Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الدكتور التونسي يوسف الصديق في دائرة الضوء

الدكتور التونسي يوسف الصديق في دائرة الضوء

      من الملاحظ أن الحداثيين  والمروجين لهم  من أتباع  مؤسسة ( المؤمنون بلا جدود ) المشبوهة ،معظمهم  دارسون للفلسفة- كما يزعمون -  ،   والفكر الفلسفي المعاصر فكر ٌ أدبي بالدرجة الأساس، وليس فكرا ً منطقيا ً ، بمعنى أنه  يعتمد الفكر اللساني الحديث وعلوم اللغة سبيلا ً إلى تأسيس فكر ٍ فلسفي إلحادي ،  وظيفته  التشكيك بالأصل الإلهي للقرآن. كما أن الإلحاد المعاصر يلعب على وتر حساس يتمثل  في الزعم بأن الواقع المعاصر زاخر ٌ بمشكلات عديدة لا يستطيع النص القرآني التعامل معها ،  ما لم يتعرض هذا النص إلى عمليات تأويلية اعتباطية عديدة تحت مسمى الهرمنيوطيقا،  مضافا ً إلى تطبيق مبدأ التاريخية عليه، بحيث يتم ّ الاستغناء عن الآيات القرآنية التي تتصادم مع مبادئ الحداثة ، ولا يكن تحريف دلالتها عن طريق التأويل الاعتباطي الهرمنيوطيقي.
وثمَّة فرق ٌ بين أن يتَّجه المشروع الفلسفي ّ الإسلامي ّ إلى التفكير الجاد ّ بضرورة الإسهام  في مشروع الحداثة العالميّة من خلال تقديم رؤيته الكونيّة الخاصّة التي تحدِّد موقعيّته بين  الثقافات الأخرى، وتحدِّد كذلك موقعيّة الإنسان المسلم في هذا العالم، تلك الموقعيّة  التي ستجنح بالتأكيد نحو مزيد ٍ من التفاعل مع ما حقَّقه العقل البشري ّ من إنجازات ٍ مادّيّة  أو  روحية  حتى الآن، وبين أن ينسلخ الفكر الإسلاميّ من جلده، فيفقد كل َّ معالم الشخصيّةّ  التي تميزه عن الآخر، ليس من باب الرغبة بالاستجابة إلى تلك النوازع الوجدانيّة والعاطفيّة  التي ربما تملي على الناس أن يتخذوا قراراتهم بشأن تأكيد الهويّة تعصّبًا وتزمّتًا وتأكيدًا  للذات، ولكن من باب القناعة الفلسفيّة التي يمتلكها هؤلاء المفكّرون بأن َّ الإسلام يمثّل  كنزًا معرفيّا وثقافيًّا هائلا ً للبشريّة، يجب أن لا تفرّط به، وإلا ّ بقي جانب النقص في الحداثة  المادّيّة التي أقامها الغرب على أسس لم تول الأهمّيّة الواجبة للجانب الروحي ّ والمعنوي  باعتراف فلاسفة الحداثة أنفسهم هناك، وبالتالي فلا يمكن لحداثة ٍ هذه صفتها أن تكون في  منفعة الإنسان. والإنسان ليس ذا بعد ٍ واحد ٍ متمثّل ٍ بالبعد المادّي ّ كما أرادت الحداثة الغربيّة أن تقول ،  كما أن خطة الالتفاف التي رسمتها فلسفة ما بعد الحداثة لتجاوز النقص الموجود  في فلسفة الحداثة ليس مجديًا؛ لأنّه لم يقم على أساس النيّة في المراجعة النقديّة الجادَّة  للحداثة، لم تكن النيّة صادقة ً بما يكفي للتخلّص من عوامل النقص واكتشاف مكمن الخطأ  فيها، بل كل ّ ما فعلته هو أنها حافظت على الرؤية المادّيّة الوضعية للحداثة، وجعلتها معيارًا  لما يمكن قبوله بوصفه يمثّل حقائق موضوعيّة قابلة للتحقّق، ثم َّ حشرت كل َّ ما عدا ذلك من  علوم ومعارف البشر التي لا تخضع للتجربة في خانة الخيال والجمال، ثم َّ طالبت بتأويله  تأويلا ً هرمنيوطيقيّا جزافيًّا حتى تكون له القدرة على الانسجام مع ما تفرضه الحداثة المادّيّة  من رؤى وأفكار، أمّا ما لا يقبل التأويل منها فينبغي تطبيق مبدأ التاريخيّة عليه، حتى يمكن التخلي  عنه وعدم تحويله إلى عائق أمام الحداثة الوضعيّة المادّيّة لتواصل سيرها، الحقيقة  إن َّ ما بعد الحداثة هي المدافع الدبلوماسي ّ والشرس في الوقت نفسه عن الحداثة والأساس  المادي  ّ الوضعي ّ الذي تقوم عليه، فليس من الصحيح الموافقة على أن تكون هي البديل عن   حداثة ٍ ضاق بها أهلوها ذرعًا هناك في الغرب، هي ليست بديلا لسبب ٍ بسيط؛ لأن َّ الحداثة هي ذاتها ما بعد الحداثة ولكن بلباس ٍ جديد([1] ) 
  والمُلاحِظْ لمسيرة القرآن الكريم المباركة ، يجد أن أصوات الناعقين في طريقه بالطعن لم يخل منها زمان ، وهم في كل عصر يجترون  فيه ما سبقهم إليه سابقوهم؛ إما بنفس الأسلوب أو بأسلوب مختلف قليلا ، وفي كل مرة يرجعون على أعقابهم جارين أذيال الخيبة والثبور ..  وكم سودت صحائف ولفقت كتب، لكن أتى عليها الزمان العادل، وأخْــنَــى عَــلــيــهــا الذي أخْنَى على لُــبَدِ.. كما يقول لبيد في معلقته !
وهذا العصر ليس بِدعا من العصور، وهؤلاء النابحون ليسوا بأعلم من أولئك الناعقين ولا أخطر، لكن  انفلات هذه القطعان من الحداثيين والعلمانيين الجهلة ، تنهش قيمنا الحضارية والفكرية بحاجة إلى وقفة حقيقية تجاههم، كما أنه مطلوب اليوم من المفكرين والمثقفين والعلماء أن ينتبهوا إلى خطورة ما يُدَبَّر لمجتمعاتنا،  وألا يُغضموا عيونهم عن الخطر الذي بدا واضحا للجميع في هذه المجتمعات من التفلُّت على قيمنا وعقيدتنا وتراثنا، ومحاولة سلخها من جذورها،  وإن لم ينجح المعنيون في مهمتهم، فيجب كشف هذه الظاهرة وفضحها في المجتمع ، لأن حرية الرأي والتعبير لا تعني أبدا الانقضاض على الثوابت الحضارية والثقافية للناس، ولا محاولة التنمر على عقائدهم.إن ظهور نماذج فكرية ممسوخة على سطح حياتنا الفكرية والثقافية بحاجة أيضا إلى وقفة من أصحاب القرار في ميادين التوجيه والتربية والثقافة،  لدراسة هذه الظاهرة دراسة جادة، ومعالجة هذا الخطر الداهم بالحكمة والحزم.. لكن المهم هو أن نكون في مستوى المسؤولية، وأن نتعلم كيف نجعل هؤلاء الحثالة في مزابل التاريخ.. ويوسف  صديق تلميذ محمد أركون له تطاولات كثيرة وجهولة على كتاب الله ، وهو في حقيقة أمره يردد  ما  ذكره حثالات المستشرقين والحداثيين  ، والنصراني سامي الذيب ( [2] ) مدعي  النبوة ؟؟   وهشام جعيط ؟؟   وشحرور ، ونصر حامد أبو زيد ، والملحد المغربي سعيد ناشيد ([3]) ، ودراسات نقدية للاسلام لكامل النجار،  ومقولات جلال الربعي في كتابه ( من القرآن إلى المصحف ) الذي زعم  بأنه ناقش عمل "الزّرقاني" في كتابه "مناهل العرفان"  ، ورأى أنّه لم يقدّم  إضافة تُذكر؛ بل بقي  محافظا يردّد  ما استقرّ من تأويل سائد ؟! وسأكشف لكم عن صفحة سوداء من صفحات أعداء هذا الدين ، وسهما من كنانة الحاقدين عليه ، ممن انسلخوا عن هدي ربهم ، وتنكبوا صراطه المستقيم ، من أبناء الطابور الخامس ممن تربوا في مدارس الاستشراق ، وأبوا إلا أن يحلقوا بأجنحة المكر الثلاثة؟!  وقد اهتدى الاستشراق الغربي منذ مدة إلى طريقة فعالة في مواجهة الإسلام والإسلاميين، طريقة تعفيه من النزال المكشوف ،  والجهر بالعداوة والخصومة.  .. فأنشأ "مستعمرات ثقافية" تعيد خطاب الاستشراق بألسنة وسحنات عربية وإسلامية.  وقام بالمهمة نيابة عن بلاشير ، ورودنسون ، وبيرك ، ونولدكة ، وغيرهم من الكتاب والمؤلفين  ، وحشد فيها أمثال : محمد أركون ، ونصر حامد أبو زيد ،  وألفت يوسف،  ومحمد أركون ، ويوسف  صديق ، وعبد المجيد الشرفي ، وآمال قرامي ... وكثير غيرهم ، الذين ليس لهم من الإسلام إلا الاسم ؟! بل هم من أشد المناوئين له.
من هو يوسف صدّيق..؟؟
ينتمي يوسف صديق  الى المدرسة التونسية التي تحاول قراءة القرآن بأدوات لسانية وأنثروبولوجية جديدة لتحريف معانيه ودلالاته  ، وها هو يصرح  بما  يكشف عن مكنون قلبه  فيقول  والحقد يشع من كلماته حيث يقول : ( يحتل الإسلام اليوم مكانة لم يتبوأها دين قبله ) ؟ ( [4] ) وهو متأثر في حقده بهشام جعيط ، وعبد المجيد شرفي  زعيم  التيار الحداثي .. فهشام جعيط يدعو إلى تخليص المجتمعات العربية من سيطرة الدين وتحديدا الشريعة ؟؟   أما عبد المجيد الشرفي فيرى أن للعلمانية جذورا في الاسلام عقيدة وشريعة وثقافة ([5])   ويطالب بعض الماركسيين أن لا يعترض أحد على عبثهم بالثوابت ،  ويقولون :  (  من المخجل أن يوصف بالكفر من يحاول ممارسة الفكر ، وأن يكون التكفير هو عقاب التفكير)  ([6]) فيرفض الآخر المختلف تحت دعاوى التغريب والمؤامرة ، فلا وصاية على التفكير ، ولا حظر لأي فكرة مهما حاولت إفساد الروحي ، أو سعت إلى تشويه عقدي ؟؟ ([7] )  
ومزاعم  يوسف صديق الجهولة  كثيرة ، منها :  أن : عدد الصلوات ليست خمس صلوات؟؟  بحجة أن القرآن لم يذكر عددها ، واكتفى بالصلاة الوسطى  ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى  وقوموا لله قانتين ) ( البقرة :  238) وأن رقم خمسة مأخوذ من الزرادشتية ؟؟ (وقد بينت  كذب هذه المزاعم ) ..  وأن الخمر ليست حراما – كما يقول شحرور - ؟؟ ويستدل على هذا الحكم الجديد بقصص يوردها من خياله المريض ، فيقول : لم يكن يخطر بذهن هؤلاء ( هرون الرشيد ، المتنبي ، سيف الدولة ، بدر بن عمار ) ؟؟ وأمثالهم وهم يشربون الخمر أنهم يرتكبون معصية ؟؟ ، إنهم كانوا يؤدون صلواتهم ثم يجمع النديم خلانه وأصدقاءه وجلساءة فيساقون ؟؟ ( يريد يتعاقرون ) الخمرة قبل  صلاة الفجر إن كانوا ممتثلين لهذه السنة ؟؟ أو قبيل صلاة الصبح وهي الصلاة المفروضة ؟! يغتسلون الاغتسال الأكبر ؟؟ ويبادرون إلى الصلاة ، فلو ثبت على هرون الرشيد والمأمون ، وسيف الدولة الحمداني أنهم بشربهم دخلوا الكفر ، لأقيم عليهم الحد ، ولكنهم كانوا مسلمين ملتزمين ، وكانوا مؤمنين ملتزمين ،  وكان لهم امتثال ؟؟ لذا الدين بعيدا عما يأتي به الفقهاء من شدة وفضاضة وقسوة في الأحكام  ؟؟ ) ([8]) ويمكن أن ترث المرأة مناصفة كما يرث الرجل ،ولها الحق أن  تكون لها القوامة دون الرجل بحكم تغير الظروف الاقتصادية ) ( [9] )  و( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) ( النساء : 34) فالمرأة هي العاملة ، ولم يعد رجلها منفقا .. تماما كما يزعم شحرور ، والجابري ؟؟  مع أنها غير ملزمة بالإنفاق على زوجها وبيتها ،  حتى لو كان الزوج فقيرا والمرأة غنية ..
ودعا لمراجعة شهادة المرأة في الاسلام ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) ( البقرة : 282) ويفسر  الضلالة بأنها ليست  بمعنى النسيان ، وإنما بمعنى سفر المرأة مع زوجها وغيابها ؟؟ ([10])  ؟؟ . إلى غير ذلك  من الأباطيل  والجهالات ،  التي تطعن في عقيدة الأمة الإسلامية المستقرة منذ أزيد من أربعة عشر قرنا  من الزمان . وحين يتأمل يوسف صديق سورة القمر ، يزعم بأنه يسمع فيها طبولا إفريقية .. فقال : ( تشكل سورة القمر ذات الإيقاع الشبيه بقرع الطبول الإفريقية ) ؟! ( [11] )  وجعل يوسف صديق  الظاهرة القرآنية مركز فلسفته التأويلية ، واتبع في ذلك ( أركون ) الذي عدَّ القرآن ( كجراب الحاوي )؟؟  وعدَّه  ( حسن حنفي )  بأنه :  (سوبر ماركت )..؟؟ بينما يراه  يوسف صديق  أساطير  وأوهام ؟؟  ( [12] )  وقال  في حوار أجرته معه ( فاطمة بدري ) في موقع ( رصيف22 المشبوه )  فسألته قائلة : (  وفي سياق الفلسفة اليونانية أيضاً، قلت هناك أفلاطونية عميقة في القرآن، لو تشرح لنا كيف؟  فقال : نعم، فعندما تجد بعض الجمل في القرآن متطابقة بوضوح بما ورد لدى أفلاطون لا بد من الإقرار بذلك، وألا نرتبك ونخفي هذه الحقيقة وما يترتب عنها من استنتاجات.؟؟
مثلاً الآية "( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية")  هي نفسها في الكتاب العاشر لأفلاطون وردت في صيغة "عرش الألوهية يقام على ثمانية".؟؟ كما أن إله الفينيقيين في قرطاج أسمه "أشمون" والذي يعني ثمانية، ثم نجد أن سورة" النور" تتحدث عن وجود الإله وتحدد علاقة الإنسان به ، تتضمن (64 آية )  أي حاصل ضرب ثمانية في ثمانية ؟! وهذه هي الأرقام التي اعتمدها أفلاطون في الإيفاء بفلسفته.؟؟ أيضاً هناك جملة مخيفة بالنسبة للمسلمين في فلسفة ما قبل سقراط، وجاءت على لسان المرأة التي تمثل الحقيقة في أحد النصوص الفلسفية: "لنخرج من عالم الظن الذي يصير فيه الناس ( صماً عمياً بكماً فهم لا يرجعون)  والآية تقول : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ  ) ( البقرة : 18) وهي الجملة ذاتها الموجودة في القرآن، كما أن عالم الظن مذكور هو الآخر في القرآن وتحديداً في (سورة سبأ ) ... وكذلك :  ( سورة "الإخلاص")  وردت هي الأخرى في فلسفة ما قبل سقراط على النحو التالي: ( قف وقل إنه أحد صمد، لم يلد ولم يولد) .؟! كل هذا في القرن السادس قبل الميلاد أي 12 قرناً قبل نزول القرآن. وهذا لا يعني أن القرآن قد سرق أفكاراً من اليونانيين، ولكنه يحيلنا على أمر هام ينساه الجميع، وهو أن الإعجاز القرآني ليس في البلاغة وإنما الإلمام بكل معارف العصر في كتاب صغير عبر الوحي الذي نزل إلى محمد. ؟؟؟ وتسأله المحاوِرَة :  أشرت للوحي منذ قليل والحال أنك قلت في بعض التصريحات إن القرآن عمل بشري، ألا ترى أن في ذلك بعض التناقض؟   فقال : نعم هناك تناقض واضح، ولكن لأصحح، أنا لا أرى أن الوحي قد مدّ الإنسان بكلمات أو بنص مسموع أو مكتوب من طرف الموجود المتسامي المسمى الإله، أنا أعتقد أن الوحي يحدث بطريقة تولد فيها أفكاراً لدى المتلقي وهو النبي، سواء كان عيسى، موسى، إبراهيم أو محمد، وتحدث إرهاصة تجعله يقول بلغة قومه ما أنتجت هذه الإرهاصة الفكرية ..فهو هنا يؤكد رأيه في أن الوحي كان يوحي لمحمد - صلى الله عليه وسلم -  ويصوغه محمد- صلى الله عليه وسلم –بلغته العربية  مقلدا في ذلك  المعتزلة في تفسيرهم لقوله تعالى  (  إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ) ( الحاقة : 40)( [13] )  وقال  يوسف صديق باثا أكاذيبه وجهالاته  في حوار عبر أمواج إذاعة ( "كاب اف ام" )   الإسلام ورث النساء التي لم تكن ترث في عهد الجاهلية لكنه لم يمنحها النصف لان أموالها " منقولة" حيث يتزوجها أشخاص؟؟ ( أم شخص ؟)  من قبائل اليمن والعراق ويأخذها معه لذلك لا يسمح لها باخذ نصف الأموال" حتى لا تفقر القبيلة". وهذه الفكرة مسروقة عن المدلس  محمد عابد الجابري ؟!  كما طالب يوسف الصديق بتدريس مختلف الأديان في المدارس والمعاهد قبل سن الثامنة عشر. وقال يوسف صديق " باي حق يتم تدريس العلوم والمناهج الإسلامية في حين أن هنالك أفكارا وأديانا أخرى على غرار المسيحية واليهودية  يمكن للطفل التونسي أن يتعلمها حتى تصبح لديه ملكة العلم والمعرفة.  وتابع يوسف صديق " لماذا لا ندرس البوذية في مدارسنا خاصة وان أغلب الشعوب الآسيوية تدين بهذه الديانة التي تساعد على التفكير والاستبطان. ويقول يوسف صديق كاذبا على لسان العرب ؟! فانه على عكس ما هو متعارف عليه فان الإلحاد وفق ماعرفه معجم لسان العرب لابن منظور تلك الحجارة العريضة التي توضع على القبور وتعني إخفاء ما يجب اخفاؤه ، ولاعلاقة بمفهوم الإلحاد والكفر ؟؟  ولم يكن الملحد من يعبد الأصنام  ؟؟ وأوضح أن كلمة الشريعة بالمعنى المتداول حاليا غير موجودة في القرآن مؤكدا أنها وردت مرة واحدة في النص القرآني ؟؟ وكان المعنى منها السبيل إلى الله ومبينا أن الوضع لا يحتمل وجود قانون وضعي وآخر سماوي؟؟ !  وختم الصديق أباطيله وأسماره  بالتأكيد على أنه لن يحصل أي تغيير إذا لم تتغيّر علاقتنا مع النص القرآني المنزل؟؟!! مولده :  وُلِد يوسف صدّيق في توزر ( [14] ) من بلاد الجريد التونسيّة عام 1943م وتقع  غربي تونس ، وتربَّى بالقرب من نهج العطارين بالعاصمة ؛ حيث كانت مكتبة والده ، تَحَصَّلَ يوسف صدّيق على شهادة الباكالوريا عام 1963 والتحق بعدها بالجامعة التونسية ، وفي عام 1966، حصل على درجة الماجستير في الفلسفة والآداب والحضارة الفرنسية؟؟  انتقل فيما بعد إلى باريس، وانضم إلى جامعة السوربون ، حيث درس  اليونانية القديمة (اللغة والثقافة والفلسفة ) ؟؟ , مارس يوسف صديق التدريس بفرنسا في المدرسة الثانوية ( كومبيين) قبل أن يعود إلى تونس ليدرّس الفلسفة في القيروان بمعهد المنصورة ، قدّم الصديق استقالته من وزارة التربية ليصبح مراسلاً صحفيًّا وفيما بعد مراسلا حربيا ( أم طلب منه ذلك ؟؟ )  ؟؟ !!  لصالح الجريدة اليوميّة ( لا برسLa Presse   )  وقام بتغطية حروب جنوب الصحراء الكبرى: تشاد ،  السودان، اريتريا وغيرها و كذلك حروب تشاد ، وظفار ، واليمن، والسودان  ، وأرتيريا ،  ولبنان  ( [15] )  ، وإيران.؟؟؟ وفي عام 1982، غادر يوسف صدّيق تونس احتجاجا على تصحّر المناخ السّياسي فيها ، وواصل في فرنسا ممارسة الصحافة في مؤسسات إعلامية عديدة منها: المجلة العربية   ( اليوم السابع ) و ( قاما ت. ف -  Gamma Tv)  .  وفي 1985م  قدّم رسالة دكتوراه في قسم ( أنثروبولوجيا النص المقدّس) ؟؟  حول العمل القرآني ؟؟  ( [16] )  ويعتبر هذا العمل نواة لكتابه الرئيس ( لم نقرأ القرآن بعد )  الذي نُشر سنة 2004م.  وفي سنة 2012 م، كانت ساحة جامعة الزيتونة شاهدة على حادثة اعتداء على يوسف الصديق من قبل مجموعة من شباب الجامعة أرغمته على مغادرة المكان وسط شعارات تتهمه بالإلحاد والزندقة . وفي هذا السياق، واجه عبد المجيد الشرفي( [17] )  ورجاء بن سلامة ( [18] )
 .. ونائلة السليني ( [19]  ) وغيرهم، حملات سب وذم وتحريض مباشر على العنف بسبب أفكارهم وكتاباتهم  ، وبعد حملات التشويه التي وصلت حد التهديد الصريح بالقتل،( [20])اضطرت (ألفة يوسف ) سنة 2014 م إلى توقيع كتابها الجديد «ليس الذكر كالأنثى» تحت الحراسة الأمنية بعد اكتشاف مخطط لاغتيالها.وتعرّضت (  آمال قرامي) ( [21] )  أيضا يوم 6 جانفي 2016 إلى اعتداء بالعنف الشديد في إطار حملة "السيف المسلول على شاتم الرسول". واتهم الإعلامي بقناة "الزيتونة" ذات التوجه الديني (أمال القرامي )بالكفر والإلحاد على خلفية تصريحات لها عن المثلية الجنسية ومساندتها للحرية الشخصية. وقد تخصصت ( أمال القرامي) في القضايا الدينية المحرجة من خلال بحثها في "قضيّة الردّة في الفكر الإسلامي: قديماً وحديثاً"، ومن خلال البحث في "ظاهرة الاختلاف في الحضارة العربية الإسلامية: الأسباب والدلالات".واللافت للنظر في هذه الأسماء التي ذكرناها آنفا أنّهم من المشتغلين في الفكر الديني وهم من غير المتخصصين فيه ؟! . (  [22] ) كما تعرض يوسف صديق للطرد من محاضرة كان يلقيها في الجامعة الأمريكية في مدينة  ( جينين المحتلة – شمالي فلسطين ) ( في اا ابريل 2017م ) قال فيها : (إنه وجد ثغرات في القرآن )  وكان يسأل أسئلة يطالب أي شخص من الحاضرين الإجابة عليها، كما تناول "مفهوم القداسة في الوثنية وفي ديانات التوحيد الثلاث"؟؟ ( [23] ) وعندما حاول أحد أساتذة الجامعة تفنيد  مفترياته  بالحجة والبرهان ،  تم منعه بحجة أنها محاضرة وليست مناظرة، فاحتج الحضور ، وأنهيت محاضرته  قبل  أن يتفاقم الوضع" وتم طرد يوسف صديق من الجامعة لأنهم اكتشفوا أنه  يحرّف آيات  القرآن ، ويطرح أفكارًا إلحادية فيها.؟!  وليوسف صديق آراء شاذة كثيرة ..كان قد  أعلنها في ندوة نظمتها ( حركة ضمير ) على مدى يومين في العاصمة المغربية الرباط ( في يوليو 2019 م ) تحت عنوان : ( الحريات الفردية بين التحولات المجتمعية والمرجعية الدينية ) ، قال فيها : ( إن "القرآن هو حدث"؟!  قبل أن يردف مؤكدا أن "هذا الحدث تم العبث به؟؟  بالضبط عند وفاة الموحى إليه ؟؟ ومن تجليات ذلك "العبث" مسألة "الناسخ والمنسوخ"([24] ) التي اعتبرها "اغتصابا للنص القرآني". . ثم قال : القرآن ليس هو المصحف"، وأنه "ومنذ اللحظة التي جُمع فيها وصار بين دفتين في المكتبات وبين أيدينا ، انطلق وتحرر من الطاقة الكبرى التي أحدثت الحدث" بحسب تعبيره. .. وتابع مؤكدا في السياق نفسه "لست ملزما أن أعتقد بحديث: (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله )  والذي وصفه بـ"الحديث الداعشي" ؟؟ ، متسائلا باستغراب كيف يمكن أن يكون ذلك الحديث لرسول قال آية ( لا إكراه في الدين) ( البقرة : 256)، وآية  ( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون) ( يونس : 100) وفي الصفحات القادمة سنبين بعض أباطيل وأسمار هذا المفتري  الدجال  ؟ ( فإن وجدتنا نحاوره في رأي نَهَبَه أو غنمه  ، أو غمزة في الإسلام  استعذبها ، فإنا لم نخرج عن دائرة نقده ولم نتجاوز حد الباحث عن مقتضيات لفظه ، فإن كان في فمك مَلام ، فَمُجَّه في وجه الذي ألقى على سمعي وسمعك نحوا من حديث قوم لا يتدبرون ؟؟ ) ( [25] ) وليوسف صديق أباطيل وأسمار كثيرة ، سنورد بعضها بما يدل على المقصود ، ومن هذه الأباطيل : أولا : - ما ذكره عن سورة العنكبوت، فسورة «العنكبوت» تمثّل في نظر يوسف صدّيق  شاهدا على التبرير المغالط الذي صاغته القراءات التراثيّة ؟؟ وسوّغت من خلاله تسميّة السورة باسم هذه الدابة الصغيرة ..كلنا يعلم بحكاية ذلك العنكبوت الذي كان له الفضل في إنقاذ حياة الرسول وصاحبه أبي بكر في يوم الهجرة من مكة، فهو الذي أضل ملاحقيهما بما نسجه من خيوط على فتحة الغار ، وهو ما أوحى لهؤلاء بأنه مكان خال منذ أمد بعيد  ؟؟  وليست تلك الآية التي ذكرت هذا الحيوان الصغير غير مَثَل ؟! أو صورة مجازية ينبغي فك رموزها ؟! وكان قد  استخدمها القدامى من قبل ؟؟ ( [26] ) وقد أتت في القرآن في محل  إشارة جليّة إلى اسم الآلهة الحماة التي اتخذها  الوثنيون أولياء يحمونهم من الإله الأوحد ويبعدونهم عنه.؟؟ ( [27] )
:  وأقول
 تصريف الأكاذيب والجهالات  هو ديدن يوسف صديق  أينما حلّ ، وكلّما فتح فاه أو خطّ سطرا... فالجهل ليس عيبا!!  فقد تعودنا عليه من دعاة الحداثة والتنوير ، ولكن الدَّس معيب جدا  ؟!   وقد جزم السيوطي في الإتقان بأن أسماء السور  توقيفية ، فقال: " ( وقد ثبت  وجمهور العلماء من أهل القرآن وعلومه على أن أسماء سور القرآن توقيفية ،  من النبي – صلى الله عليه وسلم - ، حيث جعل النبي – صلى الله عليه وسلم – لكل سورة اسما خاصا بها ، كما أبلغه جبريل – عليه السلام – الذي كان  يبين للرسول – صلى الله عليه وسلم -  موضع السورة، ويأمره بوضع الآيات  المنزلة في سورتها ، ويسميها باسمها ( [28] )  فإذا كان الرأي كذلك ، فلم البحث في هذه المسألة ؟ وما فائدة ذلك ؟  وسميت هذه السورة بسورة العنكبوت ، لأن الله سبحانه ضرب  ببيت العنكبوت مثلا لاتخاذ المشركين أولياء من دون الله ، وهي الأصنام والآلهة المزعومة ، فقال تعالى : قال الله تعالى:  (  مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ  ) [العنكبوت:41].
هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من اتخذ من دون الله وليًا معتمدًا، يلجأ إليه، ويحتمي بحماه، وهو لا يجلب له نفعًا، ولا يدفع عنه ضرًّا، شبَّه فيه حاله هذه بحال العنكبوت اتخذت بيتًا؛ لتحتمي به من الأهوال والأخطار، وتأوي إليه، معتمدة على خيوطها القوية، وهي لا تدري أن هذا البيت لا يقي حرًّا، ولا بردًا، ولا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا.
فهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء، هم وأولياؤهم مثل.. والعنكبوت وبيتها الذي اتخذته من دون البيوت مثل آخر....وبين المثلين وجه شبه، دلت عليه كاف التشبيه، وهو ضعف المعتمد . والفائدة:  التحذير من حمل النفس على التغرير بالعمل، الذي يقوم على غير أساس.  وقد ورد هذا المثل في مطلع النصف الثاني من سورة العنكبوت، وهي سورة مكية، وموضوعها العقيدة في أصولها الكبرى( الوحدانية، الرسالة، البعث  ، والجزاء )ومحور السورة الكريمة يدور حول الإِيمان، وسنة الابتلاء في هذه الحياة؛ لأن المسلمين في مكة كانوا يتعرضون  لأقسى المحن والشدائد ، ولهذا جاء الحديث عن موضوع الفتنة والابتلاء في هذه السورة مطوَّلاً مفصلاً، وبوجه خاص عند ذكر قصص الأنبياء، وأقوامهم الضالين، الذين بهرتهم قوى المال والجاه والسلطان، فظنوا لجهلهم أنها مانعتهم من عذاب الله تعالى.
 ثم  تتحدث السورة عن محنة الأنبياء - عليهم السلام  - ، وما لاقوه من شدائد وأهوال في سبيل تبليغ رسالة الله تعالى، بدءًا بمحنة نوح، ثم إِبراهيم، ثم لوط، ثم شعيب - عليهم السلام- وتتحدث عن بعض الأمم الطغاة، والأفراد المتجبرين؛ كعاد، وثمود، وقارون، وهامان.. وغيرهم، ثم تذكر بإجمال ما حلَّ بهم من الهلاك والدمار نتيجة ظلمهم وطغيانهم: [   فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ] [العنكبوت:40].
وبعد هذا الاستعراض السريع لمحنة الأنبياء، ومصارع هؤلاء الكفار والمشركين من الطغاة المتجبرين في الأرض‏,‏ والمفسدين، وما ترك ذلك من آيات وعبر لمن جاء بعدهم، يأتي هذا المثل؛ ليؤكد لكل طاغية متجبر ، أنه لا سلطان في هذا الوجود لغير الله‏ تعالى,‏ ولا ملجأ، ولا منجى منه إلا إليه‏ سبحانه وتعالى,‏ وأن قوى أهل الشر، مهما تعاظمت وتجبرت‏، هي هزيلة‏ ضعيفة‏ واهنة‏,‏ وأن اللجوء إليها، والاحتماء بها، كاحتماء العنكبوت ببيتها الواهن‏‏,‏ والذي تصفه الآية الكريمة بأنه أوهن البيوت [ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ  ]  [ العنكبوت:41].   وفي تمثيل الذين اتخذوا من دون الله أولياء بالعنكبوت، وتمثيل أوليائهم ببيت العنكبوت إعجاز من إعجاز القرآن؛ إذ أن العنكبوت إنما تتخذ بيتها من خيوط رفيعة، تفرزه من غدد خاصة بذلك، وتوزعه مغازلها الصغيرة، فإذا لامس الهواء، تماسك وتصلَّب في صورة خيوط برَّاقة. وهؤلاء الذين اتخذوا من دون الله أولياء؛ إنما أقاموا معتقدهم الفاسد، الذي يعتقدونه، ويلتمسون الطمأنينة والأمن في ظله؛ إنما أقاموه من تلك الأبخرة العفنة، التي تتصاعد من مشاعرهم، فتتشكل منها تلك الأوهام الخادعة، ويقوم عليها ذلك البناء المتداعي.
والمراد بالموصول في قوله تعالى: [ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ ] جميع من اتخذ غير الله تعالى متكلاً ومعتمدًا، آلهة كان ذلك، أو غيرها من بني البشر؛ ولهذا عُدِل من[  آلهة ] إلى قوله تعالى:[ أَوْلِيَاءَ ] وفي ذلك إشارة إلى إبطال الشرك الخفي؛ فإن من عبد الله تعالى رياء لغيره، فقد اتخذ وليًّا غيره، فمثله [ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ] .
وتنكير[ أَوْلِيَاءَ ] للتنويع، فيدل على أن الأولياء أنواع، لا نوع واحد. ومفرده وليٌّ. وأصل الولي جعل الثاني بعد الأول من غير فصل، من قولهم: هذا يلي ذاك. ويجري الوليُّ في الصفة على التابع والمتبوع، والمُعَان، والمُعين. تقول: الله وليُّ المؤمنين. أي: معينهم. والمؤمن وليُّ اللهأي: المُعَان بنصر الله عز وجل.   ويقال: الشيطان وليُّ الكافرين والمنافقين، وهم أولياء الشيطان. ويقال: الكافرون بعضهم أولياء بعض. وكذلك: المؤمنون. قال تعالى: [ اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ] [البقرة:257 ].
