Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

أحمد جلي

الكاتب : أحمد محمد أحمد جلي ..

دراسة عن الفرق في تأريخ المسلمين الخوارج والشيعة

عـرض ونقـد 
دراسة نقدية وتوجيهية
الدكتور أحمد محمد أحمد جلى
 
بقلم:
 
الدكتور علي بن محمد ناصر الفقيهي
بسم الله الرحمان الرحيم
 
إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اللّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه و سلم .
أمـا بعـد:
 
فهذه دراسة مختصره أجريت فيها مقارنة لما زاده الدكتور  أحمد محمد جلي في طبعته الثانية، عام 1408 هـ لكتابه المسمى "دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين، الخوارج والشيعة" على الطبعة الأولى عام 1406 هـ. وكلاهما  من مطبوعات مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.   
فقد أعجبت بالطبعة الأولى، ولما جاءت الطبعة الثانية، وذكر المؤلف في ص 10 أنه في الفصل الرابع الخاص بعقائد الشيعة الإمامية، حاول تأصيل القضايا وربط الفصل كله بما جد من تطورات في أفكار بعض الشيعة.
كما ذكر أنه أضاف مبحثا خاصاً عن النصيرية، فقد تطلعت لمعرفة هذه الزيادات، لأن الشيعة الإمامية عندهم  عقيدة هي الدين كـله وهي "التقية" ولأن عقائد،الرافضة  منذ وضع  أصولها "عبد الله بن سبأ"لم تتطور إلى الأحسن بالنسبه لأهل السنة، وقد وجدت تلك الزيادات التي تبناها الكاتب ودعى إليها ليست من  أهداف مركز الملك فيصل.
ولـو أرسلت هذه الطبعة مع الطبعة الأولى، مع هذه الدراسة للأساتذة الذين أوصوا الكتاب لظهر لهم فيه رأي آخر.
ولقراءتي لهذه الطبعة المنشورة، ولما لاحظته عليها، رأيت أن الواجب عليَّ أن أنبّه على ذلك في هذه الدراسة وهي دراسة، تتناول مباحث الكتاب كله، وذلك لإعطاء المؤلف حقه وبيان الأخطاء عنده نصيحة لعامة المسليين من أهل السنة، كما قال صلى الله عليه وسلم : "الدين النصيحة".
ولهذا ستكون الدراسة مناسبة لحجم الكتاب الذي يقع في 393 صفحة، فلن تكون طويلة، وسيكون النقاش فيها للأفكار والآراء علمياً إن شاء اللّه.
أولاً: عنوان الكـتاب:
بناء على ما توصل إليه المؤلف في بحوث كتابه من أفكار الطائفتين ومناهجها، والنتائج الواضحة التي توصل إليها في بيان عقائدها، فإني أرى أن العنوان المناسب هو: "دراسة تحليلية ونقدية لفرق الخوارج والشيعة في ضوء الكتاب والسنة وما عليه سلف هذه الأمة".
ثانياً: وصف الكتاب ومباحثه:
اشتمـل الكَتـاب بعد المقدمة على ثمانية فصول وخاتمه وهو في 393 صفحة بما فيها الفهارس، وهذه هي الطبعة الثانية عام 1408 هـ وهي التي فيها الزيادات التي تحمل أفكاراً جديدة.
أما الطبعة الأولى سنة 1406  وهي التي أوصى الخبراء بطبعها، فتقع  في 332 صفحة.
وفـد اشتملت الفصـول الثمانية على بحوت عن الطائفتين- الخوارج- والشيعة- وما تفرع عنهما أو اتصل بهما وتشعب عنهما من فرق ذات مسميات مختلفة مع أن الأصل والهدف واحد، وهو الهدم لهذا الدين الذي اختاره الله ليكـون خاتم الأديان كلهـا، سواءً كان ذلك الهدم عن سوء قصد وفساد نية وتخطيط مدروس، كما هو الحال في فرق الشيعة الرافضة والباطنية- حيث أن أصولهم وضعها عبد الله بن سبأ اليهوديَ الحميري الماكر الذي أسلم نفاقاً، "و أوى بذره وضعها هي دعوى الوصية من الرسول صلى الله عليه وسلم  لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بالخلافة- وأن الصحابة خالفوا تلك الوصية.
وهذا ما أثبته الكشي الشيعي الإمامي في كتابه "رجال الشيعة  ص 71 في ترجمة عبد الله بن سبأ، ومثله النوبختي في فرق الشيعة ص 22 وهو شيعي. وكذلك الحاقدون من المجوس.
أو كانت بداية الهدم عن جهل متناهٍ بنصوص الشريعة وفهمها والابتعاد عن التتلمذ على الصحابة الذين شهدوا التنزيل وسمعوا من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وفهموا أحكـام الشريعة ومقاصدها،- وقد دفع الحاقدون على الإسلام وعلى نبيّ الإسلام والصحابة الكرام- هؤلاء الجهال إلى الطعن في حملة هذا الدين وإلىِ تحريف نصوصه- وقد كانت البذرة الأولى الخوارج الذين كفّروا الصحابة بدلاً من التفقه عليهم- وقد أخبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  عن وصف هؤلاء- فذكر عبادتهم وقراءتهم للقرآن، ولكنه قال: "إن تلك القراءة لا تتجاوز حناجرهم " أي لا فقه عندهم في دين اللّه.
كما وصفهم عبد الله بن عمر رضي اللّه عنه بقوله كما في صحيح البخاري في كتاب المرتدين "بأنهم عمدوا إلى آيات نزلت في الكفار فطبقوها على المسلمين" ومـا ذلـك إلا لجهلهم وعدم فقههم في الدين، وابتعادهم عن الصحابة الذين يفقهونهم في الدين.
وكلتا الطائفتين- الخوارج- والشيعة- قد سببتا لهذا الدين والمتمسكين بتعاليمه الصِحيحة متاعب أحدثت صدوعا في صفوف الأمة بأفكارها المنحرفة قديماً وحديثاً.
وأن الباحث قد قام بدراسة لأصول هذه الفرق وبين أسباب نشأتها، كـما ذكر الطوائف المتفرعة منها، وبين أهدافها وأنها كلها تسعى للوصول لغرض واحد هو هدم هذا الدين وتقويـض أركانه.
ومع وصول الباحث إلى هذه النتيجة الموثّقة بما نقله من نصوص صريحة من كتب هذه الفرق- كما سيأتي تفصيله- إلا أنه يثني على فكرة الخميني ويمدح " الحكومة الإسلامية، أو ولاية الفقيه" فيقول: ولاية الفقيه وقيام الفقهاء - بإقامة الدولة الإسلامية للنظر في إقامة أمر الدين وتنظيم شؤون الناس...الخ نيابة عن الإِمام- خطوات طيبة في مدّ الجسور بين السنة والشيعة ص 243-244.
بل يرى أن من ترك رأيه من الطوائف المنحرفة واعتنق مذهب الأمامية شأنه ينبغي أن يشاد به لأنه اتّجه إلى سبيل تصحيح العقيدة، ص 332.
ثم وضـع الحلول للمسائل المعلقة بين السنة والشيعة كما يرى- وهي حلول تنازل أهـل السنة عن معتقدات الشيعة الإِمامية- في دعوى تحريف القرآن، وتكفير الصحابة، والطعن في السنة، ص 242- 244.
مع أنه أثبت في ص 240 من كتب الإِمامية المعاصرين اتهامهم للصحابة بالوضع والتزوير والكذب.
وسيأتي هذا مفصلاً في موضعه... بعد ذكر ما للباحث من جهود في هذا البحث.
ونبدأ بحديثه عن الخوارج والذي بدأه من ص 51- 99 ثم الحديث عن ظاهرة الخروج في هذا العصر والحديث عن جماعة التكفير والهجرة من ص 108-146.
فقد ذكر الباحث تأريخ نشأة الخوارج، ومبادئهم ومعتقداتهم، ومن أهمها تكفير مرتكب الكبيرة في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا لا يرث ولا يورث ولا يدفن في مقابر المسلمين، وفي الآخرة خالد مخلد في النار.
وغير ذلك من الأفكار والمعتقدات المخالفة لمنهج وعقيدة أهل السنة والجماعة.
