Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

علاقة المذهب والسياسة في عراق ما بعد صدام ..

طرحت التركيبة المذهبية للجمعية الوطنية العراقية التي تم انتخابها في 30 يناير الماضي تساؤلاً مهما مفاده: ما هي طبيعة النظام السياسي القادم في العراق، وإلى أي مذهب سوف ينسب؟

إن الاتجاه العام في العراق يميل نحو شكل من الحكومة الإسلامية، لكن ضغط الأمريكيين وتخوف عرب المنطقة من نفوذ الأغلبية الشيعية أدى إلى تغليب الاتجاه الداعم لتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن المسألة التي لم تغب مطلقا عن حديث زعماء العراق، خاصة آية الله السيستاني تتمثل في أنه يجب أن يكون الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع والقوانين الموضوعة في العراق، ولكن على الرغم من وجود هذا التوجه المشترك بين مسلمي العراق ، إلى أن ثمة خطوط تمايز مذهبية وعرقية بدت تلوح في الأفق حول بعض القضايا، ولهذا السبب يطرح الآن هذا السؤال على العراقيين ومفاده: ما هو حال الإسلام السياسي بعد صدام.

الإجابة على هذا السؤال ليست معلومة تماماً فسياسة القمع التي مارسها نظام صدام حسين أخلت بالأداء الطبيعي للسياسة ،وأدت إلى لجوء الجماعات وبالتحديد الجماعات الإسلامية إلى الأنشطة السرية، بل إن كثيراً من الجماعات التي كانت نشطة في سائر الدول العربية مثل الشيوعيين والليبراليين والإسلاميين قلما تنشط في العراق، ولكن اليوم ظهر كثير من هذه الجماعات وفرض نفسه على الساحة. ورغم انتهاء العصر القمعي وانفتاح المناخ السياسي،  فليس هناك دليل لأن نقول أن ثمة مناخاً سياسياً جديداً آخذ في التبلور ،ويختلف تماماً عن النماذج العامة للسياسة في العالم العربي.

صحيح أن لكل دولة خصائصها وتاريخها وجغرافيتها السياسية والطبيعية الخاصة بها، لكن يوجد في العالم العربي نماذج سياسية محددة طموحة تحول دون أن تصبح العراق أكثر حرية بشكل يختلف عن سائر الدول العربية، فأحد الخصائص العامة للعالم العربي هو أن الإسلاميين يمثلون المعارضة الأهم والوحيدة بالنسبة للنظم القائمة، ولذا فإن الإسلام السياسي في عراق ما بعد صدام سيكون له حضور فاعل كما كان من قبل.

في العراق الآن ونظراً لوجود درجة من المنافسة السياسية يواجه الإسلاميون تحديات فيما يتعلق بتداول السياسة، السؤال الأهم في هذا السياق هو: كيف ستبدو الطروحات الإسلامية وكيف سيتفاعل الإسلاميون مع سائر القوى السياسية الموجودة في العراق؟

وينشط في العراق الآن ثلاث (مجموعات) إسلامية قومية ـ مذهبية هي:

1ـ الأغلبية العربية الشيعية.(هذا غير صحيح فالسنة أكثر من الشيعة بكل القوميات. الراصد )       

2ـ العرب السنة.     3ـ الأكراد.

النقطة الأهم في هذا الإطار هي أن الخلاف بين الشيعة والسنة ليس عميقاً كما هو متصور ( طبعاً هذا غير صحيح . الراصد )، لأن هاتين الجماعتين كانتا تعيشان جنباً إلى جنب طوال العديد من السنوات وهم يعتبرون أنفسهم عرباً، بل إن شيعة العراق يؤكدون على عروبتهم وعراقيتهم، ولكن نظراً للسياسات العنصرية التي طبقها صدام على مدى العقود الماضية تبلور نوع من الوعي السياسي والاجتماعي لدى الشيعة للوصول إلى السلطة لأنهم كانوا محرومين منها أثناء تلك الفترة، ولهذا السبب فإن التيار الحالي في العراق ليس تياراً واحداً خلف الحدود العرقية المذهبية،والخلافات الموجودة قائمة على قضايا اجتماعية وفئوية قبل أن تكون على الدين وهذا يجعل الشيعة والسنة العراقيين أصحاب جذور قبلية مشتركة ورؤية مشتركة أيضاً، ولكن التشيع في الوقت الحاضر ليس مجرد وجهة نظر وعقلية دينية خاصة بل هو أسلوب حياة روحية وثقافية بالنسبة للشيعة في مختلف أنحاء العالم، وعلى الرغم من أن شيعة العراق، ذوو أصول قبلية وعشائرية فقد كانت ثقافتهم على مدى العدة عقود الماضية ثقافية مدنية وتأثرت إلى حد ما بالثقافة الإيرانية. بعبارة أخرى، مع مرور الوقت تزايدت أوجه التمايز بين الشيعة والسنة.

ـ الشيعة:

لقد تهيأت أمام الشيعة بعد سقوط صدام فرصة تاريخية لا نظير لها وهم يأملون الآن بعد فوزهم في انتخابات الجمعية الوطنية أن يصبحوا القوة الأهم. وقد كان الشيعة في عهد الدولة العثمانية وأثناء الاحتلال البريطاني للعراق وفي عهد صدام دائماً على الهامش محرومين من السلطة، وقد أدى سقوط صدام إلى عودة الشيعة إلى هويتهم وزيادة نشاطهم السياسي الشيء الذي لم يكن يتوقعه الساسة الأمريكيون. الآن يدرك الشيعة أن الوجود الأمريكي هو العائق الأساسي في طريق وصولهم إلى السلطة التي حرموا منها لسنوات.

