Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الشيخية - عبد الرحمن الزرعي ..

الكاتب : عبدالرحمن الزرعي ..

الشيخية
عبد الرحمن الزرعي


(مجلة الراصد)
أولاً: التعريف والتأسيس:
الشيخية فرقة خرجت من رحم الاتجاه الإخباري([1]) الذي برز في أوساط الشيعة الإمامية الإثنى عشرية منذ مطلع القرن الحادي عشر الهجري, واستمر حتى منتصف القرن الثالث عشر, حيث تغلب عليه الاتجاه الأصولي([2]).
والشيخية تنسب إلى الشيخ أحمد زين الدين الإحسائي, المولود سنة 1166ه (1752م) والمتوفى سنة 1241ه (1825م), ويلقبه أنصاره ب (الشيخ الأوحد). وقد تنقل في حياته بين إيران والعراق وبلاد الخليج.
وقد تتلمذ واستفاد من عدد من علماء الشيعة الإثنى عشرية في عصره منهم: جعفر كاشف الغطاء وحسين العصفوري وعلي الطبطبائي ومهدي بحر العلوم ومحمد باقر البهبهائي الشهير بالوحيد.
وقد ترك الإحسائي مؤلفات كثيرة منها: شرح الزيارة الجامعة الكبيرة, وشرح "العرشية" لصدر الدين الشيرازي, وشرح "المشاعر" للشيرازي أيضاً, والفوائد.
وبعد موت الإحسائي خلفه تلميذه كاظم الرشتي الذي يعتقد أنه ولد سنة 1205ه      (1790م) وقيل سنة 1212ه (1797م), وكان كاظم مقرباً من شيخه الإحسائي جداً, وكان يحبه حبّاً جمّاً, وهو الذي أوصى بأن يخلفه.
وقد ترك الرشتي مثل شيخه مؤلفات كثيرة منها: مجموعة الرسائل, وشرح الخطبة التطنجية, وشرح القصيدة اللامية, وأصول العقائد.
وقد تتلمذ على يد كاظم الرشتي عدد كبير منهم علي محمد الشيرازي الملقب ب "الباب" وهو الذي تنسب إليه فرقة البابية المنحرفة, والبابية تعرف الآن باسم "البهائية", حيث أن شخصاً اسمه البهاء كان تلميذاً للباب, صار على رأس الفرقة بعد موت أستاذه وأضاف إليها كثيراً من أفكاره المنحرفة وصارت تعرف ب "البهائية"([3]).
وبعد وفاة الرشتي أعلن الباب دعوته, والنيابة عن أستاذه وأعلن أنه المهدي المنتظر. وآمن به عدد من تلاميذ الرشتي كان أولهم حسين البشروئي, إلا أن جهات عديدة قاومت أفكار الباب منها الدولة القاجارية وبعض طلاب الرشتي وأئمة الشيعة إضافة إلى أهل السنة.
وقد أعدم الشاه القاجاري البابَ سنة 1265ه (1849م).
ثانياً: انقسام الشيخية وتعدد الزعامات
لم يستخلف كاظم الرشتي أحداً, أو نص على من يقوم مقامه بعد موته, على عكس شيخه, لأنه كان يعتقد بقرب ظهور المهدي.
وبعد وفاته انقسم الشيخيون إلى ثلاث فرق:
الأولى: اتبعت الميرزا محمد حسن جوهر التبريزي الذي كان يسكن كربلاء.
الثانية: اتبعت كريم خان القاجاري الذي كان يسكن كرمان في إيران.
الثالثة: لم تمل إلى أحد هذين الشخصين, بل ذهبوا يتجولون في البلدان بحثاً عن الإمام الغائب الذي ظنوه على وشك الصدور, فإن الإحسائي والرشتي كانا يبشران بظهوره, حتى أن الإحسائي حدّد عاماً لظهوره ثبت بطلانه فيما بعد. وكان على رأس هذه الفرقة حسين البشروئي الذي عثر على شاب اسمه علي محمد الشيرازي (الباب) الذي سبق الحديث عنه, واتبعه على  المهدي المنتظر والإمام الغائب.
اً: عقائدهم:
سبق القول أن الشيخية هي من الفرق التي انبثقت عن الشيعة الإمامية الإثنى عشرية([4]), لذا فإن عقائدهم تحمل الصبغة الإثنى عشرية, وعقائدهم مأخوذة مما كتبه أئمتهم الإحسائي والرشتي, وخاصة الإحسائي التي عبر عنها بصيغته الخاصة.
1-الاعتقاد بأن الأئمة والمعصومين الأربعة عشر([5]) هم علة تكوين العالم وسبب وجوده, وهم الذين يخلقون ويرزقون ويحيون ويميتون. والاعتقاد بأن الله العزيز قد تكرم عن مباشرة هذه الأمور بنفسه وأوكلها إلى المعصومين, حيث جعلهم أسباباً ووسائط لأفعاله, فهم –كما يعتقد الشيخية- مظاهر لأفعال الله.