ويطلق لفظ [ الْعَنْكَبُوتِ ] على الواحد والجمع‏,‏ والمذكر والمؤنث‏.‏ إلا أن الغالب في استعماله التأنيث.: (  والعنكبوت: دويبة تنسج في الهواء، وجمعها عناكبوالذكر عنكب ،  وكنيته أبو خيثمة، وأبو قشعم، والأنثى أم قشعم، ووزنه فعللوت. وهي قصار الأرجل، كبار العيون، للواحد ثمانية أرجل وست عيون. فإذا أراد صيد الذباب، لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، وجمع نفسه، ثم وثب على الذباب، فلا يخطئه ( [29] ) وهذا النوع من العناكب يسمَّى: ليث عفرين.  وجاء في لسان العرب لابن منظور: ( العنكبوت: دويبة معروفة، تنسج في الهواء، وعلى رأس البئر نسجًا رقيقًا مهلهلاً ) ( [30]  ) .
‏وقال تعالى: [ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ]، وأصل البيت: مأوى الإنسان بالليل؛ لأنه يقال: بات: أقام بالليل. كما يقال: ظل: بالنهار، ثم قد يقال للمسكن: بيت، من غير اعتبار الليل. وجمعه: أبيات، وبيوت؛ لكن البيوت بالمسكن أخصُّ، والأبيات بالشعر أخصُّ. ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر وصوف ووبر، وبه شُبِّه بيت الشَّعْر. وقد يطلق لفظ البيت، ويراد به: امرأة الرجل وعياله. ويطلق على ما يبنى بناء اسم: البناء، والبنيان. قال تعالى:[ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً  ] [ الكهف:21  ] . وعبَّر عن اتخاذها بيتًا بصيغة الندرة[ بَيْتاً ]؛ لأنه ثبت أن العنكبوت نادرًا ما تنسج لها بيتًا؛ وإنما تظل مرتحلة متنقلة.
وذهب بعض العلماء إلى أن في قوله تعالى:[  اتَّخَذَتْ بَيْتاً ] إعجازًا علميًا، وإشارة إلى حقيقة علمية مفادها: أن أنثى العنكبوت، التي تحمل في جسدها غُدد إفراز المادة الحريرية، هي التي تنسج البيت، وليس الذكر، وهي حقيقة بيولوجية، لم تكن معلومة أيام نزول القرآن. وإن اشترك الذكر في بعض الأوقات بالمساعدة في عمليات التشييد‏,‏ أو الترميم‏,‏ أو التوسعة‏,‏ فإن العملية تبقى عملية أنثوية محضة.‏
 والإعجاز في الآية الكريمة هو في إسناد اتخاذ بيت العنكبوت إلى الأنثى دون الذكر في قوله تعالى: [ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ]  ، ثم قال تعالى: [  وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ] فأخبر أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت على الإطلاق. وهو جملة استئنافية خبرية، جيء بها لبيان صفة العنكبوت، التي يدور عليها أمر التشبيه. ثم قيد الجملة بالعبارة الشرطية   [ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ]
 ولم تزل هذه الآية محيِّرة للعلماء والباحثين, قديمًا وحديثًا، فالقرآن الكريم قد أخبر أن أوهن البيوت على الإطلاق هو بيت العنكبوت، ثم قيَّد هذا الخبر بقوله تعالى:   [ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ] ،  والعلم الحديث قد أثبت أن بيت العنكبوت منسوج من أقوى الخيوط، التي تستطيع مقاومة الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت، من الحشرات، التي هي أكبر من العنكبوت دون أن يتخرَّق. وخيوطه دقيقة جدًا،‏ وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، ومن الألمنيوم بتسع وعشرين مرة، فإذا قُدِّر وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت، فيُمْكِنه حَمل طائرة ركاب كبيرة بكل سهولةولذلك أطلق عليه العلماء اسم:[  الفولاذ الحيوي ]، أو[ الفولاذ البيولوجي ]، أو [ البيوصلب ] قال الدكتور محمد الفار أستاذ ورئيس شعبة الكيمياء الحيوية بعلوم المنصورة في مقال له نشر في جريدة الأهرام:  (  نجح العلماء أخيرًا في استخدام طرق الهندسة الوراثية لإنتاج خيوط العنكبوت عن طريق جينات مستخرجة من العنكبوت نفسه، وهي أقوى من خيوط الحرير‏.‏ ولذلك فإن هذه الطريقة ستتيح لهم التوسع في استخدام تلك الخيوط العنكبوتية لصناعة سترات واقية من الرصاص من نسيجه‏,‏ وخيوط جراحية بمواصفات جيدة ).
‏فهل كان القرآن الكريم حين أخبر أن بيت العنكبوت أوهن البيوت على الإطلاق،  يجهل هذه الحقائق، التي كشف عنها العلم مؤخرًا عن طبيعة هذا الخيط، الذي نسج منه بيت العنكبوت؛ كما يدعي أعداء القرآن؟ وهل كان الكفار والمشركون يجهلون أيام نزول القرآن الكريم أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت، أم كانوا يعلمون ذلك؟ وإذا كانوا يعلمون، فلم نفى الله سبحانه وتعالى عنهم علم ذلك؟
أما السؤال الأول فلا نجد في كتب التفسير له جوابًا.   وأما السؤال الثاني فأجابوا عنه بأنهم كانوا يعلمون أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت، وأنه سبحانه لم ينف عنهم علمهم بوهن بيت العنكبوت؛ وإنما نفى علمهم بأن اتخاذهم أولياء من دونه كالعنكبوت اتخذت بيتًا، فلو علموا ذلك، لما فعلوه؛ ولكن ظنوا أن اتخاذهم الأولياء من دونه يفيدهم عزًّا وقوة، فكان الأمر بخلاف ما ظنوا.
 والسؤال الذي ينبغي أن يُسأل هنا هو: كيف يكون بيت العنكبوت أوهن البيوت على الإطلاق، وهو منسوج من أقوى الخيوط على الإطلاق، وأكثرها مرونة؟ وكيف يجتمع في منشأة واحدة الحد الأدنى ‏من الوهن، والحد الأقصى من القوة والمرونة!؟
وأول ما ينبغي الإشارة إليه قبل الإجابة عن ذلك هو أن الآية الكريمة نصَّت على وهن بيت العنكبوت، لا على وهن الخيط، الذي نسج منه...!! فلم يقل سبحانه وتعالى:  [ إن أوهن الخيوط لخيط العنكبوت ]  ؛ وإنما قال:   [ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ]، وهي إشارة دقيقة، لا تخفى إلا على الجاهلين من أولئك الحاقدين، الذين اتهموا القرآن الكريم بالخطأ، وطعنوا في إعجازه، حين زعموا زورًا وبهتانًا أن” العلم يقول عن خيوط العنكبوت: إنها قوية، والقرآن يقول: إنها ضعيفة؛ لأن القرآن، وكاتب القرآن لا يعرف الفولاذ، ولا يدرك طبيعة خيط العنكبوت. والتفريق بين وهن البيت ( كوصف مجازي )، وقوة المادة التي يبنى منها ، يثبته استعمال ‏الآية الكريمة لكلمة ( بيت) وليس ( خيطاً) أو ( شبكة). أضف لهذا أن وهن البيت - من ‏الناحية الاجتماعية والأخلاقية- جاء أصلا في سياق ضرب المثل بمن يتخذ من دون الله ‏أولياء ، حيث الصلات واهية ،والروابط متقطعة ،والغدر وارد في أي لحظة.([31] )  
وأنت إذا تأملت الآية الكريمة حق تأملها على ضوء ما تقدم، تبيَّن لك أن المعنى المراد منها: إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت رغم قوة ومتانة ومرونة خيوطه، التي نسج منها.. فالوهن الذي أخبر عنه القرآن الكريم ليس في خيط العنكبوت؛ وإنما هو في البيت، الذي ومن أخصِّ خصائص البيت وأوصافه أنه مأوى لصاحبه، يقيه من برد الشتاء، وحر الصيف، ويحميه من أذى الكائنات، التي هي أقوى منه وهذا كله لا يتوفر في بيت العنكبوت على الرغم من الإعجاز في بنائه. ولا يخفى ذلك إلا على جاهل، ولا ينكره إلا مكابر، أو حاقد....وأما وهنه من الناحية المعنوية فلأنه بيت محروم من معاني السكن والمودة والرحمة، التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد‏.‏ ولهذا عبَّر القرآن الكريم عنه بالبيت، لا بالمسكن؛ وذلك خلافًا لبيت النمل، الذي عبَّر عنه بالمسكن  ؛ كما في قوله تعالى: [ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ] [النمل:18]..وإنما سمِّيَ مسكنًا؛ لأنه سكن فيه سكينة لصاحبه، وإلى هذا أشار الله تعالى بقوله: [ وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً ][النحل:80]، ونحو ذلك قوله تعالى :[ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] [الروم:21 ] .
وقد ثبت- كما تقدم- أن بيت العنكبوت لا يجير آويًا، ولا يريح ثاويًا؛ لأنه بيت لا طمأنينة فيه، لا لأصحابه، ولا لزواره؛ لأنه بيت لم يعَدَّ في الأصل للسكن؛ وإنما أُعدَِّ ليكون مصيدة ؟؟  يقع في حبائله اللزجة كل من فكر بزيارته من الحشرات الطائرة المخدوعة. ومن اللافت في موضوع العناكب كلها أن الحشرات الأخرى لا تسلم من شرها ساعة من ليل أو نهار، فهي دائمة الترصد لفرائسها في ورديات نهارية وليلية. وتبدأ العناكب الليلية صيدها بعد انتهاء عمل العناكب النهارية، وقد ابتكرت العناكب طرقًا مختلفةً لاقتناص فرائسها، فبعضها ينقض على فريسته انقضاضًا مباشرًا؛ إلا أن أشهر طرق الاقتناص لديها يتم عن طريق ما تنصبه من شباك، تتخايل للفرائس؛ وكأنها زينة تلمع أمامها، فإذا ما اقتربت منها، وقعت فيها، وكانت سببًا في هلاكها!!..
 وتقوم إناث كثير من أنواع العناكب بوضع بيضها في كيس أبيض ورَقيٍّ، تصنعه من خيوطها، وتجره خلفها أينما ذهبت. وفي بعض الأنواع تموت الأنثى بعد إتمام إخصاب بيضها. وفي بعض الأنواع الأخرى تمكث الأنثى فوق البيض حتى يفقس داخل الكيسوعندما يفقس البيض، تخرج صغار العنكبوت،‏ فتجد نفسها في مكان شديد الازدحام بالأفراد داخل كيس البيض‏,‏ فيبدأ الإخوة الأشقاء في الاقتتال من أجل الطعام، أو من أجل المكان، أو من أجلهما معًا، فيقتل الأخ أخاه وأخته‏ ‏  ؛ حتى تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العناكب، التي تنسلخ من جلدها‏,‏ وتمزق جدار كيس البيض؛ لتخرج الواحدة تلو الأخرى‏,‏ والواحد تلو الآخر بذكريات تعيسة,‏ وينتشر الجميع في البيئة المحيطة، وتبدأ كل أنثى في بناء بيتها‏,‏ ويهلك في الطريق إلى ذلك من يهلك من هذه العناكب‏.‏ ومن ينجو منها، يكرر نفس المأساة، التي تجعل من بيت العنكبوت أكثر البيوت شراسة ووحشية‏ وانعدامًا لأواصر القربى‏وقد يحدث أن تتقاتل أنثيان مع بعضهما البعض، فتحمل القاتلة صغار المقتولة على ظهرها، أو أن الصغار تترك الأم المقتولة، وتتسلق ظهر الأنثى القاتلة، وتظل متعلقة بها إلى أن تكبر، وتصبح قادرة على العيش وحدها وفي بعض أنواع العناكب تلتهم الأنثى صغارها دون رحمة.  هذا هو بيت العنكبوت، يبدو لمن تأمله أدنى تأمل أنه أوهن البيوت؛ كما وصفه القرآن الكريم. بيت يفتقد العلاقات الأسرية، والعاطفية الحميمة، ويقوم على المصالح والمنافع المادية الدنيوية المؤقتة. فإذا انتفت المصالح, وانتهت المنافع, انقلب إلى مذبحة، وخيم عليه الخوف والتربص والقتل. فبيت العنكبوت أوهن ‏البيوت من الناحية الأسرية، وأكثرها أنانية وشراسة.   هذه هي الحقيقة، التي غفل عنها أولئك الذين اتخذوا من أعداء الله أولياء من دون الله، يستعينون بهم ويلوذون إليهم في رَغَب وفي رَهَب، ويتوجهون إليهم بمخاوفهم ورغائبهم, ويخشونهم، ويفزعون منهم, ويترضونهم؛ ليكفوا عن أنفسهم أذاهم, أو يضمنوا لأنفسهم حماهم، فكان مثلهم في ذلك[ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ].
وإنه لتصوير عجيب صادق لحقيقة هؤلاء العناكب، وحقيقة أوليائهم، الذين يلوذون إليهم، ويحتمون بحماهم في هذا الوجود. الحقيقة التي غفل عنها أكثر الناس، فساء تقديرهم لجميع القيم, وفسد تصورهم لجميع الارتباطات ،  واختلت في أيديهم جميع الموازين، فما عرفوا إلى أين يتوجهون.. ماذا يأخذون، وماذا يدعون ؟؟
 يقول  أستاذ علم الحشرات ووقاية النبات بكلية الزراعة جامعة عين شمس   (الدكتور: البمبي )، في  بحث  تناول فيه حشرة العنكبوت وطريقة حياتها ، وكيفية بنائها لبيتها  ، وأسلوبها في صيد فريستها ، ثم تطرّق البحث إلى الإعجاز القرآني والذي ثبت علمياً حول هذه الآيات. وقد استهل الدكتور بحثه بقول الله تعالى : (  كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ) ، فقال  : "ذكر الله تبارك وتعالي كلمة { اتَّخَذَتْ } وهي فعل اتصل به تاء التأنيث للدلالة على المؤنث بعد كلمة العنكبوت، ( [32] )  . فمن خلال الدراسات المستفيضة  عن  حشرة العنكبوت اتضحت لنا الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى: أن ذَكَر  العنكبوت لا يستطيع أن يبني بيتاً، وأن التي تقوم ببناء البيت هي أنثى العنكبوت فقط من خلال مغزل خاص موجود في نهاية بطنها، ولا يوجد مثله عند الذكر.
الحقيقة الثانية: لا تبدأ الأنثى في بناء هذا البيت إلا حينما تصل إلى مرحلة البلوغ والاستعداد للزواج، فتقوم عند ذلك ببناء بيتها ، والذي يكون عامل جذب قوي للذكر غير القادر على البناء بطبيعة خِلقته.   الحقيقة الثالثة: تقوم الأنثى ببناء بيتها بخيوط منسوجة بتداخلات فنية وهندسية خاصة ،  بحيث تكون شديدة الحساسية لأية اهتزازات خارجية ، وهذه الخيوط مشبعة بمادة لزجة صمغية تلتصق بها أية حشرة بمجرد مرورها عليها أو الاقتراب منها، وهذه الخيوط تقوم بتكبيل الحشرة حتى تأتي أنثى العنكبوت فتفترسها.   الحقيقة الرابعة:  بعد أن تتم مرحلة التزاوج وينتهي الذكر من تلقيح الأنثى، تذهب الأنثى إلى مكان بعيد آمن حيث تضع بيضها وبينما الذكر في بيته يشعر بالأمان، إذا بالأنثى تنقض عليه فتأكله، وهذا الأكل لا بد أن يتم؛ حيث إن أنسجة الذكر مهمة في عملية إنضاج البيض.
وبهذه الحقائق التي استخلصها الباحث من بحثه تتضح لنا الأمور التالية:
أولاً : بيت العنكبوت هو أوهن البيوت علي الإطلاق من حيث بنائه ودقة خيوطه التي لا تقي حراً ولا قَراً ولا تدفع عن ساكنه عدواً كما قال أهل التأويل.. ثانياً: على الرغم من أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت على الإطلاق، إلا أنه لا يعدو كونه فخاً وشركاً منصوباً لأية حشرة تقترب منه أو تمرُّ عليه.
