Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

طَائفة النُّصيرية تاريخُها وَعَقائِدُها

سلسلة فرق وطوائف  ( 1 ) 

طَائفة النُّصيرية

تاريخُها وَعَقائِدُها
 
 
بقلم
د. سليمان الحلبي

الطبعة الثالثة – طبعة مزيدة منقحة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الثالثة

منذ أن خلع العرب جلباب الجاهلية الخلق النتن، ولبسوا حلة الاسلام، وأقاموا دولتهم المتواضعة، التي نمت وترعرعت حتى أصبحت ملء السمع والبصر، انبعث العرب المسلمون من جزيرتهم، حاملين كتاب الله، وسُنَّةَ ثلاث وعشرين سنة  الا بضعة أشهر- وهي سنة رسولهم العظيم  صلوات الله وسلامه عليه- لاخراج الناس من الظلمات الى النور، ومن عبادة العباد الى عبادة الله الواحد القهار، فوجدوا في طريقهم أعظم امبراطوريتين في ذلك الزمان، فأبادوا واحدة تماماً، وانتزعوا جل أقاليم الثانية، وتمكنوا من بناء دولة وحضارة سادت الدنيا لألف سنة متتالية، وهو ما لم تفعله دولة ولا دعوة ولا دين قبلهم، فكتب لهم التاريخ أروع وأنصع صفحاته، مما أمات الكافرين بغيظهم.
وما من حضارة تعرضت للخطر والتحدي الذي تعرضت له وجابهته الحضارة العربية الاسلامية، جاء الصليبيون في حملات متتالية بدءاً من العام (1097م) إلى أن كسر صلاح الدين الايوبي طيب الله ثراه- شوكتهم في حطين، -شمالي فلسطين المحتلة- عام (1187م).
ثم اجتاح التتار حواضر العالم الاسلامي، وغرسوا همجيتهم في ربوعها، فحصدهم القائد المظفر قطز، ونائبه  الخالد الذكر- الظاهر بيبرس عام (1260م) في عين جالوت شمالي فلسطين المحتلة كذلك-!!
ونظرة عجلى لتماوجات الشعوب وتداخلها في حوض الحضارات في الممر اللآسيوي الافريقي  قلب العالم الاسلامي- توضح لنا أنه ما من حضارة استطاعت الاستمرار والبقاء في هذه المنطقة الا الحضارة العربية الاسلامية، فنفقةُ الحياة في هذه المنطقة صعبة، بل هي أكبر مما تطيقه الحضارات، ولم تبق الحضارة الاسلامية فقط، بل بقيت وعربت المنطقة، وظل القرآن منبسطاً على أهم رقعة للاتصال العالمي الحضاري والجغرافي  السياسي، ويزود الله العرب المسلمين إضافة إلى كل ذلك بكل مقومات الدفاع عن وجودهم، فيترافق انفجار النفط من باطن الارض العربية، لا بصُدفة جُيولوجية ، ولكن تزامنا مع بدايات الخطر اليهودي؟؟! الذي لن يكون بكل يقين- أفضل حالا من سابقيه : التتار والصليبين.
لقد حُورب الاسلام منذ لحظة ميلاده والى اليوم بشتى الوسائل، لكن الغلاف الخارجي للوسيلة يتغير بتغير الاحوال، أو بما يناسب الزمان والمكان، فالذي كان احتلالا أو انتدابا، أصبح اليوم يسمى:  بمقتضيات النظام العالمي الجديد، والذي كان تنصيراً مباشراً، أصبح ينعت بالتنوير، والذي كان اسمه استعمار الشعوب المسلمة والأصح تخريب مبادئها وسياستها ونهب خيراتها-، أصبح يكنى بكنية تنبئ عن المقصود وهي: مقاومة الأصولية، والذي كان يسعى للقضاء على اللسان العربي ليصبح العربي المسلم غريب الوجه واليد واللسان، أصبح اسمه: كونية الثقافة، أو انسانية المعرفة.
كما أن كل كتابات أدعياء التنوير المزعوم لا تخرج عن إطار الدعوة لثلاثة أوثان يبشرون بعبادتها ويرون فيها التزوير المنشود وهي: الحضارة الاوروبية، والاشتراكية، والقومية العربية، وليس هناك تناقض، فالاشتراكية: هي إحدى ثمرات التطور الاقتصادي في أوروبا، والقومية العربية: استنسخها تلاميذ لورنس عن القوميات الاوروبية التي سبقت ظهور الحضارة الاوروبية، وتتردد على ألسنتهم كلمات معينة مثل: -العلمانية- و-المشروع الحضاري- ويسعون جاهدين لفصل الدين عن الدولة، ويشنون حملة ضارية ومسعورة على الاسلام السياسي-، وشعارُ الاسلام هو الحل- هو الثوب الأحمر الذي يثير الثور من عقاله.
ولو بحثت عن أصول من يدعو لتلك الأوثان المزيفة، لوجدت غالبيتهم إما من النصيريين أو بقايا الإسماعيليين أو النصارى-، ومن الطرائف العراقية: أن بعضهم كان يُعَرِّفُ نفسه قائلا: -ثلاثة شين- يقصد: أنه شروقي  أي من سكان جنوب شرق العراق- وشيعي، وشيوعي..!!
ثم انظر إلى الكاتب النصيري  علي أحمد سعيد- الذي تبرأ من اسمه واختار اسما فينيقيا أدونيس- يقول في أطروحته (رسالة الدكتوراه: الثابت والمتحول):- (وتعني فكرة التأويل في الظاهر، العودة إلى الأول، لكنها تعني على المستوى التاريخي، تفسير الأول بما يلائم التالي، إنها تعني بتعبير آخر: تفسير القديم بما يلائم الجديد، وبعبارة أخرى: أن يصبح التابع متبوعاً، والمتبوع تابعاً).
وانتقال المتبوع إلى مرتبة التابع، معناه: أن نُفسر نصوص القرآن والسنة مثلاً- بما يوافق الزيوف الواردة من الغرب أو الشرق، ومعنى ذلك: أن يُصبح الهوى المريض هو الأصل والقاعدة، وأن الوحي ما نزل لكبح جماح الغرائز وتهذيب السلوك والأخذ بقلوب البشر ونواصيهم إلى صراط الله، وإنما نزل تبريراً لأهوائهم، وتسويغاً لضلالهم.
ولقد كان أستاذه: القسيس بولص نويا- مغتبطاً بتلميذه ، حيث قال هذا الكاهن في تقديمه لرسالة تلميذه مخاطباً اياه: (ذكرتَ في الأطروحة أن التراث هو بمثابة الأب، ونحن نعلم منذ فرويد- أن الأب لا يستطيع أن يكتسب حريته، ويحقق شخصيته الا إذا قتل أباه، فعلى الانسان العربي أن يميت تراث الماضي في صورة الأب، لكي يستعيده في صورة الابن، حينذاك دون أن يخرج على دينه- سيخلق تراثاً جديداً وحضارة جديدة، يكونان تراث الحرية وحضارتها).
فهذه الكلمات أسفرت عن أمانيهم السوداء الكالحة.. فالمعلم هو الصليبي: بولص نويا ساكن جامعة الأمريكان في بيروت-.. والتلميذ هو: النصيري أدونيس مستغرب في دنيا العرب- وغاية المؤامرة: قتلُ الأب حتى يحقق الابن شخصيته، أو بعبارة أوضح: الارتداد عن الدين هو السبيل الأوحد لكي يحقق العرب حريتهم وحضارتهم!! ولكن ما هو الأب الذي على العرب والمسلمين أن يقتلوه؟ أو ما هو التراث الذي عليهم أن ينسلخوا عنه؟ أو ما هو الدين الذي عليهم أن يرتدوا عن سبيله؟ إنه بالطبع- ليس يهودية فرويد، ولا صليبية بولص نويا، ولا الفينيقية التي ارتد اليها أدونيس بعد أن كان يتسمى بأسماء المسلمين ومثله فعل الدكتور:- سليمان بشير، في كتابه التاريخ الآخر - -the other history- ، المطبوع في القدس المحتلة (رهينة اليهود) اذ اعتمد على كُتب النصيريين وبقايا الاسماعليين، وعلى ما تقيأه المستشرقون رسل الاستعمار-، وما تقممه من شاذ الفكر، أو تخيره من اسرائيليات التراث، ليُشوه التاريخ الاسلامي، يخجل طالب مبتدئ من التفوه بها، لافتضاح كذبها، ناهيك عن أستاذ جامعي يقوم بتدريس مادة التاريخ الاسلامي.!! في جامعة النجاح في مدينة نابلس التابعة حالياً للسلطة الوطنية الفلسطينية!؟
وقد أحسن إخواننا في الجامعة المذكورة إذ قاموا بطرده من رحاب الجامعة وكنسوه من مدارجها ، فخرج منها مذموماً مدحوراً، ربما إلى إحدى الهيئات الثقافية التابعة لهيئة الامم المتحدة، أو مؤسسة فرانكلين إذ أن أمثال هذه الهيئات، هي المستقر لأمثال هؤلاء.
لذا قررت إعادة طباعة هذا الكتاب،بعد مضي ثلاثين سنة ونيف على طبعته الأولى ،- وبعد هذه الانتفاضة المباركة - ، فأضفت فصلا بينت فيه شيئا من تاريخهم الحديث ، وكيف سيطروا على حزب البعث ، وبالتالي على دفة حكم بلادنا السورية .. وأجريت  بعض التعديلات الطفيفة على بعض الموضوعات ، وتوسعت في بيان بعضها ،  وعموما  لم أجد تغيراً ملموسا على سلوك أبناء هذه الطائفة ، سواء أكانوا في موقع التوجيه السياسي أم  الثقافي  ، مما جعل شعبنا  السوري بكافة مكوناته الاجتماعية ، ينتفض  ضد هذه الفئة النصيرية المتسلطة على رقاب شعبنا  الأبي ، والتي اتخذت من حزب البعث ستارا لتحقيق مآربها الخبيثة ،    وفي ذلك مافيه من الدلالات على  أن   مبادىء  هذه الطائفة  التي ينتمي إليها كثير من هؤلاء السياسيين و الكتاب الذين تربعوا بالوكالة- على مقر قيادة الحرب ضد الاسلام وقيمه ومبادئه، في حُرِّ وطنه وخالص أرضه..لم يغيروا  شيئا من مبادئهم أو أهدافهم.
والله أسأل أن يتقبل مني هذا العمل، وأن يجعله في ميزان حسناتي، وأن يجنبني الرياء، ويلهمني السداد في القول ،  والاخلاص في العمل، إنه نعم المولى ونعم النصير.
 
 بقلم

  د. سليمان الحلبي

                                                      الأحد 12 جمادي الثاني 1432هـ.
الموافق : 15 ( مايو – أيار ) 3011م .
 
 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الطبعة الأولى

واجه الاسلام بعد انتشاره شرقاً وغرباً عقائد كيرة كانت منتشرة في مناطق مختلفة، ومع كل ذلك.. كان الإسلام يندفع كالسيل جارفاً أمامه كل الأوهام والخرافات التي حشيت بها تلك العقائد الزائفة.. فرأى أصحاب هذه العقائد أن كيد الإسلام على الحيلة أنجع.. فأظهر قوم منهم الإسلام، وانضووا تحت لواء التشيع ومحبة آل البيت رضوان الله عليهم- ترويجاً لمزاعمهم، وأملاً في التمكن من إفساد عقيدة المسلمين وبلبلة أفكارهم والنيل من وحدتهم.. فيثأروا بذلك لمعتقداتهم البالية، ولشعوبهم المغلوبة المقهورة.. ومن أبرز هؤلاء الذين استغلوا اسم الإسلام.. وارتدوا لباس التشيع ولا هم لهم سوى هدم الاسلام والإتيان عليه من القواعد .. طائفة النصيرية.
وقد شاء الله لي أن أخالط نفراً من أبناء هذه الطائفة حيث يقيمون.. وفي معاهد العلم.. فعرفت شيئاً عن مذهبهم الفاسد.. ثم رجعت إلى كثير من المصادر التاريخية ، وكتب الفرق التي تعرضت لذكر هذه النحلة الضالة.. فتكونت لديَّ طائفة من المعلومات، وهي وإن كانت قليلة إلا أنها تعطيك صورة واضحة شيئاً ما- عن هذه الطائفة، فلم أشأ أن أحتفظ بها لنفسي.. بل أحببت أن يشاركني إخواني من أبناء الإسلام الذين يهمهم الأمر- في معرفتها وخشية من قول الرسول العظيم -صلى الله عليه وسلم-: "من كتم علماً يعلمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة". أو كما قال... وعملاً بقوله- صلى الله عليه وسلم-: "أنت على ثغرة من ثغر الإسلام فلا تؤتينَّ من قِبلك"أو كما قال...
لذا رأيت من الحق الذي يجب أن أصدع به، أن أكشف الأستار عن حال هذه الطائفة. وأبين للناظرين شيئاً من ترهاتهم وأباطيلهم.. حتى يتكاتف المسلمون في التصدي لهم. ولست أدعى أنني أتيت بالترياق من العراق كما يقولون- إنما هي محاولة قمت بها على قدر اجتهادي، لعل هناك من يكمل ما قمت به.. فيقوم بواجبه في تفنيد مزاعمهم والكشف عن باطلهم، وبيان الوقاية من شرهم.. لاجتثاث باطلهم من جذوره.والله أسأل أن يجعلني من الدعاة المناضلين عن الحق وأهله. والمناهضين للباطل وحزبه.. والله متم نوره ولو كره الكافرون.
العاشر من شهر رمضان 1399هـ
الموافق للثاني من شهر آب 1979م.
 

بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد
انتقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم -إلى الرفيق الأعلى، ولم يعين من يخلفه، ولو نص على ذلك لما خفي، إذ كان الرسول عليه الصلاة والسلام صريحاً في تبليغ الرسالة لا يهاب أحداً.. وإلا لما بلغ رسالته، فلم يكن بحاجة إلى الإيماء من طرف خفي أو التعريض والتلميح والإشارة، فإذا أراد شيئاً أعلنه من فوق منبره بوقت تكون فيه الصلاة جامعة، بكل صراحة ووضوح، وبكل صرامة وقوة وشدة، ويفرضه على المسلمين فرضاً يسمعه القاصي والداني، فتسير بذكره الركبان، وتتناقله الأفواه، وتلوكه الألسن، ولا يعقل أن تخالف الصحابة رضوان الله عليهم، أمراً رغب فيه، وحث عليه، وأوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يكتمونه جميعاً )[1](.
وقد كان خلاف الإمامة.. هو أول خلاف حصل بين أبناء الأمة الإسلامية، ففي الصدر الأول.. اختلف المهاجرون والأنصار يوم السقيفة، فقالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. فذكر المهاجرون الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -القائل: "الأئمة من قريش" فأذعن الناس، وسكنت الثائرة، ووقى الله المسلمين شر الفتنة. فبايعوا الخليفة الأول بالإجماع.. سوى جماعة من بني هاشم ، و أبو سفيان من بني أمية تأخروا عن البيعة، ثم بايعوا فيما بعد. ثم اختلف المسلمون بعد أن عهد سيدنا أبو بكر الصديق-رضي الله عنه-، إلى سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالخلافة وقت وفاته، ولكن سرعان ما زال الخلاف بقول أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-: "لو سألني ربي يوم القيامة لقلت: وليتُ عليهم خير أهلهم". فسكنت الفتنة، وزال الشغب فبايع المسلمون الخليفة الثاني بالإجماع.
إلا أن الأعاجم المقيمين بالمدينة من يهود ومجوس ونصارى تآمروا على الخليفة الذي فتح بلادهم، وأذل ملوكهم، وأباد عروشهم.
ولقائل أن يقول: إن قادة العرب المسلمين أمثال: المثنى ابن حارثة، وخالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة عامر بن الجراح، وعمرو بن العاص، وحذيفة بن اليمان، ومعاوية بن ابي سفيان، وغيرهم-رضي الله عنهم-.. هم الذين قَوَّضوا ملك كسرى، وزلزلوا عرش قيصر، وهم الذين شادوا في مدى عشر سنوات ملكاً ضخماً.. انتظم الجزيرة والعراق وفارس والشام ومصر، ولكن.. ينبغي ألا ينسينا لألاء هذه الفتوح ، وما انعقد على مفارق هؤلاء الأبطال المغاوير من أكاليل النصر والمجد أنهم ما كانوا يفعلون ما فعلوا، ويبلون ما أبلوا.. لولا روح فياض غمرهم، وعقل جبار سيطر عليهم، وعزيمة ماضية صرفتهم هي روح عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- وعقله وعزيمته. ([2] )
ولعلي لا أكون مسرفاً إذا قلت: إنهم جميعاً لم يزيدوا على أن يكونوا أعواناً وجنوداً لعب بهم عمر.. لعبته الرهيبة مع كسرى وقيصر.. وأنه في حقيقة الأمر لهو الفاتح الذي فتح الممالك ودوخ الأمصار، وأقام الدولة العربية الإسلامية عالية الذرى، ثابتة الأساس، متينة البنيان. ورعى الله أبا الطيب المتنبي حيث يقول:
الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني
ولربمـا طعن الفتى أقـرانه بالرأي قبل تطاعن الأقران
لم يكن عمر -رضي الله عنه-، قبل الخلافة بالجندي البارز بروز من ذكرنا من القواد.. وتعليل ذلك غير عسير.. لقد كانت سنه في الجاهلية أصغر من أن تأذن له بغشيان الحرب. أما زمن النبوة والخلافة الأولى.. فكان سداد رأيه، وشجاعته الأدبية آثر عند الرسول
- صلى الله عليه وسلم - ، وعند أبي بكر-رضي الله عنه- من شجاعته الحربية. فكان عندهما أظهر في مقام الرأي والمشورة منه في مشاهد الجلاد والطعان، على أن عمر كان ذا كفاية حربية ممتازة.. اكتسبها من حضور المشاهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن تدبيره قتال المرتدين مع أبي بكر-رضي الله عنه-. وقد أدرك أبو بكر تلك الكفاية، وود لو أنه انتفع بها انتفاعاً مباشراً.. فيروي أنه قال وهو على فراش الموت: "وددت أني كنت إذ وجهت خالد بن الوليد إلى الشام، كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق.. فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله". فقد عده أبو بكر عِِدْلََ سيف الله خالد.. وضريعه، وكفى بذلك دليلاً على رسوخ قدمه في فن الحرب، وكفايته في شئون القتال. فلما ولى عمر الخلافة.. ظهرت تلك الكفاية أيما ظهور. وأثمرت أيما ثمر..
كانت كفاية عمر -رضي الله عنه-من ذلك الطراز العالي الذي يقوم على قوة التصور، وسلامة الإدراك، والإحاطة بطبائع البشر أفراداً كانوا أم جماعات. ينتخب الرجال، ويعبىء الجنود، ويرسم المواقع، ويختط الخطط، ويبعث رجلاً بعينه إلى العراق، وآخر إلى الشام، وثالثاً إلى مصر ويأمر بالإقدام تارة ، وبالإحجام أخرى.. وينقل الأمداد من الشرق إلى الغرب، ومن الغرب إلى الشرق، فإذا ما أحكم الخطة، واستكمل إعداد العدة، قال لأصحابه في هدوء الواثق بنجح مسعاه: "قد رمينا ملوك العجم بملوك العرب، فانظروا عَمَّ تنجلي" ([3]). فإذا ما أفلح سعيه، وأثمر غرسه، وجاءه نبأ الفتح والظفر تلقاه في خشوع وإخبات وتواضع.. يزيده روعة وعظمة.
ويطول بنا القول لو ذهبنا نقيم البينة على صحة تلك الدعوى في جميع ميادين القتال الذي نشب في أيام عمر- رضي الله عنه-، بين العرب والفرس والروم.. حيث نكتفي بالتدليل على صحتها في مقام واحد هو وقعة القادسية سنة 14 هجرية.. المعدودة من أعظم وقائع العرب مع الفرس.
لما اشتد الأمر على العرب بالعراق بعد وقعة الجسر عام13 هجرية التي أودت بقائدين عربيين هما: أبو عبيد ، والمثنى ابن حارثة، وصمم الفرس على طرد العرب من بلادهم.. قام عمر للأمر وقعد.. واهتم له غاية الاهتمام. فكتب إلى عماله على قبائل العرب وكورهم قائلاً: "ولا تدعوا أحداً له سلاح أو فرس أو نجدة أو رأي إلا انتخبتموه ثم وجهتموه إلي والعجل العجل..!"([4]).
فلما توافت إليه النجدات حار فيمن يؤمره عليها.. وهَمَّ أول الأمر أن يسير فيها بنفسه إلى العراق!! ولكن ذوي مشورته ثنوه عن ذلك، ثم وُفِّقَ إلى رجل لحظ فيه أصالة الرأي وتمام الشجاعة، ويمن النقيبة فأمره عليها.
روى الطبري في تاريخه قال: "وكان سعد على صدقات هوازن، فبعث إلى عمر بألف فارس، وكتب إليه كتاباً بذلك، فوافى كتابه مشورته، فقالوا: قد وجدته.. قال: من؟ قالوا: الأسد عادياً. قال: من؟ قالوا: سعد!. فانتهى إلى قولهم. فأرسل إليه.. فأمَّره على حرب العراق.. وعقد له على أربعة آلاف معهم ذراريهم ونساؤهم، وأتاهم عمر-رضي الله عنه- في عسكرهم فأرادهم جميعاً إلى العراق، فأبوا إلا الشام، وأبى إلا العراق، فسمح نصفهم فأمضاهم نحو العراق، وأمضى النصف الآخر نحو الشام "( [5] ) . وتحركوا صوب العراق. "فلما نزل سعد بشراف، كتب إلى عمر بمنزله وبمنازل الناس فيما بين غضى إلى الجبانة.. فكتب إليه عمر: إذا جاءك كتابي هذا.. أَمِّر على أجنادهم وعبهم، وواعدهم القادسية، واضمم إليك المغيرة بن شعبة في خيله، واكتب إليَّ بالذي يستقر عليه رأيهم"( [6] ) .
ثم يكتب عمر إلى سعد بالمنازل التي ينزلها وبخطة الحرب وبميعاد تحركه قائلاً:
"أما بعد: فَسِِِِر من شِِِِِراف نحو فارس بمن معك من المسلمين ، فإذا انتهيت إلى القادسية وهو منزل رغيب خصيب حصين، دونه قناطر وأنهار ممتنعة، فتكون مسالحك ([7]) على أنقابها، ويكون الناس بين الحجر والمَدَر، ثم الزم مكانك لا تبرحه ، فإنهم إذا أحسوك أنغصتهم، رموك بجمعهم الذي يأتي على خيلهم ورَجِلِهم وحَدِّهم وجِدِّهم، فإن أنتم صبرتم لعدوكم، واحتسبتم لقتاله، ونويتم الأمانة ، رجوتُ أن تُنصروا عليهم، ثم لا يجتمع لكم مثلهم أبداً..!!؟؟ إلا أن يجتمعوا وليست معهم قلوبهم، وإن تكن الأخرى، كان الحجر في أدباركم، فانصرفتم من أدنى مدرة في أرضهم إلى أدنى حجر من أرضكم، ثم كنتم عليهم أجرأ.. وبها أعلم، وكانوا عنها أجبن، وبها أجهل، حتى يأتي الله بالفتح.. فإذا كان يوم (كذا وكذا) فارتحل بالناس، حتى تنزل فيما بين (عذيب الهجانات) و(عذيب القوادس) وشَرِّق بالناس وغَرِّب  بهم  ([8]) .
ثم كتب عمر إلى سعد يستوصفه المنازل والبقاع ،ويستخبره عن أحوال العدو: "واكتب إليَّ أين بلغك جمعهم، ومن رأسهم الذي يلي مصادمتكم، فإنه منعني من بعض ما أردت الكتاب به.. قلة علمي بما هجمتم عليه.. والذي استقر عليه أمر عدوكم.. فصف لي منازل المسلمين، والبلد الذي بينكم وبين المدائن. صفة كأني أنظر إليها.. واجعلني من أمركم على الجلية..؟!!"" ([9])
فكتب إليه سعد -رضي الله عنه- يقول: "القادسية بين الخندق والعتيق.. إلى أن يقول: وإن الذي أعدوا لمصادمتنا.. ( رُستم  ) في أمثال له منهم، فهم يحاولون إنغاصنا وإقحامنا.. ونحن نحاول إنغاصهم وإبرازهم، وأمر الله بعد ماض، وقضاؤه مُسَلَّم.. إلى ما قُدِّرَ لنا" ([10])
فكتب إليه عمر-رضي الله عنه-: "قد جاءني كتابك وفهمته، فأقم بمكانك، حتى ينغص الله لك عدوك.. واعلم أن لها ما بعدها، فإن منحك الله أدبارهم، فلا تنزع عنهم حتى تقتحم عليهم المائن.."([11])  وبعث سعد عيوناً ليعلموا له خبر أهل فارس، فرجعوا إليه بالخبر.. بأن الملك قد ولى رستم بن الفرخذاذ الأرمني- قيادة جيش الفرس، فكتب بذلك إلى عمر.. فكتب إليه عمر بقوله:
"لا يكربنك ما يأتيك عنهم، ولا ما يأتونك به.. وابعث إليه رجالا من أهل المناظرة والرأي والجلد.. يدعونه فإن الله جاعل دعائهم توهيناً لهم، وفلجاً عليهم واكتب إلي في كل يوم" ([12]) وحين وصل كتاب عمر إلى سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه- (جمع نفراً عليهم نِِجار، ولهم آراء، ونفراً لهم مَنظر، وعليهم مَهابة، فبعثهم إلى الملك!" ([13]) .
وكان من أمر هذا الوفد ما رواه الطبري وابن الأثير من مفاوضتهم لرستم أولا، وليزدجرد أخيراً، وهي مفاوضة صورية.. انتهت بأن زحف رستم من ساباط إلى القادسية للقاء سعد في شهر المحرم عام 14 للهجرة.
كانت كفة الفرس هي الراجحة في اليومين الأولين من أيام القادسية، ثم كان من صنع الله ولطف تدبير عمر -رضي الله عنه-، أن قَدِمَ المدد من الشام في اليوم الثاني، وقد زُلزل العرب زلزالا شديداً.. فقويت عزائمهم، وانتصفوا من الفرس في اليوم الثالث وهو المعروف بيوم عماس.
قال الطبري: "وكان يوم عماس من أوله إلى آخره شديداً.. العرب والعجم فيه على السواء" ([14]) .
واتصل القتال ليلة اليوم الرابع.. وهي المعروفة بليلة الهرير.. فلم يتنفس صبح ذلك اليوم إلا وقد انتصر العرب المسلمون على عدوهم انتصاراً عظيما.
قال الطبري: "وكتب سعد بالفتح إلى عمر بقوله: أما بعد.. فإن الله نصرنا على فارس، ومنحهم سنن من كان قبلهم من أهل دينهم بعد قتال طويل، وزلزال شديد، وقد لقوا المسلمين بعدة لم يرَ الراءون مثل زهائها، فلم ينفعهم الله بذلك.. بل سلبهموه، ونقله منهم إلى المسلمين ، واتبعهم المسلمون على الأنهار ، وعلى طفوف الآجام، وفي الفجاج، وأصيب من المسلمين سعد بن عبيد القارئ!! ورجال من المسلمين لا نعلمهم.. الله بهم عالم.. كانوا يدوون بالقرآن إذا جن عليهم الليل دوي النحل!!؟ وهم آساد الناس، لا يشبههم الأسود!؟ ولم يفضل من مضي منهم من بقي.. إلا بفضل الشهادة!؟ إذ لم تكتب لهم" ([15]) .
وقال الطبري: "ولما أتى عمر بن الخطاب نزول رستم القادسية.. كان يستخبر الركبان عن أهل القادسية من حيث يصبح إلى انتصاف النهار، ثم يرجع إلى أهله ومنزله، فلما أتى البشير سأله: من أين؟ فأخبره. قال عمر: يا عبدالله حدثني.. قال البشير: هزم الله العدو؟! وعمر يَخِبُّ معه ويستخبره.. والآخر يسير على ناقته.. ولا يعرفه، حتى وصل إلى المدينة.. فإذا الناس يسلمون عليه بإمرة المؤمنين.. فقال الرجل: فهلا أخبرتني- رحمك الله -أنك أمير المؤمنين؟!!!.
وجعل عمر يقول: لا عليك يا أخي" ([16]) .
ويمكن للقارئ أن يدرك الدور العظيم الذي قام به عمر -رضي الله عنه-في تلك الوقعة الفاصلة.. فهو مُدير رحاها وبطلها على الحقيقة. وقد أدرك الفرس ذلك من فورهم فيروون أن رستم لما ضرسته الحرب بنابها، ووطئته بِمَنسِمِيها نادى فقال ما تعريبه: "أتاني صوت عند الغداة.. وأنه هو عمر.. الذي يكلم الكلاب فيعلمهم العقل.. أكل عمر كبدي أحرق الله كبده.." ([17]) .
ولما هم الأعاجم المقيمون بالمدينة أن ينتقموا ممن فتح بلادهم ، لم يعمدوا إلى خالد، ولا إلى سعد -رضي الله عنهما-.. وإنما عمدوا إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ، فتآمروا عليه واغتالوه.
وقد كان قوام هذه المؤامرة خليطاً من الفرس الذين يمثلهم: الهرمزان الأعجمي.. ومن المسيحيين الذين يمثلهم: جفينة النصراني.. ومن اليهود المجرمين الذين يسلمون في غالب الأحيان بألسنتهم فقط.. ليستطيعوا الكيد للإسلام بكل حرية.. ومثلهم في تلك المؤامرة القذرة: كعب الأحبار.
أما.. المجوس.. عبدة النار.. فقد مثلهم (فيروز.. أبو لؤلؤة الفارسي).. مولى المغيرة.
ومن المعلوم أن الهرمزان.. كان من قادة الجيش الفارسي ، وقد هزمه سعد بن أبي وقاص وأسره.. فاعتنق الإسلام لينجو بنفسه من القتل.. وقد عاهد المسلمين على الولاء لدينهم وخليفتهم، ثم نكث عهده غير مرة.. وانطلق بحرض مواطنيه ويثير دهاقنتهم على المسلمين.. فلما أخفقت جهوده ، وفشلت مساعيه، عاد إلى الإسلام وهو يضمر له الحقد الدفين.
أما النصراني جفينة ([18]) ..  فقد أتى به سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه -من نجران.. ليعلم أهل المدينة القراءة والكتابة، وقد ظل على نصرانيته.. ينظر إلى نجاح الإسلام، وتَقَدُّم فتوحات المسلمين بعين الحقد والحسد.. إلى أن بدأت جيوش الروم النصرانية تتقهقر أمام جند الإسلام.. ثارت حفيظته ، وبِيَّت للمنتصرين المسلمين هذا الكيد العظيم. أما كعب الأحبار- فهو من دهاة اليهود.. الذين رأوا راية الإسلام تخفق فوق حصون اليهود وصياصيهم.. ورأى جيوش عمر.. تكتسح الأديان والبلدان.. وتأكد لديه أن سيدنا عمر عازم على تنفيذ أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم -بإخراج اليهود من جزيرة العرب.. تظاهر بالإسلام.. كعادة اليهود في كل زمان ومكان إذا أحسوا في أنفسهم الضعف- واندس بين المسلمين يفسد عقول وعقائد ضعاف الإيمان منهم بما يلفقه من الأخبار والروايات التي ينسبها إلى توراتهم المزيفة المحرفة. ولست أشك في أن هذا اليهودي وأشباهه.. هم الذين اختلقوا كثيراً من الأساطير والإسرائيليات التي شابت صفاء الدين الإسلامي.. وشوشت عقائد المسلمين.
فوجد هؤلاء الثلاثة الممثلين لأديانهم وطوائفهم.. في المجوسي أبو لؤلؤة- أداة صالحة للانتقام لليهودية والنصرانية والمجوسية المضمحلة أمام نور الإسلام البراق.. من الخليفة الذي أطفأ نيران المجوس، وتهدد اليهودية المحرفة، والنصرانية الوثنية.. بالمحو من الوجود.
ولقد ساق المؤرخون من الروايات ما ينهض دليلاً على أن سيدنا عمر -رضي الله عنه- ، راح ضحية مؤامرة حاكها أعداء الإسلام هؤلاء..
 
 
موقف اليهود من دولة الإسلام في عهد الراشدين
منذ بزوغ فجر الإسلام، وأعداؤه يحيكون له المؤامرات، ويدبرون له المكائد، لزعزعة أركانه ودَكِّ رواسيه، وكان اليهود -ولا يزالون- من أوائل تلك المعاول الهدامة، والسهام المُصَوَّبَة إلى نحر الإسلام والمسلمين.
فقد عرفت الجزيرة العربية هجرات يهودية، يختلف المؤرخون في تحديد تاريخها، وأسبابها الدقيقة، ولكن يبدو أن هذه الهجرة، قد أخذت شكل تيارات مستمرة محدودة، ما لبثت أن اتسعت ما بين القرنين الأول والثاني للميلاد، بعد أن نَكَّل بهم القائد الروماني تيطس عام (70م) سبعين للميلاد  ( [19] ) ، بالإضافة إلى عوامل أخرى  ، لقد نشطت هجراتهم المستمرة إلى شبه الجزيرة العربية، شمالاً وجنوباً، وفي قصة سليمان -عليه السلام-وملكة سبأ، إشارة إلى بعض تلك العوامل ([20].
كما كان أحبار اليهود يَعلمون من كتابهم أن نبياً سَيُبعث في آخر الزمان، تكون الجزيرة العربية داره وقراره، كانوا يعرفون ذلك قبل بعثته ، وإشراق نور رسالته، وكانوا يتهددون به العرب ويقولون : (إن نبياً مبعوثاً الآن، قد أطَلَّ زمانه، نتبعه، فنقتلكم معه قَتلَ عادٍ وإرَم"، فلما كلم رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - أولئك النفر، ودعاهم إلى الله ، قال بعضهم لبعض: يا قوم: تعلمون والله أنه النبي الذي وعدكم به اليهود، فلا تسبقكم إليه، فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام، وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا، والقوم بينهم من العدواة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، ثم انصرفوا عن الرسول راجعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدقوا"  ([21])  . 
لذا سارع الأوس والخزرج للتصديق بدعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - حينما دعاهم لذلك، بيد أن اليهود صمتوا أولاً صمت المُستريب إزاء هذه الدعوة، ولم يكلف أحد منهم نفسه عناء السفر إلى مكة، ليستطلع خبر هذا النبي الذي تحدثت عنه كتبهم، ولم يحاولوا الاتصال به عن كثب، بل استشعروا القلق، وصمموا على عداوته، والكيد له، ويظهر ذلك واضحاً دون لبس، في الحوار الذي جرى بين أبي سفيان والعباس من ناحية، وبينهما وبين حَبر من أحبار يهود اليمن من ناحية أخرى، لدى إعلان محمد- صلى الله عليه وسلم - أنه رسول الله إلى الناس.. " ...
قال أبو سفيان: هل علمت يا أبا الفضل أن ابن أخيك يزعم أنه رسول الله..؟ ّ قال العباس: وأيُّ بني أخي؟ قال أبو سفيان: إياي تكتمّ ..  وأي بني أخيك ينبغي له أن يقول هذا إلا رجل واحد؟
قلت: وأيهم على ذلك؟ قال: محمد بن عبد الله.
قلت: ما فَعَل. قال: بلى قد فعل. ثم أخرج إلي كتاباً من ابنه " حنظلة بن أبي سفيان " ، يقول فيه: إني أخبرك أن محمداً قام بالأبطح فقال: أنا رسول الله أدعوكم إلى الله".
فما كان بعد ذلك إلا ليال، حتى قَدِمَ "عبد الله بن حذافة السهمي" بالخبر وهو مؤمن، ففشى ذلك في مجالس أهل اليمن، يتحدثون  فيه، وكان أبو سفيان يجلس إلى حَبرٍ من أحبار يهود اليمن..
فقال له الحَبرُ: ما هذا الخبر الذي بلغني...؟  
 قال ابو سفيان: هو ما سمعت.
ثم دار بينهما حوار حول الرسول  - صلى الله عليه وسلم  - ،  فقال الحبر على إثره مُطَمئِناً نفسه: فليس به أذى، ولا بأس على يهود وتوراة موسى منه، ثم دار حوار بين العباس وبين الحبر اليهودي، فسأله عن بعض صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما عرف ذلك منه،
قام وترك رداءه، وجعل يصيح: ذُبحت يهود... قٌتِلت يهود" ([22])   .
وأزداد حقدهم وحَسَدُهُم بعد أن فضح القرآن أساليبهم في التزيف وإخفاء الحقائق، حين قال: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89))(  سورة البقرة: 89.)  .
وكشف عن وثنيتهم في أكثر من موضع، وعن محنة التوراة على أيديهم، حين حرفوها وبدلوا شرائعها، فقال: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (92) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93))( سورة البقرة: 92-93.)  .
فسقط بذلك ادعاؤهم بأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم شعب الله المختار (ورأوا أن ظهور رجل ليس منهم يدعو إلى الوحدانية، إنما هو ظاهرة غريبة في تاريخ البشرية) ([23])  .
(فأخذوا يشككون برسالة الإسلام وصِدقِ صاحبها)  ([24])  ، إلى أن اختمرت فكرة تأليب القبائل في نفوس زعماء يهود، فخرج سلام بن أبي الحقيق، وحيي بن أخطب، وكنانة بن الربيع، وغيرهم إلى قريش يحرضونهم، قائلين :  (إنّا سنكون معكم حتى نستأصلهم، وهنا سألتهم قريش باعتبارهم أهل العلم الأول، يا معشر يهود: إنكم أهل الكتاب الأول، وأهل العلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن  فيه ومحمد، أفدينُنَا خير أم دينه؟ فقالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه.... !!؟) ( [25] ).
وهنا يقول الطبري  : (فنشطت قريش لحرب الرسول -  صلى الله عليه وسلم - فأجمعوا لذلك واتَّعدوا له)( [26] )  ، ولكن الأمور سارت على عكس ما يشتهون، إذ سرعان ما انتشر الإسلام في المدينة، وتَلَت ذلك هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى جوارهم، فلم يأنسوا بهذا الجوار، وتَطَيَّروا بقدومه، ثم بدأت المشاحنات بينهم وبين المسلمين..
النفاق وسيلة من وسائل الكيد اليهودي:
كَوَّنَ اليهود حزباً من المنافقين، وغرضهم أن يجعلوا منه جيشاً داخلياً معادياً للإسلام والمسلمين، ينخذل عن الرسول- صلى الله عليه وسلم - في الأزمات والمواقف الحاسمة، ويكون سنداً لليهود عند تعرضهم لنقمة المسلمين، والنفاقُ ملازم لليهود في كل أدوار تاريخهم الطويل، وقد استطاعوا به أن يمكروا بكل الأديان، وبلغ بهم الأمر إلى الاجتماع في المسجد، وسماع أحاديث المسلمين والسخرية منهم، والاستهزاء بدينهم، مما اضطر الرسول -  صلى الله عليه وسلم -  أن يأمر بإخراجهم.. قال ابن هشام (فأُخرجوا إخراجاً عنيفاً)( [27] ).
ومع ذلك أخذت دائرة الإسلام تتسع يوماً بعد يوم، فرأى اليهود بنجاحه في يثرب تهديداً لمركزهم الديني والسياسي والاقتصادي، ولكي يطمئنهم، ويُبعِدَ عنهم هواجس القلق، عقد النبي  - صلى الله عليه وسلم - معهم عهداً وأماناً، ولكن عوامل الشك والريبة عندهم، كانت أقوى من العهود والمواثيق، فصاروا كلما حقق نصراً ،  جَدَّدُوا له كيداً.
موقف اليهود من دولة الإسلام في المدينة:
بعد انتصار المسلمين في بدر، نقض بنو قينقاع العهد مع المسلمينن فأُجلوا عن المدينة في السنة الثانية للهجرة (623م)( [28] ).  وفي السنة الرابعة للهجرة (625م) دبر يهود بني النضير مؤامرةً لاغتيال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأجلاهم المسلمون، فذهبوا إلى خيبر والشام( [29] ) ، ولم يبق منهم في المدينة إلا بنو قريظة، الذين لم ينقضوا عهودهم فحسب، بل ألَّبوا قريشاً وحلفاءهم على مهاجمة المسلمين في المدينة، ليستأصلوا المسلمين في غزوة الخندق، فرد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً... واستأصلهم المسلمون في السنة الخامسة للهجرة (626م)( [30] ). وبعد هذه الحروب المتواصلة أدرك الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون استحالة التفاهم معهم، خاصة بعد نزول الآيات التي كشفت خبيئة اليهود ونواياهم نحو الإسلام والمسلمين، وكان من أشدهم قوله تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82).)( سورة المائدة: 82).
فعزم الرسول -  صلى الله عليه وسلم  - على كسر شوكتهم، فغزاهم المسلمون في آخر معاقلهم في خيبر، في السنة السابعة للهجرة (628م)، فقضت هذه الغزوة على ما تبقى من أحلام اليهود السياسية والاقتصادية، والدينية في جزيرة العرب( [31] ) ، فقصد فريق منهم بلاد الشام وأسلم بعضهم، وأظهر بعضهم الإسلام وأبطن الكفر والعداوة للمسلمين( [32] ) ، إذ رأوا أن كيد المسلمين عن طريق الحيلة أنجع، فبدءوا يُحكِمُون مخططاتهم في الخفاء، وقد استهدفوا بها كافة جواب الحياة العقائدية، والفكرية، والحضارية، والسياسية للأمة، ولم يسلم جانبٌ من جوانب الحياة الإسلامية من الدَّسِّ، والتشويه، والتزوير اليهودي، وطعنوا بقادة الأمة ورجالاتها، من أصحاب الرسول الكريم- عليه الصلاة والسلام- وأول من روَّجَ الكذب في الروايات هو : "  عبد الله بن سبأ  " وأتباعه، قال الإمام النووي :  (أول من رَوَّجَ الكذب في الروايات هو عبد الله بن سبأ، وهو الذي اجتهد أن يبث الروايات الباطلة في الجو)( [33] ).
وهدفهم من ذلك، توضحة مقولة أحد زعمائهم حين قال: (إنا نريد الطعن في النَّاقِلَة، فإذا أبطلت الناقلة أوشك أن يبطل المنقول)( [34] ).
ولذا يقول أبو زرعة الرازي : (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاعلم أنه زنديق، ذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وإنما أدى ذلك كله إلينا الصحابة، وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يُجَرِّحُوا شهوده، ليبطلوا الكتاب والسنة، فالجَرحُ بهم أولى)( [35] ) ونتيجةً لذلك نشط المحدثون في أواسط القرن الثاني، ودرسوا أحوال الرواة، ووضعوا علم الإسناد الذي حفظوا به حديث رسول الله -  صلى الله عليه وسلم -  فكان مفخرة هذه الأمة، وذهبها الخالص( [36] ).
كما حرك اليهود حُلفاءهم من ذُؤبان العرب، ورعاع ( [37]) القبائل، وعبيد المجتمع، وشجعوهم على الرِّدة، وبذلوا لهم الصفراء والبيضاء، وألمح إلى ذلك –سلام بن أبي الحقيق- أحد زعماء بني النضير عند طرده مع قومه من المدينة، وكان يرفع جِلدَ حَمَلٍ مملوءٍ حُلِياً وذهباً، وينادي بأعلى صوته : (هذا أعددناه لرفع الأرض وخفضها)[38]).
وبالفعل ارتد بعض عرب الجزيرة، قبل وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم -  (واشرأبت اليهود والنصارى)[39]).  ومنهم من عاد إلى الوثنية، ومنهم من بقي على الإسلام، لكن جَحَدَ الزكاة بتأويل، وكانت هذه الفئة أول من أحدث بدعة التأويل المنحرف، ذلك أنهم تأولوا قول الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103))( التوبة: 103.).
فرأوا أن دفع الزكاة خاص بالرسول - صلى الله عليه وسلم-  لأنه هو الذي كان يصلي عليهم ويطهرهم، وليس لغيره هذه الخاصِيَّة، ومن ثَمَّ فلا يدفعون الزكاة[40]  )، وبذلك كانوا الفاتحين لِبابِ تأويل النصوص القرآنية ،  للتخلص من التكاليف الشرعية، وبدءوا بما هو راجع إلى الناحية الاقتصادية، أما من جاء بعدهم من السبئيين، فقد أوَّلوا نصوص العبادات وغيرها لرفض جميع التكاليف، وهدم كل المبادىء الإسلامية الصريحة المعلومة من الدين بالضرورة، والسبئيون من أوائل من ابتدع التأويل المنحرف، نقل الإمام الطبري أن قتادة بن دعامة السدوسي، المتوفى عام (117هـ/735م) كان إذا قرأ قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ). قال: إن لـم يكونوا الـحرورية والسبئية فلا أدري من هم.  ولعمري لقد كان فـي أهل بدر والـحديبـية الذين شهدوا مع رسول الله  –  صلى الله عليه وسلم  - بـيعة الرضوان من  الـمهاجرين والأنصار، خبر لـمن استـخبر، وعبرة لـمن استعبر، لـمن كان يعقل أو يبصر. إن الـخوارج خرجوا وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  يومئذ كثـير بـالـمدينة والشام والعراق ، وأزواجه يومئذ أحياء، والله إن خرج منهم ذكر ولا أنثى حرورياً قط، ولا رضوا الذي هم علـيه ، ولا مالئوهم فـيه، بل كانوا يحدّثون بعيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم  - إياهم ونعته الذي نعتهم به، وكانوا يبغضونهم بقلوبهم ويعادونهم بألسنتهم ، وتشتدّ والله علـيهم أيديهم إذا لقوهم. ولعمري لو كان أمر الـخوارج هدى لاجتـمع، ولكنه كان ضلالاً فتفرّق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فـيه اختلافـا كثـيرا، فقد ألاصوا هذا الأمر منذ زمان طويـل، فهل أفلـحوا فـيه يوما أو أنـجحوا... ؟ يا سبحان الله كيف لا يعتبر آخر هؤلاء القوم بأوّلهم.. ؟ لو كانوا علـى هدى قد أظهره الله وأفلـحه ونصره، ولكنهم كانوا علـى بـاطل أكذبه الله وأدحضه، فهم كما رأيتهم كلـما خرج لهم قرن أدحض الله حجتهم، وأكذب أحدوثتهم، وأهرق دماءهم؛ وإن كتـموا كان قَرحاً فـي قلوبهم ، وغَماً علـيهم، وإن أظهروه أهراق الله دماءهم، ذاكم والله دين سوء فـاجتنبوه.
والله إن الـيهودية  لبدعة، وإن النصرانـية لبدعة، وإن الـحرورية لبدعة، وإن السبئية لبدعة، ما نزل بهنّ كتاب ، ولا سنهنّ نبـيّ.  ]] ( [41] )
ثم قال الطبري : [[وهذه الآية وإن كانت نزلت فـيـمن ذكرنا أنها نزلت فـيه من أهل الشرك، فإنه معنـيّ بها كل مبتدع فـي دين الله بدعة، فمال قلبه إلـيها، تأويلاً منه لبعض متشابه آي القرآن، ثم حاجّ به وجادل به أهل الـحقّ، وعدل عن الواضح من أدلة آيه الـمـحكمات ،  إرادة منه بذلك اللبس علـى أهل الـحقّ من الـمؤمنـين، وطلبـا لعلـم تأويـل ما تشابه علـيه من ذلك كائنا من كان، وأيّ أصناف البدعة كان من أهل النصرانـية كان أو الـيهودية أو الـمـجوسية، أو كان سبئياً، أو حرورياً، أو قدرياً، أو جهمياً، كالذي قال - صلى الله عليه وسلم - : " فإذَا رَأيْتُـمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ بِهِ ، فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ فَـاحْذَرُوهُمْ "]] ([42] )
يقول الطبري: (أشتدت حركة الردة حيث تكثر العناصر اليهودية والنصرانية، كَوَّنَ المرتدون أحلافاَ ضمت قبائل عبس، وفزارة، وأسد، وطيء، وحمير، وهمذان، وعدة قبائل من ربيعة، أقواها بنو حنيفة- أتباع مسيلمة، وقبيلة تميم، أتباع سجاح-"[43] ).
فكانت هذه الأحلاف في حقيقتها انتفاضةً يهودية تقنعت بحركة الردة.
فأدرك أبو بكر – رضي الله عنه- خطة القوى السبئية المناهضة للإسلام، بمحاولة هدم أركانه ركناً ركناً، وقال قولته المشهورة (والله لو منعوني عقالاً - وفي رواية "عناقا" وهو الجدي الصغير-  كانوا يعطونه لرسول الله -  صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه، والله لأقاتلن من فَرَّقَ بين الصلاة والزكاة)[44]).
فَوَجَّهَ أبو بكر –رضي الله عنه- أحدَ عشرَ قائداً( [45]) لحرب المرتدين، فقضوا على حركات المرتدين، ودفنوها في مزابل التاريخ، ولم يبق من آثارها إلا ما يتندر به الناس من خرافات زعمائها، وأسجاعهم التي زعموها وَحياً من الله، وتمخضت حروب الردة عن نتائج كثيرة منها:
جمع القرآن الكريم في مصحف واحد،  خشية  أن يلبس أهل الكتاب في القرآن ما ليس منه، بعد تظاهر بعضهم بالإسلام، واستشهاد عدد كبير من القُرَّاء في اليمامة وغيرها... لأنهم لفراغهم وانشغال المسلمين في الجهاد يمكنهم من الالتصاق بالعامة من المسلمين ، فيسربون اليهم ما يريدون على أنه قرآن، وهم في نظر أهل الجزيرة من العرب: أهل العلم الأول،  وتوحدت شبه الجزيرة العربية تحت راية الإسلام، بعد القضاء على النفوذ السياسي لأهل الكتاب، في شمال الجزيرة واليمن، وحضرموت، وعمان، واليمامة.
وبدأ المد الإسلامي يتخطَّى شبه الجزيرة العربية بعد قمع حركات الردة، فاستفاد المناوئون للإسلام من هذه التجربة، وأدركوا أن لا سبيل إلى المناهضة المجدية إلا بالانقضاض عليه من الداخل، فاستمروا يكيدون له من خلال تظاهرهم به، فبدؤوا بالتخطيط لاغتيال الخليفة الثاني عمر- رضي الله عنه-الذي عزل دعاة الفتنة، بعدله وشخصيته القوية، عن الجماهير، التي جعلها في صَفِّه، فكانوا يدورون في فراغ، فتوجهت همة زعماء الفتن من اليهود إلى استلام المؤامرة بأنفسهم، دون الاعتماد على الجماهير.. خاصة بعد أن لمسوا في عهد عمر- رضي الله عنه- ما يحفزهم على ذلك.
دور اليهود في اغتيال الخليفة الثاني عمر – رضي الله عنه-:
عَمِدَ عمر – رضي الله عنه -  إلى سياسة الحَدِّ من وظائف أهل الكتاب في الدولة، فقد قيل له: (إن ههنا رجلاً من الأنبار له بَصَرٌ بالديوان لو اتخذته كاتباً، فقال: لقد اتخذتُ إذن بطانةً من دون المؤمنين)([46]).
ويروى أن أبا موسى الأشعري قَدِمَ على عمر- رضي الله عنه - ، ومعه كاتب نصراني، فأعجب عمر- رضي الله عنه -  بخطه وحسابه، فقال عمر- رضي الله عنه -: أحضر كاتبك ليقرأ؟.
فقال ابو موسى- رضي الله عنه -: إنه نصراني، لا يدخل المسجد، فزجره عمر- رضي الله عنه - ، وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)( سورة المائدة: 51.) .
فقال: يا أمير المؤمنين لي كتابته، وله دينه.
قال: لا أُكرمهم إذا أهانهم الله، ولا أُعِزُّهم إذ أذلهم الله، ولا أُدنيهم إذ أقصاهم الله)[47]).
(وطلب من عمرو بن العاص- رضي الله عنه -  أن لا يستعمل في عمل المسلمين كافراً)([48]
وَحَدَّ من وضع الاحاديث النبوية والروايات الكاذبة، والتأويلات المنحرفة.
قال ابن قتيبة :  (كان عمر - رضي الله عنه - شديد الإنكار على من أَكثَرَ الرواية، أو أتى بخبر لا شاهد له)([49]  ).
وَرُوِيَ أنه هَدَّدَ كعب الاحبار، وطالبه بوجوب التوقف عن الروايات المدسوسة، والمزورة، فقال له: (لتتركن الحديث عن الأول أو لالحقنك بأرض القردة)[50]).
وعندما سمع بأن "صبيغ بن عسل التميمي "  يطرح على الناس الغوامض من الأسئلة، ويسأل عن المتشابه من آيات القرآن، طلبه عمر- رضي الله عنه- وضربه بعراجين النخل.
(أخرج الدرامي عن نافع أن صبيغا العراقي، جعل يسال عن أشياء من القرآن، في أجناد المسلمين حتى قدم مصر، فبعث به عمر بن العاص- رضي الله عنه- إلى عمر بن الخطاب

  • رضي الله عنه-فلما أتاه، أرسل عمر إلى رطائب من جريد فضربه بها، حتى ترك ظهره دبرة، ثم تركه حتى برىء، ثم عاد له، ثم تركه حتى برىء، فدعا به ليعود له، فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً، وأن كنت تريد أن تداويني فقد والله برئت، فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -  أن لا يجالسه أحد من المسلمين)[51])..

 (وأخرج عساكر عن محمد بن سيرين قال: كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن لا يجالس أحد صبيغاً، وأن يحرم عطاءه ورزقه)[52]).
(وأخرج نصر في الحجة، وابن عساكر عن زرعة، قال: رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة، كأنه بعيرٌ أجرب، يجيء إلى الحلقة، ويجلس وهم لا يعرفونه، فتناديهم الحلقة الأخرى. عَزمَةُ أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - ، فيقومون ويدعونه) [53] )، كما كان عمر- رضي الله عنه- متيقظاً لكل من يستعمل التأويل إرضاءً لميله الشخصي، أو إثارة للفتنة...روي أنه استعمل قدامة بن مظعون على البحرين، فقدم الجارود على عمر- رضي الله عنه - ، فقال: إن قدامة شَرِبَ فَسَكِر، فقال عمر - رضي الله عنه -: من يشهد على ما تقول... ؟
 قال الجارود: أبو هريرة يشهد على ما أقوله، فقال عمر: يا قدامة إني جالدك، قال: والله لو شربتُ كما يقول، ما كان لك أن تجلدني، قال عمر: ولم؟ قال: لأن الله يقول (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)...)( المائدة: 93.)، فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، ثم اتقوا وآمنوا، ثم اتقوا وأحسنوا، شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  بدراً ، وأُحدأً والخندق،  وكافة المشاهد.
فقال عمر- رضي الله عنه -: ألا تردون عليه قوله.... ؟ 
فقال ابن عباس: إن هذه الآيات عُذراً للماضين، وحُجَّةً على الباقين، لأن الله يقول : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90))( المائدة: 90.)، قال عمر: صدقت)[54]).
وهذا يدل على مدى يقظة عمر- رضي الله عنه- للتأويلات المنحرفة، ومدى سرعته في الفهم والاستنباط.......(عن قتادة أن امرأة تأولت قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6))( المؤمنون: 5-6.).فَتَسَرَّت غلاماً لها، فذُكِرَت لعمر، فسألها، ما حَمَلَكِ على هذا........؟
فقالت: كنت أرى أنه يحلُّ لي ما يَحِلُّ للرجل من مِلكِ اليَمين.
فاستشار عمر- رضي الله عنه -  فيها أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -  ،
فقالوا: تأولت كتاب الله على غير تأويله، فقال عمر: لا جَرَمَ، والله لا أُحِلك لَِحُرٍٍّ بعده أبداً، كأنه عاقبها بذلك ،  ودرأ عنها الحد، لما في أمرها من شبهة، وأمر العبد أن لا يقربها"[55] ).
فهذه الآثار وغيرها، تدل على شدة عمر - رضي الله عنه - ويقظته للتأويلات التي تُشَتِّتُ شمل الجماعة، وتهدم كيان الأمة، وتجعل المسلمين مشغولين بالجدل من أجلها تثبيتاً وتأييداً، أو دفعاً وإزالة، في وقتٍ هم في أشد الحاجة إلى قوتهم، ووحدة صفهم، في سبيل بناء الأمة الإسلامية، ونشر شريعة الإسلام وهديه، بين كافة الناس، في مشارق الأرض ومغاربها.
لذا كان السبئيون دعاة الفتنة في عُزلةٍ عن الجماهير، فتوجهت همتهم، -كما أسلفنا- إلى تدبير المؤامرات بأنفسهم، دون الاعتماد على الجماهير هذه المرة، فلجأوا إلى أسلوب الاغتيالات.. فبدءوا يُحكِمونَ مخططاتهم في الخفاء، وكان استشهاد عمر-رضي الله عنه-نتيجة لهذا التخطيط الماكر، الذي حبكه كعب الأحبار، فالصورة المفصلة لوقائع حادث اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كما روتها المصادر الإسلامية([56])، تضع " كعب الأحبار " في موقعِ مَن كان على  بَيِّنَةٍ من الأمر قبل الحادث لحظة بلحظة، ومع أن المصادر الإسلامية لم تتوجه بأصابعها إلى اتهامه بالتورط الشخصي في ذلك، إلا أن طريقتها في السَّرد، وتفصيلات الوقائع، وترديدِ اسم "كعب الأحبار " في ثناياها، لهي مؤشرات للذي يقرأ قرائن الأحوال، على أن " كعباً "  شريكٌ في مستوى معين في رسم الأحداث، وسير الأمور.. يقول الطبري: "خرج عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يطوف في السوق، فلقيه أبو لؤلؤة- غلام المغيرة بن شعبة- ، فشكاه إلى عمر- رضي الله عنه -  زاعما أنه يكلفه فوق طاقته ،  فقال له عمر:وكم خراجك ..؟ قال : درهمان في كل يوم ، قال : وإيش صناعتك ..؟قال: نجار ، نقاش ، حداد..  قال : ما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال ، لقد كلفك يسيراً، انطلق فاعط مولاك ما سألك،  قال عمر – رضي الله عنه - :   قد بلغني أنك تقول : لو أردتُ أن أعمل رحىً تطحن بالريح فعلت ، قال : نعم . قال : فاعمل لي رَحًى...؟
قال:  لئن سلمت ُللأعملن لك رحىً يتحدث بها من بالمشرق والمغرب ، ثم انصرف عنه ، فقال عمر – رضي الله عنه - :لقد توعدني العبد آنفاً، قال:ثم انصرف عمر إلى منزله ([57]).
فاتخذ الموضوع في الشكل خلافاً بين عمر- رضي الله عنه -  والغلام الفارسي، لا دخل فيه لأحد، فاستطاع مدبر الفتنة أن يُسدِلَ الستار على اشتراكه في مؤامرة الاغتيال.
يقول الطبري: (ثم انصرف عمر إلى المنزل، فلما كان الغد، جاءه كعب الأحبار فقال له: يا أمير المؤمنين! اعهد، فأنك ميت في ثلاثة أيام. قال: ما يدريك؟
قال: أجده في كتاب الله عزو جل، التوراة.
قال عمر: آلله...! إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة.
قال: اللهم لا، ولكني أجد صفتك وحليتك، وأنه قد فَنِيَ أَجَلُك.....!
قال: وعمر لا يُحِسُّ وَجَعاً ولا ألماً..........؟!
فلما كان الغد جاءه كعب فقال: يا أمير المؤمنين.. ! ذهب يوم وبقي يومان.
 قال: ثم جاءه من غَِد الغد فقال: ذهب يومان وبقي يوم وليلة، وهي تلك إلى صبيحتها.
قال: فلما كان الصبح خرج عمر إلى الصلاة، وكان يوكل بالصفوف رجالاً، فإذا استوت جاء هو فكبر.
قال: ودخل أبو لؤلؤة في الناس، في يده خنجر له رأسان، ومقبض في وسطه، فضرب عمر ست ضربات، إحداهن تحت سُرَّتِهِ)(  [58]  ).
إن طرائق هذا العرض التنازلي، والاكثار من ذكر " كعب الأحبار " ، ونشاطه الملحوظ في رصد جريمة الاغتيال ، والعد التنازلي لها ،  لهي اصابع اتهام واضحة لهذا اليهودي الذي قد أسلم.
بل نكاد نجزم مع المحققين من الباحثين(  [59]) أنَّ قتل عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كان عن تدبيرٍ سابق ، وائتمار مُدَبَّر، اشترك فيه العجم كأداه، واليهود كتخطيط، وهم أشد الناس بُغضاً لعمر– رضي الله عنه - ، وحقداً على الإسلام والمسلمين في ذاته، لأنه قهر العجم، ودوَّخَ بلادهم، وأجلى اليهود عن مهد الإسلام، وكشف عن دسائسهم...
ونرجح هذا الرأي لوجوه:
الأول:
 شهادة عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق – رضي الله عنه - ، فإنه قال غَداة مقتل عمر

  • رضي الله عنه -: رأيت عشية أمس الهرمزان ، وأبا لؤلؤة (الفارسيان) ، وجفنيه (النصراني) وهم يتناجون، فلما ثاروا سقط منهم الخنجر الذي ضُرِبَ به عمر، وله رأسان، ومقبض في وسطه(  [60]) فقتل عمر  – رضي الله عنه - في صبيحة تلك الليلة، فلما بلغ عثمان- رضي الله عنه- قول عبد الرحمن، استدعاه وسأله، فقال عبد الرحمن: انظروا إلى السكين، فإن كانت ذات طرفين، فلا أرى القوم إلا قد اجتمعوا على قتله، فنظروا إليها فوجدوها كما وصف عبد الرحمن(  [61] ).

الثاني:
 حديث اليهودي كعب بن ماتع المعروف بكعب الأحبار ([62])مع عمر- رضي الله عنه- غداة توعده أبو لؤلؤة ، وقد ذكرنا طرفاً منه- وهو صريح في أن كعباً كان يعرف ما يدور في الخفاء، ويدبر من الكيد لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب  – رضي الله عنه - ، ولماذا لم يكن هذا التكهن قبل ذلك بشهر أو شهرين.... ؟ أو أسبوع أو أسبوعين.... ؟ ولماذا كان في الغد من وعيد أبي لؤلؤة لعمر..... ؟ ولماذا اختص- كعب الأحبار - بهذا التكهن عن التوارة، والتوراة ذائعة بين الناس، وفي المسلمين يهود وغيرهم من قرائها وحفاظها وعلمائها، ومنهم من هو أوثق وأعلم وأسبق إيماناً من كعب.... ؟ ولو أنا أحسنَّا الظن بإسلام كعب  بعد تلبثه على يهوديته حياة رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - وخلافة أبي بكر– رضي الله عنه -  وبعض خلافة عمر– رضي الله عنه - ، حتى دخل الإسلام على يديه، لقلنا إن كعباً كان على علم تام بالمؤامرة، فلم تواتيه الشجاعة في أن يكون صريحاً بإخباره، ولكن أراد أن ينبه أمير المؤمنين لما يُراد به، في هذه الصورة الملفقة في أبجادِ التكهن عن التوراة، وخشي على نفسه من التصريح أن يناله سوء المتآمرين، أو من يتصل بهم، أما إن كانت يهودية كعب لا تزال تحيا في قلبه كما حييت في حامل رأية التأمر من بعده  " ابن السوداء- عبد الله بن سبأ " وتَسَتَّرَ بالإسلام، فيكون إخباره عن المؤامرة بهذا الأسلوب المُلتوي فرقاً من الأخذ والقتل إذا انكشف الأمر، وقد يكون ذلك إمعاناً في المكر وإحكام التدبير، لأنه ربما لا يغيب عن تدبيرهم الخبيث، أن عمر– رضي الله عنه -  إذا عهد إلى شخص معين، كما كان يطلب إليه كعب، تختلف الأمة وتتفرق كلمتها، وهي في غمرة هذا الاختلاف والتفرق، يحدثون ما مكروا، فتصبح الأمة وهي أشغل بما هي فيه، عن النظر في الجناية والتحقيق فيها، وقد يتسلل المتآمرون أو بعضهم إلى إحدى الطائفتين، فيكونون معها، ويستوجبون حمايتها لهم، ويصيبون من المسلمين فوق ما كانوا يُدَبِّرون، وكان هذا الدور بأكمله هو مدار تكهن كعب، وبطولته، في هذه الرواية.
ثم ما هذا التحديد الدقيق، الذي ينص على زمن وفاة رجل من الناس، - مهما عظم شانه- في كتاب مُنَزَّلٍ من عند الله هدى ونورا .... ً؟ ولماذا خص بذلك عمر بن الخطاب
رضي الله عنه -  دون سائر المؤمنين ممن مضى وممن لحق..... ؟
ولماذا لم ينص في التوراة على وفاة الصِّديق  – رضي الله عنه - ، وهو أجلُّ مكاناً في الإسلام من عمر..... ؟ ولماذا لم يقل هذا في حق رسول الله  - صلى الله عليه وسلم-  ، وقد ثبت أن التوراة بشرت به نبياً ورسولاً.... ؟
الثالث:   روي أن أبا هريرة علم بهذا الائتمار والتدبير المُبَيَّت، فأنذر به عمر – رضي الله [63]عنه - ، فلم يعبأ به، كما  لم يعبأ من قبل بوعيد أبي لؤلؤة، لما يعلمُ من نفسه أنه قائمٌ على الرعية بالعدل والحق، وكانت سُنَّةُ الراشدين أنهم لا يأخذون أحداً بشُبهةٍ أو ظَنّ، خصوصاً فيما يتعلق بأشخاصهم، فقد أبى عثمان- رضي الله عنه -  قتل الثائرين عليه، وأبى علي- رضي الله عنه- قتل ابن مُلجم، وقد قيل له من قبل أن يُحدِثَ ما أحدث([64]).
الرابع:    روي أن عُيَينَة بن حِصن الفَزاري-وكان من المؤلفة قلوبهم الذين اشتد عليهم عَقِب عمر في وَطئِهِ بعد أن ظهر الإسلام، وقويت شكوته- قال لعمر: احترس، أو أَخرِج العجم من المدينة، فإني لا آمنُ أن يطعنك رجل منهم في هذا الموضع، ووضع يده في الموضع الذي طعنه فيه اللعين أبو لؤلؤة، وهذا أسلوبٌ من الانباء خرج في غير مَخرج حديث كعب الأحبار، وكان وجه الفصل بين الحديثين، هو فرقُ ما بين الرجلين.
فاحدهما فيه دهاء قومه اليهود، ومكرهم، فزوى القضية عن أسلوب الصراحة إلى أسلوب الكهانة، اعتماداً على سابق عهده، ومشهورِ مكانِهِ في قومه وأهل ملته، وأما الآخر فأعرابيٌّ فيه جفوة البادية وصراحتها، فألقى بالحديث في أسلوب الناصح المُحَذِّر، وهو أعلم أنه نُصحٌ فات إِبّانُه، وتحذير لا يفيد، وقد يكون للعصبية العربية أثر في تحريك عُيينة، إلى الإدلاء بهذا التحذير([65] ).
هذه شواهد ودلائل تُمسك بأصابع الهرمزان الفارسي، فجفينه النصراني، وسلائل من يهود، وآخرين الله يعلمهم، منغمسة مع الخبيث أبي لؤلؤة، في دَمِ أمير المؤمنين فاروق الإسلام، عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وتنادي بان الأمر كيدُ ماكر، دُبِّرَ للإسلام في ذات أقوى رجالاته، وأشدهم بطشاً بالمنافقين واليهود، وإلى هذا ذهب كثير من المحققين من المؤرخين، القدامى والمحدثين..
 قال الأستاذ حسين والي -رحمه الله-: 
"وفي كلام بعض المؤرخين أن قتل عمر – رضي الله عنه - لم يكن إلا عن ائتمارٍ بين أولئك الدخلاء، كما شهد عبد الرحمن ابن أبي بكر، ووقف على هذا الائتمار أبو هريرة، وأنذر به عمر قبل مقتله بثلاثة أيام" ( [66] )  .
وقال الأستاذان الفاضلان صاحباً كتاب (سيرة عمر) في تعليقةٍ  فا حصة:
  "أما التوراة فهي بين أيدي الناس اليوم معروفة مقروءة، وما فيها شيء مما قاله كعب، وليس يعقل أن يكون في التوراة تاريخ وفاة عمر-رضي الله عنه- وتحديدها، والتوراة كتاب أنزله الله على نبي من أنبيائه ليبين أحكام الدين، وأصل الشريعة، لا للإخبار عن وفاة رجل لم يكن قد خُلِق، فمن الصعب جداً قبول دعوى كعب أن هذا الخبر في التوراة، لابد إذن من إدارة المسألة على وجهٍ آخر، والسؤال عن كعب من أين علم أن عمر سيموت بعد ثلاثة أيام.... ؟ وكيف عرف " عُيَينَة بن حصن " موضع الطَّعنة، وكيف تجرأ " أبو لؤلؤة "  وهو غريب لا قيمة له، على هذا الأمر الهائل، وهدد به أمير المؤمنين بقوله: لأصنعن لك رَحًى يتحدث بها العرب... ؟   أكان ذلك لأنه لم ينصفه من المغيرة.... ؟
 كلا، وإنما هي جريمة سياسية ومؤامرة كبرى، لو جرى فيها تحقيق قضائي، لظهر في هذه الجريمة شركاؤهم :الهرمزان ، وجفينة، وإن فيها متهمين فرعيين،هما : كَعبُ الأحبار،وَعُيَينة بن حصن الفزاري "(  [67]  ).
وكان هولُ فاجعة استشهاد عمر- رضي الله عنه- على المسلمين عظيماً، وصفها عمرو بن ميمون بقوله:  (وكأن الناس لم تُصَب بمصيبة قبل يومئذ)(  [68]  ).
وقال سعيد بن زيد : (إن موت عمر ثَلَمَ الإسلام ثلمة لا تُرتَق إلى يوم القيامة)(  [69]  )،
ويمكن أن نتصور مقالة أبي طلحة – رضي الله عنه- لنعرف إلى أي مدى كان تأثير مقتل عمر على جميع المسلمين.. يقول (ما من أهل بيت من العرب حاضر ولا باد، إلا وقد دخل عليه بقتل عمر نقص)(  [70]  ).  وهذا ما كان يستهدفه كعب، والقوى المتآمرة معه..
وهكذا قضى سيدنا عمر – رضي الله عنه – على أيدي المندسين والحاقدين على الإسلام ، كي يخلو الجو لمؤامراتهم التي ما زلنا نبلو منها حتى عصرنا الحاضر .

فرق الشيعة

بعد أن تمكن ابن سبأ اليهودي وأبتاعه من شق وحدة الأمة الإسلامية بعد صِفّين إلى سنة وشيعة وخوارج، لم يقتصر هدفهم على ذلك، فهو أبعد من ذلك بكثير، ألا وهو إفساد وتخريب عقائد الذين اتبعوهم، لاخراجهم نهائياً من صف المسلمين، تحت شعار الدفاع عن آل البيت.وسيقتصر حديثي على طائفة النصيرية إذ هم المعنيون في هذا البحث..
وقد كان الخوارج والشيعة داخل معسكر واحد( [71] ) ، وهو معسكر علي كرم الله وجهه- واشتركوا في فكرة الخروج على عثمان رضي الله عنه-، وفي تكفيره، -وهو المبشر بالجنة- والبراءة منه( [72]  )  . 
وبعد موقعة صفين، والتحكيم، امتاز الخوارج عن الشيعة، وسلك كل فريق مسلكاً يناقض الآخر، وأصبح الفريقان يتبرأ أحدهما من الآخر، لذلك نجد الطبري يحدثنا: أن صالح بن مسرح- قال في شأن علي كرم الله وجهه- وأتباعه: "فلم ينشب أن حَكَّمَ في أمر الله الرجال، وشك في أهل اضلال، وركن وأدهن، فنحن من علي وأشياعه براء"( [73] ) .
وجاء في خطبة المستورد الخارجي (43هـ/336م): "أما بعد: فإن هذا الخَرِق معقل بن قيس- قد وجه اليكم، وهو من السبئية المفترين الكاذبين، وهو لله ولكم عدو" ( [74] ).
أما معقل بن قيس-، فقد سمى الخوارج بالمارقة الضلال( [75] ) ، وجاء في خطبة صعصعة بن صوحان الشيعي: "ولا قوم أعدى لله ولكم، ولأهل بيت نبيكم، ولجماعة المسلمين، من هذه المارقة الخاطئة، الذين فارقوا إمامنا، واستحلوا دماءنا، وشهدوا علينا بالكفر"( [76] ).
وأما أبو حمزة الخارجي، فقد وصف الشيعة وصفا بين فيه أراءهم، ومخالفته لهم فيها، فقال: "وأما هذه الشيعة، فشيع ظاهرت بكتاب الله، وأعلنوا الفرية على الله، لم يفارقوا الناس ببصر نافذ في الدين ، ولا بعلم نافذ في القرآن، ينقمون المعصية على أهلها، ويعملون إذا ولوا- بها، يصرون على الفتنة، ولا يعرفون المخرج، جفاة عن القرآن، أتباع كهان، يؤملون الدول في بعث الموتى، ويعتقدون الرَّجعة إلى الدنيا، قلدوا دينهم رجلاً لا ينظر لهم!! قاتلهم الله أنى يؤفكون" ( [77] ).
أما الشيعة: فقد انقسمت إلى ثلاث فرق رئيسة وهي: الزيدية، والكيسانية، والإمامية، وجميع هذه الفرق متفقون على أن الامامة لا تخرج عن أولاد علي كرم الله وجهه-، وأحفاده، وإن خرجت فَبِظُلم من غيرهم، أو بتقية منهم، والإمامة عندهم لا تُناط باختيار العامة، ولا دخل للناس بها، إنما هي قضية أصولية تنصيصية تعيينية، ومع ذلك لم تدعهم السبئية يتفقون على إمام واحد.

  • الشيعة الزيدية:

سموا بذلك لتمسكهم بقول زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب-رضي الله عنهم-، وقد انقسموا إلى ست فرق، وقيل: ثماني فرق( [78] ) ، وهم خارجون عن نطاق هذا البحث

  • الكببسانية:

ساقت الامامة إلى محمد بن الحنيفية- بالاستدلال، لأن علياً كرم الله وجهه- دفع إليه الراية يوم موقعة الجمل، وقيل: بالوصية. وقد اضطربت كتب المقالات والفرق في تحديد نسبة الكببسانية، فمنهم من نسبها إلى المولى كيسان  صاحب شرطة المختار( [79] ) ، ومنهم من نسبها إلى المختار الثقفي نفسه( [80] ) ، والراجح أنها منسوبة إلى كيسان مولى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه-( [81] ) ، وتلميذ محمد بن الحنيفية( [82] ) وقد انقسمت الكيسانية إلى احدى عشرة فرقة اندثرت جميعها- وجميع الفرق الكيسانية سبئية، وغالية.
جـ- الشيعة الامامية:
وقد ساقوا الإمامة إلى الحسن بن علي، فالحسين، فالامام علي زين العابدين، فالإمام محمد الباقر، فالإمام جعفر الصادق. وهنا تفرقوا إلى فرقتين:

  1. فرقة ساقت الإمامة بعد جعفر الصادق إلى موسى الكاظم، فالإمام علي الرضا، فالإمام محمد الجواد، فالإمام علي الهادي، فالإمام حسن العسكري، فالإمام الثاني عشر الغائب  محمد بن الحسن العسكري  وهذه الفرقة تسمى : الإمامية الإثنى عشرية، وهي خارجة عن نطاق هذا البحث.. إلا أنني سأتحدث فقط عن طائفة معاصرة مغالية انشقت عن الإمامية الإثنى عشرية وهي طائفة النصيرية.

  2. وفرقة قالت بإمامة اسماعيل بن جعفر الصادق بدلاً عن موسى الكاظم، وهو الإمام السابع عندهم، فيسمون لذلك بالاسماعيلية، نسبة إلى اسماعيل، وبالسَّبعية نسبة إلى الإمام السابع.

وانشقت الاسماعيلية إلى فرقتين كذلك:
الفرقة الأولى: نادت بإمامة مبارك- مولى اسماعيل بن جعفر الصادق، فسموا بالمباركية وعنهم انشقت فرقة الخطابية المغالية، المنتسبة لأبي الخطاب الأسدي، الذي غالى في تألية آل البيت وادعى النبوة..
والفرقة الثانية: ساقت الإمامة من محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق، إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي.. وهنا أوقف الدروز الإمامة عند الحاكم بأمر الله.. وقالوا برجعته.. وساق بقية الاسماعيلية الإمامة إلى المستنصر بالله.. وهنا انشقوا إلى فرقتين كذلك..
فرقة ساقت الإمامة إلى نزار بن المستنصر بالله، وهم أتباع اغا خان- ويسمون بالنزارية.
وفرقة ساقت الإمامة إلى المستعلي بن المنتصر بالله، الذي اغتصب الإمامة من أخيه نزار، وقتله ويسمون بالمستعلية.. ويلقبون بالبهرة..
والبهرة كذلك انشقوا إلى فرقتين:   الأولى: البهرة الداودية.. أتباع :  داوود بن قطب شاه .. وزعيمهم يلقبونه بالداعي ، وداعيهم اليوم هو : الدكتور محمد برهان الدين ، الداعي الثاني والخمسون من سلسلة دعاتهم ، ومقرهم الهند .
والثانية : البهرة السليمانية : نسبة إلى داعيهم : سليمان بن حسن ، وداعيهم اليوم هو : علي بن الحسين ، الداعي الثامن والأربعون، ومقرهم اليمن..
ومع أن الشيعة بفرقها متفقون على أن الإمامة لا تخرج عن أولاد علي وأحفاده، إلاّ أنهم لم يتفقوا على إمام واحد، فكل فرقة نادت بإمامة غير الذي نادت به الفرقة الأخرى..
وللسبئية في ذلك دور كبير..
يحدثنا التاريخ أن ابن سبأ- حين أثار الفتنة، لم يكن هَمُّه أبداً إرجاع الخلافة لعلي كرم الله وجهه-، بل هدفه الحقيقي هو إثارة البلبلة في المجتمع الإسلامي، فقد اقترح على عملائه من السبئية في مصر، والبصرة، والكوفة ثلاثة خلفاء لا خليفة واحداً..
فعملاؤه من البصريين يريدون الزبير.
وعملاؤه من الكوفيين يريدون طلحة.
وعملاؤه من سبئية مصر يريدون عليا( [83] ) .
فإقصاء عثمان رضي الله عنه وأرضاه-، لم يكن هدفاً في حد ذاته، إنما الهدف الحقيقي هو اثارة الفتنة والبلبلة فحسب، وتشويش الأفكار في المجتمع الإسلامي، ولعلي لا أكون مغالياً إن قلت بأن الأفكار التي تعج بها الساحة العربية والإسلامية سبئية المنشأ والغاية، فالأفكار القومية العلمانية، والأمية لعبت في الحديث نفس الدور الذي لعبته أفكار ابن سبأ في القديم، وما تسعى له هذه الأحزاب في الساحة العربية المسلمة، يؤكد صحة ما ذهبنا إليه..
فحزب قومي رفع شعار الحرية أولاً، ثم الاشتراكية، ثم الوحدة، وحزب قومي آخر قال: الوحدة أولاً، فالحرية، فالاشتراكية وحزب قومي ثالث، أفكاره مناقضة لأفكار الأحزاب القومية الأخرى وأحزاب أممية، ألغت الدين والقومية بالمرة، وجميعها تنادي بالعلمانية، بمعنى فصل الدين عن الدولة( [84] ) ، وعزله عن الحياة الاجتماعية للأفراد، وعن شئون الإدارة، والتعليم، والحكم.
فكل هذه الأحزاب موجودة في الساحة العربية والإسلامية، لإلهاء أبناء الأمة في الجدل العقيم، وفي مناقشة النظريات التي ترقى إلى مستوى الأكاذيب حتى يتمكن قوم سيدهم ابن سبأ- من تنفيذ وتحقيق ما خططوا له.. ولا غرابة في ذلك، فقادة هذه الأحزاب، ومعظم أعضائها القياديين إما درزي، أو نصيري، أو نصراني.. فاستطاعوا من خلالها الوصول إلى ما لا يستطيعون الوصول إليه من خلال طوائفهم في المجتمع الإسلامي.. بالاضافة إلى شرذمة الأمة.. فبعد أن كانت دولة إذا بها دول.. وتظافروا جميعاً على إخراج دولة الخلافة العثمانية من العالم العربي.. ولكن أدخلوا بدلاً منها اليهود.
 
 

صلة النصيرية بفرقة الخطابية ( أو المخمسة ) :-

الخطابية : هم أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب مقلاص الأجدع الأسدي الكوفي، وكان يكنى بأبي ظبيان، وبأبي اسماعيل، أما الكنية التي اشتهر بها فهي أبو الخطاب( [85] ).
نشأ بالكوفة، وعاصر انحسار الفرق الغالية السابقة له، وشاهد عودة الجناحية، أتباع عبدالله بن معاوية إلى الكوفة بعد مقتله، فورث أبو الخطاب حركات الغلو السابقة ونظمها( [86] ) وكون فرقته التي أصبحت أراؤها أساساً لكثير من العقائد الاسماعيلية، والنصيرية.. بل اعتبرها صاحب كتاب المقالات والفرق( [87] ) فرقة إسماعيلية خالصة، ويؤيد ذلك ما ذكره الوراق الشيعي المشهور ابن النديم في فهرسته بأن مؤسس الاسماعيلية: ميمون القداح، وابنه عبدالله، كانا من أتباع ابي الخطاب( [88] ).. ويدل ذلك على أن كل هذه الفرق السبئية، حلقات متصلة بعضها ببعض يمهد السابق للآحق منها، وتتفق في مبادئها العامة، وإن اختلفت في الخصوصيات، أو بما يلائم الزمان والمكان.
وتسمى هذه الفرقة أيضاً بالمخمسة، لزعمهم بأن الله ظهر في خمسة أشباح هم: محمد، وعلي وفاطمة، والحسن، والحسين( [89] ) .
ويزعم الاسماعيليون والنصيريون، أن أبا الخطاب كان من أجل دعاة جعفر الصادق، وأنه جعله وصيهُ من بعده
قال القاضي النعمان الداعي الاسماعيلي- "ثم كان أبو الخطاب جعفر بن محمد من أجل دعاته" ( [90] ).
ويقول الخصيبي النصيري:- قال جعفر لأبي الخطاب: يا محمد. أخاطبك بما خاطب به رسول الله سلمان، وقد دخل عليه عند أم أيمن، فرحب به، وقربه، وقال: أصبحت يا سلمان معدن سرنا، ومجمع أمرنا ونهينا، ومؤدب المؤمنين بآدابنا، أنت والله الباب الذي يؤدي إلى علمنا، وبك تبينا علم التأويل والتنزيل، وباطن السر، وسر السر، فبوركت أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وحياً وميتا . فقال رسول الله هذا القول لسلمان ، وقلته أنا لك يا محمد ، ([91]) , وهكذا الغلاة دائما يحاولون الانتساب لآل البيت ، أو الأئمة الذين لهم مكانتهم في النفوس ، ليضفوا نوعامن الشرعية على مقولاتهم ، ولكن الامام جعفر الصادق تبرأ منه ، ومن مقولاته وقال : ( اللهم العن  أبا الخطاب، اللهم أذقه حر الحديد)( [92] ).
مقولات أبي الخطاب:-
روج أبو الخطاب كثيراً من الأفكار والعقائد السبئية مثل:-
أولاً: لا بد في كل عصر من رسولين: ناطق وصامت، فكان محمد ناطقاً ،وعلي صامتاً( [93] )
والناطق صاحب التنزيل، والصامت صاحب التأويل ،  وكما يأتي الناطق لينسخ شريعة ما قبله بإظهار شريعة جديدة، كذلك يكون الصامت، فيأتي لينسخ التأويل الذي قبله، وهذا ما نجده دائماً في عقائد الاسماعيلية، والنصيرية، وسنبينه في موضعه.
ثانياً: إن الله يحل في أبدان الرسل والأئمة، ثم ادعى الألوهية لنفسه، وزعم أتباعه أن جعفر إله، غير أن أبا الخطاب أفضل منه ومن علي([94]  ).
ثالثاً: حلل لأتباعه الشهوات ماحل منها وما حرم- وقال: إن كل شيء فرضه الله في القرآن وحرمه وأحله، فإنما هو أسماء رجال تجب موالاتهم، أو التبرؤ منهم( [95] ).
رابعاً: قالوا بالتناسخ، والتأويل، والبداء، وكفروا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- وخاصة أبابكر، وعمر، وعثمان، وزعموا أن ما ورد في القرآن من كلمات الخمر، والميسر، والجبت والطاغوت، بأنها أبو بكر، وعمر، وعثمان..( [96] ).
ولم يقف الأمر بهم عند هذا الحد، بل عملوا على هدم وتخريب العلاقات الإجتماعية، فجوزوا الكذب على مخالفيهم، (ويرون الشهادة بالزور على من خالفهم)( [97] ). (وأحلوا دماء مخالفيهم وأموالهم ونساءهم)( [98] ) . وكل هذه العقائد التي ذكرناها، نجدها ضمن عقائد الاسماعيلية، والنصيرية، وغيرهم من الفرق الضالة.
نهاية الخطابية:-
كان نشاط هذه الفرقة في مطلع القرن العباسي الأول، ولما عَلم والي الكوفة عيسى بن موسى- بأنه أظهروا الاباحات، واستحلوا المحارم، وأعلنوا غلوهم في جعفر الصادق، وأبي الخطاب، جرد لهم جيشاً لمحاربتهم، فخرج أبو الخطاب واتباعه لمواجهة جيش عامل المنصور، وطمأنهم بأن قصبهم يعمل في رقاب أعدائهم عمل السيوف والرماح( [99] ) .
يقول النوبختي (فقدمهم عشرة عشرة للمحاربة فلما قتل منهم نحو ثلاثين رجلاً، قالو له: ما ترى ما يحل بنا من القوم، وما نرى قصبنا يعمل فيهم ولا يؤثر، وقد عمل سلاحهم فينا وقتل من ترى منا، فأجابهم أبو الخطاب، إن كان قد بدا لله فيكم فما ذنبي( [100] ) ..؟ وهو هنا ينطق بالبداء، مقتفيا إثر سابقيه من المختارية وغيرهم، وهو اعتذار عن الفشل، وتبرير للإخفاق.
قال الأشعري: "وخرج أبو الخطاب علي أبي جعفر فقتله، عيسى بن موسى في سبخة بالكوفة([101]  ) .
وقال النوبختي: "فقتله في دار الرزق على شاطى الفرات، وصلبه مع جماعة منهم، ثم أمر بإحراقهم فأحرقوهم، وبعث برؤوسهم إلى المنصور، فعلقها على مدخل مدينة بغداد ثلاثة أيام، ثم أحرقت"( [102] ) .
وهذه الفرقة سبئية كذلك، لأنها ضمت بين صفوفها السبئيين من الفرق السابقة، ونادت بما نادى به الغلاة السابقون، بل استطاع أبو الخطاب صياغة مبادئ جديدة، كان لها أكبر الأثر فيمن جاء بعده من اسماعيليين، ونصيريين، وغيرهم.

