المشكلة الشيعية - أسامة شحادة ..
المشكلة الشيعية
أسامة شحادة
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد،،
فهذه مجموعة من المقالات التي سبق لي نشرها في عدد من الصحف
والمجلات والمواقع الإلكترونية، وهي تدور حول المشكلة الشيعية المعاصرة.
ويمكن توضيح حقيقة المشكلة الشيعية - بدون تهويل أو تهوين – بأنها
سعي غالب الشيعة بعد ثورة الخميني سنة ١٩٧٩ م إلى استلهام هذه الثورة التي
تبنت شعار "تصدير الثورة" ومحاولة الاستيلاء على السلطة في البلدان التي
يتواجدون فيها، وتطورت المشكلة الشيعية لتجرب المدخل السياسي للحصول
على النفوذ الكاسح سواء لجمهورية الملالي في طهران أو للتجمعات الشيعية في
البلاد العربية والإسلامية بما يفوق حجمها وحقها بأضعاف مضاعفة كما في
العراق ولبنان.
ويرافق ذلك محاولات جادة لنشر التشيع العقدي والسياسي على مستوى
الأفراد والجماعات والأحزاب.
وهذه المقالات توضح بعض جوانب هذه المشكلة من جهة ومن جهة أخرى
تقدم بعض الحلول والاقتراحات لحلها، وهي محاولة لا أزعم أنها قدمت الجواب
النهائي لهذه المشكلة، بقدر ما أنها تركز على أن طريق الحل لا يكون بالمجاملة
وتضييع الحقائق، كما جربنا ذلك مرات عديدة، ولا تكون أيضًا بالقتل والذبح
كما هو حاصل في بعض الأماكن، ولكن الحل هو بالوضوح في التشخيص
وبيان خطر هذه المشكلة، و أن المطلوب أمران:
أو ً لا: وقف الاعتداء الشيعي على المسلمين سواء بالتنقص من مقدساتهم
ورموزهم أو بالتضييق على أهل السنة الواقعين تحت قبضتهم، أو احتلالهم
للأراضي كما في الإمارات والعراق، أو حربهم الطائفية البشعة في العراق، أو
في مصادرة القرار السياسي في لبنان، وعدم العودة للتفجير والإرهاب كما حدث
في الكويت والبحرين والسعودية، أو الغدر بالمسلمين كما في أفغانستان.
مقالات في المشكلة الشيعية
6
ثانيًا: قبول الشيعة بالتعايش السلمي مع الأغلبية السنة كما كان عبر التاريخ
الإسلامي.
هذه هي الرؤية التي نعتقد أنها تملك مفتاح الحل لهذه المشكلة.
ولا يفوتني أن أشكر كل من كان له فضل علي في إخراج هذا الكتاب،
وأولهم والدي الكريم الذي وضع قدمي على طريق البحث والعلم ولا تزال
توجيهاته وملاحظاته تنير لي الطريق.
وأشكر الأخوين الفاضلين الأستاذ إياد عبد اللطيف والأستاذ هيثم الكسواني
على جهودهم في مراجعة الكتاب وتقديم ملاحظاتهم القيمة عليه.
كما أشكر الأستاذ زاهر عقل وطاقم مكتبه على تصميمهم المبدع للغلاف.
وفي الختام أرحب بأي ملاحظة أو نقد في إطار التناصح والسعي للوصول
للحق.
والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق ،،
أسامة شحادة
٢٠٠٨/٢/١٥
Osaosa2000@hotmail.com
مقالات في المشكلة الشيعية
7
مقالات في المشكلة الشيعية
8
مقالات في المشكلة الشيعية
9
فهرس المحتويات
الموضوع الصفحة
المقدمة ٥
الباب الأول : حول الفكر الشيعي ١١
• التشيع في خدمة المشروع الإيراني ١٣
• التشيع فرقة وليس مذهبا فقهيًا ١٨
• حقيقة التقارب بين السنة والشيعة ونتائجه ٢٥
• قراءة في كتاب:المهدي المنتظر في روايات أهل السنة والشيعة ٣٠
• ولاء الشيعة لمن؟ ٣٩
• من هم النواصب فع ً لا؟ ٦٤
• أين عقلاء الشيعة؟؟ ٦٧
• نسبة أهل السنة في إيران. ٧٠
الباب الثاني : حلول للمشكلة الطائفية ٧٥
• من الخبرة الإسلامية في التعامل مع المشكلة الطائفية ٧٧
• الطائفية ومشجب الصهيونية ٨٥
• حتى نتجنب الصراع الطائفي في العراق؟ ٨٨
الباب الثالث : اختراق الصف السني ٩٣
• ما هو الفكر الذي يحمله السني إذا تشيع؟ نماذج من فلسطين
والأردن ٩٥
• 'المتحولون' والموقف من الصحابة ١٠٢
• حركة الجهاد الإسلامي والهوى الشيعي الإيراني! ١١٤
• موقف الشيعة وإيران من جماعة الإخوان المسلمين ١٥٩
مقالات في المشكلة الشيعية
10
• الإخوان– حماس وإيران والسؤال الحائر؟ ١٧٢
• نصرة لحماس ،حماس وإيران والشيعة مرة أخرى!! ١٧٧
• معضلة رؤية الأحمرى!! ١٨٤
• لماذا تحرص القيادة الإيرانية على اختراق الساحة المصرية؟ ١٩٣
• خطوة جديدة لاختراق مصر من قبل إيران ١٩٥
الباب الرابع : مراوغات إيرانية وشيعية ٢٠١
• هل يكون "حزب الله" أتاتورك عصرنا؟ ٢٠٣
• الدستور الإيراني والوحدة الإسلامية ٢١٢
• أضواء على الخطة السرية ٢٢٣
• من الذي ينفذ المخطط الأمريكي في المنطقة؟ ٢٤٨
• إيران وفصل جديد في مسرحية "آيات شيطانية ٢٥٠
• الثورة الماركسية للخميني قتلت محمد باقر الصدر وموسى
الصدر ٢٥٥
مقالات في المشكلة الشيعية
11
الباب الأول
حول الفكر الشيعي
• التشيع في خدمة المشروع الإيراني
• التشيع فرقة وليس مذهبا فقهيًا
• حقيقة التقارب بين السنة والشيعة ونتائجه
• قراءة في كتاب "المهدي المنتظر في روايات أهل السنة والشيعة الإمامية"
• ولاء الشيعة لمن؟
• من هم النواصب فع ً لا؟
مقالات في المشكلة الشيعية
12
مقالات في المشكلة الشيعية
13
التشيع في خدمة المشروع الإيراني ١
المشروع الإيراني في المنطقة حقيقة يقر بها الجميع مع الاختلاف حول
الموقف منه، فبعضهم يرفضه لما يرمي إليه من توسع وهيمنة بقوة السلاح التي
قد تصل إلى حد امتلاك القنبلة النووية، وبقوة التأثير على التجمعات الشيعية
والقوى السنية المدعومة من إيران، فض ً لا عن المزاج الشعبي المتعاطف مع
إيران.
فيما يؤيد آخرون المشروع الإيراني معتبرين أنه يناهض المشروعين
الصهيونى والأمريكي، إضافة إلى اعتبار أن إيران جارة مسلمة على كل حال.
هذا الاختلاف يذكر بموقف الكثيرين إبان مرحلة صراع القطبين، فالعديد
من القوى - لمعارضتها للإمبريالية الأمريكية - رضيت بكل الجرائم والمجازر
والاحتلالات الروسية الشيوعية!
وهذا المشروع الإيراني مشروع ممتد في التاريخ من إمبراطورية فارس
إلى الجمهورية الإيرانية مرورًا بالدولتين الصفوية والشاهنشاهية، ولم يتوقف هذا
المشروع إلا في الفترة الواقعة من فتح بلاد فارس زمن الخليفة الفاروق عمر بن
الخطاب وحتى قيام الدولة الصفوية، حيث امتزج الشعب الإيراني بالدعوة
الإسلامية العامة دون تمايز عقدى أو مذهبي، مما نتج عنه إسهامات إيرانية
عظيمة في خدمة الإسلام.
وهذا الامتداد التاريخي للمشروع الإيراني وتبدل هوية القائمين على رعايته
وتنفيذه لا يأثر على جوهر وأساس المشروع من الناحية الإستراتيجية وإن كان
له تأثير على المستوى التكتيكي والعملياتي.
. ٢٠٠٨/٣/ - 1 موقع المسلم ١٩
مقالات في المشكلة الشيعية
14
وهذا واضح جدًا بمقارنة سياسة الجمهورية الإيرانية بسياسة الشاه
التوسعية، فكل ما قام به الشاه من استيلاء على أراضي دول الخليج تبنته
وراكمت عليه الثورة الإيرانية!!
ومن التكتيكات التي تستخدمها الجمهورية الإيرانية اليوم لتنفيذ مشروعها
التوسعي للهيمنة والنفوذ، استخدام ورقة التشيع على مستوى الشيعة العرب في
المنطقة، وعلى مستوى التبشير بالتشيع الديني والسياسي في أوساط أهل السنة
أفرادًا أو حركات وجماعات.
وهذا أمر يشاهد الجميع تطبيقاته في لبنان بواسطة حزب الله، أو العراق
عبر الأحزاب والقوى الشيعية المواليه لإيران، أوسلوكيات بعض القوى الشيعية
في البحرين والكويت.
أما على صعيد التبشير بالتشيع في أوساط أهل السنة، فوكالات الأنباء
والصحف والفضائيات لا تكاد تخلو من ذكر أخبار هذا التشيع في سوريا ومصر
والأردن وفلسطين والسودان وأيضا بعض الدول المسلمة في أفريقيا وآسيا.
وقد لوحظ على المتشيعين كثرة ترددهم على إيران أو مراكز نفوذها كلبنان
وسوريا، وهناك وقائع عديدة أثبتت ارتباط كثير من هؤلاء المتشيعين بالأجهزة
الأمنية الإيرانية أو وكلائها مثل حزب الله، كما في اعتقالات السلطات المغربية
لقيادات بحزب البديل الحضاري ومراسل قناة المنار الشيعية بالمغرب مؤخرًا
بتهمة تشكيل تنظيم عسكري بدعم من حزب الله بلبنان.
والعارفون بطبيعة التشيع يدركون أن التشيع يقوم على فصل المتشيع عن
محيطه الذي نشأ وترعرع فيه إلى وسط آخر وهو التشيع، عبر هدم أي
مرجعية سوى مرجعية آل البيت التي لا يمكن معرفتها إلا بواسطة مجتهد شيعي
حي!!
وهذا المرجع لا يمثل نفسه بل يمثل الله!! كما أعلن وكشف عن ذلك قبل
شهرين رئيس المجلس الإسلامي العلمائي بالبحرين الشيخ عيسى قاسم، من أن
مقالات في المشكلة الشيعية
15
الدليل بعد الأئمة المعصومين، هم الفقهاء العدول، ومن رد عليهم رد على الأئمة
والراد على النبي ، عليهم السلام، ومن رد على الأئمة، رد على رسول الله
راد على الله!
ولتأكيد فصل هذا المتشيع عن محيطه يتم التأكيد على عدم جواز التعبد
بالمذاهب الأربعة السنية بالرغم من كل مؤتمرات ولقاءات التقريب، وذلك من
أكثر مراجع الشيعة المعاصرين اعتدا ً لا وبعدًا عن المشروع الإيراني!! وهو
المرجع اللبناني الكبير محمد حسين فضل الله.
حيث أصر فضل الله في مكاشفاته مع الأستاذ عبد العزيز القاسم، بجريدة
٢٠٠٨ ) على الفتوى التي نشرها في كتابه "مسائل /٢/ عكاظ السعودية ( ٢٨
عقدية" (ص ١١٠ )، بعدم جواز التعبد بالمذاهب الأربعة قائ ً لا: "لا يجوز التعبد
بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام، لأنه المذهب الذي
قامت عليه الحجة القاطعة".
وهذا الفصل بين المتشيع ومحيطه يبدأ في النواحي الفكرية والدينية كما
ترسخه القنوات الفضائية الشيعية بالتركيز على أن من لا يشهد بالولاية لعلي بن
أبي طالب فليس مؤمنًا!!
ويمتد فصل المتشيع عن محيطه هذا ليصل إلى الموقف السياسي، ولعل
أوضح مثال على هذا هو العقيدة السياسية لحزب الله اللبناني، والتي تجعل من
حسن نصر الله أمين عام الحزب تابعًا لرئيس دولة أخرى وهي إيران عبر كونه
وكيل المرجع الديني علي خامنئي والمفوض من قبله بقبض الخمس وإيصالها
له، أو صرفها فيما يراه الخامنئي مناسبًا، كما أن نائب الأمين العام لحزب الله
الشيخ نعيم قاسم يقرر في كتابه "حزب الله" مبحث ولاية الفقيه (ص ٧٢ ) أن
"الولي الفقيه (خامنئي) هو الذي يملك صلاحية قرار الحرب أو السلم".
سيد محمد باقر خرازي، فقد أعلن « حزب الله - إيران » أما الأمين العام ل
قدمنا كل أشكال »: هدف إيران من دعم بعض القوي السنية في فلسطين بقوله
مقالات في المشكلة الشيعية
16
الدعم لقوى التحرر الإسلامية، لكن ما الذي حصلت عليه إيران؟ وإذا كنا نقدم
اليوم الدعم لفلسطين فيجب على فلسطين أن تسير في طريق أهل بيت النبوة،
وإذا لم يحصل ذلك فما هو الفرق بينها وبين إسرائيل؟" ويمكن مشاهدة ذلك على
الرابط التالي:
"http://www.shia-news.com/ShowNews.asp?Code=86121304
والتكتيك المتمثل بتسخير التشيع لخدمة المشروع الإيراني يعد من أخطر
الأساليب الحديثة التي تتوسل بها إيران لخدمة مشروعها، والتي تشمل الغزو
التجاري. حيث يوجد في دولة الإمارات ( ١٠ آلاف) شركة إيرانية! وتشمل
تأسيس أحزاب ومؤسسات شيعية في البلاد العربية من قبل إيرانيين متجنسين أو
متشيعين من أهل البلد نفسه في زمن مؤسسات المجتمع المدني!! كما تشمل
توطين الإيرانيين في دول الخليج من حملة الجنسيات الغربية.
وتتعاظم خطورة استخدام التشيع لمصلحة المشروع الإيراني في هذا الوقت
الحرج والحساس بإعلان موقع شيعة نيوز:
www.shia-news.com/ShowNews.asp?Code=86121501
من أن الحكومة الإيرانية رصدت ميزانية ضخمة جدًا لتبليغ التشيع وإرسال
مبلغين والفعاليات المذهبية لعام ١٣٨٧ ه ش [التقويم الإيراني يبدأ من مقتل
علي بن أبي طالب]، بلغت قيمتها ( ٢١٥,٦٢٠ ) مليار تومان إيراني، حوالي
٢,٣ ) مليار دولار، بزيادة قدرها سبعة أضعاف ميزانية العام الماضي )
١٣٨٦ ه ش.
وهذه الميزانية الضخمة والتي لم يعرفها تاريخ التبشير بالتشيع تنبئ بجهود
ضخمة قادمة لنشر التشيع، مما سيذكي الصراع الطائفي بين السنة والشيعة، وقد
عودتنا إيران أن تذرف الدموع على خطر الصراع الشيعي السني ومن ثم تقوم
بإدامته ونشره وتوسيعه عبر سياساتها على أرض الواقع بما يخدم مشروعها
للهيمنة والتوسع، كما في تنديدها مؤخرًا بموقف الحكومة الكويتية من تأبين
مغنية بد ً لا من أن تطالب قيادة حزب الله الكويتي بمراعاة مشاعر الأغلبية السنية
مقالات في المشكلة الشيعية
17
في الكويت الذين سبق لمغنية أن اعتدى عليهم بخطف طائرة الجابرية وقتل
اثنين من ركابها. إن بيد إيران إشعال صراع شيعي سنى في المنطقة وبيدها
منعه عبر ترشيد سلوكها السياسي ووقف النشاط التبشيري الشيعي في أوساط
الشيعة العرب وأهل السنة، فهل تفعل إيران؟
مقالات في المشكلة الشيعية
18
( التشيع فرقة وليس مذهبا فقهيًا( ١
من المغالطات الشائعة – للأسف – القول بأن التشيع مذهب فقهي كسائر
المذاهب الأربعة! وهذا خطأ فادح، خاصة حين يصدر عن بعض العلماء
والفقهاء، الذين يحلمون أن تجتمع كلمة الأمة الإسلامية، فيظنون أنهم حين
يجعلون الشيعة مذهبا فقهيا كسائر المذاهب الأربعة يعملون على تحقيق الوحدة
المنشودة، لكنهم في الحقيقة يبعدون الأمة عن مجدها وعزتها بهذا الصنيع،
فالأمة ليست بحاجة لهؤلاء الشيعة بقدر حاجتها لأبنائها ال ضالين وراء شهواتهم
أو المتقاعسين عن خدمتها، ففيهم الغنية عن الشيعة وأمثالهم.
مفهوم مصطلح "المذهب":
يع رف الدكتور عبد العزيز الخياط معنى المذهب في الاصطلاح بقوله:
"طريقة المجتهد في استنباط الأحكام من الكتاب والسنة والإجماع والقياس
ومجموع الاجتهادات والآراء الفقهية التي توصل إليها في أمور الناس وفق
.( القواعد الأصولية والفقهية "( ٢
فالمذهب إذًا هو نظر واجتهاد في الأحكام الفقهية "الفروع" ولا يتعلق
بمسائل العقائد والإيمان، ولذلك لا تعد الخوارج والمرجئة والقدرية والمعتزلة من
المذاهب الفقهية، وكذلك هو حال الشيعة، فهي فرقة وليست مذهبا، لأنها تخالف
وتنازع في الأصول والعقائد، وليس في الفروع والأحكام الفقهية.
صحيح أن كثيرًا من أهل العلم أطلق لفظ المذهب على المعتزلة والشيعة،
ولكنهم اطلقوه بمعنى النحلة والفرقة، أما بمعنى المذهب الفقهي فهذا معنى لم
يقصده أحد منهم.
١) نشرت في مجلة الراصد الإلكترونية ،عدد ( ٥٤ ) ذي الحجة ١٤٢٨ ه . )
٢) "مفهوم المذهب في الفقه الإسلامي"، د. عبد العزيز الخياط. )
مقالات في المشكلة الشيعية
19
والذي دفعني لكتابة هذا البحث هو ما أراه اليوم من تساهل البعض في
جعل التشيع مذهبا فقهيًا كسائر المذاهب الأربعة، بل ومحاولة تدريسه في
الجامعات والكليات الشرعية لأهل السنة بدعوى أنه مذهب فقهي.
أصل هذه الظاهرة:
لم تكن الأمة الإسلامية في يوم من الأيام تعتبر التشيع مذهبًا فقهيًا، بل إن
أول من حاول جعله مذهبًا فقهيًا هو الحاكم الإيراني نادر شاه( ١) الذي أراد الجمع
بين أهل السنة ومذاهبهم، والتشيع لوقف الحروب بين حكام إيران الصفويين،
والدولة العثمانية.
وكانت له رغبة حقيقية بذلك، ورتب مؤتمرًا في مدينة النجف العراقية (سنة
١١٥٦ ه / ١٧٤٣ م)( ٢) جمع فيه علماء الشيعة والسنة، وأقام مناظرة بينهم
انتهت بخضوع الشيعة لمنهج أهل السنة بإيقاف السب والتكفير للخلفاء الراشدين
والصحابة، وأمر أن يصلي الجميع سوية، وكانت النتيجة أن ثار الشيعة
بتحريض علمائهم عليه وأفشلوا محاولته، فبرز من يومها اسم المذهب
الجعفري نسبة إلى جعفر الصادق؛ لذا يطلق البعض على الشيعة أحيانًا اسم
"الجعفرية".
كانت هذه حادثة تاريخية نادرة لم تتكرر، ثم تجددت هذه الدعوى (التقريب)
من بعض الإيرانيين الذين قدموا إلى القاهرة وأسسوا جمعية التقريب( ٣)، بعد ذلك
جاءت فتوى الشيخ شلتوت، شيخ الأزهر بجواز التعبد بالمذهب الجعفري، والتي
أصبحت مستندا للكثيرين في اعتبار الشيعة مذهبا فقهيا.
١) نادر شاه، قائد عسكري في الدولة الصفوية، أنهى الدولة الصفوية وأسس دولة )
الأفشار.
٢) راجع كتاب "مؤتمر النجف" لعلاء الدين المدرس . )
٣) راجع كتاب "مسألة التقريب" للدكتور ناصر القفاري لمزيد من التفاصيل. )
مقالات في المشكلة الشيعية
20
حقيقة خلاف الشيعة مع المذاهب الفقهية الأربعة:
تخالف الشيع ُ ة المذاهبَ الفقهية الأربعة في قضايا العقائد والأصول وليس
في المسائل الفقهية، وسنذكر مثالين فقط من قضايا خلاف الشيعة للمذاهب
الأربعة في قضايا العقائد والأركان ومنهج فهم الدين:
الأول: في أركان الإيمان، تجمع المذاهب الأربعة على أركان الإيمان الستة
المعروفة، في حين أن الشيعة جعلوا الإمامة - ويقصدون بها أن إمامة المسلمين
محصورة في إثني عشر رج ً لا هم علي بن أبى طالب وبعض بنيه بعد النبي
بنص القرآن - لب الإيمان، ولهذا قال ابن المطهر الحلي: "إن مسألة الإمامة
"إمامة الإثني عشر" هي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان
.( والتخلص من غضب الرحمن"( ١
وبذلك تكون المذاهب الأربعة، بأصحابها وأتباعها - حسب المفهوم
الشيعي - خالدة في النار، حائزة غضب الرحمن!!
وهذه العقيدة هي ما يؤمن به شيعة اليوم مع تخفيف العبارة فقط، فهذا
المجلس الشيعي الأعلى في لبنان – على اعتداله - ينشر على موقعه الإلكتروني
عقيدة الشيعة في الإمامة، فيقول: "نعتقد أ ن الإمامة أصل من أُصول الدين لا يتم
.( الإيمان إ ّ لا بالاعتقاد بها"( ٢
ومعلوم أن جميع أتباع المذاهب الأربعة اليوم لا يؤمنون بمفهوم الإمامة
الشيعي، وبذلك لا يتم لهم إيمان! وهذا تكفير واضح من المجلس الشيعي الأعلى
لسائر المذاهب الأربعة، فكيف يعد التشيع مذهبًا خامسًا معهم وهو يكّفرهم؟؟
ثانيًا: الشيعة تخالف إجماع المذاهب الأربعة في مفهوم السنة النبوية، فإن
التعريف الشيعي الإمامي للسنة هو "قول المعصوم أو فعله أو تقريره"، متعدين
.( ١) "منهاج الكرامة في معرفة الإمامة" (ص ١ )
http://www.shiitecouncil.gov.lb/text/index.php?action=choose&less-id=54 (٢)
مقالات في المشكلة الشيعية
21
أو فعله أو بذلك تعريف المذاهب السنية المختلفة للسنة بأنها: "قول الرسول
.( تقريره "( ١
فقط وبين أن والفرق كبير جدا بًين أن تكون السنة محصورة بالنبي
يتوسع مفهوم السنة ليشمل غيره من أئمة الشيعة.
ومعلوم أن السنة النبوية لم يتعهد الله بحفظها كالقرآن الكريم، ولذلك نشأ
علم الحديث بفروعه المختلفة لتنقية السنة النبوية من الموضوعات والأكاذيب،
ومعلوم أن الشيعة ليس لهم عناية بعلم الحديث النبوي فض ً لا عن سنة أئمتهم!!
ولذلك كانت الروايات عن أئمتهم مصدرًا لكل العقائد الباطلة التي ر وجوها،
وعلى رأسها عقيدة الإمامة التي لم ترد في القرآن فاخترعوا لها عشرات
الروايات المكذوبة على أئمتهم.
موقف الشيعة من الأئمة الأربعة ومذاهبهم:
إن موقف الشيعة من الأئمة الأربعة ومذاهبهم، موقف في غاية الكره
والبغض، بل هو موقف التكفير والطرد من الإسلام، فكيف يقال أن الشيعة
مذهب كسائر المذاهب الأربعة ؟؟ ولقد ف صل في ذلك الشيخ خالد الزهراني في
بحثه "موقف الشيعة من الأئمة الأربعة"( ٢)، فقد جمع فيه روايات الشيعة التي
تطعن بالأئمة الأربعة، وإقرار علمائهم لما حوته هذه الروايات من طعن فظيع
بهم، وما قاله شعراؤهم في ذم الأئمة الأربعة.
وقد دارت مطاعن الشيعة على النحو التالي:
١. رمي الأئمة الأربعة بالجهل، والادعاء بأنهم اعتمدوا في الفقه والحديث
على أئمة الإثني عشرية.
٢. اتهام الأئمة الأربعة بإحداث مذاهب مخالفة للكتاب والسنة.
١) الاختلاف المذهبي بين منهجية الاستدلال الفقهي وإغراء الفتنة ، السيد هاني فحص. )
www.alburhan.com/articles.aspx?id=1932&selected- : ٢) تجده منشورًا على هذا الرابط )
id=-1933&page-size=5&links=True&gate-id=0
مقالات في المشكلة الشيعية
22
٣. الادعاء بأن المذاهب الأربعة تجري وفق هوى السلطات.
وقد نقل الزهراني قول شاعرهم:
إذا شئت أن ترضى لنفسك مذهبًا ينجيك يوم البعث من ألم النار
فدع عنك قول الشافعي ومالكٍ وأحمد والنعمان أو كعب أحبار
ووالِ أناسًا َقوُل هم و حدِيُث هم روى جدنا عن جبرائيل عن الباري
وليس هذا هو موقف السابقين من الشيعة فحسب، بل إن بعض حمقى
المتشيعين من المعاصرين – كالتيجاني التونسي – يكرر هذه النظرة المبغضة
ربما أن المذاهب » :" للأئمة الأربعة ولمذاهبهم، فيقول في كتابه "ثم اهتديت
.« الأربعة فيها اختلاف كثير، فليست من عند الله ولا من عند رسوله
ويقول في كتابه "الشيعة هم أهل السنة": "وبهذا نفهم كيف انتشرت المذاهب
التي ابتدعتها السلطات وس متها بمذاهب أهل السنة والجماعة... ثم يقول: والذي
يهمنا في هذا البحث أن نبين بالأدلة الواضحة بأن المذاهب الأربعة لأهل السنة
والجماعة هي مذاهب ابتدعتها السياسة".
فكيف بعد هذا كله يزعم عاقل أن الشيعة مذهب فقهي كسائر المذاهب
الأخرى.
هل هناك مذهب فقهي عند الشيعة؟
حاول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "جعفر الصادق" اختراع مذهب
لجعفر الصادق ولم يوفق وذلك لكون هذا المذهب غير موجود أصلا !ً!
فليس للشيعة مذهب فقهي كسائر المذاهب الفقهية المعروفة وذلك لأسباب:
١. كثرة الكذب في رواتهم.
٢. مبدأ مخالفة أهل السنة، استنادًا إلى رواية مكذوبة على جعفر الصادق: " ما
اد "( ١)، مما وّلد لديهم تناقضات كبيرة كون ه الرش ة ففي الف العام خ
.(٣٠١/ ٦٨ )، "تهذيب الأحكام" الطوسي ( ٦ / ١) "أصول الكافي" الكليني ( ١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
23
بعض المسائل فيها أقوال متعددة لأهل السنة بين الحل والحرمة، فأين
سيذهب الشيعة إذًا بمخالفتهم؟؟
٣. التقية، وهي تشمل الإفتاء بغير الصواب!! مما يضلل الناس!!
وقد أصدر الشيخ الدكتور طه الدليمي كتابًا بعنوان "أسطورة المذهب
الجعفري"( ١)، توصل فيه إلى [أن "الجعفرية" في واقع أمرهم:
- لا يتبعون فقهًا معروفًا للإمام جعفر الصادق!
- أو فقيهًا واحدًا ينقل إليهم فقه جعفر!!
- أو فقهًا متفقًا على مسائله!!!
- أو – على الأقل - فقهاء عديدين متفقون في عموم مسائل الفقه!
وبد ً لا من أن يتبع الشيعة فقهًا معلومًا محددًا معروف النسبة إلى الإمام
جعفر، تراهم - عند التطبيق - يخالفون نظريتهم في الإمامة ويتبعون مذاهب
فقهائهم، علمًا بأن كل فقيه من هؤلاء الفقهاء مذهب قائم بحاله: ومن قّلد واحدًا
منهم لا يحل له – عندهم - أن يقلد الآخر! وبينهم من الاختلافات ما ضج منها
علماؤهم قبل عوامهم!
فهذا أبو جعفر الطوسي، شيخ الطائفة، يقول: "وقد ذكرت ما ورد عنهم
عليهم السلام في الأحاديث المختلفة التي تخص الفقه في كتابي المعروف
بالاستبصار وفي كتاب تهذيب الأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث. وذكرت
في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها. وذلك أشهر من أن يخفى، حتى إنك
لو تأملت اختلافاتهم في هذه الأحكام وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفة
.[( والشافعي ومالك"( ٢
http://www.alqadisiyya3.com/book/view-.html : ١) تجده منشورًا على هذا الرابط )
١٣٨ ) للطوسي. / ٢) "العدة في أصول الفقه" ( ١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
24
خاتمة:
وبذلك يتضح لنا أن الشيعة لا تملك مذهبا فقهيا أص ً لا تجتمع عليه، فكيف
وهي أص ً لا تخالف المذاهب الفقيهة الأربعة في الأصول والعقائد وأركان الدين،
بل تطعن بها وتكفرها.
بل كتب العلامة محب الدين الخطيب كتابه الصغير الرائع "الأصول التي
قام عليها دين الشيعة" أي أنه جعلهم دينًا مستقلا، وهذا هو الحق: ف هم دين مستقل
يشترك معنا بأشياء، لكنه يختلف معنا في الأصول والعقائد، والاشتراك ببعض
الأشياء لا يعنى جعله مذهبًا، فالإسلام يشترك مع الديانات السماوية بأشياء
كثيرة، ولكن لا يصح أن يقال أن الديانات واحدة، وما ذنبنا نحن معاشر أهل
السنة إذا كان الشيعة يعتبروننا كفارا، لأننا لا نؤمن بما يؤمنون به من الإمامة،
والرجعة، والبداء... وغير ذلك من الاعتقادات الخاصة بفرقتهم.
ونخلص من هذا عدم صحة إطلاق مصطلح "مذهب"، بمعنى المذهب
الفقهي على الشيعة، بل الصحيح وصفهم بالفرقة لأنها حقيقة حالهم، حيث فارقوا
المسلمين بأصل كّلي وعقدي ولم يكن خلافهم معهم محصورا في الفروع.
مقالات في المشكلة الشيعية
25
( حقيقة التقارب بين السنة والشيعة ونتائجه( ١
شهدت قضية التقارب بين السنة والشيعة في الفترة الأخيرة نشاطًا ملحوظًا
سواء على الصعيد السياسي بفضل سياسة خاتمي الانفتاحية أو على الصعيد
الديني من خلال زيارة علماء إيران للأزهر خاصة، والتركيز على محاولة
إعادة فتح دار التقريب بين المذاهب التي كانت في مصر قديمًا.
وإن كل مسلم صادق يحب لأمته الوحدة والتعاون؛ مصداقًا لقوله تعالى:
.[ الأنبياء: ٩٢ ] إِ ن هذِهِ أُمُت ُ كمْ أُ م ً ة واحِ د ً ة وأََنا رب ُ كمْ َفاعْبدونِ
ولكن هل يصح بعد هذا التاريخ من التجارب الوحدوية في حياة المسلمين
أن تكون الوحدة بأي ثمن؟!
لقد مر بالمسلمين العديد من التجارب الوحدوية سواء كانت بالاختيار مثل
الوحدة المصرية السورية أو بالإجبار كالوحدة العراقية الكويتية، والنتائج دائمًا
فيها مزيد من الفرقة بسبب عدم توفر أسس للوحدة.
وكذلك التقارب السني الشيعي، هل يملك أسسًا كافية للنجاح؟
إن المحاولات للوحدة قديمة جدًا، وقد أحصاها الدكتور ناصر القفاري في
رسالته للماجستير"مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة" والكتاب جدير
بالقراءة لما فيه من جهد كبير موثق.
تجارب العلماء في التقارب بين الشيعة والسنة:
للإجابة عن السؤال: هل تملك الدعوة للتقارب بين السنة والشيعة أسسًا
للنجاح؟
أذكر لك آراء بعض الذين حاولوا ذلك ومنهم:
أو ً لا: الشيخ عبد اللطيف محمد السبكي، الذي كتب مقا ً لا في مجلة الأزهر
مجلد ( ٢٤ ) عن دار التقريب ونشأتها والتي كان عضوًا فيها قال: "ورأينا ويجب
١) نشر في موقع البرهان . )
مقالات في المشكلة الشيعية
26
أن يرتاب كل عضو بريء أنها تنفق بسخاء دون أن نعرف موردًا من المال
ودون أن يطلب منا دفع اشتراكات..." فمن هو الممول لها؟؟
ثانيًا: الدكتور محمد البهي، كان من المؤيدين لدار التقريب، وبعد أن تبين
له حقيقة الدار والدعوة القائمة بها قال: "وفي القاهرة قامت حركة تقريب بين
المذاهب... وبد ً لا من أن تركز نشاطها على الدعوة إلى ما دعا إليه القرآن..
.( ركزت نشاطها إلى إحياء ما للشيعة من فقه وأصول وتفسير.."( ١
ثالثًا: الشيخ محمد عرفة - عضو كبار العلماء في الأزهر- والشيخ طه
محمد الساكت تركوا دار التقريب بعد أن علموا أن المقصود نشر التشيع بين
السنة لا التقارب والتقريب، ذكر ذلك محقق كتاب "الخطوط العريضة".
١٣٢ ): يذكر أنه زار / رابعًا: الشيخ علي الطنطاوي في كتابه "ذكريات" ( ٧
(القمي) الإيراني الذي أسس دار التقريب، وكان عند القمي الشيخ محمد عرفة
وأنه (الطنطاوي) هاجم القمي؛ لأنه في الحقيقة داعية للتشيع وليس التقريب
وأن الشيخ عرفة حاول تلطيف الموقف.
خامسًا: العلامة محمد رشيد رضا صاحب تفسير "المنار"، حاول المراسلة
مع علماء الشيعة فلم يجد إلا الإصرار على مذاهب الشيعة، وعلى الانتقاص
من الصحابة وحفاظ السنة، وقد بين حقيقة مذهب الشيعة في مجلة "المنار" مجلد
.(٢٩١/٣١)
سادسًا: الدكتور مصطفى السباعي، وكان من المهتمين بالتقارب بين السنة
والشيعة وباشر تدريس فقه الشيعة في كلية الشريعة بدمشق وكذلك في
كتبه، لكن وجد الإعراض من الشيعة وعبر عن هذه التجربة في كتابه: "السنة
ومكانتها في التشريع الإسلامي" (ص ٤) مقا ً لا: "كأنه المقصود من دعوة
.( التقريب، هي تقريب أهل السنة إلى مذهب الشيعة" (ص ٩
.( ١) "كتابه الفكر الإسلامي والمجتمعات المعاصرة" (ص: ٤٣٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
27
سابعًا: د.عبد المنعم النمر، وزير الأوقاف المصري السابق يذكر في
كتابه: "الشيعة، المهدي، الدروز" لقاءه بالشيخ الشيخري من علماء إيران،
وحواره معه في عمان (عام ١٩٨٨ ) حول كتابه، فبين له الدكتور عبد المنعم:
أنكم مطالبون بالبراءة مما نسب إليكم، وكذلك عليكم بالكف عن طباعة أمهات
الكتب التي تروج لهذه الأفكار، بعدة لقاءات ولكن لم تكن هناك استجابة!
هذه بعض التجارب الشخصية لعلماء ومفكرين من أهل السنة مع الشيعة
حول التقارب، فهل ستكون فرصة التقارب هذه الأيام أفضل؟ هذا ما تكشفه
الأيام.
بعض الحلول للتقريب بين السنة والشيعة:
لكن حتى تؤتي هذه المحاولة الجديدة ثمارها يجب أن يركز على مصادر
النزاع بين السنة والشيعة وأبرزها أمران:
١. النص في الإمامة على علي وأولاده.
٢. مصدر التلقي في الأحكام والعقائد.
٣. ما لم يتوصل الجانبان إلى حل هذه المسألة من أن الإمامة بنص أو بدون
نص لن يحصل شيء سوى خداع أحد الطرفين للآخر؛ لأن الشيعة إن
أصرت على أن الإمامة بنص فما حكم إمامة أبي بكر وعمر وعثمان؟
وأين النص؟
وهل خالف جمهور الصحابة النص؟! ولماذا سكت علي عن حقه؟!
ولعل رجوع الشيعة لمذهب الزيدية بأن علي أحق يكون ملائمًا لهم بد ً لا من
الطعن في خلافة الشيخين وجميع الصحابة.
وأما مصدر التلقي فإن لم يتفق الطرفان على مصادر الأحكام والعقائد فلن
يكون هناك تقارب أبدًا.
- إذا كان القرآن عند الشيعة محرفًا أو ناقصًا فكيف يمكن الاستناد إليه؟!
- وكيف يخلو القرآن من "الركن السادس للإسلام"؟؟
مقالات في المشكلة الشيعية
28
- وكيف يحتوي القرآن على آيات تخالف عقيدة الأئمة بزعمهم؟!
- والسنة لماذا لا يعمل بها الشيعة إلا فيما يوافق مذهبهم؟؟
- أهل السنة لديهم منهج في تلقي الأحاديث يخضعون له كل ما جاءهم من
الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فلماذا لا يفعل الشيعة ذلك؟؟
هل يعقل أن يكون تقارب؟؟
وأقوال الأئمة الاثنى عشرية المتعارضة المتناقضة لا يجوز بحال أن
تناقش حتى لو خالفت القرآن والسنة!!
يقول الدكتور موسى الموسوي في كتابه "المتآمرون على المسلمين الشيعة"
(ص ١١٠ ): "إننا عندما نعرف أن العملية الاجتهادية عند فقهاء الشيعة تتبخر
وتصبح هباء عندما يكون الإمام في الساحة سواء كان الوصول إليه مباشرة أو
عن طريق نواب عينهم بالاسم" فما هي إمكانية الاجتهاد إذن؟!
الخلاصة:
ما لم يكن الحوار حول أصول النزاع بين السنة والشيعة والوصول إلى
اتفاق واضح فيما يحق الحق ويبطل الباطل ستكون العملية عملية خداع يراد بها
ج ر السنة إلى مواقف الشيعة!!
وإلا لماذا لا نرى تطبيقًا عمليًا للتقارب بين السنة والشيعة في إيران الدولة
الشيعية ذات السلطة والمكانة؟! فلماذا لا يسمح بمساجد للسنة في العاصمة
طهران؟
لماذا لا يسمح لأهل السنة أن يمارسوا نشاطهم الديني بحرية حتى لو خالف
الشيعة؟ لماذا لا يحصل السنة على حقوق سياسية مساوية للأسف لحقوق اليهود!
نعم اليهود في إيران؟ انظر إلى الدستور الإيراني الذي ينص على مقاعد محددة
لليهود وغيرهم في البرلمان، بينما السنة لا شيء لهم على أساس أنهم مسلمون،
لكن لو كان هذا صحيحًا لماذا نصوا على أن يكون رئيس الدولة مسلمًا جعفريًا،
وأن هذا الشرط لا يجوز تعديله في الدستور؟
مقالات في المشكلة الشيعية
29
لماذا اضطهاد أهل السنة في إيران حتى ألفت في هذا الموضوع الكتب
وأصبح لهم موقع على الإنترنت :رابطة أهل السنة في إيران"؟
إذا كان الشيعة لا يكّفرون الصحابة فلماذا لا يسمون أبناءهم بأسمائهم
وأسماء أمهات المؤمنين؟
لماذا يخالفون المسلمين في الأذان وصفة الصلاة التي يبين عدد من الشيعة
أنها بدعة في مذهبهم، كالدكتور موسى الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح؟؟
لماذا تواصل إيران طباعة الكتب الشيعية الضخمة التي تحتوي على الطعن
في الصحابة وتحريف القرآن؟
وكذلك لماذا لا تنهي إيران احتلال الجزر العربية في الإمارات وهي تريد
التقارب؟؟
نعم نريد التقارب بين السنة والشيعة، لكن للحق وليس تقريب السنة للشيعة!!
مقالات في المشكلة الشيعية
30
قراءة في كتاب
.( "المهدي المنتظر في روايات أهل السنة والشيعة الإمامية - دراسة حديثية نقدية"( ١
صدر هذا الكتاب لمؤلفه الدكتور عداب محمود الحمش حديثًا عن (دار
الرازي/ عمان، عام ١٤٢٢ ه - الطبعة الأولى)، ويقع في ( ٥٥٣ ) صفحة من
القطع الكبير، ويتكون من ستة فصول تناولت استعراضًا عامًا لأغلب ما كتب
في موضوع المهدي - مفردًا أو ضمن مواضيع أخرى - عند السنة والشيعة،
وعرض للتصورات المتعددة عند السنة والشيعة للمهدي، ثم مناقشة الروايات
الواردة فيها عند الفريقين مثبتة ومنكرة، وبعض المباحث الحديثية للروايات
وقعت في ( ١٤٥ ) صفحة من الكتاب.
ونقف عدة وقفات مع هذا الكتاب لنعرض ما فيه على وجه الإجمال:
أو ً لا: الدافع لتأليفه:
من الواضح جدًا في ثنايا الكتاب أن الغرض المحرك للمؤلف طرق هذا
الموضوع - ألف فيه ما يربو على ( ٧٤٤ ) كتاب (ص ١٢ ) - هو إنكار المؤلف
للآثار السلبية لهذه العقيدة على تطورات وسلوك المسلمين (ص ٥٣٢ )، سنة أم
شيعة، وهو في جانب التشيع أشنع. وذلك أن عدم الاقتصار على النصوص
الصحيحة ولد تضخيمًا لهذه العقيدة عند السنة بأن المهدي هو المخلص والمنقذ؛
فلا داعي للعمل والجهاد، وأن ثمرة ظهور المهدي هو بضع سنين من السعادة
والرخاء ثم الشقاء، مع تصدير المهدي عند الصوفية بإمام العابد الصوفي الذي
يهيئ الله له الأشياء ولا شأن له بشيء، والمهدي عند آخرين مجاهد لا يشق له
غبار يقاتل الكفار والمنافقين.
والمهدي عند الشيعة جزء من أركان الدين؛ لأنه متصل بالإمامة، لكنه
مختلف عن مهدي أهل السنة حيث إن مهدي أهل السنة هو من نسل الحسن بن
. ١) "القبلة"، مجلة جمعية الكتاب والسنة - العدد الثالث - صيف عام ٢٠٠٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
31
ثم مهدي السنة سيأتي ، لكنه عند الشيعة من نسل الحسين بن علي ، علي
٢٦٠ هجرية، لكنه - في آخر الزمان، لكن مهدي الشيعة ظهر ما بين عام ٢٥٢
اختفى من ذلك الزمان في غيبة صغرى ثم كبرى، وسيظهر في آخر الزمان،
وطوال هذه المدة هو من الأحياء على الأرض لكنه غائب عن الأنظار!!
وبسبب هذه التصورات المتناقضة والآثار السلبية على المعتقدين بها قام
المؤلف بتأليف الكتاب لبيان خطأ هذه الفكرة من أصوله، وأنه لا مهدي منتظر!
ثانيًا: وجهة نظر المؤلف:
بناءً على الآثار السلبية لعقيدة المهدي المذكورة آنفًا؛ قام المؤلف بدراسة
أسانيد الأحاديث المتعلقة بالمهدي؛ فتوصل إلى أن هذه الأحاديث لا تصح، وما
يصح منها ليس صريحًا في موضوع المهدي؛ فلا داعي لربطه بالمهدي لأن
المهدي لم يصح أص ً لا!
( ص ٢١٢،٥٢٥ ) ولذلك هو يرى أن المهدي والمخلص هو رسول الله
وأن فهم منهجه صلى الله عليه وسلم في الدعوة لالتزام دين الله تعالى هو السبيل
الوحيد لتحقيق السعادة للمسلمين على طول الزمان، وليس فترة محدودة كما هو
الشأن في المهدي.
وأما الأحاديث الصحيحة التي يوافق عليها المؤلف التي تنص على خليفة
عادل ورجل من آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام يعيد للدين بشاشته؛ فهذا
يجوز الاعتقاد به ولا يجب! وهذا من المبشرات وليس من العقائد.
ثالثًا: النتائج التي توصل إليها المؤلف مقارنة بالمحققين من أهل السنة:
لقد أفرد المؤلف المبحث الرابع من الفصل الثاني لعرض "التصور العام
لعقيدة المهدي المنتظر في فكر أهل السنة" وعرض فيه تصور الشيخ محمد
الحامد (صوفي فقيه)، والشيخ سعيد حوى "مفكر حركي"، والشيخ الألباني
"سلفي"، وكانت تصوراتهم حول المهدي خالية من المبالغات والأساطير، ناهية
عن التواكل والعجز، دون أن يضعفوا الأحاديث الواردة في المهدي، ودن أن
مقالات في المشكلة الشيعية
32
يقعوا في التضخيم! فهل يبطل هذا جهد المؤلف؟! فإنه يمكن إثبات الأحاديث
الواردة في المهدي دون الوقوع في التواكل والأساطير؟!
الجواب عند المؤلف هو أن الفرق بين الفريقين؛ أن هؤلاء العلماء
(الحامد،حوى،الألباني) يقولون بوجوب اعتقاد ظهور المهدي، وأن المؤلف
يقول: يجوز اعتقاد ذلك فقط!
وسوف أنقل لك جزءًا من تصور المؤلف ثم أذكر كلام الألباني تكون ذكره
المؤلف بالرغم أنه قد غمز من قناته في أكثر من موضع من كتابه، لكن تكاد
تكون النتائج واحدة.
قال المؤلف (ص ٢٠١ ): "ولهذا فإنني أفهم المهدي إذا كان سيظهر فع ً لا
واحدًا من الحكام المعاصرين أو الآتين بعد عون ممن ينسب إلى آل البيت
الكرام، يهتم بقضية الإسلام أكثر من اهتماماته الدنيوية، ويفرغ من أوقاته ويجند
من أعوانه من "يقنن" العقائد الإسلامية...".
ونقل المؤلف عن الألباني (ص ٢٣٦ ): "اعلم يا أخي المسلم أن كثيرًا من
المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب في هذا الموضوع؛ فمنهم من استقر في
نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدي، وهذه ضلالة ألقاها الشيطان
في قلوب كثير من العامة وبخاصة الصوفية منهم، وليس في شيء من أحاديث
بشر المسلمين المهدي ما يشعر بذلك مطلقًا، بل هي كلها لا تخرج أن النبي
برجل من أهل بيته، ووصفه بصفات بارزة؛ أهمها: أنه يحكم بالإسلام، وينشر
العدل بين الأنام؛ فهو من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما
صح عنه صلى الله عليه وسلم...".
وأقول بعد هذا التوافق دون تضعيف للأحاديث: هل ينطبق على صنيع
المؤلف قول الألباني الذي ذكره المؤلف نفسه في الصفحة التالية: "ومنهم - فهيم
بعض الخاصة - من علم أن ما حكيناه عن العامة أنه خرافة، ولكنه توهم أنها
لازم لعقيدة خروج المهدي فبادر إلى إنكارها... وما مثل هؤلاء إلا كمثل من
مقالات في المشكلة الشيعية
33
ينكر عقيدة نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان التي تواتر ذكرها في
الأحاديث الصحيحة؛ لأن بعض الدجاجلة ادعاها"!!
رابعًا: استعراض المؤلف لما كتب في الموضوع:
إن الفصل الأول من الكتاب يقرب للقارئ كثيرًا من الكتب التي تناولت
الموضوع، وقد لا تتيسر أو لا يتوفر الوقت للاطلاع عليها، فقد ذكر أنها
٧٤٤ ) كتابًا، تناول منها المؤلف بالعرض والتعليق السريع ( ١١٣ ) كتابًا سنيًا )
وشيعيًا؛ سواء كان كتابًا مفردًا في الموضوع، أو جزءًا من كتاب، وسواء كان
مقرًا بهذه العقيدة أو منكرًا لها.
وكان عرض المؤلف بها جيدًا، لكنه وهم في إيراد كتاب "المسيح الدجال...
قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى" لسعيد أيوب ضمن الكتب السنية
(ص ٥٩ )، والصحيح أنه من كتب الشيعة.
والعجيب أن المؤلف أورد له - سعيد أيوب - كتابًا آخر في قسم الكتب
الشيعية (ص ١٥٧ ) بعنوان: "الطريق إلى المهدي المتظر". ويعد هذا القسم من
أمتع فصول الكتاب.
خامسًا: دراسة المؤلف للأحاديث الواردة في "المهدي" عند أهل السنة:
للمؤلف طريقة خاصة في التخريج عرضها (ص ٢٧٥ ) وأسماها "العملية
الاختزالية"، تقوم على تحديد مدار الحديث، ثم استعراض الرواة عن المدار على
"تقريب التهذيب"، فإن كانوا في حيز المقبول احتجاجًا أو اعتبارًا نظر في
إسنادين أو أكثر في الرواة النقلة ما بين المضعفين إلى الرواة عن المدار ليسلم
له صلاحيتهم للاعتبار بعد انتفاء الوهم والغلط في نقل الرواية.
أما حكمه على الأسانيد؛ فالمؤلف من الذين لا يقبلون التصحيح بالشواهد،
ويطلق عليه "الترقيع"، وتبين له ذلك بعد أن اتخذ طريقة النقد التطبيقي!
(ص ٢٦٥ )، وكان غالب الدراسة الحديثية منصب على كتاب "المهدي المنتظر
في فكر أهل السنة" للدكتور عبد العليم البستوي، وذلك أن البستوي من أشد
مقالات في المشكلة الشيعية
34
المدافعين عن عقيدة المهدي، وهو قد جمع ما صححه الألباني وشعيب
الأرناؤوط. وكثير ممن كتب في الموضوع أحال على البستوي.
والخلاصة التي خرج بها المؤلف من هذا الفصل:
١. الأحاديث الموضوعة التي ذكر فيها المهدي صراحة عشرة أحاديث لم
يبلغ درجة الاحتجاج منها شيء.
٢. الأحاديث المرفوعة غير المصرحة بالمهدي لا يصح حملها على المهدي.
٣. الآثار الموقوفة على الصحابة المصرحة بالمهدي لم يصح منها شيء.
٤. ضعف المؤلف حديث المجددين وحكم عليه بضعف الإسناد ونكارة المتن!
سادسًا: دراسة المؤلف للأحاديث الواردة في المهدي عند الشيعة:
وهذا الفصل من أهم الفصول في الكتاب لعدة أسباب:
.( ١. المؤلف من آل البيت كما بين في (ص ٥٣٩ ،٤٠٨
٢. المؤلف يروي كتب الشيعة بالسند.
٣. المؤلف عالج على منهج الشيعة في الحديث، ولم يحتج بشيء من كتب
السنة.
٤. المؤلف من دعاة التقارب والتعاون مع التبرؤ من الكفريات.
أما عن أهمية موضوع المهدي عند الشيعة فلأنه من أصول الدين، ومن
أنكره يعد كافرًا عندهم، وهذا فيه تكفير الشيعة لكل المسلمين عداهم!!
.( (ص ٥٣١،٤١١
ولذلك ناقش المؤلف الشيعة فيما يزعمون أنه من أصول الدين؛ فوجد أنهم
يحتجون ب ( ٥٣٠٣ ) حديث (ص ٤١٢ )، وهذه الروايات تتعلق بكل شيء عن
المهدي.
ولاستحالة مناقشة هذا العدد من الروايات اقتصر المؤلف على مناقشة
روايات ولادته بحيث إذا ثبت ضعف وبطلان روايات ولادته ووجوده؛ فما قيمة
.( روايات من رآه، أو كّلمه، أو...؟! (ص ٤١٢
مقالات في المشكلة الشيعية
35
وناقش المؤلف الشيعة في كيفية ثبوت الخبر التاريخي عندهم؛ فتبين أنهم لا
يقيمون للموضوعية والعلمية وزنًا، بل العاطفة هي التي تحكم على الأحداث
والتاريخ!
ونقل كلام صاحب موسوعة "تاريخ الغيبة الصغرى" التي تقع في عشرة
مجلدات للسيد محمد محمد صادق الصدر الذي يقول عن منهج كتابه: "إن
المؤرخ مزيج من عواطف وغرائز ومشبعات ذهنية وعادات، ولا يمثل العقل
والفكر منه إلا بعض هذا المزيج، وهو لا يكتب تاريخه بعقله وفكره وإنما يكتبه
بمجموع عواطفه وسائر مرتكزاته" (ص ٤١٤ ). فهذا هو منهج التاريخ العاطفي!!
وبين المؤلف في هذا الفصل موقف الشيعة من الروايات؛ وأنهم على
قسمين: إخباري يقبل كل ما ُنقل من روايات ولو كانت من الخيال. وأصولي،
وهو ينظر في الروايات.
وبين أنهم لم يكون لهم وجود قبل ابن طاووس (ت: ٦٧٣ ه)، أو تلميذه
الحلي (ت: ٧٢٦ ه).
ولكن عند عرض ونقد الروايات التي صححها الأصوليون في ولادة
المهدي ظهر أن الأصوليين أيضًا لا شأن لهم في علم الحديث، ولكنه رماد يذر
في العيون، وسيأتي تفصيل ذلك.
وطريقة المؤلف في نقد روايات ولادة المهدي كانت في خمس خطوات:
الأولى: نقد روايات إمامة الحسن العسكري؛ لأن الإمام السابق لا بد أن
ينص على الإمام من بعده، فإن لم يصح إمامة الحسن العسكري لم تصح إمامة
المهدي!!
وهنا ناقش ما أورده الكليني في كتابه "الكافي" أهم كتب الشيعة الذي أورد
٨٦٥ ) وتبين أنه لم يصح منها رواية واحدة لا في - فيه ثلاث عشرة رواية ( ٨٥٣
ميزان الخوئي مرجع الشيعة الراحل وصاحب موسوعة "رجال الحديث" ولا في
ميزان الشيخ المظفر الشيعي محقق الكافي!
مقالات في المشكلة الشيعية
36
فإذا لم يصح الأصل وهو إمامة الحسن العسكري؛ فكيف تصح إمامة
المهدي!!
الثانية: مناقشة قصة أم المهدي: وهذه قضية مضحكة؛ لا بد له من أم، فمن
هي!
هذا ما بحثه المؤلف في المبحث الثاني من الفصل الخامس، فأظهر كذب
قصة نرجس أم الهدي المخالفة للعقل والواقع، والتي تحتوي على فجوات عديدة
جدًا، والإشكال أن هذه القصة العجيبة والطويلة ليس لها سند تاريخي ثابت؛ فهل
يعقل أن أم المهدي أحد أصول الإيمان لا تثبت بسند واضح صحيح!! إلا إذا كان
معدومًا؛ فيعقل.
ويعلق المؤلف في ختام المبحث على هذا فيقول: "المؤسف أن يبني عالم
مثلك - السيد صادق الصدر - موسوعة في عشرة مجلدات عن الإمام المهدي
من غير أن يكون بين يديه رواية تاريخية صحيحة واحدة تثبت ولادته أو
.( مشاهدة أحد الثقات له" (ص ٤٧٠
الثالثة: هل نص الحسن العسكري على المهدي إمامًا بعده؟
ذكر المؤلف أن روايات الباب التي أوردها الكليني في "الكافي" واحدًا منها،
وبين أن اثنين منها فيهما مجهولان، وناقش المؤلف الروايات الثلاث المتبقية،
وكانت النتيجة أنه لا يصح شيء منها في ميزان كتب رجال الشيعة!
الرابعة: هل رأى المهدي إنسا ن؟
٨٨٦ )، ضعف - بين المؤلف أن الكليني أورد خمسة عشر حديثًا ( ٨٧٢
محقق الكافي الشيعي حديثًا واحدًا منها، وحكم على آخر بأنه مختلف فيه، وعلى
أحد عشر حديثًا بالجهالة، وصحح حديثين فقط! وراجع المؤلف الحديثين
المصححين والحديث المختلف فيه، وكانت النتيجة عدم صحة شيء منها.
( الخامسة: هل ولد المهدي؟ وذكر أن الكليني أخرج تحت هذا الباب ( ٣١
١٣٩٢ ) حكم المحقق الشيعي المظفر على عشرين منها بالجهالة، - حديثًا ( ١٣٦٢
مقالات في المشكلة الشيعية
37
وضعف حديثين، وسكت عن واحد، وقال عن آخر: حسن كالصحيح، وصحح
سبعة أحاديث، وعند استعراض هذه الثمانية الباقية لم يسلم بشيء منها، وذلك
كله بالاعتماد على موسوعة رجال الحديث للخوئي بالرغم من أنه كان ينقد ما
وأقل خطأ من كتب الحديث والمصطلح.
وبين أن الأصوليين الشيعة مع اعترافهم بأن كتب الأصول عندهم تحتوي
على الضعيف والمكذوب، إلا أنهم أيضًا يصححون هذه الروايات الباطلة دون
مستند علمي.
وعلق المؤلف على هذه الروايات في المهدي عند الشيعة فقال: "وكم كنت
أتمنى أن تصح رواية واحدة أو عدة روايات من هذه الجمع الهائل الضعيف
والمجهول حتى أعذر علماء الإمامية في بناء عقيدة إسلامية على خبر الواحد
.( (ص ٤٩٦
وبعد بطلان هذه العقيدة الشيعية وهي ولادة المهدي، وأن من لا يؤمن به
كافر؛ فالواجب على الشيعة مراجعة أصولهم وكتبهم، وعدم محاولة دعوة السنة
للدخول في مذهبهم ونشر الكتب الدعائية بين السنة مثل كتب التيجاني
.(٥٣٧- والمومسوي الذي يتقنون الإيهام والخداع للمسلمين (ص ٥٣٥
الخاتمة:
بعد هذه الوقفات مع كتاب "المهدي المنتظر" للدكتور عداب الحمش، ينبغي
التأكيد على:
- أن عقيدة ظهور المهدي عقيدة نص عليها جمع من أهل العلم الكبار،
وصرح كثير من العلماء أن الأحاديث الواردة في شأن المهدي متواترة
تواترًا معنويًا.
- أن تضخيم بعض الناس لجوانب من هذه العقيدة دون سند شرعي لا يجوز،
لكنه لا يبطل الاعتقاد بها.
- الاعتقاد بالمهدي ليس سببًا للتواكل والقعود عن العمل.
مقالات في المشكلة الشيعية
38
- اعتقاد الشيعة بالمهدي باطل لا يصح، وعليهم الرجوع عنه وعن تكفير
المسلمين كافة، وعلى أهل السنة معرفة حقيقة نظرة الشيعة لهم في
الموضوع.
- الشيعة ليس لهم دراية بعلم الحديث، وكتبهم طافحة بالموضوعات
والأكاذيب والخرافات، وذلك في أصول الدين وليس في الفروع فقط.
- عدم موافقة المؤلف على ما ذهب إليه من تضعيف الأحاديث الواردة في
المهدي، وبعض الآراء التي ذكرها في كتابه، وطريقته في نقد الأحاديث.
مقالات في المشكلة الشيعية
39
؟( ولاء الشيعة لمن( ١
لا تزال ردود الفعل تتوالى على تصريحات الرئيس المصري حسني مبارك
بخصوص "ولاء الشيعة" هل هو لأوطانهم أم لإيران؟
فقد استنكر أغلب قيادات الشيعة الدينية والسياسية في المنطقة هذه
التصريحات، كما شنت المنابر الإعلامية الشيعية حملة إعلامية منظمة ضد
مبارك، تذكر بالحملات اليهودية التي تشن على كل من يقترب من التابوهات
اليهودية "المقدسة"! وهذا أسلوب سبق للشيعة استخدامه ضد العاهل الأردني
الملك عبد الله الثاني عندما حذر من "الهلال الشيعي"، وهذه الحملات ضد
الزعماء العرب لا تتورع عن سبهم ولعنهم بكل قوة، لخلق حالة من الخوف من
مجرد التفكير بالاقتراب من الشيعة!!!
وبالفعل فإن هذا هو ما حصل، فقد اضطر الأردن للقيام بسلسلة من
الخطوات الدبلوماسية للتخفيف من الغضب الشيعي عليه، كما أن الرئيس
المصري اضطر لتوضيح مراده من التصريحات السابقة بأنه لم يكن يقصد
سوى ارتباط الشيعة بالأماكن المقدسة شيعيًا في إيران!!!
وبغض النظر عن تصريحات مبارك وتوضيحها يبقى السؤال: "ولاء الشيعة
لمن؟" قائمًا يبحث عن إجابة.
بداية من المقرر أن التعميم في الأحكام خطأ كبير، ذلك أن الشيعة مثل
غيرهم من الطوائف فيهم المتعصب، وفيهم الموالي للطائفة والمرتبط بالمرجعية،
وفيهم المعتدل وفيهم المنشغل بدنياه، وفيهم العلماني الملحد والعلماني الليبرالي ،
وهناك صراعات بين هذه التيارات وإن كان المعتدلون والعلمانيون من الشيعة
يحاربون بضراوة من قبل قادة الشيعة عمومًا بسبب التعصب الطائفي، لذلك ما
سنصل إليه من إجابة على هذا السؤال ليس بالضرورة تعميمه على كل الشيعة،
١) نشر في مجلة الراصد الإلكترونية عدد ( ٣٤ )، ربيع الثاني ١٤٢٧ ه . )
مقالات في المشكلة الشيعية
40
وإن كان قد يشمل قطاعًا كبيرًا منهم بحسب الحقائق التي سنعتمد عليها للوصول
إلى الإجابة الصحيحة بإذن الله.
وستكون الإجابة على هذا السؤال من خلال استعراض ثلاثة محاور:
١. العقيدة والفكر الشيعي.
٢. السلوك السياسي للشيعة في التاريخ.
٣. الواقع السياسي المعاصر للشيعة.
المحور الأول: العقيدة والفكر الشيعي.
التقية بوابة الفهم الشيعي:
التقية هي أهم المفاتيح لفهم العقلية والسلوك الشيعي بعامة والسياسي
بخاصة، والمراد بالتقية كما يشرحها أحد كبار علماء الشيعة فيقول الشيخ المفيد:
"التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما
.( يعقب ضررا في الدين أو الدنيا( ١
ويبين لنا الخمينى ضرورة التقية وأهميتها في السلوك الشيعي فيقول: "ثم
إنه لا يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره، بل
الظاهر أن المصالح النوعية صارت سببا لإيجاب التقية من المخالفين فتجب
.( التقية وكتمان السر لو كان مأمونا وغير خائف على نفسه( ٢
وهذا حسن الصفار، أحد زعماء شيعة السعودية المعاصرين يقول في مقابلة
صحفية: "القرآن الكريم فيه آيات عديدة تؤكد أن الإنسان إذا كان في موقع يخاف
على نفسه الضرر، أو يكون في موقع يسبب له مشكلة من إظهار رأيه وعقيدته
.( فإن له أن يلجأ إلى التكتم على رأيه وعقيدته حفاظًا على حياته ومصلحته( ٣
.( ١) " شرح عقائد الصدوق،" فصل التقية، (ص ٢٤١ )
.(٢٠١/ ٢) كتاب "الرسائل" ( ٢ )
٣) في مكاشفة مع عبد العزيز القاسم في ملحق الرسالة التابع لجريدة المدينة الجمعة )
١٧ /شعبان/ ١٤٢٥ ه الموافق ١/أكتوبر/ ٢٠٠٤ م.
مقالات في المشكلة الشيعية
41
وبناء على تعريف الشيعة للتقية، فما هو الفرق بين الكتمان لأجل المصلحة،
والخيانة؟؟؟
إذا كانت التقية القائمة على الكتمان لأجل المصلحة هي أسلوب الشيعة في
التعامل مع الآخرين فكيف سنعرف ولائهم الحقيقي؟؟ سؤال يبحث عن إجابة.
ما هو الموقف الشيعي من الحكومات والدول قديمًا وحديثًا؟
تنقسم الدول بحسب الشيعة لقسمين: قسم يؤمن بالإمامة الشيعية كدولة
البويهيين، ودولة الفاطميين، ودولة الحمدانيين، ودولة الصفويين .
وقسم لا يؤمن بالإمامة الشيعية كدولة الخلفاء الراشدين، والأمويين،
والعباسيين، والعثمانيين، والدول القطرية المعاصرة، فض ً لا عن الدول غير
الإسلامية. وحين ننظر في التراث الشيعي تجاه الدول والحكومات نجد الروايات
التالية:
١. "كل رايةٍ ترفع قبل راية القائم صاحبها طاغوت". ويقول المازندراني
!!( شارحًا: "وإن كان رافعها يدعو إلى الحق"( ١
٢. "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في
دين أو ميراث فتحاكما إلى سلطان وإلى القضاة أيحل ذلك ؟ قال: من
.( تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت"( ٢
وأما عن فهم هذه الروايات نجد الخميني يقرر: "على الشعب المسلم ألا
يرجع في أموره إلى سلاطين وحكام الجور والقضاة العاملين لديهم حتى لو كان
.( حق الشخص المراجع ثابتًا"( ٣
أما موقف حسن الصفار من البويهيين، والفاطميين، والحمدانيين،
والصفويين فهو عدم الشرعية رغم شيعيتها حيث يقول: "الفكر الشيعي لا يسبغ
.(٣٧١/ ١) "شرح المازندراني" ( ١٢ )
٢) "الكافي" للكلينى. )
.( ٣) كتاب "الحكومة الإسلامية" (ص ١٣٦ )
مقالات في المشكلة الشيعية
42
على هذه الدول الشرعية، لأن للحكم الشرعي مواصفات لم تتحقق عند أغلب
هذه الحكومات المنتمية للشيعة"، بل "وكان الحكم الشاهنشاهي في إيران محسوبًا
!!( على الشيعة، لكن علماءهم لم يسبغوا عليه الشرعية وأخيرًا أسقطوه"( ١
أما حول سبب عدم شرعية هذه الحكومات عمومًا والحكومات والدول
الشيعية خصوصًا، فيوضحه الأستاذ بندر الشويقي في رده على مكاشفة الصفار
هذه بقوله: "معضلة الفقه الشيعي أنه لا يمكن أن يسبغ الشرعية إلا على دولة
يقودها الإمام المعصوم!! أو على الأقل فقيه شيعي إمامي ينوب عن هذا الإمام!!
وهذا القول الأخير يقول به قلة من علماء الشيعة ممن أيدوا زعامة الخميني
وثورته باعتباره فقيهًا ينوب عن المعصوم في الإمامة. وأما الأكثرون فلا
يسبغون الشرعية إلا على دولة الإمام المعصوم وحده دون سواه. وعلى كلا
الحالتين فلا يمكن أن يثبت الفقه الشيعي الولاء لدولة يحكمها غير فقهائهم".
وبهذا الموقف الرافض لشرعية جميع الحكومات سوى حكومة الإمام أو من
ينوب عنه نتساءل لمن سيكون ولاء الشيعة؟
ما هي مهمة كل شيعي في زمن غيبة الإمام؟
يقول الشيخ الصفار: "المؤمن الذي يعيش في عصر الغيبة، منتظرًا لخروج
الإمام القائد وظهوره، لابد وأن يهيئ نفسه لاستقبال الإمام، والانضمام إلى
جبهته، والعمل تحت لوائه.
