عبد المجيد الشرفي - أمير ذوا ت المغزل
عبد المجيد الشرفي - أمير ذوا ت المغزل
عبد المجيد الشرفي : جامعي تونسي .. حامل لواء الفكر الحداثي ورئيس الحداثيات العربيات في تونس، والذي صنَّفه المؤلف المغربي رشيد بن زين (مفكرًا مسلمًا) في كتابه (المفكرون الجدد في الإسلام) ([1]) .ما دفع محمد الطالبي التونسي والعميد السابق للجامعة التونسية ورائد المدرسة الحداثية في تونس وأستاذ عبد المجيد الشرفي للاعتراض على وصف رشيد بن زين للشرفي بالمفكر المسلم... وعوضًا عن ذلك وصف الطالبي تلميذه عبد المجيد الشرفي وتلميذات الشرفي بالانسلاخ عن الإسلام، مطلِقًا عليهم مصطلح (الانسلاخسلاميين)، في الجزء الأول من كتابه (ليطمئن قلبي) والذي خصصه للدفاع عن قضية الإيمان ومواجهة تحديات الانسلاخسلامية، فكتب الطالبي تحت عنوان: عبد المجيد الشرفي والتنظير المنهجي للانسلاخسلامية المقنَّعة:"إن الأستاذ عبد المجيد الشرفي يحتل كرسي الفكر الإسلامي والحضارة العربية بجامعة تونس الأولى، وهكذا يصف نفسه، وهو مؤسس هذا الكرسي. غير أننا إذا ما اعتمدنا مؤلفاته وأطروحات بعض تلاميذه بإشرافه وتوجيهاته كأطروحة نائلة السليني...لا مناص لنا من أن نعتبره منظر الفكر الانسلاخسلامي، لا مفكرًا مسلمًا كما يقدم نفسه وهمًا أو توهيمًا، ويقدمه المغربي رشيد بن زين. فهو مؤسس مدرسة رفع القداسة عن القرآن بكلية منوبة) ( [2] ) . أنّ الهدف الذي يعمل الشرفي على بلوغه فيما سوّد هو وتلامذته تحت إشرافه ذكره في كتابه "الإسلام بين الرسالة والتاريخ" هو "ردّ الناس عمّا اعتقدوا... وفطامهم عن المألوف"( [3]) من خلال القدح في المقدّسات والتشكيك في الثوابت والانحراف بالمصطلحات عن معانيها والاستناد إلى الإسرائيليات والاستشهاد بالمرويّات الضعيفة والخلط بين الصحابة قبل إيمانهم وبعده، فليس من حقه أن يُلبِّس ويموِّه ويُغوي. الحرية ليست حرية التدليس. فهو إطلاقًا ليس مفكرًا مسلمًا بالمفهوم القرآني للعبارة..
مولده :
ولد(عبد المجيد الشرفي) في 23 يناير 1942 في صفاقس، متخصص في الحضارة الإسلامية.؟؟ ، حصل على دكتوراه في الآداب من جامعة تونس في 1982. بدأ تدريس الفكر والحضارة الإسلامية في الجامعة التونسية خلال سبعينات القرن العشرين. شغل منصب عميد لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس بين سنتي 1983 و1986. وكلف بين سنتي 1993 و1996 بمهمة متابعة الإصلاحات في وزارة التعليم العالي.؟؟ كان عضوا في اللجنة الوطنية للتقييم بين سنتي 1993 و1996، وفي مجلس المؤسسة العربية للفكر المعاصر. كما شغل كرسي اليونسكو للأديان المقارنة بين سنتي 1999 و2003.؟؟
عضو لجان تحرير عدة مجلات ، قدم العديد من المحاضرات حول العالم، وهو أستاذ زائر في العديد من الجامعات العربية والأوروبية : كجامعة باريس الرابعة ، وجامعة لايدن ، وجامعة روما سابينزا ، والمعهد البابوي للدراسات العربية والإسلامية.
عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي بين سنتي 1993 و1997، ثم بعد الثورة التونسية في 2011، عين عضوا في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي ، والانتقال الديمقراطي ، ثم في لجنة الحريات الفردية والمساواة.
مدير مجموعة معالم الحداثة لدار الجنوب للنشر ، انتخب في 15 ديسمبر 2015 كرئيس للمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون (مؤسسة بيت الحكمة) وهو حائز على العديد من الجوائز المحلية والعربية.
يبحث من خلال أعماله ودراسته على خلق المصالحة بين المسلم المعاصر والحداثة. كما يدافع من خلال كتاباته على ضرورة خلق حوار جدي بين الحضارات والأديان.
مؤلفاته :
لعبد المجيد الشرفي عدة مؤلفات منها :
- مقامع الصلبان، أحمد بن عبد الصمد الخزرجي، تحقيق ونقد وتقديم: عبد المجيد الشرفي، مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية، تونس، 1975.
- الرسالة العسجديّة في المعاني المؤيدية، عباس بن علي بن أبي عمر الصنعاني، تحقيق ونقد وتقديم: عبد المجيد الشرفي، الدار العربية للكتاب، تونس- طرابلس، 1975.
- الفكر الإسلامي في الردّ على النصارى إلى نهاية القرن الرابع عشر، تونس-الجزائر، 1986، دار المدار الإسلامي، بيروت، ط2، 2006.
- الإسلام والحداثة، الدار التونسية، تونس، 1990، وهذا الكتاب تُرجم للفارسية عام 2004 بطهران، وللإنجليزية عام 2011 بتونس.
5 - لبنات، دار الجنوب، تونس، 1994، وهو مجموعة من الدراسات المهمّة التي أنجزها الشرفي في مناسبات مختلفة، أهمها دراسته حول آيات الصوم في سورة البقرة، ودراسته «العلمنة في المجتمعات العربية والإسلامية الحديثة».
- الإسلام بين الرسالة والتاريخ، دار الطليعة، بيروت، ط1، 2001، ط2، 2008، وهو كتابه المركز الذي تناول فيه المفاهيم الرئيسة لخطابه «إسلام التاريخ» و«إسلام الرسالة» و«ختم النبوة من الداخل» و«ختم النبوة من الخارج»، وحدّد فيها خصائص الرسالة المحمدية كما يراها، والطريق نحو المعاصرة والإخلاص للقيم الحديثة مع الوفاء لمقاصد هذه الرسالة التي توافق بعض هذه القيم بالفعل وفقًا له.
- مستقبل الإسلام في الغرب والشرق، بالاشتراك مع مراد هوفمان، دار الفكر، دمشق، 2008.
8 - الثورة والحداثة والإسلام، دار الجنوب، تونس، ط1، 2011، والهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة، ط2، 2012، وقد تُرجِم للفرنسية في دار الجنوب بتونس عام 2012.
- مرجعيات الإسلام السياسي، التنوير، بيروت، 2014.
- أشرف على سلسة «الإسلام واحدًا ومتعددًا» الصادرة عن دار الطليعة، ومن أهم كتب هذه السلسة: :
الاسلام الخارجي : تأليف ناجية الوريمي بو عجيلة .
إسلام المتكلمين : تأليف محمد بو هلال .
الاسلام السني : تأليف : بسام الجمل .
الاسلام الشعبي تأليف زهية جويرو .
الاسلام الحركي : بحث في أدبيات الأحزاب والحركات الاسلامية ، تأليف : هبد الرحيم بو هاها .
اسلام الفلاسفة : تأليف منجي لسود
الاسلام في المدينة : تأليف بلقيس الرزيقي .
الاسلام الاسود : جنوب الصحراء الكبرى ، تأليف : محمد شقرون .
الاسلام الآسيوي : تأليف آمال قرامي .
اسلام الفقهاء : تأليف نادر الحمامي .
اسلام المتصوفة : تأليف / محمد بن الطيب ..
- أشرف على مشروع المصحف وقراءاته ( مؤسسة مؤمنون بلا حدود = المشبوهة )، المغرب 2016.
- المسلم في التاريخ (المجلد الأول)، منشورات كلية الآداب بمنوبة، 1998.
- المسلم في التاريخ (المجلد الثاني)، مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية، الدار البيضاء، 1999.
أباطيل وأسمار عبدالمجيد الشرفي :
حديث عبدالمجيد الشرفي عن جمع القرآن لا يختلف عن حديث جولد زيهر – المستشرق اليهودي المجري - ؟ في كتبه أبداً ، ومن الأخطاء العلمية قوله بأن الاختلاف في القراءات ناتج عن اختلاف اجتهادات الصحابة في أثناء جمع القرآن .
ونقول : هذا غير صحيح ..يبين جهله التام بعلم القراءات ، كبقية الحداثيين خاصة في العلوم الشرعية ، فقد اتفق القراء على أنَّ القراءة سنة متبعة ، يأخذها الخلف عن السلف ، تعتمد على المشافهة بين العالم والمتعلم، ولا ينفع فيها قياس ولا عربية، ولا أخذ من مصحف أو كتاب.
وقد عد العلماء أخذ العلم من الصحف من أنواع الجرح والثلم في الرواة، وقالوا:" لا تأخذ العلم من صُحُفي، ولا القرآن من مصحفي "
وهذا حماد الراوية، علامة الشعر وحافظه، حفظ القرآن من مصحف، فصَحَّف في نيّف وثلاثين حرفاً .
فإذا كان الأديب الجامع للأدب واللغة قد صحف في القرآن الكريم فغيره ممن لا علم له بالعربية أشد تصحيفاً، وأكثر تخليطاً.ولذلك أكد القراء على ضرورة الأخذ عن المشايخ، واتباع السلف في القراءة.
ومما ذكره المصنف عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال:" لولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرأت لقرأت حرف كذا وحرف كذا " رواه الأصمعي.
وقال أبو زَيد:" قلت لأبي عمرو: أكلَّمَا أخذته وقرأت به سمعته؟ قال: لو لم أسمعه لم أقرأ به، لأنَّ القراءة سنة ". وروي عنه أنه قال:" لم أزل أطلب أن أقرأ كما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - "
وقال أبو عبيد : والقراءة التي عليها الناس بالمدينة وبمكة والكوفة والبصرة والشام هي القراءة التي تلقوها عن أوليهم تلقياً، وقام بها في كل مصر من هذه الأمصار رجل ممن أخذ عن التابعين اجتمعت الخاصة والعامة على قراءته، وسلكوا فيها طريقه، وتمسكوا بمذاهبه، على ما رُوي عن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، ثم محمد ابن المنكدر، وعروة بن الزبير، وعامر الشعبي أجمعين أهـ .
قال أبو شامة:" يعني أنهم قالوا:" إن القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول فاقرؤوا كما علمتموه" أهـ .
