فضل شاكر يشتم الشيعة: سلفيّو صيدا متحمّسون للمعركة ..
بدا فضل شاكر راغباً بالحديث عندما وجده موقع NOW واقفاً بعد ظهر الأربعاء الماضي خارج مسجد بلال بن رباح حيث يتواجد الشيخ أحمد الأسير. كان هذا المغني السابق، الذي أصبح من أشد مناصري الشيخ الصيداوي، برفقة نحو ستة شبّان يعتمدون موضة اللحى السلفية الطويلة، ولم يبدُ ربّما يوماً أكثر جرأة في ردّه على أسئلتنا.
ولدى سؤاله عما إذا كان سينضم الى "كتائب المقاومة الحرة"، أي الميليشيا الصيداوية الجديدة التي أسّسها الأسير يوم الإثنين الماضي، "بالطبع!" كانت إجابته، التي سرعان ما ردّدها باقي الشبان. ومن ثم سأله NOW هو ورفاقه عمّا إذا كانوا سيتوجهون للقتال في سوريا، تلبيةً لدعوة الأسير "للجهاد" ضد قوات بشار الأسد و"حزب الله"، فلم تكن الإجابة أقل حماسة من ذي قبل: "إن شاء الله!" قالوا.
وعند ذلك، تحمّس شاكر. فكال الشتائم للشيعة وبصوتٍ مرتفع، وقال: "دوِّن ذلك!". فسأله موقع NOW إذا ما كان يعني كل الشيعة أو يشير فقط الى "حزب الله"- في تمييز يعتمده الأسير- فأجاب: "لا، كلّهم!"، مثيراً ضحك رفاقه. كما صبّ جام غضبه على آية الله الخميني (مرشد الثورة الإيرانيّة الراحل)، قبل أن يودّعه NOW ويتركه.
في شقته المقابلة للمسجد، تبنّى الأسير نفسه لهجة أكثر تحفّظاً. "لسنا هنا لقتال الشيعة. هدف كتائب المقاومة الحرة هو الدفاع عن النفس- ضد إسرائيل، إذا اختاروا الاعتداء علينا، وضد "حزب الله" إذا أرادوا ذلك أيضاً"، قال الشيخ لـ NOW. "قلنا مرات عدة إنّنا نرفض القتال والتسبّب بحرب أهلية في لبنان".
وكان الأسير قد تحدّث عن إنشائه ميليشيا في تشرين الثاني الماضي، ولا يزال تشكيلها في مراحل التخطيط، قال لـ NOW. حالياً، يقول، تسجّل نحو 300 لبناني وفلسطيني من صيدا وضواحيها للانضمام [الى الميليشيا]- وهو عدد يأمل بأن يزداد ليصبح بضعة آلاف (يتم التسجيل خارج مسجده بعد صلاة العشاء)- ولكن لم يحصلوا على أي تدريب رسمي. وهو أكّد أنّه هو وأبناؤه سيكونون شخصياً من بين أعضاء الكتائب.
غير أنّ هؤلاء ليسوا هم بالضرورة الأشخاص نفسهم الذين ينوي الأسير أن يخوضوا حرب الجهاد عبر الحدود. "الأشخاص الذين توجّهت لهم الفتوى للجهاد هم أولائك الذين يعيشون على الحدود، لأنّه يسهل عليهم دخول سوريا"، وأضاف أنّه رغم ذلك "إذا كانت هناك حاجة، سوف نقوم بدعمهم".
وتأتي دعوة الأسير الى حمل السلاح- التي تلتها دعوة ثانية وجهّها الشيخ البارز في طرابلس سالم الرافعي، في وقت يشتد فيه القتال في بلدة القصير السورية وحولها، وهي بلدة سيطر عليها الثوار وتبعد نحو 10 كلم عن شمال شرق الحدود اللبنانية. ويُقال إنّ الأسد نفسه وصف معركة القصير، التي تجري بين الموالين للنظام وبينهم ما يُقدّر بـ800 - 1200 عضو في "حزب الله" ومسلحي المعارضة، بـ "المعركة الأساسية" في كافة أنحاء سوريا في الوقت الحالي.
""حزب الله" يقاتل في القصير والدولة اللبنانية لا تتفوّه بكلمة ضدّه" قال الأسير لـ NOW. "بقينا بعيدين لسنتين، ولكن اليوم مع هجوم "حزب الله" على إخواننا السوريين من جهة، وهجوم النظام عليهم من الجهة الأخرى، باتوا تحت الحصار. علينا ان ندعمهم، هذا ما تفرضه علينا الشريعة الإسلامية".
وهذا ما قاله الرافعي أيضاً، الذي تعهّد يوم الإثنين الماضي "بإرسال رجال وأسلحة دعماً لإخواننا السنّة في القصير". وقال الأسير لـ NOW إنّه نظراً لنفوذ الرافعي الكبير في طرابلس، يتوقّع بأنّه سوف يرسل أكثر من ألف مقاتل عبر الحدود. ولم نستطع الوصول الى الشيخ الرافعي للحصول على تعليقه.
مع هذا الخلط بين مقاتلي سوريا ولبنان ("نقول لإخواننا السوريين، حربكم هي حربنا" كما يشرح الرافعي الأمر) واحتمال قيام حرب طائفية بين سنة وشيعة لبنان في سوريا، يقول المحلّلون لـ NOW إنّ خطة الأسير- الرافعي يمكن أن تكون نذير شؤمٍ على أمن لبنان.
"هذا بالتأكيد يجر لبنان أكثر فأكثر نحو الصراع السوري"، قال الدكتور عماد سلامي، البروفسور في العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية. "الآن بات لدينا جانبان في لبنان- من جهة "حزب الله" المنخرط أصلاً في القتال، و[من جهة أخرى] المجموعات السنية الموالية للمعارضة التي تعد بانخراط عسكري مماثل. إذا استمرّت الأمور على هذا النحو، قد تجر في نهاية المطاف القرى الحدودية والمناطق السنية- الشيعية المختلطة في وادي البقاع الى صراع مماثل. هذا الأمر خطير بالفعل ويدعو الى الحذر".
بالإضافة الى ذلك، يعلّل سلامي "سواء أكانا يدريان بالأمر أو لا يدريان، فإنّهما [الأسير والرافعي] يتصرّفان بطريقة تفيد خصمهما النظام السوري، من خلال تحويل الأزمة الى أزمة إقليمية، ما سيدفع بالمجتمع الدولي الى تفضيل اعتماد تسوية سياسية تصب في مصلحة النظام".
غير أنّه وبالرغم من ذلك، يضيف سلامي بأنّ مدى الضرر قد يقتصر على مجموعة أنصار الأسير التي لا تزال هامشية داخل الطائفة السنية. "تأثير الأسير ليس بالقدر الذي يبدو عليه في الإعلام. بالطبع، هو يستطيع إرسال بعض المقاتلين الى سوريا، ولكنّ هذا يُعتبر جزءاً من محاولته جذب بعض الانتباه إليه والبرهنة على نفوذ له في شؤون السياسة في لبنان وسوريا".
"هو والرافعي يحاولان أن يظهرا أنّ "حزب الله" ليس الطرف الوحيد القادر على اللعب بورقة "سوريا".