طه حسين مهندس التغريب والعلمنة في العالم العربي
طه حسين
مهندس التغريب والعلمنة في العالم العربي
نبذة عن حياته:
ولد طه حسين في 14 نوفمبر 1889م، وعاش في منطقة تسمى " عزبة الكيلو "، تبعد عشرة كيلومترات عن محافظة المينا في صعيد مصر، فقد بصره وعمره ثلاث سنوات بسبب رَمَدٍ في عينه، فعالجه حلاق القرية بطريقة خاطئة، ففقد بصره بسبب الجهل والتخلف. كان والده يعملُ وَزَّاناً في شركة يهودية للسكر، وأنجب 13 ولدا، وكان طه حسين السابع في الترتيب غادر الى القاهرة طلبا للعلم وهو في الرابعة عشر من عمره، التحق بجامعة الأزهر الشريف، وكان ميالاً إلى دروس الأدب ومجالسه، واشتهر بين زملائه بأفكاره الشاذة ، و حملاته على رجال الأزهر التي كان ينشرها في صحيفة " الجريدة " بتشجيع من " لطفي السيد "، سعى من خلالها إلى محو دور الأزهر الديني، داخل المجتمع المصري، باستبعاده عن القيام بوظيفة تعليم الدين، لأن مناهجه - كما يزعم- لا تحقق للدارسين عمق الثقافة وحرية الفكر، وكان يهدف من ذلك إلى خطف دراسات الإسلام من الأزهر، ونقلها إلى كلية الآداب التي يقوم أسلوب التدريس بها على منهج علماني مادي.
وفي سنة 1913م اشتدت الدعوة للجامعة الاسلامية في مصر، وقد كتب " لطفي السيد " معارضاً هذه الدعوة، فكتب " طه حسين " مؤيداً لطفي السيد " في آرائه، فامتنع علماء الأزهر من إجازته بسبب آرائه التى كانت تعتبر تهديداً للأصالة الإسلامية والعربية. فالتحق بالجامعة المصرية غداة تأسيسها، فوجد فيها بغيته من دروس الأدب والنقد والفلسفة، فتابع فيها دراسته إلى أن قدم لها رسالة فى ذكرى أبي العلاء، نال بها الدكتوراه سنة 1914م.
ثم ارتحل الى فرنسا وانتسب الى جامعة السوربون حيث واصل دراسته بها إلى أن قدم لها رسالة عن فلسفة ابن خلدون الاجتماعية نال بها درجة الدكتوراه، ثم عاد الى مصر، فتقلب فى عدة وظائف، ابتداء من كرسي الاستاذية بكلية الآداب بالجامعة المصرية، وفي نهاية 1934 عين عميداً لكلية الآداب في علم 1936 حتى 1939م، ثم أصبح مديرا لجامعة الاسكندرية حتى عام 13 حزيران 1950، ثم وزيراً للمعارف في الحكومة الوفدية حتى 26 حزيران 1952 وهو يوم إحراق القاهرة ..
ويُعَدُّ الدكتور طه حسين، واحداً من أهم الشخصيات التي أثارت حولها الجدل، ونشبت المعارك والمساجلات على آرائها وأفكارها، ومثلت اتجاهاتها التغريبية انقلاباً عنيفاً على المجتمع وأهله، والبيئة التي نشأ فيها.
عاش الرجل حياة حافلة بالسعي دون أن يفتر فيها طرفة عين، عن بث سموم التشكيك والتغريب والإلحاد في عروق الأمة، وكان في مقدمة الجيل الذي احتضنته المعاهد الغربية، والتي قامت في أوروبا لإعداد دعاة من أبناء العرب والمسلمين، ينقلبون على العروبة والإسلام، ويتولون عنها احتواء بعض العقول المسلمة ، لإخراجها من قيمها ودينها.
فمن خلال المجالات العديدة التي عمل بها : ( ثقافية - تعليمية -فكرية - أدبية ) لم يأل الرجلُ جهداً في بث سمومه وشكوكه، داخل المجتمع المصري، والمجتمع العربي والإسلامي من ورائه. وكان يرى ضرورة فصل الدراسات الأدبية عن روح الإسلام ومُثُلِهِ.. تحت لافتة حرية البحث الأدبي، فلا يكون على الشاعر والفنان حرج فى أن يصور الرذيلة كيف شاء، وكان ذلك جزءاً من رسالته ومنهجه الذي أشاع من خلاله أدب المجون، والجنس، والرذيلة، ودفع بالأدب إلى أوحال الشهوات والإباحية.. ولم يترك مقولة شاردة، لمستشرق حاقد، إلا نقلها وادعاها لنفسه. وقد أعلى من شأن الأدب اليوناني القديم، والفرنسي الحديث، ولم يضيع فرصة للإشادة بهما، إرضاءً لسادته الفرنسيين، وشغف بأسلوب الشك، والتهكم، والظن، والإدعاء بدون دليل يعتمد على سند علمي صحيح . ودعا إلى فصل اللغة العربية عن الدين الإسلامي ، وهو هدف تغريبي قديم ، يرمى إلى إسقاط مكانة اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم، وقطع الصلات التي تربط الدراسات العربية، بالدراسات الإسلامية.كما زعم طه حسين أن عقلية مصر، عقلية يونانية، وأنه لابد أن تعود مصر إلى أحضان فلسفة اليونان، ومن ثم كانت دعوته الملحة إلى جعل المثل الأعلى للحضارة يونانياً، وأن يكون قادة الفكر الإنساني هم : "هوميروس" و" سقراط " و" أفلاطون" و" أرسطو" فيقول :" لو أن الحضارة الحاضرة أزيلت وأريد تأسيسها حضارة جديدة، لكانت فلسفة أرسطو أساساً لها".
