Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

بحوث في عقيدة البداء عند الشيعة

بحوث في عقيدة البداء عند الشيعة
عقيدة البداء عند الشيعة

من أصول الاثني عشرية القول البداء على الله سبحانه وتعالى حتى بالغوا في أمره، فقالوا: "ما عبد الله بشيء مثل البداء" [أصول الكافي، كتاب التوحيد، باب البداء: 1/146، ابن بابويه/ التوحيد، باب البداء: ص332، بحار الأنوار، كتاب التوحيد، باب البداء: 4/107.] و"ما عظم الله عز وجل بمثل البداء" [أصول الكافي: 1/146، التوحيد لابن بابويه ص333، بحار الأنوار: 4/107.]، "ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما افتروا من الكلام فيه" [أصول الكافي: 1/148، التوحيد لابن بابويه: ص334، بحار الأنوار: 4/108.]، « وما بعث الله نبيًا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء" [أصول الكافي: 1/148، التوحيد لابن بابويه: ص334، بحار الأنوار: 4/108.].

ويبدو أن الذي أرسى أسس هذا المعتقد عند الاثني عشريّة هو الملقّب عندهم بثقة الإسلام وهو شيخهم الكليني (ت328 أو 329ه‍) حيث وضع هذا المعتقد في قسم الأصول من الكافي، وجعله ضمن كتاب التوحيد، وخصّص له بابًا بعنوان "باب البداء" وذكر فيه ستّة عشر حديثًا من الأحاديث المنسوبة للأئمة.

وجاء من بعده ابن بابويه (ت381ه‍)، وسجل ذلك ضمن عقائد طائفته، وعقد له بابًا خاصًا بعنوان "باب البداء" وذلك في كتاب "الاعتقادات" الذي يسمى دين الإمامية [الاعتقادات: ص89.]. ومثل ذلك فعل في كتابه "التوحيد" [التوحيد: ص331.].

وقد اهتمّ شيخهم المجلسي (ت1111ه‍) بأمر البداء وبوّب له في بحاره بعنوان "باب النّسخ والبداء"، وذكر (70) حديثًا من أحاديثهم عن الأئمة [بحار الأنوار: 4/92-129.].

وكذلك جاءت هذه المقالة ضمن كتب العقيدة عند المعاصرين [انظر – مثلاً -: المظفر/ عقائد الإمامية: 69، الزنجاني/ عقائد الإمامية الاثني عشرية: 1/34.]. وألف شيوخهم في شأنها مؤلفات مستقلة بلغت (25) مصنفًا كما في الذريعة [انظر: الذريعة إلى تصانيف الشيعة: 3/53-57.].

ولعل القارئ المسلم يعجب من أمر هذه العقيدة، التي لا يعرفها المسلمون، وليس له ذكر في كتاب الله سبحانه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم مع أنها من أعظم ما عبد الله به، ومن أصول رسالات الرسل، وفيها من الأجر ما لو علم به المسلم لأصبحت تجري على لسانه دائمًا كشهادة التوحيد (كما يزعمون).

إذا رجعت إلى اللغة العربية لتعرف معنى البداء تجد أن القاموس يقول: بدا بدوًا وبدوًا وبداءة: ظهر. وبدا له في الأمر بدوًا وبداء وبداة: نشأ له فيه رأي [القاموس المحيط، مادة: بدو (4/302).]. فالبداء في اللغة – كما ترى – له معنيان:

الأول: الظهور بعد الخفاء. تقول: بدا سور المدينة أي: ظهر.

والثاني: نشأة الراي الجديد. قال الفراء: بدا لي بداء أي: ظهر لي رأي آخر، وقال الجوهري: بدا له في الأمر بداء أي: نشأ له فيه رأي [الصحاح (6/2278)، ولسان العرب (14/66)، وانظر هذا المعنى في كتب الشيعة مثل: مجمع البحرين للطريحي: 1/45.].

وكلا المعنيين وردا في القرآن، فمن الأول قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ} [البقرة، آية: 284.]. ومن الثاني قوله: {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} [يوسف، آية: 35.].

وواضح أن البداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله سبحانه. ونسبته إلى الله سبحانه من أعظم الكفر، فكيف تجعل الشيعة الاثنا عشرية هذا من أعظم العبادات، وتدعي أنه ما عظم الله عز وجل بمثل البداء؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.

وهذا المعنى المنكر يوجد في كتب اليهود، فقد جاء في التوراة التي حرفها اليهود وفق ما شاءت أهواؤهم نصوص صريحة تتضمن نسبة معنى البداء إلى الله سبحانه [جاء في التوراة: "فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض. فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته عن وجه الأرض.." (سفر التكوين، الفصل السادس، فقرة: 5) ومثل هذا المعنى الباطل وما أشبه يتكرر في توراتهم (انظر: سفر الخروج، الفصل: 32 فقرة: 12، 14، وسفر قضاة، الفصل الثاني، فقرة: 18، وسفر صموئيل الأول، الفصل الخامس عشرة فقرة: 10، 34، وسفر صموئيل الثاني، الفصل: 24، فقرة: 16، وسفر أخبار الأيام الأول، الفصل: 21، فقرة: 1، وسفر أرميا، الفصل: 42، فقرة: 10، وسفر عاموس، الفصل: 7، فقرة: 3، وسفر يونان، الفصل: 3، فقرة: 10 وغيرها).

هذا ما جاء في توراة اليهود، مع أنهم ينكرون النسخ، لأنه بزعمهم يستلزم البداء (انظر: مسائل الإمامة: ص75، مناهل العرفان: 2/78)، فانظر إلى تناقضهم وردهم للحق وقبولهم بالباطل.].

ويبدو أن ابن سبأ اليهودي قد حاول إشاعة هذه المقالة، التي ارتضعها من «توراته» في المجتمع الإسلامي الذي حاول التأثير فيه باسم التشيع وتحت مظلة الدعوة إلى ولاية علي، ذلك أن فرق السبيئة "كلهم يقولون بالبداء وأن الله تبدو له البداوات" [الملطي/ التنبيه والرد: ص19.].

ثم انتقل هذه المقالة إلى فرقة "الكيسانية" أو "المختارية" أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي وهي الفرقة التي اشتهرت بالقول "بالبداء" والاهتمام به، والتزامه عقيدة.

ويذكر أصحاب المقالات أن السبب الذي جوزت لأجله الكيسانية البداء على الله تعالى هو: أن مصعب بن الزبير أرسل جيشًا قويًا لقتال المختار وأتباعه فبعث المختار إلى قتالهم أحمد بن شميط مع ثلاثة آلاف من المقاتلة وقال لهم: أوحي إلي أن الظفر يكون لكم، فهزم ابن شميط [وهو من قواد المختار، وقتل سنة (67ه‍).] فيمن كان معه فعادوا إليه فقالوا: أين الظفر الذي قد وعدتنا؟ فقال المختار: هكذا كان قد وعدني ثم بدا فإنه سبحانه وتعالى قد قال: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد، آية: 39.] [الإسفراييني/ التبصير في الدين: ص20، وانظر: البغدادي/ الفرق بين الفرق: ص50-52.].

فالسبب كما ترى أن المختار كان يدعي علم الغيب وما يحدث بالمستقبل، فكان إذا وقع خلاف ما أخبر به قال: قد بدا لربكم.

وتجد هذا المعنى في أخبار الاثني عشرية، فإنهم قد أشاعوا بين أتباعهم أن أئمتهم "يعلمون ما كان وما يكون ولا يخفى عليهم الشيء" [أصول الكافي، باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان وما يكون وأنه لا يخفى عليهم الشيء: 1/260.]. فإذا نسبوا إلى الأئمة أخبارًا لم تقع قالوا: هذا من باب البداء.

جاء في البحار في باب البداء "عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: يا أبا حمزة إن حدثناك بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا، فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غدًا بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت" [بحار الأنوار: 4/119، تفسير العياشي: 2/217، البرهان: 2/299.].

وكان شيوخ الشّيعة يمنون أتباعهم بأنّ الأمر سيعود إليهم، والدّولة ستكون لهم، حتى إنّهم حدّدوا ذلك بسبعين سنة في رواية نسبوها لأبي جعفر، فلمّا مضت السّبعون ولم يتحقّق شيء من تلك الوعود اشتكى الأتباع من ذلك، فحاول مؤسّسو المذهب الخروج من هذا المأزق بالقول بأنّه قد بدا لله سبحانه ما اقتضى تغيير هذا الوعد [انظر: تفسير العياشي: 2/218، الغيبة للطّوسي: ص263، بحار الأنوار: 4/214.].

وكانت روايات الشّيعة في حياة جعفر الصّادق تتحدّث بأخبار تنسبها لجعفر أنّ الإمامة ستكون بعد موته لابنه إسماعيل، ولكن وقع ما لم يكن بالحسبان، إذ مات إسماعيل قبل موت أبيه فكانت قاصمة الظّهر لهم، وحدث أكبر انشقاق باق إلى اليوم في المذهب الشّيعي، وهو خروج طائفة كبيرة منهم ثبتت على القول بإمامة إسماعيل وهم الإسماعيليّة، رغم أنّهم فزعوا إلى عقيدة البداء لمعالجة هذه المعضلة فنسبوا روايات لجعفر تقول: "ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني.. إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي" [التّوحيد لابن بابويه: ص336، وانظر مثل هذا المعنى في أصول الكافي 1/327.].

واستجاب لهذا التّأويل طائفة الاثني عشريّة الذين قالوا بإمامة موسى دون إسماعيل.

ومؤسسو التشيع يدعون في الأئمة أنهم يعلمون الحوادث الماضية والمستقبلة والآجال والأرزاق.. إلخ. ولكن الأتباع وسائر الناس لا يرون فيهم شيئًا من هذه الدعاوى، والأئمة لا يخبرون الناس بشيء من ذلك، لأنهم لا يملكون ذلك أصلاً ولا يدعونه في أنفسهم فلم يجد مؤسسو التشيع تعليلاً يبررون به هذا العجز إلا عقيدة البداء فنقلوا عنهم أنهم لا يخبرون عن الغيب مخافة أن يبدو له تعالى فيغيره [زعموا – مثلاً – أن علي بن الحسين قال: لولا البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة. (تفسير العياشي: 2/215، بحار الأنوار: 4/118).].

وزعموا أن الأئمة يعطون علم "الآجال والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويشترط (لهم) فيه البداء" [تفسير القمي: 2/290، بحار الأنوار: 4/101.]. وهذه حيلة أخرى منهم ليستروا بها كذبهم إذا أخبروا خلاف الواقع.

وقد أمر الشيعة بمقتضى هذه العقيدة بالتسليم بالتناقض والاختلاف والكذب، ففي رواية طويلة في تفسير القمي تخبر عن نهاية دولة بني العباس، قال فيها إمامهم: "إذا حدثناكم بشيء فكان كما نقول فقولوا: صدق الله ورسوله، وإن كان بخلاف ذلك فقولوا: صدق الله ورسوله تؤجروا مرتين.." [تفسير القمي: 1/310-311، بحار الأنوار: 4/99.].

وقد كان لعقيدة البداء في إبان نشأتها أثرها في ظهور بوادر الشك لدى العقلاء من أتباع المذهب، وقد اكتشف بعضهم حقيقة اللعبة، فتخلى عن المذهب الإمامي أصلاً، وقد حفظت لنا بعض كتب الفرق قصة أحد هؤلاء وهو سليمان بن جرير الذي تنسب إليه فرقة السليمانية من الزيدية، فقال – كما تنقل ذلك كتب الفرق عند الشيعة نفسها -: "إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين، لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبدًا وهما القول بالبداء وإجازة التقية" [المقالات والفرق للقمي: ص78، فرق الشيعة للنوبختي: ص64.].