وهذا لا يتأتى للإنسان إذا لم يرب نفسه ويهيئها من الآن للساعة المنتظرة
قبل أن تأتي تلك الساعة وهو يفقد زمام نفسه وتخونه إرادته. ولأن موعد
الظهور مجهول لدى الإنسان المؤمن فيجب أن يكون على أُهبة الاستعداد دائمًا
.( وأبدًا، ويتوقع الأمر في كل لحظة"( ٢
١) في مكاشفته مع عبد العزيز القاسم. )
٢) في رسالته "الإمام المهدي أمل الشعوب". )
مقالات في المشكلة الشيعية
43
وهنا نتساءل إذا تعارضت مواقف الإمام المهدي مع موقف الدولة التي
ينتمي لها الشيعي فلمن سيكون ولاؤه؟
يقول الأستاذ بندر الشويقي: "وقد رأيت الشيخ الصفار في رسالته التبشيرية
عن إمام الزمان "المهدي المنتظر" يوصي الشيعة بجملة من الأدعية، ويرغبهم
في ملازمتها. وفي تلك الأدعية إعلان تجديد البيعة والولاء للإمام الحق الغائب
في سردابه!!
وهذا أحد نصوص تلك الأدعية والتراتيل، أنقلها للقراء الأكارم من كتاب
الشيخ الصفار: "اللهم بّلغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك - صلوات
اللَّه عليه وعلى جميع آبائه الطاهرين- عن جميع المؤمنين والمؤمنات في
مشارق الأرض ومغاربها... اللهم إني أجدد في صبيحة يومي هذا، وما عشت
من أيامي عهدًا وعقدًا وبيعة له في عنقي، لا أحول عنها ولا أزول أبدًا".
"بيعة" و"عقد" و"عهد" في صبيحة يومه، وفيما عاش من أيامه!
بيعة في عنق الشيخ لا يحول عنها و لا يزول أبدًا!
فماذا بقي من ولاء و انتماء؟!
وإذا استثنينا الجمهورية الإيرانية، فهل توجد اليوم بلد أو دولة تسير على
تعاليم ذاك الإمام المنتظر، بحيث يكون لها نصيب من هذا الولاء، والانتماء،
والبيعة، والعقد، والعهد، الذي لا يزول ولا يحول أبدًا؟!
نرجع مرًة أخرى لرسالة الشيخ الصفار، فنراه يقول مخاطبًا إمامه الحق :
"متى ترانا ونراك وقد نشرت لواء النصر؟ أترانا نحف بك وأنت تؤم الملأ، وقد
ملأت الأرض عد ً لا وأذقت أعداءك هوانًا وعقابًا، وأبدت العتاة وجحدت الحق
وقطعت دابر المتكبرين واجتثثت أصول الظالمين، ونحن: نقول الحمد لّله رب
العالمين".
ثم يسرد الشيخ الصفار دعاءً آخر يقترح قراءته في كل ليلة من ليالي
رمضان المبارك، يقول فيه: "اللهم إنا نرغب إليك في دولةٍ كريمةٍ تعز بها
مقالات في المشكلة الشيعية
44
الإسلام وأهله، وتذل بها النفاق وأهله، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك
والقادة في سبيلك وترزقنا كرامة الدنيا والآخرة... اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا،
وغيبة ولينا، وكثرة عدونا، وقلة عددنا...".
ويزيد الصفار على هذا، فيدق طبول الحرب، ويتمثل قول الشاعر مخاطبًا
مهدي سامراء:
فهاك قلِّبها قلوب الورى أذابها الوجد من الانتظار
متى تسل البيض من غمدها وتشرع السمر و تحمى الذمار
لن أسأل لأي شيء يستعجل الشيخ الصفار سلَّ السيوف البيض، وإشراع
الرماح السُّمر!
ولن أسأل من هم أعداء المهدي المنتظر، ومن هم جحدة الحق الذين سوف
يسل عليهم صاحب الحق سيوفه البيض؟ ومن هم أهل النفاق الذين سوف يذيقهم
الهوان و العذاب؟"اه، كلام الأستاذ بندر الشويقي.
إذا خرج المهدي ماذا يصنع؟
وننبه القارئ الكريم لضرورة معرفة أعمال المهدي الشيعي إذا خرج؛ لأن
هذه المعرفة قد تعطينا فكرة عن حقيقة "ولاء الشيعة لمن؟". ولذلك سأذكر بعض
الأعمال التي يقوم بها المهدي إذا خرج كما ورد في مصادر الشيعة:
بماذا يحكم المهدي؟
"إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان ولا يسأل بينة"( ١)، مع أن
ناسخة لما قبلها من الشرائع. شريعة محمد
المهدي عنده القرآن الحقيقي:
"إذا قام قائم آل محمد ضرب فساطيط يعلم فيها القرآن على ما أنزل
.( فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم لأنه يخالف فيه التأليف"( ٢
.(٤٦٢/ ١) "الكافي" ( ١ )
.( ٢) كتاب "الإرشاد" للمفيد (ص ٣٦٥ )
مقالات في المشكلة الشيعية
45
موقفه من الحرمين الشريفين:
"القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول صلى الله
عليه وآله إلى أساسه"( ١). وذلك أن الشيعة يكفرون سائر المسلمين، وعدد
المؤمنون الحقيقيون - وهم الشيعة - لا يحتاج لمسجد كبير!
موقفه من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما:
سيقوم المهدي "بكسر الحائط الذي على القبر .. ثم يخرجهما "الشيخين"
غضين رطبين فيلعنهما ويتبرأ منهما ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما ثم يذريهما
.( في الريح"( ٢
موقفه من أهل السنة:
"فإذا قام القائم عرضوا كل ناصب "سني" عليه فإن أقر بالإسلام وهي
الولاية وإلا ضربت عنقه أو أقر بالجزية فأداها كما يؤدي أهل الذمة"( ٣). وفي
رواية أخرى: "لو يعلم الناس "أهل السنة" ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم
ألا يروه مما يقتل من الناس .. حتى يقول كثير من الناس: ليس هذا من آل
.!!( محمد، لو كان من آل محمد لرحم"( ٤
جنود المهدي:
"إذا قام قائم آل محمد استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رج ً لا،
خمسة عشر من قوم موسى الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وسبعة من
أصحاب الكهف، و يوشع وصي موسي، ومؤمن آل فرعون، وسلمان الفارسي،
.( وأبا دجانة الأنصاري ومالك الأشتر"( ٥
.( ١) كتاب "الغيبة" للطوسي (ص ٢٨٢ )
.(٣٨٦/ ٢) "بحار الأنوار" للمجلسي ( ٥٢ )
.(٣٧٣/ ٣) المصدر السابق ( ٥٢ )
.(٣٥٤/ ٤) المصدر السابق ( ٥٢ )
.(٣٤٦/ ٥) المصدر السابق ( ٥٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
46
ويبقي السؤال مطروحًا: "لمن ولاء الشيعة؟".
المرجعية وقيادة الشيعة:
ويقصد الشيعة بالمرجعية "الجهة المتولية لشؤون الأمة أو الفرقة أو الطائفة
بأجمعها، وبيدها الإدارة لتدبير أحوالها وأوضاعها الدينية، ويسمى المتقمص بها
.( بالمرجع"( ١
وهذه الجهة هي فقهاء الشيعة الجامعون للشرائط، ويكون الأعلم هو المرجع
الأعلى، وتكمن خطورة هذه المرجعية في طبيعة العلاقة بين المرجع والفرد
الشيعي، حيث أن الشيعي لابد له من تقليد مرجع في أحكام الدين، كما أن
الشيعي لا بد له من مرجع للقيام ببعض العبادات والشعائر كالخمس...
وأخطر من هذا كله أن المرجع لا تقتصر مرجعيته على دولته فحسب بل
هي عابرة للحدود والقارات!!
ولذلك تم اعتماد وكلاء للمراجع في المحافظات والدول الأخرى، يقومون
بربط الناس بمرجعهم البعيد في الفتيا وقبض الأخماس وقضاء الحوائج.
وهنا نتساءل لو تعارض رأي المرجع مع رأي الدولة التي ينتمي لها
الشيعي فلمن سيكون ولاؤه؟
ولاية الفقيه:
ولاية الفقيه هي النظرية التي بلورها وجسدها الخميني بشكلها المعاصر،
والتي استقرت على أن الفقيه "المرجع"، كما أنه ينوب عن الإمام الغائب في
أمور الفتيا والقضاء، فإنه يمكن أن ينوب عنه في أمور الحكم وإدارة الدولة.
وقد زاد الخميني من صلاحيات الولي الفقيه حتى أوصلها إلى: "أن الحكومة
شعبة من ولاية رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المطلقة، وواحدة من
الأحكام الأولية للإسلام، ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة
.( ١) "الحوزة العلمية في النجف" للبهادلي (ص ١٨٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
47
والصوم والحج... وإن الحكومة تستطيع أن تمنع مؤقتًا وفي ظروف التناقض
مع مصالح البلد الإسلامي إذا رأت ذلك أن تمنع من الحج الذي يعتبر من
.( الفرائض المهمة الإلهية"( ١
وهذه الولاية للفقيه على الدولة تعطي للدولة الشرعية عند الشيعة، وذلك
لأنها ترفع رايته نيابة عنه!
وبذلك تحصل الدولة على التأييد الشيعي، ولكن هل هذا التأييد محصور فقط
في داخل الحدود السياسية الحادثة؟
يجيب عن هذا السؤال الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي وهو من كبار
مراجع إيران وأحد المرشحين لمنصب المرشد الأعلى، على النحو التالي:
(س: إذا كان هناك بلدان إسلاميان تبنى أحدهما نظام ولاية الفقيه وبايع
الفقيه الجامع للشرائط، فيما يدار البلد الثاني بنظام حكومي آخر، هل يجب على
شعب البلد الثاني اتباع الولي الفقيه للبلد الأول أم لا؟).
فكان خلاصة الجواب: "يحق لمثل هذا الشخص الولاية على الناس، و يكون
أمره نافذًا على كل مسلم و يجب عليه تنفيذه... سواء بايع أم لم يبايع...- مع -
إمكان افتراض صورة نادرة أخرى؛ وهي أن مسلمي البلد الآخر، إذا كانوا
يرون حكومتهم - اجتهادًا أو تقليدًا - شرعية وواجبة الطاعة "حتى وإن كانت
تدار بنمط آخر يختلف عن ولاية الفقيه"، يكون واجبهم الظاهري هنا طاعة
.( حكومتهم، و ليس طاعة الولي الفقيه الذي يحكم في بلد آخر"( ٢
وكان يزدي قد قرر في بحثه وحدة بلاد المسلمين، ولذلك فإن ولاية الفقيه
تمتد لتغطيها، وإن كان الواجب الظاهري طاعة الحكومة المحلية!!
ويبقي السؤال مطروحًا لمن ولاء الشيعة؟
.( ١) "تطور الفكر السياسي" لأحمد الكاتب (ص ٣٣١ )
٢) في بحثه "سلطة الولي الفقيه خارج حدود بلده" والمنشور على شبكة الإنترنت. )
مقالات في المشكلة الشيعية
48
المحور الثاني: السلوك السياسي للشيعة في التاريخ.
حين نعود للتاريخ ونطالعه لنستفيد من عبره ودروسه، تستوقفنا بعض
المحطات التي تستحق وقفة تأمل لفهم مدلولاتها وأبعادها علها تساعدنا في
الإجابة عن السؤال "لمن ولاء الشيعة؟".
ففي سنة ( ٤٩٠ هجرية)، أرسل بدر الجمالي وزير المستعلي – الفاطمي
الشيعي – سفارة من قبله إلى قادة الحملة الصليبية الأولى تحمل عرضًا خلاصته
أن يتعاون الطرفان للقضاء على السلاجقة السنة في بلاد الشام، وأن تقسم البلاد
بينهما بحيث يكون القسم الشمالي من الشام للصليبيين في حين يحتفظ الفاطميون
بفلسطين. وقد كان سقوط بيت المقدس بيد الصليبيين بسبب خيانات الشيعة وما
يحدثونه من قلاقل واضطراب تشغل الخليفة والسلطان السلجوقي محمد بن
ملكشاه عن التفرغ لحرب الفرنج.
انظر ما يقوله ابن كثير رحمه الله تعالى:
"في سنة ٤٩٤ ه، عظم خطب الباطنية – الشيعة – بأصبهان ونواحيها
فقتل السلطان منهم خلًقا كثيرًا وأبيحت ديارهم للعامة، ونودي فيهم أن كل من
قدرتم عليه فاقتلوه وخذوا ماله، وكانوا قد استحوذوا على قلاع كثيرة، وأول قلعة
ملكوها في سنة ( ٤٨٣ ه)، وكان الذي ملكها الحسن بن صباح أحد دعاتهم...
وفي سنة ( ٥٠٠ ه)، حاصر السلطان محمد بن ملكشاه قلاعًا كثيرة من حصون
الباطنية فافتتح منها أماكن كثيرة، وقتل منهم خلًقا، واشتد القتال معهم في قلعة
حصينة في رأس جبل منيع بأصبهان كان قد بناها السلطان ملكشاه ثم استحوذ
عليها رجل من الباطنية يقال له أحمد بن عبد الله بن عطاء، فتعب المسلمون
بسبب ذلك، فحاصرها ابنه السلطان محمد سنة حتى افتتحها وسلخ هذا الرجل
وحشى جلده تبًنا وقطع رأسه وطاف به في الأقاليم".
وهكذا كان حصار قلعة من قلاع الباطنية يستهلك من جهد المسلمين سنة
كاملة والمسجد الأقصى أسير في أيدي الفرنجة؟ إنهم كالخنجر في ظهر الأمة.
مقالات في المشكلة الشيعية
49
وذكر ابن كثير في أحداث سنة ( ٥٦٤ ه): "طغت الفرنج بالديار المصرية
وذلك أنهم جعلوا شاور "لوزير الفاطمي الشيعي" شحنة لهم بها "امية عسكرية"،
تحكموا في أموالها ومساكنها أفواجًا أفواجًا، ولم يبق شيء من أن يستحوذوا
عليها ويخرجوا منها أهلها من المسلمين وقد سكنها أكثر شجعانهم، فلما سمع
الفرنج بذلك أتوا من كل فج وناحية في صحبة ملك عسقلان في جحافل هائلة،
فأول ما أخذوا مدينة بلبيس وقتلوا من أهلها خلًقا وأسروا آخرين ونزلوا بها
وتركوا أثقالهم موئ ً لا لهم، ثم تحركوا نحو القاهرة... فأمر الوزير شاور رجاله
بإشعال النار فيها على أن يخرج منها أهلها؛ فهلكت للناس أموال كثيرة، وأنفس،
وشاعت الفوضى، واستمرت النيران أربعة وخمسين يومًا، عندئذ بعث العاضد
الفاطمي إلى نور الدين بشعور نسائه يقول: أدركني واستنقذ نسائي من الفرنج،
والتزم له بثلث خراج مصر، فشرع نور الدين في تجهيز الجيوش لتسييرها إلى
مصر، فلما أحس شاور بوصول جيوش نور الدين، أرسل إلى ملك الفرنج يقول:
قد عرفت محبتي ومودتي لكم، ولكن العاضد لا يوافقني على تسليم البلد، فاعتذر
لهم وصالحهم على ألف ألف دينار، وعجل لهم من ذلك ثمانمائة ألف ليرجعوا؛
فانتشروا راجعين خوًفا من عساكر نور الدين وطمعًا في العودة إليها مرة
أخرى، وشرع شاور في مطالبة الناس بالذهب الذي صالح به الفرنج وتحصيله
وضيق على الناس".
ذكر المقريزي( ١) أن صلاح الدين الأيوبي لما تولى وزارة العاضد الفاطمي
وقوي نفوذه في مصر، حنق عليه رجال القصر ودبروا له المكائد، وقد اتفق
رأيهم على مكاتبة الفرنجة ودعوتهم إلى مصر فإذا ما خرج صلاح الدين إلى
لقائهم قبضوا على من بقي من أصحابه بالقاهرة، وانضموا إلى الفرنجة في
محاربتهم والقضاء عليه.
.(٢/ ١) في "الخطط والآثار" ( ٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
50
وفع ً لا جاء الفرنجة إلى مصر وحاصروا دمياط في سنة ٥٦٥ ه، وضيقوا
على أهلها وقتلوا أمما كثيرة، وكان من فضل الله أن فشلت هذه الحملة،
وانصرف الفرنجة عن دمياط.
ويبقى السؤال "ولاء الشيعة لمن؟".
ويذكر ابن كثير في أخبار سنة ٦٥٦ ه، شيئًا عن دور الوزير الشيعي
مؤيد الدين أبي طالب محمد بن أحمد العلقمي في استيلاء التتار على بغداد،
فيقول: "وجيوش بغداد في غاية الضعف ونهاية الذلة، لا يبلغون عشرة آلاف
فارس وهم بقية الجيش، فكلهم كانوا قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى
كثير منهم في الأسواق وأبواب المساجد، وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم
ويحزنون على الإسلام وأهله، وذلك كله من آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي،
وذلك أنه لما كان في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة
نهبت فيها الكرخ ومحلة الرافضة، حتى نهبت دور قرابات الوزير، فاشتد حنقه
على ذلك، فكان هذا مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ما وقع من
الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد وإلى هذه الأوقات، ولهذا
كان أول من برز إلى التتار – أي ابن العلقمي – فخرج بأهله وأصحابه وخدمه
وحشمه، فاجتمع به السلطان هولاكو خان لعنه الله، ثم عاد فأشار على الخليفة
بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج
العراق لهم ونصفه للخليفة،.... ثم عاد إلى بغداد وفي صحبته خوجة نصير
الدين الطوسي والوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة
والمصادرة، فأحضر من دار الخلافة شيئًا كثيرًا من الذهب والحلي والمصاغ
والجواهر والأشياء النفيسة، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من
المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير متى وقع الصلح على
المناصفة لا يستمر هذا إلا عامًا أو عامين ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل
ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة.
مقالات في المشكلة الشيعية
51
فلما عاد الخليفة إلى السلطان هولاكو أمر بقتله، ويقال: إن الذي أشار بقتله
هو الوزير ابن العلقمي والمولى نصير الدين الطوسي، وكان النصير عند
هولاكو قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الألموت وانتزعها من أيدي
الإسماعيلية، وكان النصير وزيرًا لشمس الشموس ولأبيه قبله علاء الدين بن
جلال الدين، وانتخب هولاكو النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم
هولاكو وتهيب من قتل الخليفة هون عليه الوزير ذلك، فقتلوه رفسًا وهو في
جوالق لئلا يقع على الأرض شيء من دمه.... ومالوا على البلد فقتلوا جميع من
قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ، والكهول والشبان .... ولم
ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار
الوزير ابن العلقمي الرافضي وطائفة من التجار أخذوا لهم أماًنا بذلوا عليه
أموا ً لا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم.
وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش،
وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريبًا من
مائة ألف مقاتل منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر والأكاسر، فلم يزل
يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثم كاتب التتار وطمعهم في
البلاد وسهل عليهم ذلك وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال،
وذلك كله طمعًا منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر البدعة الرافضة، وأن يقيم
خليفة من الفاطميين، وأن يبيد العلماء والمفتين والله غالب على أمره".
والعجيب أن شيعة اليوم ينظرون بعين التعظيم والإجلال لهذا الوزير
الشيعي الخائن وزميله الطوسي!
يقول الخميني( ١): "ويشعر الناس بالخسارة أيضًا بفقدان الخواجة نصير الدين
الطوسي وأمثاله ممن قدموا خدمات جليلة للإسلام".
.( ١) في كتابه "الحكومة الإسلامية" (ص ١٢٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
52
وهنا نتساءل: هل كان الخميني يجهل دور الطوسي في تدمير بغداد؟
ويقول الخميني أيضًا( ١): "وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدًا منا بالدخول
في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك، حتى لو أدى الامتناع إلى قتله
إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي
بن يقطين، ونصير الدين الطوسي رحمهما الله".
وهنا نسأل الخميني: ما هو النصر الذي حققه الطوسي للمسلمين؟؟
أما إذا تساءلت من هو ابن يقطين؟
يأتيك الجواب من رواة الشيعة أنفسهم، كالعالم الشيعي الملقب بصدر
الحكماء ورئيس العلماء نعمة الله الجزائري( ٢)، ومحسن المعلم( ٣) ونصها:
"وفي الروايات أن علي بن يقطين، وهو وزير هارون الرشيد قد اجتمع في
حبسه جماعة من المخالفين، وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه وهدموا
سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريبًا، فأرادوا
الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم فكتب عليه السلام:
بأنك لو كنت تقدمت إل ي قبل قتلهم لما كان عليك شيء من دمائهم، وحيث إنك لم
تتقدم إل ي َف َ كفِر عن كل رجل قتلته منهم بتيس والتيس خير منه".
ويبقى السؤال مطروحًا: "لمن ولاء الشيعة؟".
وفي الوقت الذي كان فيه العثمانيون يركزون نشاطهم في شرقي أوروبا
والبلقان، ويبذل المماليك في السنوات الأخيرة من عمر دولتهم محاولات
مستميتة من أجل التصدي للخطر البرتغالي في البحر الأحمر والمحيط الهندي،
كان الشاه إسماعيل الصفوي الشيعي يسعى إلى استغلال الأوضاع القائمة لتحقيق
.( ١) "الحكومة الإسلامية" (ص ١٤٢ )
٣٠٨ )- طبعة تبريز بإيران. / ٢) في كتابه المعروف "الأنوار النعمانية" ( ٢ )
٣) "النصب والنواصب" (ص ٦٢٢ )/ ط دار الهادي – بيروت. )
مقالات في المشكلة الشيعية
53
أطماعه متجاه ً لا المصالح الإسلامية، فرسم سياسته التوسعية على أساس
التحالف مع البرتغاليين في الخليج العربي والتنسيق مع القوى المعادية للدولة
العثمانية ودولة المماليك في مصر والشام، وبعث وفوده إلى أوروبا مفاوضًا
ملوكها للتحالف ضد سلطان مصر واقتسام ممتلكاته، على أن تكون مصر
وفلسطين من نصيبهم، بينما يستحوذ هو على بقية بلاد الشام، وقد تزامنت
.(٢)( مشاريع الشاه هذه مع سعيه إلى انتزاع الأناضول وإنهاء الدولة العثمانية( ١
ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
المحور الثالث: الواقع السياسي المعاصر للشيعة.
نستعرض في هذا المحور محطات من السلوك السياسي لدى الشيعة علها
تفيدنا للإجابة على السؤال: "ولاء الشيعة لمن؟"، مستعرضين الدول العربية التي
يتواجد فيها الشيعة. ونستذكر هنا وصية الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الرئيس
السابق للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، لكافة أفراد الشيعة بضرورة
أوصي أبنائي وإخواني الشيعة الإمامية » : الاندماج الوطني، وعلى حد عبارته
في كل وطن من أوطانهم، وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم أن يدمجوا أنفسهم في
.(٣)« أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم
أو ً لا: العراق
هرب قسم كبير من الشيعة العراقيين لإيران بعد قيام دولة الخميني وأنشئوا
هناك "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" بقيادة محمد باقر الحكيم، وشاركوا في
الحرب ضد بلدهم، وتعذيب الأسرى العراقيين!!
.(٥٦٨- ١) "العراق في التاريخ"، بغداد، دار الحرية، ١٩٨٢ م، ( ٥٦٤ )
٥) مستلة من كتاب "خيانات الشيعة وأثرها في هزائم الأمة الإسلامية" - ٢) تنبيه: النقاط من ( ١ )
للدكتور عماد علي عبد السميع حسين، ونقطة ( ٦) من كتاب "تاريخ الرافضة" ليونس العلي.
٣) "وصايا" شمس الدين، وهي أحاديث سجلها نجله وطبعت عدة طبعات، منها طبعة )
مجانية نشرتها صحيفة القاهرة الأسبوعية.
مقالات في المشكلة الشيعية
54
عاش هؤلاء في إيران لمدة ربع قرن تحت رعاية المخابرات الإيرانية، وقد
تزوج الكثير منهم بإيرانيات، ولما عادوا مؤخرًا للعراق لم يعرف بدقة لمن
ولاؤهم؟
فقد طالب زعيم المجلس الحالي عبد العزيز الحكيم "العراقي" بلده العراق
بدفع تعويضات ضخمة لإيران عن الحرب العراقية الإيرانية، مع رفضه لدفع
تعويضات مماثلة للكويت المعتدى عليها أيضًا من قبل صدام؟؟؟
ودعا عبد العزيز الحكيم إيران للتفاوض مع أمريكا حول العراق! ولا
يعرف بأي صفة يدعو الحكيم إيران لذلك، فهل هو مزدوج الجنسية؟ أم هي
العمالة فقط؟ أم البحث عن مكاسب خاصة؟
وما هي دلالة سكوت مراجع الشيعة وقياداتهم السياسية عن جرائم الاحتلال
ضد المواطنين السنة؟ وفي الجانب الآخر بلغ التغلغل الإيراني في أوساط
المنظمات الشيعية العراقية والمؤسسات الرسمية التي تسيطر عليها حدًا كبيرًا،
حتى أصبح من الدارج التحدث باللغة الفارسية في الوزارات؟
وفي هذا الإطار نفهم كيف وصية المرجع العربي محمد صادق الصدر
"والد مقتدى" لأتباعه باعتماد مرجعية كاظم الحائرى الإيراني في إيران بعد
وفاته؟
وكيف يكون المرجع الكبير السيستانى إيراني الجنسية وهو الذي ينتظر
الجميع رأيه في الوضع السياسي في العراق؟ علمًا بأنه يرفض الجنسية العراقية
للآن!!! الشيعة ذوو الأصول الإيرانية في العراق مع من سيكون ولاؤهم؟
رفض الشيعة تدخل الدول العربية في شؤون العراق مع الترحيب بالتدخل
الإيراني إلى ماذا يرمي؟
لقد تم تعديل قانون الجنسية العراقي فحظر على مزدوجي الجنسية شغل
مناصب سيادية، وذلك بسبب الحيرة في ولائهم، وأغلبهم يحملون الجنسية
الإيرانية!!
مقالات في المشكلة الشيعية
55
يقول الكاتب "رشيد الخيون"- وهو صحفي عراقي شيعي-: "تستدعي هذه
الحال التأمل في صلة منطقتنا ومناطق الشيعة العراقية الأخرى بالدولة، التي
أشار الاختلاف في إعلان العيد إلى سنيّتها، وما يترتب على ذلك من موقف منها
.( ومن دوائرها بين ربوعنا الشيعية، منها تحديها بشعور له خلفيته التاريخية( ١
وكان الخيون يعل ً ق على اختلاف بداية الصوم والعيد بين الشيعة والسنة في
العراق، لارتباط الشيعة بإعلان النجف لذلك!! ويقول أيضًا: "وعمق ذلك من
التمييز بين الطائفة أو المذهب وبين الدولة، يظهر ذلك في ممارسات عديدة
منها، كما أسلفنا، الاستقلال بيوم الفرح، وهو تأخير إعلان العيد، فمثلما لا
.( تشاركهم السّنة في حزنهم السنوي لا يود الشيعة المشاركة في الفرح أيضًا( ٢
ويبقي السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
ثانيًا: لبنان
نشأ حزب الله في إيران بتأثير ولاية الخمينى على الشيعة كافة.
يقول نائب الأمين العام لحزب الله قاسم نعيم: "كان هناك مجموعة من
المؤمنين... تفتحت أذهانهم على قاعدة عملية تركز على مسألة الولي الفقيه
والانقياد له كقائد للأمة الإسلامية جمعاء، لا يفصل بين مجموعاتها و بلدانها أي
فاصل، ... وذهبت هذه المجموعة المؤلفة من تسعة أشخاص إلى إيران ولقاء
الإمام الخميني "قدس" وعرضت عليه وجهة نظرها في تأسيس وتكوين الحزب
.( اللبناني، فأيد هذا الأمر وبارك هذه الخطوات( ٣
وذكرت مجلة الشراع وجود عضوين إيرانيين في قيادة حزب الله( ٤)! فكيف
يستقيم أن يكون حسن نصر الله - وهو زعيم حزب لبناني وأحد زعماء الطائفة
.( ١) كتابه "الأديان والمذاهب في العراق" في فصل الشيعة (ص ٢٢٦ )
.( ٢) (ص ٢٣٠ )
.( ٣) كتاب "المقاومة في لبنان"، أمين مصطفي، دار الهادي (ص ٤٢٥ )
.( ١٩٩٥ ، نق ًْ لا عن "حزب الله"، د. غسان عزي (ص ٣٤ /٨/ ٤) بتاريخ ١٤ )
مقالات في المشكلة الشيعية
56
الشيعية في لبنان - وكي ً لا لمرشد إيران الأعلى علي خامنئي، وقد نشرت له عدة
صور يقبل فيها يد خامنئي، بالرغم من وجود مرجعيات شيعية لبنانية مثل محمد
حسين فضل الله!!
فلو تنازعت لبنان مع إيران كما يبدو في الأفق الآن فلمن سيكون ولاء
نصر الله ومن ورائه الحزب و الطائفة؟
لقد سبق في تاريخ أمل وحزب الله التحاكم إلى القيادة الإيرانية عند
.( الاختلاف فيما بينهم( ١
وكانت قد أعلنت حركة أمل الشيعية في مؤتمرها الرابع في آذار ١٩٨٢
.( أنها جزء لا يتجزأ من الثورة الإسلامية في إيران( ٢
وبسبب تبعية حزب الله لولاية الفقيه، يقرر الباحث الإيراني د. مسعود أسد
اللهي ما يلي: "بما أن حاكمية الخميني كولي فقيه لا تنحصر بأرض أو حدود
معينة فإن أي حدود مصطنعة وغير طبيعية تمنع عمل هذه الولاية، تعد غير
شرعية. لذا فإن حزب الله في لبنان يعمل كفرع من فروع حزب الله الواسعة
الانتشار... الآراء المذكورة آنفًا توضح أن حزب الله كان مستعدًا لإنجاز أي
.( مهمة يأمر بها الولي الفقيه( ٣
ويبقى السؤال مطروحًا": "لمن ولاء الشيعة؟".
ثالثًا: السعودية
لا يزال الناس يذكرون دعوة الخميني لشيعة المنطقة الشرقية عام ١٩٧٩
للثورة على النظام السعودي والثورات التي اندلعت إثر هذا التحريض.
وفي عام ١٩٨٦ نشرت "منظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية"،
والتي رأسها حسن الصفار كتاب "دماء في الكعبة حقائق عن أحداث المسجد
.( ١) "دولة حزب الله"، وضاح شرارة، (ص ١١٩ )
.( ٢) المصدر السابق، (ص ١١٩ )
.( ٣) كتابه "الإسلاميون في مجتمع تعددي" (ص ٣٢١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
57
الحرام سنة ١٩٧٩ "، تمجد فيه جريمة جهيمان في الحرم، وجاء في الصفحة
الأولى منه: "ست سنوات كافية لدراسة الإنتفاضة العظيمة التي فجرها المؤمنون
في مكة"، فلم يجد الشيعة شيئًا يستحق ثنائهم إلا اقتحام الحرم وسفك دماء
المصلين فيه!!
جاء في تقرير مجموعة الأزمات الدولية المعنون ب "المسألة الشيعية في
السعودية" ونشره موقع راصد "الشيعي" عن تكوين القيادات السياسية لشيعة
السعودية ما يلي: "أما القيادة الشيعية السياسية النشطة والتي تدير دفة الوسط
السياسي الشيعي فقد تبلورت في الخارج بالتزامن مع اتجاهات أكثر انفتاحا في
المشهد الشيعي في الستينات والسبعينات. وأبرزها الدعوة إلى قوة سياسية أعظم
تحت سلطة ولاية الفقيه الصادرة عن الإيراني آية الله روح الله الخميني ...
وأمضى نشطاء عراقيون شيعة ومناضلون من حزب الدعوة تحديدًا بعض الوقت
في الكويت ومارسوا تأثيرهم على نظرائهم السعوديين ...، فظهرت في عام
١٩٨٧ أعداد قليلة من حزب الله في العربية السعودية؛ وبمساعدة إيرانية كما
أشيع، سافر مناضلون كما قيل إلى إيران ولبنان، حيث يزعم أنهم تلقوا تدريبات
في معسكرات حزب الله ...".
وعن تطلعاتهم السياسية قال التقرير: "وسواء أقنع ذلك بقية السعوديين أم
لا، يبقى هنالك وبقوة قناعات ملتبسة في أوساط السنة، من أن الشيعة يصارعون
الوقت للحصول على الدعم الخارجي - من الولايات المتحدة أو غيرها - لإقامة
دولتهم المستقلة.
و سئل ال صفار عن فترة إقامته بإيران، وهل تمكن نظام الخميني من
استغلاله ضد وطنه، أجاب قائ ً لا: "لم يبدِ الإيرانيون اهتمامًا بالوضع في المملكة
.( إلا بعد ما حصل في مكة "للإيرانيين" في حج عام ١٤٠٨ ه"( ١
١) في مكاشفته مع عبد العزيز القاسم. )
مقالات في المشكلة الشيعية
58
ومعلوم أن الإيرانيين هم الذين اعتدوا على حرمة بيت الله الحرام
والمحرمين من الحجاج!!
ونشر منتدى "واسم" التابع لشيعة السعودية، كتابات عديدة تعبر عن فرحها
بوفاة الملك فهد بن عبد العزيز، ويظهر منها الشماتة بهذا المصاب والدعاء على
الملك فهد بالعذاب والنار!! وحسن الصفار هو مستشار للموقع، ومن كتاب هذا
المنتدى الصحفي الشيعي بجريدة الرياض محمد رضا نصر الله.
وفي عام ٢٠٠٥ ، أعلنت مكتبة مسجد الزهراء بقرية الشعبة عن إقامة حفل
تأبين للخمينى في ذكرى وفاته!!
كما أعلن في جزيرة تاروت - إحدى نواحي القطيف - عن إقامة مهرجان
أنوار العروج بمناسبة ذكرى رحيل الخميني، مع أن الخميني يصرح بلعن
وكفر الدولة السعودية!!
ونشرت مجلة "الجسور"( ١) مقابلة مع حسن الصفار جاء فيها قوله عن
إيران: "في البداية ليس الشيعة هم الذين يسألون: لماذا لديهم تدفق عاطفي نحو
إيران؟ وإنما الأخوة المعترضون يسألون: لماذا هم لا تتدفق عواطفهم نحو
إيران؟".
وعن تصدير الثورة قال: "تصدير الثورة هذا موضوع سياسي وخاطئ،
وإيران تراجعت عنه. ثم هو لم يكن سياسة عامة، كان مج رد تصريحات خاطئة
تراجعت عنها إيران، فلا يلام الشيعة على عواطفهم نحو إيران وإنما يلام الذين
لا يبدون تعاطفًا مع إيران. هم يجب أن يسألوا هل هذا من منطلق طائفي؟
إذن هم طائفيون لأنهم لم يتعاطفوا مع إيران، أما الشيعة عندما تعاطفوا مع
إيران فهم منسجمون مع وجدانهم ومع عواطفهم الدينية والإنسانية. هناك أخطاء
حصلت عند الإيرانيين نحن لا ننزه الإيرانيين عن الأخطاء، وهم يعترفون بأنهم
٢٠٠٤ م. /٠٥/ ١) عدد ٢١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
59
حينما جاءوا إلى الحكم لم تكن لديهم خبرة سياسية، ولم توجد لديهم كذلك تجربة
سابقة".
وشهدت مدينة العوامية بالقطيف تعليق صور قيادات شيعية إيرانية ولبنانية
في الشوارع العامة على اللوحات المرورية بشكل غريب!!
وذكرت مجلة المراقب العربي( ١)عن نية المعارضة الشيعية السعودية إنشاء
قناة فضائية ، وسيكون التمويل من شخصية دينية إيرانية كبيرة!!
ونشرت وكالة الأنباء الشيعية تصريحات لزعماء شيعة السعودية تشير
لقرب تحسن أوضاع شيعة السعودية وذلك بعد الصعود السياسي لشيعة
!!( العراق( ٢
وفي عام ١٩٩١ أصدرت رابطة عموم الشيعة في السعودية كتاب "الشيعة
في السعودية الواقع الصعب والتطلعات المشروعة"، تغافلت فيه عن مواقف
الشيعة تجاه اعتداءات إيران على الحجاج والحرم المكي في فصل "المواقف
الوطنية للشيعة" فعددت مواقف الشيعة من زمن القرامطة حتى عام ١٩٨٠
فقط؟؟؟؟ ومن ثم قفزت لاستنكار غزو العراق للكويت؟؟؟
ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
رابعًا: البحرين
من المقرر لدى كافة الباحثين أن نجاح ثورة الخميني كان سببًا في ظهور
حركات سياسية شيعية في البحرين، تدين بالولاء لإيران وتعمل لنقل الثورة
الإيرانية إليها، ولجأت إلى أساليب العنف والإرهاب المسلح، ولا زالت هذه
الحركات موجودة على الساحة السياسية لكن بواجهات جديدة، انسجمت مع
الإصلاحات السياسية التي أنجزها الملك حمد آل خليفة.
. ١) عدد أكتوبر ٢٠٠٥ )
.٢٠٠٥/ ٥/١٤ ،٥/١٢ ،٤/ ٢) الوكالة الشيعية ٢٥ )
مقالات في المشكلة الشيعية
60
ومن الحركات التي كانت قد تبنت العنف المسلح "الجبهة الإسلامية لتحرير
البحرين" لإسقاط سلطة آل خليفة، بدعم من إيران، وحين أعلن ملك البحرين
الجديد الشيخ حمد عن مشروعه الإصلاحي في عام ٢٠٠٠ ، رفضت هذه الجبهة
في البداية هذا المشروع وحرضت الشعب على رفضه والاستمرار في نهج
.( المقاومة، ومن ثم عادت وشكلت جمعية العمل الإسلامي( ١
والغريب أن الاسم الجديد هو نفس اسم التنظيم الذي يتبع للمرجع الشيعي
العراقي هادي مدرسي في العراق "منظمة العمل الإسلامي"، والمدرسي هو من
مؤسسي "الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين".
ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
ومن الحركات التي ظهرت بعد ثورة الخميني "حركة أحرار البحرين
الإسلامية"، وكان مركزها لندن، وقد اتخذت موقفًا رافضًا لإصلاحات ملك
البحرين وأطلقت عليها تسمية "الميثاق الخليفي"، ولكنها عادت وأعطت أعضاءها
.( الحرية في التصويت على الميثاق، وكونت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية( ٢
وفي عام ١٩٩٦ ألقت السلطات البحرينية القبض على أعضاء "حزب الله
البحريني" والذين كانوا وراء أعمال العنف أثناء الانتفاضة الدستورية، و "حزب
.( الله البحريني" أحد فروع حزب الله الإيراني العالمي( ٣
من الشعارات التي رددها الشيعة في تاريخهم السياسي "بالعلم والعدد سنحكم
البلد"، ولذلك شهدت البحرين في الستينات من القرن الماضي حركة هجرة
.( إيرانية للبحرين مع تجنيسهم( ٤
ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
.( ١) "الحركات والجماعات السياسية في البحرين"، د. فلاح المديرس (ص ٩٩ )
.( ٢) المصدر السابق، (ص ١٠٥ )
.( ٣) المصدر السابق، (ص ١٠٧ )
.( ٤) "وجاء دور المجوس" (ص ٣١٦ )، مجلة الوطن العربي عدد ( ١٤٦٢ ) (ص ٣٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
61
ما هي الدلالات التي يفهمها الجميع من رفع صور قيادات إيران في
مسيرات شيعة البحرين؟؟ وما هو المقصود من تصريحات الشيخ البحريني "خالد
منصور سند" وهو مدرس بالحوزة في مدينة قم والتي أطلقها من إيران بتاريخ
٢٠٠٥ طالب فيها الأمم المتحدة بإصدار تقرير حول مستقبل البحرين، /١٢/٢٦
وحين أوقفته السلطات في مطار البحرين، قام أتباعه بأعمال شغب وتكسير
لقاعة الاستقبال في المطار؟؟
ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
وما هي دلالات المطالبة بأن يضاف للدستور البحريني مادة تنص على
الرجوع للمرجعية الشيعية العليا، وذلك في موضوع قانون الأحوال الشخصية،
كأحد حلين للنزاع، ولن يتم تحديد اسم المرجعية في الدستور لغرض عدم تقييد
الاتفاق بمرجعية زمانية ومكانية محددة في حال تغير المرجعية مستقب ً لا. وطبعًا
لن يكون المرجع بحرينيًا!!!! ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
قال وزير الدفاع البحريني ردًا على سؤال حول العلاقات مع إيران:
"...عن أي إيران تتكلم ...إيران التي ترغب في مد يد التعاون ... فإننا نرحب
بذلك، أما إذا كان الحديث عن النظرة الإيرانية القديمة المعروفة فإننا دون شك
ضد هذا ... إن أصحاب التوجه الثاني في إيران لديهم برامجهم لمساعدة
.( المجموعات الموجودة في لبنان والبحرين.."( ١
كيف يسوغ رفض مشاركة شيعة البحرين في المجلس الأعلى للشؤون
الإسلامية البحريني استنادًا إلى فتاوى صادرة من "قم والنجف" تحرم التعامل مع
المجلس؟( ٢)، وذلك لبقاء مؤسسات الطائفة بمعزل عن سلطة الدولة.
ويبقى السؤال " لمن ولاء الشيعة ؟ "
.٢٠٠٢/٧/ ١) الشرق الأوسط ١٧ )
.( ٢) الوطن العربي عدد ( ١٤٤٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
62
خامسًا: الكويت
ألم يصدر شيعة الكويت بيانًا بسبب منع الكويت دخول الخميني إليها بعد
طرده من العراق تحت عنوان "حين تكون الكويت محمية إيرانية" مليء بالشتم
.( والتحقير لأمير الكويت( ١
وقد شهدت الكويت في الثمانينيات من العقد الماضي العديد من أعمال
العنف والإرهاب التي نفذها "حزب الله – الكويت" تحت مسميات عديدة شملت
تفجيرات للمنشآت النفطية والحكومية ومحاولة اغتيال للأمير.
وبعد التحرير سمحت الحكومة بعودة بعض رموز هذا الحزب، وبقي قسم
من هذا الحزب على مواقفه من الكويت ونقل مركزه الإعلامي من طهران إلى
لندن، والغريب أن القوى السياسية الشيعية لم تشجب أعمال هذا الحزب
!( ومواقفه( ٢
لقد شارك بعض شيعة الكويت في أحداث العنف والإرهاب ضد الحجاج في
مكة في الثمانينات والتي نظمتها الاستخبارات الإيرانية، ولا تزال بعض
المجموعات الشيعية تمجد هذه المجموعة وتعتبرها "شهداء"!!
وفي موسم انتخابات ٢٠٠٤ استدعت الخارجية الكويتية القائم بالأعمال في
السفارة الإيرانية احتجاجًا على عقد اجتماعات سرية بين مسؤولين إيرانيين
ومندوبين عن التحالف الوطني الإسلامي "الذراع السياسي لحزب الله – الكويت"
لبحث نتائج مرشحي الحزب في الانتخابات النيابية وكيفية الوصول للبرلمان،
وتناولت الاجتماعات تحسين العلاقات مع بعض المجموعات الشيعية الكويتية
.( الأخرى( ٣
ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
.( ١) "وجاء دور المجوس" (ص ٣٤٠ )
.( ٢) "الحركة الشيعية في الكويت"، د فلاح المديرس ، (ص ٦٤ ،٢٩ )
.٢٠٠٤/٥/ ٣) جريدة الوطن، الوكالة الشيعية للأنباء ١٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
63
رفض شيعة الكويت رقابة وإشراف الدولة على الأوقاف الشيعية أسوًة
بالأوقاف السنية، بحجة أن الوقف من صلاحية المتولي أو الحاكم الشرعي وهو
مرجع التقليد، حسب فتوى السيستاني.
ويبقى السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
ومؤخرًا، استفز جماعة حزب الله في الكويت مشاعر الكويتيين بتأبين عماد
مغنية المسؤول العسكري لحزب الله اللبناني والمسؤول عن اختطاف طائرة
الجابرية الكويتية قبل عشرين عامًا.
وختامًا:
من المعلوم للباحثين أن إيران في سياستها الخارجية تنطلق من منطلقات
شيعية فارسية، أي من منطلقات دينية قومية، ويتجلى ذلك بتمسكها بكل المظالم
السياسية لنظام الشاه، كما في موضوع الجزر الإماراتية واضطهاد عرب
الأحواز، وغيرها.
وتذكر الباحثة نيفين مسعد أن هناك اتفاقًا بين مختلف الأجنحة والتيارات في
إيران مفاده "ما حصل عليه الشاه لا تتنازل عنه الجمهورية الإسلامية"!!!
ولكن السؤال ما هو مواقف الشيعة العرب تجاه هذه المظالم الشيعية؟؟
والاحتلال الإيراني الشيعي لأرض عربية؟؟؟
فهل بعد كل هذا وصلنا للجواب على السؤال: "لمن ولاء الشيعة؟".
مقالات في المشكلة الشيعية
64
( من هم النواصب فع ً لا؟( ١
قبل بضعة سنوات وفي موسم الحج وبعد أن أنهينا رمي الجمرات وتوجهنا
في سيارة الأجرة من منى إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، كنا ثلاثة أصدقاء
وركب معنا بعض الحجاج، وفي الطريق بادرنا أحد الحجاج بالسؤال عن بلدنا،
ومن لكنته عرفت أنه إيراني، وحين أخبرناه عن بلدنا سألنا مباشرة عن حبنا لآل
فبادر صاحبي لإجابته وكان حاد الطبع، لكنى أشرت إليه أن يترك لي ، النبي
الحديث معه، وذلك لأننى شعرت بأنه معبأ بفكرة معينة ويريد التأكد منها!
ومن حبنا لآل بيت النبي التسمي ، أجبته نحن نحب آل بيت النبي
بأسمائهم، حتى أن ملك الأردن اسمه الحسين وأخوه الحسن وابنه علي، فظهرت
الدهشة على وجهه واضحة، وتابعت معه أن أسماء آل البيت رجا ً لا ونساءً
منتشرة بين أهل السنة في كل مكان، فأسماء الحسين والحسن وعلى وجعفر
وعباس، وفاطمة وزينب لا يكاد يخلو منها بيت سّني، وأضفت له قائ ً لا: ورغم
أننا أهل السنة لا نكفر ولا نشتم معاوية أو يزيد – مع يقيننا أن الحق كان مع
إلا أنه من النادر أن تجد من تسمى باسم معاوية أو يزيد حتى في – علي
بلاد الشام التي كانت مقر خلافتهما، وهنا زاد تعجبه!!
وأردفت له قائ ً لا: ولكننا نحن نعتب عليكم معشر الشيعة، أنكم لا تتسمون
ولا زوجاته رضي الله عنهن، فلماذا؟؟ بأسماء أصحاب النبي
لماذا تخلو إيران وسائر التجمعات الشيعية من أسماء العشرة المبشرين
بالجنة وأمهات المؤمنين وسائر الصحابة؟؟
هنا نظر الرجل إلى صاحبه وتحدث معه بالفارسية، ويبدو أنه أعلم منه لأنه
قال لي بعدها: "ما تقوله صحيح"! وحينها أدركت صدق شعوري نحوه، وأنه
معبأ بفكرة أن أهل السنة لا يحبون آل البيت، وأن الرجل صاحب فطرة سليمة
١) نشرت في موقع المسلم. )
مقالات في المشكلة الشيعية
65
لكنه ملبس عليه بالدعاية الطائفية، ولعله لم يسبق له الحديث مع أحد من أهل
السنة ليوضح له مقدار تعظيم وتبجيل آل البيت عند أهل السنة، لذلك واصلت
الحديث معه لأوضح له مقدار الباطل الذي عبأ به تجاه أهل السنة، فقلت له:
نحن نعتب عليكم في إيران أن طهران تتسع لسبعة كنس يهودية وعدة معابد
مجوسية وتضيق عن مسجد واحد لأهل السنة! فأنكر محدثي قولي هذا، وحين
أكدته له سأل بالفارسية صديقه أو شيخه فأكد كلامي، وهنا تدخل صديقه وسألني
عن دراستي وثقافتي لتحويل وجهة الحديث حتى لا أفسد صاحبه بكشف ضلال
فكرة أن أهل السنة يكرهون آل البيت.
هذه الحكاية تذكرتها حين قرأت قبل أيام خبر النائب الشيعي في البرلمان
البحريني الذي أتهم أحد أعضاء البرلمان من السنة بأنه "ناصبي" وحين طلب
منه الاعتذار زاد: "أن أئمة الحرمين الشريفين هم أيضًا نواصب"، ومصطلح
"النواصب" عند الشيعة يقصدون به أن صاحبه قد نصب العدواة لأهل البيت، في
حين أنهم يطلقونه على عموم أهل السنة!
وللشيعة روايات في النواصب تشيب لها الرؤوس؛ فهم عندهم أنجاس ّ كفار
أشر من اليهود والنصاري، وليس العجيب وجود هذه الروايات المغالية في
التراث الشيعي، لكن العجيب هو غياب أصوات الاعتدال التي ترفض هذه
الروايات وما ينبني عليها من عقائد ومواقف!!
ففي الوقت الذي تجد علماء من الشيعة يؤلفون كتبًا؛ مثل محسن المعلم
مؤلف كتاب "النصب والنواصب"، يجعل كافة أهل السنة من النواصب الأشرار،
لا تجد كتابًا شيعيًا واحدًا واضحًا وصريحًا في نفي هذه الأفكار والتبرؤ من
أصحابها!!
نعود للنائب البحريني والذي هو أحد شيوخ شيعة البحرين ويننتمي لكتلة
الوفاق الشيعية، فإذا كان هذا هو فكر وموقف الشيخ والنائب الذي يفترض فيه
أنه حريص على الروح الوطنية ويؤمن بالتعددية، فماذا ستكون حقيقة مواقف
مقالات في المشكلة الشيعية
66
الآخرين الذين يعملون في الخفاء وخلف الستار؟؟ ما نفتقده في الطرف الشيعي
الرسمي والشعبي، هو المواقف البسيطة والواضحة والتي فعلا تعبر عن رغبة
حقيقية بالوحدة والتعاون.
في مؤتمر الإسلام المدني الذي عقد في ع مان العام الماضي، كان من
المشاركين الشيخ محمد شريعتي النائب بالبرلمان الإيراني والمستشار الثقافي
السابق لإيران في سوريا، وفي لقاء جانبي سألته: لماذا لا يصدر مراجع الشيعة
بيانًا صغيرًا وواضحًا حول رفض فكرة تحريف القرآن وكفر الصحابة وأن من
قال بهذا قديمًا أو حديثًا ليس من الإسلام في شيء، وبذلك نسد الطريق على من
يكفرون الشيعة من أهل السنة؟؟
فكان جوابه صدمة لي حيث قال: إن هذا يحتاج أشياء كثيرة ويصعب حاليًا
تنفيذه!!
فاستغربت جوابه وقلت له: إذًا لماذا تخلو طهران مسجد لأهل السنة وفيها
أربعة كنس يهودية – وقد تعمدت تقليل الرقم – وهنا صحح لي المحلل
والصحفي الإيراني شمس الواعظين وكان حاضرًا أنها سبعة كنس وليست
أربعة، ومرة أخرى لم يجب شريعتي عن السؤال واستأذن بالانصراف.
وهنا يثور سؤال: مَن الذي ينصب العدواة لآل البيت فع ً لا؟ أهل السنة الذين
يحبونهم ويقدرونهم دون غلو فاحش، أم الذين يزعمون محبتهم ومن ثم يغلون
فيهم فيجعلونهم ركنًا من أركان الدين! ويعطونهم صفات الربوبية كالرزق
والشفاء والضر والنفع! والذين دعوا الحسين للكوفة لنصرته وحين أرسل لهم في
البداية ابن عمه مسلم بن عقيل خذلوه وسلموه لأعدائه، وحين قدم الحسين بنفسه
إليهم ورأوا الذهب وأعطيات الوالى تحولوا إلى أعداء له فحاصره وقتله شيعة
الكوفة، الذين يقوم أحفادهم لليوم بالتكفير عن جريمتهم هذه بإسالة دمائهم في
عاشوراء، في مخالفة جديدة لنهج آل البيت الذين يرفضون هذه الهمجية المنافية
لروح الإسلام، ولكنها تليق بالنواصب!!
مقالات في المشكلة الشيعية
67
( أين عقلاء الشيعة؟؟( ١
في تحذير الملك عبد الله الثاني من خطورة الهلال الشيعي القادم الذي
تسعى إيران لإقامته بعد نظر وإدراك تام لما يقوم به تيار قوي ومسيطر في
الوسط الشيعي ليس في العراق فحسب، بل في المنطقة العربية كاملة وبعض
الدول الإسلامية، ولذلك كانت ردة فعل هذا التيار الاستنكار والتنديد بهذه
التصريحات؛ لأنها فضحت مخططاتهم وأظهرت نواياهم.
ويسعى هذا التيار للاستفادة من حالة الانشغال بمعالجة الوضع في العراق
من قبل الدول المجاورة والقوى الدولية، ليرسخ على الأرض مكتسبات يصعب
التنازل عنها، أو لتكون ورقة ضغط ومساومة في مرحلة قادمة.
ومن هذه الممارسات يمكن أن نعدد ما يلي:
١. محاولة إعلان دولة شيعية في اليمن بقيادة الحوثي.
٢. المبالغة الخيالية في مطالب السياسية لشيعة السعودية وخصوصًا بعد
الاحتلال الأمريكي واستيلاء الشيعة على العراق.
٣. محاولات شيعة البحرين زيادة نفوذهم واستغلال المناخ الديمقراطي،
وأعمال الشغب وتجاوز القانون عقب اعتقال عبد الهادي الخواجة عام
٢٠٠٤ م مثا ً لا لذلك.
٤. تكرار تهجم شيعة الكويت على المقدسات والرموز الإسلامية مثل الخلفاء
الراشدين؛ أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وآخرها الهجوم على أم
المؤمنين عائشة.
٥. طلب شيعة الكويت تدريس الفقه الجعفري والانفصال عن وزارة
الأوقاف.
٦. الاغتيال اليومي لرموز وأفراد أهل السنة في العراق.
١) نشرت في مجلة "الراصد" العدد ( ١٨ )، ذي الحجة ١٤٢٥ ه. )
مقالات في المشكلة الشيعية
68
٧. حادثة تجنيد عملاء للحرس الثوري في مصر لضرب العلاقات المصرية
السعودية.
٨. تزوير البطاقات الانتخابية في العراق لمصلحة الشيعة.
٩. إغراق العراق بالإيرانيين وتجنيسهم.
١٠ . التخلي الواضح عن المصلحة العراقية الوطنية العامة والجرى وراء
المكاسب الطائفية الخاصة وإيران.
فبعد هذه الممارسات، ألا يحق لل سنة وزعمائهم التحذير من خطر سيطرة
هذه القوى على العراق؟؟ ونتساءل أين العقلاء في الشيعة والمعتدلون؟ أين هم
مما يجرى؟ أم هم مؤيدون لذلك؟ لماذا لا يكون هناك موقف واضح وبارز
ومعلن يقول للمخطئ أخطأت وللمصيب أصبت؟؟
نطالب العقلاء في الشيعة بالمبادرة لنزع فتيل الطائفية من المنطقة من
خلال مواقف ناضجة ومعلنة وواضحة في القضايا التالية:
١. التبرؤ من القائمين على محاولات المساس بالأمن الوطنى للدول العربية
علنًا وضرورة إظهار الولاء للدول التي يقيمون فيها بدلا من الولاء لدول
أخرى.
٢. إصدار وثيقة من كافة المراجع الشيعية تؤكد على المشتركات الإسلامية
التي ينتهكها بعض الشيعة، وبيان أن من ينتهك هذه المشتركات يخرج
عن دين الإسلام قديما وحديثا سنيا كان أو شيعيا وهذه المشتركات هي:
• سلامة القرآن من التحريف أو النقص أو الزيادة.
• آل البيت رضوان الله عليهم هم أول من دعا للتوحيد ودافع عنه وهم لا
يرضون بما يفعله بعض الناس من الغلو فيهم وإعطائهم صفات الربوبية
والألوهية.
• الإقرار بإيمان كافة الصحابة رضوان الله عليهم وزوجات النبي عليه
السلام وطهارتهم من الشرك والبدع.
مقالات في المشكلة الشيعية
69
٣. الوقوف في الصف الإسلامي ضد الأعداء ولو كان فيه ذهاب بعض
المكاسب للطائفة.
٤. تقديم دليل عملي على حسن النوايا تجاه الدول السنية المجاورة بمناشدة
إيران إنهاء احتلال الجزر الإماراتية الثلاث والكف عن التدخل في
شؤون الدول المجاورة.
هذا أقل ما يجب على عقلاء الشيعة أن يفعلوه اليوم فهل هم فاعلون؟ أم
أنهم راضون بما يفعل السفهاء والمجانين؟
مقالات في المشكلة الشيعية
70
نسبة أهل السنة في إيران:
تعاني قضية نسبة أهل السنة في إيران من إجحاف من كافة الأطراف،
فغير المعنيين بهذه القضية يروجون نسبة مغلوطة بناء على الدعاية الإيرانية،
والمناصرون لأهل السنة في إيران لم يبذلوا الجهد المطلوب لبيان حقيقة حجم
أهل السنة في إيران ومدى الظلم الواقع عليهم؛ رغم أن أهل السنة هم الأصل
في سكان إيران على تعدد قومياتهم والتشيع هو الطارئ على إيران قبل
خمسمائة سنة فقط، وذلك حين قام الشاه إسماعيل الصفوي ذو الأصول
الأذربيجانية بإنشاء الدولة الصوفية في إيران سنة ( ٩٠٧ ه/ ١٥٠١ م)، وتحويل
!!( سكان إيران بالسيف والقتل من المذهب الشافعي إلى التشيع( ١
ومن أمثلة هذا التقصير بحق أهل السنة في إيران بحث "تأثير انتخاب
الرئيس أحمدى نجاد على أوضاع أهل السنة في المنطقة" للدكتور محمد سعيد
مؤمن في التقرير الإرتيادي الثالث لمجلة البيان.
ولكونه قد اعتمد في هذه القضية الحساسة على باحثين لا يدركون ولا
يحملون منهج أهل السنة ترتب على ذلك قصور واضح في ناحيتين هما:
١. تمرير بعض المعلومات المجحفة بحق أهل السنة، كمسألة نسبة أهل السنة
في إيران، الذين يعانون من تهميش بالغ أص ً لا، فيأتي تقرير أهل السنة
داعمًا لمؤامرة الروافض الصفويون! وخاصة في هذه الأيام التي تشهد
مبالغات خيالية في نسب الشيعة في كل مكان بصورة غير طبيعية.
٢. تسليم عقول شباب أهل السنة لبعض "المختصين" في القضايا السياسية،
وبعضهم من خلفيات فكرية متقاطعة مع الإسلام، أو تاب قريبًا لكن
.( ١) "عودة الصفويين" عبد العزيز المحمود، (ص ٧ )
مقالات في المشكلة الشيعية
71
منهجيته الفكرية السياسية هي نفس المنهجية القديمة! ولولا تقديم التقرير
والبيان لهم لما أعطاهم شباب أهل السنة أي اهتمام أو وزن.
والآن وقت الشروع في بيان حقيقة نسبة أهل السنة الحقيقية في إيران:
١. المؤرخ محمود شاكر، في سلسلة "مواطن الشعوب الإسلامية"،
.% (مجلد/ ١٣ - إيران)، طبعة ١٩٨٦ م، (ص ٩٣ )، يقول: نسبة السنة ٣٦
وفي كتابه "التاريخ الإسلامي" (مجلد/ ١٨ )، (ص ١٦٢ )، يقول: نسبة أهل
.% السنة ٣٥
٢. الصحفي رياض نجيب الريس، في كتابه "العرب وجيرانهم"، طبعة
.% ١٩٨٨ م، (ص ٩٧ )، ينص على أن نسبة السنة ٣٥
٣. الأستاذ عبد الله محمد الغريب، في كتابه "أحوال أهل السنة في إيران"،
طبعة ١٩٩٠ م، (ص ١٨ )، يقول تتفاوت نسبة السنة في إيران بين:
.[ ٣٥ %. [انظر: ص ٢٠٣ ،٢٠١ ،١٢٦ ،١٥٠ ،١٤٠ ،٢٥ ،%٣٠ ،%٢٥
٤. في كتاب "ماذا يجري لأهل السنة في إيران"، إعداد مجموعة من علماء
أهل السنة، طبعة ١٩٨٦ م، (ص ٦)، يقررون أن نسبة أهل السنة الثلث.
وهو من منشورات مجلس علماء باكستان.
٥. كتاب "أهل السنة والجماعة في إيران" لمهاجر من أحفاد سلمان، طبعة
١٤١٥ ه، ص ٤٣ ، يذكر أن نسبة أهل السنة ٣٥ %. وهو من
منشورات المركز الإسلامي بلوشستان - باكستان.
٦. عبد الحق الأصفهاني، في كتابه "أحوال أهل السنة في إيران"، بدون سنة
طبع، (ص ١١ )، ينص أن نسبة أهل السنة ٢٠ % وقد تزيد.
٧. أما د. زيد العيص فقد فصل في نسبة أهل السنة في إيران وفي الظلم
الواقع عليهم وتفاصيل أوضاعهم البائسة في كتابه "كتاب الخميني الوجه
مقالات في المشكلة الشيعية
72
الآخر"( ١)، وسنقتصر على كلامه على نسبة أهل السنة في إيران وأماكن
تواجدهم، فيقول: لقد خضع عدد أهل السنة في إيران إلى التقليل، المؤذن
بالتضليل، فقد ذكر بعضهم( ٢)، أن عددهم لا يتجاوز المليون من أصل
مجموع السكان الذي يقارب الواحد والثلاثين مليون نسمة، فتكون نسبتهم
،( ٣% فقط، وقد ذكر آخرون أن عددهم قرابة سبعة ملايين ونصف( ٣
% ويشكلون سبعة عشر بالمائة من عدد السكان والحق أنهم يشكلون ٣٥
من عدد السكان.
إن عدد أهل السنة في إيران أكثر بكثير من هذه التوقعات، وقد ذكر الأستاذ
محمود شاكر أرقامًا دقيقة معتمدًا على إحصاء سنة ( ١٣٩٩ ه - ١٩٧٩ م)،
الذي أظهر أن عدد سكان إيران ( ٣٨,٦٦٠,٠٠٠ ) موزعون على النحو التالي:
.(% ١. الإيرانيون وعددهم ( ٢٤,٤٢٠٠٠٠ ) ونسبتهم ( ٦٣
.(% ٢. الأتراك وعددهم ( ٧,٨٢٠٠٠٠ ) ونسبتهم ( ٢٠
.( % ٣. العرب وعددهم ( ٢,٧٠٠,٠٠٠ ) ونسبتهم ( ٧
.( % ٤. الأكراد وعددهم ( ٢,٣١٦,٠٠٠ ) ونسبتهم ( ٦
.( % ٥. البلوش وعددهم ( ٧٧٢٠٠٠ ) ونسبتهم ( ٢
.(٤)(% ٦. جماعات أخرى وعددهم ( ٦٣٢٠٠٠ ) ونسبتهم ( ٢
فيكون عدد الشيعة الذين عبر عنهم بالإيرانيين ( ٢٤,٤٢٠٠٠٠ )، ونسبتهم
٦٣ %)، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض هؤلاء الإيرانيين من أهل السنة، ولا )
١) تجده على هذا الرابط كام ً لا: )
www.alrased.net/show_topic.php?topic_id=409&PHPSESSID=68dab8b
4c2e606356d7b1aa8eb41dc95
٢) "العالم الإسلامي المعاصر" (ص ٣٣ ) د. جمال حمدان. )
.( ٣) ذكر هذا الأستاذ فهمي هويدي في كتابه "إيران من الداخل" (ص ٣٥١ )
.( ١) "إيران"، محمود شاكر (ص ٩) من سلسلة "مواطن الشعوب الإسلامية" رقم ( ١٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
73
(% يؤثر ذلك على النسبة التي ذكرت، لأن ضمن الفئات الأخرى السنية نسبة ( ٢
من الشيعة تقريبًا، هم الأتراك، والعرب، والأكراد، والبلوش. وعددهم
١٣,٦٠٨,٠٠٠ ) نسمة ونسبتهم ( ٣٥ %)، والمنتمون للديانات الأخرى عددهم )
٦٣٢٠٠٠ ) نسمة ونسبتهم ( ٢%)؛ منهم ( ١٠٠ ) ألف نصراني، و( ٢٥ ) ألف )
يهودي، و( ١٢ ) ألف مجوسي، وسنرى أن لهذه الفئات القليلة حقوقًا في مجال
العبادة، ليست لأهل السنة، الذين يشكلون أكثر من ثلث السكان، ويزيدون على
نصف عدد الشيعة.
يتوزع أهل السنة في إيران على مناطق مختلفة، فالأتراك يسكنون
أذربيجان، وخراسان، والعرب يسكنون منطقة الأهواز جنوب إيران، في حين
يسكن الأكراد منطقة كردستان في الشمال الغربي من إيران، أما البلوش
فيسكنون منطقة بلوشستان، على حدود الباكستان، ويسكن التركمان في شمال
إيران.
ويظهر لنا أول خيوط هذه المأساة بالموازنة بين النسبة التي قدرناها لأهل
السنة وهي ٣٥ %، والنسب التي ذكرها بعض الباحثين، بخاصة أولئك الذين
نظروا إلى الحقوق الممنوحة لأهل السنة في ضوء هذه النسب ومنهم الأستاذ
فهمي هويدي الذي يرى أن نصوص الدستور الإيراني حفظت حقوق أهل السنة
بصورة مقبولة إلى حد كبير( ١)، وسنراه ينقض كلامه هذا عندما يقف بنفسه على
الواقع في بعض المجالات.
ومما ينبغي ذكره في هذا المقام أن أهل السنة كانوا الأكثرية في إيران إلى
عهد قريب، وكان الشيعة أقلية، محصورة في بعض المدن الإيرانية، مثل: قم،
وقاشان أوكاشان، ونيسابور، ولما وصل الشاه إسماعيل الصفوي إلى الحكم سنة
.( ٢) "إيران من الداخل" (ص ٣٥٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
74
٩٠٧ ه، أجبر أهل السنة على التشيع حين خيرهم بينه، وبين الموت، وكانت
وراء هذا الملك قوى شيعية كبرى تحركه.
