عَائِشَةَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ
عَائِشَةَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ
في الصحيحين : " 952 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ، قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا» " اهـ.[1]
لقد بينت ام المؤمنين رضي الله عنها ان الغناء الوارد يتعلق بكلمات حماسية في الحرب , وذلك واضح من خلال قولها ( بما تقاولت الانصار يوم بعاث ) اي عندما تحاربت الاوس , والخزرج في الجاهلية في تلك المعركة التي يسمونها بعاث , وقولها ( وليستا بمغنيتين ) دليل واضح على انهما لم تكونا ممن يتقن الغناء , واعتراض ابي بكر رضي الله عنه يدل على حرصه , فلما سمع باباحة النبي صلى الله عليه واله وسلم لهما امتثل , ولم يعقب بكلمة واحدة , وفي الرواية اقرار النبي صلى الله عليه واله وسلم لانكار ابي بكر رضي الله عنه عندما اعترض على الغناء عموما , وتصحيحه , وتوجيهه له بما يتعلق بالعيد بالكيفية الواردة , وانه مما اباح الله تعالى للامة في اعيادها الشرعية.
قال الحافظ ابن حجر : " وَاسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى إِبَاحَةِ الْغِنَاءِ وَسَمَاعِهِ بِآلَةٍ وَبِغَيْرِ آلَةٍ وَيَكْفِي فِي رَدِّ ذَلِكَ تَصْرِيحُ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهَا وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ فَنَفَتْ عَنْهُمَا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى مَا أَثْبَتَهُ لَهُمَا بِاللَّفْظِ لِأَنَّ الْغِنَاءَ يُطْلَقُ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ وَعَلَى التَّرَنُّمِ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ النَّصْبَ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وعَلى الْحِدَاءِ وَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهُ مُغَنِّيًا وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِذَلِكَ مَنْ يَنْشُدُ بِتَمْطِيطٍ وَتَكْسِيرٍ وَتَهْيِيجٍ وَتَشْوِيقٍ بِمَا فِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْفَوَاحِشِ أَوْ تَصْرِيحٌ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ قَوْلُهَا لَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ أَيْ لَيْسَتَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْغِنَاءَ كَمَا يَعْرِفُهُ الْمُغَنِّيَاتُ الْمَعْرُوفَاتُ بِذَلِكَ وَهَذَا مِنْهَا تَحَرُّزٌ عَنِ الْغِنَاءِ الْمُعْتَادِ عِنْدَ الْمُشْتَهِرِينَ بِهِ وَهُوَ الَّذِي يُحَرِّكُ السَّاكِنَ وَيَبْعَثُ الْكَامِنَ وَهَذَا النَّوْعُ إِذَا كَانَ فِي شِعْرٍ فِيهِ وَصْفُ مَحَاسِنِ النِّسَاءِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ لَا يُخْتَلَفُ فِي تَحْرِيمِهِ " اهـ.[2]
وقال الامام الالباني : " قلت : وهذا التعليل من بلاغته صلى الله عليه و سلم لأنه من جهة يشير به إلى إقرار أبي بكر على إنكاره للمزامير كأصل ويصرح من جهة أخرى بإقرار الجاريتين على غنائهما بالدف مشيرا بذلك إلى أنه مستثنى من الأصل كأنه صلى الله عليه و سلم يقول لأبي بكر : أصبت في تمسكك بالأصل وأخطأت في إنكارك على الجاريتين فإنه يوم عيد " اهـ.[3]
وقال الامام ابن رجب : " وقد بينت عائشة أن الجاريتين إنما كانا يغنيان بغناء بعاث، ويوم بعاث يوم من أيام حروب الجاهلية مشهور.
وباؤه مثلثة وعينه مهملة، ومنهم من حكى أنها معجمة، قال الخطابي : هو يوم مشهور من أيام العرب، كانت فيه مقتلة عظيمة للأوس على الخزرج، وبقيت الحرب قائمة مائة وعشرين سنة إلى الإسلام، على ما ذكره ابن إسحاق وغيره.
