Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

خفايا دعوة خاتمي الأخيرة لمساعدة أميركا ..

الكاتب : د. وائل علواني

ليس جديدا التعاون الإيراني الأميركي ـ الإسرائيلي فيما يتعلق بالشأن العراقي .. فسجل إيران في هذا المجال ممتد ومفتوح منذ عهد الشاة السابق مرورا بمرحلة خميني وانتهاء بخامنئي وخاتمي ..وقد شهدت فترة الحرب العراقية الإيرانية فضيحة مدوية عرفت آنذاك ب أيران ـ غيت ،حيث أمنت أميركا لإيران إمدادات هائلة من السلاح لمساعدتها في وقف انهيار خطوطها القتالية أمام ضربات الجيش العراقي ..حينها ظهرت فضيحة أخرى تمثلت بانكشاف الإمدادات العسكرية الإسرائيلية لإيران ،عبر الجسر الجوي الذي سيرته إسرائيل إلى إيران مباشرة ،عندما كانت الطائرات المحملة بالمعدات والذخائر تطير في خط مباشر من مطار بن غوريون الإسرائيلي حتى مطار مهرا باد الإيراني ،واستمرت هذه التوريدات لسنوات عدة ولغاية سقوط الطائرة الأرجنتينية المحملة بالمعدات والذخائر الإسرائيلية فوق المثلث الحدودي الإيراني ـ التركي ـ السوفيتي ..حينها أدرك مًنٌ كان مخدوعا بالخطاب الديني الزائف للمؤسسة الحاكمة في إيران والتي طالما رفعت زورا شعار تحرير القدس ،وتبين لهم أن أصحاب العمائم واللحى العفنة يقيمون علاقات تسليحية واستخبارية مباشرة مع الصهاينة ،أعداء العرب والمسلمين رغم صخبهم الإعلامي الزائف ، واستغفالهم للسذج والبلهاء من الدهماء الذين لا يدركون عمق العداء الفارسي للعرب ،وحقدهم الباطني على الإسلام ..

مسلسل العداء الإيراني للعراق أستمر عقود طويلة وتفاعل مع كل نوايا العداء الأمريكية والإسرائيلية بكل صفحاتها ما دام الهدف إيذاء العراق ،ولعل الجميع يعرف تفصيلات الدور الإيراني خلال حقبة التسعينات وجرائم القتل الجماعي الذي مارسته المخابرات الإيرانية وعملائها في جنوب العراق ..ثم جاء الاحتلال الأميركي ليوفر فرصة ذهبية لحكام طهران للتواجد المباشر في الساحة العراقية بواسطة الأحزاب العميلة {الدعوة والمجلس الأعلى للردة الإسلامية} إضافة إلى التواجد المباشر لعناصر المخابرات الإيرانية المنتشرين في العراق بكثافة و برعاية أمريكية .

في هذا السياق يأتي تصريح خاتمي الأخير وقبل انعقاد مؤتمر شرم الشيخ المشبوه باستعداد إيران لمساعدة أمريكا {الشيطان الأكبر كما يقولون} في انتشالها من ورطتها في العراق خاصة بعد ازدياد ضربات المقاومة الوطنية الباسلة وظهور بوادر وضع عسكري ميداني جديد يميل بوضوح لصالح المقاومة ،من هنا سارع الحليف الخفي {إيران }إلى التصريح علنا هذه المرة بالاصطفاف مع أمريكا جهارا لتدارك هزيمة مشتركة تلوح بوادرها في الأفق

لإيران حساباتها في مد يد العون لأميركا في هذا المنعطف والمأزق الخطير الذي يواجهه الاحتلال ،و تتمثل هذه الحسابات في :

1ـ ان هزيمة المشروع الأميركي في العراق يعني هزيمة مباشرة لإيران ،كون هزيمة اللاعب الرئيسي تعني في المحصلة هزيمة حلفائه ،وإيران أثبتت علنا أنها حليف لأمريكا في العراق وأفغانستان طبقا لتصريحات رسمية إيرانية من أعلى مستوى .

2ـ أن اصطفاف الأحزاب العميلة لإيران مع أمريكا في الساحة العراقية ،وانغمار عناصرها في الحكم ومشاركتها في التشكيلات القمعية التي أنشأتها {الحرس الوطني والمخابرات والشرطة }يعني النهاية الأكيدة لها بعد دحر الاحتلال وأن سحابة من العراق مما يرتب هزيمة مضاعفة لإيران .

3ـ لإيران مصلحة كبيرة في الإبقاء على العراق في حالة احتلال و تمزق وما يترتب على ذلك من إلغاء دورة الإقليمي والقومي الفاعل ،بخاصة والعراق يمتلك من المقومات المادية والبشرية لأن يكون دولة عظمى إقليميا، مما يتعارض والنزوع الإيراني لأن تكون شرطي المنطقة للتدخل بالضد من المصلحة القومية العربية .

4 ـ يعتقد الحكام الإيرانيون ،في الماضي والحاضر ،أن منطقة الخليج العربي تمثل المجال الحيوي لهم ،وأن هذه المنطقة يمكن التأثير والعبث فيها ما دام اللاعب العربي الرئيسي والمتمثل في العراق غائبا.

5 ـ طورت إيران بنية تحتية متكاملة للمضي قدما في مشروعها النووي ذو الطابع العسكري بعد أن نجحت في تصنيع وسائط إيصال بعيدة ومتوسطة المدى {صواريخ شهاب و غيرها }علية فأن هذا المشروع يحتاج إلى فترة زمنية أخرى من انشغال أميركا و صرف نظر الغرب عن برامجها النووية العسكرية و فوضى الاحتلال الأميركي للعراق تحقق لهم هذا الغرض .

6ـ ترمي إيران من وراء أعلان استعدادها مساعدة أمريكا إلى إثبات أنها قابلة وعلى استعداد لأن تكون جزءا من المنظومة الإقليمية الحليفة لأمريكا في مخططاتها الساعية للامساك بالمنطقة وضبطها لصالح مشروعها الأمني والعسكري و الاقتصادي {الشرق الأوسط الكبير }و دعوة خاتمي الأخيرة رسالة واضحة لأدارة بوش الثانية في هذا المجال .

هذا ما يبدو على السطح ولكن بالتأكيد هناك حسابات إيرانية أخرى ذات أبعاد ستراتيجية تتمثل بكون ما يجري في العراق سوف يفرز حقائق جديدة وغير مسبوقة على الصعد العربية والإقليمية والعالمية ،فانتصار شعب العراق لا يعني طرد المحتل بشكله العسكري المباشر فقط ،وأنما سوف يشكل هذا الانتصار حجر الأساس لنهوض عربي شامل تمتد و تنعكس أثاره على البنية العربية من خليجها و حتى محيطها ،وهذا ما تخشاه أمريكا وإسرائيل و إيران معا وهنا تحديدا نقطة اللقاء الاستراتيجي بين هذا الثلاثي المعادي تاريخيا لأي نهوض قومي عربي .

___________________________

شبكة البصرة

 الاحد 8 شوال 1425 / 21 تشرين الثاني 2004