ثم كشف – من خلال حياته في المجتمع الشيعي، ومخالطته لهم – كيف يتخذون من عقيدة البداء وسيلة للتستر على كذبهم في دعوى علم الأئمة للغيب فقال: "إنّ أئمّتهم لمّا أحلّوا أنفسهم من شيعتهم محلّ الأنبياء من رعيّتها في العلم فيما كان ويكون، والإخبار بما يكون في غد، وقالوا لشيعتهم إنّه سيكون غدًا وفي غابر الأيّام كذا وكذا، فإن جاء ذلك الشّيء على ما قالوه، قالوا لهم: ألم نعلّمكم أنّ هذا يكون فنحن نعلم من قبل الله عزّ وجلّ ما علمته الأنبياء، وبيننا وبين الله عزّ وجلّ مثل تلك الأسباب التي علمت بها الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشّيء الذي قالوا إنّه يكون على ما قالوه، قالوا لشيعتهم: بدا لله في ذلك فلم يكوِّنه" [المقالات والفِرَق للقمي: ص78، فرق الشّيعة للنّوبختي: ص64-65، وانظر في هذا المعنى: محصّل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين للرّازي: ص249، وسليمان بن جرير ينسب الخداع إلى بعض أهل البيت، والحقّ أنّ ذلك من أولئك الزّنادقة المنتسبين إلى أهل البيت لأكل أموال النّاس بالباطل والتّآمر والتّخريب.].

ثم شرح أيضًا كيف يخدعون أتباعهم بمقتضى عقيدة التقية، فتأثر بقوله طائفة من الشيعة واتبعوه [انظر: المقالات والفرق: ص78، فرق الشيعة: ص65.].

فأنت ترى بعد هذا العرض أنه لو سقطت عقدية البداء لانتقض دين الاثني عشرية من أصله، لأن أخبارهم ووعودهم التي لم يتحقق منها شيء تنفي عنهم صفة الإمامة.

وهذا سر مغالاة شيوخهم بأمر البداء، ودفاعهم عنه، وجعله من أعظم العبادات.

لكن مقالة البداء ارتدت عليهم بأوخم العواقب وهي إضافة سبب جديد لكفرهم وردتهم [انظر: الغزالي/ المستصفى: 1/110.] لأنهم بهذا المعتقد نزهوا المخلوق وهو الإمام عن الخلف في الوعد، والاختلاف في القول، والتغير في الرأي، ونشأة رأي جديد، ونسبوا ذلك إلى عالم الغيب والشهادة. تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا [الوشيعة: ص182.].

فنزهوا المخلوق دون الخالق، لأن غلوهم في الإمام – فيما يظهر – لم يجعل للحق جل شأنه في قلوبهم وقارًا، فتاهوا في بيداء هذا الضلال والكفر والإلحاد.

ولقد حاول شيوخ الشيعة أن يجدوا مخلصًا من وصمة هذا العار، ومهربًا من التكفير.

فالنصير الطوسي الذي يلقبه المجلسي بالمحقق (المتوفى سنة 672ه‍) أنكر وجود البداء كعقيدة للاثني عشرية وقال عن طائفته: "إنهم لا يقولون بالبداء، وإنما القول بالبداء ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق أنه جعل إسماعيل القائم مقامه، فظهر من إسماعيل ما لم يرتضه منه، فجعل القائم موسى فسئل عن ذلك فقال: بدا لله في أمر إسماعيل، وهذه رواية، وعندهم أن خبر الواحد لا يوجب علمًا ولا عملاً" [الطوسي/ تلخيص المحصل: ص250.].

ولكن هذا – كما ترى – مخالف للواقع؛ إذ إن البداء من عقائدهم المقررة، ورواياتهم وأخبارهم فيه كثيرة، ولذلك قال المجلسي بأن هذا الجواب عجيب من الطوسي، وعزا ذلك « لعدم إحاطته بالأخبار" [بحار الأنوار: 4/123.].

وصنف من الشيعة يقر بالبداء كعقيدة ويحاول أن يجد له تأويلاً مقبولاً.

فابن بابويه القمي يوجه "أحاديثهم" في البداء توجيهًا «تبدو» عليه ملامح الاضطراب، فهو في البداية يقول: "ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن ذلك، ولكن يجب علينا أن نقر لله عز وجل بأن له البداء معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره" [التوحيد: ص335.].

فأنت ترى أن حديثه هنا خارج الموضوع تمامًا لأنه تكلم عن البدء لا البداء ولا يخالف مسلم في هذا الأمر الذي يقوله، ولو كان هذا مقصودهم بالبداء لما أنكره عليهم أحد، ولما وجدوا فيه مخرجًا لتناقض رواياتهم، وتخلف وعودهم.

فالله سبحانه: {وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِن طِينٍ} [السجدة، آية: 7.] وهو {يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [يونس، آية: 4.]، {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ} [القصص، آية: 68.] وليس هذا من البداء.

ولكنه رجع وفسر البداء بالنسخ، فقال بعد الكلام السابق مباشرة: "أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله، أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه، وذلك مثل نسخ الشرايع، وتحويل القبلة، وعدة المتوفى عنها زوجها" [التوحيد: ص335.].

وهذا جهل أو تجاهل؛ إذ لا بداء في النسخ، والحكم كان مؤقتًا في علم الله، وأجل الحكم، وانتهاء الحكم عند حلول الأجل معلوم لله قبل الحكم. نعم بدا لنا ذلك من الله بعد نزول الناسخ، والبداء لنا في علمنا لا لله [الوشيعة: ص183.].

"من أجل ذلك تنزه الله سبحانه عن أن يوصف بالبداء؛ لأن البداء ينافي إحاطة علم الله بكل شيء، ولم يتنزه عن النسخ؛ لأن النسخ لا يعدو أن يكون بيانًا لمدة الحكم الأول على نحو ما سبق في علم الله تعالى، وإن كان رفعه لهذا الحكم بداء بالنسبة لنا" [مصطفى زيد/ النسخ في القرآن: 1/20.]. "فإن الله سبحانه قدر في علمه الأزلي لكل حكم ميقاتًا وزمانًا معلومًا فإذا انتهى زمانه حل محله حكم آخر بأمره ونهيه سبحانه، فليس فيه تغيير في علمه الأزلي" [محمد أبو زهرة/ الإمام الصادق: ص241.]. قال تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة، آية: 106.].

وقد شنع عبد القاهر البغدادي على الشيعة؛ حيث "جعلت النسخ من قبيل البداء فزعمت أنه إذا أمر سبحانه بشيء ثم نسخه فإنما نسخه لأنه بدا له منه" [الملل والنحل: ص52.].

وقد تمادت الشيعة في هذا الغي، وساق صاحب البحار بعض الروايات المنسوخة واعتبرها من قبيل البداء [بحار الأنوار: 93/83-84.]، مع أنه لا صلة للنسخ بالبداء [راجع أيضًا في التفريق بين النسخ والبداء والرد على أوهام الرافضة واليهود في عدم التفريق بينهما: الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس: ص44، المعتمد في أصول الفقه لأبي الحسين البصري: 1/368-369، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي القيسي: ص98-99، الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم: 4/68-69، الآمدي/ الإحكام في أصول الأحكام: 3/109-112، دراسات الأحكام والنسخ في القرآن/ محمد حمزة: ص59.].

ثم إن ابن بابويه عاد في نهاية توجيهه لعقيدة البداء إلى القول بأن البداء "إنما هو ظهور أمر، يقول العرب: بدا لي شخص في طريقي أي: ظهر. قال الله عز وجل: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر، آية: 47.] أي: ظهر لهم، ومتى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره. ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره" [التوحيد: ص336.].

فهذا عودة منه لتقرير ذلك المنكر في معتقدهم في البداء، بعد تلون وتقلب.

وزيادة عمر من وصل رحمه ليست من باب البداء، وظهور ما لم يكن في علم الله، بل صلة الرحم سبب لطول العمر، والله قدر الأجل وسببه فهو سبحانه "قدر أن هذا يصل رحمه فيعيش بهذا السبب إلى هذه الغاية، ولولا ذلك السبب لم يصل إلى هذه الغاية، ولكن قدر هذا السبب وقضاه، وكذلك قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش إلى كذا" [شرح الطحاوية: ص92.].

ولكن شيخ الطائفة الطوسي يسلك في تأويل البداء طريقًا أسلم من طريق ابن بابويه، حيث يقول: "قوله: بدا لله فيه معناه بدا من الله فيه، وهكذا القول في جميع ما يروي من أنه بدا لله في إسماعيل معناه أنه بدا من الله، فإن الناس كانوا يظنون في إسماعيل بن جعفر أنه الإمام بعد أبيه، فلما مات علموا بطلان ذلك" [الغيبة للطوسي: ص55.].

هذا اعتذار الطوسي، ولا شك بأن البداء إذا كان للخلق بأن يقع لهم ما لم يحتسبوا، فليس فيه ما يمس العقيدة الإسلامية.

وقد تابع الطوسي في الاعتذار نفسه أحد مراجع الشيعة في هذا العصر وهو محمد حسين آل كاشف الغطا فقال: "البداء وإن كان في جوهر معناه هو ظهور الشيء بعد خفائه، ولكن ليس المراد به هنا ظهور الشيء لله جل شأنه وأي ذي حريجة ومسكة يقول بهذه المضلة، بل المراد ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم، وقولنا: (بدا لله) أي بدا حكم الله أو شأن الله" [الدين والإسلام: ص173.].

ولكن المطلع على رواياتهم لا يرى أنها تتفق مع هذا التأويل، إذ تدل على نسبة البداء إلى الله لا إلى الخلق، ولذلك اعتذر أئمتهم عن الإخبار بالمغيبات خشية البداء.. ونسبوا إلى نبي الله لوط أنه كان يستحث الملائكة لإنزال العقوبة بقومه خشية أن يبدو لله، ويقول: "تأخذونهم الساعة فإني أخاف أن يبدو لربي فيهم. فقالوا: يا لوط إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب" [فروع الكافي: 5/546.]. فهل مثل هذا "الإلحاد" يقبل التأويل؟!.

وجاء في الكافي ".. عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد مضي ابنه أبو جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول كأنهما أعني: أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كابي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمد عليهم السلام، وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمد المرجي بعد أبي جعفر عليه السلام، فأقبل علي أبو الحسن قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هاسم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلام ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون" [أصول الكافي: 1/327.].

فانظر إلى قوله "بدا لله.. ما يكن يعرف له.." تجد أنهم ينسبون "البداء" إلى الله صراحة، فهؤلاء القوم لا يرجون لله وقارًا، وقد اتخذوا من عقيدة البداء وسيلة لإبقاء فرصة الاختيار في أهل البيت، والرجوع عن الاختيار بدون تثريب عليهم من أتباعهم.. ولم يراعوا في هذه الحيلة حق الله جل شأنه، لأن واضعي هذه النصوص قد فرغت نفوسهم من خوف الله ورجائه. ثم إن التأويل للبداء بظهور الأمر للناس من الله لا يسوغ كل هذه المغالاة في البداء وجعله من أعظم الطاعات وأصول الاعتقادات، كما أن لفظ البداء يحمل معنى باطلاً في لغة العرب التي نزل بها القرآن، فكيف يعد أصل في الدين وهو بهذه المثابة، ويلتمس له تأويل ومخرجٌ؟!

استدلالهم على البداء:

وبعد أن استقرت مسألة البداء عندهم كعقيدة بمقتضى روايات الكليني وأضرابه، حاول شيخ الشيعة – كعادتهم – البحث في كتاب الله عن سند لدعواهم.

وكأنه لم يكفهم أن نسبوا هذه الفرية إلى الله، حتى زعموا أن كتاب الله أثبت فريتهم، فتعلقوا بقوله سبحانه: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد، آية: 39.].