ولذلك قال الخاقاني:
وإِنَّ لَنَا أَخْــذُ القِـرَاءَةِ سُـنَّة ..... عَنِ الأَوَّلِينَ المُقْرِئِـينَ ذَوِي الـسِّتْرِ
2 - انتقد محمد الطالبي وهو باحث تونسي في كتاب له بعنوان : "ليطمئن قلبي": انتقد الشرفي وأركون، - وأهل تونس أدرى بشعابها. - ، فقد تولى الطالبي بيان المقولات الأساسية في التنظير المنهجي الانسلاخسلامي لما سماه بمدرسة رفع القداسة عن القرآن، في كتابات عبد المجيد الشرفي :
فقال :
التنظير إلى أن الإسلام أنواع ــ"ليس هناك إسلام واحد عبر الزمان والمكان" بحسب ما يراه الشرفي، والإسلام عنده حركة تاريخية ذات صبغة دينية اتخذت أشكالاً متعددة، .. وهذا يفسح المجال لاعتبار التنظيرات الانسلاخسلامية أيضًا شكلاً من أشكال الإسلام المتعددة، وهكذا يتهيأ الناس لقبولها بدون تحفظ ولا حرج، أي أنه ليس هناك عقيدة معينة في مفهوم الرسالة والوحي والنبوة ولا في مفهوم القرآن، إذ ليس هناك (إسلام واحد)، وكذلك لا حاجة للالتزام بطقوس مفروضة، ولا لاحترام المحرمات، والمسلم في عرف الشرفي هو من انتمى لهذه الهوية التاريخية، والقصد قطع الجذور -كما يقول الشرفي- مع:"الوثوقيات كلها مهما اتسمت بسمات العلم أو غيره"، وواضح كما يذكر الطالبي أن في ذلك استدراج ذكي وخفي للمسلمين للانسلاخ عن الإسلام إيمانًا وعملاً وقد نظَّر الشرفي لهذه الفكرة في مشروع فكري بعنوان (الإسلام واحدًا ومتعددًا) شاركه فيه جمع من تلاميذه وتلميذاته ؟؟ 3 - استطاع عبد المجيد الشرفي من خلال عمله في الجامعة أن يفرض رؤيته الإلحادية على الطلبة والطالبات ، وقامت الطالبات من أمثال : نائلة السليني ، وألفة يوسف ، وناجية الوريمي وغيرهن ، بتطبيق مشروعه القائم على تاريخية النص القرآني ، وأخرج الطلبة عدة رسائل دكتوراه للنزول بمشروع الشرفي النظري لمستوى التجربة النصية ، والقارئ لهذه الرسائل يلحظ بُعدها عن الموضوعية العلمية ، وتعسفها والإسقاطات الأيديولوجية ، ولا أدري كيف أجازتها الجامعة ؟؟ ويقود الحديث عن النبوة إلى الحديث عن الرسالة الموحى بها، وآراء الشرفي في هذا الشأن لا تختلف كثيًرا عن آراء أركون ، فهو يعتقد أن لفظ القرآن لا يصح إطلاقه إلا على الرسالة الشفوية ، التي بلغها الرسول إلى الجماعة المؤمنة التي عاصرته، فالخطاب الشفوي للقرآن لم يصل إلينا ولا نعرف منه شيئًا، ولا عنه، فالقرآن الذي نقرأه اليوم ليس بالقرآن الشفوي الذي صدر عن محمد، لأن محمدًا لم يدون هذا الخطاب، ولم يأمر بتدوينه، يقول الشرفي: "فلفظ القرآن لا يصح أن يطلق حقيقة إلا على الرسالة الشفوية التي بلغها الرسول إلى الجماعة التي عاصرته، أما ما جمُع بعد وفاته في ترتيب مخصوص ودوِّن (بين دفتين) فمن المعروف أن الصحابة أنفسهم لم يكونوا متفقين في البداية حول مشروعية هذا الجمع الذي لم يقم به النبي ولم يأمر به( [4] ) أما المصحف فمن المعروف أن الصحابة أنفسهم لم يتفقوا بشأن الجمع؟ وقد فرض من قبل الخلفاء المسلمين ، وأحرقت المصاحف الأخرى كمصحف حفصة وغيره؟؟ وقد أوحى وجود مصاحف متعددة للشرفي بفكرة جديدة هي اختلافها عن المصحف المتداول ؟؟ ليس فقط في كيفية القراءة والرسم الإملائي للكلمة ، بل في المضمون كذلك؟؟ وعبر هذه الفكرة توصل الشرفي إلى نتيجتين:
الأولى: أن هنالك مصاحف أخرى استبعدت عمدًا تحت وطأة الصراعات الأيديولوجية، وهو ما يعني أن المصحف ليس إلا نصا واحدا ضمن نصوص دينية أخرى.
والثانية: أن الذكر الذي تكفل الله بحفظه هو: “مضمون الدعوة بما انطوت عليه من تبشير وإنذار، ومن توجيه وإرشاد ، وليس الألفاظ والتعابير التي صيغت فيها تلك الدعوة والتي دونت في ظرف معين ؟؟ وتنسب إلى قوم بأعيانهم، ولها نحوها وصرفها وقواعدها ، ولا تختلف في هذا المحتوى عن أي لغة أخرى”. وهكذا نزع الشرفي القداسة عن النص القرآني، وصيره نصا لا يختلف عن أي من النصوص الدينية الأخرى، وجعله قابلا لأن يدرس بنفس الأدوات والمناهج التي استعملت في مقاربة نصوص اليهودية والمسيحية.
ونقول :
كلام الشرفي فيه تدليس كثير ، ويحتاج إلى كلام كثير لرده وبيان كذبه .. فنقول أولا :
القرآن الكريم بين الشفاهي والمكتوب
كانت أطروحة ( ميلمان باري) (النعت التقليدي عند هوميروس) في عام (1928م) بمثابة الوثيقة المؤسسة لدراسة الفرق ما بين الشفاهي والمكتوب، وجاء بعده ( ولتر أونج ) المتمم للنظرية الشفاهية والكتابية في الأدب ، ثم جاءت الكاتبة والمستشرقة الألمانية( أنجيليكا نويفرت ) (1943م) لتطبق نظرية الشفاهي والمكتوب على ما يسمى بـ(القرآن والمصحف ) ، بعد ذلك تلقف الحداثيون العرب هذه النظرية (الشفاهي والمكتوب) ليطبقوها في كل مقالاتهم وأطروحاتهم، ويعدوها من المسلمات عندهم وكأنها الفتح الكبير!؟وهي في حقيقتها مما قاءه المستشرقون ؟! ما بين القرآن والمصحف : إن جميع الأطروحات النقدية للقرآن الكريم من زمن نزوله وإلى يومنا هذا ، هدفها رفع القداسة عن القرآن الكريم، ولأجل ذلك تجد أعداء القرآن الكريم وفي كل يوم يأتون بنظرية جديدة، فيسرقون نظريات الأدب ، ونظريات الشعر، ونظريات النقد ، ويُلَوِّنونها بألوان باهتة ، ويلبسونها ملابس ليست لها ليسقطوها على القرآن الكريم، والمصيبة أنهم يتفاخرون بذلك وكأنهم جاءوا بفتح جديد!؟
على أثر ذلك كتب الكاتب التونسي يوسف صديق أطروحته التي ليست إلا تكرارا واجترارا لمقولات المستشرقين وغيرهم . ويتبنى يوسف صديق ، كالشرفي ، وناشيد نظرية الفرق ما بين القرآن (الشفاهي)الذي خوطب به محمد – صلى الله عليه وسلم - ، وبين القرآن (المكتوب)الذي كتب في الصحف، فهو إذن عمل بشري ؟؟ أي أن القرآن الذي خوطب به محمد – صلى الله عليه وسلم - يختلف عن المصحف الموجود حالياً وهو المصحف العثماني الذي جمعه غثمان – رضي الله عنه - ، وليس المصحف الأول الذي جاء به النبي الأكرم ، وهذا الكلام ليس بالكلام الجديد مطلقاً، بل هو مكرر، أو مسروق، ولو تتبعنا قوله وقول الملحد المغربي سعيد ناشيد، وقول الشرفي ـ على سبيل المثال ـ لم نعرف من الذي سرق من الآخر؟ مع أن هذا الكلام قال به قبلهما الكثير من المستشرقين الذين ذكرناهم سابقا ، كما تبناه المدعو كريستوفر لكسمبورغ،( [5] ) والذي لديه إشكالات على اللغة العربية، وعلى مسألة نشأة قواعدها، وعلى نشأة المعاجم، وبعض التفسيرات التي أضحكت المستشرقين أنفسهم كتفسيره الحور العين بالعنب الأبيض ؟؟ وما شاكل ذلك، ليأتي يوسف صديق ومن تابعه ليأخذها أو يسرقها ويتبناها وكأنها من بنات أفكاره. وثمة إشكال رئيس يثيره الوحي لدى الشرفي هو : هل كان الوحي الذي يتلقاه النبي - صلوات الله عليه - “كلام الله يؤديه في لغة بشرية أو هو كلام الله وكلامه -صلى الله عليه وسلم- في الآن نفسه”. أو بعبارة أخرى هل كان الوحي باللفظ والمعنى معا أم بالمعنى فقط، وهو يرجح أنه كان بالمعنى دون اللفظ مستندا على رأي شاذ ورد في كتاب الاتقان يذكر أن جبريل إنما نزل بالمعاني دون الألفاظ، وقد علق السيوطي عليه بأن قائله “تمسك بظاهر قوله تعالى نزل به الروح الأمين على قلبك”. ورغم أنه رأي وحيد وشاذ إلا أن الشرفي يعتقد أنه أقرب الآراء إلى المعقولية الحديثة، وأنه يصلح منطلقا لتفكير متجدد مع الوحي “يحافظ في القرآن على بعده الإلهي المفارق من دون تجسيم، وعلى بعده الإلهي البشري الطبيعي بتاريخيته ونسبيته، غير فاصل بين البعدين أو مقص لأحدهما أو مضخم له على حساب الآخر”. وحظي مفهوم النبوة باهتمام مماثل من الشرفي، وهو ينطلق في مقاربته من مسلمة أولية وهي أن معنى النبوة يتغير بتغير الأديان والثقافات وحتى الأزمنة لأنه يحيل على تجارب تاريخية لا يمكن استعادتها، قام بها بشر -أنبياء- اختلطت في سيرهم ما هو أسطوري بما هو واقعي، وهو ما لا تخلو منه سيرة النبي - - صلى الله عليه وسلم- مرجعا ذلك إلى وجود فجوات وانقطاعات في حياته قبل البعثة ملأتها الأسطورة، ومن أمثلتها ديانته قبل البعثة التي يرجح أنها كانت عبادة الأوثان؟؟!! حيث أن “قوانين الاجتماع الإنساني لا تفرض سوى هذا السلوك العادي الذي يجعل الطفل قبل بلوغه مرحلة التمييز مقلدا لما يرى الآخرين يفعلونه”. والنبوة عند الشرفي ليست تكليفا إلهيا وإنما هي كذلك استعداد بشري، فمؤهلات النبي - صلى الله عليه وسلم - الخُلقية، واتساع مداركه الذي ساهمت فيه رحلاته التجارية، وصلاته بأحناف الجزيرة العربية، وقدراته الإقناعية والخطابية كل هذه صفات ذاتية جعلته أكثر قابلية للنبوة، وبحسب الشرفي فإنه لا تعارض بين الاصطفاء الإلهي والاستعداد البشري والفارق بينهما يكمن في أن من يقول بالاصطفاء يقبله عن طريق الإيمان فلا يمكن الاستدلال عليه عقليا، أما الاستعداد فهو يقع تحت طائلة الاختيار والفحص التاريخي”. ويقود الحديث عن النبوة إلى الحديث عن الرسالة الموحى بها، وآراء الشرفي في هذا الشأن لا تختلف كثيًرا عن آراء أركون وبقية القطيع ، فهو يعتقد أن لفظ القرآن لا يصح إطلاقه إلا على الرسالة الشفوية التي بلغها الرسول إلى الجماعة التي عاصرته، أما المصحف فمن المعروف أن الصحابة أنفسهم لم يتفقوا بشأن الجمع، وقد فرض من قبل الخلفاء المسلمين وأحرقت المصاحف الأخرى كمصحف حفصة وغيره، وقد أوحى وجود مصاحف متعددة للشرفي بفكرة جديدة هي اختلافها عن المصحف المتداول ليس فقط في كيفية القراءة والرسم الإملائي للكلمة بل في المضمون كذلك، وعبر هذه الفكرة توصل الشرفي إلى نتيجتين: الأولى، أن هنالك مصاحف أخرى استبعدت عمدًا تحت وطأة الصراعات الأيديولوجية، وهو ما يعني أن المصحف ليس إلا نصا واحدا ضمن نصوص دينية أخرى. والثانية، أن الذكر الذي تكفل الله بحفظه هو: “مضمون الدعوة بما انطوت عليه من تبشير وإنذار ومن توجيه وإرشاد وليس الألفاظ والتعابير التي صيغت فيها تلك الدعوة ، والتي دونت في ظرف معين وتنسب إلى قوم بأعيانهم، ولها نحوها وصرفها وقواعدها ولا تختلف في هذا المحتوى عن أي لغة أخرى”. وهكذا نزع الشرفي القداسة عن النص القرآني، وصيره نصا لا يختلف عن أي من النصوص الدينية الأخرى، وجعله قابلا لأن يدرس بنفس الأدوات والمناهج التي استعملت في مقاربة نصوص اليهودية والمسيحية.