ثالثاً: لا يقتصر وهن بيت العنكبوت  على الوهن الحسي الظاهر في بنائه فقط، بل إن هناك وهناً معنوياً آخر، حيث بدا هذا البيت لذكر العنكبوت أماناً كاذباً وقد كان مصرعه حيث ظن هذا الأمان.[33] )  وهكذا من اتخذوا من دون الله أولياء..  خدعوا  بتلك القوى الظاهرة، التي يتمتع بها أولياؤهم، , فتهافتوا عليها؛ كما يتهافت الفراش على النار، ونسَوْا أن الالتجاء إلى تلك القوى، سواء أكانت في أيدي الأفراد, أو الجماعات, أو الدول؛ كالتجاء العنكبوت إلى بيت العنكبوت..  فشبه  أولياءهم بما امتلكوا من قوى  ببيت العنكبوت وخيوطه، التي نسج منها؛ لأنهم رغم كل ما يمتلكون من قوى، لا يستطيعون حماية أنفسهم من الأخطار، التي تحدق بهم، وتهدد أمنهم في كل حين. وإذا كانوا لا يستطيعون حماية أنفسهم، فمن باب أولى لا يستطيعون حماية من اتخذهم أولياء من دون الله تعالى ، فقوة الله وحدها هي القوة، وولاية الله وحدها هي الولاية، وما عداها فهو واهن ضئيل هزيل، مهما علا واستطال, ومهما تجبر وطغى, ومهما ملك من وسائل البطش والطغيان والتنكيل.. أما ما ذهبت  إليه أيها الفيلسوف الانثربولوجي من  أنّ صورة العنكبوت إنّما هو استعمال مجازي يراد به الإشارة الجليّة إلى اسم الآلهة الحماة التي اتخّذها  الوثنيون أولياء يحمونهم من الإله الأوحد ويبعدونهم عنه.؟؟  إنما هي أوهام  وخيالات مريضة ، فتوجه إلى مصحة نفسية ،  لعلها تعالجك  من أمثال هذه الأوهام  ؟!
ثانيا :  صَحَّحَ  يوسف صديق رواية (تلك  الغرانيق العلا) !!
إن ( قصة الغرانيق) التي ذكرتها معظم كتب السيرة ، وكثير من كتب التفسير ، هي قصة باطلة .. من وضع الزنادقة كما أثبت المحققون من علماء المسلمين .  وتكلم  في إبطالها كثير من علماء المسلمين ، وروج لها في المقابل كثير من المستشرقين  وأحلاسهم ، لما فيها من الطعن في أمر الوحي ، والعصمة للرسول – صلى الله عليه وسلم - . ومن الغريب  أن يأتي بعض الحداثيين المعاصرين  أمثال : يوسف صديق  ليدافع عنها ويؤكد إثباتها ؟!وقال : إنه – صلى الله عليه وسلم -  قرأ في صلاته ( تلك الغرانيق العلا )؟؟ والآيات المدعاة  تبدو مقحمة في السّياق ولا تتّفق معه، فَقَبلها وردَ تأكيداً على أنّ النّبيّ لا ينطق عن الهوى،  وبعدها استفهام إنكاريّ (ألكم الذّكر وله الأنثى)، هو رفض قاطع لقول أنّهنّ بنات الله  كما في ( الصافات : 149-157). واجتماع كلمتين يتيمتين (apax legomena)- “غرنوق” وصيغة “ارتجى” (الّذي ورد جذره مجرّدا 23 مرّة ، ومزيدا بالهمزة - في آيتين قصيرتين ) مريب؟؟  فضلا على أنّ وجود تلك الطّيور البحريّة الّتي تعيش في المستنقعات حيث القصب الكثيف وتقتات بالرّخويّات والقشريّات والأسماك حوالي مكّة غير محتمل.؟؟  وبعد هذا العرض الموجز عن تخرصات يوسف صديق.([34] ) نقول : ذكر بعض المفسرين وأهل السير  كما أسلفنا - ( قصة الغرانيق ، والغرانيق مراد بها الأصنام ، وهي في الأصل نوع من الطير طويل العنق يُشَبَّهُ به في الجَمال ) _ وساقوا لها روايات متعددة ، وهي إن أخذت على ظاهرها تكون قادحة في مبدأ الضمان الإلهي للوحي ، وقد تُلقي ظلالا على ضرورة ثبوت العصمة للأنبياء في مجال التبليغ عن الله تعالى . 
ملخص القصة :
تبدأ القصة من  هجرة الحبشة الأولى ، حيث رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ما يصيب أصحابه من البلاء ، فنصحهم بالهجرة إلى الحبشة ، فهاجر بعض المسلمين إليها في شهر رحب من السنة الخاسة من البعثة .!!وعادوا بعد ثلاثة أشهر ، حيث بلغهم أن قريشا صافوا الرسول – صلى الله عليه وسلم – وكفوا أذاهم عنه ، وكان سبب ذلك – كما تقول بعض الروايات - : أن الرسول – صلى الله عليه وسلم –  قرأ سورة ( النجم ) في مجلس ضم المسلمين والمشركين ، فلما وصل في تلاوته  إلى قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى )( النجم: 19-20) أـلقى الشيطان على لسانه :( تلك الغرانيق العلا . وإن شفاعتهن لترتجى) ؟؟
فقال المشركون : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم ؟؟ وقد علمنا أن الله يخلق ويرزق ويحيي ويميت ، ولكن آلهتنا تشفع عنده .فلما بلغ النبي – صلى الله عليه وسلم – آية السجدة في هذه السورة سجد ، وسجد معه المسلمون والمشركون كلهم ، إلا شيخا من قريش رفع إلى جبهته كفا من حصى فسجد عليه وقال : يكفيني هذا ؟؟ فحزن النبي – صلى الله عليه وسلم –حزنا شديدا لما علم بما حدث ، وخاف من الله خوفا عظيما ، فأنزل الله تسلية له اللآيات التالية من سورة الحج : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( الحج : 52) فسر رسول الله– صلى الله عليه وسلم – بذلك ، وذهب عنه ما وجد في نفسه من الخوف .. تلك هي القصة ..؟!
  والمتأمل لروايات قصة الغرانيق يجدها مضطربة ، ومختلفة ، ففي بعضها أن النبي  صلى الله عليه وسلم  كان في نادي قومه ، بينما في رواية أخرى أنه كان في الصلاة ، وفي ثالثة أنه كان في مكة ، وكذا في بعض الروايات : أن النبي  صلى الله عليه وسلم  حدث نفسه فسهى فقال : ( تلك الغرانيق العلا ..الخ ) وأنه علم بذلك ، وفي رواية أخرى أنه لم يعلم ، وأعلمه بذلك جبريل ، وفي رواية أخرى أن الشيطان ألقى ذلك على لسانه ،   وفي بعض الروايات :  أنه كان يتمنى ألا ينزل عليه من الوحي  ما ينفر قومه ، بينما في روايات أخرى خلاف ذلك ..  وكذا قوله : ( تلك الغرانيق العلا  الخ ) قد جاءت في بعض الروايات ( تلك الغرانقة العلا ..) وفي أخرى ( تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهم تُرتضى ) وفي ثالثة ( وإنها لهي الغرانيق العلا  الخ ) وفي بعضها : أنه قال كلمتين !! وهكذا نجد هذا الاختلاف بين الروايات ، والاضطراب الذي يؤدي إلى  التناقض فيما بينها ، وهذا مما يوهن هذه الروايات ، ويردُّها ، لأنها لو كانت صحيحة لجاءت متفقة ، أو على الأقل لم يقع بينها خلاف يؤدي إلى  التضاد كما في هذه الروايات .  ومما يضعف هذه الروايات ، أنها تدل على وقوع المدح في سورة النجم بين ذَمَّين ، لأن الله تبارك وتعالى ذم الأصنام ، وأنكر على عابديها التمسك بأذيالها ، فلو قلنا بهذه القصة للزم على هذا توسط المدح بين ذمين لشيء واحد ، وهذا مما يجعل اللفظ مفككا ومهلهلا ، ولا يستقيم ،  هذا ممن لا عقل له ، فكيف بمن أوتي جوامع الكلم ؟ بل كيف لا يتنبه له المشركون من أهل مكة ؟؟  وهم أرباب الفصاحة والبلاغة ، وقد تحداهم  فعجزوا عن الإتيان بمثل القرآن ، فلو حدث مثل هذا التفكك لا حتجوا به على النبي  صلى الله عليه وسلم  وشغبوا به عليه ، كما حدث في حادثة الإسراء وغيرها .  وإذا اتضح هذا وجب تنزيه الرسول  -  صلى الله عليه وسلم  والقرآن ، مما يوقع في هذا الإضطراب  ، بإبطال هذه القصة .. (  [35] )
وهناك فريق من العلماء على رأسهم الامام ابن حجر العسقلاني أثبت للقصة شيئا من أصل ؟؟  بناء على قواعد علم مصطلح الحديث ، وبعد أن قرر صحة السند ، فهو متفق على بطلان ما جاء في القصة ، ورأى ضرورة السعي إلى تأويل ما يستنكر منها  فقال :  ( فإذا تقرر ذلك ، تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر)([36] )   وهكذا يعود ابن حجر ليلتقي مع القائلين برفض القصة لتعارضها مع مسلمات العقيدة .. ثم ذهب ليفتش  على تأويل لها . ولك إثبات صحة المراسيل أمر غير مسلم لابن حجر .. فهي قد تكون صحيحة السند إلى الشخص المُرسِل ، ولا يعني ذلك صحة الخبر .. وقد أجاب الدكتور محمد بن محمد أبو شهبة على ما ذكره ابن حجر بقوله : ( إن جمهور المحدثين لم يحتجوا بالمرسل ، وجعلوه من قسم الضعيف ، لاحتمال أن يكون المحذوف ( من السند) غير صحابي ، وحينئذ يحتمل أن يكون ثقة أو غير تقة ... إلى أن يقول :  والاحتجاج بالمرسل إنما هو في فروع الدين التي يكتفى فيها بالظن ، أما الاحتجاج به على شيء يصادم العقيدة وينافي دليل العصمة فغير مسلم ) ( [37] ) ثم قال : ( والحق أن نسج القصة مهما تأول فيه المتأولون ، وحاولوا إثبات أن لها أصلا مهلهل متداع لا يثبت أمام البحث ، وأن أعلب البلاء دخل على الإسلام من المنقطعات والمراسيل ) ( [38] )
الغرانيق في لغة أهل العرب لا تطلق على الآلهة :-  
ومما يقدح في متن القصة أيضا ، أن العرب لا تطلق على الآلهة وصف الغرانيق ، قال الشيخ محمد عبده في ذلك :- ( إن وصف العرب لآلهتهم بالغرانيق لم يرد في نظمهم ولا في خطبهم ، ولم ينقل عن أحد أن ذلك الوصف كان جاريا على ألسنتهم ، إلا ما جاء في معجم ياقوت من غير سند ، ولا معروف بطريق صحيح .
والذي  تعرفه العرب ، أن الغرنوق والغرانيق : اسم لطائر مائي أسود، وقيل :  أبيض ، ومن معانيه : الشاب الأبيض الجميل ، ويطلق على غير ذلك  كما في القاموس -، ولاشيء من معانيه اللغوية يلائم معنى الآلهة والأصنام ، حتى يطلق عليها في فصيح الكلام الذي يعرض على أمراء الفصاحة والبيان ، ولا يجوز أن يكون هذا من قبيل المجاز بتشبيه الأصنام والآلهة بالغرانيق ، لأن الذوق الأدبي العربي يأبى ذلك )([39]
وقد  تتابع العلماء المحققون من المحدثين والمفسرين على رد هذه القصة ، والطعن في سندها ومتنها ، ومنهم : - الأمام ابن العربي المفسر المالكي([40])  ، وتابعه في هذا القاضي عياض في كتابه الشفا  . وحكى القرطبي في تفسيره عن ابن عطية أنه قال : - هذا الحديث الذي فيه( تلك  الغرانيق العلا ) وقع في كتب التفسير ونحوها ، ولم يخرجه  البخاري ولا مسلم ، ولا ذكر في مصنف مشهور، بل يقتضي مذهب أهل الحديث أن الشيطان ألقى ، ولا يعنون هذا السبب ولا  غيره )([41])   وحكى الفخر الرازي في تفسيره ( عن محمد بن اسحق بن خزيمة ،  أنه سئل عن هذه القصة فقال : هذا وضع من الزنادقة وصنف فيه كتابا . قال الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي  وهو من كبار رجال السنة  :  هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ، ثم أخذ يتكلم في أن رواة هذه القصة مطعون فيهم ..وأيضا فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قرأ سورة (والنجم ) وسجد فيها المسلمون والمشركون والإنس والجن ، وليس فيها حديث الغرانيق ، وروي هذا الحديث من طرق كثيرة ، وليس فيها ألبتة حديث الغرانيق )([42]) ..وذهب إلى وضعها الإمام : ( أبو منصور الماتريدي ) في كتابه ( حصص الأتقياء )  حيث قال : ( الصواب أن قوله : تلك الغرانيق العلا من جملة إيحاء الشياطين إلى أوليائهم من الزنادقة ، حتى يلقوا بين الضعفاء وأرقاء الدين ، ليرتابوا في صحة الدين ، وحضرة الرسالة بريئة من مثل هذه الرواية )([43]وممن جزم بوضع هذه القصة جزما باتا الإمام ابن حزم الأندلسي حيث قال في كتابه ( الفِصَل ..) ( وأما الحديث الذي فيه الغرانيق فكذب بحت موضوع ، لأنه لم يصح قط من طريق النقل ، ولا معنى للاشتغال به ، إذ وضع الكذب لا يعجز عنه أحد )([44])  .  وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره : ( قد ذكر الكثير من المفسرين ههنا قصة الغرانيق ، وما كان من رجوع كثير من المهاجرة إلى أرض  الحبشة ظنا منهم أن مشركي قريش أسلموا ، ولكنها من طرق كلها مرسلة ، ولم أرها مسندة من وجه صحيح .. والله أعلم ) ([45])  وقال الشيخ محمد عبده بعد أن ذكر طعن الأئمة من المحققين فيها : -( هذا ما قاله الأئمة  جزاهم الله خيرا  في بيان فساد هذه القصة ، وأنها لا أصل لها ، ولا عبرة بمن خالفهم، فلا يعتد بذكرها في بعض كتب التفسير ، وإن بلغ أربابها من الشهرة ما بلغوا ، وشهرة المبطل في باطله ، لا تنفخ القوة في قوله ، ولا تحمل على الأخذ برأيه )([46])  وتابع هؤلاء كثير من المحدثين والمفسرين منهم :  البيضاوي في تفسيره ([47]) وأبو السعود ([48]) ،   والألوسي في كلام طويل نفيس ([49])  ، والشوكاني ([50]) ، والمراغي([51])  ، وصديق خان في تفسيره ( فتح  البيان )([52]) وغيرهم . 
وقال  الحافظ ابن حجر في فتح  الباري :- ( وما قيل من أن ذلك بسبب إلقاء الشيطان في أثناء قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم  لا صحة له عقلا ولا نقلا )([53]وقال مثل ذلك العيني في كتابه ( عمدة القارئ )([54])   ، والشيخ الدكتور محمد محمد أبو شهبه تكلم في إبطالها بكلام نفيس مفيد ، وأوسع من تكلّم في بطلانها من العلماء وتضعيفها العلامة الألباني -رحمه الله تعالى- في كتابه: "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"، وذكر لها عشر روايات، ثم قال  : وهي كلها -كما رأيت- مُعَلَّة بالإرسال، والضّعف، والجَهالة؛ فليس فيها ما يصلُح للاحتجاج به، لا سيّما في مثل هذا الأمر الخطير. ثم إن مما يؤكد ضَعفها، بل بطلانها، ما فيها من الاختلاف والنّكارة مما لا يليق بمقام النبوة والرسالةاهــ.  وأما القول: إن الإمام الشافعي يحتج بالمرسل.   فالجواب أن الشافعي يحتج بمراسيل كبار التابعين، وبشروط ، ولكن الضعف في قصة الغرانيق ليس في كونها مرسلة فقط، بل لما في متنها أيضًا من النكارة المخالفة لصريح القرآن من عصمة نبيه صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله تعالى من الوحي  ([55]) ، وتكلم الدكتور إبراهيم شعوط  أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر ، في إبطال القصة بكلام مفيد في كتابه ( أباطيل يجب أن تحمى من التاريخ ) ([56])  ومن هذا العرض يتبين لنا أن سند القصة غير صحيح ، وأن متنها يتنافى مع عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم - ، ويتصادم مع نصوص القرآن الكريم ، لهذا تكون قصة الغرانينق موضوعة مختلقة بقصد الدس في الإسلام، والطعن فيه ، وهي باطلة من وجهين :