وقد اعترف بهذه الحقيقة عالم شيعي كبير إذ يقول: "وفي عام ٩٠٧ ه،
استطاع الشاه إسماعيل أن ينصب نفسه ملكًا على إيران بعد أن كانت الحروب
العثمانية قد أنهكت إيران تمامًا، ولا شك أنه كانت وراء الشاه إسماعيل الذي
ت وج رسميًا، وهو بعد في سن الثالثة عشر قيادات صوفية( ١) تحرك الملك الفتي
إلى مآربها... ولم تكن إيران شيعية عند استلام الشاه إسماعيل السلطة، اللهم إ ّ لا
مدنًا قليلة، منها قم، وقاشان، ونيسابور، فأعلن الشاه المذهب الشيعي مذهبًا
رسميًا لإيران. وبدأت جحافل الصوفية تتحرك بين المدن الإيرانية تنشد الإشعار
والمدائح، في حق علي، وأهل بيته، وتحث الناس على الدخول في المذهب
الشيعي. وأعمل الشاه إسماعيل السيف في رقاب الذين لم يعلنوا تشيعهم... ثم
قال: ومن طريف القول أن نذكر هنا أن سكان مدينة أصفهان كانوا من
الخوارج، وعندما وصلهم أمر الشاه بقبول التشيع أو قطع الرقاب طلبوا منه أن
يمهلهم أربعين يومًا ليكثروا فيها سب الإمام علي ثم يدخلوا في المذهب الجديد
.( فأمهلهم الشاه كما أرادوا، وهكذا انضمت أصفهان إلى المدن الشيعية الأخرى"( ٢
وهذه بعض الروابط المهمة حول الموضوع:
http://www.khabat.org/a.sunneh.htm
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86_
%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86
١) وهي قيادات شعبية استغلت انتشار الصوفية وحب آل البيت فروجت للمذهب الشيعي. )
٧١ )، د.موسى الموسوي. - ٢) "الشيعية والتصحيح" (ص ٧٠ )
مقالات في المشكلة الشيعية
75
الباب الثاني
حلول للمشكلة الطائفية
• من الخبرة الإسلامية في التعامل مع المشكلة الطائفية
• الطائفية ومشجب الصهيونية
• حتى نتجنب الصراع الطائفي في العراق؟
مقالات في المشكلة الشيعية
76
مقالات في المشكلة الشيعية
77
( من الخبرة الإسلامية في التعامل مع المشكلة الطائفية( ١
كثر الحديث مؤخرًا حول المشكلة الطائفية، إثر انفضاح الممارسات
الطائفية للميلشيات الشيعية في العراق، وبتواطؤ من أجهزة الدولة العراقية، وهذه
الممارسات مدروسة ومخطط لها، وتجد من يبررها ويدافع عنها من رجال
الدولة العراقية الذين يفترض فيهم حماية المواطن والوطن، ولعل من هذا
التواطؤ البشع، أنه لم يقدم للمحاكمة لحد الآن شخص واحد بسبب هذه
الممارسات الإجرامية!!
فكثرت التساؤلات عن سبب هذه الروح الطائفية؟ ولماذا الآن؟ وكيف
نتعامل معها؟ ولعل السؤالين الأولين قد وجدا من يسلط الضوء عليهما، ويوضح
أبعادها العقدية والفكرية، وتأثير التنافس الشيعي الشيعي على القوة والسلطة في
وقوع هذه الممارسات الطائفية. إلا أن الجواب عن الحل لهذه المشكلة، لم يسلط
عليه الضوء!!
ولما كان التاريخ الإسلامي قد احتوى على خبرات قيمة في هذا المجال
أحببت عرضها، للاستفادة منها، إذ أن الناس أصبحوا بين ثلاثة حلول خاطئة،
وهي:
- الاستئصال.
- التمييع والقبول بما يجرى حرصًا على الوحدة المزعومة.
- البحث عن صيغ علمانية للحل.
ويمكن عرض الخبرة الإسلامية في التعامل مع المشكلة الطائفية من خلال
النقاط التالية، وسيكون بحثنا مقصورًا على الطوائف الإسلامية دون سواها:
.٢٠٠٧/٢/ ١) صحيفة الغد ٢٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
78
أو ً لا: متى عرف الإسلام هذه المشكلة؟
لقد عرف الإسلام والمسلمون المشكلة الطائفية في أواخر عصر الخلفاء
فقد تكوَن للخوارج كيان خاص منفصل ، الراشدين، وبالتحديد في خلافة علي
عن الدولة الإسلامية، مع تبني منظومة فكرية مخالفة لمنهج الصحابة الكرام،
. وعلى رأسهم الخليفة الرابع علي
ثانيًا: ما هو تعريف الطائفة؟
في تعريف الطائفة، نجد أن الأستاذ محمد شاكر في دراسته "وضع الأقليات
في الدولة الإسلامية"، والتي نشرت في التقرير الارتيادي الإستراتيجي الثالث
لمجلة "البيان"، يعرفها بقوله: "مجموعة الأشخاص في الدولة التي ليست لها
السيطرة أو التحكم أو التأثير؛ نظرًا لمخالفتها للمسلمين في دينهم "الإسلام"، أو
عقيدتهم "عقيدة أهل السنة والجماعة"؛ وإن كانت أعدادها أكثر من غيرها،
وانطلاقًا من ذلك فإنه يمكننا أن نميز هنا نوعين من الأقليات: الأقليات الدينية
"أقليات الملل"، والأقليات العقدية (أقليات النِّحَل)".
أما الدكتور كمال حبيب، فيعرف الطائفة الإسلامية في كتابه "الأقليات
والسياسة في الخبرة الإسلامية من بداية الدولة النبوية وحتى نهاية الدولة
العثمانية" ب: "الجماعة التي تعيش داخل المجتمع الإسلامي على سبيل
الاستقرار "الدوام"، ولها حكم شرعي مختلف عن أحكام الجماعة المسلمة، أو
التي فارقت الجماعة المسلمة بتأويل ديني لا يسوغ".
ثالثًا: منهج التعامل مع الأقليات الإسلامية
مع تعد السياسة التي انتهجها الخليفة الرابع على بن أبى طالب
الخوارج، التطبيق العملي لمنهج الإسلام العادل والمستقيم في التعامل مع
الطوائف والفرق، وهو ما سار عليه المسلمون من بعده.
وقد لخص شيخ الإسلام ابن تيمية هذه السياسة في مجموع الفتاوى
٣٢ )، فقال: "خرجت الخوارج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب /١٣)
مقالات في المشكلة الشيعية
79
وفارقوه وفارقوا جماعة المسلمين إلى مكان يقال له حروراء، فكف عنهم أمير
المؤمنين وقال: لكم علينا أن لا نمنعكم حقكم من الفيء، ولا نمنعكم المساجد.
إلى أن استحلوا دماء المسلمين وأموالهم فقتلوا عبد الله بن خباب، وأغاروا على
حيث قال: سرح المسلمين؛ فعلم عل ي أنهم الطائفة التي ذكرها رسول الله
((يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم،
يقرؤون القرآن لا يجاوز جناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية،
آيتهم فيهم رجل مخدج اليد عليها بضعة عليها شعرات))، وفي رواية: ((يقتلون أهل
الإسلام ويدعون أهل الأوثان)). فخطب الناس وأخبرهم بما سمع من رسول الله
وقال: هم هؤلاء القوم قد سفكوا الدم الحرام، وأغاروا على سرح الناس، فقاتلهم
ووجد العلامة بعد أن كاد لا يوجد فسجد لله شكرأً.
وقال الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص ٦٣ ): "فإذا اعتزلت هذه الفئة
الباغية أهل العدل، وتحيزت بدار تميزت فيها عن مخالطة الجماعة، فإن لم
تمتنع عن حق ولم تخرج عن طاعة؛ لم ي حاربوا ما أقاموا على الطاعة وتأدية
الحقوق".
ويشرح الدكتور كمال حبيب سياسة الخليفة الرابع تجاه الخوارج، فيقول:
"وقد تمثلت سياسة علي بن أبي طالب تجاههم:
أ- اعتبارهم جزءًا من الجماعة السياسية، لا يمنعون الصلاة في المساجد
ولا الفيء في القتال. ولا يقاتلوا بداية حتى ينصبوا القتال للدولة الإسلامية وحين
نصبهم القتال فإنهم يدعون ويعطون الأمان دفعًا لامتناعهم وتفريقًا لصفوفهم
بدون قتال.
ب- أنه وبعد المعركة، فإنه يوزع الغنائم المنقولة على الجيش، وأما النساء
والأطفال، فإنهم يعودون مرة أخرى إلى ذويهم، فالغرض من القتال هو كسر
قوتهم وامتناعهم في مواجهة الدولة ولذا أسمتهم كتب الفقه "الطائفة الممتنعة"،
وهم ليسوا في حكم البغاة من المسلمين، ولا في حكم الكفار الذين لم يسلموا
مقالات في المشكلة الشيعية
80
أص ً لا، ولكنهم في منزلة بين المنزلتين بينهما حيث يقاتلون قبل الظهور عليهم
كقتال الكفار وبعد الظهور عليهم يعاملون معاملة المسلمين".
( رابعًا: التطبيق العملي التاريخي( ١
الدولة الأموية: لقد كان الكف عن الخوارج والفرق والطوائف هو منهج
الدولة الأموية، إلا من نازع الدولة سلطتها، كما بين ذلك د. حبيب في دراسته،
وأورد قول المغيرة بن شعبة من انتماء بعض الرعية لرأي الشيعة، أو رأي
الخوارج، "قضى الله أن لا يزالوا مختلفين وسيحكم الله بين عباده".
ولكن حين بدأت حركة الخوارج في الكوفة بالامتناع على الدولة، وكان
بعض أهل الكوفة يتعاطفون مع دعوتهم، قام المغيرة، فخطب الناس وقال: "لقد
علمتم أني لم أزل أحب لجماعتكم العافية وأكف عنكم الأذى، وخشيت أن يكون
ذلك أدب سوء لسفهائكم، وقد خشيت أن لا نجد بدًا من أن لا يؤخذ الحليم التقي
بذنب الجاهل السفيه، فكفوا عنا سفهاءكم قبل أن يشمل البلاء عوامكم، وقد بلغنا
أن رجا ً لا منكم يريدون أن يظهروا في المصر بالشقاق والنفاق والخلاف، وأيم
الله لا يخرجون في حي من أحياء العرب إلا أهلكتهم وجعلتهم نكا ً لا".
ويذكر د. حبيب، أن عمر بن عبد العزيز سلك مع الخوارج خطة علي بن
أبي طالب، والتي تمثلت في:
١. أنهم أرادوا الحق، فأخطأوه، ومن ثم فقد آثر أن يجادلهم عسى أن يعيدهم
الجدال إلى الحق. ولم تمنعه هيبة الدولة أن يستقبل اثنين منهما ليحاورهما
ويرد عليهما كل شبهاتهما.
٢. أنه أراد أن يفهم الخوارج أن نزوع الدولة إلى الحوار ليس عن ضعف،
ولكنه إعذار منه إلى الله أن يقتل أحدًا أو يسفك دمًا، فأرسل إليهم رج ً لا
في ألفين.
١) أعتذر عن عدم ذكر هوامش دراسة د. حبيب لكثرتها، ويمكن مراجعة الأصل لذلك. )
مقالات في المشكلة الشيعية
81
٣. لو أصروا على القتال ولم يرجعوا فإن الدولة لا تجد بدًا من دفعهم، فإن
قبلوا أن يعيشوا في الدولة بدون امتناع فلا تثريب عليهم على أن لا
يفسدوا على أهل الذمة ولا يتناولوا أحدًا من الملة.
الدولة العباسية: أما في الدولة العباسية، فقد ظهرت المشكلة الطائفية في
مستوى أعلى، وذلك أن الجماعات الشيعية قد كثرت في أطراف الدولة، وتزايد
عصيانهم للدولة وعدوانهم عليها، حتى توج ذلك بنشوء دولة بني بويه الشيعية
الزيدية الغالية "الجارودية"، والتي استولت على عاصمة الخلافة العباسية،
٤٤٧ ه)، حتى - واستمر استيلائها على العاصمة أكثر من مئة عام ( ٣٣٤
قضي السلاجقة ال سنة على دولة بني بويه.
الدولة العثمانية: واستمر هذا المنهج المتسامح مع الفرق والطوائف في
الدولة العثمانية.
يقول د. حبيب: "التسامح مع عناصر السكان المحلية المتعددة الثقافات،
والأعراق، والقوميات بحيث لم تمارس أي قهر سياسي أو اجتماعي أو ثقافي
تجاهها، ساعية لتطوير وإدماج هذه التعدد في صيغة توحيدية سياسية أعلى هي
الانتماء للأمة العثمانية المسلمة.
وهذه السياسة لم تكن تعرفها العصور الوسطى ذات الطابع الكلي الذي
يرفض التعدد، ولا يقبل وجود أي ثقافات مغايرة لثقافته فقد كان المبدأ السائد في
العصور الوسطي في علاقات الجماعات لا مجرد نفي الآخر أو استبعاده بل
تحطيمه واستئصاله.
وكانت الدولة العثمانية هي التنظيم السياسي الوحيد في العصور الوسطى
والحديثة الذي اعترف رسميًا بالأديان السماوية الثلاثة وأوجد بينها تعايشًا سلميًا
يسوده الانسجام، وقد بلغ عدد المجموعات اللغوية والجنسية التي خضعت للحكم
العثماني بين وقت وآخر أكثر من ستين مجموعة لعبت فيما بعد دورها، إما في
قيام دولة قومية حديثة أو إثارة كثيرة من مشاكل الأقليات التي استعصى حلها
مقالات في المشكلة الشيعية
82
على الحكومات الحديثة، على حين أن الحكم العثماني قد أوجد لها حلو ً لا
دائمة".
أما في علاقة الدولة العثمانية بالدولة الصفوية، فيسجل د. حبيب هذه
الملاحظات:
أو ً لا: إن الدولة العثمانية لم تبادر إلى اتخاذ موقف استئصالي تجاه شيعة
الأناضول ولا تجاه الدولة الصفوية، إلا بعد تعاظم الخطر الشيعي، ممث ً لا في
وجود دولة، كان ظهورها أقوى بكثير من مجيء الفاطميين إلى مصر، وأن هذه
الدولة بدأت تمارس أعما ً لا وحشية تجاه السنة المقيمين في إيران وعملت على
تثوير الشيعة المقيمين بالأناضول عن طريق بث الدعاية السرية بينهم، بل
حاولت تشييع ال سنة في الأناضول والقوقاز إلى المذهب الشيعي.
ثانيًا: تراوح أسلوب الدولة العثمانية في التعامل مع المسألة الشيعية، بين
استخدام القوة في عهد سليم الأول بغرض التخلص من المشكلة الشيعية برمتها،
ولذا فقد توسع في قتل الشيعة بالأناضول كجزء من حماية الجبهة الداخلية
لتحقيق الحسم في المواجهة العسكرية، وذلك بالقضاء على الدولة الصفوية قضاء
نهائيًا، وكانت لهجة الخطاب الحاد بين السلطان والشاه، تعكس عمق التحدي
الصفوي للدولة العثمانية، كما تعكس رؤية علماء الدولة العثمانية للصفويين
باعتبارهم مرتدين، ويحتمل أن تكون العقائد الصفوية في هذه المرحلة لا تزال
مشبعة بالأفكار "المهرطقة"، التي لا تعبر عن صحيح الدين الإسلامي لكن قتال
الشيعة في إيران وقتلهم في الأناضول بشكل واسع لم يكن بسبب ردتهم بقدر ما
كان بسبب امتناعهم على الدولة وتهديدهم لأمنها إلى حد التحالف مع الكفار على
الجبهة الأوروبية.
أما في عهد سليمان، فإنه قد أصبح واضحًا أن الوجود الشيعي لا يمكن
القضاء عليه، وبالتالي فإن الحروب ضد إيران كانت بسبب إصرارها على
استمرار الدعاية للمذهب الشيعي داخل الدولة العثمانية والمناطق السنية الأخرى
مقالات في المشكلة الشيعية
83
في القوقاز، أي أن حروب سليمان القانوني كانت بقصد حماية المذهب السني
داخل الدولة العثمانية ومناطق نفوذها الأخرى المتاخمة لإيران ولم يعمد إلى
التوسع في القتل لأتباع المذهب الشيعي.
وكانت الحروب عادة تنتهي بمعاهدات تقرر الوضع القائم، أي أن آلية
المعاهدات برزت في عهد سليمان كأحد آليات التعامل مع المسألة الشيعية،
وستبقى الحرب والحرب المضادة هي الصيغة الغالبة في العلاقات الإيرانية -
العثمانية منذ القرن السادس عشر وحتى القرن التاسع عشر، وذلك من أجل نشر
الدعاية الشيعية من قبل إيران وحماية المذهب السني من قبل الدولة العثمانية.
ثم صارت المعاهدات هي الآلية الرئيسية في تنظيم العلاقة بين الدولتين بعد
ضعف إيران، حيث وصفت المعاهدات إيران بأنها دولة إسلامية، وحيث اهتمت
المعاهدات بتخطيط الحدود وتنظيم حركة القبائل وتنظيم الزيارات الشيعية
للأماكن المقدسة والواقعة داخل الأراضي العثمانية.
ثالثًا: اتسم السلوك الشيعي تجاه أهل السنة في البلدان التي استولى عليها
الشيعة بمنتهى القسوة، حيث عمِد إلى الإكراه لفرض المذهب الشيعي، كما
ارتكبت مذابح ضد النساء والأطفال ولم يتو رع عن إقامة محور مع العالم
الغربي للقضاء على الدولة العثمانية السنية إلى حد أنه لم يكن بوسع أوروبا أن
تقاتل الدولة العثمانية وحدها بدون إيران حتى بداية القرن الثامن عشر.
بينما اتسم السلوك العثماني بالتسامح، ولم يعرف عنه أي ممارسة إكراهية
لأتباع المذهب الشيعي، ولكن استخدام القوة بشكل واضح في عهد سليم ضدهم
كان بسبب تهديدهم للأمن القومي العثماني، بامتناعهم على الدولة وقيامهم
بثورات داخلية ضدها، ثم نشر الدعاية الشيعية بإصرار بين سكان الأناضول،
بشكل هدد وحدته.
ويبدو ملفتًا للانتباه أن يكون الخطر الشيعي المنتسب للإسلام هو المهدد
للدولة وليس غير المسلمين الذين كانوا يمثلون الأغلبية فيها، ويمثل ذلك
مقالات في المشكلة الشيعية
84
استمرارا للظاهرة الفريدة في التاريخ الإسلامي منذ ظهور الخوارج، وهي أن
الخطر على الدولة الإسلامية كان يأتي ممن ينتسبون إلى الإسلام وليس من غير
المسلمين".
الخلاصة:
لقد عاشت الطوائف والفرق في ظل الإسلام إلى يومنا هذا، مع مفارقتها
لمنهج الأكثرية والسلطة، مما ينفي فرية الاستئصال واستهداف هذه الطوائف،
وكانت تقاتل وتعاقب شعبيًا ورسميًا حين تخون من تعيش بينهم، حدثت مظالم
لبعض الطوائف، لكن لم يكن ذلك من مستند إسلامي صحيح، كما أن كثيرا من
المسلمين تعرض لما هو أشد من ذلك.
وهكذا يتضح لنا أن المنهج الإسلامي في التعامل مع الفرق والطوائف يقوم
على أصلين:
الأول: التكفل لها بحقوقها الشرعية؛ لأن هذا مقتضى العدل الذي أمر الله
به، من هذه الحقوق حرية الاعتقاد في ذاتها وبين أفرادها، وليس لها أن تنشر
ذلك بين المسلمين.
الثاني: عليها الالتزام بالنظام والسلطة، وعدم الاعتداء على الدولة أو
الأفراد، وعدم إعانة الأعداء على الدولة.
مقالات في المشكلة الشيعية
85
( الطائفية ومشجب الصهيونية( ١
فجأة ودون سابق إنذار تصاعدت التصريحات حول مسؤولية الصهيونية
عن إشعال الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة، ومصدر هذه التصريحات القيادات
الشيعية من مختلف البلاد (إيران، العراق، الكويت، السعودية، لبنان) وكأ ن هناك
اتفاقا على هذا السيناريو!
لا شك أن هناك مخططات صهيونية لإشعال الفتنة، لكن هل هذه كل
الحقيقة؟ هل كل ما يجري هو بمخطط صهيوني؟
صحيح أن هناك قيادات شيعية ترفض هذا بالكلام مع قدرتها على الفعل،
لكن لم نجد للآن مواقف على الأرض من القيادات الفاعلة!
لقد استنكرت كل القيادات الرسمية والشعبية السنية جرائم القاعدة في
العراق، بعكس قيادات شيعية كبرى لا تزال تبرر الجرائم بحق أهل السنة
بمكافحة الإرهاب.
والغريب أن تلك الجرائم ينتقمون فيها من العلماء والدعاة والأطفال
والنساء، دون الإرهابيين المفترضين!
أغلب القيادات الشيعية ترمي القاعدة بالإرهاب لأنها تقوم بالقتل العشوائي
وهي تقاوم المحتل، لكنها لا ترمي الميلشيات والقوات الشيعية بالإرهاب وهي
تقتل المواطنين قصدًا دفاعًا عن المحتل!
لا زلنا نذكر صمت المراجع الشيعية عن مأساة الفلوجة، وسجن أبو غريب،
وفرق الموت، والتهجير، والاختطاف وغيرها من الجرائم التي يندى لها الجبين.
محاربة الطائفية لا تكون بالشعارات فقط!
ففي مؤتمر الحوار والتقريب الأخير بقطر سنة ٢٠٠٧ م، برر التسخيري
زعيم التقريب تعظيم وتمجيد "قبر أبي لؤلؤة المجوسي" قاتل الخلفية العادل عمر
.٢٠٠٧/٢/ ١) صحيفة الغد ٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
86
بأنه قناعة لدى بعض المواطنين الإيرانيين، وهنا نتساءل: أين العقلاء
والمسؤولون؟ وهل يجب على السنة فقط لجم المتطرفين، أما القيادات الشيعية
فلديها مطلق الحرية في صنع ما يريدون؟
لماذا لا تقوم إيران بمبادرة حقيقية لوأد الفتنة بمنح السنة الإيرانيين حقوقهم
المغيبة والذين تبلغ نسبتهم ٢٥ % من سكان إيران أو مساواتهم بالأقلية اليهودية
على أقل تقدير، ليكون ذلك نموذجًا يحتذى من الدول العربية، بخاصة أن إيران
تحمل راية التقريب.
١. لماذا لا تصدر مرجعيات الشيعة الدينية والسياسية وثيقة رسمية ملزمة
يعاقب من يخالفها من الشيعة، تلتزم فيها بالثوابت والمشتركات الأساسية
بين المسلمين وهي:
٢. الإقرار بسلامة القرآن الكريم من أي نقص أو زيادة أو تحريف، وكفر
كل من يخالف ذلك في القديم أو الحديث من أي طرف كان، وتجريم
طباعة وترويج الكتب والأشرطة التي تطعن بالقرآن الكريم.
٣. الاتفاق على منزلة الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين، وعدم التساهل مع
من يسبهم أو يكفرهم، ومنع ذلك في كافة الوسائل الإعلامية، والقيام
بمسؤولية توعية الشارع الشيعي حول ذلك من خلال المناهج المدرسية
ووسائل الإعلام الرسمية.
٤. إعلان عدم كفر المسلمين الذين يعظمون آل البيت رضوان الله عليهم،
ولكنهم لا يعتقدون أن الإمامة محصورة بآل البيت فقط، ولا يغلون في
آل البيت، ويعطونهم صفات الربوبية والألوهية.
٥. عدم تكرار إعانة أعداء الأمة من الصهيونية وأميركا، كما حدث في
أفغانستان والعراق.
٦. التزام المواطنين الشيعة بمصلحة بلادهم وعدم الارتباط السياسي
بالمصالح الإيرانية فقط.
مقالات في المشكلة الشيعية
87
والسؤال هنا: لماذا ترفض القيادات الشيعية، المرتبطة بإيران، عمليًا هذه
الثوابت، كما نجده في ممارسات الميلشيات الطائفية في العراق، وصمت
الحكومة على ذلك، فإيران هي الداعم والمعين لهذه الميلشيات، وحزب الله في
لبنان كما أن العديد من المواقع الإلكترونية والفضائيات المحسوبة على قوى
شيعية تروج لفكر الغلو والتكفير الطائفي وتجد فيها الطعن بالقرآن وتكفير
الصحابة وأمهات المؤمنين.
نعم هناك مشروع صهيوني لزرع الفتنة، لكن لماذا تقوم قيادات شيعية
بمساعدته؟ نريد أفعا ً لا جادة ومسؤولة ومستمرة.
مقالات في المشكلة الشيعية
88
( حتى نتجنب الصراع الطائفي في العراق؟( ١
كل العقلاء اليوم يحذرون من نشوب صراع طائفي في العراق بين السنة
والشيعة، وإن كان بعض الساسة يقولون بأنه قد بدأ ، ولن يقف هذا الصراع إن
حدث – لا قدر الله - عند حدود العراق، بسبب أن من يريدون له أن يبدأ لا
يخططون لوقفه داخل حدود العراق.
والذين يعملون على حدوث هذا الصراع هم ثلاث جهات، هي:
١. اليهود وإسرائيل، وذلك لأن هذا الصراع يشغل الدول العربية وشعوبها
بنفسها عن إسرائيل، كما أن إسرائيل أعلنت منذ القدم سعيها لتحويل
المنطقة لدويلات طائفية تتقبل وجود إسرائيل كأقلية يهودية بين أقليات
نصرانية، شيعية، علوية، درزية.
٢. إيران وأتباعها، وذلك أن هذا يسهل لهم السيطرة و البقاء في العراق، كما
أنه يزيد نفوذها ونفوذ أتباعها في الدول المجاورة، وأيضًا يمنع أمريكا من
الهجوم عليها بسبب انشغال أمريكا بحماية حلفائها .
٣. جماعة القاعدة في العراق بزعامة الزرقاوي، والذين يعتقدون أن الحرب
الطائفية ستجعل سنة العراق يدركون الخطر الإيراني والشيعي عليهم،
وهم - علموا أم لم يعلموا - ينفذون رغبات يهودية وشيعية، وسيكونون
أول الضحايا ومن بعدهم سنة العراق، كما حدث لدولة طالبان حديثًا
ودولة خوارزم شاه قديمًا.
ولنا وقفات مع هذه الحرب المراد وقوعها – لا قدر الله -:
الوقفة الأولى: موقع الساعين لها من الشيعة والسنة
لو نظرنا في الطرفين وهما إيران والقاعدة في العراق، نجد أن إيران تتبنى
هذا الموقف، وهي تمثل الدولة والحكومة وخاصة بعد وصول نجاد للحكم، وأن
١) لم يسبق نشره. )
مقالات في المشكلة الشيعية
89
أعوان إيران في العراق الذين يدفعون باتجاه الحرب الطائفية الأهلية هم قادة
الشيعة؛ كالحكيم والجعفري وصولاغ والذين يفعلون ذلك من موقعهم الحكومي
في العراق أيضًا.
بينما نجد أن جماعة الزرقاوي لا تمثل سنة العراق، بل وهناك معارضة
شديدة جدًا لها من قبل كثير من القوى السنية العراقية، وكذلك فإن جماعة
الزرقاوي ليست ممثل السنة في حكومة العراق، ولا تتلقى دعمًا من الدول
السنية المجاورة بل لعل النظام الذي يدعم بشكل ما جماعة الزرقاوي هو النظام
السوري الحليف لإيران.
كما أن القوى السنية خارج العراق ترفض هذا التوجه للقاعدة، بل لعل
بعضها وللأسف يقف في صف إيران بسبب الدعاية الإيرانية.
الوقفة الثانية: مقارنة بين اعتداءات الطرفين
يواجه سنة العراق يوميًا كافة أشكال الاضطهاد والإقصاء عن مراكز
الحكم، وفوق ذلك الخطف والسجن والتعذيب والقتل والتشريد، وذلك على يد
فيلق بدر وميليشيات وزير الداخلية صولاغ وفرق الموت، وهذا القتل المنظم
يطال قادة السنة وعلماءهم ومفكريهم وليس فيهم واحد من جماعة الزرقاوي!!!
بينما عمليات الزرقاوي تجاه الشيعة هي عمليات متباعدة، تستهدف عامة
الشيعة بشكل عشوائي، أو رموز شيعية متورطة في جرائم تجاه السنة.
وللأسف لا توجد إحصاءات لحجم الخسائر في الطرفين لبيان حقيقة خسائر
السنة، والتي لا تقارن بخسائر الشيعة.
الوقفة الثالثة: ردود الفعل لدى الشيعة والسنة تجاه الحرب الأهلية
لو أخذنا ما حصل في سامراء مؤخرًا والذي كان يراد منه إشعال هذه
الحرب كما يصرح قادة الشيعة والسنة،وكيف تصرف كل طرف نجد ما يلي:
الشيعة وأتباع إيران بدءوا حملة واسعة من الاعتداءات على مساجد وأئمة
السنة وطالت حتى المصاحف، سوى من قتل من عامة السنة، فيما بدا أنه مقدمة
مقالات في المشكلة الشيعية
90
الحرب الأهلية ،سوى المسيرات الضخمة والمظاهرات المنددة بالحدث. بينما
كان موقف السنة امتصاص الحدث وتفويت الفرصة، ومن ذلك عدم الرد على
الاعتداء الذي طال منزل الشيخ حارث الضاري فقتل شقيقه، وعدم الرد على
اعتداءات الشيعة على مساجد وقادة السنة.
الوقفة الرابعة: ما العمل لمنع هذه الحرب؟
يجب القيام ببعض الخطوات المهمة لمنع هذه الحرب وهي:
١. الحذر من الدسائس اليهودية فع ً لا، وعدم الاكتفاء بالتصريحات كما يحدث
الآن، فالشيعة صرحوا أن المحتل فجر سامراء ثم يفجرون مئات مساجد
السنة، وبعد ذلك لا يعتذرون ولا يعاقب المجرمون!! مما يرسخ أن من
فعلوا ذلك فعلوه بأمر قادتهم.
٢. على إيران وأتباعها في العراق وغيره تحديد موقفهم من السنة، هل هم
نواصب كفار يجوز قتلهم وسلب أموالهم كما هو وارد في كتبهم؟
٣. ونريد إجابات عملية تترجم على أرض الواقع من معاقبة المجرمين
وإعلان كفر من يكفر المسلم السني، والتبرؤ من الكتب التي تحوي هذه
الروايات بما يستلزم تغيير مناهج التعليم في الحوزات فيلغى تدريس أي
كتاب يحتوي هذه الروايات أو أي كتاب لمؤلف يتبنى مثل هذه الروايات.
٤. يجب على الشيعة تحديد موقعهم: هل هم مذهب فقهي مثل سائر المذاهب
الفقهية، ففي هذه الحالة لماذا يطالب الشيعة بقانون خاص بهم دون سائر
المذاهب الفقهية في الأوقاف والأحوال الشخصية وغيرها،ولماذا لا يطالب
المالكية بقانون خاص والشافعية وهكذا،أليس في هذا تفتيت للوحدة
الوطنية؟؟
٥. يجب أن تفتح قنوات مع تيارات الاعتدال الشيعي وتساند حتى تصبح هي
الناطق باسم الشيعة مما يسهل الوصول لقواسم تعايش مشتركة، وذلك أن
القيادات الحالية لدى الشيعة تقوم بتصفية ومحاربة كل من يطالب
مقالات في المشكلة الشيعية
91
بالاعتدال ونبذ التكفير، فقديمًا قتلوا العلامة أحمد كسروي، والعلامة
البرقعي، وحاربوا العلامة موسى الموسوي، وكذلك تجربة الخالصي،
وهم اليوم يكفرون الباحث أحمد الكاتب، ويحاربون حسين فضل الله
لتساهله مع السنة، وقد قتلوا عبد المجيد الخوئي في الصحن الحيدري،
وأقصوا منتظري لما انتقد بعض مظاهر الخلل وهكذا دومًا مع تجارب
الاعتدال.
٦. يجب على جماعة الزرقاوي الرجوع لرأي العلماء وعدم الاستقلال بالرأي
دونهم، وكذلك الوعي بما حولهم حتى لا يصبحوا أداة لعدوهم يستخدمهم
فيما يريد.
إن العراق وغيره من البلاد شهد سنوات طويلة من التعايش السلمي بين
الشيعة والسنة، بفضل البعد عن الغلو الطائفي الذي جاء مع الثورة الإيرانية،
فلننبذه ونعود للتعايش بين أبناء الوطن الواحد ضمن حدود القرآن الكريم والسنة
الشريفة.
مقالات في المشكلة الشيعية
92
مقالات في المشكلة الشيعية
93
الباب الثالث
اختراق الصف السني
• ما هو الفكر الذي يحمله السني إذا تشيع؟ نماذج من فلسطين والأردن
• 'المتحولون' والموقف من الصحابة
• حركة الجهاد الإسلامي والهوى الشيعي الإيراني!
• موقف الشيعة وإيران من جماعة الإخوان المسلمين
• الإخوان– حماس وإيران والسؤال الحائر؟
• نصرة لحماس ،حماس وإيران والشيعة مرة أخرى!!
• معضلة رؤية الأحمرى!!
مقالات في المشكلة الشيعية
94
مقالات في المشكلة الشيعية
95
ما هو الفكر الذي يحمله السني إذا تشيع؟
( نماذج من فلسطين والأردن( ١
شهد التاريخ الإسلامي موجات متعددة من انتشار التشيع الوافد والتي
استطاعت فترة من الزمن أن يكون لها حضور على الساحة، كما هو الحال مع
مصر وفلسطين أيام الفاطميين لكنها سرعان ما تزول، وفي وقتنا الحالي هناك
مشروع لنشر التشيع في الأوساط السنية بتخطيط وتنفيذ من جهات رسمية
ودينية.
ومن الجهات القائمة على تنفيذ هذا المشروع مركز الأبحاث العقائدية الذي
يشرف عليه المرجع الشيعي فارس حسون، ومركز آل البيت العالمي التابع
للمرجع السيستانى، ولهذين المركزين مواقع على شبكة الإنترنت.
واليوم ونحن نتلقى الأخبار بتشيع مجموعات في فلسطين والأردن وتونس
ومصر والمغرب والسودان يتحتم علينا معرفة حقيقة الفكر الذي يعتنقه
"المتشيعون"، فكانت هذه الجولة في كتب "المتشيعين" من فلسطين والأردن وهي
منشورة ومطبوعة ومتوفرة في الإنترنت كذلك، لنكون على معرفة حقيقية بالفكر
الشيعي المعاصر الذي يروج بين أبنائنا وبناتنا، وحتى يكون الذين يتبنون الوحدة
والتقريب بين السنة والشيعة على وعي حقيقي بما يجرى على الأرض، ولا
ينخدعون بالشعارات البراقة فقط.
١- الدكتور حسن أحمد الحياري، نائب عميد كلية التربية بجامعة
اليرموك، في كتابه "معالم في الفكر التربوي، للمجتمع الإسلامي إسلاميًا –
وفلسفيًا"، يقول في المقدمة: "لذلك ليس غريبًا، أن نجد خير أمة أخرجت للناس،
.٢٠٠٧/٤/ ١) مجلة العصر ٢٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
96
كما وصفها الحق سبحانه وتعالى في كتابه المنير في عهد النبوة، قد انحدرت من
هذه المكانة السامية، إلى وضع لا تحسد عليه، حتى أمست نزهة للطامعين
ومذقة للشاربين، تتداعى عليها الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها، ومن الجدير
ذكره في هذا المقام، أن السبب الأول لهذا التردي، والذي انبثقت عنه بقية
في يوم الخميس، عندما الأسباب، يكمن في مخالفة عدد من المسلمين للنبي
أراد أن يكتب لهم كتابًا لن يضلوا بعده أبدًا.
والشيء المخجل حقًا، والذي يؤسف له كثيرًا، وتشيب له الوالدان، ويندى له
الجبين وتشيب له النواصي أن يشار إلى هذه المخالفة، بالاجتهاد المقدس.
ومنذ تلك اللحظة، شق الاجتهاد طريقه في مخالفة النصوص القرآنية،
ومحاصرة السنة النبوية وإحراقها أكثر من مرة، وحوصر بيت الزهراء عليها
السلام بعد وفاة أبيها مباشرة، بد ً لا من تقديم الولائم والعزاء لهذا البيت الطاهر،
كما استبيحت حرمات آل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبيت الله
.( الحرام، والمدينة الفاضلة، واستع ر القتال بين المسلمين إلى يومنا هذا"( ١
هذه الفقرة من المقدمة حوت مجموعة من الاتهامات والطعون في الصحابة
بالادعاء بأنه لم ينجح في الكرام لا تستند لدليل، وهي في الحقيقة تسيء للنبي
تربية أصحابه ومريديه، والقول بأنهم خالفوا القرآن وحرقوا السنة وحاصروا
بيت ابنته واستباحوا حرمات بيت آل الرسول، والغريب أنها تصدر من دكتور
في كلية تربية!!
٢- مروان خليفات، حاصل على بكالوريس شريعة من جامعة اليرموك
سنة ١٩٩٥ م، في كتابه "النبي ومستقبل الدعوة"، يقول: "يذهب البعض إلى أ ن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم، جعل أصحابه مرجعية للأجيال من بعده، بحيث
يقومون بنقل القرآن والسنة لمن بعدهم، وتحيط هذا القول إشكالات كثيرة ...
١) صفحة: ك. )
مقالات في المشكلة الشيعية
97
هذه الأحاديث صريحة في دخول جماعات من الصحابة في النار، وقد فسرها
المفسرون بالمنافقين والمرتدين، وهذا التفسير مخالف لمعطيات الأحاديث.
فعّلة دخول الصحابة في النار هي الإحداث والارتداد بعد النبي صلى الله
بينما أنا قائم فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من » ... ، عليه وآله وسلم
بيني وبينهم، قال:هلم، قلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم
.« ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إ ّ لا مثل همل النعم
.( فهذا نص صريح في دخول الصحابة النار ولا يبقى منهم إلا القليل"( ١
هذا التكفير لمعظم الصحابة ورميهم بالارتداد هو قمة التطرف والغلو في
وذلك أن هذا الحديث إذا ، الفكر الشيعي، وهو مبني على فهم سقيم لقول النبي
كان يقصد به الصحابة رضوان الله عليهم لكان يكذب القرآن الذي شهد لهم
بالإيمان!! ولو كان هذا الحديث يقصد به الصحابة فلماذا رواه أهل السنة وأنتم
تتهمون الصحابة بحرق السنة؟!
وقد بين العلماء أن المقصود بهذا الحديث عدة أصناف وهم: المنافقون،
الذين لم يعاصروه والمرتدون من القبائل، العصاة من الصحابة، وأتباع النبي
وكان عندهم تفريط وذلك كما جاء في بعض الروايات الأخرى للحديث: ((ليردن
عل ي الحوض أقوام))، أو ((بينما أنا قائم إذا زمرة...)).
ويعرض لنا المتشيع مروان خليفات في كتابه "وركبت السفينة" جانبًا آخر
مما اكتسبه من الفكر الشيعي فيقول: "كان إبليس من أقرب المخلوقات إلى الله
وأعبدهم، لكن إبليس تمرد على أمر الله واستكبر ورفض السجود لآدم بحجة (أنا
خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين). لكن ماذا كان مصير إبليس؟ الطرد
واللعن هذا هو مصيره. فهذا إبليس مع عظم منزلته عند الله لم تنفعه منزلته حين
اجتهد أمام النص ولم يقل الله له: أنت مجتهد مخطئ مغفور لك ولك أجر! فلماذا
١) صفحة ( ٢٨ ) وما بعدها. )
مقالات في المشكلة الشيعية
98
يقال لمعاوية - شارب الخمر، آكل الربا، قاتل الأبرياء - مجتهد وله أجر، ولا
يقال ذلك لإبليس؟! مع أن هذا في حق إبليس أولى إذ هو طاووس الملائكة، فهذا
أََف حكْم الْجاهِلِيةِ يبْ ُ غو ن و منْ أَحْس ن مِ ن الّلهِ ح ْ ك ما لِّقَوْمٍ يوقُِنو ن : هو حكم الله
١). وهذه المقارنة المضحكة بين رد أمر الله والجحود من إبليس، )"[ [المائدة: ٥٠
أص ً لا، وهي إن وقعت فهي وبين اتهامات باطلة لا تثبت في حق معاوية
معصية وليست جحودًا لأمر الله.
٣- المتشيع المحامي أحمد حسين يعقوب من جرش، صاحب كتاب
"المواجهة مع رسول الله وآله، القصة الكاملة" والذي حشاه بمفتريات وخيالات
ليس لها وجود، لكن إما أنه تأثر ، عن مؤامرات من الصحابة ضد النبي
بعمله في المحاماة ومتابعته لقضايا الجريمة، وإما أنه كان مدمنًا على الروايات
البوليسية، فقد طرح قصة كاملة لكنها خيالية، وهاك أيها القارئ بعضًا منها:
"إن كل بطون قريش ال ٢٣ وقفت وقفه رجل واحد، وشكلت جبهة واحده
بمواجهه أهل بيت النبوة وبني هاشم، فمن غير الممكن عقلا أن تكون هذه الوقفة
ثمرة تصور آني!!! وأنت تلاحظ أن هذه البطون قد وقفت مجتمعه ضد النبي
وحاربته وحاربت دينه وحاربت الهاشميين بكل وسائل الحرب طوال ١٨ عاما،
حتى أحيط بها فسلمت أو استسلمت ونطقت بالشهادتين كارهة، ... والمدهش أن
كل المنافقين وقفوا مع بطون قريش وقفه رجل واحد، ... وقبضت البطون على
مقاليد الأمور، ووقع الخلاف بين الأنصار، واكتشفوا بأنهم أمام تجمع قبض على
مقاليد الأمور، وتحول إلى سلطه حقيقية، فسلموا لينجوا بأنفسهم وليحافظوا على
.( حياتهم ومصالحهم"( ٢
ولكن من قائد هذا التحالف؟؟؟
.( ١) ص ( ٣٢٨ )
.( ٢) ص ( ٩٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
99
الخليفة الراشد الثاني فهو الذي : يخبرك يعقوب: إنه "عمر بن الخطاب
قاد مرحله التأسيس وتحمل أعباءها كاملة.... وهكذا نجح عمر وبتكتله بالحيلولة
بين النبي وبين كتابة ما أراد، فضاعت إلى الأبد فرصه تلخيص النبي
للموقف.... وهو الذي قاد أبا بكر، وأبا عبيدة بن الجراح إلى ذلك المكان،
واستطاع بعبقريته أن يحوله من مجرد تجمع عند مريض وهو سعد بن عبادة،
وعواده إلى اجتماع سياسي، ثم حوله إلى هيئة عامة تبايع الخليفة، وهو الذي
حشر أعوانه ورتبهم وحولهم إلي جيش يزف الخليفة زفًا ليواجه آل محمد بأمر
واقع، ورتب قسمًا من أعوانه ليستقبلوا الخليفة الجديد بالترحاب ويقبلوا على
بيعته. فقد جمع عمر بطون قريش حول هذا الهدف، ون ّ ظر مبدأ النبوة لبنى
هاشم، والخلافة للبطون، وهدد الإمام علي بالقتل إن لم يبايع، وجمع الحطب
وأعوانه ليحرق بيت فاطمة على من فيه وفيه سيده نساء العالمين وسيدا شباب
.( أهل الجنة الحسن والحسين"( ١
وأما شركائه فهم:
فهو نائب قائد ، "والشخص الآخر القادر على فعل ذلك هو أبو بكر
التحالف، ومن المؤيدين لنظرية عمر والمقتنعين بصوابها، ثم انه ليس موضع
شريكهما بهذا شك فهو مهاجر، وهو صهر الرسول، ومن المؤكد أن عثمان
النهى، فهو من رجال عمر، ومن المقتنعين بنظرياته، وهو أموي ونوه
الهاشميون بأقاربه شيوخ الوادي، وهو يعتقد أن التحالف قد ينجح، ومن الممكن
أن يحصل على نصيبه وافرا، ومن جهة ثانية، فليس هو بمتهم فهو مهاجر
.( وصهر الرسول أيضا"( ٢
من هذه المؤامرة المزعومة فيقول عنها يعقوب: أما موقف النبي
.( ١) ص ( ١٠٢ )
.( ٢) ص ( ٢٥٤ )
مقالات في المشكلة الشيعية
100
"علم النبي – القائد - بقيام التحالف، وبالمجموعات التي تكونه، وعرف
قياداته وفهم أهدافه، ومجملها: رفض الاختيار الإلهي لعلي بن أبى طالب (ع)
ليكون إمامًا وقائدًا ومرجعا للأمة بعد وفاه النبي (ص)، ورفض الاختيار الإلهي
لأهل بيت النبوة ليقوموا بدور مميز بقيادة الأمة بعد وفاته، وكان النبي على علم
بالشائعات التي أطلقتها قياده التحالف للتشكيك بشخصه، وذاكرته، وعقله وصولا
إلى إبطال مفاعيل الأوامر الإلهية التي بلغها الرسول للأمة. وقد أسف النبي
.( لذلك اشد الأسف وشلت حركتهم ضده قيمه الأمر الإلهي"( ١
وأظن أن هذه المقاطع لا تحتاج إلى تعليق للقارئ لأنها واضحة الكذب
والافتراء، لكن هذا هو ما يحصل عليه المتشيع من فكر!!
٤- الدكتور أسعد القاسم من فلسطين، في كتابه "أزمة الخلافة والإمامة
وآثارها المعاصرة" يدافع عن زواج المتعة فيقول: "لقد اشتهر الخليفة عمر بكثرة
اجتهاده في كثير من الأحكام الثابتة والمؤيدة بنصوص من الكتاب والسنة. وأما
إذا كانت تلك النصوص مما يمكن الاجتهاد فيها، فهذا ما ترك الحكم فيه لاجتهاد
القارئ الذكي من خلال التمعن في الأمثلة التالية:
- تحريمه زواج المتعة "المؤقت": يعرف الفقهاء هذا النوع من الزواج بأنه
الزواج المحدد بمهر معلوم وإلى أجل معلوم بعقد جامع لشرائط الصحة
الشرعية، وللزوجين أن يمدداه لفترة مؤقتة أخرى أو يحولاه إلى عقد زواج
دائم.... ومما لا خلاف فيه أن الله - سبحانه وتعالى - أقر هذا النكاح بقوله:
َف ما اسَْتمَْتعُْتم بِهِ مِنْ هن َفآُتو ه ن أُجور هن فَرِي ض ً ة و َ لا جنَا ح عَليْ ُ كمْ فِي ما َت را ضيُْتم بِهِ
.(٢)[ النساء: ٢٤ ] مِن بعْدِ الْفَرِي ضةِ
.( ١) ص ( ٣٥١ )
.( ٢) ص ( ٨٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
101
وقول قاسم أن هذا لا خلاف فيه كذب، فالمتعة في الآية هي الجماع كما
يقضي السياق، وإلا فأين ذكر الزواج الدائم في القرآن إذًا وهو الأصل في
الزواج؟! ومن ثم لماذا لم يفعله آل البيت والأئمة الذين يزعم الشيعة اتباعهم؟
ولكن هذا هو التشيع الذي يريدون نشره بيننا: الانحلال باسم الدين وقد جر هذا
الانحلال الويلات على المجتمعين الإيراني والعراقي.
٥- الدكتور صلاح الدين الحسيني، من فلسطين في كتابه "سبيل
المستبصرين إلى الصراط المستقيم وسفينة الناجين" يقول: "الاعتقاد بأن الصحابة
كلهم عدول، جعل العلماء من أغلب الفرق الإسلامية يضعون هالة من القدسية
والعدالة على جميع الصحابة، وأعطوهم من القدسية والحصانة في كثير من
.( الأحيان أكثر مما أعطوا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم"( ١
وكلام الحسيني كذب مفضوح، فأهل السنة لا يعتقدون عصمة أحد سوى
ولا يرفعون الصحابة فوق مقام النبوة بعكس الشيعة الذين جعلوا الأئمة ، النبي
فوق الرسل والأنبياء.
وبعد: فهذه حقيقة ما يحمله "المتشيعون" في كل البلاد العربية والإسلامية
من أفكار، وهذه حقيقة الفكر الشيعي الذي يبشر به الشيعة حتى لا يبقى كثير من
الطيبين يظن أن هذه الأفكار ماتت في التاريخ!!
.( ١) ص ( ٩٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
102
( "المتحولون" والموقف من الصحابة( ١
"المتحولون"، مصطلح يراد به كل من انتقل من السنة أو الشيعة إلى
الطرف الآخر، وقد ألفت في ذلك الكتب وأسست له مواقع على شبكة الإنترنت،
فمن هذه المؤلفات، كتاب "المتحولون"، للمتحول هشام قطيط، وهو سوري تشيع
منذ سنوات، وكتابه هذا وصل إلى ( ٥) مجلدات! بسبب نقولاته الطويلة
"للمتحولين" من السنة إلى الشيعة، ويقابله كتاب "أعلام التصحيح والاعتدال"،
للباحث السعودي خالد البديوي، الذي درس فيه مناهج وآراء عدد من مشاهير
علماء الشيعة، الذين ترك بعضهم التشيع وبعضهم نبذ الغلو، أما على صعيد
المواقع الإلكترونية، فالعديد من المواقع الشيعية تضم نوافذ أو صفحات باسم
"المتحولون أو المستبصرون"، وقد أورد معظم محتوياتها هشام قطيط في كتابه،
أما المواقع السنية، فمنها موقع "مهتدون" و"صحوة الشيعة".
وقضية التحول هذه تستحق الدراسة والبحث، ذلك أنها تكشف عن حقيقة
العمل والجهد والفكر الذي يجرى في الواقع بين السنة والشيعة، وإن أنكرته
بعض الشخصيات، مثل رفسنجانى في حواره مع القرضاوي على قناة الجزيرة،
أو حسن نصر الله في لقاءاته الصحفية من الجانب الشيعي، والدكتور العوا
وأمثاله من الجانب السني.
وأتساءل: كيف يجوز إنكار حقيقة واضحة، مثل الشمس، ونحن نرى
ونسمع مئات بل آلاف الأشخاص الذين يتحولون من الشيعة إلى السنة، ولهم
كتب تروى تجربتهم أو مقابلات ومحاضرات تشرح قصتهم، ويقدر بعض
العارفين بالمجتمع العراقي عدد هؤلاء خلال تسعينيات القرن الماضي بحوالي
٢٥٠ ألف متسنن، وقد تعرض الكثير منهم للقتل على يد الميلشيات الشيعية،
عقب سقوط بغداد، ولم يدافع عنهم أحد لا من ال سنة ولا حتى من الحكومة،
.٢٠٠٧/٣/ ١) مجلة العصر ١٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
103
بزعم أن المسألة عشائرية والعشيرة – الشيعية - هي من قتلت أحد أفرادها!!
بعكس ما يحدث اليوم حين وصل القتل والاغتصاب لأبناء العشائر السنية،
فنصرت العشائر السنية أبنائها.
هذه حقيقة لا يجوز نكرانها، بل يجب التعامل معها ودراستها، لنعرف
حقيقة الفكر الذي يبث، والمناهج التي يتم الدعوة لها من خلال دراسة مواقف
هؤلاء "المتحولين"، ومن أجل المساهمة في هذا المجال سوف أعرض موقف
"متحولين" من الصحابة الكرام، "متحول سني" و"متحول شيعي".
التحول إلى السنة
- علي القضيبي من البحرين، كان شيعيًا وأصبح سنيًا، وألف كتابا بعنوان:
"ربحت الصحابة ولم أخسر آل البيت"، يقع في ( ٨٣ ) صفحة من القطع المتوسط
صدر سنة ٢٠٠٥ م، ومن عنوان كتابه يتضح منهجه ونتيجة تجربته، حيث إنه
بتسننه جمع بين حب الصحابة وتقدير آل البيت، كحال جميع أهل السنة في
العالم.
يقول القضيبي: "لقد كنت أبغض الصحابة رضي الله عنهم اعتقادًا مني أنهم
ظلموا آل البيت عليهم السلام،.... رواياتنا ساهمت بشكل واضح في استفزازنا
وإثارتنا عاطفيًا تجاه لعن الصحابة ومن يتعلق بهم بصلة، فابتدأت بتكفير
الصحابة والقول بردتهم، ثم جاءت بلعنهم والبراءة منهم.... وقفت مليًا أمام قول
وَال سابُِقونَ الأَ وُلونَ مِنَ اْل مهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَ عو هم بِإِحسَانٍ : الله تعالي
التوبة : ١٠٠ ]...... فسألت نفسي: كيف يليق ] رضِيَ الّل ه عَْن ه م وَرَ ضوْا عَنْ ه
واغتصبوا الخلافة، بينما المولى عز بعاقل أن يقول: إن الصحابة ظلموا عليًا
وجل يخبرنا في هذه الآية أنه راض عنهم وقد أعد لهم جنات النعيم؟؟... لم أجد
جوابًا تطمئن له نفسي سوى القول، بأن الله الذي رضي عنهم وبشرهم بالجنة
." يعلم أنهم ماضون على هدي رسوله وعلى لسان رسوله
هذه تجربة وموقف القضيبي في تحوله من الشيعة إلى السنة.
مقالات في المشكلة الشيعية
104
التحول إلى التشيع
- أحمد حسين يعقوب، محام من محافظة جرش بالأردن، ألف كتابًا سماه
"المواجهة مع رسول الله وآله، القصة الكاملة"، وقد صدر عن مركز الغدير
ببيروت في ٦٨٠ صفحة من القطع الكبير، صدرت الطبعة الثانية سنة ١٩٩٧ م،
قال في مقدمته: "وقد عنيت بالمواجهة، تلك المجابهة التي حدثت عبر التاريخ
بين رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم من جهة وبين أعداء الله الذين
كرهوا ما أنزل الله، فتبرعوا نيابة عن الجنس البشري فجابهوا رسول الله وآله"
[ص ٧]. ويفصل أحمد يعقوب لنا هذه المجابهة بما يلي:
"تلقى النبي أمرا إلهيا بإعلان دعوته، ويبدو جليا من التسلسل المنطقي
للأمور، أن النبي قد جمع الهاشميين في بيته أولا، وأطلعهم على حقيقة النبأ
العظيم، وأنه - وبأمر من ربه - عين في هذا الاجتماع ولى عهده والإمام من
بعده ... وهكذا أحيط البطن الهاشمي خاصة بحقيقة النبأ، وتم تعيين ولي العهد
والخليفة من بعد النبي أمام هذا البطن، وأحيطت بطون قريش وسكان مكة عامه
بحقيقة هذا النبأ"، (ص ١٥ )، دون أن يذكر يعقوب دلي ً لا على ذلك!
ويقول أيضًا: "قدرت بطون قريش عامة، والبطن الأموي خاصة، أن نجاح
النبوة المحمدية والرسالة يعنى - حسب تحليل قريش - دمار الصيغة السياسية
الجاهلية القائمة على التوازن بين البطون وتقسيم مناصب الشرف، وتعني أيضا
تفرد البطن الهاشمي بشرف النبوة، وحرمان بطون قريش من هذا الشرف"
(ص ٣٢ )، و تحليل يعقوب هذا لا يستقيم مع الموقف العدائي لأبي لهب الهاشمي
عم النبي صلى الله عليه وسلم من الرسول!! ويقول أيضًا: "فكان الحسد هو
الموجه الأعظم لتحركات الأمويين خاصة، ولبطون قريش عامه خلال مرحله
.( الدعوة العلنية" (ص ٣٤
"وطوال ٢١ عاما وبطون قريش عامه والبطن الأموي خاصة، يعارضون
ويقاومون الإسلام ونبيه ويحاربون الّله ورسوله، وخلال هذه الحروب قتل الإمام
مقالات في المشكلة الشيعية
105
علي والهاشميون سادات بني أميه وسادات البطون القريشية، فجمعت بطون
قريش مع الحسد لمحمد ولآل محمد الحقد على محمد وعلى آل محمد، لأنهم
قتلوا سادات البطون" (ص ٣٥ ). وأتساءل هل علي بن أبي طالب فقط هو الذي
قتل سادات قريش؟! وبقية الصحابة في المعارك ماذا كانوا يفعلون إذًا في
المعارك؟
ثم يقول: "وبالرغم من هزيمة البطون المنكرة، وبالرغم من عفو النبي
الكريم وحلمه وقوله لهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، إلا أن هذه البطون لم تكن
راضيه عن الترتيبات الإلهية، ولا مطمئنه لهذا التميز الهاشمي، صحيح أنها
توقفت عن المقاومة، وألقت السيوف التي حاربت بها الإسلام ...، إلا أنها
استغلت سماحه الإسلام، وأخذت تخلق الفرص وتتحينها لإعادة التوازن بين
البطون الذي اختل برأيها بالنبوة الهاشمية، وأخذت تعمل بالخفاء لتعديل
الترتيبات الإلهية بعد موت النبي!!!" (ص ٣٥ ). من الواضح أن يعقوب لا يوجد
عنده إلا عقلية المؤامرة؟
ثم يقول: "إن كل بطون قريش ال ٢٣ وقفت وقفة رجل واحد، وشكلت
جبهة واحده بمواجهة أهل بيت النبوة وبني هاشم، فمن غير الممكن عقلا أن
تكون هذه الوقفة ثمرة تصور آني!!! وأنت تلاحظ أن هذه البطون قد وقفت
مجتمعة ضد النبي وحاربته وحاربت دينه وحاربت الهاشميين بكل وسائل
الحرب طوال ١٨ عاما، حتى أحيط بها فسلمت أو استسلمت ونطقت بالشهادتين
كارهه، ... والمدهش أن كل المنافقين وقفوا مع بطون قريش وقفة رجل
واحد... وقبضت البطون على مقاليد الأمور، ووقع الخلاف بين الأنصار،
واكتشفوا بأنهم أمام تجمع قبض على مقاليد الأمور، وتحول إلى سلطه حقيقية،
.( فسلموا لينجوا بأنفسهم وليحافظوا على حياتهم ومصالحهم" (ص ٩٣
هذا هو تقييم يعقوب لحادثة السقيفة، فهو يعتبر أبا بكر وعمر والصحابة
و"البطون" والمنافقين حلفًا على بني هاشم!! وكأننا نقرأ قصة الانقلابات
مقالات في المشكلة الشيعية
106
العسكرية الحديثة وليس سيرة الإسلام! ولكن من قائد هذا التحالف؟؟؟ يخبرك
يعقوب إنه عمر بن الخطاب رضي الّله عنه الخليفة الراشد الثاني "فهو الذي قاد
مرحله التأسيس وتحمل أعباءها كاملة .... وهكذا نجح عمر وبتكتله بالحيلولة
بين النبي وبين كتابه ما أراد، فضاعت إلى الأبد فرصه تلخيص النبي للموقف.
وفيما بعد اعترف عمر ببعض الأسباب التي دفعته وحزبه لهذا التصرف
الرهيب، فليس في الدنيا أحد يجرؤ على مواجهه النبي بهذه الصورة المرعبة
غير عمر، وهكذا انكشفت هيبة الشرعية، وهتك سترها في حضرة النبي نفسه،
وانفتح أمام الطلقاء باب الجرأة على انتهاك الشرعية، وفك عراها عروة بعد
عروة وبأعصاب هادئة.
وعمر نفسه الذي أنبأ الناس عما سمي فيما بعد باجتماع الأنصار في
السقيفة، وهو الذي قاد أبا بكر، وأبا عبيده بن الجراح إلى ذلك المكان، واستطاع
بعبقريته أن يحوله من مجرد تجمع عند مريض وهو سعد بن عبادة، وعواده إلى
اجتماع سياسي، ثم حوله إلى هيئة عامة تبايع الخليفة، وهو الذي حشر أعوانه
ورتبهم وحولهم إلى جيش يزف الخليفة زفًا ليواجه آل محمد بأمر واقع، ورتب
قسما من أعوانه ليستقبلوا الخليفة الجديد بالترحاب ويقبلوا على بيعته.
فقد جمع عمر بطون قريش حول هذا الهدف، ون ّ ظر مبدأ النبوة لبنى هاشم،
والخلافة للبطون، وهدد الإمام علي بالقتل إن لم يبايع، وجمع الحطب وأعوانه
ليحرق بيت فاطمة على من فيه وفيه سيدة نساء العالمين وسيدا شباب أهل الجنة
الحسن والحسين". (ص ١٢ ). وأتساءل أيضًا هل هذه صفة عمر بن الخطاب
الخليفة العادل الملقب بالفاروق أم صفة سياسي انتهازي لا يقيم وزنًا لمبدأ وليس
سوى ترويجه لكذبة تهديد علي بالقتل وإحراق بيت ؟؟ عنده ذرة توقير للنبي
فاطمة.
ويتحدث يعقوب عن شركاء عمر في المؤامرة المزعومة فيقول: "إن
الشخص الوحيد القادر على هذا العمل الخطير، والقول الأشد خطورة هو عمر
مقالات في المشكلة الشيعية
107
فهو قائد التحالف، وهو المعني الأول بتحقيق الهدف الذي قام ، ابن الخطاب
التحالف لتحقيقه، وهو مبتدع نظرية (النبوة لبني هاشم والخلافة للبطون)، وهو
المقتنع بصواب وعدالة هذا التوزيع، ثم إنه ليس موضع شك، فهو مهاجر وهو
صهر الرسول.
فهو نائب قائد ، والشخص الآخر القادر على فعل ذلك هو أبو بكر
التحالف، ومن المؤيدين لنظرية عمر والمقتنعين بصوابها، ثم انه ليس موضع
شريكهما بهذا شك فهو مهاجر، وهو صهر الرسول، ومن المؤكد أن عثمان
النهي، فهو من رجال عمر، ومن المقتنعين بنظرياته، وهو أموي ونوه
الهاشميون بأقاربه شيوخ الوادي، وهو يعتقد أن التحالف قد ينجح، ومن الممكن
أن يحصل على نصيبه وافرا، ومن جهة ثانية، فليس هو بمتهم فهو مهاجر
.( وصهر الرسول أيضا" (ص ٢٥٤
وأقول هل حقًا من يفعل هذه الأفعال المزعومة يقال في حقه رضي الله
عنه؟؟
ويواصل يعقوب: "وهذا هو الأساس الأول للوحدة العجيبة التي جمعت أبا
بكر وعمر ومعاوية وأبا سفيان وطلحة وعمرو بن العاص وخالد وعكرمة بن
أبى جهل وسهيل بن عمرو وعثمان، فصار أعداء الأمس أحباب اليوم!!!"
.( (ص ٢٧٧
من هذه المؤامرة المزعومة؟ يقول هنا يثور تساؤل وما هو موقف النبي
يعقوب: "علم النبي - القائد - بقيام التحالف، وبالمجموعات التي تكونه، وعرف
قياداته وفهم أهدافه، ومجملها: رفض الاختيار الإلهي لعلي بن أبى طالب (ع)
ليكون إماما وقائدا ومرجعا للأمة بعد وفاه النبي (ص)، ورفض الاختيار الإلهي
لأهل بيت النبوة ليقوموا بدور مميز بقياده الأمة بعد وفاته، وكان النبي على علم
بالشائعات التي أطلقتها قياده التحالف للتشكيك بشخصه، وذاكرته، وعقله وصولا
إلى إبطال مفاعيل الأوامر الإلهية التي بلغها الرسول للأمة. وقد أسف النبي
مقالات في المشكلة الشيعية
108
لذلك اشد الأسف وشلت حركتهم ضده قيمه الأمر الإلهي" (ص ٣٥١ )، رأي
يعقوب هنا أن الصحابة عطلوا الأمر الرباني يناقض بوضوح مدح الله لهم في
القرآن بطاعتهم لله ورسوله!!
وقال يعقوب: "لو أن رسول الله بوصفه رئيسًا اصدر قرارًا بلزوم إلقاء
أعضاء التحالف لسلاحهم، وبضرورة تسليم قياده التحالف أنفسهم لرسول الله،
وبلزوم رجوع المتحالفين عن انحرافهم، وضرورة إطاعة ولي الّله والإمام من
بعده لما قدم قرار الرسول هذا ولا أخر أمام تجمع التحالف المقتنع بأهدافه،
والمطمئن لها، لان قرار الرسول بوصفه رئيس دولة ليست له قوة بشرية أو
جماعة متكاتفة ومقتنعة به تضعه موضع التنفيذ، التحالف يدرك ذلك جيدا"
.( (ص ٣٣٦
بصورة القائد الضعيف الذي لا لقد تجرأ هذا الكاتب على تصوير النبي
حول له ولا قوة، وأن أصحابه وأعوانه مجموعة من المخادعين والطامعين
بالرئاسة، ونفى عنهم توقير النبي وتعظيمه وحبه أكثر من نفوسهم، كل هذا من
أجل أن ينصر فكره الجديد؟!
وإن سألت عن المهاجرين أين هم من نصرة النبي؟ جاءك الجواب من
يعقوب: "بعد فتح مكة وتصفيه جيوب الشرك أدركت بطون قريش، المهاجرون
منها والطلقاء، بأن النبي قد بدأ بترتيب عصر ما بعد النبوة، وان اجل النبي قد
دنا، وأدرك المنافقون ما أدركته البطون وأيقنوا جميعا بأن محمدا يخطط ليكون
الإمام من بعده ابن عمه وزوج ابنته ووالد سبطيه: علي بن أبي طالب. وأيقنت
البطون بأنه إذا نجح النبي بتنصيب على بن أبى طالب إماما من بعده، فلن
تخرج الإمامة من الهاشميين إلى يوم الدين، وستجمع الأمة على قيادتهم.
وهكذا يجمع الهاشميون النبوة والإمامة معًا أو النبوة والخلافة معًا أو النبوة
والملك معًا على حد تعبير عمر بن الخطاب، فإذا فعلوا ذلك امتازوا على قومهم
بجحًا بجحًا على حد تعبير عمر بن الخطاب أيضا، لذلك لملمت البطون نفسها
مقالات في المشكلة الشيعية
109
لمواجهه نوايا محمد، وحدث تقارب جدي بين الذين اسلموا من البطون قبل فتح
مكة وبين الطلقاء الذين اسلموا بعد الفتح.
وهو مهاجر، حليف حقيقي لأبى سفيان ومعاوية ، فصار عثمان بن عفان
ويزيد والحكم بن العاص، وهم طلقاء، وتكونت وحدة حال بين التسعة المبشرين
في الجنة، وبين قاده الطلقاء وأفرادهم، بمعنى أن الذين أسلموا من بطون قريش
قبل الفتح شكلوا جبهة واحده مع الذين اسلموا بعد الفتح، وصار لمنتسبي بطون
.( قريش موقف موحد أو مشابه من كل الأحداث" (ص ٢٤٨
وفي (ص ١٤ )، يزيدك يعقوب إيضاحًا: "وبعد الفتح أدرك الأذكياء من أهل
مكة أن الإسلام هو طريق الدنيا وطريق الآخرة معا، وان مفتاح ذلك هو موالاة
محمد أو التظاهر بموالاته وتصديقه، والخلاصة لقد تجمعت في يثرب قوة فاعلة
ومتميزة عن غيرها، عرفت "بالمهاجرين" وكانت أكثريتها من بطون قريش
.( وبعضهم من الموالي الذين امتحن الّله قلوبهم للإيمان" (ص ١٤
ويؤكد على ذلك (ص ٢٨٥ ) فيقول: "أكثريه قاده التحالف من بطون قريش،
فقد اتفقت بطون قريش كلها باستثناء البطن الهاشمي وبطن بني المطلب على
الحيلولة بين الهاشميين وبين قياده الأمة بعد وفاه النبي، وعلى الاتحاد ضد علي
وضد توجهات النبي، ولكن هذه المرة تحت مظله الإسلام.
