Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

امتهوكون فيها يا ابن الخطاب - لو كان موسى أخي حياً ما وسعه الا اتباعي

امتهوكون فيها يا ابن الخطاب - لو كان موسى أخي حياً ما وسعه الا اتباعي

قال الامام الالباني : " 1589 - ( حديث : " أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب حين رأى مع عمر صحيفة فيها شئ من التوراة وقال : أفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ ألم آت بها بيضاء نقية ؟ لو كان أخى موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " ) ص 2 / 6 . حسن . أخرجه أحمد ( 3 / 387 ) من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر ابن عبد الله : " أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم فغضب فقال : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها نقية لا تسألوهم عن شئ فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه الا أن يتبعني " . وكذا أخرجه الدارمي ( 1 / 115 ) وابن أبي عاصم في " السنة " ( 5 / 2 ) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 42 ) والهروي في " ذم الكلام " ( 4 / 67 - 2 ) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 33 / 2 ) كلهم عن مجالد به . قلت : وهذا سند فيه ضعف من أجل مجالد وهو ابن سعيد الهمداني قال الحافظ في " التقريب " : " ليس بالقوي وقد تغير في آخر عمره " . وقال الحافظ في " الفتح " ( 13 / 284 ) : . " رواه أحمد وابن أبى شيبة والبزار ورجاله موثقون إلا أن في مجالد ضعفا " . قلت : لكن الحديث قوي فإن له شواهد كثيرة أذكر بعضها : أولا : عن عبد الله بن ثابت خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال : " جاء عمر رضى الله عنه بصحيفة . . . " الحديث بنحوه . أخرجه ابن الضريس في " فضائل القرآن " ( 1 / 76 / 1 ) والهروي في " ذم الكلام " ( 3 / 64 / 1 ) وعبد الغني المقدسي في " الجواهر " ( ق 245 / 1 ) من طريق جابر الجعفي عن عامر الشعبي عن عبد الله بن ثابت به . والجعفي ضعيف ومن طريقه رواه البزار أيضا كما قال الحافظ . وأخرجه ابن عبد البر من طريق عبد الرزاق قال : وأخبرنا الثوري عن الشعبى به . كذا في النسخة المطبوعة وغالب الظن انه سقط منها جابر الجعفي فالحديث حديثه . ثانيا : عن ابى قلابة أن عمر . . . فذكره نحوه أخرجه الهروي أيضا . وهو منقطع . ثالثا : عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كان فيكم موسى واتبعتموه وعصيتموني لدخلتم النار ) . أخرجه الرويانى في مسنده ( 9 / 50 / 2 ) عن طريق ابنه لهيعة : حدثنى مشرح بن هاعان المعافري أنه سمع عقبه به . قلت : وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد . رجاله ثقات غير ابن لهيعة فإنه سيئ الحفظ . رابعا : عن خالد بن عرفطة قال : " كنت جالسا عند عمر رضى الله عنه إذ أتى برجل من عبد القيس سكنه بالسوس فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال : نعم قال : وانت النازل بالسوس ؟ قال : نعم فضربه بعصاة معه فقال : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال له عمر : اجلس . فجلس فقرأ عليه ( بسم الله الرحمن الرحيم آلر * تلك آيات الكتاب المبين * إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون * نحن نقص عليك أحسن القصص . . . ) الآية فقرأها عليه ثلاثا وضربه ثلاثا فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أنت الذي نسخت كتاب دانيال ؟ ! فقال : مرني بأمرك اتبعه قال : انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس فلئن بلغني عنك انك قرأته أو أقرأته احدا من الناس لأنهكنك عقوبة ثم قال له : اجلس فجلس بين لديه فقال : انطلقت أنا فانتسخت كتابا من اهل الكتاب ثم جئت به في أديم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما هذا في يدك يا عمر ؟ قال : قلت : يا رسول الله كتاب نسخته لنزداد به علما الى علمنا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه ثم نودي بالصلاة جامعة فقالت الأنصار : اغضب نبيكم هلم السلاح السلاح فجاؤا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس إني أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه واختصر لي اختصارا ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية ولا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون . قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبك رسولا ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم " . أخرجه الضياء في " الأحاديث المختارة " ( 1 / 24 - 25 ) من طريق أبي يعلى الموصلي ثنا عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ثنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن ابن اسحاق عن خليفة بن قيس عن خالد بن عرفطة . وقال للضياء : " عبد الرحمن بن إسحاق اخرج له مسلم وابن حبان " . قلت : كلا فإن الذي أخرج له مسلم إنما هو عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله العامري القرشي مولاهم وليس هو هذا وإنما هو عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد أبو شيبة الواسطي بدليل أن الذي رواه عنه علي بن مسهر وهو إنما روى عن هذا كما في ترجمته من " التهذيب " وهو ضعيف اتفاقا . ولذلك قال الهيثمي ( 1 / 173 و 182 ) بعد أن عزاه لأبي يعلى : " وفيه عبد الرحمن بن اسحاق الواسطي ضعفه أحمد وجماعة " . ثم إن في الحديث علة أخرى هي خليفة بن قيس . أورده العقيلي في " الضفاء " ( 122 ) وقال : " قال بخاري : يعد في الكوفيين لم يصح حديثه " . ثم ساق العقيلي له هذا الحديث من طريق اخرى عن علي بن مسهر به وقال : " وفي هذا رواية أخرى من غير هذا المعنى بإسناد فيه أيضا لين " قلت : كأنه يشير الى حديث جابر . خامسا : عن أبي الدرداء قال : " جاء عمر بجوامع من التوراة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . " الحديث نحو رواية جابر باختصار وفيه : " والذي نفس محمد بيده لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ضلالا بعيدا أنتم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين " . قال الهيثمي : " رواه الطبراني في " الكبير " وفيه أبو عامر القاسم بن محمد الأسدي ( وفي نسخة : الأشعري ) ولم أر من ترجمه وبقية رجاله موثقون " . سادسا : عن حفصة رضي الله عنها : " جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب من قصص يوسف في كنف فجعلت تقرأ عليه والنبي صلى الله عليه وسلم يتلون وجهه . فقال : " والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا معكم فاتبعتموه وتركتموني ضللتم " . أخرجه الهروي ( 3 / 64 / 1 - 2 ) عن عبد الرزاق انبأ معمر عن الزهري عنها . ورجاله ثقات لكنه منقطع بل معضل بين الزهري وحفصة . وجملة القول : ان مجئ الحديث في هذه الطرق المتباينة والألفاظ المتقاربة لمما يدل على أن مجالد بن سعيد قد حفظ الحديث فهو على اقل تقدير حديث حسن . والله أعلم . ثم وجدت له طريقا آخر مرسلا قال أبو عبيد : وثنا معاذ عن ابن عون عن الحسن يرفعه نحو ذلك . قال : قال ابن عون : فقلت للحسن : ما ( متهوكون ) ؟ قال : متحيرون . ذكره البيهقي في " شعب الايمان " ( 1 / 132 ) " اهـ . [1]
فهذا الحديث الذي حسنه الامام الالباني فيه ان عمر رضي الله عنه قد اخبر النبي صلى الله عليه واله وسلم بانه اراد ان يزداد علما , فبين له النبي صلى الله عليه واله وسلم ان العلم منه صلى الله عليه واله وسلم فقط لا من غيره , وان موسى عليه السلام لو كان حيا فلا يسعه الا اتباع النبي صلى الله عليه واله وسلم , فزوال الحيرة يكون بما جاء به النبي صلى الله عليه واله وسلم , ولهذا قال عمر رضي الله عنه بعدها رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبك رسولا , ثم نرى عمر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يعاقب من ينسخ كتب اهل الكتاب , وهذا دال على الامتثال الكامل من عمر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم .
ان هذا الحديث العظيم فيه فوائد كثيرة , وجليلة , ومنها : ان الاتباع لا يكون الا لما جاء به النبي صلى الله عليه واله وسلم .
وفيه تعليم النبي صلى الله عليه واله وسلم للصحابة كل خير .
وفيه امتثال عمر رضي الله عنه لتوجيه النبي صلى الله عليه واله وسلم والعمل بمقتضى هذا الامتثال بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم .


1085 - إرواء الغليل – محمد ناصر الدين الالباني - ج 6  ص 34 – 38 .