Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

شبهة إكثار أبي هريرة من الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم

شبهة إكثار أبي هريرة من الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم

    لا بد من الإشارة إلى أن أبا هريرة لم يكن مفرطاً، بل كان كغيره من علماء الصحابة، يستفتى فيفتي، ويسأل فيجيب، فلم يكن مفرطاً، في عهد الخلفاء الراشدين ولا بعدهم، إنما وثق به القوم، وعرفوا مكانته، فوضعوه حيث يستحق، فكم من راحل يقطع المسافات ليرى أبا هريرة، وكم من مقيم يترك كبار الصحابة ويأتيه في مسألة أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فأبو هريرة لم يكثر من عنده، إنما وثق الناس بحفظه فحرصوا على أن ينهلوا منه، فما جريرته في ذلك، وقد شهد بعلمه وحفظه ابن عمر وطلحة بن عبيد الله والزبير وغيرهم، حتى إنه قال - عندما استكثروا حديثه -: «ما ذنبي إذا حفظت ونسوا».

جاء في مصادر الإمامية أن أبا هريرة قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إني أسمع منك الحديث الكثير أنساه، قال: أبسط رداك قال: فبسطته فوضع يده فيه ثم قال: ضمّه فضممته، فما نسيت كثيراً بعده)([1]).

فما ذنب أبي هريرة رضي الله عنه إذا دعا له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعطيه الله الحفظ؟!. وقد روى النجاشي تحت ترجمة هشام بن محمد بن السائب....، المشهور بالفضل والعلم، وكان يختص بمذهبنا وله الحديث المشهور، قال: (اعتللت علّة عظيمة، نسيت علمي، فجلست إلى جعفر بن محمد عليه السلام، فسقاني العلم في كأس، فعاد إليّ علمي)([2]).

ويقول النجاشي أن أبان بن تغلب روى عن الإمام جعفر الصادق (30) ألف حديث!!. بل أكثر رواة الإمامية يروون أضعاف أضعاف هذا العدد. فهذا مثلاً محمد بن مسلم بن رباح سأل الباقر عن ثلاثين ألف حديث!! وسأل الصادق عن ستة عشر ألف حديث!!. وهذا جابر بن يزيد الجعفي قال: حدثني أبو جعفر عليه السلام بسبعين ألف حديث!! لم أحدث بها أحداً قط ولا أحدث بها أحداً أبداً، قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك أنك قد حملتني وقراً عظيماً بما حدثتني به من سرّكم!! الذي لا أحدث به أحداً!!، فربما جاش في صدري حتى يأخذني منه الجنون!! قال: يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبانة فاحفر حفيرة ودل رأسك ثم قل: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا)([3]).

وأخرج الطوسي بإسناده عن جابر الجعفي قال: (رويت خمسين ألف حديث ما سمعه أحد مني)([4]).

قال الحر العاملي : (أنه روى سبعين ألف حديث!! عن الباقر وروى مائة وأربعين ألف حديث!!، والظاهر أنه ما روى أحد بطريق المشافهة عن الأئمة أكثر مما روى جابر)([5]).

([1]) بحار الأنوار 18 /13 باب معجزات النبي في استجابة دعائه" نقلاً عن الخرائج.
([2]) رجال النجاشي، 2 /399
([3]) اختيار معرفة الرجال للطوسي 2 /442.
([4]) المصدر السابق 2 /440.
([5]) وسائل الشيعة 20 /151.


كثرة مرويات أبو هريرة

قال التيجاني ص 221

(وجمع بعض المحققين مجموع مرويات الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين وأمهات المؤمنين وأهل البيت الطاهرين فلم تبلغ كلها عشر معشار ما رواه أبوهريرة)

قلت: المروى عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون [1]، فيها الثابت وغير الثابت عن أبي هريرة والمكرر وغير المكرر.

وفيها ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وما رواه عن الصحابة وفيها المرفوع والموقوف. وفيها ما انفرد بروايته وفيها مالم ينفرد بروايته. وعشرة 537 حديثا تقريبا وعشر العشر 54 حديثا تقريبا.

وهذه مرويات الخلفاء وبقية العشرة وأمهات المؤمنين وبقية أهل البيت.

أم المؤمنين عائشة ألفا حديث ومائتا حديث وعشرة أحاديث.

حبر الأمه ابن عباس ألف حديث وستمائة حديث وستون حديثا.

الفاروق عمر بن الخطاب خمسمائة حديث وسبعة وثلاثون حديثا.

أبوالحسنين علي بن أبي طالب خمسمائة حديث وستة وثلاثون حديثا.

أم المؤمنين أم سلمه ثلاثمائة حديث وثمانية وسبعون حديثا.

سعد بن أبي وقاص مائة حديث وواحد وسبعون حديثا.

ذوالنورين عثمان بن عفان مائة حديث وستة وأربعون حديثا.

