Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

مشروعية صلاة التراويح عند أهل السنة والجماعة وعند الاثنا عشرية..!!

مشروعية صلاة التراويح عند أهل السنة والجماعة  وعند الاثنا عشرية..!!

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ثم اما بعد:

صلاة التراويح من السنن المستحبة عند جميع المسلمين الا ان الاثناعشرية خالفوا فى ذلك وحكموا ببدعيتها رغم ثبوت ذلك عن أئمتهم المعصومين

وللتسلسل فى ذلك نبدأ أولا بتعريف معنى البدعة ثم الادلة على مشروعيتها عند اهل السنة و عند الإثناعشرية

المعنى اللغوى للبدعه

.قال الخليل: البدع، إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة... البدع: الشيء الذي يكون أوّلاً في كلّ أمر كما قال الله: (ما كنتُ بدعاً من الرّسل) أي لست بأوّل مرسل، والبدعة اسم ما ابتدع من الدين وغيره، والبدعة ما استحدث بعد رسول الله من الأهواء والأعمال

وقال ابن فارس: البدع له أصلان، ابتداء الشي وصنعه لا عن مثال، والآخر الانقطاع والكلال.

والمقصود في المقام هو المعنى الأول.

وقال الراغب: الإبداع إنشاء صنعة بلا احتذاء ولا اقتداء، والبدعة في المذهب، إيراد قول لم يستنّ قائلها وفاعلها بصاحب الشريعة وأماثلها المتقدّمة وأصولها المتقنة

ثانيا: المعنى الاصطلاحى للبدعه

وساكتفى بذكر تعريف الامام الشاطبى فى كتابه العظيم " الاعتصام"
قال" هى طريقة فى الدين مخترعة تضاهى الشرعية يقضد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية "


مشروعية صلاة التراويح عند اهل السنة

روى البخاري عن ‏عروة ‏ ‏أن ‏ ‏عائشة ‏ ‏رضي الله عنها ‏ ‏أخبرته ‏ أنّ رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏فصلى فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال ‏ ‏أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها فتوفي رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏والأمر على ذلك... البخارى باب صلاة التراويح

ففي هذا دلالة صريحة على أنّ رسول الله صلوات الله وسلامه عليه قد صلى التراويح جماعة ، لكنه خشي المداومة عليها كي لا تُفرض عليهم.

فكون عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أقامها جماعة من جديد لا يعني أنه ابتدع شيئاً جديداً بعد أن لم يكن.

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:

(
وأما قيام رمضان فإنّ رسول الله سنه لأمته وصلى بهم جماعة عدة ليال وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى لكن لم يداوموا على جماعة واحدة لئلا تفرض عليهم فلما مات النبى صلى الله عليه وسلم إستقرت الشريعة فلما كان عمر رضى الله عنه جمعهم على إمام واحد وهو أبى بن كعب الذى جمع الناس عليها بأمر عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وعمر رضى الله عنه هو من الخلفاء الراشدين حيث يقول ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ (يعنى الأضراس لأنها أعظم فى القوة ، وهذا الذى فعله هو سنة لكنه قال نعمت البدعة هذه فإنها بدعة فى اللغة لكونهم فعلوا مالم يكونوا يفعلونه فى حياة رسول الله يعنى من الإجتماع على مثل هذه وهى سنة من الشريعة.. مجموع الفتاوى جزء 22 صفحة 234

ويقول أيضاً:

وهذا الاجتماع العام لما لم يكن قد فعل سمّاه بدعة في اللغة ، وليس ذلك بدعة شرعية ، فإنّ البدعة الشرعية التي هي ضلالة هي ما فُعل بغير دليل شرعي كاستحباب ما لم يحبه الله ، وإيجاب ما لم يوجبه الله ، وتحريم ما لم يحرمه الله ، فلا بد مع الفعل من اعتقاد يخالف الشريعة ، وإلا فلو عمل الإنسان فعلاً محرّماً يعتقد تحريمه لم يقل: إنه بدعة .. مختصر منهاج السنة النبوية2.. 862

ويقول أيضاً:

(
وكان النبى قيامه بالليل هو وتره يصلى بالليل فى رمضان وغير رمضان احدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة لكن كان يصليها طوالا ، فلما كان ذلك يشق على الناس قام بهم أبى بن كعب فى زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة يوتر بعدها ويخفف فيها القيام فكان تضعيف العدد عوضا عن طول القيام وكان بعض السلف يقوم أربعين ركعة فيكون قيامها أخف ويوتر بعدها بثلاث وكان بعضهم يقوم بست وثلاثين ركعة يوتر بعدها وقيامهم المعروف عنهم بعد العشاء الآخرة ..مجموع الفتاوى 23... 120

وقد روى الحاكم بإسناده عن أبي طلحة بن زياد الأنصاري قال: سمعت النعمان بن بشير على منبر حمص يقول: ( ثم قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح وكنا نسميها الفلاح وأنتم تسمون السحور ).

وعلّق الحاكم على الحديث قائلاً: ( هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وفيه الدليل الواضح أنّ صلاة التراويح في مساجد المسلمين سنة مسنونة وقد كان علي بن أبي طالب يحث عمر رضي الله عنهما على إقامة هذه السنة إلى أن أقامها ...المستدرك

مشروعية صلاة التراويج عند الشيعة الامامية

عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب رسول الله ص الناس في آخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ايها الناس إنه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، وهو شهر رمضان فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور.

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله ص إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وأنا أزيد فزيدوا...

(10) 
تهذيب‏الأحكام ج : 3 ص : 57 بَابُ فَضْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ الصَّلَاةِ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى النَّوَافِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ

وهذا نص صريح في جواز الزيادة في رمضان بل وهذا الإمام جعفر الصادق نفسه يدعو إلى الزيادة ويمارسها شخصياً.

وعن محمد بن يحيى قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسُئل هل يُزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقالنعم ، قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد العتمة في مصلاه فيُكثر ، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلّوا بصلاته ، فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله ، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يُصلّي ، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله ، وكان يفعل ذلك مراراً.. تهذيب‏الأحكام ج : 3 ص : 61

وفي هذا دلالة صريحة على جواز الزيادة في صلاة النوافل وأنّ النبى صلى الله عليه وآله وسلم صلاها جماعة بالمسلمين لكنه لما راى حرصهم وتجمعهم عليها خشى ان تفرض عليهم

فلما توفي صلوات الله وسلامه عليه وانقطع الوحي رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّ علة المنع من الجماعة انتفت فدعا لصلاة الجماعة ووافقه على ذلك الصحابة ،
فأين الابتداع هنا وهذا امر له اصل فى دين الاسلام؟!

وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيد في صلاته فيي شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها ، يقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مراراً ، قال: وقال لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان... المصدر السابق

العجيب ان السيستانى الذى يقول ببدعية صلاة التراويح رغم ورود النصوص فيها حين سئل عن ما يحدث فى مراسم عاشوراء من اللطم والطبير والضرب ...الخ

كانت إجابته " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب"

فما لهؤلاء القوم كيف يحكمون؟


صلاة التراويح

قال الرافضي: ((الثالث عشر: أنه ابتدع التراويح، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أيها الناس إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة جماعة بدعة، وصلاة الضحى بدعة، فإن قليلا في سُنَّةٍ خيرٌ من كثير في بدعة، ألا وإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار. وخرج عمر في شهر رمضان ليلا، فرأى المصابيح في المساجد، فقال: ما هذا؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع. فقال: بدعة ونعمت البدعة، فاعترف بأنها بدعة)).

فيقال: ما رؤى في طوائف أهل البدع والضلال أجرأ من هذه الطائفة الرافضة على الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقولها عليه ما لم يقله، والوقاحة المفرطة في الكذب، وإن كان فيهم من لا يعرف أنها كذب، فهومفرط في الجهل كما قال:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة. فيقال: ما الدليل على صحة هذا الحديث؟ وأين إسناده؟ وفي أي كتاب من كتب المسلمين روى هذا؟ ومن قال من أهل العلم بالحديث: إن هذا صحيح؟

الثاني: أن جميع أهل المعرفة بالحديث يعلمون علماً ضروريا أن هذا من الكذب الموضوع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن له أدنى معرفة بالحديث يعلم أنه كذب، لم يروه أحدٌ من المسلمين في شيء من كتبه: لا كتب الصحيح، ولا السنن، ولا المسانيد، ولا المعجمات، ولا الأجزاء، ولا يعرف له إسناد: لا صحيح، ولا ضعيف، بل هوكذب بيّن.

الثالث: أنه قد ثبت أن الناس كانوا يصلّون بالليل في رمضان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. وثبت أنه صلّى بالمسلمين جماعةً ليلتين أوثلاثا.

وهذا الاجتماع العام لما لم يكن قد فعل سماه بدعة لأن ما فعل ابتداءً يسمى بدعة في اللغة، وليس ذلك بدعة شرعية، فإن البدعة الشرعية التي هي ضلالة هي ما فعل بغير دليل شرعي.

الرابع: أن هذا لوكان قبيحاً منهياً عنه لكان عليّ أبطله لما صار أمير المؤمنين وهوبالكوفة. فلما كان جاريا في ذلك مجرى عمر دل على استحباب ذلك، بل رُوى عن عليّ أنه قال: نور الله على عمر قبرَه كما نور علينا مساجدنا.


صلاة التراويح

الردّ:

عمر رضي الله عنه لم يَبتدِع صلاة التراويح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلاّها، فصلّى بالناس في رمضان، يومين أوثلاثة وصلّى بصلاته أُناس من أصحابه إلا أنه عليه الصلاة والسلام تَرَكها خشية أن تُفرض على أمّته.

فقد روى البخاري ومسلم من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى في المسجد ذات ليلة فصلّى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثُر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أوالرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تُفْرَض عليكم. قال وذلك في رمضان.

وفي رواية للبخاري ومسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس يتحدثون بذلك، فاجتمع أكثر منهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته، فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفق رجال منهم يقولون الصلاة، فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الفجر، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، ثم تشهد، فقال: أما بعد: فإنه لم يخفَ علي شأنكم الليلة، ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل، فتعجزوا عنها.

وهذا مِنْ رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته، فهوصلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم، كما وَصَفَه ربُّه بذلك.

ولم يَتركها الناس، فقد كانوا يُصلّون التراويح والقيام في رمضان، إلا أنهم كانوا يُصلونها أوزاعاً مُتفرّقين.

روى البخاري عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر: إني أرى لوجمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي ابن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون. يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.

قال الإمام الزهري في التراويح: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنهما.

فكل الذي صَنَعه عمر رضي الله عنه أن جَمَع ما تفرّق، ولم يُشرِّع ابتداء.

فَعُمَر رضي الله عنه لم يكن منه إلا أنه أحيا الأمر الأول، وجَمَع الناس على إمام واحد بدل الفرقة والاختلاف، فهل فِعل عُمر الذي يُعد عند العقلاء مَدْحاً صار عند الرافضة قَدْحاً؟!

قال ابن عبد البر: لم يَسُنّ عمر إلا ما رضيه صلى الله عليه وسلم، ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يُفرض على أمته، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما، فلما عَلِمَ عمر ذلك مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعَلِمَ أن الفرائض لا يُزاد فيها ولا يُنقص منها بعد موته صلى الله عليه وسلم أقامها للناس وأحياها، وأَمَرَ بها وذلك سنة أربعة عشرة من الهجرة، وذلك شيءٌ ذخره الله له وفضّله به. اهـ.

قال ابن رجب - في قول عمر رضي الله عنه : نعم البدعة هذه -: وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع؛ فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: نعمت البدعة هذه. اهـ.


بدعة صلاة التراويح

ومنها أن عمر أحدث في الدين ما لم يكن منه كصلاة التراويح وإقامتها بالجماعة، فإنها بدعة كما اعترف هوبذلك، وكل بدعة ضلالة.

الجواب:

أنه قد ثبت عند أهل السنة بأحاديث مشهورة متواترة أنه (صلى التراويح بالجماعة مع الصحابة ثلاث ليال من رمضان جماعة ولم يخرج في الليلة الرابعة وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم) (21) فلما زال هذا المحذور بعد وفاته (أحيا عمر هذه السنة السنية. وقد ثبت في أصول الفريقين أن (الحكم إذا كان معللاً بعلة نص عليها الشارع يرتفع ذلك الحكم إذا زالت العلة) وأما اعتراف عمر بكونها بدعة حيث قال: «نعمت البدعة هي» فمراده أن المواظبة عليها بالجماعة شيء حديث لم يكن في عهد النبي (. ولوسميت بدعة فهي حسنة، والحديث مخصوص بإحداث ما لم يكن له أصل في الشرع. ويمكن انه قد قالها من باب التعريض، والتنبيه، إلى من تسول له نفسه، ويظن سوءاً أن فعل عمر هذا بدعة، فأراد بقوله: إن كان هذا الأمر بدعة في ظن من يظن ذلك فنعم البدعة إذن، ومعنى ذلك أن هذا ليس بدعة، وهذا نظير ما قصده الإمام الشافعي في قوله:

إن كان رفضاً حبُّ آل محمدٍ *** فليشهد الثقلان بأني رافضي

فهويقصد أنه ليس بالضرورة أن كل من يحب آل بيت النبي هورافضي، وهذا هوالمعنى المطلوب. ولوكان هذا الأمر بدعة لماذا سكت الصحابة عنها، ولماذا وافقوه عليها. ثم أعلم أن الإمامية رووا من طرقهم ما يؤيد ذلك فعن أبي جعفر (قال: «خطب رسول الله (الناس في آخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، وهوشهر رمضان فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور» (22). وعن أبي عبد الله (قال: «كان رسول الله (إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وأنا أزيد فزيدوا» (23). وهذا نص صريح في جواز الزيادة في رمضان بل الإمام جعفر الصادق نفسه يدعوإلى الزيادة ويمارسها شخصياً. وعن محمد بن يحيى قال: كنت عند أبي عبد الله (فسُئل: هل يُزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم، قد كان رسول الله (يصلي بعد العتمة في مصلاه فيُكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلّوا بصلاته، فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يُصلّي، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله، وكان يفعل ذلك مراراً (24). وقال (: كان رسول الله (يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها، يقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مراراً، قال: وقال: لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان (25).

(21) رواه البخاري برقم 924، ومسلم برقم 761.

(22) الكافي للكليني 4/ 66، تهذيب الأحكام للطوسي 3/ 57.

(23) تهذيب الأحكام للطوسي 3/ 6، وسائل الشيعة 5/ 174.

(24) تهذيب الأحكام 3/ 61.

(25) المصدر السابق، الاستبصار 1/ 461.


صلاة التراويح

كتاب تهذيب الأحكام الجزء الثالث صفحة 6. باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زيادة على النوافل

* (2.5) * 8 - علي بن الحسن بن فضال عن إسماعيل بن مهران عن الحسن بن الحسن المروزي عن يونس بن عبد الرحمن عن محمد بن يحيى قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسئل هل يزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بعد العتمة في مصلاه فيكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلوا بصلاته فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يصلي، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله وكان يصنع ذلك مرارا.

صلاة التراويح 2

كتاب الكافي الجزء 4 صفحة 154 باب ما يزاد من الصلاة في شهر رمضان

26636  علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي العباس البقباق ; وعبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضا فيجيئون ويقومون خلفه فيدعهم ويدخل مرارا، قال: وقال: لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان.

مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج 16، ص: 378

(الحديث الثاني): صحيح.

8 - علي بن الحسن بن فضال عن إسماعيل بن مهران عن الحسن بن الحسن المروزي عن يونس بن عبد الرحمن عن محمد بن يحيى قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسئل هل يزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بعد العتمة في مصلاه فيكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلوا بصلاته فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يصلي، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله وكان يصنع ذلك مرارا. تهذيب الأحكام للطوسي الجزء الثالث ص6. باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زيادة على النوافل المذكورة في سائر الشهور, الاستبصار ج 1 ص 461

2 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن أبي العباس البقباق ; وعبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضا فيجيئون ويقومون خلفه فيدعهم ويدخل مرارا، قال: وقال: لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان. الكافي للكليني الجزء الرابع ص154 - 155

لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان

وبهذا القول يعنى انه اقرها برمضان من دون باقي أشهر السنة

11 - محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن أبي العباس البقباق وعبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها يقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم، ثم يخرج أيضا فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مرارا، قال وقال: لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان. تهذيب الأحكام للطوسي الجزء الثالث ص61 باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زيادة على النوافل المذكورة في سائر الشهور

3. - علي بن الحسن بن فضال عن احمد بن الحسن عن عمر وبن سعيد المدائني عن مصدق بن صدقة عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد قال: لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة أمر الحسن بن علي عليه السلام أن ينادي في الناس لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادى في الناس الحسن بن علي عليه السلام بما أمره به أمير المؤمنين عليه السلام فلما سمع الناس مقالة الحسن بن علي صاحوا: وا عمراه وا عمراه فلما رجع الحسن إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال له: ما هذا الصوت؟ فقال: يا أمير المؤمنين الناس يصيحون: وا عمراه وا عمراه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: قل لهم صلوا. .تهذيب الأحكام للطوسي الجزء الثالث ص7. باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زيادة على النوافل المذكورة في سائر الشهور

5 - محمد بن إدريس في آخر (السرائر) نقلا من كتاب أبي القاسم جعفر بن محمد ابن قولويه، عن أبى جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: لما كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة أتاه الناس فقالوا له: اجعل لنا إماما يؤمنا في رمضان، فقال لهم: لا ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون: ابكوا رمضان وا رمضاناه، فأتى الحارث الأعور في أناس فقال: يا أمير المؤمنين، ضج الناس وكرهوا قولك، قال: فقال عند ذلك: دعوهم وما يريدون ليصل بهم من شاءوا. وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء الثامن ص47

عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، انه قال لما كان أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة، أتاه الناس، فقالوا اجعل لنا إماما يؤمنا في رمضان، فقال لهم لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون ابكوا رمضان، وا رمضاناه، فأتى الحارث الأعور في ناس، فقالوا يا أمير المؤمنين، ضج الناس وكرهوا قولك، قال: فقال عليه السلام عند ذلك دعوهم وما يريدون، ليصلى بهم من شاؤوا، ثم قال " ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ". مستطرفات السرائر لابن إدريس الحلي ص638 - 639

هل المعصوم يقر بدعة؟

2 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي يرفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله. الكافي للكليني الجزء الأول ص54 (باب البدع والرأي والمقاييس) , المحاسن للبرقي الجزء الأول ص 231 باب إظهار الحق, وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 16ص269 باب وجوب البراءة من أهل البدع وسبهم وتحذير الناس منهم وترك تعظيمهم مع عدم الخوف

فهل المعصوم الآن ملعون من الله لأنه لم يظهر علمه مع ظهور بدعة؟

177 - عنه، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال علي (ع): إن العالم الكاتم علمه يبعث أنتن أهل القيامة ريحا، يلعنه كل دابة حتى دواب الأرض الصغار. المحاسن للبرقي الجزء الأول ص 231 باب إظهار الحق, وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 16ص27.

هل معصومكم بكتمه العلم سيبعث انتن أهل القيامة وستلعنه كل دابة؟

1 - محمد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحد منهم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المرء على دين خليله وقرينه. وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 16ص259 - 26. باب تحريم المجالسة لأهل المعاصي وأهل البدع

إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يواخين كافرا ولا يخالطن فاجرا، ومن آخى كافرا أوخالط فاجرا كان فاجرا كافرا. وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 16ص265 باب تحريم المجالسة لأهل المعاصي وأهل البدع

(21527) 19 - وعن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن ابن فضال قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: من واصل لنا قاطعا أوقطع لنا واصلا أومدح لنا عائبا أوأكرم لنا مخالفا فليس منا ولسنا منه. وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 16ص265 باب تحريم المجالسة لأهل المعاصي وأهل البدع

(21532) 2 - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن) عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن جمهور العمى رفعه قال: من أتى ذا بدعة فعظمه فإنما سعى في هدم الإسلام. وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 16ص267 باب وجوب البراءة من أهل البدع وسبهم وتحذير الناس منهم وترك تعظيمهم مع عدم الخوف

فمع من كان يجلس المعصوم؟

4 - أبوعلي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد بن مسلم قال: قال أبوجعفر (عليه السلام): لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شيء من آيات الله. الكافي للكليني الجزء الثاني ص373

4957 - وقال علي عليه السلام: " من مشى إلى صاحب بدعة فوقره فقد سعى في هدم الإسلام ". من لا يحضره الفقيه للصدوق الجزء الثالث ص572

(21546) 9 - وفي (عيون الأخبار) عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن محمد بن يحيى (عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد)، عن محمد بن جمهور، عن أحمد بن الفضل، عن يونس بن عبد الرحمن - في حديث - قال: روينا عن الصادقين (عليهم السلام) أنهم قالوا: إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه، فان لم يفعل سلب نور الإيمان. وسائل الشيعة للحر العاملي الجزء 16ص271 , عيون أخبار الرضا للصدوق الجزء الثاني ص1.3

في دينكم هل سلب المعصوم نور الإيمان؟

روى الرواة أن عليا عليه السلام خرج ليلا في شهر رمضان في خلافة عثمان بن عفان فرأى المصابيح في المساجد والمسلمون يصلون التراويح فقال: نور الله قبر عمر كما نور مساجدنا! والشيعة يروون هذا الخبر ولكن بحمل اللفظ على معنى آخر. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد الجزء 12ص287

318 - وبهذا الإسناد، قال: قال رسول الله (ص): من أرضى سلطانا بما يسخط الله خرج عن دين الله عز وجل. عيون أخبار الرضا للصدوق الجزء الأول ص74

13 - محمد بن أبي عبد الله، عن حسين بن محمد، عن محمد بن يحيى، عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين، قال: قلت وما أمر بين أمرين؟ قال مثل ذلك: رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية. الكافي للكليني الجزء الأول ص16.

154 - وقال عليه السلام: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان إثم العمل به وإثم الرضى به. نهج البلاغة للشريف الرضي الجزء الرابع ص4.

(2.5) * 8 - علي بن الحسن بن فضال عن اسماعيل بن مهران عن الحسن بن الحسن المروزي عن يونس بن عبدالرحمن عن محمد بن يحيى قال: كنت عند ابي عبدالله عليه السلام فسئل هل يزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بعد العتمة في مصلاه فيكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلوا بصلاته فاذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فاذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يصلي، فاذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله وكان يصنع ذلك مرارا. تهذيب الاحكام (ج3)

--

[1..64] 3 ـ محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي العباس البقباق وعبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها، فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم، ثم يخرج أيضا فيجيئون ويقومون خلفه فيدعهم ويدخل مرارا، الحديث.

الكافي 4: 154 | 2.

كتاب وسائل الشيعة ج 8 ص 17 ـ 48

----

وجاء فى كتبهم بسند إلى الصادق: أن أمير المؤمنين عليه السلام لما قدم الكوفة أمر الحسن بن علي أن ينادي في الناس (لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة).

فنادى في الناس الحسن بن علي بما أمره به أمير المؤمنين عليه السلام؛ فلما سمع الناس مقالة الحسن بن علي صاحوا: واعمراه! واعمراه! فلما رجع الحسن إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال له: ما هذا الصوت؟

فقال: يا أمير المؤمنين! الناس يصيحون: واعمراه! واعمراه! فقال أمير المؤمنين لهم: صلوا

التهذيب 3: 7. | 227.

كتاب وسائل الشيعة ج 8 ص 17 ـ 48

تهذيب الاحكام (ج3)

4 - باب فضل شهر رمضان والصلاة فيه زيادة على النوافل المذكورة في سائر الشهور [58] [71]

وهذا الحديث وثقه فى كتاب الحدائق الناضرة في احكام العترة

العالم البارع الفقيه المحدث الشيخ يوسف البحراني قدس سره

الجزء العاشر

المتوفى سنة 1186 هجرية

حققه وعلق عليه محمد تقي الايرواني

منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية في قم المقدسة

المطلب الثالث في نافلة شهر رمضان

ص 52. - ص 522

وكذلك وثقه فى كتاب جواهر الكلام (في شرح شرائع الاسلام)

شيخ الفقهاء وإمام المحققين الشيخ محمد حسن النجفي

المتوفى سنة 1266

الجزء الثالث عشر

الفصل الثالث في الجماعة

ص 14. - ص 141

وايضا وثقه فى كتاب غنائم الايام في مسائل الحلال والحرام

للفقيه المحقق الميرزا أبوالقاسم القمي (1152 - 1221 هـ)

الجزء الثالث

تحقيق مكتب الاعلام الاسلامي - فرع خراسان

المقصد الأول في الجماعة

ـ1.3 - 11.


