هل وصف "أمهات المؤمنين" خاصة بالرجال
هل وصف "أمهات المؤمنين" خاصة بالرجال
اجاب عليها فضيلة الشيخ د. عمر بن عبد الله المقبل التاريخ
السؤال ما صحة حديث -
فيما معناه -
أن امرأة ذهبت إلى أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- فنادتها يا أمه، فقالت لها: لست بأمك إنما أنا أم رجالكم.
وهل يترتب عليه بأنه لا يجوز أن نقول لنساء النبي-صلى الله عليه وسلم- أمهات المؤمنات، بل نقول أمهات المؤمنين فقط؟ وجزاكم الله كل خير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الأولين والآخرين وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد: أثر عائشة هذا الذي ذكره السائل أخرجه ابن سعد والبيهقي، وإسناد ابن سعد صحيح، والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم بناءً على مسألة أصولية تتعلق بخطاب الشرع للرجال، هل يشمل النساء أم لا؟ وبناء عليه:
هل قوله _تعالى_: "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" (الأحزاب: من الآية 6) يشمل الرجال والنساء؟
قال القرطبي _رحمه الله_: "واختلف الناس هل هن أمهات الرجال والنساء أم أمهات الرجال خاصة، على قولين:
فروى الشعبي عن مسروق عن عائشة _رضي الله عنها_ أن امرأة قالت لها: يا أمه، فقالت لها: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم.
قال ابن العربي: وهو الصحيح.
قلت: لا فائدة في اختصاص الحصر في الإباحة للرجال دون النساء، والذي يظهر لي أنهن أمهات الرجال والنساء، تعظيماً لحقهن على الرجال والنساء". انتهى كلام القرطبي.
والأمر عندي محتمل، يحتاج إلى مزيد بحث؛ لأن قول عائشة -_رضي الله عنها_ قول صحابي فقيه عالم بمدارك التنزيل، فلا يسوغ تجاوزه، خاصة وأن الأمر يعنيها، ويؤيده أن المقصود بالتنصيص على أمومتهن حرمة نكاحهن بعد موته _صلى الله عليه وسلم_، وهذا ما تميل إليه النفس.
وإذا نظرنا إلى عموم اللفظ قلنا: إن الأمومة شاملة للرجال والنساء، والله أعلم.
الرابط
««توقيع حفيدة الحميراء»»
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأنقل كلاما بديعا للشيخ ابو اسحاق الحويني حفظه الله من كتابه -تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر فى كتب الأماجد- واتمنى ان يعقل الروافض هذا الكلام فنحن لا نشكك في صحة الرواية لكن نجمع كل الروايات لنفهمها جيدا:
*****
ذكر القرطبي في "تفسيره" (14/ 123) عند تفسير قوله تعالى (وأزواجه أمهاتهم) [الأحزاب: 6] قال: "واختلف الناس: هل هن أمهات الرجال والنساء، أم أمهات الرجال خاصة؟ على قولين: فروى الشعبي، عن مسروق، عن عائشة -رضي الله عنها- أن امرأة قالت لها: يا أمة! فقالت لها: لست لك بأم، إنما أنا أم رجالكم." ثم رجح القرطبي العموم وأنها أم الرجال والنساء معا ثم قال:
"وهذا كله يوهن ما رواه مسروق إن صح من جهة الترجيح، وإن لم يصح، فيسقط الاستدلال به في التخصيص." ا. هـ
قلت -الحويني -:: رضي الله عنك!
فقد صح هذا عن عائشة -رضي الله عنها - من طريق مسروق بن الأجدع عنها. فأخرجه أبو نعيم في "مسانيد فراس" (ص 85) من طريق أبي يعلى وهذا في "مسنده" قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا أبو عوانة، عن فراس، عن الشعبي، عن مسروق أن امرأة قالت لعائشة ... فذكره".
وأخرجه البيهقي في "سننه الكبير" (7/ 70) من طريق ابن عائشة، ثنا أبو عوانة بسنده مثله سواء وهذا سند صحيح.