ويلحظ أن أول من استدل بهذه الآية على فرية البداء هو المختار بن أبي عبيد [انظر: ص(940).] وتابعه شيوخ الشيعة، ووضعوا روايات في ذلك أسندوها لبعض علماء آل البيت لتحظى بالقبول [انظر: أصل الكافي: 1/146، التوحيد لابن بابويه: ص333 وما بعدها.].

واستدلالهم بهذه الآية على أن المحو والإثبات بداء شطط في الاستدلال، وتعسف بالغ، ذلك أن المحو والإثبات بعلمه وقدرته وإرادته، من غير أن يكون له بداء في شيء، وكيف يتوهم له البداء وعنده أم الكتاب، وله في الأزل العلم المحيط {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام، آية: 59.]، {..وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [سبأ، آية: 3.].

وأمثالها من الآيات، وتوهم البداء لله تكذيب لكل هذه الآيات [وانظر في الرد عليهم أيضًا: المستصفى للغزالي: 1/110، مختصر الصواعق: 1/110، الأحكام للآمدي: 3/111.].

وقد اختلف المفسرون في المراد بالذي يمحو ويثبت على ثمانية أقوال (ابن الجوزي/ زاد المسير: 4/337-338) فمنهم من قال: يمحو الله ما يشاء من الشرائع وينسخه، ويثبت ما يشاء فلا ينسخه، قال شارح الطحاوية: والسياق أدل على هذا الوجه (شرح الطحاوية ص94).

قال ابن جرير الطبري: "وأولى الأقوال التي ذكرت في تأويل الآية.. أن الله تعالى ذكره توعد المشركين الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات بالعقوبة، وتهددهم بها، وقال لهم: {وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ} [الرعد، آية: 38]. يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجلاً مثبتًا في كتاب هم مؤخرون إلى وقت ذلك الأجل، ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل يجيء الله بمن شاء ممن قد دنا أجله، وانقطع رزقه.. فيقض ذلك في خلقه، فذلك محوه، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه.. فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه" (تفسير الطبري: 13/170).

ورجح بعضهم عموم المحو والإثبات في جميع الأشياء (انظر: فتح القدير: 3/88). واعترض ابن جزي على من قال بالعموم في تأويل الآية بقوله: "وهذا ترده القاعدة المتقررة أن القضاء لا يبدل وأن علم الله لا يتغير" (التسهيل 2/136).

ولكن قال الشوكاني: بأن القول بالعموم لا ينافي ذلك "لأن المحو والإثبات هو من جملة ما قضاه الله وقدره" (فتح القدير: 3/88).

ورجح القاسمي أن المراد: الآيات (التي تسمى المعجزات) (انظر: تفسير القاسمي: 13/372-373).

وانظر أيضًا في تأويل الآية: تفسير البغوي: 3/22-23، تفسير ابن كثير: 2/559-561، تفسير الألوسي: 13/ 169-172، السعدي/ تيسير الكريم الرحمن: 4/116-117.

هذه أقوال مفسري المسلمين في تأويل الآية، لم يقل أحد منهم بمثل شناعة الرافضة.].

وقد بين الله تعالى في آخر الآية أن كل ما يكون منه من محو وإثبات وتغيير، واقع بمشيئته ومسطور عنده في أم الكتاب [عبد الرزاق عفيفي/ في تعليقه على الإحكام للآمدي: 3/111 (الهامش).].

روايات في كتب الاثني عشرية تنقض عقيدة البداء:

إن نقض الخصم كلامه بنفسه، من أبلغ النقض، لأنه يقضي على نفسه بسلاحه، وإن ظهور تناقضه من أوضح أمارات بطلان معتقده، وأنت تجد في كتب الاثني عشرية روايات عن الأئمة ترمي من قال بالبداء بالخزي، وتناقض ما سلف من روايات.

وهذه الروايات قد تكون روايات وثيقة الصلة بعلماء آل البيت لأنها تعبر عن المعنى الحق وهو ما يليق بأولئك الصفوة، وقد تكون من آثار الشيعة المعتدلة بقيت آثارها في كتب الاثني عشرية، ولا يبعد أن تكون هذه الروايات ستارًا وضعه أولئك الزنادقة على عقيدتهم في البداء.

وعلى أية حال فإن إثبات مثل هذه الروايات تبين مدى تناقض هذه الطائفة في رواياتها، وأن دينها قائم على الأخذ بالجانب الشاذ، والمخالف للجماعة من أخبارهم، لأن ما خالف الجماعة ففيه الرشاد كما هو قانون أولئك الزنادقة، الذي يخرج من أخذ به عن الدين رأسًا.

جاء في كتاب التّوحيد لابن بابويه: ".. عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله – عليه السّلام – هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله، قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى، قبل أن يخلق الخلق" [التّوحيد: ص334، أصول الكافي: 1/148 رقم (10)، وانظر قريبًا من هذا المعنى رواية أخرى في الكافي: 1/148 (رقم9).].

ولا شك بأن عقيدة البداء بمقتضى معناها اللّغوي، وبموجب روايات الاثني عشريّة، وحسب تأويل بعض شيوخهم تقتضي أن يكون في علم الله اليوم ما لم يكن في الأمس.

وحسب الاثني عشرية عارًا وفضيحة أن تنسب إلى الحق جل شأنه هذه العقيدة، على حين تبرئ أئمتها منها، فإذا وقع الخلف في قول الإمام نسبت ذلك إلى الله لا إلى الإمام.

وإذا رجعت إلى معتقدهم في توحيد الألوهية والربوبية، والأسماء والصفات، وجدت أن الإمام قد حل محل الرب سبحانه في قلوبهم وعقولهم، بتأثير ذلك الركام المظلم من الأخبار.. فعقيدة البداء أثر لغلوهم في الإمام.


عقيدة البداء 

وهو بمعنى الظهور بعد الخفاء، كما في قوله تعالى:{وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} (47) سورة الزمر
 
أو بمعنى: نشأة رأي جديد لم يكن من قبل كما في قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} (35) سورة يوسف
 
والبداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله عز وجل فإن علمه تعالى أزلي وأبدي لقوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (59) سورة الأنعام
 
ولعل سائلاً يقول: ما غرض الشيعة الإمامية من إحداث هذه العقيدة، ونشرها بين الناس ؟

والجواب: أن من عقيدة الشيعة الإمامية أن أئمتهم يعلمون الغيب، ويعلمون ما كان وما سيكون، وأنهم لا يخفى عليهم شيء !. فإذا أخبر أئمتهم بأمر مستقبل وجاء الأمر على خلاف ما قالوا، فإما أن يكذبوا بالأمر وهذا محال لوقوعه بين الناس، وإما أن يكذبوا أئمتهم وينسبوا الخطأ إليهم، وهذا ينسف عقيدتهم التي أصلوها فيهم من علمهم للغيب.
فكان أن أحدثوا عقيدة البداء. فإذا وقع الأمر على خلاف ما قاله الإمام قالوا: بدا لله كذا، أي أن الله قد غير أمره.
ولكن الشيعة الإمامية وقعت في شر أعمالها، فهي أرادت أن تنزه إمامها عن الخلف في الوعد وعن الكذب في الحديث، فاتهمت ربها من حيث تشعر أو لا تشعر بالجهل !.
 
59 - شى: عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلاميا أبا حمزة إن حدثناك بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غدا بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص119

4 - ج: عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قاللولا آية في كتاب الله لأخبرتكم بما كان وبما يكون وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهي هذه الآيةيمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص97
 
52 - شى: عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقوللولا آية في كتاب الله لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة. فقلتأية آية ؟ قالقول الله: " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ". بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص118
إذا المانع للأئمة من التحديث بأخبار الغيب هو خوفهم من أن يبدوا لله أمراً آخر بخلاف ما حدثوا به !.
 
7 - فس: قوله: " هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده " فإنه حدثني أبي، عن النضر بن سويد، عن الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله عليه السلام قالالأجل المقضي هو المحتوم الذي قضاه الله وحتمه، المسمى هو الذي فيه البداء يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص99
 
ثمة أمر لابد من الإشارة إليه وهو يقطع الطريق على الشيعة الإمامية وهو أن بعض مشايخة الشيعة الإمامية قد يوهم الناس بأن البداء كالنسخ الذي أخبر الله عنه في كتابه أو أنه هو. وليس كذلك، فالنسخ ليس هو ظهور أمر جديد لله، بل الله عالم بالأمر المنسوخ والأمر الناسخ، ولكن الله يأمر بأمر في وقت من الأوقات يناسب الحال وقت ذاك، ثم ينسخه بأمر معلوم عنده في الأزل. أما البداء فهو أن الله يظهر له أمر جديد لم يكن يعلمه في السابق، وبين النسخ والبداء كما بين السماء والأرض، وأين هذا من هذا ؟.

قال السيد طيب الموسوي (في تعليقه على تفسير القمي 1/39) وقال شيخنا الطوسي رحمه الله في العدةوأما البداء فحقيقته في اللغة الظهور، كما يقال " بدا لنا سور المدينة، وقد يستعمل في العلم بالشيء بعد أن لم يكن حاصلا، فإذا أضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز إطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز، فالأول هو ما أفاد النسخ بعينه ويكون إطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع، وعلى هذا يحمل جميع ما ورد عن الصادق عليه السلام من الأخبار المتضمنة لإضافة البداء إلى الله تعالى دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن، ويكون وجه إطلاق ذلك عليه تعالى التشبيه هو انه إذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلا وأطلق على ذلك لفظ " البداء ". قال وذكر سيدنا المرتضى وجها آخر في ذلك وهوانه قال يمكن حمل ذلك على حقيقته بان يقال بد الله بمعنى انه ظهر له من الأمر ما لم يكن ظاهرا له، وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهرا له، لان قبل وجود الأمر والنهي لا يكونان ظاهرين مدركين وإنما يعلم انه يأمر وينهى في المستقبل، فأما كونه آمرا وناهيا فلا يصح أن يعلمه إلا إذا وجد الأمر والنهي وجرى ذلك مجرى احد الوجهين المذكورين في قوله تعالى " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم " بان نحمله على أن المراد به حتى نعلم جهادكم موجودا، لان قبل وجود الجهاد لا يعلم الجهاد موجودا وإنما يعلم كذلك بعد حصوله فكذلك القول في البداء (انتهى). تفسير القمي الجزء الأول ص39
 
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن أبي إسحاق ثعلبة، عن زرارة بن أعين، عن أحدهما عليهما السلام قال: ما عبد الله بشيء مثل البداء. وفي رواية ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام ما عظم الله بمثل البداء. الكافي للكليني الجزء الأول ص146 (باب البداء) وعلق المحقق بقوله " البداء ظهور ما كان خفيا من الفعل بظهور ما كان خفيا من العلم بالمصلحة ثم توسع في الاستعمال فأطلقا البداء على ظهور كل فعل كان الظاهر خلافه فيقال بدا له أن يفعل كذا أي ظهر من فعله ما كان الظاهر منه خلافه " ا ه., بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص107
 
13 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن عمرو الكوفي أخي يحيى، عن مرازم بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما تنبأ نبي قط، حتى يقر لله بخمس خصالبالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة. الكافي للكليني الجزء الأول ص148 (باب البداء), بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص108
 
15 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقولما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء. الكافي للكليني الجزء الأول ص148 (باب البداء), بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص108
 
1 - علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله تبارك وتعالى علمينعلما أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه، وعلما استأثر به فإذا بدا لله في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلناالكافي للكليني الجزء الأول ص255
 
محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام قالإن لله علمينعلما " أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فذلك قد علمناه وعلما " استأثر به فإذا بدا له في شيء منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا قبلنا. الاختصاص للمفيد ص313
 
 10 - علي بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد ما مضى ابنه أبو جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر ابن محمد عليهم السلام وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمد المرجى بعد أبي جعفر عليه السلام فأقبل علي أبو الحسن قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر  ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبو محمد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة. الكافي للكليني الجزء الأول ص327
 
1 - علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقوليا ثابت إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الأرض، فأخره إلى أربعين و ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله عليه السلام فقال: قد كان كذلك. الكافي للكليني الجزء الأول ص368 (باب كراهية التوقيت) , بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص114
والمراد (بهذا الأمر) في كلامه هو ظهور المهدي. ثم إن أقوالهم وادعاءاتهم هذه كلها ظاهرة البطلان فإنه يلزم من عقيدة البداء (نعوذ بالله) أن الله تعالى شأنه كان يجهل هذه الأشياء التي جاءت مؤخرا ثم لما حدثت وعلم بها الله غير سبحانه رأيه القديم وأنشأ رأيا جديدا حسب الظروف والأحوال الجديدة ونسبة الجهل إلى الله تعالى كفر صحيح كما مقرر في محلة.
 