نعمت البدعة هذه (قول عمر واتهامه بأنه ابتدع التراويح)

هل صار الرافضة يستنكرون البدع؟ إذا كانت صلاة التراويح جماعة بدعة: فلماذا صار من السنة عندهم وجود صلوات بأسماء أئمتهم؟ أليس عندهم صلاة علي وصلاة فاطمة وصلاة الحسن وصلاة الكاظم وصلاة العسكري وصلاة المهدي؟ هل هذه صلوات شرعها الله أم هي ابتداع بل وشرك حيث أشركوا أئمتهم في أسماء الله بل وفي إنشاء صلوات بأسمائهم؟

أليسوا قد أجازوا إضافة صيغة (أشهد أن عليا ولي الله) وقد حكم علماؤهم بأنها بدعة في الدين. فقد اعترف شيخهم ابن بابويه القمي بأن هذه الصيغة الزائدة هي من وضع المفوضة " لعنهم الله" على حد قوله (البيان للشهيد الأول ص73 وانظر شرح اللمعة1/ 573 للشهيد الثاني وكشف الغطاء1/ 227 لجعفر كاشف الغطاء). وقد صرح الطوسي أيضا بأن هذا من شواذ الأخبار ولا يعمل به (النهاية ص69 للطوسي). وذكر أن المفوضة هم الذين وضعوا ذلك ولعنهم على هذا (غنائم الأيام2/ 422). وصرح الصدوق بأنه ليس له أصل في الأذان وأنه من وضع المفوضة (من لا يحضره الفقيه1/ 29. وسائل الشيعة5/ 422 بحار الأنوار81/ 111). مع أن المحقق الحلي استحبه (شرائع الاسلام1/ 59). واعترف الخوئي بأن الشيعة لا تعد (أشهد أن عليا ولي الله) جزءا من الأذان (صراط النجاة3/ 318 س رقم994).

لوسلمان جدلا أن قول عمر (نعمت البدعة هذه) اض أنها بدعة ويؤيده هذه الرواية:

حدثنا تميم بن المنتصر أخبرنا يزيد بن هرون أخبرنا ابن أبي ذئب عن مسلم ابن جندب عن نوفل بن إياس الهذلى قال كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب فرقا في رمضان في المسجد إلى هاهنا وهاهنا فكان الناس يميلون على أحسنهم صوتا فقال عمر ألا أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني أما والله لئن استطعت لأغيرن هذا قال فلم يلبث إلا ثلاث ليال حتى أمر أبي بن كعب فصلى بهم ثم قام في مؤخر الصفوف فقال إن كانت هذه بدعة فنعمت البدعة هذه".

قال القرطبي في كتاب الصيام " إسناد رجاله ثقات" (كتاب الصيام1/ 128).

وقال الحافظ ابن رجب كذلك إسناد رجاله موثقون (جامع العلوم والحكم1/ 266).

رجال السند

تميم بن المنتصر قال الحافظ " ثقة ضابط" (تقريب التهذيب ترجمة رقم8.5).

يزيد بن هرون قال الحافظ " ثقة متقن عابد" (تقريب التهذيب ترجمة رقم7789).

محمد عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب قال الحافظ " ثقة فقيه فاضل" (تقريب التهذيب ترجمة رقم6.82).

مسلم بن جندب قال الحافظ " ثقة فصيح قارئ" (تقريب التهذيب662.).

نوفل بن إياس قال الحافظ " مقبول" (تقريب التهذيب7214).

وهذه الرواية تفيد أنهم كانوا يصلونها جماعات صغيرة فجمعهم على جماعة واحدة، وربما قيل هذه بدعة صورية شكلية لا حقيقة للبدعة فيها لأنها جماعة واحدة بدل جماعات.

إذن فصلاة التراويح سنة نبوية لم يبتدعها عمر لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم" إن الله فرض صيام رمضان، وسننتُ لكم قيامه" (رواه أحمد 1/ 191 والنسائي 4/ 155 وصحح أحمد شاكر إسناده في تحقيقه للسند 3/ 127).

وأن عمر ما أراد البدعة الشرعية وإنما البدعة من حيث اللغة. فإن البدعة تطلق في اللغة ويراد بها ما هومحمود وما هومذموم. بخلاف البدعة في دين الله فإنها لا تحتمل إلا وجها واحدا وهوالمذموم.

روى البخاري عن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفترض عليكم فتعجزوا عنها فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأمر على ذلك" (البخاري رقم2.12 كتاب التراويح).

قال الرافضة: ليس في الحديث أن هذا كان في صلاة التراويح.

والجواب: جاءت روايات أخرى صحيحة صريحة في كونه في رمضان ولصلاة التراويح.

روى الحاكم بإسناده عن أبي طلحة بن زياد الأنصاري قال: سمعت النعمان بن بشير على منبر حمص يقول " قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين" (رواه الحاكم وصححه وحسنه الذهبي1/ 44.).

ولقد علّق الحاكم على الحديث قائلاً" هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وفيه الدليل الواضح أنّ صلاة التراويح في مساجد المسلمين سنة مسنونة" (المستدرك للحاكم1/ 44.).

واحتج االمباركفوري بهذه الرواية في (تحفة الأحوذي 7/ 366).

واحتج بها العظيم أبادي في (عون المعبود4/ 173).

والسؤال: ما هي الصلاة التي خشي النبي أن تفرض عليه من بعده؟ هل كان من أن النافلة تصير فرضا؟

لم يعد يبقى إلا القول بأنها التراويح.

فإن رفض الرافضة ذلك. عدنا بهم إلى كتبهم التي:

إما أن يكونون جاهلين بما فيها. فيكونون كالذي يحمل أسفارا.

وإما أن يكونوا متجاهلين لها فيكون حالهم كمن حكى الله عنهم أنهم يكتمون الحق وهم يعلمون.

قال آغا رضا الهمداني في مصباح الفقيه " وفي صحيحة ابي العباس وعبيد ابن زرارة أن أبا عبد الله سُئل هل يُزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم، قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد العتمة في مصلاه فيُكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلّوا بصلاته، فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يُصلّي، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله، وكان يفعل ذلك مراراً" (مصباح الفقيه2/ 52. وغنائم الأيام للميرزا القمي3/ 1.9).

" وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيد في صلاته فيي شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها، يقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مراراً، قال: وقال لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان" (تهذيب الأحكام3/ 6. للطوسي وسائل الشيعة5/ 174).

ويأتي بعد هذا بعض الرافضة فيحكون اتفاق الأمة على عدم صلاة النبي التراويح (جامع الخلاف والوفاق ص119).


يقول البخاري أن صلاة التراويح من بدع عُمر بن الخطاب ويُسمّيها عُمر (نعم البدعة)


يقول الرافضي:

http://hadi

http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=.&Rec=3155  يقول البخاري أن صلاة التراويح من بدع عُمر بن الخطاب ويُسمّيها عُمر (نعم البدعة) ,

الرد: قال شيخ الحنفية ملا علي قاري في شرح الفقه الأكبر أن قول عمر "نعمت البدعة" إنما هوباعتبار إحيائها أوسبب الاجتماع عليها بعدما كان الناس ينفردون بها، مع أنه قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» (شرح الفقه الأكبر 6.).

وقد أقر السبكي بهذه الحقيقة المهمة فقال: «ولم نعلم أحداً من العلماء المتقدمين ولا المتأخرين أطلق على شيء مما فعل الخلفاء الراشدون بدعة مطلقاً» (فتاوى السبكي 2/ 1.7).

قال النبي: ((إن الله فرض صيام رمضان، وسننتُ لكم قيامه)) (رواه أحمد 1/ 191 والنسائي 4/ 155 وصحح أحمد شاكر إسناده في تحقيقه للسند 3/ 127). وقد روى البخاري ومسلم اجتماع الصحابة وراء النبي على صلاة التراويح (كتاب التراويح باب فضل من قام رمضان رقم (2.1. و2.13) ومسلم رقم (178)).

قال العلامة اللكنوي: «والأمر إذا دار بين الكراهة والإباحة ينبغي الإفتاء بالمنع لأن دفع مضرة أولى من جلب منفعة» (انظر البحر الرائق لابن نجيم 2/ 165 السعاية شرح الوقاية 2/ 265 ضياء النور 131 وأصول السنة 91).

وبهذا الأصل يتحتم ترك هذه البدع المروجة.

{وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.

نص الحافظ ابن رجب على أن كلام عمر متعلق بالبدعة اللغوية لا الشرعية: «ومراده رضي الله عنه أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ولكن له أصل في الشريعة يُرجَع إليه» (جامع العلوم والحكم 233).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «البدعة في عرف الشريعة مذمومة بخلاف اللغة فإن كل شيء أحد على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محموداً أومذموماً» (فتح الباري ... 13/ ... ... ). وأن المعنى الشرعي للبدعة يختص بما هومذموم فقط (فتح الباري 13: 278).

قال الشاطبي عن تقسيم ابن عبد السلام وتلميذه القرافي للبدعة: «إن هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هوفي نفسه متدافع لأن من حقيقة البدع أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده، إذ لوكان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أوندب أوإباحة لما كان ثَم بدعة ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها أوالمخبر فيها، فالجمع بين عدّ تلك الأشياء بدعاً وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أوندبها أوإباحتها جمع بين متنافيين». ثم انتهى الشاطبي إلى أن تقسيم القرافي للبدعة يتعارض مع قوله في نفس الموضع بأن الخير كله في الاتباع وأن الشر كله في الابتداع (الاعتصام 1/ 19. - 191 - 192 تحقيق سليم الهلالي).

قال الشافعي: «من استحسن فقد شرَّع» (انظر المنخول للغزالي ص374 والمحلي في جمع الجوامع 2/ 395 ومغيث الخلق للجويني 32).

وقال الشافعي: «إنما الاستحسان تلذذ، ولوجاز الاستحسان في الدين لجاز ذلك لأهل العقول من غير أهل الإيمان، ولجاز أن يشرع في الدين في كل باب، وأن يُخرج الإنسان لنفسه شرعاً جديداً» (عن كتابه "الرسالة" فصل "إبطال الاستحسان" وانظر كتابه الأم 7/ 294 - 298)

وقال: «إذا رأيتم قولي يخالف قول رسول الله فاضربوا بقولي عرض

الحائط».

وصرح الحافظ ابن حجر أن: «البدعة في عرف الشرع مذمومة بخلاف اللغة فإن

كل شيء أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محموداً أومذموماً»

(فتح الباري ... 13/ 252 ... ... ) قال: «فيَشمل لغةً ما يُحمَد ويُذمُّ، ويختص

في عُرف أهل الشرع بما يُذَمُّ» (فتح الباري 13: 278). وهوقول ابن حجر

الهيتمي أيضاً نفسه (فتاوى ابن حجر 28.).

قال حسان بن عطية: «ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة» (رواه الدارمي 1: 45 بإسناد صحيح). وقال ابن مسعود: «لوتركتم سنة نبيكم لضللتم» (رواه مسلم (654) في المساجد).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور: 21]. ولذا قال الحافظ ابن حجر: «إن الذي يُحدث البدعة قد يتهاون بها لِخِفّة أمرها في أوّل الأمر ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة» (فتح الباري 13/ 3.2)

قال الإمام أحمد: «أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول

الله والاقتداء بهم وترك البدع. وكل بدعة فهي ضلالة. وترك المراء

والجدل والخصومات في الدين» (طبقات الحنابلة 1/ 241).

ذكر الشاطبي أن أهل العربية يحكون أن علي بن أبي طالب أشار على عمر

بوضع شيء في النحوحين سمع عربياً قارئاً يقول: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ

الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُه} هكذا بالجر (الاعتصام للشاطبي 1/ 198). وهذا

داخل في مطلب تحسين القراءة وإتقانها وتجنب وقوع الخطأ في

قراءة القرآن.

لم يقر النبي البراء بن عازب على خطئه في الدعاء: «آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت» قال البراء: «فجعلت أستذكرهن: وبرسولك الذي أرسلت. فقال: ((لا، وبنبيك الذي أرسلت))» (البخاري 6311).

ولم يقر النبي عثمان بن مظعون على التبتل وسماه رهبنة، ولم يقر الصحابة على اتخاذ ذات الأنواط.


    ومنها أن عمر أحدث في الدين ما لم يكن منه كصلاة التراويح وإقامتها بالجماعة، فإنها بدعة كما اعترف هو بذلك، وكل بدعة ضلالة.
الجواب:
    أنه قد ثبت عند أهل السنة بأحاديث مشهورة متواترة أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى التراويح بالجماعة مع الصحابة ثلاث ليال من رمضان جماعة ولم يخرج في الليلة الرابعة وقال: (إني خشيت أن تفرض عليكم)([1]) فلما زال هذا المحذور بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم أحيا عمر هذه السنة السنية. وقد ثبت في أصول الفريقين أن (الحكم إذا كان معللاً بعلة نص عليها الشارع يرتفع ذلك الحكم إذا زالت العلة) وأما اعتراف عمر بكونها بدعة حيث قال: «نعمت البدعة هي» فمراده أن المواظبة عليها بالجماعة شيء حديث لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولو سميت بدعة فهي حسنة، والحديث مخصوص بإحداث ما لم يكن له أصل في الشرع. ويمكن انه قد قالها من باب التعريض، والتنبيه، إلى من تسول له نفسه، ويظن سوءاً أن فعل عمر هذا بدعة، فأراد بقوله: إن كان هذا الأمر بدعة في ظن من يظن ذلك فنعم البدعة إذن، ومعنى ذلك أن هذا ليس بدعة، وهذا نظير ما قصده الإمام الشافعي في قوله:
إن كان رفضاً حبُّ آل محمدٍ          ***     فليشهد الثقلان بأني رافضي
فهو يقصد أنه ليس بالضرورة أن كل من يحب آل بيت النبي هو رافضي، وهذا هو المعنى المطلوب. ولو كان هذا الأمر بدعة لماذا سكت الصحابة عنها، ولماذا وافقوه عليها. ثم أعلم أن الإمامية رووا من طرقهم ما يؤيد ذلك فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس في آخر جمعة من شعبان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، وهو شهر رمضان فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كمن تطوع بصلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور»([2]). وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة وأنا أزيد فزيدوا»([3]). وهذا نص صريح في جواز الزيادة في رمضان بل الإمام جعفر الصادق نفسه يدعو إلى الزيادة ويمارسها شخصياً. وعن محمد بن يحيى قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسُئل: هل يُزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم، قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد العتمة في مصلاه فيُكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلّوا بصلاته، فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يُصلّي، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل منزله، وكان يفعل ذلك مراراً([4]. وقال عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلى العتمة صلى بعدها، يقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم ثم يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مراراً، قال: وقال: لا تصل بعد العتمة في غير شهر رمضان([5].

([1]) رواه البخاري برقم 924، ومسلم برقم 761.

([2]) الكافي للكليني 4/66، تهذيب الأحكام للطوسي 3/57.

([3]) تهذيب الأحكام للطوسي 3/60، وسائل الشيعة 5/174.

([4]) تهذيب الأحكام 3/61.

([5]) المصدر السابق، الاستبصار 1/461.


ومن مطاعنهم على الفاروق رضي الله عنه: أنهم يطعنون عليه بقولهم: إنه ابتدع التراويح في شهر رمضان، ويكذبون على الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال«الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة جماعة بدعة»، ويقولون: إن عمر اعترف بأنها بدعة([471]).
ويرد على هذا الزور:
أنه قد ثبت أن الناس كانوا يصلون بالليل في رمضان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وثبت أنه صلى بالمسلمين جماعة ليلتين أو ثلاثاً، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم؛ ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها»، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك([472]).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة([473]) فيقول«من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر على ذلك([474]).
وخرج البخاري عن عبد الرحمن بن عبد القاري، أنه قال(خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون -يريد آخر الليل-، وكان الناس يقومون أوله)([475]).
فهذا الاجتماع العام لما لم يكن قد فعل سماه الفاروق بدعة؛ لأن ما فعل ابتداء يسمى بدعة في اللغة، وليس ذلك بدعة شرعية، فإن البدعة الشرعية التي هي ضلالة هي ما فعل بغير دليل شرعي كاستحباب ما لم يحبه الله وإيجاب ما لم يوجبه الله وتحريم ما لم يحرمه الله، فلا بد مع الفعل من اعتقاد يخالف الشريعة، وإلا فلو عمل الإنسان فعلاً محرماً يعتقد تحريمه لم يقل إنه فعل بدعة.
ويقال لهم أيضاً: إن عمل الفاروق هذا: لو كان قبيحاً منهياً عنه لكان علي رضي الله عنه أبطله لما صار أمير المؤمنين، وهو بـ الكوفة، فلما كان جارياً في ذلك مجرى عمر دل على استحباب ذلك، بل روي عن علي أنه قال(نور الله على عمر في قبره كما نور علينا مساجدنا)([476]).
وعن أبي عبد الرحمن السلمي أن علياً دعا القراء في رمضان فأمر رجلاً منهم يصلي بالناس عشرين ركعة، وكان علي يوتر بهم([477]).
وعن عرفجة الثقفي قال: كان علي يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء إماماً، قال عرفجة(فكنت أنا إمام النساء)([478])رواهما البيهقي في سننه([479]).
ومن هذا يتضح أن الفاروق رضي الله عنه لم يأت ببدعة، وإنما أحيا سنة كان النبي صلى الله عليه وسلم قد فعلها، ثم تركها خشية أن تفرض على الأمة، فيعجزوا عن القيام بها، ولما رأى الفاروق أن علة المنع قد زالت بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أحيا سنة قيام رمضان، حيث جمع الناس على إمام واحد رضي الله عنه وأرضاه.


 ([471]) انظر كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة: (1/34-36)، الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم: (3/26)، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف (2/454)، منهاج الكرامة المطبوع مع منهاج السنة: (4/224)، حق اليقين لعبدالله شبر: (1/186).
([472]) صحيح البخاري: (1/342)، صحيح مسلم: (1/524).
([473]) معناه: لم يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم وإنما أمرهم أمر ندب وترغيب.
([474]) صحيح مسلم: (1/523)، وقوله: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم... إلخ من قول ابن شهاب. انظر صحيح البخاري: (1/342).
([475]) صحيح البخاري: (1/342).
([476]) ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء، (ص:137)، وعزاه لابن عساكر.
([477]) السنن الكبرى للبيهقي: (2/496).
([478]) السنن الكبرى للبيهقي: (2/494).
([479]) منهاج السنة: (4/224)


ومن الأمور التي زعم الشيعة أن عمر رضي الله عنه ابتدعها في الصلاة: صلاة الجماعة في النافلة

فقد ذكروا أن عمر رضي الله عنه جمع الناس لصلاة التراويح في رمضان -مع أن التراويح نافلة، وصلاة الجماعة في النافلة بدعة- فابتدع، وأحل ما حرم الله ورسوله، ثم أقر بأنه ابتدعها بقوله: (نعمت البدعة)([358]).
قال الشريف المرتضى: إن ادعاء أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى صلاة التراويح جماعة في أيامه مكابرة ما أقدم عليها أحد، ولو كان كذلك ما قال عمر: إنها بدعة... روي أنه خرج في شهر رمضان ليلاً فرأى المصابيح في المساجد فقال: ما هذا؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع، فقال: بدعة، ونعمت البدعة. فاعترف كما ترى بأنها بدعة، وقد شهد الرسول عليه السلام أن كل بدعة ضلالة.(
[359])وبنحو قوله قال الطوسي([360]).
وقال المرتضى في موضع آخر: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «يا أيها الناس! إن الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة بدعة، وصلاة الضحى بدعة، ألا فلا تجتمعوا ليلاً في شهر رمضان في النافلة، ولا تصلوا صلاة الضحى، فإن قليلاً في سنة خير من كثير في بدعة، ألا وإن كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار»(
[361])، ومثل قوله قال الطوسي([362]).
وقال مقاتل بن عطية: [إن الكتب المعتبرة تحدثنا أن إمامكم عمر هو أول من أدخل البدعة في الإسلام، وصرح هو بنفسه حين قال: (نعمت البدعة هذه)، وذلك في قصة صلاة التراويح لما أمر الناس أن يصلوا النافلة جماعة، مع العلم أن الله والرسول حرما النافلة جماعة، فكانت بدعة عمر مخالفة صريحة لله والرسول](
[363]).
وبنحو قوله قال الكركي(
[364]).
المناقشة:
إن عمر رضي الله عنه لم يحدث شيئاً في صلاة التراويح، ولا في غيرها، بل كان فيها وفي غيرها خير مثال للمؤمن المتبع لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تمام الاتباع.
ومن يتأمل كتب السنة لا يشك في مشروعية صلاة الليل جماعة في رمضان، وذلك لإقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة على فعلها، ولفعله لها، ولبيانه لفضلها.
1- إما إقراره صلى الله عليه وسلم لصلاة الجماعة في ليالي رمضان.
فقد روى البيهقي بسنده عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي(
[365]) قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان، فرأى ناساً في ناحية المسجد يصلون، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قال قائل: يا رسول الله هؤلاء ناس ليس معهم قرآن، وأبي بن كعب يقرأ، وهم معه يصلون بصلاته، فقال: قد أحسنوا -أو: قد أصابوا- ولم يكره ذلك لهم»([366]).
2- وأما صلاته لها: فقد ثبتت في أحاديث منها:
-حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وفيه قولها: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم، فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد، ثم قال: أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن يفترض عليكم فتعجزوا عنها، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك»(
[367]).
- وحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، وفيه قوله: «قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، وكانوا يسمونه السحور»(
[368]).
-وحديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: «صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة؟ قال: فقال: إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة. قال: فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح... إلخ»(
[369]).
وهذا الحديث مثل حديث النعمان بن بشير يدل على أنه عليه الصلاة والسلام قد قام بهم ثلاث ليال متفرقة.
وقد تقدم حديث أم المؤمنين، وهو يدل على أنه عليه السلام قام بالناس أيضاً ثلاث ليال متوالية. وفي الباب عن أنس بن مالك رضي الله عنه(
[370])، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنه([371]). وحديثاهما يدلان على أنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم في بعض ليالي رمضان. وقد تقدم في حديث أبي ذر بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم لفضل قيام الليل جماعة في رمضان، وموضع الشاهد قوله عليه السلام: «إن الرجل إذا صلّى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة».
فهذه الأحاديث تدل على أن صلاة التراويح جماعة قد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفعلها أصحابه أمامه فأقرهم، وبين لهم ثواب قيام المصلين مع الإمام حتى ينصرف.
وهي تدل أيضاً على فساد قول الشيعة الذين زعموا أن عمر هو الذي ابتدعها من تلقاء نفسه.
ولقد كانت صلاة التراويح تؤدى في جماعات متفرقة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهد الصديق رضي الله عنه، وصدراً من خلافة عمر، حتى أشار علي بن أبي طالب رضي الله عنه على عمر أن يجمعهم على إمام واحد؛ قال الحاكم بعد أن ذكر أن صلاة التراويح في مساجد المسلمين خلف إمام واحد هي السنة المسنونة: [وقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يحث عمر رضي الله عنه على إقامة هذه السنة إلى أن أقامها](
[372]).
فجمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد هو أبي بن كعب رضي الله عنه؛ قال عبد الرحمن بن عبد القاري(
[373]): (خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلّي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلّي بصلاته الرهط. فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعم البدعة هذه! والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون؛ يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله)([374]).
وقول عمر رضي الله عنه:
 (نعم البدعة هذه): لم يقصد به البدعة بمعناها الشرعي لأمور:
1) إن معنى البدعة الشرعي: الطريقة المخترعة في الدين تضاهي الشريعة يقصد بها التقرب إلى الله، ولم يقم على صحتها دليل شرعي صحيح أصلاً، أو وصفاً(
[375])، إذاً فكل ما أحدث في الدين على غير مثال سابق له في الشرع يسمّى بدعة.
وبتطبيقنا لهذا التعريف على ما فعله عمر رضي الله عنه من جمعه الناس للصلاة خلف إمام واحد؛ نجد أنه رضي الله عنه لم يحدث شيئاً، بل أحيا أكثر من سنة نبوية، والصلاة نفسها ثبت في أحاديث كثيرة صحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها بأصحابه مرات عديدة، بل وحثّهم على فعلها كما تقدم بيان ذلك.
2) إن عمر رضي الله عنه لم يرد بالبدعة في قوله
: (نعم البدعة هذه) البدعة بمعناها الشرعي، وإنما قصد البدعة بمعنى من معانيها اللغوية، وهو الأمر الحديث الجديد الذي لم يكن معروفاً قبيل إيجاده([376])؛ قال الألباني: [ومما لا شك فيه أن صلاة التراويح جماعة وراء إمام واحد لم يكن معهوداً، ولا معمولاً زمن خلافة أبي بكر وشطراً من خلافة عمر، فهي بهذا الاعتبار حادثة، ولكن بالنظر إلى أنها موافقة لما فعله صلى الله عليه وسلم، فهي سنة وليست بدعة، وما وصفها بالحسن إلا لذلك]([377]).
وقال ابن حجر الهيتمي: [وقول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح:
 (نعمت البدعة هي) أراد البدعة اللغوية؛ وهو ما فعل على غير مثال، كما قال تعالى: ((مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ)) [الأحقاف:9]، وليست بدعة شرعية؛ فإن البدعة الشرعية ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم([378])([379]).
فـ عمر إذاً لم يكن مبتدعاً، وقوله:
 (نعم البدعة) أراد بها البدعة اللغوية.
أما الحديث الذي استدل به الشيعة على أن صلاة التراويح جماعة من البدع؛ فهو حديث مكذوب، وضعوه من أنفسهم لتقوية معتقدهم في أن عمر هو الذي ابتدع صلاة التراويح. والأدلة على كونه مكذوباً كثيرة، منها: ما نسبوه إلى رسول الله من قوله: «إن الصلاة بالليل من شهر رمضان من النافلة جماعة بدعة» وقد تقدم أنه عليه السلام صلّى بأصحابه في عدة ليال من رمضان، وأقرهم لما رآهم يصلون جماعة، ولو كانت بدعة كما زعم الشيعة لما صلى بهم، بل ولا أقرهم عليها.
وما نسبوه إليه صلى الله عليه وسلم من قوله: «وصلاة الضحى بدعة» من الأدلة على كذبها أيضاً، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي الضحى، ويأمر أصحابه بأن يصلوها، ويرغبهم في فعلها ببيان ما أعد الله تعالى من الثواب لمن فعلها؛ فقد روى البخاري ومسلم بسنديهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر»(
[380]).
وروى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى»(
[381]).
وروى مسلم في صحيحه بسنده عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله»(
[382]).
والأحاديث في بيان شرعيتها واستحبابها كثيرة جداً، ويكفي دليل واحد منها في رد ما زعمه الشيعة من كونها بدعة.


