Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

التعليق اللطيف على كتاب صرخة من القطيف

التعليق اللطيف على كتاب صرخة من القطيف
محمد بن سعد العيــد
غفر الله له ولوالديه ولمشايخه
ولجميع المسلمين

 1431هـ


      الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.                            
          أما بعد:
        كنت فيما مضى قد تتبعت أثر الكتاب على الشيعة في شبكة الدفاع عن السنة تحت عنوان : (كتاب صرخة من القطيف أثره على الشيعة/متابعة)([1]) وأحببت الآن أن أقف بعض الوقفات مع تعليقاتهم عليه ، مفنداً لها بشكل بسيط ومختصر ، ومؤيداً للبعض الآخر منها ، وذاكراً للأثر الحاصل عليهم من الكتاب في الوقفة السادسة.
          وكانت هذه الوقفات ست هي :
          * الأولى : قراءة في الكتاب.
          * الثانية : اسم المؤلف.
          * الثالثة : فكرة الكتاب.
          * الرابعة : الكذب على المؤلف.
          * الخامسة : الكتابات المنصفة.
          * السادسة : الأثر المدوي.
          وأردفت بعدها ملحقاً عبارة عن لقاء أجري مع المؤلف.
          ولعل القارئ لها يرى أن فيها اختصاراً كبيراً وعدم إلمام ببعض جوانب الكتاب أو أثره على الشيعة ، وذلك راجع إلى أنها نشرت أصلاً في منتدى حواري وكان القصد منها إيصال الفكرة فقط لا التوسع فيها.
      ونبدأ الآن باستعراض هذه الوقفات:
 
