شؤون خليجية - ريهام سالم
اتخذت مملكة البحرين خطوات جادة تجاه التمدد الإيراني الذي يهدد الأمن القومي الخليجي، حيث أبعدت السفير الإيراني من المنامة وسحبت سفيرها من طهران مطلع (أكتوبر) الماضي، وهي الخطوة التي اعتبرها مراقبون صفعة دبلوماسية قوية تتناغم مع المطالَب الشعبية لأهالي البحرين، الذين ضاقوا ذرعًا من الممارسات الإيرانية في شأنهم الداخلي، إلا أنها لم تفلح، حيث تواصل إيران من خلال عملائها محاولات تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف أمن البحرين، إضافة إلى التدخل في الشؤون الداخلية لمد النفوذ الإيراني.
مطالب بمواقف مماثلة من باقي دول الخليج
الأمر الذي تعالت معه مطالبات خبراء ومحللين ومراقبين، بمواقف عربية وخليجية مماثلة وموحدة، وتضامن مع الإجراءات التي تتخذها البحرين لمواجهة الخطر الإيراني المتنامي في المنطقة، مشددين على ضرورة إعلان موقف واضح وصريح تجاه أعمال إيران الإجرامية بالمنطقة.
وأكدوا أن ما تمر به المنطقة من أحداث جسام يتطلب مراجعة جادة وعاجلة لاستراتيجية التعامل مع التهديدات الإيرانية وحليفتها الروسية للمنطقة، معتبرين أن موقف البحرين هو خطوة بالاتجاه الصحيح، وموقف سياسي ودبلوماسي حاسم حيال تدخلات وتجاوزات النظام الإيراني في شؤون البحرين ودول الخليج الداخلية.
خطوات بحرينية أوسع من القطيعة الدبلوماسية
واستمرت البحرين في الثبات على موقفها، حيث قالت مصادر مطلعة إن العلاقة بين البحرين وإيران ستتجه إلى القطيعة، متوقعة أن يتم تعليق الأنشطة الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ووقف الرحلات الجوية لتكون بذلك أول دولة خليجية تقوم بهذه الخطوة إذا ما تم إقرارها رسمياً- بحسب الحياة.
ورجحت المصادر السبب إلى قيام إيران بتجنيد عناصر تقوم بالتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في البحرين، إضافة إلى تواصل قيادات تلك العناصر بالحرس الثوري الإيراني لمتابعة ما يتم التخطيط له، في حين تكفل الحرس الثوري الإيراني بتدريبات لعناصر في البحرين على استخدام الأسلحة، وصناعة المتفجرات والقنابل وتشريكها، وتهريبها وتخزينها، في معسكرات في إيران والعراق.
ولفتت المصادر إلى أن أجهزة الأمن البحرينية اكتشفت خلال الفترة الماضية، مخازن لقنابل محلية الصنع، ومواد أولية تدخل في تصنيع العبوات المتفجرة، منها مادة C4 ومادة TATP ونترات اليوريا، والنترو سليلوز، وذخائر حية، وقوالب لعبوات مضادة للأفراد وعبوات خارقة للدروع وغيرها.
متفجرات إيرانية تكفي لتدمير المنامة
تأتي هذه التصريحات في أعقاب ما أعلنته الداخلية البحرينية الأسبوع الماضي، 4 نوفمبر الجاري، عن ضبط خلية وصفتها بـ"الإرهابية" واعتقال 47 من أعضائها، وإحباط مخططات لأعمال عنف كانت تنوي القيام بها في الأيام المقبلة، مشيرة إلى أنهم مرتبطون بجهات إيرانية.
وكان وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، قد قال: "إن تصرفات إيران تمثل تهديداً لا يقل عن تهديد تنظيم داعش، متهماً إيران بتهريب أسلحة إلى البحرين".
وقال "آل خليفة" في تصريحات سابقة: إن حجم المتفجرات المهربة إلى البحرين كانت كافية لإزالة مدينة المنامة من الوجود، ودعا إيران إلى الالتزام ببنود الاتفاق النووي وإلى إصلاح علاقاتها بدول الجوار، مؤكدًا أن الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الغربية مع طهران "لا يغطي كافة مصادر التوتر من إيران"، مضيفًا أنه في حال استمرت طهران على نهجها السابق، فلن تكون منطقة الخليج قد تحصلت من الاتفاق شيئًا.