5 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الخزاز، عن عبد الكريم ابن عمرو الخثعمي، عن الفضل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: لهذا الأمر وقت؟ فقال كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، إن موسى عليه السلام لما خرج وافدا إلى ربه، واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاده الله على الثلاثين عشرا، قال قومه: قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا، فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم [ به ] فقولواصدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولواصدق الله تؤجروا مرتين. (1) الكافي للكليني الجزء الأول ص369 (1) مرة للتصديق وأخرى للقول بالبداء
 
8 - فس: أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك بلغنا أن لآل جعفر راية ولآل العباس رايتين فهل انتهى إليك من علم ذلك شيء ؟ قال: أما آل جعفر فليس بشيء ولا إلى شيء، وأما آل العباس فإن لهم ملكا مبطئا يقربون فيه البعيد، ويباعدون فيه القريب، وسلطانهم عسر ليس فيه يسر حتى إذا أمنوا مكر الله وأمنوا عقابه صيح فيهم صيحة لا يبقى لهم مال يجمعهم ولا رجال يمنعهم وهو قول الله: " حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت " الآية. قلت: جعلت فداك فمتى يكون ذلك ؟ قالأما إنه لم يوقت لنافيه وقت، ولكن إذا حدثنا كم بشيء فكان كما نقول فقولواصدق الله ورسوله، وإن كان بخلاف ذلك فقولواصدق الله ورسوله تؤجروا مرتين. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص99
 
11 - فس: قال علي بن إبراهيم في قوله: " وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب " يعني يكتب في كتاب، وهو رد على من ينكر البداء. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص101
 
24 - بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن عبد الرحمن بن الحجاج، [ و ] عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر جميعا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يبعث عبد المطلب امة وحده، عليه بهاء الملوك وسيماء الأنبياء وذلك أنه أول من قال بالبداء، قالوكان عبد المطلب أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رعاته في إبل قد ندت له، فجمعها فأبطأ عليه فأخذ بحلقة باب الكعبة وجعل يقول: " يا رب أتهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك " فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله بالإبل وقد وجه عبد المطلب في كل طريق وفي كل شعب في طلبه وجعل يصيح: " يا رب أتهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك " ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله أخذه فقبله وقال: يا بني لا وجهتك بعد هذا في شيء فإني أخاف أن تغتال فتقتل. الكافي للكليني الجزء الأول ص447
 
10 - ومن ذلك قول الصادق عليه السلام: ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني، يقول: ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي. التوحيد للصدوق ص336
لكن من الشيعة من لم يقبل هذا التعليل، ولم تنطل عليه الحيلة، ولم يقبل أن يتغير الإمام، فانشقوا عن أصحابهم، وتوقفوا على إسماعيل، وزعموا أنه المهدي
  
138 - نى: محمد بن همام، عن محمد بن [أحمد بن] عبد الله الخالنجي، عن داود بن أبي القاسم قال: كنا عند أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من أن أمره من المحتوم، فقلت لأبي جعفر عليه السلامهل يبدو لله في المحتوم ؟ قالنعم، قلنا له: فنخاف  أن يبدو لله في القائم قال: القائم من الميعاد. بيان: لعل للمحتوم معان يمكن البداء في بعضها وقوله " من الميعاد " إشارة إلى أنه لا يمكن البداء فيه لقوله تعالى: " إن الله لا يخلف الميعاد ". بحار الأنوار للمجلسي الجزء 52 ص250 - 251
 
17 - يد، مع أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن إسحاق، عمن سمعه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في قول الله عزوجل: " وقالت اليهود يد الله مغلولة ": لم يعنوا أنه هكذا، ولكنهم قالواقد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم: " غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء " ألم تسمع الله عزوجل يقول: " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " ؟. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص104
 
28 - ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قالإن الله تبارك وتعالى قال لنبيه: " فتول عنهم فما أنت بملوم " أراد أن يعذب أهل الأرض ثم بدا لله فنزلت الرحمة فقالذكر يا محمد فإن الذكرى تنفع المؤمنين. فرجعت من قابل فقلت لأبي عبد الله عليه السلامجعلت فداك إني حدثت أصحابنا  فقالوابدا لله ما لم يكن في علمه ؟  قالفقال أبو عبد الله عليه السلامإن لله علمينعلم عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلم نبذه إلى ملائكته ورسله فما نبذه إلى ملائكته فقد انتهى إلينا. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص110
 
33 - ص: بالإسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: سأل عبد الأعلى مولى بني سام الصادق عليه السلام - وأنا عنده - حديث يرويه الناس فقال: وما هو ؟ قال: يروون أن الله عزوجل أوحى إلى حزقيل  النبي صلوات الله عليه أن أخبر فلان الملك أني متوفيك يوم كذا، فأتى حزقيل الملك فأخبره بذلك قالفدعا الله وهو على سريره حتى سقط ما بين الحائط والسرير فقاليا رب أخرني حتى يشب طفلي وأقضي أمري فأوحى الله إلى ذلك النبي أن ائت فلانا وقلإني أنسأت في عمره خمسة عشرة سنةفقال النبييا رب وعزتك إنك تعلم أني لم أكذب كذبة قط، فأوحى الله إليهإنما أنت عبد مأمور فأبلغه. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص113
 
38 - غط: الفضل بن شاذان، عن محمد بن علي، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: قلت له: ألهذا الأمر أمر تريح إليه أبداننا وننتهي إليه ؟ قالبلى ولكنكم أذعتم فزاد الله فيه. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص113
 
40 - غط: الفضل، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن أبي يحيى التمتام  السلمي، عن عثمان النوا  قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقولكان هذا الأمر في فأخره الله ويفعل بعد في ذريتي ما يشاء. أقول: قال الشيخ بعد نقل هذه الأخبارالوجه في هذه الأخبار أن نقول - إن صحت -: إنه لا يمتنع أن يكون الله تعالى قد وقت هذا الأمر في الأوقات التي ذكرت فلما تجدد ما تجدد تغيرت المصلحة واقتضت تأخيره إلى وقت آخر وكذلك فيما بعد، ويكون الوقت الأول وكل وقت يجوز أن يؤخر مشروطا بأن لا يتجدد ما تقتضي المصلحة تأخيره إلى أن يجيء الوقت الذي لا يغيره شيء فيكون محتوما. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص114
 
67 - كا: علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن عبد الرحمن بن محمد الأسدي، عن سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر يهودي بالنبي صلى الله عليه واله فقال: السام عليك. فقال النبي صلى الله عليه واله: عليك، فقال أصحابه: إنما سلم عليك بالموت فقال: الموت عليك، فقال النبي صلى الله عليه واله: وكذلك رددت، ثم قال النبي صلى الله عليه والهإن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله. قالفذهب اليهودي فاحتطب حطبا كثيرا فاحتمله ثم لم يلبث أن انصرف. فقال له رسول الله صلى الله عليه والهضعه فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود فقاليا يهودي ما عملت اليوم ؟ قالما عملت عملا إلا حطبي هذا حملته فجئت به وكان معي كعكتان  فأكلت واحدة وتصدقت بواحدة على مسكين. فقال رسول الله صلى الله عليه والهبها دفع الله عنه، وقال: إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الإنسان. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 4 ص122
 
[ 802 ] 1 - روي عن بعضهم: انه قال: إذا أردت زيارة أبي الحسن الثالث علي بن محمد الجواد وأبي محمد الحسن العسكري (عليهما السلام)، تقول بعد الغسل إن وصلت إلى قبريهما، وإلا أومأت بالسلام من عند الباب الذي على الشارع الشباك، تقول: السلام عليكما يا وليي الله، السلام عليكما يا حجتي الله، السلام عليكما يا نوري الله في ظلمات الأرض، السلام عليكما يا من بدا لله في شأنكما. كامل الزيارات لجعفر بن قولويه القمي ص520
 
84 - فروى سعد بن عبد الله الأشعري، قال حدثني أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري، قال: كنت عند أبي الحسن العسكري عليه السلام وقت وفاة ابنه أبي جعفر، وقد كان أشار إليه ودل عليه وإني لأفكر في نفسي وأقول هذه قصة [ أبي ]  إبراهيم عليه السلام وقصة إسماعيل فأقبل علي أبو الحسن عليه السلام وقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي جعفر  وصير مكانه أبا محمد كما بدا له في إسماعيل بعدما دل عليه أبو عبد الله عليه السلام ونصبه وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، أبو محمد ابني الخلف من بعدي، عنده ما تحتاجونه  إليه، ومعه آلة الإمامة والحمد لله.الغيبة للطوسي ص82 - 83
 
3 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقولأبى الله أن يجعلها لأخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام. الكافي للكليني الجزء الأول ص286
 
4 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قاللا تجتمع الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنما هي في الأعقاب وأعقاب الأعقاب. الكافي للكليني الجزء الأول ص286
 
10 - غط: الفضل بن شاذان. عن محمد بن علي، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: قلت له: ألهذا الأمر أمد نريح إليه أبداننا وننتهي إليه ؟ قالبلى ولكنكم أذعتم فزاد الله فيه. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 52 ص105
 
12 - غط: الفضل، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن سنان، عن أبي يحيى التمتام السلمي، عن عثمان النوا قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقولكان هذا الأمر في، فأخره الله ويفعل بعد في ذريتي ما يشاء. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 52 ص106
 
43 - نى: وبهذا الإسناد، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلاميا إسحاق إن هذا الأمر قد آخر مرتين. بحار الأنوار للمجلسي الجزء 52 ص117
 
قالت اليهود وكان كلام الرب إلى صموئيل: قائلا ندمت أني قد جعلت شادا ملك لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي ندمت!! الله يقول ندمت  وهذا في صموئيل الأول صفحة 15
وقالت اليهود فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته  الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء لأني حزنت أني عملتهم - وهذا في سفر التكوين الصفحة6.


مسألة البداء

سادسا: وكان من الأفكار التي روجها اليهود وعبدالله بن سبأ "إن الله يحصل له البداء " أي النسيان والجهل، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

فالكليني محدث الشيعة بوب بابا مستقلا في الكافي بعنوان "البداء" وروى تحت هذا الباب عدة روايات عن أئمته " المعصومين" كما يزعم، ومنها:

عن الريان بن الصلت قال سمعت الرضا ( علي بن موسى ـ الإمام الثامن عندهم ـ ) يقول: ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء ".

