السنّة في سامراء يخشون تهجيرهم مع تعاظم نفوذ الشيعة ..
متاجر ومنازل مملوكة لسكان سنّة يمثلون أغلبية في المدينة تغلق أبوابها وسط مخاوف من تقسيم المنطقة على أساس طائفي. | |||||
ميدل ايست أونلاين | |||||
سامراء (العراق) - عادت الشمس للسطوع مرة أخرى على القبة الذهبية لمرقد يعتبره الشيعة أحد أهم مراقدهم مع قرب الانتهاء من ترميمه بعد عشر سنوات من تفجيره على يد تنظيم القاعدة في شمال العراق. لكن مع تعاظم النفوذ الشيعي في سامراء أُغلقت في محيط مرقد العسكري متاجر ومنازل مملوكة لسكان سنّة يمثلون أغلبية في المدينة وسط مخاوف من إجبارهم على النزوح وتقسيم المنطقة على أساس طائفي. وفجر تدمير المرقد في 22 فبراير/شباط 2006 موجة هجمات انتقامية أودت بحياة عشرات الآلاف وأغرقت العراق في حرب أهلية طائفية. ولم يصب أحد في التفجير ذاته. في ذلك الهجوم اندفع مسلحون في زي الشرطة إلى داخل المرقد وقيدوا الحراس وزرعوا متفجرات أدت لتدمير القبة ذائعة الصيت التي يعود تاريخها لمائة عام. وتسبب تفجير آخر في 2007 في تدمير مئذنتين ذهبيتين. وتراجعت حدة أعمال القتل على أساس طائفي لكن مخاوف سكان سامراء تعكس شعور كثير من السنّة الذين يمثلون أقلية في العراق ويخشون الطرد من مناطق حساسة يقولون إن الأغلبية الشيعية تريد السيطرة عليها. ويشير السنّة إلى أعمال عنف مثل الهجمات التي وقعت يناير/كانون الثاني في محافظة ديالي بشرق العراق كدليل على أنهم ليسوا في مأمن بعد أكثر من عشر سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بحكم صدام حسين. ولعب هذا دورا في عرقلة عودة ثلاثة ملايين سنّي شردهم تنظيم الدولة الإسلامية وهو ما تعتبره السلطات عاملا محوريا لاستقرار العراق. ويرفض المسؤولون بالحكومة والزعماء الشيعة الحديث عن التقسيم وينفون أي نوايا لتغيير التركيبة السكانية للعراق، لكن التوتر يمثل تحديا آخر لرئيس الوزراء حيدر العبادي السياسي الشيعي الذي يوصف بأنه معتدل والساعي لكسب تأييد السنّة لطرد الدولة الإسلامية من مناطق استولت عليها في 2014 بشمال العراق وغربه. توسيع المرقد واستهدف المشروع الإنشائي الذي تكلف ملايين الدولارات لترميم مرقد العسكري الذي يطلق عليه ايضا المسجد الذهبي، إعادة الثقة التي تردت بفعل الهجوم لكن ربما عمّق الشكوك. وقال مسؤولان محليان إن السلطات المحلية تسعى لدمج المناطق القريبة إلى الموقع. وقال كامل عباس عضو المجلس المحلي لمحافظة صلاح الدين التي تتبعها سامراء إن نحو 2500 متجر وألف منزل مملوك للسنّة قد أغلقت. وأضاف "توسعة المرقد سوف تحرم الآلاف من سكان سامراء من الحق في استخدام أملاكهم." وباع بعض السكان ممتلكاتهم بأسعار مرتفعة قبل عام لكن مسؤولا بالمدينة طلب عدم ذكر اسمه قال إنهم اضطروا لذلك في الأساس بعدما منعتهم قوات الأمن من الوصول لمتاجرهم ومنازلهم أو أوقفت خدمات عامة كجمع القمامة. وقال "إنهم يصنعون مدينة شيعية ومدينة أخرى سنّية.. مثل الأعظمية والكاظمية" في إشارة لمنطقتين مجاورتين لبغداد. ويرفض المسؤولون الشيعة تلك الاتهامات ويقولون إن الحياة تعود إلى طبيعتها في المدينة الواقعة على الضفة الشرقية من نهر دجلة والتي تشهد تعزيزات أمنية مشددة. وقال أحمد المهدي مدير العمليات بالمرقد إن نزع ملكية أي مكان قريب من الضريح تم بالتراضي ومقابل تعويض. وأضاف "عملية