ومن هنا وقف الذين اسلموا وهاجروا من بطون قريش مع الذين اسلموا من
البطون يوم الفتح وقفه رجل واحد، للمحافظة على بنية البطون القريشية وشرفها
وحقها المهضوم!! واختار تحالف البطون قياده جديدة تتألف من مهاجري
البطون وطلقائها، وتم الاتفاق على تسليم قيادة التحالف إلى مهاجري البطون
وتقديم المهاجرين إلى الصف الأول، ويبقى الطلقاء في الصف الثاني، حتى لا
يثيروا انتباه العامة، وسواد الأمة!! وهكذا تكونت قياده البطون من خليتين".
ألست تشعر أيها القارئ، أنك تقرأ سيناريو فيلم لعصابة من عصابات
وأصحابه الكرام!! كما أنه اتهم الصحابة شيكاغو وليست سيرة النبي
مقالات في المشكلة الشيعية
110
كان ، بالتظاهر بالإسلام!! وإن سألت عن الأنصار ونصرتهم لرسول الله
الجواب من يعقوب:
"فأكثريه الأوس والخزرج لم يعتنقوا الإسلام إنما تظاهروا باعتناقه، ولم
يوالوا النبي حقا، إنما تظاهروا بموالاته، وهذه الأكثرية هي التي عرفت شرعا
"بالمنافقين" حيث تعذر عليها أن تبقى على حالها، أو تسبح بمواجهه تيار قوي
وجارف، فتظاهرت باعتناق الإسلام، وبموالاة النبي، وأضمرت الكفر بالإسلام
والحقد على النبي" (ص ١٤٦ )، إن جرأة أو وقاحة هذا الرجل عجيبة جدًا فهو
يعتبر أن أكثرية الأنصار منافقين!!!
من المهاجرين والأنصار - بحسب والنتيجة أن معظم أصحاب النبي
يعقوب - لم ينصروه، وذلك لأنه قد: "ترسخت فكرة النفاق، وصارت مشكله
النفاق من أعظم المشكلات التي واجهت النبي ومن والاه، حيث عمت هذه
الظاهرة، المدينة وما حولها" (ص ١٤٠ )، "واقعيًا عزل المؤمنون الصادقون
وصاروا أقليه، وفوجئوا بما يجرى، فإما أن يسيروا بمعاكسة التيار العام
فيخسروا مصالحهم، ويقفوا وجها لوجه أمام سلطة حقيقية تملك المال والدور
والقوة، وقد يخسرون حياتهم ودينهم" (ص ٢٨٢ ). ولم يعين لنا يعقوب من هي
هذه الأقلية وهل هي بضعة نفر لا يتجاوزون أصابع اليدين كما في روايات كتب
الشيعة؟؟
ولا ينسى أحمد حسين يعقوب كشف دور أمهات المؤمنين وزوجات النبي
في المؤامرة المزعومة فيقول: "ويبدو واضحًا أن عمر تلقى إشارة ما من
بيت الرسول تفيد بأنه سيوصي تلك الليلة" (ص ٢٦١ )، "هذا المصدر أو المخبر
يكره علي بن أبى طالب بالضرورة، ويعارض خلافه علي للنبي، وتربطه بعمر
وبأبي بكر علاقة قوية جدًا ومميزة!! ومن المستحيل استحالة مطلقه أن يكون من
أهل بيت النبوة، إذن لا بد أن يكون أحد الخدم، أو إحدى زوجات الرسول،
والخدم لا يجرؤون إطلاقًا على مثل هذا العمل الخطير، فيبقى الاحتمال المؤكد
مقالات في المشكلة الشيعية
111
أن إحدى زوجات الرسول قد أطلعت عمر على وقت كتابه التوجيهات وعلى
مضمون هذه التوجيهات لأنها سمعت الرسول يتكلم بذلك مع علي بن أبى طالب.
وبهذه الحالة تقفز إلى الذهن حفصة زوجه الرسول وابنة عمر بن الخطاب،
وتقفز عائشة زوجة الرسول وابنة أبي بكر، ... ربما كانتا معا قد أخبرتا عمر،
أو كانت إحداهما قد أخبرت عمر عن موعد كتابة التوجيهات النهائية وعن
.( مضمون هذه التوجيهات" (ص ٥٠١
يبدو أن الكاتب ظن نفسه يترافع في قضية سرقة في المحكمة فلجأ إلى
عبارات اللصوص "تلقى إشارة"، وبعد ذلك بدأ يحللها، فكانت النتيجة الأولى
لسن من أهل البيت!! ولست أدرى حين يقول يعقوب عنده أن زوجات النبي
في تشهده "كما صليت على آل إبراهيم" من هم آل إبراهيم؟؟؟ وحين يقرأ قوله
تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام: [وسار بأهله] من أهله؟؟ أليست الزوجة
أو الزوجات داخلة في مفهوم "الأهل"، والأدهى من هذا أن عائشة أو حفصة أو
كلتاهما تآمرتا مع "التحالف" ضد زوجهما ونبيهما!!؟؟ هل يوجد طعن أشد من
بادعاء أن زوجاته وأصحابه متآمرون عليه؟؟؟؟؟؟ هذا في النبي
، وهكذا يعرض لنا المحامي أحمد حسين يعقوب حال أصحاب رسول الله
فجعلهم في صورة سيئة جدًا، مخالفًا ثناء القرآن وتزكيته لهم، ومن جهة أخرى
بصورة المغلوب على أمره، والذي لم يستطع أن يحول جوهر صور النبي
أصحابه نحو القيم العالية والرضى بدين الله وأوامره.
وفي ثنايا كتابه، هناك اتهامات خطيرة أخرى للصحابة يعبر عنها بقوله:
"وأدركت السلطة - يقصد الخلافة الراشدة زمن أبي بكر - خطورة سلاح
الاحتجاج بالنصوص الشرعية، خاصة السنة النبوية ... لذلك منعت كتابة
ورواية أحاديث رسولالّله" (ص ٩٦ )، "وهكذا أخرجوا النبي عمليًا وأخرجوا بيانه
النبوي من ساحة التأثير على مسرح الأحداث، وضيعوا البيان النبوي وهو أكبر
ثروة وأعظم ثروة عرفها البشر، وبعد ٩٥ عامًا، عاد تلاميذ قادة التحالف،
مقالات في المشكلة الشيعية
112
ليجمعوا البيان النبوي الذي خربه أسيادهم وضيعوه من أجل ملك زائل!!"،
(ص ٣١٣ )، وأسأل يعقوب أين حفظ الله لهذا الدين؟
"وكضربة نهائية وفنية وللوقوف أمام حديث الثقلين الذي نقلته الأمة
بالتواتر، ولإبقاء حالة المواجهة بين الأمة، وبين أهل بيت النبوة وجد مصطلح
العشرة المبشرين في الجنة، ومصطلح النفر الذي مات رسول الّله وهو عنهم
راض، ولما مات هؤلاء وجد مصطلح الصحابة العدول" (ص ١٠١ )، وهنا يدعي
أن مصطلح "العشرة المبشرون بالجنة" و"عدالة الصحابة"، من اختراع أجهزة
الدعاية السياسية لترويج أباطيلها وليس من حقيقة دين الإسلام!!
"ومع هذا كان عمر يزايد على رسول الله، ويتصور الغافلون أن عمر
أحرص على الدين من الرسول نفسه، وأفهم بالدين من الرسول نفسه"
(ص ٢٩٦ ). "فإن تركة النبي لو آلت إلى ورثته لاستمالوا بها الناس نحوهم،
وكان المال سلاحًا رهيبًا، لذلك رأى عمر وأبو بكر أن يحرما أهل بيت النبوة
من تركة الرسول حتى لا يستغلها أهل البيت في القضايا السياسية، فصادرا
التركة والمنح" (ص ٣٢٦ ). وهذا اتهام رخيص من يعقوب للشيخين، بأن همهما
هو المنصب والزعامة وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم وآله.
ويقول يعقوب: "من يدلني على منافق واحد قد اعترض على أبي بكر أو
عمر أو عثمان أو معاوية أو مروان بن الحكم أو امتنع عن بيعته!!؟ ومع أن
التاريخ كتب تحت إشراف هؤلاء السادة وأوليائهم، إلا أن أي مؤرخ لم يرو قط
أن منافقًا واحدا قد اعترض عليهم. فالبديل الوحيد أن المنافقين كانوا معهم!!
بالظاهر والباطن، بالسر والعلانية!! وبالمقابل حصل المنافقون على المنافع
وعلى صك بإلغاء ظاهره النفاق!! وبالاعتراف بان المنافقين صاروا مؤمنين"
.( (ص ٣٣١
أليس في هذا اتهام صريح للصحابة بتقديم محبة المنافقين على محبة الله
ورسوله؟
مقالات في المشكلة الشيعية
113
ويقول: "هذه طبيعة مشاعر أم المؤمنين نحو علي بن أبى طالب،... ولكن
كيف تحب من قتل أولاد عمها في بدر، إنها تكره علي وتكره ذريته"
.( (ص ٥٠٤
ولا أعرف ماذا أعلق هذه التهمة السخيفة، بأن أم المؤمنين تكره عليًا
المؤمن لأنه قتل أولاد عمها المشركين في بدر، وهذا على فرض صحة القتل،
طعن في إيمان عائشة رضي الله عنها والقول أنها لا تزال تحب المشركين.
هذه إطلالة على موقف هذا التيار المتشيع من الصحابة، من خلال نموذج
ما كتبه أحمد حسين يعقوب، وهو نموذج تكرر في إنتاج هذا التيار المتشيع
كمقالات وكتب أحمد راسم النفيس في مصر، أو شتم حسن شحاته للعشرة
المبشرين بالجنة (بمن فيهم علي) فسب السنة والشيعة بغبائه وتهوره، وكذلك
التيجاني من تونس، وغيرهم، مما يوجب تسليط الضوء على حقيقة التشيع الذي
يراد نشره وهل يصب في التقارب والوحدة الإسلامية.
وقد انتبه بعض الأذكياء أن غالب مؤلفات المتحولين إلى الشيعة، تتجنب
معالجة مسائل الخلاف بين الشيعة والسنة كمسألة الإمامة أو عقيدة الرجعة
والتقية والبداء والموقف من القرآن، فهذه من أهم الأسس التي تفرق بين السنة
والشيعة، وبالمقابل تتركز كتاباتهم على إثارة الشبهات، فما أن يتشيع الواحد
منهم حتى يبدأ بالسب والحط من رموز الحضارة الإسلامية، كصلاح الدين
الأيوبي وخالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص وغيرهم. كما أن دراسة بقية
طروحات هؤلاء المتشيعين مهم، لمعرفة حقيقة الفكر الذي ينتشر بين المسلمين
اليوم.
مقالات في المشكلة الشيعية
114
( حركة الجهاد الإسلامي والهوى الشيعي الإيراني!( ١
ظهر مؤخرًا بشكل واضح وصريح الكثير من المظاهر والنشاطات التابعة
لحركة الجهاد الإسلامي في داخل فلسطين والتي تحمل تشيعًا صريحًا غير
مبطن!!
والغريب أن كثيرًا من الطيبين من أهل السنة وقفوا مدهوشين أمام ذلك،
وبعضهم لا يزال يكذب الأخبار التي تصل عن ذلك، رغم أنها موثقة بالصوت
والصورة ومن مواقع حركة الجهاد الرسمية، وتصدر عن القيادات الرئيسية
للحركة والتي لا تزال تمارس دورها، وهذا التعاطف مع حركة الجهاد هو ميزة
وسلبية في آن واحد للطيبين من أهل السنة.
فهو من جهة يعبر عن شوقهم وحبهم للأرض المباركة وأهلها وإخلاصهم
في الدفاع عنها ومساندة المجاهدين الأبطال رغم اختلاف المنهج وتعارض الفكر
فهذه الميزة.
أما السلبية فهي سهولة خداعهم لطيبة قلوبهم وسلامة صدورهم فكل من
رفع راية الجهاد يصدقونه ولو كان مخادعًا مكارًا، وما حال (أبى القعقاع محمد
قولا غاصي) ببعيد!!
ولما كان كثير من أهل السنة لا يعرف حقيقة الهوى الإيراني والشيعي
لحركة الجهاد لانخداعه بصلاح ممثليها في بعض الدول وعدم متابعته لأدبيات
وأفكار حركة الجهاد؛ لزم التنبيه على ذلك وإقامة الدليل على عمق هذه الروابط،
وأنها منهج وفكر الحركة وليست سلوكًا سطحيًا يراد منه استغفال إيران والشيعة
للحصول على الدعم المالي؛ لأن الحقيقة المرة أن حركة الجهاد منذ نشأتها تعتز
بهواها الإيراني الشيعي وتناضل في سبيل تمكينه في فلسطين!!
١) مجلة الراصد العدد ( ٥١ ) رمضان ١٤٢٨ ه . )
مقالات في المشكلة الشيعية
115
( بداية حركة الجهاد( ١
تكونت حركة الجهاد في نهاية السبعينيات من القرن الماضي من قبل بعض
الطلبة الفلسطينيين الدارسين في مصر، وكان الدكتور فتحي الشقاقي هو محور
هؤلاء الطلبة الذين كان منهم د. رمضان شلح الأمين العام للحركة اليوم و نافذ
عزام وعبد الله الشامي ومحمد الهندي، واستقطبت الحركة بعض كوادر فتح
المتدينة في داخل السجون الإسرائيلية ومنهم تشكل الجهاز العسكرى للحركة،
وبعد ذلك تم تنسيق بين الحركة و"سرايا الجهاد الإسلامي" التابعة لفتح القطاع
الغربي.
حدثت صراعات داخلية وتجاذبات في حركة الجهاد بين ثلاث شخصيات
هي: الشيخ أسعد بيوض التميمي خطيب المسجد الأقصى سابقًا، والشيخ عبد
العزيز عودة المحاضر بالجامعة الإسلامية بغزة، والدكتور فتحي الشقاقي الذي
استقرت له الأمور في حركة الجهاد.
وعلى كل حال فهذه الشخصيات الثلاث كانت مغرمة بالنموذج الإيراني
الشيعي!!
فالشيخ التميمي كان من المناصرين والمدافعين عن ثورة الخميني وهذا أمر
مشهور ومعلن، فهذا ابنه الأستاذ محمد أسعد بيوض كتب عن علاقة والده
بالإيرانيين وثورتهم قائ ً لا: "وبفضل الله أن والدي رحمه الله افترق مع هذه الثورة
فورًا عندما اكتشف حقيقتها المذهبية القومية المتعصبة وبأنه كان على خطأ
عندما ظن بها خيرًا فكان من أشد أنصارها ... وتم هذا الافتراق بعد جلسة
شهدت نقاشًا صريحًا وواضحًا من قبل والدي مع بعض قيادت الثورة وكيف أن
١) انظر: "الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية"، المركز العربي للدراسات )
١٥٧ ). وانظر أيضًا: "موسوعة / الإستراتيجية، تحرير فيصل دراج وجمال باروت ( ٢
.( الحركات الإسلامية"، مركز دراسات الوحدة العربية، د.أحمد الموصللى ( ٢٢٥
مقالات في المشكلة الشيعية
116
ظنه بهذه الثورة قد خاب، وأن جميع المنطلقات التي انطلق منها في موقفه
المؤيد لها قد ثبت فشلها، وأنها وهم، وأنه لن يموت إلا على عقيدته السلفية
.( وحب أبي بكر وعمر، وكنت شاهدًا على هذه الجلسة "( ١
وأما افتتاحية موقع الشيخ أسعد بيوض التميمي: فقد جاء فيها ما يلي: "ولقد
بلغت ذروة جهاد الإمام المجاهد بتأسيسه لحركه الجهاد الإسلامي "الفلسطينية"
في نهاية عقد السبعينات وبداية الثمانينات من القرن المنصرم والتي تآمرت
عليها إيران بأن شقتها ... وكان هذا الفعل بمثابة طعنة من الخلف، بعد أن كان
الشيخ يقف إلى جانب الثورة الإيرانية من أول يوم معتبرًا إياها ثورة في الفكر
الشيعي، ولا يجوز الحكم عليها قبل تجربتها والتعرف عليها عن قرب ... ولكن
للأسف الشديد كانت تجربة مرة، حيث اكتشف الإمام المجاهد بعد حين بأن
الثورة الإيرانية ما هي إلا ثوره طائفية مذهبية بخلفية قومية لا زالت تحمل الحقد
الدفين على أبي بكر وعمر وجميع الصحابة وأهل السنة لذلك حصل بينه وبين
.(٢)" إيران انفكاك لا رجعة فيه من عام ١٩٩١
أما عبد العزيز عودة والذي يلقب بالأب الروحي لحركة الجهاد، فمعروف
أنه من أوائل من أيدوا الثورة الخمينية في داخل فلسطين.
لكن ما يهمنا أكثر هو الكلام عن فتحي الشقاقي كونه أول أمين عام لحركة
الجهاد، والحركة ما زالت الحركة تتبع خطاه للآن عبر قيادة د. رمضان شلح.
١٩٩٦ ) في رام الله ثم انتقل إلى مخيم للاجئين في – ولد الشقاقي ( ١٩٥١
غزة، سافر للدراسة في مصر، وأصبح طبيب أطفال.
من الناحية الفكرية تدرج الشقاقي من الناصرية حيث أسس سنة ١٩٦٦
جماعة ناصرية صغيرة، وبعد هزيمة ٦٧ تحول للحركة الإسلامية، وانضم
١) انظر مقاله: "هل الثورة الإيرانية إسلاميه أم مذهبيه قومية"؟ على موقعه الشخصي )
http://www.grenc.com/a/mTamimi/show_Myarticle.cfm?id=6837
http://assadtamimi.com/first.htm (٢)
مقالات في المشكلة الشيعية
117
للإخوان سنة ١٩٦٨ وتركهم سنة ١٩٧٤ بعد اختلافه معهم حول سياستهم تجاه
إسرائيل. وفي مصر اتصل بجماعات الجهاد، اعتقل في القاهرة سنة ١٩٧٩
بسبب تأليفه كتاب "الخميني: الحل البديل"، وفي ١٩٧٨ أسس حركة الجهاد
وأعلنت في ١٩٨٠ ، عاد لفلسطين فتم اعتقاله سنة ١٩٨٣ لمدة ١١ شهرًا،
واعتقل مرة أخرى سنة ١٩٨٦ لمدة ٤ سنوات، وتم إبعاده للجنوب اللبناني سنة
١٩٨٨ ، وفي عام ١٩٩٦ اغتيل الشقاقي في مالطا.
الشقاقي وجذور العلاقة بإيران:
خير من يحدثنا عن هذه العلاقة هو د. رمضان شلح صديق الشقاقي الوفي
والقديم، والأمين العام لحركة الجهاد الآن.
، يقول شلح( 1): "أنه عندما اندلعت الثورة الإيرانية في فبراير/ شباط ١٩٧٩
طلبوا من الدكتور الشقاقي أن يشرح لهم أبعاد حركة الخميني، وأهدافها، لأن
المقربين من الشقاقي وأنصاره لم يكونوا ملمين بحقيقة ما جرى، في البداية قرر
أن يكتب دراسة في حدود عشر صفحات حتى يقرأها الجميع، لكن الفكرة
تطورت إلى كتيب يطبع ويوزع في الأسواق، وأذكر أنه نزل إلى القاهرة
وأحضر بعض الكتب والمراجع حول الشيعة وحركة الإمام الخميني من
المكتبات ومن جمعية آل البيت، فألف ذلك الكتيب "الخميني: الحل البديل"، الذي
كتبت مسودته بخط يدي قبل أن يرسل للمطبعة، وقد نزل الكتاب إلى الأسواق
١٩٧٩ م". /٢/ بعد وصول الخميني إلى طهران بأيام تقريبًا في ١٦
هذه هي بداية العلاقة وأصل الحكاية فهي تعود لعام ١٩٧٩ وليست وليدة
السنوات القريبة!! كما أن الشقاقي استعان بجمعية آل البيت بمصر، فهل يدل هذا
على أن له بها علاقات سابقة؟؟ هذا ما ينبغي دراسته وبحثه!!
١) "في عين العاصفة" حوار مع رمضان شلح غسان شربل، بيسان للنشر والتوزيع، )
.٢٠٠٣/١/ (ص ٧٣ )، وسبق نشره في صحيفة "الحياة" اللندنية بتاريخ ٧
مقالات في المشكلة الشيعية
118
وعند دراسة هذا الكتيب نجد أنه يعبر عن حالة عاطفية عالية مع قلة وعي،
فقد أورد الشقاقي في كتيبه عدد من الثورات والتجارب التي خدعت المسلمين
سابقًا كجمال عبد الناصر، وهواري بومدين في الجزائر، وأتاتورك، وما جرى
في السودان، وليبيا، من خطف النصر من بين يد المسلمين، وتبرز في عرضه
لهذه التجارب والأحداث عاطفة جياشة صادقة ترغب بالعز والمجد لهذه الأمة،
وقد ذكر الشقاقي بعض المؤامرات والمكائد والخدع التي تعرض لها المسلمون
لتأييد بعض هذه الثورات ثم اكتشفوا حقيقتها ولكن بعد فوات الأوان.
ولكن الشقاقي حين أتى عند ثورة الخميني تحول من كاتب عاطفي يدرك
المؤامرات القديمة لكاتب مخدوع يمتاز بضعف الوعي ذلك، أنه لم يتحصل على
قواعد وأصول صحيحة يزن بها الأفكار والشخصيات وكم تعانى أمتنا من أمثال
هؤلاء الكتاب والقادة!!
ففي مقدمة كتابه يصف الشقاقي الخميني وثورته بقوله: "مع انتهاء عام
١٩٧٧ م كانت الظروف الموضوعية قد نضجت للثورة محليًا: فساد هائل،
وإسلاميًا: وعي متزايد وتجربة فكرية وسياسية في غاية العلمية وفي إطار من
الأطروحات الشيعية العصرية - التي اقتربت من أهل السنة - ضمن فترة من
أنشط الفترات فكريًا في تاريخهم".
وهذا يدلك على مدى هشاشة معرفة الشقاقي بالفكر الخميني وأنه رجل
ساذج خدع ببعض الخطابات والشعارات الخمينية الدعائية!!
وفي الفصل الثاني والذي وضع له عنوان "الإمام الخميني المفكر
والمناضل"!!
وكال فيه المديح للخميني حتى أنه ساواه بالمرجع الشيعي الخوئي وهذا فيه
تجاوز كبير تاريخيًا، ورغم أن الشقاقي ينقل فقرات مطولة من كتاب الخميني
"الحكومة الإسلامية" إلا أنه لعاطفته وقلة وعيه لم ير حقيقة فكر الخميني الذي
سطره في كتابه "الحكومة الإسلامية".
مقالات في المشكلة الشيعية
119
ويبقي هنا سؤال: من أين حصل الشقاقي على كتاب "الحكومة الإسلامية"
في القاهرة مترجمًا إلى العربية سنة ١٩٧٩ ؟؟ هل من جمعية آل البيت، فيثبت
أن لها علاقة بثورة الخميني؟ أم أن ثورة الخميني ترجمت الكتاب للعربية مبكرًا
وطرحته في الأسواق؟؟
نجد جزءًا من الجواب في مقدمة مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني
لكتاب "الحكومة الإسلامية" والذي طبع سنة ١٩٩٦ م حيث تقول المؤسسة: "في
خريف سنة ١٩٧٠ طبعت "محاضرات الحكومة الإسلامية" من قبل أنصار
الإمام في بيروت بعد مراجعتها من قبله وإعدادها للطبع، ومن ثم أرسلت إلى
إيران بشكل سري، كما أرسلت في نفس الوقت إلى أوربا وأمريكا وأفغانستان
.( وباكستان ليستفيد منها المسلمون الثوريون هناك"( ١
وفي هذا الفصل يفصح الشقاقي عن سبب علاقة "حركة الجهاد" بالخميني
فيقول: "وتبقى هناك قضية هامة في فكر الإمام الخميني وممارسة الحركة
الإسلامية في إيران، ألا وهو موقفها من قضية فلسطين؛ هذا الموقف الذي ينم
عن وعي استراتيجي وتكتيكي بالغ الأثر والأهمية ،وهو موقف يجب أن تتأمله
بقية الحركات الإسلامية لتأخذ منه الدرس والعبرة لا على مستوى النظرية فقط
بل على مستوى الممارسة والتطبيق، لأن المراوحة في المستوى النظري هي
مراوغة تسمح لكل فكر فج ومائع بالبقاء في ميعه يؤدي دوره بشكل غير
صحي". وهذه اللهجة الحادة - نوعًا ما - سببها خلاف الشقاقي مع حركة
الإخوان المسلمين حول طبيعة التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث يقول: "ومن
هنا نشأت العلاقة بين الحركة الإسلامية في إيران وفلسطين، هذه العلاقة التي لا
يمكن سبر كل أغوارها في مثل هذا الكتاب، وربما كان باستطاعتنا الإشارة
لبعض جوانبها". ثم يذكر الشقاقي بعض بيانات الخميني المنددة بإسرائيل.
.( ١) (ص ٦ )
مقالات في المشكلة الشيعية
120
ويختم الشقاقى هذا الفصل بقوله: "كنت أود أن أشير قبل ترك هذا الفصل
أن الثورة الإسلامية في إيران ثورة إسلامية بمعناها القرآني الرحب.. إنها ليست
ثورة طائفة دون طائفة، إن القواسم المشتركة بين جناحي المسلمين السنة
والشيعة لتكاد بل هي فع ً لا تشكل جسد هذه الثورة بدءًا من منطلقاتها وأهدافها
ووسائلها وبواعثها.. إن الخلاف المطروح بين أهل السنة والشيعة حول إمامة
الأئمة الاثني عشر وعصمة الأئمة - لا يشكل سلبًا ولا إيجابًا - أي تأثير في
طبيعة الثورة ومسارها، ولكن حتى تكتمل موضوعية البحث لا بد لنا من دراسة
سريعة لأصول الفكر الشيعي."
وهذا يؤكد عاطفية الشقاقي وقلة وعيه بالفكر الشيعي الذي تناول أسسه في
الفصل الثالث. فحين نقرأ ماذا كتب الشقاقي عن الشيعة نجده استند لكتاب كاشف
الغطاء "أصل الشيعة وأصولها" وهذا كتاب شيعي دعائي يراد منه خداع
المسلمين، وذلك أنه لا يورد الحقائق الصحيحة عن الشيعة، بل يستخدم لغة
دبلوماسية، ولذلك تراه يثني على الصحابة مث ً لا، ولكن لا يتبنى الموقف الصحيح
وهو البراءة ممن يكفرهم!!
وعندما يستعرض الشقاقي أصول الشيعة فلا يدرك أبعاد "الإمامة" عند
الشيعة، وأنها ركن الدين من أنكرها كفر، ولولا الإمامة لما بقي من مذهب
الشيعة شيء!! ويجعل الشقاقي أصول الشيعة أربعة:
١- العصمة: أي أن الأئمة الاثنى عشر معصومون من كل خطأ وزلل،
لو كان لعلي كل هذه العصمة » :( ويورد الشقاقي رد أحمد أمين على الشيعة( ١
والعلم ببواطن الأمور وخفاياها لتغير وجه التاريخ ولما قبل التحكيم ولدبر،
الحروب خيرًا مما دبر، فإن قيل أنه علم وسكت وتصرف وفقًا لقدر فهو خاضع
للظروف خضوع الناس تتصرف فيه حوادث الزمان كما تتصرف في الناس،
.(٢٢٢/ ١) في كتابه "ضحى الإسلام" الجزء ( ٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
121
لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني » : يقول والرسول
.« السوء
٢- المهدي: وتعني لغة ودينًا الرجل الذي هداه الله فاهتدى وأخذت عند
وهو لا يزال غائبًا بين الناس وسيظهر فيملأ ،« الإمام المنتظر » الإمامية معنى
الأرض عد ً لا كما ملئت ظلمًا وجورًا، وهو محمد المهدي الذي اختفى نحو
٢٦٠ ه)، وكان الكثير من الشيعة يرى أنه لا تقوم دولة الإسلام مرة أخرى )
إلا بظهور المهدي، لكن موقف الإمام آية الله الخميني الذي رأى في هذا
الانتظار دون التحرك لإقامة حكومة إسلامية أسوأ من نسخ الإسلام.
٣- الرجعة: وتعني أن الله يرجع قسمًا من الأموات إلى الحياة الدنيا،
وعليًا والحسن والحسين وباقي الأئمة وكذلك بعض ويعتقدون أن النبي
خصومهم من الصحابة كأبي بكر وعثمان وعمر ومعاوية!! يرجعون إلى الدنيا
بعد ظهور المهدي الذي يعذب من اعتدى على الأئمة وغصبهم حقوقهم أو قتلهم،
وليس التدين » :" ولكن آل كاشف الغطاء يقول في كتابه "أصل الشيعة وأصولها
بالرجعة في مذهب التشيع بلازم ولا إنكارها بضار وإن كانت ضرورية عندهم
.(١)« ولكن لا يناط التشيع به وجودًا أو عدمًا
٤- التقية: هي عندهم كتمان الحق وسر الاعتقاد فيه مكاتمة المخالفين
وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين والدنيا ويزعمون أن الإمام جعفر
الصادق قال: "من لا تقية له لا دين له"، وأجاز التقية في الدين عند الخوف على
النفس وقد تجوز في حالة الخوف على المال وفي حالة الاستصلاح.
ورغم أن الشقاقي أطلع على قول الخميني في كتابه "الحكومة الإسلامية":
فلا ينبغي التمسك بالتقية في كل صغيرة وكبيرة، وقد شرعت للحفاظ على »
النفس أو الغير من الضرر في مجال الأحكام... أما إذا كان الإسلام كله في
.( ١) (ص ٩٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
122
١)، وتعتبر الشيعة موقف سكوت )« خطر فليس في ذلك متسع للتقية والسكوت
علي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين كان تقية، وكذلك موقف
الحسن من معاوية.
واضح من عرض الشقاقي السابق للفكر الشيعي أنه عرض ساذج لم يعرف
من التشيع إلا اسمه، فأصل التشيع هو الإيمان بالإمامة من أنكرها فقد كفر،
ولذلك حين غفل الشقاقي عن هذا هون من حقيقة الخلاف بين الشيعة والسنة
وظن أن المسألة سهلة يمكن التجاوز عنها، وخاصة حين اعتمد على كتاب
كاشف الغطاء غير المعتمد داخل الشيعة لكونه للدعاية بين أوساط السنة.
ولذلك لم يدرك تناقض موقف كاشف الغطاء في موضوع الرجعة عند
وليس التدين بالرجعة في مذهب التشيع بلازم، ولا إنكارها بضار، وإن » : قوله
فهو غير ،« كانت ضرورية عندهم، ولكن لا يناط التشيع به وجودًا أو عدمًا
لازم! وإنكارها لا يضر! وضرورية عندهم! فأي ذلك هو الصحيح؟؟؟
ولم يلاحظ أن كاشف الغطاء يقول أن أبا بكر وعمر والصحابة أعداء
للأئمة وأنهم سيعذبون على هذا!!! ولكن جهل الشقاقي وعاطفته أعمته عن فهم
ذلك. ويختم الشقاقي هذا الفصل بالسؤال عن حكم السني عند الشيعة فيقول:
"والسؤال الذي يواجهنا الآن ما موقف الشيعة من أهل السنة.." أي من المسلم
الذي لا يأخذ بالإمامة وينكر العصمة؟
لا يكون العبد مؤمنًا حتى » : ورغم أن الإمام الكليني يقول في كتابه الكافي
إلا أن بعضهم « يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه ويرد إليه ويسلم له
يفسر كلمة لا يكون مؤمنًا أي لا يكون مسلمًا شيعيًا.
ويجيب الإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء على هذا السؤال بشكل حاسم
والإسلام والإيمان مترادفان ويطلقان » : قائ ً لا « أصل الشيعة وأصولها » في كتابه
.( ١) (ص ١٤٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
123
على معنى أعم يعتمد على ثلاثة أركان: التوحيد والنبوة والمعاد، فلو أنكر الرجل
واحدًا منها فليس بمسلم ولا مؤمن، وركن رابع وهو العمل بالدعائم التي بني
عليها الإسلام وهي خمس: الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، والجهاد، الشهادة
مرت في التوحيد.. فهذه الأركان الأربعة هي أصول الإسلام والإيمان بالمعنى
الأخص عند جمهور المسلمين ولكن الشيعة الإمامية زادوا ركنًا خامسًا وهو
.( ص ١٢٧ ) « الاعتقاد بالإمامة
وقد اعتبر الإمام آل كاشف الغطاء أن عدم الأخذ بالمبدأ الخامس مع الإيمان
والعمل بالأركان الأربعة لا يخرج المسلم عن دائرة الإيمان والإسلام، فيقول في
نفس المصدر السابق:
وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة فقط فهو مسلم مؤمن بالمعنى ...»
الأعم يترتب عليه جميع أحكام الإسلام من حرمة دمه وماله وعرضه ووجوب
حفظه وحرمة غيبته وغير ذلك، لا أنه بعدم الاعتقاد بالإمامية يخرج عن كونه
مسلمًا - معاذ الله - نعم يظهر أثر التدين بالإمامية في منازل القرب والكرامة
.« يوم القيامة أما في الدنيا فالمسلمون بأجمعهم سواء وبعضهم لبعض أكفاء
وهنا تجد تناقضات غريبة من الشقاقي وتهاونًا عجيبًا، فكاشف الغطاء يؤكد
أن الإمامة ركن من أركان الدين!! ومعلوم أن من لم يأت بالركن يكفر!
كما أن كاشف الغطاء تلاعب حين ضم أركان الإسلام إلى أركان الإيمان
ليخلط القضية.
ولذلك لم يسم كاشف الغطاء أهل السنة مؤمنين بل مسلمين، لأن الشيعة
يرون أن أصول الإسلام قسمان: قسم من أتى به يترتب عليه جريان حكم المسلم
كالتلفظ بالشهادة كأهل السنة، وقسم آخر تتوقف عليه النجاة في الآخرة منها
!!( الاعتقاد بالإمامة( ١
.(١٣٠٥/ ١) لمزيد تفصيل راجع "أصول مذهب الشيعة"، للقفارى ( ٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
124
أما الخلاصة التي يصل إليها الشقاقي فهي: "وبعد، فمجمل القول بالنسبة
للشيعة الاثني عشرية الذين يشكلون سواد الشيعة اليوم أنهم يشهدون أن لا إله إلا
جاء بالحق من الله وأنه واحد أحد ليس كمثله شيء وأن محمدًا رسول الله
عنده وصدق المرسلين ويؤمن بجميع أنبياء الله ورسله وبجميع ما جاء به من
عند ربه، ويقولون بإمامة علي وولده الأحد عشر وأّنهم أحق بالإمامة من كل
وقولهم بالإمامة هذا لا يوجب كفرًا أحد وأّنهم أفضل الخلق بعد رسول الله
ولا فسقًا لأن إمامة شخص بعينه ليست من أصول الإسلام كما يرى أهل السنة.
وهم وإن كانوا أوجبوا إمامة الأئمة الاثنى عشر لكن منكر هؤلاء الأئمة عندهم
ليس بكافر ولا بخارج عن الإسلام وتجري عليه جميع أحكامه. كما يقولون
بعصمة الأئمة الأثنى عشر وبعودة المهدي الموجود حيًا بين الناس وإن أخطأوا
في ذلك أو أصابوا فهذا لا يوجب كفرًا ولا خروجًا عن الإسلام، ومن أهم ما
يؤخذ عليهم دعوى القدح في الصحابة الكرام، ولكن بعضهم يبرأون من الغلاة
ويقولون أن احترام أصحاب نبينا من احترام نبينا فنحن نحترمهم لاحترامه. في
حين يقول بعضهم أن أبا بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم قد اغتصبوا
يقول آخرون منهم أن أبا بكر وعمر وعثمان اجتهدوا السلطة من الإمام علي
فأخطأوا".
وبهذا يتضح أن عدم معرفة الشقاقي بمذهب الشيعة وانخداعه بالتقية الشيعية
والشعارات الثورية، مع نفسيته الرافضة لموقف الإخوان من القضية الفلسطينية
"فترة السبيعنيات" جعلته مهيئًا لقبول ودعم ومناصرة الثورة الخمينية.
تطور علاقة الشقاقي - حركة الجهاد بإيران والتشيع:
هذه بعض التصريحات والمقالات التي كتبها الشقاقي في مجلة "المختار
الإسلامي" وغيرها ننقلها من موقع الشقاقي الرسمي على شبكة الإنترنت، ويلزم
التنويه هنا أن مجلة "المختار" هي أحد منابر حركة الجهاد.
مقالات في المشكلة الشيعية
125
يقول الشقاقي: "وحركة الجهاد الإسلامية ليست مجرد مجموعات عسكرية
مقاتلة كما تصور أو سألنا كثيرون، ولكنها إضافة إلى ذلك وربما قبل ذلك رؤية
متجددة في العمل الإسلامي، رؤية منهجية تحدد بوضوح ووعي فهمها للإسلام
وللتاريخ الإسلامي ولحركة التاريخ، كما للعالم والواقع أيضًا، ومنذ مجلة
"المختار الإسلامي" التي صدرت في القاهرة ١٩٧٩ إلى "الطليعة الإسلامية" إلى
"الإسلام وفلسطين" إلى عشرات الكتب والنشرات والكراسات التي صدرت عن
الحركة، قدمت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إسهامًا فاع ً لا في تطوير
العمل الإسلامي المعاصر وهي لا زالت مستمرة في هذا العطاء بجانب
الممارسة الجهادية ضد العدو المركزي للأمة( ١)". بل لقد كان الشقاقي هو رئيس
تحرير مجلة "المختار" في بداية نشأتها.
ولا تزال "المختار" تقوم بهذا الدور بقيادة د. محمد مورو، ومن يطالع
المختار الآن يجد بكل وضوح تأييد ثورة الخميني وحزب الله و حسن نصر الله،
والتهوين من حقيقة الخلاف العقدي بين السنة والشيعة، وإن كان مورو قد أعلن
أن تاييده لإيران قد ضعف بعد موقفها في العراق وليس لأنه فهم وأدرك حقيقة
الفكر الشيعي.
هذه جولة مع بعض مقالات الشقاقي في مجلتي "المختار" و"الطلائع" حسب
تاريخ النشر لنرى توطد العلاقة مع إيران والثورة وأنها أصبحت تبنيًا لكامل
المنظومة الفكرية الإيرانية،
وسوف تكون النقولات مطولة لتوضيح الصورة كاملة ولا نتهم بالاجتزاء،
كما يجب التنبيه هنا أن أغلب هذه المقالات كتبها الشقاقي وهو داخل فلسطين
حيث عاد لفلسطين في أول الثمانيات وأبعد لجنوب لبنان عام ١٩٨٨ م.
.١٩٩٠/١٠/ ١) كما صرح الشقاقي لصحيفة اللواء اللبنانية بتاريخ ٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
126
أو ً لا: "المختار الإسلامي" العدد ( ١٢ ) – السنة الأولى – يونيو ١٩٨٠ ، كتب
الشقاقي رثاءً بعنوان: "وداعًا .. باقر الصدر":
"ما أصعب الكتابة عنك... ما أصعب أن يكتب البشر الفانون من أمثالي عن
الشهداء الخالدين... ما أصعب أن أكتب عنك يا سيدي، لا أدري أأرثيك... أرثي
لنفسي... أم من أرثي هؤلاء القتلة الطغاة من ثوريي هذا الزمان وخصيانه في
قصور بغداد.
في يوم ما، دلنى تعبى عليك... وجدت كتابيك العظيمين "اقتصادنا" "فلسفتنا"
كان تعب جيل بأكمله.. التهمت.. امتلأت ثقة.. طال ظلك.. طالت قامتي..
تعانقنا كما التلميذ في حضرة أستاذ عظيم... والآن وفي هذه الساعة المتأخرة
من هذا الليل يجيء نعيك... العالم يغط في النوم... بينما أنت تترجل عبر الأفق
يا سيدي فارسًا جمي ً لا وكوكبًا تزفه النجوم.
ثانيًا: في العدد ١٤ – السنة الثانية – أغسطس ١٩٨٠ كتب الشقاقي:
"مما لا شك فيه أنه كلما تقدمنا في دراسة الثورة الإسلامية في إيران فإننا
نجد أنفسنا أمام حدث عظيم، وظاهرة ومعجزة في التاريخ الحديث: أن يطرح
دين م ر على ظهوره أربعة عشر قرنًا طرحًا ثوريًا وديناميكيًا فذًا، ومن خلال
مضمون اجتماعي وسياسي وثقافي شامل..".
ثالثًا: العدد ٢١ – السنة الثانية – مارس ١٩٨١ ، في ذكرى مرور عامين
على انتصار الثورة الإيرانية، كتب الشقاقي مقا ً لا طوي ً لا جاء فيه:
"لكن رحلة الثورة لم تكن ببساطة هذه الكلمات... كانت عناء فوق طاقة
البشر وملحمة خلود لا يصنعها إلا رساليون محمديون حقيقيون... يا إلهي... أي
مجد ينفلت من بين أصابع كف الإمام... وينتظرك يا أمة الإسلام... يا كل أمة
الإسلام... وحققت أول انتصار للإسلام في العصر الحديث، لقد عادت الحياة
إلى هذا الجسد الذي ظنوه وقد أصبح جثة هامدة... إنه يستفيق من جديد...
ينهض رائعًا وفتيًا....
مقالات في المشكلة الشيعية
127
ويبقى السؤال المهم: كيف تحقق الانتصار؟!
القيادة الرسالية: والتي تمثلت كأفضل ما يكون في شخصية الإمام الخميني
الذي جاءت مراحل حياته معبرة أصدق تعبير عن الشخصية الإسلامية التي جاء
الإسلام ليقدمها للبشرية سراجًا منيرًا وقدوة فذة...
فهو بداية مسلم شديد الالتزام... ثوري ذو بصيرة نفاذة وحس ورؤية
صائبة في أحلك الظروف... شجاع لا يعرف المساومة أو التخاذل، مسكون
بعذابات المسلمين وأوجاعهم، في صدره إحساس الحسين بالمسؤولية وفي دمه
رؤية الحسين الفذة لمعنى الشهادة...
في حين كان محور حركة الإخوان المسلمين كحركة رائدة في الوطن
الإسلامي هو تربية الفرد.
وكان محور الحركة الكبرى الأخرى – الجماعة الإسلامية في باكستان –
هو مواجهة التحدي الفكري، فإن محور الحركة الإسلامية في إيران كان يدور
حول فكرة الجهاد بما يشمله هذا المعنى من تربية للفرد ومواجهة للتحدي
الفكري.
من هذا المنطلق تقدمت الحركة الإسلامية في إيران في صياغة نظريتها
الثورية، والتي جاءت منبثقة من الإسلام كأصالة وتراث وتاريخ كما جاءت ثمرة
سنوات طويلة من التطور السياسي والروحي والفكري...
لا يتسع المجال للحديث عن كل جوانب وانعكاسات الثورة الإيرانية
وسنكتفي بإلقاء الضوء على بعض الجوانب الحركية والفكرية:
حققت الحركة الإسلامية في إيران ما فشل فيه الكثيرون من الإسلاميين
وهو إيجاد حركة سياسية فعالة، قادرة على إسقاط النظام السياسي المقابل ومهما
كان شرسًا وقويًا.
أسقطت من أذهان الجميع – خاصة مسلمي ومستضعفي العالم – ذلك
الرعب من الدول والقوى الكبرى.
مقالات في المشكلة الشيعية
128
كما جاء الإنتصار ليسقط الكثير من التبريرات والمفاهيم حول كيفية صياغة
نظرية ثورية للحركة الإسلامية ويبرز مفاهيم جديدة مضيئة، وبذلك قدمت
للحركات الإسلامية في العالم رصيدًا ضخمًا من التجربة والإبداع الحركي.
أسقطت مقولة استحالة قيام حكومة إسلامية في هذا العصر، وأثبتت عمليًا
أنه لا يمكن قيام حكومة حقيقية وجماهيرية في منطقة الوطن الإسلامي إلا إذا
كانت حكومة إسلامية شك ً لا ومضمونًا، كما أسقطت الكثير من المقولات الفكرية
التي كانت تطفو على السطح بدءًا بمقولات الماركسيين إن الدين أفيون الشعوب
ورجعية رجال الدين وبقية المسلمات والبديهيات الماركسية!!! وانتهاء بمقولة
بريجنسكي عن انتهاء زمن الثورات الشعبية.
طرحت مفهوم وحدة المسلمين [الجامعة الإسلامية] من خلال مفاهيم سياسية
واضحة بعد عقود طويلة من التغريب وانزواء هذه الفكرة إلى الظل.
السنة والشيعة... ضجة مفتعلة: ...ونحن بداية نطرح أمام سكان الوطن
الإسلامي السؤال التالي: الذين يهاجمون الثورة الإيرانية هل يفعلون هذا لكونها
إسلامية أم يفعلونه لكونهم يسمونها شيعية؟
إن كانوا من الصنف الأول أي أعداء الإسلام فقد كفونا عناء الرد عليهم في
مثل هذا المقال... أما إن كانوا من الصنف الثاني فإنا والله لا نجد لهم يومًا في
التاريخ الإسلامي نستطيع أن نجالسهم فيه... لأنهم سيبقون دومًا خارج هذا
التاريخ سواء بالمفهوم الزماني، أي إذا كان زمانهم ما قبل بعثة محمد عليه
أفضل الصلاة والسلام، أم بالمفهوم السياسي والثقافي ونقصد إسلامهم – غير
واعين – بعملية غسيل المخ الذي يشرف عليها الغرب.
وهنا نطرح سؤا ً لا آخر... ألا يدري هؤلاء أن شقة الخلاف بين المعتزلة
وأهل السنة هي أشد من تلك التي بين السنة والشيعة، ومع ذلك لم نسمع عن فقيه
إسلامي أفتى بعصيان أمير المؤمنين إن كان معتزليًا [المأمون مث ً لا كان معتزليًا]
وكان الأصل هو السمع والطاعة لمثل هذا الأمير حتى لو كبل أحمد بن حنبل
مقالات في المشكلة الشيعية
129
(رضي الله عنه) بالقيود وجلده بالسياط وألقاه في غياهب السجن. ولقد ناقشت
"المختار الإسلامي" (عدد ١٠ ) جوهر الخلاف الفقهي بين جناحي الأمة السنة
والشيعة ونود هنا أن نطرح الموضوع من زاوية أخرى....
وعندما وصل إلى باريس وسئل عن أصول الثورة قدم الإمام رؤيته الثورية
الفذة "إن السبب الذي قاد إلى انقسام المسلمين إلى سنة وشيعة يومًا ما لم يعد
قائمًا اليوم... كلنا مسلمون... هذه الثورة إسلامية... نحن جميعًا إخوة في
الإسلام". وعندما توجه الحجاج الشيعة إلى مكة أمرهم أن يفعلوا كما يفعل علماء
السنة قائ ً لا: [إفعلوا كما يفعلون حتى لو اعتقدتم أنه خطأ... يجب أن تتبعوهم]...
وفي التلفزيون الإيراني كانت تعقد الندوات لشرح أفكار الإمامين الشهيدين
حسن البنا وسيد قطب والحديث عن دورهما الرائد في الحركة الإسلامية...
وقرأت إذاعة طهران على مستمعيها النص الكامل لكتاب سيد قطب الهام "معالم
في الطريق" على حلقات...
أما قضية عنصرية الفرس أو الإيرانيين فليست أكثر من مهزلة إعلامية
ومزحة سخيفة ساقطة، فالذين حولوا الإمبراطورية الشاهنشاهية إلى جمهورية
إسلامية وتخلصوا من كل الرموز الفارسية والساسانية وأحلوا محلها آيات
القرآن والأحاديث الشريفة... الذين يهاجمون الأحزاب القومية والعلمانية والذين
صرخوا في وجه الإنجليز [أيها الكلاب أخرجوا من بلادنا]، في حين كان والد
صدام حسين يعمل خادمًا في السفارة البريطانية في بغداد... هؤلاء ليسوا
عنصريين... هؤلاء ليسوا أحفاد رستم يا عدو سعد ودين سعد... ولو أردنا أن
ننتقل بالحوار إلى مستوى آخر لقلنا لك إن الإمام الخميني وأبا الحسن بني صدر
ليسا فقط من أصل عربي ولكنها أيضًا ينتميان إلى بيت النبوة العظيم.
كلمة أخيرة: أيها المسلمون... في يوم ما وقف حفيد الرسول الأعظم...
الحسين بن علي ليطلق صيحته التي ذهبت في الزمان حجة خالدة: [ألا هل من
ناصر ينصرنا... ألا هل من ناصر ينصرنا]...
مقالات في المشكلة الشيعية
130
لبيك يا سيد شباب أهل الجنة لبيك يا ابن بنت رسول الله، والله لا يخذلك إلا
جاهل... إلا حاقد... إلا عدو لجدك ودين جدك عليه أفضل الصلاة والسلام.
رابعًا: العدد ٢٧ - السنة الثالثة - ١٥ شعبان ١٤٠١ ه ١٧ أغسطس
١٩٨١ م، عن تأثير ثورة الخميني على حركته وأفرادها يقول الشقاقي: "لقد أدرك
مسلمو فلسطين (الوطن - الجراح) خاصة بعد الانتصار الإيراني أن الخلاص
لن يأتي إلا من خلال فوهات البنادق التي تحملها الأيدي المتوضئة. ولهذا لم
يكن غريبًا تصريح المسؤول اليهودي الذي قال: "إن الدعوة إلى أصول الدين
التي ألهبتها حركة آية الله الخميني في إيران أدت إلى تشكيل حركة سرية
مسلحة". وتصريح مسؤول آخر: "إ ن شبح الخمينية على عتبة دارنا.. إّنه شبح
مقلق".
كما لم يكن غريبا استقلالية هذه المجموعة المجاهدة عن تأثير حركات
سابقة، فهي تأتي من تخوم بيت المقدس تبدع مسيرتها وتكبر فوق هذا المحور
المقدس (القدس - طهران) الذي سَيميز الطيب من الخبيث ويرسم ملامح
الصعود الإسلامي العظيم.
وأخيرًا هل يكون غريبًا أن يكتب أحد أعضاء "أسرة الجهاد" فوق جدران
زنزانته مخاطبًا الإمام الخميني: "آية الله .. لقد كانوا يسحقون عظامي هذه
الليلة.. جسدي متعب.. متعب يا والدي فمتى تأتي؟".
خامسًا: كتب الشقاقي مقالا طوي ً لا في الدفاع عن إيران ومهاجمة أهل السنة
فيها وفقًا لرواية إيران( ١)، مقاله هذا جاء في مجلة "الطليعة الإسلامية" - مجلة
تابعة لحركة الجهاد – العدد ( ٢) (شباط/ ١٩٨٣ ): "ولأن خطر المد الإسلامي
أكبر من أن يتحمله الغرب فقد بدأت في الشهور الأخيرة أساليب جديدة لاستخدام
١) يمكن العودة لكتاب "أحوال اهل السنة في إيران"، لعبدالله الغريب لمعرفة حقيقة القضية )
التي روج لأكاذيبها الشقاقي بجهله وانخداعه بالإيرانيين.
مقالات في المشكلة الشيعية
131
ورقة الفرقة والتجزئة تظهر إلى السطح. ففي إيران عدة ملايين من السنة
وللسنة علماؤهم من الواعين الملتزمين بخط الثورة الإسلامية والحريصين عليه،
كما أن هناك البعض من مدعي العلم والمتسلقين على بساطة بعض جماهير
المسلمين وأصحاب المصالح، تمامًا كما أن في الشيعة أمثال شريعة مداري
و(نجمن حجيته) التي تمثل التاريخ المتخلف ذا الأفق الضيق والمحدود والتي
أصبحت الآن تقف على هامش الساحة بعد إزدياد الوعي الإسلامي لدى الملايين
من الشعب المسلم الثوري.
ونظرًا لأن قوى الهجمة المضادة للإسلام لن تهدأ في صراعها ضد
الصعود الإسلامي حتى يهيمن دين الله ومنهجه على العالم بأسره، فإن هذه
القوى استغلت التركيبة المعقدة للشعب الإيراني وبدأت تحاول إثارة مسألة الشيعة
والسنة بطريقة جديدة.
في العدد الصادر يوم ١٨ ديسمبر ١٩٨٢ من مجلة "المجلة" تحقيق بقلم
أمير طاهري حول الشيخ عثمان النقشبندي أحد شيوخ الطرق الصوفية في
المنطقة السنية من إيران يهاجم النقشبندي الإمام الخميني ويعلن أنه خرج من
إيران ليبدأ في قيادة أتباعه ضد نظام الخميني من الخارج.. كما أن هناك محاولة
أخرى لإقامة ضجة حول مسألة فرض الإقامة الجبرية على الشيخ أحمد مفتي
زاده.. ولأن قضية الشيخ مفتي زاده هي الأكثر أهمية فسنؤجل الحديث حولها
إلى ما بعد مناقشة مسألة النقشبندي.
من المعروف أن الطرق الصوفية قد ازدهرت ازدهارًا كبيرًا في نهاية
العصر العثماني الإسلامي، وكان لذلك أسباب ونتائج ليس هذا موضع الحديث
عنها، والحق أن للصوفية تاريخًا طوي ً لا من الجهاد والدعوة في الوطن الإسلامي
الحديث... ولكن ما حدث في الفترة الأخيرة أن بعض مشايخ الطرق الصوفية
وفي ظل الجهل والتخلف قد أغرتهم مكتسبات المشيخة فأصبحوا يتصرفون في
وطننا وبين أمتنا، وكأنهم سادة إقطاعيون يسلبون حقوق الجماهير المستضعفة
مقالات في المشكلة الشيعية
132
ويعيشون مرفهين مترفين على عرقها وكدها، وذلك تحت شبهات من التدين
والولاء للإسلام.
والشيخ عثمان النقشبندي أحد مشايخ الطريقة الصوفية النقشبندية المنتشرة
في أجزاء من تركيا وإيران والعراق، وهو يتصرف في مناطق أتباعه تصرف
السيد المطاع في أراضي الناس وأموالهم ومصائرهم ويعتبر أن لا سلطة هناك
فوق سلطته.. والأسوأ من ذلك أن أبناءه الذين أغرتهم هواية السلطة والتسلط لا
يتورعون عن القيام بأ ي شيء في تلك المناطق يؤكد هيمنتهم على البشر.
في عصر الشاه لم يكن للنظام أي اهتمام بما يفعله الرجل فمنهجه واضح أن
لا تدخل في الشؤون السياسية ما دامت هيمنته على أتباعه مستمرة ومتواصلة،
ونظام الشاه لم يكن ليهتم كثيرًا بما يفعله النقشبندي وأمثاله فالمنطقة بعيدة عن
العاصمة وليست ذات جدوى اقتصادية كبيرة وكل ما كان بعيدًا عن عاصمته
وأفراحها وعن مصايفة وفسقها لم يكن ذا أهمية، وهكذا تعايش الشاه بسلطته مع
الصوفية وطرقها.
بعد الثورة الإسلامية وتصاعد التوجه نحو المناطق السنية أم في المناطق
الشيعية، وأمام تعسف الإقطاع القبلي ولا إنسانيته لم تقف الحكومة الإسلامية
صامتة أبدًا، وواجهت الجرائم بحزم وبما يفرضه العدل والواجب الإسلامي.
وفي العديد من المناطق الشيعية والسنية تحطمت أوكار الإقطاع وتقدم الإسلام
نحو المستضعفين لتحريرهم وإنقاذهم من القهر الاجتماعي والفكري...
والحقيقة أن الموضوع لم يثر الكثير من الضجة في الإعلام العالمي الذي
تعود على مهاجمة الإسلام في إيران... إلا أن مسألة النقشبندي اعتبرت فرصة
سانحة لفتح باب من الحرب المضادة على الجمهورية الإسلامية فالرجل
صوفي سني ومسألة (شيعة – سنة) هي الإطار المناسب لأهداف القوى
الاستعمارية الآن. ولذا فقد أسرع أمير طاهري الصحفي السابق في "إطلاعات"
الإيرانية في زمن الشاه والذي يعمل الآن في "المجلة" و"الصنداي تايمز"، والذي
مقالات في المشكلة الشيعية
133
كان معروفًا تمامًا بعلاقته الوثيقة بدوائر السافاك التي كانت تسلمه المقالات
الجاهزة لنشرها في الصحيفة، أسرع طاهري إلى مقابلة النقشبندي وأسرعت
"المجلة" إلى إفراد صفحتين للمقابلة.
والحق يقال أن المنشور في المقابلة قد كفانا مؤونة النظر والتحليل فالرجل
يقول: "إنهم انشأوا محطة إذاعة ماريفان في الآونة الأخيرة وهي لا تستخدم إلا
لمهاجمة أسرتي" وهو بالطبع لم يذكر لماذا؟ لم يذكر للقراء جرائم أبنائه وتعديهم
على حقوق الناس.
ويقول أيضًا: "لقد ظللت دائمًا على رأيي في أن رجال الدين يجب ألا
يتدخلوا في السياسة اليومية. واليوم وقد أصبح الخميني رج ً لا سياسيًا يعمل بشكل
سافر فإنه ليس هنالك من سبب يدعوني إلى تغيير مبادئي"...
ولا نجد هنا من داع للتعليق على ما يدعيه الرجل من فهم الإسلام يخالف
أصول الإسلام الأساسية ولكننا نسأل: إن لم تكن السياسة هي السبب فما الذي
يدعوه إذن لمعارضة الثورة والخروج من إيران لإعلان الحرب ضدها؟
فالشيخ عثمان زاهد في السياسة ولكنه – بدون شك – غير زاهد في
الأراضي والأموال والتسلط الاجتماعي الذي كان يمارسه وهذا هو بالتحديد ما
دعاه إلى الخروج.
الغريب أن ما قصده طاهري من المقابلة كان إثارة مسألة الشيعة والسنة،
ولكن النقشبندي في حديثه لم يجد ما يتهم به الإمام إلا إنه رجل سياسة وإنه
رجل دين شيعي غير معتمد في شيعته... ونحتار نحن القراء بين المؤامرات
وأجزاء المؤامرات!!
قضية النقشبندي واضحة لا تحتاج إلى مزيد من الاهتمام، ولكن القضية
الأهم هي مسألة الشيخ الكردي السني أحمد مفتي زاده الذي وضع منذ شهور
تحت الإقامة الجبرية، فيما سجن بعض أتباعه ولم يتقرر بعد هل سيقدمون
لمحاكمة أم سيفرج عنهم بعد حين. الخبر نشرته الشقيقة الكبرى "مجلة الدعوة"
مقالات في المشكلة الشيعية
134
الصادرة من فيينا في عددها الأخير تحت عنوان مثير على صفحتين، ذاكرة أن
الشيخ أحمد مفتي زاده كان دائمًا من المؤيدين للثورة، وقد قاتل وأتباعه ضد
المنحرفين الانقساميين في المنطقة الكردية في الشهور الأولى للثورة، وقد كان
له بعض المطالب التي سعى إلى تجميع علماء السنة في إيران قبل عدة شهور
ضمن مجلس شورى في طهران ليبحثوها ويعلنوها للحكومة، وأن الاجتماع
دعي إليه مندوب من وزارة الداخلية ولكن الحكومة لم تراع تاريخ الرجل،
وسارعت إلى القبض عليه وإيداعه السجن منذ عدة شهور وحتى الآن.
هذا باختصار ما نشرته الشقيقة "الدعوة". والحق يقال أننا في "الطليعة
الإسلامية" قد قررنا أن نرفع صوتنا في هذا العدد ضد تصرف الحكومة
الإيرانية، فالرجل ليس قاسملو ولا عزالدين الحسني، والجميع يعرف أنه وقف
مع الثورة الإسلامية منذ الأيام الأولى .. ولكننا خلال الأسابيع الماضية قمنا
بتحري الأمر والتدقيق فيه من عدة مصادر ووجهات نظر فوجدنا أن الأمر
مختلف إلى حد ليس ببسيط عما نشرته "الدعوة" ونحن ندرك بثقة أن الصورة
الكاملة الصحيحة لو كانت قد توافرت للأخوة في "الدعوة" لما كان موضوع
الشيخ مفتي زاده قد أخذ الصورة التي نشر بها.
الشيخ أحمد مفتي زاده هو ابن الشيخ مفتي زاده... وقد كان الوالد عالمًا
جلي ً لا وكبيرًا من علماء السنة المسلمين في المنطقة الكردية من إيران، وبعد وفاة
الوالد تسلم الابن مكانه وخاصة في إدارة المعهد الديني في ساتنداج وقد انتقل
ولاء أتباع الوالد إلى الابن في منطقة تتسم بعلاقات الولاء القبلي ومليئة
بالمشاكل والعقد التاريخية.
ويقول الكثيرون أن الشيخ أحمد رجل فاضل ولكنه أبدًا لم يكن في مثل
حكمة وعلم والده، ولكنه وقف منذ بداية الثورة الإسلامية في إيران مع خط
الإمام الخميني... ولأنه يعرف جيدًا أن عز الدين الحسني لم يكن إلا لعبة في يد
الشاه، فقد رفض موقفه المعارض للثورة. كما أن مسؤوليته الإسلامية قد منعته
مقالات في المشكلة الشيعية
135
من تأييد قاسملو وجماعته الذين تربطهم روابط عديدة بالدوائر الإستعمارية
العالمية، والذين يحملون تصورًا غربيًا لا علاقة له بالإسلام. وفي السنة الأولى
للثورة وحين احتدم الصراع بين أعداء الإسلام والحكومة الإسلامية في المنطقة
الكردية وقف الشيخ أحمد مع الحكومة الإسلامية وقاتل أتباعه مع الحرس
الثوري ضد أعداء الثورة.
في ذلك الوقت أو قبله بقليل أرسل الشيخ أحمد مبعوثًا إلى العالم والمفكر
المسلم الكبير أبو الأعلى المودودي – رحمة الله عليه – يسأله الرأي. فأجابه
المودودي قائ ً لا: "يا شيخ أحمد هذا وقت الواجبات فأدوا واجبكم تجاه ثورة
الإسلام وبعد أن يستقر حكم الإسلام طالبوا بالحقوق"... ولكن الشيخ أحمد لم
يلتزم طوي ً لا بنصيحة المودودي رحمه الله، وسرعان ما أعلن قائمة بالمطالب
للحكومة معطيًا إياها مهلة ( ١٥ ) يومًا للإجابة... وكان من هذه المطالب إنشاء
جامعة في ساتنداج تحت إشرافه وعدة مشاريع ثقافية وعمرانية تحتاج إلى
سنوات للإعداد لها فما بالك بإنشائها. وكان المرحوم آية الله بهشتي على علاقة
دائمة بالشيخ أحمد وقال يومها: "الشيخ أحمد جيد لكنه عجول".
المهم تمت تهدئة الوضع بعد إنذار ال ١٥ يومًا، ودارت أحداث متعددة في
كردستان طلب على إثرها الشيخ مفتي زاده من الحكومة أن توفر له مكانًا
خارج ساتنداج لأنه لم يعد باستطاعته مواجهة الضغط الذي تمثله الجماعات
المنحرفة والتي كانت تدفع إلى البسطاء كميات هائلة من الأموال التي حصلت
عليها من العراق وغير العراق لتحريضها على العصيان، ولم ترغب الحكومة
الإسلامية في أن تكون علاقتها بالشعب علاقة الرشوة فرفضت أن تستخدم
الوسيلة ذاتها. وبناء على طلب الشيخ أحمد وفرت الحكومة له منز ً لا في
كرمنشاه بعيدًا عن منطقة الصراع وصرفت رواتب لأتباعه المتفرغين وكان له
كامل الحرية في الاتصال بجماعته بكردستان أو أن يحضروا إليه في أي وقت،
واستمر الأمر على هذا الوضع، في حين واصلت الحكومة المركزية محاولاتها
مقالات في المشكلة الشيعية
136
لتعزيز الأمن والإست قرار في كردستان ومطاردة العملاء والخارجين فيما
كانت قوافل "جهاد البناء" مستمرة في الوصول إلى القرى بغير سلاح إلا
الجرارات وأدوات البناء لمساعدة المنطقة المحرومة على النهوض. وكل يوم
يسقط من شباب "جهاد البناء" العديد من شهداء معركة النهضة الحضارية
الإسلامية في كردستان.
ولكن الأمور لم تستمر على ما هي عليه مع الشيخ مفتي زاده... ففجأة
عاود الشيخ أحمد همهماته وحديث عن مطالب جديدة، وبدا أن هناك اتصالات
في الخفاء للترتيب لشيء ما، وإذا بالشيخ يعلن أنه دعا بعض العلماء السنة من
ساننداج وبلوشتان وتركمانستان (من عشرين إلى ثلاثين) إضافة إلى حوالي ما
٣٠٠ ) من أتباعه، إلى اجتماع في منزله بكرمانشاه – وليس في - بين ( ٢٠٠
طهران كما نشر من قبل – والحقيقة أن الشيخ مفتي زاده لم يأخذ تصريحًا من
الحكومة لعقد الاجتماع، بل إن قائد الحرس ومحافظ كرمانشاه نصحاه بألا يفعل
مثل ذلك ولكنه رفض طلبهما وأصر على عمله. وفي الاجتماع تلا بيانًا شديد
اللهجة مطالبًا بمجلس شورى جديد في البلاد يتقاسمه الشيعة والسنة بالتساوي
وتعديلات في الدستور وتغيير الآذان في كل أنحاء البلاد برفع (أشهد أن عليًا
ولي الله) من الآذان، ومهددًا في بيانه باستخدام السلاح ضد الحكومة إن لم تنفذ
المطالب فورًا.
بعدها اضطر المحافظ والحرس إلى التدخل لفض الاجتماع وقد اعتقل
الموجودون وأفرج عن معظمهم بعدها بقليل حين اتضح أنه لم يكن لهم أي دور
في المسألة، واعترف بعض أعوان الشيخ أحمد بتلقيهم أموا ً لا من دولة عربية،
وأن المسألة كانت أكبر حتى مما تصوره الشيخ أحمد... والمؤكد أن أحدًا لم
يسئ إليه بأ ي شكل من الأشكال، والمسألة أنهيت بهدوء والموضوع بأكمله الآن
أمام رأيين: الأول: أن يفرج عن الجميع بعد أن أصبح واضحًا لهم ولغيرهم كم
كان عملهم بعيدًا عن روح الإسلام، والثاني: أن يقدموا للمحاكمة وأمام قاضٍ
مقالات في المشكلة الشيعية
137
سني كما ينص الدستور بتطبيق فقه المذاهب الإسلامية أيًا كانت حيث تتواجد
أكثرية من أتباع المذهب.
هذا هو شريط الأحداث الذي جرى في مسألة الشيخ مفتي زاده، أما خلفية
الأحداث فهذا ما سنبحثه الآن:
منذ حوالي سنة أو يزيد بدأت حملة متوازية من نشر الكتب المسطرة من
موقف شيعي وسني على ما يبدو عليها، يطعن فيها الشيعة بالسنة ويطعن السنة
بالشيعة، وقد طبعت كتب مشبوهة وسيئة السمعة في مصر والخليج وباكستان
والأرض المحتلة وإيران نفسها، وبدا واضحًا أن الأمر ليس صدفة فقد بيعت
الكتب بأسعار لا يمكن أن توازي قيمتها بل وأحيانا وزعت مجانًا كما حدث في
موسمي الحج الأخيرين، وكان لا بد أن يتساءل المخلصون: لمصلحة من هذا؟
وقد تزامنت مشكلة الشيخ مفتي زاده مع هذه الأحداث، ومطالبه التي أعلنها
يعرف هو شخصيًا قبل أي شخص آخر أنها غير منطقية وغير معقولة: فمسألة
الآذان يعرف الجميع أن هذا الجزء منه ليس واجبًا لدى علماء الشيعة ولا يعتبر
إلا جزءًا من الآذان تعود الناس عليه لمئات السنين، بما يجعل مسه بشكل مبكر
وسريع أمرًا غير معقول وغير منطقي وقد يثير الكثير من عواطف الناس، فإن
كانت المسألة مسألة التقريب.
