الشرك
سلسلة ربحت الصحابة ولم أخسر آل البيت (9) ..
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
"ربِ اشرح لي صدري ويسر لي أمري يفقهوا قولي"
سوف يصفك الناس بالمثقف والإنسان الواعي حتى تنتقد ما يعتقدون.
الأصل في العبادات التوقيف أو المنع أو التحريم حتى تأتي بالدليل، والأصل في العادات والمعاملات الحل حتى تأتي بالدليل.
الأصل الأول، فلا يجوز لنا أن نتعبد لله عزوجل بعبادة إلا بدليل من الشرع.
قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ..٢١﴾ - الشورى.
و الأصل الآخر فيه الاستمرار والإباحة حتى تأتي بدليل من الشرع يحرم ذلك.
وأما ما دون ذلك فالحياة في فوضى.
حكم وأقوال وتجارب نحتاجها.
فالانسحاب من الفوضى راحة لا تقدر بثمن، صحيح لا نستطيع أن نجعل الأرض جنة لأن الجنة مكانها مكان آخر، ولكن علينا أن نعرف أنه لا شيء يؤذي النفس أكثر من بقائها في مكان لا تنتمي إليه أو مع أشخاص لا يشبهونك.
ولا يمكنك أن تشفى في نفس البيئة التي جعلتك مريضاً، فكل الملاجئ دون الله كاذبة.
طالما ما زلت تقدس قراراتك بمقياس الحلال والحرام فأنت في خير كبير، غادر وابحث عن مكان آخر نظيف، أعني غادر الأيديولوجية التي تحث على الفوضى، واعتنق ما يدعو إلى النظام وإلى اللافوضى.
وقد يجد القارئ أننا ركزنا كثيراً في كتابنا هذا على أن العقيدة الصحيحة هي الإسلام، وهذا هو الفهم الصحيح، وهذا لا يعني أننا نناقض أنفسنا في بعض كتبنا الأخرى عندما نذكر كلمة "عقيدة"، فالعقيدة لغة تستوعب جميع الآراء ولكن مقصودنا هو تلك العقيدة الإيمانية التي في نهايتها إما جنة أو نار.
كذلك نكرر كثيراً كلمة "الأيديولوجيا" وهي كلمة يونانية، تنقسم إلى قسمين؛ الأول يعني الفكرة، والثاني يعني العلم أو السلطة، وبالتالي هي بالمفهوم اليوناني القديم تعني سلطة الأفكار. تطور المفهوم نتيجة تطور الفكر السياسي، وأصبحت الأيديولوجيا تعني مجموعة من الأفكار والقيم التي تبيّن رؤية من يتبناها لواقع الأمور السياسية.
المؤلف
الله
الله: هو أعظم من كل شيء، فلا يحل لنا أن نتخيل صورة أو شكلاً معين لله تعالى، ولا حتى في صفاته عزوجل، لأن ذلك يعتبر تشبيها له عزوجل بالمخلوقات.
والله يقول عن نفسه: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: ١١].
عبر العصور يعرف الآلهة (الإله، أو المعبود). معنوياً أنه ذو طبيعة فوق طبيعة البشر، وذو قدرات خارقة، يقدسة ويعبده الإنسان، و لغوياً الإله هو الله.
قبل القرآن، وفي الثقافات القديمة التي ضلت عن رسالة أنبيائها، عندما كان يعظمون الشخص لديهم سواء كان على قيد الحياة ويموت يحول إسطورة ومن ثم يحول إلى آلهة يعبد.
ومثل هذه الثقافات عُظم الشخص عندهم خداعاً ودجل، لأنه اتخذ السحرة والكهنة معاونين له ليثبت أنه ذو قدرة خارقه تميزه عن بقية البشر يجب أن يصدق وبالتالي يستحق أن يعبد، أو أنه كان يعرف بالصلاح والاستقامة في حياته يحمل صفات لا يتصف به غيره في قومه.
أينما وجدت الفوضى ابحث عن المستفيد
الكلمات المناسبة في مكانها المناسب أسلوب جيد. بدل بناء قبور الأموات، الأحق والأولى بناء بيوت الأحياء.