وقد بين الباحث تلك الأفكار والمعتقدات سالكاً في ذلك مسلك البحث العلمي، وذلك بإيراد النصوص من الكتاب والسنة الدالة على ذلك، موثقة من مصادرها ذاكرا الجزء والصفحة.
والـذي ميز هذا البحث في نظري ربط البـاحث بين أفكـار الخـوارج ومناهجهم في تعاملهم مع النصوص، ومع العلماء بل سادات العلماء وهم الصحابة.
وبين أفكار المعاصرين من جماعات التكفير والهجرة ومن سلك مسلكهم في الحكـم على علمـاء الأمـة المخالفة لعقيدتهم- بالكفر- ثم تعاملهم مع النصوص وفهمها، ونبذ أراء ومؤلفات العلماء من سلف هذه الأمة.
لا فرق في ذلك بين الفرق التي احتفظت باسمها التاريخي- كالأباضية، التي أورد البـاحث من مصـادرهم ومؤلفاتهم، أفكارهم وعقائدهم في تكفير أصحـاب المعـاصي وتخليدهم في النار، والقـول بخلق القرآن ونفي رؤية المؤمنين ربّهم في الآخرة، وكـل معتقـدات المعتزلـة في باب الأسمـاء والصفات، ورأيهم في الصحابة.
أو من سبقت الإشارة إليهم- من تسمية من سموا أنفسهم بجماعة التكفير والهجـرة الـذين حكموا على من سوى جماعتهم بالكفر، لا فرق بين حاكـم ومحكوم، دون إقامة الحجة وإزالة الشبهة عن المحكوم عليهم، ودون الفرق بين القول والقائل، لأن القول قد يكون كفرا، والقائل لا يكفر إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة عنه، كما هو منهج أهل السنة والجماعة.
وإن لم يتعرض الباحث لهذه القاعدة.
وقد وثق الباحث كما قلت أقوال الإباضية من كتبهم- ولم يطلع على كتاب جديد لمؤلف معاصر المسمى "الحق الدامغ " للشيخ أحمد بن حمد الخليلي، المفتي العام لسلطنة عمان، طبعة عام 1409 هـ فقد صدر بعد طبع كتابه، الـذي خصصه لثلاث مسائل هي: القول بخلق القرآن، نفي الرؤية، خلود أصحاب المعاصي في النار، حيث قال في ص 20: للإباضية فيها موقف لم يتفق مع رغبات أولئك الحاقدين... الخ.
وهذا يوضح للقارئ أن تلك الأفكار الهدامة لم تزل سارية في الأمة، ولم تكن تحت التراب كما يقول بعض الكتاب.
أما جماعة التكفير والهجرة- فقد أورد شبههم التي استندوا عليها في تكفير من سواهم وناقشها، ورد عليها بما أورده العلماء في الرد عليهم، وفي تعسفهم وتحريفهم للنصوص التي يستدلون بها، وقد أجاد الباحث في ذلك من حيث الأسلوب والعـرض، وكيفية الاستدلال، والتحليل، ثم ربط أحـوال الناس وواقعهم وأفكارهم المعاصرة بالأفكار القديمة كما سبقت الإِشارة لذلك- وهذا هو المنهج السليم المفيد في دراسة الفرق، لا السرد التاريخي. وقد انتهى البحث عن الخوارج ومن سلك مسلكهم بنهاية ص 177.
الفصـل الرابـع
الشيعة الإمامية الإثنا عشرية وأهم تعاليمهم ص 179
تحدث الباحث عن هذه الفرقة من الشيعة.
فعرفهم وذكر تعاليمهم، وأورد أسماء أئمتهم- حسب دعواهم-.
وإلا فأولئك من أهل السنة والجماعة، وأولهم الإِمام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه الخليفة الراشد رابع الخلفاء المشهود له بالجنة، والذي تبرأ من أفكار الشيعة الرافضة التي نسبوها إليه، في الإمامة فقد أعلن أن الرسول صلى الله عليه وسلم  لم يوص إليه بشيء في ذلك، وفي تفضيله على الشيخين فقد خطب وقال: من فضله على أبي بكر وعمر فسيحدّه حد المفتري، وغير ذلك مما هو مثبت في مناقبه وفضائله.
وأما الحسن رضي اللّه عنه، فخلافته من خلافة الخلفاء الراشدين، وقد أثنى عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأنه سيد شباب أهل الجنة، وأن اللّه سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين- لكن الشيعة غاضهم ذلك الصلح- فقالوا له: يا مسود وجوه المؤمنين، كما في البداية لابن كثير.
أما بقية من جعلوهم أئمة إلى الثاني عشر المختفي في السرداب الذي لم يخلقه اللّه فلم يل أحد منهم أمر المسلمين، ولكنهم أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  تجب محبتهم... الخ.
وكان بودي لو أنّ الباحث أشار إلى ذلك.
وقد أساء الشيعةُ إلى أهل البيت بدعوى حبهم وموالاتهم، لأنهم اتخذوا هذه الدعوى ستارا لهدم قواعد هذا الدين، وقد أثبت الباحث ذلك، كما أورد الباحث الكثير من عقائدهم الباطلة وناقشها ورد عليها بما هو الحق من أقوال أهل السنة والجماعة، ومن كتب الشيعة الإمامية أنفسهم القديمة والمعاصرة.
ومن أهم عقائدهم الباطلة التي أوردها الباحث ورد عليها ما يأتي:
أولاً: الوصية من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  لعلي رضي اللّه عنه بالإمامة بعده مباشرة، وأن الصحابة خالفوا أمر رسول صلى الله عليه وسلم  في تلك الوصية فاغتصبوا حق علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه.
وقـد أورد الباحث أدلتهم في النص على إمامة علي بن أبي طالب بعد النبي مباشرة، فذكر الآيات التي استدلوا بها على ذلك.
ثم ناقشها وردها بالأدلة الصحيحة الصريحة من أقوال أهل السنة، فبين أنه لا دليل لهم في الآيات التي أوردوها وأن الأحاديث التي أوردوها في النص موضوعة- وأما الأحاديث الصحيحة فإنها لا تدل على المدعى ص 192.
ثم ربط بين قول وعقـائد الشيعة- الإمامية- السابقين والمعاصرين في الإمامة ومنزلة الإمام.
فالإمامة ركن من أركان الدين ومنصب إلهي كالنبوة ص 197.
وقد ذكر من المعاصرين عبد الواحد الأنصاري الشيعي المعاصر- صاحب كتاب أضواء على خطوط محب الدين الخطيب، نقل عنه من ص 98،99.
وآية اللّه الخميني من كتابه "الحكومة الإسلامية" ص 52 ونقل عنه قوله: فإن للإمام مقاما محمودا ودرجة سامية وخلافة تكونية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات الكون... الخ ص 199 ثم ذكر في آخر هذه الصفحة والتي تليها عن الخميني من الحكومة الإسلامية ص 141- أن علي بن أبي طالب رضي الله  عنه- هو الحاكـم المهيمن الشرعي على شؤون البلاد والعباد وأن الملائكة تخضع له... الخ.
ثانياً: العصمة للأئمة- فلا يجوز عليهم المعصية ولا الخطأ ولا النسيان ص 203.
وقد رد على الشيعة هذه الدعوى وبين وجهة رده وهي وجهة سليمة، كـما في ص 205.
ثالثاً: الرجعة قال: فقد نادى الشيعة برجعة الأئمة وأرادوا بذلك أن يعود الإمام إلى الظهور بعد الغيبة أو الاختفاء أو إلى الحياة بعد الموت.
وبين أن أصول هذه الدعوى يهودية... الخ ص 207.
ثم ذكر من يحاول تفسير هذه الرجعة من الشيعة المعاصرين برجعة الدولة والأمـر والنهي، ونفى أنَّ الـرجّعـة بالمفهـوم الأول ليست من معتقـدات الإمامية... الخ ص 209.
ثم رد على هذا المفهوم أو الدعوى- بأن الشيعة جميعا لا يشكون في عودة الإمـام المنتظر أو الإمـام الغـائب الذي يحقق دولة الإسلام، ثم ذكر اتهامهم ودعواهم أن النبي صلى الله عليه وسلم  لم يحقق دولة الإسلام في صورتها الكاملة... الخ ص 210.