 
الوقفة الأولى
قراءة في الكتاب([2])
          هذا الكتاب ليس له ناشر، وقد لجأ مؤلفه إلى نشره على الشبكة العنكبوتية، ربما بدافع الحرص على توصيل رسالته إلى أوسع شريحة من الناس، وربما لأنه لن يعثر على ناشر يجرؤ على تبني كتاب على هذه الدرجة من الخطورة.
          صادق السيهاتي – مؤلف الكتاب - يعشق مدينته القطيف وهو متمسك بتشيعه، ولكن على طريقته التي تُخْرِجه بالتأكيد من دائرة المذهب الإمامي مثلما يطرحه سدنة قم والنجف.
          بدأ انفتاح عقل المؤلف أو تمرده على موروثه الرافضي، في عام1424-لأن عام 1324 الوارد في الكتاب غلط مطبعي بالتأكيد- وذلك في أعقاب مناقشته رجلاً فلسطينياً من نابلس حول أسطورة عدائنا-نحن أهل السنة والجماعة- لآل البيت وكانت النتيجة عكسية تماماً ففتحت عيني صاحبنا على تأصل الكذب لدى المعممين الذين كان يظن فيهم كل خير.ومما شجعه على مخالفة إرثه التقليدي، قاعدة: اعرف الحق تعرف أهله، وتذكره أن الأنبياء اتُهِمُوا بكل الاتهامات المفتراة لأنهم خالفوا مألوف أقوامهم.
          وأكثر ما استفز السيهاتي تأليه الأئمة وشعوذة المعممين(استخراج الفئران بالطلاسم ومعرفة مدى عفة المرأة من خلال السحر....) وهي ممارسات راسخة ينقلها عن كتبهم مثل: ضياء الصالحين-التحفة الرضوية-كتاب المعاجز للبحراني ص15- ويسخر من غلو القوم كروايتهم أن عليا كان يعرف بنبوة محمد ويتلو القرآن منذ ولادته في حين يعلمنا الله في كتابه العزيز أن النبي لم يكن يدري أنه نبي قبل أن ينزل عليه الوحي!!!وعن نسبة المفيد وأمثاله علم الغيب إلى الأئمة يقول المؤلف بمرارة : أفنصدق المفيد أم نصدق رب العالمين؟
          ومما أثار الحاسة النقدية لدى السيهاتي غلو رهطه حتى بغير الأئمة كادعاء معجزات لخميني، وفي مقابل شركياتهم ولجوئهم للمعممين ليستخيروا لهم بالسبحة يقول بمرارة: لقد طلبنا العون من كل شيء حتى من (المسبحة) وتركنا رب العالمين!! وينعى عليهم إقامة الأضرحة برغم روايات في كتبهم تفيد أن النبي ص لعن من يفعل هذا؟
          ويوضح أن غايتهم هي نهب المال بسبب ذلك كتعدد مشهد الحسين وادعاء قبر اليسع في القطيف وقبر علي في مزار شريف(في أفغانستان!!).
          والمؤلف يربط بين غلاة الشيعة والمتصوفة الذين يحكي عن واحد من أبناء عائلة بارزة منهم انخلع من الصوفية عندما استأجرت عائلته مرتزقة في جنازة أحد موتاها لشد النعش إلى الخلف لادعاء كرامة لا أصل لها، ثم يبين السيهاتي حرص الاستعمار والاستشراق على مؤازرة الصوفية(جولد تسيهر اليهودي المجري في رسالته للشيخ طاهر الجزائري وسياسة الاستعمار الفرنسي الاستيطاني في الجزائر).
          كما ينقل معظم مقالة للشيخ-الشيعي - عباس الموسى يعترض فيها على دعاء غير الله بنصوص يرويها الشيعة عن الأئمة!!
          وهو يحمل بشدة على زواج المتعة مؤكداً أنها إباحية وتخالف الفطرة وتخلق مشكلات(ربع مليون لقيط في إيران) ويقول : (هناك من يريد أن يعبث بشرف المسلمات ويحقق شهواته باسم مذهب آل البيت !!كيف ستكون هناك أسرة إذا كان المرء يستطيع أن يتمتع بفتاة ثم يكون مع أخرى بعد أيام دون تحمل أي مسئولية؟ لماذا سيتزوج المرء إذا كانت الحياة بهذه الإباحية؟!).
          ثم يسأل بحرقة: (ما ذنب الولد الذي سيخرج بدون أب وسينظر له المجتمع على أنه ابن زنا، ومحكوم عليه قبل الميلاد بأن يعيش محتقراً من الجميع. والله سيأتي جميع الأطفال ممن ولدوا بسبب المتعة ويتعلقون برقبة كل من أفتى بهذا الزواج المشئوم يوم القيامة.
          قال تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ] {النور:19} الذين يحبون أن تشيع.. مجرد حب أن تشيع الفاحشة يستوجب العذاب الأليم، فكيف بمن يشيعها فعلاً؟ كيف بمن يصدر لها الفتاوى؟).
          وصادق السيهاتي يرفض اتباع مرجع من المعممين ولا يلتزم كتبهم لخلوها من الدليل سواء أكان آية أم حديثاً نبوياً أم "نصاً لآل البيت" ويقول لمحاوره الذي سأله عن المرجع الذي يقلده : (قلت: أنت تتبع المَرَاجع وليس آل البيت، أين مذهب آل البيت في كل ما يحدث؟!
          أين مذهب آل البيت في فتاوى ليس عليها دليل لا من القرآن ولا من أحاديث النبي ص ؟!هل جاء الأئمة eبدين جديد غير دين النبي الأكرم ص ، أم أنهم ساروا على نهج النبي ص وما جاء في القرآن؟!)!!
          ثم يستطرد ساخراً فيقول: (أليس من السخف ألا يوجد كتاب فتاوى واحد معزز بأدلة من القرآن، وكأنني أقرأ كتاب فتاوى لجون بول سارتر أو لينين أو ستالين وليس لعالم مسلم؟!).
          وهذه النقطة المحورية تستأثر باهتمام ملحوظ من الكاتب ولذلك               يعيد الحديث عنها قائلاً: (فالمَرَاجع كما ذكرت سابقاً لا يذكرون أدلة على جُل الفتاوى، وقد اطلعت على كثير من كتب الفتاوى مثل منهاج الصالحين والمسائل المنتخبة وأجوبة المسائل وأجوبة الاستفتاءات والفتاوى الميسرة وغيرها.. فوجدت أنه لا توجد أدلة على كل فتاوى هذه الكتب لا من القرآن، ولا من أحاديث الرسول الأكرم ص، ولا من أقوال العترة الطاهرة، فأين مذهب آل البيت eفي كل هذا؟!).
          ويسجل على العامة تقديسهم لمشايخهم فأنت تورد قول الله عز وجل فيرد عليك محاورك الساذج بقول أحد المراجع بالرغم من أنه يناقض قول الحكيم الخبير كلياً وهو ما وقع للمؤلف في مناقشته أحد الأشخاص حول حرمة الاستغاثة بغير الله سبحانه.
          ويورد السيهاتي إحدى فضائح التيجاني المستشيع عندما يدفعه حقده واستحلاله الكذب إلى الادعاء بأن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب nأقر بخلافة أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور مع أن ابن عمر مات قبل انقضاء الدولة الأموية بسنوات.ويستدل السيهاتي بهذا الشاهد على استسهال الكذب لدى المعممين لثقتهم بأن العامة لا يضعون كلامهم موضع تساؤل البتة.
          ويعقد مقارنة مهمة بين مسلك المعممين الشيعة ومسلك رجال الكنيسة في القرون الوسطى حيث يحتكرون حق التحدث باسم المقدس بلا دليل أبداً.وهذا فوق ما فيه من ضلال يمنع غير المسلمين من الدخول في الإسلام، يقول السيهاتي: (فلو أن مسيحياً أو غيره يريد أن يعرف ما هو الإسلام فماذا نقول له؟!
          أنقول له: إن مصدر التشريع الرئيسي لدى المسلمين غير مفهوم وله تفسير وتأويل، وأنت بحاجة إلى وسيط يفك لك طلاسم وشفرات القرآن؟هل سيقبل مني شخص هارب من كهنوت الكهنة أن أدعوه إلى كهنوت المراجع؟!هل سيقبل أن أقول له: إن نبينا فشل في التأثير على مَنْ حَوْله في زمانه، ثم أقول له: إنه أعظم شخصية في التاريخ؟! أم أنه من الأفضل أن أخجل من ديني وما فيه من تعاليم فأطبق معه الحديث المكذوب على الإمام الصادق d: "يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله").
          ويورد المؤلف تجربة شخصية وقعت له، فقد أفحم نصرانيا عبر المسنجر عن عقيدة الفداء الباطلة لكن النصراني أحرجه عندما بعث له صور اللطم والتطبير في عاشوراء وبين المشاركين أطفال في السنة الثانية من أعمارهم!!
          ويفضح السيهاتي انتقاص الرافضة من رابع الخلفاء الراشدين علي ويرد عليهم بأن علياً kليس جبانا مثلما تصوره روايات الشيعة في أكذوبة ضرب عمر لفاطمة وزواج الفاروق من أم كلثوم ابنة علي وفاطمة!!
          وبعامة فإن الكتاب مهم جداَ لتلمس البوادر الواعدة لدى كثير من شباب الشيعة إذ أخذوا يفكرون بعقول مفتوحة فهالهم حجم الخرافة والكذب في دينهم، وهذا حيوي جداً، فإذا كان انتقالهم إلى الحق دفعة واحدة عسيراً إلا على قلة شديدة الجرأة، فإن بدء التساؤلات الاستفزازية للكهنة المرتزقة، وتحررهم من أخطر طوامه الشركية وأشباهها، يعد فتحاً مهماً، بعد قرون وعقود من غسل الدماغ وكبح العقول عن التفكير الحر.
 