2-الاعتقاد بوجود الجسد (الهورقليائي) للإنسان إلى جانب الجسد (الصوري), وقال الإحسائي بأن هذا هو الجسد الذي عرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء, والذي يعيش به الإمام الثاني عشر, وكان يعتقد أن الإمام عندما غاب نزع عنه جسده (الصوري) وبقي محتفظاً بجسده (الهورقليائي) وهذا هو سر بقائه كل هذه المدة.
3-الاعتقاد بالكشف كما يؤمن به الصوفية, حيث يقول الإحسائي أن الإنسان إذا صفت نفسه وتخلص من أكدار الدنيا يستطيع أن يتصل بأحد الأئمة من أهل البيت عن طريق الكشف والأحلام, فيوحي له الإمام بالعلم الغزير, وتكشف له الحجب, وادّعى الإحسائي أنه حصل على العلم بهذه الطريقة الكشفية.
4-التبشير الدائم بقرب ظهور المهدي, وكان الإحسائي يقول للناس في كل قرية يمر بها أن الإمام الغائب على وشك الظهور, وأنهم يجب أن يكونوا على أهبة الاستعداد لنصرته, وكان يقول لهم: إن الإمام الغائب حين يظهر سوف يبدل الكثير من العقائد والتعاليم الإسلامية الموجودة.
5-الاعتقاد بأن المعاد روحاني ولا علاقة للجسد الدنيوي فيه.
وقد نقل د. ناصر القفاري في موسوعته (أصول مذهب الشيعة) ص136 عن الألوسي رحمه الله قوله عن الإحسائي وأتباعه: ((ترشح كلماتهم بأنهم يعتقدون في أمير المؤمنين علي على نحو ما يعتقده الفلاسفة في العقل الأول)).
كما نسب إليهم القول بالحلول, وتأليه الأئمة, وإنكار المعاد الجسماني , وأن من أصول الدين الاعتقاد بالرجل الكامل وهو المتمثل في شخصه.
رابعاً: أبرز شخصياتهم:
إضافة إلى شيخهم أحمد زين الدين الإحسائي الملقب عندهم بالأوحد, وكاظم الرشتي, فإن هناك عدداً من علمائهم انتشروا في العديد من دول العالم, لكن لا بد من التنبيه إلى الانقسام الذي حصل بعد وفاة الرشتي في صفوف الشيخية, فصار قسم يعرف ب "شيخية تبريز" تنسب إلى حسن جوهر التبريزي, والقسم الآخر "شيخية كرمان" تنسب إلى كريم خان الكرماني.
1-شيخية تبريز برز منهم:
أ-آل المامقاني: محمد حسين بن زين العابدين, "محمد حسين" بن محمد, "محمد تقي" بن محمد, إسماعيل بن محمد, وهؤلاء الثلاثة هم أبناء محمد حسين بن زين العابدين.
وبرز كذلك: محمد حسين بن الشيخ محمد المامقاني.
ومن غير هذه الأسرة برز في تبريز كذلك علي بن الميرزا موسى التبريزي.
ب-آل الأسكوئي: وهم من منطقة أسكوء في إيران, وبرز منهم: محمد باقر الأسكوئي وابنه موسى ثم علي بن موسى الذي أقام في الكويت, وحسن بن موسى بن محمد باقر الأسكوئي وابنه عبد الرسول, ثم أخيراً عبد الله بن عبد الرسول, وهذه الأسرة تتخذ الآن من الكويت مقراً لها.
2-شيخية كرمان: ويقال بأن العائلة الكرمانية المعروفة فرع من الأسرة القاجارية التي حكمت إيران نحو قرن ونصف.
وقد برز منها:
محمد كريم خان الكرماني وابنه "محمد خان" وزين العابدين ثم أبو القاسم بن زين العابدين وابنه عبد الرضا.
خامساً: انتشارهم:
يتواجد الشيخية اليوم في العراق وإيران ودول الخليج:
ففي العراق يتواجدون بشكل بارز في مدينة كربلاء, وفي البصرة, وفي المنطقة الشرقية من السعودية وفي البحرين والكويت.
1-شيخية كرمان: يتواجدون في كرمان بإيران, ولهم مركز كبير واسع في العراق مقرّه البصرة, وكان يرأسه وكالة عن المرجعية الكرمانية عبد الله علي الموسوي المولود سنة 1317ه (1899م).
2-شيخية تبريز: ومنهم آل الأسكوئي الذي يطلق على الواحد منهم أيضاً لقب "الإحقاقي" نسبة إلى كتاب (إحقاق الحق) الذي ألفه أحد علمائهم.
ومقرّهم الآن في مدينة كربلاء وفي دولة الكويت. ويعود وجودهم في الكويت إلى علي بن موسى الأسكوئي الذي أقام في الكويت سنيناً, حيث كان مجموعة من شيعة الكويت الشيخيين يقلدون والده موسى بفعل تأثر الكويت وقربها من العراق وكربلاء خاصة, حيث أحد مقرات هذه الطائفة وإقامة شيوخها.