ثم قال: ولاية الفقيه:
وذكر عقيدة الشيعة أن قيام الدولة لا تكون إلا مع الإمام المعصوم وعلى يديه، قال: ومن ثم عطل هؤلاء إلى عهـد قريب صلاة الجمعـة، بل حرم بعضهم أداءها حتى يخرج الإمام المنتظر...
وأن فريقا منهم يرون أن ولاية الفقيه بمعنى أن الفقيه الشيعي له الولاية العامة... إلى أن قال: وقد تبلورت هذه الآراء عند الشيعة المعاصرين فيما يعرف بنظرية ولاية الفقيه التي أضفى عليها آية اللّه الخميني بعدا سياسياً وأخرج بها المذهب الشيعي من طور الجمود السياسي المتمثل في انتظار عودة الإمام الغائب ليقيم دولة الإسلام- إلى القول بوجوب سعي الفقهاء إلى إقامة دولة يحكمها الإسلام... الخ ص 211- 216- المرجع الحكومة الإسلامية.
رابعاً: التقية:- وهي النفاق عند أهل السنة والجماعة- وتسعة أعشار الـدين عنـد الشيعة الإمامية، بل نقلوا نصوصا نسبوها إلى من يدعون أنهم أئمتهم، وقد نقلها الباحث ص 217، منها قولهم نسبة لجعفر الصادق: التقية ديني ودين آبائي. "ومن لا تقية له لا دين له " "وأنها تسعة أعشار الدين" - هذه الروايات في الكافي وعقائد الصدوق- الهامش 1 لنفس الصفحة 217.
تم ذكر الباحث- أن الشيعة تعد التقية مبدأ أساسيا في حياتهم الخاصة والعامة وجعلوها ركنا من أركان مذهبهم ثم بين أنه كان للتقية شأن خطير في كل أحداث الشيعة التاريخية... الخ ص 217- 218.
هذا بعض كلام الباحث عن التقية وقـد ذكـر أمثلة لاستعمـال الشيعة واستخدامهم للتقية.
إلا أن الباحث يظهر أنه لم يطلع على الكتاب الخاص بالتقية من تأليف الخميني ولهذا اكتفى بإشارته في الحكومة الإسلامية ص 142 كـما في هامش ص 218- إلى كيفية استعمال التقية عند الخميني في الحكومة الإسلامية، فظن أن التقية أصبحت غير ذات أهمية عند الشيعة، ولهذا حينما جاء الباحث إلى إبداء وجهة نظره في التقريب وقع منه ذلك الخطأ الذي سيأتي مناقشته بعد قليل.
خامساً: عقيدة المهـدي- وقـد صرح الخميني في كتـابـه الحكـومـة الإسلامية بتلك العقيدة ودعى له بتعجيل الفرج.
وقـد نقـل الباحث في ص 216 المادة الخامسة من دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفيه- تكون ولاية الأمر في غيبة الإمام المهدي "عجل اللّه فرجه " في جمهورية إيران الإِسلامية للفقيه العادل... الخ ولكن الباحث يقول هذه المشكلة انتهت، والعقلاء يقولون ليتها لم تنته.
وفي ص 226 قال: موقف الأمامية الإِثني عشرية من القرآن والسنة والصحابة.
سادساً: الشيعة والقرآن:
قال: أما القرآن فقد زعم بعض الشيعة أنه قد حرف وأسقطت منه بعـض ا لسور... الخ.
قال: وقـد ردد هذه الافتراءات على القرآن العـديد من علماء الشيعة الإمامية، وعلى رأسهم حجتهم المشهـور أبـو جعفـر محمد بن يعقوب الكليني... الخ.
إلى أن قال: وقد زعم الكليني أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة... ص 227 المرجع الهوامش في نفس الصفحة وقد ذكر في ص 228- 229 أمثلة لدعواهم الباطلة. وفي ص 230 ذكر كتاب "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " لحسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320 هـ الذي أثبت فيه- أن كل الشيعة الإمامية مجمعون على تحريف القرآن- حتى المشائخ الأربعة المنسوب إليهم الخلاف للشيعة- حيث أثبت أنهم يقولون ذك- بدليل أنهم رووا الأحاديث التي فيها التحريف في كتبهم ولم ينقدوها.
وقد نقل الباحث ذلك في ص 231.
ومـع نقله هذا فسيأتي قول الباحث ص 243 سطر 15- أنه وجد شبه إجماع لدى الشيعة على نفي أي تحريف بزيادة أو نقص عن القرآن.
هكذا يقول- والعكس هو الصحيح، ونقله هذا يثبت ذلك.
سابعاً: الشيعة والصحابة: ص 235
وقـد نقـل الباحث عن الشيعة طعنهم في الصحابة وتجريحهم لهم من كتبهم الأصيلة مثل الكافي للكليني. ورجال الكشي. والاحتجاج للطبرسي، وغيرها من المراجع الأساسية عند الشيعة الإمامية.
ثم بين أن هذه العقائد السابقة- لازالت بعينها يرددها الشيعة المعاصرون ثم مثّل:
بعبد الواحد الأنصاري- صاحب كتاب "أضواء على خطوط محب الدين الخطيب" ص 102-103 هامش 3 من ص 235- نقل منه اتهام الصحابة بأنهم تآمروا على إبعاد علي رضي اللّه عنه عن الخلافة، بل تآمروا على قتله والتخلص منه، وأنهم حاربوا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكادوا يحرقون عليها منزلها... الخ.
ثم أضاف الباحث في ص 236 وهو كلام جيد فبدأ من السطر العاشر فقال: ومما يؤسف له أن بعض الشيعة المعاصرين لا زالوا يرددون مثل هذه التهم الباطلة ضد الصحابة رضوان الله عليهم ويصفونهم بأقذع الأوصاف ويتهمونهم بأبشع التهم، فهم في نظرهم طلاب دنيا قبلوا الإسلام ظاهرا طمعا في الحكـم والسلطة وأضمروا الكفر والنفاق والزندقة... الخ.
وأثبت الباحث المرجـع في نفس الصفحـة هامش 2 كشف الأسرار للخميني ص 130-131.
وقد رد الباحث كما في  ص 237- 239 على هذا الكاتب وأمثاله، بما كان للصحابة من دور فعال في نصرة هذا الدين ونشر تعاليمه وأنهم يمثلون جيلاً، فريدا صاغته تعاليم القرآن... الخ.
حيث نقل ذلك عن أبي الحسن الندوي- من كتابه- "صورتان متضادتان " عند أهل السنة والشيعة الإمامية... الخ.
ثامناً: الشيعة والسنة: ص 240.
قال الباحث: قد كان لنظرة الشيعـة ورأيهم في الصحابة أثر كبير في موقفهم من السنة النبوية، إذ أنكر الشيعة كل الأحاديث التي وردت عن طريق هؤلاء الصحـابة، بل أنهم شنوا هجوما عنيفا على رواة الحديث كأبي هريرة وسمرة بن جندب، وعروة بن الزبير، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وغيرهم- واتهموهم بالوضع والتزوير والكذب.
نقـل البـاحث هذا النص عن الشيعـة الإمـامية المعاصرين في هامش ص 240 فذكر:
1- أضواء على خطوط محب الدين الخطيب- لعبد الواحد الأنصاري ص 48، 65، 68، 90.
2- الحكومة الإسلامية للخميني ص 60.
3- الشهادة "علي شريعتي " قال: وهذا الكاتب الأخير يتهم الصحابي أبا هريرة بأنه وأمثاله سلكوا طريق ابتداع الأحاديث واختلاق المتون لتدعيم حكم معاوية.
4- الشيعة في الميزان "مغنية" ص 81 وهو معاصر أيضا.
هذا ما سطره البـاحث في كتابه هذا من كتب الشيعة الإمامية القدامى والمعاصرين وهـو بحث جيد سلك فيه الباحث المنهج العلمي، فقد وثق النصوص التي نقلها من كتبهم الأساسية والمعاصرة مشيرا إلى الجزء والصفحة بأسلوب جيد وعرض حسن، كـمـا ناقش هذه الأفكـار المنحرفة التي قصد أصحابها من ورائها هدم دين الإسلام من أساسه حيث طعنوا في مصدريه، القرآن والسنة، واتهموا من نقله إلينا من الصحابة الكرام الذين اختارهم اللّه لصحبة نبيه، بالكفر والنفاق والزندقة، وفد أسلموا ظاهرا وأبطنوا النفاق من أجل الوصول إلى السلطة والحكـم… الخ.