  1. لثبوتها بأخبار ضعيفة ومراسيل لا تقوم بها حجة .

  2. لاضطراب الروايات وتعارضها مع أحكام تتعلق بالعقيدة ، وهو ما عليه حمهور المسلمين .

 فعلى هذا لا يلتفت  إلى ما يروجه المستشرق ( سير موير ) وأحلاسه  من الحاقدين على الإسلام بتأييد هذه القصة   أمثال بوسف صديق ، وتأييدها بالروايات التاريخية  ، مثل ما قالوا : أنها كانت سبب رجوع مهاجرة الحبشة إلى مكة ، ووقوع هدنة بين المسلمين والمشركين فوقوع هذه الهدنة أمر لا صحة له ، وسبب رجوع مهاجرة الحبشة هو إسلام عمر الفاروق    رضي الله عنه فكان إسلامه نصرا للإسلام ، فبه قويت شوكة المسلمين ، فرجع كثير منهم إلى مكة لما عز  الإسلام .( [57] )  وبعد قيام الأدلة على بطلان قصة الغرانيق، والتي  لايصح أن تجعل سببا لنزول قوله تعالى :-  ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ..الآية ) ( الحج : 55) ولا علاقة بين سجود المشركين وهذه الآية ، لأنه لم يرد في الكتب المعتبرة روايات صحيحة تدل على ذلك ...([58])
والخلاصة : إن تشبيه الأصنام بالغرانيق غير معقول المعنى ، فالغرنوق طائر مائي ، وهو ليس في بيئة أهل مكة ، وهم المخاطبون حينئذ ، ثم إذا كان وجه الشبه في الغلو والقوة ، فهما متوفرتان في غيره من الطيور كالنسر مثلا ، ولم يسبق للعرب أن ورد هذا الاستعمال في كلامها شعرا أو نثرا ،  فكيف فهموا أن المقصود به تلك الأصنام ؟؟
قال سيد قطب – رحمه الله - : (وقد رفضت منذ الوهلة الأولى تلك الروايات جميعاً . . فهي فضلاً عن مجافاتها لعصمة النبوة وحفظ الذكر من العبث والتحريف ، فإن سياق السورة ذاته ينفيها نفياً قاطعاً . إذ أنه يتصدى لتوهين عقيدة المشركين في هذه الآلهة وأساطيرهم حولها . فلا مجال لإدخال هاتين العبارتين في سياق السورة بحال . حتى على قول من قال : إن الشيطان ألقى بهما في أسماع المشركين دون المسلمين . فهؤلاء المشركون كانوا عرباً يتذوقون لغتهم . وحين يسمعون هاتين العبارتين المقحمتين ويسمعون بعدهما : (  ألكم الذكر وله الأنثى؟ تلك إذاً قسمة ضيزى . إن هي إلا أسمآء سميتموهآ أنتم وآبآؤكم ، مآ أنزل الله بها من سلطان . . الخ ) . ويسمعون بعد ذلك ( إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى وما لهم به من علم . إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً ) . . ويسمعون قبله : ( وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشآء ويرضى ) . . حين يسمعون هذا السياق كله فإنهم لا يسجدون مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأن الكلام لا يستقيم . والثناء على آلهتهم وتقرير أن لها شفاعة ترتجى لا يستقيم . وهم لم يكونوا أغبياء كغباء الذين افتروا هذه الروايات ، التي تلقفها منهم المستشرقون مغرضين أو جاهلين
لغير هذا السبب إذن سجد المشركون . ولغير هذا السبب عاد المهاجرون من الحبشة ثم عادوا إليها بعد حين مع آخرين .) ( [59] )
ثالثا : -  أوهام  يوسف صديق في التنقيط والتشكيل
قال يوسف صديق مؤكدا جهله :
الأمر الثاني المهم جداً، التنقيط فوق الحروف لم يكن موجوداً في عصر الرسالة وإنما وُجِد حسب التراث مع الحجّاج ابن يوسف،؟؟  ويقال إنه هو الفاعل لهذا التنقيط ؟ ، والمثل الذي أعطيه دائماً هو( نزوّجهم بحور عين ) وإنما تُقرأ أيضاً (نروّحهم بحور عين،)  لأن الزواج يقتضي عملية منطقية وعدول وتنفيذ وشهاد وإلى آخره، ولا يمكن أن يكون هذا في الجنة، أن يكون هناك زواج، (ولذلك أنا أقرأه نروّحهم.) [60] ) .. ثم هذى بكلام لم يفهمه قائله ولا قارئه ؟؟؟ ( [61] ) ونقول أولا  : كلامك غير دقيق  يا بتاع الفلسفة ؟؟ فقد مرت عملية تنقيط المصحف في ثلاث مراحل ، وقبل بيانها لا بد من بيان أن للنقط معنيان:-   الأول : نقط الإعجام وهو نقط الحروف ذاتها ، للتفريق بين المشتبه منها في الرسم ، كنقط الباء نقطة تحت الحرف ، ونقط التاء باثنتين من فوق ، وهذا النوع هو الذي ظل حتى يومنا هذا مستعملا في النقط سواء أكان في المصحف أم في غيره ، وهو وضع : نصر بن عاصم ،  ويحي بن يعمر. وليس الحجاج ؟! الثاني : نقط الإعراب وهو نقط الحروف للتفريق بين حركاتها المختلفة في اللفظ ، مثل جعل الفتحة نقطة فوق الحرف ، والكسرة نقطة تحت الحرف ، والضمة نقطة بين يدي الحرف ، وسمي فيما بعد بالشَّكل ، لأنه يزيل ما في الكلام من إبهام وأشكال ، وكان يسمى بادئ الأمر بالنقط لأنه كان يرسم نقطا مدورة ،  لا تفترق عن نقط الإعجام من حيث الصورة لكن تختلف ياللون . وبقي الحال على هذا المنوال إلى أن فتح الله للخليل بن احمد ، فأوجد بدلا منه الحركات (الفتحة ، الضمة ، الكسرة، ) التي نعتمدها في كتاباتنا إلى يومنا هذا ، فأكمل بذلك المسيرة التي بدأها كل من (أبو الأسود) ، ونصر بن عاصم ، ويحي بن يعمر .
إذن مرت عملية نقط المصحف وشكله في مراحل ثلاث :-   المرحلة الأولى : نقط الإعراب :  بعد انتشار الإسلام ، واختلاط العرب بالأعاجم ، ودخول كثير منهم الإسلام ، بدأت عوامل الفساد تدب إلى اللغة العربية وحدث اللحن في الألسنة ، وتسرب إلى ألسنة الناشئة وعامة الناس ، فانتبه له رجال الدولة ،  وشمر العلماء عن ساعد الجد يبغون الصلاح  ويهدفون الى الإصلاح وقد جعلوا القرآن نصب أعينهم وغايتهم ، صيانته وحفظه ، خشية أن يتطرق إليه تصحيف أو تحريف.   وكان أبو الأسود الدؤلي من أوائل الذين تنبهوا إلى خطورة اللحن الذي أخذ يتفشى في كثير من الألسنة ، فجاء إلى زياد بن أبيه والي البصرة وكان معلما لأولاده ، فقال له (أصلح الله الأمير‍، إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم وتغيرت ألسنتهم ، أتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون أو يقومون به كلامهم قال : لا ) ([62]) فخرج أبو الأسود من عند زياد خائبا ، وبعد هذه الزيارة الفاشلة جاء رجل إلى زياد وقال له (أصلح الله الأمير توفي أبانا وترك بنون ، فقال زياد : ادعوا لي أبا الأسود ، فلما حضر قال ضع للناس الذي نهيتك أن تضع لهم ) ([63]) . وتروى القصة معكوسة في مصادر أخرى ، ومفادها : أن زيادا طلب من أبي الأسود أن يضع قواعد تعصم اللغة من الفساد ، فأبى بادئ الأمر ، وامتنع أن يلبي طلبه فأمر رجلا أن يقعد في طريق أبي الأسود،  فلما قاربه رفع صوته بالقراءة قاصدا إسماع أبي الأسود، وقال (إن الله برئ من المشركين ورسوله ) بكسر اللام في رسوله ، فقال أبو الأسود ما ظننت أن أمر الناس آل إلى هذا الأمر ، فرجع إلى زياد فقال : أفعل ما أمر به الأمير، فليبغني الأمير كاتبا ثَقِفاً لَقِفاً ، فأتاه بنفر من الكتاب ، فاختار واحدا منهم وكان من عبد القيس ، فقال أبو الأسود لهذا الكاتب :- إذا رأيتني قد فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة فوقه على أعلاه ، وإن ضممتُ فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف ، وإن أتبعت شيئا من هذه الحركات عنه يعني تنوينا ، فاجعل نقطتين ، ففعل ذلك حتى أتى على آخر المصحف ([64] ) ، وكان التنقيط بمداد أحمر ، فالتنقيط بمعنى الشكل قام به أبو الأسود الدؤلي ، ففتح الباب في إصلاح الحرف العربي ، ثم تتابعت بعده الجهود ( [65] )  .
المرحلة الثانية : وهي نقط الإعجام :   تتفق معظم المصادر على أن تنقيط المصاحف للحروف المتشابهة وإزالة عجمتها كان يطلب من الحجاج بن يوسف الثقفي عامل عبد الملك بن مروان ( [66] ) وقد أطلق على هذه العملية الإصلاحية اسم الإعجام .
جاء في لسان العرب : ( حروف المعجم : أ ، ب، ت .. سميت بذلك من التعجيم وهو إزالة العجمة بالنقط ، والعجم :- النقط بالسواد ، بخلاف نقط الإعراب أي الشكل كان بالمداد الأحمر ، مثل التاء عليها نقطتان ، يقال أعجمت الحرف والتعجيم مثله ، ولا يقال عجمت ، قال ابن جني : أعجمت الكتاب أزلت استعجامه ، وكتاب معجم إذا أعجمه كاتبه بالنقط ([67]) ، فالإعجام إذن هو التنقيط للحروف المتشابهة في شكلها فالعين مهملة ومن أجل التفريق بينها وبين (الغين) تعجم الثانية بنقطة فوقها ..
وخلاصة القول  : أن أبا الأسود هو أول من نقط المصاحف ، وهذا ما ترويه معظم المصادر كالنجوم الزاهرة  ([68])  وصبح الأعشى ([69])  وكان الغرض من تنقيطه هو ضبط الشكل فقط ، وأما تنقيط يحي بن يعمر ونصر بن عاصم ، فكان هدفه الإعجام ، وتمييز الحروف المتشابهة بالصورة ، فللباء نقطة من أسفل ، وللتاء نقطتان من فوقها ، وللثاء ثلاث فوقها ، وأعجمت الجيم والخاء وأهملت الحاء .
قال في لسان العرب : (فإن قيل إن جميع الحروف ليس معجما  ، إنما المعجم بعضها ، فلم سميت بذلك ، قيل: إنما سميت بذلك لأن الشكل الواحد إذا اختلفت أصواته ، فأعجمت بعضها وتركت بعضها ، فقد علم أن هذا المتروك بغير إعجام هو غير ذلك الذي من عادته أن يعجم ، فقد ارتفع أيضا بما فعلوا الإشكال والاستبهام عنهما جميعا ([70]) .
وقد علل بعض العلماء سبب اختيار عدد النقاط والكلمات ومكان موضعها سواء أكانت في أعلى الحرف أم من أسفله  ،  وكتاب المحكم خير كتاب وضح ذلك وعلله  ([71]) .
ويختلف أهل المغرب عن أهل المشرق في إعجام الفاء والقاف ، فهم ينقطون الفاء بنقطة من أسفلها،  والقاف بنقطة واحدة في أعلاها ([72]) .
المرحلة الثالثة : رغم الخطوات الرائدة التي مر ذكرها ، والتي كان مفادها سلامة الحرف العربي ،  وصيانة اللسان من الزلل ، بقي الحرف يعاني من تعثرات ما زالت ترافقه، وما زال هناك تصحيف وتحريف ، ولبس ، وأشكال ، ويعود السبب إلى أن الشكل - أي حركة الحرف - والإعجام - أي تنقيط الحروف المتشابهة - قائمتان على أساس النقطة ، فالإعجام كان باللون الأسود ، والشكل الذي يعتمد النقطة صورة له يجري باللون الأحمر، وقد لا يجد الكاتب حين يكتب لونين من المداد ، فيضطر إلى أن يستخدم لونا واحدا فقط وعند ذلك تتراكم النقاط ، ويلتبس الأمر على القارئ ، ويقع عندئذ الإشكال.
وحتى لو توفرت الألوان الكافية من الحبر ، فهي لا تحل الإشكال ، وذلك لكثرة النقاط وتراكمها إضافة إلى مشكلة أخرى هي :- عدم ضبط حركة بنية الكلمة ، والوقوف على اللفظ السليم كما سمع عن العرب ،  فهناك الكثير من الكلمات إذا اختلفت حركة بنيتها تغير معناها ، وفي العربية الكثير من الكلمات المثلثة مثل كلمة (بر ، بر ، بر ) بفتح الباء ، وضمها ، وكسرها ، وكل حركة منها تغير معناها ، وقد تتغير الحركة في الكلمة الواحدة، ولا يقود هذا التغيير إلى اختلاف في المعنى ، بل يبقى كما هو ، وهنا تكمن الفوضى ، وتقع الحيرة في الوقوف على اللفظ الصحيح.
فالإصلاح الأول الذي قام أبو الأسود ، والإصلاح الثاني الذي قام به كل من يحي بن يعمر ، ونصر بن عاصم ، وقيل الحسن البصري ، ما زالا قاصرين ، والحرف العربي ما زال تحت رحمة النساخ ، يصيبه ما يصيبهم من فوضى تراكم النقاط ، وصعوبة القراءة ، مع تجريف ناجم عن الشكل حتى هيأ الله له الخليل بن أحمد الفراهيدي([73])  فأوجد الحركات الفتحة ،الضمة ، الكسرة ، التنوين ) التي نعتمدها في كتابتنا الى يومنا هذا ، فأكمل المسيرة الإصلاحية التي بدأها أبو الأسود الدؤلي ، وكان الإصلاح الثالث هو:-  الإصلاح الذي ضمن سلامة الحرف  العربي ، وقيد الشكل بحركات من جنس الحروف بدلا من نقط الإعراب التي وضعها أبو الأسود .. قال الدَّاني :  فالشكل الذي في الكتب من عمل الخليل وهو مأخوذ من صور الحروف ، فالضمة واو صغيرة في أعلى الحرف  ، لئلا تلتبس بالواو،  والكسرة باء صغيرة تحت الحرف ، والفتحة ألف مبطوحة فوق الحرف ([74])
كما أن الخليل هو أول من وضع الهمزة والتشديد ، والروم([75]) ، والإشمام ([76]) ، وقد أخذ الشدة من رأس شين مختزلة من لفظ تشديد ،  والسكون رأس فاء مختزلة من لفظ تخفيف ، وهمزة القطع رأس عين مختزلة من لفظ قطع ، وعملت بها الأيام عملها على حسب الحاجة واقتضاء الظروف ، فاختزل شكلها وزيد عليها حتى آلت الى الشكل المعروف الآن ([77]).
وهكذا أنقذ الخليل العربية من إشكالات عانتها ردحا من الزمن ،  قادت الكتاب والقراء إلى أخطاء خطيرة ،  فأغنى المسلمين عن  استعمال لونين من المداد ، كما أغناهم عن النزاع في إباحة استعمال المداد الأحمر وكراهيتة أو حرمتة مما هو معروف مدون في كتب القراءات( [78] ) .   وبالإصلاح الثالث الذي قام به الخليل سلم الحرف العربي من اللبس ، والغموض،  والتحريف ، والتصحيف قراءة وكتابة ، وتحوشي ، تراكم النقاط واختلاف المداد فكان مجموع ما وضعه الخليل ثماني علامات هي : الفتحة ، والضمة ، والكسرة ، والسكون، والشدة ، والمدة ، والصلة ، والهمزة ، وهي التي نستعملها إلى يومنا هذا ، ولم تمر هذه الإصلاحات الثلاث دون معارضة ، وكان أصحاب القراءة لا يتبعون طريقة الشكل في ضبط المصاحف إلى عصر الداني ، ويؤثرون طريقة النقط المدور اتباعا للسلف من نقاط المصاحف ، ويتشددون في ذلك ، ولكن هذا التشدد قد ضعف أمره مع تراخي الزمن، وابتغى الناس السهولة واليسر في خط المصاحف  فمالوا إلى طريقة الشكل  ([79]) ، ثم توالت فتاوى الفقهاء في ترخيص ذلك .    قال النووي : (نقط المصحف وشكله مستحب ، لأنه صيانة له من اللحن والتحريف )  ([80]وقال في صبح الأعشى : (وصرح أصحابنا من الشافعية - رضي الله عنهم - بأنه يندب نقط المصحف وشكله)( [81]).وقال الأوزاعي : ( إعجام الكتاب نوره )( [82])   إن قصة نقط المصاحف وشكلها ، تكشف عن عظمة التابعين وعبقريتهم وتوضح اهتمام المسلمين المتواصل وعملهم الجاد لخدمة كتاب الله الكريم ، وتميط اللثام عن وجه من وجوه الإعجاز في قوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). ( الحجر : 9 )
 رابعا  : – زعم يوسف صديق أن كلمة " كوثر" القرآنية مأخوذة عن ( كاثارسيس) اليونانية.؟!  ترى هل بين يديه دليل على هذا؟ إن مجرد التشابه بين " كوثر" و" كاثارسيس" اليونانية لا يكفي. وحتى إذا كان كافياً فلماذا ينبغي أن يكون القرآن هو الذي استعار الكلمة اليونانية ولا يكون الإغريق هم الذين أخذوا كلمتهم من لغة الضاد؟ إن هذا هو أسلوب المستشرقين, ويوسف صديق  يحذو حذوهم دائما حذو النعل بالنعل ([83] ) ؟!  ونقول : وكلمة  ( كوثر ) مشتقّة من الثّلاثيّ “كثر” وتبدو صيغة مبالغة (مثل نوفل ) أي معطاء، وليس صحيحا أنّ كلّ الكلمات الّتي على وزنها دخيلة، وفي القرآن نفسه ورد “الكوْكب” الّذي له موازيات في لغات ساميّة أخرى بدون واو مهموزة . وبذلك المعنى يوحي السّياق أيضا، فالآية ردّ على من عيّر النّبيّ بالفقر وغيره ، وهو وإن لم يؤت كثيرا من متاع الدّنيا أوتي شرف النّبوّة ووُعد بنعيم الآخرة.الكثير .   **وفي  صفحة يقظة فكر: يزعم  الباحث الألماني كريستوف لوكسنبرغ (جيرد بزين ) [84] ) هناك قراءة خاطئة لسورة الكوثر بدايةً من كلمة الكوثر بحد ذاتها: بالنسبة لآية {  إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ.  } (الكوثر: 1) التي احتار المفسرون في إيجاد معنى لهذه الكلمة ،  ولحل المشكلة قالوا بأن الكوثر هو نهر في الجنة؟؟ كلمة الكوثر أصلها بالسريانية (كوثرا ܟܘܬܪܐ) ومعناها المثابرة أو الصمود، أي طول الأناة. القراءة العربية مُبهمة ل( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)  لكن القراءة السريانية هي: (إنا أعطيناك المثابرة ) أي (الصمود ، طول الأناة و الصبر). و بالنسبة للآية {  فَصَلِّ لِرَبِّكَ   وَانْحَرْ  } (سورة الكوثر :  2) إنحر هو اللفظ الخاطيء للكلمة السريانية (إنجر) المشتقة من فعل (نجر ܢܓܪ) والتي تأتي بمعنى صبر أو ثابر. هذه القراءة منطقية جداً لأن القرآن في مواضع أخرى يربط بين الصلاة و الصبر: (  وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَ الْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ) (سورة طه 123)   وأيضاً: (  رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا  ) (سورة مريم 65)..  والقراءة السريانية لهذا النص هي: فصلي لربك واصبر. ؟؟  أما بخصوص آية  (  إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ  ) (سورة الكوثر 3)، فكلمة "شانئك" أصلها بالسريانية هي( ܣܢܐܟ) و تنطق بالسين و ليس بالشين أي "سانئك" ومعناها :  (مُبغضك أو كارهك). و"الأبتر" هي القراءة الخاطئة للكلمة السريانية "الأتبر" المشتقة من جذر تبر (ܬܒܪ) أي هلك أو انكسر، وهي مذكورة في موضع آخر في القران: {  ربِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوَالِدَيَّ وَ لِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا  وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا} (سورة نوح 28) ومعناها بالسريانية هي: إن كارهك هو الهالك أي (المنكسر- المنسحق)([85] ) ، كل هَمِّهِ تحريف  ألفاظ ومعاني القرآن ؟!
**ويقول سرمد رشاد ؟!  :   لا أوافق هذا التفسير. المشكلة التي وقع بها المفسرون العرب هي إصرارهم على عربية القرآن؟! ومعهد (إنارة) قام شاكراً بكشف سريانية القرآن، لكنه وقع بنفس المشكلة التي وقع بها العرب،  فأخذ يفسر كل شيء على أنه سرياني!! محبي الأساطير البابلية القديمة ربطوا كل تفاسيرهم بأساطيرهم الرافدينية ،  ومحبي الأساطير السورية ربطوا كل تفاسيرهم بأساطيرهم الكنعانية الفينيقية!! .. بعد اكتشاف مخطوطات قمران ، والتنوع في مصادر خطوطها ولغاتها من السريانية والعبرية  واليونانية تيقنت ؟؟  بأن القرآن جمع أو ترجم عن إحدى تلك الكتابات، لأنه يحتوي على كلمات سريانية ، وعبرية   ويونانية ، وحبشية ،  وفارسية. فكلمة (الكوثر) برأيي هي (كوشر) بالعِبرية وتعني :  إنا أعطيناك الحلال، لأن النحر يجب أن يكون حلال (كوشر) وبذكر إسم الرب (فصلي لربك وانحر) وهي طقوس الذبح على الطريقة اليهودية، فالإله يهوه بارك بالكوشر (الأكل الحلال.  والرزق الحلال وكل شيء قال عنه حلال). أما كلمة (شانئك) فتعني (كارهك) فيصبح المعنى العام هو من يكره الحلال سينقطع رزقه أو حلاله!!
  وليت  جوقة المستشرقين والحداثيين وفي مؤخرتهم يوسف صديق اتفقوا على معنى واحد ،  بل ليتهم  قرأوا ماكتبه الزمخشري في رسالته البديعة  ( رسالة في إعجاز سورة الكوثر) ، أو ما ذكره المفسرون في تفسيرها ، ولو فعلوا ذلك لأراحونا من هذا العبث  الأنثروبولوجي ومن فلسفاتهم بل  وساوسهم  الشيطانية  ؟؟!! وما علم هؤلاء  الذين يهرفون  بما لا يعرفون أن القرآن الكريم كتاب الله تعالى في اللوح المحفوظ منذ الأزل ،  فكلمة الكوثر عربية ، وردت في الحديث النبوي الشريف،  وفي الشعر الجاهلي ، وفي القرآن الكريم ..
 - عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه أغفى إغفاءةً ، فرفعَ رأسَهُ مبتَسِمًا ، إمَّا قالَ لَهُم وإمَّا قالوا لهُ لِمَ ضحِكْتَ  ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ إنَّهُ أُنْزِلَت عليَّ آنفًا سورةٌ فقرأَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) (الكوثر : 1) حتَّى ختمَها ثم قالَ لهم : هَل تَدرونَ ما الكَوثرُ ، قالوا اللَّهُ ورسولُهُ أعلَمُ. قالَ هوَ نَهْرٌ أعطانيهِ ربِّي عزَّ وجلَّ في الجنَّةِ علَيهِ خيرٌ كثيرٌ ترِدُ علَيهِ أمَّتي يومَ القيامةِ ، .....الحديث  ( [86] )  وليس بعد كلام رسول الله كلام . 