 ([358]) الشافي للمرتضى (ص:262) وتلخيص الشافي للطوسي (443-444)، ومؤتمر علماء بغداد لمقاتل بن عطية (ص:71-72)، والطرائف لابن طاوس (ص:454-457)، والصراط المستقيم للبياضي (3/26)، ونفحات اللاهوت للكركي (ق:52/ب)، وإحقاق الحق للتستري (ص:248-250، 289)، وعقائد الإمامية للزنجاني (3/37)، والفصول المهمة للموسوي (ص:85).
([359]الشافي للمرتضى (ص:262).
([360]تلخيص الشافي للطوسي (ص:443-444).
([361]الشافي للمرتضى (ص:262).
([362]تلخيص الشافي للطوسي (ص:443-444).
([363]مؤتمر علماء بغداد لمقاتل بن عطية (ص:71-72).
([364]نفحات اللاهوت للكركي (ق:52/ب).
([365]مختلف في صحبته. ذكر أبو حاتم أنه تابعي، وحديثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل. (الإصابة:1/201).
([366]قال البيهقي: هذا مرسل حسن. وقال الألباني: [وقد روي موصولاً من طريق آخر عن أبي هريرة بسند لا بأس به في المتابعات والشواهد] أخرجه ابن نصر في قيام الليل (ص:90). وأبو داود (1/217)، والبيهقي في (سنن البيهقي 2/495) وانظر: صلاة التراويح للألباني (ص:9).
([367]صحيح البخاري (3/98)، ك.صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، وصحيح مسلم (1/524)، ك.صلاة المسافرين، باب الترغيب في قيام رمضان، وسنن أبي داود (2/104)، ك.الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، وسنن النسائي (3/202) ك. قيام الليل، باب قيام شهر رمضان، ومسند أحمد (6/61، 169، 177، 182، 232، 267).
([368]الحديث أخرجه النسائي وأحمد بإسناد صحيح، والحاكم وصححه. سنن النسائي (3/203)، ك. قيام الليل، باب قيام شهر رمضان، ومسند أحمد (4/272)، والمستدرك للحاكم (1/440).
([369]أخرجه الأربعة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. جامع الترمذي (3/160)، ك.الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، وسنن أبي داود (2/105)، ك.الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، وسنن النسائي (3/83-84)، ك.السهو، باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، و(3/202-203)، ك.قيام الليل، باب قيام شهر رمضان، وسنن ابن ماجة (1/420)، ك.إقامة الصلاة، باب ما جاء في قيام شهر رمضان.
([370]مسند أحمد (3/199، 212، 291).
([371]مسند الإمام أحمد (5/400).
([372]المستدرك للحاكم (1/440).
([373]صحابي. توفي سنة إحدى وثمانين. الاستيعاب لابن عبد البر (2/422-423).
([374]صحيح البخاري (3/97-98)) ك. صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، وموطأ مالك (1/136-137)، وطبقات ابن سعد (5/42).
([375]الاعتصام للشاطبي (1/37).
([376]ومنه قوله تعالى: (مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ)، أي: ما كنت أول المرسلين، فقد أرسل قبلي رسل كثير.
([377]صلاة التراويح للألباني: (ص:43).
([378]يشير إلى قوله عليه السلام: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) صحيح مسلم (2/592)، ك.الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، ومسند أحمد (3/371)، وسنن البيهقي (3/214).
([379]الإبداع في مضار الابتداع للهيتمي (ص:22-24).
([380]صحيح البخاري (2/132)، ك.أبواب التطوع، باب صلاة الضحى في الحضر، ومسلم (1/499)، ك.صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة الضحى.
([381]صحيح مسلم (1/498)، ك.صلاة المسافرين.
([382]صحيح مسلم (1/497)، ك.صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة الضحى.


التصريح بإثبات سنيىة صلاة التراويح

وهو رد على رسالة لعادل المرشود
حيث ذهب صاحبها إلى بدعية صلاة التراويح.
 
 
حمود ثامر الكثيري

 

 بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } آل عمران: 102 { يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } النساء: 1
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } الأحزاب: 70، 71، أما بعد :
فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ،أما بعد:
فقد اطلعت على رسالة للأخ عادل المرشود يذهب فيها إلى بدعية الجماعة في قيام الليل في رمضان ، و قد وجدت أن صاحب الرسالة قد وهم فيها كثيراً كيف لا و هو قد اختار الشاذ جداً من الأقوال في صلاة التراويح ناهيك عن استخدامه عبارات التهويل و التضخيم في أكثر من موضع ، و هذا القول أي بدعية صلاة التراويح لم يسبقه أحد إليه سوى الشيعة الإمامية ([1]) ، و نحن نحسن الظن بأخينا أنه لم يتخذ هؤلاء القوم سلف له في هذه المسألة .
و من الأمثلة على هذا الوهم نسبته القول ببدعية صلاة التراويح إلى عدد من السلف كابن عمر رضي الله عنه و أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه و الصنعاني و ابن منده و غيرهم ، و سوف أبين بطلان هذه النسبة في مظانها بإذن الله تعالى .
ويجب أن نعلم أن مثل هذه المسائل لا يسوغ لطالب العلم أن يتبنى قول مثل هذا القول " الشاذ " ، و أنا لا أقصد أن يكون الإنسان مقلداً تقليداً أعمى ولكن مسألة كمسألتنا هذه قد أشبعها أهل العلم بحثاً و دراسة و تمحيصاً و انتهى بهم الأمر إلى أن صلاة القيام سنة و مشروعة و انحصر نزاعهم على أفضلية صلاة القيام في البيت أو حضورها مع المسلمين ، وكلا القولين له وجه في السنة فالذين أخذوا بالأفضلية استندوا على {أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة} و الذين قالوا : بل تصلى مع الجماعة في المساجد اعتمدوا على {من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة }، و هناك من قال جامعاً بين القولين ينظر لحال المصلي نفسه إن كان حافظاً فله الصلاة في بيته منفرداً وإلا فيستحب له أن يقوم مع المسلمين، و أصحاب هذه الأقوال متفقون على أن القيام جماعة في المسجد مشروع مسنون،
أما أن يأتي أحد ما و يقرر بأن صلاة القيام هي بدعة ضلالة و بأدلة قطعية كما ذكر صاحب الرسالة  فهذا منكر من القول لم يقله إلا أهل الأهواء و البدع و نحن نحسن الظن كما أسلفت بالأخ  أن يكون سلفه في هذا القول هم أهل الأهواء و البدع.
 
منهجي في الرد :
1-رد مجمل: و فيه سأبين مشروعية صلاة القيام و سبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم القيام و نوع هذا الترك وهل تجميع عمر رضي الله عنه الناس على قارئ واحد بدعة أم هو عمل مشروع محمود أحيا به سنة ؟
2-رد مفصل :وفيه سأتطرق إلى بعض الأحاديث والآثار التي أوردها المرشود في رسالته و تخريجها و بيان حالها وفقهها ، و سأبين وهمه في أكثر من مبحث في رسالته مع التنويه على بعض العبارات التي فيها تهويل و تضخيم .
مرجعنا حال الاختلاف :
القرآن الكريم والأحاديث و الآثار المقبولة([2])إلى جانب الفهم السليم من السلف الصالح و العلماء رحمهم الله .
 
و الله أسأل و أرجو أن يوفقني لبيان الحق و أن يجعلنا من {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه } ، وأن يوفقنا لما يحبه و يرضاه إنه سبحانه و لي ذلك و القادر عليه .
 
حمود بن ثامر الكثيري
 
تنبيه
 
قمت بإرسال الرد هذا بعد الانتهاء منه لأخينا عادل المرشود وأرسلته أيضاً لأخينا حسين العنزي وهو قريب من عادل وله اتصال به وعلى اطلاع في مسألة النقاش الدائر بيني وبين المرشود ،فأخبرني حسين أن عادل امتعض من الشدة التي في الرسالة وأن هذا الرد ليس برد علمي ! بل هو تصفية حساب وتشفي !
والذي يعنيني في الاستجابات الأولية الصادرة عن المرشود والتي يقوم بنقلها حسين ما يتعلق في مسألة الإدراج التي زعمها المرشود والتي أفردت لها مبحثاً خاصاً في الرد المفصل :
كان عادل أثناء تكلمه في مسألة الإدراج يقول أن الزهري أدرج في حديث البخاري هذا :
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ:{خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى... } .
واللفظ المدرج بحسب كلامه هو :
{يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ }.
وأثناء كتابتي لهذا الرد وقبل وصولي لمبحث الإدراج اتصل علي المرشود وتكلمنا في مسألة الإدراج هذه ثم نقلت له بعض الحجج التي تدفع هذا الزعم بل أخبرته أنك لو حذفت هذه اللفظة كلها مازال واضحاً من قول عمر :على قارئ واحد. أي إمام واحد أنه كان هناك أكثر من إمام فقال أن اللفظة المدرجة هي : {وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ }.
فأخبرته بكلامه القديم فاعتذر بالكبر وأن الذاكرة لا تعينه وقال أن ما كتبه في بعض الأوراق أن اللفظة المدرجة هي : {وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ }.فأخبرته بأنني سوف أرد هذا الزعم بإذن الله ،وبعد أن انتهيت من الرسالة وأرسلتها لعادل وحسين اتصلت بحسين فأخبرني بأنه قال للمرشود: حمود معه حق فالمعنى غير مستقيم عندما تحذف هذه اللفظة :{ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ } فقال : إن اللفظ المدرج هو : {يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ }!!!
يعني أنه عاد لقوله الأول الذي اعتذر عنه بالكبر وضعف الذاكرة ؟فلا أدري ماذا أسمي فعل عادل هذا ؟مرة يقول أن المدرج من قول الراوي {يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط} ثم يتراجع معتذرا بالذاكرة والكبر فيقول بل {ويصلي الرجل ويصلي بصلاته الرهط} هو المدرج وما قبله {يصلي الرجل لنفسه} صحيح ،ويرسل وريقات بهذا الشأن وبعد أن أرسلت له الرد يرجع لقوله الأول ويقول بل المدرج هو {يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط} !
لذا فإنني لن أغير في مبحث الإدراج شيئاً فحجة نفي الإدراج ليس لغوية فقط كي نتنازع في استقامة المعنى من عدمه بل تم إثبات الجماعات التي  يسعى المرشود جاهداً لنفيها لأن وقوع الجماعة قبل جمع عمر الناس يرد رسالة المرشود كلها والقائمة على أن التراويح بدعة أقول: تم إثبات الجماعات بطرق ليس فيها الزهري الذي يتهمه المرشود بالإدراج في هذا الحديث .
النقطة الثانية التي أحببت أن أنبه عليها هو أن حسين أخبرني بأنني لم أتطرق للسبب الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يخرج مغضباً للصحابة عندما طلبوا القيام وألحوا على ذلك ؟
لذا سأزيد على الرد مبحث صغير أتطرق فيه لسبب خروجه صلى الله عليه وسلم مغضباً.
أما ما ادعاه حسين وعادل قبله أن في الرد شدة  ...وإلخ. أقول : إن من يقرأ الرد يجد الشدة منصبة على الأقوال المسطورة في الرسالة وليس على قائلها فأنا لم أصفه بالمبتدع مثلاً أو صاحب الهوى أو أو ... وفرق بين تخطئة القول ورده وبين الطعن في قائله ، وكثير ممن قرأ الرد من طلبة العلم قال لي بأني كنت مترفقاً معه !
تنبيه أخر :
قام المرشود بإرسال أكثر من تعليق سأتعرض لأهم ما فيها بعد هذه الرسالة التي أسأله تعالى أن يكتب لها القبول .
 
أولا الرد المجمل وفيه :
 
_صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل جماعة وسبب تركه لهذا القيام.
_نوع هذا الترك هل هو ترك نهائي أم ترك معلل ؟
_جمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه المصلين على قارئ واحد
_ما معنى قوله "نعمت البدعة"
_ هل ذكر أحد من أهل العلم الإجماع على مشروعية صلاة       التراويح جماعة ؟
_لماذا لم يجمع أبي بكر رضي الله عنه الناس في صلاة التراويح كما فعل عمر ؟
 
_  إثبات مشروعية صلاة القيام في جماعة :
 أدلة هذه المشروعية في السنة :
أن النبي صلى الله عليه وسلم حض على قيام الليل في رمضان و بين فضله فقال: { مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا واحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ}([3]).
و قيام رمضان الذي يعنيه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يعني قيام ليالي رمضان و يشمل من قامها منفرداً أو جماعة.قال النووي :{وَالْمُرَاد بِقِيَامِ رَمَضَان صَلَاة التَّرَاوِيح}. و وضح الشوكاني قول النووي هذا فقال: يَعْنِي{ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْمَطْلُوبُ مِنْ الْقِيَامِ لَا أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ لَا يَكُونُ إلَّا بِهَا}.
عن عائشة رضي الله عنها قالت:{أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا}([4])
وفي رواية أخرى { فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَفِقَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ تَشَهَّدَ فَقَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمْ اللَّيْلَةَ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا}([5])
وفي أخرى أيضاً{ احْتَجَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حُجَيْرَةً مُخَصَّفَةً ، أَوْ حَصِيرًا ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيهَا ، فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ ، وجاءوا يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ ، ثُمَّ جَاؤُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا ، وَأَبْطَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ ، وَحَصَبُوا الْبَابَ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مُغْضَبًا ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ ، فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلاَةِ فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ خَيْرَ صَلاَةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ ، إِلاَّ الصَّلاَةَ الْمَكْتُوبَةَ}([6])
و المتأمل لهذا الأحاديث يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم علل تركه القيام بخشية أن تفترض عليهم الصلاة و ذكرت عائشة هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم في نوافل أخرى كنافلة الضحى حيث قالت :{ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل خشية أن يستن به الناس فيفرض عليهم وكان يحب ما خف على الناس}([7])، ومثله أيضاً ما قالته عن الركعتين اللتين كان النبي يصليهما بعد العصر قالت:{ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا وَلَا يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ}([8])وقد فهم جمهور أهل العلم أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم هو ترك معلل بالخشية فلما أمنت الخشية بموت النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي انتفت علة ترك القيام جماعة فانتفى المعلول ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فعلّل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض ، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم ، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم..ثم قال:وخوف الافتراض قد زال بموته صلى الله عليه وسلم فانتفى المعارض(4) وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم :{و لكني خشيت أن تفرض عليكم .. قال ابن حجر: وَفِي حَدِيث الْبَاب مِنْ الْفَوَائِد غَيْر مَا تَقَدَّمَ نَدْب قِيَام اللَّيْل وَلَا سِيَّمَا فِي رَمَضَان جَمَاعَة ، لِأَنَّ الْخَشْيَة الْمَذْكُورَة أُمِنَتْ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَلِكَ جَمَعَهُمْ عُمَر بْن الْخَطَّاب عَلَى أُبَيِّ بْن كَعْب}([9]) (5)، وقال ابن بطال القرطبي: وقد أخبر عليه السلام بالعلة التي منعته من الخروج إليهم، وهى خشية أن يفترض عليهم، وكان بالمؤمنين رحيمًا، فلما أمن عمر أن تفترض عليهم في زمانه لانقطاع الوحي؛ أقام هذه السنة وأحياها، وذلك سنَةَ أربع عشرة من الهجرة في صدر خلافته (6) ، أما الإمام النووي فقال : تَرَكَ صَلَاة التَّرَاوِيح ، وَعَلَّلَ تَرْكهَا بِخَشْيَةِ اِفْتِرَاضهَا وَالْعَجْز عَنْهَا ، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَابهَا لِزَوَالِ الْعِلَّة الَّتِي خِيفَ مِنْهَا.(7)
 
 
و نكتفي بهذا القدر من النقل و إلا فإن هذا المعنى(أي أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم هو ترك معلل ) موجود عند جمهور أهل العلم ومسطر في كتبهم ولو أردنا نقل كلام كل من قرر هذا المعنى لطال المقام بنا ، فمن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتبهم .
إذاً تقرر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك قيام الليل لعلة فيسمى هذا الترك تركاً معللأ و علته خشيته عليه الصلاة والسلام من أن يفترض قيام الليل على أصحابه ، و كما هو معروف أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً فيقال حينئذ : أن الترك حكم معلل بالخشية فإذا انتفت الخشية انتفى الترك.
و هنا نقطة  تلزم من يقول ببدعية صلاة التراويح جماعة ألا وهي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخر البيان عن وقته بل لم يبينه حسب قوله(من يقول بالبدعية) لأنه صلى الله عليه وسلم لما علل عدم خروجه لم يقل : إن فعلكم بدعة أو من رغب عن سنتي فليس مني ولكنه  قال :{فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم}فهو لم يتكلم عن مشروعية الفعل بل تكلم عن المانع فانتبه .
 ثم أن في القول الذي ينص على أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم هو ترك غير معلل تعطيل لكلامه صلى الله عليه وسلم ،فإن كان الترك غير معلل فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم لم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم ؟! أم النبي صلى الله عليه وسلم علل لهم تركه للبدعة ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
إذاً تبين بالنقل و العقل أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم قيام ليالي غير ليالي الأوتار هو ترك معلل،عليه يكون فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه من تجميع الناس على قارئ واحد من باب إحياء السنة لا البدعة خاصة وأن الجماعة واقعة قبل جمعه الناس ولكن كانت جماعات متفرقة .
الأحاديث التي وردت في إحياء عمر رضي الله عنه لهذه السنة: -عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال:{ خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله }([10])
_عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال:{خرج عمر بن الخطاب في شهر رمضان والناس يصلون قطعا فقال لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحد لكان خيرا فجمعهم على أبي بن كعب}.([11])
- عن السائب بن يزيد قال: { جاء عمر رضي الله عنه ليلة من ليالي رمضان، إِلى مسجد رسول صلى الله عليه وسلم، والناس متفرقون، يصلي الرجل بنفسه، ويصلي الرجل ومعه النفر، فقال: لو اجتمعتم على قارئ واحد كان أَمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبيّ بن كعب، ثم جاء من العالية وقد اجتمعوا عليه واتفقوا فقال نِعْمَت البدعةُ هذه، والتي ينامون عنها أَفضل من التي يصلون، وكان الناس يصلون أَوّل الليل ويَرْقدون آخره}([12]).
_عن نوفل بن إياس الهذلي قال: {كنا نقوم في عهد عمر ابن الخطاب فرقا في المسجد في رمضان ها هنا وها هنا ، وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتا فقال عمر : ألا أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني ، أما والله لئن استطعت لأغيرن هذا ، فلم يمكث إلا ثلاث ليال حتى أمر أبى بن كعب فصلى بهم ،( ثم قام في آخر الصفوف فقال : لئن كانت هذه بدعة لنعمت البدعة هي)*}([13]).
فإن قيل:إن كانت سنة فما وجه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:{نعمت البدعة هذه} ؟أقول : قد بينت سابقاًً أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم القيام هو ترك معلل فلما انتفت العلة (وهي خشية الافتراض) انتفى المعلول(وهو ترك القيام) و هذا ما نص عليه جمهور أهل العلم و محققيهم فلا مانع من قيام رمضان جماعة في المسجد ثم أن الناس كانوا يصلون فرادى و جماعات متفرقة قبل جمعهم على قارئ واحد و هذا يعني أن قيام الليل جماعة أمر واقع قبل فعل عمر رضي الله عنه و لكن كانت جماعات متفرقة،
إذاً ما معنى قول عمر نعم البدعة هذه إن كان الأمر كما نقول أنه سنة وقد تم إحياؤها؟
الجواب: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة، مع حسنها، وهذه تسمية لغوية، لا تسمية شرعية. وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق، وأما البدعة الشرعية: فما لم يدل عليه دليل شرعي، فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل، أو إيجابه بعد موته، أو دل عليه مطلقا، ولم يعمل به إلا بعد موته ككتاب الصدقة، الذي أخرجه أبو بكر رضي الله عنه، فإذا عمل ذلك العمل بعد موته، صح أن يسمي بدعة في اللغة، لأنه عمل مبتدأ، كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة، ويسمى محدثا في اللغة، كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة: إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم، ولم يدخلوا في دين الملك، وجاءوا بدين محدث لا يعرف،
ثم ذلك العمل الذي دل عليه الكتاب والسنة: ليس بدعة في الشريعة، وإن سمي بدعة في اللغة. فلفظ البدعة في اللغة أعم من لفظ البدعة في الشريعة. وقد علم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة" لم يرد به كل عمل مبتدأ، فإن دين الإسلام، بل كل دين جاءت به الرسل- فهو عمل مبتدأ، وإنما أراد ما ابتدئ من الأعمال التي لم يشرعها هو صلى الله عليه وسلم.....إذا كان كذلك:"فالنبي صلى الله عليه وسلم قد كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جمادى وفرادى، وقد قال لهم في الليلة الثالثة،أو الرابعة، لما اجتمعوا:إنه لم يمنعني أن أخرج إليكم، إلا كراهة أن تفرض عليكم، فصلوا في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة"فعلل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم، فلما كان في عهد عمر رضي الله عنه جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد.فصارت هذه الهيئة، وهي اجتماعهم في المسجد وعلى إمام واحد مع الإسراج عملا لم يكونوا يعملونه من قبل، فسمي بدعة، لأنه في اللغة يسمى بذلك. ولم يكن بدعة شرعية، لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح، لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض زال بموته صلى الله عليه وسلم فانتفى المعارض.([14])
 