فالملاحظ أن هناك العديد من الخطوات التي أعلنها الإمام الخميني من أجل
وحدة الأمة، من إقامة صلاة الجمعة إلى التغيير الجوهري الذي طال مجالس
العزاء وأوقف بشكل نهائي مسائل التفرقة التي كان يشجع عليها حكام الجور،
ودعوته المتواصلة إلى تكافل الأمة وبث روح الوحدة بين جماهير المسلمين
الشيعة في إيران، حتى أصبحت الصلاة خلف إمام شيعي أو سني مسألة عادية
بين المسلمين في إيران وخارجها، وأيضًا إعطاء العديد من المناسبات الدينية
الشيعية مدلولات وحدوية إسلامية مثل "أسبوع الوحدة" و"يوم
المستضعفين"...الخ.
مقالات في المشكلة الشيعية
138
كما أن مسألة التقريب ليست بالمسألة الهينة التي يمكن أن تؤخذ فيها
خطوات مفاجئة وتحل ببيانات التهديد من هذا الطرف أو ذاك فما زرعه التخلف
والاستعمار على مدى قرون طويلة يحتاج منا صبرًا وأناة وبحث حتى يمكن
حله.
أما مطلب حل مجلس الشورى وتقسيمه بالتساوي بين الشيعة والسنة في
إيران فهو أص ً لا مطلب غير منطقي وغير واقعي وهو كذلك لا ينم إلا عن روح
طائفية أو عن طقس مؤامرة.
وقضية تعديل الدستور قضية ليست بالجديدة وهي مهمة مجلس الخبراء
الذي لم يتم إنتخابه إلا قبل شهر واحد فقط والجميع يأملون في أن يسعى المجلس
في أقرب فرصة إلى حل هذه المشكلة التي أعلن منذ مدة طويلة أن الإمام
الخميني أوصى بحلها.
ولكن كل ما مضى لا يفي لتوضيح الصورة تمامًا، ولنتمكن من ذلك
فلنبحث عن الوجه الآخر للمشكلة: هل كان الشيخ مفتي زاده هو وحده طرف
الأحداث الأخيرة أم أن هناك هجمات أخرى؟
لقد اعترف بعض أتباع الشيخ بأنهم تلقوا أموا ً لا من الخارج وأن ما تم كان
حسب تخطيط مسبق من بعض الجهات التي كانت تدعي الإسلام ويهمها أن
ترى مشاكل المسلمين وتتفاقم ومحاولات وحدتهم تسقط، والمفاجأة في الموضوع
٢٠ فردًا أُلقي القبض - أن شبكة من المعممين الشيعة يقدر عددهم بحوالي ١٥
عليهم أيضًا بنفس التهمة؛ تهمة تلقي أموال من الخارج ونشر الدعايات والكتب
السيئة التي تدعو للتفرقة بين المسلمين الشيعة والسنة، ولكن أحدًا لم يشر إلى
هذه المسألة لأن إثارتها خارج إيران قصد بها عزل الثورة الإسلامية عن
جماهير الملايين من المسلمين السنة في المنطقة العربية بالذات.
وحتى يزداد الأمر وضوحًا فالذين تم اعتقالهم من الشيعة ينتمي بعضهم إلى
إتجاه "نجمن حجتيه" المتخلف ذي الأفق المحدود والذي وجهت له الثورة
مقالات في المشكلة الشيعية
139
الإسلامية ضربات موجعة بنشر الفكر الثوري الإسلامي وبطرح ولاية الفقيه،
فأعادته إلى حجمه الطبيعي كقوة هامشية في المجتمع الإسلامي داخل إيران.
وقد وزع هؤلاء البيانات والكتب التي تتهم الحكومة القائمة في إيران بالإبتعاد
عن مذهب آل البيت(!) وأنها دولة غير شرعية(!) وتحارب المذهب الشيعي(!)
بل والأكثر من ذلك اعتبارهم آية الله العظمى المنتظري سنيًا وليس شيعيًا (!)
كما أشاعوا أفكار للتفريق بين السنة والشيعة...
وسنذكر هنا إسمًا واحدًا من هؤلاء لعله يكفي لتوضيح حجم المؤامرة، وهو
محمد رضا مامقاني المعتقل الآن مع الآخرين الذين سيقدمون جميعًا لمحكمة
الإسلام حسب أوامر الإمام المعلنة بأن لا فرق بين أحد أمام القانون الإسلامي.
نرجو أن نكون بذلك قد أوضحنا جانبًا من صورة المسلمين في كل مكان،
فالمؤامرة تتحرك بهدوء وهي مستمرة ما دام الحق في تصاعده والإسلام في
نهضته، ذلك أن كل القوى من أعداء دين الله ومنهجه، كل القوى التي يرعبها
أن يتحرك المستضعفون من المسلمين ويستلموا زمام أمرهم ويدحروا إلى الأبد
قوى التسلط الغربية وأدواتها... هؤلاء جميعًا مستمرون في محاولتهم لتثبيط
الصعود الإسلامي وإيقاف قيام الجماهير المسلمة.
إن أهدافهم واضحة: فقد كانت تجزئة الوطن الإسلامي إلى عشرات
الوحدات الصغيرة وتجزئة الأمة إلى مذاهب وفرق وطوائف متناحرة، كانت هذه
التجزئة إحدى أهم أدواتهم في السيطرة الاستعمارية والهيمنة والنهب على مر
القرون، واليوم بوادر وحدة الأمة أرضًا وشعبًا تلوح في الأفق لن يكون أمامهم
إلا المواصلة من جديد لإبقاء التجزئة والتناحر والشقاق.
فلتعِ جماهير الأمة حجم المؤامرة... وليعِ أبناء الحركة الإسلامية أدوارهم
ولنقف جميعًا في مواجهة الغرب ومؤامراته فهذا لن يكون إلا عصر الجماهير
المسلمة... عصر إنتصارها... عصر صعودها... وعصر هيمنة منهج دينها
الحق".
مقالات في المشكلة الشيعية
140
سادسًا: في عام ١٩٨٥ ألف الشقاقي كتابه "السنة والشيعة ضجة مفتعلة
ومؤسفة" حشد فيه المواقف المؤيدة والداعمة للثورة الإيرانية والعقيدة الشيعية من
بعض أهل السنة غير المطلعين على حقيقة الثورة والفكر الشيعي.
١٩٩٠ مقابلة مع /١٠/ سابعًا: وأجرت صحيفة "اللواء" اللبنانية بتاريخ ٣
الشقاقي جاء فيها:
• ما هي علاقتكم بكل من إيران وسوريا وحزب الله؟
- لقد قدمت الثورة الإيرانية نموذجا للإسلام المقاوم والثوري أكد قدرة
الإسلام على الفعل السياسي المؤثر وقيادة الجماهير، كما أعطى الإمام الخميني
لحياة الإيرانيين وبقية المسلمين معنى جديدًا في عالم تسيطر عليه قيم المادة
والإفساد. وكان لهذا أثره علينا كما على أغلب المسلمين في العالم، ولكن حركتنا
التي تنظر إلى الثورة الإسلامية كحليف وصديق للمسلمين في مواجهة الشرك
والكفر والاستكبار - هي حركة مستقلة تماما تقيم الموقف الإيراني ضمن:
الموقف والالتزام الإيراني بالإسلام كنظام حياة وممارسة والموقف من
الوحدة الإسلامية في إطار يتجاوز البعد القومي والمذهبي الطائفي.
الموقف من القضية الفلسطينية.
الموقف الإيراني من هاتين المسألتين هو الذي يحدد موقفنا وعلاقتنا بإيران،
أما حزب الله فقد تركت نشاطاته العسكرية ضد العدو الصهيوني انطباعًا إيجابيًا،
داخل فلسطين المحتلة بل كانت عمليات حزب الله الاستشهادية حلم كل شاب
فلسطيني، ونحن نعتز بصداقة حزب الله وجهاده كما نعتز بصداقة أي حركة
إسلامية مجاهدة. أما النظام العربي فلا علاقة رسمية تربطنا بأي طرف من
أطرافه.
• هل صحيح أنكم اتهمتم بالتشيع؟
- كانت هذه ضجة ومحاولة مؤسفة لصرف الشعب عن جهادنا وإنكارنا
حول خصوصية ومركزية فلسطين وضرورة الجهاد الآن، لقد كانت مؤامرة
مقالات في المشكلة الشيعية
141
فموقفنا من التشيع لم يتجاوز موقف ورأي أئمة وعلماء وقادة المسلمين من أهل
السنة قيد أنملة.
، ثامنًا: وفي مقابلة أخرى مع جريدة "العهد" - بيروت - فبراير ١٩٩٢
بمناسبة يوم القدس والجهاد:
• في الوقت الذي تلتهب فيه القدس المحتلة بالشهداء والجرحى، كيف تفسرون
نداء الإمام الخميني الراحل وإعلانه آخر جمعة من شهر رمضان يوما
للقدس العالمي؟
- علاقة الإمام الخميني بالقدس وفلسطين ليست حديثة فقد كانت قضية
فلسطين وبيت المقدس مواكبة لمراحل جهاد ونهضة الإمام بعد مطلع
الستينات...
• كيف يمكن أن نلبي هذا النداء؟
- كل يلبي النداء من موقعه، المجاهدون في فلسطين يشددون من ضرباتهم
ضد العدو الصهيوني بالطلقة والحجر، بالتظاهرات والإضراب...
• كونكم الأقرب إلى واقع الانتفاضة كيف تجدون تفاعل الانتفاضة مع نداء
الإمام الخميني الراحل؟
- الحقيقة أنه منذ أن أطلق الإمام الجمعة الأخيرة من رمضان يوما للقدس
والوطن المحتل في هذا اليوم يعيش يوما مشهودا من المواجهة والصدام
والتظاهر، وعندما حاول البعض وقف الانتفاضة لأربع وعشرين ساعة في يوم
القدس من العام الماضي، خرجت الجماهير وحولت ذلك اليوم إلى نقمة على
المحتل.
وكان يوم القدس في العام الماضي من أعظم أيام الانتفاضة، كما أشير أن
مدينة القدس تتميز في هذا اليوم بسبب وجود المسجد الأقصى وحضور الآلاف،
والآلاف من كل أنحاء فلسطين، كي تعقد الحلقات والاحتفالات ويتظاهر
المسلمون.
مقالات في المشكلة الشيعية
142
• ما رأيكم بالحصار المفروض على المقاومة الإسلامية في جبل عامل؟
- المقاومة الإسلامية في لبنان موضع فخر وعزة جميع المسلمين في العالم
وحصارها لا يمكن أن يكون في مصلحة المسلمين أو العرب أو لبنان وعلى كل
لبناني ومسلم غيور أن يكون جنديا في هذا الصف المجاهد ضد عدو الأمة
المركزي. إننا نتمنى أن ينتهي هذا الحصار وأن تتوحد جميع الجهود والطاقات
ضد "إسرائيل" التي تريد شرا بلبنان.
تاسعًا: في محاضرة للشقاقي بعنوان: "الثورة الإسلامية في إيران والثورة
١٩٩٣ بدمشق ، قال الشقاقي: /٢/ الفلسطينية جدل مقدس"، ألقيت يوم ٢٢
"الثورة الإسلامية في إيران أحد أبرز معالم وأحداث القرن العشرين...
الثورة الإسلامية في إيران غيرت وجه المنطقة وأثرت عميقًا في العالم وتركيبته
ومستقبله، وأطلقت الصحوة الإسلامية التي لازالت حديث الدنيا... لقد عاد
انتصار الثورة الإسلامية للمسلم في كل مكان من العالم ثقته بعقيدته ودينه... لقد
جعل الإمام الخميني (رضي الله عنه) لحياة المسلمين معنى وأعطاهم الأمل بأن
التغيير ليس ممكنًا وحسب بل وحتمي أيضًا، وهكذا انطلق مشروع الثورة
الإسلامية على صدى نداءات وشعارات الإمام ليغطي مساحات واسعة من العالم
وخاصة الوطن الإسلامي. ولأسباب يمكن فهمها كان صدى الثورة الإسلامية في
فلسطين من أوضح وأقوى الأصداء.
... وهكذا سنرى انعكاس الثورة الإسلامية على الواقع الفلسطيني يشمل
مستويين مختلفين: الأول: هو واقع الثورة الفلسطينية في الخارج وتوجهات
قيادتها وارتباطاتها وعلاقاتها المحلية والإقليمية والدولية ...أما المستوى الثاني
. فهو الداخل الفلسطيني الشعبي شام ً لا الأرض المحتلة منذ العام ١٩٤٨
... فالصحوة الإسلامية التي أطلقتها الثورة الإسلامية كانت تنبت في
فلسطين ثورة جديدة تتنامى شيئًا فشيئًا تطوي القلب على الإسلام وتنطلق من
المساجد والحارات الشعبية. وعلى مدى الثمانينات كان صعود حركة الجهاد
مقالات في المشكلة الشيعية
143
الإسلامي والجهاد المسلح في فلسطين، ..... كل هذه الأسباب اجتمعت وتوقفت
أمام عنصر التفجير الأساسي الذي سيطلق الشرارة ويحافظ على ديمومتها لأكثر
من خمس سنوات: الإسلام المجاهد إلى تلك الروح التي أطلقتها الثورة الإسلامية
لتنبت في فلسطين بعد هذه السنوات.
واليوم لا زال خط الثورة الإسلامية في إيران حيًا متيقظًا رغم كل هذا
الحصار ورغم كل المؤامرات. ولا زالت الانتفاضة المباركة حية قوية مستمرة،
والعالم أجمع يشهد على جدل العلاقة القائمة، بين طهران والقدس إلى اليوم
والمستكبرون يحاولون فصم عرى هذه العلاقة، ومعهم أدواتهم في المنطقة
وإعلامهم وأجهزتهم المختلفة.
ونجاح هذه المؤامرة على أي مستوى من المستويات سيضرب في الصميم
رسالة الثورة الإسلامية ودور الجمهورية الإسلامية. فالقدس هي درة أي
مشروع إسلامي ثوري إلى اليوم ولا رسالة لأي ثورة إسلامية أو حركة إسلامية
أو قوة إسلامية بدونها.
... إن التأثير الكبير للثورة الإسلامية في إيران على الصحوة الإسلامية في
فلسطين وانطلاق الانتفاضة المباركة واستمرارها بزخم إسلامي وبشعارات
إسلامية يعطينا فرصة تاريخية لا يجب أن نفقدها.
عاشرًا: ألقى الشقاقي كلمة في احتفال المستشارية الإيرانية بدمشق في
١٩٩٢ ) جاء فيها: /٣/ ذكرى يوم القدس بتاريخ ( ٢٦
"كم كان ملهمًا وموفقًا الامام الخميني رضوان الله عليه وهو يجعل من
جمعة رمضان الأخيرة يومًا للقدس، بعد شهر من الصيام والقيام والتطهر من
أدران الدنيا وأوساخها وفيما المسلمون في ذروة العبادة عليهم أن يتذكروا القدس
وأن يجعلوها في مركز اهتمامهم".
١٩٩٤ م لقاء مع /٣/ حادي عشر: أجرت وكالة الأنباء الإيرانية "ارنا" ١
الشقاقي حول تأثيرات الإمام الخميني على المنطقة وفلسطين قال فيها:
مقالات في المشكلة الشيعية
144
• بنظركم ما هو تأثير انتصار الثورة الإسلامية في إيران وتطلعات ورؤية
الإمام الخميني (قده) في القضية الفلسطينية على مسار الأحداث الأخيرة في
منطقة الشرق الأوسط؟
- انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني هو الذي أطلق
الصحوة الإسلامية في المنطقة وهو الذي أعطى دفعة قوية لصعود الإسلام في
فلسطين خاصة ...
- إعلان يوم القدس العالمي واحدة من الابتكارات المهمة للإمام الخميني
(قده) في المجلس السياسي. هل أن تأمين إقامة مراسيم يوم القدس جاءت بالقدر
المرجو والمتوقع.
- الاستكبار العالمي حارب هذا الإنجاز الخميني العظيم ويحاول محاصرته
عبر الأنظمة التابعة التي ترى في يوم القدس رعبًا يطاردها، ولذا تمنع الشعوب
المسلمة من إقامة المراسم المناسبة لهذا اليوم العظيم.
ولكن منذ اليوم الأول لإطلاق الإمام ليوم القدس كانت القدس والمسجد
الأقصى خاصة من أول المستجيبين لنداء الإمام حيث يتوافد المؤمنون من كل
أنحاء فلسطين للاحتفال بهذا اليوم العظيم. إنه يوم لإحياء الإسلام والرسالة حقا.
• إلى أي حد استلهمت الانتفاضة أهدافها وأساليبها من ثورة الإمام وإلى أي
مدى تقترب الانتفاضة من مواقف الإمام في القضية الفلسطينية؟
- باختصار شديد، الانتفاضة ثمرة من ثمرات الصحوة الإسلامية التي
أطلقها الإمام الخميني رضوان الله عليه في المنطقة عامة وفي فلسطين خاصة.
ولذا فهي على المستوى الشعبي انتفاضة إسلامية تتحرك بأفق إسلامي وشعارات
إسلامية مثل تلك التي تعلمها شعبنا من ثورة الإمام المبدعة العملاقة، وهي على
المستوى الشعبي تتجه نحو الأهداف الإسلامية في دحر الاحتلال والتحرير بعيدًا
عن المراوغة والحلول الوسط والتفريط بالثوابت تلك الأساليب التي حاربها
الإمام في ثورته ونحاربها اليوم في انتفاضتنا.
مقالات في المشكلة الشيعية
145
باختصار لقد جاء البعد الإسلامي في الانتفاضة تجسيدًا لموقف الإمام
الإسلامي والثوري من القضية الفلسطينية".
والآن بعد هذه الجولة المطولة في فكر الشقاقي يتبين لنا عمق ارتباط
الشقاقي بالثورة الإيرانية والفكر الشيعي، مما يفسر بوضوح الممارسات على
أرض الواقع من تشيع بعض كوادر الحركة بداية ومن ثم على شكل نشاطات
لنشر التشيع في داخل فلسطين، ولكن الهوى الشيعي الإيراني جعل الشقاقي
وأعوانه ينسون ذلك ويبدأون في تنفيذ المخطط الإيراني لتصدير التشيع و كسب
التنظيمات السنية لتنفيذ المخططات الإيرانية.
مقالات في المشكلة الشيعية
146
بعض ممارسات حركة الجهاد بوحي من ثورة الخميني في حياة الشقاقي
تبنت حركة الجهاد في مناهجها الداخلية لتثقيف أفراد الحركة العديد من
الكتب الفكرية للثورة الخمينية الشيعية، والتي كانت تدرس لكافة أفراد الحركة
بل حتى للأسرى في سجون الاحتلال. حرصت الحركة على تنفيذ فكرة الخميني
بالاحتفال بيوم القدس في آخر جمعة من شهر رمضان.
بعد إبعاد الشقاقي من فلسطين تم إعادة تشكيل التنظيم كون القيادة أصبحت
في الخارج، وعلى ضوء ذلك تم تعزيز علاقات الحركة بالثورة الإيرانية وحزب
الله وحركة التوحيد الموالية لإيران – الشيخ سعيد شعبان في طرابلس –وتجمع
العلماء المسلمين في لبنان. وفي سنة ١٩٩٠ قام أحمد مهنا أحد كوادر حركة
الجهاد بالانشقاق وتكوين "حزب الله/فلسطين" وقد تعثر هذا التنظيم ولم يستمر.
وقد نفذت الحركة العديد من عملياتها تحت أسماء مختلفة منها "شهداء
كربلاء"!! وذلك قبل عام ١٩٩٣ م حيث أصبحت عمليات الحركة تتم تحت اسم
"قسم"( ١). ورغم كل هذه العلاقة والهوى مع إيران إلا أن الشقاقي يصرح لجريدة
١٩٩٤ : أن الدعم الإيراني للقضية الفلسطينية هو دون موقفها /٦/ "آخر خبر" ١٠
.!!( السياسي وأن المأمول أكثر مما هو متحقق( ٢
العلاقة مع إيران والتشيع بعد الشقاقي
يحسن بنا أن نلخص رؤية الخبير بالشؤون الإيرانية صباح الموسوي حول
طبيعة العلاقة بين الشقاقي والإيرانيين في ختام حياته رحمه الله، يقول الباحث
الموسوي في بحثه "من باع فتحي الشقاقي للموساد؟":
"... فعلى الرغم من مضي عقد كامل على تلك الجريمة إلا أن هناك العديد
من التساؤلات المتعلقة بها بقيت من غير جواب... وهناك من ُ غيّب جسديًا أو
.(٢٢٦/ ١) "الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية"، فيصل دراج وجمال باروت (ص ٢ )
.(٩٨٤/ ٢) "الأعمال الكاملة للشقاقي" ( ٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
147
سياسيًا حتى لا يكشف ما عنده من معلومات قد تجيب على تلك التساؤلات التي
طرحت عقب مقتل الشقاقي. ومن بين هؤلاء المغيبين أشخاص كانوا على صلة
قريبة بشقاقي، وبعضهم كانوا مسؤولين كبار في حركة الجهاد الإسلامي ولكنهم
اختفوا أو أقصوا من مواقعهم ولم يتكلموا إلى اليوم على الرغم من استطاعتهم
الإجابة على الكثير من التساؤلات التي طرحت ولكنهم لم يفعلوا ...
مع بداية الثورة الإيرانية وسطوع نجم الخميني وضع الشقاقي كتابه
المعروف "الخميني.. الحل الإسلامي والبديل"، الأمر الذي لفت نظر الإيرانيين
الذين كانوا يتصيدون الفرص ليستغلوا المؤمنين من أصحاب النوايا الحسنة
والعواطف الصادقة ليتخذوا منهم وسيلة لتحقيق أهدافهم التوسعية، فكان الشقاقي
بعواطفه النبيلة وإيمانه الصادق وقضيته العادلة خير من يمكن استغلاله حسب
رأيهم، ولهذا وجدوا في امتعاضه من الجمود الحركي لدى الإخوان المسلمين
تجاه القضية الفلسطينية، وتأثره بالثورية الخمينية، وحماسه الشديد لتكوين حركة
إسلامية مسلحة في فلسطين فرصة لكي يعرضوا عليه المساعدة لدعمه، وهي
الفرصة الذهبية التي ما كان لشقاقي أن يرفضها...
من عام ١٩٨١ وحتى عام ١٩٨٨ ، تاريخ إبعاده إلى مرج الزهور في
جنوب لبنان، كان الشقاقي يتابع بدقة السياسة الإيرانية ويرى الاختلاف ما بين
الشعارات التي كانت تعلن إبان انتصار الثورة والتي تفاعل معها مثله مثل سائر
الملايين من العرب والمسلمين، وبين ما آلت إليه تلك الثورة وكيف انحرفت من
مسيرة إسلامية إلى طائفية معادية للعرب.
وحين أخذ يتردد على طهران ويلتقي المسؤولين الإيرانيين ويحتك بهم
عن كثب، بدأت تظهر له الصورة الحقيقية، لهذا سعى إلى تكوين علاقات جديدة
مع دول عربية تغنيه عن اعتماده الكلي على الدعم الإيراني. فبدأ بإجراء
اتصالاته مع ليبيا والسودان فض ً لا عن سوريا التي اتخذ منها مقرًا رئيسيًا له
ولقيادة الحركة، وقد لقي الدعم من ليبيا ومن السودان التي فتحت أبواب
مقالات في المشكلة الشيعية
148
جامعاتها ومعسكراتها لأنصار حركة الجهاد وهو ما جعل الشقاقي أكثر تحررًا
من الضغوط الإيرانية.
وحسب ما نقله لنا أحد قادة الحركة السابقين فإن ما كانت تقدمه ليبيا في
عام يساوي ما تعطيه إيران بخمسة أعوام، وكان هذا يغيظ الإيرانيين كثيرًا حتى
بدأت الهوة تزداد اتساع بينهم وبين الشقاقي الذي كان يواجه مطالب الإيرانيين
في كثير من الأحيان بالرفض القاطع.
ومن ابرز الأمور التي وسعت من رقعة الخلافات بين الطرفين رفض
الشقاقي إلغاء منصب مرشد الحركة الذي كان يشغله "الشيخ عبد العزيز عودة"،
حيث كان الإيرانيون يصرون على أن تحذو حركة الجهاد الإسلامي حذو حزب
الله باتخاذ قائد الثورة الإيرانية علي خامنئي مرشدًا عامًا لها، ولكن الشقاقي
رفض ذلك وكثيرًا ما كان ينتقد الأسلوب المتعالي للإيرانيين وتحقيرهم العرب
أمامه بين حين وآخر، وصار الإيرانيون يتهمونه بالانحياز لميوله القومية أكثر
من الانحياز لميوله الإسلامية.
وفي آخر سفرة له إلى طهران في شهر رمضان من عام ١٤١٥ ه أي
قبل استشهاده بثمانية أشهر حصل الطلاق الغير معلن بين الشقاقي والإيرانيين.
ففي تلك السفرة التي رافقه فيها مسؤول العلاقات الخارجية للحركة آنذاك أبو
أحمد (عصام الناطور)، تم حجز الشقاقي ورفيقه في بيت شمال طهران، ولم
يسمح له بالخروج منه إلى المدينة كما ُقطع عنه الهاتف، ولكن بعد فترة شهر
بأكمله، تمكن الشقاقي، وبعد مفاوضات مضنية، من إقناع الإيرانيين بإطلاق
سراحه ورفيقه بعد أن أقنعهم بأنه سوف يقطع علاقاته بليبيا ويلغي منصب
المرشد العام للحركة ويلبي الشروط الأخرى التي كان الإيرانيون يصرون
عليها، ومن ضمنها أن يكونوا هم من يختار زمان ومكان العمليات العسكرية
التي تنفذها الحركة ضد قوات الاحتلال، بالإضافة إلى ضرورة تصعيد خطاب
الحركة المعادي للرئيس ياسر عرفات والسلطة الوطنية الفلسطينية، وهو ما كان
مقالات في المشكلة الشيعية
149
يرفضه الشقاقي دائمًا، وكان يصر على توجيه الانتقاد بدل الهجوم والتشهير
على غرار ما كانت تفعله بعض التنظيمات الفلسطينية التي تحظى بدعم إيران
آنذاك من أمثال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة بقيادة احمد
جبريل، وحركة فتح الانتفاضة بقيادة أبو موسى و أبو خالد العملة وغيرها.
كان الإيرانيون ومنذ أن أخذت خلافتهم تتصاعد مع الشقاقي قد بدأوا بتهيئة
البديل له، وقد وقع اختيارهم على الدكتور رمضان عبد الله شلح الأمين العام
الحالي للحركة الذي يعد من الأشخاص الأوائل الذين التحقوا بحركة الجهاد
عندما كان طالبًا بكلية الاقتصاد في مصر، وحين انتقل من الأراضي المحتلة
إلى أمريكا صار يتردد على إيران وتمكن من بناء علاقات جيدة مع أطراف
متنفذة في القرار الإيراني، وذلك بعد أن أظهر لها ميوله للمذهب الشيعي،
وتهجمه المستمر على الخط العروبي والرئيس الراحل ياسر عرفات.
كانت زيارات رمضان شلح النادرة إلى دمشق لا تطول أكثر من أيام
محدودة. غير أن هذه المرة دامت قرابة الخمسة أشهر قبل أن يعلن عن استشهاد
الشقاقي.
وفي اليوم الذي كان من المقرر أن يصل فيه الشقاقي إلى دمشق قادمًا من
مالطا عن طريق قبرص خرج رمضان شلح برفقة المسؤول الإعلامي في
الحركة آنذاك لاستقباله وحينما هبطت الطائرة في مطار دمشق ولم ينزل منها
الشقاقي، قال المسؤول الإعلامي المرافق لشلح: "يبدو أن الأخ ابو إبراهيم لن
يأتي اليوم". كانت هذه الكلمات كافية لكي يعدم الرجل في لبنان بأمر من الدكتور
رمضان شلح لأسباب بقيت مجهولة إلى الآن.
بعد مقتل الشقاقي تم إلغاء منصب المرشد العام للحركة وعزل الشيخ
عبدالعزيز عودة من منصبه، وأصبح المرشد الإيراني علي خامنئي هو المرشد
وهو المرجع لحركة الجهاد، كما تم عزل عصام الناطور مسؤول العلاقات
الخارجية والمطلع على كثير من أسرار الخلافات بين الشقاقي والإيرانيين، كما
مقالات في المشكلة الشيعية
150
تم أبعاد عدد من المسؤولين العسكريين من أمثال أبو جهاد في لبنان. كما
تم إلغاء كتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب من المنهاج الفكري للحركة،
وأصبحت كتب القادة الإيرانيين هي المعتمدة؛ خصوصًا بين الأعضاء في
الخارج، وهناك الكثير من الأمور الأخرى التي لا تسعها هذه المساحة".
وهذه الأسئلة التي طرحها الباحث الموسوي على حركة الجهاد توضيحها!!
لأننا نرى تطبيق لوازمها في سلوك الحركة في هذه المرحلة، أما قضية أن
الشقاقي قد تبينت له أمور نفرته من إيران فهذه تحتاج أدلة أوضح لأننا لا نملك
مؤشرات تدل على ذلك.
قادة حركة الجهاد اليوم والتشيع
قادة حركة الجهاد الحاليون لهم مواقف واضحة من تبني ودعم حركة
التشيع على المستوى العقدى والمستوى السياسي، وهذه بعض المواقف:
١. يقول أحد زعماء المتشيعين في مصر وهو د. أحمد النفيس في كتابه
"رحلتي مع الشيعة والتشيع في مصر"( ١)، عن مرحلة سجنه بعد اغتيال
السادات: "في مثل هذا الجو الذي يخيم عليه الجهل لم يكن من الممكن
الدخول في أي حوار يتعلق بخط أهل البيت أو حتى بالثورة الإيرانية،
حيث يعتمد الجميع العقيدة الوهابية الطحاوية التي تخص أتباع أهل البيت
بالتكفير باستثناء وجه واحد عايشته في زنزانتي قرابة العشرة أشهر إنه
"نافذ عزام" المتحدث الرسمي الآن باسم الجهاد الإسلامي لتحرير فلسطين
في قطاع غزة، ذلك المجاهد الذي رسخ في قلبي حب القائد العظيم (روح
الله الخميني). لقد كان ذلك المجاهد جزءًا من مجموعة الشهيد بعد ذلك
فتحى الشقاقي التي رافقتنا في تلك الرحلة حتى قرب نهايتها، ولا زلت
أذكر كلماته عن ذلك الأمل الذي تمثله الثورة الإسلامية في إيران بالنسبة
.( ١) (ص ٢٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
151
للشعب الفلسطيني المظلوم، ولقد كان الرجل من الصادقين في توقعاته".
ولا يزال عزام من المروجين علنًا لنموذج الثورة الإيرانية.
٢. وقد سبق أن مر بنا أن الأمين العام لحركة الجهاد د. شلح هو الذي نسخ
مسودة كتاب "الخميني والبديل". يقول د. شلح عن علاقته بحسن نصرالله
أمين حزب الله اللبناني: "السيد حسن نصر الله أخ صديق وحليف
إستراتيجي، أول مرة انتبهت له كانت في نهاية عام ١٩٨٩ ، كنت في
زيارة لبيروت، وكان د. فتحي رحمه الله عائدًًا من احتفال لحزب الله
خطب فيه السيد حسن، فكان الدكتور فتحي يتحدث عنه بانبهار شديد.
فعندما راجعت الدكتور وأبديت استغرابي من فرط إعجابه به قال لي عن
.( السيد حسن وبحضور أخوة: "إذا قدر له أن يعيش فسيكون خميني العرب"( ١
٣. في مقابلة مؤخرًا مع شلح لصحيفة "الحقيقة الدولية"( ٢)، بدت علاقته قوية
جدًا بإيران لدرجة أنه لم يستطع الدفاع عن دماء الفلسطينيين في العراق
ولو بكلمة!!
الحقيقة الدولية: ما حقيقة قيام إيران بتقديم دعم لحركة الجهاد الإسلامي؟ ■
- دعم إيران للشعب الفلسطيني ليس سرًا، فلقد أعلنت إيران دومًا عن
استعدادها لدعم الشعب الفلسطيني، وعندما زار إسماعيل هنية إيران أعلنت
إيران عن تقديمها ربع مليار دولار لدعم الشعب الفلسطيني، ولكن القضية التي
لا يجب إغفالها أنه في الوقت الذي تعلن إيران عن تقديم دعم للشعب الفلسطيني
.( يتقاعس العرب عن تقديم هذا الدعم، فكان لابد لإيران من ملء هذا الفراغ( ٣
.( ١) "في عين العاصفة" حوار مع د.شلح ، (ص ٨٠ )
.٢٠٠٧/٨/ ٢) بتاريخ ٢٢ )
٣) هذا غير صحيح فالدعم العربي والإسلامي الشعبي والرسمي للشعب الفلسطيني يفوق )
دعم إيران، وكذلك الدعم الشعبي العربي لحماس يفوق إيران، لكن دعم إيران لحركة
الجهاد هو الذي يفوق الدعم العربي والشعبي لها.
مقالات في المشكلة الشيعية
152
الحقيقة الدولية: وما هي علاقتكم بحزب الله؟ وهل يوجد تنسيق بينكم على ■
الأرض؟
- رغم عدم وجود تنسيق بيننا وبين حزب الله على الأرض لأن لكل منا
ظروفه التي تختلف عن الآخر، إلا أن علاقاتنا بحزب الله جيدة انطلاقًا من
قاعدة التحالف ضد المشروع الصهيوني الأمريكي الذي يريد الهيمنة على
المنطقة.
الحقيقة الدولية: ولكن ألا يوجد لديكم تحفظات على دعم إيران للنظام الحاكم ■
في العراق الموالي للولايات المتحدة؟
- نحن لا نتفق مع الإخوة في إيران فبينما نثمن دعمها للمقاومة في كل من
فلسطين ولبنان، فإن لدينا تحفظات على دعمها للمهادنين للاحتلال في العراق
لأن ذلك ليس في مصلحة إيران نفسها وقلنا هذا للإخوة الإيرانيين وسوف تثبت
الأيام هذا".
٤. الشيخ عبد الله الشامي وعمر شلح يعلنان عن تبعيتهم لمرشد الثورة
.( الإيرانية علي خامنئى في احتفالات الحركة( ١
٥. هشام سالم مسئول جمعية غدير الشيعية الاسم والمحتوى.
٦. محمد البيومي يتبنى الفكر الشيعي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وهو
حاليا متواجد في إيران.
٧. محمد الطوخي ممثل الحركة في إيران تشيع.
٨. وبحسب مجلة الوطن العربي( ٢)، فإن من بين الذين تشيعوا من عناصر
الحركة في المخيمات في لبنان: شريد توهان من مخيم الرشيدية في لبنان،
١) على هذا الرابط تجد ذلك بالصوت والصورة: )
http://www.haqeeqa.com/viewvideo.aspx?id=6
.٢٠٠٠/٣/ ٢) عدد ٢٤ )
مقالات في المشكلة الشيعية
153
ومحمد قدورة من صور، ومسؤول الحركة في جنوب لبنان محمد
المجذوب.
نشاطات حركة الجهاد الحالية في نشر التشيع في داخل فلسطين
هذه بعض جهود حركة الجهاد في نشر للتشيع بشكل مكثف داخل فلسطين،
رغم أن الشقاقي قال في كتابه "الشيعة والسنة ضجة مفتعلة ومؤسفة"( ١): "ليس
في فلسطين شيعي واحد"، ولكن بسبب جهوده وجهود حركته انتشر الضلال
والشرك والبدعة في فلسطين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
١. أقدمت صحيفة "الاستقلال"( ٢)، على نشر مقال خطير فيه لمز وتعريض
بالصحابي الجليل أبي سفيان، وقد تكرر هذا من صحيفة "الاستقلال"
التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، بنشر مقالات تطعن بالصحابة، ناهيك عن
مقالات التمجيد والتبجيل لحسن نصر الله وحكومة إيران.
٢. إذاعة صوت القدس التابعة للجهاد تبث بشكل واضح أفكارًا تشجع على
التشيع.
٣. حركة الجهاد ترسل جرحى فلسطين للعلاج في إيران! ويتم هناك الضغط
عليهم للتشيع.
٤. تأسيس مجموعة من الجمعيات التي تباشر التبشير الشيعي، ولهذه
الجمعيات أنشطة بين طلبة الجامعات وتقوم بترتيب دورات في داخل
البيوت للترويج للفكر الشيعي مثل:
• جمعية الإحسان الخيرية، مقرها الرئيس في مدينة غزة ولها فروع في كافة
أنحاء القطاع.
• جمعية رياض الصالحين، مقرها في مدينة غزة.
.( ١) ( ص ٦٤ )
.(٢٠٠٧/١/ ٢) (عدد ١١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
154
• جمعية الغدير، ومسئولها هشام سالم ومقرها في بيت لاهيا في شمال قطاع
غزة.
• جمعية أرض الرباط، مقرها أيضا في مدينة غزة ومسئولها عبد الله
الشامي.
• جمعية آل البيت، وتم الإعلان عن تأسيسها حديثًا كما وأعلنوا من خلالها
عن بداية تأسيس جامعة تحمل اسم جامعة آل البيت وهم حاليا بصدد بنائها.
• في محافظة بيت لحم تم إنشاء اتحاد الشباب الإسلامي وبعض المؤسسات
التي تنشر التشيع.
• طباعة الصحيفة السجادية وتوزيعها في قطاع غزة، وأطلقوا عليها "الطبعة
الفلسطينية".
• تنظيم العديد من المهرجانات تارة باسم القدس وتارة باسم الشهداء، ولكن
هي في الحقيقة إحياء لذكرى الخميني وبداية الثورة الإيرانية وغيرها من
المناسبات الشيعية.
• إقامة مؤتمر في مدينة غزة بدعوى توحيد المسلمين، وكان الهدف الرئيس
هو الترويج لفكرة أنه لا فرق بين السنة والشيعة وأن الفروق مع هذه الفرقة
الضالة إنما هي فروق سطحية.
• حشد بعض الوعاظ السذج ودفعت لهم أموال لتسخيرهم لنشر فكرهم الشيعي
في المساجد.
• توزيع كميات من الكتب التي تتعلق بالمذهب الرافضي، وكذلك الكتب التي
تتحدث عن الثورة اليرانية وغيرها ومن بين هذه الكتب: "لأكون مع
الصادقين" للتيجاني و"ليالي بيشاور" و"ولاية الفقيه" و"مختارات من أقوال
الخميني"، وغيرها من الكتب الشيعية.
• ترتيب منح دراسية للسفر إلى إيران للعديد من الطلبة ناهيك عن سفر
أعضائهم إلى إيران بشكل دوري مستمر.
مقالات في المشكلة الشيعية
155
• ُاعلن عن تشكيل تنظيم جديد في فلسطين المحتلة يحمل اسم "المجلس
الشيعي الأعلى في فلسطين". وقال بيان المجلس الذي صدر في رام الله
وحمل توقيع "محمد غوانمة" رئيس التنظيم الشيعي الجديد، إننا وباسم
الإسلام العظيم ومن قلب فلسطين نعلن عن تأسيس المجلس الإسلامي
الشيعي الأعلى في فلسطين. وجاء في البيان: إن الجمهورية الإسلامية
الإيرانية ركيزة المشروع الإسلامي العالمي على طريق إقامة خلافة
إسلامية راشدة وعاصمتها القدس الشريف. ولكن سرعان ما تراجعوا عن
هذا المجلس بسبب الضجة التي سببها، علمًا أن محمد غوانمة رئيس
المجلس المزعوم أكد في لقاء صحفي أنه تبنى المذهب الشيعي عام ١٩٧٩
مع انتصار الثورة الإيرانية، وبقي متكتمًا على هذا الانتماء حتى عام
١٩٩٥ وانه عمل لمدة أربع سنوات مرافقًا للشقاقي. ويؤكد غوانمة أن
خطته الحالية هي بناء مسجد شيعي في رام الله، ويعترف بوجود علاقات
.( قوية بين المتشيعين في فلسطين، وبين إيران وشيعة لبنان( ١
• محمد شحادة، وأحد قادة حركة الجهاد، وأحد مبعدي مرج الزهور، حيث
تأثر هناك بمجاهدي الحرس الثوري الإيراني وحزب الله فتشيع وأعلن
تشيعه، وقد تعهد في مقابلة مع مجلة "المنبر" الكويتية الشيعية المتطرفة
بنشر المذهب الشيعي في فلسطين. وقد أصبحت مدينة بيت لحم حيث يسكن
محمد شحادة مركزًا للشيعة في فلسطين( ٢). وله فيها أتباع يعلنون تشيعهم
ويعتدون على من يعترض عليهم، وقد رشح شحادة نفسه للانتخابات
التشريعية الفلسطينية الأخيرة سنة ٢٠٠٦ في محافظة بيت لحم، رغم
مقاطعة حركة الجهاد الإسلامي للانتخابات.
.٢٠٠٦/٣/ ١) صحيفة "دنيا الوطن" (غزة) ٤ )
.(٧٠٧/ ٢) كتاب "المتحولون"، لهشام قطيط ( ١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
156
وقد اعتبر شحادة أنه تعرض لمضايقات من الحركة بعد اعتناقه التشيع، إذ
يقول: "أخوض الانتخابات مستق ً لا، بعد أن رأيت من كنت معهم لا يستطيعون
تحمل وجودي باعتباري شيعيًا، وبعد أن تشاورت مع من يدعمني ويؤازرني من
.( شباب الجهاد الإسلامي، والفصائل الأخرى"( ١
وعن انتقاله إلى التشيع والمرحلة التي سبقت ذلك يقول:
"كنت أحد مقاتلي حركة فتح الفلسطينية منذ كان عمري ١٦ عامًا، وقد
اعتقلت إثر ذلك في العام ١٩٨٠ ، وحكم عل ي بالسجن خمسة وعشرين عامًا، ثم
أفرج عني في عملية تبادل الأسرى العام ١٩٨٥ ، بعدها تكررت عمليات اعتقالي
لعدة أعوام بلا محاكمة بتهمة الانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي التي نشطت
فيها بعد خروجي من فتح، ومن ثم أبعدتني قوات الاحتلال إلى مرج الزهور في
... جنوب لبنان لمدة عام خلال الانتفاضة المجيدة العام ١٩٩٢
في تلك الفترة أحسست بمعنى أن تكون مظلومًا، وقد تعمق هذا الشعور
عندي والرغبة بالانتصار على الظلمة بعد الثورة الإسلامية في إيران المسلمة،
حيث دفعني ذلك إلى القراءة المستفيضة عن الثورة الإسلامية ومرتكزاتها
الفكرية التي تنطلق من التشيع لآل البيت النبوي... بقيت القراءات تدور في
إطارها النظري إلى أن تم إبعادي إلى مرج الزهور كما أسلفت حيث عايشت
الممارسة الحقة للفكر الإسلامي من قبل مجاهدي الحرس الثوري الإيراني
.( وحزب الله الذين كانوا يزوروننا في المخيم"( ٢
ولعل هذا من أهم النتائج والمكاسب التي حصلت عليها إسرائيل من قضية
الإبعاد، وهو نقل التشيع إلى داخل فلسطين مع تسهيل عملية التعارف بين قادة
الداخل وقادة حزب الله بطريقة لا تثير الشكوك!!!
.٢٠٠٦ /١/ ١) صحيفة الغد ٢٦ )
.٢٠٠٦ /١/ ٢) صحيفة الغد ٢٦ )
مقالات في المشكلة الشيعية
157
الخاتمة:
بعد هذه الرحلة الطويلة تتضح لنا الحقائق التالية:
• أن علاقة حركة الجهاد مع إيران والتشيع علاقة قديمة منذ بداية الثورة
واستمرت لليوم.
• العلاقة بنيت على فهم قاصر للعقيدة والفكر الشيعي ولا يزال هذا القصور
في الفهم مستمرًا.
• تطورت العلاقة من إعجاب بالجانب الثوري للثورة الخميني إلى تبني
الحركة العقيدة الشيعية والفكر الخميني.
• تحولت حركة الجهاد إلى أداة من أدوات المشروع الإيراني الشيعي في
المنطقة.
• من مهام حركة الجهاد اليوم نشر ورعاية التشيع في فلسطين.
فهل يربأ الشرفاء من حركة الجهاد عن القيام بهذا الدور القذر والمشبوه؟
وهل يصحو لحقيقة حركة الجهاد بعض الأفاضل المخدوعين بمعسول كلام
حركة الجهاد وممثلهم في الجزيرة العربية وخاصة السعودية؟
نرجو ذلك والله المستعان على السراء والضراء،،،
هذا أحد التعليقات التي جاءت على هذا البحث على موقع "الراصد"
باختصار:
أيها الإخوة الأحباب، يا أنصار المجاهدين... نحن أبناء سرايا القدس
والجهاد الإسلامي،... في أوج الحملة المسعورة التي تستهدف قادة السرايا...
من قبل العدو الصهيوني الحاقد، وفي خط موازي لهذا الهجوم نتعرض لحملة
تشويه ومحاولة وصم السرايا الأبية بالتشيع أو محاباة الشيعة... وهذا الأمر
يحزن الإخوة المجاهدين ويترك أثرًا في قلوبهم، اكتب هذه الكلمات لكم وفى
قلبي عتاب كبير، وأود توضيح بعض الأمور لكي ينجلي عن عقولهم الوصف
الخاطئ والبهتان الكبير... يشهد الله وحده أن سرايا القدس وحركة الجهاد بريئة
مقالات في المشكلة الشيعية
158
براءة الذئب من دم يوسف من التشيع، ومن يقول غير ذلك عليه أن يتقى ربه
لأنه سيسأل عن ذلك يوم الموقف العظيم.
نعلم وجود عدد من الشيعة في حركة الجهاد وبعض المتعاطفين مع الشيعة،
كحال بعض المسلمين ممن وقعوا فريسة لأوهام الانتصار في لبنان وحزب الله
والثورة الخمينية.. والله يا أخوة يا أحباب إن عدد هؤلاء لا يعد على أصابع اليد
الواحدة وأن السلفيين في الحركة والسرايا يفوق هذا العدد بأضعاف مضاعفة، إذًا
لماذا لا يقال عن السرايا سلفية جهادية؟؟ إذا كانت الأمور تقاس هكذا؟؟؟ والله يا
أحباب إن أحمد حجازي الذي يتعاطف كثيرًا مع الشيعة وبعض القيادات التي
وقعت في شرك الشيعة لا يلقون ترحيب وسط السرايا، للأسف الشديد تحاول
هذه الفئة ممن هم على شاكلة الشامي أن يصفوا الحركة بالتشيع لكي يلقوا
الرضا من إيران، نسأل الله الهداية لهم أيها الإخوة الأحباب نعلمكم صراحة
بوجود صراع كبير في حركة الجهاد وسرايا القدس بين هذه القلة التي ارتضت
أن تكون في صف الشيعة .. والأغلبية الكبيرة التي لا تتصدى لهم بكل قوة ولله
الحمد، وإن وصفكم للجهاد بالتشيع يثلج صدورهم ومن ورائهم .. لذلك لا
ترتضوا أن تكونوا في صفهم وصف من يريد أن يصف الجهاد بالتشيع.
مقالات في المشكلة الشيعية
159
( موقف الشيعة وإيران من جماعة الإخوان المسلمين( ١
هذه الدراسة تهدف لبيان موقف ورؤية إيران والشيعة، من جماعة الإخوان،
ذلك أن جماعة الإخوان متعاطفة مع الشيعة وإيران، وأحيانًا تكون في مقدمة
المدافعين عنهما رغم الممارسات السلبية التي تقوم بها إيران والشيعة في حق
الإسلام والمسلمين.
[تمهيد]
موقف جماعة الإخوان المسلمين من الشيعة والثورة الخمينية
لقد كان ولا يزال موقف الإخوان من الشيعية موقفًا متساه ً لا بسبب منهج
الجماعة القائم على إحسان الظن بالمسلمين وعدم التدقيق على خلفياتهم العقدية،
خاصة إذا كانوا في صراع مع القوى المعتدية على الأمة الإسلامية.
وحين قامت الثورة الخمينية واستولت على إيران، ساندتها جماعة الإخوان
وفرحت بها، وهذه بعض مواقف الإخوان من الشيعة وإيران:
دور الشيخ حسن البنا وجماعة الإخوان في تشجيع التقارب بين السنة والشيعة:
أو ً لا: لقد شجع الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان، دعوة التقريب مع
الشيعة، وكان من المؤيدين لجماعة التقريب في مصر، بعكس صديقه وأستاذه
الأستاذ محب الدين الخطيب الذي كان من أوائل المدركين للخطر الشيعي وألف
كتابه "الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة".
ثانيًا: د. مصطفى السباعي، المراقب العام للإخوان في سوريا، ذكر في
كتابه "السنة النبوية" موقفه المؤيد للتقريب مع الشيعة ومن ثم تبين له عدم جدية
الطرف الشيعي في التقريب.
ثالثًا: الاستاذ عمر التلمساني، المرشد العام الثالث للإخوان المسلمين كتب
مقا ً لا في مجلة الدعوة بعنوان "شيعة وسنة" قال فيه: "التقريب بين الشيعة والسنة
١) "الراصد" العدد ( ٥٠ )، شعبان ١٤٢٨ ه. )
مقالات في المشكلة الشيعية
160
واجب الفقهاء الآن"( ١). وقال فيه أيضًا: "ولم تفتر علاقة الإخوان بزعماء الشيعة
فاتصلوا بآية الله الكاشاني واستضافوا في مصر ن واب صفوي".
ويقول أيضًا: "وبعيدًا عن كل الخلافات السياسية بين الشيعة وغيرهم، فما
يزال الإخوان المسلمون حريصين كل الحرص على أن يقوم شيء من التقارب
المحسوس بين المذاهب المختلفة في صفوف المسلمين".
ويقول التلمساني أيضًا: "إن فقهاء الطائفتين يعتبرون مقصرين في واجبهم
الديني إذا لم يعملوا على تحقيق هذا التقريب الذي يتمناه كل مسلم في مشارق
الأرض ومغاربها" ويقول أيضًا: "فعلى فقهائنا أن يبذروا فكرة التقريب إعدادًا
لمستقبل المسلمين" اه.
مرشد الإخوان المسلمين التلمساني رحمه الله كتب هذا الكلام في عام
١٩٨٥ م، أي بعد أن مضى على قيام الثورة الخمينية ستة أعوام، وهذه الفترة
كافية لأن تقوم إيران بتحقيق وعودها وشعاراتها بالوحدة ولكن ذلك لم يحدث.
رابعًا: الشيخ محمد الغزالي في كتابه "كيف نفهم الإسلام"( ٢) يقول: "ولم تنج
العقائد من عقبى الاضطراب الذي أصاب سياسة الحكم، وذلك أن شهوات
الاستعلاء والاستئثار أقحمت فيها ما ليس منها، فإذا المسلمون قسمان كبيران
ولا يزيد (شيعة وسنة)، مع أن الفريقين يؤمنان بالله وحده وبرسالة محمد
أحدهما على الآخر في استجماع عناصر الاعتقاد التي تصلح بها الدين وتلتمس
النجاة".
وفي موضع آخر يقول الغزالي: "وكان خاتمة المطاف أن جعل الشقاق بين
الشيعة والسنة متص ً لا بأصول العقيدة!! ليتمزق الدين الواحد مزقتين وتتشعب
الأمة الواحدة إلى شعبتين كلاهما يتربص بالآخر الدوائر، بل يتربص به ريب
. ١) العدد ١٠٥ يوليو ١٩٨٥ )
.( ٢) (ص ١٤٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
161
المنون. إن كل امريء يعين على هذه الفرقة بكلمة فهو ممن تتناولهم الآية:
إِ ن الَّذِي ن َف رُقوْا دِيَن همْ و َ كاُنوْا شِي عا لَّسْ َ ت مِْن همْ فِي َ شيْءٍ إِنَّ ما أَمْ ر همْ إَِلى الّلهِ ثُ م
.[ الأنعام: ١٥٩ ] يَنبئُ هم بِ ما َ كاُنوْا يفْ عُلو ن
ويقول الغزالي أيضًا: "فإن الفريقين يقيمان صلتهما بالإسلام على الإيمان
بكتاب الله وسنة رسوله، فإن اشتجرت الآراء بعد ذلك في الفروع الفقهية
والتشريعية فإن مذاهب المسلمين كلها سواء في أن للمجتهد أجره أخطأ أم
أصاب"، ثم يقول: "إن المدى بين الشيعة والسنة كالمدى بين المذهب الفقهي لأبي
حنيفة والمذهب الفقهي لمالك أو الشافعي"، ثم يختم الغزالي كلامه بقوله: "ونحن
نرى الجميع سواء في نشدان الحقيقة وإن اختلفت الأساليب" اه.
خامسًا: راشد الغنوشي في كتاب "الحركة الإسلامية و التحديث"( ١) يقول:
"ولكن الذي عنينا من بين ذلك الاتجاه الذي ينطلق من مفهوم الإسلام الشامل
مستهدفًا إقامة المجتمع المسلم والدولة الإسلامية على أساس ذلك التصور
الشامل، وهذا المفهوم ينطبق على ثلاثة اتجاهات كبرى: الإخوان المسلمين،
الجماعات الإسلامية بباكستان، وحركة الإمام الخميني في إيران" اه .
سادسًا: أبو الأعلى المودودي رحمه الله قال ردًا على سؤال وجهته إليه
مجلة "الدعوة"( 2) حول الثورة الخمينية في إيران: "وثورة الخميني ثورة إسلامية
والقائمون عليها هم جماعة إسلامية وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية
وعلى جميع المسلمين عامة والحركات الإسلامية خاصة أن تؤيد هذه الثورة
وتتعاون معها في جميع المجالات" أه.
.( ١) (ص ١٧ )
٢) العدد ( ١٩ ) أغسطس ١٩٧٩ م، مع أنه رحمه الله في عام ١٩٧٧ م وقبل قيام ثورة )
الرافضة كتب مقدمة لكتاب "الردة بين الأمس واليوم" للشيخ كاظم حبيب قال فيه مؤلفه
عن الشيعة الإمامية: "وهؤلاء رغم اعتدالهم فإنهم يسبحون في الكفر كما تسبح
الكرات البيضاء في الدم أو كما يسبح السمك في البحر".
مقالات في المشكلة الشيعية
162
سابعًا: وجاء في مجلة "المجتمع"، تحت عنوان"خسارة علمية": الشيخ محمد
باقر الصدر أحد أبرز المراجع العلمية المعاصرين للمذهب الجعفري.. وأحد
أبرز المفكرين الإسلاميين الذين برزوا من فقهاء المذهب الجعفري.. وله كتابات
إسلامية جيدة تتداولها أيدي المفكرين ككتاب "اقتصادنا" و"فلسفتنا" وغيرهما من
الكتب.. لقد تأكد مؤخرًا إعدامه بسبب أحداث سياسية .. ونحن بعيدًا عن الجانب
السياسي .. والخلاف المذهبي.. نرى أن في فقدان الشيخ الصدر خسارة لثروة
علمية كان وجودها يثري المكتبة العربية والإسلامية"( ١) اه.
ثامنًا: "الثورة الإيرانية في الميزان"، كان عنوان افتتاحية مجلة "المجتمع"
الممثلة للإخوان المسلمين في الكويت، وقد كتبها الأستاذ إسماعيل الشطي، أحد
رموز الإخوان ورئيس تحرير "المجتمع" قال فيها: "وبما أن الشيعة الإمامية من
الأمة المسلمة والملة المحمدية فمناصرتهم وتأييدهم واجب إن كان عدوهم
الخارجي من الأمم الكافرة والملل الجاهلية .. فالشيعة الإمامية ترفع لواء الأمة
الإسلامية والشاة يرفع لواء المجوسية المبطن بالحقد النصراني اليهودي.. فليس
من الحق أن يؤيد لواء المجوسية النصرانية اليهودية ويترك لواء الأمة
الإسلامية". ثم يقول الشطي أيضًا في مقاله: "ويرى هذا الصوت أن محاولة
تأسيس مؤسسات إسلامية في إيران تجربة تستحق الرصد كما تستحق التأييد
لأنها ستكون رصيدًا لأي دولة إسلامية تقوم في المنطقة إن شاء الله.. وما ذلك
على الله ببعيد" اه.
تاسعًا: قامت جماعة الإخوان باستئجار طائرة خاصة لقيادات الجماعة من
عدة دول للقيام برحلة تهنئة للخميني في طهران بنجاح الثورة.
عاشرًا: د. طارق السويدان في محاضرته" الحوار في الساحة الإسلامية
واقع ومعالجات" يقول: "وأعتقد أن نقاط الاتفاق كثيرة جدًا، واعتقد أيضًا أن نقاط
.( ١٩٨٠ (ص ١٥ /٤/ ١) العدد ( ٤٧٨ ) بتاريخ ٢٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
163
القصور كثيرة جدًا، ولأضرب مثا ً لا واضحًا من القضايا الرئيسية يعتز به الأخوة
الشيعة: قضية تبجيل وتعظيم أهل البيت عليهم السلام، وكنت تأملت في هذه
المسألة عند أهل السنة والجماعة فوجدت أيضًا عند أهل السنة والجماعة تبجيل
وتعظيم لأهل البيت، لكن إظهار هذا التبجيل والتعظيم عند أهل السنة بالتأكيد أقل
مما هو عند الشيعة، وهذا أنا أقوله بلا تردد قصور عند الأخوة السنة، ويجب أن
يعبروا عن حبهم وولائهم وتعظيمهم لأهل البيت، أنا ما أقول هذا الكلام مجاملة
لكم، هذا دين، هذا كلام دين موجود في كتاب الله تعالى وموجود في السنة
النبوية، وموجود في التطبيق الواضح فتعبيرنا نحن السنة عن قضية حبنا لأهل
البيت أقلّ مما ينبغي فيجب أن يزاد".
حادي عشر: مواقف جماعة الإخوان المسلمين في دعم حزب الله اللبناني
في حربه الأخيرة (تموز ٢٠٠٦ ) كانت في غاية التأييد للحزب ورفض أي نقاش
حول طائفية حزب الله الشيعية، وأبرزها حملة علماء الإخوان على فتوى الشيخ
عبد الله بن جبرين.
وحتى لا نطيل في بيان مشاعر الود التي تكنها جماعة الإخوان تجاه الشيعة
وإيران، نحيل القارئ الكريم لكتاب عزالدين إبراهيم "موقف الحركات الإسلامية
من الشيعة" لمزيد من المواقف الإخوانية المتعاطفة مع الشيعة وإيران.
وهنا ننبه أن التعاطف والتأييد للوحدة مع الشيعة والثورة الخمينية والتعاون
مع إيران سياسيًا – على الأقل - هو الخط العام لجماعة الإخوان المسلمين، كما
٤٠١ )، وإن كان يوجد بعض / بين ذلك الأستاذ عدنان سعدالدين في "مذكراته" ( ٢
القيادات والعلماء من جماعة الإخوان مثل الشيخ سعيد حوى والشيخ عمر
الأشقر والأستاذ محمد أحمد الراشد والدكتور صالح الرقب وغيرهم قد كانت له
مواقف معارضة لهذا التوجه، لكنها بقيت مواقف فردية لا تمثل خط الجماعة
الأم أو حتى التنظيمات المحلية لجماعة الإخوان.
مقالات في المشكلة الشيعية
164
موقف إيران والشيعة من جماعة الإخوان المسلمين
لتسهيل البحث سنجعله في ثلاثة أقسام:
* موقف إيران من الإخوان.
* موقف الشيعة من الإخوان.
* موقف المتشيعين من الإخوان.
موقف إيران من جماعة الإخوان
سنعتمد في معرفة موقف إيران من جماعة الإخوان على رسالة ماجستير
إيرانية للباحث الإيراني عباس خامه يار بعنوان "إيران والإخوان المسلمون"
والتي تناولت بالتفصيل العلاقات بين إيران، وجماعة الإخوان المسلمين، قبل
انتصار ثورة الخميني سنة ١٩٧٩ ، وبعدها.
يذكر عباس خامه يار أن هناك عناصر التقاء بين الشيعة والإخوان يتمثل
بالفكر الوحدوي، وموقفهما المشترك من القومية، وقضية فلسطين.
والذي يعنيه خامه يار هنا بالفكر الوحدوي عند الإخوان المسلمين، هو أن
هذه الجماعة عمومًا لا تحمل موقفًا سلبيًا أو عدائيًا تجاه العقائد والأفكار
الشيعية، أما الفكر الوحدوي عند الشيعة، أو عند الحركة الشيعية الإيرانية،
فيعني به التصريحات أو الكتابات التي صدرت من الخميني وبعض مراجع
الشيعة بضرورة التقارب بين السنة والشيعة، واتحادهما لمواجهة الأخطار
الخارجية.
ومن ثم يحدد عوامل الافتراق الفكرية بين الإخوان والشيعة وإيران
وهي:
- طبيعة الحكومة وشكلها المختلف في رأي الحركتين.
- واختلاف النظرة إلى معسكري الشرق والغرب.
- والمسار الإصلاحي والثوري.
مقالات في المشكلة الشيعية
165
وهنا تبدأ صورة الموقف الإيراني الحقيقي من الإخوان تتضح، فجماعة
الإخوان حسب نظرة الباحث "لا يهتمون بشخص الحاكم ولا بمواصفاته التي
.( ينبغي أن يتحلى بها ولا بوقت وكيفية تنفيذه للأحكام"( ١
والحكم السابق الذي أصدره خامه يار على الإخوان، ومن خلالهم على أهل
السنة، قراءة مغلوطة لقول حسن البنا الذي أورده المؤلف بعد إصداره لحكمه
السابق، حيث يقول البنا: "فالإخوان المسلمون لا يطلبون الحكم لأنفسهم، فإن
وجدوا من الأمة من يستعد لحمل هذا العبء وأداء الأمانة والحكم بمنهاج
إسلامي قرآني فهم جنوده وأنصاره وأعوانه، وإن لم يجدوا الحكم من منهاجهم
فسيعملون لاستخلاصه".
وبنفس المعنى يقول المرشد الثالث للإخوان، عمر التلمساني رحمه الله: "فلا
يعنينا شخص من يحكم، ولكن في المقام الأول يهمنا نوع الحكم وشكله ونظامه
وبعد ذلك فليحكم من يحكم".
وبالتالي فإن التصريحات السابقة للبنا والتلمساني تعني أن الإخوان لا
يشترطون أن يكون الحاكم من جماعتهم، إنما ليحكم من يحكم، شريطة أن يحكم
بالشريعة، وإذا فعل الحاكم ذلك، فإن الإخوان سيكونون له عونًا وسندًا.
أما الفهم المغلوط الذي خرج به خامه يار حول الحاكم عند أهل السنة
والإخوان، وتصويرهم بأنهم مع جور السلطان وظلمه كما ذكر ذلك في مواضع
عديدة من الكتاب، أمر منافٍ للواقع والحقائق، لا سيما وأن بعض الأقوال كانت
تفتقد للعزو وذكر المصدر.
ومما تأخذه الحركة الشيعية على جماعة الإخوان المسلمين أنها تصدت بقوة
للغزو الشيوعي والماركسي الذي شكل خطرًا جسيمًا على الشعوب الإسلامية في
حقبة السيتنات والسبيعنيات من القرن الماضي!!
.( ١) (ص ١٦٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
166
من المؤاخذات كذلك وصفهم لجماعة الإخوان أنها "حركة إصلاحية
محافظة، وليست حركة انقلابية"( ١)، وأن سياستها تقوم على التربية والتثقيف
والدعوة، وعدم جواز الخروج على الحاكم الظالم، واعتماد أساليب العمل
السلمي، ومنه العمل البرلماني... (مع بعض الاستثناءات).
أما "الحركة الإسلامية الإيرانية" فإنها تشكك في هذا المنهج الإخواني،
السلمي التربوي، متسائلة: "ما الذي أسفر عنه الأسلوب الإصلاحي التربوي
للإخوان بعد خمسين سنة من تجربته؟ وإذا كّنا نتقبل جواب الإخوان على أنه لم
يغير الحكومات ولكنه خلق قاعدة عريضة ودائمة، فإن سؤا ً لا آخر يطرح نفسه،
؟( وهو: هل يستحق هذا الأمر كل هذا الثمن الباهظ"( ٢
وتحاول "الحركة الإسلامية الإيرانية" التدليل على صحة نهجها الثوري
بانتصار الثورة على نظام الشاه سنة ١٩٧٩ م، وهي "ترتكز على الأصول
الشيعية في عملها، وتتأثر بالأحداث التاريخية، وبالمظالم التي تعرض لها الشيعة
على امتداد تاريخهم، وبالمعارضة التقليدية التي عرفوا بها حكام الجور والظلم،
ويطلقون شعار "كل أرض كربلاء، كل يوم عاشوراء"، مقتدين بالمنهج الدموي
الذي سلكه الإمام الحسين في كربلاء، ويبقى الخيار مفتوحًا أمام زعماء هذه
الحركة لاختيار الظروف الزمانية والمكانية المناسبة واختيار أقصر الطرق
.( لتحقيق هدفهم السامي"( ٣
وقول خامه يار السابق لا يدع مجا ً لا للشك في خطورة الفكر الشيعي وأنه
لا يمكن الوثوق به، حيث يهدف لتثوير الحركات السنية وهو ما ثبت خطأه
وعدم جوازه شرعًا ولا جدواه عق ً لا .
.( ١) (ص ١٨٩ )
.( ٢) (ص ٢٠٢ )
.( ٣) (ص ٢٠٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
167
ومما يثير الاستغراب في هذا الصدد أن خامه يار رغم اعترافه بأن
السياسات الإيرانية؛ من تشجيع التجمعات الشيعية على التمردن ودعم نشاطات
التشييع في أوساط أهل السنةن وظلم السنة في إيران؛ كانت سببًا في نفور أهل
السنة من الثورة، إ ّ لا أنه يحمل الإخوان مسؤولية فتور العلاقات مع إيران،
معتبرًا أنها انساقت وراء الدعاية "الوهابية" ضد الشيعة وإيران، وكأن إيران لا
تتحمل مسؤولية إزاء نفور السنة والإخوان عن مذهبهم وثورتهم.
ويستمر خامه يار في تحميل الإخوان مسؤولية ضعف الصلة مع الثورة،
لأن الإخوان أخذوا على الثورة مواجهاتها الدموية مع أعدائها، والأحكام التي
أصدرتها المحاكم الثورية، واشتراط الدستور أن يكون رئيس الجمهورية شيعيًا
وإيرانيا، وتحديد نظام ولاية الفقيه كأسلوب للحكم في إيران، وحاكمية فئة رجال
الدين...( ١)، وكأن المطلوب من جماعة الإخوان السمع والطاعة المطلقة لإيران،
فهل يدرك ذلك قادة الإخوان.
ومن المواقف المهمة لإيران تجاه جماعة الإخوان، هو خذلانهم في أحداث
حماة حين قام النظام النصيرى البعثي بإبادة جماعة الإخوان المسلمين، ولم
تحاول إيران أن توقف المجزرة على أقل تقدير، بل انحازت للنظام النصيري!!
