعة ونقض العهد ...........................  

    من خطب علي (زين العابدين) بن الحسين (رضي الله عنهما) في ذم الشيعة:........................................................................

  • وصفه (رضي الله عنه) إياهم بما وصفهم به أبوه وعمه وجده (رضي الله عنهم أجمعين)

    من خطب زينب بنت علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) في ذم الشيعة : ........................................................................  

  • وصفها (رضي الله عنها) إياهم بما تقدم من وصف أهل البيت لهم ..............  

    خطبة فاطمة الصغرى في ذم الشيعة : .................................  

  • وصفها إياهم بالمكر والغدر والخيلاء ..........................................  

    ذكر بعض الروايات – من كتب الشيعة المعتمدة – في فساد عقيدتهم وسوء مذهبهم ................................................................  
الفصل الثالث : الرافضة ودخول الجنة وتحريمها على من سواهم ........  
    زعم الرافضة أن الجنة وقف عليهم تشبهاً باليهود والنصارى ...........  

  • دليل بطلان زعمهم من كتاب الله ............................................  

  • ذكر بعض الروايات عن الرافضة تؤكد زعمهم هذا ...........................  

 مجمل أخبار زرارة بن أعين حواري الرافضة المبشر بالجنة على طريقتهم، ومن واقع كتبهم .................................................................  

  • زرارة لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس ....................................  

  • بغض زرارة للصادق رحمه الله تعالى ..........................................  

  • تكذيب الصادق لزرارة ......................................................  

  • لا يموت زرارة إلا تائهاً ......................................................  

  • زرارة عجل المحيا والممات ....................................................  

  • اعتقاد زرارة بأن الصادق ساحر ..............................................  

  • زرارة مسلوب الإيمان ........................................................  

  • زرارة شر من اليهود والنصارى ..............................................  

  • إن الله نكس قلب زرارة .....................................................  

  • إقرار الصادق بخيانة زرارة ....................................................  

  • عدم ثقة الصادق بزرارة ......................................................  

  • ترجمة هشام بن سالم الجواليقي ...............................................  

  • استهزاء زرارة بالإمام الصادق ................................................  

    القائمة المزعومة بأهل الجنة من الشيعة ................................  

  • أدلة وجود هذه الصحيفة التي يدعونها من باطن كتبهم ........................  

  • صفة جنتهم المزعومة ........................................................  

*  الفصل الرابع : أهل السنة يتحملون ذنوب الرافضة ................  
   اعتقاد الرافضة بتميزهم عن سائر بني آدم، وأنهم خلقوا من طينة غير طينة من سواهم (يعني أهل السنة) ................................................  

  • دليل ذلك من مروياتهم الباطلة عن أئمتهم المزعومين ...........................  

  • مسألة الطينة هذه من أمهات مسائل المبدأ والمعاد عند الشيعة ...................  

  • نماذج لبعض موضوعاتهم في تحمل أهل السنة عنهم ذنوبهم .....................  

  • كيفية تحمل أهل السنة ذنوب الشيعة على حد فهمهم في رواية عن أحد علماء الشيعة

 
     تم الكتاب ولله الحمد.


([1])  نقلاً عن: شبهات حول الصحابة 4/71-105 لابن تيمية، جمع وتعليق: محمد مال الله.

([2])  الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 9/145 (كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: { يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ } [الفتح:15])، مسلم 4/2113 (كتاب التوبة، باب قبول التوبة من الذنوب)، المسند (ط. المعارف) 15/92-93 (وانظر تعليق المحقق).

([3])  جاء الحديث بهذا اللفظ (بدون عبارة: يا معاذ) عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه في: سنن الترمذي 3/239 (كتاب البر والصلة، باب ما جاء في معاشرة الناس) وقال الترمذي: "وفي الباب عن أبي هريرة. هذا حديث حسن صحيح" ثم ذكر الترمذي حديثاً بعده (ص240) وأول سنده: حدثنا محمد بن غيلان.. عن معاذ بن جبل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم نحوه. قال محمود: "والصحيح حديث أبي ذر". وجاء حديث أبي ذر في: سنن الدارمي 2/323 (كتاب الرقاق، باب في حسن الخلق)؛ المسند (ط. الحلبي) 5/153. وفي آخره: "وقال وكيع: وقال سفيان مرة عن معاذ، فوجدت في كتابي عن أبي ذر وهو السماع الأول". وجاء الحديث مرة أخرى 5/185. وجاء الحديث عن أبي ذر فقط 5/177. وجاء الحديث وأوله "يا معاذ" عن معاذ في: المسند (ط. الحلبي) 5/228، 236 وحسن الألباني الحديث عن أبي ذر ومعاذ وأنس في "صحيح الجامع الصغير" 1/86.

([4])  الحديث – مع اختلاف في الألفاظ – عن أبي هريرة رضي الله عنه في: مسلم 1/209 (كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس....)، سنن الترمذي 1/138 (كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس) وقال الترمذي: "وفي الباب عن جابر وأنس وحنظلة الأسيدي، حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح".

([5])  الحديث بهذا اللفظ فقط أو مع زيادة: "ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" عن أبي هريرة رضي الله عنه في "البخاري 1/12 (كتاب الإيمان، باب صوم رمضان إيماناً واحتساباً ونية)، 3/45-46 (كتاب فضل ليلة القدر، باب فضل ليلة القدر)، مسلم 1/523-524 (كتاب صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان...)، سنن أبي داود 2/66-67 (كتاب تفريغ أبواب شهر رمضان، باب في قيام شهر رمضان).

([6])  الحديث مع اختلاف في اللفظ. عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري، 2/133 (كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور): مسلم 2/983 (كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة). والحديث في سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي والمسند.