وفي هذا المجال وَرَداً على دعوى بشرية القرآن الكريم يقول الأستاذ محمد عبد الرحمن سلامة: ( فالوحي القرآني ليس كلاماً بشرياً لتطبق عليه نظرية تقابل الشفاهية – الكتابية، ذلك أن هذا التقابل قائم في شِقِّه الشفاهي على البحث عن أدوات التفكير والتعبير لدى من لا يعرفون الكتابة. والوحي القرآني ليس ناتجاً عن تفكير بشري، وليس نتاجاً بشرياً، بل كلام إلهي نصاً ومعنى، والدور البشري مقتصر على التلقي والحفظ، وإن كان يمكن إطلاق لفظ الشفاهية على مشافهة الرسول الملكي للرسول البشري بالوحي، فالقرآن لم ينزل كنص مكتوب من السماء، بل منجماً سماعاً من الرسول الملكي. ومن هنا يمكن القول بأن الشفاهية بمعنى التلقي الشفاهي ، لا بمعنى الناتج الشفاهي أصل الوحي القرآني، وهو ما تؤكده النصوص الصحيحة الثابتة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذا الشأن)([6]) نعم، إن القرآن الكريم ليس كلاماً بشرياً، وليس هناك دليل على انه كلام بشري، بل ليس هناك أي دليل وجود تفاوت فيه، وإلا فإنه ومنذ 1400سنة أطلق القرآن الكريم التحدي للإتيان بمثله ، أوبمثل أقصر سورة من سوره، ولم يستطع أحد أن يأتي بذلك، ولو استطاع أحد ذلك لانتشر كلامه ولوصلنا، فإن ذلك أكبر دليل على عدم قدرة البشر على معارضته أو نقضه.
وثانيا :
زعم عبد المجيد الشرفي أن الصحابة أنفسهم لم يتفقوا بشأن الجمع؟ وقد فرض من قبل الخلفاء المسلمين ، وأحرقت المصاحف الأخرى كمصحف حفصة وغيره؟؟ وقد أوحى وجود مصاحف متعددة للشرفي بفكرة جديدة هي اختلافها عن المصحف المتداول ؟؟ ليس فقط في كيفية القراءة والرسم الإملائي للكلمة ، بل في المضمون كذلك؟؟
ونقول :
إن الطالبي مصيب فيما قاله عن الشرفي وتلاميذه في كتابه : ليطمئن قلبي ؟؟ بأنّ الهدف الذي يعمل الشرفي على بلوغه هو وتلامذته ما ذكره في كتابه "الإسلام بين الرسالة والتاريخ" وهو "ردّ الناس عمّا اعتقدوا... وفطامهم عن المألوف"( [7] ) من خلال القدح في المقدّسات ، والتشكيك في الثوابت ، والانحراف بالمصطلحات عن معانيها ، والاستناد إلى الإسرائيليات ، والاستشهاد بالمرويّات الضعيفة ، والخلط بين الصحابة قبل إيمانهم وبعده،
أما قوله : ( أن الصحابة أنفسهم لم يتفقوا بشأن الجمع؟ وقد فرض من قبل الخلفاء المسلمين ، وأحرقت المصاحف الأخرى كمصحف حفصة وغيره؟) ففيه تدليس وكذب وتزوير ، وتشويه للحقائق ..وجهل بكيفية جمع القرآن الكريم فنقول :
مر جمع القرآن بمراحل ثلاث هي :-
1- جمعه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- .
2- جمعه في عهد أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- .
3- جمعه في عهد عثمان -رضي الله عنه -.
وسنتحدث عن كل جمع منها مبينين دواعيه وأسبابه ومميزاته .
جمع القرآن في عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-
جمع القرآن في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكلتا الوسيلتين .. الحفظ في الصدور ... والكتابة في السطور .
1- جمع القرآن في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم - بمعنى حفظه في الصدور :-
كان القرآن ينزل على النبي-صلى الله عليه وسلم- منجما ،( أي قطعا صغيرة غالب ) فيقرأه على أصحابه ، وكان شديد الحرص على حفظه واستظهاره فور سماع ألفاظه من جبريل - عليه السلام -، يدلنا على ذلك ما رواه البخاري بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم -كان يعالج من التنزيل شدة ، وكان يحرك به شفتيه ، فأنزل الله ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه وقرآنه ) قال: يقول : إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرؤه(فاذا قرأناه) يقول:- اذا أنزلناه عليك ( فاتبع قرآنه) فاستمع وأنصت ( ثم ان علينا بيانه ) أن نبينه بلسانك ، وفي لفظ :علينا أن نقرأه ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك اذا أتاه جبريل أطرق ، وفي لفظ : استمع ..فاذا ذهب قرأه كما وعد الله ) ([8])..
ثم انه - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأه على صحابته في تؤدة وتمهل ،كي يحفظوا لفظه ويفهموا معناه ، وكان الصحابة يتسابقون في حفظه وتدبر معانيه ومما ساعدهم على سرعة حفظه دون مشقة ، ظروف العرب أنفسهم الطبيعية وما فيها من صفاء وسعة ، تدعو الى نشاط الذهن وصفاء القريحة . كما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يبعث الى من كان بعيدا من يقرئهم ويعلمهم القرآن ، فقد بعث مصعب بن عمير وعبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنهما- الى أهل المدينة قبل هجرته -صلى الله عليه وسلم- يعلمانهم الإسلام ويقرئانهم القرآن ،وأرسل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- الى مكة بعد هجرته للتحفيظ والإقراء ([9]) .
جمع القرآن بمعنى كتابته في السطور في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم
نزل القرآن على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – شيئا فشيئا ، الآية ، والآيتين والسورة ، وكان كلما نزل شيء بادر النبي – صلى الله عليه وسلم – بتبليغه لأصحابه ، وكان يملي على كتبة الوحي ما ينزل عليه من القرآن ، فكُتب القرآن كله في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم - ، لكنه لم يكن مرتب السور ، ولا مجموعا بين دفتين ، بل كان مفرقا في العسب ، والرقاع ، واللخاف ، والأقتاب ونحوها ، مع كونه محفوظا في الصدور . .. روى الحاكم عن زيد بن ثابت قال : ( كنت أكتب الوحي عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو يملي علي ، فإذا فرغت قال : إقرأه ، فإذا كان فيه سقط أقامه ..) ([10]).
وروى الإمام أحمد ، وأصحاب السنن الثلاثة ، وصححه ابن حبان ، والحاكم ، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن عثمان – رضي الله عنه - قال : - ( كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مما يأتي عليه من الزمان ، ينزل عليه من السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول : ضعوا هذا في السورة التي فيها كذا … ) ([11]) .
فهذه الأحاديث تدل على أن القرآن قد كتب بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وما نزل شيء من القرآن – آية أو سورة - إلا وضع موضعه بتوقيفه ، وإعلام الصحابة بذلك .
مميزات كتابة القرآن في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - :
امتازت كتابة القرآن في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالأمور التالية :
أولا : - أنه لم يكن مجموعا في مصحف واحد .
ثانيا : - أنه لم يكن مرتب الآيات والسور .
ثالثا : - إن بعض الصحابة كتب بعض الآيات النسوخة تلاوة في مصاحفهم الخاصة ، وبعضهم كتب بجانب الآيات بعض ما أثر عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من تفسير لها ، وبعضهم كتب ما هو ثابت بخبر الواحد ، ولم يقتصر على ما ثبت بالتواتر .
لماذا لم يجمع الرسول – صلى الله عليه وسلم – القرآن في مكان واحد ..؟
لم يلحق الرسول – صلى الله عليه وسلم – بالرفيق العلى إلا وقد دون القرآن كله ، ولكنه لم يجمعه بين دفتين للأسباب التالية :-
قال الزركشي : ( وإنما ترك جمعه في مصحف واحد ، لأن النسخ كان يرد على بعض الآيات ، فلو جمعه ثم رفعت تلاوة بعضها لأدى ذلك إلى الاختلاف ، واختلاط الدين ، فحفظه الله في القلوب إلى انقضاء زمان النسخ ، ثم وفق الله لجمعه الخلفاء الراشدين .. ) ([12])
إن الحاجة إلى الجمع في مكان واحد لم تكن إلا في عهد الصديق – رضي الله عنه - ، حين خيف ذهاب القرآن ( أي حروفه ولهجاته التي نزل بها )بموت حفظته ، وأما في حياته – عليه الصلاة والسلام – فلا خوف ، إذ الوحي لا يزال يتنزل ، والرسول –صلى الله عليه وسلم –يعلمهم القرآن ويذكرهم به ،والصحابة يحفظونه ويتدارسونه ، فالفتنة مأمونة كما أسلفنا . فلما انتقل الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى الرفيق الأعلى ، ألهم الله الخلفاء الراشدين جمعه وفاء لوعده بضمان حفظه ، فظل كما أنزله الله على رسوله – صلى الله عليه وسلم – من غير زيادة ولا نقصان ، ولا تقديم ولا تأخير .([13])
جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق – رضي الله عنه - :
انتقل الرسول – صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ، والقرآن كله كان محفوظا في الصدور ، ومكتوبا في السطور ، إلا أنه كان متفرقا ، غير مجموع بين دفتين ، وأول من جمعه بين دفتين في مصحف واحد بعد وفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم – هو : أبو بكر الصديق – رضي الله عنه – بإشارة من عمر – رضي الله عنه - ، لما استحر ( أي : اشتد ) القتل بالقراء يوم اليمامة ، في أواخر العام الحادي عشر للهجرة ، فخشي عمر – رضي الله عنه – أن يتكرر مثل هذا في المستقبل ، وقد يكون عند من يستشهد منهم شيء من القرآن( أي حروفه التي نزل بها ) لا يحفظه غيره ، وليس ببعيد أن يفقد مع استشهادهم قطع كتب عليها شيء من القرآن بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وقد يكون ما كتب في هذه القطع لا يحفظه إلا القراء الذين استشهدوا ، وبذلك يضيع شيء من القرآن . فأشار عمر – رضي الله عنه - على أبي بكر– رضي الله عنه - بجمع القرآن في صحف متماثلة المقدار ، ثم يجعلها بين دفتين حتى يمكن صيانتها من الضياع . .فندبا زيد بن ثابت – رضي الله عنه – إلى ذلك ، فجمعه مرتب الآيات غير مرتب السور ، بعد تعب شديد .. ، . وكان زيد لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان ، فقد قال أبو بكر لعمر ولزيد : اقعدا على باب المسجد ، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكنباه ) ([14]). قال ابن ححر : وكان المراد بالشاهدين : شاهد الحفظ ، وشاهد الكتابة . وقال السخاوي : المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وعلى أنه من الوجوه ( اللهجات )التي نزل بها القرآن ([15]) .
