Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

القول بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعثه إلى بني جَذِيمة ليأخذ منهم الصدقات ، فخانه وخالفه ..


زعمهم أن خالداً غدر بقوم مسلمين، وأعمل فيهم السيف نتيجة إحن كانت بينه وبينهم في الجاهلية

يزعم الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة داعياً، فخالف أمر رسول الله، ونبذ عهده، وقتل بني جذيمة وهم على الإسلام حمية الجاهلية للثأر الذي كان بينه وبينهم في الجاهلية[1]، وزعم بعضهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم بالعداوة التي كانت بين خالد وبينهم، ولذلك بعثه إليهم.

 قال المفيد: ثم اتصل بفتح مكة إنفاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر، وكانوا بـالغميصاء يدعوهم إلى الله عز وجل، وإنما انفذه للترة -الثأر- التي كانت بينه وبينهم؛ وذلك أنهم كانوا أصابوا في الجاهلية نسوة من بني المغيرة، وقتلوا الفاكه بن المغيرة عم خالد بن الوليد، وقتلوا عوفاً؛ أبا عبد الرحمن بن عوف، فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، وأنفذ معه عبد الرحمن بن عوف للترة التي كانت بينه وبينهم، ولولا ذلك لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم خالداً أهلاً للإمارة على المسلمين[2].

وهذا القول من المفيد فيه اتهام خطير لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان مؤيداً لـخالد في تقتيله لبني جذيمة، وذلك لزعمه أنه كان يعلم بالثأر الذي كان بينهم وبين خالد، فلذلك أرسله -كما زعم- وإلا ما كان يصلح للإمارة لولا ذلك- أي فأرسله رغبة منه في رؤية منظر الدماء، حاشا رسول الله من ذلك- أما عن زعمهم أن خالداً نبذ عهد رسول الله، وخانه فقتل بني جذيمة رغم علمه بأنهم مسلمون، وذلك للثأر الذي كان بينه وبينهم -كما زعم الشيعة - فهو زعم باطل، وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية بطلانه، ورد عليهم رداً ضافياً وبين أن هذا النقل فيه من الجهل والتحريف ما لا يخفى على من يعلم السيرة[3].

وقد لخص الحافظ الذهبي رد ابن تيمية عليهم، فقال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أرسل خالداً بعد الفتح إلى بني جذيمة، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأنا، صبأنا[4]، فلم يقبل ذلك، وقال: ليس ذلك بإسلام فقتلهم، فأخطأ في اجتهاده.. وحاشا خالداً أن يكون معانداً للنبي صلى الله عليه وسلم، بل كان مطيعاً له، وإن أخطأ في هذه المرة كما أخطأ أسامة بن زيد في قتل ذلك الرجل الذي قال: لا إله إلا الله»[5]، وقتل السرية لصاحب الغنيمة الذي قال أنا مسلم، فنزلت فيهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [النساء:94[6].

فـخالد رضي الله عنه لم يكن متعمداً قتل بني جذيمة -كما زعم الشيعة - بل كان في فعله مجتهداً، تأول فاخطأ[7]، ولذلك لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صنيعه، بل ولم يعزله عن الإمارة، بل ولم يزل يؤمّره ويقدّمه ويرسله على رأس السرايا لمحاربة الكفار والمشركين، وبعض الشيعة يعترف بهذا؛ فقد ذكر الفضل بن الحسن الطبرسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل خالداً على رأس سرية إلى الأكيدر صاحب دومة الجندل، وكان ذلك في غزوة تبوك[8]أي بعد فتح مكة، وفعل خالد ما فعل - لأن الأمير إذا جرى منه خطأ أو ذنب، أُمر بالرجوع عن ذلك، وأُقر على ولايته، ولم يكن خالد معانداً للنبي صلى الله عليه وسلم، بل كان مطيعاً له، ولكن لم يكن في الفقه والدين بمنزلة غيره، فخفي عليه حكم هذه القضية[9].


 [1] علل الشرائع للصدوق ص:473-474، والإرشاد للمفيد ص 125، ومنهاج الكرامة للحلي ص:115، والطرائف لابن طاوس ص:394-395، وكشف الغمة للإربلي 1/ 219-220، وسيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم الحسيني 1/ 250.
[2] الإرشاد للمفيد ص:125.
[3] منهاج السنة النبوية 4/ 486.
[4] من صبا يصبو صبوة وصبُوا: أي مال إلى الجهل والفتوة. الصحاح للجوهري 6/ 2398.
[5] صحيح مسلم 1/ 96-97، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله.
[6] المنتقى من منهاج الاعتدال للذهبي ص:270. وانظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية 4/ 486-489.
[7] منهاج السنة النبوية لابن تيمية 5/ 90.
[8] إعلام الورى للفضل بن الحسن الطبرسي ص:130.
[9] منهاج السنة النبوية لابن تيمية 4/ 487