([7])  الحديث بدون كلمة "غمراً" عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 1/108 (كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلوات الخمس كفارة)، مسلم 1/462-463 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إلى الصلاة...) وأما كلمة "غمراً" فجاءت في حديث آخر بمعناه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في: مسلم 1/463 ونصه: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات" قال: قال الحسن: وما يبقي ذلك من الدرن؟ وروى الإمام أحمد هذا الحديث في مسنده (ط. المعارف) 18/143 (رقم 1905) عن جابر رضي الله عنه ثم في الحديث الذي بعده 18/144 (رقم 5902) عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مثله. والحديث عن جابر في: المسند (ط. الحلبي) 3/317. وجاء حديث ثالث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في: المسند (ط. المعارف) 3/67-68 أوله: عن عامر بن سعد بن أبي وقاص: سمعت سعداً أو ناساً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقولون: كان رجلان أخوان... وفيه: فقال (النبي صلّى الله عليه وسلّم): ألم يكن يصلي؟... وفيه: إنما مثل الصلاة كمثل نهر جار بباب رجل غمر عذب، يقتحم فيه... الحديث، وفي الشرح: الغمر – بفتح العين وسكون الميم: الكثير، أي يغمر من دخله ويغطيه.

([8])  الحديث عن معاذ بن جبل رضي الله عنه في: سنن الترمذي 4/124-125 (كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة) وأوله: "كنت مع النبي (ص) في سفر...، فقلت: يا رسول الله؛ أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال: ”لقد سألتني عن شيء عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه... الحديث وفيه: ”والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار...“ وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وجاء حديث معاذ أيضاً في: سنن ابن ماجه 2/1314-1315 (كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة). وجاءت هذه العبارات أيضاً في حديث آخر عن كعب بن عجرة رضي الله عنه في: سنن الترمذي 2/61-62 (كتاب الجمعة: السفر، باب في فضل الصلاة) وأوله: ”أعيذك بالله يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي... الحديث وفيه: ”والصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار“ وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب.." كما جاءت هذه العبارات في حديث ثالث عن أنس بن مالك رضي الله عنه في: سنن ابن ماجه 2/1408 (كتاب الزهد، باب الحسد) وأوله: ”الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار“. وحديث معاذ بن جبل في المسند (ط. الحلبي) 5/231،  237، 248، وحديث كعب بن عجرة في المسند (ط. الحلبي) 3/231، 399.

([9])  الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما – مع اختلاف في اللفظ – في: مسلم 3/1502 (كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله...) المسند (ط. المعارف) 12/13.

([10])  هذه العبارة جزء من حديث عن أبي أمامة رضي الله عنه في: سنن ابن ماجة 2/928 (كتاب الجهاد، باب فضل غزو البحر، وأوله... سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ”وشهيد البحر مثل شهيد البر... الحديث وفيه: "ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدَّين، ولشهيد البحر: الذنوب والدين". وقال الألباني في: "ضعيف الجامع الصغير" 2/151: "موضوع" وتكلم عليه في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" 2/222-223.

([11])  الحديث في "إرواء الغليل" 4/111-112 بلفظ "صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم عاشوراء يكفر سنة ماضية". وقال الألباني: رواه جماعة إلا البخاري ولم يخرجه النسائي في سننه الصغرى والظاهر أنه في سننه الكبرى. وهذا الحديث عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه في: مسلم 2/818-819 (كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر..) وأوله: رجل أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: كيف تصوم؟ الحديث... وفيه: ... صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده, وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" وانظر كلام الألباني عليه في "إرواء الغليل" 4/108-110 (رقم 952) وما ذكره من وجود الحديث في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه والمسند وسنن البيهقي بروايات مختلفة.

([12])  الحديث عن عمار بن ياسر رضي الله عنه في: سنن أبي داود 1/294 (كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة) ولفظه: "إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، ربعها، ثلثها، نصفها". وحسن الألباني الحديث في "صحيح الجامع الصغير 2/65 .

([13])  الحديث – مع اختلاف في اللفظ – عن أبي هريرة رضي الله عنه في: سنن ابن ماجه 1/539 (كتاب الصيام، باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم)، وجاء الحديث فيه بلفظ "رب صائم ليس له من صيامه .. إلخ، وهو في سنن الدرامي 2/301 (كتاب الرقاق، باب في المحافظة على الصوم) ولفظه: "كم من صائم.. وجاء الحديث في المسند (ط. المعارف) 17/35 وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح 18/204 وصححه أيضاً، وصحح الألباني الحديث بروايتين له في "صحيح الجامع الصغير" 3/174 .

([14])  الحديث – مع اختلاف في الألفاظ – عن معاذ به جبل رضي الله عنه في: سنن أبي داود 3/20 (كتاب الجهاد، باب فيمن يغزو ويلتمس الدنيا)؛ سنن النسائي 6/41 (كتاب الجهاد، باب فضل الصدقة في سبيل الله عز وجل)، 7/139 (كتاب البيعة، باب التشديد في عصيان الأمير)؛ سنن الدارمي 2/208 (كتاب الجهاد، باب الغزو غزوان)؛ المسند. (ط. الحلبي) 5/234.

([15])  الحديث – مع اختلاف في الألفاظ – عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في: سنن الترمذي 4/123-124 (كتاب الإيمان، باب فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله) وأوله فيه: "إن الله سيُخلَّص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة... الحديث. وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". وهو في: سنن ابن ماجه 2/1437 (كتاب الزهد، باب ما يُرجى من رحمة الله يوم القيامة)؛ المسند (ط. المعارف) 11/197-200. وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: "إسناده صحيح". وقال إن الحاكم رواه في المستدرك 1/529... وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي. ونقله المنذري في "الترغيب والترهيب".. وقال: "رواه الترمذي.. وابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي..".. السَّجِلَّ: بكسر السين وتشديد اللام: هو الكتاب الكبير، قال ابن الأثير. البطاقة: بكسر الباء الموحدة وتخفيف الطاء المهملة...: الرقعة، وأهل مصر يقولون للبطاقة: رقعة.

([16])  الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 3/111-112 (كتاب الشرب والمساقاة، باب فضل سقي الماء)، 3/132-133 (كتاب المظالم، باب الآبار على الطرق إذا لم يُتأذّ بها): مسلم 4/1761 (كتاب السلام، باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها): سنن أبي داود 3/33 (كتاب الجهاد، باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم)؛ الموطأ 2/929-930 (كتاب صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم، باب جامع ما جاء في الطعام والشراب)؛ والحديث في المسند.