هذا ما نقله الباحث عن الخميني.
" رأي المـؤلف "
مهم جداً- ولكن ما رأي الباحث بعد أن سطر هذه الحقائق كلها.
1- في ثورة الخميني وإقامة الدولة الإسلامية- الشيعية الإمامية.
2- وفي دعواهم تحريف القرآن... الخ.
3- وفي الصحابة الكرام.
4- وفي السنة النبوية.
أقول إن الباحث قد أبدى رأيه وما يدعو إليه من ص 242- 244.
فقال في السطر الرابع ص 242 من أسفل: وهو زيادة لم توجد في الطبعة الأولى حيث انتهى الكلام عن الصحابة والسنة ص 179 تم في ص 180 بدء الفصل الخامس، أما هذه الطبعة فقد زاد فيها من قوله:
من هذا العرض لأراء الشيعة ومعتقداتهم يتبين لنا ما يأتي، وهو من ص 242-244:
قال: أولاً- أن القضية الأساسية التي يدور حولها فكر الشيعة ومعتقداتهم هي قضية الإمامة التي انبثقت منها كل تصوراتهم عن الإمام وآرائهم حول:
القرآن- والسنة- والصحابة.
وكان لها انعكاس وأثر في مختلف مناحي فكرهم، وتعتبر من ثم نقطة الخلاف الأساسية بينهم وبين أهل السنة.
ثانيا: إننـا نجـد داخل الحركات الشيعية تبايناً في الآراء واختلافا في وجهات النظر، حول كثير من المسائل الأصولية لاسيما فيما يتعلق بتصورهم للإمام ووظيفته والقول بعصمته ورجعته واستخدام التقية والقرآن وولاية الفقيه ومشروعيتها..
تم بدء في التـدليس بكلام ينقضه قوله السابق ونقله لثباتِ المعاصرين على ما سطره أسلافهم. ثم استعمالهم جميعا للتقية كدين لأنهم يقولون: من لا تقية له لا دين له، كـما نقل هو ذلك وسبق ذكره.
ثم يقول: ويبدو أنه كان للظروف التاريخية التي حدثت فيها مواجهات بين الشيعة وخصومهم، وللأجواء العامة التي نما فيها التشيع الأثر الكبير في صياغة معتقـدات الشيعة بصورة حادة متطرفة أحياناً !! بينما نجد ميلاً إلى التفكير، واعتدالا في الرأي في الظروف التي تخف فيها حدة الصراع.
نم رتب على هذه الدعوى العارية من الدليل ما يأتي:
قال: وقد استطاع بعض الشيعة المعاصرين وإلى حد ما، تجاوز الإطار التاريخي الذي نمت فيه كثير من أفكار أسلافهم ومعتقداتهم الجانحة وبدءوا مناقشة قضايا المذهب بصورة نقدية معتدلة وتوصل بعضهم كـما سبق أن رأينا إلى أن قضية عصمة الأئمة، والرجعة، والتقية، لم تعد مقبولة... الخ.
وأقـول: إن هذا البعض يقصـد به الخميني- وسبق أن نقلت ما ذكـره الباحث عن الخميني في اتهامه- الصحابة بالكفر والنفاق والزندقة، وإنهم إنما أسلموا نفاقا في سبيل تحقيق أغراضهم الدنيوية طمعا في السلطة والحكم... الخ ص 236.
ونوجه السؤال التالي للمؤلف ونقول له:
ما هي الـظروف التي واجهت الخميني المعـاصـر- حتى يحكـم على الصحابة الكرام بهذا الحكـم الباطل الفاسد الظالم؟
كـما نقل الباحث- عن عبد الواحد الأنصاري من كتابه "أضواء على خطوط محب الـدين الخطيب " وعن "الخميني " وعن "شريعتي" وعن "مغنية" في ص 240، تكفيرهم واتهامهم عددا من الصحابة بأسمائهم بالوضع والتزوير والكذب.
فما هي الظروف التي واجهت هؤلاء المعاصرين ليصدروا هذا الحكـم الـظالم على الصحابة الكرام الذين كنت قبل قليل تدافع عنهم وتقول: إن الإمامية شنوا عليهم هجوما عنيفا فكفروهم واتهموهم بالزندقة.
فماذا أصابك بعد ذلك الحماس للحق؟.
ثم يواصل الباحث رأيه حول عقائد الإمامية لتبرأتهم أو رجوعهم فيقول في نفس الصفحة 243 سطر 15كما وجدنا شبه إجماع لدى الشيعة على نفي أي تحريف بزيادة أو نقص عن القرآن.
وأقـول إن كلامه هذا باطل بما نقله هو نفسه من ص 226- 239 عن القدامى والمعاصرين ووضح ذلك بما جاء في كتاب حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320 هـ في كتابة الذي سماه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب" وقد رد فيه على الأربعة الذين نسب إليهم القول بعدم تحريف القرآن كما في ص 230- 231 ونقل الباحث رده عليهم.
ثم النّص الذي نقله عن الخميني في تكفيره للصحابة والذي سبق نقله في الصفحات السابقة.
قال الخميني عن الصحـابـة: أضمروا الكفر والنفاق والزندقة واستهانوا بالقرآن فحرفوه.. الخ انظر النص ص 236.
إذاً أين شبه الإجماع عند الشيعة على نفي تحريف القرآن- بل الإجماع عندهم على تحريفه كما أثبت النوري الطبرسي. وكما يقول الخميني.
وقبل شهرين قُدمت رسالة في الجامعة- عن موقف الشيعة الإمامية من القـران- أثبت الباحث بالتسلسل التاريخي إلى العصر الحاضر عن الإمامية أنهم يقولون بتحريف القرآن ومنهم الخميني، وكنت أحد أعضاء لجنة المناقشة وبهذا يتبين أن قول الباحث هذا ساقط لا وزن له، بل هو غش لهذه المؤسسة التي خدعها بطبعة كتابه الأولى، فلما اطمأنت إليه أدخل هذه الأفكار الدخيلة على أهل السنة في الطبعة الثانية.
ويواصـل البـاحث في التصريح برأيه، وهو في الحقيقة رأي الخميني ودعاته في الوقت الحاضر.
فيقول في ص 243:
كما يَسُود الآن في أوساطهم- أي- الإمامية- القول بضرورة قيام الدولة الإسلامية التي يتولى أمرها فقهاء المذهب وعلماؤه نيابة عن الإِمام.
ثم يقول: ولا شك أن هذه خطوات جيدة في الطريق إلى مدّ الجسور بين السنة والشيعة، سعياً إلى وحدة الأمة الإسلامية التي هي أشد ما تكون حاجة إلى تلك الوحدة... الخ.
وأقول: بل هذه هي الفتنة الكبرى التي توصل إليها الخميني، وكان أهل السنة في راحة قبل ذلك، بل فيها قطع الجسور لا مدها، وأن ما يدعو إليه البـاحث من تقريب، هو ما يدعـو إليه الخميني باسم الثـورة الإسلامية ثم تصديرها إلى أبناء السنة في العالم الإِسلامي في أفريقيا وآسيا، تحت شعار كلمـة الـمسلمين ضد المستعمـرين وأعـداء المسلمين وإنقـاذ المستضعفين، والهدف هو نشر عقيدة الشيعة الإمامية وتعاليمها باسم الإسلام وهذا هو الواقـع الموجود الآن.
وهذه الدعوى تسير تحت ستار "التقية" التي هي ركن الدين بل أساسه عند الشيعة الإمامية- كما ذكر الباحث ذلك.
وقد استعمل المؤلف "التقية" في الطبعة الأولى، وأقول.
قد قامت الدولة التي يتحدث عنها الباحث- فهل تحققت وحدة الأمة ضد أعدائها كـما يقول، أو قامت الفتن وسفك دماء الأبرياء- لأن أبناء المسلمين لا يعرفون عقائد الرافضة.
