Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

أموال إيران أشعلت حرب جبال صعدة! ..

الكاتب : محمود قابل

الخطاب الإيراني الذي سبق ثم صاحب زيارة أبو بكر القربي وزير خارجية اليمن لإيران وتصريحات المسؤولين عقب الزيارة أكدا اتهام الرئيس علي عبد الله صالح للجمهورية الإسلامية الإيرانية بدعم تمرد الحوثي ومحاولة الانقلاب التي يقودها لإقامة دولة شيعية في اليمن، ودعم ذلك الاتهام أيضا الأحداث الأخيرة وبيانات الحوزات العلمية في النجف وقم حول العمليات العسكرية بين متمردي صعدة والحكومة اليمنية، "الوطن العربي" اطلعت على تقارير توضح الدور الإيراني في زرع الفتنة وإثارة القلاقل باليمن، وفيما يلي التفاصيل.

حينما هاتفت مسؤولا يمنيا استطلعه نتائج زيارة القربي لإيران، والتي كان ملفها الأول يتعلق بتفاصيل ما يجري في صعدة اليمنية، فوجئت به غاضبا للتصريحات التي أعقبت اللقاء، كذلك لغة الخطاب الإعلامي والرسمي التي سبق أن صاحبت الزيارة والعنف الذي اتسمت به بعدها، وعبر المصدر عن امتعاض بلاده من الخطاب الإيراني الذي يوجه النصائح للدول الأخرى باحترام الأقليات بينما هو مطالب بالانتباه لقضية العرب في الأهواز الذين تظاهروا في إبريل "نيسان" 2005 احتجاجا على رسالة منسوبة إلى محمد علي الأبطحي، نائب الرئيس خاتمي تتضمن دعوة لتطهير عرقي ضد عرب هذا الإقليم الذي غالبية سكانه من العرب السنة.
واتهم الدبلوماسي إيران بالسماح لبدر الدين الحوثي باستغلال الطلبة اليمنيين الذين يدرسون في طهران للقيام بنشاط سياسي لإثارة المشاكل بين البلدين، وقال إنه ليس من مصلحة الشيعة في العالم ولا من مصلحة إيران التعامل مع الشيعة باعتبارهم رعايا للحكومة الإيرانية، واستنكر قيام ملالي الدولة الفارسية بفرض الوصاية على رعايا الدول الأخرى مؤكدا أن إيران ستكون أول المتضررين من مثل هذه الأطروحات.
وكان الرئيس الإيراني محمد خاتمي قد نصح، في نبرة تحذيرية واضحة، وزير الخارجية اليمني خلال لقائه بمراعاة توفير حق إبداء الرأي لكافة الأقليات والطوائف المختلفة في اليمن باعتباره من ضروريات الديمقراطية، كما طالب بتحاشي إذكاء النعرات الطائفية وتسوية المشاكل بالطرق السلمية والتفاهم والتسامح، كما ذكر كمال خرازي وزير خارجية إيران لنظيره اليمني أن علماء الدين في إيران أبدوا قلقهم حول التطورات الجارية في اليمن، وأنه ينبغي إبداء الاهتمام بمخاوف علماء الدين، وتوضيح القضايا والتطورات الحاصلة لتبديد مخاوفهم، وتصاعدت لهجة خرازي على نحو يوحي بارتفاع درجة حرارة الجدل بين البلدين؛ إذ أكد في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام الإيرانية أن على الحكومة اليمنية ضرورة احترام حقوق الأقليات الدينية في اليمن.
رسالة اتهام
وحين سألت الدبلوماسي اليمني عن فحوى الرسالة التي نقلها وزير الخارجية القربي للمسؤولين في إيران، قال إنها كانت أشبه برسالة اتهام حيث أطلعهم على التحقيقات الأولية التي كشفت عن وجود أصابع أجنبية وراء مجموعة من الشباب الذين غرر بهم الحوثي وأتباعه في المدارس الدينية التابعة لهم، وكذلك على وثائق تثبت أن مجموعة الحوثي حصلت على مساعدات مالية ضخمة مكنتها من شراء كميات كبيرة من الأسلحة، وأن المواجهات المسلحة التي نشبت بين اتباع بدر الدين الحوثي وقوات من الجيش والشرطة المرابطة في محافظة صعدة قرب منطقة "نقعه" على الحدود اليمنية كشفت وجود عناصر أجنبية تقاتل إلى جانب المتمردين، وثبت أنهم يحملون جنسيات عراقية وإيرانية ويقومون مع من تبقى من المتمردين بدور الحماية للحوثي، وأن عدداً من أتباع الحوثي الذين استسلموا أثناء المواجهات الأخيرة أكدوا قيامهم بالتدرب في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني مع عناصر فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق بعد سقوط بغداد، وكذلك في معسكرات يتخذها الفيلق في العراق منتصف العام 2003.