وما هو " البداء " تفسيره رواية أخرى، يرويها أيضا " عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعدما مضى ابنه أبو جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول كأنما أعنى أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل بن جعفر بن محمد، وإن قصتهما كقصتهما إذ كان أبو محمد المرجأ بعد أبي جعفر، فأقبل علي أبو الحسن عليه السلام قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر ما لم يكن يعرف له، كما بدا له موسى بعد مضى إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبو محمد ابني الخلف من بعدي وعنده علم ما يحتاج إليه، ومعه آله الإمامة".

وذكر النوبختي " إن جعفر بن محمد الباقر نص على إمامة إسماعيل ابنه وأشار إليه في حياته، ثم إن إسماعيل مات وهو حي فقال: ما بدا لله في شيء كما بداله في إسماعيل ابني".

فقد تثبت هذه الروايات معنى "البداء" بانه علم ما لم يكن يعلمه الله قبل، وهذا ما يعتقده الشيعة في الله حيث إن الله يبين عن علمه بقوله على لسان موسى عليه السلام " لا يضل ربي ولاينسى".

ووصف نفسه بقوله ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ).

وبقوله: ( قد أحاط بكل شيء علما ).

ولكن الشيعة بعكس ذلك لا يعتقدون في الله ذاك فحسب بل ويمجدون من يعتقد في الله معتقدهم الباطل ـ فيروي الكليني عن جعفر أنه قال: يبعث عبدالمطلب أمة وحدة، عليه بهاء الملوك، وسيماء الأنبياء، وذلك أنه أول من قال بالبداء"


البداء

بسم الله الخلاق العليم

البداء عند الشيعة الإمامية هو بمعنى نشأة الرأي الجديد، أو ظهور رأي آخر غير الأول، ويعنون بذلك أن الله قد يظهر له رآي آخر أو أمر آخر غير الأول. وسوف نتكلم عن فساد هذا المعتقد بعد أن نذكر مكانة هذه العقيدة عند الشيعة الإمامية.

 فالبداء تعده الشيعة الإمامية من أصولها التي لا بد من الإيمان والإقرار بها. فمما جاء فيه: (ما عبد الله بشيء مثل البداء) [أصول الكافي: 1/146، والتوحيد لابن بابويه: ص 332]. وقالوا: (ما عظم الله عز وجل بمثل البداء ) [أصول الكافي: 1/146، والتوحيد لابن بابويه: ص 333 ]. وقالوا: (ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا من الكلام فيه ) [أصول الكافي: 1/148، التوحيد لابن بابويه: ص 334، وبحار الأنوار: 4/108]، وقالوا: ( ما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء  )  [نفس المصدر السابق ].

ويتضح من سياق الرويات أن البداء عند الشيعة الإمامية جزء لا يتجزأ من توحيد الله، وهذا مالم نره في كتاب ربنا، ولم نرى له ذكراً على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه، وخفاء عقيدة كهذه فيه إتهام للنبي صلى الله عليه وسلم بعدم تبليغ رسالة ربه ! وهذا محال. وكون الشيعة الإمامية اختصت من دون الناس بمعرفة هذه العقيدة فيه إجحاف بأمم عظيمة لا يعلم قدرها إلا الله، وشريعة الله ليست خاصة بأمة ولا بنحلة، فليتنبه لهذا. {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً..}الآية. فقال يا أيها الناس الدالة على أن دعوته تعم كل الناس.

وأعظم مما سبق أن البداء فيه نسبة الجهل إلى الله وأنه لا يعلم حقيقة الأمور ومآلها –تعالى الخلاق العليم عن ذلك-، والله يعلم ما كان وما يكون وما سيكون أن لو كان كيف يكون. فكيف يستجيز عاقل لنفسه أن يؤمن بهذه العقيدة التي تنسب الجهل إلى ربه ! ؟. اللهم غفراً

ولعل سائلاً يقول: ما غرض الشيعة الإمامية من إحداث هذه العقيدة، ونشرها بين الناس ؟

والجواب: أن من عقيدة الشيعة الإمامية أن أئمتهم يعلمون الغيب، ويعلمون ما كان وما سيكون، وأنهم لا يخفى عليهم شيء !. فإذا أخبر أئمتهم بأمر مستقبل وجاء الأمر على خلاف ما قالوا، فإما أن يكذبوا بالأمر وهذا محال لوقوعه بين الناس، وإما أن يكذبوا أئمتهم وينسبوا الخطأ إليهم، وهذا ينسف عقيدتهم التي أصلوها فيهم من علمهم للغيب.

فكان أن أحدثوا عقيدة البداء. فإذا وقع الأمر على خلاف ما قاله الإمام قالوا: بد لله كذا، أي أن الله قد غير أمره.

ولكن الشيعة الإمامية وقعت في شر أعمالها، فهي أرادت أن تنزه إمامها عن الخلف في الوعد وعن الكذب في الحديث، فاتهمت ربها من حيث تشعر أو لا تشعر بالجهل !.

فقد جاء في البحار عن أبي حمزة الثمالي قال: قال  أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: ( يا أبا حمزة إن حدثناك عن بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا، فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غداً بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت ) [بحار الأنوار: 4/119، وتفسير العياشي: 2/217].

قلت: هذه رويات نسجوها على لسان أبي جعفر وأبي عبد الله وهما منها براء.  والمقصد بيناه آنفاً. ولقد كان بعض شيوخ الشيعة الإمامية في إحدى الفترات يمنون شيعتهم بأن الأمر سيعود إليهم والغلبة ستكون لهم ولدولتهم بعد سبعين سنة، ولما انقضت تلك المدة ولما يتحقق من ذلك شيء، لجاءوا إلى البداء وقالوا قد بدا لله سبحانه !. [انظر: تفسير العياشي: 2/218، والغيبة للطوسي: ص263]  .

ثم لما رأت الشيعة الإمامية ممثلة في مشايخها أن هذه العقيدة قد تجلب الشناعة على مذهبهم، نسجوا رويات أخرى تحدث أن البداء قد منع الأئمة من التحديث بما سيكون من الأمور المستقبلة. فهاهم يزعمون أن علي بن الحسين يقول: (لولا البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة ) [تفسير العياشي: 2/215، وبحار الأنوار: 4/118]. إذا المانع للأئمة من التحديث بأخبار الغيب هو خوفهم من أن يبدوا لله أمراً آخر بخلاف ما حدثوا به !. وهذا كله مهرب من التحديث بأمر لا يعلمه إلا الله، وهو علم الغيب الذي أخبر الله  في مواضع كثيرة  من كتابه أن الغيب لا يعلمه إلا هو. فما للشيعة لا يفقهون حديثاً.

ثمة أمر لابد من الإشارة إليه وهو يقطع الطريق على الشيعة الإمامية وهو أن بعض مشايخة الشيعة الإمامية قد يوهم الناس بأن البداء كالنسخ الذي أخبر الله عنه في كتابه أو أنه هو. وليس كذلك، فالنسخ ليس هو ظهور أمر جديد لله، بل الله عالم بالأمر المنسوخ والأمر الناسخ، ولكن الله يأمر بأمر في وقت من الأوقات يناسب الحال وقت ذاك، ثم ينسخه بأمر معلوم عنده في الأزل.   أما البداء فهو أن الله يظهر له أمر جديد لم يكن يعلمه في السابق، وبين النسخ والبداء كما بين السماء والأرض، وأين هذا من هذا ؟.

قاصمة:

جاء في التوراة: ( فرأى الرب أنه كثر سوء الناس على الأرض.... فندم الرب خلقه الإنسان على الأرض وتنكد بقلبه، وقال الرب: لأمحون الإنسان الذي خلقته على وجه الأرض ) [سفر التكوين، الفصل السادس، فقرة: 5] وتكرر هذا المعنى في التوراة. وهذا هو البداء بعينه.

والسؤال: هل مؤسس الطائفة الشيعية ابن سبأ قد أخذه هذه العقيدة من اليهود وأشاعها في الشيعة ؟ ويكفي في الإجابة أن تعلم، أن فرق السبأية ( كلهم يقولون بالبداء وأن الله تبدوا له البداوات ) [انظر: الملطي/ التنبيه والرد ص 19]


البداء

البداء: الظهور والانكشاف، تقول: بدا َبدْوا وُبدُوّا وبَداء وَبدَّا وبداءة، ويستخدم كذلك بمعنى نشأة الرأي الجديد، تقول: بدا له في الأمر بدوا وبداء وبداة: نشأ له فيه رأي. (4)} - - - {)

وقد ورد المعنيان في القرآن الكريم، الأول في مثل قوله تعالى: " وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " (5)} - - - {).

وقوله سبحانه وتعالى: (6)} - - - {) " وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ".

والثانى في قوله تعالى: (7)} - - - {) " ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِين ".

__________

(4) 313) انظر مادة (بدو) في القاموس المحيط ولسان العرب.

(5) 314) سورة الزمر: الآية 47.

(6) 315) سورة البقرة: الآية 284.

(7) 316) سورة يوسف: الآية 35.

والبداء بمعنييه يستوجب جهل من يبدوله بالأمر قبل بدائه، ولكن الشيعة ينسبون البداء لله تعالى، فهل معنى ذلك أنهم ينسبون عدم العلم لله؟ سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.

رأي الكثير من المسلمين هذا الرأي، فرفضوا القول بالبداء، وسلطوا أقلامهم تعصف بالشيعة عصفها بالكفرة الملحدين، وأقاموا من البراهين القاطعة ما يثبت العلم الكامل لله عز وجل. (1)} - - - {)...

ومما لا جدال فيه أن القول بالبداء بهذا المعنى المرفوض - ُيخرج الشيعة قطعاً من ملة الإسلام، ولكنني أرى أنهم لا يقصدون على الإطلاق نسبة الجهل إلى الله سبحانه، فهم يرون أن الله عز وجل يحيط علمه بكل شئ، وأن اللوح المحفوظ المشار إليه بأم الكتاب فيه كل ما كان وما يكون، وذكر لما يثبت وما يمحى" يَمْحُواللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ"فالمحووالإثبات ليس في أم الكتاب، فنقوشه محفوظة مستمرة. (2)} - - - {)

وقد جاء في باب البداء من كتاب الكافي (3)} - - تمهيد {) عن أبى عبد الله جعفر الصادق قال: " ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدوشيء له ".

__________

(1) 314]) انظر: الوشيعة ص 11. - 12.، والتحفة الاثنا عشريه ص 315 وما بعدها، والنسخ في القرآن الكريم لأستاذنا الدكتور مصطفى زيد رحمه الله ص19 - 26 جـ 1: وشيخنا لم يذكر الإمامية بالذات، والبداء الذي أنكره لم تقل به الإمامية وإنما ذهبت إليه فرق أخرى من الشيعة كالبدائية، فقد زعمت أن الله سبحانه قد يريد بعض الأشياء ثم يبدوله، ويندم لكونه خلاف المصلحة! وحملت خلافة الثلاثة ومدحهم في الآيات الكريمة على ذلك! انظر مختصر التحفة ص 16.

(2) 315]) انظر: الدين والإسلام ص 171.

(3) 316]) ص 148.

وقال: " إن الله لم يبد له من جهل "وسئل: هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله بالأمس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله. قيل: أرأيت ما كان وما هوكائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى قبل أن يخلق الخلق (1)} - - - {).

يقول الإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء: " البداء وإن كان جوهر معناه هوظهور الشىء بعد خفائه، ولكن ليس المراد به هنا ظهور الشىء لله جل شأنه بعد خفائه عنه، معاذ الله، وأي ذى حريجة ومسكة يقول بهذه المضلة؟

بل المراد ظهور الشيء من الله لمن يشاء من خلقه بعد إخفائه عنهم، وقولنا (بدا لله) أي بدا حكم لله، أوشأن لله " (2)} - - - {).