وقد يتساءل سائل : لماذا لم يأمر أبو بكر أو عمر – رضي الله عنهما – الناس أن ينسخوا مصاحف مما كتبه زيد بن ثابت ..؟ ولماذا لم يحرص كبار الصحابة على أن يكون لدى كل واحد منهم ، أو لدى بعضهم على الأقل نسخة من هذه الصحف التي تتضمن كتاب الله ..؟
فيجاب : إن أبا بكر – رضي الله عنه – لم يجمع القرآن لحدوث خلل في قراءته ، وإنما جمعه خوفا من ذهاب حملته باستشهادهم في الغزوات ، وكان جمعه له بالأحرف السبعة ، والناس يقرأون بها إلى زمن عثمان – رضي الله عنه - ، فلا يختلف مصحف أبي بكر عما يقرؤه الناس ويحفظونه ، فلا داعي إذن لحمل الناس على مصحفه ..
أما عثمان : فإنه لم يجمع القرآن إلا بعد أن رأى اختلاف الناس في قراءته ، حتى أن بعضهم كان يقول للبعض الآخر : إن قراءتي خير من قراءتك ،( أي حرفي أو لهجتي خير من حرفك أو لهجتك ) وكان جمعه له بحرف واحد وهو حرف قريش الذي نزل به القرآن ابتداء ، وترك الأحرف الستة الباقية ، فكان من الواجب حمل الناس على اتباع مصحفه ، وعلى قراءته بحرف واحد فقط ، قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى ،
مزايا جمع أبي بكر
لجمع القرآن في عهد أبي كر مزايا عديدة منها : -
اقتصر في هذا الجمع على ما لم تنسخ تلاوته – عند القائلين بنسخ التلاوة - ، وجرد من كل ما ليس بقرآن .
لم يكتب فيها إلا ما اجمع الصحابة على أنه قرآن ، وتواترت روايته ، فقد جاءهم عمر- رضي الله عنه – بآية الرجم فلم يكتبوها ؟ مع شهادة عمر بها ، ورؤيتهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو يرجم ، ومع معرفتهم بأنها من فرائض الله ، إلا أنهم لم يكتبوها لأن عمر – رضي الله عنه – جاء بها وحده . ([16])
رتبت الآيات دون السور ، ثم جمعت هذه الصحف بين دفتين ([17]).
جمع القرآن في عهد عثمان – رضي الله عنه وأرضاه –
إذا كان أبو بكر الصديق – رضي الله عن – أول مجدد لأمر الإسلام بأعماله الحاسمة ، ومواقفه الخالدة في أحداث الردة ، فإن عثمان – رضي الله عنه – أول مصلح في الإسلام قام بأعظم عمل قلد به الأمة الإسلامية أجل المِنن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بجمعه القرآن الكريم على حرف واحد ، وتوحيد المصاحف ، وجمع كلمة الأمة على نص موحد لدستورها ، المهيمن على مناحي حياتها ، ما تعاور عليها الليل والنهار ، وكرت بها السنون والأحقاب . وقد اقتصر فيه على لغة قريش التي نزل القرآن بها ابتداء ، بعد مشورة أهل الرأي من الصحابة .
الفرق بين جمع عثمان وبين جمع أبي بكر – رضي الله عنهما -
هناك بعض الفروق بين جمع عثمان وجمع أبي بكر منها : -
1 - قال ابن التين وغيره : ( الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان : أن جمع أبي بكر كان خشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته ، لأنه لم يكن مجموعا في موضع واحد ، فجمعه في صحائف، مُرتباً لآياته على نحو ما علمهم النبي – صلى الله عليه وسلم - وقفهم عليه ، وجمعُ عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة ، حتى قرأوه بلغاتهم على اتساع اللغات ، فأدى ذلك إلى تخطئة بعضهم البعض الآخر ، فخشي من تفاقم الأمر في ذلك ، فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد ، مرتبا لسوره ، واقنصر من سائر اللغات على لغة قريش ، محتجا بأنه نزل بلغتهم ، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر ، فرأى أن الحاجة إلى ذلك قد انتهت ، فاقتصر على لغة واحدة ..) ([18])
وذلك بعد أن زالت تلك الضرورة التي استوجبت القراءة بالأحرف السبعة ، دفعا لغائلة الفتنة بين أبناء الأمة ، وصونا لعقيدتها عن سوء مغبة الخلاف .
- إن الصديق أبابكر أمر بكتابة نسخة واحدة لتبقى في دار الخلافة مرجعا للمسلمين ، أما عثمان فأمر بكتابة بضعة نسخ ، ووزعها على الأمصار الإسلامية ، وأرسل مع كل نسخة قارئا حافظا لتعليمهم .
جمع أبي بكر للقرآن كان نقلا لما كان مفرقا في الرقاع وغيرها ، وجمعها بين دفتين ، أما جمع عثمان فكان نسخا للمصحف الذي جمعه أبو بكر ، مع الاقتصار على حرف واحد ، وهو حرف قريش ، بعد زوال الضرورة التي استدعت قراءته بالأحرف السبعة ([19]) .
كان جمع عثمان فيه ترتيب للسور والآيات كما هو مكتوب الآن في المصاحف التي بين أيدينا .
فإن قيل : - لِمَ لْم يحرق عثمان – رضي الله عنه – الصحف البكرية التي عند حفصة ، كما أحرق غيرها من مصاحف الأفراد ..؟
ويجاب : - لأن تلك الصحف كانت لها صفة رسمية ، وانعقد عليها الإجماع ، وهي أصل المصحف العثماني الذي انتقلت إليه الصفة الرسمية ، فكان من الخير أن يبقيها حتى يتم ذيوع هذا المصحف بين عامة المسلمين وخاصتهم ، ويأخذ مكانه في مدارساتهم ، وتعلمهم ، وتعليمهم ، ولتقوم الحجة بتلك الصحف على من تحدثه نفسه بشق عصا الطاعة ، ورجع الأمة إلى الخلاف .
جاء في كلام – بدر الدين العيني - :
فإن قيل : فما قصد عثمان بإحضار الصحف من بيت حفصة ، وقد كان زيد بن ثابت ومن أضيف إليه – ليعاونه – من حفاظها …؟
قيل : - الغرض من ذلك سد باب القالة ، ولئلا يزعم زاعم أن في الصحف قرآنا لم يكتب ، ولئلا يرى إنسان فيما كتبوه شيئا مما لم يقرأ به فينكره ، فالصحف شاهدة لجميع ما كتبوه ، ولذلك عندما انتهى هذا الدور ، بمرور عهد الخلافة العثمانية ، وعهد خلافة علي – كرم الله وجهه – وقام بالأمر معاوية – رضي الله عنه - ، طلب – مروان بن الحكم - ، وكان واليا على المدينة من قبل معاوية – هذه الصحف فغسلها .
قال ابن شهاب الزهري ، كما رواه ابن حجر ، أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر قال : - كان مروان يرسل إلى حفصة يسألها الصحف التي كتب فيها القرآن ، فتأبى أن تعطيه ، فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها ، أرسل مروان بالعزيمة إلى عبد الله بن عمر ليرسلن إليه تلك الصحف ، فأرسل بها إليه ، فأمر بها مروان فشققت وغُسلت ، وقال : - إنما فعلت ذلك لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب .. ) ([20])
وفي عمل مروان بن الحكم ، وغسله الصحف وتشقيقها بعد وفاة أم المؤمنين حفصة – رضي الله عنها – لفتة من لفتات العقل الوثاب ، يرشد إلى ذلك التعليل الفاحص الذي يشعر بصحة هذا العمل الخطير من عمل عثمان – رضي الله عنه - . وبقاء الصحف البكرية عند حفصة إلى عهد معاوية ، وولاية مروان على المدينة ، وقد جاوزت فيما تخطت من عهود الخلاف عهد أمير المؤمنين علي – كرم الله وجهه ورضي عنه - ، رافع لكل شبهة تختلج في صدور مرضى القلوب … كالعلمانيين والحداثيين .
مقارنة بين جمع القرآن في عهوده الثلاثة
كتب القرآن في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – لكنه لم يجمع في مكان واحد إلا بعد وفاته ، ولم يجمع في مكان واحد إلا في عهد أبي بكر وعثمان ، وكان في عهوده الثلاثة مجردا من النقط والشكل ، والأعشار ، والأحزاب .
لم يكن القرآن في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – مرتب الآيات والسور ، أما في عهد أبي بكر – رضي الله عنه – فقد كان مرتب الآيات دون السور ، وفي عهد عثمان– رضي الله عنه – رتبت آياته وسوره. ([21]) 3 - جرد القرآن من المنسوخ في عهود جمعه الثلاثة ، ففي عهد النبي – صلى الله عليه وسلم –لم يترك صحيفة فيها منسوخ التلاوة – على رأي من قال بذلك - ، أما في عهدي أبي بكر وعثمان فلأن زمن النسخ قد انقضى بوفاة الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، وعرف الناسخ والمنسوخ
4 - كتب القرآن في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – وعهد أبي بكر بالوجوه التي نزل بها القرآن ، والمعبر عنها بالأحرف السبعة ، أما في عهد عثمان – رضي الله عنه – فكتب بحرف قريش خاصة . وكان بعضهم يكتب لنفسه أحيانا حسبما تلقى من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بما يوافق لغته من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ، ولما حصل الخلاف زمن عثمان ، أحرق عثمان تلك المصاحف ، وأبقى حرف قريش خاصة ، الذي نزل به القرآن ابتداء
5 - كان جمع القرآن في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – مع أنه محفوظ في الصدور ، لكمال العناية به ، ولحفظه ، وصيانته . وكان جمع أبي بكر للقرآن خشية ضياع شيء من القرآن بموت حفظته في المواطن ، وفي ميادين الجهاد ، ولتكون الصحف مرجعا يرجعون اليه عند الحاجة .
وأما جمع عثمان : فقد كان لرفع الخلاف الناجم في قراءة الأحرف السبعة ، فجمعه على حرف قريش الذي نزل به القرآن ابتداء ..
الشبه الواردة على جمع القرآن …. وتفنيدها
تمسك بعض الطاعنين على جمع القرآن بشبه صَوَّرتها لهم أوهامهم ، وسنورد بعضها ، ونتبعها بالنقد والرد ..
