Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الدكتور محمد أركون

الدكتور محمد أركون  


عدو للعروبة والإسلام.. وطبعة مزورة للفكر الإستشراقي المتعصب، ولد في "  تاوريرت ميمون "  بمنطقة القبائل  البريرية عام 1928، وأتم الثانوية في الجزائر، التقطته جماعة تبشيرية، وغيروا اسمه، وخلعوا عليه اسماً فرنسياً نصرانياً، وبعد الاستقلال أسموه  "  محمداً " ، لأنهم  أرادوه أن يمثل دوراً بعينه.. وهو : أن يحمل مِعولا ليدمر تراثنا العربي، ويبرز ذلك بوضوح في كتابه :  الفكر العربي.( [1] ) والكتاب  ليس له أهمية، ولا جديد فيه عن كتابات المبشرين  والمستشرقين، وإن هَبَطَ عن مُستواهم، لا أهمية له إلا  في أنه بقلم دكتور له اسم إسلامي، لتكون كذبته أفجر، وتأثيرها أشنع، فهو حجة وفتنة، ووسيلة تغرير، بل هو شاهد زور.
 فنقدُ الدين هو المهمة التي يقوم بها الدكتور العلماني محمد أركون، إنها مهمة مشروعه العلماني المنطلق من الفلسفات الاستشراقية الإلحادية..
 يقول د. علي حرب عن مشروع إعادة تقييم شاملة للإسلام عند أركون : ( يقع في صلب مشروعه)([2] ). وبماذا يفتتح..؟ يقول د. علي حرب : "  مفتتحا بذلك ما يمكن تسميته : النقد القرآني..؟ " ([3] ). إنه " لا يقتصر على نقد الأحاديث والتفاسير، ولا يكتفي بتفكيك الأنساق الفقهية والمنظومة العقائدية، بل يتوغل  في نقده وتفكيكه وصولا إلى الأصل الأول،  أي : إلى الوحي الإلهي..؟ " ( [4] ) وقد  نشر  بحثا عام 1977م تحت عنوان : "  مسألة صحة نسبة القرآن إلى الله  " ..! ومن العنوان يمكنك أن تتصور ما جاء في هذا البحث...
وقال : " القرآن مجموعة محدودة ومفتوحة من نصوص باللغة العربية، يمكن أن نصل إليها، ماثلة في النص المثبت إملائيا بعد القرن الرابع عشر.."  ( [5] )
 وقول الكاتب: "  مفتوحة  " يوحي بأنه قابل للزيادة، والنمو، والإضافة.. !
أما دجله المعيب فهو قوله : المثبت إملائيا بعد القرن الرابع عشر..؟!
ونقول : إن معجزة القرآن الكبرى : هي كونه ظل محفوظاً رغم ما عرفه تاريخ الإسلام من فتن وانقسامات، وحروب مذهبية، اجترأ الناس أثناءها على وضع الأحاديث لتأييد نِحَلِهِمْ،  ومذاهبهم، بينما لم يفعلوا شيئا من ذلك بالنسبة للنص القرآني، برغم كونه لم يكن مطبوعا، وفي حين كانت الكتابة العربية سقيمة، وقابلة للتحريف والتصحيف..
 ومعنى ذلك : أن الأمة الإسلامية علماء، وعامة، هم الذين نهضوا بحفظ القرآن، والحرص على جعله صوتاً مسموعاً في كل لحظات الزمان الإسلامي، وفي كل زاوية من زوايا الفضاء الكوني، يتردد بكل جهارة بين الناس، إلى يوم الناس هذا.. لقد تم توثيق النص القرآني توثيقاً قامت به الأمة الإسلامية جمعاء  وهي مفتخرة في القيام به، لقد كانت غيرة المسلمين،عامتهم، وخاصتهم عليه، تمنع كل محاولة تمس القرآن، تحقيقا لوعد الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ( سورة الحجر : آية : 9. )   ثم من أين جاء الكاتب بأن القرآن ثبت إملائيا في القرن الرابع عشر.؟ أليس هذا ما يدعيه حثالات المستشرقين.؟ ويردده من بعدهم أحلاسُهُم ، بل إن دائرة المعارف السوفيتية ذهبت إلى أن التدوين جرى في العهد العباسي.!! والذي يعلمه المسلمون، والمنصفون ، أن القرآن الكريم كان ينزل على رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فيعلمه للمسلمين فيحفظونه، ثم يأمر كتاب الوحي بكتابته، وبقي كذلك محفوظاً في الصدور ومُدَوَّناً  في السطور، إلى أن قام أبو بكر الصديق  رضي الله عنه  بجمعه بين  دفتين ، خشية ضياع شيئ من حروفه( لهجاته )  التي نزل بها ، بموت القراء في المواطن " الغزوات " ،  ثم قام الخليفة عثمان  رضي الله عنه وأرضاه  بنسخ القرآن  على الحرف ( اللهجة ) الذي نزل به ابتداءً وهو حرف قريش ، بعد زوال الرخصة التي دعت إلى نزوله بالأحرف"  اللهجات "  السبعة، وربما كان هذا العمل هو الذي  حرك السبئيين ( [6] )  لإثارة ما أثاروه من فتن..!
وقال أركون : "  فإن علم الكلام سيُستخدم فيما بعد جميع ثروات النقد الأدبي، ليفرض العقيدة الشهيرة القائلة : بأن القرآن لا يمكن أن يقلد ، وإذن فهو معجزة..( هكذا..!؟  ) "  !؟ ([7])
ونقول : لو صح أن تُعصَرَ هذه العبارة، لتقاطر من خلالها قَذفٌ فاحش، وفسق كبير.
إذ كل منصف له صلة بالثقافة الإسلامية، يعلم  أن الله تعالى تحدى العرب بالقرآن، وطالبهم أن يأتوا بمثل القرآن، ثم بعشر سور، ثم بسورة من مثله، ولم يفعل العرب ذلك، لأنهم أدركوا إدراكا ضرورياً يقينياً   - وهم أصحاب السليقة العربية المحكمة -  بأن ما سمعوه من القرآن ليس من كلام البشر،  وذلك بمنهج الإحساس اللغوي الفطري، وأنه حين يعجز المعاصرون اليوم عن إدراك إعجازه بالفطرة اللغوية، يستطيعون إدراك إعجازه بالنظر الاستدلالي، الذي لا يزداد مع تقدم الإنسانية إلا ظهوراً وضرورة. ذلك أن القرآن يوقظ في العقل الإنساني كل قواه، لينظر إلى الكون نظرة شمولية للوقوف على نظامه واتساقه. 
وقد تنبه الشيخ محمد رشيد رضا إلى سر قلما تنبه له عالم من علمائنا القدماء والمحدثين، فقال : "  ومن المعلوم بالبداهة أنه ما كان لعاقل مثله  صلى الله عليه وسلم  - أن يتحداهم هذا التَّحدِّي، لو لم يكن عالماً موقناً بأنه لا يستطيع الإنس والجن الإتيان بمثل هذا القرآن  في جملته، ولا بسورة مثله، فلو كان هو الذي أنشأه وألفه لمصلحة الناس برأيه، لكان عقله وذكاؤه وعُلُوِّ فكره، مانعاتٍ له من الجزم بعجز عقلاء الخلق من العوالم الظاهرة "  الإنس  " ، والخفية "  الجن  "  ، عن الإتيان بسورة مثل ما أتى هو به، فإن كل عاقل متوسط الذكاء والفكر، يعلم أن كل ما أمكنه من الأمر، فهو  يمكن غيره ، بل لا يأمن أن يوجد من هو أقدر عليه منه، فهذه آية بينة للعقل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان موقنا بأنه من عند الله   تعالى .  " ([8]