وهذا أمر يصرح به قادة الإخوان في سوريا.
وبهذا يتضح أن إيران تعتبر علاقتها بجماعة الإخوان وسيلة لتحقيق
مصالحها الشيعية، وليست علاقة نزيهة تقوم على أسس الوحدة وعاطفة الإسلام
كما تتصور جماعة الإخوان، فهل يدرك الإخوان ذلك ؟؟
.( ١) (ص ٢٢٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
168
موقف الشيعة من الإخوان
يمكن للباحث الوقوف على العديد من التصريحات والمواقف التي تكشف
عن حقيقة نظرة الشيعة للإخوان المسلمين ومنها:
١- أفتى الشيخ محمد باقر المهري الزعيم الشيعي البارز في الكويت
بتحريم التب رع لحركة حماس أو مساعدتها، مكررًا بلسانه الفتوى ثلاث مرات:
حرام! حرام! حرام!، وفي معية الفتوى وفرة من الافتراءات والأكاذيب
والتخرصات والحقد الأسود الذي يطمس على العيون، وذلك سنة ٢٠٠٦ م.
٢- بعد أن طفح الكيل بالشيخ يوسف القرضاوي من الممارسات الشيعية
الطائفية في العراق والتي أوغلت في القتل على الهوية فبلغ القتلى مئات الألوف،
أصدر بعض التصريحات المتأخرة دفاعًا عن هؤلاء الضعفاء والمساكين،
فخرجت المنتديات والمواقع الشيعية تسب القرضاوي الذي دافع دفاع المستميت
عن حزب الله قبل بضعة شهور من ذلك.
فهذا إدريس هاني متشيع من المغرب يخاطب القرضاوي قائلا: "وكنا ننتظر
منكم أن تخرجوا من قصوركم المنعمة ورفاهيتكم الفاحشة وتذهبوا إلى العراق
وتقبلوا أن تتواضعوا وتجلسوا مع السيد السيستاني على الحصير، وتأكلوا من
يابس مأكوله وتلطخوا أحذيتكم الملكية بالطين" و" أقول لك بأنك، بهذه الحركات
المكوكية الطائفية، تجاوزت حدك ومارست سلطانك الغاشم وبدأت تتصرف
كأمبراطور يصادر الأمة حقها في الاختلاف ويكرهها بالضغط على تبني الرأي
الواحد ويستهين بعقول الأمة..". ويقول:" نرجو أن تتعقلوا أكثر وتخدموا
التقريب والوحدة من طرقها الصحيحة لا من طرق الاستبداد والتجديف
والتهريج..".
هذا بعض كلامه على القرضاوي مع أن إدريس هاني قال في بداية مقاله
"يشهد الله أنني حاولت أن أجتهد وسعي، لكي أتفهم ما جاء في تصريحكم خلال
مؤتمر الحوار بين المذاهب الإسلامية الذي أنهى مؤخرا أشغاله في الدوحة..
مقالات في المشكلة الشيعية
169
وذلك لأنني أريد أن أصدق نفسي بأن ما يصدر عنكم هو نابع من تقدير خاطئ
ومتسرع للأحداث وليس وراءه نية سوء وتبييت مدبر. أتمنى أن أبقى على هذا
الاعتقاد وأرفض سواه ولو كان هو الحقيقة المرة.. فلو أردت أن أقرأ تحركاتكم
الأخيرة وأحللها حسب ما يفعل عادة كل مهجوس بداء المؤامرة الذي عفانا الله
منه لقلنا الكثير مما لا تحمد عقباه".
أما إذا ذهب القارئ في جولة في المنتديات الشيعية فسيجد السب والشتم
لجماعة الإخوان وخاصة لحركة حماس ووصفها بأنها وهابية، تكفيرية، إرهابية،
ناصبية، معادية لشيعة آل البيت، كما سيجد اتهام قادة حماس التاريخيين كالشيخ
أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي بأنهم نواصب وكفار.
ولذلك أظهر العديد من كتابهم الشماتة بمقتل الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز
الرنتيسي وتهنئة شارون على ذلك، حيث نقلت مواقع الإنترنت قول أحدهم أخزاه
الله "تسلم ايدك يا شارون"!! تهنئة منه على قتل الشيخ أحمد ياسين رحمه الله.
موقف المتشيعين من الإخوان
يعتبر موقف المتشيعين المصريين من الإخوان المسلمين في غاية السوء،
دون مبرر واضح، وهو يتنوع من الشتم إلى التحقير والازدراء، ورميهم
بالعمالة للغرب، ناهيك عن التكفير والتخوين.
أو ً لا: يقول د.أحمد راسم النفيس - وهو من أبرز قادة المتشيعين في مصر،
وله مقال أسبوعي في صحيفة القاهرة، وكثيرًا ما يهاجم جماعة الإخوان في
مقالاته وزاد هجومه عليهم بعد سيطرة حماس على غزة - في كتابه "رحلتي مع
الشيعة والتشيع في مصر" يصرح أنه انضم للإخوان لمدة ١٠ سنوات حتى بداية
عام ١٩٨٥ م (ص ١٣ )، وقد وصف سلوكهم بأنه هو "الفجور الأخلاقي الذي
أدمنه هؤلاء الأفاكين" (ص ١٤ ). كما يعتبر أن حسن البنا "هو أول من افتتح
ثقافة العنف المعاصرة ... وانتهى به الأمر لأن يقتل (رأسًا برأس) وليس شهيدًا
كما يزعم الأفاكون ومزورو التاريخ المعاصر" (ص ١٧ ). ويواصل النفيس
مقالات في المشكلة الشيعية
170
(ص ٢٦ ) توصيف فكر جماعة الإخوان بقوله: "الثابت أن منظري الإخوان قد
اتخذوا من ابن تيمية مرجعًا فقهيًا لفتواهم الدموية، ذلك الفكر التكفيري الدموي
الذي ما زال يترعرع و يتمدد في حماية هؤلاء الجهال المنتفخين".
( ثانيًا: وفي كتابه "الجماعات الإسلامية محاولة استمساخ الأمة" (ص ١٢٠
يقول: "لعبت جماعة الإخوان دورًا رئيسا في تعقيد أزمة مصر"!! ويكرر
(ص ٢٢١ ،١٩٣ ) "أن البنا مؤسس فكر التكفير". ويؤيد منع ترخيص جماعة
.( الإخوان في مصر (ص ١٧٨
وهذه برقيات سريعة من كتاب النفيس "الجماعات الاسلامية ":
.( - "بطل الكشافة مؤسس الإخوان" (ص ١٥٥
- ويقول عن الشيخ سعيد حوى: "فالرجل لم يكف عن إطلاق مدافعه الثقيلة
.( على الأمة العليلة" (ص ٥٤
- وعن مأمون الهضيبي يقول: "إنه نموذج للعامل على غير بصيرة لم
.( تزده شدة السير إلا بعدًا عن الطريق الواضح" (ص ٥٩
.( - ويصف المستشار البهنساوى بأنه "أحد محامي الضلال" (ص ٢٥٥
ثالثًا: أما الشيخ يوسف القرضاوي، فيفرد له النفيس مجلدًا خاصًا! بعنوان
"القرضاوي وكيل الله أم وكيل بنى أمية"، ملأه بالطعن والشتم للقرضاوي بسبب
كتابه "تاريخنا المفترى عليه"، وهذه بعض شتائم النفيس للقرضاوي:
- "منطق الشيخ المهترئ" و"الفتاوى الذي يتكسب هؤلاء السادة منه"
.( (ص ٩٠
- "الرجل متسق مع واقعه البائس وارتمائه في أحضان سلطة أموية عربية
.( تعمل في خدمة الصليبية والصهيونية" (ص ٩١
.( - "وبعد أن ألقى الشيخ تلك القذيفة السامة " (ص ٩٧
مقالات في المشكلة الشيعية
171
رابعًا: أما صالح الورداني الزعيم المتشيع في مصر، المبشر بمذهب جديد!
في كتابه "أزمة الحركة الإسلامية المعاصرة من الحنابلة إلى طالبان" فيقول عن
جماعة الإخوان:
- "هم الذين أرضعوا التيارات الإسلامية الناشئة الفكر الوهابي الذي اكتووا
.( بناره فيما بعد .." (ص ٤٢
- يتهم جماعة الإخوان أنهم" دخلوا في تحالف غير مباشر مع النظام
البعثي العلماني ضد نظام إسلامي" ص ٧٧ ويقصد العراق وإيران!
- أما سبب فشل الإخوان فهو يعود بحسب الورداني إلى " البعد السلفي
الذي حال بينهم وبين فقه الواقع فقهًا صحيحًا وكان عبد الناصر أفقه به
.( منهم" (ص ١٠١
وبعد، هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعلمها الجميع - وخاصة جماعة
الإخوان - وهي أن الشيعة لا يحبون أهل السنة حتى لو كانوا متعاطفين معهم
كجماعة الإخوان المسلمين، وذلك أن كل من لا يؤمن بإمامة الإثنى عشر وأنها
ركن من أركان الإسلام هو كافر عندهم!!
فإذا كان هذا الكره والعدوان من الشيعة على جماعة الإخوان المسلمين
المتعاطفة معهم، فكيف سيكون موقف الشيعة من بقية أهل السنة وخاصة غير
المتعاطفين معهم؟؟
فلنكف عن تقديم الهدايا والأعطيات من التأييد والثناء والدفاع عمن لا
يستحق ذلك، وهو في الحقيقة يضمر لنا العداوة و البغضاء.
مقالات في المشكلة الشيعية
172
( الإخوان- حماس وإيران والسؤال الحائر؟( ١
كثرت مؤخرًا الانتقادات لموقف جماعة الإخوان وحركة حماس من إيران،
وذلك بعد تكشف الدور الذي تقوم به إيران وأذرعها المختلفة بخاصة حزب الله
وفيلق بدر وجيش المهدي.
هذا الدور الذي ينطلق من رؤية مركبة شيعية – فارسية، حيث أن الفكر
الشيعي المعاصر تأسس على يد الدولة الصفوية التي أججت النزعة الفارسية
وأعطتها بعدًا دينيا، كما هو ظاهر في روايات المجلسي في كتابه "بحار
الأنوار". وهذه التركيبة الشيعية – الفارسية هي المسيطرة لليوم على إيران،
وهي تبرز بوضوح في نصوص الدستور الإيراني، حيث المادة ( ١٢ ) من
الدستور تنص: "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثنى
عشري وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير"!
وتكرر في الدستور الإيراني هذا البعد الشيعي في مواد أخرى متعلقة مث ً لا
بمجلس الشورى أو الجيش وقسم الرئيس:
"لا يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول
.[ وأحكام المذهب الرسمي للدولة" [مادة ٧٢
وتكررت في المادة ( ٨٥ ): "يجب أن يكون جيش جمهورية إيران الإسلامية
جيشًا إسلاميًا، وذلك بان يكون جيشًا عقائديًا وأن يضم أفراد لائقين مؤمنين
.[ بأهداف الثورة الإسلامية" [مادة ١٤٤
"إنني باعتباري رئيسا للجمهورية اقسم بالله القادر المتعال في حضرة القران
.[ الكريم أمام الشعب الإيراني أن أكون حاميًا للمذهب الرسمي" [مادة ١٢١
وهذا بخلاف جميع الدول الإسلامية على تنوع مذاهبها التي تنص على
الإسلام فقط دون ذكر مذهب معين!
.٢٠٠٧/٣/ ١) جريدة الغد ١٠ )
مقالات في المشكلة الشيعية
173
أما النزعة الفارسية فتظهر في نصوص مثل: "اللغة والكتابة الرسمية
.[ والمشتركة هي الفارسية"! [مادة ١٥
ويعتبر التاريخان ، "بداية التاريخ الرسمي للبلاد هجرة رسول الله
.[ الهجري الشمسي والهجري القمري كلاهما رسميين" [مادة ١٧
فلماذا المخالفة لكل البلاد الإسلامية في التاريخ الهجري الشمسي! هل
ليوافق التاريخ الفارسي القديم؟!
وضوح هذا البعد الشيعي– الفارسي للجميع بما فيهم أفراد جماعة الإخوان
وحركة حماس، دعا للتساؤل عن صحة الموقف الإخواني– الحماسي من إيران،
والذي تبلور في رسالة حزب جبهة العمل الإسلامي لفروعه حول الموقف من
إيران، وتلته زيارات من قيادة الجماعة للشعب لمناقشة الموضوع،
هذا الموقف الذي يمكن تلخيصه ب: المساندة لإيران هي مساندة سياسية
في وجه الإمبريالية والصهيونية، مع استنكار الجرائم التي يرتكبها أعوان إيران
في العراق، ورفض مواقف إيران في العراق وأفغانستان.
وموقف الإخوان وحماس ينطلق من موقف سياسي يريد فك الحصار عن
حماس ودعم صمود الشعب الفلسطيني وتقوية جبهة المقاومة بوجه المشروع
الصهيوني في المنطقة.
وبغض النظر عن صحة هذا الموقف من عدمه، لم نجد أحدًا سأل لماذا
تحرص إيران على هذه العلاقة، وهي تعلم – كما يقول الإخوان وحماس– أن
الإخوان وحماس لا يرحبون بمواقفها العقدية ويعارضون نشاط إيران في نشر
التشيع.
فما هي المكاسب السياسية التي تحصل عليها إيران من هذه العلاقة؟
هل يمكن لجماعة الإخوان وحماس أن يجيبونا، بخاصة أن ثقافة "البازار
الإيراني" التي تقبل المفاوضة التجارية على كل شيء تسيطر على مواقف
إيران، كما حصل في أفغانستان ويحدث الآن في العراق؟
مقالات في المشكلة الشيعية
174
أما حكاية دعم صمود الشعب الفلسطيني، فهذه لا يمكن فهمها بأي طريقة
كانت وهي تمارس إبادة الفلسطينيين في بغداد عبر وكلائها، دون أن يستنكر
ذلك أحد قياداتهم السياسية أو الشرعية ولو ذرًًا للرماد في العيون، هذه الإبادة
التي لا تجد من يوقفها ويرفعها عن الفلسطينيين في بغداد، وقد صدر حديثًا
كتاب "فلسطينيو العراق بين الشتات والموت" يكشف تفاصيل هذه الجرائم، فما
هذا الدعم لصمود الشعب الفلسطيني!
وهذا القتل من أعوان إيران للشتات الفلسطيني والسكوت الإيراني عليه
موقف ثابت لهم، وقد د ون ذلك الأستاذ فهمي هويدي في كتابه "إيران من
الداخل" حول موقف الخميني من مجازر "أمل" في المخيمات الفلسطينية بلبنان
عام ١٩٨٥ م، فقال: "في يونيو ٨٥ وقتال "أمل" للفلسطينيين في بيروت كان قد
بلغ ذروته وبينما تكلم مختلف رموز النظام منتظري ورفسنجاني وخامنئي، فإن
الإمام التزم الصمت. وقيل وقتئذ أنه معتكف في الأيام العشرة الأخيرة من شهر
رمضان. ولما انتهى الصيام خرج الإمام من اعتكافه وألقى خطابًا في "حسينية
جمران" بعد صلاة العيد.
وفيما توقع الكثيرون أن يعلن موقفًا تجاه ما يجري في لبنان، فإن الإمام لم
يشر إلى الموضوع من قريب أو بعيد، وكان جل تركيزه في الخطاب على دلالة
المظاهرات المؤيدة للحرب مع العراق، التي خرجت يوم القدس (آخر جمعة من
رمضان). كنت أحد الذين استمعوا إلى خطبة الإمام في صبيحة ذلك اليوم
٢٠ يونيو) ولم أستطع أن أخفي دهشتي من تجاهله لما يجري في لبنان، ليس )
فقط لأن الفلسطينيين هم ضحيته، ولكن لأن الجاني منسوب إلى الشيعة. ونقلت
انطباعاتي إلى صديق خبير بالسياسة الإيرانية، فكان رده أن الإمام له حساباته
وتوازناته"!
أما تصريحات رموز النظام، فقال عنها هويدي: "كان خامنئي يعبر بصدق
عن موقف الحكومة والأجهزة الرسمية، التي لزمت الصمت طوال خمسة أيام
مقالات في المشكلة الشيعية
175
بعد بدء الاعتداء على المخيمات الفلسطينية، ثم بدأت تتحدث عن "وقف القتال"
وتجنب استمرار نزيف الدم" وهو موقف بدا خاضعًا "للحسابات" أكثر منه ملتزمًا
بالمبادئ. إذ كان واضحًا الدور السوري في دعم أمل فض ً لا عن أن تلك الأجهزة
وضعت في اعتبارها أن "أمل" هي في النهاية منظمة شيعية".
فهل يعيد التاريخ نفسه أم أنها حقيقة الموقف، ولكن من يتعلم؟
وبقي علينا أن نعرف موقف جماعة الإخوان وحركة حماس من ما يجري
على الأرض في غزة بالتحديد من نشر للتشيع بشكل مكثف، فقد أقدمت صحيفة
٢٠٠٧ م، بنشر مقال خطير فيه لمز وتعريض /١ / "الاستقلال" بتاريخ ١١
بالصحابي الجليل أبي سفيان، وما تقوم بنشره صحيفة "الاستقلال" - التابعة
لحركة الجهاد الإسلامي– من مقالات تطعن بالصحابة؟ وما تبثه إذاعة صوت
القدس التابعة للجهاد من أفكار تشجع على التشيع؟
وأيضًا ماذا عن الجرحى الذين يتم إرسالهم للعلاج في إيران! ويتم الضغط
عليهم للتشيع؟
وقد أسست بعض الجمعيات التي تباشر التبشير الشيعي، ولهذه الجمعيات
أنشطة بين طلبة الجامعات وتقوم بترتيب دورات في داخل البيوت للترويج للفكر
الشيعي.
أما في محافظة بيت لحم فتم إنشاء اتحاد الشباب الإسلامي وبعض
المؤسسات التي تنشر التشيع.
وهذه النشاطات الشيعية في الأوساط الفلسطينية ليس طارئة، بل هي قديمة
وهذا ما صرح به الدكتور صالح الرقب، القيادي البارز في حركة حماس،
والذي ألف كتابه "الوشيعة في كشف شنائع وضلالات الشيعة" سنة ٢٠٠٣ م،
وذكر سبب تأليف للكتاب هو "ما لوحظ من زيادة نشاط الدعوة للشيعة الإثني
عشرية في الآونة الأخيرة على مستوى قطاع غزة خاصة"، وقال الرقب: "ومما
يؤسف له أنه تولى طباعة الصحيفة السجادية وتوزيعها في قطاع غزة بعض
مقالات في المشكلة الشيعية
176
الجهلة المغرر بهم، وأطلقوا عليها "الطبعة الفلسطينية" وكتب أحدهم مقدمة لها
غالى في مدحها وتعظيمها".
فهل كان هذا هو ما تريده إيران من العلاقة بالإخوان وحماس! إشغالهم
بالتحالف السياسي وتمرير مخططات شيعية عبر حركة الجهاد وغيرها؟ سؤال
حائر ينتظر إجابة؟
مقالات في المشكلة الشيعية
177
نصرة لحماس
حماس وإيران والشيعة مرة أخرى!! ١
حركة حماس حركة إسلامية جهادية لها احترامها وتقديرها لما تقوم به من
دور هام في حماية الدين والمقدسات أو ً لا وحماية المسلمين والأرض ثانيًا، ومن
حق حماس على كل محبيها نصحها وتنبيهها إلى ما يظن أنه خطأ أو تجاوز أو
قصور، والقاعدة المعروفة: "كل عامل ومجتهد يقع منه الخطأ"، ولذلك قرر النبي
.( أن "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون "( ٢ :
حثنا على نصرة إخواننا من المسلمين فقال: "انصر أخاك كما أن النبي
ظالما أو مظلوما قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما قال تأخذ
.( فوق يديه."( ٣
ولقد سبق لي أن كتبت منذ فترة مقالا بعنوان "الإخوان- حماس وإيران
والسؤال الحائر؟"( ٤)، قصدت من خلاله تنبيه حماس من خطورة أن تكون جسرًا
يعبر التشيع عليه إلى فلسطين وقضيتها، دون أن يطلب منهم التشيع بذواتهم،
ولكن غض الطرف عن جهات أخرى ستعمل على نشر التشيع في فلسطين،
وعلى رأس هذه الجهات: القيادة السياسية – في الداخل والخارج - لحركة
.( الجهاد الإسلامي الفلسطينية( ٥
- 1 لم يسبق نشره .
.( ١) "صحيح الجامع" ( ٤٥١٥ )
٢) رواه البخاري . )
http://www.alased.ws/index.cfm?method=home.con&contentID=8761 (٣)
٤) راجع بحثي: "حركة الجهاد الإسلامي والهوي الشيعي الإيراني": )
http://www.alrased.net/show_topic.php?topic_id=766
مقالات في المشكلة الشيعية
178
ويبدو أن حماس لم تنتبه لهذا الخطر بعد، أو أنها تعرفه لكنها تعتقد أن
حجمه بسيط ولا يشكل مصدر خطورة شديدة، أو أنها تغض الطرف عنه في
هذه المرحلة لأسباب خاصة بها!!
ولكن ما جرى في الفترة القريبة من ترويج مبطن لإيران وحزب الله
والتشيع في بعض المناسبات العامة التي نظمتها حماس أو مؤيدوها، وأيضًا
بعض التصريحات الأخيرة لرئيس المكتب السياسي لحماس الأستاذ خالد مشعل
وغيره جعلتنى أعاود الكتابة مرة أخرى حول هذا الموضوع.
من هذه الممارسات:
* ما رصده مراسل "لجنة الحقيقة للدفاع عن عقيدة أهل السنة في
فلسطين"( ١)، من تواجد إيراني وشيعي مضخم ومبالغ فيه كثيرًا في ملتقي القدس
٢٠٠٧ ، والذي عقد بمبادرة من مؤسسة القدس / الدولي باسطنبول في شهر ١١
الدولية التي يرأس مجلس أمنائها الدكتور يوسف القرضاوي، وفي لقاء لي
بالقاهرة مع أحد صحفيي جماعة الإخوان المسلمين من الذين حضروا هذا
المؤتمر، أكد لي هذه الممارسات المستفزة في المؤتمر والتي شعر معها أن هناك
نية لدى إيران والشيعة سرقة جهود أهل السنة في قضية فلسطين ببعض
الملصقات والبوسترات والأوراق الملونة، ولكن في مواقف النصرة والمساعدة
الحقيقية التي يحتاجها الشعب الفلسطيني لن تجد إيران والشيعة كما سيأتي بعد
قليل.
* تكرر هذا الأمر - الحضور المكثف الإيراني والشيعي – في "المؤتمر
الوطني الفلسطيني" ، الذي دعت له حماس مؤخرًا في دمشق.
وبعيدًا عن تسييس المؤتمر وخضوعه لأجندة سورية عبر إلغاء المؤتمر ثم
عقده بسبب المناكفة مع السعودية حول الملف اللبناني، بعيدًا عن ذلك شهد
http://www.haqeeqa.com/welcomeshow.aspx?id=20 (١)
مقالات في المشكلة الشيعية
179
المؤتمر إعطاء إيران والشيعة حجمًا كبيرًا، مما ذ ّ كرنا بصنيع المنظمات
الفلسطينية اليسارية، التي كانت تضخم وتلمع حجم الدور الروسي في دعم
القضية الفلسطينية، رغم كل الخيانات التي قامت بها روسيا تجاه القضية
الفلسطينية، ومن أهمها أنها كانت أول دولة تعترف بإسرائيل بعد أن فرضت
قرار التقسيم في مجلس الأمن( ١)، وهي من قام بإمداد هذا الكيان بالرجال
والعتاد، وتطويع كل القيادات الفلسطينية والعربية الثورية لتضليل الجماهير
وسوقها لحتفها وهي تهتف للجلاد كما في صنيع جمال عبد الناصر في حروبه
مع إسرائيل!!
هذا المؤتمر الذي حضرته شخصيات وهيئات من مصر ولبنان وإيران،
غاب عنه مثل جماعة الإخوان في سوريا، لأنها محظورة من النظام السوري،
ثم يقولون لنا هذا هو الدعم الشريف والنزيه لحماس وفلسطين!!
* رغم سيطرة حماس على قطاع غزة، فلا تزال تتواصل الجهود العلنية
لنشر التشيع في غزة، ومن ذلك توزيع العديد من الكتب الدعائية للفكر الشيعي
مثل: كتاب "لأكون مع الصادقين" للتيجاني، وكتاب "ليالي بيشاور"، وكتاب "ولاية
الفقيه"، وكتاب "مختارات من أقوال الخميني"، كما تم توزيع نشرة معنونة
ب"عاشوراء مدرسة البطولة والفداء" في يوم عاشوراء الماضي.
* حين تم اغتيال عماد مغنية المسؤول الأمنى لحزب الله، تسابق للأسف
قادة حماس على رثائه وتأبينه وأقاموا له حفل تكريم في غزة!!
مغنية الذي كان وراء العديد من الجرائم بحق الإسلام والمسلمين في
السعودية والكويت ولبنان والعراق، كما أنه كان وراء دعم ورعاية إيران لجيش
١) راجع كتاب "موسكو وإسرائيل"، لعمر حليق، والذي وثق مجريات اجتماعات مجلس )
الأمن بخصوص قرار تقسيم فلسطين وتكوين دولة الكيان الصهيوني.
مقالات في المشكلة الشيعية
180
المهدى التابع لمقتدى الصدر، الجزار الذي أمعن في قتل المسلمين من أهل السنة
في العراق إضافة إلى الفلسطينيين هناك!!
* لا نعرف في أي سياق نضع تصريح أحمد يوسف مستشار رئيس
الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية، الذي قال: "ما العيب أن تكون شيعيًا؟ فالشيعة
هم عز هذا الزمان"!! هل نضعه في سياق الدبلوماسية والمزايدة أم نأخذه على
ظاهره لأن ما تعلمناه أن السياسي المسلم يوري ولا يكذب كما يفعل بقية
الساسة!!
و د وه صدر واح ن م وا لاً م ى أم ا نتلق * تصريح الأستاذ خالد مشعل: "إنن
ران "!( ١). مثل هذه التصريحات تجعل الإنسان يظن أن حماس هي الطفل إي
المدلل لدى إيران والشيعة. رغم أن الأستاذ مشعل قال في مقابلة أخرى في نفس
الفترة تقريبًا: "الله تبارك وتعالى تفضل علينا وم ن علينا بدعم شعوب الأمة
الخيرة، مما أغنانا عن أن نطلب من أحد من الدنيا... الأغنياء، والتجار، ورجال
الأعمال، وأصحاب الأموال؛ ما قصروا في دعمنا طوال العشرين سنة
.( الماضية"( ٢
في هذا التصريح اختفى ذكر إيران من الدعم، ربما لأن المقابلة مع مجلة
سعودية سلفية "البيان". هذا لا يليق بالأستاذ خالد مشعل كسياسي مسلم أو
كمجاهد في سبيل الله. المراقب لهذه التصرفات المريبة لا يكاد يشك في أن
العلاقة الإيرانية الحمساوية هي علاقة نصرة وتحالف مطلقة، لكن الحقيقة المرة
هي خلاف ذلك!! فمع كل هذا التغاضي – وليس التواطؤ! – من حماس ومع كل
ما جنته إيران وحزب الله والتشيع من مكاسب دعائية بين المسلمين بسبب
.٢٠٠٨/٢/ ١) صحيفة "الحقيقة الدولية" ٥ )
.٢٠٠٨/٢ – ٢) مجلة "البيان" عدد ٢٤٦ )
مقالات في المشكلة الشيعية
181
اقترانها بحماس، لم تستطع حماس أن تنقذ أهلنا الفلسطينيين في العراق من
براثن الميلشيات الشيعية !!
ففي مقابلة لمجلة "البيان"( ١) مع الأستاذ خالد مشعل، سئل عن مأساة
ومجزرة الميلشيات الشيعية التي ترتكبها ضد فلسطينيي العراق، فأجاب: أنه "لما
بدأ الظلم يصيبهم، ولما بدأ القتل من الميلشيات الظالمة؛ حاولنا من خلال
علاقاتنا السياسية أن نوفر لهم الحماية، لكن للأسف لم ننجح! واستمر القتل
والإيذاء، ولذلك اضطررنا إلى أن نبحث مشروعًا آخر، وهو إيواؤهم في بلاد
مختلفة".
وهنا نعتب على الأستاذ مشعل لماذا لم تسم المجرم باسمه؟ ومشاعر من
تراعي؟ أهلك يقتلون ويشردون وتعجز عن تسمية المجرمين باسمهم "الميلشيات
الشيعية" أو "جيش المهدي"، المدعوم من إيران وحزب الله وعماد مغنية!! ماذا
تركت للساسة العرب؟؟
هذه هي الحقيقة التي يجب أن تعلن للناس والفلسطينيين، لم تجدِ علاقات
حماس مع إيران ولا حزب الله ولا عماد مغنية في حماية أهلنا في العراق من
الميلشيات الشيعية، ولم تتعلم حماس أن الدم الفلسطيني رخيص لدي الشيعة، وقد
تكرر ذلك في هذا العصر. فعلى ماذا تراهن حماس؟
وكأن المطلوب من حماس هو البذل والعطاء للشيعة فقط دون أن تتمكن من
أخذ شيء من هؤلاء الباطنيين!! حتى الدولارات التي وصلت من إيران يبدو
.( أنها مزيفة!! مما زاد في توتير العلاقات بين مصر وحماس( ٢
٣) المصدر السابق. )
١) كما جرى في تعويضات حزب الله في حرب لبنان الأخيرة، راجع مجلة "الوطن )
٢٠٠٨ ، وشبكة الانترنت حول الموضوع . / العربي" ٢
مقالات في المشكلة الشيعية
182
ما نريد أن نوصله إلى حماس هو: إن ما تقومون به من دعاية – ولو
بشكل غير مباشر – لإيران وحزب الله والتشيع خطأ جسيم، ذلك أنكم توصلون
رسالة علنية ومفتوحة عبر كافة وسائل الإعلام ولكافة المسلمين أن هؤلاء
مؤيدون ومناصرون للجهاد والمقاومة في فلسطين، ولا فرق بين سني وشيعي!
لكن الوقائع على الأرض والتصرفات الحقيقية من طرفكم ومن طرف
إيران هي عكس ذلك، فإيران و"حزب الله" و"جيش المهدي" وأمثاله ودعاة التشيع
يمارسون القتل والتهجير ونشر التشيع في أوساط المسلمين وحتى الفلسطينيين
منهم وأنت تتفرجون صامتون!!
وبعض قادة حماس في الداخل والخارج في اللقاءات الخاصة والجانبية
يصرخون ويسبون ويلعنون إيران والشيعة وحزب الله ويكشفون لك الكثير من
ما تجهله من ممارسات سيئة وحاقدة تجاه أهل السنة!!!
وكذلك كثير من قادة الإخوان المسلمين وخاصة في لبنان، تراهم خلف
الميكروفونات وعدسات التصوير يمجدون ويمدحون إيران وحزب الله، ولكن
حين تخلو بهم تسمع الوجه الآخر للشريط!
وإيران وحزب الله يعرفون بوجود مثل هذه الانتقادات لهم من حماس في
الغرف المغلقة، لكن ذلك لا يضر إيران وحزب الله لأن الغاية هو خروج قيادات
حماس والإخوان علانية على شاشات فضائية "المنار" وغيرها يمدحون إيران
وحزب الله فيخدع بذلك الملايين من المسلمين، بينما من يسمع النقد من حماس
لإيران وحزب الله في الغرف المغلقة أفراد معدودون!!
لهؤلاء الإخوة والقادة في حماس والإخوان ننصح: لا تحملوا على رقابكم
إثم تضليل الأمة وخداعها، اتقوا الله في أنفسكم وإخوانكم، لقد عرفنا الكثير من
أخيار الأمة يحاججنا بتصريحاتكم الكاذبة هذه والله، وبعد مدة يتاح له أن يجتمع
ببعضكم فتكشفون له الحقيقة فيصدم!! ولكن بعد أن تكون إيران والتشيع قد
كسبت الأرض والفكر بتصريحاتكم المضللة، فهل تتوبون من قريب؟؟؟
مقالات في المشكلة الشيعية
183
هؤلاء المساكين الذين يتشيعون من الفلسطينيين في غزة والضفة ومخيمات
الشتات بسبب تصريحاتكم، وإشادتكم بالشيعة ورموزها وزياراتكم لضريح
الخميني – ولو لعنتموه عند قبره في سركم بدل الدعاء له- هل تتحملون وزرهم
وإثمهم أمام جبار السموات والأرض؟؟
نريد من حماس أن تكشف لنا عن مكاسبها من وراء العلاقة – السياسية
على أقل تقدير- بإيران والقوى الشيعية؟
نريد من حماس أن تفسر لنا زيادة وتيرة نشر التشيع في فلسطين في هذه
الفترة التي تمسك بها على زمام الأمور في غزة؟
نريد من حماس أن تطالب إيران وحزب الله علنًا بتعويضات عن خسائر
وأضرار فلسطينيي العراق بسبب حلفائهم جيش المهدي، كما طالب عبدالعزيز
الحكيم العراقي بدفع العراق تعويضات لإيران!!
نريد من حماس أن تحصل لنا من الشيعة على وثيقة يجرمون ويدينون فيها
من يطعن في القرآن وأمهات المؤمنين والخلفاء الثلاثة من رموز الشيعة
المعاصرين وهم كثر!
يا حماس إن الرزق والدعم بيد الله عز وجل، وقد تكفل به للكفار فكيف
بالمجاهدين الأطهار، إن أمتكم وخاصة إخوانكم السلفيين في الخليج ما بخلوا
عليكم يومًا - حتى حين ضنت الدول - وأنتم تعرفون ذلك، من قام بالجرحى
والأسرى والمساجد والمدارس وكل ما احتاجه أهل فلسطين، فلا يكون الحرص
على المال ثمنه التفريط في العقيدة!!
فإن عجزت يا حماس عن الإجابة السديدة والسليمة تنجيك أمام الله، فننصح
لك يا حماس بأن تتركي عنك هذا الترويج لإيران والتشيع – ولو بشكل غير
مباشر – حتى لا يضيع جهادك عبثًا، وكنت كغيرك ممن يريد فلسطين علمانية
وأنت تصيرينها شيعية - وأعيذك من ذلك- !!
مقالات في المشكلة الشيعية
184
( معضلة رؤية الأحمرى!!( ١
عقب حلقة "إضاءات" في قناة العربية التي شارك بها الدكتور محمد
الأحمري( ٢)، أرسلت له أسأله عن كتابه الذي يعده عن إيران، فرد علي بأنني قد
أرى بعض فصوله قريبًا، والحقيقة أنني كنت متشوقًا لمعرفة رأيه في إيران،
لكن بعد نشره لمقالته الأخيرة "رؤية في المعضلة الشيعية"( ٣)، والتي قد تكون
أحد فصول الكتاب ما عدت راغبًا بصدوره!!
وكان هذا المقال حلقة في "ثلاثية" الدكتور الأحمري: "خدعة التحليل العقدي"
و"حصاد التحليل العقدي" وأخيرا "رؤية في المعضلة الشيعية".
والحقيقة أن عنوان مقاله الأخير لا ينطبق على محتواه، فقد ركز الدكتور
الأحمري على موضوعين هما: الصراع الغربي الإيراني، ووضع التجمعات
الشيعية في الدول السنية .
جلد الذات:
والمقالة كانت مليئة بجلد الذات والمسلمين وبالأخص أهل السنة وللأسف
بغير حق، وهذا مما يزيد الألم في قلوب المحبين للدكتور الأحمري، فقد اتهم
أهل السنة بجملة من الاتهامات الباطلة مثل: اتهامه المشايخ والعلماء ب " إشعال
نار الخلاف الطائفي، لا ينطلق كله من حاجتهم، وقد لا تكون هذه الرؤية
رؤيتهم، وربما دون إدراك واع منهم، بل هذه إستراتيجية للمحتلين معلنة
ومطلوبة لتدمير الوحدات المضادة للاحتلال مثل: العراق، وإيران، ولبنان،
ومناطق الخليج".
وهذا القول خبط من د.الأحمري، فموقف أهل السنة من الخميني ودعوته
وثورته، تشكل قبل أن يتحول الموقف الأمريكي تجاه إيران من الحياد أو الدعم
١) مجلة "الراصد" العدد ( ٤٧ )، جمادى الأولى ١٢٤٨ ه. )
.٢٠٠٧/٣/ ٢) بتاريخ ١١ )
٣) نشرت في موقع مجلة العصر. )
مقالات في المشكلة الشيعية
185
غير المعلن، إلى العداء بعد مشكلة احتلال السفارة الأمريكية سنة ١٩٧٩ م
واحتجاز الرهائن بطهران.
أما في العراق فقد وقف أهل السنة ضد تحريض القوى الشيعة للمحتل على
غزوه، وفي الوقت الذي كانت فيه القوى الشيعية في أحضان الأمريكان، كانت
القوي السنية في الميدان، وكان المبصرون من علماء السنة الذين يحذرون من
غدر الشيعة يلاقون الصد والإعراض من الحركات السنية كالإخوان وغيرهم أو
من الحكومات العربية.
أما لبنان فقد كان جزاء أهل السنة الذين ساعدوا الشيعة في صعودهم، الذل
والهوان، حتى وصل الأمر بمنعهم من المقاومة!! فعن أي "الوحدات المضادة
للاحتلال" تتحدث يا دكتور: وهل من ساعد الأمريكان على غزو العراق
وأفغانستان، أو من سكت ودعم ميليشيات الموت في بغداد يصنف عندك"
الوحدات المضادة للاحتلال"؟!
يقول د.الأحمري أيضًا: "بدأت في مناطق إيرانية أعمال تستهدف إيران،
وتستخدم الأقليات السنية والعرقية -وبتمويل قيل إنه عربي- لتفجير الخلافات
بين الأقليات وبين الحكومة الإيرانية".
طبعًا د.الأحمري يعلم قبل غيره – وللأسف - عجز الحكومات العربية عن
التحرش بحزب الله أو حتى حزب الدعوة أو فيلق بدر، فكيف بإيران؟؟ لقد أطلق
الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك تصريحات حول الشيعة
وتعرضا بسبب ذلك لهجوم عنيف ولم يستطيعا الدفاع عنها.
ثم أليس من العجيب أن يدين د.الأحمري تحركات لم يثبت على العرب بعد
القيام بها ويتغاضي عن كل جرائم إيران في العراق ولبنان!! أم لم يثبت بعد عند
د.الأحمري تدخل إيران في العراق؟؟؟
يتهم د.الأحمري علماءنا ب"البقاء على كراسي التحريض والراحة
والمعرفة التاريخية الورقية بالآخرين، ولوم التشيع وشتم الفرس ليس عم ً لا في
مقالات في المشكلة الشيعية
186
الأزمة، بل قد يكون حلبًا في آنية الخصوم، بل العمل، تبين الموقف أولا ثم
الذهاب للناس، ولقاء الفرس والعرب البدو والحضر، والمثقفين والعامة، فهذا
عمل هداية وسيخفف من الحنق، ويجلو الحق، ويفتح باب المعرفة، ولو لم يتغير
مذهب أحد، فإنه يوقف الناس على الكثير من الحقائق، ويزيل عن رؤوس
الطرفين الأوهام والخرافات المتبادلة التي يصنعها النكران والبعد والوحشة من
المخالف الغريب".
وهذا اتهام عجيب، فما هي الخرافات والأوهام التي نروجها عن الشيعة؟!
حاول د.الأحمري نفي قضية تبني الشيعة تحريف القرآن، فكان كلامه مما
يسيء له ولمكانته، فلماذا لا يدفع الشيعة عن أنفسهم هذه الفرية، بتبني فتوى
بتكفير كل من قال بتحريف القرآن من أي جهة كانت قديمًا وحديثًا وفي قادم
الأيام؟؟
ألم يشاهد الدكتور دفاع الشيعة في مناظرات قناة "المستقلة" ع من تبنى
تحريف القرآن؟؟ ألم يقرأ الدكتور وهو واسع الإطلاع على كتابات الشيعة المقرة
بالتحريف؟ ألم يشاهد الدكتور المقاطع المبثوثة للعديد من رجالات الشيعة في
عصرنا وهم يقرؤون آيات محرفة!!
أما في نفيه لوجود أو حتى دور لابن سبأ اليهودي، كان د.الأحمري كمن
يحاول تغطية الشمس بكفه!! ولو بقي د.الأحمري على موقفه القديم كما في
قوله: "قد سبق لهذه الأمور العقدية والمنهجية جهابذة، أغنونا عن تكرار
القول"( ١). أقول لو بقي د. الأحمري على هذا القول لأصاب و سلم من نقد لاذع
بحق من كثير من أصدقائه وأحبابه .
اتهم الدكتور التعصب العربي بأنه سبب عودة اللغة الفارسية، وقد يكون
لهذا دور لكنه ليس الدور الوحيد كما يحب الدكتور أن يرى القضايا ، لكنه يزول
١) مجلة "المنار الجديد" عدد ( ٩) شتاء ٢٠٠٠ م. )
مقالات في المشكلة الشيعية
187
حين يجلد المرء ذاته!! وهل هذا التعصب العربي كان حكرًا على اللغة الفارسية
فقط أم شمل ما عداها؟؟
يرى الدكتور أننا والشيعة لا نزال نعيش في حفر التاريخ!!
وهذا اتهام باطل جدًا، فكيف يساوي الدكتور بين الجاني والضحية!! فالشيعة
لا تزال تمارس ما سماه د.الأحمري "ثقافة الحزن" عبر طقوس عاشوراء، ولذلك
تروج وتنشر الخرافات والأكاذيب، ونحن نضطر لتوضيح الحقيقة للناس كلما
احتك السنة بالشيعة، ولذلك تجد أن غالبية أهل السنة حتى المتدينين منهم لا
يعلمون ما جرى في التاريخ في أي لقاء عفوي مع الشيعة، بعكس الشيعة الذين
يحفظون الأكاذيب بالصفحة والسطر!!
ويرى د.الأحمري أن أهل السنة في إيران، عارضوا الثورة الإيرانية حبًا
في التبعية والاحتلال، بعكس مواطنيهم الشيعة التواقين للحرية والاستقلال!! كما
في قوله: "فلما استقل الشعب الإيراني وأصبحت له حكومته رفع في مناطق سنية
عديدة التحذير من الشيعة، وكأنهم يدخلون التاريخ لأول مرة، وكان السبب
الحقيقي استخدام التنافر العقدي لترسيخ التبعية للغرب، فأصبح الأمر وكأن
التشيع محرر، والتسنن يصنع التبعية والخضوع".
وقول د.الأحمري هذا تسطيح استغرب صدوره منه، فلمصلحة من يتعامى
الدكتور عن استبداد الخميني وزمرته، وخيانتهم وخداعهم للسنة الذين ناصروهم،
وتحويل الثورة الشاملة لكل القوي ضد استبداد الشاه، لثورة شيعية متعصبة
ترفض كل الأطياف سوى زمرة الخميني!!
هذه نماذج من التهم التي لا يسندها دليل ولا تحليل سياسي مركب قام
د.الأحمري بقذف إخوانه بها دون وجه حق، فلماذا ؟؟
وهم الاستقلال الإيراني:
د.الأحمري في هذه المقالة وغيرها لا يريد أن يرى سوى فجر التحرر
والانعتاق من رقبة المستعمر، ولكون هذا الحلم في هذا الزمان صعب المنال،
مقالات في المشكلة الشيعية
188
فإنه حاول العيش في فجر متخيل على يد إيران، فقام بنفي كل مساوئها
ومخازيها، وأوجد لها محاسن لم تخطر ببالها ليكتمل مشهد الفجر ويستمر
للشروق!!
وبحسب د.الأحمري فسبب الصراع بين إيران والغرب هو استقلال إيران!
ولذلك كرر هذه الفكرة أكثر من مرة فقال مث ً لا: "يواجه الغرب إيران ويعاديها،
ليس لأنها شيعية أو سنية، ولا لكونها تقية أو فاجرة، بل بسبب استقلال إيران،
وتقوية نفسها خارج حظيرة الاحتلال، وبسبب سلاحها النووي أخيرًا".
ويطالب د.الأحمري الدول السنية بتقليد إيران في استقلالها فيقول: "وكان
التعامل الصحيح ليس شتم الشيعة، ولا البحث عن شتائم في قواميس القرون،
والتنقيب عن المثالب، بل وضع برنامج استقلال من العبودية، والإفادة من
استقلالهم لا من عقيدتهم.
ولم يخض د.الأحمري في تفاصيل استقلال إيران وما يتميز به عن غيره،
وهل من الاستقلال المشرف قمع غالب القوى الإيرانية في الداخل، سواء كانوا
من السنة، أو من الشيعة العرب في الأحواز وغيرهم لكونهم مخالفين للزمرة
الحاكمة!!
هل من الاستقلال المشرف التسهيل للمحتلين احتلال دول الجوار السنية
كالعراق وأفغانستان، لزيادة النفوذ الشيعي الإيراني بها!!
هل من الاستقلال المشرف التوسع على حساب دول الجوار السنة
كالإمارات والعراق!!
هل من الاستقلال المشرف التعاون مع النصارى الأرمن ضد الأذريين
الشيعة!!
لكن يبدو أن د.الأحمري - الذي لا يجهل هذه الحقائق بالتأكيد – يجعل
القنبلة النووية سببًا للتجاوز عن كل هذه الخطايا والخطيئات، فنجده يقول:
"الغرب يخاف أشد الخوف من سلاح نووي إيراني، يعيد شيئًا من التوازن في
مقالات في المشكلة الشيعية
189
العالم، ويهدد الشر الصهيوني في العالم، والخوف من أنه قد يعطي المسلمين
سلاحًا نوويًا بعد أن أخرج مشرف سلاح الباكستان من أيدي الباكستانيين.
فالخوف من سلاح إيران حقيقي"، ولا نعرف من أعطى د.الأحمري عهدًا أن
يكون هذا السلاح للمسلمين؟؟ وهذا السلاح النووي لن يكون ضد الصهيونية
والغرب بالتأكيد لكنه سيكون ضد المسلمين من جيرانه؟
بل يواصل د.الأحمري إيراد حلم جميل بقوله: "فإن وجود قوة منافسة
للصهاينة سوف يخفف من شرهم، ويقلل من نفوذهم، وربما يخفف من جرائم
المذابح الصهيونية للعرب في فلسطين، ويقلل من تطلعاتهم في الأرض والتجارة
والنفط والمياه، يعطي للعرب الباقين مساحة من الخلاص من العبودية التامة
لأحد الطرفين، وبخاصة أنه ليس هناك برنامج عربي منظور للاستقلال، ولا
للسيادة، هذا في حال اعتبار إيران مجرد منافس للصهاينة وللغرب، ولا تربطه
علاقات أخرى أحسن ولا أسوأ بالعرب".
والغريب أن د.الأحمري يورد مطالبة إيران على لسان علي لاريجاني أنه
من الممكن أن تتنازل إيران عن السلاح النووي مقابل ثمن لائق، فطلب منه
سولانا توضيح ذلك، فوضح له بأنهم يريدون هيمنة إيرانية على بقية شواطئ
الخليج، لأن هذه مناطق شيعية وثروتها تذهب لحكام سنة!! "وبعد ذلك يطالبنا
د.الأحمري بعدم العداء لإيران أو التحذير من الفكر الشيعي التوسعي والمسيطر
في إيران!!
ومن اللافت للنظر قيام د.الأحمري بتبرير مطامع إيران التوسعية في
المنطقة، بل يكاد يحرضها على ذلك بدل تحذير إيران من مغبة مطامعها الشيعية
في البلاد العربية والمسلمة إذ يقول: " فكيف يفترض عاقل أن التوسع واحتلال
البلدان حق فقط للنصارى، وللصهاينة، ولا يجوز لغيرهم تحرير أرضه، ولا
الدفاع عن عرضه، ولا التوسع في سواها، فنتهم الشيعة بالطموح في
إمبراطورية، ونطالبهم أن يخنعوا مثلنا للمستعمرين؟"، "دولة قوية طامحة
مقالات في المشكلة الشيعية
190
متماسكة وترى نفسها دينية وديمقراطية ترنو للمزيد، وبجوارها مستعمرات أو
شبه مستعمرات خائفة وممزقة، فهل تلام على ضعفهم؟" ولا أجد هنا ما أعلق به
على كلام د. الأحمري.
تبرئة المجرم:
ورغم أن د. الأحمري ينطلق في مقالته هذه من أن هناك دراسات
إستراتيجية غربية تروج لإسلامين (سني وشيعي) وأن التعاون مع الشيعة
سيكون في صالح الغرب لأن الإسلام الشيعي متمدن (بروتستانتي) بينما الإسلام
السني متحجر (كاثوليكي)، ويورد بعض الأمثلة من هذه الدراسات ويبين لنا أن
الذين أعدوها هم من الشيعة (والي نصر وراي تقية)، إلا أن الملوم هم السنة!!
والذين يجرون الأمة للصراع الطائفي هم السنة!!
ويقول د.الأحمري أن من مصلحة الصهاينة الدخول في جدال سني شيعي
حاليًا، ونحن لا ندري هل نشر التشيع حاليًا في فلسطين ومصر وبلاد المغرب،
سيعجل بعودة القدس عند د.الأحمري مث ً لا؟؟
ويحذرنا د. الأحمري أيضا من تضخيم الغرب للخطر الإيراني على البلاد
العربية فيقول: "بالغ المحتلون في ترويع الحكومات العربية من الشيعة، ومن
الإسلام، ليتمكن النفوذ الصهيوني في مفاصل الأمة، وليقام تحالف: "الشرق
٢ ولكن الرقم الأهم مضمر، يفعل ويؤثر ولا + الأوسط الجديد "المسمى: ٦
ينطق به أحد، وهو تحالف يراد منه: مواجهة إيران، وإدخال الصهاينة في البنية
السياسية العربية لمواجهة إيران، ولنسيان النازية والبربرية الصهيونية، التي
ترهب كل يوم وتبيد ولا يرتفع ضد إرهابها صوت، ولتنضم الكيانات العربية في
صلح يسمح بقتل الفلسطينيين وحصارهم وتجويعهم بحجة أنهم إرهابيون ما لم
يقبلوا بالاستسلام للصهاينة، ويؤيدوا إنهاء الممانعة الإيرانية واللبنانية والسورية،
لأن رفض الإرهاب الصهيوني النازي يصبح هو الإرهاب، والاستسلام له هو
عين السلم والتمدن والتحضر".
مقالات في المشكلة الشيعية
191
ولكن ما هو موقف د. الأحمري من ممارسات إيران الحقيقية على أرض
الواقع في العراق من التعاون مع المحتل الأمريكي وقتل الفلسطينيين ببغداد؟؟
لماذا العراق التي تعج بالاستخبارات الإسرائيلية لا يتعرض لهم أحد من
رجالات إيران وهم بالألوف أو القوى "المضادة للمحتل" على حد تعبير
د.الأحمري .
نود سؤال د. الأحمري لمن كان يجب توجيه خطابك: إلى السنة الذين
يتحركون بردة الفعل المتأخرة غالبًا والتي لا تتميز بطول النفس، أم لإيران
وأتباعها بالكف عن تنفيذ المخططات الاستعمارية والطائفية؟
من الذي يتبنى سياسات العنف كمؤسسات دينية وسياسية: السنة أم الشيعة؟
من الذي سخر الفتوى لتنفيذ مطالب الاحتلال بتمرير الدستور والانتخابات
السنة أم الشيعة؟
من الذي يحرك الطائفية والمطالب التعجيزية في وجه الدولة والنظام:
تجمعات الشيعة أم الأقلية السنية في إيران؟
من الذي رفض المشاركة في لقاء مكة لتحريم الدم العراقي: السنة أم
الشيعة؟
من الذي سخر الدولة العراقية لنفي الآخر: السنة أم الشيعة؟
من الذي شحن أتباعه بالطائفية المقيتة واستحضر التاريخ ليسقطه على
الواقع: قنوات الشيعة العديدة أم قنوات الرقص السنية للأسف؟
أسئلة طويلة وكثيرة يجب على د. الأحمري أن يجيب عليها حتى يعرف
لمن يجب أن يوجه خطابه.
الأقليات في المجتمعات:
نوافق د. الأحمري بشكل عام على دعوته لعدم حصار الأقليات الشيعية في
المجتمعات السنية، وهو في الواقع غير حاصل، ففي بعض الدول لا تستطيع
الأكثرية السنية إغضاب الأقلية الشيعية لما لها من نفوذ وقوة، بعكس حال الأقلية
مقالات في المشكلة الشيعية
192
السنية في إيران التي تعاني من كافة أشكال الحرمان والاضطهاد. ونحن نرى
أن مد الجسور مع هذه الأقليات ودعوتهم وبيان حقيقة موقفنا من التشيع كفيل
بإنقاذهم من الطائفية المقيتة التي يعيشون فيها.
ملاحظة منهجية:
في مقالة د.الأحمري الأولى "خدعة التحليل العقدي" خلل منهجي كبير، وهو
تقزيمه لدور العقيدة والفكر في التحليل السياسي وتضخيمه لدور المصلحة، وهذا
خلط منهجي فاضح فمن أين يمكن تحديد المصلحة؟
أليست المبادئ، العقائد، الأفكار، هي التي تحدد المصالح!!
فإذا أمكن تحديد المبادئ والعقائد الحاكمة لأي تيار أو حزب أو دولة أمكن
تحديد مصالحها وسياساتها، ولا نقع في فخ مزاعمها وأكاذيبها.
خاتمة:
د. الأحمري في "ثلاثيته" هذه مأجور إن شاء الله لاجتهاده أصاب أم أخطأ،
كما أنه مأجور لحثه الكثيرين على التفكير والبيان حول معضلة كبرى نعيشها.
مقالات في المشكلة الشيعية
193
( لماذا تحرص القيادة الإيرانية على اختراق الساحة المصرية؟( ١
اعتبرت محاضرة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمى في مكتبة
الإسكندرية( ٢) نجاحًا جديدًا للجناح الإيراني المناور (رفسنجانى، خاتمى،
كروبي)، مقابل جناح الرئيس المتشدد أحمدى نجاد.
وهذا الصراع بين الجناحين حقيقته تنافسًا على من يحقق أكبر مصلحة
للثورة الإيرانية وولاية الفقيه، ولذلك لا يظن أحد أن هناك جناحًا أفضل من
جناح، فالتنافس هو في الوسائل لا على المبادئ.
والفرق بين الجناحين في الأسلوب نابع من الخلفية الفكرية لكلا الجناحين،
فأحمدي نجاد يتبع جماعة "الحجتية" والتي كان لها دور سلبي في دعم الثورة
الخمينية، لأنها تؤمن بأن الفساد والشر هو الذي يعجل "بظهور المهدي"، ولذلك
رأت أن دعم ثورة الخميني يقلل الشر!!
ولكن بعد مرور ربع قرن على الجمهورية الإيرانية رأت جماعة "الحجتية"
أن المشاركة في تصعيد الصراع سيعجل "بظهور المهدي" كما هي أمنية
الرئيس نجاد في مدونته الشخصية أن يكون من جنود المهدي.
أما الجناح الآخر (رفسنجاني، خاتمى، كروبي) فهم من الذين آمنوا بالعمل
على إقامة دولة شيعية لتسريع "عودة المهدي"، واستفادوا من تجربة الخميني في
حكم إيران، وضرورة القبول أحيانًا بالتهدئة للوصول لمكاسب أكبر أو تجنب
خسائر ضخمة، كما عبر عنها الخميني "بتجرع السم" حين قبل وقف الحرب مع
العراق.
ومن هذا الباب كانت سياسة خاتمى في رئاسته "سياسة الانفتاح الثقافي"
والتي حقق فيها مكاسب سياسية ضخمة لإيران، لكن هذه المكاسب تبخرت
. ٢٠٠٧/٤/ ١) مجلة الراصد ٧ )
. ٢٠٠٧/٣/٢٦ (٢)
مقالات في المشكلة الشيعية
194
بسبب سياسة أحمدى نجاد الصدامية. وللحفاظ على ما تبقى من مكاسب،
وللحفاظ على ثمرة الثورة الخمينية وهي الجمهورية الإسلامية تشكل محور
(رفسنجاني، خاتمى، كروبي).
ومن هنا تنبع أهمية كسب مصر في أجندة هذا التيار، ويمكن فهم سبب
تركيز هذا الجناح على مصر من خلال توضيح رفسنجاني لهذه الفكرة في حوار
مطول مع صحيفة كيهان الإيرانية على مدى ١٤ حلقة، وطبع بالعربية في مجلد
بعنوان "مكاشفات حوار صريح مع الشيخ هاشمى رفسنجاني" عن دار الولاية
سنة ٢٠٠٥ ، جاء فيه (ص ٤٣١ ) قول رفسنجاني: "وفيما يخص مصر لم يكن
رأيي الشخصي في أي وقت أن نقطع العلاقة معها، لكن الإمام هو الذي أمر
فقطعنا العلاقة، وفي زمن حكومتي الأولى وافقنا في مجلس الأمن القومي على
إعادة العلاقات، وفي البداية وافق القائد – خامنئى – لكنه عاد ورفض وبقيت
المسألة على حالها هذا.
والآن وصلت إلى ما هي عليه، إذ أخذوا يرددون ما كنت أقوله في حينها
من أن شعب مصر محب لأهل البيت عليهم السلام، ونحن نمتلك هناك أفضل
قاعدة شعبية، ومصر تتمتع بنفوذ ثقافي في أفريقيا، والكثير من المناطق، لأن
الأزهر يقوم بتربية المعلمين الذين يعملون في تلك البلدان، وكان علينا أن نقوم
بعملنا".
فواضح من هذا الكلام إدراك رفسنجاني لمحورية دور مصر في أفريقيا
والعالم الإسلامي، وأن اختراق الساحة المصرية والأزهر بالتحديد هو الجسر
الذي تعبر عليه الثورة الإيرانية الشيعية للآخرين!!!
ولذلك بحث خاتمى إعادة فتح جمعية التقريب في القاهرة في حين كان من
اللازم فتحها في قلب طهران!!
مقالات في المشكلة الشيعية
195
( خطوة جديدة لإختراق مصر من قبل إيران( ١
سبق لي أن نشرت مقا ً لا بعنوان "لماذا تحرص القيادة الإيرانية على اختراق
٢٠٠٧ ، تعليقًا على زيارة /٤/ الساحة المصرية؟" في موقع "العصر" بتاريخ ٧
الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمى لمصر، وإلقائه محاضرة في مكتبة
الإسكندرية.
ونحن اليوم على موعد للحديث عن خطوة جديدة في مخطط خاتمى
لاختراق الساحة المصرية عبر سياسة "الحوار بين الحضارات".
فقد عقد في طهران مؤتمر "إيران والعرب: رؤى مصرية وإيرانية" خلال
١٦ / نوفمبر ٢٠٠٧ ، وذلك بين المؤسسة الدولية للحوار بين - الفترة ١٥
الحضارات والثقافات برئاسة خاتمي، وبرنامج الدراسات الحضارية بكلية
الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. وهذا المؤتمر يعد استكما ً لا لجولات
الحوار المصري – الإيرانى التي جرت إبان رئاسة خاتمى لإيران، وتم فيها عقد
أربع ندوات في الفترة من عام ٢٠٠١ إلى عام ٢٠٠٤ ، وذلك بين مركز الأهرام
للدراسات السياسية، ومعهد الدراسات السياسية والدولية التابع لوزارة الخارجية
الإيرانية.
وقد قامت د. نادية مصطفي، ود. باكينام الشرقاوي المشاركتان بالمؤتمر
بنشر ملخص وقائع هذا المؤتمر في دورية "مختارات إيرانية" العدد ٨٩ ديسمبر
٢٠٠٧ ، ومنه سوف نعرض ملامح الخطوة الإيرانية الجديدة لاختراق الساحة
المصرية، والتي يمكن تلخيصها في ملمحين هما:
الأول: ما جاء في كلمة خاتمي في المؤتمر من "أهمية الانتباه إلى الجوار
الحضاري بين مصر وإيران، فكلا الدولتين لا تمثلان أركانًا في حضارة
إسلامية واحدة فقط، بل تمثل كل منهما إحدى أهم الحضارات العريقة التي
.٢٠٠٨/١/ ١) "موقع الحملة العالمية لصد العدوان" ٢٧ )
مقالات في المشكلة الشيعية
196
عرفتها البشرية. ولذا يمتلك الشعبان المصري والإيراني طاقات هائلة يمكن
استثمارها لتقوية الإسلام".
الثانى: ما قيل في الجلسة الافتتاحية من قبل آية الله محمد الموسوي
البنجورى، رئيس الموسوعة الإسلامية بأن "على كل من مصر و إيران – كدول
محورية في منطقة الشرق الأوسط - يقع عبء تنظيم رؤى إقليمية يلتف حولها
المسلمون لمواجهة كثير من التحديات المفروضة عليهم ومنهم. ولعل من بين
هذه التحديات محاربة الرؤى السلفية التي من خلال تبنيها نهج العنف قد أضرت
بالعالم الإسلامي".
وتقول معدتا التقرير: "وتمت الإشارة في أكثر من موضع في جلسات
المؤتمر إلى خطورة التحديات الداخلية على مسار الإصلاح في العالم الإسلامي.
وتكررت المخاوف مما سمي بالإسلام المتحجر أو"العابد للظاهر أو "التطرف"،
بسبب ما تفرضه هذه الرؤى من مخاطر على الأمة فقد تحفظ البعض على
انتشار الرؤية السلفية التي تستهدف الأبرياء".
هذان الملمحان للمشروع الخاتمي الإيراني الجديد يحاولان القفز على كل
حقائق التاريخ لنزع مصر من إسلامها وعروبتها وسنيتها، وتشكيل وحدة جديدة
مع إيران تقوم على حضارات شركية (فارسية – فرعونية)، كما يحاول هذا
المشروع طمس تاريخ مصر السني الذي سطره الصحابة الكرام، الذين فتحوا
مصر ونشروا الإسلام فيها، وواصل هذا الجهد المبارك بعدهم التابعون والأئمة
كالشافعي والليث بن سعد وغيرهم إلى أن أصبحت مصر في القرن التاسع
والعاشر الهجري مركزًا للعلم في العالم الإسلامي على يد علمائها الكبار كابن
حجر والعراقي والسيوطي وغيرهم من أساطين العلم.
وقضية تمجيد الإيرانيين للحضارة الفارسية قضية تحتاج إلى وقفة وتأمل،
فهل هذا التمجيد لحضارة عبادة النار "الزرادشتية" أو "المانوية" أو "المزدكية"،
فهل يمكن أن يتسق هذا مع الحب الصحيح والصادق لآل البيت؟؟
مقالات في المشكلة الشيعية
197
وهل ما نشاهده لليوم من احتفالات رسمية بعيد النيروز في إيران يمكن أن
ينبع من فقه سديد لمنهج آل البيت؟؟ وهل الاعتداد بالتاريخ الفارسي بدل
الهجري، وجعل الفارسية اللغة الرئيسة حتى للعلوم الشرعية يمكن أن يكون
أو لغة القرآن الكريم؟ انتماء صادقا لهجرة النبي
أما الدعوة للفرعونية فهي دعوة مسمومة ظهرت في منتصف القرن
الماضي، على يد العلمانيين والمتشربين للغزو الفكرى الغربي، فما بال خاتمى
يدعو لها اليوم؟ وأي خير يريد منها لمصر وأهلها؟
أما محاولة انتزاع مصر من سنيتها ووسطيتها، للتحالف مع إيران والشيعة
ضد السلفية بزعم أنها تتبنى العنف، فهي محاولة في غاية الخبث والمكر. فإن
مصر لم تخل يومًا من السلفية والسلفيين، بل إن الأصل في مصر أنها سلفية،
فالذين نشروا الإسلام فيها هم السلف من الصحابة والتابعين؟
الجماعات السلفية ولليوم موجودة بمصر ولم تتلوث بالعنف والتطرف، ومن
قام بالعنف من جماعة الإخوان قديمًا أو جماعات الجهاد المتعددة بدءًا من صالح
سرية ومحمد فرج ومن بعدهم لم يخرجوا من عباءة الدعوة السلفية، وكذلك
الجماعة الإسلامية لم تنبثق من الدعوة السلفية.
والجماعات السلفية في مصر كجماعة أنصار السنة والجمعية الشرعية
وسلفية الإسكندرية كانوا دومًا من الرافضين لمسار العنف والتطرف، كما أن
رموز السلفية في مصر لم تؤيد أو تناصر العنف أبدًا.
ومن الذي قاد الدعوة الإصلاحية في مصر المعاصرة أليسوا هم الرموز
السلفية كرشيد رضا وأحمد شاكر ومحب الدين الخطيب وإخوانهم من شيوخ
الأزهر! ألم يكن حسن البنا نفسه امتداد لهذه المدرسة السلفية الإصلاحية،
فمحاولة وصم السلفية بالعنف هو نوع من قلب الحقائق، فمن يمارس العنف في
الحقيقة هم الشيعة وإيران، بل ويمارسونه بشكل رسمي ومؤيد من كافة
المستويات القيادية الدينية والسياسية.
مقالات في المشكلة الشيعية
198
أليست إيران هي الداعم لكل الميلشيات الإرهابية في العراق سواء
المليشيات الشيعية (بدر، حزب الدعوة، جيش المهدى، ...).
ومن الذي يشل الحياة السياسية في لبنان، ويكاد يشعل حربًا طائفية؟ أليس
حزب الله الشيعي التابع لإيران؟
من الذي يقوم بالفوضى المنظمة في البحرين، ويهدد بزوال النظام، أليست
المرجعية الشيعية البحرينية بشقيها السياسي والديني؟
ومن الذي يطلق التصريحات المتكررة دومًا حول تبعية دول الخليج
لإيران، أليس مشتشارو القيادة السياسية الدينية في إيران؟
من الذي يدعم تمرد حركة الحوثي في اليمن سوى إيران؟
أليست إيران هي التي تسب وتشتم "التكفيريين الوهابيين" ومن ثم تدعم
القاعدة وأنصار الإسلام في كردستان العراق وغيرهم؟
أليست إيران هي التي تطلق اسم خالد الإسلامبولي على أحد شوارع
طهران؟
حادثة جهيمان بالاستيلاء على الحرم المكي لماذا تجد التمجيد والثناء من
قبل المعارضة الشيعية السعودية المرتبطة بإيران؟
من الذي خطط لتثوير الجماعات السنية على قياداتها السياسية، أليست
إيران كما في "الخطة الخمسينية" ،ومن ثم بدأ التطبيق لها على أرض الواقع،
فأصبح تنظيم القاعدة وكل التنظيمات المتطرفة الأخرى تتلقى كافة أشكال الدعم
العسكرى والمالي من إيران وحتى علاج الجرحى وإيواء القادة وإقامة
المعسكرات، ولذلك لم تتعرض إيران أو مصالحها لضرر من القاعدة!!
نحن لا ننكر تورط بعض الشباب السلفي في أعمال العنف، لكن هذا العنف
لم يكن برعاية ودعم من الجماعات السلفية أو القيادات الدينية أو السياسية
السلفية؟؟ بل كل المتطرفين يبدأ مشوار تطرفه بشتم العلماء السلفيين كابن باز
وابن عثيمين والألباني وغيرهم، فلماذا تحمل الدعوة السلفية هذا الوزر وهم لم
مقالات في المشكلة الشيعية
199
يتطرفوا إلا بعد أن تأثروا بأفكار دخيلة على الدعوة السلفية من أفكار حزب
التحرير أو الأفكار الثورية اليسارية التي بقيت لدى كثير من اليساريين العائدين
لصفوف الحركة الإسلامية!!