إن تحليل قضايا شيعة العراق أسهل بكثير من تحليل قضايا السنة، إذ أن نشاطهم علني وبعض زعمائهم مثل محمد باقر الحكيم زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية العراقية كان على مدى عقد كامل على اتصال دائم بالأمريكيين، وكان يعمل بكل جهد من أجل الإطاحة بنظام صدام.

يجب الأخذ في الاعتبار أن الشيعة يتميزون بالأساس عن الجماعات الأخرى من خلال اهتمامهم  بالقضايا الاجتماعية ، كما أن سياسة الشيعة ذات طبيعة دينية يلعب رجال الدين بصفة عامة الدور الأساسي فيها، وهنا تكمن معضلة الشيعة العلمانيين فعندما يُنحى الشيعة العلمانيون الدين جانبا فإنهم يفقدون دعم جماهير الشعب، وإذا قدموا أنفسهم على أنهم شيعة فإنهم ينفصلون عن سائر الجماعات غير الشيعية.

ـ آية الله علي السيستاني ودعاة التهدئة:

اعتبرت المرجعية الشيعية العليا في العراق ممثلة في آية الله علي السيستاني أن التهدئة أكثر سبل الحياة فعالية في عهد صدام، والمقصود بالتهدئة هنا البعد عن السياسة. وفي هذا التقليد يلعب رجال الدين دور المراقب والناقد للقضايا الاجتماعية والسياسية، لكن الآن وقد سقط نظام صدام يكون من المناسب والمفيد أن يواجه تيار التهدئة اختباراً كبيراً فلم تعد التهدئة ابتعاداً تاماً عن السياسة، بل هي اتجاه محدد ومقصور على موضوعات سياسية في وقتها وإبداء وجهات النظر السياسية.

جماعة الصدر:

مقتدى الصدر هو أصغر أبناء محمد صادق الصدر الذي اغتاله نظام صدام في عام 1999، وقد كون مقتدى الصدر جماعة الصدر الثاني ويتجمع  معظم أنصار الصدر في بغداد في مدينة الصدر (صدام سابقا) وكان مقتدى الصدر من الأشخاص الأوائل الذين طالبوا بخروج علماء الدين غير العراقيين من العراق، وعمل على طرح توجه شيعي محلي في العراق، وشكك في جدارة زعماء الدين غير العراقيين، ولكن نظراً للامتزاج الثقافي بين الإيرانيين والعراقيين على مدى التاريخ أصبح من العسير جدا خلق توجه شيعي عراقي صرف.

 إن التأكيد على التشيع المحلي والعراقي من جانب الصدر من الممكن على المدى البعيد أن يقلل من نفوذ إيران في العراق ويخلق منافسا قويا لنفوذ إيران بين الشيعة في العراق ويخلق منافسا قويا لنفوذ إيران بين الشيعة في العراق ولبنان وسوريا والخليج (الفارسي) بل وشبه القارة الهندية.

ومعظم أنصار مقتدى الصدر في الغالب أشخاص ذوو مستوى اقتصادي منخفض يعيشون على أطراف المدن ويفتقرون إلى التجربة والممارسة السياسية اللازمة، وعلى مدى العدة أشهر الأخيرة، وخاصة بعد أزمة النجف تلاشى الوجود السياسي القوي لمقتدى الصدر.

ومع هذا لا يجب التهوين من قدرة مقتدى الصدر على مواجهة الحكومة العراقية والقوات العسكرية الأمريكية.

المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق:

أسس آية الله محمد باقر الحكيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في عام 1982 وكان مقره في طهران ويضم قوات فيلق بدر التي تعد الجناح العسكري للمجلس الأعلى وقوامها عشرة آلاف مقاتل وقد تم تكوينها من المليشيات المبعدة من العراق، وكان الحكيم يدعم مبدأ التعددية في الحكومة العراقية بعد الاحتلال.

وبعد اغتيال محمد باقر الحكيم في العراق خلفه أخوه عبد العزيز الحكيم الذي يبدو أنه يواصل طريق الحكيم في نهجه.

حزب الدعوة:

يعد حزب الدعوة حركة إسلامية شيعية ذات تاريخ طويل في العراق، وتعود بدايته إلى عام 1957، وقد أسس هذا الحزب محمد باقر الصدر وعدد آخر، وكانت هذه الحركة في البداية عازمة على تشكيل حكومة إسلامية، حيث عملت على كسب تعاون الإخوان المسلمين، وقد خلق التوجه الراديكالي السياسي لحزب الدعوة مناخا محافظا في النجف.

 واشتهر حزب الدعوة بالعنف ضد النظام في عقد السبعينيات، ومع تشكيل المجلس الأعلى انضم إليه حزب الدعوة عام 1982 ولكنه انفصل عنه للخلافات التي نجمت عن مسألة الحكم وأيضا محاولة إيران السيطرة على المجلس الأعلى، ومنذ ذلك الوقت انقسم حزب الدعوة إلى جناحين جناح في طهران وكان جزءا من المجلس الأعلى أطلق عليه اسم "حزب الدعوة الإسلامي" وآخر كان أكثر استقلالا واتخذ من لندن مقراً له.

( لاحظ تغيب السنة عن البحث وجعلهم سريين ! وليس لهم نشاط إجتماعي ... وهذا أسلوب مدروس في تجاهل السنة و كأنهم غير موجودون كأسلوب قناة المنار في تجاهل الصحابة وامهات المؤمنين . الراصد )

____________________________

 همشهرى (المواطن) 9/3/2005

نقلا ً عن مختارات إيرانية  العدد 58 – مايو 2005