 
قال الإمام الشاطبي:
إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه لا أنها بدعه في المعنى. وأن قيام الإمام بالناس في المسجد في رمضان سنة عمل بها صاحب السنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وإنما تركها خوفا من الافتراض فلما انقضى زمن الوحي زالت العلة فعاد العمل بها إلى نصابه إلا أن ذلك لم يتأت لأبى بكر رضي الله عنه زمان خلافته لمعارضة ما هو أولى بالنظر فيه وكذلك صدر خلافة عمر رضي اله عنه حتى تأتى النظر فوقع منه لكنه صار في ظاهر الأمر كأنه أمر لم يجر به عمل من تقدمه دائما فسماه بذلك الاسم لا أنه أمر على خلاف ما ثبت من السنة([15]).
_قال الحافظ ابن رجب الحنبلي:
وأما ما وقع في كلام السَّلف مِنِ استحسان بعض البدع ، فإنَّما ذلك في البدع اللُّغوية ، لا الشرعية ، فمِنْ ذلك قولُ عمر - رضي الله عنه - لمَّا جمعَ الناسَ في قيامِ رمضان على إمامٍ واحدٍ في المسجد ، وخرج ورآهم يصلُّون كذلك فقال : نعمت البدعةُ هذه .([16])
قال ابن حجر الهيتمي :
وقول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح " نعمت البدعة هي " أراد البدعة اللغوية وهو ما فعل على غير مثال كما قال تعالى {ما كنت بدعا من الرسل } وليست بدعة شرعية فإن البدعة الشرعية ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم ومن قسمها من العلماء إلى حسن وغير حسن فإنما قسم البدعة اللغوية ومن قال كل بدعة ضلالة فمعناه البدعة الشرعية ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان أنكروا الأذان لغير الصلوات الخمس كالعيدين وإن لم يكن فيه نهي وكرهوا استلام الركنين الشاميين والصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة قياسا على الطواف وكذا ما تركه صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضي يكون تركه سنة وفعله بدعة مذمومة وخرج بقولنا مع قيام المقتضي في حياته إخراج اليهود وجمع لمصحف وما تركه لوجود المانع كالاجتماع للتراويح فإن المقتضي التام يدخل فيه عدم المانع.([17])
_قال شمس الحق العظيم آبادي صاحب عون المعبود وقد نقل كلام الحافظ ابن رجب الذي سبق في شرحه لأحد الأحاديث مستشهداً في شرحه لقول عمر رضي الله عنه "نعمت البدعة" قال:
إِنَّمَا سَمَّاهَا بِدْعَة بِاعْتِبَارِ صُورَتهَا فَإِنَّ هَذَا الِاجْتِمَاع مُحْدَث بَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِاعْتِبَارِ الْحَقِيقَة فَلَيْسَتْ بِبِدْعَةٍ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِصَلَاتِهَا فِي بُيُوتهمْ لِعِلَّةٍ هِيَ خَشْيَة الِافْتِرَاض، وَقَدْ زَالَتْ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.([18])
_قال الإمام ابن باز رحمه الله:
قال عمر رضي الله عنه في التراويح لما جمع الناس على إمام واحد وقال :( نعمت البدعة هذه ), مع أن التراويح سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليها ورغب فيها , فليست بدعة بل هي سنة ولكن سماها عمر بدعة من حيث اللغة ; لأنها فعلت على غير مثال سابق; لأنهم كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده يصلون أوزاعا في المسجد ليسوا على إمام واحد , هذا يصلي مع اثنين وهذا يصلي مع ثلاثة , « وصلى بهم النبي عليه السلام ثلاث ليال ثم ترك وقال : إني أخشى أن تفرض عليكم صلاة الليل »فتركها خوفا على أمته أن تفرض عليهم , فلما توفي صلى الله عليه وسلم أمن ذلك , ولذا أمر بها عمر رضي الله عنه .([19])
_قال الإمام المحدث الألباني رحمه الله :
قول عمر : " نعمت البدعة هذه " لم يقصد به البدعة بمعناها الشرعي الذي هو إحداث شيء في الدين على غير مثال سابق لما علمت إنه رضي الله عنه لم يحدث شيئا بل أحيا أكثر من سنة نبوية كريمة وإنما قصد البدعة بمعنى من معانيها اللغوية وهو الأمر الحديث الجديد الذي لم يكن معروفا قبيل إيجاده ومما لا شك فيه أن صلاة التراويح جماعة وراء إمام واحد لم يكن معهودا ولا معمولا زمن خلافة أبي بكر وشطرا من خلافة عمر - كما تقدم - فهي بهذا الاعتبار حادثة ولكن بالنظر إلى أنها موافقة لما فعله صلى الله عليه وسلم فهي سنة وليست بدعة وما وصفها بالحسن إلا لذلك وعلى هذا المعنى جرى العلماء المحققون في تفسير قول عمر هذا .([20])
 
قلت : تبين بعد هذه النقولات معنى قول عمر "نعم البدعة" ،وقد ذكر بعض أهل العلم تفسيراً أخراً لمعنى "نعم البدعة هذه " ولكنه (أي هذا التفسير الأخر ) لا يتعارض مع ما نقلناه ومفاد هذا التفسير أنه قد يكون هناك من أنكر هذا الاجتماع فرد عليه عمر من باب التهكم أي لو كان هذا الفعل الذي له أصل في السنة بدعة فنعم البدعة ولو ثبت أن هناك من أنكر (وهو غير ثابت) فإنه يكون من الذين لم يصلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم و من الذين لم يسمعوا قوله {لم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم} .
_الإجماع على مشروعية صلاة التراويح:
قال شمس الدين السرخسي :
الأمة أجمعت على شرعيتها وجوازها ولم ينكرها أحد من أهل العلم إلا الروافض لا بارك الله فيهم. ([21])
قال الإمام الشاطبي:
فلما تمهد الإسلام في زمن عمر رضي الله عنه ورأى الناس في المسجد اوزاعاً كما جاء في الخبر قال لو جمعت الناس على قارئ واحد لكان امثل فلما تم له ذلك نبه على أن قيامهم آخر الليل أفضل ثم اتفق السلف على صحة ذلك وإقراره والأمة لا تجتمع على ضلاله وقد نص الأصوليون أن الإجماع لا يكون إلا عن دليل شرعي.([22])
قال الإمام النووي :
صلاة التراويح سنة بإجماع العلماء .([23])انتهى ، وقد نقل النووي في شرحه لصحيح مسلم اتفاق العلماء على مشروعية التراويح واختلافهم في أفضلية أدائها في المسجد مع المسلمين أو في البيت حيث قال في شرحه لصحيح مسلم : واتفق العلماء على استحبابها واختلفوا في أن الأفضل صلاتها منفردا في بيته أم في جماعة في المسجد.([24])
قلت: ولو أردنا نقل كلام كل من ذكر الإجماع أو قال أنها سنة لطال المقام بنا ولكن نكتفي بما نقلناه خاصة إذا علم أنه لم يخرق الإجماع أحدٌ يعتد به.
لماذا لم يجمع أبي بكر رضي الله عنه كما فعل عمر رضي الله عنه ؟
قد يقول قائل :قد سلمت لك بأن الترك معلل وأن العلة قد زالت بموت النبي صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي ،و أن قول عمر "نعم البدعة " يريد المعنى اللغوي لا الشرعي لكن لماذا لم يجمع أبي بكر رضي الله عنه الناس كما فعل عمر رضي الله عنه ؟
أقول:أجاب أهل العلم على هذا السؤال و من خلال بحثي في الكتب والمراجع التي أجاب أصحابها على هذا السؤال أكاد أن أجزم أن إجابتهم واحدة لذلك أنقل لك كلام أحدهم وهو الإمام الشاطبي حيث قال: وإنما لم يقم ذلك أبو بكر رضي الله عنه لأحد أمرين إما لأنه رأى إن قيام الناس آخر الليل وما هم به عليه كان أفضل عنده من جمعهم على إمام أول الليل ذكره الطرطوشي وإما لضيق زمانه رضي الله عنه عن النظر في هذه الفروع مع شغله بأهل الردة وغير ذلك مما هو اوكد من صلاة التراويح.([25])
ومعرفة سبب عدم إحياء أبي بكر الصديق رضي الله عنه لهذه السنة لن يغير من الأمر شيئاً خاصة وأن الأحاديث والآثار السلفية كلها تأكد مشروعية صلاة التراويح بالإضافة إلى إجماع الأمة و الأمة لا تجتمع على ضلالة .
 
ثانياً الرد المفصل وفيه :
 
_مناقشته في بعض ما قرره المرشود في رسالته و بيان وهمه في ذلك.
_ الرد عليه فيما زعمه أن ابن شهاب الزهري أدرج في حديث أخرجه البخاري في صحيحه ولم يكتشف ذلك إلا المرشود!!.
_ الرد عليه فيما نسبه إلى بعض السلف من القول بأن صلاة التراويح بدعة مع بيان تدليس المرشود .
_ الرد عليه فيما نسبه للشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأنه أخطا في فهم أحد الأحاديث و بيان أن المرشود هو من أخطأ في فهم كلام الشيخ رحمه الله .
_ بيان بعض الجمل والعبارات التي استخدم فيها التهويل و التضخيم ليشعر من يقرأ له بأنه صاحب حجة وبرهان .
 
_ مناقشته في بعض ما قرره المرشود في رسالته و بيان وهمه في ذلك :
*زعمه أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم القيام في ليلة 28 هو ترك نهائي وقام بإعمال قاعدة ما وجد سببه ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ففعله بدعة وتركه سنة .
قلت : قد سبق في الرد المجمل إثبات أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم للقيام هو ترك معلل وليس ترك تام فلا يصح إعمال القاعدة السابقة "أن ما وجد مقتضاه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله ففعله بدعة و تركه سنة " وقد رد ابن حجر الهيتمي على هذا الإشكال في توضيحه لمعنى "نعمت البدعة هذه" حيث قال : وكذا ما تركه صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضي يكون تركه سنة وفعله بدعة مذمومة وخرج بقولنا مع قيام المقتضي في حياته إخراج اليهود وجمع لمصحف وما تركه لوجود المانع كالاجتماع للتراويح فإن المقتضي التام يدخل فيه عدم المانع.([26])
قال الألباني في قول ابن حجر الهيتمي "فإن المقتضى التام يدخل فيه عدم المانع ": يعني أن مفهوم المقتضى التام يتضمن عدم وجود المانع ؛مثاله:صلاة التراويح جماعة فإن المقتضى لها كان قائماً ولكن المانع كان موجوداً وهو خشية الافتراض ، فلم يكن المقتضى تاماً.([27])
*زعمه أن هناك إجماع قديم من الصحابة على ترك الجماعة في صلاة التراويح :
أنوه قبل الرد على هذا الزعم أن دعوى هذا الإجماع هي من بدع([28]) عادل المرشود التي لم يسبقه إليها أحد ،ثم أقول: إن دعوى أن هناك إجماع قديم وهو يقصد في عصر أبي بكر رضي الله عنه وصدراً من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم تثبت بل هناك ما ينقض هذا الزعم :

  • أن عمر بن الخطاب قبل أن يجمع الناس على قارئ واحد كانت هناك أكثر من جماعة و لا يمكن لكائن من كان أن يستدرك فيقول :أن هذه الجماعات لم تكون موجودة في عصر أبي بكر رضي الله عنه فإنه لا دليل على ذلك و أما قول الزهري : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر رضي الله عنهما ليس فيه وصف لحال المصلين ،وحتى إن كان فيه أنهم كانوا يصلون أفراداً فقط فهذا الأثر بلاغ ليس بمتصل فالزهري لم يدرك أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما فيكف يثبت به إجماعاً ؟

 
 _*زعمه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقر أن صلاة التراويح بدعة لم يسنها النبي صلى الله عليه وسلم وهو {أي عمر} يعلم بذلك علم اليقين أن ذلك من رأيه واجتهاده الذي لا يمت بصلة بما شرعه الله بل هي عبادة محدثة قد استحسنها !!
أقول : لم يذكر المرشود أين أقر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما زعم ،فإن كان يقصد الرواية التي فيها "نعم البدعة" فليس فيها أنها لم يسنها النبي صلى الله عليه ،ثم كيف يجرؤ المرشود على نسبة مثل هذا الأمر لصحابي جليل كعمر رضوان الله عليه ؟ وكلام المرشود هذا يدل على خلط شديد لديه في هذه المسألة إن كان عمر يعلم علم اليقين أن فعله لا يمت بصلة لما شرعه الله ؛لماذا لم يزد العصر خمس ركعات ؟ فهذه طوال العام أكثر أجراً من شهر واحد في السنة !!
*تناقض المرشود فمرة يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج مغضباً بعد أن ألح الصحابة رضوان الله عليهم وحصبوا بابه وتنحنحوا لم يغضب لأنهم حصبوا بابه وتنحنحوا بل لحرمة الله وأنهم أرادوا زيادة في شرعه (ص9) ومرة يقول : ومما أدى إلى تحريم القيام في الأوتار في جماعة هو طريقة إلحاح الصحابة وحصبهم للباب وتنحنحهم فصنيعهم في طلبهم للقيام كما في ليلة 28 وخصوصاً أن قيامها فعل محدث كان سبباً لتحريم القيام في الأوتار(ص15)!!
أقول : انظر إلى قوله " فصنيعهم في طلبهم للقيام في ليلة28 وخصوصاً أن قيامها فعل محدث" أليس كون قيام ليلة28 فعل محدث كفيل (بتحريم) قيامها؟ بعبارة أخرى لو لم يحصب الصحابة الباب أو يلحوا في طلب القيام ما الذي كان سيتغير إن كان القيام أصلا محدث ؟!. تنبيه مهم : قوله أن قيام ليلة 28 فعل محدث يستلزم أن النبي صلى الله عليه وسلم أخطأ خطاءين {وحاشاه ذلك}:

  1. أخر البيان عن وقته بل لم يبينه "فلم يقل لهم أن ما أردتموه من قيام محدث".

     2 -أنه صلى الله عليه وسلم تعذر لهم "بأنه لم يكن يمنعه من الخروج "لهذه البدعة " والصلاة معهم إلى خشية أن تفترض عليهم وكأنه لم يكن رادعاً للصحابة عن فعل هذا المحدث أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم : هذه بدعة!!.
 
*زعمه أن الناس في زمن الخليفتين عثمان و علي رضي الله عنهما كانوا يصلون فرادى لأنه لم يثبت أن هناك من صلى التراويح في ذلك الزمان !! والأصل عدم الإحداث .
 أقول : مثل هذا الزعم يصلح أن يقال فيه "يكفي في رده حكايته" ولكن يرد على مثل هذا الكلام بأن [عدم العلم بالشيء لا يعني عدمه ]أي أنه إن لم ينقل خبر فيه حدوث صلاة التراويح جماعة في رمضان في زمن الخليفتين عثمان وعلي لا يعني عدم حصولها فإنه لم ينقل دليل على عدم صلاة القيام جماعة طوال شهر رمضان أو أن أحدى الخليفتين قد نهى عن صلاة التراويح  حتى يقول قائل أنه لم تثبت صلاة التراويح في عهد عثمان وعلي ومن ادعى فعليه البينة ، بل أقول إنه قد ورد من طرق ضعيفة أن علي صلى في الناس و في أخرى أنه قال نور الله قبرك يا ابن الخطاب كما نورت مساجدنا وفي اثر أخر أنه أمر عرفجة الثقفي بإمامة الناس ، بل هناك ما يدل على استمرار الجماعة حتى بعد عهد عثمان و علي رضي الله عنهما فعن نافع بن عمر قال : {سمعت ابن أبي مليكة يقول :كنت أقوم بالناس في شهر رمضان فأقرأ في الركعة :{الحمد لله فاطر} ونحوها وما يبلغني ، أن أحدا يستقل ذلك}([29]) ،وابن أبي مليكة هذا قال أبو حاتم الرازي  عنه في الجرح والتعديل : { عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشي التيمي مكي وكان قاضيا على عهد بن الزبير}([30]) ولو أردنا بسط الأخبار الثابتة في استمرار صلاة التراويح في ذلك الزمن لطال بنا المقام جداً ولكن هل من المعقول قول مثل هذا الكلام قد صلى الناس في زمن عمر جماعة واستمروا حتى مات ثم توقفوا في زمن عثمان وعلي ثم استأنفوا هذه الصلاة بعد موت علي ؟!! دون أن يذكر أحد هذا التوقف ؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله .
 
*زعمه أن الصحابة على قولين في صلاة التراويح إما بدعة أو بدعة حسنة
أقول : لا يوجد أحد من الصحابة قال عن صلاة التراويح بدعة ،أما القول الثاني: بدعة حسنة وهو يقصد قول عمر بن الخطاب نعم البدعة هذه ،فقد فسرنا بالنقل عن أئمة أهل العلم مراد عمر رضي الله عنه من هذه الكلمة ،أما قول بعض العلماء بأن "نعمت البدعة " يستفاد منها أن هنالك بدعة حسنة في الدين لا حجة للمرشود فيه فإنه يرى عدم صوابه والعلماء الذي يرون سنية الجماعة يردون هذا القول "أي البدعة الحسنة" فكيف يحتج المرشود بما هو ليس حجة عنده ولا عند من يحتج به عليهم ؟!
*زعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرغب الصحابة على القيام الانفرادي حيث قال ص10بعد أن حديث أبو هريرة رضي الله عنه :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب الناس في قيام رمضان ويقول: من قامه إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام.فقال المرشود معلقاً :أي أنه كان يرغبهم بالقيام على صفة الانفراد.
أقول :الحديث واضح ومعناه أن النبي كان يرغب بقيام رمضان مطلقاً فيأتي المرشود ويضيف من عنده يرغبهم بالقيام على صفة الانفراد ،فإن كان يقصد الزيادة "ولم يكن جمع الناس" فليس فيه ترغيب من النبي صلى الله عليه وسلم على القيام في صفة معينة !!كيف ينسب المرشود شيء للنبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ؟ثم إن هذه الزيادة "لم يكن جمع الناس" (إن صحت)([31]) فيها أن أبي هريرة يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرغب الناس في قيام رمضان وهذا الترغيب حصل قبل جمعه للناس في ليالي الأوتار وليس فيها أنه كان يرغبهم بالقيام الانفرادي.*تنبيه:لا تنفي هذه الزيادة وقوع الجماعة من غير النبي صلى الله عليه وسلم بل تنفي وقوعها منه صلى الله عليه وسلم.فانتبه.
*زعم المرشود أنه لا سبب شرعي قائم لقيام ليلة 28 التي أراد الصحابة قيامها ((جماعة)) .
أقول : بل السبب موجود وقد ذكره المرشود في رسالته وهو قوله صلى الله عليه وسلم : {من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } وكفى به سبب .
 
*زعمه أن هناك من الصحابة من أنكر  الجماعة في صلاة التراويح وأورد تحت هذا الزعم ثلاثة أثار :
1-أبو أمامة الباهلي:
{إن الله كتب عليكم صيام رمضان، ولم يكتب عليكم قيامه، وإنما القيام شيء ابتدعتموه، وإن قوما ابتدعوا بدعة لم يكتبها الله عليهم، ابتغوا بها رضوان الله، فلم يرعوها حق رعايتها فعابهم الله بتركها، فقال:( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ).
قلت :قال الشيخ مشهور آل سلمان في تحقيقه لكتاب الاعتصام عن هذا الأثر : إسناده ضعيف قال الذهبي في الميزان (2/74) عن زكريا (بن أبي مريم):شيخ حدث عنه هشيم قال النسائي: ليس بالقوي .وقال عبد الرحمن بن مهدي :ذكرناه لشعبة :فصاح صيحة .
قلت (مشهور):قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/592):صيحة شعبة لأنه لم يرض زكريا .
قلت (حمود):قال ابن عدي في الكامل في الضعفاء (3/214): ثنا بن حماد حدثني صالح ثنا علي سمعت عبد الرحمن بن مهدي وذكر زكريا بن أبي مريم الذي روى عنه هشيم قال قلنا لشعبة لقيت زكريا سمع من أبي أمامة فصاح صيحة ،قال الشيخ: وهشيم يروي عن زكريا بن أبي مريم القليل وليس فيما روى عنه هشيم حديث له رونق وضوء .
قلت : والرواية هذه من طريق هشيم عن زكريا .
2-عبد الله بن عمر:عن مجاهد قال:جاء رجل إلى ابن عمر فقال : أصلي خلف الإمام في رمضان ؟قال:أفتنصت كأنك حمار.ثم خرجه المرشود قال:أخرجه الطحاوي في معاني الأثار1/315،والصنعاني في مصنفه 7742.
أقول : أما هذا الأثر فعن مجاهد قال :جاء رجل إلى بن عمر قال" أصلي خلف الإمام في رمضان؟ قال: أتقرأ القرآن ،قال :نعم ،قال: أفتنصت كأنك حمار صل في بيتك .
قلت :ولا أعلم لماذا حذف المرشود ما تحته خط ؟نعم قد وردت رواية عند ابن أبي شيبة دون هذه الزيادة ولكن تخريج المرشود الأثر من مصنف عبد الرزاق وشرح معاني الآثار للطحاوي يدل على أمرين أحلاهما مر وهما :
أنه نقل هذا التخريج دون أن يطلع على هذا الأثر في مصدريه الذين ذكرهما في الهامش (مع ملاحظة تقديمه للطحاوي على عبد الرزاق عند تخريجه الأثر! ).
أو أنه اطلع على الأثر ثم حذف هذه العبارة لكي يحول معنى الأثر .
أقول :وهل الحكم يختلف من قارئ للقرآن {أي حافظ} إلى أخر لا يحفظ فإن كانت بدعة لماذا يسأله ابن عمر أتقرأ القرآن؟فالحكم واحد بالنسبة للحافظ ولغيره ثم لماذا لم يقل ابن عمر إن القيام محدث كما قال عن أذان الجمعة الأول ؟
ثم أن ما ينسبه البعض بعد أن يقرأ آثاراً عن بعض السلف فيها عدم قيام بعضهم مع الناس أنهم (أي السلف ) يرون أن القيام جماعة بدعة! أقول :في هذا القول سوء أدب واتهام للسلف الصالح كابن عمر وغيره ممن كان يرى أفضلية القيام في البيت أو الصلاة لوحده في المسجد والجماعة في قيام الليل قائمة بين يديه بأنهم كانوا يسكتون على المنكر ولا يغيرونه أو على الأقل ينكرون على الناس بدعتهم.
3-أبي بن كعب :
عن أبي بن كعب: "أن عمر بن الخطاب أمر أبي بن كعب أن يصلي بالليل في رمضان. فقال: إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرءوا، فلو قرأت القرآن عليهم بالليل. فقال: يا أمير المؤمنين، هذا شيء لم يكن. فقال: قد علمت ولكنه أحسن. فصلى بهم عشرين ركعة .
ثم قال المرشود (أخرجه المقدسي في الأحاديث المختارة وإسناده حسن).
قلت : أنى له الحسن وفيه أبو جعفر الرازي وهو عيسى بن ماهان ،ثم أن قوله {إسناده حسن }ليس من كلام المرشود بل نقل الحكم من محققه ابن دهيش ولم يبين وأشعر بنقله هذا القارئ  بأنه هو من حقق الأثر! والحقيقة على غير ذلك ،ولو كان هو المحقق لكان عليه أن ينقل تحقيقه لهذا الأثر و يرينا كيف دفع تضعيف الألباني رحمه الله ،خاصة وأنه قد نقل تضعيف الألباني في أحد مواضع رسالته !!وعلق على العلة الثانية التي أعل بها الألباني هذا الأثر {وهي نكارة المتن} ولم يدفعها كما يفعل أهل الحديث عادة عندما ينفون نكارة متن من المتون ،كأن يدفعون ضعف الطريق ويجمعون المتون مع بعضها
فتنتفي المخالفة ،أما المرشود فقد أورد كلاماً للشافعي في تعريف المحدثات...ثم هنا أمر أخر فهذا الأثر أورده المرشود في جملة أثار يزعم أن الصحابة قد أنكروا الجماعة في صلاة التراويح أي أنه بدعة ، وقال عن نفس هذا الأثر في موضع أخر (ص11) أنه دليل على نسخ قيام الأوتار !فهل بعد هذا التناقض تناقض ؟
أقول: وقد ضعف الألباني رحمه الله الأثر لعلتين هما ضعف الإسناد و نكارة المتن ،قال الألباني:وهذا إسناد ضعيف أبو جعفر هذا واسمه عيسى بن أبي عيسى بن ماهان أورده الذهبي في " الضعفاء " وقال : قال أبو زرعة : يهم كثيرا وقال أحمد : ليس بقوي وقال مرة : صالح الحديث وقال الفلاس : سيء الحفظ وقال آخر ثقة " ثم أعاده الذهبي في " الكنى " وقال :  جرحوه كلهم. وجزم الحافظ في " التقريب " بأنه سيء الحفظ "([32])
وقال ابن القيم في " زاد المعاد " ( 1 / 99 ) : " صاحب مناكير لا يحتج بما تفرد به أحد من أهل الحديث البتة "  قلت(الألباني) : وهذا لا يشك فيه الباحث المتتبع لأحاديثه فإنه كثير المخالفة لروايات الثقات ، ومن ذلك هذا الحديث فقد تقدم بالإسناد الصحيح عن عمر أنه أمر أبيا أن يقوم للناس بإحدى عشرة ركعة ولا يعقل أن يخالف أبي أمر أمير المؤمنين لا سيما وهو موافق لسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فعلا وتقريرا لأبي كما تقدم بيانه ، وفيه مخالفة أخرى وهو قوله : " هذا شيء لم يكن " ويبعد أن يقوله أبي ويوافقه عمر رضي الله عنهما وقد كان هذا الاجتماع في عهده صلى الله عليه وسلم كما سبق بيانه بالأحاديث الصحيحة في الفصل الأول والمفروض أنهما شهدا أو على الأقل علما ذلك وهما من هما في العلم  وبالجملة فهذه الرواية عن أبي منكرة لا تقوم بها حجة.([33])
**تنبيه:
دندن المرشود حول تقوية هذا الأثر بالأثر الذي في الصحيح"نعمت البدعة" أقول:وهذا بعيد جداً فهذا الأثر فيه إنكار أبي على عمر بينما رواية الصحيح ليس فيها إنكار من أبي وهذه فيها  أنه صلى بهم عشرين ركعة والثابت أنه صلى بهم إحدى عشر ركعة ،فأي نكارة بعد هذه النكارة؟
 