([17])  الحديث – مع اختلاف في اللفظ – عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 4/173 (كتاب الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان...) ونصه فيه: بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغيٌ من بغايا بني إسرائيل فنَزَعت موقها فسقته فغفر لها به" والموق: الخف. والحديث في مسلم 4/1761 (كتاب السلام، باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها) وأوله فيه: "إن امرأة بغيا... إلخ" المسند (ط. الحلبي) 2/507.

([18])  في: البخاري 4/173: مسلم 4/1761. وأدلع لسانه: أدلع ودلع لغتان: أي أخرجه من شدة العطش. الموق: الخف.

([19])  هذا هو الجزء الأول من حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 1/128 (كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل إزالة الأذى عن الطريق)؛ سنن أبي داود 4/490 (كتاب الأدب، باب في إماطة الأذى عن الطريق). والحديث في الموطأ والمسند.

([20])  الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما في: البخاري 4/130 (كتاب بدء الخلق، باب خمس من الدواب فواسق يقتلن في الحرم) وهو في موضعين آخرين في البخاري: مسلم 4/2022-2023 (كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها...) والحديث في موضعين آخرين في مسلم. والحديث في سنن النسائي وابن ماجه والدارمي وفي مواضع كثيرة في المسند.

([21])  لم أعرف مكان الحديث في سنن الترمذي... ووجدت الحديث بألفاظ مقاربة عن عائشة رضي الله عنها في سنن ابن ماجه 2/1404 (كتاب الزهد، باب التوقي على العمل)، المسند (ط. الحلبي) 6/159، 205.
قال أبو عبد الرحمن: صدق المحقق رحمه الله تعالى وغفر له، فإن هذا الحديث ليس في سنن الترمذي، ولكن ورد بألفاظ مقاربة: (صحيح الترمذي بشرح الإمام ابن العربي المالكي ج12 ص39-40، أبواب التفسير، ومن سورة المؤمنون): حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان حدثنا مالك بن مغول عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب الهمداني أن عائشة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم، قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الآية: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } قالت عائشة: هم الذين يشربونألفاظ  الخمر، ويسرقون؟ قالت: لا يا بنت الصديق ولكنهم يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات.
قال: وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم نحو هذا. أهـ وقد صحح الحديث العلامة الألباني في: صحيح سنن الترمذي ج3 ص79-80، صحيح ابن ماجه ج2 ص409، سلسلة الأحاديث الصحيحة ج1 ص255 وقال: أخرجه الترمذي (12/201) وابن جرير (18/26) والحاكم (2/393-394) والبغوي في تفسيره (6/25) وأحمد (6/19 و205)، وتلكم العلامة الألباني على الحديث وأسانيده، فمن شاء الاستزادة فليراجع كلام العلامة الألباني ص256-257.

([22])  الحديث – مع اختلاف في الألفاظ – عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في: البخاري 5/8 (كتاب أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لو كنت متخذاً خليلاً).
      مسلم 4/1967-1968 (كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة).
      سنن أبي داود 4/297-298 (كتاب السنة، باب في النهي عن سب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم).
      سنن الترمذي 5/357-358 (كتاب المناقب، باب في من سب أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم).
      المسند (ط. الحلبي) 3/11، 45، 63-64.
      سنن ابن ماجه 1/75 (المقدمة، باب فضل أهل بدر).
      وفي اللسان: "المد ضرب من المكاييل وهو ربع صاع، وهو قدر مد النبي صلّى الله عليه وسلّم والصاع خمسة أرطال. وقال النووي (شرح مسلم 16/93): وقال أهل اللغة: النصيف النصف... ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهب ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مداً ولا نصف مد".

([23])  جاء هذا الحديث في المسند (ط. الحلبي) 4/398-399 عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري، ولكنه في مسلم عن أبي بردة عن أبيه (وهو ابن لأبي موسى الأشعري اسمه الحارث، وقيل: عامر، وقيل: اسمه كنيته. انظر: تهذيب التهذيب 12/18-19؛ تذكرة الحفاظ 1/95). ونص الحديث في: مسلم 4/1961 (كتاب فضائل الصحابة، باب بيان أن بقاء النبي صلّى الله عليه وسلّم أمان لأصحابه..)؛ قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم قلنا لو جلسنا حتى نصلّي معه العشاء. قال: فجلسنا، فخرج علينا، فقال: ”مازلتم ههنا؟“ قلنا: يا رسول الله صلّينا معك المغرب، ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء. قال: ”أحسنتم أو أصبتم“ قال: فرفع رأسه إلى السماء، وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال: النجوم أمنة للسماة... الحديث. وقال النووي في شرحه على مسلم 16/83: "قال العلماء: الأمنة: بفتح الهمزة والميم، والأمن بمعنى. ومعنى الحديث أن النجوم ما دامت باقية فالسماء باقية، فإذا انكدرت النجوم وتناثرت في القيامة وهنت السماء فانفطرت وانشقت وذهبت، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون“ أي من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب واختلاف القلوب نحو ذلك مما أنذر به صريحاً، وقد وقع كل ذلك. قوله صلّى الله عليه وسلّم: ”وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعَدون“: معناه ظهور البدع والحوادث في الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم، وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك، وهذه كلها من معجزاته صلّى الله عليه وسلّم".

([24])  الحديث – مع اختلاف في الألفاظ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في: البخاري 4/37 (كتاب الجهاد، باب من استعان بالضعفاء والصالحين)، 4/197 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام)، 5/2 (كتاب فضائل أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، الباب الأول)؛ مسلم 4/1962 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم...)؛ المسند (ط. الحلبي) 3/7.