الوقفة الثانية
مع اسم المؤلف
          ظهر اسم مؤلف الكتاب بـ صادق السيهاتي وأخذ الكثير من الشيعة يشككون في الكتاب بسبب أن الاسم غير صحيح بل هو مستعار ، ويعرف الشيعة قاطبة أن إظهار الاسم الحقيقي للمؤلف له تبعات كثيرة ، وهذا الأمر متعارف عليه في المجتمع الشيعي بخاصة.
          وبالمثال يتضح المقال : فقد قام عدد كبير من المصلحين داخل المذهب الجعفري وأصدر بعضهم الكتب الناقدة للممارسات التي تمارس باسم آل البيت وهي أبعد شيء عن ذلك والبعض الآخر نبذ التشيع نبذ النواة وصار له نشاط تعليمي وإعلامي ونتج على ذلك الأثر الواضح في الأوساط الشيعية.
          ولكن ما مصير أمثال هؤلاء؟ وما موقف الشيعة منهم؟
          اختلفت مواقف الشيعة تجاه هؤلاء حسب تأثيرهم في المجتمع فمنهم من تم مواجهته عن طريق التصفية الجسدية والقتل ومن أشهر الشخصيات التي واجهت القتل بسبب ذلك : الكاتب أحمد الكسروي (فبعدما ألف كتابه ((التشيع والشيعة)) ضرب بالرصاص من قبل مجموعة من الشيعة ، فدخل المستشفى ، وأجريت له عملية جراحية ، و تم شفاؤه .
          ثم أخذ خصومه من الشيعة يتهمونه بمخالفة الإسلام ، و رفعوا ضده شكوى إلى وزارة العدل ، ودعي للتحقيق معه ، و في آخر جلسة من جلسات التحقيق ، في نهاية سنة 1324هـ ، ضرب بالرصاص مرة أخرى ، و طعن بخنجر ، فمات على إثر ذلك ، و كان في جسمه تسعة و عشرون جرحاً) ([3]).
          وليس الكسروي هو الأول أو الأخير الذي يتم تصفيته ؛ بل كل من كان له أثر على الواقع الشيعي أو معارضاً لسياسة المعممين التي تحرص على إخفاء الحقيقة.
          وممن تعرض للاغتيال أيضاً العالم أبو الفضل البرقعي ، والمفكر علي شريعتي ، ... وغيرهم.
          ومنهم من تم تشويه سمعته ونشر الأكاذيب والاتهامات الباطلة حوله مثل : موسى الموسوي ، وأحمد الكاتب ، ...
          أما إذا كان ليس له ذاك الأثر الكبير في مجتمعه أو أنه من الشباب صغار السن ومازال يعيش في المجتمع الشيعي فسيلجئون إلى أساليب أخرى منها:
* مقاطعته من الكلام ، وعدم الخلطة معه ؛ وخاصة من أهله وذويه ومن كان قريباً من سكنه ، والتحذير منه كما حصل من تحذيرهم من كتب الأخ المهتدي علي بن محمد القضيبي البحريني([4]).
* إذا كان صغيرا تعرض للضرب والإيذاء البدني وربما الحبس في إحدى غرف البيت وعدم الخروج منها.
* إذا كان يعمل لدى شيعي أو كان الشيعة لهم طرف في وظيفته تم فصله منها ، أو التضييق عليه فيها.
* إذا كانت المهتدية امرأة ولم تتزوج بعد فيتم تزويجها من رجل شيعي إجباراً لها على العودة للتشيع.
          بعد هذه الأمور هل يُنتقد المؤلف في عدم إظهار اسمه الحقيقي ؟ ومن أي منطقة هو؟
          لا أظن من له أدنى معرفة بالواقع الشيعي والسيطرة التي يفرضها مراجع الظلام من المعممين الطغام على الأتباع ؛ يبرر له إظهار اسمه فسوف يواجه بما سبق أن أشرنا إليه قبل قليل. 
 
 
الوقفة الثالثة
مع الفكرة
          ناقش الكثير من كُتاب الشيعة اسم المؤلف وهل هو من عائلة السيهاتي المشهورة؟ أو من أهل القطيف حقيقة؟ ، ولكن للأسف أهملوا أهم شيء في الكتاب وهو الفكرة التي طرحها ، والوقائع التي ذكرها.
          وهذه الأمور بشكل عام لها دلائل كبيرة وكثيرة على الشيعة عامة ومثقفيهم وشبابهم خاصة :
          الأولى : انطلق الكثير من الشيعة في نفي الكتاب ورده من مبدأ التعصب لما نشأ عليه الواحد منهم وهذا الأمر مذموم شرعاً فقد ذكره الله في كتابه الكريم وعزاه للمشركين وعابه عليهم فقال [بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ] {الزُّخرف:22-23} ومستقبح عقلاً فالله سبحانه جعل مناط التكليف بالعقل وأمرنا بأن نُعمله ولا نُهمله فقال [وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] {الحشر:21} [قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ] {الأنعام:50} وفي فعلهم هذا إهمال للعقل وتعطيله وعدم الاستفادة منه في معرفة الحق من الباطل ، والكذب من الصواب.
          الثانية : كان من المفترض على كُتاب الشيعة أو من علق على الكتاب منهم أن يناقش الفكرة فإذا كانت صواب أخذنا بها والحمد لله ، وإذا كانت خطأ تركناها ورددنا عليها.
          الثالثة : أخذ الكثير من الشيعة في ترديد ما كُتب حول الكتاب من انتقاد ولم يكلف نفسه عناء البحث فيما سطره المؤلف ويقارنه بواقعه المُعاش ، فلو فعل ذلك لتغيرت نظرته عن المؤلف والكتاب.
          الرابعة : أظهر الكتاب الخلل المنهجي الذي يعيشه الوسط الشيعي في تناول القضايا والآراء المخالفة لما نشأ عليه الفرد منهم ، ويظهر ذلك من خلال الرفض بداية للكتاب ثم مناقشة قضاياه من هذه الحيثية الرافضة لما فيه مما سيرتب على ذلك التأويل واللف والدوران لتسويغ بعض الممارسات المنتقدة فيه.
          والخلل هذا ليس فقط على عوام الشيعة أو من كان ذا تعليم بسيط بل حتى النخب المُثقفة.   
 