الشيعة الغالية

تمكن اليهود وأشياعهم من شق وحدة الأمة الإسلامية إلى شقين: سنة.. وشيعة. ولكن هل اكتفوا بذلك؟ كلا.. لأن هدفهم أبعد من ذلك بكثير، ألا وهو إفساد وتخريب عقائد الذين اتبعوهم، لإخراجهم نهائياً من صف المسلمين تحت ستار الدفاع عن آل البيت.. فأخذ عبدالله بن سبأ- اليهودي اليماني يظهر الزهد والتقوى والغيرة على الدين.. والمبالغة ظاهرياً في حب آل البيت حتى زعم أن الله -عز وجل - حَلَّ في علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه- ،  كما زعم بولس الرسول- اليهودي المتنصر.. حلول الله - عز وجل - في عيسى بن مريم -عليه السلام-. وبحلول الإله في على حسب زعمه.. يجعله جديراً بالعبادة والتأليه.. كما فعل النصارى بعيسى بن مريم. فآمن بدعواه الذين لم يتمكن الإسلام من قلوبهم، وذهبوا إلى الإمام على وقالوا له: أنت الله خالقنا ورازقنا. فارتاع سيدنا على لهذه المقوله.. وفزع.. وهاله الأمر.. فدعاهم إلى التوبة، ولكنهم أصروا على مقالتهم.. فألقاهم في النار أحياء وأنشد:
لما رأيت الأمر أمراً منكــراً أججت ناري ودعوت قنبراً  ( [103] ).
فصاحوا وهم يحترقون: (لا يعذب بالنار سوى رب النار، فأنت الله حقيقة)
فرددت صدى هذه المقولة كافة أرجاء الدولة الاسلامية حتى استقرت في قلوب جاهلة طروبة لمثل هذه التخرصات، لأغراض سياسية انتقامية، وكان بعض الفرس في مقدمة الذين استغلوا هذه الادعاءات، إذ كانت الامبراطورية الفارسية قد سيطرت مدة طويلة من الزمان، ووصلت جيوشها حتى اليونان ومصر، ثم قضى العرب المسلمون عليها القضاء الأخير، إلا أن بعض أبناء الفرس الذين لم يتمكن الاسلام من قلوبهم تلك الايام، لم يغفلوا عن مجدهم الغابر، ولم تطمئن قلوب بعضهم للشريعة الإسلامية، بالإضافة إلى محاولة بعضهم اجترار الديانات المختلفة التي عجت بها رقعة الشرق كالمسيحية واليهودية والزرادشتية والمزدكية والمانوية وسواها، فحاولو تلوين الإسلام بها حتى يخلقوا التوافق بين ما كانوا عليه وبين ما هم فيه، مع رغبة الكثير منهم في الانتقام من العرب المسلمين الذين قضوا على امراطوريتهم المترامية الأطراف، فالتقى كل ذلك مع ما بذره اليهودي الخبيث عبدالله بن سبأ- فأنشأوا الفرق الغالية والمعارضة لأهل السنة والجماعة، وأسسوا شتى النزعات المتنافرة لتمزيق الوحة الاسلامية، فاتخذوا من حب آل البيت، واستشباع ما حل بسيدنا علي وأولاده وأحفاده من بعده مع أن لهم اليد الطولى في ذلك- ستاراً يخفون فيه حقيقتهم، وتسمى هذه الفرق في التاريخ الاسلامي بالفرق الغالية.. أما سبب تسميتهم بذلك فقد ذكره أبو الحسن الأشعري بقوله:
"إنما سموا بالغالية.. لأنهم غلوا في علي وقالوا فيه قولا عظيماً"( [104] ) .
وقد تصدى لهم علماء المسلمين وفقهاؤهم وأبانوا حقيقتهم وحذروا جماعة المسلمين من أباطيلهم وأسمارهم..
يقول الشهرستاني:
"الغلاة اسم على أولئك الذين غلوا في حق أثمنهم، حتى أخرجوا من حدود الخلقية وحكموا فيهم بأحكام الإلهية.. فربما شبهوا واحداً من الأئمة بالإله.. وربما شبهوا الإله بالخلق.. وهم على طرفي الغلو والتقصير.. وإنما نشأت شبهاتهم عن مذاهب الحلولية، ومذاهب التناسخية، ومذاهب اليهود والنصارى.. إذ اليهود شبهوا الخالق بالخلق.. والنصارى شبهت الخلق بالخالق. فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة، حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة"( [105] ) .
وقال ابن خلدون:
"ومنهم أي الشيعة- طوائف يسمون الغلاة، تجاوزوا حد العقل والإيمان في القول بألوهية هؤلاء الأئمة.. إما على أنهم بشر.. اتصفوا بصفات الألوهية، أو أن الإله حل في ذاتهم البشرية.. وهو قول بالحلول يوافق مذهب النصارى في عيسى صلوات الله عليه"( [106] )
وقال ابن بابويه القمى- من علماء الشيعة الإمامية الإثنى عشرية -  ما نصه :
( الغلاة المتظاهرون بالإسلام هم الذين نسبوا أمير المؤمنين ، والأئمة من ذريته - عليهم السلام – إلى  الألوهية والنبوة. ووصفوهم من الفضل في الدين والدنيا إلى ما تجاوزوا فيه الحد.. وخرجوا عن القصد، وهم ضُلّال كفار، حكم فيهم أمير المؤمنين -عليه السلام -بالإكفار والخروج عن الإسلام"( [107] ) .
ومن أشهر هذه الفرق الغالية ، والمنشقة عن الشيعة الإمامية ، والتي لا يزال لها وجود في عصرنا.. طائفة النصيرية.
 
طائفة النصيرية
هي طائفة من الطوائف الباطنية الغالية المنشقة عن الإمامية الاثنا عشرية، يقيم غالبية أفرادها في سوريا بالجبال المعروفة باسم جبال النصيريين- والواقعة شرقي اللاذقية، وفي لواء اسكندرونة المحتل من قبل تركيا حاليا.. ويشكلون أقلية كبيرة في تركيا..
أصل تسميتها:
يتضايق النصيريون من اطلاق هذا اللقب عليهم، ويحبون أن ينادوا بالعلويين، ويقولون: بأن ذلك اللقب لم يكن إلا بداعي العداوة المذهبية، ويزعمون أن الأتراك هم الذين أطلقوا عليهم هذا اللقب وحرموهم من اسم العلويين، إلاّ أن الفرنسيين أثناء انتدابهم لسوريا أعادوا لهم هذا الاسم، اذ صدر أمر من (القومسيرية العليا في بيروت) بتاريخ 1/9/1920 بتسمية جبال النصيريين بأرض العلويين المستقلة( [108] ) .

وثمة تفسير آخر لسبب تسميتهم بالنصيريين أورده المستشرق الفرنسي ريسو-فيجعله ذا صلة بلفظ نصراني أو نصارى( [109] ) لما لاحظه من احتفاظهم ببعض التقاليد والطقوس الدينية القريبة الشبه إلى حد ما بالتقاليد والعادات المسيحية.
وليس ذلك بمستبعد خاصة إذا لاحظنا أن النصيريين كما سنرى في الصفحات القادمة- لا يزالون يحتفظون ببعض التقاليد والطقوس الدينية القريبة الشبه إلى حد ما- بالمسيحية. بالإضافة إلى مشاركتهم للنصارى في كثير من أعيادهم، والوقوف إلى جانبهم في الأوقات الحرجة، والتاريخ الحديث في لبنان مثلا- شاهد على صحة ذلك..
لكن الأقرب إلى الصواب.. والمنطق أن اسم النصيريين مأخوذ من اسم مؤسس الطائفة.. (أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري) المتوفى سنة 260هـ-873م، والذي كان مولى للحسن العسكري.. الإمام الحادي عشر من أئمة الشيعة الإمامية الإثنا عشرية.. ثم انشق عنها وكون هذه الطائفة التي تنسب إليه.
ويقال: إنما سموا بالعلويين.. لأنهم من الطوائف التي تؤله سيدنا علي كرم الله وجهه وتعبده. وقد سماهم الأتراك باسم (سوره ك) وهي لفظة تركية بمعنى: المنفيين أو المساقين.. ومع الزمن أصبح الناس يلفظونها (سوراك) ويراد بها النصيريون. ويوجد إلى هذه الأيام بعض النصيريين في حلب وفي أقضية صهيون، والعمرانية، وصافيتا يسمون بهذا الاسم([110])
ومن الأسماء التي تطلق على النصيريين اسم (النميرية)نسبة إلى محمد بن نصير النميري([111])
ومع أن النصيريين يكرهون هذا الاسم، ولا يحبون أن يسموا به.. إلا أننا نجد النصيري (محمد أمين غالب الطويل) يعلل سبب تسمية أبناء طائفته بالنصيريين، فيقول: "لما فتحت جهات حمص وبعلبك.. استمد أبو عبيدة نجدة فأتاه من العراق خالد بن الوليد، ومن مصر عمرو بن العاص، وأتاه من المدينة جماعة من العلويين!؟ وهم ممن حضروا بيعة عدير خم.. وهم من الأنصار وعددهم يزيد عن أربعمائة وخمسين مجاهداً. ولما وصلت هذه النجدة والتحقت بالجيش نجح نجاحاً جزئياً، فسميت هذه القوة الصغيرة (نصيرة).. وإذا كان من قواعد الجهاد تمليك الأراضي التي يفتحها الجيش إلى ذلك الجيش نفسه فقد سميت الأراضي التي امتلكها جماعة النصيرة.. جبل النصيرة، وهو عبارة عن جهات: جبل الحلو، وبعض قضاء العمرانية المعروف الآن، ثم أصبح هذا الاسم علماً خاصاً لكل جبال العلويين من جبال لبنان إلى أنطاكية" ( [112] ) .
هذه معظم الأقوال التي قيلت في سبب تسمية هذه الطائفة باسم النصيريين.. أوردناها باختصار. إلا أنني أرى أن الأقرب إلى الصواب منها هو أنها سميت بذلك نسبة لواضع قواعد المذهب النصيري (محمد بن نصير البصري النميري) مولى الحسن العسكري، بعد أن انفصل عن الشيعة الإثنا عشرية. ولو رجعنا إلى أي كتاب أرخ للفرق المختلفة.. لوجدنا أن كثيراً من هذه الفرق نسبت لمن أوجدها.. والأمثلة على ذلك كثيرة، تجدها في مظانها( [113] ) .
نشأتها:
افترقت الشيعة الإمامية بعد موت ( الامام الحادي عشر ) إلى أربع عشرة فرقة ، لم تعترف بالمهدي (محمد بن الحسن العسكري ) غير ثلاث منها فقط ، وأنكرت الفرق الباقية أن يكون للحسن العسكري ولد أصلا ..
 وقالت إحدى الثلاث : إت للحسن العسكري ابنا أسماه محمد ، ودل عليه ، وولد قبل وفاته بسنتين  .
وقالت الثانية: "بل ولد للحسن ولد بعده بثمانية أشهر وإن الذين ادعوا له ولدا في حياته كاذبون مبطلون"( [114] ) .
وقالت الثالثة، وهي فرقة الإثنى عشرية التي انضمت إليها سائر الفرق الإمامية الأخرى بعدئذ بهذين القولين.. وغلبت الرأي الأول.. والغريب في الأمر أن فرقة من فرق الشيعة حين سئلت عن المهدي قالت:
"لا ندري ما نقول في ذلك الإمام، أهو من ولد الحسن أم من إخوته.. فقد اشتبه علينا الأمر.. إنا نقول: إن الحسن بن علي كان إماماً وقد توفى، وأن الأرض لا تخلو من حجة.. ونتوقف.. ولا نقدم على شيء حتى يصح لنا الأمر ويتبين"( [115] ) .
وقد كانت الأئمة إلى زمن غيبوبة المهدي مرجع الشيعة وقدوتهم، وبما أنهم يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل، ويعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم شيء حسب ادعاء صاحب كتاب الكافي( [116] ) ، فلا بد لكل واحد من الأئمة من (باب) يكون همزة الوصل وحلقة الاتصال بين الإمام وشيعته مستندين إلى أحاديث يقولون بأنها مروية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والأبواب التي كانت للأئمة حسب زعمهم هم:

  1. الإمام علي بن أبي طالب وبابه: سلمان الفارسي.

  2. الحسن المجتبي وبابه قيس بن ورقة المعروف بالسفينة.

  3. الحسين الشهيد وبابه رشيد الهجري( [117] ) .

  4. الامام علي زين العابدين وبابه عبدالله الغالب الكابلي.

  5. الإمام محمد الباقر وبابه يحيى بن معمر بن أم الطويل.

  6. الامام جعفر الصادق وبابه جابر بن يزيد الجعفي( [118] ) .

  7. الامام موسى الكاظم وبابه محمد بن أبي زينب.

  8. الإمام علي الرضا وبابا المفضل بن عمر.

  9. الإمام محمد الجواد وبابه محمد بن المفضل بن عمر.

  10. الإمام علي الهادي وبابه عمر بن الفرات المشهور بالكاتب.

  11. الإمام حسن العسكري وبابه أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري.

أما الإمام الثاني عشر  محمد المهدي بن الحسن العسكري- فلم يكن له باب- كما يقول النصيريون- بل بقيت صفة الباب مع أبي شعيب النميري( [119] ).. ولكن الشيعة الاثنا عشرية لم تقر لأبي شعيب بهذه الصفة، فانفصل عنهم وأسس طائفة النصيرية المنسوبة إليه. وقد اتخذ محمد بن نصير- من مدينة سامراء مقراً له، وظل المرجع الأعلى للطائفة النصيرية إلى أنه هلك عام 260هـ. وكان قد (ادعى النبوة، وأن الذي أرسله هو أبو الحسن علي بن أبي طالب، وكان يقول بالتناسخ، والغلو في أبي الحسن ويقول بربوبيته، ونادى بإباحة المحارم)( [120] ) .
وعند وفاة محمد بن نصير- حل محله في زعامة الطائفة: أبو محمد عبداله بن محمد الحنان الجنبلاني نسبه إلى بلدة- جنبلا  الفارسية، فلذلك اشتهر بلقب الفارسي.
وقد أحدث بين النصيريين طريقة صوفية عرفت بالطريقة الجنبلانية، وكان قد سافر إلى مصر، وهناك تمكن من استمالة الحسين بن حمدان الخصيبي- لطريقته ومذهبه، وبعد رجوعه إلى بلدة جنبلا- تبعه تلميذه الخصيبي ودرس عليه تعاليم المذهب، ثم خلفه بعد وفاته سنة 287هـ، فأصبح رئيساً للطائفة ومرجعاً أعلى للنصيريين.
ثم ترك الخصيبي بلدة جنبلا- الفارسية، وتوجه إلى العراق، واتخذ من بغداد مقراً له، ثم أخذ بالتجوال بين أتباعه داعياً ومرشداً حتى استقر به المقام في مدينة حلب، إلى أن هلك فيها سنة 346هـ، وقبره معروف في شمالي مدينة حلب، يعرف باسم قبر الشيخ يابراق- ويزوره النصيريون ويقدسونه( [121] ).
ويقال بأن الخصيبي هو الذي أصل ودون قواعد المذهب النصيري كما هي عليه الآن، وبعد هلاكه أصبح للنصيرية مركزان: الأول والأعظم في حلب.. ويرأسه محمد بن علي الجلي، والثاني في بغداد: ويرأسه علي الجسري.. وقد انقرض هذا المركز بعد حملة هولاكو المعرفة على مدينة بغداد.
وحل بعد (الجِلِّي) أبو سعيد الميمون سرور بن قاسم الطبراني المولود في مدينة طبرية شمالي فلسطين عام 358هـ وكان قد سافر إلى حلب.. حيث تتلمذ على (الجلي).. فآلت إليه رئاسة الطائفة.. ورئاسة الطريقة الصوفية الجنبلانية.. ثم نقل مركز الطائفة من مدينمة حلب إلى مدينة اللاذقية فراراً من غارات الأكراد المستمرة عليهم.. واتخذها مقراً له.. إلى أن هلك في سنة 426هـ فها. وقبره على شاطئ البحر داخل المسجد المعروف اليوم بمسجد الشعراني والمسلمون السنيون يزورونه أما النصيريون فيقدسونه.
وبعد وفاة (أبي سعيد الطبراني) تناوب على زعامة الطائفة عدة مشايخ.. إلى أن جاء (الأمير حسن المكزون السنجاري) ( [122] ) إلى جهات اللاذقية بناء على رغبة النصيريين.. حيث أرسلوا له الشيخ محمد البانياسي والشيخ علي الخياط.. وأبلغوه حالة النصيريين السيئة ومضايقة الأكراد والأتراك لهم، فزحف بجيش قوامه خمسة وعشرون ألف مقاتل؟! ونصب خيامه على (عين الكلاب) بقرب قلعة (أبي قبيس) وعلى سطح (جبل الكلبية)، وقد انتبه الأكراد والأتراك لمجيئه فتجمعوا سراً في (مصياف) وأغاروا ليلاً على عساكر الأمير فغلبوه وهزموه شر هزيمة.. فرجع إلى (سنجار) يتعثر بأذياله. وبعد ثلاثين سنة من هزيمته زحف من سنجار إلى منطقة النصريين ومعه خمسون ألف مقاتل عدا النساء والأطفال وهم الذين تشكلت منهم العشائر النصيرية المسماة الآن بالحدادية، والمناورة، والدراوسة، والمهالبة، وبني علي وجاء عن طريق حلب.. فالتحق به بعض النصيريين الموجودين في المنطقة.. وزحف إلى جبال النصيريين واحتلها بعد حروب دامية.. واتخذ من قلعة (أبي قبيس) مقراً له.. بعد أن استولى عليها.. واستولى أيضاً على (جبل الكلبية).. وعندما استولى على شواهق جبال النصيرية التي تسمى (شعراً) تعاون مع (الاسماعيلين الأغاخانيين) الموجودين بالمنطقة على طرد الأكراد إلى أن أوصلوهم إلى جهات (عكار) في لبنان حالياً. ثم رجع لقلعة (أبي قبيس) التي جعلها مركزاً صيفياً له. واتخذ من قرية (سيانو) المجاورة (لخربة جبلة) مشتى يستقر فيه شتاء. ثم أسلم نفسه للتصوف والتأليف في قواعد المذهب النصيري إلى أن هلك عام 638هـ.. ودفن في قرية (كفر سوسة) على مقربة من الجولان.. وقبره مزار مشترك للجهلة من السنيين.. وللنصيريين الذين يرون في زيارته نوعاً من العبادة والتقديس.
وبعد وفاة (حسن المكزون) تفرق النصيريون إلى عدة مراكز دينية غير مرتبطة ببعضها البعض.. يتبوء كل مركز منها مرجع ديني. واستقل كل مرجع برئاسة مركز صغير إلى أن استطاعوا بالأمس القريب.. وفي غفلة المسلمين (غفاة البشر) في سوريا وغيرها.. تمكنوا من السيطرة على نظام الحكم في سوريا. فعادت لهم سطوتهم وقوتهم مرة أخرى.. يتحكمون بها في رقاب المسلمين.
  عقائد  النصيريين
للنصيريين عقائد خاصة .. وأخرى عامة .. وهم على العموم يعتبرون  ديانتهم ومذهبهم سراً من الأسرار العميقة ( [123] ) التي لا يبوحون بها لسواهم.. وكثيراً ما نطالع في رسائلهم وكتبهم السرية الوصايا المتكررة للأتباع بضرورة كتمان أسرار مذ1هبهم.. من ذلك مثلاً ما ورد في كتابهم (الهفت الشريف):
"يا مفضل: لقد أعطيت فضلاً كثيراً، وتعلمت علماً باطناً فعليك بكتمان سر الله، ولا تطلع عليه إلا ولياً مخلصاً، فإن أفشيته إلى أعدائنا، فقد أعنت على قتل نفسك)( [124] ).
وقوله أيضاً في مكان آخر من نفس الكتاب ما نصه:- (وأوصيك يا أخي ونفسي بكتمان سر الله تعالى، وباطن مكنونه، إلا من إخوانك المقرين بمعرفة علي الأعلى) ( [125] ).
وجاء في خاتمة رسالة من رسائلهم ما نصه:- (وقد كشفت لك في هذه الجوابات ما لم يجب كشفه إلا من لسان إلى أذن لمن يوثق به، وهو عندك أمانة، ولا توقف عليه أحداً)( [126] ).
ومن عقائدهم الخاصة : أن المرأة النصيرية عندهم لا يطلعونها على أسرار مذهبهم لأنها في نظرهم ضعيفة العقل والارادة؛ يقول الهفت الشريف:- (قال المفضل يا مولاي، روي عن أبيك أنه قال: النساء شر من الرجال، وأكثر احتيالا ومكراً..
قال الصادق: يا مفضل: إن أصل كل شر هو النساء، وحين أخرج أبونا آدم من الجنة كان ذلك بسبب حواء، وكذلك قتل قابيل أخاه هابيل بسبب النساء، ألم تسمع كلام الله عن امرأة نوح ولوط وكيف خانتاهما، وكذلك قتل (يحيى بن زكريا) بسبب امرأة بغي، وقد قال النبي وأبلغ في القول، وأزجر في المعنى، حيث نظر في النار فرأى أكثر أهلها نساء، وقال منه السلام: والشياطين من الامرأة، وان الانسان اذا ارتقى في كفره وعتوه وتمرده، وتناهى في ذلك صار ابليساً ويرد في صورة امرأة)( [127] ) فلذلك لا يأمنوها على أسرار المذهب كما أسلفنا- ولا يطلعونها عليه، فالمرأة النصيرية اذن لا دين لها ( [128] ) أما الرجل، فلا يطلعونه كذلك على أسرار المذهب الا اذا كانت سنه بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة، شريطة أن يمر في مراحل ثلاث:-
المرحلة الأولى: ويسمونها مرحلة الجهال، وفي هذه الدرجة أو المرحلة، يهيئون من يقع عليه الاختيار من أبناء الطائفة لقيول وحمل أسرار المذهب، التي يلقنوه اياها في مرحلة تالية تسمى مرحلة أو درجة التعليق- إذا يبقى  الجاهل  مدة سنة إلى سنتين تحت إشراف شيخ من شيوخ الطائفة، ليطلعه على شيء من أسرار العقيدة بالتدريج كما أسلفنا فإن لم يأنسوا في الجاهل  خيراً طردوه، ولا يلقنونه أسرار المذهب، أما اذا وجدوه جديراً بحمل أسرار المذهب نقلوه الى مرحلة أعلى يسمونها مرحلة السماع- وبعد مضي فترة عليه في هذه الدرجة اتي يطلع فيها على كثير من أصول المذهب التصيري، يعقد الرؤساء الروحيون للطائفة مجمعا- خاصاً.. لتلقينه أسرار المذهب.. ولنقله إلى درجة أعلى بحضور كفيلين أوشاهدين أثنين يشهدان باستعداد الرجل لقبول السر ومحافظته عليه.. وبأنه أهل للقيام بأعباء هذه الدرجة.. ثم يلقنونه سر المذهب بعد حلف اليمين المقررة عندهم، والذي يتضمن عدم البوح به.. ويؤكد على ضرورة الحفاظ عليه.. ولو أريق دمه( [129] ).
ومع أن مؤلفي كتب الفرق المختلفة.. اختلفوا في (محمد بن نصير) مؤسس هذه الطائفة.. إلا أنهم اتفقوا على أنها تؤله علياً -كرم الله وجهه-، وهم في ذلك تابعوا (السبئية) أتباع عبدالله ابن سبأ  الذين قالوا بحلول الجزء الإلهي. في الإمام علي والأئمة من بعده.. (أي أن الله تجلى للمرة الأخيرة بعلي كما تجلى من قبل  حسب اعتقادهم بهابيل وشيت وسام وإسماعيل وهرون وشمعون) واتخذ في كل دور رسولاً ناطقاً، تمثل على الترتيب في آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى.. فعلي إله في الباطن وإمام في الظاهر لم يلد ولم يولد ولم يمت ولم يقتل ولا يأكل أو يشرب.
وبحسب الاعتقاد السابق فقد اتخذ علي محمداً، ومحمد متصل بعلي ليلاً ، منفصل عنه نهاراً، وعلي خلق محمداً، ومحمد خلق سلمان الفارسي، وسلمان خلق الأيتام الخمسة ( [130] )  الذين بيدهم مقاليد السماوات والأرض، وهم:
المقداد: الموكل بالرعود والصواعق والزلازل.
وأبو الدر: أي (أبو ذر الغفاري)، الموكل بدوران الكواكب والنجوم.
وعبدالله بن رواحة الانصاري: الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر.
وعثمان بن مظعون: الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان.
وقنبر بن كادان: الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام)( [131] )  .
ويحتج النصيريون لهذه العقيدة بقولهم: إن الإله معبود مقدس، يحل في الأجسام متى يشاء، وله التصرف المطلق، وإليه ترجع الأمور.. فالإله حل في علي بن أبي طالب.. فهو إمام في الظاهر وإله في الباطن.. لا يأكل ولا يشرب ولم يلد ولم يولد ..
فأما الظاهر : فهو القسم البشري منه ، قسم ( الناسوت )، الذي يأكل ويشرب ويلد ويولد .
وأما الباطن منه فهو قسم ( اللاهوت) الذي لا يأكل ولا يشرب ..
وقالوا أيضا : إن ظهور الروحاني بالجسد الإنساني لا ينكره عاقل ، كما ظهر جبريل بصورة الأعرابي ، والشيطان بصورة إنسان .. ، فإن الله أيضاً يظهر بصورة أشخاص.. ولما كان علي بن أبي طالب وأولاده وأحفاده من بعده أفضل العالمين.. فقد ظهر الحق بصورتهم، ونطق بلسانهم، وأخذ بأيديهم. وقالوا: لم يكن قتال المنافقين، ومكالمة الجن، وقع باب خيبر بقوة جسدية.. وإنما هي من أبرز الدلائل على أن فيه جزءاً إلهياً.. وقوة ربانية.. إذ هو الذي ظهر الإله بصورته، وخلق بيده، وأمر بلسانه"( [132] ) .
ويتفق مع مـا أوردناه.. ما رواه عنهم صاحب كتاب الفرق الإسلامية إذ يقول ما نصه:
"ولما لم يكن شخص أفضل من علي وأولاده، قلنا: ظهر الحق تعالى بصورتهم، ونطق بلسانهم، وأخذ بأيديهم. ومن هنا أطلقنا الألوهية على الأئمة.. إلا أن علياً اختص بتأييد من الله فيما يتعلق ببواطن الأسرار، قال النبي عليه السلام- : (أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر).  وعلى هذا كان قتال المنافقين (والنفاق محله القلب) إلى علي( [133] ) ..؟!.
والاله لم يحل في سيدنا علي فقط، حسب مزاعم النصيريين، إنما حل في الأئمة من بعده، ويؤيد ذلك ما ورد في كتابهم المقدس الهفت الشريف- عن قصة مقتل الحسين رضي الله عنه- ما نصه: (وإن الحسين لما خرج إلى العراق، وكان الله محتجباً به، وصار لا ينزل منزلا صلوات الله وسلامه عليه- إلا ويأتيه جبريل فيحدثه، حتى إذا كان اليوم الذي اجتمعت فيه العساكر عليه، واصطفت الخيول لديه، وقامت الحرب، حينئذ دعا مولانا الحين جبريل وقال له: يا أخي: من أنا؟
قال: أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم والمميت والمحيي؟! أنت الذي تأمر السماء فتطيعك، والارض فتنتهي لأمرك، والجبال فتجيبك، والبحار فتسارع الى طاعتك، وأنت الذي لا يصل اليك كيد كائد ولا ضرر ضار! قال الحسين: افترى هذا الخلق المنكوس، تحدثهم أنفسهم أن يقتلوا سيدهم لضعفهم، ولكنهم لن يصلوا إلى ذلك، كما أنهم لم يصلوا إلى عيسى ولا إلى أمير المؤمنين علي- ولكنهم عملوا ذلك ليحل عليهم العذاب بعد الحجة والبيان)( [134] )
وأورد (الهفت الشريف) قولاً.. على لسان جعفر الصادق وهو منه براء- ما نصه: "نحن الأئمة أولياء الله.. لا يفتر علينا من علمه شيء، لا في الأرض ولا في السماء.. نحن يد الله وجنبه، ونحن وجه الله ويمينه.. وأينما نظر المؤمن (يقصد النصيري) يرانا.. إن شئنا شاء الله، ولا تلقه إلا لأهله (أي هذا القول).. والحمد لله الذي اصطفانا من طينة نور قدرته، ووهبنا سر علم مشيئته، وأمرنا بأن نعرف شيعتنا حق حقيقة وَمعرفة أمانته! ونخلص نفوسهم من كدر العذاب بولايته"( [135] ).
وللأئمة عند النصيريين كما أسلفنا- ميزات خصوصية يمتازن بها عن بقية البشر، ويقولون: بأن أفعالهم وأقوالهم منطبقة على الإرادة الإلهية!. انطباقاً تاماً وهم معصومون لأن الخطايا رجس.. وقد قال تعالى: (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)( سورة الاحزاب / 33. ).  فهم لذلك مصدر الإرادة الإلهية في أفعالهم وأقوالهم ونوايا قلوبهم. والإمام عندهم أعلى منزلة من النبي.. لأن الأنبياء يوحى إليهم بواسطة جبريل والأئمة يكلمون الله تعالى بغير واسطة ويأتيهم الإلهام الرباني.. وهم أصحاب شرائع مستقلة!!
وتفسير القرآن تفسيراً صائباً صحيحاً منحصر بالأئمة دون سواهم لقوله تعالى: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)( سورة يس / 12.) فيكون الإمام عارفاً لعلوم الأولين والآخرين، لأن الجهل منقصة، وليس في الإمام منقصة. والجهل ضلالة.. وليس عند الإمام ضلالة وإنما عنده الهداية ( [136] ) .
والأئمة في اعتقاد النصيريين لا يولدون كغيرهم من بني البشر.. بل يولدون بكيفية خاصة لا يزاحمهم فيها غيرهم.
يقول كتاب الهفت الشريف- ما نصه:
"فإذا أراد الله إظهار الإمام في الظاهر، تأديباً لهذا الخلق، أرسل روحاً من عنده فتدخل في المولود الذي يتطهر من كل دنس ولم يزاحمه رحم.. ولكن تدخل الروح فيه تأديباً للناس.. أتدري يا مفضل ما مثل ذلك؟. قلت: لا يا مولاي! قال: إن ميلاد الإمام وموته ليس بميلاد ولا موت، وإنما مثله كمثل رجل لبس قميصاً ونزعه حينما يشاء.. فلذلك قال الله (نكلم من كان في المهد صبياً)!! لهذه العلة.. ألم تسمع إلى قوله تعالى في المهد حين قال: (وكيف نكلم من كان في المهد صبياً؟).
ثم قال الصادق: وإني لست صبياً، آتاني الكتاب قبل أن تروني، وإنما دخلت في هذا البدن على التخيير.. وكذلك الأوصياء.. لو كانوا صبياناً لم يفهموا ولم يعقلوا.. ومثله كما أخبرتك عن رجل لبس قميصه ونزعه.. والحمد لله دائماً وأبداً والسلام" ( [137] ) .
وقد ادعى الألوهية في هذا العصر النصيري (سلمان المرشد) وهو من قرية (جوبة برغال) شرقي مدينة اللاذقية بسوريا.. ومن آمن به واتبعه كثير من النصيريين (وقد مثل الدور تمثيلاً جيداً، فكان يلبس ثياباً فيها أزرار كهربية، ويحمل في جيبه بطارية صغيرة متصلة بالأزرار فإذا أوصل التيار شعت الأنوار من الأزرار فيخر له أنصاره ساجدين.. ومن الطريف أن المستشار الفرنسي الذي كان وراء هذه الألوهية المزيفة كان يسجد مع الساجدين.. ويخاطب سليمان المرشد بقوله: يا إلهي؟!. وقد اتخذ (سلمان المرشد) رسولا اسمه: (سلمان الميدة) وكان يشتغل جَمَّالاً عند أحد المزارعين في حمص في حين كان سلمان المرشد مدعي الألوهية- راعي أبقار وهكذا يكون الإله راعياً ، والرسول جمالا" ( [138] ).
وقد استماله الفرنسيون  كما أسلفنا- واستخدموه.. وجعلوا للعلويين نظاماً خاصاً.. فقويت شوكته وتلقب برئيس (الشعب العلوي الحيدري الغساني) وعين قضاة، وسن القوانين، وفرض الضرائب على القرى التابعة له.. وأصدر القرارات.. من ضمنها قراراً جاء فيه:
"نظراً للتعديات من الحكومة الوطنية والشعب السني على أفراد شعبي، فقد شكلت لدفع هذا الاعتداء جيشاً يقوم به الفدائيون والقواد.. إلخ" تماماً كفرق الدفاع الخاصة التي شكلها النظام العلوي في سوريا اليوم وجعل لمن سماهم بالفدائيين ألبسة عسكرية خاصة.. وكان من خلال ذلك يزور دمشق نائباً عن العلوين في المجلس النيابي السوري.. ولما جلا الفرنسيون عن سوريا، ترك له هؤلاء من أسلحتهم ما أغراه بالعصيان، فجردت الحكومة السورية آنذاك قوة فتكت ببعض أتباعه، واعتلقته مع آخرين، ثم أعدم شنقاً في دمشق عام 1946( [139] ) . وقد سئل مرة قبل هلاكه: أنت إله؟! وأغا خان (زعيم الإسماعيلية الأغاخانية) إله؟! فكيف تتسع الأرض لإلهين؟ فأجاب: إن الخالق يبث روحه فيمن يشاء.. وقد يبثها في مائة من مخلوقاته، فيصبحون أرباباً مثلي"( [140] ). ومن الطريف أن (البناوية ) وهو الاسم الذي أطلقه على أتباعه وأنصارهم من النصيريين المواخسة أتباع النصيري على الماخوس- ظلوا مخلصين لسلمان المرشد.. فبعد أن شُنِق ألهوا ابنه (مجيب بن سلمان المرشد) ومع أن هذا الأخير قتل أيضاً.. إلا أنهم لا زالوا يؤلهونه.. ولا زالوا يذكرون اسمه عندما يريد أحدهم ذبح طير أو حيوان(  [141] )، فيقولون: (باسم مجيب الأكبر من يدي لرقبة أبي بكر وعمر.."!!
وقد ذكر صاحب كتاب (إسلام بلا مذاهب)( [142] ) بأن الأنظار متجهة الآن إلى تأليه واحد من إخوة (مجيب) الذين لا يزالون يتمتعون ببعض النفوذ عند جهلاء النصيريين.
ويحيط النصيريون من وصل إلى رتبة (الشيخ) منهم بهالة من القداسة والتعظيم.. ويعتقدون بأنهم يعرفون الغيب وما سيحصل في المستقبل فيعمدون إلى استشارتهم في كل صغيرة وكبيرة ومتى حكم (الشيخ) في شيء ، يكون حكمه مبرماً لا يقبل الجدل.. سواء كان مُحِقاً في ذلك أم مبطلاً.
وختاماً لهذا الفصل نورد نصاً (للقسم النصيري) وهو يكشف عن بعض معتقداتهم.. وقد أورد نصه ابن فضل الله العمري في كتابه (التعريف بالمصطلح الشريف) ونقله عن القلقشندي في كتابه (صبح الأعشى، ج13، ص250-251) وهذا نصه:
"إنني وحق العلي الأعلى، وما اعتقده في المظهر الأسنى وحق النور وما نشأ منه، والسحاب وساكنه، وإلا برئت من مولاي (علي)العلي العظيم، وولائي له، ومظاهر الحق. وكشفت حجاب سلمان بغير إذن، وبرئت من دعوة الحجة (ابن نصير)، وخضت مع الخائضين في لعن ابن ملجم.. وكفرت بأبي الخطاب، وأذعت السر المصون، وأنكرت دعوى أهل التحقيق، وإلا قلعت أصل شجرة العنب من الأرض بيدي، حتى أجتث أصولها وأمنع سبيلها، وكنت مع قابيل على هابيل، ومع النمرود على إبراهيم، وهكذا مع كل فرعون قام على صاحبه، وإلى أن القى العلي العظيم وهو على ساخط، وأبرأ من قول قنبر، وأقول إنه بالنار ما تطهر..".
وهذا القسم إذا حللناه وجدنا:

  1. -أن علياً بن أبي طالب يلقب بلقب (العلي العظيم) وهما من أسماء الله.

  2. -أن سلمان الفارسي هو صاحب الحجاب، أي الباب الذي يفضى إلى العلم والحكمة وأسرار الباطن وباطن الأسرار.

  3. -أن مبادئ النصيرية سر مصون لا يجوز إذاعته.

  4. -أن شجرة العنب مقدسة عندهم بحيث لا يجوز اقتلاعها، لأن من ثمرها تصنع الخمر.. وهم يعظمون الخمر كما رأينا.

وللنصيريين عقائد عامة كذلك ،  تتشارك فيها  مع الفرق السبئية الغالية من وجه أو آخر،ومع التشابه الحاصل بين هذه الفرق السبئية أحياناً في بعض العقائد، الا أن لكل فرقة خصوصياتها ومن هذه العقائد:-
أولاً: عقيدتهم في النبوة:
 النبي في اللغة: مأخوذ من النبأ وهو الخبر، لأن النبي مخبر عن الله، أو من النبوة وهي: العلو والارتفاع، لكون الانبياء أعلى الخلق رتبة.
وفي الاصطلاح: هو انسان حر ذكر مبعوث من الحق إلى الخلق( [143] ) والأنبياء هم افضل الخلق أو أفضل البشر، وقد اشار القرآن الكريم لذلك في آيات كثيرة منها: (ان الله اصطفى آدم ونوحاً وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين)(آل عمران / 33).
فالرسل والانبياء في جملتهم هم أفضل العالمين.
أما النصيريون فيعتبرون أئمتهم أفضل من الانبياء، يقول محمد أمين غالب الطويل-:
والأئمة هم أعلى مرتبة ومنزلة من الانبياء في بعض الوجوه، ومن هذه الوجوه: أن الأنبياء عليهم السلام- يوحى اليهم بواسطة وغير واسطة، أما الأئمة سلام الله عليهم- فيوحى اليهم مباشرة من غير واسطة) ( [144] )  ،  فهم بذلك أنكروا معلوما من الدين بالضرورة، وهو أنه لا وحي ينزل على أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم- فهو (رسول الله وخاتم النبيين) (الاحزاب/40)، فخرجوا بقولهم ذلك عن الاسلام جملة وتفصيلا، واتفقوا بذلك مع القاديانية والبهائية التي ادعى أصحابها النبوة والرسالة، بل هم أشد خبثاً لنفاقهم أما أولئك فقد كفروا صراحة بلا مواربة ولا التواء-، ويبررون ذلك بأن القرآن شهد للأئمة بالعصمة، في قوله تعالى: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)(الأحزاب/32.) .
أما الأنبياء فلم يشهد القرآن لهم بذلك، فعلى هذا فالأئمة أفضل من الأنبياء، فكيف يجوز أن يكون المفضول متبوع والفاضل تابع؟.
فإن قيل إن هذه الأفضلية هي من بعض الوجوه فقط، ولا يستلزم ذلك أن يكون الأئمة أفضل من الأنبياء من جميع الوجوه الدينية، بل هم أفضل من البعض فقط!! قلنا: إن الوجه الذي فُضل به الأئمة هو أساس النبوة، وأساس النبوة الوحي، فإذا كان الأئمة أفضل من الأنبياء في الأصل، لزم أن يكونوا افضل منهم في الفروع، إذ الفروع مبنية على الأصول.
ثانياً: عقيدتهم في الإمامة:
الإمامة هي المحور الأساسي الذي تدور عليه عقائد الشيعة الإمامية عموماً ومنهم النصيريون المنشقون عنهم.. وهم يتفقون مع الشيعة في وجه ويختلفون في وجوه..
والإمام عند النصيرية ليس فوقه مرتبة، بل أعلى ما يصل إليه الإنسان هي هذه المرتبة، وقد بالغت النصيرية في شأن أئمتهم مبالغة خرجوا بها عن حدود المعقول والمنقول، فالإمامة عندهم منصوص عليها، ويرون أن أئمتهم ما كان يطالبون بالخلافة لأمر دنيوي، بل لأنها حق ديني، فالإمام منصوص عليه من الله، فهو إمام سواء تولى الخلافة أم لا، فيجب أن تكون تابعة للإمامة، فكل إمام ينبغي أن يكون هو الخليفة وليس كل خليفة يصلح أن يكون إماما، يقول النصيري محمد أمين غالب الطويل: (بأن خصوم النصيرية اتهموا النصيرية بأنهم يؤلهون أئمتهم بسبب تمسكهم بحق أئمتهم ورفضهم لما عداهم)( [145] ) وهم في ذلك متفقون مع الإمامية الاثنا عشرية وغيرهم من الفرق المنشقة عنهم كالشيخية وغيرها.
وإذا كان وجود الأنبياء ضروري لهداية الخلق، فكذلك الحال بالنسبة للأئمة فلا يستقيم أمر الدين إلى بهم، بل هم الجبال الرواسي الذي لا تستقيم الأرض ولا تستقر إلا بهم يقول في (الهفت الشريف): (قال الصادق في معنى قوله تعالى: (وجعل فيها رواسي من فوقها).. قال المفضل: قلت: يا مولاي، هذه الآية عجزت الناس عن تفسيرها قال الصادق: هم الآئمة يا مفضل، لولا الأئمة يا مفضل، لشككتم في دينكم وزللتم وزاغ بكم الهوى عن الوضوح)( [146] )
وهم وإن اتفقوا مع الإمامية الاثنى عشرية بوجوب وجود الأئمة.. إلا أنهم عند الإمام الثاني عشر وهو محمد المهدي بن الحسن العسكري يختلفون، فالنصيريون يقولون بابه (وكيله) هو أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري، ولكن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية لم تقر لأبي شعيب محمد بن نصير بهذه الفة، فانفصل عنهم وأسس طائفة النصيرية المنسوبة إليه.. وهم في ذلك يشبهون طائفة الشيخية المنشقة عن الاثنى عشرية في كثير من عقائدهم([147]  ) حذو النعل بالنعل.
بل يرون أن هؤلاء الأئمة كانوا في كل عصر من العصور لا بأسمائهم بل بأعيانهم، وهذا مبني على عقيدتهم في التناسخ وعلى اعتقادهم أنه كان قبل خلق آدم أبو البشر سبعة أوادم.
يقول (الهفت الشريف) في ذلك: قال محمد بن اسماعيل: كل آدم يا مولاي، كان في دوره: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وأبو بكر وعمر وعثمان، وأنتم الأئمة بأعيانكم، وجدكم محمد بعينه، أم أسماء توافق الأسماء..؟
قال الصادق: نحن بأعياننا وجدنا محمد بعينه، وعلي وفاطمة والحسن والحسين بأعيانهم وأبو بكر وعثمان بعينهما؟!"( [148] ) .
"وكل إمام لا بد أن يكون معه في كل عصر أربعون شخصا منهم، ثمانية وعشرون نجيبا واثني عشر نقيبا، وهؤلاء هم الصفوة المختارة الذين يختارهم الإمام، والنقيب يلي الإمام في الترتيب التنازلي، وبعده النجيب فهذه هي درجات مشايخهم"( [149] ).
وهؤلاء الأربعون من النقباء والنجباء لا يفارقون أي إمام من أئمتهم، وهم في هذا قد خالفوا الاثنا عشرية، الذين لم يقولوا بذلك، وإن قالوا بوجود وكيل للإمام باب- في حال غيبته.
ويعتقدون أن هؤلاء النجباء والنقباء تُطوى لهم الأرض في انتقالهم وسفرهم، فلا يتقيدون بقيود الزمان والمسافة، وهم بفضل وصولهم إلى هذه الدرجة سقطت عنهم التكالي؟! يقول الهفت الشريف: (وقد بلغوا ما بلغوا بالأعمال الطيبة، فأسقط الله عنهم الأعمال الظاهرية)( [150] ).
ويعتقدون أن أئمتهم هم هم، بأعيانهم وأشخاصهم في كل دور، فإذا فني أهل دور من الأدوار، رفع الأئمة إلى السماء، ثم اذا أراد الله خلق أهل دور آخر نزل الأئمة إلى الأرض من جديد؟!!.
يقول الهفت الشريف: (وكلما أفنى الله أهل دور رفع الأئمة إلى السماء، فإذا أراد الله خلق خلق جديد نزلوا من السماء إلى الأرض)( [151] ) .
وهذه العقيدة في الحقيقة خليط من مذاهب وأديان ووثنيات قديمة، أما ادعاؤهم بسقوط التكاليف عن طبقتي النقباء والنجباء لأنهم الصفوة المختارة الذين اختارهم الإمام يلزم أيضاً منه وإن لم يصرحوا به: أن الإمام نفسه قد سقطت عنه التكاليف، لأنه أعلى مقاماً من النجباء والنقباء، وإذا ما عرضنا هذه القضية على الكتاب والسنة علمنا أن أن أصحاب هذه الدعوى كفار بالله ورسله، فالله سبحانه حينما أوجب التكاليف على المكلفين لم يستثن منهم الأنبياء، مع أنهم أعلى الخلق درجة واصطفاء، فالأنبياء مكلفون بالعبادات والتكاليف كسائر الخلق، قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا)( النساء/103.)  وقال سبحانه (فصل لربك وانحر) (الكوثر / 2. ) .
فمن هذه النصوص اتضح أن الأنبياء وهم أعلى الناس رتبة مأمورون بالتكاليف ولو تدبرنا آيات القرآن الكريم لوجدنا أنه كلما ازداد الإنسان قرباً من الله تعالى كلما زيدت له التكاليف.
قال الإمام الغزالي عن الذين يأتون ببعض الأفعال المخالفة للقرآن والسنة ثم يدعون أنهم من المقربين من الله.. بأنهم ليسوا كذلك وإنما هم شياطين ملعونون. قال: (اذا رأيتم الرجل يطير في الهواء ويمشي على الماء ويأتي بعمل يخالف القرآن والسنة فهو شيطان)( [152] )  .
إن الالتزام بالتكاليف هو سبب الكمال، وإن التخلي عنها إنما هو سبب النقص، وقد بين الله في كثير من آيات القرآن الكريم أن أصحاب النار وأهلها يوم القيامة هم الذين قد أعفوا أنفسهم من التكاليف قال تعالى: (ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين)( المدثر/42. ) .    وقد سئل الإمام الغزالي عن قوم يشبهون النصيرية في مسألة إسقاط التكاليف، غير أن النصيرية أشد منهم جرما وإثما، لأن القوم الذين سُئل عنهم الإمام الغزالي كانوا يؤدون التكاليف، غير أنهم لا يعظمونها في قلوبهم،.. وحاصل السؤال: ما قولك في أناس نور الله قلوبهم ووصلوا إلى درجة القرب منه؟! بحيث أنهم لم يشغلهم عنه الله شيء، حتى أنهم لا يريدون أن يشغلوا بهذه التكاليف الظاهرة، ولكنهم يؤدونها بحكم المألوف والعادة؟؟! فكان جواب الإمام الغزالي عن هؤلاء: (بأنهم كفار بالله جل ثناؤه، وبكل رسل الله أجمعين)( [153] )
فإذا كان هذا رأي الإمام الغزالي فيمن يؤدي التكاليف غير أنه لا يعظمها في قلبه، فمما لا ريب فيه ولا جدال، أن قول النصيرية بإسقاط التكاليف عن بعض مشايخهم لهو كفر صريح بالإسلام وبرسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد انفرد النصيريون بهذا القول أيضاً عن الشيعة الامامية الاثنا عشرية إلى أنهم وافقوا الإسماعيلية في ذلك، وكلاهما متأثر بأهل الإباحة والإلحاد.
ثالثا : تصوراتهم في خلق العالم :
يعتقد النصيريون أن عالم الأرواح قد خلق قبل هذا العالم المادي، وقبل خلق الأرواح خلقت الأشباح، وهي أشبه ما تكون بصدى الصوت، ثم بعد خلق الأشباح خلقت الأظلة، وهي أوضح من الأشباح، ثم خلق الله بعد ذلك الأرواح، ثم خلق أبدانا لهذه الأرواح، ثم خلق الانسان، وأول ما خلق الله من الجنس البشري، خلق النصيريين.
يقول كتاب المجموع: (وأعلم أن طائفتنا النصيرية خاصة، كانت موجودة قبل كون العالم أنواراً مضيئة، وكواكب نورانية، لا يأكلون ولا يشربون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، وهؤلاء المؤمنون أول ما خلقهم الله تعالى، خلقهم أشباحا أو أشياء لاتتبين بالعين، وقد جعل الله دليلاً على وجود هذه الأشباح وهو صدى الصوت، عندما يظهر في بعض الاماكن كأنه يردد صوت صاحبه، على أن الصوت لا يرى( [154] ).
وفي مرحلة تالية، سبح الله تعالى نفسه فسبحت الأشباح بتسبيحه، فخلقها أظلة، والظل هو الشيء الذي تدركه العين، وهو أشبه ما يكون بصورة الشخص إذا وقف أمام المرآة، وتتحرك الصورة الظلية بحركة صاحبها، ثم سبح الله نفسه فسبحته هذه الأظلة، وعند ذلك خلق الله الأظلة أرواحا، وإنما سميت كذلك لاستراحتها بمعرفة الله عز وجل، ثم خلق لهذه الأرواح أبدانا، وظلت في العالم النوراني سبعة آلاف سنة، وسبعة أشهر، وسبعة أيام، وسبعة ساعات)( [155] ) .
وهم يعتقدون كذلك أن هذا العالم المادي لا انتهاء له( [156] ) بل سيظل هكذا أزليا، تمر الحياة عليه في أدوار وأكوار أبدية، ولسان حالهم يقول:-
أموتٌ ثم بعثٌ ثم حشرٌ حديثُ خُرافةٍ يا أمَّ عَمرو.
وعقيدة أزلية العالم ليس لها صلة بالاسلام لا من قريب ولا من بعيد، بل آمن بها الوثنيون في بلاد مختلفه، وقال الفلاسفة بقدم العالم، وبين الغزالي تهافت آرائهم في كتابه- تهافت الفلاسفة  كما أن القول بأزلية العالم يتعارض مع القرآن ومع العلم أيضا، لأنه معلوم من القرآن أن الله تعالى هو وحده الأزلي الأبدي، وهو الأول والآخر، أما هذا العالم فله بداية، لذا لا بد أن تكون له نهاية، وآحاد المخلوقات تنتهي، فلا بد لمجموعها أن ينتهي، وما ينطبق على الفرد ينطبق على المجموع.
قال تعالى: (كل شيء هالك لا وجهه) (القصص/88)
وقال سبحانه: (كل من عليها فان) (الرحمن/26).
فهذه الآيات وكثير غيرها تدل على عدم بقاء هذا العالم كما يدعون. كما أثبت العلم أن لهذه الحياة انتهاء وليست دائمة، فالقول بأزلية العالم أو أبديته هو مجرد فرض وتخمين وهلوسات ليس لها سند من علم أو قبس من يقين.
رابعاً: الغيبة والرجعة :
وتأتي عقيدتا الغيبة والرجعة في مقدمة المبادئ التي قال بها ابن سبأ، وأصبحت بعد ذلك ضمن عقائد السبئية والغلاة، قال ابن سبأ: "العجب ممن يصدق أن عيسى يرجع، ويكذب أن محمداً يرجع، وقد قال الله عز وجل (ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد)( سورة القصص/85. ) فمحمد أحق بالرجوع من عيسى"  ( [157] ) .
وهذه الآية التي اتخذ منها ابن سبأ وتلاميذه دليلاً على الرجعة، لا تشهد لهم، وذلك أن الآية تتضمن الوعد بالعاقبة الحسنى، كما تضمن ما قبلها الوعد بالحسنى في الآخرة.
وجوز بعض المفسرين، أن يكون المعاد من العود والمراد به مكة، لما روى غير واحد أن الآية نزلت بالجحفة، بعد أن خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- من مكة مهاجراً، واشتاق إليها، فهي وعد من الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه سيهاجر من مكة ويعود إليها( [158] ) .
قال الأشعري: (وأول من قال بالرجعة عبدالله بن سبأ، ولكن خصها بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وتبعه جابر الجحفي، في أول المائة الثانية، -وهو من تلاميذ ابن سبأ- فقال برجعة علي  كرم الله وجهه- أيضاً، لكن لم يكن يوقتها بوقت، ولما أتى القرن الثالث، قرر أهله من الإمامية رجعة الأئمة كلهم وأعدائهم، وعينوا لذلك وقت ظهور المهدي، واستدلوا على ذلك بما رووه عن أئمتهم.
والزيدية كافة منكرون لهذه الدعوى إنكاراً شديداً، وقد ردوها في كتبهم على وجه مستوفى بروايات عن أئمة أهل البيت، تعارض روايات الإمامية( [159] )
كما رفض البهائيون مبدأ الرجعة وقالوا بدلاً عنها برجوع الحقيقة المقدسة التي هي الوحي، على معنى: أن الوحي بموت محمد صلى الله عليه وسلم يرجع ثانية وينزل على زعيمهم الباب ثم البهاء، ويفسرون القيامة بأنها: قيام مظهر الحقيقة المقدسة. والساعة: بساعة طلوعها وإشراقها بعد الغيبة.
يقول أبو الرذائل أعني أبا الفضائل الجرفادقاني- -كبير دعاة البابية فالبهائية- (وأما الرجعة بالمعنى الذي تعتقده وتنتظره الأمامية، فهذا أمر غير معقول، إذ هو مخالف للنواميس الطبيعية ومبادين للسنن الكونية)( [160] ) .
وكذلك الخوارج رفضوا فكرة الرجعة، فقال أبو حمزة الخارجي في خطبة له يصف الشيعة (يصرون على الفتنة ولا يعرفون المخرج، جفاة عن القرآن، أتباع كهان، يؤملون الدول في بعث المونى، ويعتقدون الرجعة في الدنيا، قلدوا دينهم رجلاً (يقصدون علياً)- لا ينظر لهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون)( [161] ) .
ومع أن البهائيين كالخوارج سبئيين، إلا أنه ليس من الحتم اللازم أن يؤمنوا بكل مقالات ابن سبأ، بل كل يؤمن بما يناسبه.
وقد اختلفت كتب الفرق في الأصل الذي ترجع إليه هذه الفكرة، هل ترجع إلى أصول فارسية كما قال المقريزي في الخطط ( [162] ) وابن حزم في الفصل( [163] ) ؟ أو ترجع إلى أصل يهودي كما ورد في رواية للطبري( [164] ) .
وفي رواية على لسان الشعبي ذكرها صاحب العقد الفريد تقول: (أحذرك الأهواء المضلة، وشرها الرافضة، فإنها يهود هذه الأمة، يبغضون الإسلام كما يبغض اليهود النصرانية، ولم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة من الله، ولكن مقتاً بأهل الإسلام، وبغياً عليهم، قالت اليهود: لا يكون الملك إلا في آل داود، فقالت الرافضة: لا يكون الملك إلا في آل علي بن أبي طالب، وقالت اليهود لا يكون جهاد حتى يخرج المسيح المنتظر، وينادي منادي السماء، فقال الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي، وينزل من السماء).
ولا يمنع أن تكون هذه العقيدة السبئية وغيرها من العقائد، خليطاً من عدة ديانات، لأن أتباعه كذلك كانوا خليطاً من اليهود والمنافقين والشعوبيين، وابن سبأ عاش في اليمن التي كانت تزخر بالديانات المختلفة من مجوسية ونصرانية ويهودية.. كما كانت في اليمن فرقة يهودية كبيرة تسمى (الصدوقية)( [165] ) وكانت هذه الفرقة تعتقد أن (العزير) ابن الله، وتعتقد برجعته كذلك..
واعتقادهم هذا يعتمد على أمرين:
أحدهما: قصة عزير الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه.. وقد ذكرها القرآن الكريم.
والثاني: قصة هرون عليه السلام- إذ مات في التيه، فنسبوا قتله إلى موسى عليه السلام- وادعوا أنه حسده، لأن اليهود كانت أميل إليه منها إلى موسى، واختلفوا من بعده، منهم من قال: مات وسيرجع، ومنهم من قال غاب وسيرجع( [166] ) .
كما يعتقد بعض اليهود والنصارى بأن النبي إيليا  (الياس)- قد رفع إلى السماء، وأنه لابد أن يعود إلى الأرض في آخر الزمان، لإقامة دعائم الحق والعدل وهذا شبيه بما يراه السبئيون، من أن الإمام لم يمت، وإنما بدأ للناس ذلك، وأنه اختفى وسيعود في الوقت المناسب قبل يوم القيامة، لإعادة العدل إلى الأرض، بعد أن ملئت جوراً وظلماً، وأن من مات كان شيطاناً تصور بصورة الإمام.قال البغدادي: "فلما قتل علي رضي الله عنه- زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن علياً، وإنما كان شيطاناً تصور للناس في صورة علي، وأن علياً صعد إلى السماء، كما صعد إليها عيسى ابن مريم، ثم قال ابن سبأ: وكما كذبت اليهود والنصارى في دعواهم قتل عيسى، كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود والنصارى شخصاً مصلوباً شبهوه بعيسى، وكذلك القائلون بقتل علي، رأوا قتيلاً يشبه علياً فظنوه علياً، وعلي قد صعد إلى السماء، وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه"( [167] ) .
فمن مقتضيات عقيدة الرجعة عند السبئية، القول (بأن علياً حي لم يمت، ويقولون بأنه لا يموت حتى يملك الأرض، ويسوق العرب بعصاه)( [168] ).
وحين بلغهم خبر موته قالوا للذي نعاه إليهم: (كذبت يا عدو الله، لو جئتنا بدماغه في صرة، وأقمت على مقتله سبعين عدلاً ما صدقناك، ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، ويملك الأرض" ( [169] ) بل إن أحد السبئيين، وهو رشيد الهجري( [170] ) دخل على علي بعد موته وهو مسجى، فسلم وقال لأصحابه: "إنه ليفهم الكلام، ويرد السلام، ويتنفس نفس الحي، ويعرق تحت الدثار الوثير، وإنه الامام الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطا، كما ملئت ظلما وجوراً"( [171] )
وتعلل السبئية اختفاء علي بالغيبة، ولم تكن الغيبة في نظرهم غيبة انهزام وذلة، وإنما هي غيبة عروج وترقب، ومن هنا كانوا (يعتقدون أن الرعد صوته، وأن البرق سوطه، وأنه في السحاب، وإذا نشأت سحابة بيضاء صافية منيرة مبرقة، قاموا غليها يبتهلون ويتضرعون ويقولون: قد مر علي بنا في السحاب)( [172] ) .
فإيمان السبئية بهذه العقيدة ناتج عن تداخل الأساطير بالديانات المحرفة، التي زخر بها الشرق وجنوب الجزيرة، فرفضوا موت علي، وآمنوا بغيبته اصراراً منهم على الظفر المرتقب ولتثبيت قلوب أتباعهم، وتشجيعهم على الثبات على معتقداتهم.
وقد اكتفى كتاب الفرق والمقالات برد البغدادي عليهم حين قال: (قلنا للسبئيين إن كان مقتول عبدالرحمن بن ملجم شيطاناً تصور للناس في صورة علي!! فلم لعنتم ابن ملجم، وهلاّ مدحتموه، فإن قاتل الشيطان محمود على فعله، غير مذموم، وقنا لهم: كيف تصح دعواكم أن الرعد صوت علي، والبرق سوطه (أو تبسمه) وكان صوت الرعد مسموعاً، والبرق محسوساً في زمن الفلاسفة قبل الإسلام ولذا ذكروا الرعد والبرق في كتبهم، واختلفوا في علتهما)( [173] )
والأمر لا يستدعي من وجهة النظر السبئية الحجاج والمنطق، فإن التفكير الغيبي والمنحى الاسطوري، وآثار الديانات السابقة للإسلام، قد تأصلت في المذهب وأخصبت أخيلتهم.
ويتوج السبئية هذه الآراء بايمانهم بالرجعة، كطريق للاستيلاء على الحكم، واجتثاث النواصب والخوارج والمارقين جميعاً من الوجود، ولجعل الاشياع يمسكون بأهداب الأمل المرتقب، في غمرة من الهزائم والآلام.
قال ابن سبأ: (حين ينزل على من السماء، تنبع له من مسجد الكوفة عينان تفيضان إحداهما عسلاً، والأخرى سمناً ويغترف منها شيعته)( [174] ) وغدت هذه المقولة منطلقاً لأخيلة الشيعة الغالية منهم والمعتدلة على السواء وتصدى البغدادي كعادته لتفند هذا الزعم السبئي فقال: "فكيف بالحسين رضي الله عنه- وأصحابه بكربلاء يموتون عطشاً ولم ينبع لهم الماء فضلاً عن العسل والسمن؟!"( [175] ) .
وهذا الرأي في حقيقته رأي سياسي، يقصد منه بث الاطمئنان في نفوس اتباعهم المهزومين، حتى لا يسأمون ويفرون من حولهم، بل يظلون على ولائهم وانقيادهم كالأنعام، ليتمكن القادة من توجيههم إلى كل ميدان خدمة لمصالحهم، وحفائاً على نفوذهم.
ثم تطورت الرجعة بعد ذلك فدارت حول جماعة بأكملها هم أربعون شخصاً من أصحاب محمد بن الحنقية، يرجعمون معه في قيامه( [176] ).
ولعل لهذه الفكرة صلة بالفكرة اليهودية، التي تدور حول عودة دولة حمير- من بطن الصحراء، كما يروي ذلك اسرائيل ولفنستون( [177] ) .
وكان أصاحب بيان بن سمعان- زعيم فرقة البيانية المنشقة عن الكيسانية، ينتظرون رجوع محمد بن الحنفية، وكانوا يعتقدون مع الكيسانية برجوع علي بن أبي طالب، ليقتل معاوية بن أبي سفيان وآل أبي سفيان ويهدم دمشق، ويغرق البصرة ( [178] ) ؟!!.
ثم دخلت هذه الفكرة السبئية الرجعة- في عقائد الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، فضمن المجلسي اعتقاداته أن (الله يحشر في زمن القائم جماعة من المؤمنين أي الشيعة- لتقر أعينهم برؤية أئمتهم ودولتهم، وجماعة من الكافرين والمخالفين، للانتقام منهم عاجلاً في الدنيا)( [179] ) ، وصنفوا في ذلك المصنفات( [180] ) .
والقول بالرجعة غلو، ووجه الغلو فيه، أنه تجاوز للحد في تصور شخصية الإمام، فهو عندهم عصي على الموت، فلا يؤمنون بموته، لئلا يؤدي ذلك إلى تناقضهم في نظر أتباعه، الذين زعموا حلول الإله فيه، فدفعهم ذلك إلى القول بغيبته ورجعته، تحقيقاً للخلود الذي هو من صفات الألوهية.
وهذا بالطبع يخالف صريح الآيات التي تقرر فناء كل مخلوق، قال تعالى: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام)( سورة الرحمن : 26-27. ) وقد استدلوا لذلك بتأويل قوله تعالى (ويوم نحشر من كل أمة أفوجاً مما يكذب بآياتنا فهم يوزعون)( سورة النمل: 83.)  . قال الطبرسي: واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية، بأن قال: إن دخول من- في الكلام يوجب التبعيض( [181] ) ، فدل ذلك على أن اليوم المشار غليه في الآية، يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة، الذي يقول فيه سبحانه (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً)( سورة الكهف: 47. ) .
وقد تظافرت الاخبار عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وسلم، في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي قوماً ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم( [182] ) ، وينالوا بعض ما يستحقونه منالعذاب من قتل على أيدي شيعته، والذل والخزي بما يشاهدونه من علو كلمته، ولا يشك عاقل في أن هذا مقدور لله تعالى، غير مستحيل في نفسه( [183] ). وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية، ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع، مثل: قصة عزيز وغيره، على ما فسرناه في موضعه)( [184] ) .
تفنيد هذا الزعم:
لا تدل الآية التي استشهد بها الطبرسي على صحة الرجعة إلى الدنيا، لإفادتها أن الحشر المذكور لتوبيخ المكذبين وتقريعهم من جهته تعالى، بل ظاهر ما بعدها يقضي أنه تعالى بذاته يوبخهم ويقرعهم على تكذيبهم بآياته سبحانه، والمعروف من الآيات لمثل ذلك، هو يوم القيامة، مع أنها تفيد أيضاً وقوع العذاب عليهم واشتغالهم به عن الجواب، ولم تفد موتهم ورجوعهم إلى ما هو أشد منه وأبقى، وهو عذاب الآخرة، الذي يقتضيه عظم جنايتهم، فالظاهر استمرار حياتهم وعذابهم بعد هذا الحشر، ولا يتسنى ذلك إلا إذا كان حشر يوم القيامة( [185] ) . لقد حكم الله سبحانه أن من مات لن يعود إلى هذه الدنيا مرة أخرى، وأجاب الذين يتمنون العود والرجعة إلى الدنيا بالمنع الكامل، قال سبحانه: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)( المؤمنون: 99-100,) .
وهكذا يقطع النص القرآني الأمل عند من يطمع في العودة إلى الدنيا مرة أخرى، بقوله الحاسم (كلا).
كما قال تعالى: (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين، ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون)( المنافقون: 10-11. ) .
وقال سبحانه: (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل، أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال)( ابراهيم: 44.)
وقال تعالى: (يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل)( الأعراف: 53. )  .
وقال تعالى: (ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا انا موقنون)( سورة السجدة: 12. )  . وقال تعالى: (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا نكون من المؤمنين، بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه وإنهم لكاذبون)( الأنعام 27-28. )  .
يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى (قال رب ارجعون.. الآية)( المؤمنون 99-100. ) (يخبر تعالى عن حال المحتضر عند الموت من الكافرين والمفرطين في أمر الله تعالى، وسؤالهم الرجعة إلى الدنيا، ليصلح ما كان أفسده في مدة حياته)( [186] ) ، ويأتي ابن كثير بعد ذلك بالكثير من الآيات القرآنية التي تؤكد هذه الحقيقة، وهي عدم الرجوع، ثم يعقب عليها بقوله: (فذكر الله تعالى أنهم يسألون الرجعة- فلا يجابون عند الاحتضار ويوم النشور، ووقت العرض على الجبار، وحين يعرضون على النار، وهم في غمرات عذاب الجحيم، وقوله ههنا- (كلا إنها كلمة هو قائلها) كلا: حرف ردع وزجر، أي: لا نجيبه إلى ما طلب ولا نقبل منه.. ومن ورائهم: يعني أمامهم.. والبرزخ: قال مجاهد: أي الحاجز ما بين الدنيا والآخرة. وقال محمد بن كعب: البرزخ: ما بين الدنيا والآخرة، ليسوا مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون،ولا مع أهل الآخرة يجازون بأعمالهم. وقيل: البرزخ: المقابر، لا هم في الدنيا، ولا هم في الآخرة، فهم مقيمون إلى يوم يبعثون)( [187] ) .
وحسبنا أن ننهي كلامنا في هذا الموضوع بقوله تعالى في سورة يسن: (يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون. ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم اليهم لا يرجعون)( سورة يس 30. ) فقد احتكم النص القرآني إلى رؤية المخاطبين ومشاهدتهم، لما في حياتهم الدنيا، والمشاهدة توضح لهم أن من سبق من الناس الذين هلكوا بالموت أو العذاب، لم يعد منهم أحد، وهذا مطرد لا يتخلف، بدليل المشاهدة التي تواترت في هذه القضية خلال قرون عدة، وهكذا أبطل القرآن هذه العقيدة في قوة وحسم.
خامساً: الحلول:
يعتبر الحلول من أهم وأخطر مبادئ السبئية، لأنه يدعو إلى تشخيص الإله من خلال زعمهم- حلول ذاته أو جزء منه بالإنسان، مما يؤدي الى تأليه الإنسان، أو رفعه إلى مصاف الألوهية.
ومذهب الحلول مذهب فلسفي، وعقيدة دينية قديمة، عرفتها الديانات المحرفة، والمذاهب القديمة، ورفضتها العقيدة الإسلامية رفضاً قاطعاً، بتقريرها مبدأ الوحدانية المطلقة لله سبحانه( [188] ). وجميع السبئيين قالوا بالحلول، واتفقوا على أن (روح الله حلت في كل نبي، وأنها تنتقل فيهم الواحد بعد الآخر)( [189] ).
ثم نقلوا الالوهية إلى الأئمة عن طريق القول بالحلول، فزعمت البيانية أتباع بيان بن سمعان التميمي وهم سبئيون- بأن (روح الله حلت في علي ثم في ابنه محمد بن الحنفية ثم في ابنه أبي هاشم ثم في بيان)( [190] ) وزعم عبدالله بن عمرو بن حرب الكندي زعيم الحربية- أن (روح الله حلت في الأنبياء والأئمة، ثم انتقلت تلك الروح من عبدالله بن محمد بن الحنفية إلى عبدالله بن عمرو بن حرب)( [191] ).
وهي نفس مزاعم الفرق السبئية الأخرى كالجناحية( [192] ) والخطابية( [193] ) والإسماعيلية( [194] ) وغيرها، حين نقلت الألوهية من أئمتها إلى زعمائها عن طريق الحلول..
لقد قالت الإسماعيلية كأسلافهم من السبئيين الغلاة- بهذه العقيدة في كتبهم الباطنية، وإن تظاهروا بعدم الإيمان بها في كتب الظاهر، فها هو القاضي النعمان يقول في كتاب ظاهري بطريق غير مكشوف- عن المعز لدين الله، أنه قال: "نحن النجباء الأبرار والمصطفون الأخيار، خصصنا بولادة النبي والوصي، وأورثنا الإمامة وأعطينا الكرامة، وفضلنا على العالمين، ولو شئنا أن نقول: كنا مع آدم لقلنا"( [195] ) .
وبمثل ذلك قال ابن المعز: العزيز بالله
أنا ابن رسول الله غير مدافعٍ   تنقلت في الأدوار من قبل آدم ( [196] ) . ويكذبون على علي رضي الله عنه- ويزعمون أنه قال: (أنا ومحمد نور واحد من نور الله، أنا صاحب الرجفة، وصاحب الآيات، . إلى أن يقول: أنا أحيي وأميت، وأخلق وأرزق، وأبرئ الأكمه والأبرص، وكذلك الأئمة المحقون من ولدي)( [197] ) .
ومن يقول بالحلول والتناسخ ينكر القيامة، والثواب والعقاب في الجنة والنار، -كما بينت ذلك آيات الكتاب والسنة النبوية الشريفة- وأن الجزاء يكون في الدنيا، إما بإنتقال الروح إلى بدن أسعد فتسعد بذلك، وإما إلى بدن شقي فتشقى بذلك، وهكذا ابد الآبدين، فالأبدان جنتهم ونارهم.
قال الأشعري: "أهل الغلو يقولون: ليس قيامة ولا آخرة، وإنما هي أرواح تتناسخ في الصور، فمن كان محسناً جوزي بأن تنتقل روحه إلى جسد لا يلحقه الضرر، والألم، ومن كان مسيئاً جوزي بأن تنتقل روحه إلى أجساد يلحق الروح في كونه فيها الضرر والألم، وليس شيء غير ذلك، وأن الدنيا لا تزال ابداً هكذا."( [198] ) .
يقول المفسر الاسماعيلي ضياء الدين إسماعيل بن هبة الله- في كتابه (مزاج التسنيم) في تفسير قوله تعالى: (فإلينا مرجعهم)( سورة يونس/46. ) يعني بتكريرهم في أنواع العذاب ثم باحضارهم عند قيام السابع( [199] ) .
وقال في تفسير قوله تعالى: (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله)( سورة يوسف / 107. ) يعني: يدحرجهم في القوالب( [200] ) .
وقال في تفسير قوله تعالى: (لها سبعة أبواب)( سورة الحجر /44. ) (يعني: السبع الدركات، والأول من الإدراك السبعة: الوكس: وهم البربر والترك والسودان، كل قميص يتردد في سبعين قميصاً( [201] ) ثم أخذ يحدد بقية الدركات التي يتردد فيها، إلى أن يقوم قائمهم وهو محمد بن إسماعيل. يقول داعيهم حاتم بن عمران- (وقائم الدور السابع محمد بن إسماعيل( [202] ) ، وهو الذي يجازي ويعاقب، لأنه هو (رب الكشف المستوي على العرش)([203]) ويقول علي بن الوليد (إن قائم الدور الأكبر والقيامة الكبرى، هو الذي يكون بيده الثواب والعقاب، وإليه المنقلب والمآب)( [204] ). قال محمد بن الحسن الديلمي فإذا قام قائم القيامة وهو أفضل الأنبياء والأئمة في نظرهم- يحضر أهل الأدوار من الأضداد، وأهل الظاهر، فيضرب أعناقهم، ثم تأتيهم نار فتحرقهم ثم يرجعون إلى النار وإلى الصخرة، وينبذون في عالم الكون والفساد، في سرادقات العذاب في أنواع كثيرة"( [205] ) إلى آخر ما ذكروه من الهذيان.
ويعتبر النصيريون الحلول والاتحاد ركيزة هامة ودعامة أساسية في العقيدة النصيرية، فهم يعتقدون أن الله سبحانه يحل في البشر، وقد حل في علي بن أبي طالب رضي الله عنه-.
والإله في العقيدة النصيرية، يحل في البشر منذ بدء الخليقة، وهم يزعمون بأن هناك سبعة أدوار للظهورات الالهية، اتخذت في كل دور وظهور، رسولاً ناطقاً..؟‍
فالظهور الأول كان في (شيث)، وكان (آدم) هو الرسول الناطق. ثم انتقلت الالوهية إلى (سام) والنبوة إلى (نوح)، وبعدها انتقلت الالوهية الى (إسماعيل) والنبوة إلى (ابراهيم)، ثم انتقلت الالوهية إلى (هارون)، والنبوة إلى (موسى)، ثم انتقلت الالوهية الى (شمعون الصفا)، المعروف عند النصارى بـ (بطرس)، والنبوة إلى (عيسى)، وظهرت للمرة الأخيرة في (علي بن أبي طالب)، والنبوة في (محمد) صلى الله عليه وسلم( [206] ) ويعتبرون أن الألوهية استقرت أخيراً في علي بن أبي طالب رضي الله عنه- الذي ارتدى حلة زرقاء وسكن الشمس على رأي بعضهم، وفي القمر على رأي البعض الآخر( [207] ).
ولا يكتفون بهذا الإفك والإفتراء، بل يزعمون أن علياً بن أبي طالب رضي الله عنه- نفسه هو الذي صرح بربوبيته وألوهيته، ودعا إلى توحيده وعبادته، في خطبة له من على المنبر قال: (أنا عندي علم الساعة، علي دلت الرسل، وبتوحيدي نطقت، وإلى معرفتي دعت، أنا سميت أسماءها، ودحوت أرضها، وأرسيت جبالها، وأجريت أنهاريها، وأخرجت ثمارها، أنا غسقت الغسق، أنا أطلعت شمسها، وأنزلت قمرها، أنا خلقت الخلق، وبسطت الرزق، أنا رب الأرباب، وما لك الأركان، أنا العلي العلام)( [208] ) .
ويزعمون أن الإمام علي كرم الله وجهه- قال للشمس: (السلام عليك يا خلق الله الجديد، ثم همهم همهمة تزلزل منها البقيع، فأجابت الشمس: وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه، أشهد أنك الأول والآخر، والظاهر والباطن، وأنك بكل شيء عليم!!)( [209] ).
ويعتقدون بأن (اسم الله وقع على اللاهوت، واسم علي وقع على الناسوت، وعلي هو الله، والله هو علي)( [210] ) تعالى الله عما يقول المفترون. ولا يقول النصيريون بحلول الاله في علي  رضي الله عنه فقط، بل في أولاده من بعده.. إلى أبي الحسن العسكري، فيزعمون بأنه (لما لم يكن بعد الرسول -صلى الله عليه وسلم- شخص أفضل من علي بن أبي طالب رضي الله عنه-، وبعده أولاده المخصوصون، وهم خير البرية، فظهر الحق بصورتهم، ونطق بلسانهم وأخذ بأيديهم، فمن هذا أطلقنا اسم الإلهية عليهم)( [211] ) .
ويزعمون بأن فاطمة- رضي الله عنها- بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست في الحقيقة، أنثى ومن هنا فإنهم لا يذكرون اسمها إلا باسم فاطر( [212] ). وبناء على هذا الاكتشاف، فإنهم يزعمون بأن الإله قد حل فيها أيضاً، ليتكون منها ومن علي زوجها، وابناهما الحسن والحسين، ووالدهما النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أشخاص إلهية، تسقط بذكر أسمائهم كل التكاليف الشرعية، ويغنيهم ذكر هذه الأسماء عن الوضوء والغسل من الجنابة، وفعل التكاليف الشرعية الأخرى وهؤلاء الخمسة يعرفون في المذهب النصيري بـ (الخمسة المصطفين)، وهم غير الخمسة الأيتام.
وهكذا يقعون بالقول بتعدد الآلهة من حيث يشعرون أو لا يشعرون، بعد سقوطهم في الحلول الذي ورثوه من زعيمهم وسلفهم الأول، عبدالله بن سبأ اليهودي اليماني. قال ابن قتيبة: (وكان ابن سبأ أول من كفر من الرافضة وقال علي رب العالمين)( [213] ). ويقول في الهفت الشريف عن ألوهية الحسين ما نصه: (وأن الحسين لما خرج إلى العراق وكان الله محتجباً به، وسار لا ينزل منزلاً صلوات الله عليه- إلاّ ويأتيه جبريل؟! ويحدثه، حتى إذا كان اليوم الذي اجتمعت فيه العساكر عليه، واصطفت الخيول لديه، وقامت الحرب، حينئذ دعا مولانا الحسين جبريل وقال له: يا أخي من أنا؟ قال أنت الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، والمحيي والمميت، أنت الذي تأمر السماء فتعطيك، والأرض فتنتهي لأمرك، والجبال فتجيبك، والبحار فتسارع إلى طاعتك، وأنت الذي لا يصل إليك كيد كائد، ولا ضرر ضار، قال الحسين: أفترى هذا الخلق المنكوس، تحدثهم أنفسهم أن يقتلوا سيدهم، ولكنهم لن يصلوا إلى ذلك، ولا إلى أحد من أولياء الله، كما أنهم لم يصلوا إلى عيسى، ولا إلى أمير المؤمنين علي!؟، ولكنهم عملوا ذلك ليحل عليهم العذاب، بعد الحجة والبيان)( [214] ). ويذكر الشعبي في حديث له عن لقائه برشيد الهجري وهو من أوائل السبئية- قال: (بينما أنا واقف في الهجريين إذ قال لي رجل: هل لك في رجل يحب أمير المؤمنين؟ قلت: نعم.  فأدخلني على رشيد، فلما رآني أشار بيده، وأنشأ يحدث، قال: خرجت حاجاً، فلما قضيت نسكي قلت: لو أحدثت عهداً بأمير المؤمنين، فمررت بالمدينة فأتيت باب علي، فقلت لإنسان: استأذن لي على سيد المسلمين!؟! فقال: هو نائم. وهو يظن أني أعني الحسن-، فقلت: لست أعني الحسن، إنما أعني أمير المؤمنين وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين.
قال: أو ليس قد مات؟
قلت: أما والله أنه ليتنفس الآن بنفس الحي، ويعرق تحت الدثار الثقيل.
فقال: أما إذا عرفت سر آل محمد؟! فادخل وسلم عليه واخرج، فدخلت على أمير المؤمنين فأنبأني بأنباء.
فقلت لرشيد: إن كنت كاذباً فلعنك الله.
وبلغ الحديث عبيدالله بن زياد فبعث إلى رشيد فقطع لسانه وصلبه)( [215] ) .
مستند القائلون بالحلول:
تعلق القائلون بالحلول بآيات صرفوها عن ظاهرها إلى معان قرروها في أذهانهم لا تحتملها الآيات من مثل قوله تعالى (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)( سورة الحجر / 29 )( [216] ) وبقوله تعالى (ثم سواه ونفخ فيه من روحه)( السجدة /9. ) ، ومزاعمهم هذه تشبه مزاعم النصارى الذين قالوا أن المسيح روح الله بحكم قوله تعالى (ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا)( سورة التحريم /12. ) وبقوله تعالى (إنما المسيح عسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه)( سورة النساء /171. ).
وما دام المسيح روح الله بحكم هاتين الآيتين، فلا بد أن يكون في مرتبة الألوهية، لأن روح الله لا يقل مرتبة عن الله!؟.
ونقول لهؤلاء جميعاً: إن الله سبحانه وتعالى قال مثل هذا القول في حق المخلوقات كلها، حيث قال (وسخر لكم ما في السموات والأرض جميعاً منه)( سورة الجاثية/13. ) فلو كان معنى (روح منه): روح بعض منه، أو جزء منه.. لكان معنى (جميعاً منه) أيضاً مثله، فيلزم أن تكون جميع المخلوقات آلهة، وهذا لا يقول به عاقل، ونقول للمسيحيين: لو نظرتم إلى بعض آية سورة النساء التي استشهدتم بها للتدليل على صحة مزاعمكم، لوجدتموها تلومكم وتشهد عليكم لا لكم، فالآية تقول: (يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق)( سورة النساء/171، ) ( [217] ) وهذا تشنيع على المسيحيين لغلو اعتقادهم في المسيح عليه السلام-، وقال سبحانه في تتمة الآية (ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد)( سورة النساء / 171. ) وهذا القول يلومهم في اعتقاد التثليث، واعتقاد كون المسيح ابن الله، أو أن الله هو المسيح ابن مريم، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
ونقول لهم وللحلوليين.. إن المقصود بقوله سبحانه (من روحي) و(من روحه) أن الله أفاض عليه من الروح التي هي من خلق الله فصار بشراً حيا( [218] ) ، فإضافة الروح لله تعالى تشريف للانسان، وإيذان بأنه خلق عجيب وصنع بديع( [219] ).
وهذه العقيدة بعيدة كل البعد عن الإسلام، ومخالفة لمبادئه تماماً، إذ الأصل في هذه المسألة أن المسلم يعتقد مغايرة الخالق سبحانه لخلقه، وانفصال الموجودات كلها عن موجدها وخالقها، ثم إن وجوده أزلي لا بداية له، ولا نهاية، ووجود العالم حادث، له بداية، لذا لا بد أن تكون له نهاية.
كما يترتب على القول بالحلول، إسقاط التكاليف الدينية عن الإنسان، لأن التداخل بين الله والإنسان على هذه الصورة، يجعل التكاليف الدينية، غير ذات موضوع، فالله سبحانه لا يكلف كائناً هو جزء منه، تعالى الله عن ذلك، لأن ذلك تكليف لذاته المقدسة، كما لا يكون معقولاً أن يتوجه الانسان إلى الله في صلاته عند تضرعه اليه، لأنه يكون في هذه الحالة متوجهاً إلى نفسه حتماً، ويكون الجزء الالهي في البدن يصلي لنفسه كذلك، ويتضرع إليها، وهو أمر واضح التهافت والبطلان. كما أن مبدأ الحلول يؤدي إلى هدم ركن التوحيد وهدم النبوة، لأنه عندئذ تنتفي ضرورة الرسالة وبعث الأنبياء، وركن التوحيد هو الركن الرئيس في العقيدة الإسلامية، فإذا تحقق لهم ذلك، تداعت بقية الأركان، وتهدمت في زعمهم، ولهذا كان الحلول من أخطر المبادئ التي واجه بها السبئيون العقيدة الاسلامية السمحة.
سادساً: التناسخ :
تضم الطوائف الغالية دوائر فكرية مختلفة ومتنوعة، تعكس صوراً من الآراء والأفكار القديمة التي اصطدم بها الإسلام في الأراضي المفتوحة، والطوائف الغالية على كثرتها لم تفلح في إقامة دول وإمارات مستقلة، -إلا الحركة الاسماعيلة( [220] )وإنما اقتصر أثرها على حركات فتن، وتمرد، وعصيان، وأفكار هدامة، تتميز بنزعة التلفيق والاستمداد من مصادر فكرية مختلفة ومتباينة، ومثلت غزواً فكرياً كاد يشوب صفاء العقيدة الإسلامية في القرنين الأولين، لولا الجهود المخلصة الواعية التي بذلها رجال الفكر الإسلامي، في تفنيذ آرائهم، والرد عليها...ومن ضمن ما نراه في دوائر هذه الفرق والطوائف الغالية: فكرة التناسخ. ففرقة المعمرية.. التي انشقت عن فرقة الخطابية: "استحلت الخمر والزنا وسائر المحرمات.. وكانت تنكر القيامة، وتقول بتناسخ الأرواح، وأنهم لا يموتون، بل يرفعون بأبدانهم إلى الملكوت.. تماماً كما يعتقد النصيريون الآن( [221] ).
وزعمت فرقة الجناحية "أن الأرواح تتناسخ من شخص إلى شخص، وأن الثواب والعقاب في هذه الأشخاص، إما أشخاص بني آدم، وإما أشخاص الحيوانات"( [222] ).
واعتنقت فرقة البيانية أصحاب بيان بن سمعان النهدي( [223] )عقيدة التناسخ، ثم ادعى بيان النهدي- فيما بعد، أنه انتقل إليه الجزء الالهي، بنوع من التناسخ، فصار إماماً وخليفة، وقال عن نفسه: إنه المذكور في القرآن (هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين) (وقال: أنا البيان، وأنا الهدى والموعظة، فقتله خالد بن عبدالله القسري وأراح العباد منه)( [224] )
والقول بالتناسخ من الدعائم الرئيسة والأركان الهامة في العقيدة النصيرية، فهي عندهم بديل للبعث والقيامة والحساب، والجزاء، ويزعمون أن الروح بعد مفارقتها للبدن، تحل في جسد آخر، وهكذا تظل تتردد في الأجساد حتى تتطهر تماماً، وتصير نوراً خالصاً( [225] ) ، فتصعد إلى السماء وتتخذ من النجوم والكواكب مستقراً لها، ومن هنا فإنهم يزعمون أن جميع ما في السماء في الكواكب والنجوم، هي أنفس المؤمنين الصالحين من النصيريين، ولذا يلقبون علي بن أبي طالب- بـ-أمير النحل أو-أمير الكواكب والنجوم- التي هي أرواح المؤمنين الصالحين.
والتناسخ عندهم على أربعة أنواع:

  • نسخ: وهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى جسد آخر.