وشارك طه حسين كثيراً من المستشرقين المتعصبين، في تجريح أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-، فلمز أبا هريرة، وسعد بن أبى وقاص -رضي الله عنهما – ، وتحامل على معاوية - رضي الله عنه - وأوغل في عِرض سيف الله خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ، وألقى بالشك على سيرة الشيخين " أبو بكر وعمر " - رضي الله عنهما - حيث يقول في مقدمة كتابه " الشيخان " : " وأنا بعد ذلك أشك أعظم الشك فيما روي عن هذه الأحداث، وأكاد أقطع بأن ما كتبه القدماء من تاريخ هذين الإمامين العظيمين، وعن تاريخ العصر القصير الذي توليا فيه أمور المسلمين أشبه بالقصص " فكتب الأستاذ محمد عمر توفيق، كتاباً أسماه " الشيخان " رداً على كتاب طه حسين، جاء فيه : " إن طه حسين تجافى عن منهج أهل الحديث، في اعتماده على أحاديث مشكوك فيها، لإثارة الشبهات، عامداً.. وقال : إن أسلوبه الخلاب خطير، لأنه يُخفي وجه الحق، فلا يتنبه قراء كتابه فيضلون".
علاقاته باليهود جعل اليهود في مصر " طه حسين " أحد المقربين لهم، فأوكلوا له رئاسة تحرير “ الكاتب المصري “ التي صدرت في مصر سنة 1945م وكانت تُموَّل من قِبَلِ أسرة “هراري اليهودية “.
وقد استعان " طه حسين " في كتاباته في السيرة وغيرها بالأحاديث الموضوعة ، وفي نفس الوقت رد أحاديث صحيحة!! لأنها خالفت هواه، وعوَّل كثيراً على الإسرائيليات التي جاءت في تاريخ الطبري وغيره، وأكثر من إيرادها. وحشد قدراً كبيراً من الاسرائبلبات في قصة "حفر بئر زمزم "على يد عبد المطلب..
وردد مزاعم المستشرقين الذين عجزوا عن ذكر رواية صحيحة أثناء عرضهم قصة زواج الرَّسُول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- من زينب بنت جحش -رضي الله عنها-، وأخذ بالأخبار الموضوعة فيها.
وقد استمرت هذه العلاقة باتصاله بجماعة المستشرقين اليهود، المسيطرين على جامعة السوربون الفرنسية، وعلى رأسهم أستاذه اليهودي " دوركايم "، واعتماده الكلي على نظرية اليهودي الفرنسي " مرجليوث " ، في كتابه " في الشعر الجاهلي " ، كما أنه دعا الباحث اليهودي " اسرائيل ولفنستون " لتقديم أطروحته إلى الجامعة المصرية، بإشراف الدكتور طه نفسه، وكانت أطروحة " ولفنستون " تدور حول اليهود في البلاد العربية، ومنحه طه حسين شهادة الدكتوراة عليها، بل عينه أستاذا في كلية دار العلوم.؟!
ويقول في ذلك الدكتور فؤاد حسنين : " إن معظم ما أورده " إسرائيل ولفنستون "، وأعانه الدكتور " طه حسين " المشرف على الأطروحة، إنما هو كل ما أرادت الصهيونية إذاعته من آراء في هذا البحث، وكان حلقة من حلقات الدعاية الصهيونية ".
وقام " طه حسين " بزيارة إسرائيل مرتين، كما زار الجامعة العبرية في القدس، والمدارس الإسرائيلية في الإسكندرية ، وأشارت إلى ذلك مجلة " الشمس " اليهودية التي تصدر باللغة العربية قائلة : " حفلت المدارس الإسرائيلية بالإسكندرية بعدد زاخر من أفاضل أهل الإسكندرية لحضور المحاضرة القيمة التي ألقاها عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين، مساء الخميس 23 ديسمبر1943م، وحضرها الحاخام " إبراتو " والحاخام " فنثورا " ، وتحدث فيها عن " عن اليهود والأدب العربي !!!! وإسهام اليهود في تَحَضُّر العرب من سكان الجزيرة العربية، بل إن اليهود هم سبب تحضر المصريين ، ووصل به الحد إلى القول : إن كلمة القرآن هي كلمة عبرية..!! وقد قوطعت في كثير من مواضعها بعاصفة من التصفيق، وأعلنت المدارس الإسرائيلية عن جائزة خصصت باسم " الدكتور طه حسين "، تعطى سنوياً للفائز الأول، والفائزة الأولى فى اللغة العربية. كما سعى " طه حسين " في كتاباته عن التاريخ الإسلامي إلى تبرئة اليهودي " عبدالله بن سبأ "، من تهمة إثارة الفتن التي شاهم في تأجيجها بين المسلمين، والتي انتهت بمقتل الخليفة الراشد " عثمان بن عفان " – رضب الله عنه وأرضاه -، وهو ما أنكره عليه كتاب التاريخ الإسلامي جميعهم. ورد عليه الأديب الكبير " محمود محمد شاكر " رداً مُفحماً في أعداد مجلة الرسالة ( [1] )
انحرافات طه حسين :
تنوعت انحرافات طه حسين التي بثها بين المسلمين ، منها :
إحياؤه ودعوته إلى مذهب (الشك) الذي تلقاه عن (ديكارت)...