  
الوقفة الرابعة
الكذب على المؤلف
          من أسوأ ما يتصف به المرء في هذه الحياة أن يُوصف بالكذب بين معارفه وزملائه وأشد من ذلك إذا اشتهر بهذا الأمر بين القُراء وهذا الكلام ينطبق على المقال الذي كتبه الشيعي ماجد الشبركة بعنوان (الكذبة الجديدة : صرخة من القطيف) ([5]) وقد أحصيت له ثلاث كذبات متعلقة بالموضوع – مع أن الكذبات في مقاله أكثر – وللأسف فمقاله تناقله الشيعة في أكثر من منتدى بدون تمحيص ومقارنة بين ما يفتريه وبين ما هو حقيقة ذكرها المؤلف ، ونورد كذباته التي قصدنا وهي :
          الكذبة الأولى : زعمه بأن مؤلف الكتاب قد انتحر بعد تأليف كتابه فقال : ( وهذه المرة زادوا عليه بأنه انتحر كما تتداول مواقعهم الالكترونية لكي لا يسأل أحد عنه ولا أين هو ولا مكانه؟) وليته اكتفى بهذه الكذبة بل نسبها إلى مواقع السنة بصيغة المجهول حتى لا تتضح الكذبة ويفتضح أمره.
          فهو هنا يتهم السنة الذين وصفهم بالتكفيريين بالكذب ولكنه مارس نفس الدور فسبحان الله ، وصدق القائل : ( أبى الله إلا أن يفضح الكذّابين).
          ولم أجد مع تتبعي لمواقع السنة من قال إن المؤلف توفي أو مات منتحراً ، ويكفي أن المؤلف نشر المقابلة التي أجريت معه بعد انتشار الكتاب بفترة ، فلعل كاتب المقال يستفيد منها حتى لا يكذب على الآخرين مرة أخرى.
          الكذبة الثانية : زعمه أن الكتاب موجه لأهل السنة حيث قال : (ومن الواضح أن الكتاب موجّه لأبناء السنة لإقناعهم ببعض الأكاذيب التي يروج لها علماء الفتنة الطائفية ضد الشيعة ولزرع الفتنة بين هاتين الطائفتين) ، ويعلم كل من قرأ الكتاب أنه موجه لشيعة المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية – لأنه واحد منهم – بوجه خاص ، وجميع الشيعة الناطقين بالعربية بوجه عام.
          ووجه ذلك أنه يريد إنقاذ بني قومه من العقائد المنحرفة والممارسات المخالفة للعقيدة الحقة ولما كان عليه آل البيت الكرام عليهم من ربهم أفضل تحية وأزكى سلام.
          الكذبة الثالثة : زعمه بأن أهل السنة افتروا على الشيعة وألصقوا بهم كثير من الأكاذيب وعد هذا الكتاب منها حيث قال : (فكثرة الأكاذيب على الشيعة من قِبَلهم وكثرة اختلاق القصص الغريبة والعجيبة التي لا يصدقها عاقل...) ، وهذا من الافتراء على أهل السنة فهم يقرون بأن الكذب حرام ولا يجيزونه إلا في حالات محدودة كما في الخبر المأثور عن الصادق المبرور صحيث : ( رخص النبي صلى الله عليه و سلم من الكذب في ثلاث : في الحرب وفي الإصلاح بين الناس وقول الرجل لامرأته . وفي رواية : وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها) ([6]).
          بعكس الشيعة فهم يجيزون الكذب ففي رواية عن علي بن الحسين – رحمهما الله – يقولون فيها : قال الإمام السجاد: ( إذا رأيتم أهل البدع والريب - غير الشيعة - فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم - أي أبهتوهم بالكذب والبهتان - كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ) ([7]) .
          وعلق على هذه الرواية شيخهم صادق الموسوي قائلا : ( إن الإمام السجاد يجيز كل تصرف بحق أهل البدع من الظالمين ومستغلي الأمة الإسلامية من قبيل البراءة منهم وسبهم وترويج شائعات السوء بحقهم والوقيعة والمباهتة كل ذلك حتى لا يطمعوا في الفساد في الإسلام وفي بلاد المسلمين وحتى يحذرهم الناس لكثرة ما يرون وما يسمعون من كلام السوء عنهم هكذا يتصرف أئمة الإسلام لإزالة أهل الكفر والظلم والبدع فليتعلم المسلمون من قادتهم وليسيروا على منهجهم ) ([8]) فهذا مستند شرعي لدى الشيعة يجيز الكذب وكل ممارسة (بحق أهل البدع من الظالمين) كما في كلام الموسوي المتقدم بخلاف أهل السنة المحرمين لذلك فمن الذي يكذب يا ماجد الشبركة الكذاب؟
          وأصرح من ذلك فتوى الخوئي حيث سُئِل عن الكذب على المخالف وهذا نص السؤال : (هل يجوز الكذب على المبدع أو مروج الضلال في مقام الاحتجاج عليه ، إذا كان الكذب يدحض حجته ، ويبطل دعاويه الباطلة ؟
          فأجاب بقوله : إذا توقف رد باطله عليه ، جاز)([9]) .
          وهذه الفتوى لا أظنها تحتاج منا إلى تعليق لأنها واضحة جداً كوضوح الشمس في رابعة النهار.
           وصدق الله حينما قال [إِنَّمَا يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الكَاذِبُونَ] {النحل:105}
 