وتوبع أبو عوانة. تابعه سفيان الثوري، فرواه عن فراس بن يحي مثله.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8/ 67) قال: أخبرنا الفضل بن دكين، ثنا سفيان. وسنده صحيح أيضا.
وله طرق أخرى عن عائشة لا تخلو من مقال.
فأخرج أحمد في "مسنده" (6/ 146) قال: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن جابر عن يزيد بن مرة، عن لميس أنها قالت: سألت عائشة فذكرت حديثا وفيه قالت: قالت: امرأة لعائشة: يا أم! فقالت عائشة: إني لست بأمكن، لكني أختكن ..... .
وسنده ضعيف جدا. وجابر هو الجعفي واه. ويزيد بن مرة قال في "التعجيل" (1184): "فيه نظر". ولميس يظهر من ترجمتها في "التعجيل" (1652) أنها مجهولة.
وأخرج الدارقطني في "المؤتلف" (2/ 936) قال: حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا عبد الله بن الهيثم العبدي، حدثنا أبو قتيبة، حدثنا مطر الأعنق، حدثتني خرقاء، قالت: قلت لعائشة: يا أمة! قالت:"لست أم نسائكم، إنما أنا أم الرجال." وسنده ضعيف، وخرقاء هذه لا تعرف. ومطر هو ابن عبد الرحمن الأعنق قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4/ 1 / 288) عن أبيه:"محله الصدق." ثم اعلم أن هذا كان مذهبا لعائشة -رضي الله عنها-. فأخرج ابن سعد - كما في "الدر المنثور" (5/ 183) - عنها أنها قالت: "أنا أم الرجال منكم والنساء".
قلت: وهو الصحيح الذي تدل عليه الآية، فقد قال الله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) فلفظة "المؤمنين" تشمل الرجال والنساء قطعا، فقوله (وأزواجه) جمع عائد على (المؤمنين) قال الحافظ في "الفتح" (1/ 18): "وهو الراجح" وكذلك رجحه القرطبي وعامة المفسرين. وأمومة أمهات المؤمنين إنما هي أمومة حرمة وتوقير، مع تحريم نكاحهن، ولكن لا تجوز الخلوة بهن، كما يخلو الرجل بأمه التي ولدته وبذوات محارمه، والسفر بهن ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع وخالف في السفربهن ابن خزيمة -رحمه الله-، فأخرج في "صحيحه" (ج 4 / رقم 2528) قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب.
وأخرجه أحمد (6/ 391) قال: حدثنا هارون بن معروف.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2490) قال ثلاثتهم: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه أن الحسن بن علي ابن أبي رافع حدثه عن أبي رافع قال: كنت في بعث مرة، وقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:"اذهب فائتني بميمونة" فقلت: يا نبي الله! إني في البعث. قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أليس تحب ما أحب؟ " قلت: بلى يا رسول الله! فقال: "اذهب فائتني بميمونة" فذهبت فجئته بها. وسنده صحيح. والحسن بن علي بن أبي رافع؛ وثقه النسائي وابن حبان. وبوب ابن خزيمة على هذا الحديث بقوله: "باب إباحة سفر المرأة مع عبد زوجها أو مولاه، إذا كان العبد أو المولى يوثق بدينه وأمانته، وإن لم يكن العبد أو المولى بمحرم للمرأة، إن كان حكم سائر النساء حكم أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا إخال، لأن الله -عز وجل- أخبر أنهن أمهات المؤمنين، فجائز أن يكون العبد والحر محرما لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكان سفر ميمونة مع أبي رافع، أن ميمونة أم أبي رافع، إذ كانت ميمونة زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم-." انتهى.
وما ذهب إليه الجمهور من أهل العلم أصح. والله أعلم
إذن فالمذهب الراجح وهو مذهب عائشة رضي الله عنها كما صح عنها: "أنا أم الرجال منكم والنساء".