الصديق أبوبكر مائة حديث واثنان وأربعون حديثا.

أم المؤمنين أم حبيبة خمسة وستون حديثا.

عبد الرحمن بن عوف خمسة وستون حديثا.

أم المؤمنين حفصه ستون حديثا.

سعيد بن زيد ثمانية وأربعون حديثا.

الزبير بن العوام ثمانية وثلاثون حديثا.

طلحة بن عبيد الله ثمانية وثلاثون حديثا.

العباس بن عبدالمطلب خمسة وثلاثون حديثا.

عبدالله بن جعفر خمسة وعشرون حديثا.

السيد الحسن بن علي ثلاثة عشرحديثا.

أم المؤمنين زينب بنت جحش أحد عشر حديثا.

أبوعبيدة بن الجراح أربعة عشر حديثا.

أم المؤمنين صفية عشرة أحاديث.

الحسن بن علي ثمانية أحاديث.

أم المؤمنين جويرية سبعة أحاديث.

عقيل بن أبي طالب ستة أحاديث.

أم المؤمنين سودة خمسة أحاديث [2].

فمجموع ما روى هؤلاء ستة ألاف وثلاثمائة واثنان وخمسون، والذي رواه أبوهريرة خمسة ألاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون في البخاري ومسلم فقط خمسمائة وسبعة عشر حديثا. فهم يزيدون على أبي هريرة بألف حديث. فيأتي التيجاني فيقول كذبا ل تبلغ أحاديثهم عش معشار أحاديث أبي هريرة.

وبعد هذا كله استمع واقرأ واعجب من مرويات الشيعة وعددها، قال الحر العاملي [3].

إن جابربن يزيد الجعفي روى عن الأمام الباقر سبعين ألف حديث وعن باقي الأئمة مائة وأربعين ألفا.

وذكر النجاشي [4] عن أبان بن تغلب أنه روى عن الإمام جعفر ثلاثين ألف حديث.

وذكر الصدوق [5] عن محمد بن مسلم بن رباح أنه سمع من الباقر ثلاثين ألف حديث ومن الصادق ستة عشر ألف حديث.


شاع عند الكثيرين، الخاصة منهم والعامة، أن عدد مرويات أبي هريرة للأحاديث النبوية تبلغ قرابة 6000 ( ستة آلاف ) حديث.

وهذا تتابع على ذكره العلماء ونسبوه إلى الإمام بقي بن مخلد في مسنده - وهو مفقود - الذي رتب في الصحابة حسب مروياتهم، وكان من نصيب أبي هريرة  ( 5374 ) حديثا.

بينما له في مسند الإمام أحمد "3878" حديثا تقريبا.

وكل ذلك بالمكرر بالطبع.

وينطبق ذلك أيضا على باقي المكثرين من الصحابة ومروياتهم.

ولكن أثار انتباهي أن أحد الفضلاء تكلم في تلك المسألة وصرح بأن ذلك العدد فيه نظر ويحتاج إلى بحث وتدقيق.

ثم اطلعت على مقال للدكتور عبده يمانى، وفيه : 

[ وعندما قمت بنفسي بالتحقق من هذه المسألة بواسطة فريق مختص في الحاسب الآلي ظهرت لنا حقائق مهمة عن روايات أبي هريرة، فعندما تتبعنا رواياته وجدنا أن هناك ما يزيد عن ثمانمائة صحابي وتابعي رووا عنه الحديث وكلهم ثقات، لكن القضية الأساسية التي أفادتنا عند استخدام الحاسب الآلي هي أنه عندما أدخلت هذه الأحاديث المروية في كتب الحديث الستة وجدنا أن أحاديث أبي هريرة بلغت 5374، ثم وجدنا بعد الدراسة بواسطة الكومبيوتر أن المكرّر منها هو 4074 وعلى هذا يبقى العدد غير المكرّر 1300 وهذا العدد تتبعناه فوجدنا أن العديد من الصحابة قد رووا نفس هذه الأحاديث من غير طريق أبي هريرة هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وبعد أن قمنا بحذف الأحاديث التي رويت من غير طريق أبي هريرة في كتب الصحاح الستة وجدنا أن ما أنفرد به أبو هريرة ولم يروه أي صحابي آخر هو أقلّ من عشرة أحاديث.ومن هذا يظهر أمانته وصدقه في رواية الحديث الشريف، ويبرئ ذمته رضي الله عنه مما اتهم به، وقد ساهم في هذه الدراسة رجال خدموا سيرة أبي هريرة ومنهم محمد ضياء الدين الأعظمى الذي قام بعمل دراسات دقيقة وبذل جهودا تستحقّ التقدير وقد ساعدني في هذا الموضوع.