لقد نزل القرآن بين أقوام فيهم اليهود..والنصارى.. والصابئة، وفيهم أيضا من كل نِحلة  وعقيدة من عقائد الشرق القديمة، فخاطبهم القرآن جميعا، وكان يورد معتقداتهم ليرد عليها، ويكشف تحريفها، أو تهافتها وبطلانها، فكان بالموضع الذي يَشُدُّ إليه كل جماعة، ويلفت نظر كل طائفة، وكل مذهب وعقيدة، فلم يكن من الممكن أن يثبت أمام كل هذه المذاهب والعقائد،  إلا بتواترٍ كاملٍ في نَصِّه، إلى الحد الذي لا يستطيع أحد أن يأخذ عليه أيَّ مأخذٍ في هذا المجال. وهذا بحد ذاته يدل على أن ( أركون ) وكل أيتام التغريب، لم يتعلموا، ولم  يتقنوا أكثر مما يتقن القرد..!! .
ومن افتراءات أركون : أن الإسلام حرم الربا في المدينة، لأن الرسول  صلى الله عليه وسلم  طلب من اليهود مالا فلم يعطوه، فعاقبهم بتحريم الربا . ([9])
ونقول : إن الرسول  - صلى الله عليه وسلم -  قال في خطبته المشهورة في حجة الوداع  : "  وربا الجاهلية موضوع،  وأول ربا أضع ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله.."  ([10])، فأول ربا حرمه كان ربا العباس  وليس ربا اليهود. بل ظل اليهود على رباهم، كما بقي النصارى على شربهم  للخمر، وأكلهم لحم الخنزير.
موقفه من القرآن :
يقول د. أركون عن الأوصاف التي وردت في سورة التوبة في شأن المشركين : "  نلاحظ أن وصف المعارضين يختزل  إلى كلمة واحدة، هي: المشركون. لقد رُمُوا كلياً ونهائياً وبشكل عنيف في ساحة  الشرِّ  والسَّلب، والموت، دون أن يقدم النص القرآني أي تفسير أو تعليل لهذا الرفض  والطَّرد.؟  "([11]) وأن هذا الفعل من القرآن  إنما هو  : " تشنجات قاسية "  ([12]) وأن القرآن يمارس دوره "  على هيئة دكتاتورية الغاية، والنهاية المطلقة " ([13]).
 ونقول : لو درس أركون القرآن دراسة علمية ، أو سورة التوبة على أقل تقدير، ونظر بعينه في الأدلة والأحكام،والحجج والبراهين،، لعلم أن  سورة التوبة : قد قدمت مثل بقية  سور القرآن الكريم، الوصف الحقيقي لحال وواقع المشركين العرب، والمنافقين الذين كانوا يتسترون بالاسلام لتدميره من الداخل، كما كان يفعل اليوم د. أركون وأمثاله من أحلاس المستشرقين الحاقدين، وكذلك قدم  القرآن،وقدمت سورة التوبة على وجه الخصوص، الصورة الواقعية لما كان عليه الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويصدون عن سبيل الله، وهي الحقيقة التاريخية التي أثبتها تاريخ الغرب نفسه فيما بعد، وأثبت  صدقها..!
وليس في الدعوة إلى الجهاد في سورة التوبة ضد الذين يواجهون هذا الدين بالقتال والتهديد، والحيلولة بينه وبين الناس أي دكتاتورية أو تشنج. وفي الحقيقة فالدعوة إلى الجهاد في سورة التوبة، وفي السور الأخرى من القرآن، دعوة لحماية المعسكر الإسلامي الإيماني من أعدائه الذين يتربصون به الدوائر.. ولعل السر في حملة  أركون على سورة التوبة بالذات، هو دعوتها إلى الجهاد، ويتضح ذلك من خلال "  الملتقى الثامن عشر الذي نظمه اليهود الناطقين بالفرنسية" ما بين 26- 27 / 11 / 1977م، بمناسبة مرور أسبوع على زيارة السادات للقدس، وقد وقع الاختيار على ( أركون ) ليتحدث عن " الإسلام ومشاكل التنمية " أو التعمية..!!  فقال أركون  : "  إني لجدُّ مسرور أن أكون بينكم، إن اليهود..  ما أكثر ما قاموا به، وما أكثر ما يقومون به للعيش داخل الشرق الأوسط.. إلى أن  يقول :  إننا نعرف أن جميع المجتمعات لعدة قرون، استعملت لغة دينية للتعبير عن وقائع، هي في الحقيقة رجس  وغير  قانونية  والجهاد من هذه اللغة" ([14]).