يقول الأستاذ أنور الجندي: "يكاد المستشرقون والباحثون الغربيون يجمعون على أن هدف طه حسين الأول الذي أُعِدَّ له، والذي عمل له خلال حياته كلها، من خلال كتاباته سواء منها التي ألقيت في الجامعة كمحاضرات، أو نشرت في صحف، أو في كتب مطبوعة، تجمع على شيء واحد هو:
إرساء منهج الشك الفلسفي في الفكر الإسلامي، على نحو يسيطر تماماً على التاريخ والنقد الأدبي، والمسرح، والدراما، واتخاذ كل أساليب البيان للوصول إلى هذه الغاية، فقد اتخذ ذلك أول الأمر أسلوبه في الجامعة، حيث حمل لواء الدعوة إلى نقد القرآن بوصفه نص أدبي، وتشكيكه في وجود إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام-. ( [2] ) "
وقد رد الأستاذ محمود شاكر –رحمه الله- على طه حسين مبطلاً مذهبه هذا بقوله "إن إدعاء " طه حسين " أن القاعدة الأساسية في منهج ديكارت أن يتجرد الباحث من كل شيء كان يعلمه من قبل، وأن يستقبل بحثه خالي الذهن خلواً تماماً مما قبل، فإن هذا شيء لا أصل له وتكاد تكون هذه الصياغة كذباً مصفى، بل هو خارج عن طوق البشر.
هبه يستطيع أن يخلي ذهنه خلواً تاماً مما قبل، وأن يتجرد من كل شيء كان يعلمه من قبل، أفيستطيع هو أيضاً أن يتجرد من سلطان اللغة التي غذي بها صغيراً حتى صار إنساناً ناطقاً؟ أفيستطيع أن يتجرد من سطوة الثقافة التي جرت منه مجرى لبن الأم؟ أيستطيع أن يتجرد من بطشة الأهواء التي تستكين ضارعة في أغوار النفس وفي كهوفها كلام يجري على اللسان بلا زمام يضبطه، محصوله أن يتطلب إنساناً فارغاً خاوياً مكوناً من عظام كسيت جلداً؟." ( [3] )
وليت طه حسين إذ دعا إلى هذا المذهب كان يهدف إلى أن يكون الشك مقدمة إلى اليقين، إذاً لهان الأمر، ولكنه كان يهدف إلى أن يكون الشك للشك !!
2 - وفي عام 1926م أصدر كتابه : " في الشعر الجاهلي " الذي أحدث ضجة سياسية، ورُفعت ضده دعوى قضائية من علماء الأزهر وغيرهم، وتوالت البرقيات من مختلف جهات القطر المصري، ومن جميع الهيئات الاسلامية في مصر والعالم الإسلامي، وكلها تطالب بمعاقبة طه حسين بطريقة رادعة وفعالة، وألف طلبة الأزهر مظاهرة ضخمة، وتوجهوا إلى بيت الأمة ( البرلمان )، ( [4] )، وخطب أحدهم موجها القول إلى " سعد زغلول " قائلا : " نعلن إليك يا مولاي أننا كما اتخذك المصريون سلاحا يحاربون به المغتصبين، فسنتخذك سلاحا نحارب به الملحدين.." فرد " سعد زغلول " قائلا : " إن مسألة كهذه لا يمكن أن تؤثر في هذه الأمة المتمسكة بدينها،هَبُوا أن رجلاً مجنوناً يهذي في الطريق، فهل يضير العقلاء شيئ من ذلك.؟ إن هذا الدين متين، وليس الذي شك فيه زعيما، ولا إماماً يُخشى من شكه على العامة، فليشك ما شاء.. وماذا علينا إذا لم تفهم البقرُ.؟! " فأمرت النيابة بسحب الكتاب، وأوقفت توزيعه.