-  وقال الشوكاني : ( الْكَوْثَرَ )  فَوْعَل من الكثرة ،  وصف به للمبالغة في الكثرة، مثل النَّوفل من النفل، والجوهر من الجهر. العرب تسمي كلّ شيء كثير في العدد، أو القدر، أو الخطر كوثراً، ومنه قول الشاعر (حسان بن نشبة ) :   أبوا أن يُبيحوا جارهم لعدوهم  ...  وقد ثار نقعُ الموت حتى تكوثرا
ورجل كوثر : كثير العطاء والخير . والكوثر : السيد الكثير الخير ;   وقال الكميت  :
وأنت كثير ، يا ابن مروان ، طيبٌ  .... وكان أبوك ابن العقائل كوثرا ( [87] )  

-  وقال ابن عاشور : افتتاح الكلام بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر. والإِشعار بأنه شيء عظيم يستتبع الإِشعار بتنويه شأن النبي - صلى الله عليه وسلم-  ، والكلام مسوق مساق البشارة وإنشاء العطاء،  لا مساق الإخبار بعطاء سابق. وضمير العظمة مشعر بالامتنان بعطاء عظيم. و( الكوثر ) اسم في اللغة للخير الكثير ، صيغ على زِنة  ( فوْعل  )، وهي من صيغ الأسماء الجامدة غالباً نحو الكوكب، والجورب، والحوشب ، والدوسر، ولا تدل في الجوامد على غير مسماها، ولما وقع هنا فيها مادة الكَثْر كانت صيغته مفيدة شدة ما اشتقت منه بناء على أن زيادة المبنى تؤذن بزيادة المعنى، ولذلك فسره الزمخشري بالمفرط في الكثرة، وهو أحسن ما فُسر به وأضبطُه، ونظيره جَوْهر، بمعنى الشجاع ، كأنه يجاهر عدوّه، والصومعة لاشتقاقها من وصف أصمع وهو دقيق الأعضاء ، لأن الصومعة دقيقة ، لأن طولها أفرط من غلظها. ويوصفُ الرجل صاحب الخير الكثير بكَوثر ، من باب الوصف بالمصدر كما في قول لبيد في رثاء عوف بن الأحوص الأسدي :

وصاحب ملحوب فُجعنا بفقده.. .........وعند الرّداع بيتُ آخر كوثر

 