ونقول : لم  اختاره اليهود دون غيره..؟ وما الذي قام به اليهود للعيش في بلاد المسلمين  وقبلتهم  الأولى،  أكثر من طرد أهلها من منازلهم، والاستيلاء عليها بقانون شريعة الغاب، وقرارات الأمم المتحدة، وذبحهم في قبية، والسَّموع، ودير ياسين، وصبرا، وشاتيلا، وجينين، وقانا، وبحر البقر  وَ... وَالقائمة تطول..؟ 
 ألا يحس  بالخجل مِن وَصفِ الجهاد أمام اليهود بأنه رِجس ؟ وهم الذين يزعمون أن السيف نزل عليهم من السماء مع التوراة ..؟
وانظر موقف  أركون إزاء قوله تعالى: " وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا " ( الكهف : 25)، فقال وَهْمًا منه، وممن يردد كلامهم ببَلاهة أن فيها شذوذً لغوياً( [15] )، إذ كان ينبغي أن يكون الكلام في رأيهم هكذا: "ثلاثَمائة ِسنةٍ" لا "ثلاثمائةٍ سنين" ( [16] ).
 وفى المثال الذي نحن بصدده من سورة "الكهف" يمكننا أن نركِّب الكلام على أكثر من وضع فنقول: "ثلاثَمائةِ سنةٍ، ثلاثَمائةٍ من السِّنين، سنين ثلاثَمائةٍ، ثلاثمائةٍ سنين، ثلاث مئاتٍ من السنين"، ولكلٍّ نكهتها وظِلالها الإيحائية, وأحب أن أقف عند التركيب الذي ظن بلاشير ومقلّده أركون، أنه هو وحده لا سواه التركيب الصحيح، ثم أُقَفِّي بالكلام عن التركيب الذي اعترضا عليه، أو بالأحرى اعترض عليه بلاشير فاعترض معه تابعُهُ ، وحامل نِعاله  د. أركون.... !!
فأما التركيب المعتاد فهو يشير إلى "عدد الثلاثمائة" وأنه سنون، والخطاب فيه موجَّه إلى من لا يرى في العدد ولا في تمييزه ما يدعو إلى الاستغراب أو الاستنكار. ولذلك فنحن نستخدم هذا التركيب عادة عندما لا نريد أن نعبر عن أي شيء آخر غير هذا المعنى العام. أما إن كان المخاطَب متشككاً فيما نقوله له، أو يستهوله، كأن يستبعد أن يكون العدد ثلاثمائة، أو أن يكون التمييز سنوات لا أياما مثلا، فعندئذ يكون هناك موضع للتركيب القرآني، فكأن المتكلم يريد أن يقول: نعم، العدد ثلاثمائة، وهذه الثلاثمائة هي سنوات، لا أيام،  ولا أسابيع،  ولا حتى شهور.... إنها سنوات،  فـَـ (" سنين ) " في هذا التركيب الأخير هي بدل من "الثلاثمائة"، أي أن السنين ليست مجرد تمييز لها، بل هي الثلاثمائة نفسها عدًّا وإحصاءً.
قال الدكتور فاضل السامرائي على فضائية الشارقة : "  سنين بدل، لوأضفنا نقول مائة سنة،  لكن هنا ليست مضافة، ثلاثمائة لم تضف حتى يقول ثلاثمائة سنة، هي هنا  بدل وليس تمييز عدد.  فـ (سنين) بدل، لأن تمييز العدد له أحكام بعد المائة والألف،  يكون مفرداً مضافاً إليه، كقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ )  (العنكبوت: 14)..
  وقوله :  (بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ )  ( البقرة:259).  ([17])
وهذه الآية  لها نظائر في اللغة كثيرة، فنحن نقول مثلا: "ضُرُوبًا من المُنى، وأفانينَ من اللذات"،  على حين يقول ابن زيدون في نونيته العبقرية:
