Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

عمر وأبوهريرة وحادثة التبشير بالجنة

عمر وأبوهريرة وحادثة التبشير بالجنة

ثم يقول ((وقد وقعت له حادثة أخرى مع رسول الله (ص) لعلها تعطينا صورة أوضح لنفسية عمر الذي أباح لنفسه أن يناقش ويجادل ويعارض صاحب الرسالة تلك هي حادثة التبشير بالجنة إذ بعث رسول الله أبا هريرة وقال له من لقيته يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشّره بالجنة، فخرج ليبشّر فلقيه عمر ومنعه من ذلك وضربه حتى سقط على إسته، فرجع أبوهريرة إلى رسول الله يبكي وأخبره بما فعل عمر فقال رسول الله لعمر ما حملك على ما فعلت؟ قال: هل أنت بعثته ليبشّر بالجنة من قال لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه؟ قال رسول الله نعم، قال عمر: لا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس على لا إله إلا الله!)) (1) أقول:

1ـ ليلاحظ القارئ أن التيجاني يورد هذا الحديث مسلّماً بصحّته لا أن سلسلة رواته عدول بل لسبب واحد ليس إلا، هوأنه يقدح في عمر حسب عقلية هذا التيجاني ولكن .. !

__________

(1) ثم اهتديت ص (165 ـ 166).

2ـ هذا الحديث من أعظم الدلائل على فقه عمر وأن الحق على لسانه دائماً، وهذا مصداقاً لقوله صلى الله عليه وآله وسلم ((إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به)) (1) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ((رأيت كأني أتيت بقدح لبن فشربت منهُ فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم)) (2) وأخرج مسلم حديث أبي هريرة هذا وهوحديث طويل وفي جزء منه ((فقال ـ أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ـ يا أبا هريرة (وأعطاني نعليه) قال: إذهب بنعلي هاتين، فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أنْ لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشِّره بالجنة، فكان أول من لقيت عمر، فقال: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة! فقلتُ: هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعثني بهما من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه، بشرتُه بالجنة فضرب عمر بيده بين ثدييَّ فخررتُ لإستي، فقال: ارجع يا أبا هريرة، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فأجهَشْتُ بُكاءً. وَرَكِبني عُمَرُ. فإذا هوعلى أثري. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مالك يا أبوهريرة؟ قلت: لقيتُ عُمَرَفأخبرته بالذي بعثْتني بِهِ. فضرب بينَ ثدْييَّ ضرْبةً. خررتُ لإِسْتى. قال: ارْجع. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (يا عمر! ما حملك على ما فعلتَ؟) قال: يا رسول الله! بأبي أنت وأمِّي. أَبعثتَ أبا هريرةَ بِنَعليكَ، منْ لقيَ يشهدُ أن لا إله إلا الله مُستَيْقِناً بها قلبه، بشَّره بالجنة؟ قال: نعم. قال: فلا تفعل. فإني أخشى أن يتَّكل الناس عليها. فخَلِّهم يعملون. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فَخَلَّهِمْ.)) (3). ففي هذا الحديث خشي عمر أن يسمع الناس هذا الخبر فيتكلوا عليه ويتركوا

__________

(1) سبق الحديث ص (314).

(2) سبق ص (4).

(3) صحيح مسلم مع الشرح كتاب الإيمان برقم (31).

العمل فعرض رأيه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ به تصويباً له! قال القاضي عياض وغيره من العلماء رحمهم الله: ((وليس فعل عمر رضي الله عنه ومراجعته النبي صلى الله عليه وآله وسلم اعتراضاً عليه ورداّ لأمره إذ ليس فيما بعث به أبا هريرة غير تطبيب قلوب الأمة وبشراهم، فرأى عمر رضي الله عنه أن كتم هذا أصلح لهم وأحرى أن لا يتكلوا، وأنه أعود عليهم بالخير من معجّل هذه البشرى، فلما عرضه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صوّبه فيه والله تعالى أعلم)) (1) وأما دفع عمر رضي الله عنه له فلم يقصد به سقوطه وإيذاءه، بل قصد رده عما هوعليه، وضرب بيده في صدره ليكون أبلغ في زجره)) (2). وبعد ذلك أقول هل يوجد دليل على أن الحق على لسان عمر وقلبه أبلغ من هذا الحديث الذي احتججت به عليه؟!