([25])  قال أبو عبد الرحمن: ذكر ابن تيمية في منهاج السنة ج2 ص35: وتواتر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم.
وعلق المحقق رحمه الله تعالى على هذه الرواية، فقال:
يذكر ابن تيمية هذا الحديث بهذا اللفظ الذي بدأ بعبارة: وخير القرون قرني... أو "خير القرون القرن.. إلخ في كثير من كتبه. وقد بحثت عن هذه الرواية بهذه الألفاظ طويلاً فلم أجدها.
وقد جاء الحديث عن عدد كبير من الصحابة منهم:
أبو هريرة وعبد الله بن مسعود وعمران بن حصين وعائشة والنعمان بن بشير وبريدة الأسلمي رضي الله عنهم. وجاء بألفاظ مختلفة منها: خيركم قرني، خير الناس قرني، خير أمتي القرن.. خير هذه الأمة القرن الذي أنا فيهم. بعثت في خير قرون آدم. أي الناس خير؟ قال أنا والذين معي.
انظر: البخاري: 3/171 (كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد)، 5/2-3، 3/7 (كتاب فضائل أصحاب النبي، باب فضائل أصحاب النبي ومن صحب النبي صلّى الله عليه وسلّم أو رآه)، 8/91 (كتاب الرقاق، باب ما يحذر من زهرة الدنيا) 8/134 (كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال أشهد بالله) 8/141-142 (كتاب الأيمان والنذور، باب إثم من لا يفي).
مسلم 4/1962 (كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم..).
سنن النسائي (بشرح السيوطي) 7/17 (كتاب الأيمان والنذور، باب الوفاء بالنذر).
سنن الترمذي (بتحقيق عبد الرحمن محمد عثمان) 3/339-340 (كتاب الفتن، باب ما جاء في القرن الثالث)، 3/376 (كتاب الشهادات)، 5/357 (كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل من رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم).
سنن أبي داود 4/297 (كتاب السنة، باب في فضل أصحاب رسول الله..).
سنن ابن ماجه 2/791 (كتاب الأحكام، باب كراهية الشهادة لمن لم يستشهد).
ترتيب مسند أبي داود الطيالسي، تحقيق الشيخ محمد عبد الرحمن البنا (ط. المنيرية بالأزهر، 1353/ 1934) 2/198-199 (كتاب الفضائل، باب ما جاء في فضل القرون الأولى).
المسند (ط. المعارف) 5/209، 6/29، 86، 116، 12/90، 15/106، المسند (ط. الحلبي) 2/340، 373، 410، 416، 417، 479، 4/267، 276، 277، 278، 426، 427، 436، 440، 5/350، 357، 6/156.

([26])  قال أبو عبد الرحمن: سئل المعافي بن عمران: أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فغضب وقال للسائل: أتجعل رجلاً من الصحابة مثل رجل من التابعين؟ معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله (تاريخ بغداد ص209، البداية والنهاية لابن كثير ج8 ص139) وكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يضرب بالسوط الذي يتناول من معاوية رضي الله عنه وذلك لأن ابن عبد العزيز رحمة الله عليه يعرف مكانة معاوية رضي الله عنه، عن إبراهيم بن ميسرة قال: ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنساناً قط إلا إنساناً شتم معاوية، فإنه ضربه أسواطاً. (البداية والنهاية لابن كثير ج8 ص139).

([27])  الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: مسلم 3/1255 (كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته): سنن أبي داود 3/159 (كتاب الوصايا. باب ما جاء في الصدقة عن الميت)، سنن الترمذي 2/418 (كتاب الأحكام، باب ما جاء في الوقف) وقال الترمذي: "هذا حدي صحيح"؛ سنن النسائي 6/210 (كتاب الوصايا، باب فضل الصدقة عن الميت)، سنن ابن ماجه 1/88 (المقدمة، باب ثواب معلم الناس الخير)؛ المسند (ط. المعارف) 17/28-29.

([28])  جمع ابن تيمية هنا بين حديثين، الأول عن عائشة رضي الله عنها ونصه: ”ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كُفِّر بها عنه حتى الشوكة يشاكها“. والحديث – مع اختلاف في الألفاظ – في: مسلم 4/1992 (كتاب البر والصلة والآداب باب ثواب المؤمن فيما يصيبه..) وجاءت أحاديث أخرى عنها وعن غيرها من الصحابة في الباب نفسه مقاربة في المعنى واللفظ. والحديث أيضاً في سنن الترمذي 2/220 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في ثواب المرض) وقال الترمذي: "حديث عائشة حديث حسن صحيح". والحديث الثاني في نفس المكان في: سنن الترمذي ونصه: ”ما من شيء يصيب المؤمن من نَصَب ولا حزن ولا وَصَب حتى الهم يَهُمُّه إلا يكفّر الله به عن سيئاته“ وهذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن في هذا ا لباب... وقد روى بعضهم هذا الحديث عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم...". وجاء الحديث عنهما في: مسلم 4/1992-1993.
      كما جاء عن أبي سعيد الخدري في: المسند (ط. الحلبي) 3/4، 24، 38، 61.

([29])  انجعافها: أي انقلاعها. والحديث عن أبي هريرة وكعب بن مالك رضي الله عنهما بألفاظ مختلفة في: البخاري 9/137-138 (كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة)؛ مسلم 4/2163-2164 في خمسة مواضع في (كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب مثل المؤمن كالزرع ومثل الكافر كشجر الأرز)؛ سنن الدارمي 2/310 (كتاب الرقائق، باب مثل المؤمن مثل الزرع)؛ المسند (ط. المعارف) 12/178، 14/221، والحديث بمعناه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في المسند (ط. الحلبي) 3/349 وعن كعب بن مالك في المسند (ط. الحلبي) 6/386.

([30])  الحديث بألفاظ مقاربة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه في: المسند (ط. الحلبي) 5/247 ونصه: "عن معاذ قال: صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة فأحسن فيها القيام والخشوع والركوع والسجود وقال: "إنها صلاة رغب ورهب، سألت الله فيها ثلاثاً فأعطاني اثنتين وزوى عني واحدة، سألته أن لا يبعث على أمتي عدواً من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيه، وسألته أن لا يبعث عليهم سنة تقتلهم جوعاً فأعطانيه، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردّها عليّ". وذكر السيوطي الحديث في "الجامع الصغير" بألفاظ مقاربة وفيه: "سألته أن لا يستحكم بعذاب أصابه من كان قبلكم فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط علي بيضتكم عدواً فيجتاحها فأعطانيها، وسألته أن لا يبلسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها". قال السيوطي (ع = مسند أبي يعلى، طب = الطبراني في الكبير، والضياء) عن خالد الخزاعي، (حم، ت، ن، حب، والضياء عن خباب) وصحح الألباني (صحيح الجامع الصغير 2/309-310) الحديث. وروى مسلم في صحيحه حديثاً عن ثوبان وآخر عن سعد بن أبي وقاص معناهما مقارب، انظر: مسلم 4/2215-2216 (كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض)، وجاء حديث ثوبان في: سنن أبي داود 4/138-139 (كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها)؛ سنن الترمذي 3/319-320 (كتاب الفتن، باب سؤال النبي صلّى الله عليه وسلّم ثلاثاً في أمته) وروى الترمذي أيضاً حديثاً عن خباب بن الأرت رضي الله عنه وقال: "هذا حديث حسن صحيح، وفي الباب عن سعد وابن عمر، وجاء حديث سعد رضي الله عنه في: المسند (ط. المعارف) 3/60-61، 86. والسنة العامة: القحط الذي يعمّ بلاد الإسلام.

