شبهة تمتع أسماء بنت أبي بكر متعة النساء
شبهة تمتع أسماء بنت أبي بكر متعة النساء
الحمد لله وبعد :
كثيرا ما يشيع الرافضة أن أسماء بنت أبي بكر الصديق تمتعة متعة النساء
فأرسلت للشيخ الفاضل ) فيصل قزار الجاسم حفظه الله ( أستفسر فكتب لي ما يلي :
بحث مختصر في حديث أسماء بنت أبي بكر في متعة النساء :
الذي يقول الراوي فيه وهو مسلم القري ) دخلنا على أسماء رضي الله عنها فسألناها عن متعة النساء ، فقالت : فعلناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم )
والحديث مداره على شعبة عن مسلم القري عن أسماء رضي الله عنها
وقد رواه عن شعبة أربعة واختلفوا عن شعبة في لفظه :
(1) فرواه أبو داود الطيالسي عن شعبة واختُلف عليه
أ - فرواه يونس بن حبيب ومحمود بن غيلان عن أبي دواد عن شعبة به بلفظ ) متعة النساء) مسند الطيالسي 1/227 والنسائي 5/326 وأبي نعيم في مستخرجه 3/341
ب- ورواه عمرو بن علي الفلاس وعبدة بن عبد الله الصفار عن أبي داود عن شعبة به بلفظ ) فسألناها عن المتعة ( ليس فيه النساء - الطبراني في الكبير 24/103 وأبي نعيم في مستخرجه 3/341
(2) ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة بلفظ ) فسألناها عن المتعة ( ليس فيه النساء - مسلم 2/909 وأبي نعيم في مستخرجه 3/341
(3) ورواه غندر عن شعبة به وقال شعبة فيه ) قال مسلم : لا أدري متعة الحج أم متعة النساء - ( مسلم 2/909
(4) ورواه روح بن عبادة عن شعبة به بلفظ ) متعة الحج ( وفيه قصة حيث قال مسلم القري : )سألت ابن عباس عن متعة الحج فرخص فيها ، وكان ابن الزبير ينهى عنها . فقال : هذه أم ابن الزبير تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيها فادخلوا عليها فاسألوها . قال : فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء ، فقالت : قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ( مسلم 2/909 وأحمد 6/348 والطبراني في الكبير 24/77 وأبي نعيم في مستخرجه 3/341
وبهذا يتبين أن المحفوظ والراجح من لفظ الحديث هو متعة الحج لا متعة النساء لأمور :
أولاً : أنه لم يذكر ) متعة النساء) إلا أبو داود الطيالسي وقد خالف فيه من هو أكثر عددا وأحفظ منه مثل غندر وعبد الرحمن بن مهدي وروح بن عبادة ، وهؤلاء تقدم روايتهم على رواية أبي داود لأنهم أكثر عدداً وأحفظ من أبي داود عموماً وفي شعبة خصوصاً وهذا بين لمن له أدنى اطلاع على طبقات الثقات .
ثانياً : أن أبا دواد قد اختُلف عليه فلم يتفق الرواة عنه في ذكر متعة النساء ، والأرجح من الروايات عنه هو لفظ (المتعة) دون ذكر النساء ، لأمور :
(1) أن رواتها عنه أحفظ فعمرو بن علي الفلاس من الحفاظ الأثبات ومن شيوخ أصحاب الكتب الستة ، وكذلك عبدة الصفار ثقة روى له البخاري ، أما يونس بن حبيب فهو وإن كان ثقة ولكنه ليس بدرجة هذين ولم يرو له أحد من أصحاب الكتب الستة ومحمود بن غيلان ثقة إلا أن الأوليين أحفظ منه .
(2) أن لفظ المتعة هو اللفظ الموافق لرواية الجماعة عن شعبة فلذا لزم أن يقدم .
