Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

اتهام عائشة لأبي هريرة رضي الله عنهما بالكذب

اتهام عائشة لأبي هريرة رضي الله عنهما بالكذب 

وأخرج بن سعد في باب أهل العلم والفتوى من الصحابة في طبقاته بإسناد صحيح عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال قالت عائشة لأبي هريرة انك لتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ما سمعته منه قال شغلك عنه يا أمه المرآة والمكحلة وما كان يشغلني عنه شيء ".


أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي ت 852 هـ .
فتح الباري شرح صحيح البخاري ، ج 7 ، بيروت: دار المعرفة ، 1379هـ ، ص 76

" ... ثنا خالد بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن عائشة أنها دعت أبا هريرة فقالت له يا أبا هريرة ما هذه الأحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها عن النبي صلى الله عليه و سلم هل سمعت إلا ما سمعنا وهل رأيت إلا ما رأينا ؟ قال : يا أماه إنه كان يشغلك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم المرآةوالمكحلة و التصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم و إني و الله ما كان يشغلني عنه شيء "

الحاكم النيسابوريهذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه .
الذهبيصحيح .

محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ت 405 هـ .
المستدرك على الصحيحين ، ط1 ، ج 3 ، تحق: مصطفى عبد القادر عطا ، بيروت: دار الكتب العلمية ، 1990م ، ص 582
مع الكتاب: تعليقات الذهبي في التلخيص

محمد بن كناسة الأسدي ، عن إسحاق بن سعيد ، عن أبيه ، قال : دخل أبو هريرة على عائشة ; فقالت له : أكثرت يا أبا هريرة عن رسول الله ! قال : إي والله يا أماه ; ما كانت تشغلني عنه المرأة ، ولا المكحلة ، ولا الدهن . قالت : لعله ".

شعيب الأرنؤوط : رجاله ثقات .

شمس الدين محمد الذهبي ت 748 هـ .
سير أعلام النبلاء ، ط9 ، ج 2 ، تحق: شعيب الأرنؤوط ، بيروت: مؤسسة الرسالة ، 1993 ، ص 604
 
الــــجـواب
 
ففي هذا الحديث نرى أبا هريرة رضي الله عنه يجيب عائشة رضي الله عنها على تساؤلاتها بما يبدو أنها قد اقتنعت به، إذ لم ترد أو تعلق عليه بشئ، لما فيه من صراحة وواقعية يسلم بها ذوو النفوس الكريمة والمقاصد السليمة.وبهذا يتضح أن استدراكها ما هو إلا تساؤل أرادت منه الجواب عليه، فلما أجابها بما أجابها به، عرفت أن عنده ما ليس عندها، وأنه قد سمع ما لم تسمعه، ورأى ما لم تره، نظراً لملازمته التامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وانشغالها رضي الله عنهما بما تنشغل به النساء المتزوجات عادة.ومما يؤكد عدم انشغاله رضي الله عنه بغير السماع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما تقدم عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، أنه دخل عليه رجل، فقال: يا أبا محمد والله ما ندري هذا الغلام اليماني أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم أم أنتم؟ فقال طلحة: والله ما يشك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، إن كنا قوماً أغنياء لنا بيوت وأهلون، كنا نأتي نبي الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار، ثم نرجع وكان أبو هريرة رضي الله عنه مسكيناً لا مال له ولا أهل ولا ولد، إنما كانت يده مع يد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يدور معه حيث ما دار، ولا نشك أنه قد علم ما لم نعلم، وسـمع ما لم نسمع ولم يتهمه أحد منا أنه تقوّل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. الحاكم 3/511-512.

وأما استدراك ابن عمر رضي الله عنهما عليه، فهو اعتراضه عليه في حديث اتباع الجنازة وهو ما روي أنه مرّ بأبي هريرة رضي الله عنه، وهو يحدث عن النبي صلى الله عليه سلم: "من تبع جنازة فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط أعظم من أحد" فقال ابن عمر: يا أبا هريرة: انظر ما تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق إلى عائشة رضي الله عنها، فقال لهاك يا أم المؤمنين أنشــدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من تبع جنازة، فصلى عليها فله قيراط، وإن شهد دفنها فله قيراطان؟" فقالت: اللهم نعم.

فقال أبو هريرة: إنه لم يكن يشغلنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس، ولا صفق بالأسواق، إنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلمنيها، أو أكلة يطعمنيها، فقال ابن عمر: يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثهأحمد: المسند 19/121، والحاكم: المستدرك 3/510-511، واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي عليه والغرس: يراد به غرس صغار النخل، إشارة إلى انشغالهم بالبساتين والضيعات عن الملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم.

هذا ولم يكن أبو هريرة رضي الله عنه هو الصحابي الوحيد الذي استدرك عليه من قبل بعض إخوانه من الصحابة، وإنما قد استدرك على غيره، فقد استدركت عائشة رضي الله عنها على ابن عمر وغيره من الصحابة رضي الله عنهم، كما استدرك بعضهم عليها، وهو أمر معروف عند العلماء كما أسلفنا ليس هذا موضع بسطه. ومما تقدم يتأكد لنا: أن استدراك بعض الصحابة على بعض لم يترتب عليه تكذيب للمستدرك عليه، ولا خدش لعدالته، أو انتقاص لأمانته، كما توهم الجاهلون ذلك.