  "مُنَىً ضُروبًا ولذّاتٍ أفانينا"
 فيُضفي على العبارة العادية حيوية مدهشة....
وهناك  شواهد من خارج القرآن توضح ما أقول...
  فمن ذلك قول علقمة الفحل:
   فكان فيها ما أتاك وفي   *   تسعين أسرى مقرنين وصُفَّدِ
وقول عمرو بن كلثوم:
رددتُ على عمرو بن قيس قلادةً  *  ثمانين سُودًا من ذُرَى جبل الهضب
 وقول ربيعة بن ضبع الفزارى:
  إذا عاش الفتى مائتين عامًا  *  فقد ذهب اللذاذة والفتاءُ
وقول عمر بن أبى ربيعة:
أَبْرَزُوها مثلَ المهاة تَهَادَى ...... بين خمسٍ كواعبٍ أترابِ
 وقول السيد الحِمْيَرى:
  ثلاثة آلافٍ ملائك سلّموا *  عليه فأدناهمُ، وَحَيّا ، ورحَّبا.
 وقول ابن أبى الحديد:
  عام ثلاث ثم أربعينا   *   من بعد ستمائةٍ سنيناً
 إن هذا الصنف من المستشرقين  وذيولهم، ليس لهم من عمل إلا التشكيك في كل ما يتعلق بالإسلام  واللغة والقرآن..
أما  بالنسبة للقصص الثلاث التي تحتوي عليها سورة "الكهف" يقول أركون إنها "مغروسة عميقاً في الذاكرة الجماعية العتيقة للشرق الأوسط" ( [18] )...
 ومعنى هذا،  أن القرآن ليس إلا النتاج المِخيالي للبيئة التي ظهر فيها، وهذا تدليس علمي على أخيب طراز. لماذا..؟ لأن القرآن لم يورد هذه القصص الثلاث ابتداءً ، بل أوردها ردًّا على التحدي الذي وَجَّهَهُ كفار قريش إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم -، بناءً على تحريضٍ من أحبار يهود، الذين قالوا لهم :  إن بإمكانهم أن يُحرجوه بسؤاله عن أبطالها، على اعتبار أنه لن يعرف كيف يجيب على هذا التحدي، إذ لا علم له بهذه القصص الثلاث. فأحبار يهود كانوا متأكدين أن محمداً   - صلى الله عليه وسلم - ليس عنده أي علم بهؤلاء الأشخاص، وأن قريشاً نفسها لم تكن على علمٍ بهم، وإلا لقالوا لليهود إن ذلك من تراثنا، ومن ثم فسوف يكون بمستطاعÐمحمد - صلى الله عليه وسلم -  الإجابة على السؤال،  فلا يحرل المراد من التحدي، ألا وهو تكذيبه في قوله إنه يتلقى الوحي من السماء. أليس هذا هو ما يًفْهَم بكل جلاء من التحدي؟
أما قول أركون إن هذه الحكايات الثلاث كانت مغروسة بعمق في الذاكرة الجماعية العتيقة لشعوب الشرق الأوسط، فهو كلام فارغٌ،  أفرغُ من فؤاد أم موسى! فلو كان ما يزعمه أركون صحيحاً، ما فكر أحبار اليهود الخبثاء أن يُحرّضوا قريشاً على تحدي الرسول- صلى الله عليه وسلم -  بهذا السؤال، فالإنسان لا يُقدِمُ على مثل هذا التحدي الخطير، إلا وهو موقن أن الخصم لن ينجح في الجواب....
 وهب أن هذه النقطة قد فاتت اليهود- وهم أخبث أهل الأرض –،  أفكانت  تفوت على  مشركي  قريش؟ 
ثم كيف نفسر تحير المفسرين في شرح معنى "الرقيم"، وفى تحديد مكان الكهف، وفى معرفة الشخصية الحقيقية للعبد الصالح، وفى التعرف على مواضع البلاد التي بلغها ذو القرنين، والأقوام الذين قابلهم...
إن كل هذا يجعلنا نُلقي بنظرية "المخيال الجماعي  الأركونية "التي صَدَّعَ بها  رؤوس قارئيه،  مع صاحبها  في سلة المهملات،  بل في مزابل التاريخ.