([31])  الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه مع اختلاف في اللفظ في البخاري: 6/56 (كتاب التفسير، سورة الأنعام، قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ..}، 9/101 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً} سنن الترمذي 4/327 (كتاب التفسير، باب ومن سورة الأنعام)، المسند (ط. الحلبي) 3/309، تفسير الطبري (ط. المعارف) 11/422، 423، 425 (وانظر التعليقات).

([32])  الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في: البخاري 3/28 (كتاب المظالم والغصب، باب قصاص المظالم) ونصه: "إذا خلص المؤمنون من النار حُبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا نُقُّوا وهُذبوا أذن لهم بدخول الجنة، فوالذي نفس محمد صلّى الله عليه وسلّم بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدلُّ بمنـزله في الدنيا".
وجاء الحديث مرة أخرى في البخاري 8/111 (كتاب الرقاق، باب القصاص يوم القيامة). وهو في المسند (ط. الحلبي) 3/13، 57، 63، 74.

([33])  القدح الضخم.

([34])  أذب قلوبهم.

([35])  هم بنو فراس بن غنم بن خزيمة، وقد اشتهروا بالشجاعة والإقدام.

([36])  نهج البلاغة بشرح محمد عبده 1/65 .

([37])  أي هماً وحزناً أو فقراً.

([38])  شدة الحر.

([39])  التخفيف والتسكين.

([40])  شدة البرد.

([41])  النساء.

([42])  السدم: محركة الهم أو مع أسف وغيظ.

([43])  النغب جمع نغبة كجرعة وجرع لفظاً ومعنى. والتهمام بالفتح الهم.

([44])  جاوزت.

([45])  نهج البلاغة 1/69-70 .

([46])  كلمة يقولها الهارب كأنه يسأل الحرب أن تنحى عنه.

([47])  أي من دعاهم وحملهم بالترغيب على نصرته لم تعز دعوته لتخاذلهم، فإن قاساهم وقهرهم انتقضوا عليه فأتعبوه.

([48])  أي أنكم تتعللون بالأباطيل التي لا جدوى لها.

([49])  أي أنكم تدافعون الحرب اللازمة لكم كما يدافع المدين تأخير الدين بلا عذر.

([50])  الأفوق من السهام مكسور الفوق. والفوق موضع الوتر من السهم، والناصل العاري عن النصل أي من رمى بهم فكأنما رمى بسهم لا يثبت في الوتر حتى يرمى، وإن رمى به لم يصب مقتلاً إذ لا نصل له.

([51])  نهج البلاغة 1/73-75 .

([52])  دوران الأعين اضطرابها من الجزع، ومن غمره الموت يدور بصره.

([53])  أي لا تهتدون لفهمه فتعمهون أي تتحيرون وتترددون.

([54])  المألوسة: المخلوطة بمس الجنون.

([55])  سجيس: أبدا. أي أنهم ليسوا بثقات عنده يركن إليهم أبدا.

([56])  الزافرة من البناء ركنه، ومن الرجل عشيرته.

([57])  أي لبئس ما توقد به الحرب أنتم.

([58])  امتعض: غضب.

([59])  حمس: اشتد، الوغى: الحرب. واستحر: بلغ في النفس غاية حدته. انفراج الرأس: انفراج لا التئام بعده فإن الرأس إذا انفرج عن البدن أو انفرج أحد شقيه عن الآخر لم يعد للالتئام.

([60])  يأكل لحمه حتى لا يبقى منه شيء على العظم.

([61])  ما ضمت عليه الجوانح هو القلب وما يتبعه من الأوعية الدموية. والجوانح: الضلوع تحت الترائب. والترائب ما يلي الترقوتين من عظام الصدر أو ما بين الثديين والترقوتين. يريد ضعيف القلب.

([62])  أي لا يمكن عدوه من نفسه حتى يكون دون ذلك ضرب بالمشرفية وهي السيوف التي تنسب إلى مشارف وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف. وفراش الهام: العظام الرقيقة التي تلي القحف.

([63])  نهج البلاغة 1/82-84 .

([64])  البكار ككتاب جمع بكر الفتي من الإبل، والعمدة بفتح فكسر التي انفضح داخل سنامها من الركوب وظاهره سليم.

([65])  المتداعية الخلقة المتخرقة. ومداراتها استعمالها بالرفق التام.

([66])  حيصت: خيطت، وتهتكت: تخرقت.

([67])  المنسر كمجلس ومنبر القطعة من الجيش تمر أمام الجيش الكثير. وانجحر: دخل الجحر. والوجار: جحر الضبع وغيرها.

([68])  الساحات.

([69])  اعوجاجكم.

([70])  أذل الله وجوهكم.

([71])  وأتعس جدودكم: حط من حظوظكم. والتعس: الانحطاط والهلاك والعثار.

([72])  نهج البلاغة 1/117-118 .

([73])  سبأ: هو أبو عرب اليمن كان له عشرة أولاد جعل منهم ستة يميناً له وأربعة شمالاً، تشبيهاً لهم باليدين، ثم تفرَّق أولئك الأولاد أشد التفرّق.

([74])  القوس.

([75])  أعضل: استعصى استعصب.

([76])  أظن.

([77])  نهج البلاغة 1/188-189 .

([78])  الاحتجاج للطبرسي 2/10 .

([79])  المصدر السابق 2/12 .

([80])  الهلاك والانقطاع.

([81])  الوله: الحزن. وقيل هو ذهاب العقل والتحير من شدة الحزن أو الخوف.

([82])  مضطربين.

