بغداد: تورط ميليشيات تدعمها إيران بالتفجيرات في مناطق الشيعة
بغداد: تورط ميليشيات تدعمها إيران بالتفجيرات في مناطق الشيعة
بغداد - من باسل محمد:
كشفت مصادر مطلعة في الحكومة العراقية, ل¯"السياسة", أمس, أن جهاز الأمن الوطني برئاسة فالح الفياض قدم تقريراً إلى رئيس الوزراء نوري المالكي يتحدث فيها عن معطيات اولية حول مسؤولية جماعة "عصائب أهل الحق" الشيعية المتشددة المدعومة من إيران, بزعامة قيس الخزعلي, عن التفجيرات الأخيرة التي استهدفت أحياء شيعية في العاصمة بغداد واوقعت مئات القتلى والجرحى.
وقالت المصادر إن شكوك الفياض تستند الى عنصرين اساسيين: الاول يتعلق بأن الاحياء الشيعية التي استهدفتها التفجيرات الاخيرة, سيما الهجمات يوم الاثنين الماضي, تخضع لمراقبة قوات امنية عراقية من الشيعة حصراً وبالتالي أي اختراق امني وراءه تواطؤ من جهات شيعية.
أما العنصر الثاني, فيتمثل بصراع النفوذ المتصاعد بين تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وبين جماعة الخزعلي, ولذلك يريد الأخير افتعال التفجيرات لكسب المزيد من المناصرين للتيار الصدري لجهة جماعته وخطه السياسي المتشدد.
وأضافت ان الخزعلي ربما يتحرك وفق حسابات رسمها له النظامان السوري والايراني, بهدف اشعال الجبهة الداخلية العراقية وإثارة الاقتتال الطائفي قبل انعقاد مؤتمر "جنيف 2" بشأن الازمة السورية, لأن من شأن تداعيات الوضع العراقي المتسارعة أن تجبر المجتمع الدولي على قبول بعض صيغ التفاوض التي يريد نظام بشار الأسد فرضها على المجتمعين, كما أن قناعة طهران ودمشق تتجه الى التسليم بفكرة أنه يجب التلويح بورقة الحرب الطائفية الاقليمية الواسعة وانتقال الحريق السوري الى العراق ولبنان, ما يشكل ضغطاً متزايداً على الغرب لدعم تسوية سياسية تسمح للأسد بالبقاء في السلطة في إطار عملية سياسية انتقالية وفي سياق عملية ديمقراطية في المستقبل, وهذا ما يسعى اليه المحور الايراني - السوري - الروسي خلال "جنيف 2" بشكل رئيسي.
وبحسب المصادر العراقية, فإن حكومة المالكي لديها شكوك جدية بأن توقيت تصاعد التفجيرات الأخيرة له صلة بالوضع السوري مباشرة غير انها غير متأكدة في ما إذا كان النظامان السوري والايراني متورطين بشكل حقيقي في تدبير هذه الهجمات رغم وجود قناعة ان تنظيم "القاعدة" وحزب "البعث" المنحل يستثمران الاحتجاجات في المدن السنية لإعادة تجنيد المزيد من الارهابيين, لكن الاوساط الامنية العراقية لا تبدو مقتنعة بأن مستوى هذا الاستثمار قد يصل الى هذا الحجم من الهجمات الواسعة والمتزامنة.
وما زاد الشكوك بالدور السوري الإيراني, أن معظم تقارير الجهات الاستخباراتية العراقية تفيد ان نشاط "القاعدة" في المدن السنية العراقية تراجع بسبب انتقال الكثير من عناصرها الى داخل سورية للقتال هناك ضد نظام الاسد, وأن فكرة عودة خط الرجوع, اي انتقال "القاعدة" من سورية الى الداخل العراقي, لا تبدو منطقية في كثير من الأحيان.
واستناداً الى هذه المصادر العراقية, فإن تقارير متعددة من وزارات الداخلية والدفاع والمخابرات العامة بينت ان اكثر من 70 في المئة من "القاعدة" في العراق انتقل الى الداخل السوري, ما يعني افتراضاً ان فعالية ذلك التنظيم الارهابي وقدراته على تدبير الهجمات تراجع بنفس النسبة, غير أن هذه الجهات الرسمية العراقية عادت وذكرت بعد تفجيرات الأسابيع القليلة الماضية بأن نشاط "القاعدة" ازداد بنسبة كبيرة, وبالتالي هذا التضارب الواضح, إما يعكس عدم مهنية الاجهزة الامنية والعسكرية العراقية, التي باتت تحرر تقاريرها من دون أي معلومات دقيقة, أو أنه يؤشر الى هذه الأجهزة تحاول التغطية على مسؤولية جهة ما ترتبط بدول لها علاقات تحالف مع العراق مثل إيران وسورية, وبالتالي هي لا تريد التصادم مع هاتين الدولتين.
وأشارت المصادر في الحكومة العراقية الى أن بعض الاطراف السياسية الشيعية في العراق, يحلو لها ان تتبنى نظرية عودة مقاتلي "القاعدة" من سورية الى الساحة العراقية, لتبرير ما يحدث من تفجيرات ولتبرير عمليات امنية في محافظة الانبار, على اعتبار ان للتنظيم معسكرات فيها, كما جرى قبل أيام عندما نفذت القوات الامنية العراقية عملية الشبح لملاحقة عناصر "القاعدة" على طول الحدود العراقية السورية, متهمةً جهات متنفذة داخل المؤسسة الامنية القريبة من المالكي بأنها تمارس التضليل كي تتجه الشكوك باتجاه واحد وهو القاء مسؤولية التدهور الامني المتواصل على "القاعدة" و"البعثيين".
ولفتت المصادر العراقية المطلعة الى أن بعض الجهات السياسية الشيعية العراقية يستغل التفجيرات الاخيرة للضغط على الحكومة كي تتراجع عن إجراءاتها بصرف رواتب تقاعدية لمنتسبي "فدائيي صدام" والسماح للبعض بالعودة الى وظائفه واستثناء أعضاء فرق من البعثيين من قانون المساءلة والعدالة, وبالتالي التفجيرات ربما تكون من صنع جماعات شيعية متشددة مدعومة من ايران لتحقيق هذا الهدف, وعرقلة التقارب والمصالحة مع فئات من "البعث" المنحل.