بل حتى على مستوى الدول لم تورطت دولة عربية سنية في دعم القاعدة،
لكن إيران الدولة هي التي ترعي وتدعم الميلشيات الإرهابية الشيعية والسنية
على حد سواء؟؟
إن هذه الخطوة الجديدة التي دعا لها مؤتمر طهران والرامية لفك عرى
التعاون والتحالف بين أكبر دولتين عربيتين وهما مصر والسعودية، محاولة
خبيثة وماكرة لا تهدف سوى لإضعاف المسلمين بعامة وتوهين العروبة لمصلحة
التشيع والفارسية بالترويج للحضارات الجاهلية المندثرة.
ولعل في هذا عبرة وعظة لمن لا يزالون يعيشون في دنيا الأوهام والأماني
بإمكانية قيام تعاون حقيقي بين العرب وخاصة السعودية ومصر، مع إيران
الملالي!!
إن إيران كان لها تاريخ مشرق في خدمة الإسلام حين كانت ترفرف عليها
راية الإسلام الحقيقية قبل احتلالها من قبل الدولة الصفوية، فمنذ ذلك الوقت
أصبحت إيران تسعى في سبيل هويتها الجديدة والتي تكونت عبر امتزاج الغلو
الصفوي الشيعي بالعنصرية الفارسية، وتتفاوت تأثيرات هذين الغلوين الصفوى
والفارسي بحسب طبيعة النظام الحاكم لإيران.
وأقول لهؤلاء الحالمين: ما لم تتغير عقلية القيادة الدينية والسياسية لإيران
فلا تتوقعوا منها إلا الغدر والخيانة والخذلان!!
وأقول لأعضاء الوفد المصري الذين قد قضوا مدة يومين في المؤتمر
وأربعة أيام أخرى كانت للتعرف على طبيعة المجتمع الإيراني والقيام ب"حوار
الحياة " - بحسب حد تعبير كاتبتي التقرير – وكانت نتيجة "حوار الحياة": "تمكن
الأساتذة المصريون من تلمس نبض لشارع الإيراني وخاصة تجاه المصريين
مقالات في المشكلة الشيعية
200
... وهي وإن كشفت عن كرم الضيافة الإيراني؛ فلقد كشفت أيضًا عن قواسم
مشتركة في عادات الأكل والشرب والحديث، بل وأنواع الطعام والأهم العادات
الاجتماعية".
أقول لهؤلاء الأساتذة هل خطر ببالكم السؤال والبحث عن أحوال أهل السنة
٣٠ % - في إيران الذين هم الأصل – - الذين يشكلون نسبة تتراوح من ٢٠
في إيران قبل أن تتشيع بالسيف والدم على يد الصفويين قبل ٥٠٠ سنة؟
هل خطر ذلك ببالكم - لا أقول بد ً لا من التأمل في عادات الطعام والشراب
بل معها - أن تهتموا بمعرفة حقيقة ما يجرى لأهل السنة هناك من اضطهاد
وظلم يتم التعتيم عليه من قبل إيران ووسائل الإعلام العربية والعالمية، بعكس ما
يحصل في مصر من اعتداء المتشيعين الندرة على الغالبية العظمى من أهل
مصر بمطالب مبالغ فيها بشدة، رغم حصولهم على مكاسب تفوق حقهم
بأضعاف مضاعفة.
أقول لهؤلاء الأساتذة هل خطر ببالكم بحث أحوال الأقلية العربية الشيعية
في الأحواز والتي احتلتها إيران في مطلع القرن الماضي، ويواصل "النظام
الإسلامي" احتلالها وقمعها مع كونهم شيعة بسبب كونهم عرب!!
في الختام مما يؤسف له أن هناك بون شاسع بيننا وبين الإيرانيين في
الجدية والوضوح تجاه ما يريد كل طرف من الآخر لصالح الإيرانيين، فمتى
يفوق أهل العلم والسياسة والحكم ويتعاونوا في ذلك بد ً لا من تشرذمهم المؤذي.
مقالات في المشكلة الشيعية
201
الباب الرابع
مراوغات إيرانية وشيعية
• هل يكون "حزب الله" أتاتورك عصرنا؟
• الدستور الإيراني والوحدة الإسلامية
• أضواء على الخطة السرية
• من الذي ينفذ المخطط الأمريكي في المنطقة؟
• إيران وفصل جديد في مسرحية "آيات شيطانية
• الثورة الماركسية للخميني قتلت محمد باقر الصدر وموسى الصدر
مقالات في المشكلة الشيعية
202
مقالات في المشكلة الشيعية
203
( هل يكون "حزب الله" أتاتورك عصرنا؟( ١
- المتابع لمواقف الناس تجاه حرب إسرائيل وحزب الله - صيف ٢٠٠٦
يجد أنها تنقسم لفئتين منقسمتين انقسامًا حادًا، وهذا الانقسام الحاد في الرأي هو
من طبيعة الفتن، ذلك أنها تلتبس فيها الأمور ولا يرى الناس كل جوانبها، كما
أن الناس يتعاملون معها بعواطفهم لا بعقولهم، وتزداد الفتنة إذا كان الذين
يتصدرون التوجيه والتحليل السياسي هم "الرويبضة" أو "من لا خلاق لهم" كما
هو حاصل في وسائل الإعلام اليوم!!
وهاتان الفئتان هما:
١- المشككون بجدية هذه الحرب وكذلك بنية ومبدأ حزب الله، وذلك بسبب
شيعية حزب الله وتبعيته لإيران وسوريا.
٢- المؤيدون والمناصرون لحزب الله في هذه الحرب، وهم على درجات:
من الولاء الكامل إلى التعاون في مواجهة عدو مشترك مع علمهم بطائفية حزب
الله.
فتنة حزب الله الجديدة:
عن تسارع الفتن في آخر الزمان الذي بتنا نقترب منه لقد أخبرنا النبي
فقال: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم" وحذرنا من "السنوات الخداعات"،
ومن هذه الفتن المتعلقة بالشيعة في هذا العصر، دعوة التقريب بين السنة
والشيعة، وبعدها الثورة الخمينية وما صاحبها من فتنة قطاعات عريضة من أهل
السنة بها، وبعدها فتنة "انتصار حزب الله بانسحاب إسرائيل سنة ٢٠٠٠ م،
والآن هذه الفتنة الجديدة لحزب الله، والتي ستفتن كثيرًا من الذين لا يجعلون
١) موقع مفكرة الإسلام . )
مقالات في المشكلة الشيعية
204
للعقائد والمناهج وزنًا في الحكم على الأفعال، ومن الذين لا يعتبرون بالتاريخ
ولا يهتمون للمواقف والتصرفات التي قام بها حزب الله.
لن نقف طوي ً لا عند مدى جدية هذه الحرب، وهل هي حرب "تحريكية" أم
حقيقية، وإن كان ما يطرحه المشككون في غاية القوة، لما يرون من تدمير
للبنان وليس لحزب الله، وتلميع لسوريا وإيران وحزب الله من قبل إسرائيل،
وذلك عبر أسلوب بسيط في الدعاية وهو: شتم أصدقاء إسرائيل فيحبهم الناس
ويثنون عليهم، كما صرحت البروتوكولات الصهيونية بذلك، والثناء على أعداء
إسرائيل فيكرههم الناس، وذلك اتباعًا لقاعدة عدو عدوي صديقي، فلو عكس
عدوك سياسته لغرقت في شباكه كما هو حاصل اليوم!!!!
لن نقف مع جدية الحرب أو عدمها، ونتجاوز ذلك لبحث ما بعد ذلك وهو
ماذا لو كانت تمثيلية أو حقيقية و مكن أو تمكن بعدها حزب الله في لبنان بشكل
أكبر، هل سيكون هذا لمصلحة الإسلام والعروبة والقضية الفلسطينية؟؟؟؟
نرى أن هذا هو المهم، والذي يجب أن تسلط عليه الأضواء حتى "لا نرى
الفتن وهي مدبرة" كحال أهل الجهل وتكون قد عمتنا بفتنتها.
وابتداءً موقفنا هو الدعاء بالهزيمة والكسر لإسرائيل وإبعاد وصرف شر
حزب الله عنا.
وذلك أن وقوع حرب حقيقية بين اليهود والشيعة ممكن ووارد، ألم يذكر لنا
القرآن الكريم وقوع الصراع بين اليهود أنفسهم!
وإِذْ أَ َ خ ْ ذَنا مِيَثاَق ُ كمْ َ لا تَسْفِ ُ كو ن دِ ماء ُ كمْ و َ لا تُخْرِ جو ن أَنُف سُ كم من : قال تعالى
دِيارِ ُ كمْ ُثم أَ ْ ق ررُْتمْ وأَنُتمْ َت ْ ش هدو ن * ُثم أَنُتمْ هؤُلاء َت ْ قُتُلو ن أَنُفس ُ كمْ وُت ْ خرِ جو ن َفرِيقًا
من ُ كم من دِيارِهِمْ َت َ ظا ه رون عَليْهِم بِالإِثْمِ والْ عدْوانِ وإِن يأُتو ُ كمْ أُ سا رى تُفَادو همْ و ه و
.[٨٥- البقرة: ٨٤ ] محرم عَليْ ُ كمْ إِخْرا ج همْ
ولكن هل هذا الصراع الدموي يعطي أي جهة في الدنيا شهادة حسن سلوك
دون توفر حسن المعتقد أو ً لا وحسن السيرة والتاريخ ثانيًا؟؟؟؟
مقالات في المشكلة الشيعية
205
قصة أتاتورك:
أكثر المسلمين يعرفون أن أتاتورك هو الذي هدم الخلافة العثمانية، وح ول
تركيا إلى العلمانية وحارب الإسلام فيها، ولكن القليل يعرف كيف استطاع
أتاتورك ذلك! وأقل منهم من درس مؤامرة أتاتورك وأخذ العبرة والعظة منها
حتى "لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين"، وإن كان واقعنا مع الأسف بعكس
ذلك!!
مَن مِن المسلمين يعرف أن أتاتورك لم يستطع إلغاء الخلافة إلا بعد أن
أصبح أول رئيس للجمهورية في تركيا، ولم يصل لرئاسة الجمهورية إلا بعد
دعاية إعلامية واسعة أظهرته على أنه مجاهد مغوار، قاتل بشرف دفاعًا عن
الخلافة والسلطنة الإسلامية ولم تقتصر هذه الدعاية على تركيا، بل وصلت إلى
أرجاء الدولة العثمانية، مع ضعف وسائل الإعلام آنذاك، فدبج أمير الشعراء
أحمد شوقي في مدحه القصائد والأشعار، فمرة جعل أتاتورك كسيف الله المسلول
حين قال في مطلع قصيدة له:
الله أكبر كم في الفتح من عجب يا خالد الترك جدد خالد العرب
ومرة يجعله قرين صلاح الدين عندما استعاد بيت المقدس:
حذوت حرب الصلاحيين في زمن فيه القتال بلا شرع ولا أدب
بل جعل انتصاراته المزعومة كنصر بدر:
يوم كبدر فخيل الحق راقصة على الصعيد و خيل الله في السحب
تحية أيها الغازي وتهنئة بآية الفتح تبقى آية الحقب
ولم تمض إلا بضع سنوات على هذه الانتصارات المزعومة والقصائد
المنمقة، حتى تكشفت الحقائق وظهرت المصائب فأعلن أتاتورك إلغاء الخلافة،
والحرب على الإسلام، وعندها صدم الكثيرون ووجم المصفقون، وبدأت تظهر
الفضائح (أتاتورك من أصول غير مسلمة وهو ولد زنا على الراجح، ومدمن
على الخمر والعربدة من صغره، وعميل للاحتلال من بداية عمله العسكري،
مقالات في المشكلة الشيعية
206
وفكره منحرف عن الإسلام من مطلع شبابه، إلى غير ذلك من الفضائح التي
كشفها كتاب "الرجل الصنم").
ولكن ما فائدة معرفة ذلك وقد سقطت الخلافة، وضاعت قوة المسلمين،
وتشتت كلمة العقلاء والعلماء، نعم كانت هذه المعرفة تنفع أعظم النفع لو كانت
قبل صعود هذا المحتال الدعي.
وجه الشبه بين "حزب الله" وأتاتورك:
هناك عدة أوجه للشبه بين الطرفين بعضها شكلي وبعضها موضوعي، فمن
حيث الشكل: إن بداية ظهور الطرفين كان إبان احتلال الكفار لبلاد المسلمين،
وصعود الطرفين كان بعد مشاركتهم في معارك مع المحتل، وبداية سلطتهم
السياسية كانت بعد انتشار دعاية جهادهم وبذلهم!! والطرفان تمددا في مرحلة
ضعف أهل الإسلام وقلة حيلتهم.
أما عن أوجه الشبه من حيث المضمون فهي:
الطرفان لهما فكر خاص مستقل عن عموم المسلمين المخدوعين بهم، وهم
في حركتهم وعملهم يسعون لنصرة هذا الفكر، وكلا الطرفين يسعى للسلطة
والنفوذ لتطبيق فكرهما، والطرفان على استعداد للتحالف والتعاون مع أعداء
الأمة سرًا و جهرًا لخدمة مصالحهم.
أين تكمن خطورة حزب الله على الأمة:
حزب الله يشكل خطورة بالغة على الأمة الإسلامية من ناحية فكره
ومعتقده، ومن ناحية مواقفه وسياساته، ومن ناحية حلفائه وأعوانه.
فكر حزب الله ومعتقده:
حزب الله حزب ينتسب للمذهب الشيعي الإمامي الإثني عشري، ومن
المعلوم أن هذا المذهب يقوم على أصل الإمامة بولاية أهل البيت، بمعنى أن
هناك ١٢ رجلا من آل البيت هم حكام المسلمين وخلفائهم، ومن اعتقد بجواز
خلافة أو حكم غيرهم كفر!! بالإضافة إلى اعتقادهم بكفر الصحابة سوى نفر
مقالات في المشكلة الشيعية
207
يسير، ويرون أن القرآن محرف وناقص. ولا يصح القول أن الحزب لا يتبنى
هذه الأفكار والعقائد، ذلك أن الحزب يعلن تبعيته للخميني الذي بث هذه الأفكار
.( في كتبه ورسائله( ١
كما أن الحزب لم يعلن براءته من هذه الأفكار والعقائد الباطلة، فيجب على
الحزب إعلان البراءة من هذه العقائد الكفرية وممن يحملها كائنًا من كان.
بل إن الحزب لم يعلن مساندته للمرجع الشيعي محمد حسين فضل الله، الذي
يواجه حربا شيعية طاحنة وصلت حد تكفيره، لنفيه بعض أساطير المذهب
الشيعي، رغم أن فضل الله يعد الأب الروحي للحزب!!
بل يقول بعض أهالي بيروت أن تلفزيون المنار الأرضي التابع لحزب الله
يبث مواضيع شيعية طائفية وأن الحزب يوزع أحيانا كتبا شيعية متطرفة.
ولم نسمع للحزب إدانة لأي "مجنون" من مجانين الشيعة كياسر حبيب
الكويتي الهارب من السجن لسبه الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين إلى لندن.
وتتعامل قناة المنار بذكاء خبيث مع السيرة و التاريخ الإسلامي، فهي تسقط
من حسابها كل الصحابة فلا تذكرهم أبدًا وكأنهم هباء!!
كما أن الحزب لم يكن له موقف معلن من المصائب التي أظهرها ممثلو
الشيعة في مناظرات قناة المستقلة، فإذا كان الحزب شيعيًا معتد ً لا، لم يقبل هذه
الطامات!!
مواقف حزب الله وسياساته:
المتابع لمواقف الحزب وسياساته يجد أن الكثير منها لا يصب إلا في
المصلحة الشيعية البحتة دون المصلحة الإسلامية العامة، فمن ذلك:
١. السكوت عن مواقف إيران السيئة والتي بلغت حد العمالة والتواطؤ مع
الأمريكان في أفغانستان والعراق، ولا يزال الناس يذكرون التصريح
١) راجع كتاب "الخميني الوجه الآخر في ضوء الكتاب والسنة" للدكتور زيد العيص. )
مقالات في المشكلة الشيعية
208
الشهير لرفسنجانى: "لولا إيران ما سقطت طالبان"، طبعًا هذا لكون
الحزب يتنصل من التبعية لإيران ويزعم استقلال قراره!!
٢. التغاضي عن عمالة إخوانه الشيعة في العراق، وتعاونهم مع عدوه
أمريكا!
٣. التغاضي عن جرائم أصدقائه الشيعة في العراق تجاه سنة العراق
فلسطينيي العراق، ولو ببيان استنكار.
٤. منعه وإحباطه لكثير من العمليات تجاه إسرائيل، بل قتل من يحاول ذلك
أحيانًا، حتى اعتبر صبحي الطفيلي وهو أول أمين عام للحزب، بأن حزب
الله تحول لحرس حدود لخدمة إسرائيل.
٥. لا نجد للحزب وهو يطالب بدور إقليمى في المنطقة، أية مواقف تتبنى
المطالب العربية العادلة تجاه احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث.
٦. أما على الصعيد اللبناني فقد كان للحزب أعلى الأصوات في المطالبة
ببقاء (الوجود السوري) مع أن الجميع يدرك كم هو سيء هذا الوجود.
٧. ثم لم يخبرنا هذا الحزب عن موقفه من فضيحة "إيران غيت" المتعلقة
بشراء الأسلحة بالمليارات من إسرائيل أثناء قتاله لحزب البعث الاشتراكي
في العراق.
٨. لم نسمع مطالبة لحزب الله بالأسرى والمفقودين اللبنانيين في سجون
سوريا (الصمود)؟ فهل يخرج علينا الحزب بمواقف صريحة وواضحة
يتراجع فيها عن مواقفه السلبية السابقة؟؟
حلفاء وأعوان حزب الله:
من القضايا التي توجب على المسلم الفطن الحذر من حزب الله وقوته هو
حلفائه، وقد قيل: "قل لي من تخالل أقل لك من أنت".
إيران: إيران ليست حليفا، بل هي الحاضن والمرضع لحزب الله، والحزب
إنما نشأ في إيران بمباركة الخميني.
مقالات في المشكلة الشيعية
209
يقول نائب الأمين العام لحزب الله ،قاسم نعيم: "كان هناك مجموعة من
المؤمنين ... تفتحت أذهانهم على قاعدة عملية تركز على مسألة الولي الفقيه
والانقياد له كقائد للأمة الإسلامية جمعاء، لا يفصل بين مجموعاتها و بلدانها أي
فاصل، ... وذهبت هذه المجموعة المؤلفة من تسعة أشخاص إلى إيران ولقاء
الإمام الخميني (قدس) وعرضت عليه وجهة نظرها في تأسيس و تكوين الحزب
.( اللبناني، فأيد هذا الأمر وبارك هذه الخطوات"( ١
وقد تكشف للناس اليوم حقيقة إيران، وأنها تبحث عن مصالحها الشيعية
الذاتية ولو كان على حساب الإسلام، ومن آخر مواقف إيران السيئة تجاه
المسلمين، إعلانها التبرع ب ٥٠ مليون دولار لحركة حماس، وبعد ٤ أشهر
يعلن وزير خارجيتها أن التبرع لا يزال في مرحلة صنع القرار، فعلى من
تضحك إيران سوى على المغفلين.
وكيف يمكن الوثوق بنصيحة وتوجيه مثل هذا الحليف لحزب، لما فيه
صالح المسلمين؟؟
سوريا: أما سوريا النظام البعثي الاشتراكي النصيري، الذي أذاق المسلمين
ال مر في سوريا ولبنان، وصاحب مجازر حماة وتل الزعتر، والنظام الذي أصم
العالم من صراخه وخطاباته، ولكن لم يسمح أو يطلق رصاصة واحدة من
الجولان المحتل أو الصحيح "المسّلم" ضد إسرائيل، كما يقول مصطفي خليل
ضابط الاستخبارات في الجولان في كتابيه "سقوط الجولان" و"من ملفات
الجولان".
سوريا الصمود التي لم تحرك ساكنًا حين اجتاحت إسرائيل بيروت وبقيت
تتفرج!! ماذا نتوقع من نظام لا زال يحكم بالإعدام على من يثبت انتماؤه
لجماعة الإخوان المسلمين إذا كان سوريًا، ومن ثم يحتضن حماس وهي جماعة
.( ١) كتاب "المقاومة في لبنان"، أمين مصطفى، دار الهادي، (ص ٤٢٥ )
مقالات في المشكلة الشيعية
210
الإخوان في فلسطين؟؟ نظام بهذا المستوى هل سيشير على حليفه حزب الله بما
يكون فيه نفع للإسلام والمسلمين ؟؟؟
حركة أمل: وهي الحركة التي ولد حزب الله من رحمها، حركة أمل صاحبة
مجازر المخيمات الفلسطينية في لبنان سنة ١٩٨٥ ، بالرغم من أن حركة فتح
هي التي رعتها ودربتها عسكريًا، لكن الشكر كان بالقتل! فنعم المستشار أمل
إذا!
كيف سيكون خطر "حزب الله"؟
الخطورة تنبع من حزب الله إذا خرج قويًا من هذه الفتنة بجهده أو مكره،
واستغل اندفاع المغفلين والجاهلين من قيادات الحركات السنية قبل عوام السنة
لتنفيذ أجندته الطائفية، فكلنا يعلم أن اجتياح لبنان عام ١٩٨٢ م هو الذي مكن من
إنشاء حزب الله!!؟ وهو كذلك الذي وفر الغطاء لدخول إيران للبنان!!؟
والخطورة تنبع أيضًا من مطالبة حزب الله لحماس والجهاد بتقليده في
المقاومة وذلك بعد خروج إسرائيل من الجنوب، ومؤخرًا صرح حسن نصرالله
أمين عام الحزب في مقابلة مع قناة "الجزيرة "أن حزب الله هو القدوة للمقاومة
في فلسطين فلو ذهبت مقاومة حزب الله لافتقد أهل فلسطين القدوة"؟؟؟
والخطورة تنبع من قيام حزب الله باستغلال شعبيته لترويج التشيع كما هو
حاصل في فلسطين وسوريا وغيرها من الدول.
وتنبع الخطورة من صفقة تعقد بين محور (حزب الله، إيران، سوريا) مع
محور (إسرائيل، أمريكا) على حساب العرب والسنة، سواء الفلسطينيين في
لبنان، أو الدول السنية المجاورة لإسرائيل، أو الخليج والعراق، وذلك عبر
تصعيد الوضع إلى أقصى درجة، ليكون النزول لما كان الأمر عليه من قبل
ومع تنازلات من (كيس) العرب والسنة في المنطقة!!
وفي النهاية إذا كانت هذه الفتنة قد جرت من خلفها الغثاء الكثير من
المسلمين بكل بساطة ويسر، فكيف الحال بأمة الإسلام حينما يخرج الدجال
مقالات في المشكلة الشيعية
211
بقوله: "يا عباد الله اثبتوا يا عباد الله الكبير الذي طالما حذر منه الرسول
اثبتوا"؟؟
وسيبقي السؤال قائمًا: هل يقوم الحزب بالتخلى الواضح والصريح عن هذه
الأفكار والمواقف وإدانتها وتبني مواقف حقيقة تصب في مصلحة المسلمين؟؟
هذا ما نتمناه.
أم سيكون حزب الله أتاتورك جديد، يخدع المسلمين بمعارك وهمية لتنفيذ
مشاريع طائفية لخدمة إيران وسوريا؟؟
مقالات في المشكلة الشيعية
212
( الدستور الإيراني والوحدة الإسلامية( ١
إن الثورة الإيرانية منذ قامت عام ١٩٧٩ م وهى تثير إشكالات عديدة منها
دستورها، وكذلك دعوتها للوحدة الإسلامية التي ترفعها في وجه كل من يحاول
التنبيه على شيء من أخطاء الدستور أو الثورة ولذلك تعرض الدستور الإيراني
للنقد وألفت حوله عدد من الكتب منها:
- "نقد حزب التحرير للدستور الإيراني".
- "نقض دستور الجمهورية الإيرانية" للدكتور محمود الخالدي.
- "نهج الخميني في ميزان الفكر الإسلامي" لمجموعة من المفكرين.
- "دراسة لمجلس شورى أهل السنة إيران" نشر ضمن كتاب "أحوال أهل
السنة في إيران" لعبدالله الغريب.
ولذلك تعرض الدستور للتعديل في أواخر حياة الخميني عام ١٩٨٩ م، وقد
تعامل تعديل الدستور مع الانتقادات الموجهة له بعدة أساليب:
- تغيير أرقام المواد وتغيير ترتيب الفصول حتى يلتبس الأمر على من يراجع
المواد!
- تلطيف بعض العبارات (دبلوماسية الطرح).
- لا يوجد تغير جوهري في تعديلات الدستور.
ويذكر بعض الباحثين أن الدستور الإيراني بالأساس كان دراسة كتبها محمد
باقر الصدر، ويذكر أيضا أن الدستور الأول لإيران كان يخلو من ولاية
الفقيه( ٢)! ولما كانت الوحدة الإسلامية مطلب لجميع المسلمين، وقد قامت إيران
برفع شعار الوحدة، فمن المهم فحص مدى مصداقية هذه الدعوى بعد عقدين من
الثورة وإرساء الدستور، هذا سيكون محور البحث.
١) موقع أنصار الحسين. )
٢) مجلة الفكر الجديد "القريبة من حزب الدعوة العراقي"، عدد ( ٦) (ص ١٧ )، وهى منشورة على الانترنت. )
مقالات في المشكلة الشيعية
213
وقد اعتمدت في هذا البحث على طبعة معاونية العلاقات الدولية في منظمة
الإعلام الإسلامي عام ١٩٩٢ م المنقحة للدستور.
الدستور الإيراني والحث على الوحدة الإسلامية
لقد تكرر في مقدمة الدستور ومواده التأكيد على الوحدة الإسلامية والإشادة
بها ومن ذلك ما جاء في المقدمة( ١): "فإن الدستور يعد الظروف لاستمرارية هذه
الثورة داخل البلاد وخارجها خصوصا بالنسبة لتوسيع العلائق الدولية مع سائر
إِ ن : الحركات الإسلامية والشعبية حيث يسعى إلى بناء الأمة الواحدة في العالم
.[ الأنبياء: ٩٢ ] هذِهِ أُمُت ُ كمْ أُ م ً ة واحِ د ً ة وأََنا رب ُ كمْ َفاعْبدونِ
وجاءت الوحدة منصوص عليها في بعض مواد الدستور منها: المادة الثالثة
التي بينت الواجبات التي على حكومة جمهورية إيران تحقيقها وفيها الفقرة
١٥ ): "توسيع وتقوية الأخوة الإسلامية والتعاون الجماعي بين الناس )
كافة". والفقرة ( ١٦ ) من نفس المادة الثالثة: "تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على
أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين والحماية
الكاملة لمستضعفي العالم".
إِ ن : وعادت المادة الحادية عشر لتأكيد الوحدة فنصت: "بحكم الآية الكريمة
الأنبياء: ٩٢ ]. يعتبر المسلمون أمة واحدة ] هذِهِ أُمُت ُ كمْ أُ م ً ة واحِ د ً ة وأََنا رب ُ كمْ َفاعْبدونِ
وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة سياستها العامة على أساس
تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها وأن تواصل سعيها من اجل تحقيق الوحدة
السياسية و الاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي".
والخلاصة التي نخرج بها من هذه المواد:
- المسلمون أمة واحة.
- كلهم مسلمون.
.( ١) (ص ١٦ )
مقالات في المشكلة الشيعية
214
- سياسة إيران تجاه الدول والشعوب الإسلامية تقوم على المحبة والتعاون.
مدى مصداقية الدستور تجاه الوحدة؟؟؟
الدستور الإيراني قام كما يزعم أصحابه من أجل الإسلام والدين ورفع راية
القرآن ولذلك فأي مخالفة لهذه الأسس تعد خطيئة كبيرة خاصة أن هذا الدستور
أقره من يعتبر نفسه (حجة الله)، وأقرت فيه هذه المخالفات حتى بعد توجيه النقد
له، كما سبق وليس من تفسير لهذه المخالفات سوى أنها مقصودة لذاتها وأنها
نابعة من رؤية عقائدية لمن وضعها وأقرها.
الصبغة الطائفية:
جاء في المادة ( ١٢ ): "الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري
الإثنى عشري وهذه المادة تبقى للأبد غير قابلة للتغيير". فهل من الوحدة
الإسلامية النص على مذهب للدولة؟ لاحظ أو ً لا دين إيران "الإسلام والمذهب
الجعفري"، هل هذا هو الإسلام الذي أنزله الله عز وجل؟؟؟؟
وعاد في نهاية الدستور يكرر: "مضامين المواد المتعلقة بكون النظام
إسلاميًا، وقيام كل القوانين والمقررات على أساس الموازين الإسلامية، وكون
الحكم جمهوريًا، وولاية الأمر، وإمامة الأمة، وكذلك إدارة أمور البلاد بالاعتماد
على الآراء العامة والدين والمذهب الرسمي لإيران هي من الأمور التي لا تقبل
التغيير".
وإذا علمنا أن في إيران ما يزيد عن ٢٠ % من الشعب من السنة – على
أقل تقدير - فهل هذه المادة تعمل على تعزيز الوحدة الإسلامية؟
وأيضًا هذا مخالف لروح الدستور الذي قرر في مقدمته: "الدستور يضمن
زوال كل نوع من أنواع الدكتاتورية الفكرية"، وفرض مذهب للبلد على بلد
متعدد المذاهب دكتاتورية، وأما جعلها للأبد فهذه دكتاتورية مركبة!
وهذه المادة ستقيم حالة من الصدام والصراع مع قسم كبير من الشعب
٢٠ %) – على أقل تقدير- وخاصة أنه سوف يوجه التصرفات الحكومية )
مقالات في المشكلة الشيعية
215
ويعطيها غطاء من المحاسبة؛ وبالذات أن المذهب الجعفري يسقط كل المذاهب
الإسلامية الأخرى ولا يقيم لها وزنًا في الحقيقة، كما يعتقدون في كل من لا
يؤمن بأئمتهم.
فهذا القمي كبير محدثي الشيعة يقول في كتابه "رسالة الاعتقادات":
"واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام
والأئمة من بعده عليهم السلام كمن جحد نبوة جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر
بأمير المؤمنين وأنكر واحدا من بعده من الأئمة أنه بمنزلة من أقر بجميع
.(١)" الأنبياء وأنكر نبوة نبينا محمد
وهذه العقيدة لم تتخل عنها للأسف الثورة الإيرانية، فالخميني في كتابه
"الأربعون حديثًا" يكرر تكفير كل المذاهب الإسلامية حين يقول: "ومن المعلوم
أن هذا الأمر يختص بشيعة أهل البيت ويحرم عنه الناس الآخرون لأن الإيمان
لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم
السلام بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية".
وهذه النقطة؛ "جعل مذهب للدولة" يعيق دعوة التقريب بين المذاهب فكيف
تدعو للتقريب وأنت تجعل مذهبك الحق للأبد؟ إلا إذا كنت تريد أن يتقرب
المخالف لك وليس تكوين حركة مشتركة.
وتركيز هذه الصبغة الطائفية في الدستور الإيراني تتكرر في مواد أخرى
متعلقة مث ً لا بمجلس الشورى أو الجيش وَقسم الرئيس: "لا يحق لمجلس الشورى
الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للدولة"
[مادة ٧٢ ]، وتكررت في [المادة ٨٥ ]: "يجب أن يكون جيش جمهورية إيران
الإسلامية جيشًا إسلاميًا وذلك بأن يكون جيشًا عقائديًا وأن يضم أفراد لائقين
.[ مؤمنين بأهداف الثورة الإسلامية" [مادة ١٤٤
.( ١) (ص ١٠٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
216
"إنني باعتباري رئيسا للجمهورية أقسم بالله القادر المتعال في حضرة
القرآن الكريم أمام الشعب الإيراني أن أكون حاميا للمذهب الرسمي ...."
.[ [مادة: ١٢١
وهذا القلق في الدستور تجاه الهوية الطائفية من خلال تكرار النص على
مذهب الشيعة وجعلها للأبد هو في الحقيقة خوف من الماضي والمستقبل.
الماضي حيث إن إيران لم تعرف المذهب الشيعي في الحكم إلا عام
١٥٠١ م عندما تأسست الدولة الصفوية، ولذلك يحاولون طمس التاريخ الآخر
!!!( لإيران وهو التاريخ السني( ١
والمستقبل الذي قد لا يكون فيه الملالي في سدة الحكم! وأخيرا في هذه
المسألة نتذكر رفض الإمام مالك أن يكون كتابه الموطأ مذهبًا للدولة الإسلامية
وذلك حتى لا يحتكر الحق والصواب دون بقية الفقهاء والعلماء.
هل من الوحدة الإسلامية التركيز على النزعة الإقليمية والقطرية؟
ومن ذلك لا بد للرئيس "أن يكون إيراني ويحمل الجنسية الإيرانية"
.[ [مادة: ١١٥
فهل في الوحدة الإسلامية هناك مكان للإقليمية والقطرية ثم أليس في الشيعة
من هم من غير الإيرانيين فما الذي يمنع أن يكون رئيس جمهورية إيران
الإسلامية الشيعية شيعي عربي أم أن القضية لها بعد فارسي؟
والذي يرجح هذا الاحتمال أمور أخرى في الدستور مثل:
.[ - "اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة هي الفارسية"!! [مادة: ١٥
ويعتبر التاريخان ، - "بداية التاريخ الرسمي للبلاد هجرة رسول الله
.[ الهجري الشمسي والهجري القمري كلاهما رسميين" [مادة: ١٧
١) ولمزيد من الاطلاع على تاريخ إيران انظر كتاب "إيران في ظل الإسلام" للدكتور )
عبدالنعيم حسنين.
مقالات في المشكلة الشيعية
217
ولنا عدة تساؤلات:
لماذا المخالفة لكل البلاد الإسلامية في التاريخ الهجري الشمسي! هل ليوافق
التاريخ الفارسي القديم؟!
فالإسلام يصهر كل الأعراق والقطريات: {إِ ن أَكْرَمَ ُ ك م عِندَ اللَّهِ أَْتَقا ُ ك م}،
بغض النظر عن كون المسلم إيرانيًا أو عربيًا.
لماذا تقديم الفارسية على اللغة العربية؟! هل يخدم هذا نشر الإسلام وتعليم
القرآن عند الشعوب الإسلامية أم هو لمنع هذه الشعوب من الإطلاع على
المذاهب الإسلامية الأخرى باللغة العربية؟!
لماذا ينص الدستور على حقوق اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، لكن
أهل السنة من شعب إيران ليس لهم مادة، بل جاء ذكرهم في جزء من مادة أن
المذهب الجعفري هو مذهب الدولة فقال:
"وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي
والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل وأتباع هذه المذاهب أحرار
في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في
مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية (الزواج، والطلاق، والإرث،
والوصية) وما يتعلق بها من دعاوى في المحاكم، وفي كل منطقة يتمتع أتباع
أحد هذه المذاهب بالأكثرية فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة في حدود
صلاحيات مجالس الشورى المحلية - تكون وفق ذلك المذهب هذا مع الحفاظ
على حقوق أتباع المذاهب الأخرى".
ومضمون هذه الفقرة من المادة [ ١٢ ] هو احترام هذه المذاهب وأن لها
حرية أداء المراسيم المذهبية وحرية التعلم والتربية والأحوال الشخصية
ولأتباعها في مناطقهم أن يحكموا بأحكامهم.
وهذه الأمور لا بأس بها من الناحية النظرية، لكن هي أقل من حقوق اليهود
والنصارى في إيران؟! ومن ثم ليس لها تطبيق على أرض الواقع!
مقالات في المشكلة الشيعية
218
وهذا تفصيل ذلك:
حقوق اليهود والنصارى في إيران من الدستور:
[مادة: ١٣ ]: "الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات
الدينية المعترف بها وتتمتع بالحرية في أداء مراسيمها الدينية ضمن نطاق
القانون، ولها أن تعمل وفق قواعدها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية".
[مادة: ٦٤ ]: "عدد نواب مجلس الشورى الإسلامي هو مئتان وسبعون
نائب… وينتخب الزرادشت واليهود كل على حدة نائبًا كحد أعلى وينتخب
المسيحيون الآشوريون والكلدانيون معًا نائبًا واحدًا وينتخب المسيحيون الأرمن
في الجنوب والشمال كل على حدة نائبا".
ونلاحظ أن اليهود والنصارى والمجوس لهم حقوق في الدستور هي:
- أنهم الأقليات المعترف بها! والسنة ليسوا كذلك؟!
- لهم حرية أداء مراسيم دينية والسنة مثلهم والحمد لله!
- تتحاكم في أحوالها الشخصية لدينها والسنة مثلهم والحمد لله!
- لهم مقاعد مخصوصة في مجلس الشورى وليس للسنة ذلك؟!
فمن الذين لهم حق الرعاية إذًا؟!
وهل هذه الوحدة والأخوة الإسلامية هي التي جعلت السنة في إيران
يطالبون بمساواتهم باليهود والزرادشت!!!
والسبب الذي يدعو للمطالبة بمقاعد خاصة للسنة أن الدستور فرق المسلمين
إلى جعفرية مسيطرة وحاكمة وسنة مهملة، فلا يصح جعل الكل مشتركًا في
البرلمان ثم تمنعه من قيادة الدولة وتمنع مذهبه أن يحكم الدولة.
وللأسف فإن أوضاع اليهود والزرادشت يفاخر بها الإيرانيون في مجلاتهم
وأنهم أصحاب حرية ويراعون حقوق الأقليات وغيرها، كما في مقال "التعايش
السلمي بين اليهود والمسلمين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية": "أن اليهود
يتمتعون بالحرية في الجمهورية الإسلامية ومن ذلك:
مقالات في المشكلة الشيعية
219
- لهم مدارس خاصة بهم أيضًا ويتم فيها تدريس اللغة العبرية والتعاليم الدينية
الخاصة بهم.
- لا يمكن العثور حتى على حالة واحدة تدل على أن الدين اليهودي كان عقبة
في دخول أحد الأشخاص إلى الأجهزة الحكومية للنظام الإسلامي.
- وبالنسبة للعطل، يستفيدون من العطل الرسمية للبلد بالإضافة إلى استفادتهم
من العطل الدينية الخاصة بهم.
- وعن كنائس اليهود، ويوجد في طهران ومحافظة شيراز وأصفهان
وكرمانشاه وهمدان ويزد وكرمان ورفسنجان وستندج وكامياران الذي يبلغ
.( عدد اليهود فيها حوالي ( ٢٦٠٠٠ ) لهم ٧٦ كنيس"( ١
لكن في المقابل أوضاع السنة هناك بالغة السوء، وقد ألفت فيها عدة كتب
منها:
- "ماذا يجري لأهل السنة في إيران"؟ من منشورات مجلس علماء باكستان
. عام ١٩٨٦
. - أحوال أهل السنة في إيران . لعبد الرزاق البلوشي طبع عام ١٩٨٩
. - أحوال أهل السنة في إيران . لعبد الله محمد الغريب طبع عام ١٩٨٩
- لرابطة أهل السنة في إيران موقع على الشبكة العالمية
/http://www.isl.org.uk : عنوانه
ولقد نشرت منظمة العفو الدولية في عام ١٩٩٣ في تقريرها السنوي باللغة
العربية (ص ٨٥ ): "وقد أدى التوتر بين الحكومة والمسلمين السنيين من قبيلة
نروى في مقاطعة سيستان بإقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران إلى نشوب عدد
من المصادمات المسلحة واعتقال عشرات من أفراد قبيلة نروى، وقد أسيئت
– ( ١) مجلة "الوحدة" الصادرة عن مؤسسة الفكر الإسلامي في طهران عدد ( ٢٣٩ )
.www.iran-ite.com ،( حزيران – ٢٠٠٠ م مقال رئيس التحرير (ص ٤٢
مقالات في المشكلة الشيعية
220
معاملة بعض هؤلاء المعتقلين، وحكم على آخرين بالسجن أو الإعدام بعد
محاكمات مباشرة، وتردد أن كثيرون من المقبوض عليهم كانوا لا يزالون
." معتقلين دون تهمة أو محاكمة بسجن زاهدان في نهاية عام ١٩٩٢
ولا يمكن لأحد أن ينكر هذه الأمور ويقول: أنتم تضخمون الأمور لأننا
نشاهد ونسمع ونقرأ كل يوم عن الصراع السياسي الدموي الذي يصل للسجن
والاغتيال بين المحافظين والإصلاحيين في إيران وكلهم شيعة، وكذلك الصراع
بين الأجنحة الدينية الشيعية أتباع الخميني أو الشيرازي التي لا تزال تتجدد،
ومنها ما نشرته وكالة الأنباء الشيعية عن صدامات عاشوراء في قم بين أتباع
الشيرازي الذين يرون "التطبير" وبين أتباع خامنئى الذي منع "التطبير".
وقبل هذا ما حصل عند وفاة الشيرازي من خطف الجثة ودفنها رغمًا
عن أتباعه مع إهانة الجثة "راجع موقع الشيرازي".
وهذا شيء طبيعي في أي نظام ثوري!!
وهذا الظلم كله الواقع على أهل السنة في إيران الذين تتجاوز نسبتهم
٢٠ %) من السكان بينما الدستور ينص في [المادة: ١٩ ]: "يتمتع أفراد الشعب )
الإيراني – من أي قومية أو قبيلة – كانوا بالمساواة في الحقوق ولا يعتبر اللون
أو العنصر أو اللغة أو ما شابه ذلك سببا للتفاضل".
وتقول [المادة: ٢٠ ]: "حماية القانون تشمل جميع أفراد الشعب – نساءً
ورجا ً لا – بصورة متساوية وهم يتمتعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن الموازين الإسلامية".
[والمادة: ٢٣ ]: "تمنع محاسبة الناس على عقائدهم"، ولكن الدستور يبدو أنه
للزينة!
مقالات في المشكلة الشيعية
221
هل السياسة الخارجية لإيران تعمل لزيادة الوحدة الإسلامية؟
لقد مر معنا أن واجب الحكومة الإيرانية "تنظيم السياسة الخارجية للبلاد
على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين
.[ والحماية الكاملة لمستضعفي العالم" [مادة: ٣
وفي [المادة: ١٥٢ ]: "تقوم السياسة الخارجية لجمهورية إيران الإسلامية على
أساس الامتناع عن أي نوع من أنواع التسلط أو الخضوع له والمحافظة على
الاستقلال الكامل ووحدة أراضي البلاد والدفاع عن حقوق جميع المسلمين وعدم
الانحياز مقابل القوى المتسلطة وتبادل العلائق السلمية مع الدول غير المحاربة".
فإذا السياسة الخارجية لإيران يجب أن تقوم:
- على أساس معايير الإسلام والتزامات الأخ وة الإسلامية .
- الدفاع عن حقوق جميع المسلمين .
لكن هل سياسة إيران هي كذلك؟
فعلاقاتها مع الدول العربية والإسلامية سيئة "ما عدا سوريا التي ضربت
الإخوان المسلمين في حماة في زمن الثورة! وليبيا التي هي حرب على
الإسلام".
ولم يتجرأ على الكعبة في التاريخ إلا أبرهة الحبشي والقرامطة وإيران
!!( الخميني( ١
وأفغانستان في جهادها مع الروس لم يكن لإيران أو شيعة أفغانستان دور
في جهاد الشيوعيين!
وفي الوقت الحاضر ألم تتفاخر إيران بدورها في القضاء على طالبان
ومساعدتها للشيطان الأكبر في العراق أيضًا؟!!
١) لمزيد من الاطلاع راجع "المؤامرة على الكعبة من القرامطة إلى الخميني"، للدكتور )
عبد المنعم النمر.
مقالات في المشكلة الشيعية
222
لماذا تتمسك إيران باحتلال الشاه لجزر الإمارات العربية وترفض الوحدة
والتقارب والتنازل من أجل الوحدة الإسلامية؟!
ألم تمارس إيران سياسة تصدير الثورة "التفجيرات، الاغتيالات،
.( الاضطرابات"، مع أغلب الدول العربية؟!( ١
وبعد هذا كله أين الوحدة الإسلامية؟ إذا كان الدستور يختار الطائفية وينص
عليها للأبد فهل من أمل في تقارب أو وحدة؟!
إذا كان جزء من الشعب الإيراني يظلم لأنه سني فكيف التعامل مع السنة
من الدول الأخرى؟
إذا كان الدستور يعلي من شأن القومية والشعوبية والعرقية من خلال تقديم
اللغة الفارسية على لغة القرآن؟
إذا كانت السياسة الخارجية تصب دائما في خانة العداء لأهل السنة ومعاونة
الأعداء عليهم فما هي هذه الوحدة والأخ وة الإسلامية؟!
خطوات مطلوبة للوحدة:
١. التخلي عن الهوية الطائفية للدولة الإيرانية.
٢. إعلاء شأن العربية والتخلي عن المظاهر الفارسية.
٣. إعطاء أهل السنة حقوقهم.
٤. ترك السياسات العدائية تجاه العرب والمسلمين.
٥. تبني سياسات متسامحة تجاه نشر المذاهب الإسلامية في إيران كما تطالب
هي.
٦. إقامة مؤسسات للوحدة والإسلامية والتقارب بين المذاهب في إيران يشرف
عليها نخبة من علماء المذاهب الأخرى، يرشحهم الأزهر ومجمع الفقه
الإسلامي في مكة، وليس عن طريق اختيار إيران لعلماء يؤيدونها.
. ١) راجع مجلة "البيان" عدد ( ١٧١ ) وأبحاث مجلة السياسة الدولية سنة ٢٠٠١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
223
( أضواء على الخطة السرية( ١
دراسة في الأسلوب الجديد لتصدير الثورة الإيرانية
الأسباب – الخطوات – التطبيقات
تمهيد:
نشرت رابطة أهل السنة في إيران - مكتب لندن - رسالة سرية للغاية،
موجهة من شورى الثورة الثقافية الإيرانية إلى المحافظين في الولايات الإيرانية،
تحتوي هذه الرسالة على خطة عمل مفصلة في نشر الثورة و تصديرها، ولكن
بأسلوب جديد دون حرب أو إراقة دماء.
وإن المتابع للحركة الإيرانية في العالم والنشاط الشيعي كذلك يرى أن هذه
الخطة موضع تطبيق واضح وقد بدأت تحقق نجاحات واسعة للأسف.
في هذه الدراسة نسلط الضوء على هذه الخطة بهدف معرفة الأسباب التي
دعت لها أو ً لا وأنها ظروف موضوعية وذاتية للثورة الإيرانية.
ومن ثمَ سوف نحلل مضمون هذه الخطة حتى نعرف تطبيقها، وبعد ذلك
نتناول ما استطعنا معرفته من تطبيقات الخطة.
وهذه الدراسة كانت بقصد كشف الحقائق الغائبة على الأمة لتنهض للدعوة
إلى الله ونصرة دينها والدفاع عنه.
لماذا هذا الأسلوب الجديد في تصدير الثورة؟
لقد قاد الخميني ثورة انقلابية شيعية على الشاه في إيران حققت نجاحًا جعله
يحاول نشر هذه الثورة في أماكن أخرى من دول الجوار (العراق، دول الخليج
العربي، لبنان..)، وكان يطلق على هذه الطريقة مصطلح "تصدير الثورة".
فها هو الخميني يعلن في بيان الذكرى السنوية الأولى لانتصار الثورة في
:١٩٨٠/٢/١١
١) موقع البرهان. )
مقالات في المشكلة الشيعية
224
.( "إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم"( ١
وهذه الثورية هي مبدأ حزب الخميني، كما قال علي خامنئي حينما سئل عن
البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فقال: "أول أهداف حزبنا هو بث
.( التوعية الإسلامية السياسية والتربية الثورية بين صفوف الشعب الإيراني( ٢
وبسبب هذا الهدف والغاية أنشئت التنظيمات الداخلية والخارجية الخاصة
بتصدير الثورة على أسلوب العمل الثوري الانقلابي، وقامت بالعديد من الأعمال
في لبنان والكويت والسعودية، وأقامت العلاقات مع أغلب الحركات الإسلامية
.( السنية التي كانت في حالة صراع مع الأنظمة القائمة( ٣
وتصدير الثورة نابع من عقيدة الشيعة بأن أهل السنة كفار يجب قتلهم
وقتالهم وتغيير دينهم إلى دين الشيعة، يكفي هذا النص من كتاب "الغيبة"
للنعماني: "ما بقي بيننا و بين العرب إلا الذبح"( ٤)!!! لمعرفة نوايا الشيعة الحقيقية
من أهل السنة.
ولكن بسبب هزيمة إيران أمام العراق والتحولات في العلاقات الدولية ووفاة
الخميني تغير هذا الأسلوب لضرورات ذاتية وموضوعية.
الظروف الذاتية:
يقول السيد عباس نخي وهو كويتي عاش في إيران منذ عام ١٩٨١
وغادرها بعد وفاة الخميني: "أنا أفصل بين الثورة وبين فترة ما بعد وفاة الإمام
الخميني الذي سار طوال مسيرته على أساس مبادئها وقيمها، غير أن أول تخلف
سجله الإمام الخميني تجاه هذه القيم تمثل في قبوله وقف إطلاق النار في الحرب
. - 1 تصدير الثورة كما يراه الإمام الخميني ص ٣٩ (١)
. - 2 مقابلة مع مجلة الوطن العربي عدد ١٠٩ (٢)
- 3 يمكن مراجعة مجلة الوطن العربي بالتحديد في فترة الثمانينيات لرصد هذه (٣)
. الأعمال ،و كتاب "سراب في إيران" لأحمد الأفغاني ص ٤٤
- 4 ص ١٥٥ ، و للمزيد راجع كتاب د.القفاري "بروتوكولات آيات قم ". (٤)
مقالات في المشكلة الشيعية
225
العراقية الإيرانية، ولعله التخلف الوحيد؛ فنهج الخميني مرتبط بالعمل بالتكليف
.( ومقولة إما النصر أو الشهادة"( ١
ويقول: "لكن بعد وفاته (الخميني) عاشت الثورة خلطًا هدف إلى كسب
الشارع الإيراني، حيث أبقت على الشعارات الثورية لكنها في نفس الوقت بدأت
تميل إلى ضرورة تغيير اللغة الثورية والعمل وفق المصالح السياسية".
ويكتب محمد صادق الحسيني – أحد المتابعين للشأن الإيراني - في كتابه
"الخاتمية المصالحة بين الدين والحرية": "وكما تقول مصادر مقربة من حكومة
الرئيس رفسنجاني، فإن متطلبات المرحلة الراهنة التي تفرض أولويات معينة
على برامج الحكم في إيران مثل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
والثقافية؛ هي التي دفعت إلى ظهور تيارات سياسية جديدة من داخل النظام
الإسلامي تدعو في طليعة ما تدعو إليه إلى رسم استراتيجيات عمل واقعية،
.( ويجمع هذه التيارات عنوان رئيس "هو المدنية الإسلامية المعاصرة"( ٢
أما على صعيد السياسة الخارجية تقوم سياسة هذه التيارات على "ضرورة
تفعيل الدبلوماسية الإيرانية من خلال رسم استراتيجية طويلة الأمد في مجال
السياسة الخارجية التي تقوم على المصالح الوطنية العليا بما يؤمن شروط ما
.( اصطلح على تسميته في إيران بالحكمة والمصلحة والعزة"( ٣
وفي مقابلة مع الدكتور عطاء الله مهاجرانى أثناء حملة الانتخابات الرئاسية
التي شارك فيها خاتمي لأول مرة، سئل عن السياسة الخارجية الإيرانية فقال:
"الواقع إننا كحكومة ثورية إسلامية كنا بحاجة منذ أول يوم للانتصار إلى إقامة
أحسن العلاقات مع دول الجوار، وأعتقد أنها حاجة عامة لكل الثورات حتى
١) في مقابلة مع جريدة "الوطن” الكويتية، ٢ أوكتوبر ٢٠٠١ م. )
.( ٢) (ص ٢٦ )
.( ٣) المصدر السابق، (ص ٦٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
226
تتمكن من إعادة هيكلة نظامها السياسي والاجتماعي واقتصادياتها لمدة لا تقل
.( عن عقدين من الزمان"( ١
والخلاصة:
إن الثورة الإيرانية بسبب تأثيرات الحرب على المجتمع الإيراني اقتصاديًا
وسياسيا أو ً لا، ثم الهزيمة ثانيًا، ووفاة الخميني ثالثا أصبحت بحاجة لإعادة نظر
في واقعها وسياستها هذا فيما يتعلق بالضروف الذاتية.
الظروف الموضوعية:
فبسبب انهيار الإتحاد السوفيتي، وتفرد أمريكا بزعامة العالم، وزيادة انتشار
القيم الليبرالية مثل الحرية، والديموقراطية، واقتصاد السوق، كان لا بد أن يأخذ
قادة إيران ذلك بعين الحسبان، ولذلك كتب رئيس جريدة "الإيرانية" المعروفة
بولائها لنظرية ولاية الفقيه يقول: "في هذه الأيام يعيش العالم أكثر من أي وقت
.( مضى بما فيه إيران الإسلامية تحت وطأة هجوم الليبرالية( ٢
لكل هذا كان لابد للثورة الإيرانية من أن تنحني للعاصفة حتى تحافظ على
نفسها ولو كان ذلك على حسب مبادئها ونظرياتها، وحتى لو اصطدمت ببعض
الجامدين والمتجبرين، كما قال خاتمي في رسالة استقالته حين اصطدم معهم
فقال: "إنني أرجح أن أقوم بعيدًا عن هاجس المسؤولية التنفيذية بالحرية
والاختيار المناسبين للواجب الديني والثوري والإنساني الخاص في الدفاع عن
الإسلام ومصلحة النظام كما أراها و أفهمها أنا، والمواجهة مع أشكال الجمود
والتحجر والرجعية والتخلف والتي أعتبرها من أكبر آفات الحكومة و النظام
الديني المتصدي لشؤون السلطة، وهو ما كان يشغل ذهن الإمام المبارك لا سيما
.( في السنوات الأخيرة من عمره( ٣
.( ١) المصدر السابق، (ص ١٢٥ )
.( ٢) المصدر السابق، (ص ٧١ )
.( ٣) إيران (ص ٢٥ )
مقالات في المشكلة الشيعية
227
ولهذا فإن هذه السياسات الجديدة والواقعية لرفسنجاني وخاتمي من بعده
نابعة من قلب النظام الخميني و لمصلحته وإن كانت على غير أسلوبه المعهود،
وذلك للحاجة إليها، ولأن الخميني مال إليها في آخر حياته كما في النص السابق
للخاتمي. فكما يقول محمد صادق الحسيني مقيمًا فترة رفسنجاني: (ولاشك بأن
الواقعية الرفسنجانية إذا ما صح التعبير استطاعت تخليص إيران من أزمات
خطيرة عديدة وربما تأهيلها لتأخذ مقعدا دوليا مناسبا لها في نادي الأمم بعد أن
كانت في نهاية الحرب العراقية الإيرانية على شفا الانعزال التام وربما
.( الانقراض المحتمل)( ١
أما عن خاتمي فإنه: (سيكون تواص ً لا مع متطلبات داخلية ملحة)( ٢)، و(من
هنا فإن المتوقع من جانب الرئيس الخامس لإيران أن يحدث نقلة نوعية في نمط
معالجته لعديد من الملفات الخارجية، أي يحدث تحولا في الأداء وليس في
.( المبادئ والأحوال تماما كما هي الحال في معالجة ملفات الداخل)( ٣
والخلاصة:
(المراحل الثلاث التي مرت بها الثورة الإيرانية على الشكل التالي: كانت
مرحلة الخميني والإسلام ،أولا حفاظا على أهل الثورة، ثم جاءت مرحلة
رفسنجاني، مرحلة إيران أو ً لا الدولة الإيرانية، واليوم جاءت مرحلة خاتمي ثالثا
.( لتكون مرحلة المجتمع أولا أو الناس لبناء المجتمع المدني)( ٤
ويقول السيد عباس نخي عن نظام خاتمي: (فالسيد خاتمي يسعى لإنقاذ
.( النظام في الحقيقة)( ٥
.( ١) "الخاتمية" (ص ٨٠ )
. ٢) ص ٢٠٢ )
. ٣) ص ٢٧٦ )
. ٤) ص ٢٠٣ )
٥) "الوطن الكويتية" ٢ اكتوبر ٢٠٠٠ م . )
مقالات في المشكلة الشيعية
228
وهذا كله داخل عباءة الخمينية بعد ذهاب الجيل الأول للثورة الذي لم يبق
منه إلا خامنئي ورفسنجاني ومجيء الجيل الثاني (فالبعد الواحد للخميني في
أيامها الأولى بات بعدين في نهاية العقد الأول لانطلاقها وها هو اليوم يتحول
إلى عدة أبعاد وتاليًا عدة تيارات تتكلم جميعها باسم الخمينية فيمتد تأثيره على
امتداد ألوان الطيف)، وبالنسبة لخاتمي (فإنه لا يخفي تعلقه الشديد وارتباطه
.( الوثيق بالخمينية منطلقًا ومنهجًا وهدفا)( ١
وبعد هذا العرض لتطورات الثورة الإيرانية والذي ترتب عليه تغيير
السياسة الخارجية الإيرانية من سياسة تصدير الثورة إلى سياسة أخرى أكثر
فاعلية وأخف صدى وضررًا على الثورة .
وفي هذا الصدد يكتب المعارض والمفكر الشيعي أحمد الكاتب على شبكة
الإنترنت "إنها فرصة للتوقف و التفكير ومراجعة المسيرة الثورية والتفكير
.( بتصحيحها والعمل من أجل تطويرها نحو الأمام"( ٢
والنتيجة التي نخرج بها أن هذا الأسلوب الجديد هو لمصلحة الثورة وليس
تعديلا عليها أو تنازلا عن مبادئها؛ فلذلك يجب الانتباه للمضامين وليس
للأساليب، وفكرة تصدير الثورة في مفهومها الجديد!!! تطبيقا لهذه السياسة
الجديدة أصدرت مؤسسة تنظيم و نشر تراث الإمام الخميني في طهران كتابا
جديدا بعنوان "تصدير الثورة كما يراه الإمام الخميني"( ٣)، أكدت فيه أن تصدير
الثورة هو منهج ثابت للخميني( ٤)، لكن ( مبدأ تصدير الثورة لا يعني الهجوم
!!!( العسكري وتحشيد الجيوش ضد البلدان الأخرى مطلقا)( ٥
.( ١) إيران (ص ٣٢ )
٢) مقال له بعنوان "بعد ٢١ عاما من الانتصار كيف تستمر الثورة وتجدد شبابها ". )
٣) الطبعة الأولى عام ١٩٩٧ م . )
.( ٤) (ص ١٧ )
.( ٥) (ص ٢٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
229
وكانت فصول الكتاب كالتالي :
الفصل الأول : تصدير الثورة سمة ملازمة للثورة الإسلامية.
الفصل الثاني : فكر صادق وعزم راسخ على طريق تصدير الثورة.
الفصل الثالث : الثورة الإسلامية مثال القيم المنشودة.
الفصل الرابع : ماذا نعني بتصدير الثورة؟
الفصل الخامس : تصدير الثورة الدوافع والسبل والأهداف.
الفصل السادس : أصدقاء الثورة الإسلامية وأنصارها.
الفصل السابع : تصدير الثورة يزرع الرعب في نفوس الأعداء.
الفصل الثامن : تصدير الثورة الإسلامية حقيقة واقعة.
لكن الذي تخرج به من قراءة الكتاب أن تصدير الثورة هو: "تصدير
المعنويات التي وجدت في إيران"، "فنحن لا نريد أن نشهر سيفًا أو بندقية ونحمل
.( على الآخرين"، "نتطلع إلى تصدير ثورتنا الثقافية"( ١
"نتطلع إلى إيجاد مصالحة بين الشعوب وحكوماتها"( ٢)، نتطلع إلى "تصدير
الثورة "عن طريق الإعلام والتبليغ"( ٣)، هدفنا "أن نعرف الإسلام على حقيقته في
حدود قدراتنا الإعلامية وعن طريق ما بحوزتنا من وسائل الإعلام المسموعة
.( والمرئية والمقروءة وكذلك من خلال الوفود التي تبعث إلى الخارج"( ٤
،( أما الأساليب لتصدير الثورة فهي: "تطبيق الإسلام في إيران" (ص ٨٥
،( "العاملين في السفارات" (ص ٨٦ )، "مجلات الطلبة في الخارج" (ص ٨٧
،( "الاتحادات الإسلامية في الخارج" (ص ٨٩ )، "الزيارات الشعبية" (ص ٩٢
.( "الحجاج الإيرانيين" (ص ١٠٠
. ١) ص ٧٣ )
. ٢) ص ٧٤ )
. ٣) ص ٧٧ )
. ٤) ص ٧٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
230
أي أن الكتاب يحارب فكرة العمل الثوري العنيف "الانقلابي"، ويمشي وراء
سياسة خاتمي "الانفتاح الثقافي" و"حوار الحضارات"، ويتناسى الكتاب تاريخ
تصدير الثورة في تفجيرات مكة المكرمة أو حوادث اختطاف الطائرات أو
التفجيرات في دول الخليج وخاصة في الكويت أو حتى حزب الله في لبنان
وفروعه في الدول الأخرى.
وهذا يتماشى مع الخطة السرية كما سيتضح لنا فيما يأتي:
خطوات الخطة أو تحليل مضمون الخطة السرية:
- في مقدمة الخطة نجد التأكيد على أن تصدير الثورة هو أساس سياسة
إيران، ولذلك وضعت الخطة وليس لشئ آخر تقول الخطة: "فنحن وبناء
على إرشادات الزعماء الشيعة المبجلين، نحمل واجبًا خطيرًا وثقيلا وهو
تصدير الثورة"، "ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات"
.(٧ – (ص ٦
- وعن الدافع لذلك تقول الخطة: "لكن نظرًا للوضع العالمي الحالي والقوانين
الدولية لا يمكن تصدير الثورة، بل ربما اقترن ذلك بأخطار جسيمة مدمرة"
(ص ٧)، "والخطة التي رسمناها لتصدير الثورة خلافا لرأي كثير من أهل
النظر ستثمر دون ضجيج أو إراقة للدماء أو حتى رد فعل من القوى
.( العظمى" (ص ١٠
- أما العدو الأخطر لإيران فهو: "الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية"
(ص ٧). وسوف نعود لهذه النقطة فيما بعد.
- أما لمن أعدت هذه الخطة فهي لداخل إيران، ولذلك "يجب علينا أن نزيد
،( نفوذها في المناطق السنية داخل إيران وبخاصة المدن الحدودية" (ص ٩
.(١٤- وخارجها كما في صفحات ( ١٠
- ومن الواضح أن هذه الخطة قام على إعدادها مجموعة من الخبراء في
عدة مجالات، ولذا يظهر عليها الصبغة الاجتماعية والسياسية والتاريخية
مقالات في المشكلة الشيعية
231
والاقتصادية وهو ما يذكرك ببروتوكولات حكماء صهيون من حيث أن
فريقا أعدها وتناولت مواضيع عديدة!
.( - زمن الخطة خمسون سنة وليس ذلك بالوقت الطويل (ص ١٥
- أركان الخطة الأساسية تحسين العلاقات مع الآخرين (ص ١٤ )، وتهجير
.( عدد من العملاء إليه (ص ١٥
- الخطة حوت تحلي ً لا لعناصر القوة في الدول وهي "قوة السلطة، والعلم،
.( والمعرفة، والاقتصاد" (ص ١٠
- كذلك حوت الخطة تحلي ً لا لدول الجوار وعناصر التشكيل السكاني فيها
(ص ١٢ )، وما بعدها.
مجالات تطبيق الخطة:
.( أو ً لا: المدن والمناطق السنية في إيران (ص ٩
ثانيًا: الدول الأخرى التي يسهل فيها نشاط الشيعة مثل: تركيا والعراق
.( وأفغانستان وباكستان والبحرين (ص ١٨
ثالثًا: الدول الأخرى التي يصعب فيها نشاط الشيعة مثل: دول الخليج
.( باستثناء البحرين والأردن ومصر وغيرها (ص ١٨
العمل في داخل مناطق السنة في إيران:
١. بزيادة النفوذ الشيعي في مناطقهم عن طريق إنشاء الحسينيات وتغيير
التركيبة السكانية بالهجرة الشيعية إليها وترحيل السنة منها وتغيير
.( الإدارات السينية فيها (ص ٩
٢. العمل في الدول السهلة يبدأ من المرحلة الثانية ضمن أربع مراحل
وسوف نفصلها في الفقرة التالية.
٣. العمل في الدول الصعبة يكون على خمس مراحل وكل مرحلة لها مدة
عشر سنوات.
مقالات في المشكلة الشيعية
232
المرحلة الأولى: يمكن أن نطلق عليها مرحلة التأسيس ورعاية الجذور وذلك
بالقيام بالخطوات التالية:
١. إيجاد السكن والعمل لأبناء المذهب الشيعي المهاجرين في هذه الدول.
٢. إنشاء العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال والمسؤولين
الإداريين في الدولة.
٣. محاولة خلخلة التركيبة السكانية عن طريق تشتيت مراكز السنة وإيجاد
تجمعات شيعية في الأماكن الهامة.
المرحلة الثانية: ويمكن أن نطلق عليها مرحلة البداية:
وهى العمل من خلال القانون القائم وعدم محاولة تجاوزه، ومحاولة
الحصول على إذن للأنشطة كي تعتبر فيما بعد وثائق رسمية، ومحاولة التسرب
إلى الأجهزة الأمنية والحكومية، والسعي للحصول على الجنسية للمهاجرين
الشيعة، وهذا يكون في النصف الأول. أما في النصف الثاني فيركز على الوقيعة
بين علماء السنة "الوهابيين" والدولة من خلال تحريض العلماء على المفاسد
القائمة وتوزيع المنشورات باسمهم! ووقوع أعمال مريبة! وإثارة الاضطرابات
بسبب ذلك، ثم تحريض الدولة عليهم. والذي يراد التوصل إليه هو إثارة أهل
السنة على الحكومات حتى تقمع تلك الحكومات أهل السنة. فيتحقق لهم ما يلى:
١. سوء ظن الحكام بكل المتدينين من أهل السنة وكل أنشطتهم .
٢. نمو الحقد والعداء بين الطرفين .
٣. ضياع مكانة أهل السنة وسلطتهم المادية والمعنوية .
٤. إحجام الحكام عن المساعدة في نشر الدين .
المرحلة الثالثة: ويمكن أن نطلق عليها مرحلة الانطلاق:
وعندها تكون قد ترسخت العلاقة بين الحكام، وهؤلاء العملاء "الشيعة"،
وزاد التغلغل في الأجهزة الحكومية والعسكرية مع عدم التدخل في الأنشطة
الدينية. ويرافق ذلك إبراز أن الشيعة مذهب لا خطر منه عليهم "أي الحكام"،
مقالات في المشكلة الشيعية
233
ليزداد التغلغل في أجهزة الدولة. ويأمل المخططون أن تكون القدرات الاقتصادية
والبنية التحتية في إيران قوية في ذلك الوقت ليضربوا اقتصاد هذه الدول السنية،
فتتحول رؤوس الأموال السنية إلى إيران مع إعطائهم الحرية في العمل
الاقتصادي في إيران من أجل المعاملة بالمثل فتزداد السيطرة على اقتصادياتهم
لأننا- الشيعة - نخطط لذلك وهم إنما يتحركون بشكل فردى ومن اجل الربح
فقط ).