[1] - الفكر العربي : د. محمد أركون، نشره بالفرنسية عام 1975م، وترجمه د. عادل العوا، ونشرته دار عويدات عام 1982م.

[2] - نقد النص : د. علي حرب، ص 107.

[3] - نقد النص : ص 203.

[4] - نقد النص : ص 62.

[5] - - الفكر العربي : ص 31.

[6] - انظر كتابنا : عبد الله ابن سبأ اليهودي اليماني بين الحقيقة والخيال... وهو قيد الطبع.

[7] - الفكر العربي : ص 33.

[8] - تفسير المنار : محمد رشيد رضا، ج11/ ص 369.

[9] - الفكر العربي : ص 41.

[10] - الرحيق المختوم : صفي الرحمن المباركفوري، ص 419.

[11] - الفكر الإسلامي، قراءة علمية : د. محمد أركون، ص 96.

[12] - الفكرالإسلامي : مرجع سابق، ص 96.

[13] - المرجع السابق نفسه ونفس الصفحة

[14] - الفكر العربي والفكر الإستشراقي : ص 144.

[15] - ذكرني هذا الجهل الفاضح بجهل المستشار العشماوي ، ( تشابهت قلوبهم )، وليس أسخف من قول أركون بوجود شذوذ لغوي في القرآن  إلا قول العشماوي الذي يقول بوجود خطأ نحوي في القرآن، فهو كمن يقول :على حد قول المرحوم محمد جلال كشك – المتر قصير.!! وهو كلام سخيف..لأن المتر هو أساس القياس، فلا يقاس هو بذاته..بل بغيره.
والقرآن الكريم هو أساس  النحو،  ولا يقاس بكتاب ( النحو الواضح  ) الذي درسه المستشار في المرحلة الإعدادية، وقد أورد الفقهاء والمفسرون والنحاة رأيهم في  هذا الاختلاف الذي ورد قي الآية الكريمة ( إن هذان لساحران ) (  سورة   :  ) (التي قال العشماوي إن الصواب فيها : فيها أن يقول : (  إن هذين..) وقالوا : إنها لغة من لغات قبائل العرب التي نزل بها القرآن، وهي لغة "  بني الحرث بن كعب "  ومن جاورهم.. ثم يقول محمد جلال كشك : إن هذا الذي يحسبه الجاهلون خطأً، هو معجزة في حد ذاتها، إذ أنه دليل على أن القرآن كُتب كما وصل للناسخين أو الجامعين للقرآن على زمن أبي بكر – رضي الله عنه – ولو كانوا قد أباحوا لأنفسهم أن يغيروا، أو يضيفوا،أو يصححوا حرفا، لما فاتهم أن يصححوا هذان... سبحانه وتعالى لعله أنزلها هكذا خصيصا  ًلكي تُثبت العصمة لهذا القرآن، وتشوه وجوه الحاقدين. ( انظر : قراءة في فكر التبعية، ص 304. محمد جلال كشك ).

[16] - انظر : القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب  الديني: 148

[17] - انظر : لمسات بيانية في سورة الكهف، (الشبكة العنكبوتية )  د. فاضل السامرائي.

[18] - انظر: القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني:151