وتدور فكرة كتابه : " في الشعر الجاهلي " على "أن الشعر الجاهلي لا يمثل حياة العرب قبل ظهور الإسلام، أي لا يمثل الحياة التي عاش فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل الرسالة بمالها من جوانب وأجواء، إذ هو شعر مصطنع مفتعل، ولذا لا يعبر عن حقائقها ولا عن ما دار فيها، فهو في جملته يعبر عن حياة جاهلية فيها غلظة وخشونة، وبعيدة عن التمرس السياسي، والنهضة الاقتصادية، أو الحياة الدينية الواضحة. مع أن حياة العرب في الجاهلية كانت حياة حضارية" ( [5] )
"ومنطق المؤلف: بما أن الشعر الجاهلي لا يصح أن يكون مرآة صافية للحياة الجاهلية، وهي الحياة التي نشأ فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقام بدعوته، وكافح من أجل هذه الدعوة فيها، فالشيء الذي يعبر عن هذه الحياة تعبير صدق، وموثوق به كل الثقة، هو القرآن " ( [6] ) ثم ذكر ما يعتقده من صفات الحياة الجاهلية كما جاءت في القرآن ، قال الدكتور محمد البهي : (ومعنى هذا القول –كما يريد المؤلف أن يفهم قارئه –أن القرآن انطباع للحياة القائمة في وقت صاحبه، وهو النبي، ويمثل لذلك بيئة خاصة : في عقيدتها ولغتها وعاداتها واتجاهها في الحياة، وهي البيئة العربية في الجزيرة العربية) ( [7] )
" وإذن: فالقرآن دين محلي، لا إنساني عالمي، قيمته وخطره في هذه المحلية وحدها، قال به صاحبه! تحت التأثر بحياته التي عاشها وعاش فيها، ولذلك يعبر تعبيراً صادقاً عن هذه الحياة، أما أنه يمثل غير الحياة العربية، أو يرسم هدفاً عاماً للإنسانية في ذاتها، فليس ذلك الكتاب. إنه دين بشري، وليس وحياً إلهياً" !! ( [8] ) وكان من أخطر وأعظم أقوال طه حسين في هذا الكتاب، قوله:
"للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن، لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، فضلاً عن إثبات هذه القضية التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة، ونشأة العرب المستعربة، ونحن مضطرون أن نرى في هذه القصة نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة، وبين الإسلام واليهود، والقرآن والتوراة من جهة أخرى" !!( [9] )
3-أما في كتابه : " مستقبل الثقافة في مصر " فقد دعا طه حسين إلى ثلاثة أمور:
الدعوة إلى حمل مصر على الحضارة الغربية وطبعها بها وقطع ما يربطها بقديمها وبإسلامها.
الدعوة إلى الوطنية وشؤون الحكم على أساس مدني لا دخل فيه للدين، أو بعبارة أصرح: دفع مصر إلى طريق ينتهي بها إلى أن تصبح حكومتها لا دينية " علمانية ".
الدعوة إلى إخضاع اللغة العربية لسنة التطور ودفعها إلى طريق ينتهي باللغة الفصحى التي نزل بها القرآن الكريم إلى أن تصبح لغة دينية فحسب، كالسريانية، والقبطية، واللاتينية، واليونانية" ( [10] )
ومن أقواله الشنيعة في هذا الكتاب: دعوته إلى "أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم، لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يُكره، وما يُحمد منها وما يُعاب" ( [11] )
4-أما كتابه : " على هامش السيرة " ، فقد حشاه بالأساطير والروايات الباطلة مبرراً موقفه "بأن هذه الأساطير ترضي ميل الناس إلى السذاجة، وترفه عنهم حين تشق عليهم الحياة" !! ( [12] )
يقول الأستاذ غازي التوبة : "ليس من شك في أن تناول السيرة بقصد الاستراحة من جهد الحياة وعنائها، والترفيه عن النفس، وإرضاء ميل الإنسان إلى السذاجة، وتنمية بعض عواطف الخير، ليس من شك أنها سابقة خطيرة، لا يحسد عليها طه حسين؛ لأن المسلمين كتبوا –دوما وكثيراً- في سيرة نبيهم - صلوات الله وسلامه عليه -، ومحصوا أحداثها، وميزوا دقائقها، وبوبوا تفاصيلها، وكان نظرهم
–خلال ذلك كله وبعده- يرمق في محمد - صلى الله عليه وسلم- مثلاً أعلى للإنسانية، ويلتذ في ذلك، ويشتم منه الصفات العبقة، ويلتذ في ذلك –ولم يقفوا عند حدود الرمق والشم والالتذاذ- ولكن سعت أقدامهم في لحظة الرمق والشم والتلذذ نفسها- ومشت على طريق محمد. فزكوا أنفسهم كما زكى محمد نفسه، وعبدوا ربهم كما عبد محمد ربه، وعاملوا الناس كما عامل محمد الناس، وجاهدوا الشرك والباطل، كما جاهد محمد الشرك والباطل الخ…
كتب المسلمون الذي كتبوه في سيرة نبيهم، ومحصوا الذي محصوه، وبوبوا الذي بوبوه، قاصدين الاقتداء به، والعمل مثل عمله. وشتان بين ما هدف إليه طه حسين، وما ذهب إليه رواة السيرة" ( [13] )
قلت: وقد صدق محمد حسين هيكل صاحب طه حسين ! في تعليقه على كتاب طه هذا، حين قال: "الخطر ليس على الأدب وحده، ولكن على الفكر الإسلامي كله؛ لأنه يعيد غرس الأساطير، والوثنيات، والإسرائيليات، في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى بعد أن نقاها العلماء المسلمون منها، وحرروها من آثارها" ( [14] ).
