إدخال عمر الصلاة خير من النوم في الأذان
إدخال عمر الصلاة خير من النوم في الأذان
قال الرافضي:
ولماذا تقبلون بدعته التي أدخلها على الأذن؟ الصلاة خير من النوم.
من الذي أعطاه الحق ليجتهد مقابل النص النبوي والإلهي؟
الردّ:
هذا يدل على جهل الرافضي!
فإن قول"الصلاة خير من النوم"ليست من مُختَرعات عُمر كما زَعَم! بل هي من السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي حديث أبي محذورة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله علمني سنة الأذان. قال: فمسح مقدم رأسي، وقال: تقول:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر - ترفع بها صوتك - ثم تقول:
أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله - تخفض بها صوتك - ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة حي على الصلاة. حي على الفلاح حي على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلتَ: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم. الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله. رواه الإمام أحمد وأبوداود والنسائي. (26) مسند أحمد برقم 15416، سنن أبي داود برقم 5، سنن النسائي برقم 633.
قال محذورة رضي الله عنه : كنت أؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم فكنت أقول في أذان الفجر الأول: حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. (27) رواه النسائي برقم 647.
فهذا يدل على أن قول المؤذن لصلاة الفجر"الصلاة خير من النوم"ليس مما ابتدعه عمر رضي الله عنه - كما زَعَم الرافضي -.
وليت المعترض من غير الرافضة!
لأن الرافضة زادوا في الأذان"حي على خير العَمَل"وزادوا شهادة ثالثة عما عليه أهل القِبْلَة، وهي قولهم في الأذان: اشهد أن علياً وليّ الله".
وأهل السنة يشهدون أن علياً وليّ الله، بل هومن خيرة أولياء الله، وفرق بين أن نشهد بهذا وبين أن تُجعَل في الأذان!
وهذه ينفرد بها الرافضة عن سائر أهل القبلة، وهي مما زادوه واخترعوه في العبادة.
فـ[من الذي أعطاههم الحق ليجتهدوا مقابل النص؟!!]
من الذي أعطى أئمة الرافضة أن يُشرِّعوا لهم الخمس؟
من الذي أعطاهم الحق ليُشرِّعوا في الأذان (حي على خير العمل)؟
من الذي أعطاهم الحق ليزيدوا في الأذان شهادة ثالثة (اشهد أن علياً ولي الله)؟
من الذي أعطاهم الحق ليُشرِّعوا طقوساً معينة مخصوصة ليوم عاشوراء؟
من الذي أعطاهم الحق ليحجّوا إلى كربلاء والعتبات المقدّسة في النجف (الأشرف) بزعمهم؟
ومن الذي أعطاهم الحق ليبنوا لهم كعبة في قُم؟!!!
ومن... ؟
ومن... ؟
لا شيء سوى التعصّب الأعمى!
وأُضِيف هنا:
أن علي بن أبي طالب كان ممن يُشير على عُمر بمثل ذلك.
روى عبد الرزاق عن عكرمة أن عمر بن الخطاب شَاوَرَ الناس في جلد الخمر، وقال: إن الناس قد شربوها واجترؤوا عليها. فقال له عليّ: إن السكران إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى فاجعله حَدّ الفرية. فجعله عمر حد الفرية ثمانين.
وروى الحاكم عن وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه ، فأتيته وهوفي المسجد معه عثمان بن عفان وعليّ وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير رضي الله عنه متكئ معه في المسجد، فقلت: إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهويقرأ عليك السلام، ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة. فقال عمر: هم هؤلاء عندك فَسَلْهُم. فقال عليّ رضي الله عنه : نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعَلَى المفتري ثمانون. فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال. فَجَلَدَ خالد ثمانين، وجَلَدَ عُمر ثمانين.
فهذا رأي علي بن أبي طالب، وهذه مشورته التي أخذ بها عُمر وأخذ بها الخلفاء من بعدِه، وعليها العَمَل إلى يومنا هذا.
ولم يقتصر الأمر على المشورة فحسب بل كان علي بن أبي طالب يَفعل مثل ذلك من غير نكير، لأن باب السياسة الشرعية واسع، وليس هومن باب البِدع.
روى البخاري ومسلم من طريق عمير بن سعيد النخعي قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ما كنت لأقيم حَدّاً على أحد فيموت فأجِد في نفسي إلا صاحب الخمر، فإنه لومات وَدَيتُه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يَسُنَّه.
يعني حدّ الخمر.
فَلَم نَقُل نحن ولا الرافضة إن علياً يُشرِّع من دون الله!
بل نرى هذا من باب السياسة الشرعية التي فيها مُتّسَع للأمة.
وأن الناس إذا توسّعوا في أمر كان لهم فيه سَعة، أنه يُضيّق عليهم من باب السياسة الشرعية، وأخذ الناس بالْحَزم.