*اتهامه أبي بن كعب رضي الله عنه أنه هرب ! من إمامة الناس في العشر الأواخر فراراً من البدعة !حيث قال المرشود ص 6/مختصر2:وقد هرب أبي وأبق في العشر الأواخر فاراً من تلك البدعة {أي صلاة التراويح}.انتهى
أقول:قبل التعليق على الكلمة هذه نورد الرواية التي اعتمد عليها في هذا القول الشنيع
{حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَكَانَ يُصَلِّي لَهُمْ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَلَا يَقْنُتُ بِهِمْ إِلَّا فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَإِذَا كَانَتْ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ تَخَلَّفَ فَصَلَّى فِي بَيْتِهِ فَكَانُوا يَقُولُونَ أَبَقَ أُبَيٌّ} أخرجه أبي داود (1431) ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان من نفس الطريق .والبيهقي في الكبرى (4814) قال : أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِىٍّ الرُّوذْبَارِىُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ثم ساق نفس إسناد أبي داود.وعلق الألباني على هذا الحديث في ضعيف سنن أبي داود فقال :ضعيف.
أقول: و أي مبتدئ يعلم أن هذا الأثر ضعيف الإسناد فالراوية من مراسيل الحسن البصري  وهو لم يدرك عمر بن الخطاب ولا أبي بن كعب([34]) أضف إلى ذلك أن مراسيل الحسن من أوهى المراسيل ؛قال الحافظ في الفتح :كانوا لا يعتمدون مراسيل الحسن لأنه كان يأخذ عن كل أحد ([35]) ،و قال الذهبي في : من أوهى المراسيل عندهم مراسيل الحسن .([36])
أقول :إذا عرفت ضعف مثل هذا الأثر تعرف أنه لا يجوز لكائن من كان أن يحتج به بل ويستخدمه كمطعن في الصحابة ،فتصوير أبي رضي الله عنه بهذه الصورة {وهي لا تثبت إلا عند أهل الأهواء ونظن بأخينا أنه ليس منهم} فيها مطعن عظيم في أبي رضي الله عنه فهو قد رضي بالبدعة ولم ينكر بل كان مشاركاً فيها حتى إذا جاءت العشر الأواخر فر من البدعة وهرب !وتالله إن هذا لمنكر من القول وزوراً ،فكيف يبني المرشود قصرا على سراب وهو من "ابتدع" قول الإدراج في حديث البخاري الذي لم يسبقه أحدٌ إليه([37]) ،فهل اكتشفت إدراجا في حديث عند البخاري ولم تكتشف ضعف هذا الإسناد يا شيخ عادل ؟ فالله المستعان.
 
*زعمه أن هناك من السلف من تابعوا الصحابة في الفهم (أي فهمهم أن التراويح بدعة) وكانوا لا يصلون في المساجد (ص23) وذكراً أثاراً لعدد من التابعين واصفاً أسانيدها بالصحيحة وهي:
1-قال مجاهد :إذا كان من الرجل عشر سور فليرددها ولا يقم في رمضان خلف الإمام.
أقول : لو يتحفنا المرشود بذكر إسناد هذا الأثر فإن المروزي لم يذكر له إسناداً في كتابه بل لا يوجد له إسناد فكيف حكم على إسناده بالصحة (وهذه إحدى تضخيمات المرشود) ، بل لنفرض جدلاً أن إسناد الأثر على شرط الشيخين فكان ماذا ؟ نحمل الأثر على الأفضلية وهذا هو الصواب وإلا من أين للمرشود أن هذا الأثر فيه أن مجاهد يرى ببدعية صلاة التراويح ؟ أم كالعادة تحميل الحديث أو الأثر أكثر مما يتحمل؟
2-عن الأعمش : كان إبراهيم يؤمهم في المكتوبة ولا يؤمهم في صلاة رمضان وعلقمة والأسود.
قلت : وأين أنهم كانوا يرون أن القيام جماعة بدعة ؟ كل ما في الأمر أنهم كانوا يصلون في بيوتهم.
3-عن أبي الأسود أن عروة بن الزبير كان يصلي في العشاء الآخر مع الناس في رمضان ثم ينصرف إلى منزله ولا يقوم مع الناس.
أقول : هذا الأثر فيه ابن لهيعة فكيف يكون صحيحاً ؟
4-وصلى أبو إسحاق الفزاري في مؤخر المسجد في رمضان إلى سارية والإمام يصلي بالناس وهو يصلي وحده.
أقول : يغني عن البحث عن حال هذا الأثر أنه لا يمت بصلة للعنوان الذي أدرج المرشود تحته هذا الأثر حيث عنون :وهناك من السلف من تابع الصحابة في الفهم وكانوا لا يصلون في المسجد،فإن كان الفزاري يرى بالبدعية فإنه قصر ولم ينكر على الناس بدعتهم.
5-وكان سعيد بن جبير يصلي لنفسه في المسجد والإمام يصلي بالناس.
أقول: وهذا الأثر يقال فيه مثلما قيل في الذي سبقه .
تبين إذا أنها مجرد دعوى لا أكثر فالآثار التي أدرجها تحت العنوان لا تمت له بصلة ،فتحمل على الأفضلية لعدم وجود من قال إنها بدعة كل ما في الأمر أنهم لم يكونوا يصلون في المسجد ، أما تحميل الآثار ولي أعناقها فهذا من صنيع أهل الأهواء .
 
الرد عليه فيما زعمه أن ابن شهاب الزهري أدرج في حديث أخرجه البخاري في صحيحه ولم يكتشف ذلك إلا المرشود:
وهذا الزعم لم يدرجه المرشود في رسالته التي بين يدي بل أخبرنيه مشافهة أن هناك إدراجاً في حديث أخرجه البخاري وهو:عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ:{ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ }([38])
واللفظ المدرج بحسب كلام المرشود هو :{ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط}.
 
قبل مناقشة هذه "البدعة" لنقدم بين يدي الرد طرق معرفة المدرج التي نص عليها أئمة مصطلح الحديث والمتمثلة بثلاثة طرق:
1-وجود قرينة في السياق تدل على أن اللفظ مدرج.كاستحالة إضافته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .ويمثل لهذا النوع العلماء غالباً بحديثه صلى الله عليه الذي رواه أبو هريرة {للعبد المملوك الصالح أجران.والذي نفسي بيده لولا الجهاد والحج وبر أمي لأحببت أن أموت و أنا مملوك}فقوله :والذي نفسي بيده . من كلام أبي هريرة لقرينة وبر أمي لأن أمه صلى الله عليه وسلم ماتت وهو صغير قبل أن يبعث.
2-تصريح راوي الحديث بأن هذا اللفظ من كلامه.كأن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كذا و كذا وقلت أنا : كذا و كذا وهذا من أوضح الأنواع.
3-أن يصرح بعض الرواة بفصل الكلام المدرج عن المتن المرفوع وأن يضيف الكلام لقائله.
أقول : ويهدف المرشود بهذا الزعم لنفي الجماعة قبل جمع عمر الناس على أبي بن كعب و إذا تم نفي شبهة الإدراج نقضت رسالة المرشود من أساساتها ، فالجماعة في قيام الليل تكون واقعة قبل جمع عمر الناس على قارئ واحد  ،وقد قلت للمرشود لو تم دفع هذا الزعم هل يكون فعل عمر صحيح ؟ فأجاب بالإيجاب فإليك الأدلة على عدم وجود إدراج في هذا النص :
لم يستخدم المرشود طرق معرفة المدرج التي تطرقنا لها قبل قليل في إثبات هذا الزعم بل لا يستطيع ذلك فلم يأتي هذا اللفظ ولو بطريق (موضوع) أنه من كلام الزهري وليس من كلام عبد الرحمن بن عبد القاري راوي الأثر والمعاين لم دار وحصل ،وهذا كاف لرد هذه الشبهة ، أضف إلى ذلك أنه لم يسبق المرشود بهذا القول أحد حتى الشيعة "لذلك سميتها بدعة وهي كذلك" ،فأئمة العلل وعلى رأسهم الدارقطني الذي انتقد بعض أحاديث البخاري لم يتعرض لهذا الحديث ولم يتطرق له غيره من أئمة الحديث ،ثم لو أننا حذفنا اللفظ الذي يزعم المرشود أنه مدرج لكان الأثر كالتالي : :{ خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله}
فانظر إلى العجمة التي نتجت عن هذا الزعم في قوله [فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه قال عمر } والصحيح أن يكون {فإذا الناس أوزاع متفرقون كل رجل يصلي لنفسه }،ثم تأمل قول عمر :{إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد} فقوله : على قارئ واحد أي إمام واحد دليل واضح على أنه كان هناك أكثر من إمام فلو كان كما يقول المرشود كل رجل يصلي لنفسه لقال عمر :{إني أرى لو جمعتهم } لكان كافياً بالنسبة لمن كانوا يصلون منفردين أما أن يقول عمر بحق منفردين :{إني أرى لو جمعتهم على قارئ واحد} هذا تكلف لا يصدر من عربي فصيح كعمر بن الخطاب رضي الله عنه .
و مما ينفي الشبهة أيضا ورود خبر الجماعات قبل جمع عمر في روايتين بإسنادين لا وجود للزهري فيهما الأولى أخرجها البخاري في خلق أفعال العباد قال: آدم ، حدثنا ابن أبي ذئب ، حدثنا مسلم بن جندب ، عن نوفل بن إياس الهذلي ، قال :{ كنا نقوم في عهد عمر بن الخطاب في المسجد فنتفرق هاهنا فرقة وهاهنا فرقة ، وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتا ، فقال عمر : " أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني ، أما والله لئن استطعت لأغيرن " ، فلم يمكث إلا ثلاث ليال حتى أمر أبيا فصلى بهم}.قلت :رجال هذا الإسناد ثقات ماعدا  نوفل بن إياس الهذلي وهو مجهول العين قال عنه الحافظ في التقريب : مقبول ،أما الرواية الثانية فأخرجها ابن شبة النميري في كتابه تاريخ المدينة  من طريق أبي زكير قال سمعت محمد بن يوسف الأَعرج يحدث عن السائب بن يزيد قال:{ جاء عمر رضي الله عنه ليلة من ليالي رمضان، إِلى مسجد رسول صلى الله عليه وسلم، والناس متفرقون، يصلي الرجل بنفسه، ويصلي الرجل ومعه النفر، فقال: لو اجتمعتم على قارئ واحد كان أَمثل، ثم عزم فجمعهم على أُبيّ بن كعب، ثم جاء من العالية وقد اجتمعوا عليه واتفقوا فقال نِعْمَت البدعةُ هذه، والتي ينامون عنها أَفضل من التي يصلون، وكان الناس يصلون أَوّل الليل ويَرْقدون آخره} قلت :ابن شبة النميري البصري ثقة وأما شيخه فصدوق يخطئ كثيراً وقال الذهبي :ضعفه ابن معين ،أما الأعرج فمن رجال الشيخين والسائب بن يزيد صحابي رضي الله عنه ،قلت :نوفل الهذلي وأبي زكير يصلحان للمتابعات والشواهد فهما ليسا بمتروكين مع شاهد صحيح البخاري الذي نحن بصدده تتقوى روايتيهما ويثبت وقوع الجماعات قبل جمع عمر رضي الله عنه ما عدا ما جاء في رواية نوفل:{ وكان الناس يميلون إلى أحسنهم صوتا ، فقال عمر : " أراهم قد اتخذوا القرآن أغاني ، أما والله لئن استطعت لأغيرن فلم يمكث إلا ثلاث ليال } فهذا القدر من الأثر لا شاهد له أما باقي ما جاء في الروايتين فيثبت والله أعلم.
وقد اعتمد المرشود على بلاغ الزهري الذي ورد في صحيح البخاري وغيره في تبني هذا الزعم فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه قال ابن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر رضي الله عنهما}،وقد جاء مدرجاً عند مسلم وغيره دون "ابن شهاب" فظن ظان أن هذا الكلام من كلام أبي هريرة ولكن كما بينا سابقاً من قواعد معرفة المدرج في الطريقة الثالثة أن بعض الرواة يفصلون الكلام المدرج عن المتن الأصلي وينسبون الكلام لقائله وهذا ما حصل في رواية البخاري وغيره،وهذا فيه إثبات أن ما زعمه المرشود من إدراج في حديث تجميع عمر الناس على أبي بن كعب زعم باطل فإن المدرِج هنا هو ابن شهاب الزهري{على فرضية ثبوته وإلا فهو بلاغ}  وفي حديث تجميع عمر الناس على أبي هو ابن شهاب الزهري[كما زعم] فكأن ابن شهاب يناقض نفسه إن سلمنا لزعم المرشود فهناك لم تعجب المرشود اللفظة الصحيحة الثابتة فاتهم الزهري بالإدراج (لأن فيها إثبات للجماعات ) ولله الحمد و المنة قد أثبتنا بأدلة واضحة ضعف هذا الزعم ،وهنا أراد أن يستشهد ببلاغ الزهري ليثبت أنه لا يوجد جماعات فكأن الزهري مرة يقول :كان هناك جماعات متفرقة قبل جمع عمر ومرة أخرى :لم يكن هناك جماعات متفرقة قبل جمع عمر !،يعني المرشود يحتج بالزهري على الزهري !
 
قلت :وقد أرسل المرشود وريقات([39]) ليس فيها  شيء يتعلق بحديثنا هذا إلا نقطتين هما:
الأولى :تفسيره معنى أوزاع أي أفراد ضارباً كلام من فسرها أنها جماعات وأفراد عرض الحائط قال: إن معنى الأوزاع يطلق على الأفراد المتفرقون، أو الجماعات المتفرقة التي في مسجد واحد،ولكن الأصل في إطلاق كلمة الأوزاع هو تفرق الأفراد في المسجد ،لأن هذا ما حصل في زمن النبي كله واستمر عليه حتى في زمن أبي بكر وصدرا من زمن عمر بل حتى بقية زمن عمر!!!.
أقول:قوله :إن معنى الأوزاع :الأفراد المفرقون _أو_الجماعات المتفرقة التي في مسجد واحد يهدف فيه إلى أن كلمة أوزاع عندما تأتي فإنه تحتمل معنى واحد لا اثنين وهذه من عندياته بل ستنقضها نقولاته التي ضمنها وريقاته هذه.
ثم تأمل قوله : الأوزاع هو تفرق الأفراد في المسجد لأن هذا ما حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كله (ولا أعلم أين ذهبت ليالي الأوتار)- وبعد هذه الجملة سيبدأ الخلط الشديد –واستمر في زمن أبي بكر وصدراً من زمن عمر بل حتى بقية زمن عمر !
أقول:قد تأملت هذه الجملة ملياً لأجد لها وجه فلم أستطع.
 إذا كان الإنفراد –جدلاً- مستمر في زمن أبي بكر وصدراً في خلافة عمر (بل حتى في بقية زمن عمر ) :فأين بدعة عمر التي زعمتها اختفت ؟؟ فالإنفراد مستمر حتى بقية زمن عمر فكيف إذاً جمع عمر الناس على أبي،و على من كان ينكر ابن عمر –بزعمك-؟ بل أثر من الذي استمت في تقويته _يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن فقال قد علمت ؟؟؟ !!!.
-نكمل نقل النصوص التي استشهد بها في تفسير كلمة أوزاع :
قال ابن الأثير:وقال منه  حديث (عمر أنه خرج ليلة في شهر رمضان والناس أوزاع) أي متفرقون أراد أنهم كانوا يتنفلون فيه  بعد صلاة العشاء.[النهاية في غريب الحديث 5/393]
أقول: وقد قام بتغميق كلمة متفرقون في النص الذي نقله كي يوحي لما يرمي إليه [أي أن أوزاع تعني أفراد] ولكن ليس له ذلك فقوله متفرقون يصلح لوصف حال الناس الذي يصلون وراء أكثر من إمام وكذا الذين يصلون منفردين وتصلح لوصف الحالتين في وقت واحد أي سائغ لغة أن تقول هؤلاء متفرقون وأنت تصف جماعات متفرقة و أفراد يصلون لوحدهم
ثم قال: عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري أنه قال: "خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط.."فإن كان معنى الأوزاع خاصا في معنى الجماعات ،لم َذكر الراوي "يصلي الرجل لنفسه" واعتبره أحد أفراد معنى كلمة الأوزاع أيضا(؟).
أقول : ومن قال أن كلمة أوزاع لا تحتمل أن تصف في وقت واحد كلا الحالتين؟عجيبة هي تقريراتك اللغوية فأنت تفرق في أول الكلام بقولك:أوزاع تعني جماعات متفرقة ...أو... أفراد ثم تأتي فتستشكل على فهمك أنت ؟
ثم نقل الإجابة على سؤاله من كلام ابن حجر :
قال ابن حجر:قَوْله :( أَوْزَاع )بِسُكُونِ الْوَاو بَعْدهَا زَايٌ أَيْ جَمَاعَة مُتَفَرِّقُونَ ، وَقَوْله فِي الرِّوَايَة " مُتَفَرِّقُونَ " تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ ، وَقَوْله " يُصَلِّي الرَّجُل لِنَفْسِهِ " بَيَانٌ لِمَا أُجْمِلَ أَوَّلًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضهمْ كَانَ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَبَعْضهمْ يُصَلِّي جَمَاعَة.[فتح الباري 6/292]
وقال ابن حجر:(أوزاع) أي جماعات متفرقون وأصله من التوزيع وهو الانقسام(هدي الساري327)وقال العيني:فعلى قوله متفرقون في الحديث تكون صفة الأوزاع أي جماعات متفرقون.[عمدة القاري11/126]وقال النووي:عزين:أي متفرقين جماعة جماعة وهو بتخفيف الزاي[شرح مسلم]وقال محمد بن أبي نصر الحميدي:عزين:أي جماعة جماعة،وحلفا حلفا،وفرقة فرقة،والواحدة عزة [تفسير غريب مافي الصحيحين ص25تحقيق زبيدة محمد]
وقال الجوهري: أوزاع من الناس أي جماعات.[الصحاح في اللغة ]
أقول :و هل نفى شراح الحديث وقوع صلاة البعض منفردين وأن كلمة أوزاع لا تصفهم ؟ألم ترى كلام ابن حجر:قَوْله :( أَوْزَاع )بِسُكُونِ الْوَاو بَعْدهَا زَايٌ أَيْ جَمَاعَة مُتَفَرِّقُونَ ، وَقَوْله فِي الرِّوَايَة " مُتَفَرِّقُونَ " تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ ، وَقَوْله " يُصَلِّي الرَّجُل لِنَفْسِهِ " بَيَانٌ لِمَا أُجْمِلَ أَوَّلًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضهمْ كَانَ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَبَعْضهمْ يُصَلِّي جَمَاعَة.[فتح الباري 6/292]
ثم قال :قال ابن منظور:فَتَوَزَّعُوها أَي اقتسموها بينهم وفي الحديث أَنه حَلَقَ شعَره في الحج ووَزَّعَه بين الناس أَي فَرَّقه وقسَمه بينهم وَزَّعه يُوَزِّعُه تَوزِيعاً ومن هذا أُخِذَ الأَوزاعُ وهم الفِرَقُ من الناس يقال أَتَيْتُهم وهم أَوْزاعٌ أَي مُتَفَرِّقُون وفي حديث عمر: أَنه خرج ليلة في شهر رمضان والناسُ أَوْزاعٌ أَي يصلون متفرقين غير مجتمعين على إِمام واحد أَراد أَنهم كانوا يتنفلون فيه بعد العشاء متفرقين ..... وبها أَوزاعٌ من الناس وأَوْباشٌ أَي فِرَقٌ وجماعات وقيل هم الضُّرُوب المتفرَّقون ولا واحد لأَوزاع .[لسان العرب8/390 مادة كلمة(وزع) وتاج العروس8/340].
قلت: ذكر هذا النص ولون كلمة متفرقين ليشير[والله أعلم] أن الناس كانوا أفراداً ولكن الرد عليه إن كان هذا هدفه من النص الذي نقله ؛انظر لقول ابن منظور هذا :
{ متفرقين غير مجتمعين على إِمام واحد} أي أن ابن منظور-عالم اللغة- فهم أنه كان هناك أكثر من إمام لذلك قال إمام واحد (كما سبق في قول عمر الذي فصلنا فيه في نفي تهمة الإدراج المزعومة )
أقول ثم قال: والذي دعاني القول بأن الأوزاع الأصل فيه الناس المتفرقون من جنس الأفراد وليس   الجماعات وذلك لعدة أسباب:
السبب الأول:وهو عدم وجود الجماعات في زمن النبي ولا في زمن أبي بكر ول اصدرا من زمن عمر بل ولا حتى في بقية زمن عمر ومن بعده من الخلفاء الراشدين،كما سيأتي في تحقيق أثر عمر.
أقول :أثبت العرش ثم انقش [أما أن يكون دليلك احتمالات لغوية ترد بها الألفاظ المسندة بمزاجية فهذا ليس بسبيل أهل العلم ولا طلابه]أما فيما يتعلق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم :فلك وجه فيما قلته أما زمن أبي بكر رضي الله عنه وصدراً من خلافات عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسند هذا الزعم وإلا فكلامك أوهى من بيت العنكبوت بل بيت العنكبوت له وجود أم زعمك فمجرد افتراضات وإنه من الخطأ أن يعتقد الإنسان اعتقاداً ثم يبحث عن دليل فتجده يلوي أعناق الأدلة يضعف ما صح ويصحح ما ضعف والله المستعان.
ثم قال :السبب الثاني:وجود الجماعات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم  مما يحدث التشويش في القراءة وهذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
أقول:التشويش واقع من القراء سواء كانوا أئمة أو منفردين فلا دخل للمصلين ورائهم.فالرسول صلى الله عليه وسلم "نهى عن رفع الأصوات سواء كانوا أئمة أو منفردين"
نهاية القول في هذا الباب : أن دعوى الإدراج لا يمكن أن تصح بأي شكل من الأشكال وقد بينا أدلة دامغات على وقوع الجماعات قبل جمع عمر رضي الله عنه الناس وإحياءه هذه السنة فجزاه الله عنا خير الجزاء.
 