ثالثاً : أن رواية روح بن عبادة فيها ذكر القصة وهي ذهابهم إلى ابن عباس رضي الله عنهما وسؤاله عن متعة الحج ثم إحالته لهم إلى أسماء رضي الله عنها ، وهذا يدل على حفظ راويها ، إذ هذا الأمر وهو ذكر القصة وتفصيل وقائع الحديث من طرق ترجيح الروايات عند الاختلاف.
رابعاً : أن مسلم القري وهو الراوي عن أسماء قد شك في ذلك كما في رواية غندر عن شعبة عنه فقال ) لا أدري متعة النساء أم متعة الحج ( والمعلوم أن غندر من أوثق الرواة عن شعبة .
خامساً : أنه من الممتنع أن يكون الحديث عن متعة النساء ، وقد ذكرت فيه أنها فعلتها ، لأن إباحة التمتع بالنساء كانت في غزاة الفتح على الصحيح أو في غزوة خيبر على قول ، ثم حرمت تحريماً أبدياً ، وأسماء رضي الله عنها كانت مزوجة إذ ذاك بالزبير بن العوام ، فإنها كانت أكبر من عائشة رضي الله عنها ، وقد تزوجت الزبير قبل الهجرة ، وهاجرت وهي حامل بابنها عبد الله ، وهو أول مولود في الإسلام ، ثم إن زوجها هو من أشد الصحابة غيرة كما هو معلوم عنه ، فكيف يقال بأنها تمتعت ، حاشاها من ذلك وهي الطاهرة المطهرة ، فإن إباحة المتعة إنما كانت في غزوة الفتح ، ولم يغادر النبي صلى الله عليه وسلم مكة حتى حرمها إلى يوم القيامة ، ولم تكن أسماء رضي الله عنها قد كانت من ضمن الجيش في غزوة الفتح ، فلم تشهد الفترة التي أبيحت فيها المتعة ولم تكن أصلاً لتسافر من غير محرم ، فهل يعقل أنها تمتعت مع وجود زوجها !!
فالصحيح إذاً أن الحديث عن متعة الحج لا متعة النساء .
ما المراد بقول أسماء بنت أبي بكر عن المتعة: (فعلناها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم)؟
السؤال
عندما ناظرت مبتدعا أعطاني هذا الرواية، أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُسْلِمٍ الْقُرِّيُّ، قَالَ: "دَخَلْنَا عَلَى أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلْنَاهَا عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَقَالَتْ: فَعَلْنَاهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، فما تفسيرها؟ وهل حقا سيدتنا أسماء رضي الله عنها تمتعت؟.
الجواب
الحمد لله.
هذا الحديث أخرجه أبو داود الطيالسي رحمه الله في مسنده (1637) قال: حدثنا شعبة، عن مسلم القُرِّي قال: "دخلنا على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء، فقالت: فعلناها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم".
ومن طريق الطيالسي أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (5515).
وهذا إسناد رجاله رجال الصحيح.
إلا أن أبا داود الطيالسي وهم في هذا الحديث على شعبة بن الحجاج في قوله (متعة النساء)، والمحفوظ روايةً أن السؤال كان عن (متعة الحج) لا (متعة النساء).
فأخرجه مسلم في صحيحه (1238) من طريق روح بن عبادة، حدثنا شعبة، عن مسلم القرِّي، قال: "سألت ابن عباس رضي الله عنهما، عن متعة الحج؟ فرخص فيها، وكان ابن الزبير ينهى عنها، فقال: هذه أم ابن الزبير: تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيها، فادخلوا عليها فاسألوها، قال: فدخلنا عليها، فإذا امرأة ضخمة عمياء، فقالت: "قد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها".
ثم أخرجه الإمام مسلم من رواية عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن جعفر عن شعبة.