  • مسخ: وهو انتقال الروح من جسم آدمي إلى جسد حيوان.

  • فسخ: وهو خروج الروح من جسم آدمي إلى جسد حشرة من حشرات الأرض وهوامها.

  • رسخ: هو انتقال الروح من جسم آدمي إلى الشجرة والنباتات والجماد.

والنصيري لا يصيبه مسخ أو فسخ أو رسخ: إنما يصيب الكافر غير النصيري، وإذا كان غير النصيري باراً بآل البيت، محسناً إليهم، فإن روحه تحل في جسد أسد، أو نمر، أو ما شابه ذلك، بما يناسب القوة والبطش، فيكون منيعاً قوياً في أعين الناس، وذلك لما تقدم من الإحسان، أما المؤذي لآل البيت وغيرهم، فإن روحه تحل في جسد دُب، أو خنزير، أو قرد، وما أشبه ذلك يكون خبيثاً ضعيف القدر عندنا وفي أعين الناس"( [226] ) .
أما إذا ازداد طغيان الكافر.. فإنه يقع عليه الفسخ (فتحل أرواحهم في أجساد الحشرات والهوام كالعقارب والحيات)( [227] ) أما المؤمن النصيري "فقد أمنه الله ألا يركب في صورة البهائم أو السباع ولا تحل روحه إلا في الإنسان"( [228] ) .
أما إذا كان عاصياً.. فإن روحه تحل في جسد إنسان يهودي أو نصراني أو مسلم سني.. مدة من الزمن حتى يتطهر ويتوب عما ارتكبه في حق مذهبه إلى أن ترجع روحه (الخبيثة) مرة أخرى فتحل في جسم مؤمن نصيري.
والمؤمن غير العاصي (من النصيريين) فإذا مات تصعد روحه إلى السماء على قدر إيمانه، ثم تغمس في عين على باب الجنة اسمها: عين الحياة.. فينسى عندما ينغمس كل ما قرَّ عليه في هذه الدنيا من الهم والغم. ويلبس بدنه النوراني ثم يقيم في الجنة مع الملائكة والنبيين وفي نفس الوقت الذي تخرج روحه من بدنه تقع نطقة في بطن أمه، وفي تلك الساعة.. وفي ذلك الوقت بعينه تربى النطفة وهي في البدن حتى تصير علقة، فإذا صارت علقة أخذت المائكة روح من أرواح الكافرين فتودع تلك العلقة، فتعذب روح الكافر في الأرحام وفي الدم والحيض والعذرة (البول والبراز) والظلام حتى يصير بدناً.. وروح المؤمن (النصيري) في الجنة تتنعم بينما تتعذب روح الكافر المستضعفة حتى تصير مضغة، فإذا صارت مضغة، أخذت روح من أرواح المنكوسين في الكفر فتودع ذلك البدن في الرحم.. فيجعل أسفلها أعلاها وتعلق الروح المستضعفة في بدنه فتربى وروح الكافر تعذب وتعلق منكوسة في الدم والحيض وغير ذلك مما يكون في البطن حتى يبلغ البدن مدته، فإذا بلغ مدته اجتمعت الملائكة إلى الروح التي في الجنة.. فيؤخذ عليها الميثاق ويأخذ الا مرأة الطلق لاحتباس الروح، ثم تنزل الملائكة بالروح ومعها الإمام فإذا انتهى إلى موضع الامرأة.. زجرت الملائكة البدن زجراً فينقلب البدن من خوفه من زجر الملائكة فيصير أسفله أعلاه فلذلك يخرج الرأس قبل الرجلين.. فإذا خرج.. أولجت الملائكة روح هذا المؤمن (النصيري) فيه، وذلك عندما يسقط.
قال: وعلامة ولادة المؤمن أن البدن إذا سقط وأولج فيه الروح نظر المولود إلى السماء. لأنه ينظر إلى إمامه وإلى الملائكة.. فيتهلل وجهه ويبتسم ويضحك سروراً لإمامه وللملائكة ولا يعبس تلك الساعة، فذلك علامة المؤمن. فإذا غاب عنه إمامه والملائكة بكى على مفارقتهم"( [229] ) .
وغير النصيري إذا ولد (نظر إلى أسفل خوفاً من الملائكة الذين قد أحضروه، فيقطب وجهه ويعبس ويكلح ويقع عليه البكاء من ساعته ولا يزال غاضباً باكياً معبساً مكلحاً حتى تغيب عنه الملائكة، فحينئذ يهدأ روعه، ويسكن، وترجع إليه نفسه ويزول بكاؤه)( [230] ) .
أما علامة ميلاده، فإنه إذا خرجت روحه من جسده عند موته وقعت في تلك الساعة نطفة في بطن أمه فتأتى الملائكة وقت خروج روحه من بدنه فيأخذونه حتى يأتوا به إلى الهواء الأول من الأرض الأولى التي فيها النار الأولى، فيغمسونها في عين من النار يقال لها (عين الرذائل)، لأن الأرواح ترذل في تلك العين ثم يغمسونها فيها غمسة، فتجد في تلك الغمسة من العذاب ما لو وضع على جبل تهامة لهده. فينسى عند ذلك ما قد مر عليه من نعيم الدنيا ولذاتها، ثم تنزل الروح في تلك النار أربعين يوماً حتى تصير النطفة علقة، ثم تخرجها الملائكة من ذلك العذاب فتسجنها في الرحم، ولا تزال تمص الدم والحيض وتأكل العذرة حتى يأتيها الوقت المعلوم، فتأتيها ملائكة العذاب فإذا نظرت الروح إلى الملائكة ضاقت بها ذرعاً، فتظن أنها تخرج إلى العذاب وإلى العين التي كانت فيها، فعند ذلك يقع في الامرأة الطلق ويشتد عليها، والملائكة حضور في غير صورتها، ويحضر الإمام عليه السلام، فيزجرها زجرة نهائية فينقلب الرأس إلى أسفل فزعاً وخوفاً من صورة الإمام، فيخرج المولود باكياً مقطب الوجه، وتخرج العذرة من حلقه وبصره، وربما انكب على وجهه وجنبه فزعاً، ويظل يبكي حتى يغيب عنه الإمام والملائكة" ( [231] ) .
ولا يؤمن النصيريون بالبعث ولا بالحساب أو العقاب كما أسلفنا.. فهم يعتقدون أن المؤمنين النصيريين عندما يموتون تنتقل أرواحهم إلى درجة أفضل من الدرجة التي كانت فيها إلى أن يبلغ درجة (الاصطفاء) وهي فوق درجة النبيين، ثم يرتقي إلى درجة (النجيب) فدرجة (النقيب) فدرجة (الامام).
والذي يبلغ هذه الدرجة يصبح في حالة (لا يحجب الله فيها عنه شيئاً.. لا أرض ولا سماء ولا جبل ولا بر ولا بحر( [232] ) ..يعرج إلى السماء متى أراد وينزل إلى الأرض في أي وقت يشاء)( [233] ) ثم يصبحوا ملائكة مقربين في جوار الرحمن يحدثهم ويحدثونه.. إلى أن يعودوا في النهاية إلى نور الله الذي خلقوا منه.
فالنصيري لا يسلط الله عليه ذبح ولا قتل ولا ذل ولا تعب ولا نصب.. بل كل ذلك مصروف عنه إلى الكافر الجاحد.. الذي يعذب الله روحه بأن يجعلها تحل في كل شيء، خالف صورة الإنسانية من بقر وغنم وإبل ودواب وطير وهوام وحشرات
وكل ذي روح دب ودرج وذبح وقتل.. وركب..
ويستشهدون لذلك بقوله تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم)( سورة الانعام /38. ) ..
ثم يقول الهفت الشريف: (إن عدونا ليمسخ في كل شيء خالف الصورة الإنسانية حتى إذا عاد أحدهم يقتل ألف قتلة ويذبح ألف ذبحة، ويموت ألف ميتة)( [234] ) . وهذا هو عذاب الكافر "وأما أولياء الله وأتباعهم المؤمنين خلصهم الله من المسوخية وجعل ذلك عقوبة لأعدائهم)( [235] ) .
"وروح الكافر لا تصعد إلى السماء كروح المؤمن.. بل تبقى في الأرض تنتقل من قالب إلى قالب ومن بدن إلى بدن حتى يمر بكل الأنعام وبكل شيء يدب ويدرج وكلما ركب في تركيب تعذب بنوع من العذاب أشد من سابقه ويظل هكذا أبد الىآبدين ودهر الداهرين"( [236] )
class=WordSection2 dir=RTL> وكل هذا العذاب التي تمر فيه روح غير النصيرى. يطلقون عليه اسم (العذاب الأدنى) أما العذاب الأكبر فسيكون عند قيام القائم (أي مهديهم لا أقامه الله ) . فينتقم من كل أعداء النصيريين بأن يضع فيهم السيف فيكون تمام عقوبتهم حرّ الحديد وعند ذاك لا يبقى على وجه الأرض إلا النصيريون
يقول الهفت الشريف:
"يقتل القائم - منه السلام - كل طاغوت متكبر ويكون الدين كله لله حتى أن المؤمن يمر بالجبل ويكون الكافر (غير النصيري) قد استتر فإذا مر به المؤمن ناداه الجبل يا مؤمن إن هذا الكافر قد استتر بي فتعال اقتله..؟! ويمر المؤمن بالشجرة فتقول له كذلك.. لأن القائم منه السلام يبعث حين ظهوره بالسيف والكشف والإظهار  والله تعالى عالم لطيف خبير يفعل ما يشاء، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون والحمد لله مولانا وهادينا ودليلنا؟!" ([237])   .
ولكل ما سبق ذكره فقد أنكر الفقهاء والمتكلمة في الإسلام عقيدة التناسخ، وكفروا القائلين بها ، إذ أنها تتضمن ردَّ عقيدة إسلامية أولية هي عقيدة يوم القيامة والحساب بعد النشر فيه ، ثم الجزاء والعقاب.

أدلة القائلين بالتناسخ وإبطالها

حاول القائلون بالتناسخ جذب آيات من القرآن الكريم وتأويلها تأويلاً بعيداً عن اللغة والسياق وكل القرائن المحيطة بالنص، وحملها على معان قرروها مسبقاً في أذهانهم، للتدليل على صحة مزاعمهم.
ومن هذه الآيات:

  • قول الله تعالى: (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك) (سورة الإنفطار /6-8.  )  استدل التناسخيون عموماً بهذه الآية على أن الله يركب الإنسان فيما يشاء من صور الحيوانات، أو الإنسان، على قدر ما أكتسب من الطاعات أو المعاصي  ([238] ) بينما الشيخية- تؤول الآية بما يسند مزاعمها من أن الجسم الإنساني يستطيع التنقل من حال إلى حال لرقته ومرونته، على العكس من باقي المخلوقات، فهي لا تتمكن من ذلك. فبوسع الإنسان في زعمهم- أن يظهر في اليوم الواحد بمئة صورة أو أكثر

فمثلاً: إذا غلب عليه طبع السرقة صباحاً، أمكنه أن يظهر بشكل فأرة، وبعد أن تتم عملية السرقة، يفكر في شيء آخر كالمكر والخديعة، فتتحول صورته إلى ثعلب، لكنها تثبت في اللوح المحفوظ على شكل فأرة، ولا تتحول إلى إذا تحول إلى صورة أخرى كالمكر والخديعة، فتتحول الصورة في اللوح المحفوظ إلى ثعلب، وهكذا يتشكل من الصباح إلى المساء بألف شكل، ولن يفارق صورته إلى غيرها قبل أن ترسم في اللوح المحفوظ"( [239] )  .
ولا نفهم من هذا القول إلا أنها جعلت من الله سبحانه مصوراً، ومن اللوح المحفوظ معرضاً للصور؟!
ونقول: إن هذه الآية التي زعموها تعني تجسدات نفس واحدة على التوالي من صورة إلى أخرى، إنما تعني أن الله سبحانه يصور كل فرد وفق ما تقتضيه حكمته، هذا في صورة، وذاك في أخرى، وثالث في ثالثة، لكل صورته التي تخصه والتي اختارها الله له، من طول، أو قصر، أو حسن أو قبح، أو بياض، أو سواد، وما أشبه ذلك.
فالله سبحانه يمن على الإنسان أولاً بنعمة الإيمان، إذ خلق نوعه من التراب، ثم اعتنى به فسواه وعدله، وفي التسوية معنى التنظيم الذي يجعل الشيء سويا، أي صالحاً لمهمته المرسومة دون زيادة أو نقصان، والآية تفيد تزويد هذا المخلوق المكرم بالإستعداد الذي يؤهله للحياة، فذكره سبحانه كيف أفرغ عليه هذا الشكل، وكيف اختار له هذا اللون، وجعله بهذه المظاهر صورة مميزة بين أبناء جنسه، حيث لا نجد صورة تستوفي صفات الصورة الأخرى، ولا بناناً يستوفي خطوط البنان الآخر، وهذا من دلائل القدرة والعناية، التي من حقها أن تثير في نفس هذا المخلوق شعور الندم والخجل من معصية هذا الخالق، ومن هنا ندرك بلاغة الإستفهام الذي صور به هذا العرض الرائع (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك).. قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أي جعلك سوياً معتدل القامة منتصباً في أحسن الهيئات والأشكال"( [240] ) .
فالآية ليس فيها ما يدل على أن النفس بعد مفارقة البدن، تتعلق ببدن غير الذي كانت متعلقة به.
كما أن تأويل الشيخية للآية على خلاف تأويل التناسخيين لها يدل على أن تأويل السبئيين لا ضابط له.

  • وأولوا قوله تعالى: (أولم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم)(  سورة السجدة / 26.) ليستدلوا على صحة مزاعمهم في أن العاصين في نظرهم- يصيرهم الله خلقاً لا يعبأ بهم، كالخنافس، والجعلان، والعقارب، وما شابه ذلك ،  ( [241] ) ويزعمون أن النمل، والخنافس، والجعلان التي تمشي في مساكنهم، هي من الذين أهلكهم الله عز وجل في الأزمان السابقة ومسخهم الله من الأبدان المنتنة.

ونقول: إن هذه الآية لا تشهد لصحة مزاعمهم، فالآية أنموذج من نماذج الخطاب القرآني للقلب البشري بالعقيدة الضخمة التي جاء القرآن ليوقظها في الفطر ويركزها في القلوب، عقيدة العبودية لله الأحد الفرد الصمد، خالق الكون والناس، واتخذ من مصارع القرون، وآثار الماضين معارض للعبرة، لإيقاظ القلوب، وإثارة الخوف من بطش الله، وأخذه للجبارين، كما يتخذ منها معارض لثبات السنن والنواميس الإلهية، وقد كان العرب المخاطبون بهذه الآية، يمشون في مساكن عاد وثمود ويرون الآثار الباقية من قرى قوم لوط، والقرآن يستنكر أن تكون مصارع هذه القرون معروضة لهم، وأن تكون مساكن القوم أمامهم، يمرون عليها ويمشون فيها، ثم لا يستجيش هذا قلوبهم، ولا يهز مشاعرهم، ولا يثير حساسيتهم بخشية الله، وتوقي مثل هذا المصير( [242] ).
جـ- ويستدلون على صحة التناسخ والقول بالأدوار، بتأويل قوله تعالى (لتركبن طبقاً عن طبق)(  سورة الإنشقاق/19. ) فقالوا فإنما عنى بذلك أطباق السموات والأرض، حيث تتناسخ أرواح أهل الطاعة، فيرفعون إلى السماء، أما أرواح أهل المعصية فتنزل تحت الأرض حتى تتم الأدوار السبعة"([243] )  
ونقول: تضمنت سورة الإنشقاق التي وردت فيها هذه الآية- أحوال انقضاء نظام هذا العالم بإذن الله، وطاعة المخلوقات لأمر ربها، وأن تلك الأحوال مقدمات للبعث، وأن المشركين يظنون أن لن يبعثوا، فكانوا في حياتهم غير مهتمين إلا بلذاتهم العاجلة.
"وجملة (لتركبن طبقاً عن طبق)- جواب القسم
والمعنى: لتلامسن أحوالاً كيثرة من حال إلى أخرى، وعن: بمعنى بعد، أي: طبقاً بعد طبق، وسياق الكلام يقتضي أن المراد به التهويل ، ثم التهديد، فهو موعظة للمؤمنين وتهديد للكافرين، والمراد بالحال: "حال الهول والشدة، ويدل عليه ما قبله وما بعده من قوله: (فما لهم لا يؤمنون إلى قوله يوعون)( [244] ).
د- وأولوا قوله تعالى (حتى يلج الجمل في سم الخياط)(  سورة الأعراف / 40.) ليتخذوا من ذلك التأويل دليلاً على أن الكفار والمشركين والمنافقين والعصاة في نظرهم- يتنقلون في الأبدان المشوهة عشرة آلاف سنة، ما بين الفيل، والجمل، والبقة الصغيرة وقالوا: "ونحن نعلم أن الجمل لا يقدر أن يلج سم الخياط، وقول الله لا يكذب، ولا بد أن يكون ذلك، ولا يتهيأ إلا بنقصان خلقه وتصغيره في كل دور، حتى يرجع الفيل والجمل إلى حد البقة، فتدخل حينئذ في سم الخياط، فإذا أخرج من سم الخياط رد إلى الأبدان الإنسية ألف سنة، فصار في الخلق الضعيف المحتاج، وكلف الأعمال والتعب، وطلب المكسب بالمشقة، فبين دباغ وحجام وكناس وغير ذلك من الصناعات المذمومة القذرة، على قدر معاصيهم فيمتحنون في هذه الأجسام بالإيمان بالأئمة والرسل والأنبياء ومعرفتهم، فلا يؤمنون، ويكذبون ولا يعرفون، فلا يزالون ينتقلون في هذه الأبدان الإنسية على هذا الحال، من حال إلى حال، ألف سنة، ثم يردون بعد ذلك العذاب الى الأمر الأول إلى أن تنقضي عشرة آلاف سنة"( [245] ) 
ويعلق النوبختي على ذلك بقوله "فهذه حالهم أبد الآبدين، ودهر الداهرين، هذه قيامتهم وبعثهم، وهذه جنتهم ونارهم، وهذه الرجعة عندهم، لا رجوع بعد الموت، والقوالب تفنى وتتلاشى، ولا تعود ولا ترد أبداً"( [246])  .
ونقول: يلجأ أصحاب الأهواء دائماً إلى بتر النص من سياقه، لعلهم يجدون فيه ما يؤيد مزاعمهم، وسنداً لإفكهم، ومع ذلك فهذه الآية التي بتروها من سياقها لا تشهد لهم ولا تؤيدهم تقول الآية: (إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين)( سورة الأعراف/40.)  فقف بتصورك أمام هذا المشهد العجيب، مشهد الجمل تجاه ثقب الإبرة فحين يسمح ذلك الثقب الصغير بمرور الجمل الكبير، فانتظر حينئذ أن تفتح أبواب السماء لهؤلاء المكذبين للدخول إلى جنات النعيم وهيهات أن يتحقق ذلك( [247] ) ، وقيل في تفسير الآية غير ذلك.
هـ- وقالوا: إن الآخرة التي يصير الناس إليها بعد الموت، إنما هي انتقال الروح من حيوان إلى حيوان، وتأولوا قول الله تبارك وتعالى: (وإن الدار للآخرة لهي الحيوان)( سورة العنكبوت/64. )  ونقول:إن هذه الحياة الدنيا في عمومها، ليست إلا لهو ولعب حين لا ينظر فيها إلى الآخرة، وحين تكون هي الغاية العليا للناس، وحين يصبح المتاع منها هو الغاية من الحياة.
أما الحياة الآخرة فهي الحياة الفائضة بالحيوية، هي الحيوان لشدة ما فيها من الحيوية والامتلاء. إنها دار الحياة الحقيقية، فلا موت ولا فناء لمن فيها.
والحيوان في اللغة: مصدر: حي وقد سمي به كل ذي حياة، وهو أبلغ من الحياة، إذ في صيغة (فعلان) معنى الحركة والنشاط، وهما من لوازم الحياة، ولذا اختيرت كلمة الحيوان- في هذا المقام المقتضى للمبالغة: لإكبار شأنها وتعظيم أمرها، ولا شأن للآية بالترهات والأوهام التي حملها عليها التناسخيون( [248]).
و- ولما قال التناسخيون بالأدوار، وأن أرواح من جحدوا مذهبهم الباطل تجري في الأبدان الإنسانية والجمادات والكواكب، فإذا جرت في ذلك كله صارت حجارة أو حديداً.. وتأولوا في ذلك قوله تعالى (قل كونوا حجارة أو حديداً)(  سورة الإسراء/50.) "فذلك عندهم جهنم، يعذب بذلك إلى أبد الآبدين"( [249] ).
"وزعموا أن المؤمن العارف منهم، لا تنتقل روحه إلاّ في الأبدان الإنسية، وهي بمثابة أقمصة، فمن تعرى من قميص يقمص آخر، وفي كل دور والدور عشرة آلاف سنة- يكون في قالب غير القالب الأول، وكل سبعة أدوار تساوي كوراً، والكور سبعون ألف سنة- وبعد الكور يصبح عارفاً"([250] ) ،  إلى آخر ما هنالك من خرافات تجدها في كتب الإسماعيلية والنصيرية( [251] ) ، ونقول: إن هذه الآية التي توهموا أن فيها مستنداً لعقيدتهم الفاسدة، لا تشهد لهم، مهما حاولوا تحريف معانيها، فالآية في سباقها ولحاقها، تتحدث عن قضية البعث التي كانت مثار جدل طويل بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين، واشتمل القرآن الكريم على الكثير من هذا الجدل، مع بساطة هذه القضية ووضوحها عند من يتصور طبيعة الحياة والموت، وطبيعة الحشر والنشر، ولقد عرضها القرآن الكريم في هذا الضوء مرات عديدة. ولكن القوم لم يكونوا يتصورونها بهذا الوضوح، وبتلك البساطة فكان يصعب عليهم تصور البعث بعد البلى والفناء المسلط على الأجسام "وقالوا أئذا كنا عظاماً ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً"(  سورة الإسراء/49.)  ذلك أنهم لم يكونوا يتدبرون أنهم لم يكونوا أحياء أصلاً ثم كانوا، وأن النشأة الآخرة ليست أعسر من النشأة الأولى، وأنه لا شيء أمام القدرة الإلهية أيسر من شيء، وأداة الخلق واحدة في كل شيء (كن فيكون)( سورة البقرة/117.)  ، فيستوي إذن أن يكون الشيء سهلاً وأن يكون صعباً في نظر الناس متى توجهت الارادة الإلهية إليه، وكان الردّ على ذلك التعجيب (قل كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً مما يكبر في صدوركم)( سورة الإسراء/50،51.)  .
والعظام والرفات فيها رائحة البشرية، وفيها ذكرى الحياة، والحديد والحجارة أبعد ما تكون عن الحياة.. فقال لهم: كونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر أو غَلَ في البعد عن الحياة من الحجارة أو الحديد مما يكبر في صدوركم أن تتصوروه وقد نفخت فيه الحياة، فسيبعثكم الله، وهم لا يملكون أن يكونوا حجارة أو حديداً أو خلقاً آخر، ولكنه قول للتحدي، وفيه كذلك ظل التوبيخ والتقريع، فالحجارة والحديد جماد لا يُحس ولا يتأثر، وفي هذا إيحاء من بعيد إلى ما في تصورهم من جمود وتحجر([252]  (..
ز- واتخذ بعضهم( [253] ) من قوله تعالى (وإذا الوحوش حشرت) مستنداً للقول بأن العصاة يمسخون ويحشرون في صورة أعمالهم.. فالنمام عند الاحسائي يحشر في صورة عقرب أو حية، ويشحر الحريص غرابا، وصاحب الشهوة في النكاح في صورة فرس، وصاحب شهوة أكل المحرم خنزيراً.
وتابعت شيخية كرمان الاحسائي في ذلك، وازادت عليه فقالت: (إن هناك من يحشر بصورة النبات والجماد والشياطين)( [254] ).
ونقول: لمن ستكون النار؟ ألهذه المخلوقات؟ وإذا لم يعاقب صاحب الذنب، ويذوق مرارة العذاب نتيجة كُفرانه، فهل يَضيره أن تعاقب عنه هذه الحشرات والهوام؟
ح- واتخذ بعضهم من قوله تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم)( سورة الأنعام/38. ) دليلاً على صحة المسخ  وهو نوع من أنواع التناسخ- وهم يعنون بذلك: أن كل دابة في الأرض، وكل طائر في السماء، كانوا أعداء للسبئين، فمسخهم الله سبحانه دواباً وطيوراً
قال في (الهفت الشريف): في رواية مزعومة عن جعفر "إنه ليلقاك الرجل وأنت تظن أنه آدمي، وإنما هو قرد، أو كلب، أو خنزير، أو دب، فاشتَبَهَ ذلك على الناس"( [255] ).
وقال أيضاً: "إن عدونا ليمسخ في كل شيء خالف الصورة الإنسانية، أما أولياء الله وأتباعهم المؤمنون، خلصهم الله من المسوخية، وجعل ذلك عقوبة لأعدائهم، إن ذلك هو العذاب الأذنى، وأما العذاب الأكبر فعند قيام القائم"( [256] ).
وقال المفسر الإسماعيلي في تأويل قوله تعالى (فزادتهم رجساً إلى رجسهم)(  سورة التوبة/125. ) "يعني ظهورهم في النسوخية في الكَرّات"([257])  ..
وقال في تأويل (عذاب الله)(  سورة الحج/2. ) أي "تدحرجهم في القوالب"( [258] ) وقال في (لها سبعة أبواب)( سورة الحجر/44. ) معناه (سبع دركات)(  [259]) وقال في قوله: (فأولئك الذين لهم سوء العذاب)( سورة النمل/5. ) يعني: "في القوالب الممسوخة"([260]).
إلا أن فرقة الخابطية أتباع أحمد بن خابط المعتزلي( [261] ) أولوها بطريقة مختلفة فقالوا: إن كل نوع من أنواع الحيوانات أمة قائمة بذاتها وفي كل أمة رسول من نوعه لقوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير)( سورة فاطر/24. ) مما يدل على أن تأويل الغلاة للآية لا ضابط له، إنما هو حمل للآية على معان قُررت سلفاً في أذهانهم، ولا تعني الآية أن الحيوانات كانت يوماً ما بشراً مثلكم، يعيشون كعيشكم، بل المقصود إن طوائف المخلوقات من البشر والحيوان والطير مع اختلاف طوائفها إلا أن أحوالها محفوظة وأمورها معنية، ومصالحها مرعية، منتظمة في سلك التقديرات الإلهية، والتدبيرات الربانية( [262] ) ونقول لمن استدل بهذه الآية عن صحة التناسخ ما قاله الألوسي: (بأنه دليل كاسد  يستدل به على مذهب فاسد)( [263] )
ط- ويعتقد الدروز بالتقمص.. أي بانتقال النفس من جسم بشري إلى جسم بشري آخر، باعتبار أن النفس لديهم لا تموت، بل يموت قميصها وهو الجسم، ويصيبه البلى، فتنتقل النفس إلى قميص آخر.
وهم لذلك ينكرون المسخ في التناسخ إنكاراً صريحا، وينفون وقوعه نفياً قاطعاً، لذا استبدلوا لفظة التناسخ بـ (التقمص)، فالنفس عندهم لا تنتقل من جسم إنسان إلى حيوان، أو نبات، كما تزعم النصيرية، أو الشيخية، أو بقية الفرق السبئية، ويعتقدون أن العالم خلق دفعة واحدة، أي أن البشر خلقوا سوية، وليسوا متناسلين من أب واحد، فعدد الأنفس البشرية لا تزيد ولا تنقص!!
والدرزي الذكر عندما يموت تتقمص روحه جسد مولود درزي ذكر، وهكذا الانثى تتقمص روحها جسد مولودة درزية أنثى، وبناء على ذلك، فإذا مات أحد من أبناء مذهبهم فإنه يولد على نفس هذا المذهب، ولهذا فهم لا يقبلون أحداً في مذهبهم، حتى لو اطلع على كتبهم وعرف ديانتهم واعتقد صحتها، لأنه حين موته ترجع روحه إلى مذهبه القديم.
والعذاب عندهم يكون بنقلة الإنسان من درجة عالية إلى درجة دونها من درجات الدين، ويستمر تنقله من جسد إلى آخر حتى تقل مرتبته الدينية، وأما الثواب فيكون أثناء تكرره في الأجساد، بزيادة مرتبته الدينية من درجة إلى أعلى، ويقولون عن ذوي العاهات والمصابين: كالأعمى، والأعرج، والفقير، والجاهل: إن مصابهم ناجم عن ذنوبهم في مدة حياتهم السابقة( [264] ) ، إذن لا بعث ولا حساب، ولا جنة ولا نار.
وفي هذا إنكار لركن من أركان العقيدة الإسلامية، وهو المعاد، واليوم الآخر، وتكذيب لصريح الآيات والأحاديث التي أثبتت البعث، والثواب، والعقاب، ويستدل الدروز بآيات من القرآن الكريم يؤولونها تأويلاً فاسداً لا تشهد له اللغة ولا السياق- ليثبتوا صحة مزاعمهم.. ومن هذه الآيات:-
قوله تعالى (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها)( سورة النساء/56. ) وقوله تعالى (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون)( سورة البقرة / 28. ) .
ونقول: إن الآية الأولى التي زعموا أنها تشهد لهم بصحة التقمص، تتحدث عن جزاء المكذبين يوم القيامة، وتعرض هذا الجزاء في صورة مشهد عنيف من مشاهد يوم القيامة إنه مشهد لا يكاد ينتهي، مشهد شاخص متكرر يشخص له الخيال، ولا ينصرف عنه، إنه الهول، وللهول جاذبية آسرة قاهرة، والسياق يرسم ذلك المشهد ويكرره بلفظ واحد (كلما) ويرسمه كذلك عنيفاً مفزعاً بشطر جملة (كلما نضجت جلودهم) ويرسمه عجيباً خارقاً للمألوف بتكملة الجملة (بدلناهم جلوداً غيرها)، ويجمل الهول الرهيب المفزع العنيف في جملة شرطية واحدة لا تزيد!
ذلك جزاء الكفر، وفي مقابل ذلك نجد الذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات ندية تجري من تحتها الأنهار، تقابل كامل في الجزاء، وفي المشاهد، وفي الصور، وفي الإيقاع، على طريقة القرآن مشاهد القيامة، ذات الإيحاء القوي النافذ العميق( [265] ) والذي يدل على أن التبدل في جلود أهل النار هو من قبيل تبديل جسومنا الأرضية بالتحلل والتجديد، قوله تعالى (والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها)( سورة فاطر/37. ) واختار تبديل الجلود على غيرها، لأنها مجامع الإحساس، وعبر في ختام الآية بقوله (ليذوقوا العذاب) فأتى بلفظ (ليذوقوا) حيث أن المراد بالاذاقة: إصابة القوم وابتلاؤهم بآلام العذاب ابتلاء بلغ حد الإحساس به، فأصبح كالشيء الذي يذاق إلى غير ذلك مما احتوته الآية من أسرار، لا صلة لها بمزاعمهم.
أما احتجاجهم بقوله تعالى (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم.. للآية)( سورة البقرة/28. ) فالآية تنص على حياتين اثنتين، وموتتين اثنتين فقط، في حين أن التناسخ لا يحدد عدداً لدورات حياة الإنسان على الأرض، وعدد مرات رجعة الروح، وتكاد تكون هذه الرجعات التناسخية في زعمهم- لا نهاية لها( [266] ) .
ويقول ابن كثير في تفسيره للآية: قد كنتم عدما فأخرجكم إلى الوجود، ويروي عن ابن عباس قوله: كنتم تراباً قبل أن يخلقكم فهذه ميتة، ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور، فهذه ميتة أخرى، ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة أخرى( [267] )..
أدلة التناسخيين العقلية على صحة التناسخ:
ذكرنا قبل قليل أن الدروز يقولون أن علة ذوي العاهات كالأعمى والأعرج، والفقير، والجاهل ناجمة عن ذنوبهم مدة حياتهم السابقة( [268] ) ، وقال غيرهم: إن الله عدل رحيم كريم.. وإذ هو كذلك، فمحال أن يعذب من لا ذنب له، فلما وجدناه يقطع أجساما الصبيان الذين لا ذنب لهم بالجدري والقروح، ويأمر بذبح الحيوان الذي لا ذنب له وطبخه أكله، وتسليط بعضه على بعض، فيقطعه ويأكله، ولا ذنب له، علمنا أنه تعالى لم يفعل ذلك إلا وقد كانت الأرواح أرواح عصاة مستحقة للعقاب، بلبس هذه الأجسام لتعذب فيها!!( [269] ).
ونقول:
إن ما يقع لهؤلاء الأطفال أو المصابين ليس بالضرورة أن يكون عقاباً، فلعله امتحان لآبائهم، أو لهم كما قال تعالى (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس الثمرات وبشر الصابرين)( سورة البقرة / 155. ) وما يصاب به الإنسان طفلاً أو كهلاً لا يستدل به على سوء العمل وسيء السلوك، فلعله رفع درجات، فإن المرء يبتلى على قدر دينه، والشدائد محك الإيمان، كما قال تعالى (ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا وللآخرة ذلك هو الخسران المبين)( سورة الحج/11. ).
ثم إن الخير والشر أمر نسبي، بل يذهب البعض إلى أنهما عنصران متكاملان لا بد منهما، والحياة قائمة على الجمع بين الأضداد، كفر وإيمان، باطل وحق، صحة ومرض، سعادة وشقاء، غنى وفقر، حياة وموت
والإبتلاء يكون بالشر والخير، كما قال تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة)( سورة الانبياء /35 ) أو كما قال الشاعر:
قد يُنعم الله بالبلوى وإن عَظُمَت   ويبتلي الله بعض الناس بالنعم
أما ذبح الحيوان فإنما هو تكريم للإنسان الذي فضله خالق الكون والحياة، وسخر له ما عداه لعمارة الأرض التي لا تستقم إلا بذلك التسخير، كي يمارس الإنسان مهام خلافته على الأرض. وبعد:
إن ما قاله التناسخيون رجمٌ بالغيب، وتوسيع لأوهام العقل، وخيالاته الجامحة، فما كانت قصة الحياة الإنسانية في دابرها ومستقبلها، لتؤخذ من أفواه الناس هكذا، كأحدوثة عجيبة، أو رواية طريفة، بل لا بد من إلقاء السَّلم لبارئ الحياة، وخالق الأحياء، يقص الحق وهو خير الفاصلين.
رأي التناسخية في البعث:
يعد الإيمان بالبعث واليوم الآخر في الإسلام جزءاً لا يتجزأ من الإيمان بالدين الإسلامي نفسه، ذلك أن عقيدة الإيمان باليوم الآخر، تشكل ركناً أساسياً من أركان الإيمان بالإسلام ككل، وتكون أصلاً قوياً من الأصول التي تستند إليها العقيدة الإسلامية. والتناسخيون عموماً ينكرون اليوم الآخر والبعث، وخلاصة رأيهم نجمله في ثلاث نقاط:
أولاً: إن الروح لا تعود إلى بدنها الأول، وإنما تعود إلى بدن آخر.
ثانياً: لا قيامة ولا جنة ولا نار بالمعنى الشرعي.
ثالثاً: الجزاء في هذه الدنيا، وتعاقب الأرواح على الأبدان في هذا العالم، هو الجزاء( [270] )..
أما النقطة الأولى: فمن المعروف عند علماء علم الحياة ووظائف الأعضاء، أن بدن الإنسان في تبدل دائم، وحددوا مدة تبدل البدن كله بسبع سنوات، فخلايا عظامه ولحمه، وأنسجته وشرايينه، في تبدل دائم، ومع هذا فإن من ارتكب جرماً ثم عوقب عليه بعد مدة تبدلت فيه خلايا بدنه، لا يقال عرفا ولا عقلاً أن المعاقب غير المجرم، حتى من حيث الإحساس والشعور بالذنب.
فمن قتل مثلاً في شبابه واقتص منه في هرمه، فما عوقب إلى الجاني رغم تبدل خلاياه، فمهما تبدلت خلاياه، فصورته الإنسانية تظل واحدة، تحقيقاً لتمايز الأنواع( [271] )
أما قولهم لا قيامة: فمن المسلمات التي لا بد من اعتبارها في عقيدة البعث الإسلامية، فناء هذه الدنيا، وانتفاء أزلية هذا العالم، فبعض الفلاسفة القدماء ممن لم يساعدهم العلم في عصرهم على معرفة بعض الحقائق، ذهبوا إلى أن العالم سيبقى على صورته الحالية دون فناء أو زوال، وحجتهم في ذلك أن الشمس رغم عمرها المديد- لم يطرأ عليها أي نقص أو ذبول!!
ولكن العلم الحديث أفاد أنه حدثت عدة انفجارات على سطح الشمس، وفي مساحات كبيرة، ومعنى ذلك أن في جرمها تآكلاً، ويؤكد علماء الفلك أنه لا بد وطبقاً لقانون دوران الاجرام السماوية أن يقترب القمر من الأرض حتى ينشق من شدة الجاذبية، أو يتمدد سطح الشمس الخارجي إلى القمر، فتختل أنظمة المجموعة الشمسية كلها( [272] ) ..
قال الله تعالى (فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئد أين المفر)( سورة القيامة /7-10. ) ثم إن (قانون الديناميكية الحرارية يثبت أن الحرارة ليست دائمة إلى الأبد، وأن يوم انتهائها سيأتي حتماً، والكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها حرارة جميع الأجساد، وينضب فيها معين الطاقة، ويومئذ لن يكون هناك عمليات كيميائية أو طبيعية، وذلك بحكم الإنتقال الحراري المستمر من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة، ولا يمكن أن يحدث العكس بقوة ذاتية، بحيث تعود الحرارة وترتد من الأجسام الباردة إلى الأجسام الحارة، وعندئذ تقف حركة الحياة، ويموت الأحياء)( [273] ) ثم إن الزلازل تجتاح من حين لآخر المدن والأقطار، فتبيد عشرات الآلاف من البشر، وتنبئنا عن قيامة كبرى، سوف تفاجئ البشرية على غرة منهم، وتقم لنا دليلاً ناطقاً على أن خالق الأرض قادر على تدميرها، قال تعالى (يا أيها الناس اتقواربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم)( سورة الحج/1. ) .

ومن ناحية أخرى فإن الفضاء الكوني تدور فيه نجوم ومجرات لا حصر لها، وبأقصى سرعة يمكن تخيلها، وهذا الدوران يمكن أن يتحول في يوم ما إلى صدام عظيم لا يمكن تصوره، فحقائق علم الفلك تؤكد إمكان اصطدام الأجرام السماوية، وتثبت أن الغريب حقاً هو عدم توقع هذا الصدام، هذا الواقع هو بعينه ما نسميه يوم القيامة( [274] ) .
قال تعالى: (إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت وإذا البحار فجرت وإذا القبور بعثرت علمت نفس ما قدمت وأخرت)( سورة الإنفطار / 1-5. ).
ففناء العالم وانعدام الحياة ممكن كل الإمكان، بل محتم وقطعي في المفهوم العلمي المعاصر.
ولما كان المعاد هو عودة الحياة إلى كل الناس بعد الموت لغرض الحساب والمحاكمة، ثم الثواب أو العقاب بحسب نتائج هذه المحاكمة فإنه لا بد أن يسبقها فناء العالم، فيموت كل من فيه من الأحياء وتتبدل الأرض والسموات، ثم ينشء الله النشأة الآخرة، وبذلك يبدأ اليوم الآخر.
ومن العوامل التي أدت بطائفة من الناس قديما وحديثاً إلى إنكار البعث واستبعاد حقيقته، أن عقولهم لم تصدق إعادة الأجسام بعد انعدامها وتحللها، وبعد أن يتداخل بعضها ببعض، فالإنسان بعد موته يتحول إلى تراب، ثم يتغذى النبات بهذا التراب، ويتغذى إنسان آخر بهذا النبات ثم يموت، وهكذا يتحول كل إنسان كغيره، فتتداخل الأجسام، فكيف يبعث الناس بعد هذا التداخل؟ والموت في واقعه ليس انعداما لأجزاء الإنسان، بل تفريقاً لها، وعندما تتعلق إرادة الله بعودة الأجسام، يجمع هذه الأجزاء المتشتتة، ويؤلفها على حالتها السابقة، جسماً وروحاً ومميزات، وذلك هو المعاد.
"يقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا، أولاً يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً"( سورة مريم /66-67. ) .
فالإنسان في نفسه أقوى الحجج على نفي ما ينكره من البعث، فالله أحياه أولا، وأماته ثانياً، ولا تزال قدرته صالحة لإحيائه مرة أخرى، وجمعه في يوم القيامة، ولكن الإنسان شديد المراء والجدل.
ولعل المعري أراد أن يغلق باب الجدل مع السفهاء من منكري البعث، حين أشار إلى ترجيح رأي المصدق بالآخرة حين قال:
قال المنجم والطبيب كلاهما لا تُحشَرُ الأجساد قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أوصَحَّ قولي فالخسار عليكما
أما قولهم بأن الدنيا دار جزاء، فمع تسليمنا بأن الدنيا لا تخلو من جزاء، إلا أنها دار تكليف، وما بعث الرسل إلا لبيان ذلك، وحياة الإنسان في هذه الدار مرحلة لممارسة هذا التكليف والقيام بتبعاته، ومنطق العقل يقول بترتيب الجزاء بعد إنهاء مرحلة الحياة ووقت التكليف( [275] ).
موقف الإسلام من التناسخ:
يري البغدادي أن هذه الفكرة السبئية انتقلت إلى المجتمع الإسلامي عن طريق عبدالله بن حرب أحد تلامذ ابن سبأ- وزعيم فرقة الحربية، والذين زعموا الوهية علي وأبنائه( [276] ) ، ثم انتقلت إلى فرقة الخطابية أصحاب محمد بن أبي زينب الأجدع الأسدي، ثم تسربت هذه الفكرة إلى الإسماعيلية بفرقها، وإلى النصيرية، والشيخية( [277] ).
وقد أول التناسخيون كثيراً من آيات القرآن الكريم بما يتفق ومزاعمهم وحاولوا جذب النص القرآني ليستدلوا به على صحة عقيدتهم التناسخية، وقد بينا فساد ذلك.
لقد أدرك السبئيون والغلاة أن الإسلام عقيدة وشريعة، وكل متكامل، فلم يقفوا عند مبدأ واحد من مبادئ هذا الدين، بل وجهوا معاولهم لهدم كل مقوماته، وأسسه ومبادئه، وعن طريق هدم هذا المبدأ مبدأ الميعاد-، يهدمون الأركان العملية، وبعد ذلك يتوجهون إلى تخريب المجتمع وفي ذلك يقول أبو سعيد نشوان الحميري: (وبعد أن قالوا أن الأرواح تتناسخ، كفروا بالقيامة، واستحلوا الخمر والميتة والزنا وسائل المحرمات، ودانوا بترك الصلاة)( [278] ) .
لذا رفض علماء الإسلام هذه العقيدة رفضاً قاطعاً، لأنها تناقض أصلاً ثابتاً من أصول العقيدة التي قررها وهي: البعث والثواب والعقاب في اليوم الآخر، بينما تقوم نظرية التناسخ على أن الثواب والعقاب في الحياة الدنيا، عن طريق حلول الروح في الأجساد والأشكال، فمن يقول بالتناسخ، هو في الحقيقة منكر لمبدأ المعاد، واليوم الآخر.
كما قرر الإسلام أن الخالق غير المخلوق، وأن الخالق ليس كمثله شيء، بينما تظهر عقيدة التناسخ أن الخالق مثل المخلوق لاحتمال الاتحاد بينهما، والقول بالتناسخ يدل على نية الغلاة الخبيثة في النيل من الإسلام وإظهاره بمظهر المتناقض، مع أن القرآن يؤكد بوضوح أن الحياة الدنيا واحدة للجسد والروح، وأن العودة اللحياة الدنيا مرة أخرى لهما أو لأحدهما مستحيل الوقوع.
والتناسخ لا يفسر لنا الزيادة المطردة في تعداد البشر، والهبوط الواسع أحياناً أثناء الحروب، فمن أين تأتي الأرواح الجديدة؟ وإلى أين تذهب أرواح القتلى في الحروب، حيث يكون المواليد أقل من الموتى!. إن عقيدة التناسخ كما أسلفنا- تهدف إلى هدم ركن من أركان الإيمان، وهو اليوم الآخر، وما فيه من حساب وعقاب وجنة ونار، وكل ذلك معلوم من الدين بالضرورة، أثبتته الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، لذا نجد كتاب الفرق من المسلمين، أدرجوا فرق التناسخ ضمن الدوائر الفكرية الخارجة عن الإسلام، ولم يذكروها ضمن فرق الملة الإسلامية( [279] )
بطلان عقيدة التناسخ:
يرتبط القول بالتناسخ لدي القائلين به- ارتباطاً وثيقاً برأيهم في خلق العالم وأبديته. فهم يعتقدون أن هذا العالم لا انتهاء له، وأن الحياة مستمرة، ولهذا فهم يؤمنون بالتناسخ من أجل الثواب والعقاب في هذه الحياة.
وهذه العقيدة تتنافى مع العقل من جهة، ومن جهة ثانية فإن الدين يرفض التناسخ تماماً، ويكفر من اعتقده، لأنه يتناقض مع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة.
الأدلة العقلية:
أ- إن النفوس الإنسانية متميزة نوعاً وشخصاً، فلا يصح أن تحل نفس إنسانية في بدن نوع آخر من حيوان أو غيره، كما لا يجوز أن تحل في بدن آخر من النوع الإنساني، وبيان ذلك أن نفس الإنسان تتميز على سائر الحيوانات الأخرى بأنها حية ناطقة، فلو حل الناطق في جسد غير ناطق لما كان هناك تميزيين الأنواع والأجناس، وهذا باطل بالضرورة، فقد شهدت بداهة العقل أن لكل نوع ما يميزه.
أما تميز النفس الإنسانية بحسب الأشخاص فهي مختلفة كذلك، ولا يوجد شخصان من النوع الإنساني بينهما تمام الإتفاق في كل شيء، فكل نفس قد ألفت بدنها، وتميزت بأخلاقها، فلو حلت نفس إنسانية في بدن إنسان آخر، لبطل التمييز بين الأشخاص، لكن تميز النفوس بالنوع والشخص دليل على بطلان التناسخ.
ب- إن الغرض من التناسخ عند القائلين به هو ثواب النفس أو عقابها، ولو كان الأمر كذلك، لما كان هناك فائدة للآيات والأحاديث الكثيرة التي تحث على الإستغفار والتوبة من الذنب، ومعنى ذلك نفي القدرة عن الله سبحانه وأنه لا يستطيع غفران الذنوب بدون التناسخ.
جـ- لو صح التناسخ لاقتضى فساد بدن (ما) وجود بدن آخر في النفس، واقتضى ذلك أيضاً: أن توجد أجسام ناشئة بعدد الأجسام التي تفنى، ولكن ذلك منقوض بحالات الحرب، أو الحالات التي تنتشر فيها الأوبئة، فتفني العدد الكثير من الأبدان.
وإنه لمن الواضح أن ما يتكون من الأبدان في مثل هذه الظروف أقل مما يفنى بمنها، وفي مثل هذه الحالات لا يمكن القول بالتناسخ، إلاّ إذا قلنا: إن عدة من النفوس تتصل ببدن واحد، فتحل منه متجاورة، أو تتنازع وتتدافع عنه وتتمانع، وكل ذلك بادي الفساد فالتناسخ إذن مستحيل)( [280] ).
الأدلة النقلية:
إن عقيدة التناسخ تقوم على:

  • أن النفس باقية.

  • أن هذا العالم أزلي لا انتهاء له، فالثواب والعقاب إذن في هذه الحياة.

  • أن الإنسان تتكرر حياته في هذه الدنيا في أدوار مختلفة.

أما موقف القرآن في بقاء النفس، فقد وردت في القرآن آيات كثيرة تدل على بقاء النفس بعد موت البدن منها قوله تعالى: (النار يعرضون عليه غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)( سورة غافر/46. ) ، وقوله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)( سورة آل عمران/169. ) ، وقوله تعالى: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون)( سورة السجدة/21. ).
فهذه الآيات تدل دلالة صريحة على أن بعد الموت وقبل القيامة نعيم وعذاب في البرزخ، ولا يشعر بالنعيم والعذاب إلا من كان حيا، فدل ذلك على حياة الروح بعد فساد الجسد.
أما أزلية العالم وأبديته، فهو مجرد فرض وتخمين، يرفضه العلم وينكره الدين، فالعالم له بداية.. فهو حادث، وكل ما له بداية لا بد أن تكون له نهاية، والبقاء الأبدي لا يكون إلاّ لله وحده..
وأما مسألة الأدوار والأكوار التي يمر بها الإنسان ليحصل على الثواب أو ليقع عليه العقاب، فقول باطل كذلك، لأن الدنيا هي دار العمل وليست دار الجزاء.. والدار الآخرة: هي دار الجزاء وليست دار العمل والتكليف، وقد نفى القرآن نفياً قاطعاً أن يعود بعد موته ليستأنف حياته في هذه الدنيا بأي صورة وبأي شكل، قال تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)( سورة المؤمنون/99-100. ).
فقد بين سبحانه أن الذين كفروا عندما يحضرهم الموت يتمنون العودة إلى الدنيا، ليصلحوا ما افسدوه.. فبين سبحانه أن طلبهم ممنوع، ولو كان هناك تناسخ كما يزعم القائلون به، لما كان طلبهم ممنوعاً.
ولو كان التناسخ جائزاً وحاصلاً، لكان للإنسان أكثر من حياة، وأكثر من موت، بل يحيا ويموت مرات عديدة، وقد نفى القرآن الكريم أن يكون للإنسان غير موتتين، وغير حياتين، فقال سبحانه: (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحيينا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل)  (سورة غافر/11 ) ( [281] ).
 
فمن كل هذه النصوص يتضح أن عقيدة التناسخ عقيدة باطلة تتنافى مع القرآن، كما انعقد إحماع المسلمين على تكفير معتقد التناسخ.
سابعاً: التقية:
التقية – بصورتها الشيعية - من المبادئ السبئية، التي غرسها عبدالله بن سبأ اليهودي اليماني- في الفكر الإسلامي، وهي من المبادئ التي دان بها الشيعة وطبقوها دون حرج أو إنكار، وتمسكت بها الإسماعيلية على اختلاف فرقها وفروعها، وتمسك بها الإثنا عشرية وما تفرع منها من شيخية، ونصيرية، وبابية، وبهائية فيما بعد.
ويقتضي الإيمان بالمهدية، الاعتصام بالتقية، والانصياع للحاكم الجائر، لحين رجوع المهدي، الذي سيملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً!
والسبئيون عندما ينادون بفكرة ما، لا ينادون بها حباً بعلي ولا بغضاً بمعاوية، وإنما هدفهم الأول والأخير سفك دماء المسلمين، بإثارة الفتن، لذلك أدرك السبئيون أنه ليس من مصلحتهم أن تتعايش الفكرتان: المهدية والتقية في بادئ الأمر على الأقل، حفاظاً على المبدأ الذي يسعى السبئية لتحقيقه، بالإضافة إلى تخوفهم من وقف الحرب، وعقد الصلح بين الأطراف التي أثاروا النزاع بينها، لئلا يتفرغوا لمعاقبتهم على إثارتهم الفتن.
فلا بد إذن من العمل على استمرار الحرب، وعدم توقفها، لتستمر دماء المسلمين في التدفق.. لذلك تآلفت جهود السبئية والموالي من الفرس، في تعضيد حركة المختار الثقفي، الذي رفلض القول بالتقيه فكانت ثورته أول ثورة شيعية منظمة ضد الأمويين، بعد اندحار التوابين بعين الوردة سنة 65هـ ( [282] ).
ولكن ما جد في صفوف الشيعة بعد قمع ثورة المختار الثقفي، جعلهم يقولون بالتقية، وبالإذعان للحاكم الجائر، إلى أن يظهر المهدي المنتظر.
والتقية في اللغة: اسم مصدر لتوقى واتقى ، وتوقيت الشيء أتقيه : إذا حذرته وتجنبته . ( [283] ) والتقوى: جعل النفس في وقاية مما يخاف . وقد يسمى الخوف تقوى ، والتقوى خوفا . يقول تعالى : ( هو أهل التقوى ..) أي : أهل أن يتقى عقابه . ( [284] )
ووقيت الشيء أقيه وقيا ووقاية ووقاء : إذا صنته وسترته عن الأذى والضرر ، وقمت بحمايته . وفي هذا المعنى يقول عز وجل : ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم )( الانسان : 11) ،  وقال : ( ووقاهم  عذاب الجحيم ..) ( الدخان : 56 ) .
والتقية ( بفتح التاء وكسر القاف المشددة ) : الخوف والحذر والكتمان . وتأتي بمعنى : إظهار أمر ، والباطن بخلاف ذلك . يقول تعالى : ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ..) ( آل عمران : 28 )
ومادة الكلمة تدور حول الحذر ، والخوف ، والحماية ، والصيانة ، والحفظ ، والكتمان .  وإظهر أمر والباطن بخرفه .
أما التقية في اصطلاح أهل السنة : فلها تعريفات كثيرة منها :
المحافظة على النفس ، أو العرض ، او المال ، من شر الأعداء .( [285] ) 
وقيل : الحذر من غظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير ، أو إظهار أمر والباطن بخلاف ذلك . ( [286] )
وفي اصطلاح علماء الشيعة: ترك فرائض الدين في حالة الإكراه، أو التهديد بالإيذاء. أو هو: إخفاء المعتقد خوفاً من ضرر مهلك.
قال الشيخ المفيد: "التقية كتمان الحق وستر الإعتقاد فيه، ومكالمة المخالفين، وترك مخالفتهم، بما يعقب ضرراً في الدين والدنيا"( [287] ) .
والتقية ليست من مصطلحات علماء أهل السنة، لذلك لم تذكر الكلمة في الكتب المصنفة للإصطلاحات العلمية، مع ورود كلمة تقية في قراءة سبعية في سورة آل عمران (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء، إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير)( [288] )
أما باحثوا الشيعة فيرون أن التقية مبدأ إسلامي، ظهر أول ما ظهر من عمار بن ياسر رضي الله عنه-، وذلك حين عذبه المشركون، ولم يتركوه حتى سب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذكر آلهتهم بخير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فكيف تجد قلبك؟ قال: أجد قلبي مطمئناً بالإيمان. قال: فإن عادوا فعد. ثم نزلت فيه الآية (من كفر بالله بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)( النحل/106. ) .
وقد انتشر مبدأ التقية لدى الفرق الإسلامية عموماً، وإن اختلفوا في صورته، وهل هو فرض لازم كما تقول الشيعة، عملاً بقول الباقر محمد بن علي بن الحسين المتوفى سنة 737م "التقية ديني ودين آبائي"( [289] ) ، أم هو رخصة جائزة، يجوز تركها أو الأخذ بها عند الضرورة فقط، وفي ظروف خاصة، مع توافر شروط معينة محدودة كما يفول بعض أهل السنة؟ وهل التقية في القول فحسب، أم أنها جائزة في القول والفعل معاً؟
فكثير من الخوارج مثلاً: لا يجوزونه في قول أو عمل، على الإطلاق، ويشهد لذلك تاريخهم وخروجهم المستمر على السلطة، فقد رفض الخوارج المهدية، والرجعية، والتقية، واشترطوا في إمامهم عدة شروط منها: الخروج، إذ الذي يضع حداً للظلم والجور في نظرهم، وهو السيف، وليس المهدي، فالمهدي عندهم هوالسيف.
ولكن بعض فرق الخوارج خرجت على هذه القاعدة، كالنجدات، أتباع نجدة بن عامر- فأجازوا التقية في القول والعمل، وإن كان في قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق"( [290] ) .
ومالت الصفرية: أتباع (زياد بن الأصفر)، إلى التوسط والاعتدال، فأجازوا التقية في القول واللسان دون الفعل( [291] ) .
 أما المعتزلة: فالأصل الخامس من أصولهم، يوجب عليهم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، ورغم اتفاقهم على ذلك، إلا أن منهم من أجاز التقية عند تحقق الخطر المهلك.
فكان (أبو الهذيل العلاف)( [292] ) يقول: "إن المكره إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما أكره عليه، فله أن يكذب، ويكون وزره موضوعاً عنه"( [293] ) .
أما علماء أهل السنة: فالتقية عندهم رخصة جائزة في القول واللسان دون الفعل والعمل، وقد وضع لها الفقهاء والمتكلمون جملة شرائط وضوابط منها:

  • إن التقية رخصة جائزة، إذا كان المسلم في قوم كفار، يخاف على نفسه أو ماله، فيظهر الموالاة.

ومن الفقهاء من ذهب إلى القول: بأن الحالة بين المسلمين، إن شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين، حلت التقية، حماية للنفس، لأن حفظها فرض واجب لازم. وهذا رأي الشافعي، وبه قال ابن حزم الظاهري.. قال: "لا فرق بين إكراه السلطان أو اللصوص، أو من ليس سلطاناً، فكل ذلك سواء"( [294] ) .
وقال ابن جرير الطبري في تفسيره: "التقيه إنما هي تقية من الكفار، لا من غيرهم"( [295] ) . وقال الفخر الرازي في تفسيره: "التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار، ويخاف على نفسه وماله، فيداريهم باللسان"( [296] ) .
إن التقية رخصة جائزة فحسب، والثبات على الرأي والعقيدة عزيمة، وهي الأولى، ومن ثم إن عمل بالرخصة فيها ونعمت، وإن تمسك بالعزيمة فهو أفضل له، لأن في تمسكه بالعزيمة إعزاز للدين وغيظ للكافرين، ولهذا امتنع البعض عن الأخذ بهذه الرخصة، ووصفها بأنها من النفاق( [297] ) .
وقال البيضاوي في تفسيره: "والأفضل تجنبها أي التقية- إعزازاً للدين"( [298] ) .
وقال الفخر الرازي: "لو أفصح بالإيمان والحق حيث تجوز التقية، كان ذلك أفضل"([299]  ) .
وقد لخص الشيخ العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله- رأي أهل السنة في تعليقه على مادة التقية- في دائرة المعارف الإسلامية( [300] ) ..فقال رحمه الله-: بعد أن مهد لقوله ببيان أصل التقية لغوياً.. "فهذه الآية إلا أن تتقوا منهم تقاة  والآية الأخرى  إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان  هما اللتان اتخذ منهما القائلون بالتقية أصل قولهم، ثم غلا أتباعهم في معناهما حتى أخرجوهما أو كادوا يخرجونهما عن أصل معناهما، وقد بين أئمة العلماء المراد من هذا المعنى، قال أصحاب أبي حنيفة رحمه الله-: التقية رخصة من الله تعالى، تركها أفضل، فلو أكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل، فهو أفضل ممن أظهر، وكذلك كل أمر فيه إعزاز للدين، فالإقدام عليه أفضل من الأخذ بالرخصة.
وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله-: وقد قيل له: إن عُرضت على السيف، أتعمل بالتقية وذلك حين فتنة القول بخلق القرآن- قال: لا.ثم قال:-
(إذا أجاب العالم بتقية، والجاهل يجهل، فمتى يثبت الحق؟ والذي نقل إلينا خلفاً عن سلف، أن الصحابة وتابعيهم، وتابعي تابعيهم، بذلوا أنفسهم في ذات الله، وأنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا سطوة جبار ظالم).
وقال الرازي: إنما تجوز التقية فيما يتعلق بإظهار الحق والدين، وأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل، والزنا، وغصب الأموال، والشهادة بالزور، وقذف المحصنات، وإطلاع الكفار على عورات المسلمين فغير جائز البتة.
فالظاهر من أقوال العلماء التي سقنا، وغيرها مما امتلأت به الدواوين، أن التقية إنما تجوز عند الضرورة القصوى للمستضعف، الذي يخشى على نفسه الفتنة، أن يجيب مكرهيه إلى ظاهر اللفظ مضطراً، على أن يطمئن قلبه بالإيمان والحق، وعلى أن ينظر في ذلك إلى حفظ حياته، ومصلحة المسلمين، وعلى أن لا يكون ممن يقتدى به، فيخشى أن يخفى الحق على الجاهلين، وأن يضعف إيمانهم، ويحجموا عن نصر حقهم، اقتداء بمن أجاب عند الإكراه تقية، وهم غافلون.
وهذا هو الذي أضعف المسلمين في القرون الأخيرة، إذ أحجم علماؤهم، وزعماؤهم، وقادتهم، عن الضرب على أيدي الظالمين، وعن كلمة الحق في مواطن الصدق، فتهافت الناس، وضعفت قلوبهم، وملئوا رعباً من عدوهم، فكانوا لا غناء لهم، وكانوا غثاء كغثاء السيل، ولم يكن كذلك سلفهم الصالح، كانوا يتعرضون لصنوف البلاء، وأشد الإيذاء في سبيل الله، فهم لا يجبنون ولا ينكصون، وسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -وأصحابه، ثم تاريخ الإسلام، أكبر شاهد لما نقول"( [301] ) أما التقية عند الشيعة الإثنا عشرية: فهي تتفق مع اعتقاد أهل السنة من وجه، وتختلف من وجه آخر، فالتقية التي يتفقون بها مع أهل السنة، هي ما عبر عنها الشيخ المفيد حين قال: "التقية جائزة عند الخوف على النفس، وقد تجوز في حال دون الخوف على المال، وأقول: قد تجب أحياناً، وأقول: أنها جائزة في الأقوال كلها عند الضرورة، وليست تجوز في الأفعال في قتل المؤمنين، أو يغلب أنه استفساد في الدين"( [302] ) .
أو كما يقول الشريف الرضي:
"وقال بعضهم: معنى ذلك أن يكون في بلاد الكفار وحيداً، أو في حكم الوحيد، إذا كان قليل الناصر، غائب الظاهر، والكفار لهم الغلبة والكثرة، والدار، والحوزة، فيجوز له أن يخالقهم بأحسن خلقه، حتى يجعل له منهم مخرجاً، ويتيح له فرجاً، ولا تكون التقية بأن يدخل معهم في انتهاك محرم، أو استحلال محرم، بل التقية بالقول والكلام، والقلب عاقد على خلاف ما يظهر اللسان" إلى أن يقول: (وقد ذهب المحققون من العلماء، إلى أن من أكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل، فهذا أفضل ممن أظهر الكفر بلسانه، وإن أضمر الإيمان بقلبه)( [303] ) .
أما الوجه الآخر للتقية.. والذي يخالفون به أهل السنة والجماعة، فهو من آثار السبئية، وإنما قالوا به لعدة أسباب.. نراها فيما يلي:

  • من المعلوم أن السبئية والشيعة عموماً، يقولون بعصمة الإمام عن الخطأ، وأنه معين بنص إلهي قطعي الثبوت، ولكن ثبت أن علياً كرم الله وجهه- سكت عن المطالبة بحقه، ولم يتصدى لمن سبقه من الخلفاء، كأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأرضاهم- بل اعترف بسلطانهم وبايعهم.. مما جعل الملطي يقول ما نصه:

"فإن قالوا: فعل ذلك، أي: سكت عن المطالبة بحقه الشرعي في الخلافة، والثابت له بالنص الإلهي تقية منه، وخوفاً من القتل، وهكذا يقولون.
وربما قالوا: فعل ذلك خوفاً على الأمة أن تقع في اختلاف!!
يقال لهم: قد نقضتم أصلكم، أن الله تعالى أقام علياً كرم الله وجهه- ليظهر به الدين، وكيف يكون ذلك كذلك، وعلي كاتم دينه، متق على نفسه، وعلى الأمة؟!"([304]  ) .

  • ليتجاوزوا ما قد يبدو من تناقض في الأقوال والأفعال، التي تنسبها المصادر المختلفة للأئمة، اعتبار أنها ليست تضارباً أو اختلافاً في الرأي، مما لا يجوز وقوعه من إمام معصوم لا يخطئ، بالإضافة إلى أقوالهم الإيجابية في الخلفاء الراشدين( [305] ) ..

فبرروا ذلك بأنها أقوال صدرت في مناسبات كان بعضها حالات تقية، وكتماناً للحق، صوناً للنفس، وحذراً من المهالك.
فمبدأ التقية عند الشيعة إلى جانب كونه وسيلة للتكيف العملي مع الظروف التاريخية التي مرت بها الجماعة-، هو جزء متمم وركن أصيل في مجمل نظرية: النص، والتعيين، والعصمة التي بنى الشيعة الخلافة والإمامة عليها.
فلا يستقيم القول بالإمامة المنصوص عليها، والمعصومة من الخطأ، دون القول بالتقية، كوسيلة لتجاوز ما أوضحنا من اعتراض المخالفين.
أما الغُلاة عموماً والنصيريون على وجه الخصوص، فيرون أن التقية ضرورة تحتمها الظروف التي يعيشون فيها إذ هم أقلية في وسط مجتمع شرير، حسب اعتقادهم، وبناء عليه فلا بد أن يتظاهروا مع كل أهل دين بأنهم منهم، ولا يضرهم ذلك، فمشايخهم قالوا لهم: أنتم كالجسد، وكل مذهب تتظاهرون به كالأثواب المختلفة ألوانها، وكما أن حقيقة الجسم لا تتغير بشكل الثوب الذي يكون عليه، فكذلك لا يضركم تظاهركم بأنكم من أو مع هذه المللة، أو تلك.
قال في كتاب المجموع (قال مشايخنا قدسالله سرهم- إن الضرورات تبيح المحظورات، ونحن قلة في وسط مجموعة من الشياطين، من المسيحيين، واليهود، والخنازير المسلمين، هم حكامنا  (والآن تغير الحال؟!) لقد قال لنا سيدنا الخصيبي، إن مثال التقية، كمن يلبس ثوباً أحمر، أو أصفر، أو أخضر.. أو من أي لون، فنحن كالجسد وغيرنا كالثوب، لا يتغير الجسد بتغير الثوب، فلك أن تظهر مع اليهودي بأنك يهودي.. ومع النصراني بأنك نصراني، ومع المسلم بأنك مسلم، وتصلي معهم، وتتظاهر بالصيام؟!)( [306] ) .
فمن هذا النص وغيره يتبين لنا أن التقية عندهم عقيدة من عقائدهم الثابتة، كما يبين لنا نظرتهم الحقيقية للمسلمين من وصفهم بالخنازير، وليس تظاهر النصيري مع كل أصحاب مذهب أنه منهم يعتبر نفاقاً في عرفهم فقد أجاب شيخهم أبو سعيد الميمون- عن سؤال وجه إليه بنفس المعنى.. هل إذا تظاهر النصيري بغير مذهبه أيعتبر هذا نفاقاً؟ فكان جوابه بقوله: "ليس هذا رياءً، لأن غير النصيريين مثلهم مثل الحيوانات ؟!" ( [307] ).
ومن قدر له الإطلاع على فقرات من التلمود اليهودي، يجد كثيراً من أمثال هه العبارات.. التي تعتبر اليهود هم شعب الله المختار وغيرهم من الجوييم أو الحيوانات وهذا يدلنا على مقدار الصلة بين هذه الطائفة وبين السبئية اليهودية.
وبناءً على عقيدة التقية، فإن النصيريين لا يطلعون أحداً على عقائدهم، ولا يجوز لهم ذلك، يقول الخصيبي: "من باح بشهادتنا، حرمت عليه جنتنا، وإن قال لكم أحد تبرءوا وبوحوا فعجلوا بمد أعناقكم"( [308] ) .
لذا كانت السرية والغموض لا تزال تحيط بهذا المذهب، ولم يكشف إلا القليل من غموض هذه العقيدة، بعد نشر الباكورة السليمانية-، وغيره من الكتب التي أماطت اللثام قليلاً عن وجه هذه الطائفة، فهم يعتبرون كتمان العقيدة من كمال الإسلام، والإعلان عنها من نقص الإيمان، ويقولون بأن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يبلغ كل الأحكام لجميع الناس، إنما اطلع عليها الخاصة من بني هاشم، فهم كذلك لا يطلعون كل أحد على أسرار مذهبهم( [309] ) .
يقول المجموع: "واعلم أيها المطلع على أسرار ملتك، أن الواجب عليك أن تجعل أسرارها في قلبك، ولا تبح بها لأحد من الكفار، خلاف أبناء ديانتنا الأبرار، فإنك إن بحت بها فإن الأرض لا تقبلك فيها مدفوناً، ولا تعود تدخل القمصان البشرية حين وفاتك، بل تدخل قمصان الماسوخية، وليس لك فكاك منها، ولا نجاة منها أبداً"( [310] ) وفي الحقيقة إن النصيرية قد سبقوا في هذه الأقوال المنكرة، وليس من سلف في هذا الأمر إلا عبدالله بن سبأ اليهودي اليماني الذي قال بهذه المقولة.. وهي أن الكتمان والسرية كانا طابعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة:
"وقال عبدالله بن سبأ في رسول الله صلى الله عليه وسلم أشنع مقالة، فقال: انه كتم تسعة أعشار الوحي، فنعى عليهم قولهم هذا الحسن بن محمد بن الحنفية- في رسالته التي يذكر فيها الإرجاء، ورواه عنه سليمان بن أبي، شيخ ابن الهيثم بن معاوية، عن عبدالعزيز بن أبان، عن الواحد بن أيمن المكي قال:
(شاهدت الحسن بن علي بن محمد بن الحنفية يملي هذه الرسالة.. فذكرها.. وقال فيها قول هذه السبئية: هدينا لوحي ضل عنه الناس، وعلم خفي عنهم، وزعموا أن رسول الله كتم تسعة أعشار الوحي، ولو كتم رسول الله شيئاً مما نزل عليه، لكتم شأن امرأة زيد"( [311] ) .
فالتقية التي يقول بها السبئيون، من الإسماعيلية وفرقها، والنصيرية، والشيخية بفرقها كذلك، ليست من الإسلام في شيء، بل هي من مبادئ الكفر والنفاق، يخفون وراءه العداوة والكره للمسلمين.
 
 
ثامناً: التأويل الباطني:
إن الناظر بعين بصيرته إلى التاريخ الإسلامي يتبين بوضوح أن التأويل المتعسف الفاسد كان ملاذ الفرق الضالة وملجأهم، وأن اعتمادهم على التأويل إنما كان بحثا عن شرعية لأفكار ومقررات مسبقة لديهم نابعة من الفلسفات البشرية، أو هوى شخصي، فأحبوا أن يُضفوا عليها الصبغة الشرعية بإسنادها بنصوص  قرآنية أو حديثية، ظناً منهم  أنها تؤيد دعواهم، وفي سبيل ذلك ردوا الأحكام القاطعات والآيات المحكمات التي تعارض أوهامهم وخيالاتهم بالتأويل الباطل ، لأنهم لا يستطيعون رد النصوص بشكل سافر وصريح.
كذلك فعل الخوارج ومن بعدهم الشيعة، والمعتزلة، والباطنية، وبعض المتصوفة ، والزنادقة وكل فرق الضلال على مدى التاريخ الإسلامي  .
فالتأويل الباطني الفاسد هو باب الشر المفتوح على الأمة ودينها، الذي يلج منه كل دَعِيٍّ وباغ للهدم والتخريب، والتلبيس، والتدليس في الدين.
وقد أصبحت موضوعات التأويل وما يلحقه من "الاجتهاد" و"التجديد" و"فهم النصوص" و"القراءات المعاصرة للنصوص الدينية" حديث الساعة بين الحداثيين  المعاصرين، وأصبحت تشكل منتهى الطريق الذي وصل إليه العقل المعاصر في جدله، حول "العلاقة بين العقل والنقل" أو بين "العقل والنص" كما هي عباراتهم.
يدل على ذلك أنها تحظى بمساحة واسعة في كتابات المفكرين المعاصرين على اختلاف انتماءاتهم سواء أكانوا من حملة المشروع النهضوي الإسلامي، أم من دعاة المشاريع التغريبية اللادينية. ويكفي للتأكد من صحة ذلك النظر إلى حجم النتاج الثقافي المتمثل في الكم الهائل من الكتب، والأبحاث، والمقالات الصادرة في الأعوام الأخيرة.([312])
وقد اتخذت السبئية من التأويل الباطني وسيلة لإلغاء ظواهر النصوص الشرعية، وعدم اعتبار دلالاتها اللغوية والتشريعية ، ثم الإغراب في تصيد باطن لها يتماشى والمعاني التي قرروها في أذهانهم، وغايتهم إفراغ النصوص القرآنية والنبوية من كل معنى مراد لله ورسوله، وشحنه بما يمليه عليه هواهم الضال، من خلال تأويلها تأويلاً يخرجها عن مدلولها الحقيقي، ويبعدها عن مضامينها الإسلامية، لأنه لما عجزوا عن صرف المؤمنين عن الكتاب والسنة، حالوا صرفهم عن المراد منها إلى: (مخاريق زخرفوها، لأنهم لو صرحوا بالنفي المحض، والتكذيب المجرد، لم يحظوا بموالاة الموالين، وكانوا أول المقصودين المقتولين)([313])..
 أو كما قال –يحيى بن حمزة العلوي- (إنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن التصديق، عمدوا بلطف الاحتيال ودقة الاستدراج، فصرفوا ظواهر الشرع ونصوصه إلى هذيانات لفقوها، وتهويسات جمعوها وزوروها، ليستفيدوا بذلك إبطال معاني الشرع، وهدم أساسه، وأوقعوا في نفوسهم، أن لو صرحوا بالنفي المحض، والتكذيب الصرف، لم يثقوا بانقياد الخلف لضلالاتهم، ولا بإصغاء سَمعِ أحدٍ إلى جهالاتهم، فقالوا: كل ما ورد من التكاليف والحشر والنشر، وجميع المعجزات، فهي بأجمعها أمثلة ورسوم إلى بواطن مكذوبة، وأمور محرفة موهومة)([314])، مما حمل العلماء على القول بأن (التأويل الباطني: أول مراتب الإلحاد)([315]).
والتأويل الباطني هو السمة البارزة ، والقاسم المشترك لكل طوائف الغلاة  ، ومع تعدد الفرق الباطنية وانشقاقاتها إلى شيع وأحزاب ، إلا أنه يجمعها هذا التأويل الذي يكاد يكون مرجع العقائد الباطنية ، فما من فرقة إلا وتتكىء عليه ، وتستحدث أصولها ومعتقداتها من خلاله ، وعن طريقه ، ولذا صار مميزا لها عن سائر الفرق الضالة الأخرى ، على أساس قولهم : بأن لكل ظاهر باطنا ، ولكل تنزيل تأويل . ودواعي التأويل الباطني عديدة منها :

  1. التحرر من قيد النص المقدس ، ابتغاء التوفيق بينه وبين الرأي الذي يذهب إليه صاحب التأويل .

  2. التحرر من قيد النص المقدس ابتغاء التوفيق بين ما يفهم من صريح اللفظ وبين ما يقتضيه العقل .

  3. الاضطرار إلى الأخذ بنص يعد مقدسا ، ولولا هذا لما كان ثَمَّ  أي داع إلى التأويل . ([316])

وتأويل الباطنيين يختلف عن تأويل غيرهم بأمرين :
أولهما : عدم وجود دليل يقضي صرف اللفظ عن ظاهره .
وثانيهما : عدم وجود رابطة بين اللفظ والمعنى التأويلي الذي قصده الباطنيون ، مما يشعر بالتعسف والهوى ، والهدف الباطل .
يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي : إن  التأويل الباطني  مر بمراحل عديدة حتى تغلغل في مجتمع المسلمين .. على النحو التالي :

  1. كان أول من فكر بالتأويل الرمزي ، المفكرون اليونانيون ، للتخلص من شعر هوميروس  ، وقيد النصوص لديهم ، وكان ذلك في القرن الخامس قبل الميلاد ..

  2. انتقل التأويل الرمزي إلى اليهودية على يد فيلون اليهودي في القرن الأول الميلادي ، الذي جعل من التأويل الباطني مذهبا قائما برأسه ، ومنهجا في الفهم . والذي دفعه لذلك هو : الحملة التي قام بها المفكرون اليونانيون على التوراة ، وما فيها من أساطير وقصص غير معقولة ، فاضطر فيلون إلى الدفاع عن التوراة بتأويل هذه المواضع تأويلا باطنياً .

  3. ومن فيلون اليهودي انتقلت طريقة التأويل الباطني إلى المسيحية ، لمجابهة هجمات الأقلاطونية والفلسفة اليونانية عموما على الديانة المسيحية ، ومن أبرز المسيحيين الذين تأثروا بفيلون هو : أوريجانس .. الذي رأى أن كثيرا من نصوص الإنجيل لا يمكن اتباعها حرفيا ، فلا بد من تأويلها باطنياً ..

  4. انتقل التأويل الباطني ذو الأصل اليوناني ، فاليهودي ، فالنصراني ، إلى العالم الإسلامي عن طريق : " عبد الله بن سبأ اليهودي اليماني .. " وكانت بدايات السبئية التأويلية هو جَحدُها للزكاة  بتأويل قوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) )( سورة التوبة : 103.)