كما أكد القربي للمسؤولين في إيران أن السلطات اليمنية كانت قد ألقت القبض في أثناء قمعها للتمرد الأول الذي تزعمه حسين بدر الدين الحوثي العام الماضي على مئات من أتباع الأخير، بينهم أشخاص يحملون جنسيات إيرانية حيث التحق معظم هؤلاء بالحوثي قبل وفي أثناء اندلاع المواجهات التي تجددت من الثامن والعشرين من مارس "آذار" الماضي إثر اتهام مفاجئ وجهته السلطات للشيخ بدر الدين الحوثي "90عاماً" بالسفر سرا من صنعاء إلى منطقة وادي نشور، لتحريض أتباع نجله على التمرد المسلح ضد الدولة والقيام باعتداءات السيناريو نفسه من التصعيد للأوضاع الأمنية في مناطق شرق محافظة صعدة، كما كشف عن محاولة عناصر إيرانية وعراقية ـ يتجاوز عددهم الخمسين شخصا ـ تهريب بدر الدين الحوثي إلى خارج اليمن.
وأطلع وزير خارجية اليمن المسؤولين الإيرانيين على وثائق دامغة تم الحصول عليها في سبتمبر "أيلول" الماضي عقب مقتل الحوثي الابن وانتهاء المعارك الرئيسية في جبال مران بصعدة شمال البلاد توضح الجهات  والمجموعات الخارجية التي كانت على صلة بالتمرد وان من بين تلك الجهات حزب الله في لبنان، وبعض الجمعيات والحوزات الشيعية، وأن اليمن لديها ما يؤكد أن التمرد جاء في إطار مخطط كان معدا له لإدخال مذهب جديد هو الاثنا عشرية والترويج له داخل المجتمع اليمني، وهذا ما اعترف به الحوثي نفسه بوجود علاقة مع بعض المنظمات والحوزات الشيعية قبل استئناف تمرده الأخير.
وحينما أعرب الرئيس خاتمي عن تمنيه بأن تلجأ الحكومة اليمنية إلى أسلوب الحوار للتلاقي مع الطائفة الشيعية بدلا من اللجوء للقوة المسلحة أكد له وزير خارجية اليمن أن حكومته حاولت التحاور مع المتمردين لإنهاء التمرد بالحوار ولكن حين التقت لجنة وساطة قبلية وحكومية بالرجل الثاني بعد الحوثي في تنظيم الشباب المؤمن،وهو عبد الله عيظة الرزامي، اشترط عدم تسليم أتباعه إلى السلطات اليمنية مما أدى إلى فشل اللجنة في جهودها ومساعيها على الرغم من منحهم الأمان وإبلاغهم بالعفو العام الذي أصدره الرئيس صالح.
دليل الأزمة
ويضيف الدبلوماسي اليمني أن من دلائل عدم وصول اليمن وإيران إلى حل وسط لأزمة تمرد الحوثي أنه بمجرد انتهاء زيارة القربي لإيران أصدرت محكمة يمنية حكما بإعدام إمام مسجد شيعي وبالسجن 8 سنوات لآخر لدعمهما حركة تمرد حسين بدر الدين الحوثي والتجسس لصالح إيران للإطاحة بنظام الحكم في اليمن، مما يؤكد أن العلاقات بين البلدين تتجه نحو التدهور خاصة أن تصريحات الطرفين الأخيرة تتسم بنبرة انفعالية تحذيرية.
وكان رئيس المحكمة اليمنية المختصة بقضايا أمن الدولة قد ذكر في حيثيات حكمه أن يحيى حسني الديلمي الذي حكم عليه بالإعدام ومحمد مفتاح سعيا للإطاحة بالنظام الجمهوري عن طريق دعم حركة تمرد بدأت العام الماضي من جانب مؤيدي رجل الدين الشيعي حسين بدر الدين الحوثي في المنطقة الجبلية شمال البلاد، وأوضح القاضي أن المتهم الديلمي تخابر مع الدولة الإيرانية.