وإذا كان الباحث ينقل كلام الخميني- الذيَ فيه- حكمه على الصحابة بالكفـر والنفـاق والـزنـدقـة وأنهم حرفـوا القـرآن، وكتموا السنة (فضلا انظر ص 236) قول البـاحث: وممـا يؤسف له... الخ، هل الذي يصرح بهذا يعتقد أن أهل السنة المعاصرين مسلمين وهو يريد أن يوحد كلمتهم، وعلى أي شيء هل: على احتـرام الصحـابـة الكرام وحفظ حقـوقهم، ثم الأخذ برواياتهم الموجودة في صحيح الإمام البخاري ومسلم وجميع الأمهات، وكتب التفسير لابن جرير وابن كثير وغيرهما من علماء أهل السنة والجماعة.
اعتقد أنه لا يوجد عالم من علماء أهل السنة يعتقد ذلك، اللهم إلا دعاه التقريب، وهو في الحقيقة التنازل عن الحق إلى الباطل، ويظهر مما سطره المؤلف بقلمه أنه منهم، ولنا الحكـم بالظاهر من كلامه.
ولكن نواصـل مع الباحث لنرى رأيه في موقف الرافضة الإمامية- من الصحابة، والسنة. لأنه يرى أنه إذا قامت الدولة الإسلامية عند الشيعة بقيادة الفقهاء، نيابة عن الإمام الغائب، فقد انحلت المشكلة الكبرى، ولم يبق إلا قضايا معلقة يمكن حلها، وقد قدم الباحث الحل، فما هذا الحل الذي قدمه؟
يقول الباحث ص 243 المقطع الأخير:
وتبقى بعد ذلك بعض المسائل المعلقة- كـمسألة غيبة الإمام والاعتقاد برجعيته، وموقف الشيعة من الصحابة رضوان الله عليهم، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال: أما غيبة الإمام والاعتقاد برجعته فإنها لم تعد ترتبط في الفكر الشيعي المعاصر بواقع المجتمع وأحوال المسلمين فيه كـما كان يتصور من قبل، إذ أن "ولاية الفقيه " أصبحت تمثل البديل العملي للرجعة، وإذا كـان ولاة الأمر من الفقهاء يمكَنهم إقامة أمر الدين... الخ.
فإن قضية الحاجة إلى إمام وضرورة رجعته تصبح نظرية... الخ ص 244.
فكأنه يرى- أن أهل السنة في ضيق وشدة من اعتقاد الإمامية- من أنه لا يجوز إقامة جمعة ولا جهاد ولا دولة إلا بحضور  الإمام  المعصوم.
وأن نظرية  الخميني بولاية الفقيه العادل- وقيام دولته- حلت هذه المشكلة عن أهل السنة.
أقول: ألا يعلم الباحث- أن أهل السنة والجماعة والإسلام والمسلمين- كانوا في راحة نسبيّاً حين كان الشيعة الإمامية على تلك العقيدة.
وأقول نسبيا- لأن الإمامية الرافضة يتربصون بأهل السنة دائماً- فماذا فعل ابن العلقمي وزير الخليفة العباسي- وابن العلقمي رافضي- فقد دعى هولاكو وكـانت على يده إزالـة الخـلافة العباسية، فماذا صنع في بغداد، فلو رجع البـاحث للبداية والنهاية لعرف أن المفكرين من الرافضة ومنهم في العصر الحـاضر- الخميني- يدركـون أن غيبة الإمام خرافة ولكنهم يستغلون عوام الشيعة بها ويربطونهم دينيا باعتقادها ليسهل قيادتهم ولهذا صرح الخميني في الحكومة الإسلامية ونقل عنه الباحث، أنه لا يمكن الانتظار إلى وقت لا يعلم فيه خروج الإمام ويضيع الإسلام، كـما يقول هذه القرون الطويلة- فخرج بنظرية نيابة الفقيه العادل عن الإِمام الغائب- ويدعو اللّه له بالفرج أو تعجيل الفرج، ليخدع عوام الشيعة بذلك.
فأنا كنت في أثناء المناقشة لهذا البحث متحيرا في أمر الباحث- هل هذه الأفكار التي يدعو لها عن غفلة وسطحية وسوء فهم، وهي بعيدة في نظري عمن يكتب مثـل هذا البحث ؛ أو أنها- التقية الرافضية- وقد ترجح لدى الثاني، وذلك لأن الرجل أصبح وأمسى كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، فنعوذ باللّه من الحور بعد الكور، ومن الظلمة بعد النور.
ولكن لننظر رأيه في الصحابة وتقديم الحل لذلك الاعتقاد:
يقول أما رأي الشيعة في الصحابة فمسألة مرتبطة في أساسها بالخلاف التاريخي حول الإِمامة، وإذا أمكن الاتفاق على تجاوز هذا التأريخ، والحكم على من شاركوا في أحداثه، مع تأكيد دور الصحابة الهام وأمانتهم وعدالتهم في نقـل هذا الـدين- والاهتمـام بدلا من ذلك بالقضايا المعاصرة ومواجهة أعدائهم، قال: فيمكن إسقاط هذه القضية من دائرة الخلاف. هكذا يقول الباحث وبكل بساطة.
وأقـول إن ما نقله عن الخميني المعـاصر وغيره، يكفي لدحـض دعوى الباحث أن أساس الخلاف تأريخي حول الإمامة.
لأن الخميني معاصر ولم يسقط عقيدته في أن الصحابة كفار ومنافقون وزنادقة، حرفوا القرآن وكتموا السنة.
وهو ما نقله الباحث، وقد كررت الإشارة إليه- لأن هذا القول من الباحث لا يدع مجـالا للشـك أنـه داعية إمـامي لتصـريحـه بهـذا القول في كتابه، ولا يستطيع التفلت من هذا، لأن التقية التي استعملها في الطبعة الأولى قد انكشف القناع عنها هنا كـما قيل:
ومهمـا تكن عند امرئ من سجيـة
وأن خالها تخفى على الناس تعلم
ومما يؤكد ذلك ما قدمه من توطئة للحكـم على قولهم ورأيهم في السنة، فهو يقول في ص 244 السطر التاسع:
أما السنة فإنه مما هو معلوم أنه دخلها كثير من الوضـع ودُسَّتْ فيها كثير من الأقوال المنسوبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - ويعني بذلك- السنة عند أهل السنة والجماعة، حيث قال: وقد قام علماء المسلمين بجهد كبير في سبيل تنقية الصحيح من الموضوع.
تم يأتي لكتب الشيعة فيقول:
وبالنسبة لكتب الشيعة التي أشرنا إلى بعـض منها، فإن الشيعة يعترفون- أو على الأقل بعض منهم- بأن في تلك الكتب بعـض الروايات الموضوعة! كما أنهم أنفسهم جرحوا بعض رواتهم، وإذا كان الأمر كذلك، فيمكن أن يقوم الشيعة المعاصرون بعمل جريء في هذا الموضوع يطبقون فيه منهج علماء الحديث... الخ الهراء.
وأقول: أولاً مهـد البـاحث بأن في كتب أهـل السنة أحاديث موضوعة وكثيرة. وقد قام أهل السنة بما يجب عليهم حيالها. والحمد للّه.
ثم يقول: أما كتب الشيعة ففيها بعض الروايات الموضوعة! فهو يعبر عنها باستحياء فيعبر بكلمة تم يقول:
والذي يعترف بذلك الوضع على الأقل بعض منهم.
قلت: ولأنهم لا يرضون بهذه الدعوى وهم يدعون عصمة من نسبوا إليهم تلك الروايات، وهذا الأقل يقول ذلك "تقية" وهي دين فلا حرج عليه.
ثم يقول: إذا قام الشيعة المعاصرون بنقد تلك الروايات انتهى الأمر، قال: ويمكن بذلك مد الجسور ووصل الهوة بين السنة والشيعة والتي لا يفيد منها إلا أعداء الإسلام.
أقول كلمة قصيرة: إن قوله إن في كتب الشيعة بعض الروايات الموضوعة يخالف ما أثبته هو بنفسه في ص 240 بعد أن نقل عن الشيعة المعاصرين طعنهم في الصحابة واتهامهم لهم بالتزوير والكذب والوضع.