إذ رأوا أن دفع الزكاة خاص بالرسول – صلى الله عليه وسلم – لأنه هو الذي كان يصلي عليهم ويطهرهم ، ومن ثم فلا يدفعون الزكاة  لأحد بعد وفاته  . ([317]) وبذلك كانوا الفاتحين لبابِ تأويل النصوص القرآنية ، للتخلص من التكاليف الشرعية .
 ثم قرروا " عقيدة الرجعة "  من خلال تأويلهم قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85))  (سورة القصص : 85.)
حيث أولوها برجوع محمد – صلى الله عليه وسلم – إلى الدنيا مرة أخرى .. ثم نقلها الغلاة الباطنيون إلى أئمتهم وقالوا برجوعهم لينتقموا ممن غصبوهم الخلافة في زعمهم . يقول المستشرق اليهودي المجري " جولد تسيهر " :  ( وهكذا استطاع عبد الله بن سبأ وتلاميذه ، أن يورثوا الاسلام تركة " فيلون([318]) اليهودي ، وذلك في محاولاتهم تفسير القرآن تفسيراً رمزياً  بعيداً كل البعد عن معناه الحقيقي . ) ([319])  ثم انتقل التأويل الباطني من السبئية إلى بقية الفرق الغالية ، التي تتظاهر بالتشيع ، وموالاة آل البيت ، وما من فرقة من فرق الغلاة ، إلا كان التأويل الباطني وسيلة مهمة من وسائل انتشاره وذيوعه، لتبرير باطلها ([320])
النصيرية والتأويل الباطني الفاسد:
لجأت النصيرية مثل الفرق السبئية الغالية جميعهاً إلى تأويل القرآن تأويلاً باطنياً للتدليل على صحة عقائدهم، منكرين ظاهره انكاراً قطعياً، ويعتقدون أن حق تأويله منحصر في الأئمة المعصومين الذين ألهوهم، أما تفاسير غيرهم في خاطئة وغير مصيبة( [321] ) . والتأويل الباطني الفاسد يمثل تجاوزاً خطيراً لكل العقائد والمفاهيم التي جاء الإسلام من أجلها، بل أن سعيهم مع الزنادقة لنسف الظاهر وكشف الباطن، محاولة لنفس الإسلام كدين، وارساء المفاهيم الالحادية الباطنية بدلاً منه، والهدف النهائي من كل ذلك، هو إفراغ القرآن من محتواه التشريعي وبالتالي إفقاده قيمته كأهم تشريع سماوي أوحي لنبي
ومن معاني التأويل: الانتقال من المعنى الظاهري والمباشر المستفاد من النصوص إلى معنى آخر عقلي أو مجازي، والنصيرية عند انتقالهم من الحقيقة إلى المجاز لا يقيمون لقواعد اللغة العربية وزنا( [322] ) ، ولا تعرف لعادة الأمة في استعمالاتها اللغوية حُرمَة، بل تصدوا لتأويل الدين وأحكامه على مقتضى عقائدهم الفاسدة، التي تعتمد المزج والتلفيق بين مذاهب دينية مختلفة وأراء فلسفية متعددة، مما حمل العلماء على القول بأن التأويل الباطني هو أول مراتب الالحاد.
زعم النصيريون أن كل آية بل كل كلمة في القرآن تخفي وراءها معنى باطنيا تماما كما زعم ذلك كل فرق السبئية الغلاة جميعا-
فأولوا العبادات وأحكامها تأويلا باطنياً، بعيداً عن الفهم العقلي ومنطق اللغة، فالصلوات الخمس عندهم عبارة عن حب خمسة أسماء هي: علي والحسن والحسين ومحسن( [323] ) .. وفاطمة، وإن ذِكرَ هؤلاء الخمسة يغني عن الغسل في الجنابة والوضوء وعن الصلوات المفروضة.
وأن الصوم هو حفظ السر لثلاثين رجلاً تمثلهم أيام رمضان، وثلاثين امرأة تمثلهن ليالي رمضان وأما الحج فموالاة الامام وادمان خدمته، لذا فهل تعرفون نصيرياً أدى الحج أو العمرة؟
وأن البيت العتيق رمز للباب سلمان الفارسي، والحجر الأسود رمز للمقداد بن عمرو والاشواط السبعة: تمثيل للأدوار السبع الكبرى لفيضان العالم عن الغيب المطلق، وأما الجهاد: فهو صب اللعنات على خصوم الامام وعلى من يفشون الأسرار( [324] ) .يقول ابن الأثير عن النصيرية:
(انهم يعتقدون ترك الصلاة والصيام وغيرهما من العبادات، ولا يتناكحون بعقد ويبيحون الفروج، ويقولون: إنه يجوز أن يجامع الإنسان من يشاء من ذوي رحمه، وأصدقائه، وبعد أن يكون على مذهبهم، وأنه لا بد للفاضل منهم أن ينكح المفضول ليولج فيه النور)( [325] ) .
وإذا رجعنا إلى نماذج من تفسيراتهم الباطنية وجدنا أنهم يقولون في قوله تعالى: (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)( سورة يس: 12. ) بأن المقصود بالإمام في الآية أحد الأئمة الاثنى عشر.. فكل واحد منهم في زعمهم يعلم علم الأولين والآخرين لأن الإمام احصى كل شيء على وجه الاطلاق( [326] ) .
بينما يقول الخصيبي وهو من أئمة النصيرية- في كتاب الهداية بأن المقصود بكلمة (مبين) في قوله تعالى (وكل شيء أحصيناه في امام مبين) هو (علي)( [327] ) .
ويؤولون  قوله تعالى (وجعل فيها رواسي من فوقها.. الاية) بأنهم الأئمة( [328] ) وتأولوا قول الله تعالى (حتى يلج الجمل في سم الخياط)( الأعراف: 40. ) وقوله سبحانه: (كلما نضجت جلودهم بدلنا هم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب)( النساء: 56. ) وقوله سبحانه: (في أي صورة ما شاء ركبك)( الانفطار: 8. ) وقوله سبحانه: (وننشئكم فيما لا تعلمون)( الواقعة: 61. ) وقوله سبحانه: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحية غلا أمم أمثالكم)( الانعام: 38. ) . وهي نفس الآيات التي يستدل بها كل من قال بالتناسخ واعتقده، وقد بينا فساد تأويلها في فصول سابقة.
ويؤولون الآيات التالية ويزعمون أنها تتضمن اسماء لعلي رضي الله عنه- كقوله تعالى: (واجعل لي لسان صدق في للآخرين)( سورة الشعراء: 84. ) فقال تعالى إجابه لإبراهيم عليه السلام- (وهبنا له اسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبياً. ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق علياً)( سورة مريم: 50. ) .
 وكذلك قوله تعالى (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) فالشاهد منه: هو علي رضي الله عنه-( [329] ) .
وقوله عز وجل (عم يتساءلون عن النباء العظيم الذي هم فيه مختلفون) فالنبأ العظيم هو: علي( [330] )
ويؤولون  قوله تعالى: (والنجم اذا هوى.. الايات)( سورة النجم: 1-5. ) . بأنه آية لعلي خصه الله بها( [331] ) .
ويؤولون الأول والآخر والظاهر والباطن اينما وردت في القرآن بعلي، وآيات النفاق وا لفسوق بأبي بكر وعمر.
ويؤولون قوله تعالى (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)( سورة المائدة: 55. )  وما أحد من الناس زكى في ركوعه غير علي فجاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -بخاتم أنزله جبريل عليه السلام- من الله عز وجل؟! ولم يصنعه صانع، عليه ياقوتة مكتوب عليها (الله الملك) فأعطاه لعلي( [332] ) .
ولم يكتف النصيريون بتأويل الآيات لإفراغها من مضامينها، بل حرفوها كذلك( [333] ) فزعموا أن في قرآن ابن مسعود (إن علياً جمعه وقرأه) بدلاً من قوله تعالى (إن علينا جمعه وقرآنه)( سورة القيامة:17. ) .
ويقولون (ان عَلينّا بيانه) بدلاً من (ان عَلَينْا بيانه)( سورة القيامة:19. ) ( [334] )
 ويقولون (أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم)( يس: 81. ) إن عثمان حرفها وأصلها (بقادر علي) فحذف النقطتين وجعل على اللام فتحه
ويعتقدون أن عليا خلق السموات والأرض ودليلهم هذه الآية.. ويزعمون بأن مقاليد السموات والأرض في قوله تعالى (له مقاليد السموات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون)( سورة الزمر: 63. ) .
المقصود بها:

  • المقداد بن اسود الكندي: وهو الموكل بالرعود والصواعق والزلازل.

  • أبو الدر أبو ذر الغباري جندب بن جنادة- الموكل بدوران الكواكب والنجوم.

جـ- عبدالله بن رواحة الموكل بالرياح وقبض أبواح البشر.

  • عثمان بن مظعون النجاشي: الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان.

ويقولون أن المقصود بقوله تعالى (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون)( سورة النحل: 48.) .
تسعة من كبار الصحابة العشرة المبشرين بالجنة عدا علي- وعلى رأسهم أبو بكر  رضي الله عنه  ويقولون: أن هؤلاء التسعة كان دأبهم الإفساد في الدين.
وقد جاء في سورة يسمونها بسورة التبرؤ جاء فيها:
(اللهم العن فئة أسست الظلم والطغيان. والذين هم التسعة الرهط المفسدين الذين أفسدوا وما أصلحوا في الدين. الذين هم إلى جهنم سائرين إليها، إنهم الضالين، أولهم: أبو بكر اللعين، وعمر بن خطاب الأثيم ، وعثمان بن عفان الشيطان الرجيم)([335]  )
كما يزعمون بأن قوله تعالى (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم)( سورة المنافقون:6. ) نزلت في هؤلاء التسعة نفر( [336] ) ..
هـ- قنبر بن كادان الرومي: الموكل بنفخ الأرواح في الأجساد( [337] ) ، وقد جمعهم الشاعر النصيري أبو الفضل محمد بن الحسن الشهير بالمنتخب العاني بقوله:
مقدادُ جندبُ عبداللهِ يَردفُهُ...... عثمانُ مع قُنبرٍٍ وهو ابن كادانِ( [338] )
وهذه المراتب نتبعها مراتب أخرى ،  ذكرها المنتخب العاني في قصيدة أطلق عليها اسم (جذورة التوحيد) يقول فيها:
فتلك الأبواب والأيتام تتبعهم   ............   وخلفهم نقباء سادةٌ نُجُبُ
وإثرهم نجباء كلهم سلكوا ...... نهج الهدى وإلى نيل العلى وثبوا
وبعد ذلك مختصون ترفعهم.....  ومخلصون إلى مولاهم قربوا( [339] )
وإن الذين لا يؤمنون بذلك هم الخاسرون.
ويؤولون قوله تعالى (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفذ البحر قبل أن تنفذ كلمات ربي)(  سورة الكهف / 109. ) بأن الكلمات هي: الظهورات التي ظهر الله فيها للبشرية أي حل فيها( [340] ) .
ويؤولون قوله تعالى: (كلا بل تكذبون بالدين)( سورة الانفطار/9. ) بأن الدين هو علي بن أبي طالب أي تكذبون بعلي( [341] ) .
وهذه التأويلات لا تحتاج إلى نقاش لبيان فسادها إذ لا سند لها من منطق اللغة ولا من السياق، ولا قواعد التفسير أو ضوابط التأويل الصحيح.. وكل ما في الأمر أنهم اعتقدوا عقائد فاسدة ، وأرادوا حمل آيات القرآن الكريم عليها..
فهي فرقة سبئية وامتداد لما سبقها من الغلاة.. وليس أدل على ذلك من قولهم في كتابهم تعليم الديانة النصيرية- جوابا على السؤال رقم (66) القائل :
ما اسماء النجباء في العالم الصغير الأرضي..؟؟
 فيورد الجواب (25) خمسة وعشرين اسماً آخرها عبدالله بن سبأ اليهودي اليماني( [342] ) .

عبادات النصيرية

يعتقد الكثير من الناس أن النصيرية فرقة من الفرق الإسلامية ولكن مذهبهم في الحقيقة عبارة عن خليط عجيب من ديانات ومذاهب مختلفة.. وثنية وغيرها.. فهم يخالفون المسلمين في كل شيء. اللهم إلا أنهم يستعملون الأسماء الإسلامية كما يتسمون بالأسماء المسيحية، لكنهم لا يسمحون لأحد منهم أن يتسمى باسم أبي بكر أو عمر. بل يزعمون كغيرهم أن الصديق أبا بكر وأمير المؤمنين عمر وذا النورين عثمان - رضي الله عنهم أجمعين - ، تعدوا على سيدنا علي-  كرم الله وجهه- ومنعوه حقه في الخلافة.
وما ورد في عقيدتهم وكتبهم من كلمات الصلاة والحج والزكاة والصيام لا يريدون بها مانريده نحن المسلمين، بل يؤلونها إلى معان لا تحتملها هذه الكلمات فهم يعتقدون أن من عرف الباطن فقد سقط عنه عمل الظاهر، ومن عرف درجات ومنازل المؤمن (أي النصيري) فهو حينئذ حُرٌ سقطت عنه العبودية، وخرج من حد المملوكية إلى حد الحرية.. ورُفِعت عنه الأغلال والأصفاد وإقامة الظاهر.. أي العبادات بأنواعها.. لأن الأغلال والأصفاد لم توضع إلا على المقصرين.
يقول الهفت الشريف:
( قلت يا مولاي: أما كان أهله من أهل الصلاة؟ قال: ويحك، أتدري ما معنى قوله تعالى (وكان يأمر أهله بالصلاة) (مريم/55) قلت: يعني أهله المؤمنين من شيعته، الذين يخفون إيمانهم. وهي الدرجة العالية والمعرفة والاقرار بالتوحيد، وأنه العلي الأعلى أي الأمام علي-. فأما معنى قوله تعالى (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة) فالصلاة: أمير المؤمنين؛ والزكاة: معرفته، أما اقامة الصلاة: فهي معرفتنا واقامتنا.)( [343] )  .
ويقول (الهفت الشريف) أيضا: (لا يحتجن أحدكم بصومه و صلاته وحجه وجهاده، فإن الله غني عن ذلك كله، وهو أعلم بعباده، البار منهم والفاجر. ولا يفوز أحدكم في كثرة صلاته وصومه إذا لم يعرف الله، وأولياءه، وأعداءه، وإمامه، وحجته فيما بينه وبين ربه )( [344] )  .
ولما كانت عقيدة النصيريين عقيدة سرية، لزم بالتالي أن تكون عبادتهم كذلك، اذ العبادة فرع عن العقيدة، ولذا وقع اختلاف بين الباحثين في كيفية العبادة عند النصيرين، لقلة المصادر التي تلقي الضوء على ذلك، والتي تختلف من غير شك في جوهرها وكيفيتها عن العبادة التي شرعها الاسلام، فهي لا تشارك عبادة المسلمين الا في الاسم، كما أن العبادة لا تجب على كل مكلف من أفراد الطائفة ، كما هو الحال في الاسلام، فالمرأة لا يجب عليها شيء من العبادات أصلا، لأنها في نظرهم جاهلة ناقصة، فلا تُؤتمن على أسرارها، أما الرجال، فهم قسمان:
قسم تجب عليه العبادة من صلاة وصيام وزكاة، وهؤلاء هم العامة، وأشباههم الذين لم يصلوا الى الوقوف على الأسرار الباطنية..
 أما الصفوة: الذين وقفوا على الأسرار الباطنية، فهؤلاء قد سقطت عنهم العبادة والعبودية لله، لأن هذه العبادات إنما هي قيود لتهذيب النفس وتربيتها، وهؤلاء الصفوة لم يعودوا في حاجة إلى هذه القيود، لأن أنفسهم قد سمت وارتفعت إلى الدرجات العلي. وهذه عقيدة كل الفرق الغالية، اذ أن من صُلبِ عقيدتها (أن من عرف الباطن، سقطت عنه أعمال الظاهر)( [345] ) .
قال في الهفت الشريف: (قلت: يا مولاي: وهل علينا معرفة هذه الدرجات؟ قال الصادق: -أي جعفر الصادق- نعم، من عرف هذا الباطن سقط عنه أعمال الظاهر، وما دام لم يعرف هذه الدرجات، ولم تبلغها معرفته لم تسقط، فإذا بلغها وعرفها منزلة منزلة، ودرجة درجة، فهو حينئذ حُرّ، قد سقطت عنه العبودية، وخرج من حد المملوكية إلى حد الحرية بانتهائه ومعرفته. قلت، يا مولاي: هل تجد ذلك في كتاب الله؟  قال: نعم، أما سمعت قوله تعالى: (وأن إلى ربك المنتهى) (النجم/42) فإذا عرف الرجل ربه فقد انتهى إلى المطلوب)( [346] ) .
إن هذا الضلال والإفك الواضح الذي ينسبونه زورا وبهتانا- للإمام جعفر الصادق- رضي الله عنه - ، لا يحتاج إلى رد وتوضيح، لأن الصلاة صلة بين العبد وخالقه، وتقرب العبد من ربه، وليس هناك أحد من خلق الله أكرم على الله من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم- ، ومع ذلك فقد كان أشد الناس عبادة لله، حتى كانت تتورم قدماه من طول قيامه في الصلاة، كما أمره الله سبحانه في أكثر من آية بالصلاة كقوله سبحانه: (فصل لربك وانحر) (الكوثر/2) وقوله: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك) (الاسراء/78) وقوله: (قم الليل إلا قليلا) (المزمل/2) فقد أمره الله بالصلاة، وهو الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أما ما يدعيه النصيريون من سقوط التكاليف فهو بهتان من القول وزور.
أما من لم يعرف الباطن من النصيريين، فقد تضاربت الأقوال في كيفية صلاتهم وعدد ركعاتها، فهناك من يقول أنهم يصلون المغرب أربع ركعات( [347] )،  والبعض الآخر يقول إنها خمس ركعات( [348] ) ، والظهر ثماني ركعات، وصلاتهم كلها خالية من السجود. وقد ذكر ذلك الدكتور عبدالرحمن بدوي، وقال: إنه نقل ذلك من كتاب تعليم الديانة النصيرية- المخطوط والمحفوط في باريس.
أما كتاب المجموع، فقد ذكر أن عدد ركعات كل صلاة من صلواتهم المسماة بالخمسة المفروضة أو المعطوفة، ركعتان، في كل ركعة سجود واحد، ويعتقدون أن هذه هي الصلاة المفروضة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم- ،  أما غيرهم فقد بدلوا وغيروا في كيفية الصلاة، وأورد سؤالا وجهه تلميذ من تلاميذ الخصيي الشيخ الأكبر للنصيريين- للخصيي نفسه، إذ سأله: إذا كانت عدد ركعات الصلاة المفروضة اثنتين فقط، فماذا نصنع إذا كنا في وسط هؤلاء الذين يصلون بعض الفرض أربعة، وبعضها ثلاثة، فإذا كنا معهم في المسجد فماذا نفعل؟
فأجابه الخصيي: ان على النصيري أن ينوي صلاة ركعتين فقط، وأن يتظاهر معهم أنه يصلي مثل صلاتهم، قال في المجموع: (قال شيخنا الخصيبي: سألني بعض رجال المؤمنين يقصد النصيريين-عن الواحد- أي من النصيريين- بين جماعة الكفار الخنازير من المسلمين في المسجد، فيقوموا إلى الصلاة، فماذا يصنع؟ وهم قد غيروا وبدلوا، فجعلوا الصلاة أربع ركعات، في كل ركعة سجدتين، فماذا يصنع؟
فأجابه إن الشرك غالب في الدنيا، وحيث أن المؤمنين بحكم الضرورة لقلتهم بين هؤلاء الأجناس الأنجاس، يفعلوا كفعلهم، لكن لا ينووا إلا الركعتين)( [349] ) ..
كما أنهم يتوجهون بكل صلاة من صلواتهم الخمس إلى واحد من أهل البيت، فيتوجهون في صلاة الظهر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم-، وفي العصر إلى فاطمة- رضي الله عنها - ، وفي المغرب إلى الحسن- رضي الله عنه - ، وفي العشاء الى الحسين- رضي الله عنه - ، وفي الفجر إلى محسن- رضي الله عنه - ، فمن لم يعرف هذه الأسماء، ولم يوجه كل صلاة إلى صاحبها، فصلاته باطلة، لأن هذا هو شرط صحة الصلاة، لاعتقادهم بحلول الله سبحانه- في هذه الاشخاص الخمسة.
ولا يشترطون استقبال القبلة، أو الطهارة المعروفة، لأن المراد بالطهارة هي: الطهارة الباطنية، وهي عدم موالاة الأضداد أي: أعداء الطائفة النصيرية-.
ولا يرون وجوب صلاة الجمعة، ولا يهتمون بالمساجد، ولا يحرصون على أداء صلاتهم فيها، بل حولوها في فترة ما إلى خانات لخيولهم ودوابهم، يقول ابن بطوطة: (وقد أمر الظاهر بيبرس أن تُبنى لهم مساجد، فبنيت لهم في كل قرية بعيدة عن العمران مسجداً، لكنهم لا يدخلونها ولا يصلون فيها، وقد يأتون اليها بمواشيهم ودوابهم، وربما أتي الغريب فيترلونه في المسجد فيؤذن أي للصلاة- فيقولون له: لا تنهق والنهيق صوت الحمار- علفك سيأتيك)( [350] ) .
ويجتمع النصيريون في فترات معينة وفي بيوت معلومة، وهذا الاجتماع
 أو المجمع يسمونه عيدا-( [351] ) وفيه يجتمع شيوخهم بهم، ويتلون على مسامعهم بعض القصص والحكايات الخرافية والكرامات لأئمتهم، ثم يقومون بأداء بعض الطقوس والترانيم والقداسات، الشبيهة بقداسات المسيحيين...
 من ذلك مثلا: قداس يسمى (قداس الطيب لكل أخ حبيب) ، يقولون فيه: "ايها المؤمنون اسمعوا واطيعوا وانظروا إلى مقامي هذا الذي فيه نحن مجتمعون. انزعوا الغل والحسد من قلوبكم، يكمل لكم دينكم، ويستجيب الله لدعائكم.. واعلموا أن الله حاضر موجود بينكم يسمع ويرى (إنه عليم بذات الصدور)( سورة الأنفال : 43) .. إياكم يا مؤمنين من الضحك والقهقهة في أوقات الصلاة مع الجهال فإنها تحبط الأعمال وتغير الأحوال، لأنها من طريق إبليس اللعين لعنه الله تعالى.
اسمعوا ما يقول لكم الإمام ، لأنه قائم فيكم في طاعة العليِّ العلام.. إن هذا قداس الطيب بعد عقد النية على الصلاة الحقيقية التي خص بها السيد المسيح إلى سين.. عطاء كل نفس هواها. قال في القداس المبارك: سبحان من جعل من الماء كل شيء حي، سبحان من يحيي الموت في صرصر( [352] )  بقدرته، العلي الكبير، الله أكبر! أسألك اللهم مولاي بحق هذا قداس الطيب، بحق السيد محمد الحبيب، الذي اخضر في يده القضيب أن تحل في دياركم البركه، يا أصحاب هذا الفضل، وهذا الطيب، ونقدس أرواح إخواننا المؤمنين، البعيد منهم والقريب. يا مولاي، يا أمير النحل، يا علي، ياعظيم!"( [353] ) .
وقد أورده الإسماعيلي (مصطفى غالب) بصيغة أخرى في مقدمة كتاب الهفت الشريف( [354] ) ونصه كما يلي:
"قداس الطيب لكل أخ حبيب.. أيها المؤمنون.. اسمعوا وعوا وانظروا إلى مقامكم الذي أنتم فيه مجتمعون، وانزعوا الغل والحقد من قلوبكم، والحسد من صدوركم، ليكمل لكم دينكم في معرفة معينكم، واعلموا أن الله حاضر معنا يسمع ويرى، عليم بذات الصدور، العزيز الغفور، إياكم يا مؤمنين من الضحك والقهقهة في أوقات الصلاة مع الجهال، فإنها تحبط الأعمال وتغير الأحوال، لأنها طريق إبليس لعنه الله.
الله أكبر قد قامت الصلاة لأربابها، وثبتت الحجة على أصحابها أقمها يا ربي وأدمها. واجعل السيد محمد ختامها. والسيد سلمان زكاتها، والمؤمنين دليلها، والعاملين سبيلها، وأبا ذر شمالها،  والشيخ على الصوري جبينها".
ولهم قداس آخر يسمى (قداس البخور في روح ما يدور في محل الفرح والسرور) يقول: "كان سيدنا محمد بن سنان الزهري يقوم بالصلاة مرة أومرتين، في يده ياقوتة حمراء، وقيل مرجانة صفراء، يبخر بها عبدالنور ويقول: يا أيها المؤمنون! بخروا أقداحكم، وأنجزوا أعمالكم، تنالوا بها الآمال. وقولوا  بأجمعكم :
الحمد لله الذي جعل نوره تاماً، وفضله عاماً علينا وعلى سائر إخواننا، بروح وريحان، وجنة الله والنعيم، أسألك اللهم مولاي! بحق هذا قداس البخور، وبحق البراء بن معروف([355])، وبحق المدني وتلميذه أبي الطاهر سابور،  أن تحل في دياركم البركة يا أصحاب هذا الفضل ، وهذا البخور يا أمير النحل، يا علي، يا عظيم!"
هكذا أورده د. عبدالرحمن بدوي في كتابه (مذاهب الإسلاميين)( [356] ) نقلاً عن المستشرق الألماني (كتفاجو).. وأورده الإسماعيلي مصطفى غالب في مقدمة (الهفت الشريف)( [357] ) ينص مختلف وهو:
"قداس البخور.. بينما يدور في البيت المعمور.. كان السيد محمد بن سنان الزهري.. يبخر بأقداح المؤمنين، ويبخر بها عبدالنور، وكان معه ياقوتة حمراء، وقيل صفراء، فبخروا أقداحكم أيها المؤمنون، لعلكم تنالون السعادة والهناء والفوز بالمنى، وأشهد أن مولاي ومولاك، علي بن أبي طالب لا حال ولا زال ، ولا انتقل من حال إلى حال. بل هوالكريم المقيم على كل حال"ا هـ.
ولهم قداس ثالث يسمى: (قداس الأذان وبالله المستعان). ويقول: "الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً وجهت وجهي إلى محمد المحمود، طالباً سره المقصود، المتقرب المتجلي بالصفات، وعين الذات، وفاطر الفطر، ذو الجلال والحُسن، ذو الكمال، اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم الخليل هو الذي سماكم مسلمين، حنيفاً مسلماً، ولا أنا من المشركين. ديني سلسل. طاعة إلى القديم الأزل. أقر كما أقر السيد سلمان، حين أذن المؤذن في أذنه وهو يقول: شهدت أن لا إله إلا هو العلي المعبود، ولا حجاب إلا السيد محمد المحمود ، ولا باب إلا السيد سلمان الفارسي، ولا ملائكة إلا الملائكة الخمسة الأيتام الكرام، ولا رب إلى ربي، شيخنا ، وهو شيخنا وسيدنا الحسين بن حمدان الخصيي سفينة النجاة، وعين الحياة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، تفلحوا يا مؤمنون، حي على خير العمل، يعينه الأجلّ.
الله أكبر! الله أكبر! قد قامت الصلاة على أربابها، وثبتت الحجة على أصحابها، الله مولاي! يا علي! أسألك أن تقيمها وتديمها ما دامت السموات والأرض، وتجعل السيد محمد ختامها ، والسيد سلمان زكاتها ، والمقداد يمينها، وأبا ذر شمالها.
نحمد الله بحمد الحامدين، ونشكر الله بشكر الشاكرين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. أسألك اللهم مولاي بحق هذا قداس الأذان، وبحق مَتَّى وسمعان، والتواريخ والأعوام، بحق يوسف بن ماكان، بحق الأحد عشر كوكباً الذي رآهم يوسف بالمنام أن تحل في دياركم البركة بالتمام( [358] ) يا علي يا عظيم".
هكذا أورده الدكتور عبدالرحمن بدوي نقلا عن المسشرق الألماني (كتفاجو) وهو مختلف عما أورده الإسماعيلي مصطفى غالب في مقدمة كتاب الهفت الشريف إذ جاء فيه:
"قداس الأذان وبالله المستعان.. يقولون فيه: وجهت وجهي إلى محمد المحمود، وطالب سره المقصود، وظله الممدود ، إياكم يا مؤمنين، اتبعوا ملة أبيكم إبراهيم الخليل حنيفاً.. مسلماً ولا أنا من المشركين. ديناً سلسلاً وطاعتي إلى قديم الأزل، وروحي بدت من روح الاحياء، وأقرت به كما أقر به سيدنا سلمان الفارسي لما بلغ أذان في أذنيه وهو يقول: لا إله إلا مولاي علي المعبود. ولا باب إلا باب السيد سلمان الفارسي المقصود. ولا حجاب إلا حجاب السيد محمد المحمود. اللهم صلي على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الملأ والدين،  وقيل الحمد لله رب العالمين"( [359] ) .
أما فرقة (البناوية) وهم أتباع (سلمان المِرشِد) وابنه: مُجيب فلهم أدعية خاصة يرتلونها في صلواتهم من ضمنها (سورة الصلاة المرشدية). وينسب نها إلى : مجيب المرشد. وهي تبشير بالاستعمار على حد قول الدكتور مصطفلى الشكعة- أكثر منها دعوة دينية جادة. ويقولون فيها:
"تسبيح إلى مولانا مجيب بن سلمان المرشد.. الرب العظيم مولانا لك العزة والمجد، والتهليل والتكبير، سبحانك ربنا، أشياعك الذين يسبحونك وينزهونك عن الصورة البشرية ، وأنت أنت وعدتنا قبل أن تصعد إلى سمائك، وتجلس على عرشك العظيم، كما أنك وعدتنا وأنت خير من يوعد. بأن ترسل على الذين يظلمون من الحكام والبشر النقمة والغضب.. وتنقذنا من يدي الأشرار كما قلت: إنني سأجعل لكم من لدني عوناً ونصيراً غريباً عن دينكم!!؟ وغريباً عن وطنكم؟! ليكون سنداً لكم إلى يوم الحساب.. إننا ثابتون على صحة يقيننا وعلى صحة هذا الدين، ولا نشك بوعودك الصادقة، إنك كريم رحيم يا مولانا، يا مجيب المرشد.. سبحانك أنت الرب العظيم. ارحمنا من الحكام الأشرار، وأرسل لنا الذين وعدتنا بهم، ينقذوننا من الحكام الفجار، والقوم الأشرار إنك على ذلك لقدير، لقد بزغت شمس وجودك من المغرب؟! كما كان غيابك في المغرب، مولانا أرسل لنا الجحافل والناصرين، لانقاذنا من الظالمين، الذين يمنعوننا من عبادتك، وعن مد يد التسبيح لأهل بيتك، إنك على ذلك لقدير ، نختتم دعائنا بكلمة سبحانك إنك أنت الرب العظيم" ( [360] ) . (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) ..
ومَن هؤلاء النصراء والأعوان الذين سيأتون من المغرب.. غير المستعمرين؟.
أما الزكاة، وهي أحد أركان الاسلام التي يكفر جاحدها، ويُقاتل مانعها كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه- مع المرتدين، فتختلف عندهم عن الزكاة المعلومة من الكتاب والسنة، والمعروفة لدى المسلمين، تختلف في مقدارها، وفي كيفية توزيعها، فالنصيريون كالشيعة عموما- يدفعون الزكاة لمشايخهم، لا للأصناف المذكورة في قوله تعالى: (انما الصدقات للفقراء والمساكين الآية)(التوبة/60).
اضافة إلى أنهم يفسرونها تفسيراً باطنيا ، يختلف عن معناها الذي قرره المفسرون، ومقدارها عندهم: خمس ما يملكه كل فرد من أفراد الطائفة من عروض التجارة والمواشي والمحاصيل الزراعية، ومهور بناتهم.
أما الصيام عند النصيريين:
فبعض طوائفهم يصومون كصيام المسلمين، غير أنهم يمتنعون عن مقاربة نسائهم طيلة شهر رمضان، ومنهم من لا يمتنع عن الأكل أو الشرب وإنما يمتنع فقط عن معاشرة النساء( [361] ) .
ولا يؤمنون  بالحج، بل يعتبرونه مظهراً من مظاهر الوثنية وعبادة الاصنام، وقد ذم محمد بن نصير- الحج ووصفه بأنه (شرك وعبادة أصنام)( [362] )
ووصفة  الشيخ محمد الكلازي من زعمائهم الروحيين- بأن ذهاب المسلمين للحج انما هو رأس الكفر وعبادة للأصنام( [363] ) .
وذكر الدكتور عبدالرحمن بدوي( [364] ) أنه توجد خلاصة وافية لتعاليم النصيرية وعقائدها في كتيب صغير تحت عنوان (كتاب تعليم ديانة النصيرية) محفوظ في المكتبة الأهلية بباريس تحت رقم (6182) وهو على طريقة السؤال والجواب، ويتألف من (101) سؤال،.. سنورد صورة عنه  في فصل : كتب النصيريين .
 

الأعياد النصيرية

للنصيريين عدة أعياد بعضها خاص بهم والبعض الآخر مشترك بينهم وبين الشيعة بعامة.. وأهمها:

  1. عيد الغدير: ويحتفلون به في 18 من ذي الحجة. وهو عيد عند الشيعة عامة. "وسبب اتخادهم له: مؤاخاة النبي- صلى الله عليه وسلم- لعلي كرم الله وجهه- يوم غدير خم. وهو غدير على ثلاثة أميال من الجحفة، يَسرَةَ الطريق ، تصب فيه عين، وحوله شجر كثير وهي الغيضة التي تسمى (خُماً). وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رجع من حجة الوداع نزل بالغدير وآخى بين الصحابة، ولم يؤاخ بين علي وبين أحد منهم، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم- منه انكساراً فضمه إليه وقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي". والتفت إلى أصحابه وقال: من كنت مولاه فعلى مولاه، اللهم وال من والاه ،وعاد من عاداه، وكان ذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة سنة عشر من الهجرة. والشيعة يحيون ليلة هذا العيد بالصلاة، ويصلون في صبيحتها ركعتين قبل الزوال.. وشعارهم فيه لبس الجديد، وعتق العبيد، وذبح الأغنام وإلحاق الأجانب بالأهل في الإكرام، والشعراء والمترسلون يهنئون الكبراء منهم بهذا العيد([365]  ).

لهذا السبب يحتفل الشيعة بهذا اليوم، أما النصيريون فيزعمون أنه ذكرى استخلاف النبي لعلي. ويقولون: إن بيعة غدير خم أثبتت مكانة مقدسة وعلوية.. لعلي.. بنزول قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) وكمال الدين هو ولاية علي.. ويقولون: إنه لما أعلن كمال الدين كان لا يزال بعض العقائد مكتوماً وخفياً، ولذلك بقي إلى هذا اليوم مكتوماً لخصوصيته، وبتعبير أصح إن بقاء عقيدة النصيريين مكتومة هو من كمال الدين، وإعلانها مضر بها ، لأن الرسول بشر المؤمنين بولاية علي، وبذلك كمل الدين.. ولكنه بقي حريصاً على كتمان البقية، ولذلك كان كتمان البقية من كمال الدين أيضاً. وهذا هو تعليل تكتم النصيريين في عقيدتهم، وهم يقولون أيضاً: إن بني هاشم كانوا يعرفون في زمن النبي أحكاماً ما كان يعرفها الأمويون! وأن أهل البيت تعلموا علوماً لم يسمعها غيرهم.. وذلك حين بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- علياً ثلاث بيعات خفيفة وهي: بيعة الدار، وبيعة الخيزرانه ، وبيعة أم سلمى. فبيعة خدير خم العلنية: لم تكن إلا لإفشاء بعض حقوق أهل البيت والأمر باتباعها واحترامها( [366] ) .
2-  عيد الفطر: ويحتفلون به في أول شوال مثل سائر المسلمين (يقصد الشيعة) وقد شرع النبي هذا العيد في السنة الثانية للهجرة.. وهو والأضحى شُرِعاً في نفس السنة، لكن النصيرية: لا يحتفلون به بعد صوم رمضان.. وإنما بعد الصوم الذي يعتقدونه، ومن هنا اختلف تماماً عن عيد فطر المسلمين)( [367] ) .
3  - عيد الأضحى: ويحتفلون به في الثاني عشر من ذي الحجة. بينما سائر المسلمين يحتفلون به في العاشر من ذي الحجة.
4- عيد الفِراش  : ويحنفلون به بمناسبة مبيت سيدنا علي – كرم الله وجهه- في فراش النبي – صلى الله عليه وسلم - ، ليلة هجرته من مكة إلى المدينة .. وذلك أن قريشا لما علمت بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – سيهاجر إلى المدينة ، تشاوروا فيما بينهم واتفقوا علة أن يتخيروا من كل قبيلة منهم فتى شابا جلدا فيقتلونه جميعا فيتفرق دمه في القبائل . ولا يقدر بنو عبد مناف على حربهم جميعهم ، واستعدوا لذلك .وجاء الوحي بذلك إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فأمر – علي بن أبي طالب – أن ينام على فراشه ، ويتوشح ببرده ، ثم خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – عليهم ، فطمس الله تعالى علة أبصارهم ، وفي الصباحخرج إليهم علي – كرم الله وجهه – فعلموا أن النبي- صلى الله عليه وسلم – قد نجا . ( [368])
د - عيد عاشوراء: ويحتفلون به مع الشيعة في العاشر من محرم.. وهو ذكرى مصرع الحسين بن علي - رضي الله عنه -في كربلاء.. لكن النصيرية يعتقدون: أن الحسين لم يمت.. بل اختفى مثل عيسى بن مريم..
هـ -  عيد الغدير الثاني: يوم المباهلة.. أو يوم الكساء ، ويحتفلون به في التاسع من ربيع الأول.. وفي هذا اليوم اجتمع الرسول بوفد من بني بالحارث المسيحيين من نجران.. وجمع أهله الخمسة (هو وحفيديه وابنته وزوجها) ودثرهم بدثاره،  وقرأ من سورة آل عمران (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكافرين) والنصيريون يربطون بين الخمسة أشخاص هؤلاء وبين الصلوات الخمس الخاصة بهم، وخصوا كل واحد منهم بصلاة([369]  ) .
(و) عيد النوروز : أول من  احتفل بعيد النيروز هم قدماء المصريين وكلمة نيروز مأخوذة عن عبارة باللغة المصرية القديمة هي :( نيارو إزمو آرو) ، ومعناها بارك الأنهار. وعن قدماء المصريين أخذ الفرس هذا العيد، وعنهم انتقل إلى شعوب أخرى. وما زال الأقباط في مصر يحتفلون بهذا العيد الذي يأتي متزامنا مع رأس السنة القبطية.
  ومعنى النيروز: الجديد، وهو ستة أيام؛ حيث كانوا في عهد الأكاسرة يقضون حاجات الناس في الأيام الخمسة الأولى، وأما اليوم السادس فيجعلونه لأنفسهم وخواصهم ومجالس أنسهم، ويسمونه النيروز الكبير، وهو أعظم أعيادهم([370]).
ويحتفل بعيد النيروز أيضًا البهائيون،ويوافق (  عيد الرّضوان )  ، وهو : إعلان دعوة بهاءالله من 21 نيسان (أبريل) – 2 أيّار (مايو) سنة 1863. ويحتفل به البهائيّون سنويًا مدّة اثني عشر يومًا. كما يوافق  ختام صيامهم الذي مدته (19) يومًا وذلك في (21آذار) ([371]) ويعتبرونه (رأس السّنة البهائيّة)..؟!!.
والنيـروز أيضاً أول يوم من السنة عند القبط ويسمى عندهم: (عيد شم النسيم) ومدته عندهم ستة أيام أيضاً تبدأ من (6حزيران) ([372])
(ي) عيد المهرجان: ويحتفلون به في أول الخريف، وهو عيد فارسي أيضاً( [373] ) ويشاركون المسيحيين في عدة أعياد مثل: عيد الغطاس، وعيد السعف، وعيد العنصرة، وعيد القديسة بربارة، وعيد الميلاد ( [374] ) ويصادف رأس السنة الشرقية عند الارثذوكس ، ويقدمون فيه النبيذ ولحم البقر.
(ك): عيد الصليب: ويحتفل النصيريون به، ويجعلونه تاريخاً لقطف الثمار، ولانهاء معاملاتهم بعضهم مع بعض، كدفع أجور الرعي، والمساكن وما إلى ذلك.
ويتوجهون في هذا العيد إلى المعارض المقامة في الأديرة لشراء لوازمهم مثل: معرض دير الحمراء في تل كلخ- ،  ومعرض دير  مار الياس  في صافيتا( [375] ) ولهم أعياد أخرى غيرها، كاحتفالهم في اليوم الخامس عشر من شعبان بذكرى وفاة سلمان الفارسي – رضي الله عنه - . وغير ذلك مما هو مذكور في كتاب مجموع الأعيادالنصيرية لأبي سعيد يموت بن القاسم الطبراني .( [376] ).
 
 
كتب النصيرية
للنصيريين كتب ورسائل عديدة ، معظمها ما زال مخطوطا ، وكتب المستشرق ماسنيون في سنة 1937م مجملا عن كتب النصيرية ، أورد الدكتور عبد الرحمن بدوي ملخصا له في كتابه ( [377] ) ، وسنورد في هذا الفصل أهم كتبهم ، ومنها .
أولا : كتاب الهفت الشريف : ( [378] )
هذا الكتاب رواه المفضل بن الجعفى عن الامام جعفر الصادق كما يزعمون ويكاد الباحثون قاطبة يجمعون على أن الهفت الشريف هو أهم كتب النصيرية لأنه يشمل تقريبا على سجل عقائدهم الأساسية وممن اعتبر الهفت الشريف من كتب النصيرية الأساسية المستشرق الفرنسى ما سسنيون  ، والدكتور عبد الرحمن بدوى، ومن القدماء ابن فضل الله العمرى كما ذكر ذلك  القلقشندي.[379]
وقد حقق هذا الكتاب كل من الدكتورين  الإسماعيليين :  عارف تامر ، ومصطفى غالب.
وقد نشر الدكتور :  عارف تامر هذا الكتاب تحت عنوان:  الهفت والأظلة ...
ونشره الدكتور : مصطفى غالب تحت عنوان الهفت الشريف ...
يقول : الدكتور:  مصطفى غالب عن هذا الكتاب فى الطبعة الثانية،  إنه كتاب نادر ويمثل مرحلة من مراحل التطور الفكري الإسلامي ،  وهو ملئ بالقصص والكرامات ، وفى رأيه أنه لا يمثل منطلقا لفرقة معينة،  وكان المفصل بن عمر -  رواي هذا الكتاب - عالما غزير العلم والحكمة بثهما فى الناس وقد عاش فى كنف الأئمة المهديين ، ولا ينقص من هذا الكتاب أنه مليء بالقصص والكرامات ، لأن معظم الكتاب الاسلامية مليئة بالقصص والكرامات ، ويقدم مصطفى غالب اعتذارا لما وقع منه سهواً في الطبعة الأولى ، وقد لفت نطره الشيخ  عبد الرحمن الخير  - من مشايخ النصيرية - ، إلى أن هذا الكتاب ليس خاصا بطائفة النصيرية ، ولكنه - أي هذا الكتاب - من مؤلفات الباطنية ، وتعمل الأيدي غير الأمينة على  تشويه هذه المؤلفات ، وقد يُظَنُّ أن هذا الكتاب من كتب الإسماعيلية ، وليس كذلك ، بل هو من كتب الباطنية بصفة عامة ، فهو يمثل نظريات باطنية .. وقد نشرته المطبعة الكاثوليكية فى لبنان - على حساب البحوث والدراسات بادارة معهد الآداب الشرقية - تحت عنوان الهفت والأظلة وقد حققه عارف تامر ، وعبده خليفة اليسوعي وكيف تبدل العنوان من الهفت الشريف الى الهفت والأظلة ، هذا ما قاله مصطفى غالب في مقدمته لكتاب الهفت الشريف،  وقد استغرقت مقدمة الكتاب إحدى عشرة صفحة ومن ص 11 الى ص 15 مقدمة المحقق.
 أما الدكتور  عارف تامر فيقول عن هذا الكتاب فى مقدمة كتاب الهفت والأظلة الذى حققه ونشرته دار الهلال  ببيروت :  (هذه هى النسخة الصحيحة التى ظلت فترة  طويلة في كهوف السرية ، وهذه النسخة كانت عند شيوخ آل سليمان فى القدموس،  وأعطى له هذه النسخة حفيد هذه الأسرة الذي  رمز إلى اسمه ، وكانت مكتوبة بخط عبيد بن قاسم من مصياف ، وخطها واضح،  ويقول : هذا كتاب طائفة النصيرية ، وقد جاء نفحة باطنية ،  ونسمة رقيقة صوفية هبت من عالم الروح ،  وقد نظر اليه نظرة فيها كثير من الشك والتجنى ، وذلك لأن هذه المعانى الباطنية قد أخذت على طاهرها ، دون أن يلتفت الى باطنها ،  فكلمة ناسوت ولاهوت ، وأدوار ، وأكوار  وغير ذلك من هذه العبارات الغامضة التي تحتاج أن يكشف أصحابها عن أسرارها ، وستظل فرقة النصيرية من فرق الإسلام الباطنية ، وسيظل هذا الكتاب أبد الآبدين ودهر الداهرين ، حديقة فيها الزهور الباطنية العطرة)
وإذا ما قارنا بين تحقيق كل من الدكتور مصطفى غالب ، والدكتور عارف تامر ، ظهر لنا بوضوح أن الرأي الأرجح هو : أن كتاب الهفت الشريف من صميم كتب النصيرية.
وقد قال الدكتور  مصطفى غالب فى تحقيق الكتاب فى الطبعة الثانية أنه قد أخطأ فى الطبعة الأولى حيث نسب هذا الكتاب للنصيرية. وهذا الكتاب - أى كتاب الهفت - إنما هو كتاب من كتب الباطنية بصفة عامة ، وليس كتاب فرقة معينة ثم ذكر كذلك أن الكتاب الذى حققه الدكتور  عارف تامر يختلف اختلافا بينا عن كتاب الهفت الشريف.
ولم يذكر  الدكتور  مصطفى غالب فى كتابه الهفت الشريف الطبعة الثانية الأسباب التى جعلته يغير رأيه فى تحقيقه لهذا الكتاب فى الطبعة الأولى عندما قال: إن هذا الكتاب خاص بالنصيرية ، وكل ما قاله هو أن الشيخ عبد الرحمن الخير - من شيوخ النصيرية- ،  هو الذي لفت  نظره إلى ذلك ، مع أن الدكتور  مصطفى غالب في  كتابه :  الحركات الباطنية في الإسلام عندما كان يستشهد على عقائد النصيرية ، كان أكثر استشهاده من كتاب الهفت الشريف ، ولم يذكره بالاسم ، وإنما كان يقول : وفى كتاب من كتبهم السرية وعلى سبيل المثال مثلا ،  ففي(  ص 280 ) وهو يستدل على أن  التناسخ عقيدة من عقائد النصيرية ، يذكر نصاً من الهفت الشريف ... وفى( ص 300 ) من كتاب الحركات الباطنية في الإسلام ذكر الدكتور مصطفى غالب قصة مقتل الحسين بنفس النص الذى أورده الهفت الشريف...  وكذلك ذكر قصة سلمان حينما أرسله الامام علي لسيدنا عمر يسأله عن المال الذي أتاه ، وهو ما ذكره الهفت الشريف تماما.. ولو قارنا بين كتابي  (الهفت والأظلة ) و كتاب ( الهفت الشريف )  لوجدنا أن  الخلاف بينهما خلاف  لفظي فقط ، أما الجوهر فواحد..
شذرات من كتاب الهفت الشريف  بلحنها وكفرها وأخطائها :
وكتاب الهفت الشريف منسوب للمفضل بن عمر، حجم الكتاب متوسط ، ويتكون من( 67  باباً ) ويقع في( 222 صفحة ) ، ويتضمن  بعض اعتقادات النصيريين  الغلاة... منها : أن الإمام الحسين – عليه السلام -  هو الله. وأنه  لم يقتل  في كربلاء ، والمقتول رجل  آخر.. ويعتقدون  أن أئمتهم  يعيشون في السماء.! وجعل لكل باب عنوانا ،
فالباب الاول عنوانه  : معرفة ابتداء الخليقة ، وأول شيىء خلقه الله تعالى.
والباب الثاني : في معرفة علل الأظلة و الأشباح،  والأرواح  ، وكيف أدبهم وعرفهم بنفسه..وهكذا إلى أن يصل الى الباب رقم : (  67 ) ..وهذه نماذج منها :
-   جاء في الباب 12 (باب في معرفة المؤمن الممتحن و كيف يرد في المسوخية و يترَكَّبُ فيها) ما يلي : قلت يا مولاي أما كان يأمر أهله بالصلاة قال الصادق- عليه السلام -  :( ويحك  أتدري ما معنى قوله تعالى وكان يأمر أهله بالصلاة..  قلت :  يعني أهله المؤمنين من شيعته اللذين يخفون إيمانهم وهي الدرجة العالية  والمعرفة والإقرار بالتوحيد وأنه العلي الأعلى ، فأما معنى قوله تعالى : (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ) فالصلاة أمير المؤمنين ، والزكاة معرفته ،  وأما إقامة الصلاة فهي معرفتنا وإقامتنا.....   ثم يقول  : و تلا أيضا قوله : (  ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) . قلت يا مولاي هل علينا نحن معرفة هذه الدرجات .؟ قال الصادق :  نعم ، من عرف هذا الباطن فقد سقط عنه عمل الظاهر ، ومادام لا يعرف هذه الدرجات ولا يبلغها بمعرفته ، فإذا بلغها وعرفها منزلة منزلة ، ودرجة درجة ، فهو حينئذ حرّ قد سقطت عنه العبودية  ، وخرج من حد المملوكية إلى حد الحرية باشتهائه ومعرفته..  قلت : يا مولاي فهل ذلك في كتاب الله .؟ قال نعم ، أما سمعت قوله تعالى: (  وأن إلى ربك المنتهى  ) فإذا عرف الرجل ربه فقد انتهى إلى المطلوب ، ولا شيىء أبلغ إلى الله من الوحدانية و المعرفة ،  وإنما وُضِعت الأصفاد و الأغلال على المقصرين ، وأما من قد بلغ وعرف هذه الدرجات التي قرأتها لك ، فقد اعتقه من الرق ، ورفعت عنه الأغلال  والأصفاد وإقامة الظاهر...
- وقال في  ( الباب الحادي و الثلاثون)  : قرأت على مولاي الصادق .....أن ربكم الله الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء.
فقال يا مفضل : وهل تعرف عن العرش شيئا .؟ قلت : لا يا مولاي . قال -عليه السلام - : العرش في الباطن أربعة أركان في أربعة أشخاص، فالركن الأول محمد ، والركن الثاني أمير المؤمنين ،  والركن الثالث الحسن ، والركن الرابع : الحسين.....الخ  
- وقال في : الباب (التاسع و الثلاثون ) : قال المفضل سألت مولانا الصادق - علينا سلامه - عن قوله تعالى  :  ( وفديناه بذبح عظيم ) . قال الصادق : إن الحسن زمن إبراهيم كان إسحق و الحسين كان إسماعيل..........وكان الحسين بن علي أكرم عند الله من أن يذيقه الحديد على أيدي الكفرة ، وحاشا أن يذيقه حر الحديد....ولقد فعل الله تعالى بالحسين فعلة لم يفعلها بالمسيح ،  ولا بزكريا ، ولا بيحي ، ولا بأحد من الأنبياء ، وأن الذبح في الظاهر كان  إلى إسماعيل الذي فدي بذبح عظيم هو الحسين الذي هو عينه واسمه ونسبه وليس بينهما فرق كأنهما واحد ، ولقد ذبح في الظاهرأكثر من  ألف مرة على ما يتوهمون أهل الكفر ، وإنما الحسين مثله كمثل المسيح ............قال المفضل هل تريد يا مولاي قول شيعتك أو غيرها ، قال أريد ما تقوله شيعتي فقلت يقولون إن الذي فدى إسماعيل بذبح عظيم هو كبش  أملح خرج من الجنة ، قال الصادق  : سبحان الله ..! إن الله لم يخلق للجنة شيئا يعذبه بالقتل  ، إن هذا أيضا من كفرهم ،  يزعمون أن الله أخرج من الجنة كبشا فذبحه بلا جرم أو ذنب ، والله تعالى عادل لا يجوز عليه الظلم إن الكبش الذي فدي به الحسين كان الأدلم أدلم قريش .. وهو يومئد شيخ كبير ، في تركيب كبش  ،  أما رأيت يا مفضل قرنيه في الكعبة........فالحسين أعظم خطراً من أن يُذبح.....الخ .
- وجاء في  الباب( الأربعون) : في معرفة قتل الحسين زمن بني أمية : قال عمر بن سعد لرجاله : إني أول من يرمي سهمه في عسكر الساحر وأمر الناس أن يتهياوا بسلاحهم إلى قتال ابن بنت رسول الله ، وكان أول من طلعت طلائعه رجلان حبشيان عظيمان وكأن عيونهما الجمر ، فلما نظرهما الحسين قال : يا جبريل أريد أن تأتني بهذين الرجلين في تراكيبهما في المسوخية،  فحينئذ مد جبريل يده فأخذهما عن ظهر فرسيهما فأحضرهما بين يدي مولانا الحسين ،  فإذا هما كبشان أملحان ،  فهتف الحسين هتفةً فقال : ارجعا إلى ما تعرفان به فإذا هما رجلان أسودان ملعونان في دماغ كل واحد منهما حديدة ، فإذا هي تدخل في دماغ كل واحد منهما و تخرج من دبره ،  قال الحسين يا أخي جبريل،  من هذين اللعينين .؟ قال يا مولاي : هذان سعد ومعاوية ،  قال الحسين : قَرِّبا مني أيها اللعينان قال كيف رأيتما عذابي  و نقمتي في مسوخيتكما .؟ قالا :  لقد رأينا أشد العذاب،  فأخرجنا من المسوخية إلى الأبدان البشرية ،  فقد عرفنا سبيل الحق ، فارحمنا برحمة  منك يا ارحم الراحمين ، قال لا رحمكما الله ، هذا لكما  ، ومردودين ألف سنة بالمسوخية في قالب بعد قالب ....  قال المفضل يا مولاي هل كان مع الحسين يومئد  من المؤمنين الموحدين أحد .؟ 
قال الصادق : كان معه مؤمن موحد وستراه معنا ، قال وحضر أبو الخطاب .!  فقلت اسمع يا أبا الخطاب ما يقول مولاي الصادق ، فقال أبو الخطاب : نعم أنا كنت معه .
ثم رجع مولانا الصادق إلى حديثه فقال  : إن الحسين لما أحدقوا به طلب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فأجابوه لبيك ربنا ، فقال اعتلوا بي إلى الهواء ، فأعلى الحسين وغلامه جبريل ثم تلا قوله تعالى : ( لا يؤمنون به حتى يرو العذاب الأليم.) قال المفضل :  مولاي متى رأيت جبريل.؟  قال رأيته اليوم ، قال المفضل:  وأين .؟  فقال في منزلنا هذا ، قلت وفي أي وقت .؟ قال الصادق :  في ساعتك هذه ، أتحب أن يكلمك .؟  قلت إي والله ،  قال : يا أبا الخطاب :  أنت جبريل ، فقال أبا الخطاب :  والله أنا جبريل ،  وأنا والله من وجهني الحسين - منه السلام - إلى الملعون عمر بن سعد..... ثم أقبل رجلان لا أعرفهما ، فقال الصادق :  أتعرف هذين .؟  قلت : لا يا مولاي ، قال : هذان ميكائيل واسرافيل..... انتهى
- وجاء في الباب (الحادي والخمسون ) : قال المفضل :  سألت مولاي الصادق ، لماذا صار المؤمنون قليلين ، والكافرون كثيرين في هذه الدنيا ، قال الصادق : لأن المؤمن إذا صفا صعد إلى السماء وكان مع  الملائكة والائمة ( الذين )  يسكنون في السماء.؟
قلت لمولاي - منه السلام - هل السموات السبع  كلها واحدة ، أم قد يتفاضل بعضها على بعض ومن هم سكان كل سماء .؟  فقال أما السماء الأولى فهي مساكن الأئمة... إلى آخر ما حواه الكتاب من أساطير وخرافات .
ثانيا : كتاب المجموع : (  [380] )
و كتاب (  المجموع ) يتكون من ست عشرة سورة ، تتركز فيها المعتقدات النصيرية الأساس ، وقد نشره المستشرق رينيه دوسو ، ولهذا الكتاب صفة مقدسة عندهم فهم يقسمون عليه أول دخولهم في العقيدة ...وهو يعطي صورة واضحة عن عقائدهم ،  وفيما يلي محتوياته :
السورة الأولى واسمها ( الأول )
قد أفلح ، من أصبح ، بولاية الأجلح ، أستفتح بأني عبد استفتحت بأول إجابتي بحب قدس معنوية أمير النحل علي بن أبي طالب ، المكنى بحيدرة أبي تراب ، فيه استفتحت ، وفيه استنجحت ، وبذكره أفوز ، وفيه أنجو واليه ألجأ ، وفيه تباركت وفيه استعنت وفيه بدأت وفيه ختمت ، بصحة الدين واثبات اليقين . قال السيد أبو شعيب محمد بن نصير ليحيى بن معين السامري : يا يحيى إذا نزلت بك نزلة بالحياة ، ودهت بك داهية بالممات ، فادع دعوة عالية خالصة مخلصة تقية نقية بيضاء علوية ، طاهرة زكية مشعشعة نورانية تخلصك من هذه القمصان البشرية اللحمية الدموية ، وتلحقك بالهياكل النورانية فقل : فيك تباركت يا دليلا بدلته ، يا ظاهرا" بقدرته ، يا باطنا" بحكمته ، يا مجيبا" ذاته بذاته ، يا مخاطبا"اسمه بصفاته ، يا هو يا كل قديم يا أزلي لم تزل يا معلل العلل ، يا مفني حركات الدول ، يا غاية الغايات ، يا منهي النهايات ، يا عالما بأسرار الخفيات ، يا حاضر يا موجود ، يا ظاهر يا مقصود ، يا باطنا" بغير عمود ، يا من أنوارك منك تشرق وفيك تغرب ومنك بدت واليك تعود ، يا من جعل لكل نور ظهورا" ولكل ظهور اسما" ولكل اسم مكانا" ولكل مكان مقاما" ولكل مقام باب . يرشد الباب منه إليه ويدخل الباب منه إليه، وأنت يا أمير النحل يا علي بن أبي طالب الدليل عليه ، والكل أنت ، هو يا هو يا من لا يعلم من هو إلا هو ، وأسألك بمسائل السين سلكون سلكا"سلك سالك سلك بما سألك به السائلون وبمرشد المرشدين ، وبعلي زين الدين والعابدين ، أن تؤلف ما بين قلوبنا وقلوب إخواننا المؤمنين ، على البر والتقوى والتقويم والعلم والدين ، نذكر حضرتك الطاهرة ، وقدرتك الباهرة ، ورحمتك الشاملة والفرض اللازم والحق الواجب هي أسرار وتذكار ، وجلال وافتخار ، وعز وانتصار ، وطلعتك الزاهرة ، وقبابك الفاخرة ، وقبة العلي ، وتاج الهدى ، والدين القيم ، والصراط المستقيم ، ومن عرف باطنه وظاهره فاز ونجا والذي قد عرفنا به سيدنا سلسل سلمان يتلى وقد دلنا إليه وأرشدنا إليه شيخنا وسيدنا وتاج رؤوسنا وقدوة ديننا ، وقرة أعيننا ، السيد عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي قدس العلي روحه ، لأن مقامه مقام الصفا ومحله الصدق والوفاء ، بسم الله وبالله وسر السيد أبي عبد الله العارف معرفة الله سر تذكاره الصالح سره أسعده الله (انتهت ) .  
السورة الثانية واسمها ( تقديسة ابن الولي )
أحسن ما يرى النائم في منامه وهو يسمع الحسن ولم ير الشخص وهو ينادي ويقول : لبيك يا أمير النحل يا علي بن أبي طالب ، يا رغبة كل راغب ، يا قديم باللاهوت ، يا معدن الملكوت ، أنت الهنا باطنا" ، وإمامنا ظاهرا" ، يا من ظهرت فيما أبطنت ، وأبطنت فيما ظهرت ، وظهرت بالاستتار ، واستترت بالظهور ، وظهرت بالذاتية ، وتعاليت بالعلوية ، واحتجبت بالمحمدية ، ودعوت من نفسك إلى نفسك ، أنت يا أمير النحل يا علي أشرق نورك ، وأبزغ سفورك ، وسطع ضياؤك ، وتعظمت آلاؤك ، وجل ثناؤك ، بأن تأمنني من شر مسوخياتك لنا ولجميع إخواننا المؤمنين من شر الفسخ والنسخ والمسخ والوسخ والرسخ والقش والقشاش انك على ذلك قدير .سر الولي ابن الولي أبي الحسين محمد بن علي الجلي علينا من ذكره السلام سره الله (انتهت ) .
السورة الثالثة واسمها ( تقديسة أبي سعيد )
أسألك يا مالك الملك يا أمير النحل يا علي يا وهاب ، يا أزلي يا تواب ، يا داحي الباب ، أسألك بالخمسة المصطفية ، والستة التجلية ،وبالسبعة الكواكب الدرية ، وبالثمانية حمالة العرش القوية ، وبالتسعة المحمدية ، وبالعشرة  الدجاجات الذكية ، وبالأحد عشر مطالع البابية ، وبالاثني عشر سطرالامامية ، بحقهم عندك يا غاية الكلية ، يا أمير النحل يا صاحب الدولة العالية ، يا من أنت الأحد واسمك الواحد وبابك الوحدانية ، يا من ظهرت في السبع القباب الذاتية ، بأن تجعل قلوبنا وجوارحنا ثابتة على معرفتك الزكية ، وخلصنا من هذه الهياكل الناسوتية ، ولبسنا القمصان النورانية ، بين الكواكب السماوية ، نذكر حضرة شيخنا وسيدنا الأجل الأكبر الشاب التقي أبي سعيد الميمون بن قاسم الطبراني العارف معرفة الله المكثف عما حرم الذي أخذ حقه بيده من قفا أبي دهيبة ، وعلى أبي دهيبة لعنة الله وعلى أبي سعيد السلام ورحمة الله سر أبي سعيد الشاب التقي الحر الميمون بن قاسم الطبراني سره أسعده الله .
السورة الرابعة  واسمها ( النسبة )
أحسن توفيقي بالله وطريقي لله ، وأحسن سمعي وأسماعي من شيخي وسيدي ومرشدي المنعم الله علي كما أنعم عليه بمعرفة ع.م.س وهي بشهادة أن لا اله إلا علي بن أبي طالب الأصلع الأنزع المعبود ، ولا حجاب إلا السيد محمد المحمود ، ولاباب الاالسيد سلمان الفارسي المقصود ، وهذا ما سمعته من شيخي وسيدي ، وغايتي ومعتمدي ، ومهديني إلى طريق النجاة ، وموردني إلى ينبوع الحياة ، ومعتق رقبتي من رق العبودية ، بمعرفة كنه الذات العلية ، السيد الفاضل والطود العظيم عمي وشيخي وسيدي وتاج رأسي ووالدي الحقيقي أحمد ، وقد ألقى إلي هذا السر العظيم في سنة كذا وكذا من شهر كذا ويوم كذا منه ، وسمع أحمد من إبراهيم وسمع إبراهيم من قاسم وسمع قاسم من علي وسمع علي من أحمد وسمع أحمد من خضر وسمع خضر من سلمان وسمع سلمان من صبح وسمع صبح من يوسف وسمع يوسف من جبرائيل وسمع جبرائيل من معلى وسمع معلى من ياسين وسمع ياسين من عيسى وسمع عيسى من محمد وسمع محمد من هدا محمد وسمع هدا محمد من رضى أحمد وسمع رضى أحمد من صفندي وسمع صفندي من بلاذري أسد وسمع بلاذري أسد من حسان الرشيقي وسمع حسان الرشيقي من محمد وسمع محمد من مرهف مصر وسمع مرهف مصر من عقد جبرائيل وسمع عقد جبرائيل من عبد الله الجوغلي وسمع عبد الله الجوغلي من إسماعيل اللفاف وسمع إسماعيل اللفاف من جعفر الوراق وسمع جعفر الوراق من أحمد الطراز وسمع أحمد الطراز من أبي الحسين محمد بن علي الجلي وسمع أبو الحسين محمد بن علي الجلي من السيد أبي عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي وسمع السيد أبو عبد الله من شيخه وسيده أبي محمد عبد الله بن محمد الجنان الجنبلان العابد الزاهد الذي هو من بلد فارس وسمع عبد الله الجنان الجنبلان من محمد بن جندب وسمع محمد بن جندب من السيد أبي شعيب محمد بن نصير العبدي البكري النميري الذي هو باب الحسن الآخر العسكري منه السلام واليه التسليم ومن محمد بن نصير أقام النسب والدين ، وتعالى مولانا الحسن العسكري عما يقول الضالون ونطق الظالمون علوا كبيرا" سر الدين وسر أخوتنا الجليين أين ما كان منهم مكين بسرهم أسعدهم الله أجمعين وأشهد بأن الحسن الآخر العسكري هو الأول وهو الآخر وهو الباطن والظاهر وهو على كل شيء قدير .
 
السورة الخامسة واسمها ( الفتح )
 " إذا جاء نصرا لله والفتح ، ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا" ، فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا" " .أشهد بأن مولاي أمير النحل علي اخترع السيد محمد من نور ذاته ، وسماه ونفسه وعرشه وكرسيه وصفاته ، متصل به غير منفصل عنه ولا متصل به بحقيقة الاتصال ، ولا منفصل عنه في مباعدة الانفصال ، متصل به النور ، منفصل عنه بمشاهدة الظهور . فهو منه كحس النفس من النفس ، أو كشعاع الشمس من القرص ، أو كدوي الماء من الماء ، أو كالفتق من الرتق ، أو كلمح البرق من البرق ، أو كالنظرة من الناظر ، أو كالحركة من السكوت ، فإن شاء علي بن أبي طالب بالظهور أظهره ، وإن شاء بالمغيب غيبه تحت تلألؤ نوره ، وأشهد بأن السيد محمد خلق السيد سلمان من نوره وجعله بابه وحامل كتابه ، فهو سلسل وسلسبيل ، وهو جابر وجبرائيل ، وهو الهدى واليقين وهو بالحقيقة رب العالمين ، وأشهد بأن السيد سلمان خلق الخمسة الأيتام ، الكرام ، فأولهم اليتيم الأكبر ، والكوكب الأزهر ، والمسك الأدفر ، والياقوت الأحمر ، والزمرد الأخضر ، المقداد بن أسود الكندي وأبو الذر الغفاري وعبد الله بن رواحة الأنصاري وعثمان بن مظعون النجاشي وقنبر بن كادان الدوسي هم عبيد مولانا أمير المؤمنين لذكره الجلال والتعظيم ، وهم خلقوا هذا العالم من مشرق الشمس إلى مغربها وقبلتها وشمالها وبرها وبحرها وسهلها وجبلها ما حاطت الخضراء وحوت الغبرا ، من جابلقا ، إلى جابرصا ، إلى مراصد الأحقاف ، إلى جبل قاف ، إلى ما حاطت به قبة الفلك الأدوار إلى مدينة السيد محمد السامرة ، والتي اجتمع فيها المؤمنون واتفقوا على رأي السيد أبي عبد الله ولا يشكون ولا يشركون ولا في سر علي بن أبي طالب يبيحون ، ولا يخرقون له حجابا" ، ولا يدخلون إليه إلا من باب . اجعل المؤمنين مؤمنين ومطمئنين ومؤيدين مجبورين على أعدائهم وأعدائنا منصورين ، واجعلنا بجملتهم مؤمنين ومطمئنين ، مستورين مجبورين على أعدائنا وأعدائهم منصورين ، بسر الفتح ومن فتح الفتح ومن كان الفتح على يده اليمين بسر سيدنا محمد وفاطر والحسن والحسين ومحسن سر الخفي وأشخاص الصلاة وعدة العارفين علينا من ذكرهم السلام صلاة الله عليهم أجمعين .
السورة السادسة واسمها  ( السجود )
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لله السجود ، للرب العلي الأنزع المعبود ، يا سيدي يا محمد يا فاطر ، يا قاهر ، يا نور المعنى العظيم ، وحجابه الكريم ، بك استعنت ، أعني بهذا الدار وبك استجرت ، أجرني عذاب النار ، يا عزيز يا جبار ، يا قادر ، يا قاهر ، يا خالق الليل والنهار ،الله نور السموات والأرض وهو العلي الكبير ، إليه نقصد ونشير ، عز وجل للباب قصدت ، وللاسم سجدت ، وللمعنى عبدت و سجدت ، وسجد وجهي القاني البالي لوجه علي الحي الدائم الباقي ، يا علي يا كبير ، يا علي يا كبير ، يا علي يا كبير ،يا أكبر من كل كبير ،يا مخترع شمس الضحى وخالق البدر المنير ، يا علي لك العزة ،يا علي لك الوحدة ،يا علي لك الملك ، يا علي لك الكبرياء  ، يا علي لك الإشارة ، يا علي لك الطاعة ، يا علي لك الشفاعة ، يا علي لك الفطرة ،يا علي لك القدرة ، يا علي أنت صورة البقرة ، أمانك يا علي أمانك من سخطك وعذابك من بعد رضوانك ، آمنت بعجزك ومعجزك وجللت يا أمير عن العجز أن يقع بك ، آمنت وصدقت بباطنك وظاهرك ، وظاهرك أمامي ووصيه ،وباطنك معنوي لاهوت ، يا هو يا هو يامعزمن أعزك وذكرك وأفردك ، يا هو يا هو يا مذل من أذلك وأنكرك وجحدك ، يا حاضر يا موجود يا غيبا" لا يدرك يا أمير النحل يا علي يا عظيم.
السورة السابعة واسمها  (السلام)
سجدت وسلمت ووجهت وجهي لفاطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ، بدء السلام من المعنى القديم ، على الاسم العظيم ، وسلم الاسم العظيم ، على الباب الكريم ، وسلم الباب الكريم ، على الخمسة الأيتام أركان الدنيا والدين ، السلام على الأبواب ، السلام على الأيتام ، السلام على النقبا ، السلام على النجباء، السلام على المختصين ، السلام على المخلصين ، السلام على الممتحنين ، السلام على المقربين ، السلام على الكروبيين ، السلام على الروحانيين ،السلام على المقدسين ، السلام على المستمعين ، السلام على اللاحقين ، فهم أهل المراتب يتقدس عالم الصفاء أجمعين ، السلام على من اتبع الهدى ، واهتدى وخشي من عواقب الردى ، وأطاع الملك العلي الأعلى ، وأقر بربوبية محمد المصطفى ، السلام على المائة ألف نبي ، وأربعة وعشرين ألف نبي ، أولهم باب وآخرهم لاحق ، السلام عليكم يا عباد الله الصالحين جمع الله شملنا وشملكم في جنة النعيم بين الكواكب السمائيين
السورة الثامنة واسمها (الإشارة)
سبحان الله خضعت له الرقاب ، وذلت له الأمور الشداد والصعاب ، فقد ارتفع القصد الإشارة من السيد محمد المصطفى في يوم عيد الغدير خم للذي شرفه وفضله عند الله مقام عظيم ، أنا عبد المشيرين إليك يا أمير النحل يا علي يا عظيم بالتوحيد والتفريد والتنزيه والتجريد لك ، يا علي يا عظيم يا أزلي يا قديم يا بارئ يا حكيم أسألك بحق الدعوة التي دعاك بها السيد محمد وهو خارج من باب مكة، وراكب المطية البيضاء ، وهو ينادي ويقول :
الجهاد الجهاد ، الحراب الحراب في سبيل الله . وهذه إشارتي إليك يا نور النور ، يا فالق الصخور ، وزاجر البحور ، ومدبر الأمور ، بأن تسكن المؤمنين في جنتك العلياء التي رضوان خازنها ، ويفوز عبد رجاها ، فإذا بالنداء من قبل من العلا من جانب الطور الأيمن من الشجرة المباركة ينادي ويقول : يا حبيبي يا محمد أي عبد دعاني بهذه الدعوة بصفو قلبه وخالص يقينه نهار الخميس النصف من نيسان ، أو عشية الجمعة ، أو ليلة النصف من شعبان ، أو في خمس  الليل من شهر رمضان ،أو يوم القداس ، أو ليلة الميلاد ، أو يوم عيد الغدير إلا وجعلته من أمتي ، وسكنته جنتي ، وأسقيه بكأس رحمتي واجعله مع المؤمنين . الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون ، رفعت إشارتي بسر العين العلوية ، بسر الميم المحمدية ، بسر السين السلسلية ، بسر ع م س أولدعائنا نشير لمعنانا ونقول بسم الله الرحمن الرحيم وآخر دعائنا نشكر من هدانا ونقول الحق الحمد لله رب العالمين .
السورة التاسعة واسمها (العين العلوية )
بسر العين العلوية الذاتية الظاهرة الأنزعية ، بسر الميم المحمدية ، الهاشمية الملكوتية الحجابية القرصية النورانية ، بسر السين السلسلية الجبرائيلية السلمانية البابية البكرية النميرية النصيرية ، بسر ع م س .
السورة العاشرة واسمها ( العقد )
أشهد أن الله حق ، وقوله حق ، وأن الحق المبين ، علي بن أبي طالب الأنزع البطين ، والنار مثوى للكافرين ، والجنة روضة للمؤمنين ، والماء من تحت العرش يطوف وفوق العرش رب العالمين ، وحمالة العرش الثمانية الكرام ، الذين هم إليه مقربون ، عدتي في شدتي وعدة كافة المؤمنين ، سر عقد  ع م س .
السورة الحادية عشرة واسمها ( الشهادة ) والعامة تسميها ( الجبل )
شهد الله أنه لا اله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم ، إن الدين عند الله الإسلام ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ، شهادة ع م س ، أشهد علي أيها الحجاب العظيم ، أشهد علي أيها الباب الكريم ، أشهد علي يا سيدي المقداد اليمين ، أشهد علي يا سيدي أبو الذر الشمال. أشهد علي يا عبد الله ، أشهد علي يا عثمان ، أشهد علي يا قنبر بن كادان ، أشهد علي يا نقيب ، أشهد علي يا نجيب ، أشهد علي يا مختص ، أشهد علي يا مخلص ، أشهد علي يا ممتحن ، ويا مقرب ، ويا كروبي ، ويا روحاني ، ويا مقدس ، ويا سائح ، ويا مستمع ، ويا لاحق ، اشهدوا علي يا أهل المراتب ، ويا عالم الصفاء أجمعين ، أني أشهد بان ليس إلهاً إلا علي بن أبي طالب الأصلع المعبود ، ولا حجاب إلا السيد محمد المحمود ، ولا باب إلا السيد سلمان الفارسي المقصود ، وأكبر الملائكة الخمسة الأيتام ، ولا رأي إلا رأي شيخنا وسيدنا الحسين بن حمدان الخصيبي الذي شرع الأديان ، في سائر البلدان ، أشهد بأن الصور المرئية ، التي ظهرت في البشرية ، هي الغاية الكلية ، وهي الظاهرة بالنورانية ، وليس إله سواها وهي علي بن أبي طالب وانه لم يحط ولم يحصر ، ولم يدرك ولم يبصر ، أشهد بأني نصيري الدين جندبي الرأي ، جنبلاني الطريقة ، خصيبي المذهب ، جلي المقال ، ميموني الفقه ، وأقر بالرجعة البيضا ، والكرة الزهرا ، وفي كشف الغطا ، وجلاء العما، واظهار ما كتم ، وإعلان ما خفي ، وظهور علي بن أبي طالب من عين الشمس ، قابض على كل نفس ، الأسد من تحته ، وذو الفقار بيده ، والملائكة خلفه ، والسيد سلمان بين يديه ، والماء ينبع من بين قدميه ، والسيد محمد ينادي ويقول : هذا مولاكم علي بن أبي طالب فاعرفوه وسبحوه وعظموه وكبروه ، هذا خالقكم ورازقكم فلا تنكروه ، أشهدوا علي يا أسيادي ، أن هذا ديني واعتقادي ، وعليه اعتمادي ، وبه أحيا وعليه أموت ، وعلي بن أبي طالب حي لا يموت ، بيده القدرة والجبروت ، إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا، علينا من ذكرهم السلام.
السورة الثانية عشرة واسمها (الإمامة)
  إشهدن علي أيها النجوم الزاهرة ، والكواكب النائرة ، والأفلاك الدائرة ،بان هذه الصورة المرئية المعاينة الظاهرة ، هي علي بن أبي طالب القديم الأحد الفرد الصمد ، الذي لا يتجزأ ولا يتبعض ولا ينقسم ولا يدخل في عدد،فهو إلهي وإلهكم ، إمامي وإمامكم ، وإمامكم وإمامي إمام الأئمة ، وسراج الظلمة ، حيدرة أبو تراب الظاهر بالأصلع ، الباطن بالأنزع ، الظاهر من عين الشمس ، القابض على كل نفس ، الذي له ولعظم جلال هيبته ، ولكبرياء سني برق لاهوته ، أخضعت له الرقاب ،وذلت له الأمور الصعاب ، سر إله في السماء وهو إمام في الأرض ، سر إمام كل إمام ، سر علي بن أبي طالب قديم الزمان ، سر حجابه السيد محمد وبابه السيد سلمان ، باب الهدى والإيمان ، علينا من ذكرهم الرضى والسلام .
السورة الثالثة عشرة واسمها (المسافرة )
سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم ، وسر السيد أبي عبد الله ، سر الشيخ وأولاده المختصين ، الشاربين من بحر ع.م.س. فهم واحد وخمسون ، منهم سبعة عشر عراقي ، وسبعة عشر شامي ، وسبعة عشر مخفي ، وهم واقفون على باب مدينة حران يأخذون بالحق ، ويعطون بالحق ، ومن يتدين بديانتهم ويعبد عبادتهم وفقه الله إلى معرفته، ومن لا يتدين بديانتهم ولا يعبد عبادتهم فعليه لعنة الله ، بسر الشيخ وأولاده المختصين ، بسرهم أسعدهم الله أجمعين .
السورة الرابعة عشرة واسمها (البيت المعمور)
والطور، وكتاب مسطور، في رق منشور ، والبيت المعمور ، والسقف المرفوع ، والبحر المسجور،بسر طالب وعقيل وجعفر الطيار ، هم أخوة علي بن أبي طالب ، نور من نور ، وجوهر من جوهر ، وعلي بن أبي طالب منزه عن الأخوة والأخوات ، والآباء ،والأمهات ، أحدا أبدا موجود ، باطن بغير عمود ، سر فالبيت وسقف البيت وأرض البيت وأربع أركان البيت ، أما البيت فهو السيد محمد ، وسقف البيت أبو طالب ، وأرض البيت هم محمد وفاطر والحسن والحسين سر الزاوية الغامضة الخفية التي هي في نصف البيت هي محسن سر الخفي، سر صاحب البيت العلوي الشريف الهاشمي ، الذي هشم القرون وكسر الأصنام ، علينا من ذكره الرضا والسلام .
 
السورة الخامسة عشرة واسمها ( الحجابية )
سر الحجاب العظيم ، سر الباب الكريم ، سر سيدي المقداد اليمين ، سر سيدي أبي الذر الشمال ، سر الملكين الكريمين الطاهرين ، هما الحسن والحسين ، سر الوليين هما نوفل بن حارثة وأبو برزة ، سر الصفى وعالم الصفى ، سر كل كوكب في السماء ، سر قدس العلى وسكانه ، علينا من ذكرهم الرضى والسلام
السورة السادسة عشرة واسمها ( النقيبة )
فنقبوا في البلاد هل من محيص ، نذكر أسماء السادة النقباء الذين اختارهم السيد محمد من السبعين رجلاً في ليلة العقبة في وادي منى ، أولهم أبو الهيثم مالك بن التيهان الأشهلي ، والبراء بن معرور الأنصاري ، والمنذر بن لوذان بن كناس الساعدي ، ورافع بن مالك العجلاني ، والأسد بن الحصين الأشهلي ، وعباس بن عبادة الأنصاري ، وعبادة بن صامت النوفلي ، وعبد الله بن عمر بن حزام الأنصاري ، وسالم بن عمير الخزرجي ، وأبي بن كعب ، ورافع بن ورقة ، وبلال بن رباح السنوى سر نقيب النقباء ، ونجيب النجبا ، سيدنا محمد بن سنان الزاهري ، علينا من ذكرهم الرضى والسلام . 
 