يقال أن الناس منذ آدم ولعشرة قرون كانوا على التوحيد، لأن آدم نبي وأبناءه كانوا على التوحيد مثله. وقبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجدادهم، وهم "ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسرا"، وبعد موتهم وسوس الشيطان لقومهم أن يصنعوا لهم تماثيل تكريماً لهم وجعلوها في مجالسهم زعماً منهم حتى إذا رأوها ذكرتهم بأعمالهم الصالحة التي كانوا عليها الخمسة في حياتهم فتنشطهم على طاعة الله وتكون هذه التماثيل أيضاً ذكرى لأبنائهم وأحفادهم من بعدهم تذكرهم بعباداتهم الصالحة لكي يعملوا بها، لأن الذين يأتون من بعدهم مع مرور الزمن قد ينسونهم وينسون ما كانوا عليه الخمسة من العبادات والأعمال الصالحة فلن يقتدى بهم.
ثم ذهب جيل بعد جيل، فجاء الشيطان بعد ذلك الجيل وقال لهم إن آبائكم وأجدادكم إنما كانوا يعبدون الله بهؤلاء الخمسة، فبعد التوسل بهم، زين لهم الشيطان عملهم فأصبحوا يدعونهم من دون الله فانتشر بينهم عبادة الأصنام وانتشر الشرك بالله.
قال تعالى: "﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ٢٣﴾- نوح.
فاليوم هناك أشباهاً لهم وقعوا في الشرك بالله، بنوا على قبور من أحبوهم ووجدوهم من الصالحين القباب والمساجد تكريماً لهم، ومن ثم توسلوا بهم، ومن ثم دعوهم من دون الله، مع صناعة بعضهم تماثيل لهم.
إن بقاء مثل هذه الطوائف على ما هم عليه من الفوضى مكسب لمن صنعها ويتصرف كل منهم فيما يريد دون مبالاة.
أيديولوجيات باسم الدين
فرق كبير بين من يناضل من أجل التحرير من الفوضى، وبين من يطالب بتحسين شروط الفوضى.
يقول الدكتور مصطفى محمود: يأتي على أهل الحق لحظة يظنون فيها أنهم مجانين من فرط الوقاحة والثقة التي يتحدث بها أهل الباطل".
فالفوضى فوضى ولو اختلفت الصفات التابعة لها، لا تخلق حالة من الاستقرار. وهي متعمدة، يقوم بها أشخاص معّينين دون الكشف عن هويتهم وذلك بهدف تعديل الأمور لصالحها مستعينين بأيديولوجية صنعوها لأهدافهم، لا مانع لديهم مزج شيء بإسم الدين لو اقتضى الأمر ذلك مع المطالبة بالتكيف مع الوضع.
للحكمة معانٍ
للحكمة معان ومنها إسم لأحكام وضع الشيء في موضعة، إلا أن هناك أفكاراً وهمية تحت مسميات عدة مختلفة ظهرت من قبل أهل الكلام والفلاسفة بإسم المعرفة والنظريات تخطت كل معايير الدين والأخلاق، وحتى الحكمة فاقدة القدرة على النشاط المفيد، من أجل تحقيق أهداف سياسية في المقام الأول - واستغلت -، لصالح فئة تعتمد على الاقناع بأساليب الدجل، ومع أنها هذه المعرفة مليئة بالشبهات والفوضى، إلا أنها قادرة في الغالب على العقول وقلب الأمور رأساً على عقب فترة من الفترات مع نشوب الصراعات والتعريف الشائع للصراع هو "عندما يتصور طرفان أو أكثر تعارض الأهداف ويسعيان إلى إضعاف قدرات الآخر للوصول للهدف".
وتاريخياً تنتج انتقادات وصراعات بين الأيديولوجيات، وآخر المطاف تموت وتنتهي، ومنها تمرض وتشفى، وتضعف، وأخرى جديدة تظهر.
التوحيد جاء قبل الشرك
جميع ما يعرف باسم المعتقدات إلا الإسلام، بدأت أفكارا وأيدلوجيات وعلى مر الزمان أصبحت تعرف بمعتقدات ودين، فالأصل هو توحيد الله عزوجل.
قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا... ١٩﴾- يونس، فهذا ينص على أن بني آدم عبدوا الله عزوجل فترة من الزمن وهي عشرة قرون، كما تقدم بنا، ثم إنهم انحرفوا عن هذا النهج القويم فبعث الله إليهم الرسل ليردوهم إلى التوحيد.