أما زعم الشيعة أن عمر حذف من الأذان: حيّ على خير العمل. مستدلين على ذلك بما نسبوه إليه: (ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أنهى عنهم أعاقب عليهن.. وذكر منهن: وحيّ على خير العمل)([316]): فقد تقدم أن زيادة (حي على خير العمل): من الكذب الموضوع باتفاق أهل العلم. ولم ترد في أي كتاب من كتب أهل السنة، بل هي من وضع الشيعة الذين يزعمون أن عمر أمر أن يطرح من الأذان: (حي على خير العمل)([317]). وذلك إمعاناً منه في تعطيل ولاية علي بن أبي طالب ؛ لأنهم فسّروا (خير العمل): بأنه ولاية علي ؛ فقد أسند الصدوق إلى جعفر الصادق أنه سئل عن معنى (حي على خير العمل)؟ فقال: (خير العمل: الولاية)([318]).
وأسند نحوه إلى أبي جعفر الباقر([319]).
وأسند أيضاً إلى علي بن موسى الرضا أنه سئل عن (حي على خير العمل): (لم تركت من الأذان؟ فقال:... إن خير العمل: الولاية. فأراد من أمر بترك (حي على خير العمل) من الأذان ألا يقع حث عليها ودعاء إليها)([320]).
ويعجب الإنسان حين يجد الدعوة إلى إقامة الصلاة مقرونة بالدعوة إلى ولاية علي رضي الله عنه -عند الشيعة - ولكن العجب يزول حين يجد بعضهم يؤولون الصلاة في قوله تعالى: ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)) [البقرة:45] بأنها: إقامة ولاية علي ؛ فقد ذكر الحائري أن علي بن أبي طالب أول هذه الآية؛ ففسّر الصبر بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفسّر الصلاة بأنها إقامة ولايته رضي الله عنه([321])، ونقل عنه قوله لـ سلمان الفارسي: (من أقام ولايتي فقد أقام الصلاة)([322]).
ويزعم الشيعة أن عمر رضي الله عنه لم يكتف بإسقاط (حيّ على خير العمل) من الأذان، بل وزاد فيه: (الصلاة خير من النوم). التي لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم([323]).
المناقشة:
إن عمر رضي الله عنه لم يغيّر صفة الأذان عما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل بقيت على حالها إلى يوم الناس هذا.
وما زعمه الشيعة من أن عمر أسقط من الأذان: (حي علي خير العمل): غير صحيح؛ لأن صفة الأذان قد رويت في صحاح أهل السنة كما علمها رسول الله لأصحابه، ولم يرد في كلماتها: (حي على خير العمل) أبداً، والشواهد على ذلك كثيرة؛ فقد روى الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن أبي محذورة([324]) «أن نبي الله صلى الله عليه وسلم علّمه هذا الأذان: (الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة (مرتين)، حي على الفلاح (مرتين) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله»([325]).
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علّم أحد أصحابه صفة الأذان، وقال له: «الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة»([326])، وليس من بين هذه الكلمات (حي على خير العمل).
وقد رويت صفة الأذان عن عدد من الصحابة، ولم يرد في أي رواية منها: (حي على خير العمل)([327]).
ودليل واحد من هذه الأدلة كاف في إبطال مزاعم الشيعة هذه، فكيف وقد تضافرت الأدلة على أن (حي على خير العمل) التي يقولها الشيعة في أذانهم([328]) إلى يوم الناس هذا من الأمور المبتدعة التي لم تكن على عهد رسول الله ولا خلفائه الأربعة الراشدين الذين كان منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولقد كان يؤذن في خلافة علي رضي الله عنه كما كان يؤذن في عهد الرسول والخلفاء الثلاثة بعده، بل لقد أخبر إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة ؛ وهو من ذرية أبي محذورة الصحابي، وقد توفى في المائة الثانية([329]) أن الأذان كان في زمنه كالأذان الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لجده أبي محذورة([330])، ولو كان عمر رضي الله عنه أسقط (حي على خير العمل) لأعادها علي في خلافته، ولكنه لم يفعل، فدل على بطلان مزاعم الشيعة.
أما زعم الشيعة أن عمر رضي الله عنه هو الذي زاد على الأذان: (الصلاة خير من النوم) فغير صحيح، بل هي من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقد روى ابن خزيمة والدارقطني بإسنادهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حيّ على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، مرتين الله اكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله»([331]). والإسنادان صحيحان. وقوله: [من السنة] يفيد الرفع، فيعطى الحديث حكم المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي حديث أبي محذورة، الذي أخبر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه صفة الأذان، ذكر أبو محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «فإن كان صلاة الفجر، قلتَ: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله»([332]).