ملحوب والرداع :  كلاهما ماء لبني أسد بن خزيمة، فوصف البيت بكوثر
 وسمي نهر الجنة كوثراً ،  كما في حديث مسلم عن أنس بن مالك المتقدم آنفاً. وقد فسر السلف الكوثر في هذه الآية بتفاسير أعمها أنه الخير الكثير، وروي عن ابن عباس، قال سعيد بن جبير فقلت لابن عباس : إن ناساً يقولون هو نهر في الجنة، فقال هو من الخير الكثير. وعن عكرمة الكوثر هنا النبوءة والكتاب، وعن الحسن هو القرآن، وعن المغيرة أنه الإِسلام، وعن أبي بكر بن عَيَّاش هو كثرة الأمة، وحكى الماوردي أنه رفعة الذكر، وأنه نور القلب، وأنه الشفاعة، وكلام النبي - صلى الله عليه وسلم - المروي في حديث أنس لا يقتضي حصر معاني اللفظ فيما ذكره. وأريد من هذا الخبر بشارة النبي -  صلى الله عليه وسلم -  ، وإزالةُ ما عسى أن يكون في خاطره من قول من قال فيه هو أبتر، فقوبل معنى الأبتر بمعنى الكوثر،إبطالاً لقولهم. وقوله : ( فصل لربك ) اعتراض ،  والفاء للتفريع على هذه البشارة بأن يشكر ربه عليها، فإن الصلاة أفعال وأقوال دالة على تعظيم الله والثناء عليه،  وذلك شكر لنعمته. وناسب أن يكون الشكر بالازدياد مما عاداه عليه المشركون وغيرهم ، ممن قالوا مقالتهم الشنعاء إنه أبتر، فإن الصلاة لله شكر له ، وإغاظة للذين ينهونه عن الصلاة ، كما قال تعالى أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى ) ( العلق 9، 10 ) لأنهم إنما نهَوْه عن الصلاة التي هي لوجه الله
- وقال الإِمام القرطبى:  ما ملخصه واختلف أهل التأويل فى الكوثر الذي 
أُعطيه النبي  - صلى الله عليه وسلم  - على ستة عشر قولاً ،  الأول منها   : أنه نهر في الجنة .. ( [88] )  
خامسا : - أكّد يوسف صديق أنّ اسم مكّة مشتقّة من mukè الّتي ردّ إليها اسم Mukènai أو Mukanai (بالفرنسيّة Mycènes)، ذهب Solmsen وStrömberg   في أوائل القرن العشرين إلى أنّ الأخيرة مشتقّة من mukès أي الفُطر، لكنّ Krahe فنّد ذلك ، واستبعده Frisk. والاشتقاق أضعف في حالة مكّة الّتي ورد اسمها في القرآن بكّة (آل عمران : 96)، خاصّة أنّ العرب لم يتّصلوا حقّا وبصفة مباشرة باليونان قديما. واشتقاق الصّفا من اليونانيّة أغرب، إذ يعني الصّفاة ، والصّفاة الصّخرة. ([89])  ونقول :  كلامك غير صحيح ،  فكلمة مكة عربية فصيحة .. ومكة وبكة مبدلةٌ إحداهما من الأخرى ، وإنهما شيءٌ واحد  ، والباء تبدلُ من الميم  كثيراً  عند قبيلة مازن ( [90] ) ، غير أن أصل اللفظين مختلف ، فبكَّة من الَبكّ ، وهو التزاحم والمغالبة ، يقال : تباكَّت الإبل ، إذا ازدحمت على الماء  فشربت ([91]  )  ، وسمي موضع البيت خاصة بكَّة ؛ لأن الناس يزدحمون فيه عند الطواف ، فيدفع بعضهم بعضاً ( [92] )  ، فبكة اسم للمسجد خاصة حيث يكون الطواف ؛ لذا ذكرها  تعالى عندما ذكر البيت الحرام ، فقال سبحانه: (  إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) ( آل عمران٩٦ ) فكأن الله تعالى يقول : إن أول بيت وضع للناس هو في مدينة تقصم أعناق من يريد السوء بها . ثم بعدها ذكر الحج  ، ومن أركانه الطواف ، فقال  : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ )آل عمران:  ٩٧ فكان ذكر  (بكة( هنا أوفق لوصف الحج وزحام الحجيج فيه وتدافعهم .. وقيل : لأنها تبك أعناق الجبابرة ، والمريدين لها السوء .. أما مكة  : فاسم للبلد الحرام،  وأصلها من المك وهو انتقاء العظم ، ومن ذلك قيل :تمكَّكت العظم ؛ أي : أخرجت  مُخه  ، وسميت مكَّة بذلك ؛ لأنها  وسطُ الأرض كالمخ الذي هو أصل  ما في العظم ، وقيل في أصلها غير ذلك..  إلاَّ أنهم اتفقوا على أنها  اسم لسائر بلد الله الحرام ، وتحديداً بطن الوادي ، وهو ذو طوى ، الذي ذكره الله تعالى في قوله : (  وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ   عَلَيْهِمْ ... ( ( الفتح : 24 ) ولعلَّ في البك شدة لا نلتمسها في المك ، تجر إلى معنى بكة ومكة ، فاختصت الباء ببكة التي  فيها معنى التدافع والمغالبة لما في صفتها من الشدة والقلقلة ، حتى كأنَّ القلقلة التي هي ترجيع في  الصدر توحي بذلك التدافع والازدحام ، أما الميم فحرف متوسط بين الشدة والرخاوة وفي مخرجه  خفة ؛ لخروج بعض النفس من الخيشوم ؛ لعدم انطباق المخرج عليه انطباقاً تاماً ، فكان أوفق لمجيئه  مع البلد الحرام ذلك البلد الآمن المطمئن . ( [93] )
سادسا :  -   قال  يوسف صديق  ؟! قهناك آيات لو أقدمنا على تطبيقها ، أو أشرنا إلى قابلية تطبيقها اليوم لهوت السماء على الأرض؛ مثلاً الآية التي تقول  :  ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم)( النور : 33) ، كيف ستُقبل اليوم؟ لا بد من تجاوزها  ، وغيرها كثير، فهي من وجهة نظره يجب تجاوزها ، لأنه ما عندنا رقاب، ولا فتيات للبغاء ؟؟  ([94] )  
ويُثير بعض المتقولين شبهة مفادها :  أن الإسلام يجيز للسيد أن يدفع أَمَتَهُ إلى العمل في الدعارة، وذلك من خلال  قوله عز وجل: (  ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم )  (النور : 33)، ويستدلون بذلك على أن الإسلام أجاز البغاء للأَمة مادامت غير مكرهة عليه، ثم أخبر أنه يغفر للسيد الذي يكره أمته على الدعارة بقوله عز وجل: ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) وكان الأولى في ظنهم أن يقال: شديد العقاب، ويتساءلون ألا يعد هذا تصريحا واضحا من الإسلام بقبول الفاحشة والتراخي في شأنها؟!
ومما يُبطل  أوهام  يوسف صديق  وتابعه المغربي  :   هو  سبب نزول هذه الآية الكريمة :  فقد كان   عبد الله بن أبي بن سلول  يُجبر جارية له على ممارسة الدعارة لجلب الأموال ؟؟ ،  فشكته إلى النبي   -صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية،  وأمر الرسول   -صلى الله عليه وسلم -  برفع يد المنافق  عن الجارية وأعتقها .
 ونقول : هل الآية تدل على وجود فتيات عندنا للبغاء حتى تنفيه بقولك : ما عندنا فتيات للبغاء  ؟؟ أنت  نفيت فهمك للآية  ؟! فالمقصود منها في الظاهر :  أن الجارية لا نكرهها على البغاء إن أرادت التحصن ، أما إذا لم ترد ذلك فلا بأس ؟؟  ظاهر هذا الأسلوب يثبت شيئا ، وباطنه ينفي هذا الشيء ، فالإثبات يسبق إلى الذهن عند سماع هذا الكلام ، ثم يأتي النفي بعد تأمل وتفكر ؟! وهذا أسلوب من أساليب البلاغة يسمى :   (  أسلوب عكس الظاهر)  ويبدو أنك لم تسمع به ؟؟  وهو من الأساليب التي لا يظهر  المعنى فيها  للمتلقي للوهلة الأولى ، ولا يتبين المقصود منها إلا لمن يفكر، ويعقل ، وأنى لك  ذلك  ؟؟  مثال ذلك : قوله تعالى : ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ..) ( البقرة :41) فظاهر الآية أن النهي مُنصبّ على صفة المفعول ( قليلا ) ، ويلزم منه ألا يمتد النهي إلى باقي الجملة ، ويترتب على هذا أنه لو كان الثمن كثيرا لصح شراؤه بآيات الله ، وليس هذا المعنى مقصودا بحال ، وإنما النهي هنا عن بيع الآيات بأي ثمن ، قليلا كان أو كثيرا . قال الشريف المرتضى :  ( لم يرد النهي عن الثمن القليل دون الكثير ، بل أراد تأكيد القول بأن كل ثمن يؤخذ عنها يكون قليلا بالإضافة إليها ، ويكون المتعوض به عنها مغبونا مبخوسا خاسر الصفقة ) ( [95] ) فالنهي هنا ليس واقعا على الصفة وحدها ، كما هو الظاهر ، وإنما هو واقع على الصفة والموصوف معا ..   ومما يدخل في هذا الطريق قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ) ( آل عمران : 130 ) فليس النهي منصبا على الحال كما هو الظاهر ، وإنما ينصرف النهي إلى الحال وصاحب الحال معا ، وهو المفعول به ، والربا محرم جميع أنواعه ، فهذه الحال  لا مفهوم لها ، وليست قيدا في النهي ، فما لا يقع أضعافا مضاعفة مساو في التحريم لما كان أضعافا مضاعفة .( [96] )   ومن ذلك قوله تعالى : (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ) ( الإسراء : 31) فليس النهي مُنصَبّاً على المفعول لأجله ، وهو خشية الإملاق ، بحيث يصح أن يقتل الناس أولادهم فيما عدا ذلك ، وإنما يقع النهي على الجميع ، المفعول لأجله ، والمفعول به معا  .. ومن ذلك قوله تعالى : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا )   ( النور : 33) .. فليس النهي هنا مشروطا بـقوله  : ( إن أردن تحصنا ) كما يبدو من ظاهر الآية ، بحيث يترتب عليه جواز الإكراه عند فقد الشرط ، بمعنى : فليس المقصود إباحة إكراههن إن لم يردن تحصنا ، وإنما المقصود النهي عن الإكراه مطلقا ، أردن التحصن ، أم لم يردن . ولكن النص على إرادة التحصن – وهي التي قام عليها عكس الظاهر – فيها إشارة إلى ما كان عليه واقع هذا الصنف من الناس ، وفي هذا ما فيه من الزراية عليهم ، والتشنيع على سلوكهم ، حتى يعرفوا حقارة ما هم فيه ، فيقلعوا عنه . قال ابن المُنَيِّر : ( وعند العبد الفقير إلى الله تعالى أن فائدة ذلك – والله أعلم – أن يبشع عند المخاطب الوقوع فيه ، لكي يتيقظ أنه كان ينبغي له أن يأنف من الرذيلة ، وإن  لم يكن هناك زاجر شرعي ، ووجه التبشيع عليه ، أن مضمون الآية : النداء عليه بأن أَمَتَهُ خير منه ،لأنها آثرت التحصن عن الفاحشة ، وهو يأبى إلا إكراهها عليها ، ولولا إبراز مكنون هذا المعنى ، لم يقع الزاجر من النفس موقعه ) ([97]  )  ولكن النهي هنا نهي مطلق ، سواء وُجِدَ الشرط أو عُدِم .. فإن قيل : كيف يتصور وجود الإكراه عند فقد الشرط ؟  نقول  : إنها قد تُكره على زنا  مع غير الذي أرادته ، أو على من أرادته ومنعها منه الحياء ، أو لزيادة طلب أجر ونحوه ( [98] ) فإرادة التعفف ليست شرطا في الإكراه ،  إذن لا معنى لقولك  يا يوسف صديق  لمحاورك : ( يا أخي المصحف ملك للقارئ وليس للفقيه فقط ولا للمرتل فقط، ولا للقرضاوي فقط .المصحف ملك لأي إنسان يستطيع فك الحروف وفك المعاني.)  أنت غششت متابعيك  في هذه النصيحة،  فأنت الفيلسوف ، الانثربولوجي ، وتعلمت اليونانية من غير معلم..ومراسل حربي ؟؟؟  وبكل تأكيد  لم تفهم الآية السابقة ، ولو فهمتها- بعيدعنك -  لما تسرعت في قول ما قلت ؟!  فكيف سيفهمها إنسان يستطيع فك الحروف ، وفك المعاني حسب تعبيرك السوقي العامي . ؟؟؟  وما دخل فضيلة الشيخ  القرضاوي بذلك ؟؟ بل ربما يفهمها الانسان الذي يستطيع فك الحروف  بفطرته التي لم تتلوث  بعد كفطرتك ؟؟
ونقول في إبطال الشبهة  التي يمكن أن يثيرها بعض المتقولين ما يلي : كان البغاء مشروعا في  بعض الشرائع السالفة، جاء في سفر التكوين:  ( فخلعت عنها ثياب تَرَمُّلها، وتغطت ببرقع وتلففت، وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تِمنة، لأنها رأت أن شَيْلة قد كَبُر وهي لم تعط له زوجة. فنظرها يهوذا وحسبها زانية، لأنها كانت قد غطت وجهها. فمال إليها على الطريق وقال: هاتي أدخل عليك. لأنه لم يعلم أنها كِنَّتُه. فقالت: ماذا تعطيني لكي تدخل علي؟ فقال: إني أرسل جدي معزى من الغنم. فقالت: هل تعطيني رهنا حتى ترسله؟ فقال: ما الرهن الذي أعطيك؟ فقالت: خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك. فأعطاها ودخل عليها، فحبلت منه.)(سفر التكوين 38: 14 – 18).  وقد كان في المدينة إماء بغايا، منهن ست إماء لعبد الله بن أبي بن سلول وهن: ( معاذة ، ومسيكة ،  وأميمة ، وعمرة ،  وأروى ،  وقتيلة)  وكان يكرههن على البغاء بعد الإسلام. قال ابن العربي: جاء عن مالك عن الزهري: أن رجلا من أسرى قريش في يوم بدر قد جعل عند عبد الله بن أبي، وكان هذا الأسير يريد( معاذة  ) على نفسها، وكانت تمتنع منه لأنها أسلمت، وكان عبد الله بن أبي يضربها على امتناعها منه رجاء أن تحمل منه (أي من الأسير القرشي) فيطلب فداء ولده. أي فداء رِقِّهِ من  عبد الله ابن أُبي. وكان الزاني بالأمة يفتدي ولده بمائة من الإبل، يدفعها لسيد الأمة، وأنها شكته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية.  وقالوا: إن عبدالله بن أبي كان قد أعد ( معاذة )  لإكرام ضيوفه، فإذا نزل عليه ضيف أرسلها إليه ليواقعها  ، فأقبلت معاذة إلى أبي بكر - رضي الله عنه - فشكت ذلك إليه، فذكر أبو بكر - رضي الله عنه - ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بقبضها، فصاح عبدالله بن أبي: من يعذرنا من محمد، يغلبنا على مماليكنا؛ فأنزل الله هذه الآية، وذلك قبل أن يتظاهر عبدالله بن أبي المنافق  بالإسلام. وجميع الآثار متضافرة على أن هذه الآية كان بها تحريم البغاء على المسلمين والمسلمات المالكات أمر أنفسهن.   وكان بمكة تسع بغايا شهيرات يجعلن على بيوتهن رايات ليعرفهن الزناة من الرجال، وهن كما ذكر الواحدي: ( أم مهزول جارية السائب المخزومي، وأم غليظ جارية صفوان بن أمية، وحية القبطية جارية العاصي بن وائل، ومزنة جارية مالك بن عميلة بن السباق، وجلالة جارية سهيل بن عمرو، وأم سويد جارية هشام بن ربيعة، وقرينة جارية هلال بن أنس. وكانت بيوتهن تسمى  في الجاهلية المواخير.) ( [99] ) والبغاء في الجاهلية كان معدودا من أصناف النكاح؛ ففي الصحيح من حديث عائشة: (  أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء:

  1. نكاح كنكاح الناس اليوم: يخطب الرجل ولية الرجل  أو ابنته فيصدقها ( أي يقدم لها الصداق – المهر )  ثم ينكحها.

  2. والنكاح الثاني : كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها  ( حيضها ) : أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ( [100]  ) ويعتزلها زوجها، ولا يمسها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب. وإنما يفعل ذلك رغبة في نَجابة الولد، فكان هذا النكاح يسمى: نكاح الاستبضاع.

  3. ونكاح ثالث: يجتمع فيه الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومرت عليها الليالي بعد أن تضع، أرسلت إليهم؛ فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها،  فتقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم ، وقد ولدت؛ فهو ابنك يا فلان، وتسمي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها، ولا يستطيع أن يمتنع منه الرجل.