 
 
ثالثا : كتاب  تعاليم النصيرية
نستطيع أن نجد خلاصة وافية لتعاليم النصيرية في كتيب صغير بعنوان : (كتاب تعليم ديانة النصيرية ) ومنه مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس (برقم ٦١٨٢ ) وقد حلله بالألمانية : القس الدكتور فولف- Wolf من روتفيل - Rottweil في ألمانيا ، بمقال له في ZDMG- ج ٣، سنة   ١٨٤٩م ، (ص ٣٠٢  ص ٣٠٩ .)
وهو على طريقة السؤال والجواب- Catéchisme  ، ويتألف  من ١٠١ سؤال ،  ونحن نورد فيما يلي خلاصة لهذه الأسئلة والإجابات عنها؛ وهي تتألف من قسمين:
قسم نظري، وقسم عملي؛ وهاك أسئلة القسم النظري وخلاصة الإجابات عنها:
١   من الذي َ خَلقنا؟
ج  - علي بن أبي طالب، أمير المؤمنين.
٢ -  من أين نعلم أن عليًا إله؟
ج- مما قاله هو عن نفسه في خطبة البيان وهو واقف على المنبر، إذ قال:
أنا سر الأسرار، أنا شجرة الأنوار، أنا دليل السموات، أنا أنيس المستجا ب... أنا سائق الدعوة،  أنا شاهد العهد أنا زاجر القواصف، أنا محرك  العواصف، أنا  مزن السحائب، أنا نور الغياهب... أنا حجة الحجج، أنا ميمن  الأمم... أنا سبب الأسباب... أنا مسدد الخلائق، أنا محقق الحقائق، أنا جوهر القدم، أنا مرتب الحكم... أنا الأول والآخر، أنا الباطن والظاهر... أنا جامع الآيات، أنا سريرة الخفيات، أنا ساجر البحر... أنا  مَفجر الأنها ر... أنا مؤول التأويل، أنا مفسر الإنجيل، أنا أم الكتاب، أنا فصل الخطاب، أنا  سراط الحمد، أنا أساس المجد... أنا ظهر الأظهار ، أنا مبيد الكفرة، أنا نور الأئمة البررة، أنا  المعلم الشامخ، أنا مفتاح الغيوب، أنا مصباح القلوب، أنا نور الأرواح ،... أنا كنز أسرارالنبوة........الخ .
 ٣ - من الذي دعانا إلى معرفة ربنا؟
ج - محمد، كما قال هو في خطبة ختمها بقوله : (إنه-  أي علي-  ربي وربكم  ) .
٤ -  إذا كان هو - أي علي-  الرب، فكيف تجانس مع المتجانسين؟ (أي اتخذ صورة إنسانية).
ج  -  إنه لم يتجانس، بل احتجب في محمد، في دور تحوله، واتخذ اسم علي.
٥- كم مرة تحول ربنا ليتجّلى في صورة إنسانية؟
ج - سبع مراتفقد احتجب:
أ-  في شخص آدم باسم هابيل .
ب-  وفي شخص نوح باسم شيث .
ج-  وفي شخص يعقوب باسم يوسف .
د -  وفي شخص موسى باسم يوشع .
هـ -  وفي شخص سليمان باسم آصف .
و-  وفي شخص عيسى باسم باطرة .
ز -  وفي شخص محمد باسم علي .
٦  - كيف احتجب هكذا ثم ظهر؟
ج  - هذا سر تحوله الذي لا يعلمه إ ّلا الله، كما قال هو...وهنا يورد الكاتب آيات من القرآن وعبارات من التوراة.
٧- هل سيظهر مرة أخرى؟
ج  نعم، كما هو بدون تحول، في مجده وجلاله .
٨  ما الظهور الإلهي؟
ج - هو ظهور الباري بواسطة الاحتجاب بالإنسانية وألطف غلاف في جوف غلاف .
٩ - وضح هذا أكثر .. !
ج -  لما دخل ( المعنى ) في ( الباب) احتجب ( بالاسم ) واتخذه لنفسه، كما قال مولانا جعفر الصادق.
 ١٠- لكن ما ( المعنى ) ،  وما ( الاسم )  وما (  الباب ») ..؟
ج- هؤلاء الثلاثة لا ينفصلون، كما في قولنا: باسم الله، الرحمن، الرحيمفالله هو
(  المعنى ) ، والرحمن هو ( الاسم ) ،  والرحيم هو (الباب ) .
11- كيف خلق المعنى الاسم، وكيف خلق الاسم الباب؟
ج- ماهية الماهيات خلقت الاسم من نور وحدتها.
١٢- هل يمكن فصل المعنى والباب عن الاسم؟
ج- كلا، لا يمكن فصلهما عنه.
( الباب ) وكيف نميز بينهما ..؟ و و ( الاسم )  الاسم ) (المعنى -  ما أسماء  ١٣
ج  - هذه الأسماء ثلاثة: مثلية، وذاتية وصفاتيةفالمثلية خاصة ( بالمعنى ) ، والذاتية خاصة ( بالاسم )
والصفاتية هي التي استخدمها ( الاسم ) ؛ ولكنها في الواقع تنتسب إلى( المعنى ) ،  مثلا حينما نقول: الرحيم، الباري، الغفور.
١٤- ما هي أسماء (الاسم ) الثلاثة والستون، الدالة على ( المعنى ) أي تلك  التي استخدمها الله للظهور في أشخاص الأنبياء والرسل..؟
ج- آدم، اخنوخ، كنان، إدريس، نوح، هود، لقمان، لوط، إبرهيم...وآخرها: الإمام محمد بن الحسن الحجي.
١٥ -  ما هي الأسماء الخاصة بـ ( الاسم ) .. ؟  ولكنها في الحق تنتسب إلى ( المعنى ) .؟
ج- الله، الرحمن، النور...... الخ ( ويذكر ٤٠ اسمًا) .
١٦ -  ما هي الأسماء السرية  ( للاسم ) .؟
ج –  أ)-  أوائل بعض السور، مثل ألم  (سورة ٢)، كهيعص (سورة ١٩ )، حم، طسم،..الخ.
ب  - في التوراة: ماد ماد .؟ ( سفر التكوين إصحاح ١٧ آية ٢) .
ج-   في الإنجيل: الفارقليط.
  د-  في الزبور: المخلِّص .
  هـ-   في القرآن: محمد .
١٧ -  ما هي الأسماء الشخصية  للاسم  .؟
ج- آدم، يعقوب، موسى، هارون، سليمان، عيسى، محمد بن عبد الله رسول الله، محمد بن الحسن .
١٨- ما هي أسماء ( الاسم ) المجردة. ؟
ج- الإرادة، العلم، القدرة...... الخ.
١٩ -  ما أسماء ( الاسم )  في دور إبراهيم؟
٢٠- ما أسماء ( الاسم ) في دور موسى؟
٢١- ما أسماء( الاسم ) في دور محمد؟
٢٢ -  ما أسماء ( الباب ) .؟
٢٣- ما أسماء أشخاص ( الباب )  في كتب الموحدين؟
ج- يذكر 55 اسمًا منها: العرش، الماء، السماء، الباب..... الخ.
٢٤- وما أسماؤها في المقامات الروحية؟
ج  جبريل، ميكائيل..... الخ في المقام الأول .
٢٥- وما أسماؤها في المقام الثاني؟
ج- يائيل بن فاتن وأيتامه.
٢٦- وفي المقام الثالث؟
ج- حام بن كوش  .
٢٧ -  وفي المقام الرابع؟
ج- دان بن اصباووت.
٢٨- وفي المقام الخامس؟
ج- عبد الله بن سمعان .
٢٩- وفي المقام السادس؟
ج- روزبه بن المرزبان.
٣٠- وفي الأدوار الفارسية؟
ج- هنا يورد عدة أسماء فارسية.
٣١-  بماذا  سمي (  الباب  ) أيضًا؟
ج  -  النفس التامة، روح القدس، جبريل...ز الخ
٣٢  - ما أسماء ( الباب )  وأيتامه في المطالع الأحد عشر، الذين من الله علينا بمعرفتها؟
ج- في المطلع الأول: سيدنا سلمان، وأيتامه هم : (  وهنا يورد أسماء مختلفة).
٣٣- وفي المطلع الثاني؟
ج- أبو عبد الرحمن.
٣٤- وفي المطلع الثالث؟
ج- أبو الأعلى.
٣٥ -  وفي الرابع؟
ج- أبو خالد.
٣٦ -  وفي الخامس؟
ج- يحيى بن معمر.
٧  - وفي السادس؟
ج  أبو محمد جابر..؟.
٣٨ -  وفي السابع؟
ج  أبو إسماعيل محمد.؟.
٣٩- وفي الثامن؟
ج -  أبو إسماعيل محمد.؟
٤٠- وفي التاسع؟
ج- أبو جعفر محمد.؟
٤١- وفي العاشر.
ج- أبو القاسم.؟.
٤٢- وفي الحادي عشر؟
ج  خطيب محمد..؟
٤٣- ما أسماء مولانا أمير المؤمنين في مختلف اللغات؟
ج  - سماه العرب باسم (علي )وهو نفسه سمى نفسه أرسطوطاليس؛
 وفي الإنجيل اسمه ايليا (الياس) ،  ومعناه علي؛ الهنود يسمونه ابن كنكره...... الخ.
٤٤- ما هي أسماء مولانا الأخرى وما معناها؟
ج- الهيولى، الناموس، الإيمان، الخاتم... الخ.
٤٥- ما اسم أ م مولانا في الظاهر؟
ج- فاطمة.
٤٦ -  ما أسماء إخوته؟
ج  - حمزة، طالب، الخ
٤٧ -  ما أسماء أولاد مولانا من حيث هو إنسان؟
ج-  الحسن، والحسين؛ وبناته: زينب، وأم كلثوم.
٤٨- وأين قبره؟
ج  - بالركوة البيض غربي الكوفة ..
 ٤٩  - ما الأسماء التي انفرد بها؟
ج- الكلمة، الأزلي.... الخ(وهنا يورد ٢٩ اسمًا)
٥٠-  لماذا نسمي مولانا باسم ( أمير النحل ).؟
ج- لأن المؤمنين الصادقين هم مثل النحل الذين يشتارون من أحسن الأزهار؛ ولهذا  سمي أمير النحل.
٥١- ما الاسم الذي سمته به الكائنات التي سكنت العالم قبل الإنسان؟
ج  - ( الهو  ) .
٥٢ -  ما أسماء الأرواح التي كانت تسكن العالم قبل الإنسان.؟
ج -   هم الجن، والبن، والطم، والرم، والجان .
٥٣  -  كم عدد العوالم؟
ج -  كثيرة، لا يعلمها إ ّ لا الله ، ومنها عوالم كبيرة نورانية، وأخرى  صغيرة أرضية هي مساكن بني الإنسان..
٥٤  ما هو العالم الكبير؟
ج  السماء، التي هي نور الأنوار .
٥٥  وما العالم الصغير؟
ج  الأرض.
٥٦  ماذا يحتوي عليه العالم الكبير؟
ج -  الأبواب، والأيتام، والنحباء، والنقباء، والمختصين، والمخلصين، والممتحنين
٥٧ - ما أسماء المراتب السبع؟
ج- أسماء المرتبة الأولى، وتحتوي على ٤٠٠ باب، هي: الأسماء، الأنوار،السحاب، الشموس، الخ.
٥٨- وما المرتبة الثانية؟
ج  - الأيتام الخمسمائة، ولهم سبع درجات، مثل: النجوم، الشُّهب، الرعد، الخ.
٥٩- وما المرتبة الثالثة؟
ج  هي مرتبة النقباء وعددهم ٦٠٠ ، ولهم سبع درجات: الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، الجهاد، الدعاء، التواضع.
٦٠  - ما هي المرتبة الرابعة؟
ج- هي مرتبة النجباء، وعددهم ٧٠٠ ، ولهم سبع درجات، مثل: الجبال، البحار،  السحاب، الخ.
٦١- وما المرتبة الخامسة؟
ج  هي مرتبة المختصين، وعددهم ٨٠٠ ، ولهم سبع درجات، مثل: الليل، النهار، الصبح.
٦٢- وما المرتبة السادسة؟
ج  - هي مرتبة المخّلصين، وعددهم ٩٠٠ ، ولهم سبع درجات، مثل: الإبل، النحل، الطيور.
٦٣- وما المرتبة السابعة؟
ج  - هي مرتبة الممتحنين؛ وعد دهم ١١٠٠ ، ولهم سبع درجات مثل: البيوت، الهياكل، الكرومومجموع هذه
   الدرجات كلها ٤٩.
٦٤- ما هي أسماء هذه المراتب السبع قبل ظهورها في العالم  الأرضي، لما كانت في العالم النوراني؟
ج  - كانت لها في السماء أسماء أخرى.
٦٥  - ماذا يحتوي العالم الأرضي الإنساني؟
ج- يحتوي على: 14000 مقربين  ، 15000كروبيين ،  16000أرواح  ، 17000 أولياء ،
  18000 متوحدين، 19000مستمعين ، 20000 تابعين . المجموع : 119000.
٦٦ -  ما أسماء النجباء في العالم الصغير الأرضي؟
ج-  يورد ٢٥ اسمًا، أولها أبو أيوب، وآخرها عبد الله بن سبأ..؟!
٦٧- ما أسماء النجباء في عالم النور؟
ج  - الأسد، العذراء، الميزان، السرطان، الثور، الخ ( ٢٧ اسمًا).
٦٨- لماذا كان لكل نجيب من النجباء اسمان: أحدهما في العالم الأرضي، والآخر في عالم النور؟
ج- الجواب أن الحال هكذا.
٦٩  - ما أسماء المتنبئين وعددهم؟
ج- سبعة عشر، وأولهم ابن الحارثي، وآخرهم عمر بن الحمق
  70 -  ما أسماء الأيتام الخمسة والعشرون؟
ج  -  يورد أسماءهم.
٧١- كم عدد كتب الموحدين؟
ج- ١١٤ كتابًا.
٧٢-  ما القرآن؟
ج  -  هو المبشِّر بظهور مولانا في صورة بشرية.
٧٣  -  من الذي عّلم محمدًا القرآن؟
ج  - مولانا، الذي هو  (المعنى ) على لسان جبريل .
٧٤ - ما علامة إخواننا المؤمنين الصادقين؟
ج- ع م س .  و ( ع تدل على علي )  و( م على محمد) ، و( س على  سلْسل) . .
٧٥  - هل صحيح أن المسيح  صلِب كما يدعي النصارى؟
ج - كلا، لقد ُ شبه ذلك لليهود.
٧٦  - ما الُقداس .؟
ج -  تقديس الخمر، التي تشرب على صحة النقباء أو النجباء.
٧٧-  ما القربان  .؟
ج- تقديس الخبز، الذي يتخذه المؤمنون الصادقون ذكرى لأرواح إخوانهم، ومن أجلهم يقرأون القداس.
٧٨  - من الذي يقرأ القداس، ويقرب القربان؟
ج- الأئمة والخطباء الكبار.
٧٩- ما سر الله الأعظم؟
ج - هو سر الجسد والدم، الذي قال عنه يسوع وهذا جسدي وهذا دمي؛ فكلوا منهما، تظفروا بالحياة الدائمة . (إنجيل متى : 26: 26-27 . مرقص : 14: 22-25 .لوقا : 22 :: ١٩  ٢٠ ؛ وقارن يوحنا ١٠ :٢٨)
٨٠- إلى أين تذهب أرواح إخواننا المؤمنين الصادقين حين تبعث من قبورها؟
ج- إلى عالم النور الكبير.
٨١- وماذا سيحدث للكفار والمشركين؟
ج- سيصلون كل أنواع العذاب أبدًا.
٨٢- ما سر إيمان الموحدين، الذي هو سر الأسرار وأساس العقائد التي يؤمن بها المؤمنون الصادقون؟
ج- احتجاب مولانا بالنور، أي في عين الشمس، وظهوره في عبده عبد النور.؟!
٨٣- ماذا يحدث لمن يشك في هذا السر، بعد أن يعرفه؟
ج- يُطرد...
٨٤- ما هي الواجبات التي ينبغي على المؤمن الوفاء بها حينما يتلقى سر الأسرار؟
ج  - عليه قبل كل شيء أن يساعد إخوانه بكل ما يملك من وسائل، وأن يعطيهم  خمس أمواله، وأن يصلي في الأوقات المحددة، وأن يؤدي الفروض، وأن يعطي كلّ ذي حق  حقه، وأن يطيع مولاه، ويتوجه إليه بالدعا ء، والشكر، وأن يذكر أسماءه، وأن يسلِم إليه أمره في كل شيء، وأن يمتنع عن فعل ما يسخطه.
٨٥-  وما هو الأمر الثاني الذي على المؤمن أن يمتنع منه؟
ج-  إهانة إخوانه أو إيذاؤهم.
٨٦-  هل يحق للمؤمن أن يبوح لإنسان آخر بسر الأسرار؟
ج-  لا يبوح به إ ّلا لإخوانه في الدين؛ وإ ّلا باء بسخط الله.
٨٧ -   ما هو القداس الأول؟
ج  - هو الذي يقام قبل دعاء النوروز.
٨٨- وما دعاء النوروز؟
ج- تقديس الخمر في الكأس.
٨٩- اتْلُ هذا الدعاء .. !
ج -  يذكر الدعاء، ومما ورد فيه ما معناه : اشرب هذا الخمر الصافي، فذات يوم ستغطى أنوارها بالغيوم الكثيفة
٩٠- ما اسم الخمر المقدس الذي يشربه المؤمنون؟
ج  - عبد النور.
٩١-  لماذا؟
ج-  لأن الله ظهر فيها؟
٩٢  ما سر الله المكنون، الكائن بين الكاف والنون؟
ج- هو النور، كما قال ليكن نور؛ فكان نور .  
٩٣  - وما النور؟
ج  - هو المعنى الباقي المحتجب بالنور.
٩٤- إذا احتجب مولانا بالنور، فأين يظهر؟
ج- في الخمر، كما قيل في النوروز.
٩٥- لماذا يوّلي المؤمن وجهه في الصلاة قِبل الشمس؟
ج-  اعلم أن الشمس نور الأنوار.
٩٦- لماذا نقول إن مولانا ذو أدوار وأكوار؟
ج- لأنه هكذا يظهر في كل الأدوار والأكوار من آدم حتى أبي طالب.
٩٧- ما معنى الكلمة الظاهرة والكلمة الباطنة؟
ج- الباطنة هي ألوهية مولانا؛ والظاهرة هي قدرتهفظاهرًا نقول عنه :  مولانا علي بن أبي طالب؛
ويعني هذا باطنًا  ( المعنى ) و ( الاسم ) و ( الباب ) الله الغفور الرحيم .
٩٨  -  مَن مِن شيوخنا نشر الدعوة في كل البلاد؟
ج  - أبو عبد الله الحسين بن حمدان.
  ٩٩- لماذا نسمى نحن باسم   الخصيبية  .؟
ج  - لأننا نتبع تعاليم شيخنا أبي عبد الله بن حمدان الخصيبي.
١٠٠-  خبرنا ما هي أسماء أشخاص الصلاة، وساعاتها المفروضة والنوافل؟
ج- أول وقت للصلاة المفروضة هو الظهر، وصلاة الظهر تتألف من ٨ ركعات،
والوقت الثاني هو العصر، وتتألف من ٤ ركعات؛ والثالثة صلاة المغرب، وتتألف من ٥
ركعات؛ والرابعة صلاة العشاء، وتتألف من ٤ ركعات؛ والخامسة صلاة الفجر، وتتألف من
ركعتين، وبين كل صلاتين مفروضتين توجد النوافل. ( [381] )
 
 
رابعا :   كتاب مجموع الأعياد... للطبراني:
مجموع الأعياد والدلالات والأخبار المبهرات وما فيها من الدلائل والعلامات، جلّ مظهرها عن الآباء والأ مهات والإخوة والأخوات  ،  تأليف الشيخ الأجل الأجمل، معدن الجود والتوحيد، والفضل والتأييد ،  الشاب الثقة أبو سعيد يموت بن القاسم الطبراني، قدس الله روحه، ونور ضريحه.
وأول من نبه إليه من بين الباحثين الأوربيين المحدثين كتافاجو Catafago ، الكاتب في قنصلية بروسيا العامة في سوريا  ، في رسالة بعث بها إلى فلدنبروخ - De Wildenbruch ، وُنشرت في المجلة الآسيوية-  Journal Asiatique ، بتاريخ فبراير سنة ١٨٤٨ ص ١٤٩  - ١٦٨ ، مع ترجمة فرنسية لبعض فصوله .
 ورسالة بتاريخ ٦ يوليو سنة ١٨٤٧م .
وعناوين فصول هذا الكتاب هي:
١- أخبار شهر رمضان، وما ورد فيه عن الموالي، منهم السلام .
٢- دعاء شهر رمضان
٣- ذكر عيد الفطر
٤  - خطبة عيد الفطر
٥- دعاء عيد الفطر
٦- ذكر عيد الأضحى
٧  - دعاء عيد الأضحى
٨- شرح الأسماء السبعين الذين لا ينجيون (!)، ونعت نعوتهم وأجناسهم وصنائعهم
وما كشفه العالم، منه السلام، من آياته، حديث أبو علي البصري بشيراز في
منزله ٧٢٣ للهجرة.
٩- خطبة عيد الأضحى .
١٠- أخبار يوم الغدير وشرفه.
١١  - القصيدة الغديرية لسيدنا أبو عبد الله الخصيبي، شعر، بيت ٦٩
١٢- دعاء .
١٣- خطبة يوم الغدير .
١٤- خطبة ثانية ليوم الغدير.
١٥- ومن أخبار الغدير، خطبة خطبها أمير المؤمنين، منه الرحمة .
١٦  - خطبة يوم الغدير التي خطبها مولانا أمير المؤمنين .
١٧  - خبر القهرى .
١٨- ذكر عيد المباهلة .
١٩- باب التجليات .
٢٠- ذكر حرف اللام، أعني التجلي .
٢١- دعاء عيد المباهلة .
٢٢- ويتلوه دعاء ثانٍ .
٢٣- ذكر عيد الفِراش .
- 24قصيدة عيد الفراش .
٢٥ -  دعاء عيد الفِراش.
٢٦ -  ذكر عيد يوم عاشوراء .
٢٧- في معرفة يوم كربلاء، وما رواه رجال التوحيد، ويتلوه قصائد لأبي عبد الله الخصيبي .
٢٨- ما قيل في الغيبة والظهور .
٢٩  - خبر الطفوف .
٣٠- زيارة يوم عاشوراء .
٣١- زيارة أخرى .
٣٢ -  مقتل دُلام، لعنه الله .
٣٣-  دعاء مقتل دلام  ، ( ويرمزون به لسيدنا عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - ) .
٣٤  - ذكر ليلة نصف شعبان، وهي آخر السنة الخصيبية .
٣٥  - خبر النقيب محمد بن سنان .
٣٦  - الزيارة الأولى المعروفة بالنميرية .
٣٧- الزيارة الثانية .
٣٨ -  الزيارة الثالثة .
٣٩- دعاء ليلة نصف شعبان .
٤٠  - خبر ظلال وبال، لعنهما الله تعالى .
٤١- أخبار نصف شعبان.
٤٢ -  دعاء ليلة نصف شعبان.
٤٣- ذكر ليلة الميلاد، وما فيها من الفضل بالإسناد، وهي الليلة الرابعة والعشرون من كانون الأول، وهي آخر السنة الرومية، لأن السيد المسيح  منه السلا م ، أظهر الولادة في هذه الليلة من السيدة العذراء مريم بنت عمران الطاهرة  الزكية . ؟؟
٤٤- دعاء ليلة الميلاد.
٤٥  يوم السابع عشر من آذار، مما استخرج من كتاب الأكوار والأدوار النورانية .
٤٦- دعاء اليوم السابع عشر من آذار
٤٧- ذكر يوم النوروز، وهو رابع نيسان، وأول السنة الفارسية
٤٨  - خبر الإكليل .
٤٩- خبر في باطن النوروز .
٥٠- خبر في باطن النوروز .
٥١- خبر النوروز وما يعمل به من البر والصدقة
٥٢  - خبر المهرجان والنوروز .
٥٣  - دعاء الشمس .
٥٤- دعاء النوروز .
٥٥- خطبة يوم النوروز.
٥٦- دعاء المهرجان .
٥٧- دعاء ثانٍ للمهرجان  وهذا الكتاب نشره اشتروطمن-  ، Strothmann
في هامبورج سنة ١٩٤٣ - سنة ١٩٤٦ في ثلاث كراسات.
وإذا نظرنا في عيد الميلاد وعيد النيروز، والأول نصراني، والثاني إيراني، لوجدنا
أن احتفال النصيرية بهما يخالف المعنى المقصود من كليهما عند أهلهما: فبالنسبة إلى عيد الميلاد يذكر الكتاب أنه في الليلة الرابعة والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر)،  وأنه في هذه الليلة ظهرت ولادة عيسى - عليه السلام - من السيدة العذ راء مريم  بنت عمران التي ذكرها الله  تعالى في كتابة العزيز فقا ل : ( ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه، وكانت من القانتين) .(سورة التحريم، آية ١٢)
ولكن مريم- هكذا يقول الطبراني صاحب هذا الكتاب- ليست إ لا آمنة بنت وهب،
أم سيدنا محمدوكثير من أهل ملتنا يقولون إنها هي فاطمة- عليها السلا م - !، ويستندون في ذلك إلى قول سيدنا محمد لها حين دخلت عليه: أدخلي يا أم أبيك، أو في رواية أخرى مرحبا بك يا أم أبيكولم يقل النبي هذا القول إ ّلا ليشير إلى أنها أم الحاآت الثلاثة: الحسن، الحسين، المحسنأ ما أم سيدنا محمد فهي آمنة بنت وهب، التي باسم مريم ولدت عيسى كما ظهر سيدنا محمد بولادته من أ مه آمنة بنت وهب .
ويسوق الدليل على هذا مما رواه له شيخه الفاضل أبو الحسين محمد بن علي الجلي  حين سأله في ذلك فقال:  إن مريم بنت عمران هي بعينها آمنة بنت وهب بالنسبة إلى سيدنا محمد، وإن الله تعالى أشار إلى ذلك في كتابه العزيز فقا ل : (واذكر في الكتاب مريم إذ  انتبذت من أهلها مكانًا شرقيا فاتخذت مِن دونهم حجابًا فأرسلنا إليها روحنا فتمّثل لها بشراً سويا قالت: إني أعوذ بالرحمن منك إ ن كنت تقيا قا ل: إنما أنا رسولُ  ربك لأهب لك
غلامًا زكيا قالت: أّنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك  هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة مّنا وكان أمرًا مقضيا فحملته فانتبذت به مكانًا  قصيا فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة؛ قالت: يا ليتني متُّ قبل هذا وكنت َنسيًا منسيًا * فناداها مِن تحتها ألا تحزني، قد جعل ربك تحتك سريا وهزي إليك بجذع النخلة  ُتساقِط  عليك  رطبًا جنيا فكلي واشربي وقري عينًا، فإما ترين  من البشر أحدًا فقولي إني نذرت للرحمن صومًا فلن أُكلم اليوم إنسيا فأتت به قومها تحمله؛ قالوا: يا مريم، لقد جِئْت شيئًا فريا يا أخت هارون ما كان أبوك امرء  سوءٍ وما كانت أمك بغيا فأشارت إليه؛ قالو ا: كيف نكلم  من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا ) (سورة مريم ١٦  ٣٠  ) .
ثم يورد أبياتًا قالها الخصيبي في مريمويقول إنه لما كان سيدنا عيسى - عليه السلام – قد تكّلم في هذه الليلة وظهر، فإن هذه الليلة صارت مباركة، ومن واجب المؤمنين إذن الاحتفال بهذه الليلة المباركة .  ومن واجب المؤمنين إذن الاحتفال بهذه الليلة كما تستحق، وذلك  بتلاوة الأدعية الموجهة إلى الله تعالىثم يورد الدعاء الذي ينبغي تلاوته في هذه المناسبة.[382])
 
 
  خامسا : كتاب المشيخة
كما تحدث كتفاجو Catafago ؛ عن كتاب آخر من كتب النصيرية، هوكتاب ( المشيخة ) وذلك في عدد يوليو سنة ١٨٤٨ من (المجلة الآسيوية  )  JA (  ص ٧٢-  ٧٨ )  ، وذكر أنه يتألف من ٣٤ فصلا، هذه عنواناتها:
١ -  ( فصل شاهد من القرآن )  وفيه يورد المؤلف عدد ًا من الآيات القرآنية التي يريد أن يستدلّ منها على ألوهية علي بن أبي طالب، ويبدو من دعاءٍ ورد بعده أن مشايخ النصيرية . يقرأون هذا الفصل حين يحتفلون( بتقديس الأكل والشراب  )، أو (  القداس )  .
  ٢-  ( فصل المذاكرة )  وفيه يبين المؤلف أن على المؤمن أن يعتقد أن الله حاضر باستمرار معه.
٣ – ( دعاء المراتب ).
٤  -  ( دعاء السبع مراتب (في) العالم الكبير النورانيوالعالم الصغير البشري  ) .
٥- ( دعاء السبعة عشرة متنبئًا  )  .
٦-  (  دعاء النجباء الثمانية والعشرين في البشرية والنورانية ) .
٧ - دعاء أسماء سياقة باب الله العظيم الجليل الكبير المنير المتطوق بالنور .  
٨ - دعاء أسماء الخمسة وعشرين يتيمًا.
٩-  دعاء أسماء أشخاص الباب من كتب أهل التوحيد .
١٠-   دعاء أسماء أشخاص الباب وأيتامه في الستة مقامات الروحانية  .
١١-   دعاء أسماء أشخاص الباب في القبات البهمنية  .
١٢- دعاء أسماء الباب وأيتامه في الأحد عشر مطلعًا  .  ١٣-   دعاء أسماء الاسم في اصطلاح اللغة  . ١٤  - دعاء أسماء الاسم في التسعة الذاتية  .
١٥- دعاء أسماء الاسم في الأصلية  . ١٦  - دعاء أسماء الاسم في القبة الإبراهيمية  .
١٧ - دعاء أسماء الاسم في القبة الموساوية  . ١٨-  دعاء أسماء الاسم في القبة المحمدية. ...  إلى أن يقول :
٢٣- في أسماء مولانا أمير المؤمنين من  صحف شيث وإدريس ونوح وإبراهيم  بالسرياني، مما روى السيد أبو سعيد في كتاب (الرد على المرتد  ) ، وعن الشيخ أبي عبد الله الحسين  ابن حمدان الخصيبي عن رجاله في كتاب (الهداية) يرفع الإسناد للمولى الحسن العسكري . ( [383] )
سادسا : كتاب الهداية – للخصيبي
 الحسين بن علي بن الحسين بن حمدان: المولود سنة 260 ه‍
وهذا الكتاب يشتمل على أسماء رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-  وأسماء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه -  ، في السرياني ، والعبراني ، والعربي،  وجميع اللغات المختلفة.؟ وأسماء فاطمة الزهراء ، وعلى الأئمة الحسن والحسين ابنا علي ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، ومحمد بن الحسن ،: المهدي ، والغائب ، والمنتظر ،وأسمائهم وكناهم ، والخاص والعام منهم ، وأسماء أُمهاتهم ، ومواليدهم ، وأولادهم ، ودلائلهم ، وبراهينهم في الأوقات ، ووفراً من كلامهم وشاهدهم ، وأبوابهم ، والدلالة من كتاب الله عزّ وجل والأخبار المروية المأثورة بالأسانيد الصحيحة ، وفضل شيعتهم  ... ثم تحدث عن المتعة فقال :  (  تمتع سائر المسلمين في عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- في الحج وغيره ، وأ يام أبي بكر،  وأربع سنين من أيام عمر ، حتى دخل على أخته عفراء ،  فوجد في حجرها طفلا ترضعه من ثديها ، فقال : يا أختي ما هذا .؟  فقالت له :  ابني من أحشائي ، ولم تكن متبعلة،  فقال لها : من أين ذلك..؟  فقالت: تمتعت ،  فكشفت عن ثديها ، فنظر إلى درة اللبن في في( أي : فمه )  الطفل ، فاغتضب ، فكشف عن ثديها وأرعد،  واربَدَّ لونه ، وأخذ الطفل على يده مغضبا وخرج ، ومشى حتى أتى المسجد ، فرقي المنبر وقال :  نادوا في الناس في غير وقت الصلاة ، فعلم المسلمون أن ذلك لأمر يريده عمر فحضروا ، فقال : معاشر الناس من المهاجرين والأنصار،  وأولاد قحطان ،  من منكم يحب أن يرى المحرمات من النساء كهذا الطفل قد خرج من بطن أمه ، وسقته لبنها وهي غير متبعلة فقال بعض القوم : ما يحب هذا يا أمير المؤمنين، فقال: ألستم تعلمون أن أختي عفراء من حنتمة أمي وأبي الخطاب أنها غير متبعلة ، قالوا: بلى يا أمير المؤمنين قال: فإني دخلت الساعة فوجدت هذا الطفل في حجرها ، فناشدتها من أين لك هذا ..؟ قالت : ابني من أحشائي ،  ورأيت در اللبن من ثديها فقلت: من أين لك هذا ..؟ فقالت :  تمتعت..  فاعلموا معاشر الناس أن هذه المتعة كانت حلالا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله-  وبَعدَه ، وقد رأيت تحريمها ..؟!!  فمن أتاها ضربت جنبيه بالسوط ..ولم يكن في القوم منكر لقوله ولا راد عليه ،  ولا قائل :  أي رسول بعد رسول الله ، وأي كتاب بعد كتاب الله عز وجل ،  ولا يُقبل خلافك على الله ورسوله وكتابه،  بل سلموا ورضوا. قال المفضل: يا مولاي فما شرائطها ؟ قال: يا مفضل سبعون شرطا ، من خالف منها شرطا واحدا ظلم نفسه ... ثم أخذ يعددها ..... إلى أن ذكر قول أمير المؤمنين- حسب زعمه - : (  لعن الله ابن الخطاب فلولاه ما زنى إلا شقي أو شقية لأنه كان يكون للمسلمين غنى في عمل المتعة عن الزنى ) ..؟!!  ثم قال : قال المفضل يا مولاي فإن عبد الله بن الزبير ، سب عبد الله بن العباس سباً كان فيه قوله : أما ترون رجلا قد أعمى الله قلبه ،  كما أعمى عينه ، ويفتي في المتعة ويقول إنها حلال،  فسمعه عبد الله بن العباس ،  قال لقائده :  قف بي على الجماعة التي فيها عبد الله بن الزبير،  فأوقفه وقال له: يا ابن الزبير ،  سل أسماء بنت أبي بكر فإنها تنبئك أن أباك (عوسجة الأسدي ) استمتع بها ببردتين يمانيتين فحملت بك ، فأنت أول مولود في الإسلام من المتعة .......... فقال الصادق -عليه السلام- : والله يا مفضل ،  لقد صدق عبد الله بن العباس في قوله لعبد الله بن الزبير. .....) ( [384] )
إلى آخر ما هنالك من أقوال  لا العلم بها ينفع ، ولا الجهل بها يضر.

بين النصيريين والدروز

يتفق النصيريون والدروز في شيء من عقائدهم ، ويختلفون في أشياء كثيرة. فمن الأمور التي يتفقون فيها.. أن عقيدة كل من الطائفتين باطنية مغالية، ولا يُطلِعون أحداً على أسرار مذهبهم وكتبهم السرية.. ولا يسمحون لأحد بالدخول في مذهبهم أو الخروج منه.. ولا يأخذون بظاهر الألفاظ ، إنما يؤولونها إلى معاني لا تحتملها هذه الألفاظ.. فلا بعث ولا حساب ولا عقاب ولا جنة ولا نار عند الطائفتين بالمعنى الذي يفهمه المسلمون. "فيوم الحساب في العقيدة الدرزية ليس يوم قيامة.. لأن الأرواح لا تموت لتُبعث، ولا تنام لتوقظ.. بل إن يوم الحساب في مفهومهم هو نهاية مراحل الأرواح وتطورها.. إذ يبلغ التوحيد في  العقيدة الدرزية،  غايته بالانتصار على العقائد الشركية، وينتهى الانتقال والمرور في الأقمصة المادية لتصل الأرواح الصالحة بالعقل الكلي" ( [385] ).
أما العذاب فيكون في انتقال روح الإنسان بعد وفاته من درجة عالية إلى درجة دونها في الدين.. مع ما يصيبه من ضنك في معشته ،  وعمى قلب في دينه ودنياه.
أما الثواب فيكون في ارتقائه من درجة دنيا إلى درجة أعلى منها،  إلى أن يبلغ حد المُكاسر( [386] )  ويزاد له في ماله مع ارتقائه في الدرجات الدينية إلى أن يبلغ حد الإمامة.
ولا تختلف عقيدة النصيريين عن عقيدة الدروز في ذلك إلا في شيء يسير وفي تسميتهم انتقال الروح من بدن إلى بدن.. فبينما يسميه الدروز بالتقمص.. يسميه النصيريون بالتناسخ.. إذا انتقلت الروح من بدن إنسان إلى بدن إنسان آخر.. أما إذا انتقلت إلى بدن حيوان فإنهم يسمونه مسخ.. وإذا انتقلت إلى جسم حشرة فهو فسخ وإذا انتقلت إلى الشجر والنبات فهو رسخ.
وينكر الدروز على النصيريين قولهم بالمسخ ،والنسخ ،  والفسخ ، والرسخ إنكاراًً شديداًً، حتى أنهم استبدلوا لفظة (التناسخ) بالتقمص.. لاعتبارهم أن التناسخ يتضمن المسخ.
فالجسد البشري في عقيدة الدروز ثوب أو قميص للروح.. تتقمصه الروح عند الولادة.. وتنتقل منه بالموت فوراً إلى جسد مولود إنساني آخر.. وهكذا تظل بعد كل موت تخلع به الثوب الميت البالي،  وتلبس ثوباً جديداً إلى نهاية الأجيال( [387] ) .
وبينما يفسر الدروز الجنة بأنها: معرفة الدعوة الهادية (أي الدعوة الدرزية) وبأن الجحيم هو الكفر والجهل بها..
يقول النصيريون بأن الجنة هي معرفة ألوهية مولاهم علي بن أبي طالب- والجحيم: هو الكفر والجهل بها.
وتتفق الطائفتان في أن الوضوء والطهارة ليست ضرورية لمزاولة العبادات التي يمارسونها حسب مفهومهم- (فالدين الدرزي يعتمد على الداخليات والجواهر.. ولا يهتم بالشكليات. والطهارة الداخلية أي: النفسية الروحية هي الأساس، أما الطهارة الخارجية فلا قيمة لها) والنجاسة هي: موالاة الأضداد والجهل بالعلم الباطني، والطهارة معاداة الأضداد ومعرفة العلم الباطني والصلاة عند الدروز.. هي: صلة قلوبهم بتوحيد مولاهم الحاكم بأمر الله.. يقول (حمزة ابن علي) في رسالة له مخاطباً الدروز بقوله: (الصلاة:  هي صلة قلوبكم بتوحيد مولانا جل ذكره -الحاكم بأمر الله- لا شريك له)( [388] ) أما النصيريون فقد ذكرنا في فصل سابق (عبادات النصيريين)  مفهومهم للصلاة.
وصيام الدروز لا يختلف عن صيام النصيريين في كيفيته بل في توقيته. فأفراد الطائفتين يمتنعون وقت الصيام عن معاشرة نسائهم فقط ولا يمتنعون عن الأكل أو الشرب.. وبينما يكون وقت صيام النصيريين في رمضان.. بصوم الدروز عشرة أيام من ذي الحجة تنتهي بعيد الأضحى الذي يحرصون على إقامة الاحتفالات فيه.
أما الحج.. فكلتا الطائفتين لا تؤمنان بمناسكه.. فبينما يرى فيه الدروز ظاهرة وثنية ، يعتبره النصيريون كفراً وعبادة أصنام.
ومع توافق الدروز مع النصيريين في بعض العقائد إلا أنهم مختلفون أشد الاختلاف في كثير من الأمور..
ولنعرف بالتحديد وجهة نظر الدروز بالطائفة النصيرية لا بد من الرجوع إلى إحدى رسائل الدروز وهي رسالة (السؤال والجواب)( [389] )
إذ يقول السؤال رقم (44) بالنص:
س44: كيف انفصل النصيرية عن الموحدين (الدروز) وخرجوا من دين التوحيد؟..  يقول الجواب: ج  : انفصلوا بدعوى النصيري لهم.. حيث زعم أنه عبد مولاهم أمير المؤمنين (علي).. وأنكر لاهوت مولانا الحاكم (بأمر الله)، (أي أنكر حلول الإله بشخص الحاكم) واعترف بلاهوت علي بن ابي طالب. وقال: إن اللاهوت ظهر في الأئمة الإثنى عشر.
ثم يقول الجواب: وأن النصيرية كلما صفي منهم واحد  (أي وصل بالتناسخ إلى درجة الاصطفاء) يرجع ويصير نجماً في السماء وهو مركزه الأول. وإن عمل معصية (أي النصيري) تخالف الوصي علي أمير المؤمنين ، الرب الأعلى، يعود (أي تحل روحه عن طريق التناسخ) في جسد يهودي أو مسلم سني أو نصراني، ثم يتكرر (لكي يتطهر من ذنبه) إلى أن يظهر مثل الفضة ، وبعد أن ينال عقابه عن طريق حلول روحه في جسد غير نصيري،  يرجع ويصير نجماً في السماء.
وأما  الكفرة (أي غير النصيريين) الذين ما عبدوا علياً بن أبي طالب كلهم يصيروا جمالاً وبغالا وحميراً وكلاباً وخرافاناً للذبح وأمثال ذلك..
أي: يصيبهم المسخ.. فتنتقل أرواحهم بعد موتهم من أبدانهم الإنسانية فتحل في أجساد الحيوانات السالفة الذكر.. لكن الوقت إلى شرحها ضيق، وخاصة انتقال نفوس البشر إلى البهائم والحيوانات.. ولهم مناقب وكتب كفرية مثل ذلك"( [390] ) .
وكان أحد النصيريين قد وجه كتاباً إلى الدروز آخذاً عليهم تحليل كثير من المنكرات وسماه (كتاب الحقائق وكشف المحجوب) فرد عليه (حمزة بن علي) (الذي يعتبره الدروز المسيح الحقيقي الحي الأبدي)( [391] ) في رسالة تحت عنوان: (الرسالة الدامغة للفاسق، والرد على النصيري (المارق) لعنه الله في كل كور ودور)( [392] ). ومما جاء فيها:
"وأدى ما قاله هذا النصيري في كتابه السابق الذكر هو أن جميع ما حرموه  يقصد ما حرمنه سائر الأديان- من القتل والسرقة والكذب والبهتان والزنا واللياطة بالذكور فهو مطلق للعارف (أي للدرزي) والعارفة بمولانا جل ذكره" ..
ويرد حمزة على هذا فيقول:
(إنه كذب بالتنزيل والتأويل وحَرَّف، إذ لا تجوز السرقة ولا القتل ولا الكذب. فالصدق من الإيمان كالرأس من الجسد. وأما قوله (أي النصيري) بأنه يجب على المؤمنة (أي الدرزية) ألا تمنع أخاها فرجها، وأن تبذل فرجها له مباحاً حيث شاء ، وأنه لا يتم نكاح الباطن إلا بنكاح الظاهر ، ونسبه إلى توحيد مولانا جل ذكره (أي نسبه إلى العقيدة الدرزية).. فقد كذب على مولانا عز اسمه ، وأشرك به ، وألحَدَ فيه، وحرف مقالة أوليائه الموحدين.
وأما قوله أي النصيري-: (بأن أرواح النواصب والأضداد ترجع -أي تحل- في الكلاب والقردة والخنازير إلى أن ترجع في الحديد وتحمى وتضرب بالمطرقة، وبعضهم في الطير والبُوم.. وبعضهم ترجع إلى الامرأة التي تثكل ولدها..).
فقد كذب على مولانا- جل ذكره -، وأتى بالبهتان العظيم.. فلا يدخل في المعقول.. ولا يجب في عدل مولانا سبحانه بأن يعصيه رجل عاقل لبيب فيعاقبة في صورة كلب أو خنزير.. وهم لا يعقلون ما كانوا عليه في الصورة البشرية ولا يعرفون ما جنوه، ويصير حديداً يُحمى ويضرب بالمطرقة فأين تكون الحكمة في ذلك.. وإنما تكون الحكمة في عذاب رجل يفهم ويعرف العذاب ليكون تأديباً له وسببا لتوبته.. وأما العذاب الواقع بالإنسان فهو نقلته من درجة عالية إلى درجة دونها في الدين، وقلة معيشته، وعمى قلبه في دينه ودنياه،، وكذلك نقلته من قميص إلى قميص على هذا الترتيب.. وكذلك الجزاء في الثواب ما دام في قميصه فهو زيادة درجته في العلوم، وارتقائه من درجته في العلوم، وارتقائه من درجة إلى درجة إلى أن يبلغ إلى حد المكاسرة، ويزيد في ماله، وينبسط في الدين من درجة إلى درجة ، إلى أن يبلغ حد الإمامة..
فهذه أرواح الباطنية وثوابها، وما تقدم أرواح الأضداد وعقابها، والعمل الصالح مع الإخوان ينتفع به ويثاب عليه عاجلاً وآجلاً.. ويخشى من عقاب مولانا جل ذكره عاجلاً وآجلاً، ويعمل الحسنات، ويتجنب السيئات..
ومن اعتقد التناسخ مثل النصيرية الملعونه.. في علي بن أبي طالب، وعبده، خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين".
ويقول (حمزة):
ثم إنه (أي النصيري) إذا ذكر علياً يقول: (علينا سلامه ورحمته) وإذا ذكرنا مولانا (الحاكم) جل ذكره يقول: علينا سلامه. فيطلب الرحمة من المفقود المعدوم ويجحد الموجود الحاكم بذاته المنفرد عن مبدعاته.. ولا يكون في الكفر أعظم من هذا.. فصح عند الموحد العارف بأن الشرك الذي لا يغفر أبداً هو بأن يشرك بين علي بن ابي طالب وبين مولانا جل ذكره ويقول: علي: مولانا الموجود. ومولانا: هو علي.. لا فرق بينهما.
والكفر ما اعتقده هذا الفاسق (النصيري) من العبادة في علي ابن ابي طالب والجحود بمولانا جل ذكره( [393] ) .
ونكتفي بما أوردناه للدلالة على عمق العداوة فيما بين الدروز والنصيريين مع وجود بعض التشابه في عقيدة الطائفتين، والتعاون المصلحي القائم بينهما بين فترة وأخرى . .
 

فرق النصيرية

انقسم النصيريون مع قلتهم الى عدة فرق منها :

  1.  الجرّانة : وينسبون الى قرية جرانة الواقعة في جبال بشراغي  ويقال إنما سموا بذلك لأنهم كانوا يحفرون الصخور ويجعلونها كالأجران ليضعوا فيها الماء.. الذي كانوا يشربون منه أثناء عزلتهم في الجبال للدعاء والعبادة...واستمروا في حمل هذا الاسم إلى أن ظهر رجل منهم واسمه الشيخ محمد بن يونس كلازي وذلك في سنة 1011هـ فصاروا يعرفون باسم الكلازية.

ويقال بأن أتباع هذه الفرقة يعتقدون بحلول (علي) في القمر فهم يعبدونه لذلك.

  1. الغيبية: ويقولون : إن الله تجلى ثم اختفى ، والزمان الحالي هو زمان الغيبة ، ويقررون أن الغائب هو الله الذي هو علي ..وهم ينفون عن الله الصفات مثل المعتزلة والاسماعيلية .. .. واستمروا يحملون هذا الاسم إلى أن ظهر رجل في القرن التاسع من أبناء هذه الفرقة في جهات أنطاكية.. واسمه (الشيخ على حيدر) فكثر أتباعه فغلب على الغيبيين اسم (الحيدرية).

  2. الماخوسية: نسبة للشيخ على الماخوس،  وكان قد انشق عن فرقة الكلازية.. وقد انقسم هؤلاء إلى قسمين فيما بعد.. قسم ظل على ولائه لتعاليم الشيخ على الماخوس، والقسم الآخر تابع سلمان المرشد في أضاليله ودعاويه.

  3. النياصفة: نسبة إلى الشيخ ناصر الحاصوري من بلدة (نيصاف).. وكان قد ظهر وبرز من بين العلويين في جهات جبل الحلو.. فتبعته طائفة من العلويين فنسبوا إليه.

  4. الظهوراتية: وهم الذين تابعوا الشيخ يوسف بن ابراهيم العبيدي.. المسمى (بالظهور).

  5. فرقة البناوية: وهم الذين التفوا حول سلمان المرشد.. وابنه مجيب من بعده.. ومن هذه الفرق.. من يقدس الشمس معتقدين أن علياً يقع فيها، ومنهم من يقدس القمر.. زاعمين أن علياً يقع فيه، ومنهم من يقدس الهواء.. لأنه لا يوجد محل خال من الهواء.. فالهواء هو الله إلى غير ذلك من الخرافات والأباطيل السائدة في هذا المذهب الملفق.. والتي تفوق خرافات وأساطير اليونانيين القدماء( [394] ) .

غير أن العلوي محمد أمين غالب الطويل يدعي في كتابه : ( تاريخ العلويين )أنه ليس بين العلويين اختلاف في المذهب ، بل تفرقوا عشائر وأفخاذا ، سميت بأسماء أشخاص معروقين عندهم ، أو إلى مدن وقرى معروفة في أرضهم ([395]) .
ويمت إلى النصيريين بصلة ما.. كل من الفرق التالية: (التختجية) في غربي الأناضول، وفرقة (العلي إلهية) المؤلهة لسيدنا علي في فارس وتركستان، وفرقة (القزل باشية) أي ذوي الرؤوس الحمر في شرقي الأناضول، وفرقة (البكتاشية) في تركيا وألبانيا( [396] ).

 
موقف النصيريين من صحابة رسول الله-  صلى الله عليه وسلم -

اختلف العلماء في تعريف الصحابي على أقوال:
الأول: ذهب أنس بن مالك رضي الله عنه- إلى أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم- غير كافية لاعتبار الرجل صحابيا، فقد سئل: هل بقي أحد من الصحابة غيرك؟ فقال: بقي ناس من الاعراب، فأما الصحبة فلا( [397] ) .
الثاني: رأي سعيد بن المسيب، أن الصحابي هو من أقام مع النبي صلى الله عليه وسلم- سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين( [398] ) ، وقد وافق الغزالي على هذا الرأي، فقال: (لا ينطبق اسم الصحبة الا على من صحبه، ثم يكفي في الاسم من حيث الوضع الصحبة ولو ساعة، ولكن العرف يخصصه بمن طالت صحبته)( [399] )
الثالث: مذهب أهل الحديث: قال البخاري رحمه الله-: (ان كل مسلم رأى الرسول صلى الله عليه وسلم- فهو من الصحابة)( [400] ) .
وقال الامام أحمد بن حنبل رحمه الله-: (أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- كل من صحبه شهراً أو يوماً أو ساعة أو رآه)( [401] ) .
وقال أبو المظفر السمعاني: (أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحبة على كل من روى عن النبي حديثاً أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية، من الصحابة)( [402] )
أما ابن حجر رحمه الله- فيلخص القضية، ويذكر ما ترجح في المسألة فيقول:
(أصح ما وقفت عليه في تعريف الصحابي: أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم- مؤمناً به، ومات على الاسلام، فيدخل من طالت مجالسته أو قصرت، ومن روى عنه أم لم يرو، ومن غزا معه أم لم يغز، ومن رآه رؤية بصر ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى)( [403] )
وهذا الذي ذكره ابن حجر هو القول المرتضى، وهو رأي الجمهور، والأقوال الأخرى لا تخلو من اعتراض، وهذا القول ارتضاه البخاري وابن المديني( [404] ) وابن الصلاح( [405] ) والطيبي( [406] ) والعراقي( [407] ) ، والسيوطي( [408] ) ، واختاره طائفة من علماء الاصول، منهم ابن الحاجب، واليه ذهب الآمدي وقال: إنه الأشبه([409]  )
واكتفى العلماء بمضمون قول ابن حجر، لشرف لقاء النبي صلى الله عليه وسلم- والاجتماع به، أو رؤيته، لما لذلك من أثر كبير في اصلاح القلوب وتزكية النفوس( [410] ) .
كيف يعرف الصحابي؟ يعرف الصحابي بأحد الأدلة التالية:

  • الخبر المتواتر بأن فلاناً صحابي، كأبي بكر وعمر وبقية العشرة المبشرين بالجنة رضي لله عنهم أجمعين.

  • الخبر المشهور أو المستفيض القاصر عن حد التواتر.

  • أن يخبر الصحابي أو تابعي ثقة أن فلانا صحابي.

  • أن يخبر عن نفسه بأنه صحابي، وقد ثبت عدالته، وعاصر الرسول صلى الله عليه وسلم-.

طبقات الصحابة: قال ابن حجر رحمه الله: (لاخفاء برجحان رتبة من لازمه صلى الله عليه وسلم- وقاتل معه، أو قتل معه تحت رايته، وعلى من لم يلازمه، أو لم يحضر معه مشهداً ، وعلى من كلمه يسيراً، أو ماشاه قليلاً، أو رآه عن بعد، أو في حال الطفولة، وإن كان شرف الصحبة حاصلاً للجميع)( [411] ) والمشهور في طبقات الصحابة ما ذهب اليه الحاكم( [412] ) . قوم تقدم اسلامهم بمكة كالخلفاء الاربعة.

  • الصحابة الذين اسلموا قبل تشاور أهل مكه في دار الندوة.

  • مُهاجِرة الحبشة.

  • أصحاب العقبة الأولى.

  • أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار.

  • أول المهاجرين الذين وصلوا الى النبي صلى الله عليه وسلم- بقباء قبل أن يدخل المدينة.

  • أهل بدر.

  • الذين هاجروا بين بدر والحديبية.

  • أهل بيعة الرضوان في الحديبية.

  • من هاجر بين الحديبية وفتح، كخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وأبي هريرة.

  • مسلمة الفتح الذين أسلموا في فتح مكة.

  • صبيان وأطفال رأوا النيبي صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح، وفي حجة الوداع وغيرها.

عدالة الصحابة وفضلهم:
العدالة في اللغة: مصدر من عدل يعدل فهو عادل، والعدل: هوالذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم.
وفي الاصطلاح: أن يكون الراوي مسلماً بالغاً سليماً من أسباب الفسق وخوارم المروءة(  [413]) فإذا تحققت هذه الشروط، كان عدلا تقبل روايته، اذا انضم إلى هذا الضبط، والا فلا.
وقال ابن حجر: والمراد بالعدل: من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة. والمراد بالتقوى: اجتناب الاعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة. وفسر المروءة بكمال الانسان واحترازه عما يذم شرعاً( [414] ) .
وتعرف عدالة الراوي بأحد أمرين( [415] ) .
الأول: أن يشتهر حال الراوي بالعدالة والتقوى بين الناس، حتى لا يغيب ذلك عن جمهور الامة.
الثاني: تزكية النقاد العارفين، وعدم جرحه من غيرهم جرحاً مبين السبب.
قال ابن حجر: اتفق أهل السنة على أن جميع الصحابة عدول ولم يخالف في ذلك الا شذوذ من المبتدعة، وعدالتهم ثابتة بتعديل الله تعالى لهم، واخباره عن طهارتهم واختياره لهم، وقد وردت أدلة كثيرة متعددة في ذلك في القرآن والسنة)( [416] ) .
قال تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم)( سورة التوبة/100. ) .
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه-: أن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: (خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم تسبق أيمانهم شهادتهم، قبل أن يستشهدوا)( [417] ) .
وقال ابن كثير: (والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة، وقول المعتزلة: الصحابة عدول الا من قاتل عليا، قول باطل ومردود.
وأما طوائف الروافض: بجهلهم وقلة عقلهم، ودعاويهم أن الصحابة كفروا الا سبعة عشر صحابياً، وسموهم، فهو من الهذيان بلا دليل، الا مجرد الراي الفاسد عن ذهن بارد، وهوى متبع،وهو أقل من أن يُرد، والبرهان على خلافة أظهر)( [418] ) وروى الخطيب البغدادي عن أبي زرعة قال:
(اذا رأيت الرجل ينتقص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به حق، وانما أدى الينا ذلك كله الصحابة، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى)( [419] ) .
 وقال الامام ابن أبي حاتم الرازي: (فأما أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله عز وجل- لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم- ونصرته، وإظهار حقه، فرضيهم له صحابة، وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة، فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم- ما بلغهم عن الله عز وجل، وما سن وشرع، وحكم وقضى، وندب وأمر، ونهى وحظر وأدب. ووعوه واتقنوه ، ففقهوا في الدين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده، بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم- ومشاهدتهم من تفسير الكتاب وتأويله، وتلقفهم منه، واستنباطهم عنه، فشرفهم الله بما مَنَّ عليهم ، وأكرمهم به من وضعه اياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب، والغلط والريبة والغمز، وسماهعم عدول الأمة، فقال عز وجل-: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس) (البقرة/143)، ففسر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله  عز ذكره- قوله: وسطا- قال: عدولا. فكانوا عدول الأمة، وائمة الهدى، ونقلة الكتاب والسنة وندب الله -عز وجل -الى التمسك بهديهم، والجري على منهاجهم، والسلوك لسبيلهم، والاقتداء بهم، فقال: (ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى) (سورة النساء/115) ( [420])  .
وقال شيخ الاسلام الامام ابن تيمية: (وكذلك نؤمن بالامساك عما شجر بينهم، ونعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب، وهم كانوا مجتهدين، اما مصيبين فلهم أجران، أو مثابين على عملهم الصالح، مغفورا لهم خطؤهم، وما كان لهم من السيئات، وقد سبقت لهم من الله الحسني، فان الله يغفرها لهم، إما بتوبة أو حسنات ماحية، أو مصائب مكفرة، أو غير ذلك)( [421] ) ويتضح مما سبق مايلي:
أولاً: قد حكم الله في كتابه وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم- بعدالة الصحابة وفضلهم، ومن عدله الله فلا يجوز الطعن فيه أو الإساءة اليهم.
ثانياً: إن كل طعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- مبعثه الهوى وما حدث من خطأ منهم فهو مغفور لهم، بصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم- وجهادهم معه ، وليس كل خطأ مسقط للعدالة.
ثالثاً: لا بد من حبهم جميعاً، والدعاء لهم، فهم السابقون للإيمان، والحاملون للدعوه، والمجاهدون في سبيل الله.
وبعد هذا التمهيد نطرح السؤال التالي:
ما موقف النصيريين من أصحاب رسول الله؟
ان الشيعة عموماً والنصيريين على وجه الخصوص، عميت أبصارهم وقلوبهم عن الحق ، فلا يعترفون لمعظم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين- بقدر أو فضل، بل يذهبون في اتهامهم كل مذهب، ولا يتورعون عن وصفهم بالكفر، ولا يصفونهم الا بما تفيض به نفوسهم الخبيثة من كره وبغضاء لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم- الكرام. وعندما يتحدثون عن كبار الصحابة غير علي- يصفونهم بأخس الصفات، وأقبحها، وكذلك يفعلون مع زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم- وخصوصاً أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها-، يقول النصيري محمد أمين الطويل: فكتب القرشيون والامويون ميثاقاً بعدم تنفيذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم- ووضعوا هذا الميثاق عند: عروة بن مسعود، ثم عند عائشة، ثم عند أبي عبيدة بن الجراح، ولهذا كان أبو بكر يتودد لأبي عبيدة طول حياة أبي بكر، حتى لا يظهر هذا الميثاق، ولقبه بأمين الأمة، وقالوا: بأن السيدة فاطمة كانت ساخطة وغاضبة على أبي بكر وعمر، وأن أبا بكر منعها حقها المشروع في الإرث، وأنه قد سبقت منه الخيانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم- يوم الهجرة؟! حينما كان مرافقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم- فلدغته الحية)( [422] ).. ؟!.
ويقول الحسين بن حمدان الخصيي وهو من رؤوس الطائفة في كتابه الهداية الكبرى-:- (فقال علي لعمر: من علمك الجهالة يا مغرور، ثم أخبره ببعض الحوادث التي تقع له ومن بين ما أخبره: أن عمر سيموت متأثراً بجرحه..؟ وأن قاتله له الجنة رغم أنف عمر..؟!
ثم أخبره كذلك أنه هو وأبو بكر سوف يخرجان من قبريهما في الحجرة الشريفة، وأن دفنهما بجوار الرسول صلى الله عليه وسلم- ليس تكريماً لهما، ولكن لئلا يشك أحد من الذين يكونون مع المهدي، في أن هذين أبو بكر وعمر، ثم يصلباً، اذ لو دفنا خارج الحجرة الشريفة لشك الناس في حقيقتهما؟ ثم يصلبا على الدوحات، فيكون ذلك لمن أحبهما، ثم يؤتى بالنار التي أضرمت لابراهيم وجرجيس ودانيال وكل نبي وصديق، ومؤمن ومؤمنة، وبالنار التي أضرمتموها على باب داري، لتحرقني وفاطمة، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم- وابني الحسن والحسين، وابنتي زينب وأم كلثوم، حتى يحرقان بها، ويرسل الله اليكما ريحا مدمرة فتنسفاكما في اليم نسفا، فيقول له عمر: انك تهددني بفعال ولدك، فو الله لا تذوق من حلاوة الخلافة شيئاً)( [423] ) إلى آخر ما هنالك من هراء.
ويعتقدون "أن كل من آمن منهم بعد الهجرة لا يعتبر إيمانه كاملاً لأنه من قبيل إيمان اليأس.. حتى ولو كان فيهم العباس عم الرسول"( [424] ). ويقولون بأن "العباس والباقون من قريش وخصوصا الأمويون( [425] ) ، فإنهم لم يهاجروا ولم يؤمنوا حقاً، والعباس أيضاً لم يؤمن إلى بعد أن أسره المسلمون، وهو الذي أنقذ أبا سفيان من الأسر والوقوع في أيدي المسلمين ، وظل صديقاً له حتى الموت".
ويعتقدون "أن من المسلمين من ظل يعبد الأصنام سراً ،  ويتظاهر بالإسلام خشية من سطوة على.. ومن هؤلاء أبو سفيان وابنه معاوية ، اللذان أسلما قبل فتح مكة بقليل"( [426] ) .
لذلك اعتبر النصيريون شتم صحابة رسول الله الغاصبين لحقوق أهل البيت في نظرهم من الفرائض الدينية.. يقول صاحب كتاب تاريخ العلويين:
(وهكذا اتخذ العلويون المَسَبَّة لمن خالفوا أهل البيت فريضة الى يوم الدين، وهم يشملون بالمسبة كل من عادى الرسول صلى الله عليه وسلم- وكل من عادى فاطمة، وكل من عادى الحسنين، ولو صاحب أباهم، وكل من عادى بقية الأئمة الاثني عشر وسبب ذلك في اعتقاد العلويين أن الأئمة الاثني عشر وآباءهم معصومون، فالمخالفة لأحدهم تكون مخالفة للعصمة.
ويقولون: إن من أسلم من قريش بعد التحاق علي بالنبي لم يكن كامل الايمان!؟ ولو كان ممن لم يعادوا آل البيت)( [427] ) .
ومع كره النصيريين للصحابة، الا أنهم يخصون نفراً منهم ببغضهم الشديد، أمثال : أبي بكر، وعمر، ومعاوية رضي الله عنهم وأرضاهم-.
ومع أن النصيريين يتسمون بالأسماء الاسلامية، والمسيحية كما يقول فيليب حتى- في كتابه تاريخ العرب-( [428] ) الا أنهم لا يتسمون مطلقاً بهذه الأسماء السالفة الذكر، وما ذلك الا لحقدهم الأعمى على من أطفأ نيران المجوس، وأرغموهم على دفع الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، ودَور هؤلاء الثلاثة في تثبيت دعائم وأركان الدولة الاسلامية واضح لكل ذي عينين، وأسهبت كتب السيرة في توضيحه، بل بلغ بهم الحقد الأعمى الى أن يأخذ أحدهم البغل أو الحمار فيعذبه ويضربه ويعطشه ويجيعه على أن روح (أبي بكر وعمر) رضى الله عنهما- تحل فيه.. فاعجبوا لهذا الحمق الذي لا نظير له وما الذي خص هذا البغل الشقي أو الحمار المسكين بنقله الروح إليه دون سائر البغال والحمير؟! وكذلك يفعلون بالعنز (الماعز) على أن روح أم المؤمنين (عائشة) رضي الله عنها فيها"( [429] ).. "وهم متأثرون في الأخذ بهذا الأصل بالديانة البرهمية.. وكانت أصولها شائعة معروفة لدى الفرس"( [430] ) .
أما بغض هذه الفرقة وغيرها من الفرق الغالية لسيدنا أبي بكر فناتج عن حقدهم على من قضى على المرتدين الذين كادوا أن يزلزلوا كيان الدولة الإسلامية الفتية.. ولأن أبا بكر هو الذي بدأ بتحظيم الامبراطوريتين العظيمتين في ذلك الوقت.. الامبراطورية الفارسية والرومانية. أما سيدنا عمر فقد أكمل ما بدأه أبو بكر.. ومن المعلوم أن سيدنا عمر تزوج السيدة أم كلثوم ابنة سيدنا علي -كرم الله وجهه-.. مما يدل على عمق الصلة والمودة التي كانت بين هؤلاء الرجال الذين تربوا في مدرسة محمد- صلى الله عليه وسلم-.. ولكن النصيريين أخزاهم الله- يرون غير ذلك.. وستنقل لك أخى القارئ- الباب الثالث والعشرين من كتاب الهفت الشريف تحت عنوان في معرفة تزويج أم كلثوم في الباطن- وهو يبين حقدهم الدفين على من أطفأ نيرانهم كما أسلفنا
 يقول الهفت الشريف: "قال المفضل: قلت: سيدي.. أريد أن أسألك في شيء يتحدثون عنه  أهل الكوفة، وإني يا مولاي أستحى أن أسألك عنه. قال: يا مفضل: قد علمت ما قد هممت به! وتريد أن تسألني عن تزويج أم كلثوم.. قلت: نعم يا مولاي. فقال: اسمع يا مفضل.. ما أقول وافهم.. إن أصل ذلك كان في الأظلة والأشباح على حسب ما أنا مفسره لك.. فقد كان هابيل يومئذ أمير المؤمنين؟ وكان قابيل .. زافر وهو إبليس الأبالسة؟ فأتى قابيل إلى هابيل فقال له: زوجني ابنتك.. فامتنع عن تزويجه إياها.. فقال عندئذ قابيل: والله لأقتلنك إن لم تزوجني بها.. فلما هم بقتله زوجه جريرة- بنت إبليس فظن قابيل أنها ابنة هابيل.. والله أجل وأعظم من أن يفعل بأوليائه ذلك.. فلما كان في تكرير السادس (حسب عقيدة النصيريين في التناسخ) وولي زافير (أي عمر).. أرسل إلى أمير المؤمنين علي.. (سلمان الفارسي) وقال له: قل له يا سلمان إنك عدت إلى ضلالك القديم، فأتى سلمان إلى زافر وأخبره بذلك.. فلما علم أن سلمان قد اطلع على أمره اغتاظ وقال له: نعم قد عدت إلى ما ذكرت! فإما أن يزوجني وإما أن أغور ماء بئر زمزم.. وأرفع عن البيت الحرام رسم المقام، أو أقتله.. فانصرف سلمان إلى أمير المؤمنين وأخبره.. فقال علي: احمل إليه هذا الكتاب.. فحمل سلمان إليه الكتاب، فلما نظره (حبتر وأدلم)( ([431]).. أي علم أنه أقبل في سبب.. فقال: ما وراءك؟ فقال سلمان: أخبرني أمير المؤمنين أن أعرض عليك هذا الكتاب. قال زافر: وما هو؟ فأخرج الكتاب وسلمه إياه، فلما فتحه وجد فيه صورة هابيل ونظر إلى نفسه يعني هو قابيل!؟ فقال مخاطباً سلمان: إنما خطبت إليه ابنته لأنه يزعم أنني من نسل الشيطان!؟ ولكن لا بد له أن يزوجني ابنته حتى يظهر كذبه عند الخلق.. ولا ينجيه إلا التزويج أو القتل. فقال سلمان: سأخبره بذلك.. وأقبل على أمير المؤمنين وأخبره بكل ما جرى.. قال علي: قد علمت بكل ما قال؟! وأنا الآن أزوجه ابنته جريرة.. كما زوجته قديماً واشتبه عليه.. ثم إن سلمان انصرف إليه وأخبره بأن أمير المؤمنين قد أجابك إلى كل ما تريد، فجمع أصحابه وعاهدهم على ذلك، ثم أمر أمير المؤمنين سلمان أن يحمل إليه ابنته جريرة..!! فأتى بها سلمان إليه فأعمى الله بصره! وجعل عليه غشاوة فلم يفهم، وتداخله السرور والفرح لذلك.. ثم قال لسلمان: إنى سأشكرك في قيامك في هذا الأمر.. ولا أقدر على مكافأتك. قال: ثم دخل فيها فوجدها على صورة أم كلثوم؟! فلما أصبح أرسل إلى أصحابه وشياطينه ليحتج بذلك عندهم، فلما اجتمعوا إليه هنأوه بتزيجه. فقال زافر: كفانا أمر علي وأصحابه؟! فإنهم لو كانوا بني أبي كبشة على حق ونحن على باطل.. ما زوجونا كريمتهم.. قالوا: صدقت. قال: والله إنهم سحرة كهنة كذابون وهذه حيلة بينهم. قال سلمان: وبينما هم كذلك دخلت عليهم فقالوا بأجمعهم نحن على باطل ، وصاحبك على حق ، ونحن عنده شياطين خونة.. فلم زوجنا ابنته أم كلثوم؟
فقال لهم سلمان هذه الآية: (شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً) فلما سمعوا ذلك من سلمان غضبوا عليه، وغضب الثاني عضباً شديداً وهموا بي فقلت لهم: أتقتلوني في مجلسكم هذا.
ثم قال سلمان: لما هموا بي قال بعضهم لبعض فما نصنع بهذا العجمي وقد نلت حاجتك، فافترقوا، وبلغ ما تحدثوا به أمير المؤمنين علي عليه السلام.. فأمر سلمان أن يسير إليهم ويحدثم بالحقيقة. وما لبس عليه من أمر ابنته، حتى يكف عن فجوره وتبجحه (أخزاهم الله)- فيصغر في نفسه ويقل قدره، ويموت من العار والحزن!
قال سلمان: فأتيت في منزله ولم يكن أحد عنده فقلت له: كيف وجدت زوجتك؟ فقال: إنها موافقة لي تتجنب مخالفتي في السر والعلانية، وهي كأنها منا وفينا! فقال سلمان: نعم إنها منك وإليك وهي ابنتك جريرة ، فادخل عليها لعلك تعرفها الآن.. فلما سمع هذا لم يتمالك عقله، فدخل عليها،  ونظر فيها، فإذا هي ابنته جريرة.. لم ينكر منها شيئاً فصاح صيحة رَجَّت لها الدار.. واغتاظ غيظاً شديداً.. وقال: قد فعلها الساحر ابن أبي طالب.. ليست هذه بأول أفعاله.. والله لأفعلن وأفعلن.. فقال له سلمان: لا تكشف عورتك وتبدي سيرتك، وتنفضح في عشيرتك، ومن رأيي ومشورتي لك أن تكتم ذلك.. فإن كتمت قال الناس: زوجه ابنته، وإن أبديت انكشف للناس أمرك.. فقال: كفاني يا سلمان أني مت غيظاً.. وسأقبل منك ما تقول.. وليقل هذا الساحر ما يقول.. فلا طاقة لي ولأصحابي بسحره.. وكتم عن أصحابه قصته خوفاً من العار. ومات خنقاً وغيظاً لا رحمه الله ولا رضي عنه رب العالمين تم"( [432] )
لعنهم الله وأخزاهم ما هبت النسائم وما ناحت على الأيك الحمائم. ولعل هذا الفصل الذي نقلناه من كتابهم السخيف (الهفت الشريف) والمكتوب بلغة عامية سوقية مبتذلة أقرب ما تكون في أسلوبها من أسلوب الأناجيل المزورة ، والتوراة المحرفة.. ولست أستبعد مطلقاً أن يكون لأحبار يهود يدٌ في إملاء الهفت الشريف وكتابته.. خاصة إذا عرفنا أن معظم النصيريين الأوائل كانوا من اليهود.. فقد ذكر (تاريخ العلويين) ذلك.. وقال بالحرف الواحد:
"ترك إبراهيم بن أدهم وهو من رجال الصوفية وله منزلة رفيعة ومقدسة بين النصيريين- مقر الإمارة لأبيه ليلاً ، وسار فوصل إلى حلب وأنطاكية، ومكث مدة طويلة في طرسوس ، التي كان معظم أهلها علويين ويهود.. وقد أسلم على يده العدد الأغلب من اليهود..؟! ".( [433] )
أما حقد النصيريين وغيرهم من الفرق الغالية على سيدنا معاوية وعلى الأمويين عموماً لم يكن إلا لأن دولتهم كانت عربية بحتة.. لا وجود سياسي فها إن صح هذا التعبير- للموالي أو الأعاجم.. بخلاف الدولة العباسية وغيرها.. من هنا يأتي تحامل المتحاملين على بني أمية.. في القديم.. أما في العصر الحديث فقد كان الماسوني النصراني جورجي زيدان-( [434] ) من أشد الناس تحاملاً على الأمويين. في كتابه تاريخ التمدن الإسلامي- ومعظم الكتاب الذين تكلموا عن مثالب بني أمية نقلوا عنه..
ولكن أما كان لأحد من بني أمية مأثرة تذكر، ومنقبة تنقل، وسياسة تنفع البلاد..
نعم: إن بني أمية لا يوزنون بالخلفاء الراشدين.. وليس هذا عاراً عليهم، ولا فيه حط من منزلتهم، فإن إدراك شأو الراشدين واللحوق بهم أمر خارج عن طوق كثير من البشر وليس فيه مَطمَعٌ لأحد. ولا موضع رجاء لمجتهد وإنما هم ملوك.. فيهم المحسن والمسيء، والعادل والجائر،  والناسك والخليع، والحازم والغافل، بل إن أعدلهم سيرة وأمثلهم طريقة، وأوفاهم ذمماً.. لا يخلو من عثرات لا تقال ، وهنات لا تذكر.. فمن العدل والإنصاف أن نذكر المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.. لا أن نزنهم بميزان واحد.. ونعمم الحكم عليهم.. ولست أريد في هذه العجالة أن ابين سيرة كل خليفة من خلفاء بني أمية.. فذلك شرحه يطول.. وقد ذكر المؤرخ المسعودي في كتابه (مروج الذهب) وابن الأثير في كتابه (الكامل) والطبري في (تاريخه) ما فيه الكفاية للمستزيد. ولكني أرى أن حقد هؤلاء الشعوبيين على بني أمية لم يكن إلا لأن بين أمية كان لهم الفضل في توسيع رقعة الدولة الإسلامية وتثبيت أركانها ودعائمها فلم يبق لأعدائها مطمع فيها أبداً ونظرة واحدة إلى كتب التاريخ المعتمدة نرى أن بني أمية لما تسنموا عرش الخلافة ازداد الإسلام فتوحاً، واتسعت ممالكه، وغلب سلطانه، وامتدت سطوته، ودخلت البلاد النائية المترامية الأكناف في حوزة حكمه.. فملكوا مالم يملكه أحد من ملوك الإسلام قبلهم ولا بعدهم؟! فتحوا طرابلس وطنجة وسائر بلاد المغرب والأندلس، وبلاد الديلم والأتراك والمغول والسند وقبرص وكريت وصقلذية ورودس وغيرها من جزائر البحر المتوسط. وتوغلوا في بلاد الروم حتى بلغوا سور القسطنطينية، وضربوا السيف على أبوابها وافتتح السند محمد بن القاسم الثقفي- أحد أبناء قوادهم وهو ابن سبع عشرة سنة.. وقد وطئت جيوشهم ثغور الصين، وعاصمة بلاد الروم، وحدود بلاد الهند، وملكوا من السند إلى ثغور بلاد الإفرنج طولاً ،  ومن البحر الأحمر إلى بلاد الخزر عرضاً، ودخل في حوزة ملكهم بلاد العرب وديار الشام والعراق، ومصر، وليبيا وتونس والجزائر ومراكش والأندلس وأرمينية وخراسان وفارس، والديلم، وطبرستان، وجرجان وسجستان، وخوارزم، وما وراء النهر، وبلاد الخزر وأفغانستان والسند وبعض بلاد الهند.. فمن يداينهم من الملوك في سعة الملك؟ ومن يباريهم في كثرة الفتوح؟
وبنو أمية هم أول من اتخذ دار الضَّرب (سك النقود) في الإسلام فكسوا به الإسلام رفعة ، وأغنوه عن نقود الروم والفرس ، بينما نجد معظم الدول العربية والإسلامية في عصرنا الحاضر ما زال اقتصادها، وما زالت نقودها مربوطة بعجلة الدولار أو الاسترليني؟
وبنو أمية هم الذين نقلوا الدفاتر والدواوين عن الفارسية والرومية والقبطية إلى العربية.. فزادت العربية انتشاراً ونفوذاً، ولم يمض برهة من الدهر حتى أصبحت هذه البلاد عربية الوجه واللسان.
وهم أول من بنى مستشفى في الاسلام، بنوه في دمشق سنة ثمان وثمانين للهجرة، خصصوا له الأطباء، وأمروا بحبس المجذومين، وأجروا لهم الأرزاق، وهم أول من أنشأ داراً للعميان، وهم أول من عمل داراً للضيافة بعد سيدنا عمر بن الخطاب، وهم أول من رعى الايتام وتحنن عليهم، ورتب لهم ولغيرهم من المعوزين، والمؤدبين ليعلموهم، وغير ذلك الكثير مما زخرت به كتب التاريخ( [435] )
يقول محمد جلال كشك: (واستطاع البيت الأموي مرة أخرى أن يعيد الوحدة الاسلامية، ويستأنف الفتوحات، فيغزو أوروبا، وينتزع اسبانيا والبرتغال، ويزحف إلى أوروبا، بينما عجزت كل البيوتات والقوى العربية الأخرى عن تجميع العرب حولها، أو إقامة دولة حقيقية، أو أن تشكل مزاحمة جدية على القيادة لبني أمية ما يقرب من قرن كامل، رغم أنه ما من دولة في تاريخ العالم كله شهدت من الثورات والخروج مثل دولة الأمويين، ولكنها أثبتت كفاءة غير مسبوقة، ولا ملحوقة في القدرة على الحكم، وفشل بنو هاشم في جمع كلمة العرب تحت رايتهم، حتى أسلموا زمامهم لفارسي، وأمروه أو هو ادعى أنهم أمروه على أن لا يبقي على عربي جاوز الشِّبر!! ولما سقطت دولة بني أمية في النهاية تحت ضربات الفرس الذين تستروا بالعباسيين، هرب أموي واحد صقر قريش- في مغامرة أسطورية، حتى نزل بشاطئ أوروبا وحيداً شريداً مطارداً ، فأقام مجد العرب في الأندلس، هذا هو البيت الذي ألقت إليه أمة العرب بمقاليدها،  لأنه وحده الذي كان قادراً على الحكم، فلا قرشية ولا قبلية ولا قرايب النبي صلى الله عليه وسلم- ولا هذا السخف الذي يقال ويُصدقه العيال)([436] )
 
 

غدر النصيرية بالمسلمين

في القديم والحديث
لم يترك النصيريون فرصة في القديم والحديث إلا اهتبلوها في سبيل إيقاع أكبر الأذى بالمسلمين وهم عندما يقومون بذلك يعتقدون أنهم يُثابون على أفعالهم تلك التي يندى لها جبين الإنسانية خجلا..
فقد قام النصيريون الشيعة بعدة مجازر في حق أهل السنة العُزّل الأبرياء , ومن هذه المجازر التي يندى لها جبين التاريخ ما يلي :

  1.  - مجزرة مدينة طرابلس لبنان على يد الشيعة النصيرية : ففي عام 1985م

  2. - مجزرة مخيم تل الزعتر في عام 1976م

  3. - مجزرة سجن تدمر على يد النصيرية في عام 1980م.

4- مجزرة مدينة حماة السورية , تلك المجزرة الرهيبة التي هزت كيان كل مسلم في ذلك الزمان , في عام 1982م .
 وما أحداث لبنان وَوقوفهم إلى جانب المارونيين عنا ببعيد..
وقد أبان الأستاذ الاسماعيلي  سامي الجندي سفير سوريا في فرنسا إبان الحرب العربية اليهودية عام 1967.. شيئاً من خيانة النصيريين الحاكمين في سوريا في كتابيه (أتحدى وأتهم)، و( كسرة خبز )  ،  وإن كانت رائحة الخيانة قد أزكمت الأنوف..
أما في القديم.. فخيانتهم للمسلمين الذين يعيشون في ديارهم أكثر من أن تحصى.. وسنكتفي بإيراد مَثَلٍ أو مثلين على ذلك.. ويبرر النصيري محمد أمين غالب الطويل في كتابه تاريخ العلويين هذه الخيانة بقوله:
"ولما كان لا بد للضعيف المظلوم من التوسل بالخيانة لكي يحافظ على حقوقه أو يستردها وهذا أمر طبيعي يساق إليه كل إنسان-؟! كان العلويون كلما غصب السنيون أموالهم وحقوقهم يتوسلون بغدر السنيين عند سنوح الفرصة!؟ "( [437] ) .
وقد سنحت لهم الفرصة عندما اجتاح التتار بغداد حاضرة العالم الإسلامي- آنذاك- يقول صاحب كتاب تاريخ العلويين:  "جاء تيمورلنك بجيوش لا يعرف مقدارها ، واستولى على بغداد وحلب والشام في سنة 822-823هـ ويدعي أن تيمورلنك كان نصيرياً محضاً من جهة العقيدة، إذ توجد له أشعار دينية موافقة لآداب الطريقة الجنبلانية النصيرية، وأسباب دخوله في الطريقة هو ذهاب النصيري (السيد بركة) من خراسان إلى الأمير (تيمور) وهو في بلدة بلخ- ( [438] ).. ثم يقول: "وداوم تيمورلنك في الاستيلاء على البلاد وشيخه السيد بركة- يبشره بدوام فتوحاته حتى جاء لبغداد وأخذها من يد السلطان أحمد.. ثم أراق الخمور ومنع الملاهي والمقاهي منها، وأخذ من كان من أرباب الصنائع في بغداد لسمرقند.. واستولى على الموصل عام 896 وبنى بها مراقد الأنبياء جرجيس ، ويونس -عليهما السلام- وجاء للرها ، واغتسل بمحل النبي إبراهيم.. ثم جاء (لماردين) وأعطاها الأمان.. ثم استولى على (ديار بكر)، وعينتاب التي التجأ أميرها إلى حلب.. وعندما أرسل الخليفة تحاريره لجميع الملوك والأمراء المسلمين بأن يمدوا حلب بما يستطيعون من قوة.. جاءت الإمدادات من كل جانب من العالم الإسلامي".
ثم يقول: "وكان نائب حلب هو الأمير (النصيري) العلوي (تمور طاش) الذي اتصل بتيمورلنك خفية واتفق معه على أن يدهم تيمورلنك حلب.. فهاجمها بالفعل ودخلها عنوة.. فأمعن في القتل والنهب والتعذيب مدة طويلة حتى أنشأ من رؤوس البشر تلة عظيمة، وقد قتل جميع القواد المدافعين عن المدينة.. وانحصرت المصائب بالسنيين فقط؟!" ثم يقول: "ثم سافر تيمور إلى الشام.. وقبل سفره جاءت إليه العلوية (النصيرية) درة الصدف- بنت سعد الأنصار- ومعها أربعون بنتاً بكراً من العلويين،  وهن ينحن ويبكين ويطلبن الانتقام لأهل البيت وبناتهم اللاتي جئ بهن سبايا للشام.. (وسعد الأنصار هذا من رجال الملك الظاهر.. وهو مدفون بحلب وله قبر فوقه قبة)- فوعدها تيمور بأخذ الثأر ، ومشت البنات العلويات مع تيمور وهن ينحن ويبكين وينشدن الأناشيد المتضمنة للتحريض على الأخذ بالثأر.. فكان ذلك سبباً في نزول أفدح المصائب التي لم يسمع بمثلها.. بأهل الشام). ثم يقول: (ولم ينج من بطش تيمورلنك بالشام إلا عائلة واحدة من المسيحيين.. وأمر تيمور بقتل أهل السنة..!؟ واستثناء العلويين (النصيريين).. وبعد الشام ذهب تيمور لبغداد وقتل بها تسعين ألفاً..)( [439] ) .هذا في عهد الغزو التتري...
 أما في عهد الهجمة الصليبية، فلم يدخل الصليبيون بلاد المسلمين إلا عن طريقهم، ومن مناطق سكناهم في طرسوس، وأنطاكية، وغيرها من مناطق نفوذهم، بل أن مدينة أنطاكية سقطت في أيدي الصليبيين بفعل الاتفاق الذي وقع بين الزعيم النصيري (فيروز) وبين قائد الصليبيين (بوهمند)( [440] ) ، هذا مثال عن خيانة النصيريين للمسلمين في العهود الغابرة...
أما في ظلال الانتداب الفرنسي : وبعد أن تجزأ الوطن العربي الحالي على يد الانجليز والفرنسيين ، اعتمدت هاتان الدولتان صيغة لتقريب الطوائف المهملة ، والأقليات الدينية ، لتكون مرتكزا لهم ،وداعيا لسياستهم ،إذ أن مثل هذه الطوائف تستميت في خدمة الاستعمار، من أجل تحقيق أهداف ذاتية لم تحظ بها من قبل ، فكان النصيريون هم الركيوة التي اعتمد عليها الفرنسيون في بلاد الشام .. وكانوا خير مخلص للانتداب الفرنسي ، وخير معين للفرنسيين الغزاة على استنزاف خيرات البلاد وثرواتها ، كما كانواأيضا خير عون ومعين للفرنسيين على قمع كل الانتفاضات التحررية ، التي كانت تثب من حين لآخر في وجه المستعمر،وقد شهد بذلك للنصيريين القادة العسكريون لجيش الاحتلال الفرنسي أنفسهم.([441])
وكان الفرنسيون في أول احتلالهم لسوريا قد قسموها إلى دويلات ، وبعد أن شكلت حكومتي دمشق وحلب ، استغلت التركيب الطائفي في البلاد ، فأنشأت حكومة الدروز ومركزها مدينة السويداء ، وأخرى للنصيريين ، ومركزها مدينة اللاذقية ، وشكلت مجالس لإدارة شئونها ..وكانت دولة العلويين تتألف من سنجقين :

  1. اللاذقية : ويتألف من : اللاذقية ، وصهيون ، وجبلة ، وبانياس ، والعمرانية ( مصياف ) .

  2. طرطوس : ويشمل : طرطوس ، صافيتا ، تل كلخ .

وكان للدولة علم أبيض ، تتوسطه شمس صفراء ، وأربع زوايا حمراء للعلم . وكان عدد سكان الولة (278000) ألف نسمة , وكانت حدودها تمتد من : النهر الكبير جنوبا ، والعاصي شرقا وشمالا ، والبحر المتوسط غربا . وقد استمرت دولة العلويين من ( 23سبتمبر 1920م حتى 5 ديسمبر 1936م ) ، وصارت جزءا من الدولة السورية .. ( [442] )
وكانت الطائفة النصيرية قد تحركت لخدمة فرنسا منذ عام : 1919م . وطالبتها بالاستقلال عن دمشق . يقول يوسف الحكيم وقد كان معاصرا للاحداث آنذاك : ( إن النصيرية أخلصوا للانتداب الفرنسي ، فلم يبعثوا بنائب عنهم إلى المؤتمر السوري ...وكان موقفهم هذا متفقا مع عرقانهم للجميل ، حيث شملتهم فرنسا بالعناية والعطف .. ) ( [443] ) .
لقد كانت العلاقة حميمة بين النصيريين وفرنسا ، بينما كانت العلاقة متوترة ، وعلاقة عداء مع الحركة الوطنية السورية . ( [444] )
وهناك وثيقة محفوظة في الخارجية الفرنسية تحت رقم 3547 تاريخ 15/ 6 / 1936 ، في سجلاتوزارة الخارجية الفرنسية ، وفي سجلات الحزب الاشتراكي الفرنسي صورة عنها ، رفعها زعماء الطائفة النصيرية إلى رئيس وزراء فرنسا يلتمسون عدم جلاء فرنسا عن سوريا ، ويشيدون باليهود في فلسطين : نص الوثيقة :
(( دولة ليون بلوم  رئيس الحكومة الفرنسية : بمناسبة المفاوضات الجارية بين فرنسا وسوريا ، نتشرف نحن زعماء ووجهاء الطائفة العلوية في سوريا أن نلفت نظركم ، ونظر حزبكم إلى النقاط التالية :

  1. إن الشعب العلوي الذي حافظ على استقلاله سنة فسنة ، بكثير من الغيرة والتضحيات الكبيرة في النفوس ، هو شعب يختلف في معتقداته الدينية وعاداته وتاريخه عن الشعب المسلم والسني  . ولم يحدث في يوم من الأيام أن خضع لسلطة مدن الداخل .