5-أما كتابه : " الشيخان " فقد مارس فيه ما أتقنه من مذهب " الشك " الذي ورثه من " ديكارت " ! حيث قال في مقدمة الكتاب: "وما أريد أن أفصل الأحداث الكثيرة الكبرى التي حدثت في أيامهما، فذلك شيء يطول، وهو مفصل أشد التفصيل فيما كتب عنهما القدماء والمحدثون. وأنا بعد ذلك أشك أعظم الشك فيما روي عن هذه الأحداث، وأكاد أقطع بأن ما كتب القدماء من تاريخ هذين الإمامين العظيمين، ومن تاريخ العصر القصير الذي وليا فيه أمور المسلمين، أشبه بالقصص منه بتسجيل الحقائق التي كانت في أيامهما" !!( [15] )
هكذا دون أدلة، ودون رجوع لأهل الشأن من علماء الحديث، إنما تحكيماً لعقله في أحداث الصحابة، وما جرى منهم ولهم.
6-وفي كتاب " الفتنة الكبرى " بجزأيه، خاض طه حسين في ما شجر بين الصحابة –رضوان الله عليهم- دون علم، وهو ما نهى عنه علماء أهل السنة –رحمهم الله-، وكان له هدف خبيث من هذا الخوض بينه الأستاذ غازي التوبة بعد أن فنَّد الكتاب بقوله: "إذن ينعي " طه حسين " في ختام الجزء الأول الخلافة، ويوهِن من عزائم المسلمين الساعية إلى إعادتها، وينبههم إلى أن المسلمين الأوائل تنكبوا عن طريقها منذ أمد بعيد واتبعوا طريق الملك الذي يحل مشكلات الدنيا بالدنيا، فالخلافة تحتاج إلى أولي عزم من الناس، وأين أولو العزم الآن ؟؟!!
وكأن لسان حاله يخاطب مسلمي عصره ويقول لهم: عليكم أيها المسلمون أن تدعوا التفكير في الخلافة، وأن تبطلوا السعي إليها، وأن ترضوا بحكم الديمقراطية كما رضي أصحاب النبي بعد عثمان - رضي الله عنه - بحل مشكلات الدنيا بوسائل الدنيا ؟؟!!
هذه هي النتيجة التي يصل إليها طه حسين في ختام الجزء الأول، ويا لها من نتيجة مثبطة!!" ( [16] )
-أما الجزء الثاني من الكتاب " علي وبنوه ":، فإنه أيضاً لم يخلُ من دسّ، معلناً فيه " انهزام " ! الخلافة على يد علي –رضي الله عنه-، وموهماً القارئ أن الإسلام قد انسحب نهائياً من الحياة بهزيمة علي –رضي الله عنه-!! وأن المال قد استولى على النفوس!
الخلاصة كما يقول الأستاذ غازي التوبة: أن طه حسين "كتب " الفتنة الكبرى " مشككاً في حكم الخلافة الإسلامية الأول، وفي إمكانية استمراره، ناعياً على الإسلام افتقاره للنظام المكتوب، معلناً انبثاق مذهب جديد في السلطان يقوم على الجبر والقهر، مبيناً رضوخ المسلمين وارتضاءهم للمذهب الجديد، زاعماً انسحاب الإسلام من مختلف قطاعات الحياة، وسيطرة المال والأَثَرة !!
كتب كل هذا : قاصداً أن يقنع المسلمين بأن الحكومة الإسلامية لا وجود لها بعد وفاة الرسول - عليه الصلاة والسلام-، وإن طبقت فلأمد محدود لا يتجاوز حياة عمر، ويعود نجاح التطبيق إلى إمكانات عمر الفردية فقط !!
كتب كل هذا: هادفاً أن يُلطخ صورة الخلافة الوضاءة ، كي يصرف أنظار المسلمين عنها، وأن يثني عزائهم عن السعي إليها بتهويل الصعوبات، فالأمر يحتاج إلى أولي عزم. وأين أولو العزم من الناس ؟ !
ما الأسباب التي دفعته إلى الكتابة عن الإسلام؟
يكمن السبب في الوضع الداخلي لمصر، فقد بلغ المد الإسلامي فيها ذُروته العظمى في نهاية الأربعينيات وأوائل الخمسينيات ، باغياً إعادة تطبيق الإسلام في مجال الحكم، وإرجاع الخلافة الإسلامية إلى الوجود. وقد كتب طه –في اللحظة نفسها أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينيات –كي يُشكك هذا المد بعدم جدوى محاولته بالاستناد إلى تاريخ المسلمين نفسه" "( [17] )
7 - وفي كتابه " حديث الأربعاء " حاول " طه حسين " أن يصور للقارئ أن العصر العباسي كان عصر شك ومجون، ودعارة ، وإباحية !! معتمداً في ذلك على قصص أبي نواس، وحمّاد عُجرد، والوليد بن يزيد، ومطيع بن إياس، والحسين بن الضحاك، ووالِبَة بن الحباب، وإبان بن مروان بن أبي حفصة، وغيرهم من المجُّان!
