Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

التغلغل الشيعي في جسم الحركات الإسلامية بالمغرب؟ ..

يمكن تصنيف تعاطي الحركات الإسلامية بالمغرب مع ظاهرة التشيع في ثلاث مواقف: موقف الصرامة التنظيمية ضد أي شبهة خاصة بالتشيع، وخاصة مع جماعة "العدل والإحسان" وحركة "التوحيد والإصلاح"، موقف الانزلاق نحوالتعاطف الكبير مع الشيعة، عند "الحركة من أجل الأمة" و"البديل الحضاري"، لولا أن التعاطف اقتصر برأي المتتبعين على الشق السياسي دون أن يمتد للشق العقائدي، وموقف "الحرب المذهبية"، ذلك الذي تتبناه التيارات السلفية الوهابية.

قد تختلف الفعاليات الإسلامية الحركية بالمغرب عن شرعية السلطة، الموقف من المشاركة في اللعبة السياسية، مدونة الأسرة، الحوار مع اليسار العلماني المعتدل .. ولكنها لا يمكن أن تختلف مع معطى ميداني مصنف ضمن خانة الطابوهات: التغلغل الشيعي في جسم الحركات الإسلامية. المعطيات التي نتوفر عليها تشير إلى أن التغلغل الشيعي لم يستثني أي حركة إسلامية بالمغرب، إما بسبب قابلية التسريع من التغلغل، أوبسبب أخطاء ميدانية ارتكبت من قبل بعض القيادات، ساهمت بشكل أوبآخر في توسيع قاعدة التشيع، ليصبح الإسلاميون متشيعون "موضة" ثقافية إسلامية مثل السلفية العلمية وتجسيدا لتشوه سلوكي وعقدي وتكريسا لاختلال بنيوي في داخل التيار الإسلامي المغربي العريض.

نماذج في التغلغل

مع جماعة "العدل والإحسان" مثلا، تأثر الشيخ ياسين بالشيخ محمد ناصر الكتاني وهوسني المذهب، أستاذ بدار الحديث الحسنية، ودرس بجامعة محمد الخامس، وأحد تلامذة مولاي أحمد بن الصديق، ولكنه كثيرا ما تطرق للإشكال الزيدي (نسبة إلى الإمام زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي، أخوالإمام الباقر)، وهوعين ما قام به الشيخ عبد السلام ياسين، لولا أن خوض مرشد الجماعة لم يكن في الكواليس أوحتى في جلسات علمية تتطلب حضور عدة فقهية ومعرفية شبه غائبة عند الأتباع، بل تم الترويج عن حسن نية للطامات الشيعية في بعض المؤلفات الموجهة للقراء في غياب أرضية علمية وفقهية مفروض أن تجسد حصانة ضد هذا التغلغل. وبالنتيحة، برزت العديد من الأسماء "العدلية" التي تشيعت، لعل أبرزها المدعو(م. م) الذي حظي بشرف مراجعة بعض مؤلفات الشيخ عبد السلام ياسين، اتهم بالتشيع، وتم فصله حسب مصدر مسؤول من الجماعة، وفي "رواية" لسلفي وهابي، (م. م) قرر الخروج من الجماعة قبل صدور قرار الفصل، وانتقل من نجس إلى نجس (كذا بتعبير السلفي)، ويعيش حاليا بالولايات المتحدة الأمريكية.

"الحركة من أجل الأمة" ومعها جمعية "البديل الحضاري" تأثرتا بشكل كبير بتبعات الثورة الإيرانية، ويتضح ذلك مثلا في دلالات الإسم الذي أطلق على أدبيات الحركة: مشروع البصيرة (البصيرة مصطلح عرفاني شيعي صرف، و"البصائر" هوعنوان إحدى المنابر الفكرية ذات النزوع الشيعي المتشدد، ثم إن مجرد الحديث عن "الحركة من أجل الأمة" يحيل على "ولاية الأمة"، والذي يحيل بدوره على "ولاية الفقيه"، ناهيك عن كون مراسل قناة "المنار" اللبنانية ينتمي لنفس الحركة.

يقف (م. ع) (سلفي التوجه) وراء توجيه اتخاذ قرارات مسؤولة بطرد أغلب العناصر الإسلامية التي تبث تشيعهم. وضمن نفس المنظور، تمت الاستعانة بحسن الكتاني، مع فارق أن سلفية هذا الأخير لم تكن سلفية تقليدية، بغية التسريع بالتصدي لأي مد شيعي داخل الحركة.

مع "التوحيد والإصلاح"، سوف يتم طرد المتشيعين في الفترة الممتدة ما بين 1987 و1991، أي العام الذي شهد طرد مجموعة أطلق عليها "مجموعة يعقوب المنصور بالرباط".