قال في سطر 4: ولم يقبل الشيعة من ثم إلاّ الأحاديث الواردة عن طريق الأئمة من أهل البيت أو ممن نسبوهم إلى التشيع كسلمان الفارسي وعمار بن ياسر، ثم قال: ويقول في ذلك أحد الشيعة المعاصرين: إن كل من قرأ كتب الشيعـة الإمـامية الإثني عشرية ومؤلفـاتهم في مختلف العلوم الإسـلامية، كالحديث والفقه والتفسير، وجد نقولها تكاد تنحصر عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الإمام علي عليه السلام، عن شيعة الإمام الأربعة... وعن الأئمة المعصومين، وذكر الحـديث الموضوع، وهو قول علي رضي اللّه عنه: علّمني رسول اللّه ألف باب... الخ ونتيجة لهذا لم يهتموا بالإسناد.
قال: ومن ثم رفض الشيعة صحيحي البخاري  ومسلم وكتب السنة... إلى أن قال: قال أبـو زهـرة عن الكـافي. إن ما فيه أخبار تنتهي عند الأئمة ولا يصح أن نقول أنه يذكر سندا متصلا بالنبي... الخ.
قلت: ومعلوم أن الصحابة الذين اجتمعوا في حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم   مائة ألف وأربعة عشر ألفا ولم يأخذ الشيعة إلا رواية من نسبوهم إلى التشيع لا يتجـاوز السبعة عشر من هذا العدد، كـما قال الإمام ابن كثير في الباعث الحثيث ص 181.
ومن هنا اضطر الشيعة إلى وضع الأحاديث، ومن هنا قال الإمام الشافعي: إن الرافضة أكذب أهل الأهواء.
فكيف يقول الباحث، إن في كتب الشيعة بعـض الروايات الموضوعة ؟ إن هذه الـدعـوى لا دليل عليها، بل الدليل العكس، فمن أين غطى الرافضة الأحكام الشرعية من عبادات وعقائد وسلوك ومعاملات… الخ وهم اقتصروا على الرواية عن ذلك العدد القليل من الصحابة، ورفضوا الصحيحين وجميع الأمهات من كتب الحديث التي رواها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  وفيها أحاديث عن علي رضي اللّه عنه وعن أهل البيت وعن الصحابة الأربعة ومنهم سلمـان، ولم يذكـر الإمـامية تلك الروايات في كتبهم لأنهـا تكذب عقـائدهم الباطلة ومما يشير إلى أن الباحث يرى أن العقيدة الصحيحة هي عقيدة الإمامية.
 
ما جاء في ص 332 ما يأتي:
"ولا شك أن هذه خطوة طيبة ينبغي الإشادة بها في سبيل تصحيح عقائد النصيرية وإخراجهم من  دائرة العلو والجهل والعقائد الخرافية  الفاسدة الني كانوا يعتقدونها".
يقول هذا لأن النصيرية أعلنوا أن عقيدتهم ومذهبهم هي عقيدة ومذهب الإمامية الإثني عشرية. وهذا من الفصل الذي زاده عن النصيرية كما سيأتي، وهو يقول بهذا التصحيح للعقيدة عند النصيرية، بعقيدة الإِسلامية، وقد سبق نقله عن الإِمـامية بل عن زعيمهم الخميني اتهامه للصحابة بالكفر والنفاق والزنـدقة وتحريف القران... الخ فكيف هذا التصحيح؟ أليس هو كغسل نجاسة ببول كما يقال، وسيأتي توضيح ذلك في  الصفحات التالية، عندما نتعرض لما زاده في هذه الطبعة عن الطبعة الأولى في هذا الموضوع ص 331.
 
الشيعة الزيدية من ص 245- 264
أما الشيعة الزيدية فقد كان بحثه عنهم جيدا، فقد ذكر نشأتهم وعقيدتهم في الإمامـة، واتفاقهم مع المعتـزلة في باب العقائد عموما، كـما رد على المعاصرين إنكارهم اتفاق الزيدية مع المعتزلة في عقائدهم.
ثم أشار إلى الاتجاه السلفي عند عدد من علماء اليمن ومثل لذلك بابن الـوزير وذكـر كتابيه "إيثار الحق على الخلق " "وترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان " والصنعاني والشوكاني.
وكـل تلك البحـوث سلك فيهـا المنهج العلمي السليم فوثق النصوص المنقولة من كتبهم والمؤلفات الأخرى، ثم عرض المعلومات عرضا حسنا.


الفصـل السادس
الإسماعيلية الباطنية من ص 265- 310
وقد ذكر أصولهم وعقائدهم وأهم فرقهم ودرس أفكارهم ووثق مصادرها، وبين أنها كلها تهدف إلى إبطال شرائع الإسلام. ويا ليته قال مثل ذلك في حق الروافض الإمامية، الذين صاروا فتنة لضعفاء العقول والإيمان أيام حياتهم، وبعد مماتهم، ولكن الدكتور أحمد- ذكرنا بقول الشاعر:
                                 وعين الرضى عن كل عيب كليلـة
                            ولكن عين السخط تبدي المساويا
 
الفصـل السابع
النصيرية العلويون من ص 311-333
وقد ذكر أصل الطائفة وعقائدها الباطنية، ومنها دعوى حلول الله عز وجل في علي رضي اللّه عنه والأئمة من بعده ص 314- 313. وبين موقفهم من أحكام الشريعة، وأن الصلاة رمز لأسماء خمسة هم علي والحسن والحسين ومحسن وفـاطمة، وأن ذكر هذه الأسماء الخمسة يجزيهم عن غسل الجنابة والوضوء... الخ.
وقد أثبت بالنقول الموثقة من الكتب المعتمدة هذه العقائد التي يدينون بها كما أثبت عن الأئمة من أهل السنة، بأن ظاهر مذهب هؤلاء الرفـض وباطنه الكفر المحض ص 324.
كما أثبت صلة النصيرية بالإمامية ص 325 وإلى هنا ينتهي الحديث عن النصيرية في الطبعة الأولى ص 260.
حيث قال في ص 260 بعد ذكر بعض عقائد هذه الطائفة... قال: وإلى أن يكشف أمر هذه الطائفة الباطنية التي تكتم تعاليمها ومعتقداتها وتظهر غير ما تضمر.ا هـ.
أما في الطبعة الثانية، فهذا الكلام ينتهي ص 325 كـما سبق.
ثم إن الباحث ذكر عنواناً جديدا غير موجود في الطبعة الأولى، وهو قوله: 
(النصيرية والشيعة الإمامية)
ثم كتـب تحـت هذا الـعنـوان عن هذه الـطائفـة ومعتقداتها من ص 325 -333 وفي ص 331  نقل نصوصا من كتب وتوصيات مؤتمرات ومنها أن وفداً من علماء إيران في السبعينات برئاسة العلامة "في عقائدهم " الشيعي السيد حسن مهـدي الشيرازي زاروا النصيرية في الجبـال والسـاحل ومنطقة طرابلس الشام والتقى الوفد بعلماء النصييرِية ووجهائهم وأهل الرأي فيهم... إلى أن قال: وأصدر الجميع في ذلك بياناً أبرزوا فيه أمرين:
الأول: أن العلويين هم شيعـة ينتمـون إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالولاية والنسب... الخ.
الثاني: أن " العلويين " و" الشيعة " كلمتان مترادفتان مثل كلمتي " الإمامية" و"الجعفرية".
قال: وقد صدر هذا البيان تحت عنوان "العلويون شيعة أهل البيت" بيان عن عقيدة العلويين أصدره الأفاضل من رجال الدين من المسلمين "العلويين " وقد وقعه ثمانون شيخا ووجيها ومثقفا...
وختموا بيانهم بالقول. "هذه هي معتقداتنا نحن المسلمين (العلويين) ومذهبنا هو المذهب الجعفري ".
وكلمـة أو تسمية "الشيعي والعلوي" تشير إلى مدلـول واحد، وإلى فئة واحدة وهي الفئة " الإمامية الإثني عشرية".
والسؤال: ما هو تعليق الباحث على هذا المؤتمر الذي تمخض عن أمرين:
الأول: أن النصيرية- شيعة-.
الثاني: أنهم إمامية إثني عشرية في العقيدة والمذهب.