أولا : - قالوا : كيف يكون جمع القرآن على ملأ من الصحابة واتفاقهم ، مع كراهية عبد الله بن مسعود لتولي زيد بن ثابت نسخ المصاحف ، وقوله : ( يا معشر المسلمين : أعزل عن نسخ المصاحف ، ويتولاه رجل ، والله لقد أسلمت وإنه لفي صُلب رجل كافر – يريد زيد بن ثابت - ، فهذا يدل على أنه لم يكن موافقا على هذا الجمع …!؟
ويجاب : - بأن قول ابن مسعود هذا لا يفيد إلا أنه كان يرى أنه أحق بالتقدم في هذا الشأن عن زيد بن ثابت ، رجاء زيادة المثوبة في جمع القرآن ، ولم يبدُ منه ما يدل على عدم الموافقة على جمع القرآن ، ولا شك أنه بعد زوال الغضب عنه ، عرف حسن اختيار عثمان – رضي الله عنه – ومن معه من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، ووافق على اختيارهم ، وترك الخلاف .
ثانيا : - قيل : إن القرآن قد زيد فيه ما ليس منه ، يدل على ذلك ما ورد أن عبد الله بن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه ...... وفي رواية : كان يحك المعوذتين من مصاحفه ([22]) وعلى ذلك فيكون القرآن قد زيد فيه ما ليس منه ، وهو : المعوذتان اللتان لم يكتبهما ابن مسعود في مصحفه ، بل ورد أنه أنكر كونهما من كتاب الله تعالى .
ويجاب عن ذلك بوجوه .. : -
لا نسلم بصحة تلك الروايات عن عبد الله بن مسعود ، فلا يعول عليها ، بل ذهب الإمام النووي وابن حزم ،والرازي ، إلى أن النقل عن ابن مسعود من إنكار المعوذتين كذب باطل . إلا أن الحافظ ابن حجر عقب على ذلك بقوله : - ( والطعن في الروايات الصحيحة بغير سند لا يقبل بل الرواية صحيحة ، والتأويل محتمل ..) [23]
ويحتمل أن إنكار ابن مسعود لقرآنية المعوذتين والفاتحة ، كان قبل علمه بذلك ، فلما تبين له قرآنيتها بعد ذلك آمن بأنها من القرآن ، لأن قراءات القراء ( عاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف ) عن ابن مسعود ، ثبت فيها المعوذتان والفاتحة ، وقصارى ما نقل عنه أنه لم يكتبها في مصحفه ، وهذا لا يدل على إنكارها ([24]) .
3-على فرض صحة إنكار ابن مسعود قرآنيتها ، فهي رواية آحاد عن ابن مسعود ، وتعارض القطعي الثابت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وهو كونها من القرآن
4- وعلى فرض صحة ما روي عن ابن مسعود كذلك ، فمخالفته غير قادحة في العلم والقطع بكونها من القرآن ، لأنه ليس المعتبر في العلم بصحة النقل ، والقطع على ثبوته أن لا يخالف فيه مخالف ، وإنما المعتبر في ذلك مجيئه عن قوم يثبت بهم التواتر ، وتقوم بهم الحجة .
ثالثا : - هناك شبهة ارتفعت قديما إلى أدمغة المنحرفين ، فأطالوا رشاءها ، وتَزَيَّد فيها آخرهم عن أولهم ، وهي في الواقع لا تقوم على أساس من العلم ، ولا تعتمد على نظر من العقل .. ذلك أن المنحرفين نقلوا عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – أنه أنكر أشد الإنكار على عثمان أن يجمع الناس على مصحف واحد ، وأن يحرق ما سواه ، وهذا النكير الذي زعموه كان من ابن مسعود ، لم يظهر له أثر في الوجود إلا بعد أن لعبت وساوس – الفتنة السبئية – بالأفكار في أواخر عهد عثمان – رضي الله عنه - ، وعبثت الأهواء بالقلوب ، فتبلبلت العقول ، وغلب الغوغاء على أهل الرأي ، فقادوا اليهم الفتنة السبئية الشوهاء ، بخطام الهوى والإفساد ، وإلا فليقل لنا أولئك المفتونون أين كان – ابن مسعود – يوم الجمع الأول في خلافة الصديق – رضي الله عنه - ؟ وأين كان في خلافة عمر – رضي الله عنه -.؟ والصحف التي جمعها زيد بن ثابت وعزل هو عنها ، انتقلت إلى عمر بعد أبي بكر ، هل سمع الناس هذه الضجة التي نسبوها إلى هذا الصحابي الجليل طوال عهدي الخليفتين : الصديق ، والفاروق ..؟
وأحب أن أنبه القارىء الفطن على أن زيد بن ثابت تولى جمع القرآن في خلافة أبي بكر بأمره ، واقتراح عمر ، وإلحاحهما ، والصحابة كثرة متوافرة العدد ، وفيهم المئون من الحفاظ للقرآن ، والخليفة الأول ووزيره القوي الأمين عمر بن الخطاب ، وجميع من شهد الجمع من المهاجرين والأنصار كانوا يرون – عبد الله بن مسعود – يروح ويغدو بين المسلمين ، واستقر أمرهم على إسناد هذا العبء الخطير إلى زيد بن ثابت ، فلم يرتفع صوت الإنكار على هذا الإختيار الموفق الرشيد .
ورشح الخليفة زيدا لهذا المنصب الجليل بشهادته العظمى ، وذكر له من الصفات ما يميزه عن غيره في مهمته ، وقام – زيد – بمهمته خير قيام ، بعد أن حاول أشد المحاولة التخلص منها ، فلم يزد ذلك الخليفة ووزيره إلا إصرارا وإلحاحا وتصميما على اختياره ، دون العدول عنه إلى غيره ، وكانا يرعيانه رعاية إرشاد ، والأمة من ورائهم . .. فهل عرف التاريخ أن أحدا من الناس سواء أكان – عبد الله بن مسعود - أم غيره ، ارتفع له صوت بالإنكار على اختيار أبي بكر وعمر لزيد بن ثابت جامعا للقرآن في الصحف الأولى …؟ وفي الأمة من أفذاذ التاريخ علما وعملا ، وفضلا ، وجهرا بالحق .. العدد المتواتر .. ؟ ولو كان الأمر مما يتوجه إليه بالإنكار لكان وقت الجمع الأول في خلافة الصديق ، ووزارة عمر ، أصح الأوقات للإنكار ، ولكان عبد الله بن مسعود وأقرانه من حفظة القرآن ، أجدر الناس برفع الصوت بهذا الإنكار في ذلك الوقت الصالح للنظر والقبول ، ولكننا لم نعثر في طوايا ما راجعناه للبحث من أصول ، ولا فيما قرأنا مما كتبه الباحثون من القدماء والمحدثين ، على ما يفيد وقوع شيء من الإنكار إطلاقا ، فهذه الضجة لم تظهر إلا بعد أن تولى عثمان الخلافة ، وبعد أن عزل – ابن مسعود – عن الكوفة ، وتولاها – الوليد بن عقبة - ، بل إنها لم تظهر إلا بعد استفحال الشر السبئي ، وظهور قرن الشيطان في آخر عهد عثمان – رضي الله عنه - .
ونشك أشد الشك في صدور مثل هذا الإنكار من – ابن مسعود - ، لأنه في عقله ، وعلمه ، وفضله ، ومكانه في الإسلام ، أكبر من أن يصدر منه هذا الذي زعموه فيه ، وليست المسألة مسألة عزل ابن مسعود عن نسخ المصاحف وتوليتها زيدا ، ولكن المسألة مسألة عاصفة من عواصف الفتنة العمياء التي أثارها السبئيون في المجتمع المضطرب على إمامه العادل ، وخليفته الراشد . وعثمان – رضي الله عنه – في ثقته بزيد ، مستن سنة الشيخين من قبل : أبو بكر ، وعمر ، والشيخان قد اختارا زيدا على مسمع الأمة وبصرها ، فلم يسمعا فيه همسا … والأمة التي أنكرت على الصديق أول الأمر استمرار إمارة – أسامة بن زيد – [على جيش أعده رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعقد لأسامة لواء قيادته ] – لحداثة سنه ، فردها حزم الصديق ، لا يمكن أن تسكن عن الإنكار على اختيار رجل وسد إليه جمع دستورها الذي عليه قوام حياتها ، لو رأت فيه أدنى شبهة ، أو رأت غيره أقوم بهذا الأمر منه .
وفي بعض الروايات : أن عثمان – رضي الله عنه – سأل من شهده من المهاجرين والأنصار ، فقال : أي الناس أقرأ ..؟ فقيل : زيد بن ثابت … ثم إن عثمان زاد على الشيخين فضم إلى زيد بن ثابت رجالا من أفصح الناس وأقرئهم . .. إن هذه الروايات عن ابن مسعود لا بد أن تكون معلولة ، لا تقوم بها حجة ، ولو سلمنا صدور ما تحكيه عنه ، فلا نرى وجها لتخصيص هذا النكير بعثمان – رضي الله عنه - ، ويمكن أن يكون قولا عن فورة غضبية لم يقم عليها – ابن مسعود – إلى النهاية ، لجلالة قدره ، وفضله ، على أنا إذا رجعنا إلى مناقشة الحجة في ذاتها لا نجدها تقوم على وجه من المنطق المستقيم ، مما يحملنا على الشك فيها ، وذلك لما يلي : -
إن أبا بكر حينما اختار زيدا رشحه بأوصاف تتصل بمهمته أشد الاتصال ،حيث قال له ( إنك شاب ، عاقل ، لا نتهمك ، كنت تكتب الوحي لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – فابن مسعود ليس شابا ، ولا من كتبة الوحي ؟؟ ) وهذه الصفات أعلنها أبو بكر على الأمة ، فلم ينازع أحد زيدا فيها مجتمعة ، وهذا وجه وجيه في تقديم زيد على غيره ، ممن هو أقدم في الإسلام سابقة وفضلا ، ولذلك قال ابن حجر : ( إنها مقتضية خصوصيته بذلك ) .