_ الرد عليه فيما نسبه إلى ابن منده والصنعاني من القول بأن صلاة التراويح بدعة مع بيان تدليس المرشود .
قال المرشود ص24:العلماء الذين رجحوا عدم جوز القيام جماعة في المسجد في رمضان:
-وهو قول منسوب إلى ابن منده (بدعة صلاة التراويح) من طائفة ينتمون إليه في الاعتقاد من أهل أصبهان يقال لهم العبد الرحمانية.انتهى وعزا في الهامش (الذي على طبقات الحنابلة 1/29-30)قلت :وهنا تدليس من المرشود فإنه قد تصرف بالعبارة المنقولة ليوهم من يقرأ (خاصة العامي)بأن هذا هو قول ابن منده وجعل له خط رجعة بقوله "منسوب"، فلننقل ما ورد في ذيل طبقات الحنابلة :
وبأصبهان طائفة من أهل البدع ينتسبون إلى ابن منده هذا، وينسبون إليه أقوالاً في الأصول والفروع، هو منها بريء.
منها: أن التيمم بالتراب يجوز مع القدرة على الماء.
ومنها: أن صلاة التراويح بدعة، وقد ردّ عليهم علماء أصبهان من أهل الفقه والحديث، وبيّنوا أن ابن منده بريء مما نسبوه إليه من ذلك.
قلت:مالفرق بين هذا النص وبين ما ذكره المرشود؟الفرق أنه دلس بل لم يذكر شيء مهم جداً أن علماء أصبهان من أهل الفقه والحديث ردوا على أهل البدع هؤلاء وبينوا أن ابن منده بريء مما نسبوه إليه. فلماذا لم يذكر المرشود هذه الزيادة التي لا يجوز بعدها نسبة هذا القول لابن منده إلا إن كان لديه إسناد صحيح متصل لابن منده بهذا القول ولا يوجد. فالله المستعان.
-نسبة القول ببدعية صلاة التراويح للصنعاني:
سننقل قول الصنعاني الذي على أساسه نسب المرشود القول ببدعية الجماعة في صلاة التراويح لكن دون ذكر لأحاديث مرت علينا لكي لا يطول المقال ،قال الصنعاني في سبل السلام(2/10): واعلم أن (من) أثبت صلاة التراويح وجعلها سنة في قيام رمضان استدل بهذا الحديث على ذلك، وليس فيه دليل على كيفية ما يفعلونه ولا كميته، فإنهم يصلونها جماعة عشرين يتروحون بين كل ركعتين، فأما الجماعة فإن عمر أول من جمعهم على إمام معين وقال: "إنها بدعة" واعلم أنه يتعين حمل قوله بدعة على جمعه لهم على معين وإلزامهم بذلك لا أنه أراد أن الجماعة بدعة فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قد جمع بهم كما عرفت. إذا عرفت هذا عرفت أن عمر هو الذي جعلها جماعة على معين وسماها بدعة.
وأما قوله: "نعم البدعة"، فليس في البدعة ما يمدح بل كل بدعة ضلالة، وأما الكمية وهي جعلها عشرين ركعة، فليس فيه حديث مرفوع إلا ما رواه عبد بن حميد والطبراني من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: "أن رسول الله صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر"، قال في سبل الرشاد: أبو شيبة ضعفه أحمد، وابن معين، والبخاري، ومسلم، وداود، والترمذي والنسائي، وغيرهم وكذبه شعبة، وقال ابن معين: ليس بثقة، وعد هذا الحديث من منكراته، وقال الأذرعي في المتوسط: وأما ما نقل أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم صلى في الليلتين اللتين خرج فيهما عشرين ركعة فهو منكر،إذا عرفت هذا علمت أنه ليس في العشرين رواية مرفوعة، بل يأتي حديث عائشة المتفق عليه قريباً: "أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة" ، فعرفت من هذا كله أن صلاة التراويح على هذا الأسلوب الذي اتفق عليه الأكثر بدعة نعم قيام رمضان سنة بلا خلاف، والجماعة في نافلته لا تنكر، وقد ائتم ابن عباس رضي الله عنه وغيره به صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم في صلاة الليل، لكن جعل هذه الكيفية والكمية سنة، والمحافظة عليها هو الذي نقول: إنه بدعة، وهذا عمر رضي الله عنه خرج أولاً، والناس أوزاع متفرقون منهم من يصلي منفرداً ومنهم من يصلي جماعة على ما كانوا في عصره صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم وخير الأمور ما كان على عهده.انتهى
 
أقول: قد قمت بتظليل العبارات التي تفيدنا في فهم قول الصنعاني وقبل التطرق لهذه العبارات ؛ أذكِّر بمحل النزاع بيني وبين المرشود وهو: "هل الجماعة في قيام رمضان طوال الشهر سنة أم بدعة" إذا تقرر هذا فلا يجوز نسبة القول ببدعية صلاة التراويح للصنعاني لأنه قال :فإن عمر أول من جمعهم على إمام معين وقال: "إنها بدعة" واعلم أنه يتعين حمل قوله بدعة على جمعه لهم على معين وإلزامهم بذلك لا أنه أراد أن الجماعة بدعة فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قد جمع بهم كما عرفت. إذا عرفت هذا عرفت أن عمر هو الذي جعلها جماعة على معين وسماها بدعة.
وقال في موضع أخر : نعم قيام رمضان {سنة} بلا خلاف، والجماعة في نافلته
{ لا تنكر}.
فأما البدعة التي يتكلم عنها الصنعاني فهي جمع الناس على إمام معين والمحافظة على كمية وكيفية معينة تأمل قوله :
واعلم أنه يتعين حمل قوله بدعة على جمعه لهم على معين وإلزامهم بذلك"
-وجمع الناس على إمام معين مع وقوع الجماعة قبل الجمع ليس ببدعة وهذا ما أقره المرشود في حديثي معه عندما قلت له لو ثبت أنه قبل جمع عمر كان هناك تجميع في القيام هل يكون فعل عمر بدعة قال :لا،والدليل على قوله: (لا) أن سبب زعمه وجود إدراج في حديث البخاري هو أن فيه ذكر للجماعات التي وقعت قبل جمع عمر فانتبه.
ثم تكلم الصنعاني على البدعة التي ينكرها :وهي المحافظة على كمية {عشرين ركعة} وكيفية {يتروحون بين كل ركعتين} وجعل هذه الكمية والكيفية سنة هذه بدعة في نظر الصنعاني والدليل من كلامه حيث قال:
" فعرفت من هذا كله أن صلاة التراويح على هذا الأسلوب الذي اتفق عليه الأكثر بدعة"..." فإنهم يصلونها جماعة عشرين يتروحون بين كل ركعتين"
"جعل هذه الكيفية والكمية سنة، والمحافظة عليها هو الذي نقول: إنه بدعة"
و من باب التنزل والجدل افرض أن الصنعاني قال الجماعة في صلاة التراويح بدعة هل يكون هذا دليل يستدل به المرشود على ما يقرر ؟
الجواب: قال شيخ الإسلام :ليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء، فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية لا يحتج بها على الأدلة الشرعية."([40])
قلت : هذا في مسائل النزاع فما بالك في مسألتنا وليس فيها نزاع بل الأمة مجمعة على مشروعيتها على خلاف في أفضلية صلاتها في البيت أم المسجد ؟ولم يفتعل النزاع إلا عادل المرشود وسبقه بذلك الشيعة و"العبد الرحمانية" !([41])
 
_ الرد عليه فيما نسبه للشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأنه أخطا في فهم أحد الأحاديث و بيان أن المرشود هو من أخطأ في فهم كلام الشيخ رحمه الله .
قال المرشود(ص5):قال الشيخ يرحمه الله : (تنبيه) هل الجماعة في التراويح مما سَنَّهُ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، أم ممَّا فَعَلَه عُمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه؟
-الجواب : ادَّعى بعضُ النَّاس أنها مِن سُنَنِ عُمرَ بن الخطاب، واستدلَّ لذلك بأنَّ عُمرَ بنَ الخطَّاب أَمَرَ أُبيَّ بنَ كعب وتميماً الدَّارِيَّ أنْ يقوما للنَّاس بإحدى عشرةَ رَكعةً وَخَرَجَ ذات ليلة والنَّاسُ يصلُّون، فقال: نِعْمَتِ البِدْعةُ هذه (1) ، وهذا يدلُّ على أنَّه لم يسبقْ لها مشروعية. وعلى هذا؛ فتكون مِن سُنَنِ عُمرَ لا مِن سُننِ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وحينئذٍ لنا أنْ نعارضَ فنقول: إنها ليست بسُنَّة؛ لأن سببها وُجِدَ في عهد الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعله، والقاعدة: أنَّ ما وُجِدَ سبُبُه في عهد النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يفعلْه فإنَّه ليس بسُنَّة، لأنه كيف يتركه الرَّسولُ والسببُ موجود؟ والسبب هنا رمضان؛ وهو موجود في عهد الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، فلمَّا لم يفعلها لم تكن سُنَّة، وعلى هذا؛ فإذا صَلَّيت الفريضة في رمضان، فاذهبْ إلى بيتك وصَلِّ، ولا تصلِّ مع النَّاس.
ولكن؛ هذا قولٌ ضعيف، غَفَلَ قائلُه عمَّا ثَبَتَ في «الصَّحيحين» وغيرهما أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قام بأصحابه ثلاثَ ليالٍ، وفي الثالثة أو في الرَّابعة تخلَّف لم يُصَلِّ، وقال: «إنِّي خشيتُ أنْ تُفرضَ عليكم» (2) فثبتتِ التَّراويحُ بسُنَّة النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وذَكَرَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم المانعَ مِن الاستمرار فيها، لا مِن مشروعيَّتها، وهو خَوْفُ أنْ تُفرضَ، وهذا الخوف قد زال بوفاة الرَّسولِ صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه لمَّا مات صلّى الله عليه وسلّم انقطع الوحي فأُمِنَ مِن فرضيتها، فلمَّا زالت العِلَّةُ وهو خَوْفُ الفرضية بانقطاع الوحي ثَبَتَ زوال المعلول، وحينئذٍ تعود السُّنيَّة النبويَّة لها.([42])
 
فعلق المرشود بقوله :والسبب في تضعيفه (أي الشيخ) لأنه لم يعلم رحمه الله أن سبب قيامه صلى الله عليه وسلم من أجل ليلة القدر ،بل ظن أن قيامه من أجل ليالي رمضان وذلك حينما ذكر حديث أبي ذر ظن أن معنى صلى في ليلة ثلاث وعشرين أي ثلاث وعشرين ركعة واستشهد به على أنه دائماً يوتر في الصلاة.انتهى تعليق المرشود.
أقول : أي أن الشيخ لم يفهم معنى صلى في ليلة ثلاث و عشرين أي التاريخ ولكن فهمها ثلاث وعشرين ركعة وهذا من تسرع المرشود والرد على هذا الفهم الخاطئ ينقسم إلى نقطتين هما:
الأولى: لا حاجة فيها إلى العودة إلى كتب الشيخ رحمه الله للتأكد من صحة ما نسبه إليه ذلك أن الشيخ ابن عثيمين كان فصيحا جداً وله جهود في اللغة والنحو([43]) فلا يمكن لمن كان هذا حاله يفهم هذا الفهم الخاطئ لا أدعي له العصمة لكن هذا الحديث لا يصح فهمه هذا الفهم من أي وجه فعن أبي ذر قال:{أنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى بالصَّحابة في ليلة ثلاثٍ وعشرين، وخمسٍ وعشرين، وسبعٍ وعشرين، في الليلة الأُولى ثُلث الليل، وفي الثانية نصف الليل، وفي الثالثة إلى قريب الفجر.}
فلو كان عدد الركعات لقال : في ليلة ثلاث وعشرين ركعة وفي ليلة خمس وعشرين ركعة وفي ليلة سبع وعشرين ركعة أما أن: يقول في ليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين و سبع وعشرين ؛فهذه الجملة واضحة أن الكلام على الليالي .
الثانية :لنرجع إلى الموضوع الذي تكلم فيه الشيخ عن حديث أبي ذر لنرى فهمه للحديث أهو كما يقول المرشود أما غير ذلك ،قال الشيخ ابن عثيمين (4/59-60):
((تُفْعَلُ فِي جَمَاعَةٍ)) ([44])[قال ابن عثيمين]قوله: «تفعل في جماعةٍ» أي: تُصَلَّى التَّراويح جماعة، فإنْ صلاَّها الإنسانُ منفرداً في بيته لم يدرك السُّنَّة.والدَّليل : فِعلُ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم، وأَمْرُ عُمرَ رضي الله عنه، وموافقةُ أكثرِ الصَّحابة على ذلك .
((مَعَ الوِتْرِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي رَمَضَانَ ))
[قال ابن عثيمين]قوله: «مع الوتر» أي: أنهم يُوتِرون معها.
ودليل ذلك : أنَّ الرَّسولَ صلّى الله عليه وسلّم صَلَّى بالصَّحابة في ليلة ثلاثٍ وعشرين، وخمسٍ وعشرين، وسبعٍ وعشرين، في الليلة الأُولى ثُلث الليل، وفي الثانية نصف الليل، وفي الثالثة إلى قريب الفجر، ولمَّا قالوا له: لو نَفَّلْتَنَا بقيةَ ليلتنا قال: «مَنْ قامَ مع الإمام حتى ينصرفَ كُتب له قيامُ ليلةٍ».وهذا يدلُّ على أنَّه يُوتِر، فينبغي أنْ يكون الوِترُ مع التَّراويح جماعة. أقول : والشيخ إنما استشهد بحديث أبي ذر ليثبت أن الوتر يصلى مع الإمام وأن هناك فضيلة لمن يفعل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم :((من قام مع الإمام..)) فلا أعرف كيف ينسب المرشود هذا الفهم لابن عثيمين والذي لا يقوله أصغر طالب في مجلس ابن عثيمين آنذاك ([45])
 
_بيان بعض الجمل والعبارات التي استخدم فيها التهويل و التضخيم ليشعر من يقرأ له بأنه صاحب حجة وبرهان .
بدأ مسلسل جمل التضخيم والتهويل في أول صفحة من رسالته حيث قال :
-وهذه الرسالة سيهتم بها وتتحرك مشاعره تجاهها من كان في قلبه ذرة من إيمان.
أقول : ومن لم تتحرك مشاعره تجاهها ما حكمه ؟أمسلم هو ؟
ص24:-قال:بعدما أثبتنا أن هناك من الصحابة قد أنكر صلاة التراويح واعتبرها بدعة.
أقول: وهو يقصد الآثار التي مرت معنا قبل صفحات ولا أعلم كيف سمح المرشود لنفسه أن ينسب القول ببدعية صلاة التراويح لأحد من الصحابة دون دليل مقبول !
ص22:-صلاة التراويح خالفت السنة والإجماع و الأثر !فهي بدعة ضلالة.
أقول : لم يخالف السنة والإجماع إلا من قال ببدعية صلاة التراويح ثم لم أفهم مالفرق بين السنة والأثر ؟الذي أعرفه أن الأثر داخل في السنة أم أنه من باب تسويد الأسطر ؟
ص1/م2:- قال معلقاً على كلام ابن تيمية [:إن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة ...قد يحصل منه نوع الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوى الخفي فيحصل بسبب ذلك مالا ينبغي إتباعه فيه و إن كان من أولياء الله المتقين ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل وإتباعه عليه وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحاً في ولايته...] فعلق على الطائفة الأولى بقوله :ككثير من أهل السنة وخصوصاً المقلدة منهم!.أي أن كثير من أهل السنة يريدون تصويب خطأ الرجل العظيم المنزلة عندهم !! الله المستعان.
[ص7/أحاديث التجميع]([46]):-قال: وأما من كان حاله يعرف هذه الأدلة وقامت عليه الحجة،ولم يكن لديه دليل إلا مجرد أمر عمر بن الخطاب لها ،فقد اتخذه شريكا لله في تشريع بدعة التراويح وهذه مصيبة عظمى.
أقول : لاتعليق !.
ص8/م1:-قال:الخلاصة في صلاة التراويح هي لاشك بأنها بدعة ضلالة لا بدعة حسنة بأدلة قطعية.
أقول: أي أن كل دليل منها دليل قطعي والدليل القطعي هو الذي لا يحتمل إلا معنى واحد وما أكبرها من دعوة تضخيمية فلم نجد تحتها دليل قطعي بل نصف واحد.
-ولنأخذ مثلاُ على أحد هذه الأدلة القطعية :
 ((6-فتوى العلماء في بدعية صلاة التراويح كالعلامة الصنعاني،وتبعه صديق حسن خان،والعبد الرحمانية من أصبهان قد نسبوا الفتوى إلى ابن منده وهم ينتسبون إليه في العلم.))
أقول: انظر إلى هذا الدليل " القطعي" فلا أعرف منذ متى أصبحت الفتاوى أدلة قطعية فمعلوم أن أقوال العلماء يستشهد لها لا بها ثم قد بينت قبل قليل أن ابن منده والصنعاني بريء وحكم البراءة ينسحب على صديق حسن خان لأنه تبع الصنعاني في سبل السلام بل قيل أن فتح العلام تنقيح لسبل السلام.
-ثم ختم الأدلة القطعية بكلام عاطفي ! بقوله :فوربك يا أيها المؤمن التقي أيهما أحق أن تتبع وتعتصم به (أي محمد صلى الله عليه وسلم أو عمر رضي الله عنه).
أقول: ولله الحمد عمر بن الخطاب رضي الله عنه متبع أكثر مني ومنك لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخالفه .
ولا أريد أن أزيد أكثر في تتبع مثل هذه العبارات والإطلاقات التي تدل على إفلاس في الأدلة وأن بضاعة من يختار هذا القول هي بضاعة مزجاة.
 
 
ختاماً
تبين بدون أدنى شك غرابة هذا القول وضعفه جداً جداً ،فمرة وجدنا صاحبه ظاهري في تفسير "نعم البدعة" فيحملها على ظاهرها ويقول عمر اعترف بأنها بدعة ومرة يسلك مسلك المأولة فيبحث عن إشارات لغوية في قوله صلى الله عليه وسلم :خشية أن تكتب عليكم ..وقوله : إلا المكتوبة فيسود صفحات في الربط بين الكلمتين وما في هذا الربط من معاني ويدندن على المضاهاة الشرعية ،ومرة يقول على القيام بدعة ومرة يقول منسوخ .
و مرة يحتج بالزهري على الزهري!و هذا غيض من فيض في حال هذه الرسالة.
فأنا أنصح أخينا عادل بالنظر في المسألة متجرد من أي هوى(إن وجد) وأن يقرأ هذا الرد من باب أن رأيه قد يكون خطئا(كما كان يفعل الأئمة) فيتأمل المسألة بشكل مستقيم وأنصحه بالرجوع لكلام الأئمة الربانيين من السلف والذين اتبعوهم بإحسان من الخلف ويقرأ الراجح في تفسيراتهم للأدلة فلا يحتج على خصمه بما ليس هو حجة عنده ولا عند خصمه ،و ألفت نظره أن للاجتهاد آلته التي يجب على طالب العلم التعب كي يمتلكها ولن يمتلكها بسهولة من خلال قرأت بعض الكتب والمراجع بل قلة من طلبة العلم الكبار الذي يمتلك هذه الآلة في هذا الزمن فالرفق الرفق بالنفس .
وأختم بنصائح ذهبية للشيخ بكر أبي زيد رحمه الله (من باب تذكير نفسي و أخينا المرشود) حيث قال رحمه الله في حلية طالب العلم:
-احذر التصدر قبل التأهل، هو آفة في العلم والعمل.
وقد قيل: من تصدر قبل أوانه، فقد تصدى لهوانه.
-واحذر ما يتسلى به المفلسون من العلم، يراجع مسألة أو مسألتين، فإذا كان في مجلس فيه من يشار إليه، أثار البحث فيهما، ليظهر علمه! وكم في هذا من سوءة، أقلها أن يعلم أن الناس يعلمون حقيقته.
-كما يكون الحذر من التأليف الخالي من الإبداع ، والذي نهايته "تحبير الكاغد"(القرطاس)فالحذر من الاشتغال بالتصنيف قبل استكمال أدواته، واكتمال أهليتك، والنضوج على يد أشياخك، فإنك تسجل به عاراً وتبدى به شناراً.
أما الاشتغال بالتأليف النافع لمن قامت أهليته، واستكمل أدواته، وتعددت معارفه، وتمرس به بحثا ومراجعة ومطالعة وجرداً لمطولاته، وحفظاً لمختصراته، واستذكاراً لمسائله، فهو من أفضل ما يقوم به النبلاء من الفضلاء.
ولا تنس قول الخطيب:
"من صنف، فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس".
هذا والله أسأل أن يوفقنا جميعاً للتفقه في دينه فإن الله إن أراد بعبد خيراً فقهه في دينه وأن يجعلنا من الذي يتبعون لا من الذين يبتدعون ونسأله تعالى أن يرزقنا العلم النافع و العمل الصالح و أن يكون لوجهه الكريم .اللهم آمين.
 
 تم بحمد الله
 
 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين
محمد و على آله وصحبه أجمعين ،أما بعد:
فقد وصلني رد الأخ عادل المرشود وسأتطرق بإذن الله في هذه الورقات إلى أهم ما ورد فيها وسأبدأ من حيث انتهى :
1-فيما يتعلق بلفظة "أفضل صلاة المرة في بيته إلا المكتوبة":
قال المرشود تحت عنوان : تحقيق لفظة(أفضل) ولفظة(خير) من حديث (إلا المكتوبة) : 
أولا:أن لفظة(خير) برواية عبدالله بن سعيد قال عنه أحمد:ثقة ثقة.وأما لفظة(أفضل) من رواية موسى بن عقبة وهو ثقة، لكنه خالف من هو أو ثق منه كما تقدم فتكون شاذة.
وخصوصا أن مسلم [1]ذكرها برقم(214) بعد رواية عبدالله بن سعيد.(213).ومعلوم منهج مسلم لترتيبه للأحاديث في صحيحه...فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالمواظبة على الصلاة في البيوت وهي أن تصلى على صفة الانفراد لأنها خير،وينهى عن ضدها وهي المواظبة على الصلاة في المساجد على صفة الجماعة؛ لأنها شر،وخصص واستثنى مواظبة صلاة المكتوبة .انتهى
أقول : بهذه السهولة حكم على لفظة في صحيح البخاري بالشذوذ ولا مانع لديه أن يحكم على صحيح البخاري كله بالضعف إن تطلب الأمر، فلنرى إن كانت هذه اللفظة فعلاً شاذة :
أما مسلم فإنه لم يخرج الحديث في هذا الترتيب لضعف في موسى بن عقبة كما يريد أن يزعم صاحبنا "العلامة المرشود" بل بسبب شيخه محمد بن حاتم بن ميمون فإنه متكلم فيه ولن أبسط الكلام الآن في حال محمد بن حاتم هذا([47])ويكفي في رد هذا الزعم والتخبط في التقريرات الحديثية أن لفظة " أفضل صلاة المرء في بيته " جاءت من رواية عبد الله بن سعيد نفسه ؛قال أحمد في المسند: حدثنا وكيع حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سالم أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ،وتابعه ابن أبي شيبة في مصنفه عنه  وتابعه اسحاق ابن راهويه ؛قال ابن نصر المروزي حدثنا اسحاق قال: عنه .
قلت : وهذا إسناد على شرط الشيخين دون المروزي.  وقد قمت ولله الحمد بتخريج المتابعات لموسى بن عقبة كي ننفي تهمة الشذوذ (هذا مع التسليم جدلاً أن أفضل وخير تختلفان!)
 