النظريات الحسابية الرياضية الدقيقة التي يعرفها أغلبنا أنها معقدة، إلا أنها قوانين علمية تدخل في التطبيقات الحياتية لضبط الفوضى، وأي خطأ بسيط في هذه الحسابات يعتبر فقدان للنظام يترتب عليه فوضى غير متوقعة.
سبحان الله وتعالى الذي علم الإنسان ما لم يعلم، فإذا كان هذا الحال مع أرقام القوانين الوضعية البشرية، فما بال الحال عند الاعوجاج عن قوانين الخالق عزوجل.
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الكون وأبدع خلقه، وهو دليل على عظمته وقدرته، والتناسق في الكون من أبرز صفات الكون، فكل شيء يتحرك بنظام باهر دون أن تتصادم، وكل حركة تكمل أخرى.
العشوائية فوضى
قد تكون كل الأيديولوجيات التي ظهرت على مر الأزمنة السابقة لتلك الشعوب غير الإسلامية إنجاز كبير لمجتمعاتهم لأنهم أخرجتهم من هيمنة الكنيسة واستبداد الكهنوت وأخرجتهم من الجهل والظلام إلى شيء من النور.
ولكن الإسلام هو منبع الهداية والنور، الإسلام الكامل كما جاء إذا عرفناه حق المعرفة، فلا نحتاج لأي أيديولوجية بزعم أنها تجربة نافعة تحقق الديموقراطية والحرية والكرامة.
هذا من العبث والفوضى، والحقيقة قول كلمة: (أشهد أن لا إله إلا الله) أكبر نداء للحرية في تاريخ البشرية لأنها تخرج الناس من عبادة الناس وشهوات الأحزاب والحركات والأيديولوجيات ومن عبادة الأصنام والتماثيل والأضرحة وقبور الأموات والاستغاثة والاستعانة بهم إلى عبادة الله الواحد القهار لا شريك له.
إن المصلي يقرأ في كل صلاة في سورة الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين) أي: نعبدك، ولا نعبد غيرك، نستعين بك، ولا نستعين بغيرك، وهذا المعنى هو قمة في الانضباط.
ولأنه لا يجوز صرف أي نوع من العبادة لغير مستحقها، وهو الله جل وعلا، إذاً الموضوع ليس بسيطاً كما نتصور.
ومن أبسط أشكال الاختلاف والفوضى نتيجة هذه الأيديولوجيات التنازع والخصام، والبغضاء بين النفوس، وأوسطه المقاطعة والبعد بين الناس وشدته تتمثل في القتال والحرب، والخروج على ولاة الأمر وإرهاب الناس بعضهم بعضا.
لا تحتاج أن تكون أذكى من الجميع لتنجح، كل ما تحتاجه هو أن تكون الشخص الأكثر انضباطاً بين الجميع.
وقد لا يطيق أغلبنا تلك الضوابط لكنها ضرورية، لحياتنا وتنفعنا أيضاً.
وفي الإسلام يعرف الانضباط بالاستقامة ويكون لمن استقام مكانة واجراً عظيماً لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ١٣﴾ - الأحقاف.
الشرك فوضى في العبادة
من صفات حركة الذئب أنها هرولة، وهو لا يهرول عبثاً بل يبحث عن فريسة وطعام يأكله، وقد ضُرب به المثل في ذلك لكل من لا يرى في طريق أو مجال يحضر فيه إلا وهو بحث عن شيء يعود عليه بالمصلحة....، ولا يحضر أو يمشي في طريق مجرد تسلية أو مشاركة مجانية. - "مقتبس"
وفي عالم الحروب كثرة الاقتتال معناه زيادة الطلب على الأسلحة والمعدات الحربية، فصناع الحروب مستفيدون. وربما العاملون باسم الخير جامعوا التبرعات يوجد منهم أناس ليس من مصلحتهم أن لا يوجد من لا يشتكي الفقر والحاجة، لأنهم يستفيدون نسبة مما يجمعون. وناشروا الشرك والحاثين عليه أيضاً يستفيدون من أموال صناديق الأضرحة، فنشر التوحيد خسارة لهم، لذلك يحذرون من ناشروا التوحيد.
