Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

شيعة مصر: مُختَـرَقون أمنياً مطوَّقون سياسياً ..

ثقلهم السكاني في جنوب البلاد

ظلّ الشيعة في مصر طوال فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك مطاردين أمنياً، كما الجماعات الجهادية المسلّحة، إلى أن قامت "ثورة 25 يناير"، فجاهروا بوجودهم وسعوا إلى الحصول على اعتراف رسمي وإلى تأسيس حزب سياسي، لكن من دون جدوى. وما إن صعدت جماعة "الإخوان المسلمين" إلى الحكم، وبات للسلفيين نفوذ سياسي، حتى عاد الشيعة مرة أخرى إلى الظهور على استحياء، بسبب خلافاتهم العقيدية مع السلفيين الذين يرون فيهم "خطراً داهماً".

وأكد مصدر أمني مصري لموقع "NOW" أنّه لا يوجد إحصاء دقيق لعدد الشيعة في مصر، إذ إن كثيرين منهم لا يعلنون تشيّعهم خشية إيذائهم أو تعرّضهم للمطاردة الأمنية، لكنّه قدّر عددهم بالآلاف. وإذا كان رئيس "التيار الشيعي" في مصر محمد غنيم يُقرّ بدوره بعدم معرفته بالرقم الصحيح لعدد الشيعة، إلا أنّه يقدّرهم بعشرات الآلاف.

وقال غنيم في حديث إلى "NOW" إنّهم منتشرون في كل المحافظات، لكن مركز ثقل الشيعة في مصر يبقى أساساً في جنوبها، لافتا إلى أن أسراً شيعية كثيرة لا تعلن عن حقيقة اعتناقها المذهب الشيعي.

ولا يوجد في مصر إطار واحد جامع للشيعة، بل هم "شيع متفرقون"، وينخرطون في مجموعات عدة يتزعم كل منها شخصية تتحدث باسمهم. وأوضح غنيم أن "الشيعة في مصر تقتلهم الخلافات حول الزعامة، وأيضاً المنافع التي هي من أسباب هذه الخلافات". ويعترف غنيم بتلقّي مجموعات شيعية تمويلاً خارجياً: "إنْ قُلت إنه لا يوجد تمويل خارجي أكون كاذباً"، ويضيف: "قطعاً هناك ارتباطات إقليمية لبعض التيارات الشيعية المصرية".

وعزا غنيم حالة الفرقة التي تصيب شيعة مصر أيضاً إلى عدم وجود اعتراف رسمي بهم، وإلى العوائق التي تضعها السلطات الرسمية في سبيل وجود جهة معترف بها رسمياً. وذكر أنّه تقدم لرئاسة الجمهورية وإلى الأزهر الشريف ولجهات حكومية عدّة من أجل نيل هذا الاعتراف لكنه لم يجد إلا التجاهل والامتناع، وأحياناً رفض تلك الطلبات.

وكان القيادي الشيعي أحمد راسم النفيس سعى إلى تأسيس أول حزب سياسي للشيعة في مصر، تحت مسمى حزب "التحرير"، لكن لجنة شؤون الأحزاب رفضت طلبه، فقاضاها، غير أن المحكمة قبلت قرار اللجنة برفض تأسيس الحزب بسبب خلافات حول توكيلات تأسيسه.

ويرى غنيم أن مشروع الحزب أُجهض بعدما رفعت إيران يدها عنه، ورأت أن تأمين علاقات جيدة مع حكم "الإخوان" لا يستدعي إبراز خلافات حول حزب أو مجموعة شيعية، وأضاف: "أرى أن إيران رفعت يدها عن الحزب وتوقفت عن دعمه فسقط، ويجب على كل محلل أن يفرّق بين العلاقات المصرية الإيرانية، والعلاقات الإخوانية الإيرانية، فالأخيرة متجذرة أكثرر ممّا يتخيل البعض، وبينهم علاقات سرية ممتدة".

وكانت مصر بدأت في استقبال وفود سياحية إيرانية الشهر الجاري، لكن الأمر توقف بعد ضغوط من السلفيين، غير أن غنيم يرى هذا التوقف "مؤقتا وتكتيكا". وتابع: "إن أجهزة الدولة الأمنية لا تأمَن للإخوان، وبالتالي تسعى الجماعة إلى تشكيل أجهزة موازية، وهذا الأمر تساعد فيه إيران بالأساس، لأن الإيرانيين لهم تجربة ناجحة في هذا المضمار، فكل المجموعات المحسوبة على إيران في المنطقة، لها أجهزتها الخاصة".

ولا توجد في مصر حسينيات شيعية، غير أن غنيم يؤكد أن الشيعة يتوارون خلف الطرق الصوفية "لإبعاد الإيذاء المعنوي أو الجسدي"، وهذا أمر معلوم للأجهزة الأمنية. وأكد غنيم أن "لا حسينيات شيعية، لكننا نمارس بعض الشعائر في الحضرات الصوفية المرخصة"، مضيفاً: "للعلم، شيعة مصر لا يمارسون عاداتٍ مثل اللطم أو الضرب أو ما شابه، بل نجلس في أي حضرة صوفية ونحتفل بموالد الأئمة بأن نتذكّر سيرتهم ونقرأ القرآن ثم بعض الأدعية، ونتناول العشاء، ثم ينصرف الجمع، وهذا الأمر معروف ومرصود أمنياً لأن الحضرات الصوفية مخترقة أمنياً".

وشدد غنيم على أن شيعة مصر لا يمثلّون أي خطر ولا يرفعون أي مطالب انفصالية، ورأى أن الاعتراف الرسمي بهم "سيكون أفضل للدولة ذاتها لأنه يسمح بممارسة أنشطتنا في النور وتحت رقابة أجهزة الدولة". وختم بالقول: "في هذه الفترة، ورغم ما هو بادٍ من تطور في العلاقات مع إيران، إلا أننا نعود إلى الاختباء مجدداً، لأن الموج أعلى من أن نتحمله"، متوقّعاً ألا يكون للشيعة أي وجود رسمي في ظل حكم الإخوان الذين يخشون على تحالفهم مع السلفيين ولا يرغبون في إثارة أي مشكلات معهم في مرحلة التمكين".

القاهرة ـ سلامة عبد اللطيف.