عمر قفز جدران أحد المنازل ثـم وجد بداخله أناسا يشربون الخمر - القصة
عمر قفز جدران أحد المنازل ثـم وجد بداخله أناسا يشربون الخمر - القصة
هل صحيح ما يروى عن عمــر بن الخطاب رضي الله عنه من أنه ذات مرة قفز جدران أحد المنازل ، ثـم وجد بــداخله أناسا يشربون الخمر ، فـقـالوا لـه : نحن ارتكبنا إثما واحدا وأنت ارتكبت ثلاثة : لم تستأذن ولم تأتنا من الباب وتجسست علينا ؟
الجواب :
لم تثبت هذه القصة لدينا بعد تتبع
ما كتـب عن عمر رضي الله عنه فــي كتــب التاريخ والتراجم ، ثـم هـي لا تتناسب مـــع خلق عمر وسيرته ، ويبعد أن يجرؤ عـليـه أمثال هؤلاء وهــم مرتكبون لجريمة شرب الخمر بل المعهود أنهم يخجلون ويصيبهـم
الخزي ؛ لمكانهم من الجريمة ، ولما لعمر رضي الله عنه من المهابة . وبالله التوفيق
وصلــى الله علــى نبينــا محمــد وآلــه وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
تجسس عمر بن الخطاب على أصحاب المعاصي كذب وافتراء
بالرغم من الجهود التي بذلها علماء الحديث على مر العصور للذود عن هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وتنقيحها وتنقيتها من كل دخيلة إلاّ أنه لا تزال هناك قِلَّة من الأحاديث تشتهر على ألسنة الناس بالرغم من ضعفها البَيِّنْ وتصنيفها من قبل علماء السنة في الضعيف أو المنكر ومع ذلك هناك من يكررها على مسامع الناس حتى ظنَّ البعض صحتها .
وفي هذه الزاوية سنوالي بمشيئة الله تعالى تتبع هذه الأحاديث ، وتبصير الناس بها وتبيين موقف علمائنا منها .
رُوي عن عمرو بن أعين عن ثور الكندي : )) أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعس – يطوف بالليل – بالمدينة من الليل ن فسمع صوت رجل في بيت يتغنى ، فَتَسَوَّرَ عليه فوجد عنده امرأة وعنده خمر ، فقال : يا عدوا الله أظننت أنَّ الله يسترك وأنت على معصية ؟ فقال : وأنت يا أمير المؤمنين لا تعجل عليَّ إن أكن عصيت الله في واحدة فقد عصيت اله في ثلاث : قال تعالى :وَلاَ تَجَسَّسُوا وقد تجسست وقال الله عز وجل: وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ، وقد تسورت عليَّ من ظهر البيت بغير إذن، وقال عز وجل : لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا فقد دخلت بغير سلام ، قال عمر رضي الله عنه فهل عندك من خير إن عفوت عنك ؟ قال: نعم والله يا أمير المؤمنين لئن عفوت عنّي لا أعود لمثلها أبداً، قال فعفا عنه وخرج وتركه ))
إسناده ضعيف ومتنه منكر فيه علل :
عبد الله بن صالح بن محمد الجهمي ، أبو صالح المصري كابن الليث ،
ضعفه النسائي وعلي بن المديني وابن حبّان وأبو أحمد الحاكم .
قال عنه الحافظ ابن حجر ( التقريب 3752 ) :
صدوق كثير الغلط ثبت في كتابه وكانت فيه غفلة .
وهذه الحادثة لم تصح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي منكرة فلا يصح الاستدلال بها على جواز التجسس وتسور البيوت لأن في ذلك الأمر مفاسد ،
ولأن من مقاصد الشريعة تحريم كشف العورات وهتك ما ستره الناس على أنفسهم ، فإن الستر على الناس إنّما هو واجب شرعي وهو ممّا يؤدي إلى انتشار المحبة والمودة والتآلف بين المسلمين على العكس من تتبع السوءات والعورات فيؤدي إلى التقاطع والبغضاء والشحناء والفساد في الأرض .
وقد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خلاف ذلك، وهذا يدل على عظيم فقهه.
عن المِسْوَرْ بن مَخْرُمَة عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال حرست مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه المدينة ليلة إذ تنبت لنا سراج فمشينا نحوه حتى انتهينا إلى باب مجاف على قوم قد علت أصواتهم وكَثُر لغطهم فقال :
أتدري بيت من هذا ؟
قلت : لا أدري ، قال : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب غما ترى ؟ قلت أرانا قد أتينا ما نهانا الله عنه ، قال الله عز وجل وَلاَ تَجَسَّسُوا وقد تجسسنا ، قال فرجع وتركهم .
إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات أخرجه أبو بكر الخرائطي في مكارم الأخلاق ومعاليها .
مجلة أمتي العدد الأول غرة رجب 1425 هجرية - أغسطس 2004 صفحة 45
الموقع
الرسمى للشيخ حاي بن سالم حاي حفظه الله ورعاه