بين الأمس واليوم
حينما أتحدث عن الأمس واليوم، فإني بالأمس كنت أجهل الفوضى والتوحيد، واليوم ولله الحمد بعد تصحيح فوضتي أدعو إلى عقيدة التوحيد، أيضاً لا أخشى ما أكتبه مادام ذلك سوف يكون سبباً في هداية بعضهم إلى حقيقة التوحيد.
كثيراً منا يجيد وصف الواقع، ولكن قلة من يجيد الحلول له.
ومن ترك أصعب فوضى لا يرضى البقاء في وسط أسهل فوضى مقارنة بالأصعب، بدءاً من ترتيب فوضى غرفة نومه.
لو سألنا الكل عن جمع كلمة "فوضى"، ستجدهم يحاولون إيجاد صيغة الجمع لهذه الكلمة التي لا جمع لها سوى هي ذاتها "الفوضى".
فصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله شرك وفوضوية في العبادة كالذبح لغير الله، والنذر لغير الله، ودعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، كما يفعل القبوريين اليوم عند الأضرحة وما أشبه ذلك.
فترك الفوضى يعني البحث عن اللافوضى والتمسك به.
فيروس أيديولوجي
الشخص الذي جرب الألم النفسي الشديد نتيجة انتمائه وراثياً للفوضى باسم الدين هو أكثر الأشخاص حرصاً على حماية الآخرين منه.
هناك عقل متلقي طالما الخبر يتوافق مع توجهه ومشاعره فيصدقه مباشرة، وهناك عقل ناقد، يخضع الخبر للفحص والمنطق والدليل قبل أن يصدقه أو يكذبه.
فنشر قول ما يخالف الحقيقة مع العلم بها لتحقيق هدف معیّن فوضى لأنه کذب، جهات تستفيد لا ترى مصلحتها من بسط النظام، فالكذب شك واضطراب وخوف من انكشاف الحقيقة التي سعى صاحبها إلى إخفائها.
أما الصدق فنظام، وهذا النظام فيه طمأنينة ما دام هو قول الحقيقة كاملة دون زيادة ولا نقصان.
مازال هناك من يتساءل... لماذا صار هنا الشخص نبياً وذاك لا..؟!!.
قال تعالى: (الله يعلم حيث يجعل رسالته)الانعام 124. فلا يختار للنبوة إلا أصلح الناس لها، يعرفون بالعقلانية وأكثر الناس المحبين بين القبيلة صادقون لا يسرقون ولا يكذبون، ومن صفاتهم الصبر عند المصيبة.
باختصار جميع استخدامات الايديولوجيا أنها ترتبط بوصف الفكر الذي يتبناه الفرد أو الجماعات أو التنظيمات السياسية، حتى لو كانت تتحلى بطابع ديني.
في إحدى خطابات الزعيم الألماني النازي "هتلر"، قال: أنه بدأ حزبه بعدد 7 أشخاص فقط ثم أصبح جيشاً يحارب بهم العالم.
ونشر أيديولوجية النازية واقتنع بها من وجد فيها مصلحته.
يقول العوام: " كل ساقط وله لاقط"، أي أن كل ما يقع على الأرض يجد له من يحتاجه فيأخذه.
فهذا أن الأيديولوجيات القديمة والحديثة حتى يتقبلها الناس أصحابها ينادون بحقوق الإنسان وسعادته، والكرامة، والقضاء على الفقر، والعدالة والمساواة ومحاربة العبودية". ولأن الناس مجهدون عصبيا من تأثيرات الحياة، صدقوا ذلك، إلا أنهم ما زالوا يشعرون بالتعاسة، ومن جهل الشيء نصب عليه.
الأيديولوجيا فكرة كالفيروس تغرس في أحد العقول فینتشر كالوباء إلى جمع من العقول.
ولأنه انتهى الوحي بموت خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإن العالم يحتاج مع النصح إلى القدوة.
الأيديولوجيا صراع الزعامة والمصالح
تاريخ الأيديولوجيات تاريخ انشقاقات وانقسامات.
من أيديولوجيا واحدة تخرج اثنتان ومن الاثنتان تخرج عشرات مختلفة بحجة أن القيادة متهمة بالانحراف عن الخط الصحيح.