  2. إن الشعب العلوي يرفض أن يلحق بسوريا المسلمة ، لأن الدين الاسلامي يعتبر دين الدولة الرسمي ، والشعب العلوي  بالنسبة إلى الدين الاسلامي يعتبر كافرا ، لذا نلفت نظركم إلى ما ينتظر العلويين من مصير مخيف وفظيع في حالة إرغامهم على الالتحاق بسوريا عندما تتخلص من مراقبة الانتداب ، ويصبح بإمكانها أن تطبق القوانين والأنظمة المستمدة من دينها .

  3. إن منح سوريا استقلالها ، وإلغاء الانتداب ، يؤلفان مثلا طيبا للمبادىء الاشتراكية في سوريا ، إلا أن الاستقلال المطلق بعني : سيطرة بعض العاءلات المسلمة على الشعب العلوي في : كيليكيا ، واسكندرون ، وجبال النصيرية . أما وجود برلمان وحكومة دستورية فلا يظهر الحرية الفردية ، إن هذا الحكم البرلماني عبارة عن مظاهر كاذبة ليس لها أية فيمة ، بل يخفي في الحقيقة نظاما يسوده التعصب الديني على الأقليات ، فهل يريد القادة الفرنسيون أن يسلطوا المسلمين على الشعب العلوي ليلقوه في أحضان البؤس .؟

  4. إن روح الحقد والتعصب التي غرزت جذورها في صدر المسلمين العرب نحو كل ما هو غير مسلم ، هي روح يغذيها الدين الاسلامي على الدوام . فليس هناك أمل في أن تتبدل الوضعية . لذلك فإن الأقليات في سوريا تصبح في حالة إلغاء الانتداب معرضة لخطر الموت والفناء  ، بغض النظر عن كون هذا الإلغاء يقضي على حرية الفكر والمعتقد .

وها إننا نلمس اليوم كيف أن مواطني دمشق يرغمون اليهود القاطنين بين ظهرانيهم على عدم إرسال المواد الغذائية لإخوانهم اليهود المنكوبين في فلسطين ، وحالة اليهود في فلسطين هي أقوى الأدلة الواضحة الملموسة على عنف القضية الدينية التي عند العرب المسلمين ، لكل من لا ينتمي إلى الإسلام . فإن أولئك  اليهود الطيبين الذين جاءوا إلى العرب المسلمين بالحضارة والسلام ، ونثروا على أرض فلسطين الذهب والرفاه ، ولم يوقعوا الأذى بأحد ، ولم يأخذوا شيئا" بالقوة ، ومع ذلك أعلن المسلمون ضدهم الحرب المقدسة بالرغم من وجود إنكلترا في فلسطين وفرنسا في سوريا .لذلك فإن مصيرا أسودا ينتظر اليهود والأقليات الأخرى  في حالة إلغاء الانتداب ، وتوحيد سوريا المسلمة مع فلسطين المسلمة ، هذا التوحيد هو الهدف الأعلى للعربي المسلم .
5- إننا نقدر نبل الشعور الذي يحملكم على الدفاع عن الشعب السوري وعلى الرغبة في تحقيق الاستقلال، ولكن سوريا لاتزال بعيدة عن هذا الهدف الشريف  الذي تسعون إليه ، لأنها لا تزال خاضعة لروح الإقطاعية الدينية . ولا نظن أن الحكومة الفرنسية ،والحزب الاشتراكي الفرنسي يقبلون أن يمنح السوريون استقلالا يكون معناه عند تطبيقه : استعباد الشعب العلوي ، وتعريض الأقليات لخطر الموت والفناء .
أما طلب السوريين بضم الشعب العلوي إلى سوريا ، فمن المستحيل أن تقبلوا به ، أو توافقوا عليه ، لأن مبادئكم النبيلة ، إذا كانت تؤيد فكرة الحرية ، فلا تقبل أن يسعى شعب إلى خنق حرية شعب آخر لإرغامه على الانضمام إليه .
6 – قد ترون أن من الممكن تأمين حقوق العلويين والأقليات بنصوص المعاهدة ، أما نحن فنؤكد لكم أن ليس للمعاهدات أية قيمة إزاء العقلية الاسلامية في سوريا  ، وهكذا استطعنا أن نلمس قبلا في المعاهدة التي عقدتها إنكلترا مع العراق التي تمنع العراقيين من ذبح الآشوريين واليزيديين .  فالشعب العلوي الذي نمثله نح المجتمعين  والموقعين على هذه المذكرة ، يستصرخ الحكومة الفرنسية ، والحزب الاشتراكي الفرنسي ، ويسألهما  ضمانا  لحريته واستقلاله ،ضمن نطاق محيطه الصغير ،  ويضع بين أيدي الزعماء الفرنسيين الاشتراكيين ،  وهو واثق من أنه لابد واجد لديهم سندا" قويا" أمينا لشعب مخلص  صديق ، قدم لفرنسا خدمات عظيمة ،  مهدد بالموت والفناء .
الموقعون :
  عزيز أغا هواش ..... محمد بك جنيد .....  سليمان المرشد .
محمود أغا جديد ....   سليمان أسد .........محمد سليمان الأحمد )) ) ([445]
فلا غرابة أن يعبر النصيرين في عريضتهم عن تعاطفهم مع اليهود تارة ، ومع الفرنسيين تارة أخرى ، ومن قبل تعاونوا مع الصليبيين ، ومع التتار ، وفي هذه الوثيقة ما يكفي للدلالة على عداء النصيريين للمسلمين وموالاتهم لكل عدو لهم في العصر الحديث .كما تبين أن أمثال هذه الوثائق المرفوعة ، لم تمنع فرنسا من الرحيل .
 أما في الزمن الحديث، فلنا فيما جرى ويجري على الساحة اللبنانية كما أسلفنا-، وفي أحداث الحرب العربية اليهودية عام 1967 ( [446] )... خير دليل.
ورعايتهم للأحباش في سوريا ولبنان وهم طابور يهودي عاشر، وليس خامسا فقط - وضربهم للفلسطينين في لبنان، وسكوتهم على الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982 ، ومساندتهم للشيوعيين في أفغانستان، وللصرب والكروات ضد مسلمي البوسنة، وغير ذلك مما حديثه يطول، ويراه كل ذي عينين ،  ولم  يكن كأحد القرود الثلاثة (لاأرى  لا أسمع  لا أتكلم)..
وأختم هذا الفصل بمقال للطبيبة  العلوية : وفاء سلطان : كتبته بتاريخ (11/10/2005 ).. وقديما قالوا : (  إذا اختلف العميلان ...ظهر اللِّص ..)  وكان المقال تحت عنوان :
[[  هذا الشبل من ذاك الأسد!!
قالوا لي بأنّك طبيب، فقررت أن أصدّق الكذبة!
قالوا لي بأنّك قضيت تسعة أشهر في التحصيل العلمي الطبّي في جامعات ومستشفيات بريطانيا، فقررت أن أصدّق الكذبة. علما بأنّها كانت أكبر!
تاريخ والدك، ياسيّدي الرئيس، غنيّ عن التعريف. ولكنك لا تستطيع أن تقرأ ذلك التاريخ  بنفس الطريقة التي تقرأه بها  وفاء سلطان، التي شبّت في ظلّ حكم والدكم المفدّى!
سنة 1985 كنت أحد أعضاء لجنة فحص الموظّفين الطبيّة في مدينة اللاذقيّة.؟  كنّا ثلاثة أطباء، الرئيس وعضوين.
أحد الأيام غير المباركة دخل موظّف اللجنة الى غرفتنا نحن الأطباء وهو يرتجف، وبصوت مبحوح قال: هل تعرفون من هنا..؟
لم يكن رئيس اللجنة قد وصل بعد، فتساءلت وزميلي العضو الآخر: من؟!!
ـ اخت الرئيس حافظ الأسد! تريد توقيع وثيقة ما. إياكم أن تطالبوا بفحصها. أنصحكم بتوقيع الوثيقة على بياض.. !  وركض مسرعا ليعود إلينا بالسيدة عمتك.
امرأة قصيرة مربوعة القامة، لا يتجاوز طولها المتر. تنظر إلى وجهها فتراه صورة فتوكوبية عن وجه السيد والدك!
لم يكد بصري يقع على ملامح ذلك الوجه حتى سرت في جسدي قشعريرة ارتعشت لها كلّ مفاصلي! وهمست في سرّي:  ياالهي..! إنّه بشحمه ولحمه!
الدكتور صلاح عجّان من أهذب الأطباء الذين قابلتهم في حياتي وأرفعهم خلقا. ينتمي إلى عائلة من عوائل اللاذقيّة المشهورة بسمعتها الطيّبة.
وقف الدكتور صلاح بلمح البرق وسحب لها كرسيّا:  أهلا بك ياخالة! تفضّلي بالجلوس!
جلست السيّدة عمتك، فتابع الدكتور صلاح:
أنا والدكتورة وفاء ـ مشيرا إليّ ـ سنوقع لك الوثيقة ولكن الدكتور رئيس اللجنة قد تأخر اليوم وسيكون هنا في الحال..!  فأشارت برأسها موافقة، دون أن تنبس ببنت شفة.
لم يمض على هذا الوضع سوى دقائق خِلتها ساعات حتى دخل الموظف ليرى ماحدث.
عندما عرف بأننا ننتظر رئيس اللجنة قال لنا: لقد أرسلنا الوثيقة إلى بيته كي يوقعها أولا والآن لاتحتاج إلاّ إلى توقيعكما...ولم يكد ينهي عبارته تلك حتى انتفضت تلك السيّدة كالوحش الكاسر، وقفت قبالة الدكتور صلاح وقد وضعت كفيّها على خصرها وجعرت ككلب أصيب لتوه بطلقة:
ولك ياحقير نطرتني عالفاضي؟!! أنت بتعرف من أنا؟!! وخبطت بقدمها على الأرض ثم تابعت:  أنا الله وَلَك..!! أنا الله .. !!   ولولا يقولوا جُنَّت لمسحت فيك الأرض!
هل صحيح بأنّكم الله ياسيّدي؟!! لكنّ الله لايمسح الأرض بعباده!!
مرّة اخرى أعود لتجربتي كطبيبة في لجنة فحص الموظفين. حدث ذلك في الفترة التي غضب به السيّد والدك على عمك ملعون الذكرـ السيّد رفعت ـ بعد أن تهاوشا على المصالح والمطامع والغنائم!
اتصل الدكتور محمد معروف بدر ـ الله لا يذكره ولا يذكر أمثاله بالخير ـ مدير صحّة اللاذقية، بالطبيب رئيس اللجنة التي كنت أعمل بها  ، وأمره أن يرسل الطبيبة العاملة باللجنة ـ أي حضرتي ـ إلى بيت رفعت الأسد لفحص "إحدى بَعلاته" والتأكد من صحة التقرير الطبّي الذي منحها حق التغيّب عن وظيفتها كمعلمة للمرحلة الابتدائية لأسباب صحيّة.وكانت البعلة المقصودة السيّدة سلمى مخلوف ابنة عم السيدة "الاولى" أنيسة مخلوف!
وهنا قد يستغرب القارئ ويتساءل: وهل سلمى مخلوف، زوجة رفعت الأسد وابنة عم السيدة "الأولى" أنيسة مخلوف، تشتغل معلمة للمرحلة الابتدائية، وراتب المعلمة في ذلك الوقت لم يكن يتجاوز الألف ليرة سورية؟!!
لم يكن استغرابي أقلّ من استغراب أيّ انسان يسمع بهذا الكلام. ولكن عندما شرح لي أحدهم السر تلاشى استغرابي.
كانت زوجات رفعت ومن لف لفيفهن يشتغلن بالإسم وليس بالفعل في الكثير من وزارات الدولة ، وتتقاضى الواحدة منهنّ اكثر من راتب من أكثر من وظيفة، وهي تجلس بالبيت. وعندما تم الخلاف بين شلة اللصوص. تظاهر السيّد الوالد بحرصه على احترام القانون! فأمر بعودتهن إلى وظائفهن كي يضيّق الخناق على أخيه رفعت!
ركبت سيارة مارسيدس كان يقودها أحد الشبيحة، نقلتني من مركز اللجنة المقابل لمبنى مديريّة الصحة إلى حيّ الأمريكان في مدينة اللاذقيّة.
وقفت بنا السيارة أمام بناية من ست طوابق، حيث احيط المبنى بالكولبات العسكرية.
كانت خادمة تنتظرني على البوابة، ثم رافقتني الى الطابق الرابع حيث تقيم السيدة مخلوف.
ألقيت عليها التحيّة بصوت خافت يكاد لايسمع ومددت يدي مصافحة فمدت يدها، وهي ماتزال جالسة على كرسي هزّاز. واومأت اليّ أن اجلس على الكرسي المقابل.
كنت طبيبة غِرّة ( بل عِرَّة )  وفي مقتبل العمر، لم تكن تجارب الحياة قد علمتني بعد كيف أتصرف في مواقف كهذه.
جلست وأنا ارتجف، وبصوت منكسر قلت:  سيدتي! لقد امرني مدير الصحة بالقدوم لتصديق التقرير، ولكنني حكما متأكدة من صحته، ثم ذيلته أمامها بتوقيعي.
وتردّ:
لايهم! ليكن مايريد هؤلاء الخونة. واعلمي ياحضرة الدكتورة بأن راتبي الشهري لايشتري لي هذا الحذاء، مشيرة إلى حذائها الذي رفعته حتى حاذى وجهي!
ـ أعرف.. أعرف ياسيّدتي! ثم وقفت وهممت بالخروج.
فوقفت وأشارت بيدها إلى مائدة من الحلوى والفواكه تتوسط الغرفة:
ـ تفضّلي وتناولي بعض الحلوى!
بطرف عيني رأيت من ضمن مارأيت طبقا من الموز. وكانت قد مضت أكثر من ثمان سنوات على عدم وجود موزة واحدة في الأسواق السوريّة.
في إحدى المرّات أقسمت لي معلمة ابتدائي بأن طلابها لا يعرفون تسمية الموز عندما يرون صوره في الكتاب!
في منتصف الثمانينات وصلت الأوامر إلى جميع المحافظات للقيام بمهرجانات شعبيّة على كافة المستويات احتفالا بذكرى إعادة انتخاب السيّد والدك.
في جامعة اللاذقية قام بعض رجالكم بإطلاق النار تعبيرا عن الفرح. أصابت رصاصة طائشة أحد الطلاب فقتلته على الفور. شاءت الأقدار أن يكون هذا الطالب من عائلة فقيرة جدا وهو وحيد والديه.
في زيارة الوفد الطلابي الذي نظّمه اتحاد الطلاب في الجامعة للقصر الجمهوري أو "قصر الشعب" كما يحلو لكم أن تسمونه، في تلك الزيارة أخبروا السيّد والدك بالحادث ، وشرحوا له ظروف عائلة ذلك الطالب الضحيّة، أملا في أن يأمر لعائلته ببعض التعويض المادي.
كانت صدمتهم كبيرة عندما أجاب ببرودة أعصاب، لا يستطيع أكبر مجرم في العالم أن يبديها أمام حدث كهذا، أجاب:
ـ ماالقضيّة؟!! لم يكن الطالب الوحيد الذي استشهد، فلقد مات مواطن في الحسكة ،  وآخر في حلب ، وثالث في.. وفي مناسبة وطنيّة وقوميّة كهذه ليس قضيّة كبيرة أن يستشهد بعض الناس.
عاد الوفد بخفّي حنين وبحرقة قلب وانكسار نفس!
عندما مات "العقيد الركن الفارس البطل الشهيد  الدكتور المهندس" باسل الأسد اثر حادث سيارة، كتبت الصحف الغربية عن أرصدته التي تجاوزت الأربع بليون دولار في بنوك سويسرا، والتي رفضت السلطات السويسريّة لأي من أفراد أسرته بنقلها إلى حسابه، بحجة أنه لم يكن متزوجا وليس لديه أولاد كي يرثوه ولم يترك وصية لأحد من بعده!!
وصلت غطرستكم إلى الحدّ الذي لا تصدّقون عنده بأن الموت قادر على أن يحصدكم!!
أربعة بلايين دولار، جمعها المهندس باسل بعرق جبينه دولاراً دولاراً من المشاريع التي هندسها للوطن الأم، أربعة بلايين دولارا ذهبت هباء الريح!!
أربعة بلايين دولار كانت كافية لغسل فاقة ثلاثة أرباع الشعب السوري التي ترزح تحت خط الفقر المدقع!!
ثلاثة أرباع الشعب السوريّ ترزح تحت خطّ الفقر المدقع، لكنّها مازالت تهتف، وفوق رقبتها يرزح حذاؤكم العسكري:  بالروح.. بالدم نفديك ياحافظ!!
في زيارتي الأخيرة للوطن التقيت بأحد أصدقائي القدامى، وأثناء الحديث تطرقنا إلى قطعة أرض كان يملكها وينتظر كي تتحسن أحواله كي يبني عليها بيت العمر. غصّ بالبكاء وقال:
تفاجأت أحد الأيام بشخص يخابرني ليسأل عن المشروع الذي بدأته على تلك الأرض، فسألته: أيّ مشروع تقصد؟ أنا لم أبدأ بعد بمشروعي!!
ـ ولكنني رأيت هذا الصباح العديد من آليات الحفر والجرافات والعمال!!
وبسرعة البرق استقليت سيارة أجرة وكنت هناك لأفاجأ بالمنظر الذي وصفه لي ذلك الشخص. اقتربت من سائق جرّافة وصرخت في وجهه: قف.. قف ماذا تفعل يارجل..؟ إنّها أرضي.. إنّها أرضي!!
توقف السائق ونظر اليّ مستغربا وكأنه أدرك اللعبة:
ـ بل إنّها أرض جميل الأسد ، وقد كلفنا ببناء مشروع عليها. أنا آسف ياسيّدي.. أقدّر إحساسك ، ولكن لاشيء بإمكاني أن أفعله!! اتصل صديقي بمحام مشهور وخبير بتلك القضايا، ولكن المحامي اعتذر إذ لاشيء بإمكانه أن يفعله..! والآن صديقي ينتظر، وهو مازال متمسكا بسند التمليك، ويأمل أن ينتهي كابوسكم كي يستعيد امتلاك حقه المسلوب.. !  متى سينتهي هذا الكابوس ياسيادة الرئيس؟!!
ماذكرته ليس الاّ غيضا من فيض ما عاشته مواطنة سوريّة واحدة، ما رأيك لو أردت أن أذكر ما تعرفه بقيّة العشرين مليون سوريّ؟!  والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:
هل يعقل بأن الإنسان الذي يعيش ويتربّى ضمن هذه الطغمة الموبؤة ، الملوثة ، والمشوّهة أخلاقيا وضميريّا لديه الملكات العقلية اللازمة والكافيّة لدراسة الطب، ناهيك عن قيادة بلد تمّ تدميره كليّا وعلى مدى قرابة أربعين عاما؟!!
هل يعقل أنّ الإنسان الذي يمت بصلة لحافظ الأسد ، أو رفعت الأسد ،  أو السيّدة عمتك ، أو السيّدة أنيسة مخلوف،  أو سلمى مخلوف ، أو السيّد فواز الأسد ، أو السيّد جميل الأسد ، أو السيّد هارون الأسد، هل يعقل بأن الإنسان الذي يتربى في حظيرة هؤلاء المجرمين مؤهل عقليا وأخلاقيا ليكون طبيبا؟!!
الطبّ ياسيّدي مهنة إنسانيّة، بل هو أرقى المهن الإنسانيّة! ولا يعقل أن يجيدها إنسان لم تسلّحه تربيته بالقيم والملكات والمفاهيم اللازمة لإجادتها!
لا يستطيع إنسان على سطح الأرض أن يقنعني بأن شخصا ما قضى حياته في تلك الفوضى، حيث لا تحكمه ضوابط قانونيّة أو منطقيّة أو أخلاقيّة، يستطيع أن يتفرغ لدراسة الطب والإبحار في محيطاته، الذي يتطلب صبراً واستيعاباً وجهداً وقدرةً على ضبط النفس ، وتخزين العلم ثمّ تطبيق ما خزّنه!  سأروي لك قصة قد تساعدك على استيعاب ما أقوله:
-  قام عالم نفسي أمريكي بفصل مجموعتين من الجرذان حديثي الولادة. وضع المجموعة الأولى في قفص مجهّز بكلّ ما تحتاج إليه لتعيش، درجة حرارة ثابتة.. كميّة وافرة من الأطعمة.. مياه للشرب.. أدوات للعب.. الخ
بينما أطلق سراح المجموعة الثانية في الطبيعة المحيطة لتواجه التحديّات التي تفرضها تلك البيئة، كنُدرة الطعام والماء وقساوة المناخ .. الخ
بعد سنة جمع المجموعتين وأجرى عليهما بعض التجارب في مخبره. أهم الحقائق التي توصل إليها ، كان ما أكده بأن القشرة المخيّة لدى الجرذان التي أطلقت في الطبيعة كانت أثخن وأكثر تمايزا من القشرة المخيّة لدى الجرذان التي عاشت في القفص.
معروف علميّا بأن القشرة المحيطة بالمخ هي التي تحوي مراكز الحس والحركة والتفكير والقدرة على المحاكمة وصنع القرار. التحديّات التي واجهتها تلك الجرذان أجبرتها على استعمال حواسها والتركيز على حاجاتها باضطراد، الأمر الذي أدى إلى تكاثر ونمو خلايا القشرة المخية بطريقة سريعة. بينما لم تواجه الجرذان التي عاشت في القفص أيّ نوع من التحديات، الأمر الذي لم يجبرها على استعمال مراكز الحس والحركة في قشرتها المخيّة ،  فتوقفت خلايا تلك القشرة عن التكاثر والنمو ،  وضمرت مع الأيام حسب القانون الطبيعي الذي يؤكّد بأن العضو الذي لا يستعمل يضمر..!
هناك مثل إفريقي يقول: أكثر التجارب قدرة على صقل الرجل تلك التي يصطدم خلالها مع الجبل!  هل اصطدمت مع جبال كي يساهم تفاعلك معها في صقل شخصتك..؟!!
أيّ نوع من التحديات واجهتها، ياسيدي ، وأنت تكبر في قصرك الملكي؟!! عقيد يقودك بالسيارة إلى المدرسة ولواء يقود بك عائدا إلى البيت!!  هل نمت يوما جائعا؟
هل ارتفعت يوماً حرارتك ولم تجد السيّدة والدتك طبيبا يقبل أن يعالجك في نصف الليل..؟
هل أرهقك الوقوف بانتظار الحصول على حصتك التموينية من الزيت والسكر والرز على باب مؤسسة استهلاكيّة..؟  هل جئت يوما إلى وظيفتك لتواجه المشاكل التي يسببها لك العاملون معك في نفس الدائرة؟ هل جربت أن تحصل على أيّة وثيقة ما من دائرة حكوميّة في مدينة اللاذقيّة؟ هل ركبت باصات النقل الداخلي؟ هل اضطررت يوما أن تستخدم مرحاضا في أحد المرافق العامة؟  هل حاولت الحصول على قرض عقاري من بنك سوري؟
هل فكّرت كيف ستدفع فواتير التلفون أو الماء أو الكهرباء، أو كيف ستشتري لابنك حذاء وقد نضب راتبك منذ اليوم الأول للشهر.. ؟!! هل جلست قبالتك سيّدة، وحذاؤها يحاذي وجهك، وهي تستهتر براتب الموظّف الذي لا يساوي قيمة ذلك الحذاء؟!!..هل أكلت لَكماً وضرباً من مجرم يستعمل قوته كما يستعملها الأسد؟!!..هل حلمت بموزة كي ترضي بها معدة طفليك؟!!
هل نمت على باب إحدى السفارات في دمشق أملا بالهروب من جحيم حكومتك؟!!
إذاً ماهي التحديّات التي واجهتها.. وساهمت في نمو وتكاثر خلايا قشرتك المخيّة .. كي تصل الثخانة والتمايز المطلوبان لتمكينك من استيعاب الطب وعلومه؟ ناهيك عن القيادة ومسؤولياتها؟!!عندما أطلق العالم الجرذان التي عاشت في القفص إلى الطبيعة ماتت بعد عدّة أيام لأنها لم تكن تملك القشرة المخيّة اللازمة لمواجهة تحدّيات البيئة الكثيرة والصعبة!
الجرذ الذي يعيش في القفص مغمورا بكل مايحتاج إليه لن يكون قادرا على مواجهة أيّ تحد، ناهيك عن قيادة عشرين مليونا آخر..!!  ثق تماما، ياسيّدي الرئيس، بأن أيّ رجل يعيش في شوارع دمشق ،  أو حلب ، أو أي مدينة سوريّة أخرى، يصارع تحديّات الحياة كي يعود بلقمة عيش نظيفة لعائلته، لقادر أكثر  منك على قيادة وطنه، لأنّه تعلم من تجاربه والتحديّات التي واجهها في حياته أكثر بكثير مما تعلمت!
المرة الأولى والأخيرة التي رأيتك بها تتحدث كانت خلال مقابلة أجراها معك صحفي لبناني لا أذكر اسمه...لم أنتبه وقتها إلى ما  قلت ، بقدر ما انتبهتُ إلى حركاتك، التي إن دلّت على شيء إنّما تدلّ على ارتباكك وتوتّرك وإحساسك بأنك في مأزق لا تعرف كيف تخرج منه!
هذا تصرّف طبيعيّ لشخص لم يخض أيّة تجارب كي يتعلّم كيف يواجه أيّ تحد!!
أشفقت يومها عليك، وأشفقت أكثر على هذا الشعب المسكين الذي تُوهمه بأنّك قائده!
خمس سنوات مضت، ياسيادة الرئيس، ونحن نصدّق الكذبة على أمل أن تثبت لشعبك بأنّك
على حقّ وبأننا نحن الكاذبين، خمس سنوات لم تثبت خلالها الاّ أنك ابن أبيك..!! ( [447] )
وتاريخه الحالي يظهر أنه لم يتغير، وأن العصا من العصية،ولا تلد الحية إلا حية ..!!
 

القبائل النصيرية ومواطنها

يتكون النصيريون من عدة عشائر وأفخاذ ذات أصول عربية آرامية. ولا تزال اللغة الآرامية بادية آثارها في لهجاتهم وفي أسماء الأشخاص والقرى والجبال( [448] ) وهذه القبائل والعشائر التي تدين بالمذهب النصيري: مثل : الكلبية: وهي من أكبر العشائر النصيرية. و النواصرة.والجهنية وينتمون لأميرهم جهينة البغدادي.والقراحلة.والجلقية: جاءوا من دمشق فنسبوا إليها.والرشاونة، والشلاهمة..والرسالنة.والجردية.والخياطية: نسبة للشيخ علي الخياط الذي تسبب في مجيء عشائر السنجارية النصيرية إلى الجبل وبينهم البرامكة والقبرصية.والبساترة.والعبدية.. والبراعنة.. والفقاورة.. العمامرة..والحدادية.. وبنو علي. والبشالوة.. والياشوطية.. والعتارية.. والمتاورة.. والحلبية: وهم النصيريون الذين وفدوا من حلب في عهد السلطان سليم التركي ويدعون بالسوراك.والخزرجية. والسوارخة.. والنميلاتية.. والسرابنة.. والصوارمة..والمهالبة: نسبة للمهلب بن أبي صفرة.. والدراوسة..,والمحارزة.. والبشارغة.. و الجواهرة.. والسواحلة: وهم النصيريون الذين استوطنوا ما بين صهيون واللاذقية وجبل الأقرع..والأنطاكيون: وهم من نواحي السويدية،   والحربية، وقصير، وبيلان، واسكندرون..والأضنيون: وهم النصيريون الذين قطنوا أضنه، وترسوس ، ومرسين. والنسبة في هذه الأسماء إما إلى أشخاص فهم معروفين عندهم أو إلى قرى ومدن معروفة في أرضهم وغيرها.
وهم يتمركزون الآن في الجبال المعروفة باسمهم ، وفي مدينة اللاذقية والقرداحة ،ومدينة حمص ،وحلب،  وقليل منهم في دمشق ،وطرابلس ، وحماه ، وفي قرى : عين فيت وزعورا-وغجر  في شمال فلسطين المحتلة.. وغيرها من القرى والمدن التي مر ذكرها في ثنايا هذا البحث.. ولكنهم في الفترة الأخيرة بعد أن استولى النصيريون على نظام الحكم في سوريا حاضرة الأمويين- استوطنوا  معظم المدن السورية الرئيسة( [449] ) .

من زعماء النصيرية في القديم والحديث ..

للنصيريين زعماء سياسيون ودينيون.. أما السياسيون فهم يتربعون الآن على سُدَّةِ الحكم في سوريا العربية المسلمة حتى أنك لا تجد مصلحة حكومية إلا وعلى رأسها أحد النصيريين...
 أما زعماؤهم الدينيون فقد ذكرنا عدداً منهم في الطبعة الأولى من هذا الكتاب ، وبالتأكيد هلك عدد منهم بعد صدور الطبعة الأولى لهذا الكتاب ، وحل محلهم آخرون لم نجد ضرورة في ذكر  أسمائهم... ولكن نكتفي بإلقاء الضوء على عدد من زعمائهم في القديم والحديث ...  وكان من أبرزهم:
1- ابو شعيب محمد بن نصير البصري النميري:
وهو أبرز زعماء النصيريين، اذ أنه المؤسس لهذه الطائفة واليه تنتسب، وبحكم كونه فارسي الأصل ، فإننا نجد كثيراً من العقائد التي أدخلها في عقيدة الطائفة فارسية الأصل كذلك، ولد في أوائل القرن الثالث الهجري، وتوفي عام (260هـ) وقيل عام (270هـ)( [450] ) .
نشأ في سامراء، وكان يلقب بوحيد العين، وقد عاصر اثنين من أئمة الشيعة الاثنى عشرية، وهما: علي الهادي، والحسن العسكري، وادعى بأنه باب- الحسن العسكري، وينفي الشيعة الاثنى عشرية ذلك، ويقولون: انه لم يكن بابا- للحسن العسكري ولا وكيلاً- له، يقول الطبرسي:(كان من أصحاب الحسن العسكري، ففضحه الله تعالى لأنه قال بالغلو، وبالتناسخ، والالحاد)( [451] ) .
بل ذكر أقدم مؤرح شيعى وهو:  سعد بن خلف الاشعري القمي أن  محمد بن نصير كان يقول بعدم إباحة المحارم ، وأنه ادعى النبوة ،  ثم ادعى أن روح الله تعالى قد حلت فيه . ([452])
يقول الكشي في ترجمته : قال نصر بن الصباح الحسن بن محمد المعروف بابن بابا،  ومحمد بن نصير النميري ، وفارس بن حاتم القزويني ، لعن هؤلاء الثلاثة علي بن محمد  العسكري – عليه السلام - ، وذكر أبو محمد بن الفضل بن شاذان إلي في بعض كتبه ، أن من الكذابين المشهورين :  إبن بابا القمي ، قال سعد : حدثني العبيدي قال : كتب إلي العسكري ابتداء منه ، إبراء إلى الله ، من الفهري ، والحسن بن محمد بابا القمي ، فابرأ منهما ، فإني محذرك وجميع موالي ، وإني ألعنهما ، عليهما لعنة الله .. إلى أن يقول : يزعم ابن بابا أني بعثته نبيا  وأنه باب ، عليه لعنة الله ، سخر منه الشيطان ، فأغواه ، فلعن الله من قبل منه ذلك ، يا محمد إن قدرت أن تخدش رأسه بالحجر فافعل ، فإنه قد آذاني ..آذاه الله . 
ثم يقول: قال أبو عمرو : وقالت فرقة بنبوة محمد بن نصير النميري ، وذلك أنه ادعى أنه نبي رسول ، وأن علي بن محمد العسكري- عليه السلام -  أرسله ، وكان يقول بالتناسخ و الغلو في أبي الحسن - عليه السلام -  ويقول فيه بالربوبية ، ويقول بإباحة المحارم ، ويحلل نكاح الرجال بعضهم ببعض في أدبارهم ،  و يقول إنه من الفاعل والمفعول به أحد الشهوات  الطيبات ، وأن الله لم يحرم شيئا من ذلك ..! وكان محمد بن موسى بن الحسن بن فرات يقوي أسبابه و يعضده ، وذكر أنه رأى بعض الناس محمد بن نصير عيانا وغلام له على ظهره .؟   فرآه على ذلك ، فقال : إن هذا من اللذات ، وهو من التواضع لله ، وترك التجبر ، وافترق الناس بعده فرقا...[453] )
وقال الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة  : باب ذكر المذمومين اللذين ادعوا البابية لعنهم الله : ومنهم : محمد بن نصير النميري ،  قال ابن نوح : أخبرنا أبو نصر هبة الله بن محمد ، قال : كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي - عليه السلام- ،  فلما توفي أبو محمد ،  ادعى مقام أبي جعفر محمد بن عثمان ، أنه صاحب إمام الزمان،  وادعى له البابية ، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل،  ولعنِ أبي جعفر محمد بن عثمان له،  وتبريه منه ، واحتجابه عنه،  وادعى ذلك الأمر بعد الشريعي.
 قال أبو طالب الأنباري :  لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر،  لعنه أبو جعفر - رضي الله عنه-  وتبرأ منه فبلغه ذلك ، فقصد أبا جعفر - رضي الله عنه -  ليعطف بقلبه عليه ، أو يعتذر إليه ، فلم يأذن له ، وحجبه ورده خائبا. وقال سعد بن عبد الله : كان محمد بن نصير النميري يدعي أنه رسول نبي ، وأن علي بن محمد -عليه السلام – أرسله ،  وكان يقول بالتناسخ ، ويغلو في أبي الحسن - عليه السلام - ، ويقول فيه بالربوبية ، ويقول بالإباحة للمحارم ، وتحليل نكاح الرجال بعضهم بعضا في أدبارهم ،  ويزعم أن ذلك من التواضع والإخبات والتذلل في المفعول به ، وأنه إحدى الشهوات والطيبات ، وأن الله عز وجل لا يحرم شيئا من ذلك. وكان محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات يقوي أسبابه ويعضده...  أخبرني بذلك عن محمد بن نصير أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان أنه رآه عيانا وغلام له على ظهره ، قال فلقيته فعاتبته على ذلك ، فقال إن هذا من اللذات وهو من التواضع لله وترك التجبر.  قال سعد فلما اعتل محمد بن نصير العلة التي توفي فيها قيل له وهو مثقل اللسان لمن هذا الأمر من بعدك.؟  فقال بلسان ضعيف ملجلج أحمد ، فلم يدروا من هو ، فافترقوا بعده ثلاث فرق قالت فرقة إنه أحمد ابنه ، وفرقة قالت هو أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات ، وفرقة قالت إنه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد ،فتفرقوا فلا يرجعون إلى شي‏ء.([454])
وجاء في كتاب الامام المهدي من المهد الى الظهور : محمد بن نصير النميري :
كان من أصحاب الإمام العسكري – عليه السلام -  فلما توفي الإمام ، ادعى النميري كذباً و زوراً أنه سفير الإمام المهدي – عليه السلام -  و نائبه ،  ولكن الله تعالى فضحه ، حينما ظهرت منه عقيدة الإلحاد ،  فلعنه النائب الثاني محمد بن عثمان و تبرأ  منه.
وكان اللعين يقول بربوبية الإمامين الهادي و العسكري – عليهما السلام - ،  و يدعي انه نبي مرسل من عند الهادي – عليه السلام - ، ويقول بالتناسخ ، ويفتي بإباحة المحارم ، واللواط ، و يقول : إنه من اللذات  والشهوات في الفاعل ، ومن التواضع في المفعول به...الخ ([455])
وقد ذكر " المستشرق الأمريكى فإن ديك " أنه كان من القرامطة ، وكان مشهورا بكثرة صلاته وصيامه ، واعتبره أتباعه من الأولياء، ثم اختار من أصحابه اثني عشر رسولا ينشرون تعاليمه، فلما شاع أمره قبض عليه الوالي ورماه في السجن ، وكان للسجان جارية عطفت على ابن نصير حتى أنها قد أسكرت السجان يوما ، وأخذت المفاتيح وفتحت له أبواب السجن ، وأطلقت سراحه ، وأعادت المفاتيح إلى مكانها فلما استيقظ السجان لم يجد ابن نصير ، ولم يجد أية علامة  تدل على فتح باب السجن بالقوة ، فقال : يبدو أن ملكا قد أطلق هذا السجين ..؟  وأشاع هذا الخبر لكى ينجو من غضب الوالي ، وبلغ ابن نصير الخبر ، فكان يؤكد هذا الخبر للناس ويعمل على نشره مع  تعاليمه ..
 وقد كتب رسالة قال فيها :  أنا فلان وقد رأيت المسيح الذى هو كلمة الله ، وهو أحمد بن محمد بن الحنيفية من ولد علي .. وهذا ليس مستغربا فى أن يسمى المسيح - وهوعيسى بن مريم - بهذا الاسم اذ أن عندهم عقيدة الحلول ، فشخص واحد يظهر بصور مختلفة فى أزمنة مختلفة ، فالشخص واحد والاسم والصورة مختلفة ، فالمسيح الذي كان اسمه عيسى بن مريم فى زمن معين ، هو نفسه أحمد بن محمد بن الحنيفية من ولد علي ،  فقال المسيح هذا لمحمد ابن نصير انت القارئ الصادق أنت الحافظ  ، أنت الروح ، أنت يوحنا بن زكريا ، فاعلم الناس أن يعملوا فى صلواتهم أربع ركعات ، اثنتان قبل شروق الشمس ، واثنتان قبل غروبها ،  متجهين إلى أرشليم ..؟!!  وغير ذلك من التعاليم .. وانطلق هذا الرجل من الكوفة إلى بر الشام وأذاع تعاليمه هناك ، وأخيرا اختفى بعد ذلك ، ولم يسمع عنه بعد ذلك شئ،  وقد ترك محمد ابن نصير عدة مؤلفات فى مذهبه ، لا يزال بعضها موجودا إلى الآن مخطوطا في باريس ، ومن هذه الكتب:  الأشباه والاظلة ([456]) ، والمثال والصورة ، وكتاب مسائل يحيى بن معين ، والأدوار والأكوار ، وكتاب التأويل فى مشكل التنزيل .
2- الحسين بن حمدان الخصيي :
وهو الحسين بن حمدان الخصيي المصري الاصل، ولد سنة (260هـ)، وقد انتقل الى العراق، والتقى بأبي عبدالله محمد بن الحنان الجنبلاني، وكان هذا الاخير من النصيرية، ومؤسس ما يعرف بالطريقة الصوفية الجنبلانية، التي اعتبرها محمد أمين الطويل النصيري- بأنها هي التي تميز العلويين عن الشيعة الاثنا عشرية، ويبدو أن هذه الطريقة الصوفية كانت مزيجاً من مذاهب وعقائد مختلفة، اتخذها الجنبلاني طريقاً مميزاً لأتباعه، ويعده البعض بأنه المدون لقواعد المذهب النصيري، بل لم يجرؤا على اذاعة مذهبهم والدعوة له الا بفضل الخصيي، بل حاول بعض أفراد طائفته أن يوحدوا طائفة النصيرية مع القرامطة الاسماعيلين، الا أن الخصيي رفض ذلك، فاستجاب له النصيرييون، ثم انتقل الخصيي الى الشام، واستقر في مدينة حلب، الى أن هلك فيها، وعمره ست وثمانون سنة عام (358هـ) وقبره معروف في شمالي حلب ويدعى قبر الشيخ يابراق- وله عدة مؤلفات فى مذهب النصيرية و عقائد الطائفة ، ومن هذه المؤلفات كتاب فى أسماء الرسول ، وكتاب أسماه المائدة، وأشعار في مدح أئمة آل البيت، وكان يقول بالحلول والتناسخ، ومن أشهر كتبه: (الهداية الكبرى) وقد نشر النصيري هاشم عثمان- فقرات منه في كتابه (العلويون بين الأسطورة والحقيقة)، وكان الخصيي قد أهدى كتابة هذا لسيف الدولة الحمداني( [457] ) .
  ويقال أن الخصيبـى قال قصيدة فى ذم أهل الشام الذين لم يستجيبوا له ، وقد سجن الخصيبـى لما آثار الفتن بين الناس ، كما سجن من قبل أستاذه الأكبر محمد بن نصير ثم أطلق سراحه،  وادعى الحصيبـى أن السيد المسيح هو الذى اطلق سراحه ، وفى ذلك يقول الخصيبـى فى ذم أهل الشام:
"سئمت المقام بأرض الشآم.................. عليهم لعائن رب الأنام"
3-  أبو عبدالله الحنان الجنبلاني :
وهو من الشخصيات النصيرية البارزة، ولد في جنبلا- الفارسية، فلقب بالفارسي، وكان قد أسس طريقة صوفية تعرف بالطريقة الجنبلانية، كما كان استاذاً للخصيي، وكان من أكبر دعاة العلويين ومن أكبر علمائهم فى عصره ، ويلقبه النصيريون بالفارسي ، رحل الى مصر وغيرها للدعوة الى مذهبه، هلك عام 287هـ، وله كتب من أهمها الايضاح لسبيل النجاح- ( [458] ).
4-أبو سعيد الميمون سرور بن قاسم الطبراني:
وهو من أبرز رؤسائهم ورجالهم ، ولد في مدينة طبرية بفلسطين المحتلة، وكان رئيساً للطائفة النصيرية في حلب، ثم انتقل إلى اللاذقية، ويلقبه النصيريون بالشيخ الثقة، وقد تتلمذ على يد محمد الجلي-الذي كان زعيماً للطائفة في عهده، وخلفه أبو سعيد الطبراني في رئاسة الطائفة بعد وفاته، وبعد وفاة أبي سعيد لم يعد للنصيريين مركز دينى واحد ، فلم يك عندهم شخصية قوية تملأ الفراغ الذى تركه أبو سعيد وقد كان أبو سعيد مجادلا وعزيز الاستنتاج في مذهبه وقد روي أنه كان يجادل أبو ذهيبية اسماعيل بن خلاد-  وكان من طائفة الاسحاقية -  ، وله عدة مؤلفات في المذهب النصيري، من أشهرها: كتاب الأعياد، وهو طافح بالسباب والشتائم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- ، ويصف : أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأ رضاهم- بالأضداد الثلاثة، وله كتاب الدلائل بمعرفة المسائل  يقول فيه: إن الذئب المتهم بقتل يوسف عليه السلام- هو: عبدالرحمن بن ملجم المرادي..؟؟! وأن يوسف عليه السلام- هو: علي بن أبي طالب كرم الله وجهه-؟؟! ([459])  وهذا بالطبع تأويل مرفوض ، وصرف لِلَّفظ عن ظاهر معناه الى معنى لا يحتمله اللفظ، ولا تدل عليه دلالات اللغة ، ولا سياق الكلام .
5- أبو الفضل محمد بن الحسن منتخب الدين العاني:
وهو من أبرز زعماء النصيريين، قال صاحب كتاب الأعلام: إنه وقعت في يده مخطوطة من مخطوطاته ، نسخها حديثاً أحد مشايخهم ابراهيم عبداللطيف مهرج  سنة (1326هـ) قال في مقدمتها: (لما كان ديوان السيد الأجل، فخر الملة الشيعية، ومن أئمة الفرقة النميرية الشيخ محمد منتخب الدين العاني).
والديوان في مدح علي بن بدران المهاجري-، يقول في إحدى قصائده يمدح عمه:
بني نمير رضـــاكم منتهى أملي وأنتم دون خلق الله مقصودي
وللحجاب سجودي مع سجودكم وللعلي العظيم الشأن توحيدي
وفي القصيدة اشارة واضحة الى تأليه علي- كرم الله وجهه- .
وقد تطاول هذا الملعون على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- وعرض بها في أكثر من قصيدة. وقد ترك عدة مؤلفات منها: تسمية الأعياد، وكتاب العالم والمتعلم، وكتاب الحياة الروحية( [460] ) .
6-  المهدى النصيري :
هو محمد بن الحسن المهدي النصيري ، وقد تزعم هذا الرجل جماعة من أبناء مذهبه النصيريين وزعموا أن المسلمين كفرة ويجب قتالهم ، وقد التقى هو وجماعته بالمسلمين ولكن الله تعالى هزمه شر هزيمة وقد ادعى هذا الرجل الألوهية،  وزعم أن  روح الله تعالى قد حلت فيه ، والحلول – كما أسلفنا -  عقيدة من عقائد النصيرية الثابته .
وكان مقر محمد المهدى جبال اللاذقية وكانوا يسمونه بعلى بن أبي طالب ، خالق السموات والأرض ، وتارة يسمونه محمد بن عبد الله صاحب البلاد ، وقد خرج هو وفرقته ضد السلطان العثماني  في عهده ،  وأحدث نظام الجماعات في طائفته ، وكل جماعة تتكون من ألف شخص ، وكان يعين لها رئيسا ،  ودخل هو وأتباعه مدينة جبلة وخرجوا يقولون لا إله إلا على..  ولا حجاب إلا محمد ، ولا باب إلا سلمان .. وأمر أتباعه بهدم المساجد وتحويلها إلى خمارات ، وكان يقول لمن يأسرونه من المسلمين قل : لا إله إلا على ، واسجد لإلهك المهدي ،  الذي يحيى ويميت ، وقد جهز السلطان العثماني إليه حملة ، فقتلوا من أتباع المهدي  عدداً كثيراً ،  وماتت فتنتهم .( [461] )
7-  يوسف ياسين  وهو أخ للشيخ غانم ياسين.. ذهب  لفلسطين من اللاذقية في أيام الحرب العامة  الأولى سنة 1917 م  للالتحاق كتلميذ بالكلية الصلاحية الإسلامية بالقدس، فلما علم مديرها الشيخ عبدالعزيز جاويش رحمه الله- أنه من اللاذقية.. رفض أن يقبله.. لأنه كان يكره النصيريين.
ولما احتل الإنكليز فلسطين عام 1918م  تطوع يوسف ياسين- بالفرقة التي شكلها الإنكليز للعمل مع لورنس- لمحاربة الأتراك باسم الجيش العربي.. فكان يوسف ياسين يخطب في الأندية وفي الشباب بالقدس داعياً إلى الجهاد.. ضد الأتراك.
وقد نشرت جريدة الكوكب الصادرة في 3/9/1918 م بالقاهرة لمراسلها بالقدس وصفاً لحفلة أقيمت في النادي العربي،  لحث الشباب على التطوع في ذلك الجيش ، فقال المراسل: ثم وقف الشاب يوسف ياسين وتكلم بصفته جندياً في الجيش العربي ثم أنشد قائلاً:
سنأخذُ هذا الحقَّ بالسيف والقَنا   شيباً وشباناً على ضُمَّرٍ بُلقِ
وقد أخذ الإنكليز فلسطين فعلاً.. ولكن بالخديعة ، لا بالسيف ولا بالقنا ،ولا بالضُمَّر البُلق. ثم أعطوها لليهود ، وأقاموا لهم فيها دولة.. ولما فرغ الإنكليز من اغتيال فلسطين،  بعد الضحك على العرب وعلى خطبهم وأشعارهم فَضُّوا ذلك الجيش.. العربي..
فنزح يوسف ياسين إلى الحجاز يقصد الملك الحسين بن علي ، فمكث عنده مدة  قصيرة ثم صرفه. فذهب إلى الملك عبدالله في عمان.. وبقي عنده مدة ،ثم استغنى عنه. وبعد ذلك رجع للقدس فاستخدمه الفلسطينيون معلماً في مدرسة (روضة المعارف الوطنية). والمهم من هذا كله أنه أثبت أن أهل فلسطين لم يقصروا مع يوسف ياسين يوم فَضَّلوه على شبانهم ،واعتبروه واحداًً منهم..
وبدلا من أن يقابل الإحسان بمثله.. عندما أصبح موظفاً كبيراً في السعودية وصاحب سلطان على جريدة (أم القرى) ، أخذ يهمل الفلسطينيين ، ويمنع تلك الجريدة من نشر أخبارهم، ولما صار مندوباً للسعودية في الجامعة العربية( [462] ) كان لا هَمَّ له إلا العمل على كبح جماح المتحمسين لفلسطين( ثوار فلسطين ) . وقد أذاع النائب العراقي عز الدين النقيب- نص خطاب (يوسف ياسين) المندوب السعودي في اللجنة السياسية للجامعة العربية ، نشرته الصحف العراقية ، وجريدة العرب الصادرة في باريس بتاريخ 14/6/1949 وجاء فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم: أيها الناس تريثوا في مقرراتكم فلا تستعجلوا. فإن اليهود أغنياء وأقوياء في كل شيء بالمال.. والعلوم.. والفن.. والذكاء.. والقوة القاهرة.. بينما نحن عزل من السلاح، وفقراء لا نملك من أسباب القوة لا قليلاً.. ولا كثيراً .. لنتمكن من محاربتهم" فكان خطابه هذا مثبطاً وموهناً للعزائم( [463] ) وقد توفى منذ مدة.. من ملك الموت إلى مالك.. ولحقه ابنه الذي كان سفيراً للمملكة العربية السعودية  في تركيا.

ياسين) المندوب السعودي في اللجنة السياسية للجامعة العربية ، نشرته الصحف العراقية ، وجريدة العرب الصادرة في باريس بتاريخ 14/6/1949 وجاء فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم: أيها الناس تريثوا في مقرراتكم فلا تستعجلوا. فإن اليهود أغنياء وأقوياء في كل شيء بالمال.. والعلوم.. والفن.. والذكاء.. والقوة القاهرة.. بينما نحن عزل من السلاح، وفقراء لا نملك من أسباب القوة لا قليلاً.. ولا كثيراً .. لنتمكن من محاربتهم" فكان خطابه هذا مثبطاً وموهناً للعزائم( [463] ) وقد توفى منذ مدة.. من ملك الموت إلى مالك.. ولحقه ابنه الذي كان سفيراً للمملكة العربية السعودية  في تركيا.
8 – الحسن بن مكزون السنجاري :
هو الأمير حسن بن يوسف مكزون ابن خضر،ينتهي نسبه إلى المهلب بن أبي صفرة الأزدي ، ولد عام 583هـ في سنجار العراق ،يعده العلويون في سورية من كبار رجالهم.كان مقامه في سنجارأميرا عليها،واستنجد به علويو اللاذقية ليدفع عنهم شرور الإسماعيلية سنة 617 ه‍ ،فزحف إليهم بخمسة وعشرين ألف مقاتل،فَصَدَّه الإسماعيليون،فعاد إلى سنجار([464])ثم زحف سنة 620 ه‍ بخمسين ألفا،وأزال نفوذ الإسماعيليين،وقاتل من ناصرهم من الأكراد,ونظم أمور العلويين,ثم انصرف إلى العبادة,ومات في قرية (كفرسوسة)بقرب دمشق،وقبره معروف فيها ، وله ديوان شعر,وعارض ابن الفارض في تائيته التي مطلعها :
لبيت لما دعتني ربة الحجب ......وغبت عني بها في شدة الطرب .  ( [465] )
9-  سلمان المرشد :
 هو سلمان بن مرشد بن يونس ، من النصيريين ، وانشق عنهم ، وُلِدَ سلمانُ المرشد عام 1907م من أسرة فقيرة من الفلاحين في قرية (جوبة برغال) في جبال اللاذقية، وكان رئيسا لعشيرة العمامرة ، وبدأت سيرته سنة 1923م. وقد أدعى الألوهية فَلُقِّبَ بالرَّبّ ، وكان يلبس ثوبا فيه أزرار كهربائية ، فإذا ضغط عليها ظهر النور عليه من كل اتجاه ، فظن أتباعه الجاهلون أنه إله ، ومن العجيب أن المستشار الفرنسي في سوريا يومئذ كان يسجد له مع الساجدين ، ولا ريب أن هذا الرجل الفرنسي كان يعلم أن سليمان المرشد انما هو بشر عادى ،  ولكنه استخفافا  منه بعقول النصيريين ،  ورغبة منه في نشوية صورة الاسلام ، كان يسجد مع الساجدين له ، وقد سجن سنة 1923م.ونفى الى الرقه حتى سنة 1925م. وعاد من منفاه فتزعم أبناء نحلته  النصيرية ، وهو كطائفتة الباطنية النصيرية يؤلهون علياً ، ويقول بالحلول .  وقامت الثورة على الفرنسيين في أيام عودته ، وانتهت الثورة السورية وقتئذ بتأليف حكومة وطنية لها شيء من الاستقلال الداخلى ، فاستمال الفرنسيون سليمان المرشد  وجعلوا لبلاد العلوين نظاماً خاصاً ، فقويت شوكته ولقب برئيس الشعب العلوى الحيدرى الغساني.. وفي عام 1938م عين سليمان زعيما للنصريين  ،  وكون فدائين نصيرين ، وجعل لهم زياً  خاصاً بهم ، وفرض على القرى التابعة له الضرائب ، وأصدر قراراً جاء فيه :
(  نظرا الى التعديات من الحكومة الوطنية ،  ومن الشعب السني على أفراد شعبي ،  شكلت جيشا للدفاع من الفدائين.. )  وكان في خلال ذلك الوقت يعمل بدمشق نائبا عن النصيرين في المجلس النيابى السوري ،  وقد اتخذ سليمان المرشد رسولاً له يسمى ( سليمان الميده ) ، وكان يعمل جَمّالا ( [466]) ، ولما رحل الفرنسيون عن سوريا تركوا له ولأتباعه السلاح مما أغراهم بالعصيان والتمرد ، وأرسلت الحكومة السورية قوة فتكت ببعض أتباعه ، ثم اعتقل وشنق في دمشق في أثناء تولى حكومة صبرى العسلى عام 1946م .
وللطائفة المرشدية عيد وحيد  في الخامسُ والعشرون من آب من كل عام والمسمى بِـ (عيدِ الفرح بالله). وتركز الطائفة  المرشدية على الحرية الدينية الكاملة بشكلٍ عام ،  وعلى حرية المرأة بشكلٍ خاص ، فتتزوج ممن تحب… دون  أدنى معنى للإكراه أو القسرية ،  كما كان يدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة...والدعوة الفعلية للمذهب المرشدي تُنسب إلى مجيب  بن  سليمان المرشد والذي يعتبر المرجع الأول للمرشدية التي أعلنها في (  25 آب -أغسطس من عام 1951م) . وقتل  مجيب على يد عبد الحق شحادة ، آمر الشرطة العسكرية في عهد أديب الشيشكلي، وبإيعاز منه, في(  27 تشرين الثاني - نوفمبر 1952). ويعتبره المرشديون المخلّص الغائب ؟! , وقد أشار مجيب قبل مقتله ( أو غيابه في زعمهم ) إلى أخيه الأصغر ( ساجي المرشد) باعتباره "الإمام  ومعلم الدين". لذلك يُعتبر ( ساجي المرشد)  المرجعيه الدينية التي يلجأ إليها أبناء الطائفة  في أمور دينهم..وقد (غاب كما يرى المرشديون) ( في تشرين الأول - أكتوبر من عام 1998) ولم يوصِ بالإمامة لأحد من بعده ، لذلك لا توجد عند المرشدية مرجعية دينية بعده.و تتواجد الطائفة  في اللاذقية وفي منطقة القنيطرة (زعورة والغجر) وجبل الحلو (شين، عوج، مريمين.)وغيرها ...   وقد سئل سلمان المرشد  قبل وفاته :  أنت تدعي الألوهية ، وأغا خان زعيم الاسماعيلية يدعى أيضا الألوهية ، فكيف تتسع الأرض لإلهين ، فأجاب : إن الخالق يبث روحه فيمن يشاء،  وقد أطلق على أتباعه اسم البناوية ، وقد خلف سليمان المرشد ابنه مُجيب ، ثم  قتل بعد فترة وما زال أتباع سلمان يؤلهونه إلى اليوم. وقد ألف أمين حداد كتابا عنه أسماه : مدعي الألوهية في القرن العشرين. ([467])
ولتتضح الصورة أكثر ، اقرأ معي هذا الفصل في كتاب :  ثلاثة أشهر هزت سورية .. ( الطائفة المرشدية تعلن ولاءها للسيد الرئيس :  كان الرفيق "محمد إبراهيم العليقائد الجيش الشعبي قد وضع أوراقه مبكراً مع العميد رفعت، ولم يكن هذا الموضوع ذي قيمة إطلاقاً قبيل الأزمة لأن كثيراً من المنافقين وبخاصة منتسبي "رابطة الدراسات العلياكانوا يحومون حول "العميد رفعتكما تحوم الغربان على بقايا الحيوان. وكان من عادة الرفيق قائد الجيش الشعبي أنه كثير التجوال متطلع دائماً للجديد من الأخبار بعد ثورة الثامن من آذار ولم تزل هذه العادة تسكنه حتى الآن على الرغم من مرور أربعة عشر عاماً ونيف على الحركة التصحيحية وكان يمر على مكتبي بمعدل مرة واحدة في الأسبوع وكان يسأل دائماً عن أحوال الدنيا وكنت أطمئنه أنها بخير وهي ما زالت تدور.. وللأمانة التاريخية فإن ضباط القيادة العامة لم يكونوا يقدرون الرفيق "أبو ندىحق قدره ولم يكن في القيادة سوى الرئيس الأسد وأنا نعرف نضال محمد إبراهيم العلي وتضحياته في سبيل الحزب والثورة من حركة الضباط الأحرار في حلب إلى حركة 23 شباط.. وكان هذا الموقف يؤلم الرفيق محمد ولذلك لم يكن يزورهم إلا لماماً. بعد الحدث الجلل أقفلت مكتبي في وجه قائد الجيش الشعبي، وطلب مقابلتي عدة مرات وكنت أعتذر دائماً غير أنه ألح على المقابلة فوافقت أخيراً. ولما حضر سألني مستغرباً هذا الموقف منه.. وقلت له: في مثل هذه الأمور لا توجد حلول وسط فإما أن تكون مع الرئيس الأسد أو أن تكون في الجبهة الأخرى. فقال: أنا مع الرئيس حافظ الأسد (شيله.. بيله) وحتى أقطع الشك باليقين فإنني جاهز لكي آتي بأبناء الرب سليمان مرشد من "حمصومن "جوبة البرغاللمقابلة السيد الرئيس.. فقلت له: وما أهمية الطائفة المرشدية في الأزمة؟.. قال لي: ألا تعلم أن العميد رفعت الأسد يعطي أهمية خاصة لهذه الطائفة فبالإضافة لشراكته مع ابن الرب "النور المضيءوالمهندس فؤاد تقلا بالأعمال التجارية فإن عدداً كبيراً من أبناء الطائفة انخرطوا في سرايا الدفاع تنفيذاً لتعليمات قيادتهم الروحية وهم يشكلون العمود الفقري لسرايا الدفاع ويأتي ترتيبهم بالأهمية بعد الشريحة العلوية مباشرة.. قلت له: توكل على الله ويجب أن أسمع في القريب العاجل أخباراً طيبة..  فأجاب: لا قريب ولا بعيد غداً سوف يكونوا بعد عدة ساعات في القصر الجمهوري. وصدق محمد إبراهيم العلي في وعده واستقبل الرئيس حافظ الأسد في مكتبه أبناء الرب وفي مقدمتهم "النور المضيءواستغرقت المقابلة ثلاث ساعات ونيف وما تسرب منها كان الآتي:  قال أولاد الرب سليمان المرشد للسيد الرئيس:  نحن لا يمكن أن نكرس الخيانة كمبدأ للطائفة.. ففي الماضي اتهمنا الإنكليز بأننا عملاء فرنسا([468])..
 واليوم يتهمنا الوطنيون القوميون في سوريا بأننا عملاء أمريكا نحن باختصار رجال حافظ الأسد وقد أحببنا أخيك رفعت لشعورنا بأنه جناحك الأيمن أما وأنه قد شق عصا الطاعة عليك فلا ولاية له علينا ونحن جاهزون منذ هذه اللحظة لأن نستلم مهمة الحراسة على مكتبك أو بيتك..  وكان جواب السيد الرئيس: لا لزوم لكل ذلك.. المهم أن تفهموا أبناء الطائفة بهذا التوجه الجديد "واليوم قبل بكره"..  وانصرف الإخوة الثلاثة من مكتب رئيس الجمهورية، وبطريقة تشبه السحر تم الاتصال بأبناء الطائفة كافة وأخذوا جميعهم التوجه الجديد.. وبدلاً من قلعة الأسرار التي لا تنتهك ، أصبحت سرايا الدفاع مثل الغربال يتسرب منها كل ما يحدث فيها.. وشعر رفعت بالحدث واستدعى إلى مكتبه كبيرهم "النور المضيءوبقي يتحاور معه زهاء سبع ساعات لم يأخذ منه لا حق ولا باطل.. وأخيراً قال له رفعت بعد أن سئم من المناقشة والمماحكة: أتعرف أنك لن تكلفني سوى رصاصة واحدة في رأسك!.. فأجابه "النور لمضيءأعرف ذلك ولكن هل تعرف أن الطلقة الثانية ستكون في رأسك أنت.. ولمعلوماتك أن الحاجب الذي قدم لنا القهوة والشاي الآن هو من عشيرتي أي باختصار هو "مرشديوليس "علوي". هنا أنهى رفعت المناقشة على أمل اللقاء مرة ثانية للمتابعة.. ولكنه بدا كمن أصيب في مقتل.. وطلب إلى المسؤول عن التوجيه السياسي في سرايا الدفاع بأن يجري سبراً عشوائياً لمائة جندي "مرشديويسألهم سؤالاً وحيداً:  هل أنتم معي أم مع أخي الرئيس حافظ الأسد؟..  وفي اليوم التالي صُعق رفعت الأسد عندما جاءه الجواب بأن نسبة المؤيدين للرئيس الأسد مائة من مائة وليس تسعة وتسعين. وبلغ الغضب أشده لدى رفعت ومحازبيه وصمم أن ينتقم من الطائفة "المرشديةوأمر عناصره بأن يفتشوا عنهم في كل مكان وفي أي تشكيل وجمعهم قرب قلعة "برقششمال غرب مدينة "قطناوقام بتجريدهم من أسلحتهم الفردية وأركبهم عربات نقل عسكرية كبيرة وقذفهم على الحدود السورية اللبنانية-الفلسطينية وفي مواجهة الجيش الإسرائيلي مباشرة.. ولم ترد ([469]) إسرائيل على هذا الإجراء لأن الجنود الذين في مواجهتم شبه عراة وكان الوقت ليلاً. وعلى الفور أعلمت الرئيس الأسد بالأمر وأرسلت لكل واحد منهم بندقية ووحدة نارية مع كيس بحارة وتعيين عملياتي يكفي ثلاثة أيام.. وطلبت إلى اللواء جميل حسن رئيس شعبة التنظيم والإدارة أن يوزعهم على كافة وحدات الجيش.. من "القامشليإلى "صلخد".. وكان عددهم ثلاثة آلاف ومائتين وخمس وعشرين ضابطاً وجندياًوخلال ثلاثة أيام تم تصفية ذيول هذه المشكلة ولكن العميد رفعت كان قد أصيب بجرح بليغ.. صحيح أن نسبة القوى والوسائط لم تكن في الأساس لصالحه لأن سرايا الدفاع كانت في ذروة الأزمة تعادل حوالي أربعين ألف عسكري ،  بينما باقي وحدات الجيش حوالي 360 ألفاً، ولكن خروج الطائفة المرشدية منها بهذا الشكل زعزع كيانها وهزّ بنيانها. ومن هذا الموقف المتشكل قرر العميد رفعت أن يؤدب أولاد سليمان المرشد في عقر دارهم أعني "جوبة البرغال"([470]). فجهز لهذه المهمة كتيبة مغاوير وأركبها في سبع حافلات ووجهها باتجاه اللاذقية. وعندما علمت بهذا النبأ اتصلت برئيس فرع المخابرات العسكرية في اللاذقية العقيد أسامة سعيد وأعلمته بالأمر وقلت له:  عليك أن تؤمن حماية "النور المضيءبمفارز سريعة من عندك أو من الشرطة العسكرية وإذا لزم الأمر يمكن أن تطلب العدد الذي تحتاجه من الجنود من قائد القوى البحرية.  فقال لي: سيدي لا تحتاج لأي مساعدة لأن حوالي خمسمائة مسلّح من الطائفة المرشدية أصبحوا متواجدين في "جوبة البرغالحول قصر أبناء سليمان المرشد.. ومرة ثانية تؤكد الحقائق والوقائع أن أسلوب الاتصال لهذه الجماعة أرقى من أسلوب اتصال أي مخابرات في العالم حتى بعد استخدامها لأقنية الاتصالات في الأقمار الصناعية. وصلت طلائع سرايا الدفاع إلى "جوبة البرغالفوجدت أن الحراسة كثيفة حول بيت سليمان المرشد وأن المعركة لن تكون في صالحهم أبداً، وبعد أن اتصلوا بالعميد رفعت طلب إليهم أن يهبطوا إلى الساحل ويتمركزوا في معسكر "تلة الصنوبرالتي تبعد عن اللاذقية إلى الجنوب بحوالي سبعة كيلو مترات، ولم يحتج حلفاؤنا الجدد لأي دعم مادي أو عسكري، وبعودة الطائفة المرشدية إلى حمى الرئيس الأسد بدأت تتآكل سرايا الدفاع من الداخل ولم يعد لها تلك الهيبة التي كانت لها أيام زمان   ( [471] ) .
 وظهر فيهم عصمة الدولة )حاتم الطوبانحوالي 700ه‍/1300م وهو كاتب الرسالة القبرصية..  ثم ظهر سليمان أفندي الأذني:  الذي ولد في أنطاكية سنة 1250ه‍ وتلقى تعاليم الطائفة، لكنه تنصر على يد أحد المبشرين وهرب إلى بيروت حيث أصدر كتابه الباكورة السليمانية وكشف فيه أسرار هذه الطائفة، ثم استدرجه النصيريون بعد ذلك وطمأنوه،  فلما عاد وثبوا عليه وخنقوه وأحرقوا جثته في إحدى ساحات اللاذقية.   وظهر فيهم كذلك محمد أمين غالب الطويل، وكان أحد قادتهم أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا، وألف كتاب تاريخ العلويين تحدث فيه عن جذور هذه الفرقة...
10 – صالح العلي : ولد عام 1883م، وهو شيخ ورجل دين وشاعر ومن مشائخ الجبل المعروفين. وقد ضُخِّمَ دور ثورته كما ضخم دور ثورة الدروز .. وحقيقةُ أمرها أنها كانت ترتبط بالصراع القائم بين طائفتي النصيرية والإسماعيلية آنذاك . فقد كان صالح العلي يشن غاراته على الاسماعيليين في ( القدموس ) وما حولها بهدف طردهم منها ، ولما كان الاسماعيليون قدتحالفوا مع فرنسا ، توسعت دائرة الصراع ، ومع ذلك لم تكن ثورة صالح العلي في كافة المناطق النصيرية ، بلكانت في منطقته فقط .. يقول محمد كرد علي : ( إنها - أي ثورة صالح العلي – كانت ترتبط أساسا بالصراع الذي كان قائما بين النصيريين والاسماعيلين ، بسبباستيلاء الاسماعيلية على بلدة القدموس النصيرية ، وكان صالح العلي يشن هجماته عليهم لطرد الاسماعيلية ، ولما تحالف الاسماعيليون مع الفرنسيين ، فكان من الطبيعي أن يهاجم صالح العلي الاسماعيلية ، وحلفائهم الفرنسيين ) ( [472] )
وقد ساهم صالح العلي في هدم دولة الخلافة الاسلامية ، عندما قام بقطع الطريق التيلا تصل طرطوس بحماة ، فكانت  خسائر الأتراك كبيرة نتيجة قطع  الطريق عليهم . ( [473] )
وعندما قامت الثورة السورية في كل المحافظات عام 1925م ، لم يحرك الشعور الوطني صالح العلي لنجدة المجاهدين ، رغم نداءات قادة الحركة الوطنية له ، مما يدل على أن ثورته كانت لدوافع شخصية . وعندما اصطلح مع الفرنسيين ، لم يعد عنده رغبة في تحرير وطنه ، أو المشاركة في ثورة الشعب السوري المسلم ، وبينما تحرك يوسف العظمة – وزير الحربية السوري – ليقاوم الجيش الفرنس ، وقد نال شرف الشهادة ، في الوقت الذي كان فيه صالح العلي يعلن ولاءه للاستعمار الفرنسي ، فعفا عنه الفرنسيون ، واستمر بعيداً عن الأحداث حتى هلك في قريته عام 1950م بظروف غامضة ، قد تكزن بسبب السم كما هو مشاع . ( [474] )وهناك كثير من النصيريين الذين  لُمِّعَت أسماؤهم في مجال الأدب ، والإعلام ، و السياسة، يطول الحديث عنهم ، واستطاعوا  مؤخرا  الوصول إلى سدة الحكم من خلال  سيطرة (حافظ الأسد )على سدة الحكم في بلادنا العزيزة  سوريا سنة  1970م ، وكان  حزب البعث هو " الحمار " الذي أوصلهم  إلى مآربهم ([475] ) ، ثم أورث الحكم  لابنه(  بشار ) ، الجاثم على صدورنا   الآن  .
 
من تاريخ النصيرية الحديث

كيف سيطر النصيريون على مقاليد الحكم في سوريا ( [476] )
في الساعات الأولى من فجر الثامن من آذار / مارس 1963 م   استيقظت العاصمة على هدير الدبابات والمصفحات في انقلاب عسكري قاده عقيد في الجيش السوري يدعى : زياد الحريري  ،ترك الجبهة السورية مع العدو الإسرائيلي ، واتجه صوب العاصمة ليدخلها من جنوبها ، واحتل مباني الإذاعة والتلفزيون ، ومبنى أركان الجيش ،ودوائر الحكومة دون أية مقاومة ، وتم له استلام السلطة في تمرد سهل ..و في نفس اليوم الذي سيطر فيه الانقلابيون على مقاليد السلطة ، التقى قادة الانقلاب وأنصارهم في مبنى الأركان العامة ، فبادروا على الفور إلى تشكيل القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة ، وتعيين مجلس لقيادة الثورة ، ضم عشرة ضباط ، منهم : الفريق الركن لؤي الأتاسي قائدا عاما للجيش ،ورئيسا لمجلس قيادة الثورة ، واللواء زياد الحريري رئيسا للأركان ، ، واللواء محمد عمران ،واللواء صلاح جديد ، وكان زياد الحريري يحلم بزعامة الحكومة في سوريا بمعونة البعثيين، وكان البعثيون يخططون لضرب زياد الحريري وأتباعه فيما بعد، للانفراد بحكم سوريا، وتم لهم ذلك ، فلم يمض على انقلابه ثلاثة أشهر ، حتى نفوه إلى خارج الوطن لينتقل متسكعا ما بين بغداد وباريس .. وما يزال في منفاه  ..
 وكان الباطنيون العلويون قد اتخذوا من حزب البعث  ستاراً لتركيز أنفسهم وأنصارهم في كل مكان حساس في الجيش، لضرب حزب البعث، وللتخلص من كل مناوئيهم فيما بعد  ،  لذا قررت الحكومة ذات الغالبية البعثية، استدعاء أو إعادة عدد من الضباط المُسَرَّحين، فاستدعت فعلاً عدداً من الضباط البعثيين وغالبيتهم من العلويين،  وسلمت قيادة الجيش الى محمد الصوفي ، وسمي راشد القطيني نائباً له ، والمركزان على ما لهما من مظاهر البريق والإغراء،إلا أنه  ليس لهما ذلك النفوذ والأثر في أوساط الجيش، أما رئاسة الأركان فسلمت إلى الضابط العلوي - صلاح جديد- ، ومنذ  أن تولى  الضابط العلوي - صلاح جديد- رئاسة الاركان  وهي القيادة الفعلية للجيش- ، أخذ يعمل بتخطيط ودقة على تصفية الضباط غير العلويين، وإبعادهم عن المراكز الحساسة، وعلى وضع العلويين من أنصاره في المراكز التي تمكنهم من السيطرة على الجيش،  وركَّزَ جُلَّ اهتمامه للسيطرة على اللواء المُدّرَّع (اللواء السبعين) ، والذي يستطيع من يتحكم بإمرته أن يضمن النصر في أية معركة مع خصومه. وبحجة سد الفراغ الذي أحدثه تسريح الضباط الانفصاليين، باشر صلاح جديد بالاتفاق مع القيادة البعثية العليا، التي كانت تخطط للتفرد بالحكم ، وضرب العناصر المشتركة معها فيه ، باستدعاء عدد كبير من العلويين من ضباط الاحتياط الذين سبق لهم أن أدوا خدمة العلم، وأكثرهم من معلمي المدارس، فأدخلوا في الجيش، ووزعوا على القطعات المختلفة ، لتسلم المراكز الحساسة، ولم تمض  مدة يسيرة  حتى أصبح الجيش في قبضة البعث ظاهراً، وفي قبضة العصبة (النصيرية) العلوية  بالفعل .
اللجنة العليا للتنظيم والتخطيط الطائفي:
للطائفة العلوية تنظيمها الديني القديم ، يضاف إليه تنظيم مدني حديث، يعمل تحت إشراف التنظيم الديني وبإرشاده، وقد ظهر التنظيم المدني منذ بدء الاحتلال الفرنسي تحت اسم (منظمة الشباب العلوي) ، وكان هذا التنظيم يعمل صراحة في سبيل إقامة الدولة العلوية، وقد وجد قادة التنظيم تشجيعاً كبيراًً لحركتهم من الاستعمار الفرنسي، وبدأ الجانبان، الفرنسي والعلوي، يعيدا إلى الأذهان ذكريات الروابط القديمة، التي كانت تربط بين الحركة الباطنية وبين الفرنجة أيام الاحتلال الصليبي للساحل السوري، ولكن جهاد الشعب السوري، وضعف التنظيم العلوي، أفشلا المخطط، وعادت منطقة اللاذقية إلى الانضمام إلى الدولة الأم.. وتطورت منظمة الشباب العلوي مع الزمن، وانضم إليها كثير من المثقفين العلويين  أمثال :  زكي الأرسوزي ، الذي بذل جهوداً كبيرة في ضم العلويين من أبناء لواء الاسكندرون إلى هذه المنظمة. ومنذ نجاح ثورة آذار، تطورت أهداف المنظمة تطوراً كبيراً، وأخذ المتحمسون من قادة التنظيم يدفعون بزملائهم إلى الانطلاق بلا تردد نحو الهدف الذي عملوا له.
وتتألف (اللجنة العليا للتنظيم العلوي) من عدد من الشخصيات العلوية المدنية والعسكرية، منها:
فؤاد جبارة - رئيس التنظيم (محام)
محسن العباس- نائب الرئيس الاول (وهو مستشار في محكمة النقض)
محمد الفاضل -نائب ثان للرئيس (وهو أستاذ جامعي).
ابراهيم ماخوس  - طبيب وزير سابق
حسين مهنا   - قاض، ووزير سابق.
حسن الخير - ضابط سابق
محمد عمران -ضابط ووزير سابق
صلاح جديد -ضابط سابق  ورئيس التنظيم العسكري
حافظ أسد   -كان ضابطاً طياراً ووزيراً الدفاع
أسعد صقر -وزير الاعلام
المهندس أسعد تقلا   -وزير سابق
انيس كنجو -استاذ جامعي
محمد طه اسماعيل   -قائد قوى الأمن السابق
ومهمة هذه اللجنة وضع الخطة العامة للتنظيم العلوي، وما يجب على كل لجنة وخلية أن تقوم به لإنفاذ ما يتعلق بها من الخطة العامة، وتجتمع اللجنة بانتظام، لتطلع على تقارير اللجان، وتعطي توجيهاتها. وقد سبق: للعقيد السابق العلوي (محمد ناصر)، أن رأس هذا التنظيم، ووضع خطة جريئة  للسيطرة على الجيش، تمهيداً للسيطرة على الدولة، وأخذ يعمل مع زملائه من الضباط العلويين لبلوغ هذه الغاية، وكان من المقرر أن يغتالوا أديب الشيشكلي ( [477] ) وكبار أعوانه، ووضع يدهم على الجيش، وتنفيذ الخطة التي نظمها فيما بعد العلويون باسم حزب البعث، ولكن أديب الشيشكلي أدرك خطورة مرامي العصبة العلوية، فدبر أمر التخلص من محمد ناصر، وأبعد الضباط العلويين عن المراكز الحساسة في الجيش، فأمنت البلد شَرَّهُم بعض الوقت.
الخلاف في قلب اللجنة العليا:
كان العلويون يطمعون في اقتطاع جزء من ساحل سوريا يقيمون عليه دولة لهم، وكانت غاية أحلامهم أن يفوزوا بمنطقة جبال العلويين، مع قطعة من الساحل تكون لهم ممراً الى البحر ومرفأً. ولكن بعد أن نجحت خطتهم، في السيطرة على الجيش بيسر أذهلهم، توسعت أطماعهم، فأخذوا يتطلعون إلى الساحل كله بالإضافة الى الجبل، وهذا الساحل تسكنه غالبية عظمى من المسلمين والمسيحيين، فرأوا أن تتألف دولتهم من الجبل ومن الساحل كله.، وهناك  مقترح صهيوني  مطروح في الساحة ، يقول  بإقامة ثلاث دُوَلٍ على أنقاض سوريا:

  1. دولة درزية تتألف من جبل الدروز والجولان، وإقليم البلان (جبل الشيخ) وجنوبي لبنان ،وصور ، يكون لها منفذ على البحر، وتكون هذه الدولة حاجزاً يفصل الدولة الصهيونية عن العالم العربي من جهة الشمال.

  2. دولة علوية على الساحل، تضم الساحل كله ، وجبال العلويين،  وحمص وحماه.

  3. تُعطى مدينة حلب للأتراك مقابل تنازل تركيا عن بعض المناطق من لواء الاسكندرون التي تقطنها أكثرية علوية.

  4. تُضم منطقتا الجزيرة والفرات الى العراق:

وبذلك لا يبقى اتصال بين الدولة العلوية والعالم العربي الا عن طريق الصحراء.
ولكن العلويين أمثال : (ابراهيم ماخوس) (وصلاح جديد)(ومحمد الفاضل) عارضوا الاكتفاء بالمنطقة المقترحة، وقالوا إن الظَّرف قد أصبح مناسباً جداً، بعد الهزيمة  المتفق عليها للعرب في حزيران 1967م بشكل مُزر، لإقامة الدولة العلوية على جميع المناطق السورية، وقالوا إن إسرائيل تطمع في امتلاك المنطقة الغربية ومنطقة الجولان، وهي لا تخشى وجود العرب في المناطق التي تريد ضمها إليها، لأنه من السهل عليها إجبارهم على النزوح والهجرة بالمضايقات والإرهاب. وإن العلويين يستطيعون أن يطبقوا نفس الأسلوب وينجحوا فيه، وإن المضايقات الاقتصادية، وطرد الناس من أعمالهم، والتهديد بالتأميم، وبتطبيق المزيد من الاشتراكية، قد أدى كل ذلك إلى هجرة قرابة مليون سوري حتى الآن، فإذا استمرت السياسة الحالية فترة أخرى من الزمن مع زيادة الارهاب والتعذيب البدني والتعسف، فإنه يمكن اجبار نصف مليون أو مليون آخر على الهجرة ، وحينئذ يحدث فراغ  كبير في المدن الكبرى، يفسح المجال لنقل أعداد كبيرة من العلويين من منطقة الجبل، واستقدام أعداد أخرى من منطقة لواء الاسكندرونه، لإحلالهم في المناطق التي خلت من سكانها ،  وحينئذ يستطيعون بمساعدة السلطة في مضايقة العرب من مسلمين ومسيحيين بالاعتداءات والإرهاب ، فيهاجر  الكثيرون منهم، ولن يمضي وقت طويل حتى يصبح العلويون قرابة المليون، بيدهم السلطة والقوة، ويستطيعون بسهولة من السيطرة على من ليس بيدهم سلاح ، وتبديل الوضع القائم بالقوة.
ويقول المقربون من الحاكمين، إن نظرية المتشددين هي التي تلاقي العطف والتأييد من الشبان المتحمسين في التنظيم. وإن معظم الصراع الذي كان  بين ( حافظ أسد )الممثل للاعتدال،  وبين (صلاح جديد) المتطرف، مبعثه هذه النقطة.وحينما نجح العلويون في السيطرة على ثورة آذار ، أخذ زكي الارسوزي  يدعوهم جهاراً نهاراً إلى عدم قبول أية وحدة مع الأقطار العربية الأخرى، ويحذرهم من مغبة تحقيق مثل هذه الوحدة....وقال ، إن هذه الوحدة لا يجوز أن يفكر فيها إنسان علوي إطلاقا، ثم قال للضباط العلويين:  إن السلاح أصبح بيدكم اليوم، لأول مرة في تاريخ الطائفة منذ عشرة قرون، فكيف تتركونه في سبيل وحدة تعيدكم أقلية مرة ثانية؟

إن الطائفة ناضلت قروناً طويلة لتحقق نظريتها المذهبية في نطاق اقليمي، وقدمت ألوفاً من الضحايا في مسيرتها الشاقة، والآن تلوح الفرصة سانحة مواتية، ويصل السلاح كله إلى أيدي العلويين، فمن الواجب أن يتمسكوا بهذا السلاح ، وأن يحافظوا عليه محافظتهم على إنسان عيونهم، فالحياة فُرَص، والظرفُ مُواتٍ اليوم للعلويين، وقد لا تتاح لهم فرصة بعد اليوم أبداً، ثم أخذ يتكلم عن الدولة التي يحلم بها، والأرض التي يجب أن تقوم عليها، وكان ابراهيم ماخوس حاضراً الجلسة ، فقال له: يا أستاذنا إننا لا نعتقد أن البعث في مسألة الوحدة كان مخلصاً وجدياً، وإننا نسعى لكسب الوقت فقط ، لنركز أنفسنا بشكل تام ومضمون ، كي لا  تحدث لنا معه انتكاسة ، وإنك ترى أنه لا يصبح صُبحٌ الا وعدد من العلويين يدخلون الجيش ويتسلمون السلاح، بينما يخرج عدد آخر من الآخرين، فكن مطمئن البال يا أستاذ، فالتنظيم ساهر ، وعينه مفتوحة على كل ما يجري حوله، وسيبلغ نبأه بعد حين....!!