متابعات لموسى بن عقبة
 
أقول : وانظر لمتابعة محمد بن عمرو الليثي لأبي النضر وهذه المتابعة إسنادها حسن بسب محمد بن عمرو هذا.
و لا أعلم كيف يسهل على المرشود أن يصف لفظاً في الصحيح ثابت بالشذوذ
 هكذا بكل بساطة (هذا قال عنه احمد ثقة ثقة وهذا قال ثقة إذاً الثاني خالف الأول !!)
فأقول :بعد أن تم إثبات أن الثاني {موسى}لم يخالف الأول بل ثبتت عن الأول وأقصد عبد الله بن سعيد لفظة "أفضل صلاة المرء " فالمرشود الآن أمام خيارين إما أن يقول بصحة هذه اللفظة فيواجه أزمة في التوفيق بين لفظة أفضل وبين قوله بالبدعية ،أو أنه يحمل بخيله ورجله على وكيع بن الجراح فيضعفه ويعرج على محمد الليثي وأما ابن لهيعة فإنه لغمة سائغة .
(تنبيه أنا لم أستوعب جميع المتابعات لموسى بن عقبة ولكن أكتفي بما ذكرت ).
الآن هل أفضل مخالفة لخير ؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام.متفق عليه.
على تفسير الإمام المرشود : أي صلاة في غير مسجد النبي صلى الله عليه وسلم هي "شر"إلا المسجد الحرام فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد جاء الحديث هذا عند مسلم عن ابن عمر عن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال : صلاة فى مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام .
والذي دفع المرشود للتفسير هذا أنه اعتقد اعتقاداً يقينياً أن التراويح بدعة ثم أخذ يبحث عن أدلة لهذا الاعتقاد فنسأل الله السلامة.
وسبحان الله يزداد عجبي كيف بسهولة ضعف لفظ صحيح فقط لأنه عقبة أمام اعتقاده وكيف ينفي النكارة في الحديث المنكر الذي استمات في تحسينه حيث قال :
أثر أبي المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه .
قال ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن الواحد بن عبد الرحمن اخبرنا أبو عبد الله محمود بن أحمد  بن عبد الرحمن الثقفي بأصبهان أن سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي اخبرهم قراءة عليه أنا عبد الواحد بن أحمد  البقال ، وأنا عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق ، أنا جدي إسحاق بن ابراهيم بن محمد بن جميل ، أنا أحمد  بن منيع أ وأنا الحسن بن موسى ،  أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب . أن عمرأمر أبيا أن يصلي بالناس في رمضان ، فقال : إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرؤا فلو قرأت القرآن عليهم بالليل . فقال :
يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن ! فقال : قد علمت ، ولكنه أحسن فصلى بهم عشرين ركعة .
 حتى أنه عندما أراد نفي المخالفات وهي :
الثابت في الصحيح :لم ينكر أبي على عمر .
الحديث المنكر في المختارة:أبي أنكر على عمر :هذا شيء لم يكن فيقره عمر على هذا.
الثابت : أنه أمره بإحدى عشر ركعة .
المنكر في المختارة: أمره بالصلاة عشرين ركعة.
فيأتي العلامة المرشود ويدفع المخالفة بقوله :
((فلا ثمة فرق ،سوى أنه أكثر بياناً )) أما أفضل فإنها مخالفة لخير !!!

أقول :تم إثبات عدم وجود مخالفة بين أفضل وخير سواء من ناحية طرق الحديث أو المعنى،والحمد لله .

 
أثر [ أبق آبي ] :
قال المرشود عن أبي رضي الله عنه : فإذا جاءت العشر الأواخر فر من البدعة و أبق .
فقلت أنا معلقاً بعد تضعيفي للأثر [دون اعتمادي على أحد] : إذا عرفت ضعف مثل هذا الأثر تعرف أنه لا يجوز لأي كائن من كان أن يحتج به بل ويستخدمه كمطعن في الصحابة ،فتصوير أبي رضي الله عنه بهذه الصورة {وهي لا تثبت إلا عند أهل الأهواء ونظن بأخينا أنه ليس منهم} .انتهى تعليقي ، وما زالت أقول إنه من يُثبت هذه الصورة على آبي رضي الله عنه ويحتج بها فإنه أحد رجلين إما أنه جاهل أو صاحب هوى ،وإليك بيان ذلك :
الأثر الذي ذكرت أنه ضعيف :((عن الحسن:{ أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب, فكان يصلي بهم عشرين ليلة من الشهر, ولا يقنت بهم, إلا في النصف الثاني, فإذا كانت العشر الأواخر, تخلف يصلي في بيته, فكانوا يقولون:"أبق أبي})).
بعدما خرجت طرق هذا الأثر وكلها عن الحسن فضعفته ولم أقلد أحدٌ في ذلك كما أشار الفهامة المرشود. ولا أنكر أني اطلعت على تضعيفه في أحد كتب الألباني حكماً لا تخريجاً.
استدرك المرشود بطريق محمد بن سيرين لنفس الأثر : {كان أبي يقوم للناس في رمضان, فإذا كان النصف جهر بالقنوت بعد الركعة, فإذا تمت عشرون ليلة انصرف إلى أهله, وقام أبو حليمة معاذ القارئ وجهر في القنوت في العشر الأواخر, حتى كانوا يسمعونه يقول: اللهم قحط المطر آمين, فيقول: ما أسرع ما تقولون آمين دعوني حتى أدعو}.
أقول : -من باب التنزل- لنفرض أن أثر ابن سيرين على شرط شيخين ،فكان ماذا يا خريت المخالفات ؟
تظل لفظة :{ فكانوا يقولون : آبق أبي }على ضعفها لعدم وجود شاهد لها ولا متابع . أم هذه أيضا يقال فيها : فلا ثمة فرق سوى أنها أكثر بياناً .

فأقول الآن وأؤكد : إنه لا يحتج بهذه اللفظة بعد هذا البيان إلا جاهل أو صاحب هوى وقد يكون كلاهما.

قال المرشود بأني لم أتعرض لسبب خروج النبي صلى الله عليه وسلم مغضباً عليهم وكأن للسبب كبير أهمية ، وقد تعرض الأئمة المحققون لسبب غضب النبي صلى الله عليه وسلم :
قال بن حجر :
والظاهر أن غضبه لكونهم اجتمعوا بغير أمره فلم يكتفوا بالإشارة منه لكونه لم يخرج عليهم بل بالغوا فحصبوا بابه وتتبعوه، أو غضب لكونه تأخر إشفاقا عليهم لئلا تفرض عليه وهم يظنون غير ذلك، وأبعد من قال: "صلى في مسجده بغير أمره".
قال العيني في عمدة القاري :
 وسبب غضبه أنهم اجتمعوا بغير أمره ولم يكتفوا بالإشارة منه لكونه لم يخرج إليهم وبالغوا حتى حصبوا بابه وقيل كان غضبه لكونه تأخر إشفاقا عليهم لئلا يفرض عليهم وهم يظنون غير ذلك وقال الكرماني إنما غضب عليهم لأنهم صلوا في مسجده الخاص بغير إذنه وقال بعضهم وأبعد من قال صلوا في مسجده بغير إذنه قلت غمز به على الكرماني ولا بعد فيه أصلا بل الأقرب هذا على ما لا يخفى قوله مازال بكم أي ملتبسا بكم صنيعكم أي مصنوعكم والمراد به صلاتهم قوله حتى ظننت أي حتى خفت من الظن بمعنى الخوف هنا قوله سيكتب عليكم أي سيفرض عليكم فلا تقوموا بحقه.
قال ابن بطال في شرحه :
وغضب عليه السلام على الذين صلوا فى مسجده بصلاته بغير إذنه ولم يخرج إليهم.
أقول : قد يكون سبب غضبه صلى الله عليه وسلم لما رأى المسجد قد ضاق بأهله وهذا التداعي لا يسن في الأمر المستحب فلما رأى فيهم تشدد في طلبهم للصلاة حتى وصل الأمر بحصبهم بابه غضب  وغضبه موجه لتشددهم في طلبهم القيام لا أن الجماعة بدعة .
فقد يكون الإنسان متشدداً في أدائه الوضوء فينكر عليه تشدده لا وضوئه .

قال ابن تيمية: :والتشديد([48]) تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ، ولا مستحب : بمنزلة الواجب.انتهى

اللفظ المدرج المزعوم في الأثر الذي رواه البخاري عن عبد الرحمن عبد القاري:
أقول قبل التعليق على ما ورد في رد المرشود : نطلب من المرشود أن يرسي على بر وأن يثبت على لفظ مدرج يختاره فإننا لسنا تبعاً لهواه فمرة يقول إن اللفظ المدرج هو :{يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط} فأناقشه في هذا فيعتذر بكبر السن وضعف الذاكرة فيقول إن اللفظ المدرج هو : {ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط} . ويرسل وريقات تثبت أن هذا هو قصده فأبني ردي عليه على هذا الأساس فيخبره أخينا حسين بأن الحق معي في الرد وأن حذف هذا اللفظ من المتن ينتج عنه عجمة  فيخبره العلامة المرشود أن اللفظ المدرج هو {يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط} وقد تأكدت من حسين ناقل هذا الكلام لي مرة أخرى .
علماً إن الرد هو هو سواء اعتمدت الزعم الأول أن اللفظ المدرج هو (يصلي الرجل...إلى فيصلي بصلاته الرهط) أو اعتمدت الزعم الثاني وهو (ويصلي الرجل فيصلي بصلاته..) فقد تم إثبات وقوع الجماعات من غير طريق الزهري (وقد جمعت الطرق في الرد وقويتها بالمجموع وقد أغمضت عينيك عن هذا الجمع كأنك لم تراه لأنه لا دافع له ولا راد ) وهذه شجرة لطرق وقوع الجماعة في صلاة التراويح قبل جمع عمر الناس على أبي:
البخاريتاريخ المدينخلق أفعال العباد
أقول: راجع تحقيقي لهذه الطرق في الرد والحمد لله على منه وكرمه فضم الطرق هذه إلى بعض يثبت وقوع الجماعات ويكون رادعاً لكل من يفكر بدعوى الإدراج {المنكرة}.
أقول: قال المرشود في رده "المؤدب" : بقي  دليل الجماعات وأخذت تلوح به كأنه أقوى دليل عنك فرحا به .
أقول : ليتك ترده كما أثبته أنا بطريقة علمية فماذا فعلت أنت أكثر من أنك قلت:
(وان كنت أرى أن الجماعات من إدراج الزهري([49]) وبينت ذلك في رسالتي الأخيرة لك التي بالطبع لم تعجبك فأخذت تسخر منها و تستهزئ بها.لأن هذا أقوى دليل عندك متمسك به وهو للأسف أضعف دليل يحتج به ، فأنت معذور في ذلك!!ودليل الضعف غير الذي ذكرنا أنه مخالف لحديث الرافعين أصواتهم في الصلاة حيث أنكر النبيrعليهم وأمرهم بالمخافتة([50]).فكيف يستطيع عدد من الأئمة القراءة دون رفع أصواتهم للمأمومين.وثانيا: ما أنكر في جماعة الفريضة ينكر في جماعة النافلة ، فإذا أنكر تعدد جماعة الفريضة بسبب التفرق والتحزب والتحاسد والرياء ،فعلتهما واحدة.)
أقول: إن ردك لوقوع الجماعات بهذه الطريقة يثبت أنك لم تقدر على رده من ناحية جمع الطرق والصناعة الحديثية فذهبت تصنع مخالفات بين الأحاديث هي موجودة في مخيلتك أنت فقط.
فطريقة أهل العلم (ولست (أنا) منهم ):أنهم عند وجود أحاديث ظاهرها التعارض فإنهم يجمعون بينها فإن لم يستطيعوا الجمع رجحوا وإلا توقفوا .
والحمد لله في موضوعنا هذا الجمع الممكن :
فالنهي الذي حصل لمن كانوا يجهرون على بعضهم البعض فإنه محمول على أن جهرهم بالصوت كان عالٍ فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم : عن الجهر على بعضهم البعض ولم ينههم عن الجهر مطلقاً .فانتبه
والجماعات التي كانت قبل جمع عمر ليست كما يتصور أنها جماعة ذات ثلاثة أسطر وأكثر فلفظة (رهط ونفر ) لا توحي بذلك فكان رفع الأئمة لإسماع من خلفهم دون جهر على بعضهم البعض .وبذلك تنتفي المعارضة المزعومة .
أما ثانيا : أما قولك أنه ما أنكر في جماعة الفريضة ينكر في جماعة النافلة ؟
ليس على إطلاقها  نعم كره بعض أهل العلم تتابع جماعات الفريضة خشية التفرق والتحزب أما في النافلة فوقوعها كما هو ثابت مخرج لها من إطلاقك هذا .
فأنا أوجه طلب واحد لك في هذا الأثر : 1-اختر لك لفظاً تزعم أنه مدرج فقد تعددت أقوالك في اللفظ المدرج .2-أثبت الإدراج كما يفعل أهل الصنعة "الحديثية".

فإن قدرت (ولن تقدر) عندها سأسلم لك بان اللفظ مدرج .

قال المرشود بأني لم أتعرض لفتاوى الباجي والقسطلاني وغيره .

أقول : أقوال العلماء يستدل لها لا بها (فأنت لست بمقلد كما تزعم فما لي أراك مقلداً هنا)

قال المرشود في رده بأني لم أتعرض لمبحث المواظبة على كمية وكيفية معينة :
أقول إن البحث في هذه المسألة وأنت ترى بدعية التراويح من باب الترف الفكري : فأنت ترى بدعية التراويح أصلاً وعدد الركعات وكيفية الصلاة فرع عن الأصل فلما نتجادل أنا وأنت في الفرع وأنت لست مؤمنا بالأصل[وهو التراويح] أساساً .

طيب أثبتنا أن المواظبة على عدد معين بدعة فكان ماذا ؟ نصلي التراويح جماعة ولا نثبت في العدد : مازالت التراويح عندك بدعة !

 
وبهذا يتبين لكل ذي لب أن القول ببدعية صلاة التراويح قول شاذ ترده الأحاديث النبوية والآثار السلفية والإجماع الذي ذكره غير واحد .
والحمد لله رب العالمين .
 


([1])  و قولهم هذا مشهور عنهم حيث يعتبرون صلاة التراويح من بدع عمر و نقل هذا القول شارح نهج البلاغة أبي الحديد المعتزلي الشيعي حيث قال : فأما تحريم الصلاة (أي التراويح )و لزوم الإثم بفعلها فمما لم يذهب إليه إلا الإمامية.شرح نهج البلاغة(12/287). قال شيخ الإسلام ابن تيمية : الرافضة تكره صلاة التراويح.الفتاوى (2/255).

([2])  الخبر المقبول :يشمل الخبر الصحيح بقسميه و الحسن بقسميه .ذكر هذا المعنى الحافظ السيوطي في تدريب الراوي (1/60).

([3])  متفق عليه.

([4])  متفق عليه.

([5])  رواه مسلم

([6])  رواه الستة إلا ابن ماجه

([7])  رواه عبد الرزاق في مصنفه برقم 4867 وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

([8])  رواه البخاري.             (4) اقتضاء الصراط المستقيم ص284.

(5)  فتح الباري (3/14).
(6)شرح صحيح البخاري(4/174)
(7)  المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج(5/138)

([10])رواه مالك (1/114 برقم 250) ، وعبد الرزاق (4/259 برقم 7723) ، و البخاري (3/45برقم2010) وغيرهم.

([11])أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه(2/287). 

([12])  أخرجه ابن شبة البصري في تاريخ المدينة المنور (2/713 ، 714) قلت: وإسناده صحيح لغيره.

([13])  أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد(1/69)،وابن سعد في الطبقات(5/59)، والفريابي في كتاب الصيام (1/128 ، رقم 172)، * وما بين المعقوفتين زيادة عند ابن سعد والفريابي.وهذا الأثر صحيح لغيره دون قوله(وكان الناس يميلون.....حتى قوله:فلم يمكث إلا ثلاث ليال)

([14])  اقتضاء الصراط المستقيم (ص95/96/97)

([15])  الاعتصام (1/195و292).

([16])  جامع العلوم و الحكم (2/783).

([17])  الفتاوى الحديثية (1/200) .قال الألباني في قول ابن حجر الهيتمي "فإن المقتضى التام يدخل فيه عدم المانع " قال رحمه الله : يعني أن مفهوم المقتضى التام يتضمن عدم وجود المانع ؛مثاله:صلاة التراويح جماعة فإن المقتضى لها كان قائماً ولكن المانع كان موجوداً وهو خشية الافتراض ، فلم يكن المقتضى تاماً .حاشية ص45 من كتاب صلاة التراويح للألباني .

([18])  عون المعبود شرح سنن أبي داود (4/248).

([19])  مجموع فتاوى ابن باز (5/179).

([20])  صلاة التراويح للألباني ص 43.

([21])  المبسوط (2/143) 

([22])  الاعتصام (1/194) ،وقد سبق ذكر الأدلة والحمد لله

([23])  المجموع (2/526)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (2/233).وقد تم تأكيد صحة هذا الإجماع في رسالة ماجستير في جامعة الأمام محمد بن مسعود لعبد الرحمن المسلم بمعنونة بـ" المسائل التي حكى الإمام النووي فيها الإجماع من أول كتاب الصلاة إلى نهاية باب صلاة الجماعة "تحت إشراف فضيلة الشيخ/صالح اللحيدان

([24])  المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (5/138)

([25])  الاعتصام (1/194)

([26])  سبق تخريجه ص 10.

([27])  صلاة التراويح للألباني ص45

([28])  أقصد هنا البدعة اللغوية !.

([29])  رواه بن أبي شيبة في المصنف (7756) قلت :وإسناده صحيح.

([30])  الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي (5/99).

([31])  فهذه الزيادة انفرد بها ابن أبي ذئب عن الزهري ،فقد روى هذا الحديث عن الزهري الإمام مالك بن أنس[وهو من أثبت الناس في الزهري] ومعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة [قال بن معين عنه:من أثبت الناس في الزهري]وصالح بن كيسان كلهم دون هذه الزيادة ولن أحكم عليها بالشذوذ لأني لم أتفرغ مطلق التفرغ لدراسة هذا الحديث وطرقه ولكن من باب التنبيه على هذه الزيادة التي اعتمدها المرشود ليحملها أكثر مما تتحمل !فتأمل.

([32])  وحتى من قال فيه ثقة كأحمد أو ابن معين أو المديني قد اختلفت أقواله فيه فأحمد نقل الشيخ الألباني قولين عنه ونقل ابن حبان [المجروحين2/120]:سمعت محمد بن محمود يقول سمعت :علي بن جرير يقول :سمعت  أحمد بن حنبل يقول:أبو جعفر الرازي مضطرب الحديث . أما ابن معين فقال:كان ثقة عندنا ومرة نقل عنه:يكتب حديثه لكنه يخطئ! ،أما علي بن المديني فقال عنه : هو نحو موسى بن عبيدة وهو يخلط فيما روى عن مغيرة ونحوه [وموسى بن عبيدة هذا قال عنه ابن المديني (29/111): ضعيف يحدث بأحاديث مناكير] وفي مرة أخرى قال: كان عندنا ثقة [تهذيب الكمال33/195].قلت (حمود):قال ابن حبان في ترجمة شيخ أبي جعفر (الذي روى عنه هذا الأثر) الربيع بن أنس [4/228]قال ابن حبان:والناس يتقون حديثه ما كان من رواية أبي جعفر(الرازي)لأن فيها اضطراب كبير.انتهى ، والمتتبع لروايات أبو جعفر الرازي هذا يجد أن ما انفرد به منكر وهذا ما نص عليه الجوزقاني :كان أبو جعفر ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير [المغني في الضعفاء 2/777] وبذلك قال ابن حبان [2/120]:كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير ؛وهذا ما ذكره الألباني ونقلته في نفس هذه الصفحة.

([33])  صلاة التراويح للألباني(79-80-81)

([34])  قال المزي في تهذيب الكمال (6/97): روى عن: أبي بن كعب ولم يدركه.

([35])  فتح الباري 11/547.

([36])  الموقظة ص17.والعجيب أن المرشود في إحدى وريقاته التي أرسلها لي ينقل دليل ضعف مراسيل الحسن قال= =المرشود قال أحمد بن حنبل:ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح فإنهما يأخذان عن كل أحد.[جامع التحصيل 1/79-90]

([37])  سيأتي الرد على هذا الزعم بأدلة دامغة بعد صفحات .

([38])  صحيح البخاري (2010).

([39])  وذلك بعد انتهائي من كتابة الرد فأبيت إلا أن أعلق على ما يتصوره أي أحد أن فيه حجة !

([40])  مجموع الفتاوى(26/202).

([41])  ونزاع الشيعة والعبد الرحمانية غير معتد به بالكلية !

([42])  الشرح الممتع (4/56-57).

([43])  وقد تم تأليف رسالة مؤخراً تحت عنوان "الجهود النحوية للشيخ العثيمين" طبع مكتبة الرشد.

([44])  هذا النص الذي في زاد المستقنع للحجاوي.

([45])  الشرح الممتع أصله دروس صوتية ومذكرات تم تفريغها وتنسيقها ،فأنا أستغرب إن كان ابن عثيمين رحمه الله ظن أنها عدد ركعات ،لماذا لم ينبهه أحد من تلاميذه فهم من هم –و لا نزكيهم بل أن الشيخ نفسه يقول في المقدمة(1/6) َتبيَّن أنَّ من الضروري إعادة النظر في الكتاب , وتهذيبه وترتيبه . وقد تمَّ ذلك فعلاً - ولله الحمد - ؛ فحذفنا ما لا يُحتاج إليه , وزدنا ما تدعو الحاجة إليه , وأبقينا الباقي على ما كان عليه .

([46])  هذه الأحاديث جمعها وعلق عليها المرشود ونشرها في ملتقى أهل الحديث و مازال منشور.

([47])  ومن أراد معرفة حال ابن ميمون وترجمته فليراجع كتب الرجال وأكتفي هنا بنقل قولي الحافظين ابن حجر والذهبي فالأول قال عنه : صدوق ربما وهم وقال عنه الذهبي :وثقه الدارقطني وغيره ولينه ابن معين.

([48])  عندما أرسلت هذا الرد إلى عادل المرشود سقطت من كلام ابن تيمية كلمة التشديد [دون قصد] فماذا قال المرشود قال: قطع [يعني أنا]كلمة(التشديد ) حتى لا نلزمه بأنها من التشدد في الدين بالزيادة عن المشروع ، وكل من يفهم العربية سيعرف أن استشهادي بكلام ابن تيمية كان في معرض كلامي عن التشدد في أداء العبادة فلو نظر الناظر إلى السطر الذي قبل عبارة ابن تيمية لو جد كلمة متشدداً !! فيدلك هذا التعنت والتعسف على إفلاس في الأدلة و كيف لا والرشود اختار منازلة كل من أهل العلم الذين أثبتوا سنية هذه العبادة ، وقد وصمهم في رده الثاني بسوء الأدب حيث قال معلقاً على كلامي عندما قلت أنا في الرد : إن القول الذي ينسب صاحبه للسلف السكوت على المنكر ولا يغيرونه قول فيه سوء أدب ، فعلق المرشود على كلامي هذا بقوله: ثم قولك (هذا سوء أدب) كلامات[كذا] تكررها تسمعها من درس أو من شريط ثم تطبقها علي، أما كان الأولى أن يُنسب سوء الأدب لمن نسب بدعة صلاة التراويح لصاحب الشرع عليه الصلاة والسلام!!.اهـ فبالله عليك أرأيت انتفاخاً أكثر من انتفاخ هذا الرجل ؟!حيث تجرأ بنسب سوء الأدب لمن قال أن التراويح سنة [وهو قول علماء السلف قاطبة قديماً وحديثاً]!

([49])  أثبت أنه لفظ مدرج كما يفعل أهل الحديث أم أنها مجرد دعوى فلا يلتفت لها،وقد قيل والدعاوى ما لم يقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء

([50])  هذا الدليل الذي لوح به المرشود في رده هذا لم يذكره في الرسالة ويبدو أنه بعدما اعتقد أخذ يبحث عن أدلة لهذا المعتقد!


