أكرميه فإنه اشبه أصحابي بي خلقاً
أكرميه فإنه اشبه أصحابي بي خلقاً
قال الامام الالباني : " 6364 - ( أَكْرِمِيهِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَشْبَهِ أَصْحَابِي بِي خُلُقاً ).
ضعيف.
أخرجه الحاكم (4/48)، وعبد الله بن أحمد في "الفضائل"، والطبراني في "المعجم الكبير" (1/32/99) من طريق مُحَمَّدِ بن عَبْدِ اللَّهِ بن بن عمرو بن عثمان عن الْمُطَّلِبِ بن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى رُقَيَّةَ بنتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِي يَدِهَا مُشْطٌ فَقَالَتْ : خَرَجَ مِنْ عِنْدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آنِفاً رَجَّلْتُ رَأْسَهُ، فَقَالَ :" كَيْفَ تَجِدِينَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ "، قُلْتُ : كخَيْرِ الرجال. قَالَ :... فذكره. وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، واهي المتن، فإن رقية ماتت سنة ثلاث من الهجرة عند فتح بدر، وأبو هريرة إنما أسلم بعد فتح خيبر. والله أعلم".
قلت : ووافقه الذهبي، وخفي عليه علة إسناده - فقالا ما تقدم -، وهي عنعنة المطلب بن عبد الله، فإنه كثير التدليس والإرسال - كما في "التقريب " -، وهو ممن فات الحافظ إيراده في رسالته الخاصة بـ "المدلسين"، وقد وصفه بالتدليس شيخه الهيثمي في "مجمعه" (3/100) - كما نبه على ذلك الأخ القريوتي في "ملحقه" الذي ذيل به على رسالة الحافظ (66/171/19)، جزاه الله خيراً -. ومن الغرائب أن عامة الرسائل المؤلفة في المدلسين، سواء ما كان منها للمتقدمين كالذهبي في "أرجوزته"، أو الشيخ حماد الأنصاري المسماة بـ "إتحاف ذوي الرسوخ بمن رمي بالتدليس من الشيوخ"، كلهم قد فاتهم ذكره، مع أن ترجمته المبسطة في "التهذيب"
تقتضي حشره فيهم، كقول ابن سعد في "الطبقات" (ص 116 - القسم المتمم) : "وكان كثير الحديث، وليس يحتج بحديثه، لأنه يرسل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثيراً، وليس له لقي،وعامة أصحابه يدلسون"!
وكذلك قول ابن أبي حاتم في "كتاب المراسيل" (ص 128) : "سمعت أبي وذكر المطلب بن عبد الله بن حنطب فقال : عامة روايته مرسل، وروي عن عبادة مرسلاً، لم يدركه، وعن أبي هريرة مرسل، روى عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ وابن عمر، لا ندري أنه سمع منهما أم لا ؟ لا يذكر الخبر...".
ونقل الذهبي في "الميزان" عنه الجملة الأولى فقال : "قال أبو حاتم : عامة حديثه مراسيل".
فانكشف الأمر - والحمد لله -، وظهر أن علة الحديث الانقطاع في سنده بين المطلب وأبي هريرة.
وأما الهيثمي فأعله بشيء آخر فقال (9/81) : "رواه الطبراني، وفيه محمد بن عبد الله، يروي عن المطلب، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
قلت : وإنما لم يعرف محمد بن عبد الله هذا، لأنه هكذا وقع عند الطبراني غير منسوب إلى جده : (عمرو بن عثمان)، ولو أنه رجع إلى "المستدرك"، لوجده منسوباً هكذا - كما تقدم -، وإذن لعرفه، وقد وثقه العجلي وابن حبان (7/417) وقال : "في حديثه عن أبي الزناد بعض المناكير ". وقال البخاري في "التاريخ" (1/1/139) : "عنده عجائب". وقال ابن الجارود - كما في "التهذيب" - : "ولا يكاد يتابع على حديثه".