 هذا هو الوطني الكبير محقق العجائب، ومربي الجيل العلوي على كره العرب والأديان ، الذي خرج المنافقون التافهون من مسلمين ومسيحيين من رجال دولة ، ورجال دين، من أذناب العلويين ، ليشاركوا في دفن هذا الخائن في مقابر الشهداء الأبرار، وأقاموا   له حفلات التأبين للإشادة بمآثره وأعماله الجليلة ، وأطلقوا اسمه على الشوارع والمدارس..!!! هذا هو زكي الأرسوزي .... إنسان خائن ، متآمر ، طائفي متعصب، يعمل في سبيل تحقيق أهداف طائفية باطنية ، هو يقدم لرؤساء طائفته النصائح ليحاربوا الوحدة العربية، بعد أن تمكنت طائفتهم من حكم القطر السوري، ويستنكر عليهم التفكير في مثل هذا السُّخف، لأن الظروف الموضوعيه قد تغيرت عما كانت عليه قبل أن يتسلم العلويون الحكم بالقوة والسلاح في سوريا، هذا هو نبي القومية العربية- كما كانوا يزعمون - ، يتكشف على حقيقته ، طائفيٌ متعصبٌ غير مؤمن بقومية ولا بعروبة..  وهكذا ينكشف الستر عن مخططات الطائفيين، وتنفضح أكاذيبهم وادعآتهم العمل في سبيل الوحدة والقومية ،  إنهم اليوم استولوا  على كل شيء في الدولة، وسرحوا كثبراً من  المواطنين من أعمالهم بحجج واهية  ، ليحملوهم على الهجرة في طلب الرزق والبحث عن العمل، وغايتهم من وراء ذلك كله هو الإسراع في تنفيذ مخططاتهم، قبل أن تنكشف الغمة عن الأمة ، وقبل أن تنهض من كبوتها  في حرب حزيران، وقبل أن يسمح لها الوقت في استعادة قوتها ، والاجتماع والتفاهم في سبيل إحباط جهود ومخططات تلامذة الأرسوزي.

كيف سخر الباطنيون قادة البعث لتحقيق مآربهم ؟
حينما كان قادة البعث يخططون لاستغلال زياد الحريري لضرب الناصريين، ثم لضزب زياد الحريري بعد أن يكون قد أصبح وحيداًً في الحلبة، وبعد أن يكونوا قد مكنوا لأنفسهم، كانوا يظنون أن الحكم سيصفوا لهم لألف عام كما قال أمين الحافظ-،  وأخذوا يحلمون في مخططات بعيدة المدى لتحقيق حكم البعث في عدد من الأقطار العربية الأخرى، ليصبح ميشيل عفلق لينين الأمة العربية، وصلاح البيطار ستالينها. وبينما كان القادة البعثيون يفكرون في ذلك، كان صلاح جديد والقادة الباطنيون الآخرون يجارون قادة البعث في تفكيرهم، ليقنعوهم بضرورة وجدوى الاعتماد على العلويين للسيطرة على الجيش ،  باعتبار أنهم العناصر المأمونة الوفية والمخلصة لفكرة الحزب وقياداته، وقد نجحوا في إيحاد هذه الثقة في قلوب القادة البعثيين، وكانوا في نفس الوقت يخططون للتمكين لأنفسهم، مستفيدين من أجهزة الحزب، وسلطتة في الدولة، وفي الجيش، ونجحت خطتهم نجاحاً باهراً، وقد ساعدهم انشغال خصومهم في التلهي بالتوافه من الأمور ،  بينما انصرفوا هم بجد وصمت إلى إحكام خططهم انتظاراً للفرصة  المواتية لتنفيذها  ..
وفي نفس الوقت وضع العلويون مخططاً لإبعاد العناصر غير العلوية من الكليات العسكرية ،  بدعوى أن ولاء غير العلويين للحزب أمر مشكوك فيه. ووافق صلاح الدين البيطار( [478] )،  وأمين الحافظ ( [479] ) ، وميشيل عفلق ( [480] )، ولؤي الأتاسي([481]، وغيرهم من قادة الحزب على هذا المخطط ، ظناً منهم أن
 صلاح جديد ( [482] ) ، ، وإبراهيم ماخوس ( [483] ) ، وغيرهما من أفراد العصبة العلوية ،  إنما يعملون مخلصين للحزب، مؤمنين بفكرته متفانين في خدمته، وأن سيطرة هؤلاء العلوين ، ستضمن لهم تحقيق برامجهم المريضة في حكم سوريا والأقطار العربية الأخرى، ولكنهم كانوا يحلمون أحلام اليقظة .
وبالفعل  لم يعد يدخل الكليات العسكرية والطيران غير العلويين، وقلة قليلة من غبر العلويين ،  فمن بين 500 طالب ضابط دخلوا الكيلية العسكرية عام 1964م ، كان منهم 450 علوياً ، و50 طالباً فقط من الطوائف الأخرى.

مباشرة التصفيات

لم تُضع العصبة العلوية وقتها، فباشرت فوراً بتصفية العناصر غير العلوية، تارة باسم الرجعية ، وتارة باسم التعاون مع الانفصال، وتارة أخرى باسم الناصرية، وقد سرج نتيجة لذلك كثير من غير العلويين، حتى أن قائد الجيش : الصوفي ومعاونه:  القطيني، وقعا على مراسيم تسريح عدد كبير من غير العلويين، ولم يستطيعا الاعتراض لأنهما أدركا أنهما بلا سلطة ،  وعجزهما عن المقاومة، واستمرت هذه التصفيات حتى ضمن العلويون سيطرتهم على الجيش بشكل مطلق، كل ذلك باسم تطبيق المخطط البعثي في السيطرة على الجيش، ولم يفطن أحد من كبار البعثيين، أو لم يرد أحد منهم أن يتظاهر بإدراك المرامي الحقيقية لهذا المخطط الرهيب، لأن كلا منهم كان يهتم باستغلال ما بيده من السلطة قبل مجيىء دوره في التصفية، وقد لفت بعض أصدقاء البعثيين أنظار كبار القادة البعثيين مدنيين وعسكريين، إلى الأخطار الجسيمة التي تكمن وراء هذا الاحتكار العلوي للجيش، وإلى النقمة والمرارة التي يستشعرها الشعب نحو البعث ونحو العلويين ،  مما يهدد بإيقاظ النعرات الطائفية التي لم تعرفها أمتنا السورية  في يوم من الايام.
ولكن القادة البعثيين الذين أخذوا يدركون حقيقة الوضع بعد فوات الأوان ، ولانهماكهم  في جمع الغنائم ، وتوزيعها على المقربين والأنصار من جهة، ولأنهم كانوا غارقين في وضع الخطط لتصفية كل عنصر غير بعثي من أجهزة الدولة والمؤسسات العامة والشركات المؤممة، ليحلوا البعثيين محلهم وضماناً لتحقيق الحلم الكبير وحكم الالف سنة لحزب البعث ،  كما لو أن الوطن مزرعة خاصة  لهم، وكان من نتيجة ذلك أن شلت الأعمال في الدوائر والمؤسسات والمعامل، لأن الجدد لا
 
يعملون ، والقدامى أصبحوا يشعرون بأنهم مهددون بالطرد في كل حين، أسوة بزملائهم السابقين، وأن المنهاج المرحلي لحزب البعث صريح لا لبس فيه ولا غموض، ويرون الأمثلة الكثيرة على تطبيقة كل يوم، والمُهدد بلُقمته،  والمضطرب نفسياً، لا يستطيع أن يُبدع أو ينتج.

العلويون وحدهم في الدولة

وما إن شعر العلويون بأنهم مكَّنوا لأنفسهم في الجيش واحتلوا بالمناصب الحساسة ، حتى شرع حزب البعث بالاتفاق مع زياد الحريري في العمل لتصفية العناصر الوحدوية من الجيش ، ومن أجهزة الأمن ، ورغم احتجاجات القاهرة والتهديد بوقف تنفيذ اتفاق الوحدة الثانية ، استمرت عمليات التصفية ، حتى لم يبق من يُخشى بأسه، ثم جاء دور زياد الحريري وأنصاره وبدأت عمليات التصفية لهم، ولم يستطع الحريري الحركة، لأن العلويين كانوا قد ركزوا أنفسهم تركيزاً تاماً وشرعوا في مراقبته ومراقبة أنصاره، وضربوهم على حين غرة، وهم في نشوة أحلامهم المريضة بالانفراد بحكم سوريا، ولم يستطع الحريري المقاومة والصمود، فانهار وانهار معه أنصاره ، وأخرجوهم من الوزارة ، ومن الجيش ،وأجهزة الامن.
ثم جاء دور التصفيات في حزب البعث نفسه، فالعلويون وضعوا المنهاج المرحلي ليكون في خدمتهم وحدهم، ولم يكونوا ليتطلعوا بالمشاركة في الحكم مع الآخرين. وأرادوا أن يتم لهم ذلك دون جَلَبة ، كما تم في تصفية الكتل والاشخاص الآخرين، ولكن أمين الحافظ حاول أن يقاوم  ولكنه  لم يُحسن التصرف ولم يحسن التدبير- فلم يجدوا بُداًً من إقصائه بالقوة.
وفي صباح 23 شباط 1966م تمت لهم السيطرة على مقاومة  أمين  الحافظ بعد معركة قصيرة، ثم صفى العلويون سليم حاطوم، فلم يبق في الجيش من يستطع الحركة ، أو المقاومة .
ومنذ ذلك اليوم أصبحت الدولة كلها بيد العلويين دونما محاولة منهم لتمويه حكمهم، أو إبعاد صِفة الحكم الطائفي إذ أنهم لم يعودوا يخشون شيئاً، وأخذت تتدفق الألوف من جبل العلويين، على المدن لاحتلال الوظائف والأعمال في كل مكان في الدولة ، وفي المؤسسات ، وفي المصالح والشركات المؤممة حتى غصت بهم، ووصل الامر بأن أخذت أجهزة الأمن ودوائر العمل بفرضهم على المؤسسات الخاصة، والمحال التجارية ، والمقاهي ، والفنادق ، ودور السينما حتى أصبح غير العلوي لا يستطيع أن يجد أي عمل  حتى مهما كان بسيطاً .
وهكذا بدأت هجرة واسعة من الموظفين والعمال والتجار السوريين الى البلاد العربية ، وكندا ، وسهلت  السلطات البعثية عملية خروجهم ، وأصبحت المساكن الشعبية التي تبنيها البلديات في المدن، وقفاً على العلويين، ولهم  الأفضليةُ على كل من عداهم من أبناء المدينة.
وليس بين أولئك العلويين المستقرين في المدن إلا وله أكثر من عمل ، فهم عُمال في المقاهي مثلاً، وهم في نفس الوقت مخبرون في دوائر الجيش ، أو الامن ، أو الطيران، ويتقاضون من كل عمل أجراً، وهم مخبرون في الأحياء التي يقيمون فيها يتجسسون على الشعب،  ويُحصون عليه أنفاسه....
وأصبحت أعمال التهريب من لبنان وقفاً على العلويين من رجال الجيش والأمن، ويتولى ضباط الجيش والأمن ذلك بسيارات الدولة إلى المناطق الداخلية، ليباع علناً ، ولا يجرؤ أحد على ضبطه أو مصادرته.. 
ودفع نشاط عمليات التهريب في كل مكان الى تشجيع البعثيين الآخرين وأقربائهم على ممارسة عمليات التهريب، فأصبح التهريب في سوريا أهم عمل يُدِرُّ الثروة على التجار،  والمهربين ، والموظفين. ولم يعد ينتظر أحد الحصول على إجازة استيراد، أو دفع الرسوم الجمركية، وإنما يلجأ إلى أحد الموظفين في الجيش ،  أو دوائر الأمن ، أو الجمارك ، من العلويين والمتنفذين  ، لينقل له ما يشاء ، أو يسمح له بتمرير  ما يشاء. دون حسيب أو رقيب ..
كيفية انتقاء الموظفين:
لقد كان لسوريا قانون للموظفين، كان له أكبر الفضل في محاربة الفكرة الطائفية، كما كان له مثل ذلك الفضل في تنوير مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين. وفي منع الحكام من فرض المحاسيب والانصار، لقد كانت الدولة تعلن عن مسابقات لانتقاء موظفين لادارةٍ ما، وتعلن عن شروط المسابقة ، والمواد التي سيسأل عليها المتسابقون، وفي الموعد المحدد تباشر لجنة الاشراف على الفحص، وبتسلم الاوراق بعد طيها ، والصاق أسماء المرشحين إلى لجنة التصحيح، وتوضع لائحة بأسماء المرشحين ،والعلامات التي حصل عليها كل متسابق، وترسل إلى ديوان المحاسبة وتنشر في الجريدة الرسمية ليطلع عليها أصحاب الحقوق. ولم يكن ديوان المحاسبة أو وزارة المالية ليسمحا بتجاوز الترتيب المبين في اللائحة إلا لأسباب مشروعة كاستنكاف أحد المرشحين، ولكن البعثيين استنوا سنة جديدة للتخلص من نصوص القانون، فقد أصبحوا يعلنون عن المسابقات للوظائف التافهة ، أما العليا فيعينون لها من يشاؤون بدون مسابقات،  ثم لا يلبثون أن يغيروا موعد المسابقة لحجج وأسباب واهية، ويدعون محاسيبهم للاشتراك فيها ، دون أن يعرف غيرهم معرفة الموعد المحدد وتفوت عليهم الفرصة.
ثم ابتدعوا وسيلة أخرى لإنجاح من يريدون نجاحه، وتقوم على ضرورة إرسال لائحة بأسماء الناجحين الى المخابرات، لإعطاء رأيها فيهم، فتجيب المخابرات بأنها لا توافق على تعيين غير البعثيين، وهكذا لا ينجح إلا من يريدون.
وكثيراً ما سقط في الفحص المراد تعيينهم ، ونجح غيرهم ممن لا تريدهم السلطة، فتهمل السلطة الناجحين ، وتقدم لائحة بالساقطين ،وترسلها الى ديوان المحاسبة على أساس أنهم هم الناجحون، ولم يعد ديوان المحاسبة بعد أن قرروا إلغاءه يجرؤ على الاعتراض، وليس هنالك وسيلة للناس للشكوى مما يجري، فالمخابرات بالمرصاد للمشتكين لتذيقهم سوء العذاب.. 
وقد أصبح من المألوف أن يفرض الحكام المعيدين  الاساتذة على الكليات  الجامعية دون فحص، ودون النظر إلى كفاءاتهم ودرجاتهم، وقد فرضوا مرة  على كلية طب الأسنان أحد عشر معيداً ، منهم عشرة من العلويين ، وواحد من الدروز، وقد بلغت الوقاحة بهؤلاء أن يقولوا للاساتذة وعميد الكلية، أنهم لم يأتوا لأنهم أجروا مسابقة نجحوا فيها، ولا لأن درجة نجاحهم أعلى من درجات  الآخرين ، ولا لأنهم أكفأ من غيرهم، وإنما أتوا مفروضين من قبل السلطة الحاكمة ،  وقد دهش الأساتذة لهذه الوقاحة المتناهية، والاستهتار بقدسية العلم...

المرتزقة في خدمة العلويين

يتساءل الناس هنا في سوريا، كيف استطاع العلويون السيطرة على مرافق الحياة كلها في الدولة ، مع أنهم لا يبلغ عددهم عشرة بالمئة من مجموع سكان سوريا.
حقاً إن ذلك أمر محير فعلاً. ولكن من درسوا التاريخ، ونفسية الشعب السوري واستعرضوا ما مر به هذا الشعب المجاهد خلال تاريخه الطويل من محن ومصائب، وما نزلت بساحته من أهوال وكوارث، يدركون أن الأمل في انتفاضة هذا الشعب المكبوت لم يتلاشى ، وأن ما يحسبه الطغاة استكانةً وخنوعاً، واستسلاماً لليأس، هو انكماش مؤقت يصيب كل شعب تنزل به نازلة دهياء ، فتذهله بعض الوقت، ولكن ما يلبث الناس أن يعودوا الى رشدهم، ويتناسوا أحقادهم وخصوماتهم، وينسقوا خططهم، ويوحدوا صفوفهم، ثم يعودون إلى مقارعة المغتصب الجبار.
إن الانصاف يقتضينا أن نقرر هنا حقيقة واقعة يعرفها الشعب السوري معرفة تامة، وهي أن الكوارث التي نزلت به منذ الثامن من آذار المشؤوم لعام 1963، وما زالت تنزل به، لم تكن كلها صادرة عن الباطنيين المخططين وحدهم ، فقد لعب المرتزقة الباحثون عن الوصول الى كراسي الحكم من أقرب الطرق وأيسرها، -من غير العلويين- أدواراً رئيسة ، وكانوا أداة في أيدٍ ماهرة لعبت بهم ، واستخدمتهم أقبح استخدام في تنفيذ أغراضها، وفي الوصول إلى غاياتها، وكان هؤلاء المرتزقة هم الكف التي تصفع، والسوط الذي يُعَذِّب، والقلم الذي يُسَرِّح ويُشَرِّد ، واللسان الذي ينطق ويهدد ويتوعد ، ويشتم الأعراض ، وينتهك الحرمات، ويهتك الأستار، وكان الباطنيون يستخدمون الواحد منهم أو الجماعة، ويفسحون لهم المجال للإيذاء وللإساءات، حتى إذا نقم عليهم الشعب، وتعاظمت نقمته على العهد، يقومون بتنحية القائمين المسيئين ، بعد أن يكونوا قد نفذوا على أيديهم جزءاًً من مخططهم ، فيتقربوا إلى الشعب بدمائهم، ويظهرونهم بمظهر الغيور على مصالح الشعب ، والباحث عن رفاهه. وبذلك يكونون قد استهلكوا جماعة من اصحاب الحقوق الحزبية، الذين لو لم يشاركوا في الجرائم أو يباشروها، لكان لهم صوت ولسان، يمكنهم من التحدث عن الطغيان العلوي. ولكنهم وقد عرفوا نفوسهم الوضيعة، ومطامعهم الحقيرة، وأمانيهم التافهة، عمدوا إلى شرائهم بالمناصب وزخرفها، وأباحوا لهم استغلال النفوذ وتعيين الأقارب والمحاسيب، فقطعوا ألسنتهم، وقطعوا الصله بينهم وبين الشعب، فلم يعد أحد منهم يجرؤ على الظهور أمام الشعب أو التحدث إليه.
وربما كان أكبر دور مُخزٍ مَثَّلَه  خدمُ الحكام وعبيد السلطة، ذلك الدور الذي مثله قادة البعث أمثال : ميشيل عفلق ، وصلاح البيطار وأمين الحافظ ، ولؤي الاتاسي ونور الدين الأتاسي، ومنيف الرزاز، ومنصور الأطرش ، وشاكر مصطفى ، وجوزيف خباز ، وعبدالله عبدالدائم، وسامي الدروبي ، وأحمد سويداني ، ومصطفى طلاس، وغيرهم من صغار التوافه.
والقوميين الأوغاد الذين قصرت بهم الهمة عن بلوغ الحكم والمناصب عن طريق الشعب والنضال الديموقراطي الحُرّ، استعانوا بالعلويين، ومهدوا لهم أسباب الاستيلاء على السلطة والجيش، واحتكار أسباب القوة، وهم يظنون أن الباطنيين كأقلية يمكن أن يستخدموهم كمقاتلين مرتزقة، لا مطمع لهم في حكم، ولا قدرة لهم على السيطرة على السلطة ، فكانوا معهم كما قال المتنبي:
ومن يجعل الضِّرغام بازاً لصيده........ تصيده الضرغام فيما تَصَيَّدا
وقد كان هؤلاء القادة البعثيون ، منمسلمين ،  ونصارى ،ودروز ،  هم المنفذون الحقيقيون للمخططات العلوية ، وهم الأداة التي مهدت  لهم الطريق الوعرة أمام وصولهم إلى  سدة الحكم.

دور التوافه في ضرب مدينة حماه

ينقم العلويون أشد النقمة على حماه الباسلة المجاهدة، التي لم يفسح تضامن أهلها وتعاونهم لهم المجال للاندساس فيها، واتخاذ قواعد لهم فيها، وافتعلوا حادثاً بواسطة جهاز المخابرات الذي يعمل في خدمتهم، ولما وقعت الفتنة، أرسلوا على عجل قوة آلية مدرعة صوبت نيرانها إلى الأماكن العامة التي يتجمع فيها الناس، وخصوصاً بيوت الله، فقصفوها قصفاً شديداً بالمدفعية ونيران الدبابات، فانهار عدد من المساجد على من فيها من المصليين واللاجئين إليها، هرباً من الإرهاب العلوي، وقُتِلَ العشرات وهدمت المساجد والبيوت، فغلت البلاد بالنقمة العارمة على هؤلاء الملاحدة الذين يعاملون قومهم معاملة لم يسبق لجيش الاحتلال أن مارسها مع الشعب الفلسطيني  الأبي، وكادت تحدث ثورة لاهبة تطيح بالخونة من  الحكام الطائفيين المتسترين وراء حزب البعث. ولكن قادة البعث، وعلى رأسهم أمين الحافظ ،وصلاح البيطار، اسرعوا إلى حماه ، وتحملوا  المسؤولية أمام الشعب، ليصرفوا النقمة الشعبية عن العلويين، وبذلك ضمنوا تهدئة الجو ، وقد ظهر من جهل قادة البعث في هذا اليوم ما أذهل الناس، فالناس جميعاً كانوا يدركون أن دور غير العلويين من القادة البعثيين قارب نهايته، وأنهم سيغيبون عن المسرح قريباً، بنفس الطريقة التي غاب بها قادة الوحدويين ، والناصريين ، وزياد الحريري وأعوانه، ليحل محلهم طائفيون علويون إن أحداث حماه قد أحدثت نقمة على الباطنيين ، وألهبت حماس الشعب ، وحركت عناصر الجيش،  وكادت تهب على البلاد عاصفة هوجاء تكنس البعث والطغاة الطائفيين، فأسرع المنافقون  يُنقذون سادتهم الباطنيين، ويتحملون عنهم المسؤولية.
ضرب الجامع الأموي:
ومرة أخرى يتحدى الطائفيون عواطف الشعب، ويدوسون مقدساته، ولكنهم في هذه المرة أرادو أن يكون الدور في عاصمة الأمويين، وأن يكون المخطط موجهاً إلى جامع بني أمية الكبير، فوضعوا خطة مع رجال المخابرات، لبث الفتنة في الجامع، ليتمكن الباطنيون من هدمه، وإرهاب الناس بمجزرة رهيبة ، لا يعود أحد بعدها يجرؤ على معارضة مخططاتهم، فدسوا عدداً من رجال المخابرات بين المصلين ليطلقوا الرصاص على رجال الأمن، ويثيروا الفتنة.....وبينما كان قادة الباطنيين مع قادة الحزب والحكم، ينتظرون اندلاع الفتنة لقمعها بأعنف ما لديهم من أساليب. قال ضابط شريف كان عضواً في المحكمة التي ألفها الحزب لمحاكمة (المتآمرين) من أشراف الناس وكرام المصلين، والمؤمنين القادمين لأداء فريضة الصلاة ، إن الباطنيين ألقوا في روع رجال الحزب أن الفتنة ستقع في الجامع، وأن التجار يريدون اثارة الشارع لمحاربة التدابير الاشتراكية، وأن الضرورة تعني باتخاذ تدابير زاجرة بحق المتآمرين، وتلقينهم درساً لا ينساه غيرهم. فاندفع أمين الحافظ، وصلاح البيطار، وشاكر مصطفى، وعادل السعدي، وطالبوه الحزب باتخاذ التدابير اللازمة لإحباط المؤامرة في مهدها، ولو أدى الأمر إلى هدم المسجد على من فيه من المصلين. وكان هذا بالضبط ما يريد الباطنيون الوصول إليه ، فأمروا القوات الضارية في القابون التي تحت إمرة الدرزي سليم حاطوم ،  وعزت جديد النصيري ، الاستعداد لخوض المعركة، فاستعدت القوات وصوبت المدفعية أفواهها إلى المسجد الاموي، واجتمع قادة البعث في قصر الضيافة ينتظرون اندلاع الفتنة في الجامع لادارة العمليات ضد المصلين الآمنين العزل. ويقول هذا الضابط الشريف بأنه حينما وصلت الأنباء بوقوع أول صدام بين مثيري الفتنة من رجال المخابرات وبين قوات الامن، أخذ أمين الحافظ يتصل بالقابون ويطلب من: (  جديد ...وحاطوم )  الاستعداد للتوجه إلى المسجد  الأموي ، فاندفعت قواتهم إلى الجامع الأموي تقتحم أبوابه ، وتطلق النار بدون تحديد على من يقف أمامها، فسالت الدماء، وقتل العشرات، ودنس الباطنيون المسجد بأحديتهم ، وأطلقوا النار على ضريح يحيى - عليه السلام- ، وكان حصاد هذه المجزرة الرهيبة مئات القتلى والجرحى ،  وألوف المعتقلين، سيقوا فوراً الى مصانع العذاب في سجون البعثيين ، فلاقوا من العذاب أهوالاً ، ومن الاهانات والشتائم صنوفاً، وانعقدت المحكمة العرفية فوراً لتحكم بإعدام عدد من الموقوفين، وذهب أحد أعضاء المحكمة بصورة القرار إلى قصر الضيافة ، حيث كان يجتمع أمين الحافظ ، وقادة العصابة البعثيين ينتظرون نتيجة الأحكام المقررة سلفا لتنفيذها ، في محاولة لإرهاب الشعب وإجباره على الاستكانة والاستسلام ، قال الضابط الشريف لأمين الحافظ، هذه الأحكام جاءت وِفقَ أوامر القيادة القطرية للحزب ، ولكن الواجب يقضي عليه بأن يبين له الموقف على حقيقته فليست هناك مؤامرة، وليس هناك محاولة لثورة وتمرد، وكل ما في الامر هو أن الباطنيين يريدون أن يورطوا الحزب بضرب مقدسات المسلمين لإذلالهم ، وقطع الصلة بين المسلمين من أعضاء الحزب وبين المجتمع الذي يعيشون فيه، وأن القضية مفتعلة من ألفها الى يائها من قبل الباطنيين كتتمة لمؤامرة حماة، وكان أمين الحافظ قد وقع فوراً القرارات اللازمة بتصديق احكام المحكمة ليصار الى تنفيذها فوراً. ففطن الحافظ الى المؤامرة القذرة، وتفتحت عيونه على ما كان يجهله ومزق مراسيم التصديق، وأبدل العقوبة بالسجن المؤبد، وكان من نتيجة ذلك أن جَرَت مُلاسَنَةً بينه وبين صلاح جديد ، ومحمد عمران، كانت  فاتحة باب الخصومة بينه وبين الباطنيين ... لقد أدرك أمين الحافظ خطورة المنزلق الذي يدفع الباطنيون به وبأصحابه من قادة البعث إليه، ولكنه لم يستطع التوقف تماماً ،  فلم يقتنع  البيطار وعفلق وغيرهما ، بوجود المخطط الباطني، وكانوا يأملون في الاستمرار بالحكم فترة أخرى باسم الحزب، لذلك أصبح من ذلك اليوم أقل اندفاعاً واكثر حذراً، وأميل إلى الشك في الباطنيين الذين يَسَّرَ لهم السيطرة على الجيش والحزب.
وكان من نتيجة حادث الجامع الرهيب ، أن تكشفت للشعب حقيقة الأهداف التي يتوخاها  الباطنيون، وثارت نفوس الناس، والتهبت عواطف الجنود ومن تبقى في الجيش من الضباط وضباط الصف السنيين، وتداعت المدن السورية للإضراب العام، ولتحويل الإضراب إلى ثورة عارمة تجرف الباطنيين وحكمهم ، ولكن قادة البعث من السنيين وغير الباطنيين ، أسرعوا لإنقاذ الموقفمع أنهم اصبحوا على علم تام بالمؤامرات الباطنية على الوطن ومقدسات الشعب-، وتحملوا المسؤولية عن الباطنيين وأصدرت الحكومة بلاغات نارية تهدد الشعب بالمحق والسجن، وتهدد المضربين بمصادرة محلاتهم ونهب أموالهم، وتقرر الحكم بالإعدام على من يعرقل التدابير الاشتراكية أو يبدي أي معارضة أو تأييد لحركة الإضراب ، وشوهد صلاح البيطار بنفسه يقوم على رأس جماعات من الحرس الوطني ، وعصابات البعثيين الأشرار، بكسر أقفال  المحلات التجارية ، والاستيلاء على محتوياتها ،  وأصدرت الحكومة فعلاً عدداً من الأوامر منها : مصادرة عدد  كبير من المحالات التجارية، وفقاً لتشريعات انتقامية جائرة.
وسلمت المحالات التجارية المصادرة والمفتتحة عنوة الى مجرمين لصوص، تصرفوا في هذه المحلات اسوأ تصرف وأبشعه، وباعوا البضائع الموجودة في هذه المحالات لانفسهم وأصحابهم من البعثيين بأبخس الاثمان، ولم يكف ثمن ما حصلوه من موجودات هذه المحلات بعد أن فرقوا أكثرها- لتسديد الأجور العالية التي فرضتها الحكومة لهؤلاء المجرمين اللصوص، فأصيب أصحاب هذه المحالات بخسائر فادحة فعلاً، وكانت هذه أول مرة في تاريخ سوريا وفي تاريخ العالم المتمدن كله- تقوم فيها السلطة بمثل هذه التدابير الظالمة  للتوصل إلى كسر الإضراب الذي دعى إليه الشعب للتعبير عن سخطة واستيائه، فترحم الناس على عهدالاستعماريين الأجانب الذين لم يُقدموا خلال استعمارهم البغيض  على ارتكاب ما ارتكبه الذين يزعمون أن هدفهم من ثورتهم تحقيق مطالب الشعب.
وفي هذه المرة أيضاً لم يظهر الطائفيون العلويون أمام الشعب، وانما تركوا قادة البعث الآخرين أمثال :  ميشيل عفلق ، وصلاح البيطار ، وأمين الحافظ ، وشاكر مصطفى ، وعبدالله عبدالدائم، وغيرهم من المرتزقة، يتحملون المسئولية امام الشعب، ليجنبوا أسيادهم الطائفيين نقمة الشعب العارمة.

محاولة نشر الإباحية

إن الاباحية مبدأ أساس من مبادئ دعوة الباطنيين عموما والنصيرية على وجه الخصوص ، وقد طبقوا الإباحية في مجتمعاتهم بشكل مطلق، لأن نشرها يفسد أخلاق الناس ويميت كراماتهم، ويفصلهم نهائياً عن الأديان السماوية التي تدعو إلى الفضائل ، وتحارب المنكرات، ويقطع صلتهم بماضيهم وبما حولهم من الأمم والشعوب فيسهل اندماجهم في المجتمع الإباحي الجديد  والسيطرة عليهم .
ومنذ أن تسلم العلويون حكم سوريا، اخذوا يحاولون نشر الالحاد بين الشبان والشابات في محيط الجامعات والمدارس الثانوية، كما أخذوا يحاولون نشر الإباحية بينهم عن طريق تنظيم ندوات يشرحون فيها ضرورة دفع المجتمع العربي إلى الأمام، والتحرر من التقاليد والعادات البالية، والانتهاء من تحكم الأفكار السخيفة البالية التي تحرم الشباب من مباهج الحياة ، والتي تخلق له عقداً نفسيه، وتؤخر التطور الفكري للشعب، وتتولى الآن ثلاث من المنظمات الحزبية تحقيق هذا الهدف، كما تتولاه صحف البعث بشكل علني وقح ، أما المؤسسات فهي:

  1. الاتحاد النسائي العام الذي تشرف عليه النصيرية  (سعاد العبدالله).

  2. الاتحاد العام لطلبة سوريا.

  3. اتحاد شبيبة الثورة.

من هي سعاد العبدالله..؟

هي فتاة علوية متحررة من كل خلق ومبدأ ودين ، أباحت لنفسها اغتراف اللذات من أي مستنقع، وسمحت لنفسها بالانطلاق من كل قيد أو تقليد. وإخواننا في الجزائر يعرفون سيرتها حق المعرفة حين عملت لديهم في الإذاعة والتعليم، حتى ضجت النساء الجزائريات بالشكوى من سفالاتها وتهتكها، وسعين إلى إخراجها مطرودة  من البلاد. وكانت  تتحدث بوقاحتها المعتادة عن مغامراتها الغرامية الكثيرة في حياتها عامة وفي الجزائر خاصة، وتتذكر زميلاتها كيف كانت تروي لهن قصة بقائها مع قائد جزائري(!.) بضعة أشهر في بيت واحد لتلقنه مبادئ حزب البعث.. وفي الجزائر حاولت نشر الإباحية ومحاربة التقاليد الخلقية التي تعارفت عليها المجتمعات الإسلامية ، فضجت النساء الجزائريات بالشكوى وطالبن بطردها من الجزائر . وفي الأعوام الماضية ذهبت سعاد العبدالله تمثل سوريا في مؤتمر نسائي في القاهرة، ولما دخلت ممثلات الجزائر إلى قاعة الاجتماعات ، ورأين سعاد العبدالله ترأس وفد النساء السوريات انسحبن، وأبين الاشتراك في مؤتمر تحضره (سعاد العبدالله)، ولما قيل لهن إن الجامعة العربية لا تملك إخراجها من قاعة الاجتماع لأنها تمثل رئاسة الوفد السوري، أجابت النساء الجزائريات أنهن يعرفن الكثير عن المرأة السورية وعفتها وشهامتها ويعرفن ما جبلت عليه من إباء وشمم ، وكريم خلق ، ويعرفن سعاد العبدالله وما تمثله من انحطاط أخلاقي ، وإباحية ،  ووقاحة، وأنها لا يمكن أن تمثل المرأة السورية، ولا يجوز لها أن تمثلها. واستمرت هيئة ممثلي الجامعة بالتحاور مع السيدات الجزائريات حتى أقنعوهن بحضور المؤتمر حرصاً على وحدة الصف العربي في هذا الظرف الخطير. هذه هي المرأة التي فرضها حزب البعث العلوي الطائفي لترأس الاتحاد النسائي في سوريا، وتمثل سوريا في المؤتمرات ، وتتحدث باسم المرأة السورية. ولكن كما قال أحد ممثلي الجامعة العربية لوفد السيدات الجزائريات: إن سعاد العبدالله لا تمثل المرأة السورية اطلاقاً، ولكنها تمثل الحكم العلوي الطائفي القائم في سوريا أصدق تمثيل، فكيف تردن أن لا يعرض هذا الحكم أنموذجاً عن شخصيات حكامه؟ أما في قلب اتحاد شبيبة الثورة ، واتحاد طلبة سوريا، فتمضي سياسة الحكام العلويين في إفساد المجتمع السوري ونشر الإباحية، ويدفعون في سبيل ذلك الأموال الطائلة إلى الطلاب والطالبات، باسم مرتبات ونفقات رحلات ، ويغرونهم بالوعود بأن تكون لهم الأفضلية في الوظائف في المستقبل إذا تبت صدق إيمانهم بمبادئ البعث التقدمية وما مبادئ البعث والتقدمية كما تكشفت- غير مبادئ المذهب الباطني، التي تحث على إقامة المجتمع القرمطي الاباحي.
الدعاية للدولة القرمطية الإباحية:
بينا  فيما سبق  ما يوضح للقارئ الكريم حقيقة المذهب النصيري، وما فيه من آراء ومبادئ ، وأن الحركة القرمطية التي قامت في جنوبي العراق حوالي 297هـ وقد نشرت الإرهاب ، وقتلت الأبرياء،  وسبت النساء والأطفال ، وهتكت الأعراض، ودنست مقدسات المسلمين، وقتلت ألوف الناس في مكة وعرفات ، بل ألقت بجُثَثِهم في بئر زمزم ، إمعاناً في النكال ، واستخفافاً بالمقدسات ، واقتلعت للحجر الأسود الذي يقدسه المسلمون، وحملته الى الاحساء والبحرين ،وبقي بين أيديهم مدة اثنين وعشرين سنة ،  وقد أجمعت كتب التاريخ على أن الحركة القرمطية كانت حركة هدامة مخربه قام بها الفرس واليهود لإسقاط أهل السنة ، وإزالة دولتهم عن طريق تهديم مبادىء  دينهم من الداخل.
هذه الحركة القرمطية الهدامة، تنظم الآن في سوريا الحملات  الرسمية في الاذاعة والتلفزيون والصحافة ، وتقام الندوات والمحاضرات لتعظيمها وإضفاء صفة الحركة التقدمية والثورة الشعبية عليها، ومنذ ظهرت في التلفزيون السوري مسابقة بين طلاب الجامعات، تحكمها لجنة مؤلفة من كبار الموظفين وأساتذة الجامعة، وقد كان من بين الأسئلة التي طرحت على المتسابقين: ماهي أول دولة عربية ديموقراطية شعبية، قامت لنشر الاشتراكية ولتحرير الانسان العربي من قيود التقاليد البالية..؟ وقد علق رئيس اللجنة على أجوبة المتسابقين معظماً الدولة القرمطية، وأهمية مبادئها ، وجهودها في سبيل تحرير الإنسان العربي، وقد تكرر طرح هذا السؤال أكثر من مرة في التلفزيون، أما في الصحف فقد كتبت المقالات الكثيرة منذ 8 آذار المشؤوم ، حول تقييم الحركة القرمطية، وما قامت به من نشر التفكير الحر منذ أكثر من ألف سنة في عالم يسوده التفكير الديني الضيق..
ومرة أخرى نؤكد أن هدف قرامطة اليوم هو نفس هدف قرامطة الماضي، وأن الحكام الباطنيين يريدون أن يحققوا نشر الإلحاد والإباحية في المجتمع السوري ، ولقطع صلة الإنسان العربي بما فيه وما حوله من الشعوب العربية والإسلامية ، ليسهل عليهم السيطره عليه سيطرة تامة ، وفرض مبادئهم وآرائهم .( [484] ) .
طائفة النصيرية في الميزان
سنرى في هذا الفصل.. رأى بعض الفرق في طائفة النصيرية.. ثم نورد رأى الإسلام الصائب في هذه الطائفة الضالة.. على لسان شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية -رحمه الله

  1. النصيريون في ميزان الشيعة الإسماعيلية:

الشيعة الإسماعيلية: طائفة من الشيعة الإمامية.. توالي الذين تواليهم الشيعة الإمامية الإثنى عشرية الى جعفر الصادق.. ثم يفترقون بعده.
فبينما تسوق الإمامية الإثنى عشرية الإمامة إلى موسى الكاظم تقول الشيعة الإسماعيلية بأن الإمام جعفر الصادق نص  على أن يتولى ولده الأكبر إسماعيل.. الإمامة من بعده.. فحصل بينهما الشقاق والافتراق. ومع اعتقادي بأن الشيعة الإسماعيلية بفرقها الثلاث المعاصرة وهي: -الدروز  الإسماعيلية النزارية (البهرة)  الإسماعيلية الأغاخانية ضالة مضلة.. إلا أنني لم أر أي مانع من ذكر رأى فقيه الإسماعيلية قاضي القضاة- النعمان بن محمد المغربي  في طائفة النصيرية وغيرها من الفرق الباطنية الغالية.. حيث يقول في كتابه (دعائم الإسلام) مانصه: "أئمة الهدى صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته- خلق من خلق الله جل جلاله. وعباد مصطفون من عباده، افترض طاعة كل إمام منهم على أهل عصره، وأوجب عليهم التسليم لأمره! وجعلهم هداة خلقه إليه، وأدلاء عباده عليه، وقرن طاعتهم في كتابه بطاعته وطاعة رسوله -صلى الله عليه وعلى آله- ، وهم حجج الله على خلقه، وخلفاؤه في أرضه،  ليسوا كما زعم الضالون المفترون بآلهة غير مربوبين.. ولا بأنبياء مرسلين، ولا يوحى إليهم كما يوحى إلى النبيين ، ولا يعلمون الغيب الذي حجبه الله عن خلقه، ولم يطلع أنبياءه منه إلا على ما أطلعهم عليه، لا كما زعم المفترون فيهم والمبطلون، الكاذبون عليهم، تعالى الله - جل ذكره- ، ونزه أولياءه عن مقال الملحدين، وإفك المكذبين الضالين المفترين"( [485] ) .
وقال أيضاً:  (فمن ذلك ما روينا عن علي بن أبي طالب أن قوماً من أصحابه وممن كان قد بايعه وتولاه ودان بإمامته، مرقوا عنه، ونكثوا عليه، وقسطوا فيه، فقاتلهم أجمعين فهزم الناكثين، وقتل المارقين، وجاهد القاسطين، وقتلهم،  وتبرأوا منه وبرئ منهم، وأن قوماً غلوا فيه لما استدعاهم الشيطان بدواعيه،  فقالوا: هو النبي.. وإنما غلط جبريل به.. وإليه كان أرسل.. فأتى محمداً -صلى الله عليه وسلم-.. فيالها من عقول ناقصة، وأنفس خاسرة وآراء واهية.. لو أن أحداً بعث رسولا بقصعة من تمر الى رجل فأعطاه غيره لما استجاز فعله، ولعوض المرسل إليه مكانه، أو استرده إليه ممن قبضه، فكيف يظنون مثل هذا الظن الفاسد برب العالمين، وبجبرائيل الروح الأمين. وهو ينزل أيام حياة الرسول بالوحي إليه، وبالقرآن الذي أنزل عليه ، ثم يقولون هذا القول العظيم، ويفترون مثل هذا الافتراء المبين، بما سول لهم الشيطان، وزين لهم من البهتان والعدوان) ( [486] )
ب-  في ميزان الشيعة الإمامية الإثنى عشرية:
تعتبر النصيرية والدروز والنزارية والأغاخانية وغيرهم من الغلاة لأنهم يمارون في ألوهية الله.. ويشركون معه غيره.. أو لادعائهم بحلول الله في أئمتهم.. فقال (الصدوق القمي  أستاذ الشيخ المفيد) ما نصه: "اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله جل اسمه، وأنهم شر من اليهود والنصارى ، والمجوس ،  والقدرية والحرورية ( أي : الخوارج ) ، ومن جميع أهل البدع والأهواء المضلة وأنهم ما صغر الله جل جلاله تصغيرهم بشيء كما قال الله : (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله، ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون. ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون..؟!)( آل عمران : 79-80 ) ( [487] )
(جـ) النصيريون في ميزان أهل السنة والجماعة:
يرى أهل السنة والجماعة أن النصيريين لا يقلون خطراً عن خطر اليهود والنصارى،  وخطر الجماعات والأحزاب المرتبطة بهم بل هم أشد خطراً ، لأن أولئك بادية عداوتهم، أما النصيريون فهم مندسون بيننا ، يتسمون بأسمائنا، وخطرهم خاف عن أعين الكثير من أبناء الأمة، والعدو الحقيقي أشد إيذاء من العدو الظاهر..
واقرأ معي نص السؤال الذي وجهه الشيخ العلامة: (شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمود بن مري الشافعي  رحمه الله) للإمام المحقق المجتهد (تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبدالحليم ابن عبدالسلام ابن تيمية  رحمه الله- )، عن الطائفة النصيرية وما يتعلق بهم..
يقول السؤال:
"ما تقول السادة العلماء أئمة الدين رضي الله عنهم أجمعين، وأعانهم على إظهار الحق المبين، وإخماد شغب المبطلين- في النصيرية القائلين باستحلال الخمر، وتناسخ الأرواح، وقدم العالم ، وإنكار البعث والنشور.. والجنة والنار ، في غير الحياة الدنيا، وبأن الصلوات عبارة عن خمسة أسماء وهي: (علي  وحسن  وحسين  ومحسن  وفاطمة).. فذكر هذه الأسماء الخمسة على رأيهم.. يجزئهم عن الغسل من الجنابة ، والوضوء،  وبقية شروط الصلوات وواجباتها، وبأن الصيام عندهم عبارة عن اسم ثلاثين رجلاً ، واسم ثلاثين امرأة يعدونهم في كتبهم، ويضيق هذا الموضع عن إيرادهم. وبأن إلههم الذي خلق السموات والأرض هو علي ابن ابي طالب  رضي الله عنه- فهو عندهم الإمام في الأرض والإله في السماء.. فكانت الحكمة في ظهور اللاهوت بهذا الناسوت (أي حلول الإله في الجسد الإنساني) على رأيهم.. ليؤنس خلقه وعبيده، وليعلمهم كيف يعرفونه ويعبدونه، وبأن النصيري عندهم لا يصير نصيرياً مؤمناً يجالسونه. ويشربون معه الخمر، ويطلعونه على أسرارهم، ويزوجونه من نسائهم، حتى يخاطبه معلمهم.. وحقيقة الخطاب عندهم: أنهم يحلفونه على كتمان دينهم، ومعرفة مشايخه، وإكبار أهل مذهبه، على أن لا ينصح مسلماً ولا غيره، إلا من كان من أهل دينه، وعلى أن يعرف ربه وإمامه بظهوره في الأكوار والأدوار.. فيعرف انتقال الاسم والمعنى في كل حين وزمان.

  1. فالاسم عندهم في أول الناس.. آدم.. والمعنى هو هابيل.

  2. وفي شخص نوح كان المعنى باسم شيث.

  3. وفي شخص يعقوب باسم يوسف.

  4. وفي شخص موسى باسم يوشع.

  5. وفي شخص سليمان باسم آصف.

  6. وفي شخص عيسى باسم باطرة (أي بطرس).

  7. وفي شخص محمد باسم علي.

"أي أن المعنى وهو الله كان محتجباً بسيدنا آدم.. وكان اسمه في عهد آدم هابيل.. وفي زمن سيدنا يعقوب كان الإله محتجباً به ، وكان اسمه آنذاك يوسف وفي زمن سيدنا محمد احتجب الإله فيه ، وكان اسمه علي.. وهكذا" ويستدلون على كلامهم المزعوم بما في القرآن الكريم حكاية عن يعقوب ويوسف عليهما السلام- فيقولون: أما يعقوب فإنه كان (الاسم) فما قدر أن يتعدى منزلته ، فقال: (سوف أستغفر لكم ربي). وأما يوسف فكان (المعنى) المطلوب فقال: (لا تثريب عليكم اليوم)، فلم يعلق الأمر بغيره.. لأنه علم أنه هو الإله المتصرف.
ويجعلون موسى هو (الاسم) ويوشع هو (المعنى) ، ويقولون: سليمان عجز عن إحضار عرش بلقيس.. وقدر عليه آصف. لأن سليمان كان (الاسم).. وآصف كان (المعنى) القادر المقتدر. وقد قال قائلهم:
هابيل شيث يوسف يوشع   آصف شمعون الصفا حيدر
ويعدون الأنبياء والمرسلين واحداً واحداً على هذا النمط.. إلى زمن سيدنا رسول الله-  صلى الله عليه وسلم- ، فيقولون: محمد هو الاسم- وعلي: هو المعنى- ، ويوصلون العدد على هذا الترتيب في كل زمان إلى وقتنا هذا.
فمن حقيقة الخطاب عندهم والدين.. أن نعلم أن علياً- هو (الرب) وأن (محمداً) هو (الحجاب). وأن (سلمان الفارسي) هو (الباب)( [488] ) .
وأنشد بعض أكابر رؤسائهم وفضلائهم لنفسه في شهور سنة سبعمائة فقال:
اشهد أن لا إله إلا   ............علي الأنزع البطين
ولا حجاب عليه إلا ..........محمد الصادق الأمين
ولا طريق إليه إلا .........سلمان ذو القوة المتين
وكذلك الخمسة الأيتام  ( [489] )  (أي الذي لا مثيل لهم) والإثنى عشر نقيباً، وأسماؤهم معروفة عندهم وفي كتبهم الخبيثة.. لا يزالون يظهرون مع (الرب والحجاب والباب) وفي كل كور ودور أبداً سرمداً على الدوام.
وإن إبليس الأبالسة هو: عمر بن الخطاب (لعنهم الله وأخزاهم) ودونه في الإبليسية: أبو بكر ، ثم عثمان  رضي الله عنهم أجمعين -  ونزههم وأعلى رتبهم عن أقوال الملحدين وانتحال الغالين المفسدين.. ولا يزالون في كل وقت ملعونين حيثما ذكروا.ومذاهبهم الفاسدة شغب وأباطيل ، ترجع إلى هذه الأصول المذكورة.
وهذه الطائفة الملعونة، استولت على جانب كبير من بلاد الشام، فهم معروفون مشهورون ، يتظاهرون بهذا المذهب،  وقد حقق أحوالهم كل من خالطهم وعرفهم من عقلاء المسلمين وعلمائهم، وعامة الناس أيضاً في هذا الزمان.. لأن أحوالهم كانت مستورة عن كثير من الناس وقت استيلاء الإفرنج المخذولين على البلاد الساحلية. فلما كان أيام الإسلام "أي عندما عادت دولة الإسلام إلى هذه البلاد" انكشف حالهم، وظهر ضلالهم، والابتلاء بهم كثير جداً....  والحالة هذه،
 فهل يجوز لمسلم أن يزوجهم أو يتزوج منهم..؟
وهل يجوز أكل ذبائحهم والحالة هذه أم لا..؟
وما حكم الجبن المعمول في أنفحة  (  [490] ) ذبيحتهم..؟
وما حكم أوانيهم وملابسهم أيضاً..؟
وهل يجوز دفنهم بين المسلمين أم لا..؟
وهل يجوز استخلافهم في ثغور الإسلام وتسليمها إليهم أم لا..؟
وهل يجب على ولي الأمر قطعهم واستخدام غيرهم من المسلمين الكفاة..؟
وهل يأثم إذا أخذ في طردهم واستخدام غيرهم..؟
أم يجوز له التمهل مع أنه في عزمه ذلك..؟
وإذا جاهدهم ولي الأمر أيده الله تعالى- لإخماد باطلهم وقطعهم من حصون المسلمين - أي صرفهم عن حراستها- ،  وحذر أهل الإسلام من مناكحتهم وأكل ذبائحهم، وأمرهم بالصوم والصلاة ، ومنعهم من إظهار دينهم الباطل وهو بعينه من الكفر- هل ذلك أفضل وأكثر جزاء من التصدي والترصد لقتال التتار في بلادهم، وهدم بلاد الفرنسيس ، وديار الإفرنج على أهلها؟ أم هذا أفضل؟.
وهل يعد مجاهد النصيرية المذكورين مرابطاً.. ويكون أجره كأجر من رابط في الثغور على ساحل البحر خشية قصد الإفرنج أم هذا أكثر جزاء؟
وهل يجب على من عرف المذكورين ومذهبهم أن يشهر أمرهم ويساعد على إبطال باطلهم،  وإظهار الإسلام بينهم، فلعل الله يجعل ذريتهم وأولادهم مسلمين، أم يجوز له التغافل والإهمال..؟ وما أجر المجتهد على ذلك، والمجاهد فيه والمرابط والعازم عليه؟
ابسطوا القول في ذلك مثابين مؤيدين مأجورين إن شاء الله تعالى- إنه على كل شيء قدير وحسبنا الله ونعم الوكيل( [491] ) .........انتهى السؤال.
جواب شيخ الاسلام  تقي الدين بن تيمية:
"الحمد لله رب العالمين.. هؤلاء القوم الموصوفون بالنصيرية، هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية.. أكفر من اليهود والنصارى.. بل أكفر من كثير من المشركين، وضررهم على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم- .. أعظم من ضرر الكفار المحاربين، مثل كفار التتار والإفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جهال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت. وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله.. ولا بكتابه، ولا بأمر ولا بنهي ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ولا بأحد من المرسلين قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ولا بملة من الملل السابقة، بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين يتأولونه على أمور يقرونها، ويدعون بأنها علم الباطنية.. من جنس ما ذكر السائل.. ومن غير هذا الجنس، فإنهم ليس لهم حد محدود فيما يدعونه من الإلحاد من أسماء الله تعالى وآياته، وتحريف كلام الله ورسوله عن مواضعه، إذ مقصودهم إنكار الإيمان وشرائع الإسلام بكل طريق، مع التظاهر بأن هذه الأمور حقائق يعرفونها ، هي من جنس ما ذكره السائل. ومن جنس قولهم : إن  الصلوات الخمس.... معرفة أسرارهم ، والصيام المفروض: كتمان أسرارهم.
وحج البيت العتيق: زيارة شيوخهم.
وأن  يدا أبي لهب هما: أبو بكر وعمر.
وأن النبأالعظيم والإمام المبين هو: علي بن أبي طالب.
ولهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة، وكتب مصنفة ، فإذا كانت لهم مُكنَة -  أي:  تمكنوا واستطاعوا_ سفكوا دماء المسلمين (و) كما قتلوا مرة الحجاج وألقوهم في بئر زمزم، وأخذوا مرة الحجر الأسود وبقي معهم مدة ( [492] ) وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم وصدورهم من لا يحصي عددهم إلا الله تعالى. وصنفوا كتباً كثيرة فيها ما ذكر السائل وغيره، وصنف علماء المسلمين كتباً في كشف أسرارهم وهتك أستارهم، وبينوا ما هم عليه من الكفر والزندقة. وبالإلحاد الذي هم فيه: أكفر من اليهود والنصارى، ومن براهمة الهند.. الذين يعبدون الأصنام. وما ذكر السائل في وصفهم قليل من الكثير الذي يعرفه العلماء من وصفهم.
ومن المعلوم عندهم - أي عند هؤلاء العلماء- أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم، وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين. ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار، ومن أعظم المصائب عندهم كذلك فتح المسلمين الساحل وقهر النصارى.. ومن أعظم أعيادهم إذا استولى العياذ بالله- النصارى ، وكذلك اليهود،  على ثغور المسلمين.
فإن ثغور المسلمين لم تزل بأيدي المسلمين ، حتى جزيرة قبرص التي فتحها المسلمون في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان بقيادة معاوية بن أبي سفيان،  إلى أن أتت المائة الرابعة فإن هؤلاء المحادين - أي المعادين-  لله ورسوله كثروا حينئذ بالسواحل وغيرها، فاستولى النصارى على الساحل بسببهم، ثم استولوا على القدس وغيره.. فإن أحوالهم كانت من أعظم الأسباب "أي المؤدية إلى استيلاء النصارى على سواحل الشام والقدس"
ثم لما أقام الله ملوك الإسلام، كنور الدين الشهيد - نور الدين زنكي-  وصلاح الدين الأيوبي وأتباعهما، وفتحوا -أي طهروا- الساحل من النصارى وممن كان بها منهم، فتحوا أيضاً أرض مصر فإنهم كانوا -يقصد الاسماعيليين الفاطميين- مسئولين عنها نحو مائتي سنة ، واتفقوا هم والنصارى – الأقباط-  فجاهدهم المسلمون ، حتى أنهم فتحوا البلاد. ومن ذلك التاريخ انتشرت دعوة الإسلام في البلاد المصرية والشامية.
ثم إن التتار إنما دخلوا بلاد الإسلام، وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين بمعاونتهم ومؤازرتهم( [493] ) فإن منجم هولاكو سلطان التتار- والذي كان وزيره النصير الطوسي- بقلعة آلموت- هو الذي أمر بقتل الخليفة ، وبولاية هؤلاء.
ولهم ألقاب معروفة عند المسلمين تارة يسمون الملاحدة، وتارة يسمون الإسماعيلية، وتارة يسمون القرامطة، وتارة يسمون الباطنية ، وتارة يسمون الخرمية، وتارة يسمون المحمرة (هذه الأوصاف والألقاب في الحقيقة تطلق على الإسماعيلية وليس على النصيرية باستثناء اللقب الأول الملاحدة) وهذه الأسماء منها ما يعمهم ، ومنها ما يخص بعض أصنافهم، كما أن اسم الإسلام والإيمان يعم المسلمين، ولبعضهم اسم يخصهم، إما لنسب ، وإما لبلد ، وإما لغير ذلك. وشرح مقاصدهم يطول، كما قال العلماء فيهم: ظاهر مذهبهم الرفض، وباطنه الكفر المحض.
وحقيقة أمرهم: أنهم لا يؤمنون بنبي من الأنبياء والمرسلين لا بنوح، ولا بإبراهيم، ولا موسى ولا عيسى ولا محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- ولا بشيء من كتب الله المنزلة.. لا التوراة ، ولا الإنجيل ، ولا القرآن.. ولا يقرون بأن للعالم خالقاً خلقه، ولا بأن له ديناً أمر به، ولا أن له داراً أخرى،  يجزي الناس فيها على أعمالهم غير هذه الدار. وهم تارة يبنون قولهم على مذاهب المتفلسفة الطبيعية أو الإلهيين كما فعل أصحاب رسائل إخوان الصفا- فإنهم تارة يبنونه على قول المتفلسفة ، وغرض المجوس الذين يعبدون النور.. ويضحون إلى درك الكفر والرفض. ويحتجون لذلك من كلام النبوات، إما بلفظ يكذبون به ينقلونه، كما ينقلون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (أول ما خلق الله العقل فقال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر). فيحرفون لفظه ويقولون: (أول ما خلق الله العقل) ليوافق قول المتفلسفة أتباع أرسطو في أن أول الصادرات عن واجب الوجود هو العقل.
وإما بلفظ ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-  يحرفونه عن مواضعه كما يصنع أصحاب (رسائل إخوان الصفا) والإلهيون ونحوهم فإنهم من أمتهم. وقد دخل كثير من باطلهم على كثير من المسلمين،  وراج عليهم حتى صار ذلك في كتب فريق من المنتسبين إلى العلم والدين، وإن كانوا لا يوافقونهم على أصول كفرهم ، فإن هؤلاء لهم في إظهار دعوتهم الملعونه التي يسمونها الدعوة الهادية- درجات متعددة، ويسمون نهاية ذلك البلاغ الأكبر والناموس الأعظم. ويضمون إلى البلاغ الأكبر: جحد الخالق تعالى، والاستهزاء به، وبمن يقر به، حتى قد يكتب أحدهم اسم الله تعالى في أسفل رجله، وفيه أيضاً جحد شرائعه ودينه، وجحد ما جاء به الأنبياء. والدعوى أنهم كانوا من جنسهم طالبين للرئاسة، فمنهم من أحسن في طلبها، ومنهم من أساء حتى قتل، ويجعلون محمداً -صلى الله عليه وسلم- وموسى  - عليه السلام - من القسم الأول. ويجعلون المسيح من القسم الثاني. وفيه من الاستهزاء بالصلاة والزكاة والصوم والحج ، ومن تحليل نكاح ذوات المحارم وسائر الفرائض ما يطول وصفه.
ولهم إشارات ومخاطبات يعرف بها بعضهم بعضاً، وهم إذا كانوا في بلاد الإسلام التي يكثر فيها أهل الإيمان ، فقد يخفون على من لا يعرفهم، وقد اتفق علماء المسلمين على أن مثل هؤلاء لا تجوز مناكحتهم ، ولا يجوز أن ينكح الرجل مولاته منهم، ولا يتزوج منهم إمرأة، ولا تباح ذبائحهم. وأما الجبن المعمول بأنفحتهم ففيه قولان مشهوران: فمذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: أنه يحل هذا الجبن لأن أنفحة الميت طاهرة على هذا القول.. وهو أن الأنفحة لا تموت بموت البهيمة. وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس.
ومذهب مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى.. أن هذا الجبن نجس، لأن الأنفحة عند هؤلاء نجسة، لأن لبن الميتة وأنفحتها عندهم نجسة، ومن لا تؤكل ذبيحته. فذبيحته كالميتة وكل من أصحاب القولين يحتج بآثار ينقلها عن الصحابة.
وأصحاب القول الأول نقلوا أنهم أكلوا جبن المجوس، وأصحاب القول الثاني نقلوا أنهم إنما أكلوا ما كانوا يظنونه من جبن النصارى فهذه مسألة اجتهاد، فللمقلد أن يقلد من يفتي بأحد القولين.
وأما أوانيهم وملابسهم فكأواني المجوس وملابس المجوس، على ما عرف من مذاهب الأئمة.. والصحيح في ذلك: أن أوانيهم لا تستعمل إلا بعد غسلها، لأن ذبائحهم ميتة، فلا بد أن يصيب أوانيهم المستعملة عادة نجاسة من ذبائحهم، وأما الآنية التي لا يغلب على الظن وصول النجاسة إليها فتستعمل بغير غسل. وقد توضأ عمر بن الخطاب- رضي الله عنه من جرة نصرانية..
وما شك في نجاسته لم يحكم بنجاسته بالشك. ولا يجوز دفنهم في مقابر المسلمين، ولا يصلى على من مات منهم، فإن الله سبحانه نهى نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة على المنافقين.. كعبد الله بن أبي ونحوه.. وكانوا يتظاهرون بالصلاة والزكاة والجهاد مع المسلمين، ولا يظهرون مقالات تخالف دين المسلمين. لكن يسرون ذلك فقال الله تعالى :  (ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره، إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) فكيف هؤلاء الذين هم مع الزندقة والنفاق يظهرون الكفر والإلحاد.
 وأما استخدام مثل هؤلاء في ثغور المسلمين أو حصونهم وجندهم فهو من الكبائر بمنزلة استخدام الذئاب لرعي الغنم. فإنهم مِِن أغش الناس للمسلمين ولولاة أمرهم، ومن أحرص الناس على فساد الملة والدولة ، وهم من أحرص الناس على تسليم الحصون إلى أعداء المسلمين، فالواجب على ولاة الأمور قطعهم من دواوين المقاتلة، فلا يتركون في ثغر ولا في غير ثغر، فإن ضررهم في الثغر أشد، وأن يستخدم بدلاً منهم من يحتاج إلى استخدامه من الرجال المأمونين على دين الإسلام.. وعلى النصح لله ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم، بل إذا كان ولي الأمر لا يستخدم من يغشه وإن كان مسلماً فكيف بمن يغش المسلمين كلهم. ولا يجوز له تأخير هذا الواجب مع القدرة عليه، بل أي وقت قدر على الاستبدال وجب عليه ذلك.
وأما إذا استخدموا وعملوا العمل المشروط عليهم، فلهم إما المسمى، وإما أجرة المثل لأنهم عوقدوا على ذلك. فإن كان العقد صحيحاً وجب المسمى. وإن كان فاسداً وجب أجرة المثل.
وإن لم يكن استخدامهم من جنس الإجارة اللازمة، فيعد من جنس الجعالة الجائزة لكن هؤلاء (النصيريين) لا يجوز استخدامهم ، فالعقد عقد فاسد فلا يستحقون إلا قيمة عملهم. فإن لم يكونوا عملوا عملاً له قيمة فلا شيء لهم. لكن دماءهم وأموالهم مباحة، وإذا أظهروا التوبة ففي قبولها منهم نزاع بين العلماء.. فمن قبل توبتهم إذا التزموا شريعة الإسلام أقروهم على أموالهم، ومن لم يقبلها.. وورثتهم من جنسهم فإن مالهم يكون فيئاً لبيت المال. لأن هؤلاء إذا أخذوا فإنهم يظهرون أقوالاً ضد مذاهبهم السفيهة.
وفيهم من يعرف أصول مذهبه وفيهم من لا يعرف.. فالطريق في ذلك أن يحتاط في أمرهم، فلا يتركوا مجتمعين، ولا يمكنوا من حمل السلاح ، وأن يكونوا من المقاتلة. ويلزموا شرائع الإسلام من الصلوات الخمس ، وقراءة القرآن ويترك بينهم من يعلمهم دين الإسلام، ويحال بينهم وبين معلميهم.
فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه- وسائر الصحابة لما ظهروا على أهل الردة.. وجاءوا إليه ، قال لهم الصديق: اختاروا مني إما الحرب المُجَلِّية، وإما السلم المخزية.. قالوا: يا خليفة رسول الله، هذه الحرب المجلية قد عرفناها فما السلم المخزية؟ قال: تودون قتلانا (أي تدفعون دية قتلانا) ولا ندي قتلاكم، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، ونغنم ما أصبنا من أموالكم، وتردون ما أصبتم من أموالنا، وتنزع منكم الحلقة والسلاح، وتمنعون من ركوب الخيل، وتتركون تتبعون أذناب الإبل، حتى يرى خليفة رسول الله والمؤمنون فيكم أمراً.. فوافقه الصحابة في ذلك إلا في تضمين قتلى المسلمين، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه- قال له: هؤلاء قتلوا في سبيل الله وأجورهم على الله يعني: هم شهداء فلا دية لهم فاتفقوا على قول عمر في ذلك.
وهذا الذي اتفق الصحابة عليه ، هو مذهب أئمة العلماء ، والذين تنازعوا فيه تنازع فيه العلماء.
فمذهب أكثرهم أن من قتله المرتدون المجتمعون المحاربون لا يضمن كما اتفقوا عليه آخراً.. وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين. ومذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى هو القول الأول.
فهذا الذي فعله الصحابة بأولئك المرتدين بعد عودهم إلى الإسلام،  يفعل بمن أظهر الإسلام، والتهمة ظاهرة فيه ، فيمنع أن يكون من أهل الخيل والسلاح والدروع التي تلبسها المقاتلة، ويلزمون بشرائع الإسلام حتى يظهر ما يفعلونه من خير وشر. ومن كان من أئمة ضلالهم وأظهر التوبة أخرج عنهم، وسير إلى بلاد المسلمين التي ليس لهم بها ظهور، فإما أن يهديه الله تعالى، وإما أن يموت على نفاقه من غير مضرة للمسلمين.
ولا ريب أن جهاد هؤلاء، وإقامة الحدود عليهم من أعظم الطاعات وأكبر الواجبات، وهو أفضل من جهاد من لا يقاتل المسلمين من المشركين، وأهل الكتاب، فإن جهاد هؤلاء من جنس جهاد المرتدين. والصديق -رضي الله عنه- ، وسائر الصحابة بدأوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب، لأن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين ، وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه.
وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين. وحفظ رأس المال مقدم على الربح..
وأيضاً فضرر هؤلاء على المسلمين أعظم من ضرر أولئك.. بل ضرر هؤلاء من جنس ضرر من يقاتل المسلمين من المشركين وأهل الكتاب، وضررهم في الدين على كثير من الناس ، أشد من ضرر المحاربين من المشركين وأهل الكتاب.
وعلى كل مسلم أن يقوم في ذلك بحسب ما يقدر عليه من الواجب، فلا يحل لأحد أن يكتم ما يعرفه من أخبارهم، بل يفشيها، ويظهرها ليعرف المسلمون حقيقة حالهم، ولا يحل لأحد أن يعاونهم على بقائهم في الجند والمستخدمين، ولا يحل لأحد أن ينهى عن القيام عليهم بما أمر الله ورسوله، فإن هذا من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والجهاد في سبيل الله تعالى وقد قال الله تعالى لنبية- صلى الله عليه وسلم - : (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين).
والمعاون على كف شرهم وهدايتهم بحسب الإمكان ،  له من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا الله تعالى. فإن المقصود بالقصد الأول: هو هدايتهم كما قال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس).
قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس، تأتون بهم في القيود والسلاسل حتى تدخلوهم الإسلام.
فالمقصود بالجهاد ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،هداية العباد لمصالح المعاش والمعاد بحسب الإمكان. فمن هداه الله منهم سعد في الدنيا والآخرة، ومن لم يهتد كف الله ضرره عن غيره.
ومعلوم أن الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،هو أفضل الأعمال كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد". وقال - صلى الله عليه وسلم - "رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه" .
ومن مات مرابطاً مات مجاهداً وجرى عليه عمله، وأجري عليه رزقة من الجنة، وأمن الفتنة، والجهاد أفضل من الحج والعمرة كما قال تعالى:
(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كما آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله، لا يستوون عند الله، والله لا يهدي القوم الظالمين، الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان، وجنات لهم فيها نعيم مقيم. خالدين فيها أبداً ان الله عنده أجر عظيم)(  التوبة/19-21. ) صدق الله العظيم...  والحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على خير خلقه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين([494]  ) .
 
 
المراجع

  1. الإصابة في معرفة الصحابة : أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ،ظ1 ، 1328هـ.

  2. آراء الخوارج : د. عمار طالبي ، المكتب المصري للطباعة والنشر ، 1971م.

  3. أعيان الشيعة ، محسن الأمين ، بيروت ، 1960م.

  4. الأعلام – خير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ، بيروت . ط6 ، 1984م.  .

  5. الأغاني : أبو الفرج الأصفهاني ، ج5 ، دار الكتب المصرية ، القاهرة

  6. لألوهية في المعتقدات الإسلامية  الكتاب الخامس، فاروق الدملوجي  بغداد.

  7. الإخوان المسلمون في سورية ، مذكرات وذكريات، الكتاب الثالث  ، الحكم البعثي ( العلوي ) من عام 1963 حتى عام 1977، الأستاذ عدنان سعد الدين .. بيروت.

  8. اختيار معرفة الرجال ، الكشي ، ( طبعة حجرية ) محمد بن عمر ،المطبعة المصطفوية ، بومبي، الهند .

  9. الإنسان الكامل في الاسلام : د. عبد الرحمن بدوي ، القاهرة  1950م.

  10. - الإفحام لأفئدة الباطنية الطغاة-  يحيى بن حمزة العلوي ط،  منشاة المعارف بالإسكندرية.

  11. أتحدى وأتهم سامي الجندي  ( اسماعيلي )    بيروت.

  12. أربعة كتب إسماعيلية  (وتتضمن المجموعة عدة رسائل سرية) عني بتصحيحها المستشرق الألماني (د. شتروطمان)  مكتبة المثنى  بغداد.

  13. الإمام المهدي من المهد الى الظهور : للسيد محمد كاظم القزويني ، طبعة سنة 1995 ، مؤسسة نور المطبوعات ، بيروت -  لبنان .

  14. الإسلام في مواجهة الباطنية : أبو الهيثم ، ط1، 1985م، القاهرة .

  15. إسلام بلا مذاهب ، د. مصطفى الشكعة ، مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، مصر ، ط5، 1396هـ.

  16. استحقاق الإمامة  للجاحظ  على هامش الجزء الثاني من كتاب الكامل للمبرد، ص269- القاهرة 1324هـ.

  17. الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية " العلوية " _ سليمان أفندي الأذني ، دار الصحوة للنشر ، القاهرة ، ط1، 1990م .

  18. البداية والنهاية : عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير ، دار الفكر العربي ، ط1، 1351هـ.

  19.  التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين : طاهر بن محمد الاسفراييني ، عالم الكتب ،ط1  ، 1983م.

  20. التأويل بين ضوابط الأصوليين وقراءات المعاصرين : إبراهيم محمد طه- رسالة ماجستير غير مطبوعة ، جامعة القدس .

  21. التقسير والمفسرون : د. محمد حسين الذهبي ، دار الكتب الحديثة ، ط2 ، 1976م.

  22. الجامع في أخبار القرامطة ، د. سهيل زكار ، دار الفكر ، دمشق ، 1978م.

  23. الحركات الباطنية في العالم الاسلامي : د. محمد أحمد الخطيب . مكتبة الأقصى ، ط1، 1984م .

  24. الحركات الباطنية في الاسلام – مصطفى غالب( إسماعيلي )  ، بيروت.

  25. الحور العين : أبو سعيد نشوان الحميري ، تحقيق كمال مصطفى ، مطبعة السعادة ، مصر ، 1948م.

  26. الخوارج والشيعة – يوليوس فلهوزن – ترجمة د. عبد الرحمن بدوي ، ط2، وكالة المطبوعات – الكويت .

  27. الخطوط العريضة : محب الدين الخطيب ، المكتبة السلفية بالقاهرة .

  28. الخطر المحيط بالاسلام : جواد رفعت آتلخان ، ترجمة وهبي عز الدين ، بغداد.

  29. الخوارج والشيعة  يوليوس فلهوزن  ترجمة د. عبدالرحمن بدوي. ط2  وكالة المطبوعات بالكويت.

  30. الروح في دراسات المتكلمين والفلاسفة : د. محمد سيد أحمد المسير ، ط2، 1988م ، دار المعارف . القاهرة .

  31. السيادة العربية : فان فلوتن : ترجمة : د. حسن إبراهيم ، وزميله ، ط2 ، مكتبة النهضة المصرية ، سنة 1965م.

  32. الشيعة بين الحقائق والأوهام : السيد محسن الأمين . ط2، بيروت .

  33. الشيعة والسنة : إحسان إلهي ظهير . لاهور ، باكستان

  34. الصلة بين التصوف والتشيع : د. مصطفى كامل الشيبي ، ط2 ، دار المعارف ، القاهرة . 1969م.

  35. الصراع على سورية ، باتريك سيل . ترجمة سمير عبده ، ومحمود فلاحة ، سنة 1986م . بيروت .

  36. الصراع على السلطة في سوريا  نيقولاس فان دام-.مكتبة مدبولي ، القاهرة .

  37. الطبقات الكبرى ،ابن سعد ، محمد بن سعد بن منيع ، تحقيق إحسان عباس ، بيروت ، 1980م .

  38. العقائد : عمر عنايت ، ط1 ، العصور ، القاهرة .

  39. العقائد الباطنية وحكم الاسلام فيها : صابر عبد الرحمن طعيمة . المكتبة الثقافية ، بيروت ، ط1، 1406هـ.

  40. العقيدة والشريعة : المستشرق اليهودي المجري اجنتيس جولد زيهر ، ترجمة د. محمد يوسف موسى وآخرين ، ط2، دار الكتب الحديثة ، مصر ، 1959م.

  41. العلويون أو النصيرية : عبد الحسين مهدي العسكري ، 1980م.

  42. العلويون بين الأسطورة والحقيقة : النصيري  هاشم عثمان . مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، لبنان .

  43. العلويون النصيريون ، بحث في العقيدة والتاريخ ، أبو موسى الحريري ، بيروت ، 1980م.

  44. الفخري في الآداب السلطانية : ابن طباطبا العلوي ، القاهرة 1317هـ.

  45. الفرق بين الفرق : عبد القاهر البغدادي ،تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ، القاهرة .

  46. الفرق الاسلامية ( ذيل كتاب شرح المواقف للكرماني ) تحقيق سليمة عبد الرسول ، بغداد.

  47. الفصل في الملل والأهواء والنحل : أبن حزم ، علي بن محمد الظاهري ، مصر ، 1964م. وبهامشه : الملل والنحل ، للشهرستاني أبو الفتح محمد بن عبد الكريم .

  48. الكشف: ابن منصور اليمن ، جعفر بن الحسن ( إسماعيلي ) تحقيق مصطفى غالب ، بيروت ، 1984م.

  49. الكامل في التاريخ : ابن الأثير ، غز الدين علي بن أحمد . تحقيق ، تورنبرج ، ليدن . 1862م.

  50. المؤامرة الكبرى على بلاد الشام : محمد فاروق الخالدي ، ط1، دار الراوي ، الدمام . 

  51. المجروحين : محمد بن حبان التميمي ، تحقيق : محمود زايد ، دار الوعي ، حلب ، ط1، 1396هـ.

  52. المسلمون العلويون ، من هم ، وأين هم : منير الشريف ، مؤسسة البلاغ ، بيروت ، لبنان .

  53. المواقف في علم الكلام : عضدالدين عبد الرحمن الإيجي ، عالم الكتب ، بيروت .

  54. المقالات والفرق : سعد بن عبد الله الأشعري ، تحقيق م. مشكور ، طهران ، 1963م.

  55. النصيرية أصولها وتطورها : بحث في العقيدة والفلسفة . محمد أحمد العلمي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية أصول الدين أ الأزهر  الشريف، القاهرة .

  56. النصيرية حركة هدمية : د. قحطان الدوري وزملاؤه .دار الإرشاد ، بغداد . 1986م.

  57. النصيرية : د. سهير محمد على الفيل ، ط1 ،1990م ، دار المنار ، القاهرة .

  58. النصيرية ، دراسة تحليلية : تقي شرف الدين . منغير تاريخ .

  59. النصيرية طفاة سورية  رسالة أصدرتها دار الافتاء بالرياض.

  60. الهداية الكبرى : لأبي عبد اله الحسين بن حمدان الخصيبي ، ( من زعماء العلويين ) ط2 ، مؤسسة البلاغ ، بيروت .

  61. الهفت الشريف ( رواه المفضل بن عمر عن الامام جعفر الصادق – كما يزعم - ) تحقيق وتقديم الاسماعيلي مصطفى غالب ، بيروت.

  62. الهفت والأظلة - ( رواه المفضل بن عمر عن الامام جعفر الصادق – كما يزعم - )تحقيق الإسماعيلي : عارف تامر .

  63.  بحث (التقية أصولها وتطورها)  للدكتور كامل الشيبي  مجلة آداب الاسكندرية مجلد 16 سنة 1962.

  64. تأويل مختلف الحديث : عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري ، تحقيق عبد القادر أحمد عطا ، ط1 ، 1402هـ.

  65. تاريخ الرسل والملوك  أبو جعفر محمد بن جرير الطبري،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار المعارف ،  مصر 1971م.

  66. تاريخ الإسلام السياسي  حسن ابراهيم حسن، ج4 مكتبة النهضة المصرية ، ط1، 1967م  القاهرة.

  67. تاريخ التمدن الإسلامي  جورجي زيدان، مطبعة الهلال  القاهرة.

  68. تاريخ العلويين  للعلوي محمد أمين غالب الطويل، مطبعة الترقي ، اللاذقية . .

  69. تاريخ الخلفاء  جلال الدين السيوطي، ط  دمشق  1351هـ.

  70. تاريخ الفرقة الزيدية  د. فضيلة الشامي  النجف 1976.

  71. تاريخ العرب المطول  د. فيليب حتى، ج2، ط4   بيروت.1965م.

  72. تاريخ الماسونية العام  جورجي زيدان، ط2، 1920  القاهرة.

  73. تاريخ الخلفاء : جلال الدين السيوطي ، ط دمشق . 1351هـ .

  74. تدريب الراوي : جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف ، ط2، 1385هـ.

  75. تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة  أبو الريحان البيروني  حيدر آباد، الدكن  الهند 1958.

  76. تفسير القرآن العظيم : عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي ، دار المعرفة ، بيروت ، 1403هـ.

  77. ثلاثة أشهر هزت سورية : العماد أول مصطفى طلاس . المشباك الاليكتروني .

  78. جهالات عصر التنوير : محمد جلال كشك ، القاهرة.

  79. خطط الشام  محمد كرد علي، ج3، ج6  دار العلم للملايين ، بيروت، 1969م. . 

  80. (خمس رسائل وأجوبتها) لمؤلف مجهول، ص64-65 ضمن مجموعة رسائل حققها ونشرها المستشرق الالماني شتروطمان،

  81. دائرة المعارف الإسلامية المختصرة، لندن  سنة 1961.

  82. دائرة معارف  القرن العشرين :  محمد فريد وجدى، ج10  دار المعرفة ، بيروت ، 1971م. .

  83. دراسات في الفرق والمذاهب القديمة والمعاصرة ، عبد الله الأمين . ط1، بيروت . 14ز6هـ

  84. دراسات في الفرق والعقائد الإسلامية  د.عرفان عبدالحميد، دار التربية  بغداد سنة 1977.

  85. دراسات في الفرق : صابر عبد الرحمن طعيمة . مكتبة المعارق ، الرياض ، ط2، 1404هـ.

  86. دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية ، ط2، 1408هـ.

  87. دعائم الإسلام  للقاضي النعمان بن محمد المغربي، الفقيه الإسماعيلي، ج1، ط1، دار المعارف  القاهرة.

  88. راحة العقل : حميد الدين أحمد بت عبد الله الكرماني (الاسماعيلي ) تحقيق : د. مصطفى عالب (الاسماعيلي * ، ط2، بيروت ، 1983م.

  89. رسالة : ( المختار في الرد على النصارى  )  للجاحظ- تحقيق د. محمد عبدالله الشرقاوي، القاهرة .

  90.  زهر المعاني ، إدريس عماد الدين القرشي ( الاسماعيلي ) تحقيق : مصطفى غالب ، بيروت ، 1991م. 

  91. شخصيات قلقة في الاسلام : . ترجمة :د. عبد الرحمن بدوي ،ط الكويت ، 1978م.

  92. شرح السنة : الحسين بن مسعود البغوي ، تحقيق شعيب الأرناؤوط ، المكتب الاسلامي ، ط1،1390هـ.

  93. شرح العقيدة الطحاوية، ط3، المكتب الإسلامي  دمشق.

  94. شرح طيبة النشر  للنويري 4/151 ط  مجمع البحوث الاسلامية الأزهر الشريف- 1990.

  95. صبح الأعشى في صناعة الإنشا  أبو العباس أحمد القلقشندي، ج2 تحقيق م. إبراهيم . ط2  القاهرة 1963م .

  96. صلة الاستعمار بالتيارات الفكرية الهدامة : صبرية يوسف المزين ، رسالة ماجستير غير منشورة ، الجامعة الاسلامية ، غزة .

  97. طائفة الدروز ، د. محمد كامل حسين ، دار المعارق ، مصر ، ط2، 1968م.

  98. طائفة الشيخية تاريخها وعقائدها- للدكتور سليمان الحلبي. ( قيد الطبع ) .

  99. عثمان بن عفان ( الخليفة المفترى عليه ) : صادق إبراهيم عرجون . مطبعة الاستقامة ، القاهرة ،ط1، 1947م.

  100. عرب ويهود  للإسماعيلي  سامي الجندي، دار النهار  بيروت.

  101. عقائد الشيعة الإمامية  ابن بابويه القمى -  طهران 1370هـ.

  102. عقيدة الدروز  عرض ونقض : محمد أحمد الخطيب ، مكتبة الأقصى ط1، 1980م ، عمان – الأردن .

  103. غارة التتار على العالم الإسلامي  رسالة لأبي الحسن الندوي، دار الانصار  القاهرة.

  104. فجر الاسلام : أحمد أمين ، دار الكتاب العربي بيروت : 1979م.

  105. فتح الباري شرح صحيح البخاري _ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، - دار الافتاء بالسعودية .

  106. فتوح البلدان  أبو جعفر أحمد بن يحيى البغدادي البلاذري، ج1، ط مصر 1350هـ.

  107. فرق الشيعة  أبو محمد الحسن بن موسى النوبختي ط2، بغداد ، 1984م. .

  108. فرقة الأزارقة  محمد رضا حسن الدجيل  مطبعة النعمان  النجف 1977.

  109. فضائح الباطنية ، الامام محمد الغزالي ، ط دار البشير ، عمان .

  110. قراءة في فكر التبعية ، محمد جلال كشك ، ط1، مكتبة التراث الاسلامي ، 1994م، القاهرة .

  111. كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة : الحمادي محمد بن مالك . القاهرة ، 1986م.

  112. كسرة خبز – سامي  الجندي ، ( اسماعيلي )  ، بيروت .

  113. مباحث في علم الكلام والفلسفة  د. علي الشابي  تونس.

  114. مذاهب التفسير الاسلامي ، المستشرق اليهودي المجري اجنتيس جولد زيهر ، مكتبة المثنى ، بغداد ، 1374هـ.

  115. مذهب الدروز والتوحيد  عبدالله النجار، دار المعارف  بالقاهرة 1965.

  116. مذكرات محمد علي الطاهر (أو معتقل ها كستب)  القاهرة.

  117. مذاهب الإسلاميين، د. عبدالرحمن بدوي، ج2، ط1، دار العلم للملايين  بيروت 1973.

  118. مروج الذهب  أبو الحسن علي المسعودي  القاهرة.

  119. مزاج التسنيم : تفسير للأجزاء (10-20) من القرآن ، ضياء الدين إسماعيل بن هبة الله الاسماعيلي السليماني ، ( من طائفة البهرة السليمانية ) ، عني بتصحيحه : ر. شتروطمان .

  120. مسائل الإمامة ومقتطفات من الكتاب الأوسط في المقالات، حققها وقدم لها:  يوسف فان إس  بيروت 1971.

  121. مقالات الإسلاميين  أبو الحسن الأشعري، تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد ط2  القاهرة.

  122. مقدمة ابن خلدون، ط1 بالمطبعة الخيرية  مصر.

  123. ملامح الفكر الفلسفي والديني في مدرسة الاسكندرية القديمة ، د. حربي عباس ، ط1، 1992م . دار العلوم العربية ، بيروت .

  124. معرفة الله والمكزون السنجاري ، للنصيري د. أسعد أحمد علي. دار الرائد العربي ، بيروت ، 1972م .

  125. منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية ، شيخ الاسلام ابن تيمية ، مكتبة الرياض الحديثة ، الرياض .

  126. من وافق اسم اسم أبيه- للحافظ أبي الفتح الأزدي- ت د. باسم فيصل جوابر- الرياض/1988.

  127. موسوعة فرق الشيعة ، للشيخ ممدوح الحربي ، تنسيق أعضاء شبكة الدفاع عن السنة .

  128.  موهم الاختلاف والتناقض ، ياسر الشمالي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة .

  129. مهذب رحلة ابن بطوطة ، المسماة : تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم اللواتي ، تحقيق أحمد العوامري وزميله ، القاهرة 1939م.