إن الباحث قد أشاد بهذه الخطوة وأنّها خطوة طيبة في سبيل تصحيح العقيدة !
فيقول بعد أن انتهى من نقل تلك التوصيات ص 331 سطر 12:
"ولا شك أن هذه خطوة طيبة ينبغي الإشادة بها في سبيل تصحيح عقائد النصيرية وإخراجهم من دائرة الغلو والجهل والعقائد الخرافية الفاسدة التي كانوا يعتقدونها".
وإن القارئ ليعجب لما يشيد به الباحث لانتقال النصيرية أو بعضهم من عقـائـدهم التي ذكـر أن فيهـا الغلو والجهـل والعقـائد الفاسدة، إلى سبيل التصحيح وهو اعتقاد عقائد الإمامية.
ولا أدري هل الكـاتب نسي ما نقله في ص 199- 200 عن الحكومة الإسلامية للخميني حيث قال: إن لأئمتنا درجة لا يبلغها ملك مقرب ولا نبي مرسـل... الـخ وقـولـه: إن عليًّا هو الحـاكـم المهيمن على شؤون الكون ومجرياته وأن الملائكة تخضع له. فإذا لم يكن هذا غلو فما الغلو؟
وكما سبق أن الباحث نقل عقائد الإمامية نقلا مستفيضا من كتبهم القديمة المعتمدة عندهم، والمعاصرة من دعاتهم وذكر فيها هذا الغلو، وأنهم يعتقدون تكفير الصحابـة، بل نقـل من كشف الأسـرار قول الخميني: إن الصحابة - طلاب دنيا قبلوا الإسلام ظاهرا طمعا في الحكم والسلطة، وأضمروا الكفر، والنفاق والزندقة، وفي سبيل تحقيق أغراضهم الدنيوية تلك استهانوا بالقرآن فحرفوه، وبالسنة فكتموها ولعبوا بها... ". انظر ص 236 وفي ص 240 ذكر رأي الإمامية في السنة وفي الصحابة، وإليك مقتطفات من كلام الباحث، قال من أول الصفحة تحت عنوان: الشيعة والسنة:
"قد كان لنظرة الشيعة ورأيهم في الصحابة أثر كبير في موقفهم من السنة النبوية، إذ أنكر الشيعة كل الأحاديث التي وردت عن طريق هؤلاء الصحابة بل إنهم شَنُّـوا هجـومـا عنيفـاً على رواة الحديث كأبي هريرة وسمرة بن جندب وعـروة بن الزبير، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة وغيرهم، واتهموهم بالوضع والتزوير والكذب ".
هذا كلام الباحث وهو صادق فيه فقد وثقه من كتبهم المعاصرة وهي:
1- أضواء على خطوط محب الدين ص 48، 65، 68، .9 لعبد الواحد الأنصاري، وهو عندي.
2- من الحكومة الإسلامية للخميني ص60
3- الشهادة، لعلي شريعتي، قال: وهذا الكاتب الأخير يتهم الصحابي الجليل أبا هريرة بأنه وأمثاله سلكوا طريق ابتداع الأحاديث واختلاق المتون.. الخ، انظر الصفحة المذكورة والهامش منها رقم (1).
وهـذا الحـديث هو عن تعاليم الشيعة الإمامية الإثني عشرية حيث بدأ بتعدادها من ص 182- 244 وقد أورد في هذه الصفحات عقائدهم في:
1- الإمامة- وظيفة الإمام- عصمة الإمام- الرجعة- ولاية الفقيه- التقية- موقف الإمامية الإثني عشرية من القرآن- والسنة، والصحابة-.
وقد بين الباحث عقائد الإمامية في تلك المسائل وغلوهم فيها، وتكفير الصحابة وأنهم زنادقة... الخ.
والسؤال: فإذا انتقل النصيرية من عقائدهم الفاسدة- إلى عقائد الإمامية فهـل صححـوا عقائدهم بهذا التبديل، وعند الإمامية الغلو في الأئمة وأنهم يعلمـون الغيب، ودعـوى العصمة لهم، ثم اعتقادهم تحريف القرآن، وأن الصحابة حرفوا القرآن وكتموا السنة وأنهم زنادقة، كما أثبت ذلك الباحث نفسه.
فهل هذه خطوة إلى التصحيح- نترك الجواب للقارئ.
أمـا الباحث فقد سبق كلامه في ص 242- 244 والتي زادها في هذه الطبعة وأنه دعى فيها إلى التنازل للإمامية عن هذه العقائد التي لازالوا يدعون إليها وذلك بعد اعتقادها.
فقد قال في ص 244 سطر 7 بعد إسقاط طعن الإمامية على الصحابة قال:
والاهتمام بدلاً من ذلك بقضايا المسلمين المعاصرة أو مواجهة أعدائهم، فيمكن إسقاط هذه القضية من دائرة الخلاف.
وهنا أذكـر نفسي وكل مؤمن بأن يدعو بدعاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  وهو قوله: "يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ".
فالباحث هدانا اللّه وإياه إلى الصواب، ينقل عن معاصرين وكتب معاصرة يطعن أصحابها في أهم مصدري الإسلام- الكتاب والسنة.
وفي الـذين نقلوا إلينـا الكتـاب والسنـة، وهم الصفـوة المختارة الذين اختارهم اللّه لصحبة نبيه ولحمل هذه الرسالة الخاتمة، فيكفرونهم ويتهمونهم بالنفاق والزندقة وتحريف القرآن وكتم السنة.
وقد درس عقيدة "التقية " وأنها تسعة أعشار الدين أو الدين كله كـما نقل ذلك هو بنفسه.
ثم بعد ذلك كله- يدعو لإِسقاط هذه القضايا الأساسية كـلها، ويدعو لأن يجتمع أهل السنة مع من يصرح بكفر الصحابة وبكفر أهل السنة جميعا، وبغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره- من أجل شعار رفعه هؤلاء وهو جمع كلمة المسلمين ضد أعدائهم. وهو يعلم علم اليقين من هم أعداؤهم الذين يعنون.
ولكني أعتقد أن الدعوة إلى هذه الفكرة، جاءت من شؤم جملة وردت في التقديم لهذه الطبعة، ولم ترد في التقديم للطبعة الأولى:
هذه الجملة هي القاعـدة التي وضعها بعـض الدعاة المعاصرين ولكنه رحمه اللّه وعفى عنه، أطلقها ولم يقيدها، فصارت على ألسنة الكتاب والدعاة إلى جمـع الكلمـة- يتحـدثـون بها على إطلاقها، ولهـذا أدخلوا تحتهـا المتناقضات، هذه القاعدة: هي قولهم:
"نجتمع على ما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، مادامت تجمعنا كلمة التوحيد، ووحدة الرسالة والإيمان بالكتاب والسنة".
جاء هذا التعبير في التقديم للطبعة الثانية ص 5.
أما التقديم للطبعة الأولى فقد جاء في ص "و" بعد شكر المؤلف على دراسته قوله:
وإذ يشكر الأساتذة الذين راجعوا الكتاب، والجهات العديدة التي أوصت بنشره، ليرجو أن يكون لبنة في مسيرة توحيد الأمة الإسلامية ولم شملها على الحق والهدى.
وهذا هو ما يدعو إليه أهل السنة والجماعة، وعلى رأسهم علماء هذه البلاد وهو جمع شمل الأمة على الحق والهدى.
وهو في كتاب اللّه الذي تكفل اللّه بحفظه من التحريف والتبديل، وفي سنة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  الوحي الثاني المبينة والموضحة لكتاب اللّه عز وجل فالواجب على المؤلف أن يدعو الإمامية إلى التنازل عن عقائدهم الباطلة التي لا يزالون عليها إلى الحق.
وأقـول باختصار في التعليق على هذه القاعدة، لأن الباحث جاء بهذه الزيادات في الطبعة الثانية التي نحن بصدد نقدها وتوجيهه فيها إلى التي هي أقوم، فبين بذلك فساد هذه القاعدة المطلقة.
أقول إن الأئمة الأربعة اختلفوا في اجتهاداتهم في مسائل كثيرة، وعذر بعضهم بعضاً فيما اختلفوا فيه، وهكذا أهل السنة والجماعة المتبعون لمنهج الأئمة المتمسكون بأقوالهم، إذ كل إمام قال: إذا خالف قولي قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فاضربوا به عرض الحائط.