وكل أيدولوجيا تبتكر نظرية وقيادة خاصة بها تماشياً مع مصالح مبتكرها لالتهام الكعكة لوحده، وتتطور وتأخذ منعطف طائفي ومذهبي سياسي، وتصبح ما يسمى فيما بعد دين وعقيدة.
قصة البلدة البعيدة
بلدة بعيدة، قريبة من إحدى الأنهار، سكانها بسطاء يزرعونها ليعيشوا من حصادها.
النهر مليء بالحيوانات المفترسة، الأهالي كانوا يخشونهم، وعندما تجوع تخرج وتأكل كل ما تراه في طريقها.
وذات يوم وهم يهاجمون الأهالي دخلها شاب كان في طریقہ قاصداً بلدة أخرى بحثاً عن الرزق. إلا أن المنظر والموقف لزم عليه بأن يقاتل بشراسة ليحمي نفسـه ويخرج من البلدة بسـلام.
أعجب الأهالي به ولقب بالمقاتل الشجاع، وعرف منهم أنهم يعيشون منذ سنين طويلة على هذا الحال. وكانوا يضعون كل حصادهم لتأكله تلك الحيوانات مقابل أن لا يأكلوا أحداً منهم.
طلب من الشاب البقاء في البلدة مع المسكن والمشرب وكل طلباته مجابة شريطة أن يحميهم.
أعجب الشاب بالفكرة وقضى على جميع الحيوانات المفترسة إلا واحد منهم أبقاه للفائدة، وأوهمهم أنه مازال هناك العشرات في النهر. وكل مرة يخرج الحيوان المفترس ذاته من النهر يطارده الشاب ويوهمم أنه قتله، وهكذا أصبح بقائه في البلدة فائدة له، لأن إنتهاء الخطر يعني إنتهاء وجوده في البلدة ومنفعته.
وهذه الأيدولوجيات وأعضائها نفس قصة الشاب المخادع هم لاستغلال أي حدث عالمي، أو إقليمي، أو محلي، يتخاصمون، ويتقاتلون، ومن ثم يتصالحون ويتحالفون ويتفقون من أجل مكاسب شخصية، وأما الجماهير المتعاطفة فمخدوعة لا ينالون سوى الألقاب كأم الشهيد، أو أب الشهيد، أو الشهيد.
وصورة تعلق على الجدار يكتب تحتها الشهيد فلان ابن فلان.
يقولون:
إذا عرف السبب بطل العجب وإذا عرف الداء سهل الدواء
قال تعالى: (وَٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـئاً..) النساء 36، و( قُلۡ تَعَالَوۡا۟ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَیۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔاۖ) الأنعام 151، و(وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَـٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ یَعِظُهُۥ یَـٰبُنَیَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ) لقمان 13.
الشرك، أن يكون الشيء بين أثنين لا ينفرد به أحدهما، أي بأن يجعل أحد شريكاً لأحد آخر، ويقال أشرك فلان في أمره غيره، إذ جعل ذلك الأمر لإثنين۔ فأنا واحد من المسلمين، نفسياً لولا رحمة الله عزوجل لوصل عقلي إلى حد الجنون. فقط أتسائل متعجباً، الله عزوجل يأمرنا بتوحيده بدليل النصوص القرآنية، بينما مازال يعيش بيننا من هم يقال عنهم أنهم مسلمون – يشركون به. وكأن لديهم مشكلة مع الله عزوجل والعياذ بالله.
الإسلام دين جميع الأنبياء وأتباعهم
القراءة مفيدة جداً، والكتب عبارة عن تجارب العلماء وخبرات الكتاب، بينما القرآن والسنة (قال الله، وقال الرسول صلى اللہ علیہ وآله وسلم) هما الفيصل فبالتالي ليس هناك ما يسمى بالأديان السماوية الثلاثة، إنما الدين هو الاسلام.
قال تعالى: (إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُۗ) - آل عمران ١٩. وقال تعالى: (وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ) آل عمران 85.
ودين جميع الأنبياء واتباعهم هو الإسلام - بدلیل کتاب الله عزوجل وليس اجتهاداً من أحد.