إن الاعتراض في العبارة المنسوبة إلى ابن مسعود ، منصب على أن زيدا لم يكن وُلد حينما كان ابن مسعود سادس ستة في الإسلام ، وأنه أخذ من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سبعين سورة مشافهة ، وزيد لم يزل صبيا من الصبيان ، ولا ندري أي شيء هذا في باب الاحتجاج ..؟ وما ذنب زيد في ذلك ..؟ وأيهم يعوقه عن النبوغ والعبقرية ..؟ وقد ولد زيد من صلب رجل كافر ، كما ولد سادة الصحابة وفضلاؤهم – وفيهم ابن مسعود نفسه – من أصلاب رجال كافرين ولكن زيدا - كغيره –منهم ، شب وأسلم ، حتى كان ابن عباس - وهو من هو – يعظمه جدا ، ويقبل يده ، ويقول : هكذا أُمرنا أن نفعل بعلمائنا .. ونبغ زيد حتى كتب وحي القرآن لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وحتى حفظ القرآن كله في حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وعبد الله بن مسعود لم يحفظ سوى بضع وسبعين سورة ، ثم أكمل حفظ القرآن بعد وفاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، على ما ذهب اليه فريق من أهل العلم ) ([25])
رابعا : - ومن الشبه قولهم : إن القرآن نقص منه ما كان بعض الصحابة يكتبه في مصحفه ، وذلك مثل ما نقل عن – أُبي بن كعب – أنه كتب في مصحفه سورتين تسميان سورتي ( الخلع ، والحفد ) كان يقنت بهما ، وهما : - ( اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ، ونتوب إليك ، ونثني عليك الخير كله ، نشكرك ولا نكفرك ، ونخلع كل من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق …) فهذه الرواية بحسب ظاهرها تدل على أن القرآن لم يجمع كله ، وأنه قد حذف منه بعض سور وآيات …
ويجاب عن ذلك بوجهين .. : -
لا نسلم أنهما من القرآن ، لأن إثبات أبي بن كعب لهما في مصحفه لا يستلزم كونهما من القرآن ، كما أن القنوت بهما منه في الصلاة لا يفيد ذلك ، لأننا قد علمنا مما تقدم أن المصاحف الأول لم تكن قاصرة على القرآن ، بل كان بعضها مشتملا على بعض تفسيرات وتأويلات ، وعلى منسوخ التلاوة ، وأدعية ، فكان الجمع في عهدي أبي بكر وعثمان خاصا بالقرآن ، مع تجريد المصاحف والصحف مما ليس بقرآن .
وعلى فرض أن أبيا أثبتهما في مصحفه على أنهما من القرآن فهو خبر آحاد ، لا تقوم به الحجة في إثبات القرآن ، لأن العمدة فيه النقل المتواتر المفيد للقطع ، على أن ذلك لم يصح عنه ، وإنما الذي روي عنه أنه أثبته في مصحفه ، وقد أثبت في مصحفه ما ليس قرآنا من دعاء وتأويل . ومما يحسن ملاحظته : أن كل رواية آحادية تفيد إنكار شيء من القرآن الذي ثبت بالتواتر لاتقبل ، لأن الآحادي لا يعارض القطعي ، كما أن كل رواية آحادية لا تقبل في إثبات شيء من القرآن ، لأن العمدة في ثبوت التواتر فلا يقبل فيه رواية الآحاد ، ولو نظرنا إلى شبه الطاعنين في مجملها نجدها من هذا القبيل ([26]).
خامسا : - ومن الشبه دعواهم أن الحَجّاج لما قام بنصرة بني أمية حذف من القرآن ما قد نزل فيهم ، وزاد فيه أشياء ليست منه ، وكتب ستة مصاحف جديدة زعم أنه وجه بها إلى : مصر ، والشام ، والمدينة ، والبصرة ، تزلفا إلى بني أمية ؟؟
ويجاب عن هذه الدعوى : - بأنه لا وجود لهذه الدعوى إلا في خيال قائلها المريض ، إذ لم ينقل في تاريخ من التواريخ ما يشير إلى ذلك ، وكيف يكون ذلك والتاريخ قد أحصى على الحجاج كل أفعاله وأقواله ، فكيف يغفل أمرا عظيما له خطره ، ويعظم أثره ، ولا يدونه بين صفحاته ..؟ ولكن الهدامين الأولين لما لم يجدوا سبيلا إلى الإسلام نفسه جاءوه من طريق رجاله ، فشطرهم شطرين ، جعلوا نصيب أحدهما الطعن والقدح ، وجعلوا نصيب الآخر التنويه والمدح ، ثم غلوا في كلا الشقين حتى خرجوا عن الذوق السليم ، ثم ربطوا عملهم بالمعيشة والمصلحة والنفوذ ، وتتابعت القرون ، وألفوا ذلك ، ومردوا عليه ، ومهروا فيه ، وكان من مهارتهم أن استطاعوا ترويج نحلتهم بين أنسال حملة الرسالة ، وهم العرب ، فكان الحجاج بذلك واحدا من رجالات الإسلام الذين وقعوا بين فكي السلب والإيجاب ، ومما سهل ذلك على الشعوبيين : أن الحجاج حكم العراق مدة عشرين عاما ، قضى في أثنائها على كل فتنة ، وعلى أهل الشقاق والنفاق ، ووطد الأمن ، ووسع رقعة الدولة الإسلامية بالفتوحات ، فوضع نفسه في موقف يكثر فيه الحاسدون ، وكل حاسد عدو ، وليس كل عدو بحاسد كما يقول الجاحظ .. فمن كان في موضع الحجاج ( لا ينفك من متأول ناقم ، ومن محكوم عليه ساخط ، ومن معزول عن الحكم زارٍ ، ومن معجب برأيه ، ذي خطل في بيانه ، مولع بتهجين الصواب ، وبالاعتراض على التدبير ، حتى كأنه رائد لجميع الأمة ، ووكيل لسكان جميع المملكة ، يضع نفسه في مواضع الرقباء ، وفي مواضع التصفح على الخلفاء والوزراء ….إلى أن يقول : ومن لئيم أفسده الإحسان ، ومن صاحب فتنة ، خامل في الجماعة ، رئيس في الفرقة ، نعاق في الهرج ، قد أقصاه عز السلطان ، وأذله الحكم بالحق ، فهو مغيظ لا يجد غير التشنيع ، ولا يتشفى بغير الإرجاف ، ولا يستريح إلا إلى الأماني ، ولا يأنس إلا بكل مرجف كذاب ، ومفتون مرتاب ..) ([27])
إن أصحاب السلب والإيجاب من الشعوبيين عمدوا إلى وضع روايات سلبية لطمس معالم الصورة الحقيقية للحجاج ، ولكنهم أحسوا في أثناء ذلك أن رواياتهم قد يكتشف زيفها لغلوهم فيها ، فوضعوا على ألسنة بعض رواة السلب روايات إيجابية تكشف عن وجه آخر للحجاج ، ليوقعوا الباحث في حيرة أي هذه الروايات يأخذ وأيها يدع ، ولكن الباحث يستطيع الخروج من حيرته بالوقوف من هذه الروايات موقف الناقد البصير بأبعاد الفرق الإسلامية ، ومبادئها ، وأهدافها ، متكئا على منهج علماء الحديث .. إذ اتضح باتباع هذا المنهج ، أن جل رواة هذه الروايات السلبية ينتمون إلى فرق تكفر خلفاء الدولة الأموية ، وولاتها لا سيما الحجاج …
إن الدولة الأموية التي نالها نصيب كبير من الطعن قديما على أيدي ربائب السبئية والشعوبيين ، وحديثا على أيدي بعض المستشرقين ، لأنها الدولة التي استطاعت أن تعيد الوحدة الإسلامية ، وتستأنف الفتوحات ، فتغزو أوروبا ، وتنتزع إسبانيا والبرتغال ، وتزحف إلى أعماق أوروبا ، بينما عجزت كل القوى العربية الأخرى عن تجميع كلمة العرب حولها ، أو إقامة دولة حقيقية ، أو أن تشكل مزاحمة جدية على القيادة لبني أمية ما يقرب من قرن كامل ، ورغم أنه ما من دولة في تاريخ العالم كله شهدت من الثورات والخروج مثل ما شهدته دولة الأمويين ، ولكنها أثبتت كفاءة غير مسبوقة ولا ملحوقة في القدرة على الحكم ، وفشل بنو هاشم في جمع كلمة العرب تحت رايتهم ، حتى أسلموا زمامهم لفارسي وأمروه ، أو هو ادعى أنهم أمروه أن لا يبقي على الأرض عرببيا جاوز الشبر ..؟
ولما سقطت دولة بني أمية في النهاية تحت ضربات الفرس الذين تستروا بالعباسيين ، هرب أموي واحد في مغامرة أسطورية حتى نزل بشاطئ إسبانيا ،وحيدا ، شريدا ، طريدا ، فأقام مجد العرب والمسلمين بالأندلس .. لحقبة تعد من أزهى حقب تاريخ المسلمين ..
أما الحجاج : فقد غفل الشعوبيون عن صورة الحجاج الإيجابية ، فقد ذكر ابن كثير أن الحجاج سمع الحديث النبوي من ابن عباس ، وروى عن الصحابي الجليل أنس بن مالك ، وسمرة بن جندب ، وعبد الملك بن مروان ، وعن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري ، وروى عن ثابت البناني ، وحميد الطويل ، ومالك بن دينار ، وجواد بن مجالد ، وقتيبة بن مسلم ، وسعيد بن أبي عروبة …. ([28]) وغيرهم .
