مكانة أبي هريرة رضي الله عنه
مكانة أبي هريرة رضي الله عنه
في هذا العرض الموجز، سنورد بعض ما جاء في مدح أبي هريرة على لسان معاصريه وذلك بغية إزالة كافة الشكوك التي طالت شخصه. وعليه، كان الاعتماد على الروايات الصحيحة والإشارة إلى مواطن الضعف والخلل في الأمثلة التي سنسوقها فيما يلي، إن وجدت.
مناقبه:
قال البخاري: كان لأبي هريرة ثمانمائة طالب بين صحابي و تابعي يروون الحديث عنه. وهذا بمثابة مكرمة عظمى للرجل حيث أن الصحابة ما كانوا ليسمحوا بوجود هذا العدد الكبير من الطلاب بين يديه ما لم يكن مؤهلاُ للعب هذا الدور.
وأورد الحاكم في المستدرك (٦/٢٢٢٤) أسماء ثمانية وعشرين صحابياُ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذين رووا أحاديث عن أبي هريرة كدليلٍ على عدالته.
ويذكر أن أبا هريرة كان من أهل الفتوى؛ وقد ذكره ابن سعد في إحدى فصول كتابه "الطبقات الكبير" (٢/٣١٢) من ضمن الأربعة عشر صحابياُ الذين كانوا يفتون في الأحكام الشرعية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في مدح الصحابة له :
ورد في مصنّف عبد الرزاق (٨٣٤٢) قول ابن عمر: "عمر أفضل مني وأبو هريرة أفضل مني".
وقال أيضاُ: "يا أبا هريرة، أنت كنت ألزمنا لرسول الله وأحفظنا لحديثه". رواه الترمذي (٣٧٧١)
وقال أبو طلحة: " أمّا أن يكون (أي أبو هريرة) سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع عنه، وذاك أنه كان مسكيناُ لا شيء له، ضيفاُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم [...]". رواه الترمذي (ثمة ضعف في هذه الرواية لاحتمال عدم سماع ابن اسحاق من محمد بن إبراهيم التيمي).
وجاء في تاريخ دمشق في باب أبي هريرة (١٨٧) ما رواه زيد بن ثابت من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمّن على دعاء أبي هريرة الذي سأل الله فيه علماُ لا ينسى.
ومما ذكر في المستدرك (٦١٧٥) قول ابن أيوب في أي هريرة "أنه قد سمع وأحدّث عنه أحب إليّ من أن أحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلّم. يوصف إبراهيم بن بستم بالجهالة؛ إلا أن هذه الرواية قد وردت بأكثر من طريق في تاريخ دمشق. أنظر باب: أبو هريرة (٢٦٠ – ٢٦٣).
ومما يضاف إلى مناقب هذا الصحابي الجليل ما ذكره عبد الله بن عباس في قصة سورة التوبة إذ يقول أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان قد أوكل إلى علي بن طالب قراءة آيات هذه السورة على الناس حيث أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان قد حصر الأمر بأهل بيته فقط؛ فما كان من علي كرّم الله وجهه إلا أن أوكل الامر إلى أبي هريرة رضي الله عنه عندما منعه ألم في حنجرته من إستكمال القراءة.
في مدح التابعين له:
قال أبو صالح حسب ما جاء في مستدرك الحاكم (٦١٦١) : " كان أبو هريرة رضي الله عنه من أحفظ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم".
ويذكر الإمام مالك في الموطأ (١٠٣٧) أن محمد بن إياس بن البكير قد دأب على أخذ الفتوى عن أبي هريرة. أما أبو حازم فقد كان يتباهى بأخذ العلم عنه إذ قال: قاعدت أبا هريرة خمس سنين. أنظر المعرفة والتاريخ (٢/٦٥)
وذكر أبو عثمان النهدي بأن أبا هريرة وزوجته وخادمه كانوا يعتقبون الليل أثلاثاُ. أنظر الطبقات الكبير (٥/٢٤٨) وقال طاووس أنه سمع أبا هريرة يعظ ابنته قائلاُ :"أبى أبي أن يحليني بالذهب، يخشى عليّ من حرّ اللهب" (٥/٢٤٥).
أما ميمون بن عمران فيذكر قصته مع رجلٍ جالس أبا هريرة وأخذ الحديث عنه ما جعله يضع نفسه في مصاف العلماء؛ فقال له ميمون: " كم من إنسان جالس أبا هريرة وقلبه في مكان آخر". وبعبارة أخرى، يعتبر ميمون أن كل من استمع إلى حديث أبي هريرة بتمعن وإنصات لا بدّ وأن يصبح من أهل العلم. أنظر الطبقات الكبير (٢/٣٢٦).
هذا غيض من فيض ما ورد في ذكر مناقب أبي هريرة نحسبه كفيلاُ – بإذنه تعالى – في تبيان مكانته الرفيعة في فترة صدر الإسلام حيث كان يُشهد له بالعلم والورع.
The Status of Abu Huraira –باللغة الإنجليزية