فالبداء بهذا التفسير لا يتعارض وعلم الله التام بكل شيء، وظهور أحكام لله كانت خافية علينا شيء يسلم به كل المسلمين، وقد نسب البداء إلى الله سبحانه وتعالى في حديث شريف ورد في صحيح البخاري: فقد روى عن أبى هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن ثلاثة في بنى إسرائيل، أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله أن يبتليهم، فبعث إليهم ملكاً، فأتى الأبرص... " إلى آخر الحديث الشريف (3)} - - - {).

__________

(1) 317]) عقب أستاذنا الشيخ محمد أبوزهرة - رحمه الله - على نسبة مثل هذه الأخبار إلى الإمام الصادق بقوله: إن هذه الأخبار في مجموعها تدل على أن البداء في نظر الصادق هوأن يظهر للناس ما أكنه الله تعالى في علمه، وذلك لا ينافى علم الله تعالى ". (الإمام الصادق ص 236).

(2) 318]) الدين والإسلام ص 173، وانظر كذلك قول الشيخ محمد جواد مغنية في كتابه " الشيعة والتشيع " ص 53 - 54 ففيه بيان أن البداء لا يستدعى الجهل وحدوث العلم لذات الله سبحانه.

(3) 319]) انظر صحيح البخاري - الجزء الرابع - كتاب بدء الخلق: باب ما ذكر عن بنى إسرائيل.

فكيف إذن اُعتبر مبدأ خاصا بالشيعة؟ ينافحون عنه، ويبالغون في قيمته حتى أنهم قالوا: " ما عبد الله بشئ مثل البداء "، " ما عظم الله بمثل البداء " (1)} - - - {).

إن توضيحهم لكيفية البداء تكشف عن هذا، فهم يقولون: إن الله جلت قدرته قد يخبر ملائكته، أورسله المقربين بحادثة ما، ويخفى عنهم أشياء إذا تحققت تغيرت النتيجة، وقد يكون في علمه سبحانه أنها ستتحقق وسيتبع ذلك تغير الحال: مثال هذا: أن يخبرهم بأن فلانا سيموت في الثلاثين من عمره، ويخفى عنهم أن ذلك مقترن بعدم تصدقه، وأنه سيتصدق وسينسأ له في أجله، فعندما يظهر ذلك الذي أخفى يقال: بدا لله فيه أن يمد في أجله، فيكون البداء في التكوين كالنسخ في التشريع (2)} - - - {).

وإذا كنا نعلم الحكمة من النسخ في التشريع، فما الحكمة من هذا البداء؟ وكيف يخبر الله سبحانه وأنبياءه وملائكته بمعلومات ناقصة؟ وعندما يخبرون الناس بهذه المعلومات فما الفرق بينهم وبين المنجمين الكاذبين الضالين المضلين؟ (3)} - - - {).

إن الدافع الحقيقى لهذا المبدأ هوأنهم غالوا في أئمتهم، وأحلوهم منزلة فوق البشر كما رأينا من ذى قبل، ونسبوا لهم العصمة وعلم الغيب، فكان لابد من مخرج إذا حدثوا بمغيب فكذبهم الواقع، وكان هذا المخرج هوالقول بالبداء!

__________

(1) 32.]) راجع باب البداء من كتاب الكافى.

(2) 321]) انظر: الدين والإسلام ص 172 وما بعدها، وانظر كذلك: جوامع الكلم ص 145 من الرسالة القطيفية، والدعوة الإسلامية ص 35 وما بعدها.

(3) 322]) لهذا وقع الخلاف بين الإمامية في الإخبار: أيجوز أم لا؟ (انظر الدعوة الإسلامية ص 37 - 38).

وأول من نادى به المختار الثقفى، لأنه كان يدعى علم الغيب، فإذا حدثت حادثة على خلاف ما أخبر قال: قد بدا لربكم! (1)} - - - {).

وروى أن أبا الخطاب محمد بن أبى زينب الأسدي الأجدع عندما حارب والى الكوفة عيسى بن موسى بن محمد بن عبد الله بن العباس جعل القصب مكان الرماح، واستخدم الحجارة والسكاكين، وقال لقومه: قاتلوهم فإن قصبكم يعمل فيهم عمل الرماح والسيوف. ورماحهم وسيوفهم وسلاحهم لا تضركم، ولا تخل فيكم: فقدمهم عشرة عشرة للمحاربة، فلما قتل منهم نحوثلاثين رجلاً قالوا له: ما ترى ما يحل بنا من القوم، وما نرى قصبنا يعمل فيهم ولا يؤثر، وقد عمل سلاحهم فينا، وقتل من ترى منا، فقال لهم: إن كان قد بدا لله فيكم فما ذنبي؟ (2)} - - - {)

ولهذا جاء في الكافى عن أبى عبد الله: " إن لله علمين: علم مكنون مخزون لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء، وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعلمه " (3)} - - - {).

وفى رواية أخرى في الكافى أيضا (1/ 369):

" إذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقالوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين ".

وعلق صاحب الحاشية بقوله: " مرة للتصديق، وأخرى للقول بالبداء "

فالقول بالبداء، وإن كان لا يتنافى مع علم الله سبحانه الذي وسع كل شئ، إلا أنه اتخذ ذريعة للتضليل بأن الأئمة يعلمون الغيب، فإذا حدث غير ما أخبروا، فإنما قد بد الله! ومصدق الكذب يؤجر مرتين!

__________

(1) 323]) انظر: النسخ في القرآن الكريم 1/ 25 - 26، وضحى الإسلام 1/ 354، والإمام الصادق ص: 234، والملل والنحل للشهرستانى 1/ 132 - 133.

(2) 324]) فرق الشيعة ص 7..

(3) 325]) ص 147 من الكتاب المذكور ج 1.

والمسلمون قاطبة - عدا الشيعة - يرفضون هذا القول، ويكفى لبطلانه مثل قوله تعالى: (1)} - - تمهيد {)

" وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ "

وأمره سبحانه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يقول: (2)} - - - {) " وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ "

" قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ " (3)} - - - {)

على أن من الشيعة أنفسهم من ينكر علم الأئمة للغيب، بل ينكر نسبة ذلك إلى الشيعة! يقول الشيخ محمد جواد مغنية: وكيف ينسب إلى الشيعة الإمامية القول بأن أئمتهم يعلمون الغيب، وهم يؤمنون بكتاب الله، ويتلون قوله تعالى حكاية عن نبيه: "وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ "،وقوله: " إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ"، وقوله: " قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ".

وذكر قول الشيخ الطبرسي المفسر: لقد ظلم الشيعة الإمامية من نسب إليهم القول بأن الأئمة يعلمون الغيب، ولا نعلم أحداً منهم استجاز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق.

ثم قال: وإن افترض وجود خبر أوقول ينسب علم الغيب إلى الأئمة وجب طرحه باتفاق المسلمين. ثم ذكر عن الشيعة أنهم لا يدعون لأئمتهم علم الغيب، ولا الإيحاء والإلهام، وأن من نسب إليهم شيئاً من ذلك فهوجاهل متطفل، أومفتر كذاب (4)} - - - {).

__________

(1) 326]) سورة آل عمران: الآية 179.

(2) 327]) سورة الأعراف: الآية 188.

(3) 328]) الأنعام: الآية 5..

(4) 329]) انظر: الشيعة والتشيع: ص 43، 48.

وفى قول الشيخ مغنية ما يبين افتراء من يستجيز الوصف بعلم الغيب لأحد من الخلق، ولكنه بعد عن الواقع عندما ذكر أن الشيعة لا يستجيزون هذا، فما أكثر الشيعة القائلين بأن الأئمة يعلمون الغيب! (1)} - - - {) ولولا هذا لما قيل بالبداء.

(1) 33.]) في تفسير البداء اعتراف بعلم الغيب، وكذلك يرى أكثر الشيعة أن الأئمة يعلمون الغيب: انظر مثلا حديث السيد كاظم الكفائى في تعقيبه على الأخبار التي تنسب علم الغيب للأئمة. (الحديث آخر هذه الموسوعة)، وراجع رأي عبدالحسين شرف الدين في ردى على مراجعاته.


البداء

هنالك عقيدة شيعية أخرى لا تقل شناعة عن العقائد الأخرى التي يختص بها القوم، وهي عقيدة البداء في الله.

ومعنى البداء الظهور بعد الخفاء كما ذكر ذلك السيد محسن الأمين في كتابه (الشيعة بين الحقائق والأوهام) تحت عنوان البداء:

البداء مصدر بدا يبدوبداء أي ظهر، ويستعمل في العرف بمعنى الظهور بعد الخفاء، فيقال: فلان كان عازماً على كذا ثم بدا له فعدل عنه" [الشيعة بين الحقائق والأوهام ص45، 46 الطبعة الثالثة سنة 1977م بيروت].

وبمثل ذلك نقل ابن منظور الأفريقي عن اللغويين حيث قالوا:

البداء استصواب شيء بعد أن لم يعلم.. وقال الفراء: بدا لي بداء أي ظهر لي رأي آخر وأنشد:

لوعلى العهد لم يخنه لدمنا ثم لم يبد لي سواه بداء

قال الجوهري: وبدا له في الأمر بداء أي نشأ له فيه رأي - وذكر أيضاً -: بدا لي أي تغير لي رأي على ما كان عليه" [لسان العرب ج14 ص66 ط مصر وبيروت].

وفي هذا المعنى استعمل هذا اللفظ في القرآن الكريم:

{.. وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} [سورة الزمر الآية 47].

{وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [سورة الزمر الآية 48].

{وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [سورة الجاثية الآية 33].

{.. قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر} [سورة آل عمران الآية 118].

وأيضاً: {.. فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما..} [سورة الأعراف الآية 22].

ففي كل الآيات استعمل هذا اللفظ بمعنى الظهور بعد الخفاء.

وتجيز الشيعة هذا البداء لله، أي يظهر له أمر بعدما كان خفياً عليه - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً - كما تنص على ذلك روايات شيعية كثيرة في أمهات كتبهم، المعتمدة الموثوقة، منها مارووه عن جعفر أنه كان يقول بإمامة ابنه إسماعيل بعده، ثم مات إسماعيل في حياته فقال:

ما بدا لله في شيء كما بدا له في إسماعيل ابني" [كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه القمي ج1 ص69 - ط طهران سنة 1395ه‍، وفرق الشيعة للنوبختي ص64، وكتاب المقالات والفرق لسعد بن عبد الله القمي ص78 ط طهران سنة 1963م، والأنوار النعمانية ج1 ص359 ط إيران]

ومثل ذلك ما رواه الكليني في كافيه عن إمامهم العاشر علي بن محمد المكنى بأبي الحسن أنه لما مات ابنه الأكبر محمد المكنى بأبي جعفر وبقي له ابنه الأصغر الحسن المكنى بأبي محمد قال كما روى أبوهاشم الجعفري:

كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد ما مضى ابنه جعفر وإني لأفكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمد عليهم السلام وأن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبومحمد المرجي بعد أبي جعفر عليه السلام فأقبل عليّ أبوالحسن قبل أن أنطق فقال:

نعم يا أبا هاش، بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر عليه السلام ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهوكما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبومحمد ابنى المخلف من بعدي [الأصول من الكافي ج1 ص327].

وكما رواه أيضاً عن محمد بن عبد الله الأنباري أنه قال:

كنت حاضراً أبا الحسن عليه السلام لما توفي ابنه محمد فقال للحسن:

يا بني أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً [الأصول من الكافي ص326].

وهذه الروايات الثلاثة صريحة في معناها بأن الله لم يكن يعلم بأن كلاً من إسماعيل بن جعفر، ومحمد بن علي لا يصلحان للإمامة، وخفي الأمر عليه، ثم ظهر له عدم صلاحيتهما لتلك المنزلة وذلك المنصب فأحدث الإمامة في موسى بن جعفر وحسن بن علي.