ولكن السؤال: هل أولئك الأئمة اختلفوا في أصول العقيدة؟
هل اختلفوا في القرآن فقالوا إنه حرف وبدل وعذر بعضهم بعضاً، هل اختلفوا في عدالة الصحابة حملة القرآن والسنة، وقالوا عنهم إنهم حرفوا القرآن وكتموا السنـة، ووضعـوا الأحاديث كذباً على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأنهم منافقون وزنادقة، ثم عذر بعضهم بعضاً.
هل قال أحد أن الصحابة كفروا وارتدوا إلا سبعة عشر صحابياً، وأن الذين أورد البـاحث أسمـاءهم كأبيِ هريرة، والمغيرة، وسمرة... الـخ كذابين ومزورين، وعذر بعضهم بعضاَ في ذلك؟
أقول: هذه كتب أهل السنة التي ألفت في سبب الخلاف بين الأئمة وعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه.
إنهم اختلفوا في مسائل في الفروع، وانظروا كتاب "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" لسيخ الإسلام ابن تيميه. وفصلاً كاملا في: "كتاب أصول الأحكام " لابن حزم، وغيرهما مما ألف في هذا الشأن.
أما المعاصرون من الكتاب والدعاة، وأصحاب العواطف، فلم يرجعوا إلى كتب العلماء بالشريعة الإسلامية وأحكامها، وينظروا في الكتب التي ألفوها وبينوا فيها الأمور التي اختلف فيها علماء الأمة الإسلامية، علماء أئمة أهـل السنـة والجمـاعة، حتى يستنيروا بفهمهم لنصـوص الكتاب والسنـة وبعلمهم، ويعرفوا المسائل التي اختلف العلماء فيها، وسبب الخلاف فيها.
وإنما دفعتهم عواطفهم إلى أن يلهجوا بهذه القاعدة التي جمعت تحت شعارها المتناقضات.
ومن الأدلة على ما أقول: هذا الكتاب والكاتب.
وإذا نظرنا إلى هذين السطرين اللّذين جاء بهما في هذا التقديم للطبعة الثانية ص 5، المخالفة لتقديم الطبعة الأولى.
فهو يقول فيها:
"... مادام تجمعنا كلمة التوحيد، ووحدة الرسالة، والإيمان بالكتاب والسنة".
وأقول إن الباحث أو المؤلف: قد أورد في كتابه هذا من معتقدات هذه الطائفة ما ينقض قاعدته هذه- فالإيمان بالكتاب وهو القرآن، يؤمن أهل السنة والجماعة بأنه محفوظ لم يحرف ولم يبدل، بل ولا نقص منه حرف واحد، لقوله تعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾  الحجر: 9.
والمؤلف أثبت عن هذه الطائفة القدامى منهم والمعاصرين قولهم: إن القرآن محرف. وإن السنة كتمها الصحابة. وإن الصحابة الذين نقلوا لنا القرآن والسنة منافقون وزنادقة.
فإذا كان الأمر كذلك حسب عقيدة هؤلاء الرافضة، فهل يا ترى بقي لهم مع المسلمين مشـاركـة في كلمة التوحيد، ووحدة الرسالة والإيمان بالكتاب والسنة أو اجتماعا على كلمة الحق والهدى كلا. لأن إيماننا وإسلامنا وتوحيدنا هو في كتاب ربنا وسنة نبينِا.
فكيف نتلقى ذلك عن كـفار ارتدوا بعد وفاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم  مباشرة حسب عقيدة الرافضة الباطلة.
فأقول: ألا يكفي هذا دليلا على أن هذه الأفكار التي يحملها المؤلف ويدعـو إليها أنها من معطيات هذه القاعدة المطلقة، وهي بإطلاقها فاسدة وليست من قواعد أهل السنة والجماعة، وقد ترتب على الإيمان بها والدعوة إليها نشر هذه الأفكار والدعوة إليها- وهي أفكار منتشرة- ولكن المشكلة كونها تنشر من مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
الفصل الثامن- الـدروز ص 235
وقد ذكر الباحث أصولهم وعقائدهم وموقفهم من الإسلام، وقد أثبت في بحثه فساد عقائدهم وتأليههم الحاكم بأمر اللّه ص 343.
كما ربط بين العقائد القديمة لهم- وبين عقائد المعاصرين وإنهم لازالوا على تلك العقائد، ومثل بما نقله "الشكعة عن كـمال جمبلاط " فبين عقائدهم ومـا يدينـون به، كمـا ذكـر مجمـع الـدروز وطقوسهم التي يمـارسـونهـا ص 351- 352، كمـا ذكـر أمـاكن وجـودهم وأعدادهم، وصلتهم القوية بإسرائيل، وأثبت بالنقول  من كتبهم وكتب أهـل السنة أنهم من ألد أعداء الإسلام والمسلمين.
وكان عرضه لتلك الأفكار والعقائد الفاسدة ورده عليها جيدا.
أما الخـاتمة وهي من ص 355-356 ,أي في صفحتين، فقد ذكر فيها خلاصة جيدة لما تضمنه بحثه، من تبرئة عثمان بن عفان رضي اللّه عنه مما نسب إليه إبان الفتنة. ثم ظهور الفرقتين بعد مقتل عثمان رضي اللّه عنه - وهما الخوارج، والشيعة وما تفرع عنهما.
ثم ذكر أن الخوارج تمسكوا بظواهر بعـض الآيات، وفهموها فهما خاصاً، ولم يربطوها بالآيات الأخرى... الخ.
كما ذكر بعض الجماعات المعاصرة التي سلكت هذا المسلك- كـجماعه التكفير والهجرة- ثم ذكر الفرقة الثانية الشيعية- وبين فساد عقائدها، وتمسحها بأهل البيت وجعلهم ستارا لنشر عقائدهم الفاسدة، ثم تشكيكهم في القرآن والسنة، والتهجم على الصحابة... الخ.
                                 (إقـتراح)
وأخـتم هذه الدراسة باقتراح موجه إلى المسؤولين عن مراكز البحوث العلمية لدراسته، وهو"إعادة النظر مرة أخرى فيما يضيفه المؤلف في مادة كتابه إذا أرادت الجهة إعادة طبعه بعد طبعته الأولى المحكمة".
لأن العادة جرت في هذه المراكز أن البحث المقدم لها بعد إرساله إلى لجان التحكيم التي توصي بصلاحيته للنشر، إذا طبعوه ثم أرادوا إعادة طبعه وقدموه للمؤلف للنظر فيه وإضافة ما يريد إضافته أو تعديله، وبعدما يضيف فيه ما يراه يعيده إليهم، ولثقتهم به لا ينظرون في تلك الزيادة.
وإني أرى أن تدرس هذه الزيادات المضافة من متخصص يوصي بإجازتها ونشرها لاسيما الكتب المؤلفة في الموضوعات المهمة التي لها الأثر في مصير الأمة وتوجيه أفكار شبابها إلى ما يضر بعقائدهم ويدخل الشكوك عليهم، فهم أمانة في أعناقنا.
وسبق قولي: بأني أعجبت بالبحث في بدايته، ولكني فوجئت لما  وصلت إلى ص 242- 244 سطر 4 من أسفل، وهي من الصفحات المضافة لهذه الطبعة الثانية، بحيث أن الباحث نسف كل ما أثبته عن الإمامية من عقائد باطلة، ثم بدء يضع حلولاً لتنازل أهل السنة والجماعة عما سطره هو بقلمه عن الإمامية المعاصرين.
وكان الأجدر به أن يدعو الإمامية للتنازل عن باطلهم، وأعظمه تكفيرهم للصحابة واتهامهم لهم بالزندقة وأن يصدقوا ذلك لا بالقول "تقية " ولكن بالفعل فيأخذوا ما في الصحيحين والسنن من رواياتهم ويعملوا بها في عقائدهم وأحكامهم.
 وحيث أن هذه الأفكار في نظري خطيرة، وقد دست في هذه الطبعة الثانية لهذا الكتاب، فإني أقدم هذه الدراسة نصيحة لمن وقعت هذه الطبعة في يده أن يتنبه لما فيها، واللّه من وراء القصد. والحمد للّه رب العالمين.