  130. ميزان الاعتدال : محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، تحقيق علي محمد البجاوي ، دار إحياء الكتب العربية ، ط1، 1282ه،.

  131. نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، 3 أجزاء، د. علي سامي النشار، ط3، دار المعارف  القاهرة.

  132. نصير الدين الطوسي، د. عبدالأمير الأعسم، منشورات عويدات  بيروت.

 
دوريات : 

  • مجلة الأزهر، عدد (10)، ص1485.

  •  مجلة الهلال، عدد نوفمبر 1937

وغير ذلك من النشرات، والصحف السورية اليومية ،  والدوريات المختلفة، والمراجع والمصادر الواردة في هوامش البحث.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

فهرس الموضوعات

 
الموضوع   الصفحة
 

مقدمة الطبعة الثالثة

2

مقدمة الطبعة الأولى

6

تمهيد

7

موقف اليهود من دولة الاسلام في المدينة

15

دور اليهود في اغتيال الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه-

24

فرق الشيعة

36

صلة النصيرية بفرقة الخطابية أو المخمسة

41

الشيعة الغالية

44

طائفة النصيرية

48

نشأتها

50

عقائد النصيريين

54

أولا: عقيدتهم في النبوة

61

ثانياً: عقيدتهم في الامامة

62

ثالثاً: تصوراتهم في خلق العالم

66

رابعاً: الغيبة والرجعة

67

خامساً الحلول

75

سادساً: التناسخ

82

- أدلة القائلين بالتناسخ وابطالها

87

- رأي التناسخية في البعث

97

- موقف الاسلام من التناسخ

100

- بطلان عقيدة التناسخ

102

سابعاً: التقية

105

ثامناً: التأويل الباطني

115

النصيريون والتأويل الباطني الفاسد

119

عبادات النصيرية

124

الأعياد النصيرية

134

كتب النصيرية
بين النصيريين والدروز..

138
168
 

فرق النصيرية...

173

موقف النصيريين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم-

175

غدر النصيريين بالمسلمين في القديم والحديث

188

القبائل النصيرية ومواطنها

202

من زعماء النصيرية في القديم والحديث

203

من تاريخ النصيرية الحديث

217

طائفة النصيرية في الميزان

237

- طائفة النصيرية في ميزان الشيعة الإسماعيلية

237

طائفة النصيرية في ميزان الامامية الاثنى عشرية

238

طائفة النصيرية في ميزان أهل السنة والجماعة

238

فهرس المصادر والمراجع

251

فهرس الموضوعات

262

 


[1] - يدعي الشيعة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصي لسيدنا علي كرم الله وجهه- بالخلافة من بعده، ولو كان ذلك صحيحاً لما قالت الأنصار (وهم يومئذ شطر المسلمين أو أكثرهم مع أمانتهم على دين الله تعالى، وعلمهم بالكتاب والسنة) عند وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم- : منا أمير ومنكم أمير.. فلو كان قد سبق من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أمر. ما كان أحداً أعلم به منهم، ولا أخلق بقوله منهم أيضاً.. بعد الذي ظهر من احتمالهم في جنب الله تعالى، والجهاد في سبيله، والنصرة لنبيه - صلى الله عليه وسلم - مع الإيواء والإيثار بعد المواساة، ومحاربة القريب والبعيد، والعرب قاطبة، وقريش خاصة، ثم الذي نطق به القرآن من تزكيتهم وتفضيلهم بحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم.. وهو القائل فيهم "أما والله ما علمتكم إلا لتقلون عند الطمع وتكثرون عند الفزع". ثم لم يكن هذا القول منا أمير ومنكم أمير- من سفيه من سفهائهم ولا من رجل يحب الحاه والفتنة، أو من ذي حمية يؤثر حسبه ونسبه على دين الله تعالى وطاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، بل كان من سيد مطاع ومن ذوي السابقة والفضل والحلم والنجدة والجاه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أعنى به "سعد بن عبادة" فكيف يكون سبق من النبي -  صلى الله عليه وسلم - في هذا أمر يوصى بالخلافة لعلي ويقوم الانصار هذا المقام ويقولون ذلك المقالة".
أما اعتمادهم على قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لسيدنا علي: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى.. إلا أنه لا نبي بعدي) لبيان أحقيته بالخلافة.. فهو في غير محله.. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك تطبيباً لخاطر سيدنا علي لعدم إشراكه في غزوة تبوك، حيث أن كافة المسلمين اشتركوا في هذه الغزوة إلا سيدنا علي.. أبقاه الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة لأسباب إدارية.. وعندما تأثر سيدنا علي لذلك.. قال له ذلك القول المشهور تطبيباً لخاطره كما أسففنا.. حيث لم يبق في المدينة سوى النساء والأطفال وذوي العاهات والرجال من غير المؤمنين والمنافقين..
أنظر شرح العقيدة الطحاوية، ص485، الطبعة الثالثة. وانظر أيضاً (الخطر المحيط بالاسلام) للجنرال التركي: جواد رفعت آتل خان، ص47. وانظر رسالة (استحقاق الإمامة) للجاحظ، على هامش الجزء الثاني من كتاب الكامل للمبرد، ص269، طبعة القاهرة سنة 1324هـ.

[2] - انظر مقال (عمر الفاتح)، مجلة الهلال، عدد نوفمبر 1937 للأستاذ عبدالحميد العبادي.

[3] - انظر ص 43 في مجلة الهلال، عدد نوفمبر سنة 1937.

[4] - الطبري ج4، ص82.

[5] - الطبري ج4، ص85.

[6] - الطبري ج4، ص87.

[7] - أي استحكاماتك.

[8] - الطبري ج4، ص89.

[9] - الطبري ج4، ص89-90.

[10] - الطبري ج4، ص91-100.

[11] - الطبري ج4، ص91-100.

[12] - الطبري ج4، ص99.

[13] - الطبري ج4، ص99-100، والكامل في التاريخ ج7 ص41،42.

[14] - الطبري ج4، ص126.

[15] - الطبري ج4، ص144.

[16] - الطبري ج4، ص144.

[17] - الطبري ج4، ص114-115.

[18] - انظر ص117 في مجلة الهلال، عدد نوفمبر سنة 1937.

[19] - انظر فجر الإسلام ص 43.

[20] - انظر تاريخ العرب قبل الإسلام 6/24.

[21] - السيرة النبوية لابن هشام تحقيق مصطفى السقا وآخرين 2/190.

[22] - البداية والنهاية 2/318-310. وعلق ابن كثير على الرواية بقوله: (وهذا سياق حسن عليه البهاء والنور، وضياء الصدق، وإن كان في رجاله من هو متكلم فيه... والله أعلم).

[23] - تاريخ اليهود- ولفنستون، ص 111.

[24] - سيرة ابن هشام 1/549.

[25] - الطبري 2/565.

[26] - الطبري 2/565.

[27] - سيرة ابن هشام 2/150.

[28] - سيرة ابن هشام 2/47.

[29] - ابن هشام 2/190.

[30] - الكامل لابن الأثير 2/185.

[31] - تاريخ اليهود: 175.

[32] - سيرة ابن هشام 2/174-175.

[33] - علم رجال الحديث: 37.

[34] - دفاع عن أبو هريرة- المنعم صالح العربي، ص 83.

[35] - الكفاية: 49.

[36] - انظر مقدمة كتاب (من وافق اسم اسم أبيه- للحافظ أبي الفتح الأزدي- ت د. باسم فيصل جوابر- الرياض/1988.

[37] - الرعاع : الأحداث الطغام . مختار الصحاح ، 247 .

[38] - الطبري 2/41.

[39] - الكامل 2/334.

[40] - انظر فتح الباري 12/233 وانظر شرح السنة للإمام البغوي 5/472، 488.
[41] - الطبري: تفسير الطبري ، ج 3 ص: 178 .وعبد الرزاق الصنعاني: تفسير الصنعاني، ج 1 ص: 115 .

[42] - انظر : جامع البيان عن تأويل آي القرآن : ج3 : ص 179.

[43] - الطبري 3/224.

[44] - البداية والنهاية 6/311.

[45] - وهم : خالد بن الوليد- وعكرمة بن أبي جهل- شرحبيل بن حسنة- طريفة بن حاجز- عمرو بن العاص- خالد بن سعيد- العلاء بن الحضرمي- حذيفة بن محصن- عرفجة بن هرثمة- المهاجر بن أبي أمية- سويد بن مقرن، انظر الطريق إلى المدائن لأحمد عادل كمال، وأطلس التاريخ العربي لشوقي أبو خليل.

[46] - الكامل : 3/24.

[47] - صبح الأعشى 1/62.

[48] - صبح الأعشى 1/62.

[49] - تأويل مختلف الحديث ص 49-49.

[50] - أخرجه ابو زرعة في تاريخه 1/544.

[51] - الدر المنثور 2/7.

[52] - الدر المنثور 2/7.

[53] - الدر المنثور 2/17.و صدر عمر - رضي الله عنه - أوسع وعقله أذكى من أن يُؤاخذ طالب علم لو أراد معرفة الحقيقة، لكن بصيرة عمر أدركت أنه عابثٌ يريد العبث بحرمة كتاب الله، ليلبس على الناس دينهم ففعل به ما فعل، فعمر- رضي الله عنه -  يُفَرِّقُ من غير شك بين السائل الذي لا يُنتهر، وبين المتشكك الخبيث الذي يجب أن يُردَع ويُزجَر.

[54] - التفسير والمفسرون: 1/60.

[55] - الدر المنثور 5/5، تفسير ابن كثير 5/457.

[56] - انظر الطبقات الكبرى 3/37-28، 331-332، 340-342 انظر تاريخ الأمم والملوك 2/559-563، وانظر الكامل 3/26-28 وغيرها.

[57] - انظر الطبقات الكبرى 3/347. وتاريخ الطبري : ج2: ص 559.

[58] - تاريخ الأمم والملوك : ج2: ص 559-560.

[59] - انظر- الخليفة المفترى عليه عثمان بن عفان ص 106-108 لشيخنا فضيلة الشيخ المرحوم محمد الصادق عرجون.

[60] - تاريخ الأمم والملك 2/560 وقال (وفي يده حنجر له رأسان نصابه في وسطه وقال في البدء والتاريخ 5/188 (فاتخذ خنجراً له رأسان والمقبض بينهما) وفي التاريخ اليعقوبي 2/152 (وكان الذي طعنه أبو لؤلؤة- عبد عند المغيرة بن شعبة- وَجَأَهُ بخنجر مسموم).  ويصعب أن يكون أبو لؤلؤة قد استطاع الحصول على الخنجر المسمم في المدينة، وأغلب الظن أن يكون زوده به  اليهود الماكرون فهم المتخصصون بالسموم والسلاح والربا والخمر والفجور والخنا على مر العصور.

[61] -  على ضوء مسلك يهود في العصر الحديث، وبمقارنة مقتل رئيس الولايات المتحدة الأمريكية- جون كندي بمقتل الخليفة عمر بن الخطاب- على فارق ما بين الرئيس والخليفة من فوارق الدين والتقوى والزكاة النفسية – يتبين أن اليهود هم وراء مقتل الخليفة كما كانوا وراء مقتل الرئيس.
لقد قتل الرئيس الأمريكي شخص من أصل روسي اسمه- أوزوالد- وذلك لإبعاد الشبهة عن اليهود، كما قتل الخليفة عمر- فيروز الفارسي- وقتل أوزوالد أمريكي، زعم أنه لم يطق أن يرى الرئيس مقتولاً وقتل الأمريكي قاتل آخر، وهكذا ضاعت هوية القاتلين بين حلقات كثيرة متعددة مفقودة إلى الآن.
وما حدث في مقتل الخليفة عمر ليس ببعيد عن التخطيط ذاته، حتى لكأن الأفعى اليهودية قبل ألف وأربعمائة عام ونيف، هي الأفعى اليهودية في الولايات المتحدة في القرن العشرين، فالقاتل فيروز أبو لؤلؤة وهو فارسي، ألقى التهمة على الهرمزان، الذي قتل في ظروف لم يكن فيها تحقيق أو إدلاء باعترافات وشهادات، ولا يستبعد أنه أرسل لعبيد الله بن عمر من حرضه على قتل أدوات الجريمة- الهرمزان وجفينة - لتختفي الجريمة، وليستمر في خطته في تقويض الدولة الإسلامية.. وهذه أساليب معروفة استعملتها اليهودية للتخلص من أدوات الجريمة بعد تنفيذها، حتى يعجز التحقيق عن إثباتها.

[62] - كان كعب الأحبار يقول لعمر– رضي الله عنه-( يا أمير المؤمنين :اعهد ، فإنك ميت في ثلاثة أيام..؟ ) انظر تاريخ الأمم والملوك : 2 : 559.

[63]

[64] - انظر الخليفة المفترى عليه ص 108.

[65]  -  لا أستبعد اشتراك عيينة بن حصن الفزاري في تدبير عملية اغتيال عمر- رضي الله عنه- فتاريخه حافل بمناوأة الإسلام والمسلمين.. فقد اشترك مع المشركين والمنافقين واليهود في غزوة الأحزاب انظر الطبري 2/573) وأغار على لقاح الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، فاستنقذها المسلمون في ما يسمى بغزوة ذي قرد أو غزوة الغابة (الطبري 2/596-604).
وكان يتجسس على المسلمين بعد قدومه إلى المدينة، وكان يحرض يهود خيبر على المسلمين، ويقول لهم: (ما رأيت كاليوم أمراً، والله ما كنت أرى أحداً يصيب محمد غيركم، قلت: أهل الحصون والعدة والثروة، أعطيتم بأيديكم وأنتم في الحصون المنيعة، وهذا الطعام الكثير ما يوجد له آكل والماء الواتن (انظر المغازي 2/676). ( أليس هذا ما يقوم به منافقوا العرب هذه الأيام ممن يريد مقاتلة أحفاد يهود خيبر ..؟!!)
وفي حصار الطائف استأذن عيينة بن حصن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي حصن الطائف ليكلمهم فأذن له.. ودخل الحصن فقال (فداكم أبي وامي.. والله لقد سرني ما رأيت منكم، والله لو أن في العرب أحداً غيركم والله ما لاقى محمد مثلكم قط. ولقد حل المقام فاثبتوا في حصنكم.. فإن حصنكم حصين، وسلاحكم كثير، وماءكم واتن ،  لا تخافون قطعه... ) ولما جاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له: (قلت: ادخلوا في الإسلام، وخذلتهم ما استطعت) فواجهه الرسول - صلى الله عليه وسلم  - في الذي قاله لثقيف في حصن الطائف.. فأسقط في يديه، فقال: استغفر الله، ولما طلب عمر أن يضرب عنقه قال- عليه الصلاة والسلام - : لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي) انظر المغازي 3/937.
كما تابع عيننة بن حصن- المرتد طليحة الأسدي ،  ( انظر الطبري 3/262، وانظر الكامل 2/349 )  فكل هذه الوقائع تثبت ضلوعه بطريقة أو بأخرى في هذه المؤامرة.

[66] - انظر الخليفة المفترى عليه ص 109.

[67] - الخليفة المفترى عليه ص 109-110.

[68] - صحيح البخاري 5/20.

[69] - طبقات ابن سعد 3/372.

[70] - طبقات ابن سعد 3/374....كانت قوة شخصية الخليفة عمر- رضي الله عنه- تحول بين مثيري الفتن وبين أهدافهم، بل كان باباً مغلقاً كما ورد في حديث حذيفة لعمر عن الفتن، وقد سأله عمر عن هذا الباب هل سيفتح؟ فقال: نعم. فقال عمر: إذن لا يغلق أبدا. ووضح (مسروق) ان هذا الباب هو عمر. وكسر هذا الباب بعد أن طعن عمر في صلاته بتدبير اليهود، ففتح باب الفتن على مصراعيه، انظر صحيح مسلم بشرح النووي 18/17 رقم (2892).

[71] - مما جعل الدكتور محمود قاسم يعتبر الشيعة والخوارج مظهرين لحزب واحد، الخوارج يكونون المظهر الخارجي، والشيعة يشكلون الجانب السري الباطني  انظر أراء الخوارج 1/87.

[72] - انظر منهاج السنة 2/195.

[73] - تاريخ الطبري 6/217.

[74] - آراء الخوارج  د. عمار طالبي 1/192.

[75] - المرجع السابق 1/192.

[76] - المرجع السابق 1/192.

[77] - البيان والتبين 2/124.

[78] - انظر مقالات الاسلاميين 1/132.

[79] - فرق الشيعة ص2.

[80] - انظر مقالات الإسلاميين 1/91.

[81] - انظر الملل والنحل 1/147. وانظر تاريخ الفكر الفلسفي في الاسلام - د.علي سامي النشار ج3/ص50.

[82] - انظر الملل والنحل 1/147.

[83] - وذلك لتتفرق أهواءهم ويقع الخلاف بينهم بعد تنفيذ الخطة. انظر الدولة الأموية  ص63.

[84] - مع أن الشعار الذي طرح في أوروبا وطبق في بعض بلدانها هو فصل الكنيسة عن الدولة وليس الدين، والفارق كبير، ولكن العلمانيين إمعانا في التزوير لما يهدفون، ولأنه ليس في الإسلام كنيسة، فقد جرى تزوير الشعار، فأصبح فصل الدين عن الدولة، وهم في الحقيقة يقصدون إلغاء الدين الإسلامي.. انظر قراءة في فكر التبعية- محمد جلال كشك ص269.

[85] - انظر الملل والنحل 1/159.

[86] - انظر مقالات الاسلاميين 1/75، وانظر الحور العين ص166، وانظر الشهر ستاني على هامش الفصل ص17.

[87] - هو سعد بن عبدالله القمي، انظر كتابه المقالات والفرق ص50.

[88] - انظر الفهرست لابن النديم ص264.

[89] - مذاهب الاسلاميين 2/51-55.

[90] - دعائم الاسلام 1/49.

[91] - انظر بحث : سلمان الفارسي والبواكير الروحية في الاسلام ، ص 48. ترجمة :د. عبد الرحمن بدوي ، ضمن كتابه : شخصيات قلقة في الاسلام ،ط الكويت ، 1978م.

[92] - معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين المعروف برجال الكشي ص247ط كربلاء.

[93] - انظر كتاب الكشف للداعي الاسماعيلي جعفر بن منصور اليمني ص65. ومسائل مجموعة من الحقائق العالية ص29-30 (من أربعة كتب إسماعيلية). نشر شتروطمان.

[94] - انظر الملل والنحل على هامش الفصل لابن حزم ص17.

[95] - انظر معرفة الناقلين عن الأئمة الصادقين المعروف برجال الكشي ص247

[96] - انظر التنبيه والرد للملطي ص 154 مكتبة الخانجي.

[97] - البدء والتاريخ 5/131.

[98] - الحور العين/167.

[99] - انظر فرق الشيعة ص 59، ومقالات الاسلاميين 1/47.

[100] - انظر فرق الشيعة ص60.

[101] - مقالات الاسلاميين 1/77.

[102] - فرق الشيعة ص60.

[103] -  قال الحافظ ابن حجر: وهذا سند حسن(ابن حجر، فتح الباري، مرجع سابق، ج 12، ص 8، و180. )
وانظر:  ص108 في كتاب  الألوهية في المعتقدات الإسلامية-، وابن حجر، لسان الميزان، ج3، ص 289-290. وكتاب (الهداية الكبرى) للخصيبي النصيري (ص 277) حيث يقول: (وفي ذلك اليوم كانت فتنة عبد لله بن سبأ وأصحابه العشرة الذين كانوا معه، وقالوا ما قالوا، فأحرقهم أمير المؤمين بالنار...الخ.. والكتاب ملحق بكتاب: العلويون بين الحقيقة والأسطورة لهاشم عثمان.)  وقد روى أبو عاصم خشيش بن أصرم- خبر إحراق علي كرم الله وجهه- لجماعة أصحاب ابن سبأ- في كتاب الاستقامة. انظر منهاج السنة النبوية- للإمام ابن تيمية 1/7 وكذلك رواه أبو داود في سننه: 4/126، والنسائي في سننه: 7/104 والحاكم في المستدرك: 3/538، وابن حجر في الفتح: 12/170.
وأخرج الطبري (تـ 310هـ)  في تاريخه قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا علوان عن صالح بن َ كيسان عن عمر بن عبد  الرحمن بن عوف، عن أبيه، أّنه دخل على أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه-  في مرضه  الذي توفي فيه فقال :   (  إني لا آسى على شيء من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن وددت  أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددِت أني سألت عنهن رسول الله ، وأما الثلاث التي وددت أني تركتهن : وددت أّني لم أكن حَرَّقتُ الفجاءة السَّلمي، وأني كنت قتلته سريحًا أو خليته نجيحًا ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت   قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين – يريد عمر وأبوعبيدة – فكان أحدهما أميرًا، وكنت وزيرًا  ... وأما اللاتي تركتهن فوددت أني يوم أتيت بالأشعث  بن قيس أسيرًا كنت ضربت عنقه، فإنه تخيل إلي أنه لا يرى شرًا إلا أعان عليه، ووددت أني  حين سيرت خالد بن الوليد إلى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق، فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله     ومَدَّ يديه – ووددت أني كنت سألت رسول الله لمن هذا الأمر..؟  . وأخرج الطبراني في معجمه الكبير  : رواية مثلها. )( انظر طبقات الحفاظ للسيوطي ، ط1 ، بيروت ، ص : 372 . وانظر : تاريخ الطبري : 3: 429. والضعفاء الكبير ، للعقيلي : 3 : 419-421. ) فحادثة الحرق ثابتة في كثير من المصادر، وفي صحيح البخاري  على وجه الخصوص  . 

[104] - مقالات الإسلاميين، ج1، ص66.

[105] - الملل والنحل (على هامش الفصل لابن حزم)، ج1، ص10.

[106] - المقدمة، ص832.

[107] - عقائد الامامية ص63.

[108] - تاريخ العلويين ص391.

[109] - تاريخ الإسلام السياسي 4/265-267، وانظر تاريخ العرب  فيليب حتى ج2/359.

[110] - تاريخ العلويين ص343.

[111] - فرق الشيعة ص78. مقالات الإسلاميين، ص15. الفرق بين الفرق، ص252.

[112] - تاريخ العلويين ص97-98.

[113] - انظر كتاب الفرق بين الفرق، والملل والنحل، وكتاب الفرق الإسلامية (ذيل كتاب شرح المواقف للكرماني).

[114] - فرق الشيعة ص106.

[115] - فرق الشيعة ص 106.

[116] - الخطوط العريضة ص25.

[117] - جاء في مسائل الإمامة ص22-23 (رشيد الهجري :  وكان ممن يذهب مذهب السبئية).
وعن حبيب بن صهبان قال: سمعت علياً على المنبر يقول: دابة الأرض تأكل بفيها، وتحدث بإستها فقال رشيد الهجري: اشهد أنك تلك الدابة، فقال له علي قولاً شديداً) ميزان الاعتدال 2/52.
ويقول ابن حبان: كان رشيد يؤمن بالرجعة. انظر المجروحين 1/198.
ونقل العقيلي عن الشعبي قال: رشيد الهجري وحبه العرني والاصبغ بن نباته ليس يساوي هؤلاء كلهم شيئا  انظر عبدالله بن سبأ- سليمان العودة ص222 ويقول الجوزجاني في رشيد: كذاب غير ثقة ميزان الاعتدال 20/51 كما نقل عن ابن معين: رشيد الهجري عن أبيه ليس برشيد ولا أبوه، وكان يقول في رشيد: ليس بشيء) انظر المجروحين 1/298.

[118] - قال ابن حبان: كان جابر سبئياً من أصحاب عبدالله بن سبأ  ميزان الاعتدال 1/384.

[119] - تاريخ العلويين ص201-202.

[120] - فرق الشيعة ص78، مقالات الإسلاميين ص15.

[121] - تاريخ العلويين ص204، وتاريخ الإسلام السياسي 4/265-267.

[122] - انظر كتاب الدكتور أسعد علي وهو من طائفة النصيريين- عن المكزون السنجاري تحت عنوان: "معرفة الله والمكزون السنجاري".

[123] - يتشدد النصيريون مع كل من يحاول كشف أسرارهم حتى ولو كان نصيرياً. يقال أن سليمان الأضى وهو من أبناء مشايخ النصيريين في ولاية أضنه تنصر بتأثير بعض المبشرين الأمريكيين، وجاء اللاذقية.. وكتب كتابه (الباكورة السليمانية)، وكشف فيه الكثير من أسرار العقيدة النصيرية.. وطبع المبشرون الأمريكيون الكتاب في بيروت سنة 1863.. وبعد أن أقام باللاذقية مدة مديدة أخذ أقاربه يراسلونه، ويحببون إليه العودة إليهم مستعملين في ذلك كل وسائل التودد والمجاملة، حتى أمن جانبهم وعاد إلى وطنه الأصلي، وهناك أماتوه شر ميتة بإحراقة حياً.. والغريب من أمر هذا الكتاب أنه بعد طبعة وتوزيع نسخ كثيرة منه في اللاذقية وغيرها أخذ في الاختفاء تدريجياً حتى توارى ولا يرى أحد منه الآن نسخة واحدة"، انظر: دائرة معارف محمد فريد وجدي ج10، ص250، وقد طبع في مصر منذ سنوات.

[124] - الهفت الشريف: ص126.

[125] - الهفت الشريف : ص78.

[126] - أنظر (خمس رسائل وأجوبتها) لمؤلف مجهول، ص64-65 ضمن مجموعة رسائل حققها ونشرها المستشرق الالماني شتروطمان، وربما تكون هذه الرسائل لفرقة أخرى كالاسماعيلية، إلا أنه من المؤكد أن كل فرقة من الفرق الغالية توصي أتباعها بمثل ذلك، والفرق الغالية غالباً تتشابه في العموميات، وتختلف عن بعضها البعض في الخصوصيات.

[127] - الهفت الشريف ص168.

[128] - ليس للمرأة عندهم من مهمة سوى الانجاب والنسل، يقول المجموع ص7،30، (من ذنوب الابالسة والشياطين خلقت النساء، لذلك لا يجوز تعليمهن الصلاة، والإيمان، ولا يجوز إعطاؤهن الأسرار النصيرية، وقد جعلن في هذه الدنيا فتنة للناس وسببا للذنوب، والأوزار، وبابا من أبواب الابالسة والشياطين، وهن الناس- الذين أمرنا الله بالعياذ منهن في قوله تعالى: (قل أعوذ برب الناس ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس) فالجنة هم الشياطين والناس: الذين أمر الله بالاستعاذة منهم هن النساء، ثم يبين في الجموع- الغرض الذي من أجله خلق الله المرأة فقال: ما هن الا وعاء لزرع بذور الأنساب).

[129] - الهفت الشريف ص21-22، بتصرف.

[130] - المقصود بالأيتام الخمسة: الذين لا مثيل لهم.

[131] - انظر ص 307-308 في كتاب (إسلام بلا مذاهب).

[132] - بتصرف من كتاب: الألوهية في المعتقدات الإسلامية ص111، وانظر الملل والنحل ج1، ص263-317.

[133] - الفرق الاسلامية: ص49 (ذيل كتاب شرح المواقف)

[134] - الهفت الشريف ص121. وبمثل ذلك قال الخصيبي في الهداية الكبرى ص229- بأن قتل الأئمة إنما كان في الظاهر فقط، وقع ذلك تشبيها على الناس كما هو في حال المسيح عليه السلام-
فالامام  علي- جينما ضربه- عبدالرحمن بن ملجم المرادي- لم يقع القتل عليه، بل فعل الله معه كما فعل مع المسيح، فألقى شبه علي- كرم الله وجهه- علي (علي بن شيت بن ربيع الخيري)؟!
ثم قال: إن الحسين كذلك قد وقع قتله في الظاهر أكثر من مرة، وكان آخر هذه المرات في عهد بني أمية، ولكن الحقيقة أن الله ألقى شبهه على غيره، فظنه الجاهلون الامام الحسين، وسر تعدد هذه المرات: أن الأئمة فيهم جزء الهي- فعندهم القدرة على أن يحلوا في أي جسم شاءوا، فالامام الحسين كان في زمن ابراهيم عليه السلام- هو  اسماعيل الذبيح- والامام الحسن هو  اسحق -.إلى أخر ما هنالك من خرافات.
انظر الهداية الكبرى ص229، والهفت الشريف ص91.

[135] - الهفت الشريف ص221-222.

[136] - تاريخ العلويين ص183-184، والهفت الشريف ص17.

[137] - نقلناه بحروفة على ما فيه من كتاب الهفت الشريف ص113-114.

[138] - أنظر ص309 في كتاب إسلام بلا مذاهب.

[139] - انظر الأعلام ج3، ص170.

[140] - انظر الأعلام ج3، ص170.

[141] - يحرم النصيريون على أنفسهم أكل أنثى الحيوانات التي تحيض.. كما وأنهم يحرمون أكل الجمال والأرانب والغزلان.

[142] - انظر كتاب (إسلام بلا مذاهب)، ص309-310.

[143] - انظر المقاصد لسعد الدين التفتازاني- ص6.

[144] - انظر تاريخ العلويين  ص40.

[145] - تاريخ العلويين ص238.

[146] - الهفت الشريف ص80.

[147] - انظر طائفة الشيخية تاريخها وعقائدها- للدكتور سليمان الحلبي.

[148] - الهفت الشريف ص162.

[149] - الباكورة السليمانية ص36، والهفت الشريف ص103.

[150] - الهفت الشريف ص104.

[151] - الهفت الشريف ص77، ص162.

[152] - المنقذ من الضلال ص66.

[153] - المنفذ من الضلال ص73- بتصرف-.

[154] - كتاب المجموع ص7. وانظر كتاب اديان الهند الكبرى للدكتور احمد شلبي  بحث الجينية- وهي ديانة هندية قديمة تقول بمثل هذا القول.

[155] - المرجع السابق نفسة ص7.

[156] - وهذا يتفق وعقيدتهم في الحلول والتناسخ.

[157] - تاريخ الطبري 3/340.

[158] - انظر تفسير الألوسي روح المعاني- ج20/128.

[159] - روح المعاني ج20/ص27.

[160] - الحجج البهية ص30-31 لأبي الفضائل الجرفادقاني.

[161] - البيان والتبيين 2/124.

[162] - انظر المواعظ والاعتبار 1/362.

[163] - انظر الفصل 3/188.

[164] - العقد الفريد 1/353.

[165] - الصدوقية: (نسبة إلى صدوق أو صادق رئيس الكهنة أيام داود سليمان عليهما السلام- وفي عائلته حفظت رئاسة الكهنوت حتى عصر المكابيين، فسمي خلفاءه وانصاره صدوقيون أو بمعنى أصح: صادقيون، ومالوا إلى الفلسفة اليونانية وخاصة فلسفة أرسطو، وأنكروا وجود الملائكة والروح، ورفضوا الاقرار بالقيامة والثواب في الجسد بدعوى أن النفس تموت مع الجسد، وأن النص التواراتي يخلو من أية إشارة إلى معاد وحساب، وكان الصدوقية في جزيرة العرب قبل بعثة الرسول بهجة اليمن وكانوا يقولون من بين سائر يهود الجزيرة أن عزيز ابن الله). الموسوعة النقدية للفلسفة اليهودية ص135.

[166] - انظر الملل والنحل 1/211-212.

[167] - الفرق بين الفرق 143، 148.

[168] - المقالات والفرق ص19.

[169] - المقالات والفرق ص41.

[170] - من كبار السبئيين ويعتبره النصيريون باب الحسين..إذ كل إمام له باب، قال عنه الجوزجاني: كذاب غير ثقة، كما نقل عن ابن معين أيضاً: رشيد الهجري عن أبيه ليس برشيد ولا ابوه،  انظر ميزان الاعتدال 2/51، وانظر المجروحين لابن حبان 1/298.

[171] - مسائل الإمامة ص23.

[172] - التنبيه والرد، للملطي ص18.

[173] - الفرق بين الفرق ص236.

[174] - الفرق بين الفرق ص225.

[175] - التيصير في الدين ص108.

[176] - انظر المهدية في الإسلام ص105.

[177] - انظر تاريخ اليهود في بلاد العرب ص49.

[178] - انظر فرق الشيعة ص37.

[179] - انظر بحار الأنوار للمجلسي، مجلد2 ص252.

[180] - انظر (مختصر اثبات الرجعة)للفضل بن شاذان (ت 260هـ) تحقيق السيد باسم الموسوي حشد فيه كاتبه عشرين حديثاً لم أعثر عليها في مصادر أهل السنة زعم أنها تؤيد مدعاه، وهي أشبه بالأساطير.

[181] - بل هي للبيان كقوله تعالى (فاجتنبوا الرجس من الأوثان).

[182] - لم يصرح الطبرسي بمن سيحييهم الله لينتقم منهم إمامه المزعوم، ولكن الغلاة المنشقين عن الإمامية الإثنى عشرية كالنصيرية والشيخية وغيرهما صرحوا بأن قائمهم المهدي- سينبش قبري أبي بكر وعمر رضي الله عنهما- ويخرجهما من قبرهما مع نفر آخرين من الصحابة وبني أمية، فينتقم إمامهم منهم وذلك قبل يوم القيامة.. بل يرون أن إمامهم الغائب عندما ينبش قبريهما ويخرجهما، سيكونان في تلك اللحظة غضين طريين كأنمهما دفنا لوقتهما، وأنه سيصلبهما ويحرقهما..ويقولون لعنهم الله- إن السبب في دفنهما في الحجرة الشريفة بجوار الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس تكريماً لهما، ولكن لئلا يشك أحد في أن هذين الإثنين هما أبو بكر وعمر، اذ لو دفنا خارج الحجرة الشريفة لشك الناس في حقيقتهما .. انظر الهداية الكبرى للخصيبي النصيري ص261، وبمثل ذلك قالت الإسماعيلية انظر كتاب الكشف ص49.

[183] - قدرة الله سبحانه فوق الشك والريب، ولكن هذه التخيلات المريضة، والأوهام الباطلة، لا سند لها من نقل ولا من عقل..

[184] - تفسير الطبرسي 2/251.

[185] - انظر : تفسير الألوسي 2/27.

[186] - تفسير ابن كثير 3/255.

[187] - تفسير ابن كثير 3/255.

[188] - انظر مادة حلول- بدائرة المعارف الاسلامية 8/55. وهي عقيدة آمنت بها كل اديان الهند الوثنية.. أنظر كتاب : أديان الهند- د.أحمد شلبي.

[189] - عقيدة الشيعة ص58-59.

[190] - الاعتصام  للشاطبي 3/67.

[191] - الفرق بين الفرق ص233.

[192] - انظر مقالات الاسلاميين ص 1/67.

[193] - انظر مقالات الاسلاميين 1/75.

[194] - انظر راحة العقل- ص577، وزهر المعاني للداعي ادريس عماد الدين ص74. وكتاب الكشف لجعفر بن منصور اليمن ص8، وغيرها من الكتب الاسماعيلية.

[195] - المجالس والسايرات للقاضي النعمان ص209-210.

[196] - انظر هامش المجالس والمسايرات ص210.

[197] - زهر المعاني للداعي ادريس عماد الدين ص160.

[198] - مقالات الاسلاميين 1/114.

[199] - مزاج التسنيم، ص33.

[200] - مزاج التسنيم ص80.

[201] - مزاج التسنيم ص108-109.

[202] - رسالة الأصول والأكام ص125.

[203] - كتاب الإيضاح للداعي شهاب الدين أبي فراس ص8.

[204] - جلاء العقول ص136، والأنوار اللطيفة  للحارثي اليماني ص110.

[205] - بيان مذاهب الباطنية وبطلانه ص38.

[206] - الهفت الشريف/مقدمة الاسماعيلي د. مصطفى غالب ص19.

[207] - المرجع السابق نفسه ص20.

[208] - تعليم الديانة النصيرية ورقة / 2.

[209] - الهداية الكبرى  لأبي عبدالله بن حمدان الخصيبي ص248.

[210] - كتاب الأصيفر  محمد بن شعبة الحراني  مخطوط ورقة / 6

[211] - الملل والنحل ج1/189.

[212] - انظر المجموع ص12.

[213] - المعارف  لابن قتيبة  ط القاهرة ص1960 ص622.

[214] - الهفت الشريف ص121.

[215] - تذكرة الحفاظ 1/81.

[216] - أو جبت فرقة الخطابية وكذلك البهرة عبادة الأئمة بموجب هذه الآية.. فما دام الإمام فيه جزء الهي فهو مستحق للعبادة.. انظر الحور العين ص119.

[217] - وانظر رسالة (المختار في الرد على النصارى) للجاحظ- تحقيق د. محمد عبدالله الشرقاوي ص122-127.

[218] - انظر صفوة التفاسير 2/109.

[219] - أنظر صفوة التفاسير 2/109.

[220] - الا الحركة الاسماعيلية في القديم، والنصيرية في العصر الحديث.

[221] - أنظر الملل والنحل ج1 ص15-20.

[222] - الفرق بين الفرق ص145-150.

[223] - يسميه ابن حزم في الفصل (بيان بن سمعان التميمي) الفصل 4/185، والشهرستاني في الملل والنحل 1/203 بـ (بيان بن سمعان الهندي) وإنما هو النهدي نسبة إلى قبيلة نهد اليمنية ويزعمون أن روح الله حلت في علي ثم في ابنه محمد بن الحنفية ثم في ابنه أبي هاشم ثم في بيان) انظر الاعتصام 3/67، ويقول البغدادي في الفرق بين الفرق ص227 بأنهم يزعمون "أن روح الله تناسخت في الأنبياء والأئمة ثم انتقلت إليه، فادعى لنفسه الربوبية على مذاهب الحلولية".

[224] - الملل والنحل ج2/12.

[225] - وهو نفس ما يعتقد اتباع الديانة الجديدة الهندية  انظر اديان الهند د. احمد شلبي، مبحث الجينية.

[226] - الهفت الشريف ص162

[227] - الهفت الشريف ص190.

[228] - الهفت الشريف ص146.

[229] - الهفت الشريف ص106-108.

[230] - الهفت الشريف ص109.

[231] - الهفت الشريف ص109.

[232] - هكذا وردت بالأصل، والصواب: لا أرضاً، ولا سماء، ولا جبلاً، ولا براً، ولا بحراً.

[233] - الهفت الشريف ص64-65-67-90-162.

[234] - الهفت الشريف ص90.

[235] - الهفت الشريف ص90

[236] - الهفت الشريف ص60-162.

[237] - الهفت الشريف ص153-154.

[238] - انظر:  المقالات والفرق ص41.

[239] - ارشاد العوام 2/26.

[240] - تفسير ابن كثير 8/364-365 ط الشعب. وانظر الفصل 2/91 وانظر تفسير محاسن التأويل- للقاسمي ج17/6086.

[241] - انظر أصول النحل/ص40.

[242] - انظر في ظلال القرآن ج21/2815.

[243] - انظر أصول النحل ص39-40.

[244] - تفسير التحرير والتنوير (تفسير سورة الفاتحة وجزء عم) ص216-217.

[245] -فرق الشيعة ص36-37.

[246] - المرجع السابق ص37.

[247] - انظر في ظلال القرآن 8/1291.

[248] -  انظر في ظلال القرآن- جـ21/2751، وانظر صفاء الكلمة- د. عبدالفتاح لاشين ص18-19.

[249] - المقالات والفرق / 56-59.

[250] - انظر المقالات والقفرق/56-59.

[251] - انظر مزاج التسنيم-للمفسر الإسماعيلي ضياء الدين إسماعيل بن هبة الله ج1/33، 80، 108،109 وانظر (الهفت الشريف)- من كتب النصيريين المقدسة ص26، 36.

[252] - انظر في ظلال القرآن جـ15/2232-2233.

[253] - كالنصيرية والشيخية، فهم الذين يقولون بالمسخ والنسخ والفسخ والرسخ.. بينما الدروز لا يؤمنون بذلك ويسمون التناسخ بالتقمص..

[254] - إرشاد العوام 2/24.

[255] - الهفت الشريف ص36.

[256] - المرجع السابق ص66-67.

[257] - مزاج التسنيم ص63.

[258] - مزاج التسنيم ص80.

[259] - مزاج التسنيم ص109.

[260] - مزاج التسنيم ص326.

[261] - انظر : التبصير في الدين ص15 وانظر الفصل 4/197.

[262] - انظر تفسير الألوسي ج7/ص145.

[263] - تفسير الألوسي 7/146.

[264] - انظر مذهب الدروز والتوحيد ص61-62، وانظر عقيدة الدروز ص144.

[265] - انظر : في ظلال القرآن،  5/683-684.

[266] - انظر تناسخ الأرواح مصطفى الكيك- ص38.

[267] - انظر تفسير ابن كثير 1/96-98 ط الشعب.

[268] - انظر مذهب الدروز والتورحيد ص61-62.

[269] - انظر الفصل لابن حزم ج1/91.

[270] - انظر :الروح في دراسات المتكلمين والفلاسفة  ص210.

[271] - انظر عقيدة البعث في الاسلام، د. التهامي نقره ص351

[272] - انظر عقيدة البعث في الإسلام ص52.

[273] - المعراج :محمد حسن آل ياسين ص 50-53.

[274] - انظر:  الإسلام يتحدى ص81-83.

[275] - انظر عقيدة البعث في الإسلام  د.التهامي نقره ص127-131 وانظر الروح في دراسات المتكلمين  د. محمد سيد أحمد المسير ص210-215.

[276] - الفرق بين الفرق ص245.

[277] - مذاهب الاسلاميين 2/47.

[278] - الحور العين 160-167.

[279] - انظر:  دراسات في الفرق والعقائد د. عرفان عبدالحميد ص73-79.

[280]- التفكير الفلسفي في الإسلام ج1/407 للإمام الدكتور عبدالحليم محمود.

[281]- قوله تعالى حكاية عن أهل النار: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (غافر: 11.)، هذه الآية تدل على أن الناس لهم موتتين وحياتين، بينما جاءت آية أخرى يدل ظاهرها على خلاف ذلك، وهي قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) (الدخان: 56.).  وعلى هذا فقد يتوهم مُتوهم على أن بين الآيتين تعارضاً، والجواب من وجهين:
الوجه الأول: إن قوله تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) وصف لأهل الجنة، والضمير في قوله (فيها) للجنة، فيكون المعنى: لا يذوق أهل الجنة في الجنة الموت، فلا ينقطع نعيمهم.  وقوله: (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) للجنس، لا للوحدة، نحو قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2))( العصر: 1.) وليس في الآية نفي تعدد الموت (انظر: ياسر الشمالي: موهم الاختلاف والتناقض في القرآن الكريم: : ص 696.).
فقوله: (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) استثناء منقطع لتأكيد نفي ذوقهم الموت الذي ذاقوه في الدنيا، لأن من يدخل الجنة لا يموت أبداً كما ورد في الحديث (صحيح البخاري: ج17/ ص 184.).  فالموتة الأولى في الآية تعني الموت السابق الذي ذاقوه، سواء أكان ذلك مرة أو مرتين، ولذلك فإنه لم يُرِد بالأولى موتة واحدة، ونظير ذلك قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ........) (الأحزاب: 33.)، أراد الجاهلية السابقة للإسلام، وليس هناك جاهلية أولى ولا ثانية، وعلى هذا فإن قوله: (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) لا ينافي أنهم كانوا أمواتا مرتين.
الوجه الثاني: إن المراد بالمَوتةِ الأولى التي ذاقوها عند مجيء الأجل وقبضِ الروح، أما الموتة التي كانت وَهُم في العدم قبل أن يُخلقوا، فذلك موتٌ لا يوصف بأن أحداً قد ذاقه، لأنه لم يُخلَق، وإنما سمي موتاً من حيث إن المعدوم بحكم الميت، كما سمى الله تعالى الكافر ميتاً في قوله سبحانه : (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام: 122.)، وقال في حق الكفار وبيان أنهم لا ينتفعون بالحق والهداية كحال الموتى: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) (النمل: 80). وعلى ذلك فإن الموت الحقيقي الذي يذوقه الناس إنما هو الموت الذي يَعقُبُ الحياة، فينهي حياة الإنسان وينقله للآخرة، وهذا الموت أخبر الشارع أن له سكرات، وفطرة البشر تكره هذا الموت، لذلك طمأنَ الله أهل الجنة، بأنهم لن يذوقوا هذا الموت في الجنة ألبتة، لأن حياتهم في الجنة خالدة. وعلى هذا فإنه لا مجال لتوهم التنافي والتناقض بين قوله تعالى (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) وبين قوله تعالى (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى) لما تقدم بيانهانظر: ياسر الشمالي: موهم الاختلاف والتناقض:  ص 696-697 بتصرف يسير.)

[282] - اسم مكان يقع بين الكوفة والبصرة هزم فيه التوابون وهي أول حركة شيعية كانت تنادي للأخذ بثأر الحسين انظر تاريخ الطبري 5/589-590.

[283] - انظر : القاموس المحيط ، للفيروز آبادي ، والصحاح ، لإسماعيل الجوهرى .

[284] - مفردات ألفاظ القرآن ، للراغب الأصفهاني .

[285] - انظر : التفسير الكبير ، للفخر الرازي ، 8/13. وروح المعاني ، لللآلوسب : 3/120 .

[286] - فتح الباري ، لابن حر ، ج12/ 314.

[287] - تصحيح الإعتقاد ص229.

[288] - آل عمران/28، وقرأها يعقوب من العشرة تقية انظر شرح طيبة النشر  للنويري 4/151 ط  مجمع البحوث الاسلامية الأزهر الشريف- 1990.

[289] - انظر مقال التقية أصولها وتطورها للدكتور كامل الشيبي  مجلة آداب الاسكندرية مجلد 16 سنة 1962.

[290] - انظر الملل والنحل 1/164.

[291] - انظر الملل والنحل 1/184.

[292] - أبو الهذيل العلاف: هو أبو الهذيل محمد بن الهذيل العبيدي، نسبة إلى عبدالقيس وهو من أهل البصرة، ولد سنة خمس وثلاثين ومائة، وقد اشتهر بمناظرته مع الفرق الإسلامية وغيرها، وكان من رؤوس المعتزلة انظر المعتزلة  زهدي جار الله ص115.

[293] - الملل والنحل 1/66.

[294] - الفصل 1/335.

[295] - تفسير الطبري 6/313.

[296] - التفسير الكبير 25/435.

[297] - المبسوط 24/15.

[298] - تفسير البيضاوي 3/191.

[299] - تفسير الفخر الرازي 2/431.

[300] - دائرة المعارف الإسلامية 5/424.

[301] - دائرة المعارف الإسلامية5/424.

[302] - أوائل المقالات للشيخ المفيد ص97.

[303]- انظر مقال (التقية) للدكتور الشيبي نقلاً عن (حقائق التأويل) 5/74-75 ط النجف 1355هـ).

[304] - التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ص24.

[305] - هناك الكثير من الأقوال صدرت عن بعض أئمة أهل البيت تشيد بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما- انظر في ذلك: عيون الأخبار، ونهج البلاغة، ورسالة سيدنا علي كرم اله وجهه- لأبي بكر رضي الله عنه- مبايعاً إياه، أوردها صاحب (عمدة التحقيق في بشائر الصديق) للشيخ إبراهيم العبيدي المالكي، وارجع  إلى الإصابة 4/492، وطبقات ابن سعد 1/190، وعيون الأخبار 4/71 وغيرها من المصادر لترى العلاقة الوثيقة بين الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين-، ولكن بقايا السبئية برروا ذلك وقالوا بأن الأئمة قالوا تلك الأقوال الإيجابية عملاً بمبدأ التقية.

[306] - كتاب المجموع ص24، 28 مخطوط بدار الكتب المصرية- الخزانة التيمورية برقم/564.

[307] - المجموع ص28. وهي نفس التعبيرات التي يطلقها التلمود على غير اليهود.

[308] - الباكورة السليمانية ص82.

[309] - انظر خطط الشام ج3/267.

[310] - المجموع ص30.

[311] - شرح نهج البلاغة ج8 ص119.

[312] - انظر التأويل بين ضوابط الأصوليين وقراءات المعاصرين : إبراهيم محمد طه ، ص : 11.

[313] - فضائح الباطنية- للإمام الغزالي ص 35 ط دار البشير- عمان.

[314] - الأفحام لأفئدة الباطنية الطغاة- ص 71 ط- منشاة المعارف بالإسكندرية.

[315] - الفرق بين الفرق ص 293.

[316] - انظر مذاهب الإسلاميين ، لبدوي ، القسم الثاني ، ص 754.

[317] - انظر فتح الباري : 12 : 233. وشرح السنة للبغوي : 5  : 472 ، 488.

[318] - فيلون : فيلسوف يهودي ولد بالإسكندرية حوالي سنة 30 ق. م . كان يلقب بأفلاطون اليهود ، حاول التوفيق بين العهد القديم وعادات اليهود من جهة ، وفلسفة أفلاطون من جهة أخرى . انظر : د. حربي عباس : ملامح الفكر الفلسفي والديني في مدرسة الإسكندرية القديمة  ، ط1، 1992م ، دار العلوم العربية ، بيروت :  ص 250 . 

[319] - انظر : العقيدة والشريعة ، لجولد تسيهر ، ص : 156.

[320] - انظر : الغلو والفرق الغالية ، ص 152-155. ومذاهب الإسلاميين لبدوي : 2 : 10-12.   وأصول الإسماعيلية : د. سليمان عبد الله السلومي ، ص : 229- 236. بتصرف .

[321] - تاريخ العلويين /184.

[322] - يقول النصيري محمد أمين غالب الطويل في كتاب تاريخ العلويين ص199: (ان النصيرية لا يهتمون بالقواعد اللغوية لأن كلام الأئمة هو فوق كل شيء وهم وحدهم الذين الحق لهم تفسير القرآن).

[323] - محسن بن علي: يعتقد النصيريون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه- ضرب السيدة فاطمة الزهراء- رضي الله عنها- بالعصا على ظهرها فأجهضت به..؟! انظر العلويون بين الأسطورة والحقيقة ص114.

[324] - انظر عقيدة النصيرية د. محمد رمضان عبدالله ضمن كتاب (النصيرية حركة هدمية) ص72.

[325] - المرجع السابق ص72.

[326] - تاريخ العلويين ص198.

[327] - الهداية ص230.

[328] - الهفت الشريف ص80.

[329] - الهداية الكبرى ص230.

[330] - المرجع السابق ص230.

[331] - الهداية الكبرى ص247.

[332] - الهداية الكبرى ص271.

[333] - انظر الهداية الكبرى ص230.

[334] - انظر الهداية الكبرى ص230.

[335] - انظر المجموع ص50-76.

[336] - الهداية الكبرى  للخصيبي ص247.

[337] - انظر الحركات الباطنية ص348، واسلام بلا مذاهب ص352.

[338] - انظر فن المنتخب العاني وعرفانه 52-55 وانظر العلويين بين الأسطورة والحقيقة ص164، 226.

[339] - فن المنتخب العاني وعرفانه ص53.

[340] - الحركات الباطنية: ص342.

[341] - الحركات الباطنية ص357.

[342] - انظر تعليم ديانة النصيرية  مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس رقم (6182) عربي، نقلاً عن (مذاهب الاسلاميين) 2/474.

[343] - انظر الهفت الشريف: ص64.

[344] - انظر الهفت الشريف: ص221.

[345] - الحركات الباطنية في الاسلام ص267.

[346] - الهفت الشريف ص40.

[347] - انظر اسلام بلا مذاهب ص312، والباكورة السليمانية ص10، وكتاب سوسنة سليمان ص341.

[348] - انظر مذاهب الاسلاميين 1/474.

[349] - انظر كتاب المجموع ص76.

[350] - انظر تحفة النظار في غرائب الامصار( رحلة ابن بطوطة )  1/65.

[351] - قال في المجموع ص51 (وضع لنا عقلاؤنا ومشايخنا ليلة الاباحة العامة، وهو سر جليل رضي الله عنه واضعيه) ويسمونها ليلة العبادة العظمى.

[352] - الصرصر: حيوان شبيه بالجراد، وقيل هو الجدجد، والصرصر أيضاً هو الديك وهو كذلك: العظيم من الإبل وفراشة لها أجنحة بين السواد والحمرة. والريح الصرصر: هي الشديدة الهبوب، أو البرد . انظر مذاهب الاسلاميين : د. عبد الرحمن بدوي : ص 491.

[353] - انظر ص490 في كتاب (مذاهب الاسلاميين) ونقلها بدوره عن المستشرق كتفاجو وكان قد نشر نصوص ثلاثة قداسات في (ZDMG) المجلد الثاني سنة 1848، من ص388-394 مع ترجمة ألمانية.

[354] - انظر الهفت الشريف ص23.

[355] - لعله:  البراء بن معرور الأنصاري الخزرجي ، كان من النفر الين بايعوا بيعة العقبة الأولى ، انظر الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر ، ج1: ص 148-149 .

[356] - انظر:  مذاهب الاسلاميين ، عبد الرحمن بدوي : ج2ص 492.

[357] - الهفت الشريف ص22.

[358] - انظر ص 493 في كتاب (مذاهب الإسلاميين).

[359] - الهفت الشريف، ص22-23.

[360] - انظر ص309-310 في كتاب (إسلام بلا مذاهب). ونقل نص هذه الصلاة من كتاب محمد المجذوب (اخوتنا في جبال اللاذقية).

[361] - الباكورة السليمانية ص31.

[362] - الباكورة السليمانية ص31.

[363] - كتاب سوسنة سليمان: ص341 نقلاً عن كتاب (التأييد) لشيخهم محمد كلازي.

[364] - انظر كتاب مذاهب الاسلاميين 1/474.

[365] - انظر ص407 من الجزء الثاني في كتاب (صبح الأعشى) القاهرة 1913.ومذاهب الاسلاميين ، د. عبد الرحمن بدوي : ج2، ص 485.

[366] - انظر ص70-75 في كتاب (تاريخ العلويين).

[367] =- انظر ص407 في الجزء الثاني من كتاب : صبح الأعشى.

[368]  - انظر : العبر : ابن خلدون ، ج2: ص 737-738 . ومذاهب الاسلاميين ، د. عبد الرحمن بدوي : ج2 : ص 459.

[369] - انظر ص111 في كتاب : الألوهية في المعتقدات الإسلامية ، للدملوجي .

[370] - انظر في هذا العيد أيضًا: تاريخ ابن الوردي (1/80) والكامل (1/125) وتاريخ الطبري (1/735) وتاريخ ابن خلدون (2/147) ومجلة المشرق الكاثوليكية عدد (4)، ص 241-253 والموسوعة العربية العالمية (16/709) والموسوعة العربية الميسرة (2/1247).

[371] - مجلة الأزهر، عدد (10)، ص1485، وذكر أصحاب الأوائل أن أول من اتخذ النيروز جمشيد الملك، وفي زمانه بعث هود - عليه السلام - وكان الدين قد تغيّر، ولما ملك جمشيد جدّد الدين وأظهر العدل، فسمي اليوم الذي جلس فيه على سرير الملك نيروزًا، ثم تجبر وطغى، فاتخذ شكلاً على صورته وأرسلها إلى الممالك ليعظموها، فتعبّدها العوام، واتخذوا على مثالها الأصنام، فهجم عليه الضحاك العلواني من العمالقة باليمن فقتله كما في التواريخ. ومن الفرس من يزعم أن النيروز هو اليوم الذي خلق الله فيه النور. ويعتبر النيروز عيد رأس السنة الفارسية الشمسية ويوافق الحادي والعشرين من شهر مارس من السنة الميلادية، وكان من عادة عوامهم إيقاد النار في ليلته ورش الماء في صبيحته. انظر: شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد، للسفاريني (1/578)، وحاشية الحلو والتركي على المغني لابن قدامة (4/428).

[372] - موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة (1/415).

[373] - انظر ص409 في الجزء الثاني من صبح الاعشى.

[374] - انظر ص461 في كتاب: مذاهب الاسلاميين.

[375] - انظر ص 315 في كتاب: اسلام بلا مذاهب.

[376] - أنظر الباكورة السليمانية: ص34، وسوسنة سليمان: ص 343، وتاريخ العلويين: ص115، ومن هم العلويون وأين هم: ص193.ومذاهب الاسلاميين ، ج2: ص 463.

[377] -  انظر مذاهب الاسلاميين : عبد الرحمن بدوي ، ج2: ص 427.

[378] - الهفت له معاني كثيرة ، منها  : الحديث الدقيق الذي يطمئن صاحبه إليه ، وهو في الوقت موضع استغراب وتعجب من المستمع الذي لا علم له ببواطن الأمور فيبعث الحيرة فيه عند ما تسمع أذنه ما فيه من عجائب أو عند ما تقع عينه عليه، ويحتوى هذا الكتاب على أحاديث وأخبار أشبه ما تكون بالخيال أو الأ ساطير التي لا يصدق بها العقل ، لذا أطلقوا على هذه الأخبار والقصص الهفت  الشريف إشارة منهم إلى أنه لا يقف على مثل هذه الأخبار إلا من كان على علم بالباطن مثلهم فمن كان كذلك فهو يطمئن إلى كل ما جاء فيه،  ومن  لم يكن منهم فإنه لا يخرج منه إلا بالحيرة وعدم الفهم . انظر : القاموس "المحيط" الجزء الأول ص 160 . ولسان العرب : ج1 ص 106-107.

[379] - صبح الأعشى : ج 13 ص 149
[380] - أورده المستشرق ( رينيه دوسو ) في كتابه :  ص 181-198. وكذلك صاحب كتاب ( الباكورة السليمانية في أسرار الديانة النصيرية – العلوية -  ) ص 18-44 . ط دار الصحوة – القاهرة ، 1990م.

[381] -  انظر : مذاهب الاسلاميين ، د. عبد الرحمن بدوي ، ج2: ص  474- 487.

[382] - بتصرف واختصار من  مذاهب الاسلاميين  : د. عبد الرحمن بدوي ، ج2: ص 463-470.

[383] -  بتصرف واختصار من  مذاهب الاسلاميين  : د. عبد الرحمن بدوي، ج2: ص 471-472.

[384]- انظر :العلويون بين الاسطورة والحقيقة ، هاشم عثمان، ص :271-272 . يقول بروكلمان في (تاريخ الأدب العربي) ج3 : (إنّ الخصيبي قدّم كتاب (الهداية الكبرى) وكتاب آخر اسمه (المائدة) ، إلى سيف الدولة الحمداني ونوّه بأنّ الكتابين مفقودان) . وذكرَ بروكلمان ـ نقلاً عن ماسينيون ـ أنّ كتاب الهداية ما زال يُقرأ في إيران .
[385] - إسلام بلا مذاهب ص282. وهي نفس عقيدة الانطلاق في الهندوسية  انظر ديانات الهند د. احمد شلبي.

[386] - المكاسر: درجة من درجات الدعوة الاسماعيلية .

[387] - أنظر ص60-62 في كتاب (مذهب الدروز والتوحيد).

[388] - انظر ص717 في مذاهب الاسلاميين ج2.

[389] - مذاهب الإسلاميين ص823.

[390] - مذاهب الإسلاميين ص823.

[391] - انظر : طائفة الدروز ص112.

[392] - الرسالة مخمطوطة تحت رقم 1423 عربي بباريس.

[393] - انظر ص816-822 في مذاهب الاسلامييين.

[394] - انظر ص111 في كتاب :الألوهية في المعتقدات الإسلامية . وانظر ص473-474 في كتاب (تاريخ العلويين).

[395] - انظر : تاريخ العلويين ، محمد أمين غالب الطويل : ص 383 وما قبلها .

[396] - انظر : تاريخ الإسلام السياسي: ج2، ص265-267.

[397] - مقدمة ابن الصلاح ص119.

[398] - مقدمة ابن الصلاح: 119.

[399] - انظر اسد الغابة 1/13.

[400] - صحيح البخاري 5/3.

[401] - اسد الغابة 1/13.

[402] - مقدمة ابن الصلاح 118-119.

[403] - الامامية 1/7.

[404] - فتح المغيث 3/86.

[405] - علوم الحديث: 146.

[406] - الخلاصة 124.

[407] - التقييد والايضاح 292.

[408] - الالفية: 17.

[409] - الاحكام 2/83.

[410] - السنة قبل التدوين/ 483.

[411] - قواعد التحديث/200.

[412] - معرفة علوم الحديث ص22-24، والسنة قبل التدوين 392.

[413] - تدريب الراوي 300.

[414] - إرشاد الفحول: 49، والمغني: 9/167.

[415] - الفكر المنهجي عند المحدثين: 92.

[416] - الإصابة 1/9-10.

[417] - أخرجه البخاري 7/104، ومسلم 4/ رقم 1962.

[418] - الباعث الحثيث 121-122.

[419] - الإصابة 1/10. والكفاية ص67.

[420] - انظر الجرح والتعديل ج1/7-8.

[421] - انظر الفتاوى 3/406، والعواصم من القواصم 89-93.

[422] - تاريخ العلويين 115-120.

[423] - الهداية الكبرى / 288-289... وهذه هي الرَّجعة التي يعتقدها كل الشيعة على اختلاف طوائفهم .

[424] - تاريخ العلويين ص65.

[425] - تاريخ العلويين ص66.

[426] - تاريخ العلويين من 68.

[427] - انظر تاريخ العلويين: ص116.

[428] - ويقولون في كتابهم المجموع: ص7 (واعلم أن أضداد طائفتنا ثلاثة: الأول: أبو بكر، والثاني: عمر، والثالث: عثمان، وهم ذات الشيطان. ويقول أبو سعيد الطبراني: في كتابه مجموع الاعياد-: إن يوم التاسع من شهر ربيع الأول من كل عام، هو يوم عيد لأنه يصادف مقتل دلام- (وهو من الألقاب التي يطلقونها على عمر بن الخطاب- رضي الله عنه وأرضاه-. انظر مذاهب الاسلاميين 1/463-466، وانظر تاريخ العرب المطول: 2/539.

[429] - الفصل ج4، ص182.

[430] - تحقيق ما للهند من مقولة ص38-44.

[431] - يرمزون  هم والاسماعيلية بـ زافر ، ودلام ، أو الأدلم ،  لعمر – رضي الله عنه - كما يرمزون لأبي بكر– رضي الله عنه – بـ حَبتر . .؟انظر خمسة كتب إسماعيلية ، لشتروطمان . والهفت الشريف ص : 127  

[432] - الهفت الشريف ص84-88.

[433] - تاريخ العلويين ص234. وبالطبع يقصد بكلمة أسلم: أنهم أصبحو نصيريين.

[434] - انظر كتابه: تاريخ الماسونية العام.

[435] - بتصرف من كتاب للمؤرخ الهندي شيلي النعماني- في الرد على المستغرب الصليبي  جورجي زيدان ص36-50 ولمن أراد الاستزاده فعليه الرجوع إلى : مروج الذهب، وفتوح البلدان للبلاذري، وتاريخ الخلفاء للسيوطي والكامل لابن الأثير أحداث سنة88 وغيرها.

[436] - انظر: قراءة في فكر التبعية ، محمد جلال كشك : ص408.

[437] - انظر تاريخ العلويين ص407.

[438] - انظر ص334-339 في كتاب (تاريخ العلويين).

[439] - كتاب تاريخ العلويين ص334-339. وانظر الحركات الباطنية في الإسلام ص97-98، والخطوط العريضة ص28-29، وغارة التتار على العالم الإسلامي ص24.

[440] - انظر تاريخ العلويين ص293.

[441] - انظر : النصيرية : د. سهير محمد على الفيل ، ص 33. وتاريخ النصيرية ، د. سعدون الساموك ، ص 33، في كتاب : النصيرية حركة هدمية .

[442] - انظر : مذاهب الاسلاميين ، د. عبد الرحمن بدوي ، ج2: ص: 505-506. بتصرف، والعلويون النصيريون : أبو موسى الحريري ، ص225-226  .

[443] - سورية والعهد الفيصلي : يوسف الحكيم ، ص 94، بيروت ، 1980م.

[444] - المؤامرة الكبرى على بلاد الشام : محمد فاروق الخالدي ، ص 382.

[445]  انظر : العلويون النصيريون : أبو موسى الحريري ، ص 228-231.
والمؤامرة الكبرى على بلاد الشام ، محمد فاروق الخالدي : ص 384، والنصيرية ، تقي شرف الدين : ص 85-86. والحركات الباطنية في العالم الاسلامي ، ص 235-236.

[446] - ارجع لكتاب سفيرهم الإسماعيلي في فرنسا سابقاً، أعني سامي الجندي- في كتابه  اتحدى وأتهم- وانظر كتاب الاستاذ محمد جلال كشك  ايلي كوهين (كمال سليم ثابت)، وكتاب الصراع على السلطة في سوريا  نيقولاس فان دام-.

[447] - وفاء سلطان : طبيبة ... علوية بالأصل .. وأظنها مثل زميلها (نبيل فياض ) من أتباع سليمان المرشد ..الذي كان علويا وادعى الربوبية .. وهي الآن تدعو للنصرانية .. وقد سبقها ( سليمان الأذني – الأضني ) بالتحول إلى النصرانية ، وكتب كتابه الشهير
( الباكورة السليمانية ) الذي فضح به النصيرية .. ومهمة هذه المخلوقة الآن هو مهاجمة الاسلام ، بالمقالة ، وفي وسائل الاعلام
 (  كماحصل في برنامج الدرزي فيصل القاسم:  الاتجاه المعاكس – في قناة الجزيرة ) وليس بعد الكفر ذنب .. فقد فاقت  ( أم جميل -  امرأة أبي لهب ) في افتراءاتها وفجورها المنفلت من كل قيد أخلاقي وأدبي  ، بل تحرف الآيات لتبين صدق مدعاها ..في معظم مقالاتها  .. !!

[448] - تاريخ الاسلام السياسي ج4، ص265-267.

[449] - الهفت الشريف ص15-17. وانظر خطط الشام ج6 ص265-268.

[450] - انظر مذاهب الاسلاميين: 1/427.

[451] - انظر كتاب الاحتجاج: 2/289.

[452]  كتاب الاحتجاج : 2 / 289.وانظر المقالات والفرق : للقمي الأشعري .

[453] - معرفة أخبار الرجال ، المعروف برجال الكشي ، لأبي عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي من كبار علماء الشيعة في القرنين الثالث
و الرابع الهجريين ، طبعة حجر بالمطبعة المصطفوية ، بومبي ، الهند . ج6:ص 323 .

[454] - الغيبة : لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460هـ،الفصل السادس ، ص 66.

[455] - كتاب الامام المهدي من المهد الى الظهور : للسيد محمد كاظم القزويني طبعة سنة 1995 مؤسسة نور المطبوعات بيروت لبنان : ص 177 . 178
[456] -  وقد حققه ونشره د. مصطفى غالب تحت عنوان : الهفت الشريف . بينما حققه ونشره عارف تامر تحت عنوان : الأشباه والأظلة ..؟

[457] - انظر العلويون بين الاسطورة والحقيقة: هاشم عثمان. وانظر : سوسنة سليمان ، لنوفل نوفل . والباكورة السليمانية ، لسليمان الأضني .

[458] - انظر الأعلام 4/261، ومذاهب الاسلاميين: 2/427.: انظر مذاهب الاسلاميين: 2/427، وسوسنة سليمان: 93.

[459] - انظر : مذاهب الاسلاميين : ج2: 427. والباكورة السليمانية : ص 17 .

[460] - انظر الأعلام: 10/195، ومذاهب الاسلاميين: 2/427.

[461] - انظر : الأعلام ﺠ ٦ ص ٣١٨ . و كتاب مختصر أخبار البشر : ﺠ ۲ ص ٣٨

[462] - ثم أصبح فيما بعد مستشاراً (لابن سعود) في الشؤن الخارجية. انظر (الصراع على سورية) ص46.

[463] - انظر مذكرات محمد علي الطاهر ص539-542. وقد أحببت ذكر هذه الفقرة لتعرف عدر النصيريين وخيانتهم في القديم والحديث.

[464] - جبل سنجار : هو جبل يقع على الحدود العراقية السورية محافظة نينوى ومحافظة الحسكة تقع قربه مدينة سنجار يبلغ ارتفاع أعلى قمة فيه 1200 متر. وكان جبل سنجار يعرف بالذات بمأوى  الطيور الجارحة، وكان مربي الطيور يتفاخرون بطيرهم لاسيما إن كان بيت  الطير في ذلك الجبل. معظم سكان الجبل ( الآن )  من اليزيد يين. ويكيبيديا، الموسوعة الحرة .

[465] - انظر : الزركلي : الاعلام ، 2: 227 . وأحمد زكي تفاحة : أصل العلويين وعقيدتهم : 29-30 . والنصيري : د. أسعد أحمد علي : معرفة الله والمكزون السنجاري ، 1: 510-511. دار الرائد العربي ، بيروت ، 1972م .

[466] -  أي : عنده جِمالا ينقل عليها البضائع من مكان إلى آخر .

[467] - انظر : اسلام بلا مذاهب : 302. و الاعلام: ج3: 170

[468] - كانت فرنسا أيام الانتداب تركز على الأقليات وتقربها إليها لشق صف الوحدة الوطنية ومن هذا المنطلق أوحت إلى زعيم الطائفة المرشدية "سليمان مرشدبأن يدعي الربوبية ومشى معهم في هذه اللعبة.. ولما رحل الفرنسيون بعد نضال مرير استمر 25 عاماً بقي سليمان المرشد على غيه الأمر الذي دعا وزير الداخلية في الحكم الوطني "السيد صبري العسليإلى محاكمته كمتمرد على السلطة وكمدع للألوهية بآن معاً وحكم عليه بالإعدام ونفذ به الحكم في صيف العام 1947م .
[469] - انظر : اسلام بلا مذاهب : 302. و الاعلام: ج3: 170.

[470] - تقع جوبة البرغال شمال شرق مدينة "القرداحةبحوالي أحد عشر كم وترتفع عن سطع البحر 1169م.

[471] - ثلاثة أشهر هزت سوريةالعماد أول مصطفى طلاس:ص 23-27

[472] - انظر خطط الشام : محمد كرد علي ، ج3: 174-175.

[473] - انظر : مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى ، د. أحمد قدري : ص 133.

[474] - انظر :  الاعلام للزركلي ، ج2: ص193. وصلة الاستعمار بالتيارات الفكرية الهدامة : صبرية يوسف المزين . ص 69-70.

[475] -انظر :  الحوار المتمدن : صلاح نيوف - العدد: 747 ،  11- 2 -  2004م .
[476] - انظر : الإخوان المسلمون في سورية .. مذكرات وذكريات، الكتاب الثالث  ، الحكم البعثي ( العلوي ) من عام 1963 حتى عام 1977، بقلم / الأستاذ عدنان سعد الدين .. صفحات متعددة .

[477] - العقيد أديب بن حسن الشيشكلي : كان قائد الانقلاب العسكري الثالث الذي حدث في سوريا في 19 ديسمبر 1949 ورئيسا لها بين عامي 1953 و1954.  كان أديب ضابطا سابقا في الجيش السوري، استولى على السلطة على دفعات منذ عام 1951 وحتى عام 1954 وكان قبلها أحد العسكريين السوريين الذين شاركوا في حرب 1948 وتأثر خلالها بأفكار الحزب السوري القومي الاجتماعي.

[478] صلاح الدين خير البيطار (1912 - 1980)، سياسي سوري وأحد مؤسسي حزب البعث مع ميشيل عفلق. هو صلاح خير سليم البيطار، ولد عام 1912 في حي الميدان في دمشق لأسرة عريقة ملتزمة بالعقيدة الإسلامية، جده الشيخ سليم البيطار الملقب بالفَرضي، وقد أنجب أربعة ذكور وهم: الشيخ خير والد صلاح البيطار..! والشيخ محمد وكان يشغل منصب أمين عام الفتوى في دمشق، والشيخ عبد الغني ويسمى الشافعي الصغير، والرابع الشيخ عبد الرزاق مؤلف كتاب حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر الهجري.

[479] - محمد أمين الحافظ (1921 - 17 ديسمبر 2009)، رئيس سوريا بين 27 تموز / يوليو 1963، و23 شباط / فبراير 1966. كان قد تخرج من الكلية العسكرية عام 1946، وشارك في حرب 1948 شغل منصب وزير الداخلية بعد تسلم حزب البعث الحكم في آذار / مارس 1963 وذلك قبل أن يتسلم رئاسة الجمهورية. شهد عهده توجهاً اشتراكياً للاقتصاد. أطيح به بانقلاب قاده صلاح جديد وألقي القبض عليه قبل أن يفرج عنه بعد حرب 1967، عاش بعدها في المنفى في العراق، عاد إلى سوريا في تشرين الثاني / نوفمبر 2003 وذلك بعد الغزو الأمريكي للعراق.

[480] - ميشيل عفلق (1910 - 23 حزيران / يونيو 1989)، أحد مؤسسي حزب البعث.ولد في دمشق لعائلة متوسطة تدين بالأرثوذكسية، تلقّى تعليمه في المدارس الفرنسية في سورية الواقعة تحت الانتداب الفرنسي، لمع ميشيل على مقاعد الدراسة وانتقل إلى باريس ليلتحق بجامعة السوربون حيث بلور أفكاره الحزبية. تأثر عفلق بحركة الانبعاث الإيطالي (الوحدة - الحرية - الاستقلال) بزعامة جوزيبي مازيني ، فحملها بأهدافها إلى الواقع العربي ، مزج عفلق مبدأ الاشتراكية ليكون الفارق البسيط مع فكرة مازيني (الانبعاث الإيطالي). وبعد رجوعه إلى سورية عام 1933، عمل عفلق كمدرس وبدأ يبشر بأفكاره في أوساط الطلاب والشباب ونشط في الوسط السياسي. قام عفلق عام 1941 بتكوين أول جماعة سياسية منظمة باسم الإحياء العربي التي أصدرت بيانها الأول في شباط. وما لبثت هذه الجماعة ان وضعت مبادئها القومية موضع التنفيذ عندما أعلنت تأييدها لانتفاضة رشيد عالي الكيلاني في العراق ضد الاحتلال البريطاني عام 1941، وأسست "حركة نصرة العراق".وبمساعدة صلاح الدين البيطار والدكتور مدحت البيطار، عقد المؤتمر التأسيسي في 7 نيسان عام 1947 في دمشق، وانتخب ميشيل عفلق عميدا للحزب تم دمج حزب البعث العربي عام 1952 مع الحزب الاشتراكي بقيادة أكرم الحوراني ليصبح حزب البعث العربي الاشتراكي.

[481] - لؤي الأتاسي (1926 - 2003م) هو لؤي بن أحمد سامي بن إبراهيم بن محمد الأتاسي. رئيس سوري حكم البلاد ما بين 23 آذار (مارس) 1963 و27 تموز (يوليو) 1963م. ولد في حمص عام 1926م وتخرج من الكلية الحربية فيها عام 1948، تابع دراساته في كلية أركان الحرب العربية, ارتقى المناصب العسكرية حتى رتبة اللواء ثم الفريق، شارك في الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1948 كقائد فصيل في الجيش السوري، ورجع منها بإصبع مقطوعة من جراء إصابته في أحد المعارك. عندما نهض الأتاسيون بانقلابهم على الشيشكلي في 25 شباط عام 1954م كان الأتاسي أحد المشتركين فيه إلى جانب العقيدين فيصل وزياد الأتاسيين، وقد كان لؤي الأتاسي أثناءها قائداً للشرطة العسكرية في حلب. كان من أنصار الوحدة العربية بين سوريا ومصر، وبعد الانفصال كان لؤي الأتاسي مرتبطاً بمنفذي انقلاب الثامن من آذار ،  فقرر المجلس الوطني لقيادة الثورة ترقية العميد الأتاسي إلى فريق ، وتعيينه قائداً عاماً للجيش والقوات المسلحة وفي 23 آذار (مارس) 1963 تولى منصب رئيس الجمهورية حتى تقديمه استقالته إثر محاولة انقلاب فاشلة, توفي لؤي الأتاسي في صباح 29 رمضان المبارك عام 1424 هجري الموافق تشرين الثاني (نوفمبر) 2003م.

[482] - صلاح جديد (1926-1993)، سياسي وعسكري من الطائفة العلوية ، بعثي ،  أصبح عام 1966 الرجل القوي في سوريا قبل أن تطيح به الحركة الانقلابية التي قادها حافظ الأسد. انتسب في أول الأمر إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وبعدها إنضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، سجن في مصر لفترة قصيرة بعد انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة عام 1961.  كان من المشاركين في انقلاب البعث في مارس 1963، كما أنه قاد انقلاب 23 فبراير 1966 الذي عزل أمين الحافظ من رئاسة الجمهورية السورية. أصبح نور الدين الأتاسي رأسا للدولة في ما إستلم جديد خطة مساعد الأمين العام لحزب البعث.  بدأ التصادم بينه وبين حافظ الأسد قبل حرب حزيران 1967، وظهر الصراع جليا بينه وبين الأسد في المؤتمر القطري الرابع في سبتمبر 1968. فيما تكتل الاتحاد الاشتراكي العربي مع الاشتراكيين العرب وحركة القوميين العرب والبعث العراقي في جبهة معارضة لحكم صلاح جديد. وفي فترة القلاقل في الأردن في بداية السبعينات، تدخلت القوات البرية السورية في الأردن بأمر من صلاح جديد, لكنها تعرضت لهجمات الطيران الأردني والإسرائيلي فطلب صلاح جديد من حافظ الأسد إرسال مساندة جوية،  لكن الأخير رفض ، وبالنتيجة فشلت العملية، فدعا صلاح جديد إلى مؤتمر طارئ للقيادة القومية في 30 أكتوبر لمحاسبة وزير الدفاع حافظ الأسد، ولكن الأسد وفي 16 نوفمبر 1970 قام بما يسمى الحركة "التصحيحية"، فاعتقل صلاح جديد وكافة القيادات البعثية آنذاك.

[483] - إبراهيم ماخوس :  سياسي سوري وطبيب جراح. تولى منصب وزير خارجية سوريا في أعقاب الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة. ينتمي للطائفة العلوية. يؤثر عنه قولته بعد هزيمة 1967 , وهو وزير الخارجية: « ليس مهما أن نخسر المدن لأن العدو هدفه القضاء على الثورة.» [ انظر:   سعد جمعة,. المؤامرة ومعركة المصير.  ]  و قال أيضاً : " في مؤتمر الخرطوم عام 1967 غداة الهزيمة الشائنة تباهى فيها بانسحاب الجيش السوري من الجولان دون قتال: والتي تعني أن من الضروري الحرص علي الجيش وعدم إهلاكه بالقتال لأنه جيش عقائدي.. ثم يضيف ضاحكا ساخراً من الجيش المصري ــ جيشنا عقائدي.. «مو بياكل فول»"   ظهر في أعقاب حرب 1967 صراع في قيادة حزب البعث بين صلاح جديد والرئيس السابق نور الدين الأتاسي ووزير الخارجية إبراهيم ماخوس في جهة وبين حافظ الأسد وزير الدفاع حينها، وكان جوهر الصراع هو تحديد الأولويات التي ينبغي على سوريا سلوكها بعد الحرب. فكان رأي حافظ الأسد أن على سوريا أن ترص صفوفها الداخلية رصا وتتصالح مع العرب، في حين فضلت القيادة الثلاثية تقسيم العرب إلى تقدميين ورجعيين وضرورة التشدد في دفع الصراع الطبقي داخل سوريا إلى آخر مدى له.   وقد قاد حافظ الأسد حركته التصحيحية في 13 أكتوبر/ تشرين الأول 1970 فقضى على الجناح المنافس، وتم حينئذ اعتقال صلاح جديد ونور الدين الأتاسي ويوسف زعين ومحمد عيد عشاوي. أما إبراهيم ماخوس وزير الخارجية فتمكن من الهرب إلى الجزائر حيث عمل طبيبا جراحا في أحد مستشفياتها. وماخوس هو رئيس حزب البعث الديمقراطي العربي الاشتراكي المنشق والذي يأخذ النهج الماركسي اللينيني.[  انظر : موقع الجزيرة.نت أحزاب المعارضة السورية المقال بتاريخ 17 مايو 2006]  

[484] - كثيرا ما يُصِرُّ  اليساريون والحداثيون والعلمانيون والطائفيون على الثناء المفرط  على ( الزنج.. والقرامطة ) فمن هم القرامطة : القرامطة : حركة إسماعيلية سيطرت على مناطق مختلفة من الأحساء ، والشام ، والعراق ، واليمن  قاموا سنة ( 317هـ- 929م )بمهاجمة مكة في موسم الحج ، يوم التروية ، قبل طلوعهم عرفات بساعات قليلة ، وكانوا بقيادة ( أبو طاهر الجنابي ) ، فقاتلهم أمير مكة ومن معه ، ولم يمض وقت طويل حتى تغلب عليهم ( أبوطاهر ) وأعمل فيهم السيف  ، ونهب الحجيج ، وقتل الحجاج في المسجد الحرام وفي الشهر الحرام ، ورمى القتلى في بئر زمزم ..!ووقف  على باب الكعبة ينشد :
أنا بالله وبالله أنا ..... يخلق الخلق وأفنيهم أنا . 
وأصعد رجلا ليخلع ميزاب البيت فوقع صريعا ميتا .. كما اقتلع الحجر الأسود ، وأبواب الكعبة ، وأخذ جميع ما فيها من الحلي والتحف القديمة ، كما نهب دور مكة .. وحملها معه إلى البحرين . وبقي عندهم الحجر الأسود مدة اثنين وعشرين عاما .. إلى أن ضغطت عليهم الدولة الفاطمية في مصر فأعادوه مهشما  .. فهؤلاء لا يثني عليهم إلا أمثالهم .
أما الزنج .. فكل ما فعلوه أنهم قلبوا المجتمع رأسا على عقب ، فأصبح السود هم السادة ، وعبيدهم من البيض ، ومارسوا كل ما فعله السادة بهم .. بنفس قوانين المجتمع الذي تمردوا عليه ، مع فارق  كبير هو : أنهم لم يقيموا حضارة ، ولا قدموا ثقافة ..أهذه ثورة ...؟!( انظر جهالات عصر التنوير ، محمد جلال كشك ، ص 7 .   والجامع في أخبار القرامطةفي الأحساء والشام والعراق واليمن  : 1: 153. ومنائح الكرم في أخبار مكة والبيت وولاة الحرم ، تحقيق د: جميل عبد الله المصري ، جامعة أم القرى ، مكة المكرمة ، 1419هـ - 1998م . 2: 188-190.

[485] - دعائم الإسلام ج1، ص57-58.

[486] - دعائم الاسلام ج1،ص60-61.

[487] - الصلة بين التصوف والتشيع ص146.

[488] - لاحظ هذا الثالثوث الذي يتعقده النصيريون تماماً كثالوث النصارى وهو مكون من:

  1. المعنى (الأب) أو الغيب المطلق وهو (الله-علي).

  2. الإسم (الابن) أو صورة المعنى وهو (محمد).

    3- الباب (روح القدس) للوصول إلى المعنى وهو (سلمان الفارسي).

[489] - الأيتام الخمسة هم: المقداد ابن الأسود، أبو ذر الغفاري، عبدالله ابن رواحة الأنصاري، عثمان بن نظعون، قنبر بن كادان الدوسي.

[490] -  الأنفحة: مادة تستخلص من معدة الخروف أو الماعز الصغير وتوضع على الحليب المعد لصنع الجبن.. فيساعد على تخثر الحليب.

[491] - انظر (النصيرية طغاة سورية)، أصدرتها دار الافتاء بالرياض .

[492] -  لم يفعل النصيريون ذلك في الواقع.. أما الذي قتل الحجاج واقتلع الحجر الأسود فهم القرامطة الإسماعيليون وبين الطائفتين ما صنع الحداد... وربما لو تمكنوا من ذلك لما تأخروا .

[493] - انظر كتاب : نصير الدين الطوسي ص48، والخطوط العريضة ص28-29، وغارة التتار على العالم الإسلامي.

[494] - انظر مجلة الجمعية الآسيوية الفرنسية- حيث نشر المستشرق الفرنسي جويار نص هذه الفتوى لأول مرة في المجلة الآسيوية سنة 1871.