صلاة التراويح

نسمع من الرافضة كثيرا قولهم ان الذي سن صلاة التروايح هو عمر رضي الله عنه , وهذا الادعاء الرافضي غير صحيح , بل الادلة ثابتة من النبي صلى الله عليه واله وسلم على مشروعية قيام الليل في رمضان وغيره.
قال الامام البخاري : " حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا مَعَهُ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا قَضَى الْفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ " اهـ.[1]

فهذا الاثر واضح بان النبي صلى الله عليه واله وسلم قد صلى بالناس قيام الليل جماعة , ثم تركه خشية ان يُفرض على الامة , فلما مات النبي صلى الله لعيه واله وسلم ذهبت علة فرضه لانقطاع الوحي , فكان من فقه عمر رضي الله عنه جمع الناس في القيام خلف امام , فبقي هذا الامر مشروعا من غير ان يفرضه عمر رضي الله عنه ولا غيره , قال الامام البخاري : " وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ  2011 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ» " اهـ.[2]

فالاثر صريح في صلاة القيام في المسجد جماعات , وافرادا , فقام عمر رضي الله عنه بجمعهم خلف امام واحد لا اكثر.
ولقد فصل الامام الالباني موضوع التروايح وجمع عمر رضي الله عنه الناس خلف امام واحد في القيام , حيث قال : "  4 - إحياء عمر لسنة الجماعة في التراويح وأمره بال (11) ركعة
سبق أن ذكرنا أن الناس بعد وفاته صلى الله عليه وسلم استمروا على أداء التراويح في المسجد أوزاعا وراء أئمة متعددين وذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلفة عمر رضي الله عنهما ثم إن عمر رضي الله عنهـ جمعهم وراء إمام واحد فقال عبد الرحمن بن عبد القاري :
- 15 (أثر صحيح)
خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط (عدد يجمع من ثلا ثة إلى عشرة) فقال: [والله] إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب [قال] : ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم [ف] قال عمر: نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله "
رواه مالك في الموطأ وعنه البخاري والفرياني ورواه ابن أبي شيبة نحوه دون قوله نعمت البدعة هذه وله عند ابن سعد والفريابي طريق آخر بلفظ: " ان كانت هذه لنعمت البدعة " ورجاله ثقات غير نوفل بن إياس فقال الحافظ في " التقريب ": " مقبول " عند المتابعة والا فلين الحديث.
 واعلم أنه قد شاع بين المتأخرين الاستدلال بقول عمر " نعمت البدعة هذه " على أمرين اثنين :
 الأول : إن الاجتماع في صلاة التراويح بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ فاحش لا نطيل الكلام عليه لظهوره وحسبنا دليلا على إبطاله الأحاديث المتقدمة في جمعه صلى الله عليه وسلم الناس في ثلاث ليال من رمضان وإن ترك الجماعة لم يكن إلا خشية الافتراض
 الثاني : أن في البدعة ما يمدح وخصصوا به عموم قوله صلى الله عليه وسلم " كل بدعة ضلالة " ونحوه من الأحاديث الأخرى وهذا باطل أيضا فالحديث على عمومه كما سيأتي بيانه في الرسالة الخاصة بالبدعة إن شاء الله تعالى وقول عمر : " نعمت البدعة هذه " لم يقصد به البدعة بمعناها الشرعي الذي هو إحداث شيء في الدين على غير مثال سابق لما علمت إنه رضي الله عنه لم يحدث شيئا بل أحيا أكثر من سنة نبوية كريمة وإنما قصد البدعة بمعنى من معانيها اللغوية وهو الأمر الحديث الجديد الذي لم يكن معروفا قبيل إيجاده ومما لا شك فيه أن صلاة التراويح جماعة وراء إمام واحد لم يكن معهودا ولا معمولا زمن خلافة أبي بكر وشطرا من خلافة عمر - كما تقدم - فهي بهذا الاعتبار حاديثة ولكن بالنظر إلى أنها موافقة لما فعله صلى الله عليه وسلم فهي سنة وليست بدعة وما وصفها بالحسن إلا لذلك
وعلى هذا المعنى جرى العلماء المحققون في تفسير قول عمر هذا فقال السبكي - عبد الوهاب - في " إشراق المصابيح في صلاة التراويح " ( 1 / 168 ) من " الفتاوى " :
 قال ابن عبد البر : لم يسن عمر من ذلك إلا ما سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحبه ويرضاه ولم يمنع ن المواظبة إلا خشية أن تفرض على امته وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما صلى الله عليه وسلم فلما علم عمر ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلم أن الفرائض لا يزاد فيها ولا ينقص منها بعد موته صلى الله عليه وسلم أقامها لناس وأحياها وأمر بها وذلك سنة أربعة عشرة من الهجرة وذلك شيء ذخره الله له وفضله به ولم يلهمه أبا بكر وإن كان أفضل وأشد سبقا إلى كل خير بالجملة ولكل واحد منهما فضائل خص بها ليس لصاحبه
 قال السبكي :
 ولو لم تكن مطلوبة لكانت بدعة مذمومة كما في الرغائب " ليلة نصف شعبان وأول جمعة من رجب فكان يجب إنكارها وبطلانه ( يعني بطلان إنكار جماعة التراويح ) معلوم من الدين بالضرورة "
 وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في فتواه ما نصه :  إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وقتال الترك لما كان مفعولا بأمره صلى الله عليه وسلم لم يكن بدعة وإن لم يفعل في عهده
  وقول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح :  نعمت البدعة هي " أراد البدعة اللغوية وهو ما فعل على غير مثال كما قال تعالى : ؟ ما كنت بدعا من الرسل ؟ وليست بدعة شرعية فإن البدعة الشرعية ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم ومن قسمها من العلماء إلى حسن وغير حسن فإنما قسم البدعة اللغوية ومن قال كل بدعة ضلالة فمعناه البدعة الشرعية ألا ترى أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لهم بإحسان أنكروا الأذان لغير الصلوات الخمس كالعيدين وإن لم يكن فيه نهي وكرهوا استلام الركنين الشاميين والصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة قياسا على الطواف وكذا ما تركه صلى الله عليه وسلم مع قيام المقتضي يكون تركه سنة وفعله بدعة مذمومة وخرج بقولنا مع قيام المقتضي في حياته إخراج اليهود وجمع لمصحف وما تركه لوجود المانع كالاجتماع للتراويح فإن المقتضي التام يدخل فيه عدم المانع " اهـ.[3]

لقد شرح الامام الالباني الحديث الوارد بفعل عمر رضي الله عنه , وبين مشروعية قيام الليل في رمضان من خلال فعل النبي صلى الله عليه واله وسلم , ثم بين من خلال كلام العلماء معنى كلمة نعمت البدعة هذه , وان المراد منها البدعة اللغوية لا الشرعية , وذلك لان الشرع قد ورد فيه قيام الليل جماعة في رمضان وغيره.
ولقد ورد اثر عند الامام الترمذي وغيره بالحث على قيام الليل مع الامام , قال الامام الترمذي : " حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الفُضَيْلِ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجُرَشِيِّ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا، حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي الخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ, ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلاَثٌ مِنَ الشَّهْرِ، وَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ، وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الفَلاَحَ، قُلْتُ لَهُ: وَمَا الفَلاَحُ، قَالَ: السُّحُورُ.
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
تحقيق الألباني : صحيح، ابن ماجة ( 1327 ) " اهـ.[4]

فالاثر صريح بالحث على قيام الليل مع الامام.
ولقد ورد اثر في صحيح الامام البخاري بصلاة ابن مسعود رضي الله عنه قيام الليل مع الرسول صلى الله عليه واله وسلم , قال الامام البخاري : "  حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ»، قُلْنَا: وَمَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اهـ.[5]

وورد اثر في صحيح الامام مسلم وفيه صلاة حذيفة رضي الله عنه القيام مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , قال الامام مسلم : " وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى»، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. قَالَ: وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» " اهـ.[6]

وقد يعترض البعض على ان فعل الناس لا يمكن ان يترتب عليه تشريع , فاقول هذا خطأ كبير , بل ان افعال الناس يترتب عليها تغيير  , كا جاء في حديث النبي صلى الله عليه واله وسلم في تعيين ليلة القدر , قال الامام البخاري : " 49 - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُخْبِرُ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلاَحَى رَجُلاَنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فَقَالَ: «إِنِّي خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، وَإِنَّهُ تَلاَحَى فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا لَكُمْ، التَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ وَالتِّسْعِ وَالخَمْسِ» " اهـ.[7]

فالنبي صلى الله عليه واله وسلم اراد ان يخبرهم في اي ليلة من رمضان تكون ليلة القدر , فلما اختصم البعض رُفع تحديد ليلتها , ولكنه اخبرهم بالتماسها بليالٍ معينة.
وقد ورد في كتب الرافضة ان الله تعالى قد غير توقيت التمكين في الحكم للائمة بسبب ما نشره الرافضة من اخبار الائمة لهم بموعد التمكين , قال الكليني : " : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بَابُ كَرَاهِيَةِ التَّوْقِيتِ
 1 - عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) يَقُولُ يَا ثَابِتُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدْ كَانَ وَقَّتَ هَذَا الْأَمْرَ فِي السَّبْعِينَ فَلَمَّا أَنْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَخَّرَهُ إِلَى أَرْبَعِينَ وَ مِائَةٍ فَحَدَّثْنَاكُمْ فَأَذَعْتُمُ الْحَدِيثَ فَكَشَفْتُمْ قِنَاعَ السَّتْرِ وَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَنَا وَ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) فَقَالَ قَدْ كَانَ كَذَلِكَ " اهـ.[8]

فالرواية صريحة في تغيير التوقيت من اجل فعل الناس.
ولقد ورد في كتب الرافضة جواز قيام ليلة النصف من شعبان جماعة , قال الطوسي : " وروى زيد بن علي عليهما السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام يجمعنا جميعا ليلة النصف من شعبان، ثم يجزئ الليل أجزاء ثلثا فيصلي بنا جزء، ثم يدعو ونؤمن على دعائه، ثم يستغفر الله ونستغفره ونسأله الجنة حتى ينفجر الصبح " اهـ.[9]

ولقد الف الطوسي هذا الكتاب للعمل به , حيث قال في مقدمته : " سألتم أيدكم الله أن أجمع عبادات السنة، ما يتكرر منها وما لا يتكرر، وأضيف إليها الأدعية المختارة عند كل عبادة على وجه الاختصار، دون التطويل والإسهاب، فإن استيفاء الأدعية يطول، وربما مله الإنسان وتضجر منه، وأسوق ذلك سياقة يقتضيه العمل وذكر ما لا بد منه من مسائل الفقه فيه دون بسط الكلام في مسائل الفقه وتفريع المسائل عليها، فإن كتبنا المعمولة في الفقه والأحكام تتضمن ذلك على وجه لا مزيد عليه، كالمبسوط والنهاية والجمل والعقود ومسائل الخلاف وغير ذلك، والمقصود من هذا الكتاب مجرد العمل وذكر الأدعية التي لم نذكرها في كتب الفقه، فإن كثيرا من أصحابنا ينشط للعمل دون التفقه وبلوغ الغاية فيه، وفيهم من يقصد التفقه، وفيهم من يجمع بين الأمرين، فيكون لكل طائفة منهم شئ يعتمدونه ويرجعون إليه وينالون بغيتهم منه، وأنا مجيبكم إلى ذلك مستعينا بالله ومتوكلا عليه، بعد أن أذكر فصلا يتضمن ذكر العبادات وكيفية أقسامها وبيان ما يتكرر منها وما لا يتكرر وما يقف منها على شرط وما لا يقف، ليعلم الغرض بالكتاب، والله الموفق للصواب  " اهـ.[10]

فثبتت صلاة الجماعة للنافلة في كتب الرافضة , ولهذا نقول ان اي رافضي يعترض علينا في مشروعية الجماعة في قيام الليل فاعتراضه باطل من وجهين :
الاول : ان هذا ثابت عندنا في احاديث صحيحة وصريحة عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم.
والثاني : ان صلاة النافلة جماعة قد ثبتت عند الرافضة كما نقلنا من فعل زين العابدين رحمه الله في قيام ليلة النصف من شعبان , فاذا قالوا ان هذا فعل الامام المعصوم فنقول لهم وكذلك نحن نقلنا عن المعصوم صلى الله عليه واله وسلم مشروعية القيام جماعة.
ولقد ورد في كتب الرافضة ان الناس كانوا يجتمعون خلف النبي صلى الله عليه واله وسلم للصلاة في قيام رمضان , قال الكليني : " عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْبَقْبَاقِ وَ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَزِيدُ فِي صَلَاتِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ صَلَّى بَعْدَهَا فَيَقُومُ النَّاسُ خَلْفَهُ فَيَدْخُلُ وَيَدَعُهُمْ ثُمَّ يَخْرُجُ أَيْضاً فَيَجِيئُونَ وَ يَقُومُونَ خَلْفَهُ فَيَدَعُهُمْ وَ يَدْخُلُ مِرَاراً قَالَ وَ قَالَ لَا تُصَلِّ بَعْدَ الْعَتَمَةِ فِي غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ " اهـ.[11]

في هذه الرواية ينهى الرسول صلى الله عليه واله وسلم  عن الصلاة بعد صلاة العشاء في غير رمضان , ولكننا نقلنا من كتب الرافضة صلاة علي بن الحسين بعد صلاة العشاء في ليلة النصف من شعبان !!!.
وقال محمد تقي المجلسي : " و في القوي، عن محمد بن يحيى قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسئل هل يزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم قد كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يصلي بعد العتمة في مصلاه فيكبر و كان الناس يجتمعون خلفه ليصلوا بصلاته فإذا كثروا خلفه تركهم و دخل منزله، فإذا تفرق الناس عاد إلى مصلاه فصلى كما كان يصلي فإذا كثر الناس خلفه تركهم و دخل و كان يصنع ذلك مرارا " اهـ.[12]

ان هذه الرواية صريحة في ان النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يصلي قيام الليل , ويسمح للصحابة رضي الله عنهم بالصلاة خلفه , ولكن اذا كثروا تركهم ودخل الى بيته ويفعل ذكر مرارا , فمشروعية الصلاة جماعة ثابتة , ولكن كثرتهم كانت تجعله يتركهم ويدخل الى بيته , ولم تحدد الروايات ما هي العلة التي تجعله يتركهم ويدخل بيته اذا كثروا , فيبقى الامر على مشروعية الجماعة في القيام , وذلك لان النبي صلى الله عليه واله وسلم لم يتركهم ويدخل بيته لمجرد صلاتهم خلفه , بل من اجل كثرتهم فقط.


1 - صحيح البخاري - بَاب فَضْلِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ – ج 3- ص 137.
2 - صحيح البخاري - بَاب فَضْلِ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ – ج 3- ص 45.
3 - صلاة التراويح – محمد ناصر الدين الالباني – ص 49 – 52.
4 - صحيح وضعيف سنن الترمذي – محمد ناصر الدين الالباني – ج 2 ص 306.
5 - صحيح البخاري - بَابُ طُولِ القِيَامِ فِي صَلاَةِ اللَّيْلِ – ج 2 ص 51.
6 - صحيح مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ – ج 1 ص 536.
7 - صحيح البخاري - بَابُ خَوْفِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لاَ يَشْعُرُ – ج 1 ص 18.
8 - الكافي – الكليني – ج 1 ص 368 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – صحيح – ج 4 ص 170.
9 - مصباح المتهجد - الطوسي - ص 853 , ووسائل الشيعة – الحر العاملي - ج 8 ص 110.
10 - مصباح المتهجد - الطوسي - ص 4.
11 - الكافي – الكليني – ج 4 ص 154 - 155 , وقال المجلسي عن الرواية في مرآة العقول – صحيح – ج 16 ص 378.
12 - روضة المتقين – محمد تقي المجلسي – ج 3 ص 385 , وتهذيب الأحكام - الطوسي – ج 3 ص60.


صيام عاشوراء

لقد وردت احاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في استحباب صيام عاشوراء , ومن ظن ان اهل السنة والجماعة اعلى الله تعالى مقامهم يصومونه فرحا بقتل الامام الحسين بن علي رضي الله عنهما , فهو مخطيء , وجاهل , ولا اعتبار بكلامه.
قال الامام مسلم : " حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَالَ: «مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ» " اهـ. [1]

وقال : " حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فَوَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى، وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ فَأَمَرَ بِصَوْمِهِ» " اهـ.[2]

وقال : " 196 - (1162) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، غَضَبَهُ، قَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ غَضَبِ اللهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، فَجَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ قَالَ: «لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ» - أَوْ قَالَ - «لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ» قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: «وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟» قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ: «ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام» قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ: «وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» " اهـ.[3]

ولقد ورد في كتب الرافضة مشروعية صيام عاشوراء , قال الخوئي : " رواية زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: لا تصم في يوم عاشوراء ولا عرفة بمكة ولا في المدينة، ولا في وطنك، ولا في مصر من الامصار. وهي ايضا ضعيفة السند بنوح بن شعيب وياسين الضريرعلى أن صوم عرفة غير محرم قطعا، وقد صامه الامام عليه السلام كما في بعض الروايات نعم يكره لمن يضعفه عن الدعاء، فمن الجائز أن يكون صوم يوم عاشوراء ايضا مكروها لم يضعفه عن القيام بمراسيم العزاء الثالثةرواية الحسين بن ابي غندر عن ابي عبد الله عليه السلام  وهي ضعيفة السند جدا لاشتماله على عدة من المجاهيل. فهذه الروايات بأجمعها ضعاف. نعم ان هناك رواية واحدة صحيحة السند وهي صحيحة زرارة، ومحمد بن مسلم جميعا انهما سألا أبا جعفر الباقر عليه السلام عن صوم يوم عاشوراء، فقال: كان صومه قبل شهر رمضان فلما نزل شهر رمضان ترك. ولكنها كما ترى لا تتضمن نهيا، بل غايته ان صومه صار متروكا ومنسوخا بعد نزول شهر رمضان، ولعله كان واجبا سابقا، ثم أبدل بشهر رمضان كما قد تقتضيه طبيعة التبديل، فلا تدل على نفي الاستحباب عنه بوجه فضلا عن الجواز. ولقد سها صاحب الجواهر (قده) فألحق سند هذه الرواية بمتن الرواية التى بعدها التي كانت هي الاولى من روايات الهاشمي الضعاف المتقدمة فعبر عنها بصحيحة زرارة، ومحمد بن مسلم مع انها رواية عبد الملك التي يرويها عنه الهاشمي كما سبق وانما العصمة لاهلها. وكيفما كان فالروايات الناهية غير نقية السند برمتها، بل هي ضعيفة بأجمعها، فليست لدينا رواية معتبرة يعتمد عليها ليحمل المعارض على التقية كما صنعه صاحب الحدائقواما الروايات المتضمنة للامر واستحباب الصوم في هذا اليوم فكثيرة، مثل صحيحة القداح: " صيام يوم عاشوراء كفارة سنة " وموثقة مسعدة بن صدقة: " صوموا للعاشوراء التاسع والعاشر فانه يكفر ذنوب سنة "، ونحوها غيرها، وهو مساعد للاعتبار نظرا إلى المواساة مع أهل بيت الوحي وما لا قوه في هذا اليوم العصيب من جوع وعطش وساير الآلام والمصائب العظام التي هي أعظم مما تدركه الافهام والاوهام. فالاقوى استحباب الصوم في هذا اليوم من حيث هو كما ذكره في الجواهر أخذا بهذه النصوص السليمة عن المعارض كما عرفت: نعم لا إشكال في حرمة صوم هذا اليوم بعنوان التيمن والتبرك والفرح والسرور كما يفعله أجلاف آل زياد والطغاة من بنى أمية من غير حاجة إلى ورود نص أبدا، بل هو من أعظم المحرمات، فانه ينبئ عن خبث فاعله وخلل في مذهبه ودينه، وهو الذى اشير إليه في بعض النصوص المتقدمة من أن أجره مع ابن مرجانة الذي ليس هو إلا النار، ويكون من الاشياع والاتباع الذين هم مورد العن في زيارة عاشوراء. وهذا واضح لا سترة عليه، بل هو خارج عن محل الكلام كما لا يخفى. وأما نفس الصوم في هذا اليوم أما قضاءا أو ندبا ولا سيما حزنا فلاينبغي التأمل في جوازه من غير كراهة فضلا عن الحرمة حسبما عرفت الرابعة: وهي التي رواها الشيخ في المصباح عن عبد الله بن سنان قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام يوم عاشوراء ودموعه تنحدر على عينيه كاللؤلؤ المتساقط فقلت: مم بكاؤك؟ فقال: أفي غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين عليه السلام أصيب في مثل هذا اليوم، فقلت: ما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم كملا وليكن افطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فانه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلى الله عليه وآله. وهي من حيث التصريح بعدم تبييت النية، وعدم تكميل الصوم، ولزوم الافطار بعد العصر واضحة الدلالة على المنع عن الصوم الشرعي وانه مجرد إمساك صوري في معظم النهار تأسيا بما جرى على الحسين وأهله الاطهار عليهم صلوات الملك المنتقم القهار. إلا أن الشأن في سندها والظاهر انها ضعيفة السند لجهالة طريق الشيخ إلى عبد الله بن سنان فيما يرويه في المصباح، فتكون في حكم المرسل. وتوضيحه: ان الشيخ في كتابي التهذيب والاستبصار التزم أن يروي عن كل من له أصل أو كتاب عن كتابه فيذكر أسماء أرباب الكتب أول السند مثل محمد بن على بن محبوب، ومحمد بن الحسن الصفار و عبد الله بن سنان ونحو ذلك، ثم يذكر في المشيخة طريقه إلى أرباب تلك الكتب لتخرج الروايات بذلك عن المراسيل إلى المسانيد وقد ذكر طريقه في كتابيه إلى عبد الله بن سنان وهو طريق صحيح. وذكر (قده) في الفهرست طريقه إلى أرباب الكتب والمجاميع سواء أروى عنهم في التهذيبين ام في غيرهما منهم عبد الله بن سنان وطريقه فيه صحيح ايضا. واما طريقه (قده) إلى نفس هذا الرجل لا إلى كتابه فغير معلوم، إذ لم يذكر لا في المشيخة ولا في الفهرست ولا في غيرهما لانهما معدان لبيان الطرق إلى نفس الكتب لا إلى أربابها ولو في غير تلكم الكتب. وهذه الرواية مذكورة في كتاب المصباح ولم يلتزم الشيخ هنا بان كل ما يرويه عمن له أصل أو كتاب فهو يرويه عن كتابه كما التزم بمثله في التهذيبين حسبما عرفت. وعليه فمن الجائز أن يروي هذه الرواية عن غير كتاب عبد الله ابن سنان الذي له إليه طريق آخر لا محالة، وهو غير معلوم كما عرفت. فان هذا الاحتمال يتطرق بطبيعة الحال ولا مدفع له، وهو بمجرده كاف في عدم الجزم بصحة السند. بل ان هذا الاحتمال قريب جدا، بل هو المظنون، بل المطمأن به، إذ لو كانت مذكورة في كتاب عبد الله بن سنان فلماذا أهملها في التهذيب والاستبصار مع عنوانه (قده) فيهما: صوم يوم عاشوراء ونقله ساير الروايات الواردة في الباب وبنائه (قده) على نقل ما في ذلك الكتاب وغيره من الكتب. فيكشف هذا عن ان روايته هذه عنه عن غير كتابه كما ذكرناه. وحيث أن طريقه إليه غير معلوم فالرواية في حكم المرسل، فهي أيضا ضعيفة السند كالروايات الثلاث المتقدمةفصح ما ادعيناه من أن الروايات الناهية كلها ضعيفة السند فتكون الآمرة سليمة عن المعارض. فلم تثبت كراهة صوم يوم عاشوراء " اهـ.[4]

لقد ختم الخوئي الموضوع بعدم كراهة صوم عاشوراء فضلا عن تحريمه , وان الامر بصيامه مشروع.


1 - صحيح مسلم -  بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ – ج 2 ص 792.
2 - صحيح مسلم -  بَابُ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ – ج 2 ص 795.
3 - صحيح مسلم -  بَابُ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ – ج 2 ص 818.
4 - كتاب الصوم – الخوئي – ج 2 ص 304 – 307.