وعلمت "الوطن العربي" أن سبعة من ممولي تمرد الحوثي يتم ملاحقتهم حاليا داخل أمانة العاصمة بعد أن تم القبض على أحدهم يعتبر الشخص الثامن، وكشف رجال المباحث الجنائية عملية تزوير وثائق بنكية أقدم عليها أحد الأشخاص لسرقة مبلغ 120 مليون ريال اعترف أنه كان ينوي تقديمها لدعم الأعمال التخريبية في العاصمة صنعاء، كما داهمت أجهزة الأمن المنزل الذي استأجره أعضاء الخلية، ويقع بالقرب من ميدان التحرير في قلب صنعاء وتأكدت من المضبوطات أنهم كانوا يخططون للقيام بعمليات اغتيال لقيادات استراتيجية أمنية وخدمية بهدف إلحاق أكبر الخسائر باقتصاد اليمن.
حرب بيانات
وفيما يبدو أنه دليل على تدخل جهات خارجية في أزمة اليمن الداخلية انتقدت الحوزة العلمية في النجف الحكومة اليمنية على أسلوب تعاملها مع تمرد الحوثي، وذكر بيان يحمل عنوان "نداء إلى محافل حقوق الإنسان في العالم"، أن الشيعة في اليمن سواء الزيدية منهم أو الإمامية الاثنا عشرية يتعرضون لحملة مسعورة من الاعتقالات والقتل المنظم منذ نشوب الأزمة بين الحكومة وبين حسين الحوثي وأتباعه، وأن الحومة اليمنية تعاملت مع أزمة الحوثي بشمولية غير منطقية، وطالبت الحوزة العلمية في النجف الحكومة اليمنية برفع اليد عن المعتقلين في السجون من الناشطين في نشر الثقافة والفكر الشيعي زيديا كان أو إماميا.
كما صدر بيان آخر عن الحوزة العلمية في مدينة قم، ممثلة بزعيمها سماحة آية الله العظمي المرجع الديني السيد محمد صادق الروحاني ذكر أن الشيعة في اليمن يتعرضون لمجازر وحشية من قبل الحكومة اليمنية وأنها تقوم بعملية إبادة جماعية لشيعة أهل البيت وان هناك حلفا شريراً ممتدا من اليمن إلى العراق قائما بين قوى التكفير المذهبي البغيض الذين يلبسون الإسلام مسوحا لأعمالهم الإجرامية وبين عدد من أركان النظام الحاكم ممن ينتمون إلى المدرسة الفكرية للحكم البائد في العراق، يقودون حربا حاقدة ضد المسلمين الشيعة بشتى طوائفهم الزيدية والإثنا عشرية.
واعتبر البيان أن ما حصل في اليمن في الأشهر الماضية من صدور قرارات رسمية وتوصيات بمنع احتفالات عيد الغدير، ومنع كلمة "حي على خير العمل" من الأذان، ومنع إحياء مناسبة شهادة الحسين بن علي عليهما السلام في عاشوراء، ومنع كتاب نهج البلاغة والصحيفة السجادية ومصادرتهما وحرقهما في ساحة التحرير في العاصمة صنعاء، وغير ذلك من الممارسات توضح بعض صور الحقيقة الغائبة والمغيبة في أحداث اليمن، وحذر البيان من العواقب الوخيمة التي ستترتب على هذا النحو من السلوك تجاه المسلمين الشيعة والذي سيرتد عاجلاً أو آجلا على من يقوم به وعلى من يؤيدهم ويدعمهم.
وقد صدر البيانان بناء على الرسالة التي بعثها علماء الزيدية في اليمن والتي أشارت إلى الحرب المذهبية التي شنت ضد أبناء الطائفة الزيدية في اليمن من قبل العناصر في الحكومة اليمنية، ووصفهم ملاحقة جنود الحكومة اليمنية لمتمردي صعدة بأنها حرب إبادة جماعية يتم خلالها تدمير القرى وهدم المنازل وما إلى ذلك.
وفي مواجهة تلك البيانات أصدرت جمعية علماء اليمن بياناً ذكرت فيه أن ما يقال عن اضطهاد للشيعة الزيدية والإمامية الإثنا عشرية ينافي الواقع الذي يعيش فيه أبناء اليمن قاطبة وفق ثوابت شرعية وقانونية ودستورية لا فرق بين مذهب ومذهب، يدل على ذلك تعايش المذهبين الزيدي والشافعي خلال مئات من السنين دون خلاف أو نزاع، أما الإمامية الإثنا عشرية فهي موجودة في أماكنها ولا وجود لها في اليمن أصلا وهناك من يحاول إثارة الفتنة، وإن ما حصل من تمرد عناصر محدودة في بعض مناطق صعدة لا يعبر عن المذهب الزيدي الذي أصدر علماؤه في بداية الفتنة بيانا بتاريخ 8 جمادى الأولى 1425هـ فندوا فيه مزاعم الحوثي وأنه لا يمثل إلا نفسه ومن اتبعه، وأن الفتنة التي أثارها قد تسببت في إزهاق الأرواح وسفك الدماء وإتلاف الأموال وزعزعة الأمن والاستقرار.