وهذا نسبه الذهبي في "الميزان" (3/593/7744) للبخاري. فالله أعلم.
وقال في "الكاشف" : "وثقه النسائي مرة، ومرة قال : ليس بالقوي". وأما الحافظ فقال في "التقريب" : "صدوق".
وعلى ما تقدم يمكن اعتبار الخلاف المذكور في ابن عمرو بن عثمان هذا علة أخرى في الحديث. والله أعلم.
ثم ساق الحاكم طريقاً أخرى للحديث عن أبي هريرة، فيها عبدالمنعم بن إدريس : حدثني أبي بسنده عنه.
وسكت عنه الحاكم لظهور وهائه، فإن عبدالمنعم هذا : قال ابن حبان : "كان يضع الحديث على أبيه وغيره".
وله شاهد عند الطبراني قال (1/31/98) : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عُثْمَانَ بن أَبِي شَيْبَةَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن يُونُسَ : حَدَّثَنَا عَبْدُالْمَلِكِ بن عَبْدِاللَّهِ - وَلَدُ قَيْسِ بن مَخْرَمَةَ بن عبدالْمُطَّلِبِ - عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بن عُثْمَانَ الْقُرَشِيِّ : أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ وَهِي تَغْسِلُ رَأْسَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ :يَا بنيَّةُ ! أحْسِني إِلَى أَبِي عَبْدِاللَّهِ فَإِنَّهُ أَشْبَهُ أَصْحَابِي بِي خُلُقاً ".وقال الهيثمي : "رواه الطبراني، ورجاله ثقات".
كذا قال، وهو إن كان سالماً من نكارة المتن التي ذكرها الحاكم فِي حَدِيثِ
الترجمة، فإن في توثيقه الهيثمي المذكور نظراً من وجهين :
الأول، أن شيخ الطبراني، ابن أبي شيبة هذا مختلف فيه، بل إن بعضهم كذبه، ولذلك أورده الذهبي في "الضعفاء والمتروكين" وقال: "حافظ، وثقه جزرة، وكذبه عبد الله بن أحمد". وقال غيره :"كان يضع الحديث "، انظر "السير" (14/21 - 23).
والآخر عبد الملك بن عبد الله بن قيس بن مخرمة : لم أجد له ترجمة فيما لدي من المصادر، وقد ترجم الحافظ لأبيه في "التهذيب"، وذكر في الرواة عنه ابنيه محمداً ومطلباً، ولم يذكر معهما ابنه عبد الملك هذا، فلا أدري من أين أخذ الهيثمي توثيقه، أم هو الوهم الذي لا يخلو منه إنسان ؟
(تنبيه) : لقد خفيت علة الحديث على الفاضل المعلق على "فضائل الصحابة"
فقال: "إسناده صحيح"!
والغريب أنه ترجم لجل رواته غير محمد بن عبد الله وشيخه المطلب، اللذين هما موضوع العلة ! " اهـ.[1]
فعلة الحديث كما بينها العلامة المحدث الالباني في المطلب بن عبد الله , فالرواية منقطعة , ولا علاقة لابي هريرة رضي الله عنه بذلك , قال الامام عبد الرحمن بن ابي حاتم : " سَمِعْتُ أَبِي وَذَكَرَ الْمُطَّلِبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ فَقَالَ عَامَّةُ رِوَايَتِهِ مُرْسَلٌ رَوَى عَنْ عُبَادَةَ مُرْسَلًا لَمْ يُدْرِكْهُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا " اهـ.[2]
وقال الامام ابن حجر : " 6710 - المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي صدوق كثير التدليس والإرسال من الرابعة ر 4 " اهـ.[3]
1 - سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة – محمد ناصر الدين الالباني - ج 13 ص 804 – 808.
2 - المراسيل – ابو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد الرازي - ص 209.
3 - تقريب التهذيب - احمد بن علي بن حجر - ج 1 ص 949.