Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الآن وبكل صفاقة .. يريدون انتفاضة سُنيّة في العراق ..

قبل أيام، قال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني ان القضاء على تنظيم «داعش» بحاجة الى وقوف العشائر والقبائل السُنيّة العراقية مع الحرب كجزء من استراتيجية شاملة، وأضاف: «اننا بحاجة الى انتفاضة من العشائر والقبائل السُنيّة لرفض هؤلاء المتطرفين».
مفهوم بطبيعة الحال، الأسباب التي تدفع كاميرون الى الدعوة الى هذه الانتفاضة السُنيّة.
بريطانيا وأمريكا، والدول الأخرى المشاركة في الحرب على «داعش» يدركون جيدا ان الضربات الجوية التي يتم شنها على التنظيم ليست كافية وحدها للقضاء عليه. هم يدركون انه في نهاية المطاف لن يكون هناك أي نجاح لهذه الحر ب من دون قتال على الأرض.
في الوقت نفسه، هم لا يريدون ان يدفعوا بقواتهم الى العراق والاشتراك في أي معارك على الأرض.
وهم ليس لديهم أي ثقة في الجيش العراقي وقدراته وإمكانية ان يحقق أي انتصارات في الحرب مع «داعش».
لهذا يريدون من السُنّة في العراق ان يتولوا هم هذه المهمة. ان يقوموا هم بمقاتلة داعش على الأرض.
الحقيقة ان هذه الدعوة التي أطلقها كاميرون والتي لا شك تعبر أيضا عما تريده أمريكا، تنطوي على الكثير جدا من السخف ومن الاستفزاز. ليس هذا فحسب، بل اننا لا نتردد في اعتبار ان هذه الدعوة تعتبر حلقة جديدة من حلقات خداع السُنّة في العراق والتآمر عليهم.
أول شيء لا بد من تأكيده هنا ان بريطانيا وأمريكا وأي دولة غربية أخرى ليس لهم أي حق على الإطلاق في ان يطالبوا السُنّة بشيء أيا كان.
أين كانت أمريكا وبريطانيا والدول الغربية كلها طوال السنوات الماضية حين تعرض سُنّة العراق لأبشع الجرائم على يد الحكومة العراقية والمليشيات الشيعية الطائفية؟
ماذا فعل هؤلاء وهم يتابعون يوميا جرائم الذبح والقتل والتهجير والتعذيب التي تعرض لها السُنّة في كل مناطقهم؟
الذي حدث ان أمريكا وبريطانيا والدول الغربية لم يصمتوا فقط عن كل هذه الجرائم ولم يحركوا ساكنا، بل انهم كانوا متواطئين في ارتكاب هذه الجرائم.
هذه الحقيقة ليست غائبة عن أحد في العالم.
قبل أيام، كتبت ايرين ايفرز، وهي حقوقية وكاتبة أمريكية تقول، نقلا عن مواطنين عراقيين: أين كانت الولايات المتحدة طوال الأشهر الماضية، والحكومة العراقية تقوم بقصف الجماعات السُنيّة بلا تمييز وتقتل المدنيين؟.. لماذا منحت الولايات المتحدة كل هذا الدعم اللامشروط لرئيس الوزراء السابق المالكي؟.. وأين كانت مما فعلته المليشيات الشيعية بدعم كامل من الحكومة؟
إذن، أمريكا وبريطانيا بهذا التواطؤ مع الحكومة العراقية الطائفية والمليشيات الشيعية في كل جرائمهم ضد السُنّة، ليس لهم أي حق على الإطلاق لأن يطالبوا السُنّة بشيء.
لكن الأخطر من هذا ان هذه الحرب الحالية على «داعش» هي في حقيقة الأمر في جوهرها حرب لصالح ولحساب المليشيات الشيعية في العراق ولحساب إيران أيضا.
يريدون القضاء على «داعش» ثم تسليم المناطق التي يستطيعون طردها منها الى المليشيات الشيعية والى قوات الحرس الثوري وإيران كي تستبيح السُنّة فيها قتلا وذبحا وتشريدا.
ليس هذا مجرد افتراض نظري أو توقع، وإنما هو ما حدث ويحدث بالفعل على ارض الواقع.
مؤخرا، حين قاتلت أمريكا جنبا الى جنب مع المليشيات الشيعية والحرس الثوري الإيراني والأكراد واستطاعوا طرد «داعش» من امرلي وبعض المناطق المحدودة، ماذا حدث؟
ما حدث سجلته ايزابيل كولز، مراسلة وكالة «رويترز» للأنباء في تقرير مطول مرعب.
جاء في التقرير: «بعد أن استعاد المقاتلون الأكراد والشيعة الأراضي التي استولى عليها تنظيم داعش، بات ممنوعا على السُنّة الذين فروا أثناء القتال العودة الى بلداتهم وسط نهب وحرق عدد من البيوت». ويضيف التقرير: «لقد بدا الدخان يتصاعد من البلدات السُنيّة حيث أضرمت المليشيات الشيعية النار في عدد من المنازل في حين لا تزال البيوت الأخرى مهجورة وتحمل على جدرانها شعارات طائفية» ونقل عن أبي عبدالله، وهو قائد في كتائب حزب الله الشيعية في امرلي قوله: «لن يعودوا (السُنّة) الى هنا وسنسوي بيتوهم بالأرض». ويتحدث التقرير عن حوادث خطف وقتل تعرض لها السُنّة في هذه المناطق.
هذه إذن هي النتيجة المباشرة للحرب على داعش.. تمكين المليشيات الشيعية من استباحة المناطق السُنيّة وارتكاب أبشع جرائم القتل والتهجير.
وعلى ضوء هذا كله، نقول بلا تردد ان الذين يطالبون بانتفاضة سُنيّة الآن ضد داعش، هم صفيقون الى أقصى حد.
لا يعني هذا بالطبع ان السُنّة في العراق هم مع داعش أو يؤيدونها. العكس هو الصحيح. لكنه يعني ان هذه الحرب هي في حقيقة الأمر ليست حرب السُنّة في العراق.
بعبارة أدق، ليس للسُنّة في العراق مصلحة مباشرة في ان يدفعوا بأبنائهم الى المعارك مع داعش، كي تكون نتيجة هذا تسيلم مناطقهم الى المليشيات الشيعية والحرس الثوري وذبحهم.
هل بمقدور أمريكا أو بريطانيا ان يعطوا أي ضمانات للسُنّة بأن هذه النتيجة لن تحدث، أو بأن الحرب لن تكون لحساب المليشيات الشيعية وإيران؟
لا يستطيعون بالطبع تقديم أي ضمانات ولا يريدون أصلا؟
والدليل على هذا أنهم لم ينطقوا بكلمة واحدة إدانة للجرائم التي وثقها التقرير الذي أشرنا إليه. - السيد زهرة.