خلل بنيوي يكرس تغلغل المجلات الشيعية

"المنطلق الجديد"، "قضايا إسلامية معاصرة"، "المنهاج"، "البصائر"، "المحجة"، "الكلمة"، "الحياة الطيبة"، "الوعي المعاصر"، "فقه آل البيت" ... غيض من فيض المجلات الفكرية المشرقية التي يعج بها السوق المغربي، تمول من قبل معاهد ومراكز أبحاث شيعية المذهب أوموالية للشيعة، ولكنها لا تنشر للشيعة فقط، على اعتبار أن العديد من الأسماء السنية تنشر بها، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، يوسف القرضاوي، محمد عمارة، أحمد كمال أبوالمجد، أبويعرب المرزوقي، خالص جلبي، أحمد صدقي الدجاني ..

ولأسباب موضوعية مرتبطة بقلة المنابر الفكرية السنية، خاصة وأن المجلات الإسلامية السنية يطغى عليها الطابع الصحفي الصرف، مقارنة مع الطابع الفكري الذي يميز المنابر السالفة الذكر ويمكن أن نقارن أساسا بين تلك المنابر ومجلات مثل "الوعي الإسلامي"،" منار الإسلام"، "الفرقان" .. وكلها من دول الخليج العربي.

مجرد استعراض الأسماء المشرفة على إدارة تحرير هذه المنابر يحيل على المرجعية الشيعية الصريحة، ونذكر منهم على الخصوص، عبد الجبار الرفاعي، السيد محمد الهاشمي الشاهرودي، حيدر حب الله، هاني عبد الله، الشيخ أسد الله حسني (عن فصلية المنهاج)، محمد رضا نور اللهيان المهاجر، نجف علي ميرزائي (الحياة الطيبة)، السيد جعفر الشيرازي، مرتضى معاش، عبد الله الفريجي، حيدر الجراح (النبأ)، الشيخ مهدي العطار، علي المؤمن، زينب شوربا، محسن الموسوي (المستقبلية) أوجعفر حسين، متوكل علي، حسن علي (البصائر).

بالنسبة لموضوعات هذه المجلات، فتتيمز بالتنوع والانفتاح على ملفات تجديد علم الكلام، التأويل، التعريف بفقه آل البيت، تمرير ملفات حول المشروع الشيعي العقدي والفكري (كما هوالشأن على الخصوص مع فصلية البصائر التي تروج بين المتتبعين لأطروحات شيعية متشددة).

حتى نستوعب مدى خصوبة الأرضية التي تقتات عليها هذه المجلات، مما يسهل بالتالي فعل الاختراق البطيئ والفعال، نأخذ الحالة المغربية نموذجا، حيث تواضع منتوج المنابر الإسلامية، منها مثلا مجلة "دعوة الحق" الصادرة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وفي المقابل، نجد فصلية فكرية رصينة تحمل إسم "المنعطف" التي يشرف عليها عدة أسماء لامعة وشابة في وجدة والتي تعاني الأمرين قبل الصدور بحدود أدنى من الإمكانيات المادية، دون أن يمنعها ذلك من أن تنشر لأسماء فكرية تكاد تصنف ضمن خانة "أعلى عليين" (من طينة الفيلسوف المجدد طه عبد الرحمن، المفكر الموسوعي عبد الوهاب المسيري أوالمرحوم علي عزت بيغوفيتش)، وطبيعي أن الأفق المعرفي والتنظيري لمثل هذه القمم المعرفية لا يمكن أن تستوعبه مجلة مثل "دعوة الحق"، ومعها المنابر الإسلامية الحركية (1).

فطبيعي، في ظل هذا الفارق الصارخ بين أفق "المنعطف" بإمكانيات جد محدودة و"دعوة الحق" بتبني رسمي من لدن الوزارة الوصية، أن تبتهج المنابر الشيعية التمويل لتبعات هذا الخلل، من أجل كسب شريحة لا يستهان بها من القراء، إسلاميين حركيين كانوا، أوباحثين متتبعين ومهتمين بطبيعة الملفات الدينية والفكرية والسياسية التي تنشر في تلك المنابر.

هذا عن الحالة المغربية، ولا يختلف الأمر كثيرا مع باقي الدول العربية ذات الأغلبية السنية، وكل هذه مقدمات ميدانية تكرس تغلغل هذه المنابر، في إطار منظور استراتيجي يندرج بصيغة أوبأخرى ضمن خانة "تصدير المعرفة الإيرانية"، بعد تواضع نتائج "تصدير الثورة الإيرانية".
الرباط - منتصر حمادة.