قال الإمام مسلم: "فأما عبد الرحمن ففي حديثه (المتعة) ولم يقل متعة الحج، وأما ابن جعفر فقال: قال شعبة: قال مسلم: لا أدري متعة الحج أو متعة النساء". انتهى من "صحيح مسلم" (2/909)
قال الشيخ ابن باز: "وما دام الأمر هكذا ففي كون لفظ (متعة النساء) في رواية النسائي من طريق مسلم القري محفوظا نظر". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" (20/ 383)
وقال محققو مسند الإمام أحمد بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط رحمه الله تعالى: ورواية الطيالسي جاء فيها: (متعة النساء)، لكنها وقعت عند الطبراني: (المتعة) دون تقييد.
قلنا: والصواب أنها متعة الحج كما جاء في رواية روح عن شعبة هنا، وكما سلف في الروايات الأخرى للحديث"، انتهى من "مسند أحمد" (44/ 511 ط الرسالة).
ومما يؤكد أن الصحيح في الرواية (متعة الحج):
أنه قد روى هذه القصة عن أسماء : مجاهد بن جبر المكي عند الإمام أحمد في المسند (26917)، وعبادة بن المهاجر في المسند أيضا (26962)، في متعة الحج.
ومما يُقطع به: أن الذي فعلته أسماء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو متعة الحج لا النكاح، فقد كانت زوجةً للزبير بن العوام، فأنى لها أن تتزوج وهي متزوجة!
ولو فرض أن هذه اللفظة ثابتة، فيكون ذلك من باب الإخبار عن كون المتعة كانت مباحة أول الأمر، وأنها كانت معلومة، يعمل بها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولا يلزم منه أن تكون فعلتها بنفسها.
ولا يلزم – كذلك – أن يكون الصحابة "كلهم" قد فعلوها مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهذه متعة الحج، وهي ثابتة، لا إشكال في ثبوتها، بل لا إشكال في أنها محكمة لم تنسخ، وأنها باقية مشروعة للأمة، وأنها أفضل الأنساك الثلاثة عند الجمهور من أهل العلم.
وقد روى البخاري (4581)، ومسلم (1226)، واللفظ له: "عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ:
نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللهِ - يَعْنِي: مُتْعَةَ الْحَجِّ -، وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ بَعْدُ مَا شَاءَ ".
فعمران يقول هنا: أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ: "فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم"، وفي لفظ: "تَمَتَّعَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَمَتَّعْنَا مَعَهُ".
ولا يعني: ذلك أن (كل) أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (فعل) متعة الحج معه؛ بل فيهم المهل بحج، وفيهم المهل بعمرة، وفيهم المهل بهما معا، كما ثبت ذلك عنهم.
بل عمران يقول: (قال رجل برأيه ما بعد ما شاء)؛ تعريضا بعثمان رضي الله عنه؛ حيث كان ينهى عنها ..
والكلام في ذلك الشأن يطول؛ وإنما محل الشاهد منه هنا: أن "متعة الحج" قد قال فيها الرواة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (فعلناها)؛ لأنها فعلت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكرها، ولم ينه عنها؛ لا أن كل شخص منهم فعلها؛ فكيف بمتعة النكاح، أن يقول جاهل، أو يزعم كاذب: أن أسماء رضي الله عنها قد فعلت، ولو لم يكن لها زوج، لما فعلتها، ولا فعلها أحد معلوم من صحابيات النبي صلى الله عليه وسلم، أهل المدينة، ولا أهل دار الهجرة؛ فكيف وهي ذات زوج؟ فكيف وزوجها الزبير؟!
سبحانك؛ هذا بهتان عظيم!! فقبح الله الكذب، وقبح الله الكذابين.
والحاصل:
أن مسلم القري روى هذه القصة في متعة الحج، ومرة على الشك، ورواها مرة أخرى فقال: المتعة ولم يقيد، فظنّ الطيالسي أنها متعة النساء، ووهم في ذلك.
وينظر في هذا: "أوهام المحدثين الثقات"، سعيد باشنفر (4/616).
والذي ننصحك به: عدم الدخول في مناظرات مع المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة، إن لم تكن متقنا للعلوم الشرعية راسخا فيها، فإن القلوب ضعيفة والشبه خطافة.
والله تعالى أعلم - الإسلام سؤال وجواب ..