الاستملاك سابقا في العتبة العسكرية استملاك رضائي وليس استملاك قضائي.. لكن عملية التوسيع موجودة في كل المقامات الإسلامية في العالم الإسلامي.. ليس فقط في سامراء." اجراءات طبيعية واعتبر المهدي أن الوضع الأمني الخاص بسامراء القريبة من خطوط القتال الأمامية حيث تدور معارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية يتطلب إجراءات احتياطية لكنه وصفها بأنها اجراءات "طبيعية" ولا تختلف عن تلك المطبّقة في أماكن بجنوب العراق بعيدة عن دائرة القتال نافيا أن يكون السكان محرومين من الخدمات العامة. وقال عضو في قيادة عمليات صلاح الدين التي تشرف على الأمن في المحافظة إنه جرى تشديد الإجراءات الأمنية التي اتخذت عقب هجوم 2006 بعد أن فجر انتحاريان نفسيهما على مقربة من المرقد في أواسط عام 2014 وسط تقدم تنظيم الدولة الإسلامية. وقال العقيد عبدالكريم السعدي إن اليقظة مطلوبة لمكافحة المتشددين الذين يسعون إلى إشعال الاضطرابات الطائفية. وأشار إلى أن "مثل هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق هدف أسمى هو تحقيق التعايش السلمي." ويتدفق ملايين الزوار الشيعة ومعظمهم من إيران المجاورة إلى سامراء سنويا وهي مدينة تاريخية تبعد 125 كيلومترا شمال غربي بغداد. ويفرض مقاتلون شيعة يتسلحون بالرشاشات ويرتدون زيا أسود طوقا أمنيا يمتد لمئات الأمتار حول المرقد. وينتمي معظم المسلحين إلى سرايا السلام التابعة لرجل الدين الشيعي ذي النفوذ مقتدى الصدر الذي اتهم جيش المهدي الذي كان يقوده قبل عقد من الزمن بأنه يضم فرقا انتحارية لاستهداف السنّة وهي تهمة نفاها في ذلك الحين. نشاط أمني فقط وتمنع الجدران المقاومة للانفجارات والبوابات الحديدية الحركة حول المرقد في حين أُغلقت المتاجر التي تقع ضمن الطوق الأمني أو هجرها أصحابها. ويقتصر النشاط البشري الوحيد على الحراس الذين يسيرون دوريات في المنطقة والزوار الذين يُنقلون بالحافلات إلى المرقد. وبعد تقدم تنظيم الدولة الإسلامية تهافت المسلحون الشيعة لحماية المرقد مما جنب سامراء الدمار والنزوح الجماعي الذي أصاب مناطق أخرى يسكنها السنة إلى شمالها وغربها. غير أن اعتماد الحكومة على الجماعات الشيعية والمتطوعين الشيعة كقوة عسكرية موحدة عوضا عن الجيش الوطني غير الفعال عمّق مشاعر انعدام الثقة بين الطوائف. وتجري سرايا السلام في الوقت الحالي دوريات كبيرة في المناطق السكنية المحيطة بالمرقد كما تدير مع الشرطة نقاط تفتيش مشتركة على امتداد الطريق من بغداد وتسيطر على جبهة قريبة تمتد لمسافة 85 كيلومترا. وقال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويشن غارات على التنظيم المتشدد إن المسلحين لن يهددوا سامراء في الذكرى العاشرة على الهجوم. وفي يناير/كانون الثاني قال الضابط في الجيش الأميركي تشانس ماكرو وهو ضابط مخابرات "يمكن أن نشهد سيارات ملغومة. إنهم قادرون على شن هجمات صاروخية لكنهم لا يملكون القدرة على حشد قوات". وقال حسين شريفي وهو نائب سابق من جنوب العراق يقاتل حاليا مع سرايا السلام إن الجبهة غربي سامراء تتعرض للهجمات وتشهد سقوط ضحايا يوميا. وقال خلال زيارة للمرقد "أخذنا في النظر مدى الهاون ومدى الصواريخ وإن شاء الله نحن أبعد من هذا المدى ما يقدرون يوصلوا (لن يقدروا على الوصول إلى) المدينة. أمّنّا المدينة بالكامل." |