وقال علماء اليمن إنه كان من الأحرى بالعلماء في الحوزتين بالنجف وقم أن يهتموا بما يجري في العراق من أحداث مؤسفة ويعملوا على إصلاح ذات البين وإيقاف نزيف الدم وإزهاق الارواح، وإخراج العراق من محنته التي يعيشها في ظل الاحتلال والصراعات الدامية بدلاً من إبداء تعاطفهما مع متمرد متعصب أثار الفتنة وخرج عن الدستور والنظام والقانون المنبثق من الشريعة الإسلامية.
الشباب المؤمن
ولمعرفة جذور علاقة  الحوثي بإيران التقت "الوطن العربي بواحد من اليمنيين الذين جاءوا لمتابعة من يدرسون في الحوزة العلمية بمدينة قم، وسألته عن خلفيات علاقة الحوثي بالمرجعيات الدينية في إيران فقال: إن هذه العلاقة بدأت خلال فترة الثمانينيات، وقتها كان هناك تواصل بين إيران ومرجعيات زيدية في اليمن، وقد أخذ هذا التواصل بعدا فكريا وتنظيميا وتمويليا.
وانتشرت أفكار التشيع في صعدة وصنعاء وعمران وذمار وحجة والمحويت والجوف، وكثرت إقامة المجالس الحسينية ومجالس العزاء، وإحياء شعائر الشيعة، وكثرت المنح الدراسية التي تستقطب أبناء المذهب الزيدي من الجنسين إلى إيران ولبنان.
أما تنظيم "الشباب المؤمن" فيعود إنشاؤه إلى عام 1991، بإيعاز من بدر الدين الحوثي بهدف جمع علماء المذهب الزيدي في صعدة وغيرها من مناطق اليمن تحت لوائه! وبالتالي دعم حزب "الحق" باعتباره يمثل المذهب الزيدي! وتفرغ بدر الدين الحوثي وأبناؤه للقيام على تنظيم "الشباب المؤمن"، الذي استمر في ممارسة نشاطه وتمكن من استقطاب الشباب. وغالبيتهم ينتمون للأسر الهاشمية وللمذهب الزيدي، والقبائل والوجاهات الاجتماعية في صعدة. وقد تلقى حسين بدر الدين الحوثي مخصصات مالية شهرية حكومية بعد استقلاله بالتنظيم استقلالا كاملا عام 2000 وبدأ بتوسيع نشاطه خارج منطقة صعدة ليؤسس مراكز مماثلة لمركزه في عدة محافظات، وأرسل إليها بعض طلبته المقربين مع مجموعة من الأساتذة العراقيين الذي توافدوا على اليمن بعد حرب الخليج الثانية، كما عمل تنظيم "الشباب المؤمن" على إقامة المنتديات الصيفية في أكثر من منطقة ، وكان بدر الدين يضفي عليها الشرعية المذهبية، ويبارك جهودها، ويحث القبائل على تسجيل أبنائهم فيها.
وقد أظهر حسين الحوثي تأييده وتأثره بـ "حزب الله" الشيعي اللبناني، واستطاع من خلال دعم الدولة وأتباع المذهب ودعم جهات خارجية من ضمنها إيران وشخصيات ومؤسسات شيعية في المنطقة إقامة عشرات الحوزات في صعدة وعمران ومأرب والجوف وحجة وذمار وصنعاء.
إن طبيعة الدور الذي مارسه حسين الحوثي، قبل تطور الأحداث إلى مستوى المواجهات مع الدولة، يدل على نوايا فعلية في إظهار الحركة كقوة سياسية مستقلة، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان فاستقطاب الآلاف من الشباب والرجال ،وإنشاء العديد من المؤسسات التعليمية "المتعصبة"، ومظاهر إبراز القوة، وشراء مختلف أنواع الأسلحة وإنشاء التحصينات في مناطق مختلفة من صعدة ـ معقل الحركة، والتزود بالمؤن ـ التي ظهرت طيلة أيام المواجهات، والاحتياطات الأمنية التي أحاط نفسه وقيادة تنظيم "الشباب المؤمن" بها، والتواصل بجهات خارجية.