وسكن علي موسى الكويت, وكان يقضي أيام الصيف في كربلاء غالباً.
وأثناء وجوده في الكويت قام بتأسيس الحسينية الجعفرية والعباسية وأقام أول منارة ومئذنة لمسجد شيعي في الكويت وهو مسجد الصحاف, وسعى إلى الجهر ب "أشهد أن أمير المؤمنين عليّاً ولي الله" أو ما يعرف عند الشيعة بالشهادة الثالثة في الأذان.
وكان لعلي بن موسى هذا نشاط في الإحساء حيث أسس الحسينية الجعفرية والحسينية الحيدرية, وأحيى كثيراً من آثار ومؤلفات علماء الشيخية.
وبعد وفاته أصبح شقيقه حسن بن موسى رئيساً للطائفة, وقد استطاع تأسيس مكتبة عامة وصناديق إعانة.
وبعد وفاته سنة 1966, تسلم ابنه عبد الرسول رئاسة الطائفة حتى وفاته قريباً في 26/11/2003, ثم بويع ابنه عبد الله.
وبالرغم من أن عبد الرسول أوصى برئاسة الطائفة إلى ابنه الشاب عبد الله, إلا أن الوكالة الشيعية للأنباء أوردت في الرابع من ذي القعدة 1424ه بأن هذا الإجراء واجه معارضة من مجموعة مقلدي عبد الرسول الذين رأوا عدم جواز تقليد من لم يعرف عنه أنه بلغ مرتبة الاجتهاد, ورفضوا بأن تكون المرجعية بالوراثة أو التوصية.
ورأى هؤلاء المقلدون بأن كمال الدين الحائري هو الأحق برئاسة الطائفة.
أهم المراجع:
1-   الشيخية نشأتها وتطورها – محمد حسن آل الطالقاني.
2-   أصول مذهب الشيعة – د. ناصر عبد الله القفاري ج1 ص136.
3-   الشيرازي: المرجعية في مواجهة تحديات التطور – أحمد الكاتب ص52.
مواقع ودوريات:
1-   موقع الأوحد (www.awhad.com).
2-   الوكالة الشيعية للأنباء.
3-     صحيفة الوطن الكويتية.
([1] ) الإخباريون فرقة من الشيعة الإثنى عشرية توجب العمل بالكتاب والسنة (حسب المفهوم الشيعي للسنة الذي يدخل فيه أيضاً أحاديث الأئمة الإثنى عشر) وتسقط دليلي الإجماع والعقل (القياس) من الأدلة الأربعة المذكورة في أصول الفقه. وترى أن الاجتهاد رأي, والرأي لا يجوز في الدين, لذلك تمنع الاجتهاد في الأحكام الشرعية, وترى أن ما في الكتب الأربعة التي عليها مدار التشيع (الكافي, الاستبصار, من لا يحضره الفقيه, التهذيب) قطعي السند أو موثوق بصدوره, فلا حاجة إلى البحث عن سنده, وأوجبوا العمل بهذه الأخبار. وهم لا يرون حاجة لتعلم أصول الفقه ولا يرون صحته.
وكان بداية الإخبارية في مطلع القرن الحادي عشر الهجري على يد الشيخ محمد أمين الاسترابادي صاحب "الفوائد المدنيّة". وهم يمثلون الأقلية في الشيعة الاثنى عشرية.
ويقابل الإخباريين طائفة الأصوليين.
([2] ) الأصوليون هم المجتهدون, أو القائلون بالاجتهاد وبأن أدلة الأحكام هي الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل (القياس), ولا يحكمون بصحة كل ما في الكتب الأربعة, وهؤلاء الأكثرية.
([3] ) انظر: البابية لعبد الله صالح الحموي والبهائية للحموي أيضاً, والبهائية لمحب الدين الخطيب, والبهائية لإحسان إلهي ظهير, والبهائية لحسين ناجي محيي الدين. وسيتم تخصيص زاوية العدد القادم من الراصد لفرقة البهائية إن شاء الله.
([4] ) الشيخية لا يعتبرون أنفسهم فرقة من فرق الإمامية الإثنى عشرية, فقد جاء في موقعهم الرسمي  www.awhad.com في صفحة الفتاوى أو الاستفتاءات ما نصه:
((الشيخية ليست فرقة من فرق الإمامية الإثنى عشرية, وليس هناك فرق بينها وبين الشيعة الإمامية, بل هي خط التشيع الواضح والعقائدي اللائح, وإن أردت الاطلاع على الأمر فانظر في مصنفاتهم وكتبهم, فهم لا يفترقون عن التشيع, وقد أشار للمسألة السيد محمد حسين الطبطبائي في كتابه "الشيعة والإسلام" ويمكنكم الاطلاع عليه)).
([5] ) المعصومون الأربعة عشر عند الشيعة هم النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة رضي الله عنها إضافة إلى الأئمة الإثنى عشر.