([83])  بالفتح والكسر الاجتماع على العداوة.

([84])  الجأش: القلب.

([85])  الاحتجاج للطبرسي 2/24 .

([86])  انظر الاحتجاج للطبرسي 2/32 .

([87])  الخداع.

([88])  حفت.

([89])  أي حلته وأفسدته بعد إبرام.

([90])  خيانة وخديعة.

([91])  الذي يمتدح بما ليس عنده.

([92])  البغض بغير حق.

([93])  الطعن والعيب.

([94])  الدمنه: المزبله.

([95])  القبر. والفص. الجص.

([96])  الفرح.

([97])  يستأصلكم.

([98])  الاحتجاج للطبرسي 2/27-28 .

([99])  الشنار: العار.

([100])  أي لن تغسلوها.

([101])  أي دواء جرحكم.

([102])  المدرة: زعيم القوم ولسانهم المتكلم عنهم.

([103])  الشوهاء: القبيحة.

([104])  الفقماء: إذا كانت ثناياها العليا إلى الخارج فلا تقع على السفلى.

([105])  الخرقاء: الحمقاء.

([106])  طلاع الأرض: ملؤها.

([107])  يحقره: يدفعه.

([108])  الاحتجاج للطبرسي 2/29 .

([109])  الثوب الخلق أو الكساء البالي.

([110])  بحار الأنوار ج65 ص40-41 .

([111])  بحار الأنوار ج65 ص43-44 .

([112])  ولكن بعض الشيعة يغضب إذا ناداه أحد من الناس "يا رافضي" ويعتبر ذلك من النبز رغم ورود عدة روايات في كتب الرافضة تحت عنوان "فضل الرافضة ومدح التسمية بها"، انظر بحار الأنوار ج65 ص96-98، حيث أورد المجلسي عدة روايات تمدح التسمية، وأن الله تبارك وتعالى هو الذي سمّاهم بالرافضة.

([113])  روضة الكافي للكليني (28-31)، الاختصاص للمفيد (101-104)، بحار الأنوار (65/48-51)، صحيفة الأبرار (1/155-157).

([114])  فضائل الشيعة للصدوق (!!!) 145-147، بحار الأنوار للمجلسي ج65 ص45-48 .

([115])  الكافي ج8 ص213-214، بحار الأنوار ج65 ص80-82 .

([116])  تفسير الإمام العسكري 43، تأويل الآيات الظاهرة 90-92، بحار الأنوار 8/59 .

([117])  من لا يحضره الفقيه 4/411، تأويل الآيات الظاهرة 141-142، بحار الأنوار 68/140، تفسير البرهان 1/374 .

([118])  تأويل الآيات الظاهرة 330، بحار الأنوار 7/184، البرهان 3/72 .

([119])  أمالي الصدوق 450، تأويل الآيات الظاهرة 1/331، تفسير البرهان 3/74، بحار الأنوار ج39 ص306 و ج68 ص46 .

([120])  الكافي 2/451، تأول الآيات الظاهرة 1/94، تفسير البرهان 1/238، تفسير نور الثقلين للحويزي 1/210، تفسير العياشي 1/135، بحار الأوار 73/383 .

([121])  بحار الأنوار ج65 ص7 .

([122])  بحار الأنوار 65/8 .

([123])  بحار الأنوار 65/8-9 .

([124])  بحار الأنوار 65/9 .

([125])  بحار الأنوار 65/9 .

([126])  أمالي الصدوق 284، بحار الأنوار 65/9-10 .

([127])  تفسير القمي 115، بحار الأنوار 65/10 .

([128])  تفسير القمي 434، بحار الأنوار 65/12 .

([129])  تفسير القمي 557، بحار الأنوار 65/12-13 .

([130])  تفسير القمي 571، بحار الأنوار 65/13 .

([131])  تفسير القمي 578، بحار الأنوار 65/14 .

([132])  بحر الأنوار 65/14 .

([133])  بحار الأننوار ج65 ص15 .

([134])  الخصال للصدوق 1/16، بحار الأنوار 65/16 .

([135])  الخصال 1/121، بحار الأنوار 65/17 .

([136])  عيون أخبار الرضا 2/58 ، بحار الأنوار 65/19 .

([137])  عيون أخبار الرضا 2/60 ، بحار النوار 65/ 19 .

([138])  عيون أخبار الرضا 2/60 ، بحار الأنوار 65/19 .

([139])  بحار الأنوار 65/21 .

([140])  أمالي الطوسي 1/76 ، بحار الأنوار ج65 ص22 .

([141])  أمالي الطوسي 1/57 ، بحار الأنوار ج65 ص22 .

([142])  الحمد لله الذي ألهم واضع هذه الرواية بأن يشهد لأحد علماء السنة بالجنة.

([143])  الاختصاص للمفيد 55-56، تفسير نور الثقلين للحويزي 5/210 .

([144])  رجال الكشي 129، أعيان الشيعة لمحسن الأمين (!!!) 7/55، منهج المقالا للاسترابادي 145 .

([145])  رجال الكشي 131، أعيان الشيعة 7/49، منهج المقال للاسترابادي 145 .

([146])  رجال الكشي 133، معجم رجال الحديث 7/239، أعيان الشيعة 7/54 منهج المقال 145 .

([147])  رجال الكشي 134، تنقيح المقال 1/444، معجم رجال الحديث 7/240، أعيان الشيعة 7/54 .

([148])  رجال الكشي 134، تنقيح المقال 1/443، معجم رجال الحديث 7/240، أعيان الشيعة 7/50، منهج المقال 146 .

([149])  رجال الكشي 134، تنقيح المقال 1/444، معجم رجال الحديث 7/241، أعيان الشيعة 7/50 .

([150])  رجال الكشي 135، تنقيح المقال 1/443، التحرير الطاووسي 130، معجم رجال الحديث 7/241، منهج المقال 145 .

([151])  رجل الكشي 135، تنقيح المقال 1/444، معجم رجال الحديث 7/242 .

([152])  رجال الكشي 134، تنقيح المقال 1/443، التحرير الطاووسي 121، معجم رجال الحديث 7/242، أعيان الشيعة 7/50 .

([153])  رجال الكشي 135، تنقيح المقال للمامقاني 1/444، التحرير الطاووسي 122، معجم رجال الحديث 7/242، أعيان الشيعة 7/50 .