هذا وروى محدثوالشيعة روايات كثيرة في هذا المعنى، منها ما رواه ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق عن علي بن موسى الملقب بالرضا - الإمام الثامن لدى الشيعة -:

لقد أخبرني أبي عن آبائي عليهم السلام عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

"إن الله أوحى إلى نبي من أنبيائه أن أخبر فلاناً الملك: أني متوفيه إلي كذا وكذا.

فأتاه ذلك النبي فأخبره، فدعا الله الملك وهوعلى سريره حتى سقط من السرير، قال: يا رب، عجلني حتى يشب طفلي ويقضى أمري.

فأوحى الله عز وجل إلى ذلك النبي أن ائت الملك فأعلم أني قد أنسيت في أجله وزدت في عمره إلى خمس عشرة سنة، فقال ذلك النبي عليه السلام: يا رب، إنك لتعلم أني لم أكذب قط، فأوحى الله عز وجل إليه: إنك عبد مأمور فأبلغه ذلك، والله لا يسأل عما يفعل [عيون أخبار الرضا ج1 ص181، 182 تحت عنوان (البداء وما يتعلق به)].

ورووا مثل ذلك عن نبي الله عيسى الناطق بالوحي أنه مر بقوم مجلبين كما نقله القمي عن جعفر بن محمد فقال عيسى عليه السلام:

ما لهؤلاء؟

قيل: يا روح الله إن فلانة بنت فلان تهدى إلى فلان بن فلان في ليلتها هذه قال: يجلبون اليوم ويبكون غداً، فقال قائل منهم: ولم يا رسول الله؟

قال: لأن صاحبتهم ميتة في ليلتها هذه، فقال القائلون بمقالته: صدق الله وصدق رسوله، وقال أهل النفاق: ما أقرب غداً، فلما أصبحوا جاءوا فوجدوها على حالها لم يحدث بها شيء، فقالوا: يا روح الله إن التي أخبرتنا أمس أنها ميتة لم تمت، فقال عيسى عليه السلام: يفعل الله ما يشاء، فاذهبوا بنا إليها، فذهبوا يتسابقون حتى قرعوا الباب فخرج زوجها، فقال له عيسى عليه السلام: استأذن لي إلى صاحبتك، قال: فدخل عليها فأخبرها أن روح الله وكلمته بالباب مع عدة، قال: فتخدرت، فدخل عليها فقال لها: ما صنعت ليلتك هذه؟

قال: لم أصنع شيئاً إلا وقد كنت أصنعه فيما مضى إنه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته إلى مثله، وأنه جاءني في ليلتي هذه وأنا مشغولة بأمري وأهلي في مشاغيل، فهتف فلم يجبه أحد، ثم هتف فلم يجبه أحد حتى هتف مراراً، فلما سمعت مقالته قمت متنكرة حتى أنلته كما كنا ننيله، فقال لها: تنحي عن مجلسك: فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة عاض على ذنبه، فقال عليه السلام: بما صنعت صرف الله عنك هذا [أمالي الصدوق المجلسي الخامس والسبعون ص404، 405].

وكذبوا على نبي الله محمد صلوات الله وسلامه عليه نقلاً عن جعفر أيضاً أنه قال:

مر يهودي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عليك، فقال أصحابه: إنما سلم عليك بالموت. قال: الموت عليك. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كذلك رددت، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن هذا اليهودي يعضه أسود في قفاه فيقتله. قال: فذهب اليهودي فاحتطب حطباً كثيراً فاحتمله، ثم لم يلبث أن انصرف فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ضعه فوضع الحطب فإذا أسود في جوف الحطب عاض على عود، فقال: يا يهودي ما عملت اليوم؟ قال: ما عملت عملاً إلا حطبي هذا احتملته فجئت به وكان معي كعكتان فأكلت واحدة وتصدقت بواحدة على مسكين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

بها دفع الله عنه، وقال: إن الصدقة تدفع ميتة السوء عن الإنسان" [الكافي للكليني ج4 ص5 - كتاب الزكاة].

ومعنى الروايتين واضح جلي أن نبي الله عيسى عليه السلام أخبر بموت العروسة بإخبار من الله عز وجل وبوحي منه وخفي على الله - عياذاً بالله - بأن العروسة واليهودي لا يموتان في وقتهما الذي حدد لموتهما العارضة تعرض، وسبب يحدث، كما لم يظهر له - تعالى الله عما يقولونه علواً كبيراً - أن رسوليه يكذبان من قبل المعاندين، ويهزأ بهما من قبل المنافقين، ويتكلم الناس في أمرهما ما يتكلمون، ويكون في أيديهم حجة لتكذيبهم إياهم وللرد على مقولاتهم وأنبائهم فلا يبقى إذاً معنى النبوة والنبوءة.

وعلى ذلك اضطرب القوم في أمر هذه العقيدة الخبيثة، المتفق عليها عند جميع الشيعة كما قال شيخهم المفيد: واتفقت الإمامية على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس [أوائل المقالات ص52].

فهذه العقيدة المتفقة عندهم جعلتهم يضطربون عند الإيرادات والإشكالات ولا يجدون عنها مخلصاً إلا بالتأويلات الركيكة والتوجيهات الضعيفة الرخيصة، منها ما التجأ إليه كاتب شيعي دعائي في كتابه الدعائي (المشهور أصل الشيعة وأصولها)، وضعف قوته وفتور همته وقلة حيلته وعدم ثقته بكلامه تتدفق من عبارته وهويقول:

أما البداء الذي تقول به الشيعة الذي هومن أسرار آل محمد - صلى الله عليه وسلم - وغامض علومهم حتى ورد في أخبارهم الشريفة أنه: ما عبد الله بشيء مثل القول بالبداء، وأنه: ما عرف الله حق معرفته ولم يعرف بالبداء، إلى كثير من أمثال ذلك، فهوعبارة عن إظهار الله جل شأنه أمراً يرسم في ألواح المحووالإثبات وربما يطلع عليه بعض الملائكة المقربين أوأحد الأنبياء والمرسلين فيخبر الملك به النبي، والنبي يخبر به أمته، لم يقع بعد ذلك خلافه لأنه محاه وأوجد في الخارج غيره وكل ذلك كان جلت عظمته يعلمه حق العلم ولكن في علمه المخزون المصون الذي لم يطلع عليه لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ممتحن، وهذا المقام من العلم هوالمعبر عنه القرآن الكريم بأم الكتاب المشار إليه، وإلى المقام الأول بقوله تعالى: {يمحوالله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}، ولا يتوهم الضعيف أن هذا الإخفاء والإبداء يكون من قبيل الإغراء بالجهل وبيان خلاف الواقع، فإن في ذلك حكماً ومصالح تقصر عنها العقول وتقف عندها الألباب [أصل الشيعة وأصولها لمحمد الحسين آل كاشف الغطاء ص148].

ثم إن القوم لم يقفوا في سرد الروايات لدعم عقيدتهم هذه إلى هذا الحد بل قالوا: إن نبي الله لوطاً عليه السلام كان يخاف من البداء لله إلى حد أنه طالب ملائكة العذاب أن يعجلوا بقومه العذاب كي لا تتغير إرادة الله فيهم بسبب من الأسباب التي خفيت عليه وتظهر فيما بعد.

وهذه هي عبارة القوم نقلاً عن محمد الباقر بعد ذكر رسل الله الذين أرسلوا إلى قوم لوط:

قال لهم لوط: يا رسول ربي فما أمركم ربي فيهم؟

قالوا: أمرنا أن نأخذهم بالسحر.

قال: فلي إليكم حاجة.

قالوا: وما حاجتك؟

قال: تأخذونهم الساعة، فإني أخاف أن يبدولربي فيهم.

فقالوا: يا لوط، إن موعدهم الصبح، أليس الصبح بقريب [الكافي في الفروع للكليني ج5 ص546، كتاب النكاح باب اللواط].

وقد بالغوا هذا حتى قالوا نقلاً عن محمد الباقر: أنه قال:

إن الله عز وجل إذا أراد أن يخلق النطفة التي مما أخذ عليها الميثاق في صلب آدم أوما يبدوله فيه ويجعلها في الرحم حرك الرجل للجماع وأوحى إلى الرحم - أن افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي وقضائي النافذ وقدري، فتفتح الرحم بابها فتصل النطفة إلى الرحم، فتردد فيه أربعين يوماً. ثم تصير علقة أربعين يوماً، ثم تصير مضغة أربعين يوماً، ثم تصير لحماً تجري فيه عروق مشتبكة، ثم يبعث الله ملكين خلاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء الله فيقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة فيصلان إلى الرحم وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء فينفخان فيها روح الحياة والبقاء ويشقان له السمع والبصر وجميع الجوارح وجميع ما في البطن بإذن الله، ثم يوحي الله إلى الملكين: اكتبا عليه قضائي وقدري ونافذ أمرين واشترطا لي البداء فيما تكتبان.. فيملي أحدهما على صاحبه فيكتبان جميع ما في اللوح ويشترطان البداء فيما يكتبان [الكافي في الفروج ج6 ص13، 14 كتاب العقيقة باب بدء خلق الإنسان].

وقد عظموا هذه العقيدة حتى نقلوا عن أئمتهم أنهم قالوا:

"ما عبد الله بشيء مثل البداء" قاله محمد الباقر [الكافي في الأصول ج1 ص146، كتاب التوحيد باب البدء].

وعن جعفر أنه قال:

"ما عظم الله بمثل البداء" [الكافي في الأصول].

وعنه أيضاً ما نقله مالك الجهني أنه قال:

"لوعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما افتروا من الكلام فيه [الأصول من الكافي 1/ 148].

وعن مرازم بن حكيم أنه قال:

سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:

ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس خصال: بالبداء، والمشيئة، والسجود والعبودية، والطاعة [الأصول من الكافي].

وأخيراً ما رواه الريان بن الصلت أنه قال:

"سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما بعث الله نبياً قط إلا بتحريم الخمر، وأن يقر لله بالبداء" [الكافي في الأصول 1/ 148].

هذا ما يقوله الشيعة عن الله ويعتقدوه فيه وراثة عن اليهودية البغيضة، وناقلة أفكارها الخبيثة من قول اليهود:

"رأي الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هوشرير كل يوم. فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه، فقال الرب: أمحوعن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته الإنسان مع البهائم ودبابات وطيور السماء، لأني حزنت أني عملتهم [سفر التكوين من التوراة الإصحاح السادس الفقرة 5، 6، 7].

ومثل هذه الفقرات كثيرة في التوراة واضحة تشير إلى أن الله فعل شيئاً ولم يكن ليفعل لوعل في حينه أن نتيجته خلاف ما أراده، وخفي عليه ما ظهر فيما بعد - سبحانه عما يصفو.

وأما ما يقوله الرب جل وعلا في كتابه المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهومخالف تمام المخالفة لما يعتقده اليهود والشيعة يقول الرب عز وجل عن نفسه:

{.. عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} [سورة سبأ الآية3].

وقال:

{وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.. } [سورة يونس الآية61].

وقال:

{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هوويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} [سورة الأنعام الآية 59].

وأمر ملائكته أن يقولوا:

{وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياً} [سورة مريم الآية 65].

وقال على لسان موسى عليه السلام:

{.. لا يضل ربي ولا ينسى} [سورة طه الآية 52].

وقال:

{.. وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً} [سورة الطلاق الآية 12].

وقال: {.. وكان الله بكل شيء محيطاً} [سورة النساء الآية 126].

وقال: {.. ألا إنه بكل شيء محيط} [سورة فصلت الآية 54].

والآيات في هذا المعنى كثيرة لا تعد ولا تحصى.