الوقفة الخامسة
الكتابات المنصفة
          لم تعدم تعليقات الشيعة من آراء منصفة تناولت الكتاب ولكنها ليست هي الأكثر ، والملاحظ فيها أن أكثرها – وليس كلها - من العنصر النسائي ، وليس معنى ذلك أنه لا توجد تعليقات منصفة لدى الرجال ؛ ولكن هذا ما لاحظته من خلال تتبعي لأثر الكتاب وهذه تدلنا على أمرين :
          الأول : أن هناك بعض الشيعة يفكرون ويتأملون في بعض الظواهر المنتشرة في المجتمع الشيعي التي يرون أنها بحاجة لمراجعة ، أو يعتقدون أنها مخالفة للعقل ، وربما البعض منهم وليس الأكثر يرون أنها مخالفة لنهج آل البيت الذي يزعمون الانتماء إليه.
          الثاني : أن الخطاب العقلي والمنطقي الوارد في الكتاب وربطه بحياة الأئمة من آل البيت وتطبيقه على الواقع الآن الذي يعيشه الشيعة أدى إلى بروز هذه الكتابات المنصفة ، نظراً للبون الشاسع بين الحالين ، ولهذا ينبغي على من ألف أو صنف رسالة أو كتاب متعلق بالشيعة مراعاة هذا الأمر.
          ونذكر مثالين على هذه التعليقات المنصفة :
          الأول : كتبت الشيعية حياة فجر فقالت : (السلام عليكم ، قرأت الكتاب وتتلخص ملاحظاتي عليه في التالي:
* صدق الكاتب فيما كتب من ناحية المواقف التي حصلت له خصوصا وأنه يستشهد بالأماكن وأصحاب المجالس وأوصاف مجالسهم ..
وواقعية ما تكلم عنه , لما نلمسه يوميا أو نسمعه أو نشاهده , وإن كان فيه بعض الشدة والقسوة في طرح بعض المواضيع , ولكن القصد هو الفكرة. 
* بالنسبة لي شخصيا فقد لامس الكاتب أمورا كثيرة لطالما ناقشتها مع زميلاتي في الجامعة , ولم أناقشها مع بنات السنة بطبيعة الحال , ولكنها مواضيع تم التطرق لها.
* كما أعجبني التجاءه للحوار العقلي المنطقي والآيات القرآنية , وهي التي من المفترض أن نحكمها في تلك المسائل , لأننا في مجال حوار ونقاش , والإنصاف يتطلب منا أن نلجأ إلى ما اتفق عليه , في مثل تلك المسائل .
* جرأة الكاتب وتطرقه لطرحه لذكر ابن تيمية (في سياق الدفاع عنه) , ولي هنا وقفة مع هذه المسألة...
إن الكلام الذي ذكره عن ابن تيمية , لم أستطع تقبله إلا بعد أن قمت بالتجرد وإبعاد كل التصورات السابقة عن ابن تيمية , وعندها فقط استطعت أن أتقبل من الكاتب ما قاله : وقد شوقني لأن أرجع لكتاب ابن تيمية الذي ذكره , وسأتأكد مما قاله عنه , وهل فعلا تم الافتراء عليه أم لا!!وليس في ذلك عيب.
* ساءني من الكاتب أنه وضع اسم مستعار ( على ما أظن ) ولكنني التمست له قليل عذر , حيث أن هناك في مجتمعنا وللأسف من لا يقبل الرأي والرأي الآخر ولا يحب أن يطرح مثل هذه المسائل للبحث مع أن هذا الأسلوب هو أسلوب الوهابية الإقصائية أحادية التفكير([10]) ودائما ما ننتقدهم عليه.
ولكن يخرج من بيننا من ينهج نهجهم ويترك نهج آل البيت eفي التريث والإنصاف والحث على استعمال العقل وتفعيله .
هذا رأيي القاصر في الكتاب وأرجو منكم مشاركتي في إبداء آراءكم , في الكتاب كفكر وليس رأيكم في الكاتب كشخص فكما قال الإمام علي d: اعرف الحق تعرف أهله) ([11]).
          الثاني : كتب الشيعي مهدي عامل فقال : ( قرأت الكتاب ليلة أمس وإني أرجح الكفة التي تقول أن الكاتب من القطيف ليس لأنه ذكر أسماء شخوص قطيفية فمجرد متابعة بسيطة لشبكة راصد الإخبارية كفيلة بأن تعرفك على كتاب قطيفيين. طريقة الكتابة تدل على عقلية شيعية تعيد حساباتها من جديد مع الاحتفاظ بجوهر المذهب.
لي أصدقاء من العوامية وسيهات والقطيف يؤمنون بهذه الأفكار زيادة ولذلك ليس غريبا أن يكون صاحبه شيعيا.
وأظن أن ولادة كتيب نقدي بهذا الحجم من رحم ثقافتنا دلالة على أننا على موعد مع انقلاب كبير جداً وبشكل جذري في الفكر الشيعي. ومع ذلك وجوده - ككتاب خرج من رحم الثقافة الشيعية - خير من عدمه بالرغم من أن 60% مما في الكتاب لا أؤمن به. وكوني لا أؤمن به لا يعني أنه كتاب سيئ.
وفي النهاية أنصح بقبول الكتاب على اعتباره أنه رأي لصاحبه الحق في البوح به ، وإن كان سنياً مخادعاً. فإذا نادينا بالحرية علينا أن نتحمل عواقبها، إذ أن الرياح لا تأتي دائما بما يتوافق مع أمزجتنا.
وأنصح أيضا بأن يناقش هذا الكتاب بشكل موضوعي، دون الاهتمام بشخصية الكاتب) ([12]).
 
 
الوقفة السادسة
الأثر المدوي
          بعد صدور الكتاب وانتشاره في الانترنت و تداول القراء الشيعة له في منتدياتهم المختلفة برز أثره الواضح على الشيعة خاصة ، وهذا الأثر مشاهد وبيّن ويستطيع كل شخص ملاحظته.
          وهنا سنحاول إبراز معالم هذا الأثر عبر نقاط متعددة هي :
          الأولى : تداول الشيعة له ومناقشتهم لمحتواه وتضارب أراء بعضهم حوله.
          الثانية : عزم عدد من الشيعة بالرد عليه وتفنيد دعاويه بزعمهم.
          الثالثة : إصدار الشيعة لتحذير تداولته القروبات البريدية الشيعية في الشبكة العنكبوتية ومحاولة نشره على أوسع نطاق وهذا نصه : (تحذير لكل الأخوة في القطيف وسيهات والأحساء أرجوا أخذ الحيطة والحذر من تناول كتاب (صرخة من القطيف ) من تأليف صادق السيهاتي.
          طبعاً هذا الكتاب لا يمت لمنطقتنا بصلة أبداً ، بل يشوه السمعة ويشكك الشباب في معتقدهم ، وهو كتاب مدسوس.
وحسب التحري فإنه لا يوجد شخص بهذا الاسم في سيهات لكن تم استخدام القطيف وسيهات في الكتاب لكي يكون الأمر سهل لتناوله ودس السم في وسط مجتمعنا.أرجوا إيصال هذه المعلومة) ([13]).
          وهذا التحذير سيخدم الكتاب أكثر من منعه فهم قدموا خدمة مجانية للكتاب حيث زادوا من تداوله على الشبكة وبين القراء.
          ومن الأمور التي لاحظتها أثناء تتبعي لهذا الكتاب ؛ أن الشيعة بعد التحذير منه يضعون رابط تحميله!
          الرابعة : لم يعزم بعض الشيعة بوضع رد على الكتاب إلا بعد وجود أثر له في الساحة الشيعية وهذا ما ذكره الكاتب الشيعي المظفر حيث قال : (إنني وجدت ممن هم بيننا ممن قد انطلت عليه بعض الشبهات مما يمكن تفنيدها بسهولة بالعقل والنقل) ([14]).
 