([154])  السكرجة بضم السين وسكون الكاف وضم الراء وتشديد الجيم: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل.

([155])  رجال الكشي 133، تنقيح المقال 1/443، التحرير الطاووسي 199، معجم رجال الحديث 7/240.

([156])  رجال الكشي 141، تنقيح المقال 1/443، التحرير الطاووسي 128، معجم رجال الحديث 7/44، أعيان الشيعة 7/50.

([157])  رجال الكشي 142، تنقيح المقال 1/443، التحرير الطاووسي 129، معجم رجال الحديث 7/244، أعيان الشيعة 7/51.

([158])  رجال الكشي 142، تنقيح المقال 1/443، التحرير الطاووسي 129، معجم رجال الحديث 7/244، أعيان الشيعة 7/51.

([159])  رجال الكشي 136، معجم رجال الحديث ج7 ص243، منهج المقال 144.

([160])  رجال الكشي 136، معجم رجال الحديث ج7 ص243، منهج المقال 144.

([161])  هو هشام بن سالم الجواليقي العلاف، والجواليقي نسبة إلى بيع الجوالق، جمع جولق وهو وعاء معروف يعمل من صوف لحمل الأمتعة، والنسبة إلى الجولق باعتبار بيعها أو صنعها، والعلاف بفتح العين وتشديد اللام: بائع علف الماشية.
      اتفقت الشيعة على مدحه وتوثيقه، وقد نص على ذلك جمع من علماء الرافضة مثل: الكشي في رجاله ص238 ترجمة رقم 132، ابن داود الحلِّي في القسم الأول من رجاله ص200 ترجمة رقم 1676، الأردبيلي في جامع الرواة ج2 ص315 ترجمة رقم 2243، القهبائي في مجمع الرجال ج6 ص238، النجاشي في رجاله ص305، الطوسي في الفهرست ص207 ترجمة رقم 781، الحر العاملي في خاتمة الوسائل ج20 ص362 ترجمة رقم 1235، المامقاني في تنقيح المقال ج3 ص302 ترجمة رقم 13858، أبو طالب التبريزي في معجم الثقات ص128 ترجمة رقم 874، عباس القمي في سفينة البحار ج2 ص720، أبو القاسم الخوئي في معجم رجال الحديث ج19 ص297 ترجمة رقم 13332.
      وإليه تنسب الفرقة الهشامية بالاشتراك مع هشام بن الحكم المتكلّم الشيعي. وهو ممن نسج على منواله في التجسيم والتشبيه، حيث وصف الحق تبارك وتعالى بأنه على صورة إنسان أعلاه مجوّف وأسفله مصمت، وأنه لا يعلم بالأشياء إلا بعد حدوثها أو ما يسمى عند الرافضة بالبداء.
      قال عنه الشيخ عبد القاهر البغدادي رحمه الله تعالى في "الفرق بين الفرق" ص51-52، هذا الجواليقي مع رفضه على مذهب الإمامية مفرط في التجسيم والتشبيه، لأنه زعم أن معبوده على صورة الإنسان ولكنه ليس بلحم ولا دم، بل هو نور ساطع بياضاً. وزعم أنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان ولد يد ورجل وعين وأذن. وأنف وفم، وأنه يسمع بغير ما يبصر به، وكذلك سائر حواسه متغايرة، وأن نصفه الأعلى مجوّف ونصفه الأسفل مصمت. وحكى أبو عيسى الوراق: أنه زعم أن لمعبوده وفرة سوداء وأنه نور أسود وباقيه نور أبيض. وحكى شيخنا أبو الحسن الأشعري في مقالاته: أن هشام بن سالم قال في إرادة الله تعالى بمثل قول هشام بن الحكم وهي: أن إرادته حركة وهي معنى لا هي الله ولا غيره وأن الله تعالى إذا أراد شيئاً تحرك فكان ما أراد، ووافقهما أبو مالك الحضرمي وعلى بن ميثم وهما من شيوخ الروافض، وحكى أيضاً عن الجواليقي أنه قال في أفعال العباد: أنها أجسام. لأنه لا شيء في العالم إلا الأجسام وأجاز أن يغفل العباد الأجسام. اهـ.
      وذكر قريباً من هذا الشهرستاني في "الملل والنحل" ج1 ص185، والرازي في "اعتقاد فرق المسلمين والمشركين" ص98.
      وقد أكد الشيعة أنفسهم هذا الاعتقاد فيذكرون: عن عبد الله بن هشام الحنّاط أنه قال: قلت لأبي عبد الحسن عليه السلام: أسألك جعلت فداك؟ قال: سل يا جبلي، عماذا تسألني؟ فقلت: جعلت فداك زعم هشام بن سالم أن الله عز وجل صورة وأن آدم خلق على مثل الرب. فنصف هذا ونصف هذا، وأوميت إلى جانبي وشعر رأسي، وزعم يونس مولى آل يقطين وهشام بن الحكم أن الله شيء لا كالأشياء، وأن الأشياء بائنة منه، وأنه بائن من الأشياء، وزعما أن إثبات الشيء أن يقال جسم فهو لا كالأجسام، شيء لا كالأشياء، ثابت موجود غير مفقود ولا معدوم خارج من الحدين: حد الإبطال وحد التشبيه، فبأي القولين أقول؟ قال: فقال عليه السلام: أراد هذا الإثبات، وهذا أشبه ربه تعالى بمخلوق، تعالى الله الذي ليس له شبه ولا مثل ولا عدل ولا نظير، ولا هو بصفة المخلوقين، لا تقل بمثل ما قال هشام بن سالم، وقل بما قال مولى آل يقطين وصاحبه.
      انظر: رجال الكشي ص242، مسند الإمام الرضا 2/465، معجم رجال الحديث للخوئي ج19 ص300.

([162])  رجال الكشي 140، منهج المقال 146، معجم رجال الحديث ج7 ص243 .

([163])  رجال الكشي 141-142 معجم رجال الحديث ج7 ص238 .

([164])  تنقيح المقال 1/44 ، رجال الكشي 141 .

([165])  تنقيح المقال 1/444 .

([166])  معجم رجال الحديث للخوئي ج7 ص247 .
وانظر تفصيل مروياته في كتابنا "نقد ولاية الفقيه" 128-186 .