المرحلة الرابعة: ويمكن أن نطلق عليها مرحلة بداية قطف الثمار:
ستكون أحوال الدول كالتالي: دول تشهد فرقة بين الحكام والعلماء
والاقتصاد على وشك أن ينهار والشعب ليس له ولاء لبلده بسبب الأحوال
السياسية و الاقتصادية . وسيكون عملاؤنا جاهزين لاستغلال الفرصة للوصول
إلى المناصب الحساسة والتقرب إلى الحكام أكثر وسوف نحارب المخلصين من
أهل السنة عن طريق الوشاية بهم وثمار ذلك كله:
- سيطرة عناصرنا على مقاليد الأمور.
- زيادة سخط أهل السنة على الحكام بسبب نفوذنا.
وعلى عملائنا الوقوف دائما مع الحكام وحث الناس على الهدوء وعدم
الفوضى ، وعليهم زيادة نفوذهم وشراء الأراضي والعقارات.
المرحلة الخامسة وهي مرحلة النضج:
تكون الدول قد فقدت مقومات القوة (الأمن، الاقتصاد، الهدوء)، والسلطة
تواجه اضطرابات شديدة. عندها سنقدم أنفسنا كمخلصين من خلال اقتراح
تشكيل مجلس شعبي لتهدئة الأوضاع ومساعدة الحكام على ضبط البلد وسيكون
عملاؤنا هم أغلب أعضاء المجلس؛ ولذلك تزداد النفرة بين العلماء والحكام
وبذلك تتحقق السيطرة على هذه البلدان ونتمكن من تصدير الثورة دون إراقة
دماء أو حرب. وإذا لم يتحقق هذا من خلال عمل هادىء فلا مانع عند ذلك من
إثارة ثورة شعبية وسرقة السلطة من الحكام.
مقالات في المشكلة الشيعية
234
الخلاصات العامة للخطة:
.( - الهدف تصدير الثورة وإيران بدون تصدير الثورة لا حياة لها (ص ٦
- هذا الهدف لا بد له من خطة وبرنامج مدروس ولو استغرق وقتا طوي ً لا
.( (ص ١٧
- المحور الأساسي هو تحسين العلاقات مع الآخرين وزرع العملاء بينهم
.( "المهاجرين" (ص ١٤
- الأسلوب الأساسي في تنفيذ الخطة هو ضرب العلماء بالحكام.
- الحكام هم أيضا أعداء للشيعة وليس العلماء فقط.
- يجب استغلال القانون والسلطة والتعاون معها وليس الصدام.
- الجمهور تبع للقوة السياسية أو الاقتصادية أو الإعلامية ويجب العمل
على امتلاكها.
- التقرب من الحكام نافع جدًا في الوصول إلى ما نريد.
- يمكن إثارة ثورة شعبية ضد السلطة حين يضمنون النجاح لصالحهم.
- ضرب الاقتصاد لهذه الدول يصب في صالحهم.
هذه حقيقة الخطة السرية والواجب على أهل السنة أن لا يقعوا في هذا الفخ
المنصوب لهم وهو العداء مع السلطات القائمة لأن هذا يصب في مصلحة
الشيعة.
وأن خطة مثل هذه لا يمكن محاربتها بالفوضى والارتجال وردود الأفعال ،
فالفوضى لا تغلب النظام.
وإن كسب السلطات جزء من الدعوة الإسلامية وعامل مهم في كسب
النصر على الشيعة.
ولذلك يجب مراجعة ودراسة كيفية تسرب الفكر الثوري الانقلابي لأهل السنة
في هذا الزمن الذي تخلى فيه اليساريون عن العنف الثوري ومن بعدهم الشيعة
وأصبح أهل السنة هم قادة العنف الثوري في العالم ، فكيف حصل هذا؟؟؟؟
مقالات في المشكلة الشيعية
235
وهل حقق هذا العنف مقاصده؟؟
وهنا يجب مراجعة كتاب نتنياهو "محاربة التطرف"، وكذلك مراجعة تجربة
العمل الجهادي في مصر لنرى هل نحن نتقدم إلى الأمام أم نحن نعمل في
تطبيق خطة العدو؟؟ أي عدو سواء كان العدو الغربي أو الشيوعي او الصهيوني
أو الشيعي.
مقارنه بين الخطة القديمة والخطة الجديدة
في كتاب "وجاء دور المجوس" لعبد الله محمد الغريب بين المؤلف خطة
الشيعة لغزو الخليج منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري، وهذه الخطة هي من
خلال دراسة المؤلف لتحركات الشيعة، والمؤلف من الباحثين المختصين بهذا
الشأن وسوف نذكر عناصر الخطة كما توصل إليها الغريب ثم نقارنها بالخطة
الجديدة.
:( عناصر الخطة القديمة( ١
١. التعاون مع الإنجليز في غزو الخليج.
٢. إقامة صلات مع شيوخ الخليج وهذا خاص بالتجار وأصحاب
المؤهلات.
٣. تدفق العمالة الإيرانية.
٤. احتكار بعض الأعمال كالمواد الغذائية والصيرفة وغيرها.
٥. تهريب السلاح وتخزينه ليوم الحاجة.
٦. التنظيم وله مظاهره:
- التغلغل في أجهزة الدولة الحساسة .
- الترابط في أي مؤسسة يتواجدون بها.
- إقامة الحسينيات.
.( ١) "وجاء دور المجوس"،( ص ٣١١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
236
- الإنفراد بأماكن خاصة بهم للسكن.
- التجنس.
ولو حللنا هذه الخطة نجد أنها تقوم على الأمور التالية:
- التعاون مع القوة الموجودة (الإنجليز وشيوخ الخليج).
- هجرة العملاء إلى هذه الدول (تدفق العمالة، التجنس، التغلغل في
الأجهزة الحساسة).
- السيطرة على الاقتصاد (الشراكة مع الحكام، احتكار بعض الأعمال).
- الاستعداد العسكري (تهريب السلاح).
- التنظيم والترتيب.
- إيجاد مراكز لهم (حسينيات، مناطق سكنية) .
المقارنة بين الخطة القديمة والخطة الجديدة:
- كان المدخل قديمًا هو التعاون مع القوة القائمة لعدم وجود مبرر لهم
بالتواجد بين أهل - السنة لكن المدخل الآن هو إقامة العلاقات الجيدة مع
الآخرين.
- هجرة العملاء لا تزال موجودة بسبب كونهم الأداة المنفذة للخطة.
- خطوة إقامة العلاقات الجيدة مع الحكام والتغلغل في دوائر السلطة
الحاكمة لا تزال قائمة.
- محاولة السيطرة على الاقتصاد موجودة في الخطتين.
- التنظيم والترتيب أساس نجاح الخطتين.
- الاهتمام بوجود تجمعات سكنيه خاصة بهم ليسهل عليهم العمل من
خلالها دون أن يشعر بهم أحد.
الشيء الوحيد الذي تغير هو العمل العسكري الذي لا نجده في الخطة
الجديدة ذلك أن الظروف الدولية الآن لا تتسامح مع هذا وتعده من الإرهاب
ولذلك يجب ترك هذا الأسلوب وتصديره إلى الأعداء "أهل السنة" وهذا ما حصل
مقالات في المشكلة الشيعية
237
للأسف. فهل نعمل نحن من خلال خطة العدو دون أن ندري؟ فبعد أن كان
الشيعة هم مصدر الخطر على الأنظمة السنية الحاكمة أصبح مصدره أهل السنة
وللأسف بواسطة الحركات المتطرفة كالقاعدة وغيرها.
تطبيقات الخطة الجديدة في واقعنا:
أو ً لا: تحسن العلاقات مع الآخرين مدخل الخطة
لقد حققت إيران نجاحًا كبيرًا حيث تحسنت علاقاتها بأغلب الدول الإسلامية
والعالمية حتى عقد في طهران مؤتمر القمة الإسلامي الثامن وهذا لم يكن ممكنا
في مرحلة الخميني، واستعادت إيران التبادل الدبلوماسي مع العديد من الدول
الإسلامية التي لم يكن لها علاقات من قبل بسبب الحرب العراقية الإيرانية، وهذا
تحقق دون أن تتنازل إيران عن شيء من سياستها الخارجية تجاه الجزر
الإماراتية مثلا أو أوضاع أهل السنة في داخل إيران أو زيادة التسلح ومحاولة
الحصول على قدرات نووية.
ولقد زار خاتمي السعودية كأول رئيس إيراني يزور السعودية بعد الثورة
وغيره من المسؤولين الإيرانيين الكبار الذين زاروا السعودية ومن هذا التحسن
تصريح وزير التجارة السعودي أسامة فقيه: "إن التهديدات الأمريكية ضد إيران
.( توطد العلاقات الإيرانية السعودية"( ١
ومن المعلوم أن السعودية هي العدو التقليدي لإيران سابقًا، ومع ذلك فإن
زيادة حجم النشاط الإيراني في السعودية بهذا المقدار يدل على مدى ما وصل
إليه في غيرها من الدول؛ فمن هذا النشاط الإيراني في السعودية احتفال السفارة
الإيرانية بذكرى الثورة الإيرانية الثالثة والعشرين في قصر الثقافة بالرياض
.( بحضور الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السابقة( ٢
.٢٠٠٢/٢/ ١) "الحياة" ٨ )
.٢٠٠٢/٢/ ٢) "الشرق الأوسط" ١٤ )
مقالات في المشكلة الشيعية
238
وكذلك عقد المعارض الإيرانية في السعودية حيث أقيم المعرض الرابع
.٢٠٠٢/٣/ للصناعات الإيرانية بالظهران في ٩
ومن ذلك أيضا مشاركة الوزير الإيراني السابق عبد الله مهاجراني في
فعاليات المؤتمر الدولي لحوار الحضارات الذي أقامته مكتبة الملك عبد
العزيز( ١)، ومن هذا أيضًا توقيع اتفاقيه أمنيه بين إيران والسعودية، وقد كتب أحد
المعلقين الإيرانين في صحيفة إطلاعات "الأخبار" مقا ً لا عن آثار ونتائج هذه
الاتفاقية فقال:
"نظرًا لما للسعودية من نفوذ سياسي واقتصادي بين الدول العربية وخاصة
منطقة الخليج فمما لا شك أن تدعيم العلاقات بين طهران والرياض سيؤدى إلى
تحسين العلاقات بين طهران وهذه الدول:
- التأثير الايجابي على العلاقات الإيرانية مع باكستان ومصر.
- الإقامة المناسبة لشعائر الحج.
.( - زيادة توافد الزائرين الإيرانيين للسعودية خاصة في موسم الحج"( ٢
وهذا يدل على مدى النجاح الإيراني في تطبيق الخطة حيث أن الإيرانيين
يحاولون الاستفادة من هذه الفرص في اللقاء مع الآخرين وتحقيق أي إنجاز ولو
كان صغيرًا، كما يقول محمد علي التسخيري أحد رجالات إيران الذين يمثلونها
في مؤتمرات وزراء الخارجية لمنظمة المؤتمر الإسلامي في كتابه "مع بعض
المؤتمرات الإسلامية لوزراء الخارجية" حيث يقول:
"ما زلنا نعتقد أن اشتراكنا في هذا المؤتمر كان ذا أثر إيجابي"( ٣)، وذلك
يبدو ردًا على بعض من ينتقد هذه المشاركة.
.٢٠٠٢/٣/ ١) "الشرق الأوسط" ٢١ )
.( ٢) "مجلة شؤون إيرانية" عدد ( ١٧ )
.( ٣) (ص ١١٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
239
ثم أخذ يعدد النجاحات التي نتجت عن المشاركة في هذا المؤتمر ومنها
"عرض وجهة النظر الإيرانية في مختلف القضايا"، "عقد لقاءات مع كثير من
وزراء الخارجية ورؤساء الوفود..."، "اللقاءات الصحفية".
ومن هذه النجاحات تحسين العلاقات مع مصر كذلك وهي من أهم الدول
العربية ولذلك تحرص إيران على إقامة العلاقات معها، وقد بدأت بعض
الخطوات في ذلك، ومنها تغيير اسم شارع في طهران يحمل اسم خالد
.( إسلامبولي مع بقاء لوحة جدارية تحمل صورته!( ١
وكذلك نجحت إيران في التقارب مع الأردن الذي كان أهم مناصر للعراق
في حربه مع إيران، ومن ذلك إعادة التبادل الدبلوماسي بين البلدين، وإنشاء
اللجنة الأردنية الإيرانية على مستوى الوزراء، وتوجيه الدعوة للملك عبدالله
الثاني لزيارة إيران، وعرض المساعدة الإيرانية في إعمار ضريح جعفر الطيار
بمنطقة المزار في محافظة الكرك، وكذلك المساعدة في مشروع جر مياه
.( الديسي. وهذا كله من نتائج سياسة "نبذ التوتر وبناء الثقة( ٢
ثانيًا: الوقيعة بين أهل السنة والحكام
إن هذا الأمر يتضح في تنصل إيران وأتباعها من ممارسة الإرهاب والتنكر
لماضيها الدموي وكذلك في الموقف من أحداث تفجيرات أمريكا وإليك بعض
الأمثلة :
( - في مجلة النور الشيعية التي تصدر من لندن كتب عبد المجيد الخوئي( ٣
أمين عام مؤسسة الخوئي الخيرية في لندن في الافتتاحية: "إننا شئنا أم أبينا نقف
١) أنظر مقابله مع د.عبد الجواد الريحاني حول موضوع العلاقات الإيرانية العربية في )
مجلة شؤون إيرانية عدد ١٦ نق ُ لا عن مجله إيرانية.
. ٢٠٠١ عن شؤون إيرانية عدد ١٧ /١٠/ ٢) مجلة إطلاعات" الإيرانية ٢ )
٣) والده الخوئي علامة الشيعة ومرجعهم المعاصر، قتل عبدالمجيد سنة ٢٠٠٣ م على يد )
أتباع مقتدى الصدر بالصحن الحيدرى بمدينة كربلاء!!
مقالات في المشكلة الشيعية
240
أمام نقطة تحول حاسم وفاصل بين أن نبني مواقفنا على أساس ماضينا المؤلم
فقط أو بناءً على وضعنا الحاضر ورؤية المستقبل وبمعنى آخر هل علينا أن
.( نسعى من أجل أن نلعب دورًا مسؤو ً لا في المرحلة القادمة"( ١
- وأيضًا أعدت مجلة "النور"( ٢) ملفًا عن الإسلام السياسي فقالت عن العنف
المسلح: "فقد ولج الساحة العربية من بوابة العمل الوطني تحرير الأرض تأسيًا
بتجارب الجزائر وفيتنام وغيرها لينمو ويزدهر في أتون الدعوة إلى تطبيق
الشريعة وأسلمة "المجتمع الكافر"، ثم عرض الملف للحركات السنية "الأفغان
العرب، الإخوان، الجهاد، طالبان، حركات الصومال واليمن، وقصة الظواهري،
وجماعة العدل والإحسان في المغرب".
ولم يذكر شيئًا عن حركات الشيعة في إيران أو الخليج أو لبنان أو باكستان
.( أو أفغانستان وكأن الإسلام السياسي هو سني فقط لا دخل للشيعة فيه( ٣
- لوحظ في السنوات الأخيرة أن العمل الشيعي المسلح قد توقف سواء ضد
الأنظمة السنية "مثل تفجيرات مكة أو محاولة اغتيال أمير الكويت أو خطف
طائرة الجابرية"، أو ضد الآخرين كالأمريكان "تفجير المارينز وغيرها".
- وفي نفس الوقت تصاعد العمل السني ضد الأنظمة في مصر والجزائر
ولبنان "حادثة الضنية"، وأيضُا العمل السني ضد الآخرين "تفجيرات الخبر
والرياض"، تفجير المدمرة كول في اليمن وغيرها من الأحداث.
فهل هذه الأعمال تدخل في قول الخطة "وفي النصف الثاني من هذه الخطة
العشرية يجب بطريقه سرية وغير مباشرة استثارة علماء السنة والوهابية ضد
الفساد الاجتماعي والأعمال المخالفة للإسلام الموجودة بكثرة في تلك البلاد،
. ١) " النور" عدد ١٢٥ )
. ٢) العدد ١٢٨ )
. ٣) مجلة "النور" العددان: ١٢٨ و ١٢٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
241
وذلك عبر توزيع منشورات انتقادية باسم بعض السلطات الدينية والشخصيات
المذهبية من البلاد الأخرى، ولا ريب أن هذا سيكون سببًا في إثارة أعداد كبيرة
من تلك الشعوب، وفي النهاية إما أن يلقوا القبض على تلك القيادات الدينية أو
الشخصيات المذهبية أو أنهم سيكذبون كل ما نشر بأسمائهم وسوف يدافع
المتدينون عن تلك المنشورات بشدة بالغة وستقع أعمال مريبة وستؤدي إلى
إيقاف عدد من المسؤولين السابقين أو تبديلهم".
وأترك المجال للقارىء الكريم أن يعيد قراءة هذه الفقرة ويفكر فيما يحدث
على الساحة هل له علاقة بهذا أم لا ؟؟
ثالثًا: استغلال القانون في تنفيذ الخطة
من الواضح اتخاذ الخطة طابعًا سلميًا للخطة وإتباع أساليب المجتمع المدني
"النقابات، المراكز، البعثات الصحفية والجامعية، تبادل العلاقات الدبلوماسية
والزيارات بين المسؤولين"، ووصول الإعلام الإيراني لهذه الدول من خلال
معارض الكتب وغيرها لعقد المؤتمرات، ومن الأمثلة على ذلك:
حالة مصر:
إعادة ترميم المساجد الفاطمية بإشراف زعيم البهرة تحت غطاء التصوف
فأعادوا ترميم ضريح السيدة زينب وبعض المساجد الأثرية، ثم أصبحت مراكز
لهم تقدم الخدمات للفقراء والأيتام في هذه الأحياء القديمة من القاهرة وهي من
.( الأحياء الفقيرة و مع هذه الخدمات تقدم الدعوة الشيعية( ١
وكذلك نشر الكتب الشيعية لمؤلفين مصريين معاصرين مثل صالح
الورداني والدكتور السيد فهمي الشناوي والدكتور أحمد راسم النفيس ومحاولة
إنشاء دور نشر لهم، وقد أصبح لهم كتاب في بعض الصحف والمجلات وحاول
١) راجع موقع ليلة القدر على الإنترنت مقال "جحافل الشيعة تزحف نحو معاقل السنة"، )
. وكذلك مجلة "التوحيد" المصرية العدد الثاني سنة ١٤١٩
مقالات في المشكلة الشيعية
242
،( أحدهم وهو المدعو الشيخ حسن شحاته أن يروج التشيع في خطب الجمعة( ١
ومن ذلك أيضًا سماح الأزهر بتوزيع كتب للشيعة بعد أن كانت تمنع
.( وتصادر( ٢
ولم ييأس الشيعة من محاولات إعادة إحياء "دار التقريب بين المذاهب" في
.( مصر، وكذلك اللقاءات المستمرة مع شيخ الأزهر ورئيس جامعة الأزهر( ٣
وكانت مجلة النور( ٤) قد ردت على أحد الكتاب الشيعة المصريين يستنكر عدم
تناول المجلة أحوال شيعة مصر بعد اعتقال مصر لرموز الشيعة فقالت المجلة
ترد عليه: "ننشر لك رأيك موضحين أن النور تبتعد عن الإثارة وتتوخى الدقة
والموضوعية خصوصًا في أمور حساسة كالتي وردت في رسالتك" ؟؟؟
حالة السودان:
العمل الشيعي في السودان بدأ بالمنح للدراسة في طهران ثم تطور إلى ما
يعرف بالمراكز الثقافية الإيرانية وبعد ذلك أنشأت السفارة الإيرانية جمعية
الصداقة الإيرانية السودانية. وأصبح للشيعة في السودان العديد من المراكز
الرسمية سوى المراكز السابقة مثل المكتبات العامة والمدارس والمعاهد وبعض
.( المؤسسات الاقتصادية وهذا كله تحت مظلة القانون( ٥
حالة الأردن:
ليس في الأردن شيعة إلا حديثًا، واغلب الشيعة الموجودون هم من
العراقيين. بدأوا يمارسون نشاطهم في مدينة الكرك (عند مقام جعفر) تحت
.١٩٩٦/١١/١– ١) مجلة الوطن العربي عدد ١٠٢٦ )
.٢٠٠١/٦/ ٢) "الشرق الأوسط" ١٠ )
٣) انظر مجلة "الأزهر" باب أخبار الأزهر وشيخ الأزهر في أعداد مايو ٩٩ أغسطس ٩٩ )
. يوليو ٢٠٠٠ يوليو ٢٠٠١ و مجلة النور عددي ١٢٣، ١٢٢
. ٤) عدد ٦٩ عام ١٩٩٧ )
. ٥) مجلة "البيان" عدد ١٦٦ )
مقالات في المشكلة الشيعية
243
إشراف الدولة. وكذلك للسفارة الإيرانية نشاط كبير في إقامة معارض الكتاب
الإيراني في بعض الجامعات، وزيارات المسؤلين الإيرانيين للأردن قوية وتلح
إيران على التساهل في منح التأشيرات للإيرانيين وفتح خط جوي مباشر بين
البلدين .
ويبلغ عدد الذين يحضرون مراسم عاشوراء حوالي ١٦ ألفًا، وهم ينفذون
الخطة التي تنص على: ("يجب حث الناس على احترام القانون وطاعة منفذي
القانون وموظفي الدولة والحصول على تراخيص رسمية للاحتفالات المذهبية
وبكل تواضع وبناء المساجد والحسينيات لأن هذه التراخيص سوف تطرح
.( مستقبلا عًلى اعتبار أنها وثائق رسمية( ١
حالة الكويت:
من تطبيقات هذه النقطة (استغلال القانون) مطالبة الشيعة بإنشاء دائرة
.( للأوقاف الشيعية( ٢
والخلاف بين الشيعة في الكويت حول الأوقاف خلاف بين أتباع
الإصلاحيين والمحافظين الذين وصفهم خاتمى ب (المتحجرين)( ٣)، وأتوقع أن
تكون هذه الدائرة بداية للمطالبة بالاستقلال عن السنة في كل شيء على غرار ما
حدث في لبنان سابقًا (مجلس شيعي أعلى، دائرة إفتاء وغيرها)، ثم تكون هي
صاحبة الكلمة العليا ذلك أن القائمين على أمور الشيعة هم علماؤهم الذين هم
القادة أيضا بينما أهل السنة القائمون على هذه الإدارات غالبًا موظفون.
ومن ذلك أيضا مطالبة الشيعة بعطلة رسمية في يوم عاشوراء وبث
.( الاحتفالات على التلفاز تعبيرا عن الوحدة الوطنية( ٤
. ١) ص ١٩ )
.٢٠٠١/٥/ ٢) الوطن الكويتية ١٠ )
.٢٠٠٢/٣/ ٣) السياسة الكويتية مقابلة مع القلاف ١٣ )
.٢٠٠٢/٣/ ٢٠٠٢ - الوطن ٢٣ /٣/ ٤) الرأي العام ٢٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
244
حالة البحرين:
بعد أن كانت الشيعة تتزعم المعارضة البحرانية وهى منفية في الخارج
ومطاردة في الداخل أصبحت تتواجد في البحرين على شكل جمعيات سياسية
.( ويؤخذ رأيها في الميثاق الوطني وتعديل الدستور( ١
وقد أصبح لهم خمس جمعيات هي: العمل الوطني الديمقراطي، الوسط
العربي الإسلامي الديمقراطي، المنبر الديمقراطي التقدمي، المنبر الوطني
.( الإسلامي، الوفاق الوطني الإسلامية( ٢
ومن النجاحات في هذا الأسلوب عزم وزير التربية على تدريس المذاهب
والفقه المقارن في المعهد الديني وتخصيص مدرسين من كل مذهب لتدريس
.٢٠٠٢/٢/ مذهبه مع تعديل المناهج لتناسب ذلك . وكالة الأنباء الشيعية ٥
وقد تقرر لأول مرة في البحرين نقل مراسم عاشوراء على أجهزة إعلام
.٢٠٠٢/٣/ الدولة بأمر ملكي. وكالة الأنباء الشيعية ٢٥
حالة لبنان:
من المعلوم أن الشيعة لم يكن لهم كيان في لبنان قبل مجيء موسى الصدر
إلى هناك في عام ١٩٥٨ ، وأسس المجلس الشيعي في عام ١٩٦٦ ، وأصبحت
.( الشيعة طائفة معترفًا بها رسميا في لبنان( ٣
وبعد ذلك أسس الصدر حركة المحرومين ( أمل ) التي انبثق عنها حزب
. الله عام ١٩٨٢
- ولقد كان توجه حزب الله هو معاداة الدولة اللبنانية في الفترة ١٩٨٥
١٩٩٠ ، وذلك من خلال رسالته المشهورة ولكن تغيرت هذه المعادلة مع وفاة
الخميني وبزوغ سياسة إيران الجديدة، ولذلك تم تغيير رئيس حزب الله من
.٢٠٠١/٦/ ١) الشرق الأوسط ٤ )
.٢٠٠٢/٣/ ٢) الشرق الأوسط ١٠ )
.( ٣) راجع "حقيقة المقاومة" (ص ٥٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
245
صبحي الطفيلي (صاحب ثورة الجياع في الجنوب)، إلى عباس الموسوي وبعده
حسن نصر الله ولذلك شارك حزب الله في الانتخابات اللبنانية عام ١٩٩٢ ، وما
بعدها، وكذلك بدأ يشارك في كافة الانتخابات النقابية والطلابية( ١)، وأثمرت هذه
.( السياسة الجديدة للحزب فأصبح أهم الأحزاب الدينية في الشارع العربي( ٢
.( "ونجح في ما فشلت فيه الجيوش العربية"( ٣
ومن هذه الثمار أيضا مشاركة حزب الله في مؤتمر الأحزاب العربية وفتح
قنوات اتصال مع الجامعة العربية مؤخرًا.
رابعًا: تطبيقات جزئية للخطة:
(أ) محاولة إيجاد تجمعات سكنية خاصة لهم:
- قامت السلطات الإيرانية بتغيير تركيبة تجمعات أهل السنة في إيران بعد
.( وضع الخطة( ٤
- في الأردن قام زعيم البهرة بشراء منزل له عند مقام جعفر بمدينة
الكرك ويخشى أن يكون هذا بداية لإنشاء تجمع لهم وذلك أنه يقوم
بتوزيع الأموال على القائمين على المقام.
- في مصر كذلك نشاطهم في الأحياء القديمة و الفقيرة.
- في السعودية لهم مناطق خاصة في المدينة والشرقية وغيرها.
. - في الكويت كذلك من المعروف أن لهم أحياء خاصة ٥
- في البحرين لهم قرى خاصة بهم.
.٢٠٠١/٥/ ١) "اللواء الأردنية" ٣٢ )
. ٢) مجلة "النور" عدد ١٢٨ )
.٢٠٠٠/٦/ ٣) المجلة ١٠ )
٤) انظر تعليق د. عبد الرحيم البلوشي – من علماء السنة في إيران - على الخطة )
. ص ١٠
.( ٥) راجع "وجاء دور المجوس" (ص ٣٢٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
246
(ب) التجارة والاقتصاد:
فعلت إيران الكثير في موضوع المعارض الإيرانية التجارية والصناعية في
البلدان الأخرى، وكذلك نجد أنهم يمدون نشاطهم الاقتصادي في بعض الدول
كالكويت ومناطق من السعودية، وفي الأردن أصبح العديد من المصانع في
المناطق الصناعية الكبرى لعراقيين شيعة وكثير من مصانع الأردن تعمل للسوق
العراقي فقط. وفي لبنان لهم العديد من المؤسسات الاقتصادية التي تدعم نشاطهم
بالإضافة إلى المؤسسات التي تقدم الإغاثة والإعانة للمحتاجين منهم!!
(ج) التجنس:
هذا موضوع هام؛ لأنه يسمح للإيرانيين بقيادة الشيعة في هذه البلدان
ويصبح الحديث ليس عن رعاية إيرانية لتجمعات شعبية بل مواطنين يطالبون
بحقوقهم السياسية!!
.(١) ومن ذلك في الماضي تجنس موسى الصدر في لبنان عام ١٩٥٨
والآن تجدهم في السعودية يحاولون أن تكون عملية الولادة في مناطق سنية
لتكون شهادة الولادة من مناطق السنة، وكذلك لتكون النسبة للمناطق السنية فيما
بعد (النجدي، وغيرها).
وأصبح لهم تواجد في الأجهزة العسكرية وكذلك بعض الوزارات( ٢). وهذا
بعد المصالحة مع الدولة مع نهاية حرب الخليج الثانية ١٩٩١ . وهنا يجب تذكر
كلمة عزمي بشارة (النائب في الكنيست) "دولة لكل مواطنيها"، أي أن المواطن
في أي دولة له الحق أن يكون منتميًا لأي طائفة وله كل الحقوق السياسية، وهذا
ما يستغله هؤلاء وغيرهم في الدول السنية دون أن يستفيد أهل السنة منه في
دولهم فضلا عن إيران وذلك لأننا مشتتون والله المستعان.
.( ١) "وجاء دور المجوس" (ص ٤١٠ )
٢) مقال "الرافضة في الخليج"، نشر في شبكة الفجر على الانترنت. )
مقالات في المشكلة الشيعية
247
الخاتمة:
بعد أن عرفنا أن هذا الأسلوب الجديد هو لزيادة انتشار الثورة الشيعية لكن
دون دماء أو ضجة، وأن خاتمي يعمل لمصلحة إيران والشيعة قبل كل شيء.
وأن هذه الخطة هي تعديل لخطة قديمة، وقد نجحت الخطة الجديدة في
مواقع كثيرة ، فما هو موقف أهل السنة من ذلك؟؟
أعتقد أنه يجب علينا أن نفعل الآتي:
- زيادة الاهتمام بدراسة السياسة الخارجية لإيران وتطورات الفكر الشيعي
وتياراته لمعرفة توجهاتهم مبكرًا وكذلك الاستفادة من الصراعات الداخلية بينهم.
ومن الوسائل المساعدة في ذلك المجلات المختصة بإيران والسياسة مثل
السياسة الدولية ومختارات إيرانية وبعض الإصدارات عن المراكز المختصة
كمركز الإمارات .
- مراجعة عميقة لموضوع العلاقة بين أهل السنة والحكام من تجارب
السابقين والمعاصرين ونشرها بين الشباب الملتزم بوضوح حتى لا
نقع دائما في فخ الخصوم بحسن نية.
- لابد أن يقدم أهل السنة البديل وملء الفراغ الذي يحاول الشيعة أن
يسدوه من العمل الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي في العديد
من الدول.
- لا يجوز أن تبقى دعوة أهل السنة محصورة بطلبة العلم والدعاة بل
لابد أن يكون لكل مسلم سني دور في هذه الدعوة من خلال أن معرفة
موقعه كسني أولا ويتصرف على ضوء مصلحة أهل السنة والدين
ثانيا في كل أنشطة حياته.
هذه صرخة في سبيل الله ، نسأل الله تعالى أن يجعل لها قبولا عند أهل
السنة، والحمد لله رب العالمين.
مقالات في المشكلة الشيعية
248
( من الذي ينفذ المخطط الأمريكي في المنطقة؟( ١
تتصاعد بعض الأصوات مطالبة أهل السنة بالوعي وعدم الانجرار في
صراع مع إيران، بحجة أن هذا الصراع لا يخدم سوى المخطط الأمريكي
للمنطقة؛ وذلك أن اشتعال صراع طائفي هو مطلب وحاجة أمريكية صهيونية،
لتشتيت القوى الإسلامية عن صراعها الحقيقي.
وبعضهم يتعالم على أهل السنة، بتخطئتهم في تعاونهم مع أمريكا في
أفغانستان، وكذلك دعمهم للعراق في حربه مع إيران.
ولنحاول مناقشة هذه الرؤية في النقاط التالية:
- نقر أهل السنة بوجود صراع حقيقي بين المشروع الأمريكي والمشروع
الإيراني الصفوي.
- وليس من المصلحة في شيء إثارة حرب طائفية بين السنة والشيعة.
لكن من الذي ساعد أمريكا في الاعتداء على الأمة سواء في العراق
وأفغانستان؟ أهل السنة أم المشروع الصفوي لمصالحه الطائفية؟
لماذا المشروع الصفوي في صراعه مع المشروع الأمريكي، يعتدي على
أهل السنة؟ أليس الأجدى له تحييد السنة؟ من الذي يمارس التطهير الطائفي
والقتل على الهوية ونشر طائفيته في البلاد السنية؟
لماذا يطلب من أهل السنة السكوت عن الاعتداء الصفوي عليهم؟ ولا
يطالب المجرم المعتدى بالكف عن إجرامه؟
هل نبقى مكتوفي الأيدي حيال المشروع الصفوي، الذي لم يستجب لكل
الدعوات الموجهة له، بالكف عن الاعتداء على أهل السنة؟ لماذا تستغل إيران
بعض أجزاء المخطط الأمريكي لمصلحتها، وتشعل حربا طائفية لتحقق بها
سيطرتها، ومن ثم نتهم أهل السنة أنهم المنفذون للمخطط الأمريكي؟!
.٢٠٠٧/١/ ١) مجلة العصر ٢٠ )
مقالات في المشكلة الشيعية
249
أهل السنة حين تعاونوا مع أمريكا في أفغانستان والعراق، فقد كان ذلك
لحمايتهما، والحفاظ عليهما وهو ما حدث، لكن حين تعاون المشروع الصفوي
مع المشروع الأمريكي، فقد كان لإزالتهما وتدميرهما وهو ما حصل!!
من الذي دخل في ركاب المحتل الأمريكي في أفغانستان والعراق؟ أليس هم
قادة وأحزاب الإخوان المسلمون! ومن الذي يقود مقاومة المشروع الأمريكي
هناك أليسوا هم أهل السنة!
الخلاصة: نحن لسنا جزءًا من المشروع الأمريكي ولا معنيين بتحقيقه،
ولكن نحن نرفض أن يعتدي المشروع الصفوي على حقوقنا ومقدساتنا، بحجة
الصراع مع المشروع الأمريكي.
لتكف إيران عن الاعتداء علينا في العراق ولبنان والخليج وحتى في إيران
نفسها، ولتكف عن التنكيل بأهل السنة والعرب الشيعة، فنكف نحن عن التصدي
لها ومقاومتها، ولتكمل صراعها مع المشروع الأمريكي بطريقتها، ونحن نستمر
بمقاومة المشروع الأمريكي بطريقتنا.
لكن أن يقوم المشروع الصفوي بحربنا وقتلنا والتنكيل بنا بذريعة صراعه
مع أمريكا، ويراد لنا أن نقف مكتوفي الأيدي، فهذا ما يجب أن تفهم إيران أنه
لن يكون، ويجب أن يفهم المروجون له، أن هذا هو قمة الغباء إن لم يكن
الخيانة.
مقالات في المشكلة الشيعية
250
( إيران وفصل جديد في مسرحية "آيات شيطانية"( ١
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعًا أبشر بطول سلامة يا مربع
هذا هو حال سلمان رشدى وإيران، فرغم أن فتوى الخميني بقتله صدرت
١٩٨٩ إلا أن سلمان رشدي لا يزال يتنفس الهواء لليوم، وبقاء رشدي /٢/ في ١٤
حيًا ليس لبطولة فيه أو ضعف في إيران كلا، بل سبب بقاء رشدي حيا هو أن
هذه الفتوى ليست سوى مسرحية إعلامية لغايات جذب التأييد السياسي لإيران
من المسلمين كافة، وعلى هذا المنهج المسرحي الإعلامي جاءت تصريحات
نجاد ضد المحرقة ووجود إسرائيل!!
التصرف الملكي البريطاني بمنح رشدي درجة فارس تصرف لا ينبع إلا
من غباء مطلق أو عداء شديد ، وكان هذا التصرف سببا لفصل جديد في هذه
المسرحية بالتأكيد على الفتوى!!
لنفهم هذه المسرحية وأبعادها ودلالاتها سنقف عدة وقفات معها:
الوقفة الأولى: قدرة إيران
من المعلوم للجميع قدرة إيران على إلحاق الأذى بخصومها أفرادًا كانوا أو
حكومات ودول.
فتاريخ الجمهورية الإسلامية وأذرعها المختلفة داخليًا وخارجيًا يحوى سج ً لا
يبدأ بالمحاكمات الثورية للشعب الإيراني ويصل للإرهاب والتفجير في أطهر
بقعة وهي مكة وقت الحج ولعدة مواسم، ويمر بمحاولة اغتيال أمير الكويت
السابق ويشمل أحداث شغب في البحرين ودعم للحوثيين اليوم في اليمن، ناهيك
عن عمليات الاغتيال للمعارضين والمخالفين في داخل إيران أو خارجها وتبقى
المرحلة اللبنانية في الثمانينات نموذجًا يعاد تكراره اليوم في العراق بصورة
متقدمة بأشواط عبر فرق الموت والميلشيات الطائفية الشيعية.
.٢٠٠٧/٦/ ١) مجلة العصر ٢٩ )
مقالات في المشكلة الشيعية
251
وقد ظهرت مؤخرًا جثث لطيارين عراقيين مقتولين كتب عليها "هذا جزاء
كل من يضرب جزيرة خرج". وجزيرة خرج جزيرة إيرانية قصفها الطيران
١٩٨٨ ، وتشير الإحصاءات - العراقي خلال حرب الخليج الأولى ١٩٨٠
العسكرية الرسمية لوزارة الدفاع العراقية أن ١٨٢ طيارًا سابقا و ٤١٦ ضابطًا
، عسكريا برتبة كبيرة بالجيش العراقي السابق قد قتلوا حتى شهر شباط ٢٠٠٦
فهذه نماذج من قدرات إيران على إلحاق الأذى بخصومها.
فلماذا ومع قدرة إيران لم تنفذ فتوى الخمينى ؟ ولماذا تعلن هذه الفتوى إذا
كان القصد منها قتله؟ هل من يريد قتل معارض له يعلن عن ذلك في وسائل
الإعلام؟
وقد سبق أن غضت إيران الطرف عن الانتقام لموسى الصدر رغم البيانات
والتهديدات وذلك لأن مشروع الصدر كان مغايرأ لمشروع الخميني!!
الوقفة الثانية: ما هو المزعج في رواية رشدي لإيران والخميني؟
جاء في الفتوى التي أصدرها الخميني مؤلف الكتاب المعنون "الآيات
الشيطانية" الذي ألف وطبع ونشر ضد الإسلام والنبي والقرآن، وذلك أن رشدى
تطاول على كافة المقدسات وكما يقول فهمي هويدى عن الرواية كانت "فحشًا
غير مألوف وغير مسبوق يتمثل في أن المؤلف لم يترك رمزا من رموز
الإسلام إلا وسبه وهتك حرمته بأبذأ الألفاظ من النبي إلى القرآن إلى الملائكة
إلى زوجات الرسول وصحابته. وهو لم يترك لنا مجالا للالتباس وإنما أشار إلى
الجميع بأسمائهم الصريحة ".
وهنا نتفاجأ من أن ما فعله رشدى وكفره عليه الخمينى وأباح قتله عليه هو
شيء عادى في التراث الشيعي القديم والمعاصر؛ من شتم وتحقير بل ونفي
الإسلام عن أمهات المؤمنين والصحابة!!
فهذه الفضائيات الشيعية لا تخفي سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأمهات المؤمنين، وهذه مجلات وكتب وأقراص ومواقع الإنترنت الشيعية
مقالات في المشكلة الشيعية
252
تنضح بما هو أشد من جريمة رشدى؛ من قراءة آيات محرفة أو لعن العشرة
المبشرين بالجنة علمًا أن منهم علي بن أبى طالب كما هو صنيع حسن شحاتة
المتشيع المصري.
وكثير من الناس صدموا حين استمعوا لداعية شيعي كويتى يدعى ياسر
الحبيب وهو يوضح حقيقة ترتيب أعداء الشيعة فجعلهم كالتالي : عمر بن
الخطاب ، أبا بكر ، إبليس ، إسرائيل!!
وليس الغريب فقط هو ما يقوله وينشره ياسر الحبيب بل العجيب أنه لم
يصدر أحد من الشيعة للآن فيه بيان براءة أو تنديد ، بل هو معظم ومقدر
عندهم!!
وكيف نستطيع أن نجمع بين فتوى الخمينى بتكفير رشدي وعدم تكفير غيره
ممن يقول مثله وأشد ؟ أليس هذا تناقض واضح ومسرحية يراد بها الضحك
على عقول المسلمين.
هناك تحليلات تقول أن سبب هذا التكفير لرشدي من قبل الخميني ليس
بسبب الطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين والقرآن، ولكن لأن رشدي طعن في
رموز التشيع؛ فقد طعن في سلمان الفارسي بشدة وأيضًا سخر من التراث
الشيعي.
فلذلك صدرت الفتوى بتكفيره ولم تنفذ لعدم الحاجة لذلك مع حصول الثمرة
من زيادة تأييد وتقدير الجماهير المسلمة لإيران سياسيًا.
الوقفة الثالثة: بين رشدي وأبي لؤلؤة المجوسي
حين صدرت فتوى الخمينى بقتل رشدي ثم تأسيس كتيبة لتنفيذ ذلك لكن
دون تنفيذ! بعد ذلك تخلت الدولة الإيرانية عن تطبيق الفتوى وتركتها للجماهير
والحركات الإسلامية، وأخيرا أعيد التأكيد من وزارة الخارجية الإيرانية على أن
٢٠٠٧ يوجد في - الفتوى لا تزال قائمة، طوال هذا الوقت الطويل من ١٩٨٩
إيران مزار وضريح لقاتل عمر بن الخطاب وهو أبو لؤلؤة المجوسي ويقام عند
مقالات في المشكلة الشيعية
253
مزاره باعتباره وليا مباركا بسبب قتله لعمر بن الخطاب الاحتفالات
والمهرجانات!!
ومن تابع في الشهور الماضية موضوع مزار المجوسي رأى نموذج التقية
الشيعية، حيث أن الشيخ التسخيري الأمين العام لمجمع التقريب! قد حاول إنكار
وجود هذا المزار والتهوين من شأن تعظيمه في إيران( ١)، ومؤخرأ أرسل
التسخيري رسالة للدكتور محمد العوا الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين جاء فيها: (أود إعلامكم بأن جهودنا أثمرت والحمد لله بإغلاق باب من
أبواب الفتنة، فقد رؤي أن قبرا لأحد الدراويش القدامى حوله بعض العوام إلى
قبر للمجوسي أبي لؤلؤة وراحوا يحيطونه بشيء من العناية، ولكن المسؤولين
هنا أغلقوا الطريق عليهم ومنعوا من تحقق مآربهم وأرجو أن يمحى تمامًا من
الوجود).
ولاحظ هنا اللغة الدبلوماسية الشيطانية وليست الإسلامية حيث لا تستطيع
أن تأخذ من هذه الرسالة معلومة واضحة، فليس فيها اعتذار عن تقصير في حق
المسلمين بالاحتفال والتعظيم لقاتل الفاروق، وليس فيها تنديد بهؤلاء الناس،
وبيان أن هذا كفر بالله وذلك أن الفاروق شهد له القرآن والرسول بالإيمان
والجنة، والفرح بقتله تكذيب للقرآن والرسول!!
وليس في الرسالة إغلاق أو هدم للمزار بعكس ما أشيع كما كان ينبغي أن
يكون الحال ، ولولا أن القضية أثيرت إعلاميا لما كانت هذه الرسالة من
التسخيري، فهل من يفرحون بقاتل ابن الخطاب يقصدون قتل من سب الفاروق
وأصحابه في رواية؟؟
الغريب أن بيان اتحاد علماء المسلمين ضخم هذه الخطوة الإيرانية أكثر من
اللازم!
٢٠٠٧/١/ ١) في مقابلته مع موقع العربية بتاريخ ٢٤ )
مقالات في المشكلة الشيعية
254
الوقفة الرابعة: الموقف الحقيقي للشيعة وإيران من انتقاد السيستاني
قبل شهر تقريبا شن الشيعة وإيران حملة على قناة الجزيرة والإعلامي
المعروف أحمد منصور مقدم برنامج بلا حدود بسبب تناوله مواقف السيستاني
السياسية بالنقد والتي فضحها بريمر الحاكم الأمريكي السابق للعراق في كتابه
"عام قضيته في العراق".
وشملت قائمة المحتجين: البرلمان الإيراني، و ١٠٠ شخصية شيعية
سعودية، حكومة العراق، وبيانات من غالبية التجمعات الشيعية في المنطقة
العربية. وذلك لإيجاد حصانة غير حقيقية ولا شرعية لمراجع الشيعة في الوقت
الذي تستباح فيه أعراض ودماء مراجع أهل السنة عبر بث الأفكار الطائفية في
القنوات الفضائية الشيعية ضد أصحاب رسول الله أو الاحتفال بقاتل أحد
المبشرين بالجنة، فلماذا يسمح بالنقد لمراجع السنة مثل شيخ الأزهر أو إمام
الحرم وهيئة كبار العلماء ، وتناولها في وسائل الإعلام - وهم على حق غالبا-
في حين أن التعليق على مواقف مراجع الشيعة محرم وخط أحمر وهم على غير
الصواب!!
الخلاصة أن فتوى قتل رشدي مسرحية لجذب وكسب التأييد السياسي
لإيران ، لكن الموقف الحقيقي الحاسم والجازم هو ما تجلى في موضوع نقد
مراجع الشيعة مما أثمر عن بيان اعتزاز واحترام من قناة الجزيرة للمراجع
الشيعية ومنها السيستاني!!
مقالات في المشكلة الشيعية
255
( الثورة الماركسية للخميني قتلت محمد باقر الصدر وموسى الصدر( ١
لاشك أ ن العنوان غريب على أذهان الكثيرين لكنها الحقيقة التي لابد من
معرفتها.
وحتى نصل إلى هذه الحقيقة لابد لنا من تعلم بعض القواعد في فهم حركة
التشيع السياسية التي من عرفها يمكن له فهم ما جرى وتوقع ما سيجري.
القاعدة الأولى: الشيعة ليسوا كتلة واحدة بل هم كتل متباينة على مستويات متعددة
.[ وهذا تطبيق لقوله تعالى: {تَحْسب همْ جمِيعا وُقُلوب همْ َ شتَّى} [ الحشر: ١٤
فهم ينقسمون إلى إخبارية وأصولية في المذهب.
ومحافظين وإصلاحيين في السياسة.
وعرب وفرس وترك في القومية.
وفى الحكم ولاية الفقيه أو شورى الفقهاء أو ضدهما!
وفى التغير ثورية ماركسية أو ديمقراطية ليبرالية.
ويمكن إيجاد فوارق أخرى بالتأمل والبحث ، والمهم هو إيضاح تفرقهم
وخطأ التعامل معهم على أنهم كتلة موحدة .
القاعدة الثانية: هذه الاختلافات قد تتقاطع أو تتوازى أحيانا
فقد يكون الشخص أصوليًا ، فارسيًا ، يؤمن بشورى الفقهاء، ديمقراطيًا
معاديًا للشيوعية مثل الشيرازي.
وآخر أصولي فارسي يؤمن بولاية الفقهاء ثوري متعاون مع الشيوعيين
مثل الخميني.
فهما أصوليان فارسيان لكن منهجهما في الحكم والتغير متعارضان وقد
يكون السبب التنافس الشخصي أو البيئة المختلفة (الشيرازي/ العراق، الشيوعية
قوية وحاكمة )، ( الخميني/ إيران، الرأسمالية قوية وحاكمة).
١) موقع أنصار الحسين. )
مقالات في المشكلة الشيعية
256
فالعداء مث ً لا بين الشخصين والمنهجين كان قويًا وحادثة وفاة الشيرازي
واعتداء الإيرانيين على جثمانه مثال على ذلك.
القاعدة الثالثة: هناك صراع قوي وحقيقي بين هذه الأجنحة المختلفة
كما سبق في مثال وفاة الشيرازي وهذا تطبيق قوله تعالى: {تَحسَب هم جَمِيعًا
وَُقُلوب هم َ شتَّى} [ الحشر: ١٤ ]، وهذا أمر مشاهد ومعلوم قديما وحديثا لكن غير
مستفاد منه في حركة أهل السنة في جهاد الروافض.
القاعدة الرابعة: ليس شرطا في كل شيعي فقد يكون الشيعي ولو كان مرجع كبير
مغفل كبير!
البداية اليهودية للتشيع أمر معروف والتشابه بين التشيع واليهودية في
الأفكار والأعمال قد الفت فيه كتب منها "بذل المجهود في إثبات مشابهة
الرافضة لليهود" لعبد الله الجميلي ، لكن هذه اليهودية ليست مطردة فيهم كلهم.
فالذين يدركون إبعاد المشروع اليهودي/الشيعي بعض شخصياتهم ،وهؤلاء
غالبًا ليس لهم أصل ونسب واضح ١ ، أو من يأتي بتطوير في المذهب كالخميني
أيضا!!
القاعدة الخامسة: من طبيعة الأمة اليهودية أنها تنجب دوما مذاهب وأفكارًا جديدة
تلائم الوضع المعاصر
من هذه المذاهب الجديدة الشيوعية ونسبتها لليهودية ليس موضع جدال
ونقاش ، ويبقى البحث عن العلاقة التي سوف تكون بين الأبناء وفهمها حتى لا
نقع ضحية الجهل والسطحية.
والعلاقة المفترضة بين التشيع والشيوعية لا تعنى الإلحاد – وان كان
التشيع في حقيقته مذهب ملحد لا يؤمن بالرب بل ببشر يقومون بدور الرب –
بل المقصود هو التعاون لتحقيق الأهداف اليهودية من خلال أشكال متعددة
فاليهودية ترى أنهم أبناء الرب والكل خدم لهم ولهم حكم العالم والتصرف به.
.( ١) كما يقول د. موسى الموسوي عن الخميني في كتابه "الثورة البائسة" (ص ١٤٨ )
مقالات في المشكلة الشيعية
257
والتشيع هو مناصرة آل البيت – زعموا – حتى يحكموا العالم ويظهروا
عندها القرآن الحقيقي أو الوحي الغائب وعندها سيحكمون بشريعة داود ويقتلون
العرب وقريش!!!
والشيوعية هي أن يحكم الشعب! نفسه من خلال الحزب والحزب تحكمه
اللجنة المركزية واللجنة كلها أو أغلبها يهود لأنه لا فوارق دينية بين الشعب!
وهكذا تتحقق الأهداف ولا يهم من الذي وصل إليها أولا .ً
ولا يعنى هذا أن كل شيعي يفهم هذه العلاقة ويعمل من خلالها بل هناك
الكثير من الشيعة يحارب الشيوعية لعدم فهمه للأصول اليهودية للتشيع، وهذا
يقع عند السنة أن يحارب بعضهم أمورًا هي أسباب تمكينهم مثل فقه الواقع أو
التنظيم والعمل الجماعي وغير ذلك فهذا هو الشذوذ الذي يؤكد القاعدة.
وبعد عرض هذه القواعد أفصل في مقصد البحث وهو الثورية الماركسية
عند الخميني وكيف أنها كانت السبب في قتل زعيمين بارزين في الشيعة هما
"محمد باقر الصدر" و"موسى الصدر" لأنهما يحاربان الشيوعية والمسلك
الثوري، ويملكان (تنظيمين) يمكن أن يعيقا الخطة الخمينية (تصدير الثورة).
أولا :ً الأدلة على ثورية الخميني الماركسية الشيوعية
المقصود هو أن جوهر سياسة وفكر الخميني هو"نظرية العنف الثوري" في
العمل السياسي، وهذا التوجه اليساري للثورة الإيرانية يصطدم بكل وضوح مع
الفكر الديمقراطي أو الليبرالي، ومع من يحملون هذا الفكر، ولذلك يجب إزالتهم
من الطريق.
١- الدكتور موسى الموسوي: شيعي إيراني معاصر للخميني، بل كان
على علاقة جيدة معه وكان من المشاركين في صنع الأحداث كتب كتابه الثورة
،( البائسة ليبين حقيقة هذه الثورة فذكر تعاون الخميني مع حزب توده الشيوعي( ١
. ١) ص ٣١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
258
وأنهم الذين احتلوا السفارة الأميركية( ١)، وذكر شيوعية الثورة الخمينية
صراحة( ٢)، وبين الممارسات الثورية الشيوعية من القتل الدموي وانتهاك
الأعراض في المحاكمات الثورية( ٣)، وحكم عليه فقال:
(لا أجد صعوبة في رمي الخميني بالشيوعية مع ما عليه من الطيلسان
.( والعمة والرداء)( ٤
٢- نص الدستور الإسلامي! للجمهورية الإيرانية على أصول شيوعية منها:
( * التأميم في المادة ( ١٠٨ )، من الطبعة الأولى والآن أصبحت مادة ( ٤٤
تنص على تأميم الصناعات الكبرى والصناعات الأم والتجارة الخارجية والمناجم
الكبيرة والعمل المصرفي والتأمين والطاقة والسدود ...
* كانت المادة ( ١١٧ ) تنص على ثورية الدولة ثم رفعت منه وكان
خامنئى قد صرح بمناسبة مرور عام ونصف على الثورة عن أهداف الثورة
فقال: (أول أهداف حزبنا هو بث التوعية الإسلامية السياسية والتربية الثورية
.( بين صفوف الشعب الإيراني)( ٥
٣- التعاون المطلق مع الشيوعيون بكل ألوانهم قبل الثورة وأثنائها وبعدها.
وهذا ذكره كل من تحدث عن الثورة الإيرانية مثل:
- سامي ذبيان في كتابه "إيران والخميني"( ٦) الذي عدد أسماء التنظيمات
اليسارية التي دعمت الخميني.
. ١) ص ١٠٣ )
. ٢) ص ١٧١ )
. ٣) ص ١٣٦ )
. ٤) ص ١٧٤ )
. ٥) مجلة الوطن العربي عدد ١٠٩ )
. ٦) ص ١٧ )
مقالات في المشكلة الشيعية
259
ويقول عن المفاهيم التي تحملها الثورة أنها (يسارية ماركسية إلى يسارية
عروبية إلى دينية تقدمية)( ١). ثم لما أصبح وجود الشيوعيون في الصورة مزعجًا
جرى إبعادهم مع استمرار المخطط ولذلك لم يعترض الروس على الإبعاد ولم
ينقطع التعاون بينهم.
- الباحث الفرنسى اوليفه روا في كتابه "تجربة الإسلام السياسي" يقول عن
التشيع المعاصر وتحولاته أنه (يتحول في القرن العشرين إلى أداة للإستيلاء
على السلطة وعندئذ انبثقت على هوامش المذهب تركيبة توفيقية بين السلفية
التقليدية والأيديولوجية المتمركسة).
- التعاون والتنسيق مع الروس وأتباعهم لهذه الثورة قائم من قبل أن تقوم
الثورة نفسها فقد تولت ليبيا وكوريا الدعم المالي والتقني لتهيئة الكوادر على
!( أرض لبنان وبلغ الدعم ١٠٠ مليون( ٢
- وبعد قيام الثورة قدم الروس الدعم الاقتصادي لها بتوقيع برتوكول
لتنشيط الاقتصاد شمل قطاع الطاقة والكهرباء والسدود والأسلحة والخبراء
٣)، في الوقت الذي كان العالم الإسلامي يقاطع روسيا ) الفنيين في عام ١٩٨٢
على غزوها لأفغانستان كان الشيوعيون يدعمون الشيعة في إيران!!!
- ودعم الروس الإيرانيين بالأسلحة في حربهم مع العراق وأجريت
.(٤) محادثات لعقد معاهدة دفاع مشترك عام ١٩ ٨٧
وهذا الدعم الروسي لإيران لا يزال قائمًا على أعلى المستويات ويتمثل
بالمفاعلات النووية !
١) ص ٩. وأنظر كتاب "وجاء دور المجوس" (ص ٢٨٥ )، مع التحفظ على توجيه المؤلف )
للموضوع و الحقائق التي تخالف ما ذهب إليه.
. ٢) "إيران مستودع البارود"، إدور سابليه ص ١٧ ، "وجاء دور المجوس" ص ٢٧٤ )
. ٣) مجلة الحوادث عدد ١٣٢١ )
.١٩٨٧/١١/ ٤) الرأي الأردنية ٢١ )
مقالات في المشكلة الشيعية
260
إن الدول الصديقة لإيران والتي تدعم إيران لليوم هي الصين، كوريا،
روسيا، وكلها دول شيوعية.
- أما الخميني وصدام فقد كانت العلاقة بينهما جيدة في الوقت الذي كانت
علاقة شيعة العراق به سيئة حيث أن قدوم الخميني للعراق كان عام ٦٥
وغادرها عام ٧٨ بينما الشيعة العراقيون ( وخاصة محمد باقر الصدر) فقد
تصادموا مع البعث بعد استيلائهم على السلطة عام ٦٣ وهذا يذكره الموسوي في
الثورة البائسة ومن الغريب أن الخميني مع بقائه في العراق ١٣ عاما كان
.!!!( ضعيف الصلة بالصدر( ١
هذه أدلة كافية لمعرفة التوجه اليساري للثورة الإيرانية وهذا التوجه يراد به
تبني النظرية اليسارية في العمل السياسي وهى (نظرية العنف الثوري).
ذلك أن الشيعة تؤمن مثل اليهود بالانتظار حتى جاء هرتزل الصهيوني
بفكرة العمل من أجل قيام صهيون، وكارل ماركس الشيوعي بفكرة نبذ الأديان
ودمج اليهود مع الآخرين حتى يتمكنوا من السيطرة عليهم، والخميني - عند
الشيعة – جاء بعدم انتظار المهدي الذي قد يتأخر آلاف السنين و أحيا فكرة
.( ولاية الفقيه وطورها( ٢
ثانيًا: قصة قتل الخميني لمحمد الصدر
كنت قد سمعت هذه القصة من أستاذي محمود عبد الرؤوف القاسم( ٣) لكنني
لم اهتم بها حتى وجدت الشيعة يذكرونها وينادون بدراستها واستخلاص الدروس
منها.
١) مجلة الفكر الجديد - القريبة من حزب الدعوة العراقي- عدد ٦، ص ١٦ ، مقال "الإمام )
الشهيد محمد باقر الصدر مراجعة لما كتب عنه باللغة الانجليزية" بقلم د .عبد الرحيم حسن.
. ٢) لمزيد من التوسع انظر "حقيقة المقاومة" عبد المنعم شفيق ص ٢٣ )
٣) صاحب كتاب "الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ"، توفي سنة ٢٠٠٧ )
في عمان، له ترجمة في مجلة القبلة الأردنية عدد .
مقالات في المشكلة الشيعية
261
وسوف اعتمد على دراسة مطولة عن محمد الصدر بعنوان "الإمام الشهيد
محمد باقر الصدر مراجعة لما كتب عنه باللغة الانجليزية" بقلم د.عبد الرحيم
حسن.
وهنا ملاحظة وهى تعدد الكتابات الغربية عن الصدر خصوصا والشيعة
عموما وعدمها عند أهل السنة وهذا فرع من الإستهانة بالعلوم الإنسانية لدى
أهل السنة وهو في الحقيقة نقص فادح.
من المشهور موقف الصدر المعادي للشيوعية ولذلك كتب "اقتصادنا" ورد
على الماركسية واصطدم بالبعث وكان الصدر قد أسس حزب الدعوة الشيعي
وكان يتبنى العمل السياسي وهنا مسألة هامة جدا ذكرها الباحث الفرنسي اوليفه
،( روا (أن الشاه قد دعم الصدرين محمد وموسى في العراق ولبنان)( ١
لمحاربتهما للشيوعية التي تحارب الشاه.
وهذه الأمور تشكل خطرًا على الخميني وفكره بعكس بقية المراجع الذين
ليس لهم تنظيم أو عداء مع الشيوعية ولما عارضوا ولاية الفقيه تمكن الخميني
من محاصرتهم أو سجنهم دون أن يدافع عنهم أحد.
وهذا التميز للصدر عن المراجع الآخرين كان سبب قتله بحيلة ذكية وهى
دعوة الخميني علنا للصدر في القسم العربي بالإذاعة الإيرانية بالبقاء في النجف
وقلب نظام الحكم؟؟!! ومن يعرف طبيعة الأشياء يعرف أن هذه الرسالة لا
تصدر إلا من حاقد يريد الإضرار بمن وجه له الرسالة.
وعلق د.عبد الرحيم على هذه الرسالة( ٢): (ما فعله القسم العربي في إذاعة
الجمهورية الإسلامية خلال تلك الشهور العصيبة يستحق أن يصبح موضعا
. ١) في كتابه "تجربة الإسلام السياسي" ص ١٧٨ )
٢) مجلة الفكر الجديد عدد ٦، ص ١٦ ، مقال "الإمام الشهيد محمد باقر الصدر مراجعة لما )
.( كتب عنه باللغة الانجليزية" بقلم د. عبد الرحيم حسن، (ص ١٥
مقالات في المشكلة الشيعية
262
لدراسة مستقلة و تفصيلية خالية من المجاملة بغية الاستفادة من الأخطاء وعدم
تكرارها في تجربة مماثلة).
ولاحظ اللغة الدبلوماسية في الاتهام للخميني! وكان ذكر النتيجة التي وصل
إليها صاحب مقال دور محمد الصدر في النشاط السياسي الشيعي من عام
٨٠ بقوله: (إ ن الضربة القاضية جاءت من إيران وقد أذاع الإمام الراحل /٥٨
.( السيد الخميني من إيران رسالة .. توصى الصدر بالبقاء في الحوزة)( ١
وهذه الرسالة أيضًا تعرض لها جودت القزويني فقال( ٢): (فوجيء الصدر
بإذاعة طهران القسم العربي وهى تذيع برقية بعثها آية الله الخميني تستحثه بعدم
مغادرة النجف والتصدي لحفظ الكيان العلمي لهذه المدينة ...).
وعلق على البرقية بقوله: ( يستلفت النظر أمران: ١- ... يلقبه بلقب لا
يتناسب مع مقامه العلمي، ٢- اسقط الخميني من حسابه ردود الفعل الرسمية
العراقية ...).
ويقول أيضًا: (إن الصدر لم يكن عازمًا على مغادرة العراق وكان متألما
من العناصر التي سعت إلى الخميني لحثه على كتابة هذه البرقية)، ويعزو هذا
.( الكلام لعامر الحلو( ٣
وكانت نتيجة البرقية أن قامت المظاهرات تأييدًا للصدر ثم ألقت السلطات
العراقية القبض عليه ووضعته في الإقامة الجبرية حتى زال الحماس له فقتلته
١٩٨٠ م . /٤/ في ٨
وهكذا استطاع الخميني أن يزيح احد العقبات من أمامه دون أن تتلطخ يداه
بدمه!!
. ١) ص ١٣ )
٢) مجلة الفكر الجديد عدد ٢، في مقاله "إشكالية الفقهاء والدولة وبدايات الحركة الإسلامية )
في العراق".
.( ٣) في كتابه: "تاريخ الحركة الإسلامية في العراق" (ص ١٢٣ )
مقالات في المشكلة الشيعية
263
ثالثا: اختطاف موسي الصدر!
موسى الصدر هو حفيد عبد الحسين شرف الدين العاملي وهو إيراني
الجنسية لكنه عربي أصلا من لبنان وعاد إلى لبنان بناء على طلب من جده
ليخلفه في الطائفة ودعم الشاه هذا التوجه بالمال والجاه!
وموسى ليس من المتدينين أصلا فهو خريج كلية الحقوق والاقتصاد والعلوم
السياسية من جامعة طهران وبعدها درس في الحوزة لمدة سنتين بعضها على
.( الخميني. وعند مجيئه إلى لبنان منح الجنسية اللبنانية فورًا( ١
موقف موسى من الشيوعية كان موقفا عدائيًا معلنًا، حتى وصفته إحدى
المجلات اللبنانية (موسى الصدر الإمام الساحر الذي افقد اليسار اللبناني قاعدته
شعبيته)( ٢)، ولهذا أرسله الشاه للبنان لمقاومة الشيوعية بين الشيعة التي ذكرنا في
النقطة الأولى أنها كانت تتخذ من لبنان مركز تدريب لكوادر الخميني بدعم ليبي وهي
التي ستخطف موسى من طريق الخميني.
وسبق كلام الباحث الفرنسي أوليفيه روا عن دعم الشاه للصدرين بهدف إيجاد
تيار شيعي معارض للشيوعية والذي يمثله الخميني الذي أزاح الثلاثة من طريقه
(موسى، الشاه، محمد) حسب الترتيب!
وكان موسى يحارب الشيوعية من خلال تدريس كتب محمد باقر "اقتصادنا" و
"فلسفتنا" في الحسينيات والتجمعات الشيعية( ٣)، وتقول مجلة الحوادث في العدد المشار
إليه عن طبيعة نشاط موسى أنه كان يعمل ب (تخطيط مسبق على استعادة الجيل
الجديد من الشيعة من حظيرة الأحزاب اليسارية).
والمهم أن موسى صنع للشيعة في لبنان كيانًا مستق ً لا ووضعهم على واجهة
الأحداث بعد أن كانوا على هامش الأحداث وتبلور لهم تجمع لكنه في حركته السياسية
.( ١) "وجاء دور المجوس" (ص ٤٠٩ )، و"حقيقة المقاومة" (ص ٢٥ )
.٢٠٠٢/٢/ ٢) مجلة "الحوادث" ٨ )
.( ٣) "حقيقة المقاومة"، (ص ٦٢ )
مقالات في المشكلة الشيعية
264
لن يتقاطع مع اليساريين ( الخميني وسوريا وليبيا ) ولذلك كان لابد من إزاحته من
الطريق وخاصة أن قطف الثمرة الإيرانية قد أوشك ولهذا حين زار موسى ليبيا في
٧٨ لم يعد؟؟ /٨/٢٥
وعندها لم يسكت الخميني على هذا فوجه برقية لليبيا!!! ولكن موسى لم يعد
للآن بعد ٣٠ عامًا. والغريب أن العلاقات لم تقطع وأي حادثة اعتداء شيعية على
مصالح ليبيا لم تقع! مع أن القوم لا يعجزون عن ذلك لو كان هذا على غير
.( مرادهم( ١
ويبين عبد المنعم شفيق في "حقيقة المقاومة"( ٢)، أسباب خطف الصدر يؤكد: بأن
موسى الصدر كان له مشروع كبير هو الوصول إلى أمانة الطائفة في العالم( ٣)، كما
كان محمد باقر يسعى لحكومة شيعية عالمية ٤،وهذا يشكل منافسة خطيرة على
الخميني .
وبهذا يتضح لنا جانب مستور من تاريخ الخميني والأيام كفيلة بإظهار
المزيد من الوثائق والحقائق ويبقى علينا أن نعرف قواعد الحركة السياسية
الشيعية ونتابع تطبيقاتها ونتوقع حركاتها القادمة لنضع العوائق أمامها.
.( ١) "وجاء دور المجوس" (ص ٤٢٤ )
.( ٢) (ص ٧٤ )
.١٩٩٩/٩/ ٣) مقابلة علي الجمال لمجلة الشراع ٦ )
.( ٤) مجلة "الفكر الجديد" عدد ٦، مقال د.عبد الرحيم السابق (ص ٨ )