ثم شاء الله أن نطور العمل في أحاديث أبي هريرة فانتقلنا من الكتب الستة إلى الكتب التسعة، وقد لاحظنا أن الأحاديث في الكتب التسعة المنسوبة إلى أبي هريرة هي 8960 حديثا، منها 8510 بسند متصلو450 حديثا بسند منقطع. وبعد التدقيق انتهينا إلى أن الأحاديث التي رواها أبو هريرة في كل هذه الكتب التسعة بعد حذف المكرر هي 1475 حديثا، وقد اشترك في روايتها معه عدد من الصحابة. وعندما حذفت الأحاديث التي رويت عن طريق صحابة آخرين وصلنا إلى حقيقة مهمة وهي أن ما أتى به أبو هريرة مع المكررات في كتب الحديث التسعة هي 253 حديثا، ثم إن الأحاديث التي انفرد بها أبو هريرة بدون تكرار ولم يروها أحد غيره في الكتب التسعة هي 42 حديثا، وما زلنا نواصل البحث. لكنّ هذه الأمور وهذه الحقائق أزالت كل تلك الشبه والتهم العقيمة والمغرضة التي كانت تلصق بأبي هريرة، ويتهمونه فيها بالإكثار ويقولون عنه رضي الله عنه أنه روى 8000 حديث بمفرده.. وبعضهم يقول إنه روى 5000 حديثا بمفرده.. هكذا دون روية أو تدقيق أو تمحيص.

ويقول فى مقال له عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - : «عفا الله عن رجال يغمزون ويلمزون في رواية السيدة عائشة للحديث النبوي الشريف، وقد اكرمني الله بدراسة احاديثها وادخالها في الحاسب الآلي (الكومبيوتر) لمعرفة عدد الاحاديث التي روتها، وأخرجت المكرر منها، ثم عزلت الذي رواه صحابة آخرون بنفس اللفظ، أو اللفظ والمعنى، ثم اخرجت الاحاديث التي انفردت بها، وهي احاديث قليلة اذا نسبناها للمدة التي صحبت فيها هذه السيدة رسول الله،.... وقد أوصلتني هذه الدراسة أنا والفريق الذي عمل في هذا البحث والحمد لله إلى حقائق مهمة عن هذه السيدة وروايتها للحديث النبوي ودقتها وأمانتها وحرصها على سلامة الرواية ودقة التعبير وقوة السند وجودة الرواية، وقد وجدنا عند تتبع رواياتها رضي الله عنها أنها في حقيقة الأمر لا تعتبر مكثرة إذا قيس ما روته من أحاديث بصحبتها وقربها من رسول الله ـ فقد بقيت معه ـ أكثر من تسع سنوات وروت من الأحاديث ما لم يروه غيرها ولكن الحقيقة التي ظهرت لنا هي أن عدد الأحاديث التي انفردت بها ولم يروها أحد غيرها هي (138 حديثاً) وقد توصلنا إلى هذه النتيجة بعد أن أدخلنا في جهاز الحاسب الآلي جميع الروايات التي وردت عنها رضي الله عنها في كتب الحديث التسعة وهي (البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ثم مسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك وسنن الإمام الدارمي) فوجدنا أن عدد الأحاديث المروية عنها في هذه الكتب التسعة هي (5965) حديثاً بما فيها المكرر، فلما حذفنا المكرر وهو (5225 حديثاً) وجدنا أن عدد الأحاديث التي روتها بدون المكررات هي (740) حديثاً وبعد ذلك درسنا الأحاديث التي اشترك في روايتها عن النبي ـ مع السيدة عائشة بعض الصحابة ومنهم مثلاً أبو هريرة، عبد الله بن عمر بن الخطاب، أنس بن مالك، عبد الله بن عباس، جابر بن عبد الله، أبو سعيد الخدري ـ جمعياً، فوجدنا أن الأحاديث التي اشترك فيها هؤلاء الصحابة مع السيدة عائشة رضي الله عنها فرووا نفس الأحاديث التي روتها بنفس الألفاظ والمعاني أو بالمعاني هي 575 حديثاً ثم توصلنا في نهاية الأمر إلى حقيقة مهمة وهي أن ما انفردت به ولم يروه أحد غيرها وليس من المكرر هو 138 حديثاً فقط، وبهذا تجلت لنا الحقائق واضحة فعدد رواياتها في كتب الصحاح الستة هي 2210 أحاديث، وعدد رواياتها في الكتب التسعة هي 5965 حديثاً، أما عدد الروايات التي انفردت بها فهي 138حديثاً (فقط مائة وثمانية وثلاثين حديث)... ] ا.هـ

وقد قال النتائج السابقة والكلام نفسه محسن نبيل في مقال له باسم ( دفاع عن أبي هريرة ) في جريدة المصريون.
------

[1]- جوامع السيرة لابن حزم 275.
[2]- جوامع السير لابن حزم 275 وما بعدها.
[3]- خاتمة وسائل الشيعة 151.
[4]- رجال النجاشي 9.
[5]- مشيخة الصدوق 6.