أما الشيعة فيعتقدون في الله عكس ما يقوله الرب عنه جل جلاله، وعم نواله، مصرحين بأن الله تعالى ظهر له من الأمر ما لم يكن ظاهراً [رسالة أعلام الهدى في تحقيق البداء لنظام الدين الجيلاني الشيعي نقلاً عن تحفة اثنى عشرية ص226].

ولماذا قالوا بالبداء؟

هؤلاء القوم لماذا يقولون بهذه المقالة الشنيعة؟

يجيب على ذلك أقدم من كتب في فرق الشيعة من الشيعة ومن يليه أبومحمد الحسن بن موسى النوبختي، وسعد بن عبد الله القمي في كتابيهما (فرق الشيعة)، وكتاب (المقالات والفرق) نقلاً عن سليمان بن جرير:

"إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذبهم أبداً، وهما القول بالبداء، وإجازة التقية.

فأما البداء فإن أئمتهم لما أحلوا أنفسهم من شيعتهم محل الأنبياء من رعيتها في العلم فيما كان ويكون، والإخبار بما يكون في الغد، وقالوا لشيعتهم: إنه سيكون في غد وفي غابر الأيام كذا وكذا، فإن جاء ذلك الشيء على ما قالوه قالوا لهم:

ألم نعلمكم أن هذا يكون، فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمته الأنبياء عن الله ما علمت، وإن لم يكن ذلك الشيء الذي أخبروا به على ما قالوا، اعتذروا لشيعتهم بقولهم: بدا لله في ذلك بكونه.

فما أصدقه وأحسن به.

هذا ولم يقولوا بهذه المقالة ولم يعتقدوا بهذا الاعتقاد إلا لمخالفتهم المسلمين أهل السنة حيث أنهم أسسوا قواعد مذهبهم على مخالفة العقائد الإسلامية الخالصة المستقاة من كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه كما بيناه فيما مضى.

وليس الأمر كما تصوره السيد الدكتور ومن يحذوحذوه ويسلك مسلكه دون علم أوبرهان.


البداء

من أصول الاثني عشرية القول بالبداء على الله سبحانه وتعالى حتى بالغوا في أمره فقالوا:''ما عبد الله بشيء مثل البداء'' ''وما عظم الله عز وجل بمثل البداء'' ''ولوعلم الناس ما في البداء من الأجر ما فتروا من الكلام فيه'' ''وما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء'' 0 [أصول الكافي ج1/ 146 - 148، وغيره]

وألف شيوخهم في شأنها مؤلفات مستقلة بلغت (25) مصنفا كما ذكر في الذريعة [ج 3/ 53 - 57] 

والبداء في اللغة له معنيان:

1 - الظهور بعد الخفاء 0 2 - نشأة الرأي الجديد 

وواضح أن البداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله سبحانه وتعالى، ونسبته إلى الله من أعظم الكفر، وهذا المعنى المنكر يوجد في كتب اليهود [سفر التكوين الفصل السادس فقرة/5]، ومثله يتكرر في توراتهم 

إن الأكثرية الساحقة من أبناء الشيعة لا يعرفون معنى البداء غير أنهم لم ينتبهوا إلى أنهم يكررونها عند مخاطبتهم الأئمة في قبورهم حيث يقولون عند قبر الإمام:''السلام عليكما يا من بدا لله فيكما'' [مفتاح الجنان/929] 

ولقد حاول شيوخ الشيعة أن يجدوا مخلصا من وصمة هذا العار، ومهربا من التكفير بعده بمحاولات منها:

1 - فالنصير الطوسي الذي لقبه المجلسي بالمحقق أنكر وجود البداء كعقيدة للاثني عشرية وقال عن طائفته: ''إنهم لا يقولون بالبداء وإنما القول بالبداء ما كان إلا في رواية رووها عن جعفر الصادق أنه جعل إسماعيل القائم مقامه، فظهر من إسماعيل ما لم يرتضه منه، فجعل القائم موسى فسئل عن ذلك فقال: بدا لله في أمر إسماعيل، وهذه رواية، وعندهم أن خبر الواحد لا يوجب علما ولا عملا''' [تلخيص المحصل للطوسي/250] 0 ولكن هذا -كما ترى - مخالف للواقع، إذ أن البداء من عقائدهم المقررة، ولذلك قال المجلسي بأن هذا الجواب عجيب من الطوسي، وعزا ذلك لعدم إحاطته بالأخبار [بحار الأنوار ج4/ 123] 0

2 - وصنف من الشيعة يقر بالبداء كعقيدة ويحاول أن يجد له تأويلا مقبولا 0 فإبن بابويه القمي يوجه أحاديثهم في البداء توجيها تبدوعليه ملامح الاضطراب، فهوفي البداية يقول:''ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة -تعالى الله عن ذلك - ولكن يجب علينا أن نقر لله عز وجل بأن له البداء معناه أن له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره'' [التوحيد/235] 0 فأنت ترى أن حديثه هنا خارج الموضوع تماما لأنه تكلم عن البدء لا البداء  ولكنه رجع وفسر البداء بالنسخ فقال بعد الكلام السابق مباشرة: ''أويأمر بأمر ثم ينهى عنه وذلك مثل نسخ الشرائع، وتحويل القبلة'' 

وهذا جهل أوتجاهل، إذ لا بداء في النسخ، والحكم كان مؤقتا في علم الله وأجل الحكم، وانتهاء الحكم عند حلول الأجل معلوم لله قبل الحكم0 نعم بدا لنا ذلك من الله بعد نزول الناسخ والبداء لنا في علمنا لا لله 0

ثم إن ابن بابويه في نهاية توجيهه لعقيدة البداء عاد إلى القول بأن البداء ''إنما هوظهور أمر، بقول العرب بدا لي شخص في طريقي أي ظهر0 قال الله عز وجل: {وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون} [الزمر/47] أي ظهر لهم ومن ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره'' [التوحيد/336] 

فهذا عودة منه لتقرير ذلك المنكر في معتقدهم في البداء، بعد تلون وتقلب 

وزيادة عمر من وصل رحمه ليست من باب البداء، وظهور ما لم يكن في علم الله، بل صلة الرحم سبب لطول العمر، والله قد قدر الأجل وسببه إلى هذه الغاية، ولولا ذلك السبب لم يصل إلى هذه الغاية ولكن قدر الله هذا السبب وقضاه، وكذا قدر أن هذا يقطع رحمه فيعيش إلى كذا 

3 - لكن شيخ الطائفة الطوسي يسلك في تأويل البداء طريقا أسلم من طريق ابن بابويه حيث يقول:''قوله بدا لله فيه معناه بدا من الله فيه وهذا القول في جميع ما يروي من أنه بدا لله في إسماعيل معناه بدا من الله، فإن الناس كانوا يظنون في إسماعيل بن جعفر أنه الإمام بعد أبيه، فلما صارت لغيره علموا بطلان ذلك'' [الغيبة للطوسي/55] 

هذا اعتذار الطوسي، ولا شك بأن البداء إذا كان للخلق بأن يقع لهم ما لم يحتسبوا، فليس فيه ما يمس العقيدة الإسلامية 

وقد تابع الطوسي في الاعتذار نفسه أحد مراجع الشيعة في هذا العصر وهومحمد حسين آل كاشف الغطاء [الدين الاسلامي/173] 

ولكن المطلع على رواياتهم لا يرى أنها تتفق مع هذا التاويل، إذ تدل على نسبة البداء إلى الله لا إلى الخلق ولذلك اعتذر أئمتهم عن الأخبار بالغيبيات خشية البداء، ونسبوا إلى النبي لوط عليه السلام أنه كان يحث الملائكة لإنزال العقوبة بقومه خشية أن يبدولربي فيهم، فقالوا يا لوط إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب [الكافي ج5/ 546] 0 فهل مثل هذا ''الإلحاد'' يقبل التأويل؟!

ثم إن التأويل الأخير لا يسوغ كل هذه المغالاة في البداء وجعله من أعظم الطاعات وأصول الاعتقادات 

إن هناك روايات من كتب الاثني عشرية تنقض عقيدة البداء:

جاء في كتاب التوحيد لابن بابويه: ''عن منصور بن حازم قال سألت ابا عبد الله -عليه السلام- هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟ قال: لا، من قال هذه فأخزاه الله، قلت أرأيت ما كان وما هوكائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال بلى، قبل أن يخلق الخلق'' [334، وأصول الكافي ج1/ 148] 0 لقد أصبح الشيعة باعتقادهم هذا عارا على بني آدم وضحكة يسخر منهم كل عاقل بسبب ما اعتقدوه من مثل هذه الضلالات.


البداء

وهو بمعنى الظهور بعد الخفاء، كما في قوله تعالى: ((وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)) سورة الزمر.

أو بمعنى: نشأة رأي جديد لم يكن من قبل كما في قوله تعالى ((ثم بدا لهم بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين)) سورة يوسف.

والبداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم وكلاهما محال على الله عز وجل فإن علمه تعالى أزلي وأبدي لقوله تعالى: ((وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين)).

والشيعة ذهبوا إلى أن البداء متحقق في الله عز وجل كما تدل عليه العبارات الآتية من مراجعهم الأساسية:

ذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتابه "أصول الكافي" بابا كاملا في البداء وسماه (باب البداء) وأتى فيه بروايات كثيرة نذكر بعضها: (عن زرارة بن أعين عن أحدهما عليهما السلام قال: ما عبد الله بشيء مثل البداء، وفي رواية ابن أبي عمير عن هشام ابن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام: ما عظم الله بمثل البداء).

وعن مرازم بن حكيم قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله بخمس: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة).

عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء).

ونقل الكليني أيضا (بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر ما لم يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون. وأبو محمد ابني الخلف من بعدي وعنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة) (1).

وقد كذبوا على الله في ذلك وعلى أئمتهم-يظنون في الله غير الحق ظن الجاهلية- يدعون أن الله كان يريد الإمامة لأبي جعفر ثم لما مات قبل أن يصبح إماما حينئذ بدا لله العلي القدير أن يكون الإمام أبومحمد ففعل، وذلك كما أنه قد كان يريد الله أن يجعل إسماعيل إماما ثم (والعياذ بالله) بدا لله الرأي الجديد فغير رأيه السابق فجعل موسى الكاظم إماما للناس- وهكذا يفترون على الله الكذب سبحانه اتباعا لأهوائهم فلهم الويل لما يصفون.

ونسوا قاتلهم الله أنه ينتج من أكاذيبهم هذه نسبة الجهل إلى الله العليم الخبير الحكيم الجليل، وهو كفر بواح.

ونقل الكليني: عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه يقول: يا ثابت إن الله تبارك وتعالى وقت هذا الأمر في السبعين فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين (2) ومائة فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا ((يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)) قال أبوحمزة: فحدثت بذلك أبا عبدالله عليه السلام فقال: قد كان ذلك (3).

والمراد (بهذا الأمر) في كلامه هو ظهور المهدي. ثم إن أقوالهم وادعاءاتهم هذه كلها ظاهرة البطلان فإنه يلزم من عقيدة البداء (نعوذ بالله) أن الله تعالى شأنه كان يجهل هذه الأشياء التي جاءت مؤخرا ثم لما حدثت وعلم بها الله غير سبحانه رأيه القديم وأنشأ رأيا جديدا حسب الظروف والأحوال الجديدة ونسبة الجهل إلى الله تعالى كفر صحيح كما مقرر في محلة.

_______________________

(1) أصول الكافي ص40

(2) يعني ذلك أن الله لم يكن عنده علم أن الحسين سيموت فلما علم بذلك أخر الأمر. (أهلكهم الله).

(3) أصول الكافي ص232 مطبوعة الهند.