 
الحوار الذي أجرته شبكة أحرار القطيف
مع صادق السيهاتي (مؤلف كتاب صرخة من القطيف) ([15])
          في عام ألف وثلاثمائة وأربعة وعشرين أسفر نقاش علمي عن مقتل خمسة وإصابة آخرين، وكان هذا النقاش هو الأرقى من نوعه على مستوى العالم! بينما أكدت مصادر موثقة أن أحداً لم يستمع إلى هذا النقاش ولا إلى أي نقاشات قبله. كما أكدت الأطراف المتصارعة رفضها لأي نقاش جاد من هذا النوع في المستقبل، وحذرت كل من تسول له نفسه تكرار مثل هذه الأعمال الغير مسئولة، وأكدت على عدم جدوى الحوار، وأكدت أيضاً على التمسك بكل ما هو متوارث، وطالبت أنصارها حول العالم برفع شعار: حرقوه وانصروا آلهتكم.وهكذا بقيت الجراح بعيداً عن الشمس إلى أن تعفنت ولعبت فيها مختلف أنواع الحشرات والجراثيم.لكن بقي هذا السؤال الملح: هل الحوار من سبب الانفجار، أم أن عقلية الانفجار هي من رفضت الحوار؟!ومن المسئول عن استيطان عقلية الانفجار على أرض الواقع؛ بينما يبقى النقاش حُلماً يراود كل محتاط غيور؟ولماذا يكون عندنا كل الاستعداد لمناقشة الكون وليس عندنا استعداد لأن نناقش أنفسنا؟
- أستاذ صادق , بداية... ما المقصود بتلك المقدمة الغامضة ؟
- أشكر لكم إجراء هذا الحوار من باب استيضاح بعض الأمور حول الكتاب, وأما بالنسبة للمقدمة فقد كانت إشارة لحادثة الاغتيال المؤسفة التي دفع فيها الأستاذ أحمد الكسروي حياته ثمنا لرأيه على يد أحد المتشددين , وما زالت هذه الحادثة رمزاً لما يعانيه الرأي الحر من خنق واضطهاد إذا لم يكن على يد الحكومات الدكتاتورية فعلى يد الشعوب الدكتاتورية التي لا تقبل أي اختلاف معها في الرأي ولا تحترم آراء الآخرين.
- ألا ترى أنه من غير الملائم أن تنتقد مجتمعنا علناً أمام العالم أجمع؟ ألا ترى أنك قد خنت الأرض التي آواك ترابها طوال هذه السنوات ؟
- إن كل شبر من هذه الأرض يعني لي الشيء الكثير كلها بلا استثناء, مازالت تقفز إلى ذاكرتي منطقة ترابية ترفرف فيها الأعلام السوداء في شهر الله المحرم وتتوزع فيها الطاولات التي تباع عليها الكتب والأخرى التي يوزع عليها العصير إنها القلعة عندما كنت صغيراً في الابتدائية , أذكر الأيام التي كنت أذهب فيها مع رفاقي للسباحة في ( العين العودة ) في تاروت وحين ننتهي من السباحة تكون الشمس قد غابت فنصلي في المسجد القريب (مسجد الرفعة) رغم صغره الشديد وقدمه إلا إن الصلاة فيه تشعرك برهبة غريبة, يبعدك عن تعقيدات الحياة العصرية وينقلك إلى الماضي بكل بساطته وجماله, و بعد ذلك نتجول في أزقة (الديرة) الضيقة التي لا يزيد عرض بعضها عن المتر ونصف , بين المنازل المبنية من حجارة البحر أقدم منازل في القطيف كلها.
مازلت أذكر أننا في المرحلة الثانوية كنا نستغل جماعة المتحف كي نخرج للإفطار في القديح عند (فاروق)، ولن أنسى أبداً الأيام التي كنا نذهب فيها مع عمي لصيد الطيور في برية الخضيري - وهي المنطقة الواقعة غرب مسجد الخضر في تاروت - والفسيل والصدري أو سودة - بتشديد الواو وتسكين الدال ، اسمها القديم الذي يعرفه سكان المنطقة اعتقد إن اسمها قد تغير ألان - كانت هذه المناطق غنية بشتى أنواع الطيور قبل أن تقتلع منها النخيل لتحويلها إلى مخطط ... أشعر إننا كبرنا فجأة ومر كل ذلك سريعاً وكأنه حلم ولم يبقى سوى الذكريات الجميلة ، المنطقة على اتساعها بيتي الذي لا استغني عنه, إن حبي لهذه المنطقة هو الذي يجبرني على الكتابة , أنا لم أكتب كي أنال إعجاب المجتمع أنا أكتب كي أفعل شيئا للمجتمع , إني حزين وناقم على الوضع الحالي وما يزيد استيائي أن يقف الشيوخ موقف المتفرج وكأن الأمر لا يعنيهم ، مجتمعنا لم يتعود احترام الرأي الآخر لذلك يعتبر أي رأي مخالف هو هجوم وعداء , وقد خسرت الكثير مع من كنت اعتقد أن علاقتي بهم أقوى من أن تنهد , فقط لأنني خالفت بعض أرائهم وهذا مما يحز في النفس لكنني أؤمن بأن الإنسان ليس سوى مجموعة من الآراء والاقتناعات وأنه من غير رأي ليس سوى ألعوبة في يد غيره.
- ألا ترى أنك ركزت في كتابك على السلبيات وتغافلت عن الايجابيات؟
- تخيل إن طبيبا يقوم بفحص شامل لجسم مريض ، وبعد عدة ساعات من الفحص الدقيق صرخ قائلاً : ( بشراي إن البنكرياس يعمل !!! ) .. فماذا يعني هذا؟! ليس من مهام الدكتور أن يبحث عن الجزء السليم في جسم المريض بل أن يبحث عن الجزء المريض كي يعالجه ، حين تترك سلبيات مجتمع ما وتبحث له عن ايجابيات فهذا يعني أن هذا المجتمع ليس مريضا وحسب , بل إنه في عداد الأموات وجثته تعفنت منذ زمن طويل وعبثت فيها الديدان , ولا اعتقد إننا وصلنا إلى هذا الدرك لكن أن لم نعالج جروحنا الآن ونقضي على الأوبئة ونعود كي نغتسل من النبع الصافي منهج النبي الأكرم صوآل بيته الأطهار eبعد أن نتخلص مما علق به من شوائب فسيأتي اليوم الذي نختنق ولا يملك أحدا إنقاذنا.
- يرى البعض انك أسأت بطريقة ما إلى مذهب آل البيت eكما دافعت عن بعض المخالفين ؟
- يقول الله تعالى : [كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى] {المائدة:8} كون الشخص يخالفني في الرأي لا يعني أنه شخص سيء وشرير ويحل لي أن افتري عليه ، وحتى لو كان كذلك فديننا لا يبيح لنا الافتراء على أحد ولو كان يهوديا ، يعتقد البعض أن ما دامت نيته صافية ولا يقصد سوى فعل الخير فذلك يبيح له أن يفعل ما يشاء لتحقيق ذلك تحت شعار شيوعي يقول : ( الغاية تبرر الوسيلة ) وهو يتوهم بما أن غايته سليمة لا يهم كيف يصل إليها , لذلك تراه قد يستبيح لنفسه اختراع القصص كي يطعن في مخالفيه وينشر فكرته , فعلى سبيل المثال انتشر قبل فترة أن الإعلامي الذي نشر الصور المسيئة للنبي ص, قد مسخ إلى خنزير وقد تناقلت المنتديات الخبر وعندما انتقد بعض الكتاب الخبر وشكك في صحته هاجمهم الجميع واتهمهم بشتى أنواع التهم بل اتهمهم البعض بالعمالة والكفر, وبعد أسابيع قليلة خرج ذلك الإعلامي على شاشات التلفزيون ساخراً من عقلية المسلمين وسذاجتهم, لو نكلف أنفسنا بضع ثوان للتأكد من الأخبار قبل نشرها لما كان هذا حالنا, مشكلتنا إننا نتبع العواطف ونسير خلف ما نتمناه في قرارة أنفسنا بمعزل عن الحقيقة ، هناك من يلفق الأخبار معتقدا أنه يخدم الحق لكنه لا يلبث أن ينكشف كذبه ويكون عرضة لسخرية الجميع , وللأسف أنه لا يجعل من نفسه موضع سخرية وحسب بل يجعل الأمة كلها موضع سخرية أمام شعوب العالم ويعطي فكرة سيئة عن الإسلام فالناس تميل إلى التعميم أكثر من الحكم الدقيق على كل فرد على حدا , إذا أردت أن يحترمك العدو قبل الصديق يجب أن تكون صادقا وعادلا مع الجميع ، والشيء بالشيء يذكر هناك من ادعى في مقال كتبه في أحد المواقع على الانترنت أنني انتحرت! اعتقادا منه إن مثل هذه الإضافة ستضفي بعض المرح على مقالته, وحسب معلوماتي المتواضعة إنني مازلت حيا أو هكذا كنت اعتقد قبل أن اقرأ خبر نعيي في ذلك المقال.
