Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

صدق كذب صدق كذب

صدق كذب صدق كذب

قال الامام ابن كثير : " وَقَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: ثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَرَ أَوْ عُثْمَانَ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ - يَعْنِي عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ - قَالَ: قَالَ لِي أَبِي الزُّبَيْرُ: أَدْنِنِي مِنْ هَذَا الْيَمَانِيِّ - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - فَإِنَّهُ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَأَدْنَيْتُهُ مِنْهُ، فَجَعَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ، وَجَعَلَ الزُّبَيْرُ يَقُولُ: صَدَقَ، كَذَبَ، صَدَقَ، كَذَبَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَهْ، مَا قَوْلُكَ: صَدَقَ، كَذَبَ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، أَمَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا أَشُكُّ، وَلَكِنَّ مِنْهَا مَا وَضَعَهُ عَلَى مَوَاضِعِهِ، وَمِنْهَا مَا وَضَعَهُ عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهِ " اهـ . [1]

ولقد بين العلامة المعلمي هذا الاثر , وان المراد منه المدح لابي هريرة رضي الله عنه بشهادة الزبير لابي هريرة رضي الله عنهما بانه قد سمع جميع الاحاديث التي يحدث بها من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , ولكن انتقده في وضع الاحاديث في غير موضعها في الاستدلال , وهذا لا مطعن فيه من ناحية الامانة , فالاصل انه سمع الاحاديث , ولكن فهمه لها على حسب رأي الزبير رضي الله عنه فيه خطأ , قال العلامة المعلمي : " قال أبو رية (( ولما سمع لزبير أحاديثه قال: صدق، كذب ))

أقول: عزاه إلى البداية 109:8 وهوهناك عن ابن إسحاق بن عمر- أو عثمان - بن عروة بن الزبير عن عروة قال (( قال لي أبي - الزبير -أدنني من هذا اليماني - يعني أبا هريرة- فإنه يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدنيته منه، فجعل أبو هريرة يحدث، وجعل الزبير يقول: صدق، كذب. صدق، كذب. قال قلت: يا أبت ماقولك: صدق كذب؟ قال: يا بني إما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أشك فيه، ولكن منها ما يضعه على مواضعه ومنها وما وضعه على غير مواضعه ))

أقول: في خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه (( إنكم تقرءون هذه الآية ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذ اهتديتم ) الآية، وإنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقابه )) انظر تفسير ابن كثير 257: فالوضع على غير الوضع بتغيير اللفظ، فإن الناس لم يغيروا من لفظ الآية شيئاً، وإنما هو الحمل على المحمل الحقيقي، ومثال ذلك في الحديث أ ن يذكر أبو هريرة حديث النهي عن الادخال من لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وحديث النهي عن الانتباذ ف الدباء والنقير والمزفت، فيرى الزبير أن النهي عن الادخار إنما كان لأجل الدافة، وأن النهي عن الانتباذ في تلك الآنية إنما كان إذ كانوا حديثي عهد يشرب الخمر، لأن النبيذ في تلك الآنية يسرع إليه التخمر، فقد يتخمر فلا يصير عنه حديث العهد بالشرب ونحو ذلك. وأن أبا هريرة إذ أخبر بذلك على إطلاقه يفهمه الناس على إطلاقه، وذلك وضع له على غير موضعه،ففي القصة شهادة الزبير لأبي هريرة بالصدق في النقل، فأما ما أخذه عليه فلا يضر، فإن في الأحاديث الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد، وقد يعلم الصحابي هذا دون ذاك، فعليه أن يبلغ ما سمعه، والعلماء بعد ذلك يجمعون الأحاديث والأدلة ويفهمون كلاً منها بحسب ما يقتضيه مجموعا، وراجع ص32 " اهـ . [2]

والخطأ في اللغة يسمى كذبا , قال الامام ابن حبان : " وأهل الحجاز يسمون الخطأ كذبا " اهـ . [3]

وقال الامام ابن منظور : " وقد استعملت العربُ الكذِبَ في موضع الخطإِ وأَنشد بيت الأَخطل كَذَبَتْكَ عينُكَ أَم رأَيتَ بواسِطٍ وقال ذو الرمة وما في سَمْعِهِ كَذِبُ " اهـ .[4]


1 - البداية والنهاية – ابو الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير – ج 11 ص 375 – 376 .
2 - الأنوار الكاشفة – عبد الرحمن بن يحيى المعلمي - ج 1 ص 182 – 183 .
3 - الثقات – ابو حاتم محمد بن حبان البستي – ج  6 ص 114 .
4 - لسان العرب – محمد بن مكرم بن منظور - ج 1 ص 708 .