([167])  بصائر الدرجات للصفار 170، بحار الأنوار ج26 ص121، ينابيع المعاجز لهاشم البحراني 133 .

([168])  بصائر الدرجات 171، بحار الأنوار ج26 ص121-122، ينابيع المعاجز 133 .

([169])  بصائر الدرجات 171، بحار الأنوار ج26 ص122 .

([170])  السفط وعاء شبه القفه يخبأ فيه الطيب.

([171])  ضرب من الثياب منسوب إلى قوهستان.

([172])  بصائر الدرجات 172، بحار الأنوار ج26 ص123، ينابيع المعاجز 134 .

([173])  بصائر الدرجات للصفار 172، بحار الأنوار ج26 ص122 .

([174])  بصائر الدرجات 173، بحار الأنوار ج26 ص123، ينابيع المعاجز 135 .

([175])  بصائر الدرجات 173، بحار الأنوار ج26 ص123، ينابيع المعاجز 136 .

([176])  بصائر الدرجات 173، بحار الأنوار ج26 ص123، ينابيع المعاجز 136 .

([177])  بصائر الدرجات 173، بحار الأنوار ج26 ص124 .

([178])  بصائر الدرجات 172-173، بحار الأنورا ج26 ص124، ينابيع المعاجز 135 .

([179])  بحار الأنوار ج26 ص125 .

([180])  بحار الأنوار ج26 ص126 .

([181])  بحار الأنوار ج26 ص126 .

([182])  بحار الأنوار ج26 ص126 .

([183])  بحار الأنوار ج26 ص127 .

([184])  بحار الأنوار ج26 ص131-132 .

([185])  امرأة حسنة الساق، لا يهم الرافضة من نعيم الجنة إلا نساءها، وللمزيد حول التهافت الجنسي عند الرافضة انظر كتابنا "الشيعة والمتعة".

([186])  تأويل الآيات الظاهرة 2/744-748، الكافي 8/97، تفسير البرهان 3/22 و 4/73، 279، بحار الأنوار 8/128، 157 .

([187])  بصائر الدرجات للصفار 14 .

([188])  بصائر الدرجات للصفار 14 .

([189])  بصائر الدرجات 15، بحار الأنوار 5/235، مرآة العقول للمجلسي 4/277-278 .

([190])  بصائر الدرجات 15 ، بحار الأنوار ج5 ص225، أمالي الطوسي 158 .

([191])  المقرون بولاية الأئمة المعصومين على حد زعمهم.

([192])  المنكرون والجاحدون لولاية الأئمة.

([193])  بصائر الدرجات 15، الاختصاص للمفيد 20، بحار الأنوار 5/239 .

([194])  بصائر الدرجات 15-16 ، بحار الأنوار 65/42 .

([195])  بصائر الدرجات 16 .

([196])  بصائر الدرجات 16 .

([197])  بصائر الدرجات 16 .

([198])  بصائر الدرجات 17 .

([199])  بصائر الدرجات 17 .

([200])  بصائر الدرجات 17 .

([201])  بصائر الدرجات 18 .

([202])  بصائر الدرجات 18-19 .

([203])  بصائر الدرجات 19 .

([204])  بصائر الدرجات 19 .

([205])  بصائر الدرجات 20، مرآة العقول 4/271-272 .

([206])  بصائر الدرجات 20 .

([207])  بصائر الدرجات 20 ، مرآة العقول 4/273 .

([208])  علل الشرائع 201-203، بحار الأنوار ج5 ص228-233، والعجيب أن الرافضي "المجلسي" بعد إيراده هذه الرواية المرفوضة عقلاً وشرعاً قال: ثم أعلم أن هذا الخبر وأمثاله مما يصعب على القلوب فهمه وعلى العقول إدراكه، ويمكن أن يكون كناية عمّا علم الله تعالى وقدره من اختلاط المؤمن والكافر في الدنيا واستيلاء أئمة الجور وأتباعهم على أئمة الحق وأتباعهم، وعلم أن المؤمنين إنما يرتكبون الآثام لاستيلاء أهل الباطل عليهم، وعدم تولي أئمة الحق بسياستهم فيعذرهم بذلك ويعفو عنهم، ويعذب أئمة الجور وأتباعهم بتسببهم لجرائم من خالطهم مع ما يستحقون من جرائم أنفسهم. اه‍.
وانظر: صحيفة الأبرار 1/317-320، والأنوار النعمانية 1/284-288.
ولا نملك إلا أن نقول: الحمد لله الذي أنعم على أهل السنة والجماعة بنعمة العقل والإيمان وفقدها قوم آخرون.

([209])  بحار الأنوار للمجلسي ج5 ص246-248، وانظر: تفسير نور الثقلين ج3 ص10، ج4 ص9 و 35-40 و ج5 ص164، 215، 564 .

([210])  بحار الأنوار ج5 ص248-249 .

([211])  بحار الأنوار ج5 ص251-252 .

([212])  صحيفة الأبرار 1/320-321 لميرزا محمد تقي، وقد حاولنا قدر الإمكان الاختصار رغم أن هذا الرافضي قد أسهب في الكلام حول هذه القضية، ومن أراد الاستزادة فليراجع الكتاب.

([213])  من اعتقاد الرافضة أن أئمتهم يخبرون شيعتهم بأفعالهم وسرهم وأفعال غيبهم وهم غيب عنهم (انظر بصائر الدرجات للصفار 242-250) وأيضاً يخبرونهم بما في أنفسهم وهم غيب عنهم (المصدر السابق 250-253) وقد فصّلت ذلك في كتابي "عقيدة الشيعة في الأئمة".

([214])  تأول الآيات الظاهرة للنجفي 1/287-289. وانظر: علل الشرائع 1/173، معاني الأخبار 350، تفسير البرهان 2/441 و ج4 ص195، بحار الأنوار 38/79 .

([215])  تفسير البرهان 4/195، تفسير نور الثقلين 5/54 .

([216])  تفسير البرهان 4/195 .

([217])  تفسير البرهان 4/195 .

([218])  تفسير البرهان 4/195، تفسير نور الثقلين 5/55 .

([219])  صحيفة الأبرار، ميرزا محمد تقي، ج1 ص175-177 .