- ماذا عن الشطر الأول من سؤالي في كونك أسأت بطريقة ما إلى مذهب آل البيت e؟
- لنكن دقيقين في كلماتنا ونطلق الأسماء على مسمياتها , أمريكا تستخدم لفض الإرهاب كلفظ عام تقاتل به كل من يقف في طريقها , وكذلك المنتفعين من المنهج الدخيل على مذهب آل البيت e, فحين ينتقدهم أيا كان يقولون أن هذا عميل يهاجم مذهب آل البيت e! لكن قبل أن نرى إذا ما كان هذا الشخص يهاجم مذهب آل البيت eحقاً أم لا, يجب أن نعرف أولا ما هو مذهب آل البيت ؟ فهل من مذهب آل البيت عليهم أن يضرب الإنسان نفسه بالسلاسل كما تفعل القبائل البدائية في أفريقيا , هل مذهب آل البيت أن يدفع الفقراء للأغنياء خمس ما يملكون دون عائد يذكر للمجتمع , هل مذهب آل البيت عليهم السلام أن نترك دعاء الله عز وجل ونتعلق بسفرة أم البنين أو بمسبحة في يد شيخ اتصلنا به طالبين "استخارة".
كوننا تعودنا منذ الصغر على عادات معينة فذلك لا يعني أن تلك العادات هي الحقيقة , العادات تتغير من مكان إلى آخر لكن الحقيقة ثابتة ومن واجبك أن تبحث عنها، الكتاب لم يطالب إلا بالعودة إلى منهج آل البيت eوأنا واثق ومتأكد أن الغالبية العظمى ممن انتقدوا الكتاب لم يقرءوا منه صفحة واحدة بل اكتفوا بنقل مقالات غيرهم من منتدى إلى آخر , وهذه إحدى عجائبنا أن نبني اتجاهاتنا وآرائنا على قراءات غيرنا, ذلك يذكرني بطرفة تقول أن أحدهم تقدم لطلب وظيفة وحين سأله المدير ما هي شهاداتك قال : ( عندي شهادة متوسطة ورخصة سواقة وأعرف واحد يدرس في أمريكا ) . أنا لم آتي ببدعة جديدة أنا ادعوا للإصلاح كما دعا إليه قبلي المرجع السيد محمد حسين فضل الله والشيخ عباس الموسى والأستاذ حيدر علي قلمداران صاحب الكتابات القيمة التي حاولت بقوة للرجوع لنبع آل البيت eالصافي كسلسلة كتبه (طريق النجاة من شر الغلاة) وكتابه (طريق الاتحاد الواسع) ، والعلامة مصطفى حسيني طباطبائي ، والعلامة شريعت سنگلجي ، والمرجع الخالصي والمرجع أبو الفضل البرقعي والشيخ حسين الراضي ، والمفكر الدكتور علي شريعتي ، والشيخ طالب السنجري وغيرهم من كتابنا الأحرار .
- لقد حذرت بعض المقالات المنتشرة على شبكة الانترنت من قراءة الكتاب, فما تعليقك على ذلك؟
- عندما تحذر جهة أو مجموعة معينة أتباعها من قراءة كتاب ما فإن ذلك يدل على أمرين ,إما ضعف كيان تلك المجموعة وهشاشة أفكارها لذلك يريدون منع أتباعهم من مجرد الاطلاع على أي رأي مخالف لكي لا يتداعى بيت العنكبوت ويتحطم النسيج الهش لذلك الفكر وهذا ما كانت قريش تفعله حين كانت تحذر الناس من الاستماع للرسول الأكرم ص... وإما إنهم يعتبرون أنفسهم العقلاء حكماء المجتمع والناس من حولهم أطفال وسفهاء لا يعرفون مصلحتهم و لا يستطيعون التفريق بين الحق والباطل لذلك يجب الحجر عليهم وإبعادهم عن أي مؤثر خارجي , يريدون من الآخرين أن يلعبوا دور الأخرق الذي يحتاج وصاية من هم أكبر سنا... اعتقد إن لكل إنسان عقل يميز به الحق من الباطل فما وجده حقا فليتبعه وما وجده باطلا فليلقيه في البحر.
- هناك فئة ليست بقليلة مقتنعة بالإصلاح والعودة إلى منهج آل البيت eولكن تفضل الصمت أو المجاملة فكيف تنظر إليها؟
- إني أعطيهم بعض العذر فمجتمعنا للأسف مازال لا يحترم الرأي الآخر, و ليس مجتمعنا وحسب بل المجتمعات العربية بشكل عام, نحن دكتاتوريون نريد أن نفرض على الناس أرائنا بالقوة و رغما عن أنوفهم , لا يهم أن يقتنع أحد ما دام لا يعترض أحد ومادام لا يجاهر بعدم اقتناعه.
هناك درجات متفاوتة في الدكتاتورية, فهناك من يكفر ويقتل كل من خالفه الرأي , وهناك من يستخدم نظام العقوبات والمقاطعة والحرب النفسية, وفي النهاية كل هذا إرهاب متفاوت في الدرجة, متى امتلكنا الفكر الحضاري اللازم لتقبل وجهات النظر الأخرى فلن يكون هناك من يتخفى في الخنادق خوفا من إبداء رأيه ... لقد عانى جيلنا والأجيال التي سبقته أقسى أنواع الدكتاتورية, لكن الآن بدأ نظام الدكتاتوريات ينهار وبدأ الأمر يفلت من أيدي الإرهابيين, وعلى أي حال حتى لو بقي الفكر الدكتاتوري سائدا في مجتمعنا فلم يعد أحد يستطيع أن يكتم الأفواه فالانترنت قد سرق السوط والأغلال من أيدي الجلادين وأصبح الجميع يستطيع المساهمة في مسيرة التصحيح. وطبعا سيجد من يشكك في نواياه ويتهمه بالعمالة وقد يشيعوا أنه سبب الأزمة الاقتصادية في العالم! لكن لا يهم كل ذلك, فهؤلاء ليسوا أصحاب فكر لذلك فهم لا يناقشون الأفكار بل يكتفوا بإثارة زوبعة حول الأشخاص كي يتسنى لهم الهرب من النقاش الحضاري لأنهم ببساطة لا يملكون أي رد منطقي ، دعهم يطعنوا في الأشخاص قدر ما يستطيعون فالتاريخ علمنا أن الأفكار هي التي تبقى والأشخاص يذهبون.
- أستاذ صادق نشكرك على رحابة صدرك في تقبل أسئلتنا , وهل من كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار ؟
- أشكركم على إتاحة هذه الفرصة وأحب أن اعبر عن مدى تفاؤلي بالجيل الحالي فهو أكثر انفتاحا وتفهما وتقبلا للرأي الآخر من جيلنا, وأصبح طوفان المعلومات في وقتنا الحالي أقوى من أن يوقفه سد الجلادين فهناك وعي وتوجه كبير للعودة للمنهج الصحيح لآل البيت eبشكل لا يتخيله الجلادون ... إن أول آية نزلت على النبي الأكرم ص هي ( اقرأ ) , كي تكون شعارا لكل مسلم في كل زمان ومكان , اقرأ فليس ما تلقيناه من حولنا هو الحقيقة المطلقة فربما كانت الحقيقة غائبة وسط الضباب, (اقرأ) ولا تجعل أحد يملي آراءه عليك فكل شخص مسئول عن رأيه, ويوم القيامة سنحاسب عن آراءنا و أفعالنا نحن لا عن آراء و أفعال المجتمع .
 