قال تعالى على لسان:
وإنما تختلف شرائع الأنبياء وبحسب ما يعلمه الله من المصلحة فيما يشرعه لعباده، ثم نسخ الله ذلك كله بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهي خاتمة الشرائع وأكملها وأوفاها بمصالح العباد في معاشهم ومعادهم.
النقل مقدم على العقل
أتباع المنهج العقلاني الذين قدسوا العقل وقدموه على النقل وهو النص "الكتاب والسنة النبوية الشريفة" أحدثوا الفوضى، فالأيدولوجيات من الفرق التي نراها نتاج تقديم الرأي على الوحي، فتطور هذا الرأي جيل بعد جيل حتى أصبح ما يعرف الآن باسم معتقدات وأديان، مع أن الإسلام في الأصل لا ينفي وظيفة العقل بل دعى إلى فهم النص بالعقل ومنه الاستنباط والاجتهاد بشروط، فلا بد أن يكون المجتهد ذو علم وبصيرة بالأدلة الشرعية وعلم القرآن والسنة النبوية الشريفة، والعلم بأقوال وفهم الصحابة رضي اللہ عنهم ومن بعدهم العلماء، حتى يستطيع أن يرجح الراجح، ويبطل الباطل.
فقصة طرد إبليس من الجنة ومن رحمة الله عزوجل، أنه قدم رأيه على أمر الله عزوجل وطاعته، وهنا كانت بداية الفوضى.
فأنا اعتقد أن بداية الفوضى في مسألة تقديم العقل على النقل بدأت بعصيان إبليس لرب العالمين، عندما أمر الله عزوجل الملائكة أن يسجدوا لآدم عليه السلام بعد خلقه سجدة واحدة إكباراً له وليس شركاً بالله، فعصى إبليس هذا الأمر وتجبر وتكبر مقدماً عقله ورأيه على أمر الله وطاعته عزوجل بحجة أنه أفضل من آدم عليه السلام، فهو خلق من نار بينما آدم خلق من طين والنار من صفاتها أفضل لما فيها من قوة وقدرة على الإهلاك من الطين، لذلك طرد من الجنة ومن رحمة الله عزوجل.
قال تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ ﴿٧١﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ﴿٧٢﴾ فَسَجَدَ ٱلْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴿٧٣﴾ إِلَّا إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ ﴿٧٤﴾ قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ ﴿٧٥﴾ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿٧٦﴾ قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴿٧٧﴾ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ ﴿٧٨﴾ ص (71 – 78).
شاهد ملك
شاهد ملك مصطلح بوليسي موجود في علم الجريمة ويعني أن هناك شخصاً اشترك في الجريمة مع أصحابه وعندما قبض عليهم قام هذا الشخص بالشهادة على أصحابه مقابل وعود بحصانة قانونية والعفو عنه أو هو أحد المشتركين في الجريمة، لكن تيقن ضميره فاعترف بها وشهد على باقي المجرمين وهو في هذه الحالة يعلم كل أسرار الجريمة ويكون حجة عليهم.
التوبة الصادقة تمحو أثر الذنب وتزيله بإذن الله. قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور
الرحيم )[الزمر: 53]
وقال تعالى: (إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيما) [الفرقان: 70].
أجدادي الذين زيّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون أورثوني ما كانوا عليه من الجرائم الايمانية والقولية والفعلية من الشرك بالله والسب واللعن في زوجات النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفي أصحابه رضي الله عنهم والكثير من الجرائم والأسرار المماثلة.
فلولا رحمة الله عليّ مازلت على الإرث نفسه ليرثني أبنائي وأحفادي من بعدي. ومع التوبة والتحول أصبحت أنا ومن يشبهني كوننا نعلم تلك الأسرار شاهد ملك وحجة عليهم.
هل هو ضعف في الإيمان أم جهل؟
بحثت كثيراً لكي أصل إلى معرفة حقيقة الشيء المشترك والخفي بين الجاهل والمتعلم.
أما الأول فقد يكون غير متعلم أو لديه قليل من العلم، والثاني صاحب مؤهلات وشهادات ومع ذلك يربطهما شئ مشترك يلاحظ عليهما في ممارساتهما اليومية، وكأنه لغز صعب يحتاج إلى فكه والإجابة عليه.