قالَ : وكان الشعر الذي تغنيان به في وصف الشجاعة والحرب، وهو إذا صرف إلى جهاد الكفار كان معونة في أمر الدين، فأما الغناء بذكر الفواحش والابتهار للحرم، فهو المحظور من الغناء، حاشاه أن يجري بحضرته شيء من ذلك فيرضاه، أو يترك النكير لهُ، وكل من جهر بشيء بصوته وصرح به فقد غنى به.
قالَ : وقول عائشة : ( ( ليستا بمغنيتين ) )، إنما بينت ذلك ؛ لأن المغنية التي اتخذت الغناء صناعة وعادة، وذلك لا يليق بحضرته، فأما الترنم بالبيت والتطريب للصوت إذا لم يكن فيهِ فحش، فهوَ غير محظور ولا قادح في الشهادة " اهـ.[4]
وقال العلامة المباركفوري : " قوله (جاريتان) دون البلوغ من جوار الأنصار، إحداهما لحسان بن ثابت، كما في حديث أم سلمة عند الطبراني، أو كلاهما لعبد الله بن سلام، كما في الأربعين للسلمي...." اهـ.[5]
فدلالة الحديث واضحة على جواز الضرب بالدف , والغناء الذي ليس فيه محظور , في ايام العيد , واما من يقول ان سماع النبي صلى الله عليه واله وسلم للجاريتين فيه استنقاص لشخصه الكريم , فأقول لهذا القائل لو قرأت الحديث جيدا , وفهمته لما قلت هذا الكلام , وذلك اننا قد بينا ان غناء الجاريتين في تلك المناسبة من المباح , والمباح لا يوجد فيه اي استنقاص لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
ولقد ورد في كتب الرافضة جواز الغناء في العيد , قال الخميني : " ويمكن ان يقال باستثناء ايام الفرح منه كعيد الفطر والاضخى وساير الاعياد المذهبية والملية، لصحيحة على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الغناء هل يصلح في الفطر والاضحى والفرح قال: لا بأس به ما لم يزمر به..... " اهـ.[6]
وفي منية السائل : " ( س ) هل يجوز اجتماع الرجال والنساء ( الأجانب بعضهم مع بعض ) سوية لانشاء الأناشيد الحماسية أو الدينية مع ما فيها من موسيقى وترفيق وتفخيم ومد في الأصوات وغيرها ؟ ( ج ) إذا لم يترتب عليه محرم من جهة الاجتماع أو منهما معا فلا بأس " اهـ.[7]
فقد افتى الخوئي بجواز الفعل اذا لم يترتب محرم من الاجتماع , فلم نجد في اجابة الخوئي اي اعتراض على الانشاد مع مصاحبة الموسيقى.
وفي واقعنا نرى الرافضة يستخدمون الات الموسيقى , في اناشيدهم , ومناسباتهم الدينية , فنرى الالات الموسيقية بانواعها تدخل في هذه الاناشيد , وفي مسيراتهم الدينية.
1 - صحيح البخاري - بَابُ سُنَّةِ العِيدَيْنِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ - ج 2 ص 17 , وصحيح مسلم - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللَّعِبِ الَّذِي لَا مَعْصِيَةَ فِيهِ فِي أَيَّامِ الْعِيدِ- ج 2 ص 607.
2 - فتح الباري - احمد بن علي بن حجر - ج 2 ص 442.
3 - تحريم آلات الطرب - محمد ناصر الدين الالباني - ج 1 ص 109.
4 - فتح الباري - عبد الرحمن بن شهاب الدين بن رجب الحنبلي - ج 6 ص 80.
5 - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح – أبو الحسن عبيد الله بن محمد عبد السلام المباركفوري - ج 5 ص 34.
6 - المكاسب المحرمة - الخميني - ج 1 ص217.
7 - منية السائل - الخوئي - ص 169.