 نموذج من التحذير من كتب بعض المهتدين
كتب الشيخ علي القضيبي

فتوى الخوئي في جواز الكذب على المخالف
 
 

الموضوع

الصفحة

مقدمة

2

الوقفة الأولى : قراءة في الكتاب.

4

الوقفة الثانية : مع اسم المؤلف.

11

الوقفة الثالثة : مع الفكرة.

14

الوقفة الرابعة : الكذب على المؤلف.

16

الوقفة الخامسة : الكتابات المنصفة.

20

الوقفة السادسة : الأثر المدوي.

24

الحوار الذي أجرته شبكة أحرار القطيف مع صادق السيهاتي.

27

نموذج من التحذير من كتب بعض المهتدين.

38

فتوى الخوئي في جواز الكذب على المخالف والوقيعة فيه.

39

الفهرس

40

 


([1]) - انظر:http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=90016

([2]) – هذه القراءة كتبها الأستاذ مهند الخليل بعنوان : (الكتاب القنبلة: صرخة من القطيف.. صوت شيعي جريء يطرح الأسئلة الصعبة على كهنوت الكراهية والكذب) ونشرت بتاريخ 20 / 12 / 1430هـ في موقع المسلم على الرابط : http://almoslim.net/node/121150  

([3])- انظر : كتاب : (أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية) للدكتور ناصر بن عبد الله القفاري 3 /1094-1095 ، ومقدمة كتاب: (التشيع والشيعة) بتحقيق الشيخين ناصر القفاري وسلمان العودة باختصار وتصرف.

([4]) - انظر : مثال على ذلك تحذيرهم من كتب الشيخ علي القضيبي عبر بيان مكتوب شاهد صورة له آخر البحث.

([5])- نشر في شبكة راصد بتاريخ 1 / 11 / 2009م على الرابط :http://www.rasid.com/artc.php?id=33199&hl= 

([6])- سلسلة الأحاديث الصحيحة 2 / 74 - 78

([7])- وسائل الشيعة11 / 508

([8])- نهج الانتصار بهدي القرآن وسنة محمد وآله الأطهار 152.

([9])- رابط الفتوى هو : http://www.alseraj.net/cgi-bin/pros/Search/Search.cgi?1&20&1

([10])- هذا من الافتراء على الوهابية ، والكاتبة عندما انتقدت من لم يقبل آراء الآخرين في مجتمعها الشيعي مارست نفس الشيء مع من سمتهم بالوهابية فلو قرأت كتبهم بتأمل وتفكر لما قالت هذا الكلام ، ولعل هذا الأمر- اتهام الوهابية – من ثقافة المجتمع الشيعي التي تربى عليها أفراده.

([11])- تعليق بعنوان : (رأيي في الكتاب) للكاتبة الشيعية حياة فجر نشر بتاريخ 31 / 10 / 2009م في منتديات الطاهرة على الرابط :http://www.altahara.com/vb/showthread.php?t=39685

([12])- تعليق للكاتب الشيعي مهدي عامل نشر بتاريخ 2 / 11 / 2009م في منتدى الديوانيات على الرابط:http://www.dewaniyat.com/forum/showthread.php?t=153781

([13])- نشر التحذير في أكثر المنتديات الشيعية.

([14])- تعليق بعنوان : ( الرد الحصيف على أوراق صرخة من القطيف) للكاتب الشيعي المظفر نشر بتاريخ 2 / 11 / 2009م في منتدى الساحل الشرقي على الرابط :http://www.saihat.net/vb/showthread.php?t=148837

([15])- نشر هذا الحوار في كثير من المواقع والمنتديات الحوارية وصدر في ورقتين بتاريخ 9 / 12 / 1430هـ.