فإذا كان عذر الجاهل غير المتعلم أنه لا يعلم حقيقة الأمور فيمارس أو تمارس عليه المخالفات الجلية الواضحة وضوح الشمس، فما هو إذاً عذر المتعلم كي يمارس أو تمارس عليه المخالفات نفسها؟
فكلاهما ولسبب ما قد يتأثران وينجران خلف أي آيديولوجيا إلاّ من رحم ربي.
فخوف التاجر مثلاً سواء كان متعلماً أم جاهلاً من الخسارة دفعه إلى الغش والكذب اعتقاداً بأن هذه الطريقة هي التي ستجنبه الخسارة.
وكذلك أخذ المتعلم أو الجاهل القرض من البنوك الربوية بعذر الحاجة قائلاً: لولا الحاجة لما أخذت... الخ
فالأمثلة كثيرة.
مع العلم أنهم يعلمون سواء الجاهل أو المتعلم أن الرب الخالق هو القادر على كل شيء، ولكنه ضعف الإيمان بالله.
اللوم يقع على من تحدث في مثل هذه المسألة واكتفى فقط بالقول أنه ضعف وسكت !!.
قصد ضعف الإنسان أمام تغلبه على مغريات وملذات الحياة.
كان الأجدر به وضع كلمة (الإيمان)، وإسم (الله)، بعد كلمة (ضعف)، لتكون العبارة الصحيحة ضعف الإيمان بالله.
وفي القرآن وعد الرب الخالق الكريم، لمن يتقيه ويطيع أوامره، ويبتعد عما نهى عنه، بأن يهيئ له الأسباب التي تسوق له الرزق. ومن جهةٍ لا يحتسب لها ولا يشعر بها. وأن تقواه يكون سبباً لتفريج الكرب عنه.
قال تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" – الطلاق:2-3.
ولولا الضعف لما احتاج الكثير إلى اللجوء عن طريق المخالفات الشرعية والأخلاقية للحصول على ما يرغبون.
وإلا بماذا نفسر بأن نجد اناساً اجتهدوا بعلمهم وصنعوا الصنم وعبدوه مستخدمين عقولهم وقدراتهم في التفنن في صناعته، أو بأناسٍ اعتقدوا أن التقرب إلى الرب الخالق وتحقيق المراد لن يأتي إلا بالتوسل بالأموات وإن ظن بهم أنهم من الصالحين، في حين أنهم لم يستخدموا بعلمهم وعقولهم وقدراتهم اجتناب ما فعلوه، حتى لا يقعوا في الشرك الذي يوقعهم في الكفر؟
إذاً فالإيمان ليس له أي علاقة بكون الانسان متعلماً أو جاهلاً، وإلاّ علينا حين إذنٍ أن نُجّهل المجتمع بأكمله.
نصيحة
علموا أولادكم التوحيد...
ومعنى قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَـٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُوا۟ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدࣰا﴾ [الجن ١٨]. قبل أن يُقبّلوا الحجارة والحديد، ويسجدوا على العتبات يطلبون المدد من الأموات !!
علموهم أن النجاح لا يكون إلا بالتوكل على الله والرجاء منه مع أخذ الأسباب.
علموهم أن جميع الأنبياء جاؤا لنشر التوحيد ونبذ الشرك بالله.
علموهم أن الشفاء بيد الله لا بید أحد، وإنما الطب أسباب... علموهم أن يقولوا يا الله ويدعوه وحده ولا يشركوا به شيئا، وعلموهم أن الشرك كفر بالله.
فهرس الكتاب
المقدمة
الله
أينما وجدت الفوضى ابحث عن المستفيد
أيديولوجيات باسم الدين
للحكمة معانٍ
التوحيد جاء قبل الشرك
العشوائية فوضى
الشرك فوضى في العبادة
بين الأمس واليوم
فيروس أيديولوجي
الأيديولوجيا صراع الزعامة والمصالح
قصة البلدة البعيدة
يقولون: إذا عرف السبب بطل العجب وإذا عرف الداء سهل الدواء
الاسلام دين جميع الأنبياء وأتباعهم
النقل مقدم على العقل
شاهد ملك
هل هو ضعف في الإيمان أم جهل؟
نصيحة
فهرس الكتاب