Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

انزل عن منبر أبي

انزل عن منبر أبي

قال الحافظ ابن حجر : " وقال يحيى بن سعيد الأنصاري عن عبيد بن حنين حدثني الحسين بن علي قال أتيت عمر وهو يخطب على المنبر فصعدت إليه فقلت: انزل عن منبر أبي، واذهب إلى منبر أبيك. فقال عمر: لم يكن لأبي منبر. وأخذني فأجلسني معه أقلّب حصى بيدي، فلما نزل انطلق بي إلى منزله، فقال لي: من علّمك؟ قلت: واللَّه ما علّمني أحد. قال: بأبي، لو جعلت تغشانا. قال: فأتيته يوما وهو خال بمعاوية وابن عمر بالباب، فرجع ابن عمر فرجعت معه فلقيني بعد قلت فقال لي: لم أراك. قلت: يا أمير المؤمنين، إني جئت وأنت خال بمعاوية، فرجعت مع ابن عمر. فقال: أنت أحقّ بالإذن من ابن عمر: فإنما أنبت ما ترى في رءوسنا اللَّه ثم أنتم. سنده صحيح وهو عند الخطيب " اهـ.[1]

يحتج الرافضة بهذ الاثر , ويقول بعضهم ان الحسين رضي الله عنه قد طعن بخلافة عمر رضي الله عنه.
اقول : لا يوجد اي طعن في الاثر من الحسين رضي الله عنه بخلافة امير المؤمنين عمر رضي الله عنه , بل الامر على العكس وهو اثباته لخلافة امير المؤمنين عمر رضي الله عنه , ولهذا خاطبه وقال له يا امير المؤمنين , وفي الاثر ايضا فضيلة كبيرة لعمر رضي الله عنه في تعامله مع اهل البيت رضوان الله عليهم اذ ان امير المؤمنين عمر قد قدم الحسين في الاذن عليه على ولده عبد الله بن عمر , وفي هذا كله دليل على المحبة الكبيرة , والتعظيم من امير المؤمنين عمر لاهل البيت رضي الله عنهم جميعا.
لقد كان الحسين رضي الله عنه طفلا لم يبلغ الحلم كما في رواية ابن شبة , حيث قال : " حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ: " أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَامَ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , فَقَالَ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ جَدِّي، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «تَأَخَّرْ يَا ابْنَ أَخِي» ، قَالَ: وَأَخَذَ حُسَيْنٌ بِرِدَاءِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَمْ يَزَلْ يَجْبِذُهُ وَيَقُولُ: انْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ جَدِّي، وَتَرَدَّدَ عَلَيْهِ حَتَّى قَطَعَ خُطْبَتَهُ وَنَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا صَلَّى أَرْسَلَ إِلَى حُسَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا جَاءَهُ  قَالَ: «يَا ابْنَ أَخِي مَنْ أَمَرَكَ بِالَّذِي صَنَعْتَ؟» قَالَ حُسَيْنٌ: مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ، قَالَ: يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ حُسَيْنٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: مَا أَمَرَنِي بِهِ أَحَدٌ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَوَ لِي؟» وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَحُسَيْنٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ دُونَ الْمُحْتَلِمِ " اهـ.[2]

فهذا الاثر يبين قول الحسين رضي الله عنه بان المنبر لجده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , فتعامل معه امير المؤمنين عمر رضي الله عنه تعامل الاب الحنون بحيث انه خاطبه بقوله : ( يا ابن اخي ) وذلك لان علي وعمر رضي الله عنهما اخوة في الله تعالى كما قال الله تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (10) : الحجرات } , ولقد ذكر هذا الاثر الامام السيوطي من الحافظ ابن عساكر وصححه , حيث قال : " و أخرج ابن عساكر عن أبي البختري قال : كان عمر بن الخطاب يخطب على المنبر فقام إليه الحسين بن علي رضي الله عنه فقال : انزل عن منبر أبي فقال عمر : منبر أبيك لا منبر أبي من أمرك بهذا ؟ فقام علي فقال : و الله ما أمره بهذا أحد أما لأوجعنك يا غدر فقال : لا توجع ابن أخي فقد صدق منبر أبيه إسناده صحيح " اهـ.[3]

ففي هذه الاثار ما يدل على التراحم , والتوادد بين علي , وعمر رضي الله عنهما , وكيف يعامل احدهما الاخر بكل صدق , واحترام , وتعظيم , وتوقير , فالكلام بينهما مبني على الصدق , والتصديق من احدهما للاخر.


1 - الاصابة – احمد بن علي بن حجر – ج 2 ص 69.
2 - تاريخ المدينة – عمر بن شبة – ج 3 ص 798.
3 - تاريخ الخلفاء – عبد الرحمن بن ابي بكرالسيوطي – ج 1 ص 124.


الحسين يجذب عمر بن الخطاب من رداءه ويأمره بالنزول عن منبر النبي

الجواب

أن الحسين رضي الله عنه كان صغيرا في السن حين خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد جاء في رواية إسحاق بلفظ(ثم أخذني رضي الله عنه بين يديه، فجعلت أقلب حصى في يدي) وفي رواية فأقعدني على المنبر معه، وفي رواية (ووضع يده رضي الله عنه على رأسه)، فكلامه رضي الله عنه كان حين صغره، والكلام في حال الصغر ليس مثل الكلام في حال اكتمال العقل، ولأن هذا التصرف وهو أن يصعد إلى منبر الخليفة ويقول له هذا الكلام ليس من تصرف الرجل الرشيد.

2- أن المقصود بقول الحسين رضي الله عنه (منبر أبي) أي منبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقصد منبر والده علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

3- أن المقصود بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ما أنبت الشعر برؤوسنا إلا الله ثم أنتم) أي أن النبوة كانت في بيتكم وبها ارتفعنا وعلونا، وهذا معنى إنبات الشعر في الرأس فهو كناية عن الرفعة والعلو، وليس المقصود أن آل البيت ينبتون الشعر في الرأس.

4- أن الحسين رضي الله عنه لم يعد لهذا الأمر مرة أخرى، وذهب إلى بيت عمر رضي الله عنه لزيارته ومجالسته، حيث جاء في الرواية (فأتيته يومًا وهو خالٍ بمعاوية رضي الله عنه، وجاء ابن عمر رضي الله عنه فرجع، فلما رأيته رجع رجعت فلقيني بعد فقال : لم أرك تأتينا ؟ فقلت : قد جئت وكنت خاليًا بمعاوية رضي الله عنه، وجاء ابن عمر رضي الله عنه فرجع، فلما رأيته رجع رجعت، فقال عمر رضي الله عنه : أنت أحق بالإذن من عبد الله بن عمر ). فليس في نفسه رضي الله عنه شيئا على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .


فتبين بهذا أن هذه القصة فيها تعظيم عمر رضي الله عنه لآل البيت ومعرفة حقهم، وفيها أن الحسين رضي الله عنه قنع بكلام عمر رضي الله عنه وذهب لزيارته .