القطيعة الخليجية لقطر ومطالب بموقف مماثل
تسعى إيران دومًا لتوسيع نفوذها في الدول الخليجية، حيث تدعم المعارضة في البحرين وتحرض ضد دول الخليج والأنظمة القائمة وتسعى إلى تغييرها، وتحاول إفشال أي تقارب أو تكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي بكافة السبل والوسائل، والحيلولة دون تشكل موقف خليجي موحد من العلاقة مع طهران، مع تركيزها على العلاقات الثنائية والتأكيد عليها، دون الحديث عن علاقة مع المجلس بكافة أعضائه.
وأشار مراقبون إلى موقف السعودية ودول الخليج من مقاطعة جارتهم قطر في مارس 2014، حيث أصدرت السعودية والإمارات بيانًا مشتركًا أعلنوا فيه سحب سفرائهم من قطر بدعوى حماية أمنهم واستقرارهم، لخروج قطر على النهج ودعمها لمنظمات وأفراد يهددون أمن الخليج، متهمين قطر بدعم الإعلام المعادي.
واستنكر المراقبون المواقف المرتبك لدول الخليج تجاه "عدوهم الأول إيران"، وعدم تشكيلهم لتحالف خليجي قوي مناهض لإيران صراحة، مطالبين بموقف قوي رادع لإيران، بدءًا من قطع العلاقات الدبلوماسية مرورًا بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية، والبعد عن البيانات الاستنكارية التي لا تقدم جديدًا ولا تعد الآن مقياسًا لمواقف الدول.
موقف خليجي مرتبك ودعوات لمحاورة إيران
ورغم الخطر الإيراني وخطوة البحرين في سحب السفراء، إلا أن موقف دول الخليج مرتبك تجاه إيران، ففي أعقاب الخطوة البحرينية، أبدى وزير الخارجية الكويتي الشيخ "صباح خالد الحمد الصباح"، في تصريح له الشهر الماضي، استعداد دول مجلس التعاون الخليجي للحوار مع إيران، داعيًا الأخيرة إلى العمل وفق القواعد الدولية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، والالتزام بحسن الجوار.
وفي أواخر الشهر الماضي، أعلن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، استعداد بلاده لاستضافة حوار بين إيران ودول الخليج، مؤكدًا أن الخلافات بين الجانبين سياسية وليست سنية – شيعية. وأضاف: أن "الخلافات القائمة برأيي هي خلافات سياسية إقليمية عربية – إيرانية، وليست سنية – شيعية، يمكن حلها بالحوار والاتفاق على قواعد تنظم العلاقات بين إيران ودول الخليج، على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وقد آن الأوان لإجراء حوار هادف من هذا النوع، بين دول سوف تبقى دائمًا دولًا جارة، ولا تحتاج لوساطة أحد، ونحن مستعدون لاستضافة حوار كهذا عندنا في قطر".
صمت إماراتي تجاه الاحتلال الإيراني لجزرها
ومرورًا على موقف باقي دول الخليج تجاه إيران ومن بينهم الإمارات، تتجاهل الإمارات الاحتلال الإيراني لجزرها، وتبحث عن حلول عبر قنوات حوارية تفاوضية ترفضها إيران، وتؤكد سيادتها الكاملة على تلك الجزر، حيث دومًا ما تصر المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، على أن "هذه الجزر جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية".
وهي الجزر التي تخضع تحت سيطرة إيران منذ العام 1971، بينما تسعى دولة الإمارات لدى العديد من المنظمات والهيئات الدولية والدول العربية، من خلال مبادرات عديدة للاعتراف بأحقيتها في الجزر.
وأكد محللون سياسيون، أن السلطات الإماراتية تتخوف من مواجهة إيران، حيث تأتي التهديدات الإيرانية بنتائج إيجابية، فقد هدد نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني من حدوث أي مواجهة عالمية مع إيران في المستقبل، مهددًا بـ"تدمير حاملات الطائرات الأمريكية في الخليج والاستيلاء عليها، في حال حدوث الحرب".
كما وقعت كل من إيران والإمارات أواخر العام الماضي، مذکرة تفاهم تتضمن 17 بندًا لتسهيل إصدار تأشيرات الدخول وإقامة رعايا كل من البلدين في البلد الآخر.