أما ما صنعه الحجاج في القرآن الكريم : من نقطه ، وضبطه ، فأمر شائع معروف ، إذ عمل على حفظه من اللَّحن والتصحيف . وللحجاج قراءة متميزة للقرآن لم تصل إلينا كاملة ، لأن الرواة لم يريدوا إظهار صورة الحجاج الحقيقية . قال الزركشي : - ( وكان الحجاج يقرأ في كل ليلة ( ربع ) القرآن ، فالأول إلى آخر الأنعام ، والثاني إلى ( وليتلطف ) في سورة الكهف( وهي نصف القرآن ) ، والثالث إلى آخر سورة المؤمن ، والرابع إلى آخر القرآن ) والحجاج هو الذي وضع الأعشار ، وهو الذي قسم القرآن إلى أنصاف وأسباع .. إن صورة الحجاج رسمت بأيدي أعدائه من الشعوبيين ، وأصحاب المذاهب المفارقة لمذهب أهل السنة والجماعة ، فجاءت مشوهة ، ثم تناولها الباحثون المحدثون فعملوا على طمس معالمها باختيارهم الروايات السلبية ، وتسليط الأضواء عليها دون أدنى محاولة منهم لمعرفة أهواء الرواة الذين نقلوا أخبار الحجاج ، وللتعصب المذهبي والعرقي دور بارز في تشويه صورته .. ) ([29]) ومن الافتراءات التي ألصقت بالحجاج ما رواه السجستاني بسنده أنه غير في مصحف عثمان أحد عشر حرفا .([30]) وبالرجوع إلى الرواة نجد : أن عبد الله بن أبي داود السجستاني صاحب كتاب المصاحف ( مجروح ، كذبه أبوه ). ([31] )كما أن عباد بن صهيب وهو أحد الرواة ( متروك الحديث ) ([32]) . من كل ما سلف نستنتج أن الإسناد غير صجيج ، وبالتالي فحديث السجستاني غير صحيح ، هذا من الناحية العلمية البحتة أما من حيث الوقائع ، فنستطيع أن نقطع بأن الحجاج لم يفعل شيئا مما أسنده إليه السجستاني الكذوب ؟! فلو أنه تناول المصحف بالتغيير لشاع ذلك في حياته ، ولاستهدف الحجاج لحملات لا مثيل لها من الصحابة والتابعين ، ولكان تحت أيديهم وثيقة دامغة بكفر الحجاج ، ولا يمكن لنا أن نتصور أنهم خافوا بطش الحجاج فسكتوا ، فهذه مسألة من أهم أصول الدين ، ولا يسكت عنها مسلم ، ولو كان السيف مصلتا على عنقه . وإذا فرضنا أن الصحابة والتابعين من سكان العراق خافوا بطش الحجاج ، فكيف يسكت غيرهم من سكان الشام والحجاز …؟ وإذا كان هؤلاء جميعا قد جبنوا من أن يجابهوا الحجاج في هذا الأمر الجلل ، فهل يعقل أن يكونوا قد سكتوا على هذا التحريف بعد وفاته …؟
وهذه القصة المفتراة على الحجاج ، تلقفها المستشرق ( نولدكة ) ، أما المستشرق ( بيرييه ) فيقرر أن ( يعقوب الكندي المسيحي ) قد شهد أن الأمويين وجدوا في القرآن إشارات جارحة لأسرتهم ، وخاصة بأبي سفيان جدهم ..؟ولهذا أصدر الحجاج أمرا باسم الخليفة عبد الملك بإتلاف النسخ القديمة ، وكتابتها من جديد بعد حذف الفقرات التي تتعرض للأسرة الأموية الحاكمة ، واستبعد ( بيرييه ) أن تكون التهمة التي رمي بها الحجاج على غير أساس …؟ وفي تقديرنا أن هذا المستشرق كان يجدر به أن يعتمد في هذه الرواية على مصدر إسلامي ، بدل أن ينقل لنا عبارة ( يعقوب الكندي المسيحي )
أنزل القران على سبعة أحرف
كان للعرب لهجات شتى تنبع من طبيعة فطرتهم في جرسها وأصواتها وحروفها تعرضت لها كتب الأدب والبيان بالمقارنة..فكل قبيلة لها من الكلمات ماليس للآخرين ,فهذه القبيلة تقول للقمح بر وأخرى تقول: حنطة..إلا أن قريشا من بين العرب قد تهيأت لها عوامل جعلت للغتها الصدارة بين فروع العربية الأخرى.. من جوار البيت ، وسقاية الحاج, وعمارة المسجد الحرام ,والإشراف على التجارة..فقد كانت تفد إليهم قبائل العرب في كل عام ..وتمكث بين ظهرانيهم نحو خمسين يوما..ثلاثة بسوق ذي المجاز ، وسبعة بسوق ذي المجنة, وثلاثون بسوق عكاظ وعشرة في مناسك الحج..وكانت قريش مع فصاحتها وحسن لغاتها ورقة ألسنتها إذا أتتهم الوفود من قبائل العرب ..تحيزوا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلامهم ..فاجتمع ما تخيروا من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طبعوا عليها.فصاروا بذلك أفصح العرب..وكانت القبائل بالتالي تسمع لغة قريش فتتجدد لهم كلمات كثيرة وتنتشر على السنة الشعراء والخطباء,منهم:. قال الفراء:- كانت العرب تحضر الموسم كل عام.. وتحج البيت في الجاهلية وقريش يسمعون لغات العرب ..فما استحسنوه من لغاتهم تكلموا به " فصاروا أفصح العرب . وقال إسماعيل بن أبى عبد الله :- أجمع علماؤنا بكلام العرب , والرواة لأشعارهم , والعلماء بلغاتهم وأيامهم ..أن قريش افصح العرب ألسنة, وأصفاهم لغة ، وذلك إن الله اختارهم من جميع العرب , واختار منهم نبي الرحمة محمد - صلى الله عليه وسلم _..فجعل قريشا قُطّان حرمه, وولاة بيته,فكانت وفود العرب من حجاج وغيرهم يفدون إلى مكة للحج ويتحاكمون إلى قريش, وكانت قريش تعلمهم مناسكهم وتحكم بينهم , ولم تزل العرب تعرف لقريش فضلها عليهم وتسميهم:-أهل الله .. لأنهم الصريح من ولد إسماعيل - عليه السلام - ,لم تشبهم شائبة , ولم تنقلهم عن مناسبهم ناقلة, فضيلة من الله_جل ثناؤه_لهم وتشريفا,إذ جعلهم رهط نبيه الأدنين.وعترته الصالحين.
ولكل هذه الخصائص انزل العرب لغة قريش منزلة الأب للغاتهم ,فكان طبيعيا بتنزل القرآن الكريم بلغة قريش على الرسول القرشي.. ثم تأليفا للعرب وتيسيرا عليهم نزل بلغاتهم ..لئلا يقول قائلهم لو نزل بلغتنا لعارضناه ..ولان في حملهم على أخذ القران على غير لغاتهم دفعة واحدة ..وحملهم على النطق بما لم يعتادوا النطق به مشقة عظيمة ..وحرج كبير .. كما يدل عليه حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - :(وإن أمتي لا تطيق ذلك)ولقوله - عليه السلام - (يا جبريل..إنني بعثت إلى أمة أمية منهم العجوز والشيخ الكبير والغلام الصغير والجارية والرجل الذي لا يقرأ كتابا قط…الحديث) ففي حَمل العرب على النطق بما لم يعتادوه ويألفوه مشقة كبيرة…ونكتفي بذكر بعض الأدلة للتدليل على ذلك
1:- قال الأصمعي : كنا عند أبي عمرو بن العلاء يوما فجاء عيسى بن عمر الثقفي فقال : يا أبا عمرو …ما شيء بلغني عنك تجيزه؟ قال: وما هو؟ قال بلغني أنك تجيز ليس الطيب إلا المسك.بالرفع. (علما بأن الحجازيين ينصبون خبر ليس مطلقا, وبنو تميم يرفعونه إذا اقترن بالا حملا لها على ما). فقال أبو عمرو: نِمتَ وأدلج الناس.. ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب ، ولا تميمي الا وهو يرفع.. .ثم قال لليزيدي ولخلف الأحمر : اذهبا إلى أبى المهدي وهو حجازي ولقناه الرفع وانه لا يرفع. ولأبى المنتجع (وهو تميمي )ولقِّناه النصب فانه لا ينصب…فذهبا إلى أبى المهدي فوجداه يصلي ..فلما قضى صلاته قال ما خطبكما ؟ قالا جئنا نسألك عن شيء من كلام العرب.. فقال:هاتيا..قالا كيف تقول ليس الطيب الا المُسك ..فقال: تأمرانني بالكذب على كبر سني ..فقال خلف ليس الشراب الا العسل..فأدرك اليزيدي مقصوده ،
فقال له : ليس ملاك الأمر الا طاعة الله بالنصب ، فأعادها اليزيدي عليه بالرفع .
فقال أبو المهدي: هذا كلام لا دخل فيه .. ليس ملاك الامر الا طاعة الله..بالنصب فأعادها اليزيدي عليه بالرفع.. فقال أبو مهدي : ليس هذا لحني ولا لحن قومي ، فكتبا ما سمعا منه ثم أتيا أبا المنتجع التميمي .. فقال له خلف: كيف تقول ليس الطيب الا المسك . فقالها ورفع. فجهدا به أن ينصب فأبى إلا أن يرفع.
ثم رجعا إلى ابن العلاء ..وأخبراه الخبر ..وعيسى الثقفي عنده لم يبرح.. فاخرج عيسى خاتمه من يده وقال له:ولك الخاتم .بهذا فُقت الناس)
2: - وروى ابن جني أن أعرابيا دخل على ملك من ملوك حمير ..وأطال الوقوف بين يديه .. فقال الملك :- ثِبْ.. أي اجلس بلغة حمير.. فوثب الأعرابي (أي قفز)وكان على مكان عال فتكسر..فسال الملك عن ذلك فاخبر بلغة الأعرابي…فقال الملك ليس عندنا عربيت..(عربية) من دخل ظَفار حَمَّرْ ..أي فليتكلم بلغة حمير
3:- وروي أن أبا هريرة – رضي الله عنه - لما قدم من دَوْس (وهي بطن من بطون الأزد) عام خيبر .. لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد وقعت من يده سكين ..فقال له :ناولني السكين.. فالتفت أبا هريرة يمنه ويسره .. ولم يفهم ما المراد بهذا اللفظ.. فكرر ثانية وثالثة. وهو يفعل كذلك…ثم قال أبا هريرة :آلمُدية تريد..؟واشار إليها .. فقيل له نعم. ، فقال: أتسمى عندكم سكينا ؟ ثم قال: والله لم أكن سمعتها الا يومئذ.
4:- ذكر المفسرون في قوله تعالى (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) إن الفاتح في لغة اليمن معناها القاضي ..ورووا عن ابن عباس قوله:ما كنت أدري ما معنى قوله ( ربنا افتح ……الآية) حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي أحاكمك ..
ويروى عن ابن عباس_رضي الله عنه_قوله إن كلمة ( فطر ) لم تتجه إليه.. أي لم يعرف معناها ..الا بعد أن اختصم إليه أعرابيان في بئر ، فقال أحدهما:أنا فطرتها فقال ابن عباس : فهمت حينئذ معنى قوله تعالى( فاطر السماوات والأرض) . ومن كل ما سلف يتبين لنا أن لكل قبيلة ألفاظ تعارفت عليها وقد لا تعرفها القبيلة الأخرى… وهذا لا يمنع وجود كلمات اشتركت القبائل في معرفتها …وحمل الناس على التلفظ بغير كلماتهم ولغاتهم فيه صعوبة كما هو حاصل ومُشاهد ، ولكن بعد اختلاط الناس بعضهم ببعض يصبح من الأسهل على الواحد معرفة لغة الآخر… ومن هنا كان رسول الله يخاطب كل قبيلة بما تفهم..وبلغتها فمن المعروف أن حمير تبدل(لام التعريف)بـ(أم) فيقولون ( طاب امهواء وصفا امجو)أي : ( طاب الهواء وصفا الجو ) ..ولذلك خاطب الرسول بعض الحميريين بقوله:_(ليس من أمبر أمصيام في أمسفر) أي : ( ليس من البر الصيام في السفر… ) كما أن بعض القبائل العربية مثل :سعد بن بكر ، وهذيل ، والازد ، وقيس ، والأنصار يبدلون العين الساكنة نونا اذا جاورت الطاء… فيقولون : ( أنطاه درهما ) أي أعطاه. وورد في دعاء للرسول- صلى الله عليه وسلم - لبعض الحميريين بقوله: ( اللهم لا مانع لما انطيت ) (أي أعطيت ) . وفي حديث عطية السعدي (فان اليد العليا هي المنطية واليد السفلى هي المنطاة) أي المعطية والمعطاة … .لذلك قرأ (إنا أنطيناك الكوثر) وهي من اللغات التي نزل بها القران .. ولكن سيدنا عثمان- رضي الله عنه - كماهو ثابت اختار حرف ولغة قريش (إنا أعطيناك الكوثر) حيث قال لمن كلفهم بجمع القران : واذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت الانصاري في شيء فاكتبوه بلغة قريش فلا حاجة لهم بغيره .
وقد كتب -عليه السلام - كتبا لملوك العرب([33]) وزعماء القبائل..ومن الملاحظ أنه كتب لكل قبيلة بلغتها ..ومن ذلك:_ كتابه الى وائل بن حجر احد ملوك حمير .. يقول فيه :_( إلى الاقبال العباهلة والأرواع المشابيب ………الى أن يقول :_ في التيعة شاة ,لا مقورة الألياط ولاضناك ، وأنطوا الثبجة ، وفي السيوب الخمس ، ومن زنى مم بكر فاصقعوه مائة ،واستوفضوه عاما، ومن زنى مم ثيب ، فضرِّجوه بالاضاميم ، ولا توصيم في الدين ، ولا غمة في فرائض الله ، وكل مسكر حرام ، ووائل ابن حجر يترفل على الاقيال ) ( [34] ) .