قال المازني :
ولقد لفتني من الدكتور طه حسين في كتابه " حديث الأربعاء " ، أن له ولعاً بتعقب الزناة، والفساق، والفجرة ، والزنادقة، وهو ما حمله – أي : طه حسين- على قوله في العصر العباسي : " إن القرن الثاني للهجرة كان عصر شك ومجون، وعصر إفتتان وإلحاد عن الأخلاق، والعادات الموروثة والدين"... إلى أن قال الدكتور طه، في وصفه لذلك " خسرت الأخلاق من هذا التطور وربح الأدب".وها هو " حديث الأربعاء " : ماذا فيه.؟ فيه كلام طويل عن العصر العباسي، وللعصر العباسي وجوه شتى، وفي وسعك أن تكتب عنه عدة وجهات، ولكن الدكتور طه يدع كل جانب سوى الهزل والمجون ، ويروح يزعم لك أنه عصر مجون ودعارة، وإباحية متغلغلة إلى كل فروع الحياة..
أقرأ قصصه التى ترجمها :هل كان همه نقل الفصاحة الإفرنجية إلى قراء اللغة العربية، أو نقل الصور الفاضلة في ثيابها المصون، إنما كان همه مدح الخيانة، والاعتذار للخونة ، وتصوير الخلاعة والمجون في صور جذابة، ليقضي بهذه الترجمة حق الإباحية،لا حق اللغة، ولا حق الفضيلة..!
ثم قال :
-وقد قام الأستاذ أنور الجندي بجمع أهم الانحرافات على هذا الرجل، ولخصها على شكل نقاط، فقال: "أهم الأخطار التي يروج لها فكر طه حسين والتي يجب الحيطة في النظر إليها هي:
أولاً: قوله بالتناقض بين نصوص الكتب الدينية وبما وصل إليه العلم، وقوله: " إن الدين لم ينـزل من السماء وإنما خرج من الأرض كما خرجت الجماعة نفسها "، وهذه نظرية شاعت حيناً في الفكر الغربي تحت تأثير المدرسة الفرنسية التي يرأسها اليهودي " دوركايم ".
ثانياً: إثارة الشبهات حول ما سماه القرآن المكي والقرآن المدني، وهي نظرية أعلنها المستشرق اليهودي المجري " جولد زيهر" وبين العلماء فسادها.
ثالثا : إحياؤه شعر المجون والغزل بالُمذكر، وكل شعر خارج عن الأخلاق سواء أكان جنسياً أم هجاء، وقد أولى اهتمامه بأبي نواس، وبشار بن برد، والضَّحاك في دراسات واسعة، عرض فيها آراءهم، وحلل حياتهم.
رابعا : ترجمة القصص الفرنسي المكشوف، وترجمة شعر بودلير وغيره، من الأدب الأجنبي الإباحي الخليع.
خامسا : قدم فكرة فصل الأدب العربي عن الفكر الإسلامي كمقدمة لدفعه إلى ساحة الإباحيات والشك وغيرها، وذلك باسم تحريره من التأثير الديني.
سادساً: إعلاء الفرعونية وإنكار الروابط العربية والإسلامية ومن ذلك قوله: إن الفرعونية متأصلة في نفوس المصريين، ولو وقف الدين الإسلامي حاجزاً بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه.
سابعاً : إعادة خلط الإسرائيليات والأساطير بالسيرة النبوية بعد أن نقاها المفكرون المسلمون منها، والتزيد في هذه الإسرائيليات والتوسع فيها، وذلك في كتابه " على هامش السيرة " وقد كشف هذا الاتجاه الدكتور محمد حسين هيكل، ووصفه مصطفى صادق الرافعي بأنه " تهكم صريح ".
ثامناً: إنكار وجود سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل - عليهما السلام - وإنكار رحلتهما إلى الجزيرة العربية ، وإعادة بناء الكعبة على نفس النحو الذي أورده العهد القديم.
تاسعاً: دعوته إلى الأخذ بالحضارة الغربية : حُلوها ومُرِّها، وما يُحمد منها وما يعاب، في كتابه : " مستقبل الثقافة ".
عاشراً: وصف الفتح الإسلامي لمصر بأنه " استعمار عربي " وعبارته هي: " خضع المصريون لضروب من البغي والعدوان، جاءتهم من الفرس، والرومان، والعرب ". ( [18] )
طه حسين في نظر معاصريه :
أ – قال الشيخ محمد الغزالي :
قرأت للدكتور طه حسين، واستمعت له، ودار بيني وبينه حوار قصير مرة أو مرتين فَصَدَّ عني، وصددت عنه !!!
أسلوب الرجل منساب رائق، وأداوه جيد معجب، وهو بين أقرانه قد يدانيهم، أو يساويهم، ويستحيل أن يتقدم عليهم..بل عندما أوازن بينه وبين " عباس محمود العقاد " من الناحية العلمية، أجد العقاد أعمق فكراً، وأغزر مادة، وأقوم قيلا.. وأكاد أقول : إن الموازنة المجردة تخدش قدر العقاد...