ولقد تبنت إيران ومنذ قيام الثورة الإسلامية مبدأ تصدير الثورة الشيعية إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي، وبذلت الدبلوماسية والسفارة الإيرانية في صنعاء جهدا مكثفا لاستقطاب أتباع المذهب الزيدي منذ عام 1990 وصاحب ذلك رفع شعارات الثورة الإيرانية و "حزب الله" بل رفع علميهما، وإقامة الحسينيات وافتتاح العديد من المحلات التجارية والمكتبات والتسجيلات ذات المسميات الشيعية ونشر صور رموز شيعية كالخميني والصدر والسيستاني ورفسنجاني وحسن نصرالله  وغيرهم، إضافة إلى لجوء العديد من شيعة العراق إلى اليمن تحت غطاء التدريس، مما سهل تغذية الروابط بين الداخل والخارج وهي روابط لم تقتصر فقط على البعد الفكري بل والعملي أيضا حيث أثبتت الأحداث الأخيرة وجود مقاتلين عراقيين في صفوف أتباع الحوثي، واكتشاف جثث لهم، واعتقال بعضهم.
وقد أشارت تقارير أمنية إلى أن للسفير العراقي باليمن، وعناصر أخرى استقدمها معه، دورا مباشرا في إعادة بناء التنظيمات الموالية لإيران في اليمن، في مقدمتها "الشباب المؤمن" وقد استقبل السفير خلال الفترة الماضية عناصر متورطة في تمرد الحوثي، بمن فيهم قيادات ناشطة ضمن مليشيات تنظيمه المسلح.
الحوثي وإيران
وإذا كان الرئيس علي عبد الله صالح لم يتهم جهات خارجية بعينها بدعم الحوثي، فإن البعض يربط تمرد الحوثي بالتوجه الإيراني الهادف إلى تعزيز دور إيران الإقليمي من خلال دعم الأقليات الشيعية في دول المنطقة، وتهدف إيران من ذلك إلى عدة مسائل من بينها استغلال جو التصالح والتقارب الشيعي الأميركي في المنطقة عقب أحداث 11 سبتمبر "أيلول" وزيادة النفوذ الشيعي بما يخدم البعد الاستراتيجي لإيران في المنطقة، ومنها تشتيت الذهن والجهد السني على امتداد الرقعة الجغرافية بحيث تنصرف هذه الجهود عن العراق وخدمة التيار السني المقاوم! وإذا كانت إيران قد نفت وجود دعم أو مساندة لتيار الحوثي؛ فإن البيان الذي صدر عن حوزة النجف ثم بيان حوزة قم أظهرا مدى التعاطف الذي يبديه الشيعة الإثنا عشرية لقضية تمرد حسين الحوثي على الدولة، ومحاولة تصوير الحدث على أنه "حملة مسعورة من الاعتقالات والقتل المنظم "الشيعة في اليمن سواء الزيدية منهم أو الإمامية الإثنا عشرية"، وعلى أنه "تصفية للشيعة بشكل جماعي لا سابق له في تاريخ اليمن".
..وإثارة أوضاع اليمن يحقق زعزعة الأمن فيها لصالح دخول قوات أجنبية تحت مبرر الحماية لأقليات عرقية أو طائفية، وقد أكدت مصادر مطلعة أن إيران وضمن دعمها المادي والمعنوي لتمرد الحوثي دعت الجمهورية العربية السورية إلى الوساطة والتدخل لدى النظام لإنقاذ ما تبقى من عناصر إثنا عشرية بإجراء تسوية سياسية مع عناصر القوى، وذلك بالإفراج عن المعتقلين أولا وفتح حوزة علمية في صعدة تكون لها ارتباطاتها مع المرجعية في "قم" بإيران والنجف "بالعراق"، ولكن لما رفض الرئيس اليمني بدأ منحنى العلاقات بين البلدين في الهبوط وكانت العلاقات اليمنية الإيرانية قد بدأت طريقها للسوء بعد أحداث تمرد صعدة عام 2004 وجددها في 19مارس "آذار" 2005، ومازال المراقبون السياسيون يتوقعون مزيدا من التدهور خصوصا بعد أن دخل السيستاني على خط التسوية وأوكلت له إيران مهمة حماية الشيعة في المنطقة، ولذلك قصة أخرى في تقرير تال.
____________________________
المصدر: الوطن العربي ـ العدد 1475 10/6/200