وأسند النسائي إليه قوله: «كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت أقول في أذان الفجر الأول: حيّ على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر. الله أكبر، لا إله إلا الله»([333]). وروى الترمذي بسنده عن بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تثوبنّ في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر»([334]) والتثويب هنا هو قول: (الصلاة خير من النوم)، كما قال الترمذي.
وبهذه الأدلة التي سُردت يتبين أن قول: (الصلاة خير من النوم) إنما هو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأن عمر كان متبعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبقى الأذان على الصفة التي كان عليها زمن رسول الله عليه السلام.
([316]) نفحات اللاهوت للكركي (ق:49/ب)، وتفسير الصافي للكاشاني (1/346)، وإحقاق الحق للتستري (ص:244)، والفصول المهمة للموسوي (ص:78)، وعقائد الإمامية للزنجاني 3/43.
([317]) الإيضاح للفضل بن شاذان (ص:106-107)، والاستغاثة للكوفي (1/25-26)، والصراط المستقيم للبياضي (3/21)، وعقائد الإمامية للزنجاني (3/43)، والتشيع ظاهرة طبيعية لمحمد باقر الصدر (ص:79ح، 81).
([318]) التوحيد للصدوق (ص:241).
([319]) علل الشرائع للصدوق (ص:368).
([320]) نفس المصدر.
([321]) إلزام الناصب للحائري (1/31-32). وقد عزاه إلى المجلسي في بحار الأنوار. ولم أستطع الوقوف على مكانه في البحار.
([322]) إلزام الناصب للحائري (1/31-32). وقد عزاه إلى المجلسي في بحار الأنوار. ولم أستطع الوقوف على مكانه في البحار.
([323]) الطرائف لابن طاوس (ص:477-478)، والاستغاثة للكوفي (1/25-26)، ومؤتمر علماء بغداد لمقاتل بن عطية (ص:71)، وإحقاق الحق للتستري (ص:294)، والفصول المهمة للموسوي (ص:82).
([324]) صحابي مختلف في اسمه. أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤذن لأهل مكة. مات سنة تسع وخمسين. الاستيعاب لابن عبد البر (4/177-180)، والإصابة لابن حجر (4/176).
([325]) صحيح مسلم (1/287)، ك. الصلاة، باب صفة الأذان. وانظر كذلك: جامع الترمذي (1/366-367)، ك. الصلاة، باب ما جاء في الترجيع، وسنن أبي داود (1/340، 343-345) ك. الصلاة، باب كيف الأذان، وسنن النسائي (28)، ك.الأذان، باب خفض الصوت في الترجيع في الأذان، وباب الأذان في السفر، وسنن ابن ماجة (1/234-235)، ك.الأذان، باب الترجيع في الأذان.
([326]) جامع الترمذي –وقال: حديث حسن صحيح- (1/367)، ك.الصلاة، باب ما جاء في الترجيع في الصلاة، وسنن أبي داود (1/342)، ك.الصلاة، باب كيف الأذان.
([327]) فقد رويت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أخرجها مسلم وأبو داود. صحيح مسلم (1/289)، ك.الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن، وسنن أبي داود (1/361)، ك.الصلاة، باب ما يقول إذا سمع المؤذن ورويت عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، أخرجها الترمذي، وقال: حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح، وأخرجها أبو داود وابن ماجة وأحمد بأسانيد صحيحة. جامع الترمذي (1/358-361)، ك.الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان، وسنن أبي داود (1/337-340)، ك.الصلاة، باب كيف الأذان، وسنن ابن ماجة (1/232-233)، ك. الأذان، باب بدء الأذان، ومسند أحمد (6/14، 15). ورويت عن سهل بن حنيف، ومعاوية بن أبي سفيان. سنن النسائي (2/24-25)، ك.الأذان، باب القول مثل ما يتشهد المؤذن، وباب القول إذا قال المؤذن: حي على الصلاة.
([328]) شرائع الإسلام لجعفر بن الحسن الحلي (1/67).
([329]) ذكر ابن حجر أنه من الطبقة السابعة، ووفيات رجال هذه الطبقة في المائة الثانية. (تقريب التهذيب ص91).
([330]) صحيح ابن خزيمة (1/202)، وسنن الدارقطني (1/243).
([331]) صحيح ابن خزيمة (1/202)، وسنن الدارقطني (1/243).
([332]) سنن أبي داود (1/340، 341، 344)، ك.الصلاة، باب كيف الأذان، وسنن النسائي (28)، ك.الأذان، باب الأذان في السفر.
([333]) سنن النسائي (2/13-14)، ك.الأذان، باب التثويب في أذان الفجر، والسنن الكبرى للبيهقي (1/146، 411)، ومصنف عبد الرزاق (1/464).
([334]) جامع الترمذي (1/378)، ك. الصلاة، باب ما جاء في التثويب في الفجر.