وأسلوب " زكي مبارك " أرشق عبارة، وأنصع بياناً من أسلوب الدكتور طه حسين، ولولا أن الرجل قتله الإدمان، لكان له شأن أفضل . ودون غمط لمكانة الدكتور الأدبية نقول : إنه واحد من الأدباء المشهورين في القرن الماضي له وعليه... وحسبه هذا...بيد أنني لاحظت أن هناك إصراراً على جعل الرجل عميد الأدب العربي، وإمام الفكر الجديد، وأنه زعيم النهضة الأدبية الحديثة ، ولم أبذل جهداً مذكوراً لأدرك السبب.. إن السبب لا يعود إلى الوزن الفني ، أو التقدير الشخصي ، " السبب يعود إلى دعم المبادئ التي حملها الرجل، وكلف بخدمتها طول عمره، إنه مات ، بيد أن ما قاله يجب أن يبقى، وأن يدرس، وأن يكون معيارالتقديم !!!
تدبر هذه العبارة للدكتور العميد : إن الدين الإسلامي يجب أن يُعلَّم فقط كجزء من التاريخ القومي !!!
لا كدين إلهي نزل يبين الشرائع للبشر، فالقوانين الدينية لم تعد تصلح في الحضارة الحديثة كأساس للأخلاق والأحكام !!!! لذلك لا يجوز حسب معادلة طه حسين أن يبقى الإسلام في صميم الحياة السياسية !!!
أو يتخذ كمنطلق لتجديد الأمة !!! فالأمة تتجدد بمعزل عن الدين.
ويمكن الرجوع لمثل كتابه : " مستقبل الثقافة في مصر " لتجد أشباهاً لهذه العبارات السامة. !!!!
وظاهر الأمر : أن الدكتور طه حسين كان ترجماناً أميناً لأهداف لم تعد خافية على أحد، عندما طالب بإقصاء الإسلام وأخلاقه وأحكامه، وعدم قبوله أساساً تنطلق الأمة منه، وتحيا وفق شرائعه وشعائره !!!
قائل هذا الكلام يجب أن يكون عميد الأدب العربي في حياته ، وبعد مماته !!!!! وأن تشتغل الصحافة والمسارح بحديث طويل عن عبقريته، ليكون علماً في رأسه نار كما قالت العرب قديماً...
والقوى التي تعمل دائبة على تخليد الدكتور طه حسين، وتجديد فكره ، وإعلاء شأنه، معروفة لدينا، ونريد أن نكشف عنها ، إذ لا معنى لبقائها في جحورها تلدغ ثم تستخفي، وتنال منا باسم حرية العلم، وهي لا تعرف من الحرية إلا لوناً وحيداً، كيف تضرب الإسلام، وتطفئ جذوته ، وتميت صحوته.
كما نريد إشعار الذاهلين بخطورة الثقافات المؤذية بل القاتلة ، التي روجها يوما ما أُدباء ضعاف الخلق، مرضى الإيمان...
ثم طالب بنزع لقب عميد الأدب العربي من ذلك الحاقد على ديننا، ولغتنا، وقرآننا، ومقدساتنا، وثوابتنا، الذي خدم الفكر التغريبي أيما خدمة، وأضر بديننا الحنيف أيما ضرر.
ب- وقال المحقق العلامة محمود محمد شاكر : وكان طالباً بكلية الآداب وقت أن كان الدكتور " طه حسين " يلقي فيها محاضرات شَكِّه في الشعر الجاهلي، وحدثت مواجهة بين الأستاذ وتلميذه " محمود شاكر "، الذي أبان له سرقة آراء " مرجليوث " فانتهره " طه حسين " بشدة، حملته على ترك الجامعة، وترك الدراسة فيها نهائياً، ومن ثم أثبت الباحثون في قضية آراء طه حسين حول الشك في الشعر الجاهلي مقولة العلامة محمود شاكر الشهيرة :" إن كتاب الشعر الجاهلي هو حاشية طه حسين على متن مرجليوث ". وعندما نشر " طه حسين " كتابه " مع المتنبي " أظهر الاستاذ محمود محمد شاكر في دراسته الكبيرة " المتنبي " أن " طه حسين " سرق مادة كتابه من كتابلين حول الموضوع، أحدهما : للدكتور عبد الوهاب عزام، والآخر للمستشرق " بلاشير " كما استفاد من بحث للاستاذ شاكر نفسه، كان قد نشره في عدد خاص من مجلة المقتطف " يناير - كانون الثاني 1926 م " وكان الأستاذ شاكر سبافا إلى الإشارة إلى هذه السرقة الأدبية عبر اثني عشر مقالا نشرها بمجلة البلاغ القاهرية " خلال فبراير - شباط حتى مايو - أيار سنة 1937م " ثم يعلق الاستاذ محمود شاكر بقوله : إن طه حسين " كان يسن سنة متلفة مفسدة للحياة الأدبية، والحياة العقلية، والحياة النفسية في الجيل البائس الذي أنا منه، بسطوه سطواً عرياناً على مقالة الأعجمي المستشرق " مرجليوث " عن الشعر الجاهلي، ثم بِسَطْوِه على آخرين لم أذكرهم، سطواً متلفعا بالتذاكي، والاستعلاء، والعجب.."
ت- أما الشيخ علي الطنطاوي فقد حضر محاضرة لطه حسين ألقاها في جامعة دمشق، إذ دعته هذه الجامعة ليلقي مثل هذه المحاضرة ، وليخرج طلابها من ظلمات الجهل إلى نور العلم !!