ومما سلف يتبين لنا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يخاطب هذه القبائل بلغته، ولكن خاطبهم بلغاتهم…وكذلك القرآن فقد انزل بلسان قريش ومن حولهم من العرب الفصحاء…ثم أباح للعرب أن يقرؤه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب ، ولم يكلف أحدا منهم الانتقال من لغة إلى لغة أخري للمشقة.. ولما كان فيهم من الحمية للغاتهم.. وهذه الإباحة لم تأتي بالتشهي ..أي أن كل واحد يغير الكلمة بمرادفها في لغته ، بل لا بد في ذلك من السماع من رسول الله..
إذن…وسع الله للناس في الحروف لعجزهم عن أخذ القرآن على غير لغاتهم..وسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقا لا اختلاف فيه ولاتناقض.. فكانوا كذلك حتى كثر منهم من يكتب ..وعادت لغاتهم إلي لسان ولغة رسول الله وهو لسان ولغة قريش.. بعد أن صارت لقريش السيادة الدينية والدنيوية معا.. وقدروا بعد ذلك على حفظ الالفاظ التي هي بلغة قريش حتى صاروا يؤثرونها على غيرها..فلم تعد ثمة ضرورة الى الاستمرار على القراءة بما عدا لغة قريش . ولما زالت الضرورة اختار الإمام _عثمان - رضي الله عنه_ ومعه الصحابة_ رضوان الله عليهم_ حرف ولغة قريش..لأنه الحرف الذي علم العرب بعد ذلك ..فكان ذلك إجماعا من الصحابة والأمة إذا وجب عليها التخير فلها ان تختار واحدا منها وتذر ما عداه.. ككفارة اليمين ..فحالف اليمين اذا كان حانثا فهو مخير بين اطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، أو عتق رقبة ، أو صيام ثلاثة ايام…ولم يطالب بفعل كل هذه الامور …بل هو مطالب بفعل أيها…على خلاف بين الفقهاء على ذلك. فلذا كان مصحف عثمان_ رضي الله عنه_ حاسما للنزاع..لانه جمع الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة ..التي نزل بها القران ..ولولا ذلك لظل الاختلاف في قراءة القران قاتما ، ولما كان فرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان - رضي الله عنهما - .
وبهذا يكون عثمان قد وُفِقَ لأمر عظيم..فرفع الاختلاف وجمع الكلمة ، وأراح الامة … ولولا ذلك..لذهب المسلمون اليوم في القرآن كل مذهب ، ولوجد أعداء المسلمين ( في عصرنا من مستشرقين وذيولهم من علمانيين وحداثيين ) مسلكا سهلا لإيقاع الشك والدسيسة في قلوب ضعاف الايمان لذا كانت مؤامرة السبئيين الكبيرة على سيدنا عثمان – رضي الله عنه وأرضاه - والتي أدت الى مقتله توازي كبر وضخامة العمل الذي قام به ، فجزى الله صحابة رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ عن الإسلام والمسلمين خير جزاء ..ووفقنا لإتباع مسلكه القويم ومنهجه المستقيم …آمين…وأجزل الله الثواب لعثمان بن عفان على جمع القرآن .
فإن قيل :_ أين ذهبت الأحرف الستة ، مع أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم _ قد أقرأهن أصحابه .. وأمرهم بقراءتها، أنسخت هذه الأحرف الستة فرفعت .. وما الدليل على نسخها ورفعها، أم نسيتها الأمة.. فتكون قد ضيعت ما أمرت بحفظه ، أم ما القضية في ذلك؟؟
قلنا : إن الأحرف الستة باقية لم ترفع ولم تنسخ ، ولم تضيعها الأمة ، وإنما الأمة أمرت بحفظ القرآن وخيرت في حفظه بأي الأحرف السبعة جاءت ..كما أمرت إذا حنثت باليمين وهي موسرة أن تكفر بأي الكفارات الثلاث جاءت .. إما بعتق ، أو إطعام ، أو كسوة ..فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفارات الثلاث كانت مطيعة حكم الله.. مؤدية في ذلك الواجب عليها من حق الله ..فكذلك الأمة أمرت بحفظ القران وقراءته بأي الأحرف السبعة جاءت .. ولعلة من العلل وهي: خوف الاختلاف والتنازع والمماراة في القرآن ، مع زوال الحاجة إلى تعدد الحروف .. (اللغات) ومع انتشار أحد الأحرف السبعة الذي هو لغة قريش بين قبائل العرب ، وسهولته عليهم جميعا ، رأت الأمة لذلك كله الثبات على حرف واحد .. ورفض ما عداه من الأحرف الستة .. فلا قراءة اليوم لأحد من أهل الإسلام إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح ..دون غيره من الأحرف الستة الأخرى التي تركت القراءة بها
فإن قيل كيف جاز للصحابة والأمة ترك قراءة لغة أقرأهم إياها رسولهم ؟
قلنا :_ إن إقراءهم بها لم يكن أمر إيجاب بكل منها على التعيين، بل كانت أمر تخيير بها ..فليس الواجب كل حرف منها ، بل الواجب واحد منها وهو ما يستطيع كل واحد من المكلفين النطق به ..فلم يكن من الواجب عليهم نقل جميع الأحرف السبعة ، الواجب نقل الحرف الذي أجمعوا عليه ..وترك غيره رعاية للمصلحة..ولو لم يفعلوا ذلك لكانوا إلى الجناية على الإسلام أقرب منهم إلى السلامة من ذلك ..ولكن الله وقى الأمة وهداها إلى الصواب
فإن قيل:_ ما هي اللغات الستة الباقية ومن أي الألسنة كانت ؟
قلنا: لا حاجة لنا لمعرفتها .. بل الواجب ترك معرفتها ، ولو عرفناها لم نقرأ بها للأسباب التي ذكرناها .
وقد قيل : إن خمسة منها : لعجز هوازن ,واثنين لقريش ، وخزاعة ، والعجز من هوازن : سعد بن بكر ، وخيثم بن بكر ، ونصر بن معاوية ، وثقيف ، وهذ القول مروي عن ابن عباس – رضي الله عنهما - ، ولكن في سند الرواية قتادة ، وقتادة لم يلق ابن عباس، ولم يسمع منه ، فالرواية غير صحيحة، وكل ما قيل في اللغات الست لم يثبت من طريق صحيح.؟؟ ( [35] )
وفي الختام نقول : -
إن القرآن الذي نقرؤه اليوم ، هو القرآن الذي أنزله الله على رسوله – صلى الله عليه وسلم – بلا زيادة ولا نقصان ، ولا تبديل ، وأن طعن الملحدين فيه ساقط لا يرتكز على أساس سليم ، وليس يعتبر في صحة نقل القرآن أن لا يخالف فيه مخالف ، وإنما المعتبر في ذلك مجيئه عن قوم بهم يثبت التواتر ، وتقوم الحجة ، وصدق الله العظيم القائل : - ( وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) ( فصلت: 41) . وغير معقول أن نبطل ما أجمع عليه المسلمون بروايات معظمها موضوع ، ولا صحة لما افتراه عبد الحميد الشرفي بقوله : (إن الصحابة أنفسهم لم يتفقوا بشأن الجمع؟ وقد فرض من قبل الخلفاء المسلمين ، وأحرقت المصاحف الأخرى كمصحف حفصة وغيره؟؟) وما زال القرآن الكريم يطل من عليائه ، ويتحدى كل كذاب أشِر أن يأتي بمثل أقصر سورة منه …
[1] - : المفكرون الجدد في الإسلام- لرشيد بن زين، ص201-203
[2] - محمد لطالبي ليطمئن قلبي، ص43.
[3] - الشرفي : الإسلام بين الرسالة والتاريخ ، ص 11
[4] - انظر مقال أنس الشابي : بل زين للذين كفروا مكرهم ، موقع دتيا الوطن بتاريخ 19/ 5 / 2009م .
[5] - انظر " القراءة السريانية – الآرامية للقرآن الكريم – دراسة نقدية لآراء كريستوفر لكسمبورغ ، أمير حسين فراستي ص 29 وما بعدها
[6] - انظر : الشفاهية والكتابية والوحي القرآني (بحث)، محمد عبد الرحمن سلامة، مجلة جامعة المدينة العالمية، العدد الثامن عشر ـ أكتوبر 2016م: 62.وانظر : القرآن الكريم بين الشفاهي والمكتوب - الشيخ ليث عبد الحسين العتابي.
[7] - الشرفي : الإسلام بين الرسالة والتاريخ, ص 11
[8] - صحيح البخاري : ج6/ ص 101.
[9] - مناهل العرفان : ج1/ ص 242.
[10] - انظر : المستدرك : ج2/ ص 229 . والفتح الرباني : ج18/ ص 30 .
[11] - فتح الباري : ج9/ ص 18 .
[12] - انظر البرهان : ج1/ ص262. هذا عند القائلين بنسخ التلاوة .
[13] - علوم القرآن الكريم : ص 118-119 .
[14] - الإتقان : ج1/ ص 165.
[15] - الإتقان : ج1/ ص 167.
[16] - انظر : الإتقان : ج1/ ص 58.
[17] - المدخل لدراسة القرآن الكريم : ص 273.
[18] - انظر : تاريخ القرآن : ص 52.
[19] - انظر : مناهل العرفان : ج1/ ص 262.
[20] - انظر : الخليفة المفترى عليه ، ص 119-120 . والمصاحف : ج1/ ص 25.
[21] - منهج الفرقان : ص 109 .
[22] -مسند الإمام أحمد : ج5/ ص 129-130.
[23] -فتح الباري : ج8/ ص 615.
[24] - مناهل العرفان : ج1/ ص 276.
[25] - انظر : الخليفة المفترى عليه : ص 127-129.
[26] - انظر : منهج الفرقان : ص 121 .
[27] - انظر : رسائل الجاحظ : رسالة مناقب الترك : ج3/ ص164.
[28] - انظر : بحث : صورة الحجاج في الروايات الأدبية : دراسة نقدية ، مجلة دراسات ، عدد3، سنة 1991م . د. جاسر أبو صفية .
[29] - انظر : المرجع السابق ، وكتاب الحجاج :زجل الدولة المفترى عليه ، د. محمود الجومرد . وكتاب : الحجاج بن يوسف الثقفي المفترى عليه ، د. محمود زيادة .
[30] - المصاحف : ج1/ ص49، 50 ، 115.
[31] - ميزان الاعتدال : ج1/ ص43.
[32] - المرجع السابق : ج2/ ص 10 .
[33] - أي أمر الكتبة بالكتابة وليس معناها أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - كتب بيده الشريفة ، كما نقول : بنى هرون الرشيد مدينة بغداد .. فهو لم يقم بالبناء ، إنما أمر..
[34] - القيل في اليمن :الذي يقول ما يشاء وينفذ وهو بمرتبة الوزير ..العباهلة:هم الذين استقر ملكهم. الرواع:السادات ، المشابيب: الأذكياء . التيعة:أربعون شاة . الضناك:الممتلئة لحما ، وأنطوا الثبجة:أعطوا المتوسطة ، السيوب:الركاز ، أي المعادن والجواهر المدفونة ، مم: لغة في من . في التوصيم : المحاباة . الغمة: الستر. يترفل: يترأس.
[35] - انظر : محمد علي سلامة : منهج الفرقان في علوم القرآن القسم الأول : ص 67 .