وبعد انتهاء سعادة الدكتور من محاضرته تقدم مدير الجامعة ليعلق عليها وليجزل المديح بل يقدمه جزافاً لفخامة عميد الأدب العربي!! وكيف لا يفعل وقد تواضع فخامته فقبل الدعوة وتحمل متاعب السفر ليروي غلة هؤلاء الطلاب العطاش إلى العلم والمعرفة من ينابيع علومه التي لا تنضب وإن كانت قيحاً وصديداً وبعد انتهاء مدير الجامعة الدمشقية من تقديم عبارات الإطراء التي لا يدفع لها ثمناً ولا يخشى سؤالاً عن مدى صحتها قام الشيخ الطنطاوي معقباً على التعليق فقال:
"الواقع أن ما قاله طه حسين في هذه المحاضرة يعرفه طلاب الصف الخامس والصف السادس الابتدائيين وأن 95 في المائة من الحاضرين يعلمون ذلك، ولكنهم لا يصدقون عقولهم، بل إن بعضهم ليضع يده على فيه حذراً أن تبدر منه بادرة تكشف للحاضرين عن رأيه في محاضرة عميد الأدب العربي، ثم قال: هذا بالنسبة للمحاضرة أما بالنسبة للمحاضر " طه حسين " فإنه حين وضع عمامة الأزهر عن رأسه، وولى وجهه شطر فرنسا، خلع معها دينه وعقله، وبقي إلى اليوم بلا عقل ولا دين". وأظن عشاق أفكار طه حسين ومريديه لا ينكرون مكانة الشيخ الطنطاوي الأدبية إلا أنه مسلم لا ينفخ الغرب في صورته، ولا يحيطه بهالات التمجيد والتقديس كما يصنع بعملائه وأذنابه ومأجوريه، لذلك لا نسمع ذكراً لكبار الأدباء الإسلاميين عندما يتحدث متحدث عن الأدباء العرب المعاصرين، في إذاعة أو كتاب أو صحيفة، ولا ذنب لهم ولا عيب فيهم سوى أنهم يؤمنون بالإسلام قولاً وعملا، ويصرحون بأنه وحده سبيل النجاة وطريق السعادة ، وربما حاولوا تنبيه المسلمين إلى ما يحيط بهم من أخطار وما يدبر ضدهم من مكائد
ث - قال الاستاذ أنور الجندي : كان طه حسين في حقيقته وجوهره، عدوٌّ من بني جلدتنا، ويحيا بين أظهرنا، وتنهال عليه عطايانا، من كل اتجاه، وهو في الوقت ذاته يجتهد في أن يرمينا بكل نقيصة، ويهيننا بأقذع ما يمكن أن تهان به أمة في عقيدتها ودينها، وكأننا أمة تعشق الهوان.. وما أورده من أقوال وآراء، تجدها بقضها وقضيضها في كتابات الحداثيين والعلمانيين دون استثناء.. فقد سن سنة سيئة عليه وِزرُها وَوِزرُ مَن عمل بها إلى يوم القيامة. ( [19] )
وظل " طه حسين " يمارس الكتابة إلى أن توفي في 28 اكتوبر 1973م عن عمر يناهز ( 84 ) عاماً، ترك خلالها عدة مؤلفات منها : الأيام، الوعد الحق، المعذبون في الارض، في الشعر الجاهلي دعاء الكروان، حديث الاربعاء، على هامش السيرة، في الصيف، ذكرى أبي العلاء، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، وغيرها.
[1] - انظر : مجلة الرسالة، الأعداد، 761، 763، 765.
[2] - انظر : أنور الجندي، كتاب : العصر تحت ضوء الإسلام، ص30. نـشر: دار الفضيلة
[3] - انظر :المرجع السابق، ص32.
[4] - انظر : صحيفة الأهرام : 7نوفمبر 1926م. وانظر : محمد سيد كيلاني، فصول ممتعة : ص 31-44.
[5] - انظر : طه حسين في ميزان العلماء والأدباء، للأستاذ محمود الأستانبولي، ص 129.
[6] - المرجع السابق، ص 130.
[7] - انظر : د. محمد البهي : الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، ص 186.
[8] - انظر : المرجع السابق، ص 187.
[9] - انظر : طه حسين حياته وفكره في ميزان الإسلام، أنور الجندي، ص 8.
[10] - انظر : طه حسين في ميزان العلماء، ص 146.
[11] - انظر : مستقبل الثقافة في مصر، ص 41.
[12] - انظر : طه حسين في ميزان العلماء، ص 234.
[13] - انظر : غازي التوبة ، الفكر الإسلامي: ص، 110.
[14] - انظر : طه حسين في ميزان العلماء، ص 236.
[15] - انظر : طه حسين في ميزان العلماء، ص 214.
[16] - انظر : غازي التوبة : الفكر الإسلامي، ص122-123.
[17] - انظر : د. محمد البهي : الفكر الإسلامي، ص 125-126 ".
[18] - انظر كتاب: إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام، ص 149-151.
[19] - انظر : أنور الجندي، طه حسين حياته وفكره في ميزان الإسلام، بتصرف واختصار.