  4. ونكاح رابع: يجتمع الناس فيه فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن الرايات تكون عَلَماً، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت جُمعوا لها، ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون؛ فالتاط به ودعي ابنه، فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم) (  [101]  )  فكان البغاء في الحرائر باختيارهن إياه للارتزاق، وكانت (عَناق ) صاحبة( مِرثد بن أبي مرثد ) التي نزل فيها قوله: ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) (النور:3) منهن، وكان في الإماء من يلزمهن سادتهن عليه؛ لاكتساب أجور بغائهن ،  كما كانوا يتخذون بعضهن للاكتساب، وكانوا يسمون أجرهن مهرا، كما جاء في حديث ابن مسعود أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( نهى عن مهر البغي)( [102] )  ولأجل هذا اقتصرت الآية على ذكر الفتيات: جمع فتاة بمعنى الأمة، كما قالوا للعبد: غلام ( [103] ) وما زال البغاء موجودا في عصرنا الحاضر في معظم دول العالم ، وإن اتخذ صورا شتى؛ فالأصل عندهم الإباحة، وشعارهم الذي يعلنونه دون حياء "الجنس كالماء والهواء ضرورة لا بد منها للإنسان"، وهم يقصدون الفاحشة واللقاء الجنسي المحرم، بل يوجد في كثير من الدول بيوت مرخصة للدعارة، والقانون لا يعاقب إلا أصحاب  البيوت غير المرخصة فقط .   لقد حارب الإسلام الفاحشة وعمل على ردعها والقضاء عليها..  ثم إن تحريم إكراه الإماء على البغاء ليس إقرارا للبغاء بغير إكراه  - كما سبق بيانه - ،  والشرط في قوله عز وجل: (  إن أردن تحصنا )  (النور:33) لا يراد به عدم النهي عن الإكراه على البغاء إذا انتفت إرادتهن التحصن، بل كان الشرط خرج مخرج الغالب؛ لأن إرادة التحصن هي غالب أحوال الإماء المؤمنات؛ إذ كلهن يحببن التعفف، أو لأن القصة التي كانت سبب نزول الآية كانت معها إرادة التحصن، وقد تكون الآية توطئة لتحريم البغاء تحريما مطلقا. فحرم على المسلمين أن يكرهوا إماءهم على البغاء؛ لأن الإماء المسلمات يكرهن ذلك ولا فائدة لهن فيه، ثم لم يلبث أن حرم تحريما مطلقا؛ كما دل عليه حديث أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله  - صلى الله عليه وسلم - نهى عن مهر البَغِيّ، فإن النهي عن أكله يقتضي إبطال البغاء.  ( [104] ) والرحمة والغفران في قوله: ( فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) (النور:33) : ) عائدتان على الإماء المستكرهات،لا على السادة المكرهين لهن  .. ويوضح هذا الكلام " الطاهر بن عاشور" فيقول: وأما قوله: ( ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) (النور :  33) فهو صريح في أنه حكم متعلق بالمستقبل؛ لأنه مضارع في حيز الشرط، وهو صريح في أنه عفو عن إكراه. والذي يشتمل عليه هذا الخبر جانبان: جانب المكرهين وجانب المكرهات، فأما جانب المكرهين فلا يخطر بالبال أن الله غفور رحيم لهم؛ بعد أن نهاهم عن الإكراه؛ إذ ليس لمثل هذا التبشير نظير في القرآن.  وأما الإماء المكرهات: فإن الله لهن غفور رحيم. وقد قرأ بهذا المقدر عبدالله بن مسعود وابن عباس فيما جاء عنهما، وعن الحسن أنه كان يقول "غفور رحيم لهن" وجعلوا فائدة هذا الخبر أن الله عذر المكرهات لأجل الإكراه، وأنه من قبيل قوله:  (  فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ) (البقرة : 173) وعلى هذا فهو تعريض بالوعيد للذين يكرهون الإماء على البغاء.  وقوله: ( فإن الله غفور رحيم ) (البقرة : 192) دليل جواب الشرط، إذ حذف الجواب إيجازا، واستغنى عن ذكره بذكر علته التي تشمله وغيره. والتقدير: فلا إثم عليهن، فإن الله غفور رحيم لأمثالهن ممن أكره على فعل جريمةالزنا ،  والفاء رابطة الجواب، وحرف (إن) في هذا المقام يفيد التعليل، ويغني غناء لام التعليل ([105] ) .. ومما سبق يتضح أن تحريم إكراه الإماء على البغاء ليس إقرارا للبغاء بغير إكراه، ولذلك فإن الإسلام منع الإكراه فقال عز وجل: (  ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا) ، وكذلك فإنه كما حرم الفاحشة والبغاء على الحرة، حرمه على الأمة ( فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) . وبهذا سد على الإماء طريق البغاء والفجور؛ ذلك لأن الإسلام جاء على مجتمع كان البغاء فيه مصدرا من مصادر الدخل عندهم، وهو حرفة  لبعض من لا حرفة له، والمجتمع يعترف به كمهنة، ويعطي كل سيد من ساداته الحق في شراء البغايا ، وفرض مال عليهن بقدر ما يراه مناسبا ، فلما مالت قلوب هؤلاء البغايا إلى الإسلام فأردن التوبة ، وأحببن العزوف  عما كن يفعلنه، غضب سادتهن، وأكرهوهن على مزاولة هذا الفساد، فنهى الإسلام هؤلاء السادة عن فعل ما فعلوا، فليس من شيم الرجال وشهامتهم فعل ذلك. والزنا فاحشة حرمها الإسلام ولم يرضها فقال: (  ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) ( [106] )  (الإسراء : 32) فلما حرمه حرم كل الوسائل إليه، ومنها الإكراه عليه. لقد حارب الإسلام  الفواحش ، وسد على الإماء طريق البغاء والفجور وحفظ لهن حقوقهن الفطرية، وذلك بطرق شريفة؛ وربط  الإسلام أتباعه بمثله العليا وقيمه السامية، ووضع لهم الحدود والقيود لينشأ بذلك مجتمع طاهر نقي، فكيف يقال بأنه دعا إلى الدعارة وشجعها حين نهى عن إكراه الإماء على البغاء مع إرادتهن التحصن، وجعل لمن تفعل الفاحشة منهن نصف ما على المحصنات من العذاب؟! إن هذا ناتج عن سوء الظن، وسوء احتمالات المدعين وجهلهم بما ليس لهم به علم، وهو جدير أن يوقعهم في هذه الشناعات، ولو كانوا خبيرين بما يتحدثوا فيه، لما تلمظوا ذكر ما ادعوه،  فالإسلام دين  العفة والطهارة، حارب كل ما يشين المجتمع من قذارات ،  فنهى  عن البغاء وكل ما يؤدي إليه . ( [107] )

 


[1] - يُنظر: محمد سبيلا وعبد السلام بنعبد العالي، الحداثة، دفاتر فلسفيّة، دار توبقال
للنشر، الدار البيضاء، 1996 ، ص 12 وما بعدها.
 

[2] -  سامي عوض الذيب أبو ساحلية ( من مواليد 5 سبتمبر 1949 في قرية  الزبابدة بالقرب من جنين)، وهو رجل قانون سويسري من أصل فلسطيني.  ويطلق على نفسه لقب نبي. ......  منحدر من عائلة مزارعين مسيحية في الزبابدة، قرب جنين، أتم المدرسة الابتدائية في قريته (1956-1961) قبل الالتحاق باكليريكية البطريركية اللاتينية في بيت جالا قرب بيت لحم (1961-1965). وقد غادرها بعد أربع سنوات لدراسة مهنة الخياطة في المدرسة الفنية للإباء السالزيان في بيت لحم (1965-1968) ثم مارس الخياطة في جنين، وفي الوقت نفسه عمل لحساب اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وفي عام 1970 قدم امتحان التوجيهي ادبي دراسة خاصة في جنين وحصل على منحة من مؤسسة القديس يوستينوس في فريبورغ للدراسة في سويسرا. كان مسؤولاً عن القانون العربي والإسلامي في المعهد السويسري للقانون المقارن من سنة 1980 إلى 2009، كما يدير مركز القانون العربي والإسلامي؟؟  ودرس في جامعات مختلفة في سويسرا وفرنسا وإيطاليا. ألف العديد من الكتب والمقالات عن القانون العربي والإسلامي، وهو أول مترجم للقرآن في ثلاث لغات: الفرنسية والإنكليزية والإيطالية مع النص العربي، وقد قرأـت دراسة تصف ترجماته بالتحريف والتزوير ؟!

[3] -  انظر : سعيد ناشيد ما هو القرآن : الحوار المتمدن - العدد: 3123  و خمس فرضيّات حول القرآن-  الحوار المتمدن-العدد: 3797  ، وكتابه :الحداثة والقرآن .

[4] -  يوسف صديق : هل قرأنا القرآن ص  20

[5] - سرديات التأويل : ريمة برقراق ،  مجلة اللغة العربية ، مجلد 23، ص 119-154.

[6] - نصر حامد أبو زبد : التفكير في زمن التكفير  ص 13.

[7] -  سعيد ناشيد : قلق في العقيدة ص 27

[8] - يوسف صديق : الآخر والآخرون في القرآن ص 61. فإذا اعترض معترض على هذا الجهل والدجل  والتزوير نبحه نفر من غلاظ الرقبة ؟؟ وقالوا : إن  الصديق بخطابه الديني المعتدل وقراءته المقاصدية للنص القرآني والسنة النبوية ، أراد أن يجسر الفجوة بين الدين والدنيا ، ويقدم تصورا للشريعة لا تكون معه  قيدا على حركة الكائن ومأكله ومشربه وملبسه وسعيه الدؤوب لإعمار الأرض ، وتأثيثها بالخير والحق والعدل والجمال .. ؟! ليس من حق المسلم أن يدافع عن دينه وثوابنه ، وللتنويريين بل التزويريين الجهلة الحق في نشر جهالاتهم دون حسيب أورقيب ؟؟!!

[9] - يوسف صديق : هل قرأنا القرآن  القرآن ص 24. وهم بذلك يظلمون المرأة التي يزعمون أنهم يدافعون عن حقوقها ، إذأنها  في بعض الحالات قد  يكون نصيبها في الميراث أكثر من الذكر ..

[10] - قناة الحرة ، حوار مع يوسف صديق ، 13 جوان 2018م .

[11] -  يوسف صديق : هل قرأنا القرآن .. ص 131.

[12] -   سرديات التأويل : ريمة برقراق، مجلة اللغة العربية ، مجلد 23، 2021، ص 129  

[13] -  انظر : حواره مع ( فاطمة بدري ) في موقع ( رصيف 22 المشبوه ؟) بتاريخ : 22 مايو

[14] -  هناك أسطورة عن توزر يتداولها التوانسة، تتعلق بتعالي التوزريين  وانصهارهم في ما هو إلهي؟؟ ، وبالتالي قربهم من الألوهية.فهم يخاطبون الله مباشرة، يعاتبونه، ويسألونه دون وسيط. ما يطلق علينا عموماً، مصطلح «الكفرجية». «أنتَ من توزر؟»، «أجل»، «إذن، أنت كفرجي». حين يمرض الإنسان في توزر، يرفع عينيه إلى السماء ويقول «يا ربي، ألستُ أنا أخاك؟». لكن الإيمان بالله طبعاً عميق وكبير. وحين تبلغ درجة حرارة الهواء خمسين درجة مئوية خلال شهر رمضان، يرفع الأهالي علماً أبيض على المآذن ويكسرون صيامهم. أن تكون في توزر يعني أنك في بيئة اجتماعية نازعة إلى النقد. جميع الناس في توزر، حتى الأطفال منهم، يفكرون في السؤال الذي طرحه سبينوزا يوماً. لماذا تحدث الأمور السيئة أحياناً؟ سأقول لك أمراً. توزر مشهورة بالنخيل، والناس يعتمدون عليها كمصدر أساسي للرزق. والنخلة تستغرق عاماً لكي تثمر. لكن أحياناً، وبعد عام من الانتظار، يهطل مطر خفيف، فيذهب المحصول هباءً. فيخرج التوزري ليكلم ربه قائلاً «لماذا تفعل هكذا؟ لماذا؟»، بسبب هذا السلوك، يشعر سكان تونس، من شمالها إلى جنوبها، بالريبة إزاء توزر. يتساءلون في كل مكان «كيف يجرؤ سكان توزر على التكلم مع الله بهذه الطريقة) ؟؟  انظر : حوار أسفل النموذج

يوسف الصدّيق مع مازن معروف  في  ( الانباء : الجمعة 15 يناير 2021م ) في حوار تحت عنوان : علينا وضع التراث على كنبة التحليل النفسي؟؟  
 

[15] -  وهنا قال في حوار مع  ( نادر الحمامي  منسق الدراسات التي تعتمدها - مؤسسة مؤمنون بلا حدود المشبوهة -  بتاريخ 5 فبراير 2021م )  كنت أخاطر كثيرا بحياتي ؟؟ حتى أن ياسر عرفات ؟؟ كان يلومني  وكان يزجرني ؟؟ حتى لا أنتقل من مكان إلى مكان لغاية أن أسوي معه حديثا ،   وكان يقول لي :  إن حياتك أغلى من حديثٍ بإمكاننا أن نؤخره ليوم آخر ؟؟ وبعد سنة 1982م  لما خرج الفلسطينيون من بيروت قال : وخرجتٌ بعدهم بشهرين ؟؟ جُلتُ في جنوب لبنان ، في صيدا ، النبطية ، الناقورة .. ؟؟  وقال :  قد أجبرت على الدخول إلى الضفة الغربية وإلى إسرائيل عبر القدس ؟؟؟ ( وهل القدس على حدود جنوب لبنان ؟؟ ومن أجبرك ؟؟) ثم قال : فأحسست أن رسالتي قد انتهت .. ؟؟؟ هذا شيء مؤكد  فمع خروج الفدائيين من جنوب لبنان انتهى دورك ؟؟؟

[16] - الانثرووبولوجيا : هي العلم الذي يدرس الانسان من حيث هو كائن عضوي حي ، يعيش في مجتمع تسوده نظم وأنساق اجتماعية في ظل ثقافة معينة ، ويقوم بأعمال  متعددة ، ويسلك سلوكا محدودا ، وهو أيضا العلم الذي يدرس الحياة البدائية ، والحياة الحديثة المعاصرة ، ويحاول التنبؤ بمستقبل الانسان معتمدا  على تطوره عبر التاريخ الانساني الطويل ، ولذا يعتبر علم دراسة الانسان ( الانثروبولوجيا ) علما متطورا يدرس الانسان ، وسلوكه وأعماله ... ؟؟  وما صلة ذلك بأنثروبولوجيا النص المقدس ؟؟  انظر ليث العتابي : علم الانسان القرآني ص381

[17] - عبد المجيد الشرفي، هو حامل لواء الفكر الحداثي في تونس ، وصف الطالبي تلميذه عبد المجيد الشرفي وتلميذات الشرفي بالانسلاخ عن الإسلام، مطلِقًا عليهم مصطلح (الانسلاخسلاميين)، في الجزء الأول من كتابه (ليطمئن قلبي)  

[18] -  رجاء بن سلامة  :   باحثة وكاتبة تونسية،   تحصلت  على شهادة الاستاذية في اللغة والآداب والحضارة العربية عام 1985 من دار المعلمين العليا بتونس، ثم على شهادة التبريز في اللّغة والآداب والحضارة العربيّة عام 1988 من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس، ثم على شهادة دكتوراه الدولة في اللغة والآداب والحضارة العربية بأطروحة عنوانها "العشق والكتابة: قراءة في الموروث". درست أيضا التحليل النفسي بتونس وبفرنسا، وهي أحد الأعضاء المؤسسين لرابطة العقلانيين العرب، ولجمعية "بيان الحريات بفرنسا"، و"للجمعية الثقافية التونسية للدفاع عن اللائكية   (  العلمانية ) وهي حاليًا محللة نفسية، كما تعمل كرئيسة تحرير لمجلة الأوان. وتعتبر رجاء بن سلامة أكثر تلميذات  الشرفي  راديكالية  ،  فدعت  إلى إلغاء الشريعة الإسلامية باسم الحداثة الإسلامية مستدعية مواقف الفرق الباطنية في والتاريخ الإسلامي كالإسماعيلية والبابية والبهائية ؟! والتي تعبر عن تعددية الإسلام تأسيسًا على أن الإسلام ليس واحدًا كما يرى الشرفي، فتقول:”إن هذه الأفكار حول الحداثة كانت موجودة في وعي بعض الرواد والحركات الريادية التي سرعان ما هُمـّشت ونُظِّمت عملية نسيانها وتهميشها ، وكما ذكَرت رجاء بن سلامة نسخ الإسماعيلية للشريعة، ذكرت نسخ البابية والبهائية للشريعة ؟؟  مع بيان الفارق بين صنيعهما وصنيع الإسماعيلية، فقالت:”لكن نسخ الشريعة باعتباره (حركة تحديثية) نجده في البابية ثم البهائية انظر : أ.د  ملاك الجهني : مقالات: ( أميرُ النساء: عبد المجيد الشرفي وذوات المغزل.)  

[19] -   نائلة السيليني أستاذة بجامعة سوسة بتونس، متخصصة في الفكر الإسلامي ورئيسة وحدة البحث في موضوع مدونات الأحوال الشخصية  ، وقد  رددت نائلة السليني أفكار الشرفي حول القرآن والتشكيك في تدوينه في كتابها (تاريخية التفسير القرآني) ذاكرة في مطلع كتابها أنه ستنقل عن أساطين المستشرقين بلا أدنى تحفظ، فتقول:” أما الدراسات الأجنبية فقد حاولَت أن تُنزّل مشاغل التفسير ضمن حتمية تطور المجتمعات، وخرجت بالدراسات الإسلامية من سلطة المسلَّمة القائلة بأن الأحاديث والأحكام في عصر الرسول هي أصلٌ لما سيوجد من تشريع، إلى إدراجها ضمن رؤية تعتبر أن التشريع هو الذي أوجد الأحاديث والأحكام التي يُظَن أنها مستمدة من النصوص النقلية والأصول التشريعية، ويعتبر الأستاذ جولد زيهر – اليهودي المجري -  أول من فتح باب البحث في عمل المفسرين من هذه الوجهة. وتشكك  في صحة النص القرآني، ونهجت نائلة المنهج الاستشراقي نفسه الذي نهجه أستاذها والذي يقوم على بث الشكوك حول الوقائع المختلفة بتاريخ القرآن الكريم وتدوينه، واستغلال الاختلافات المنسوبة للمصاحف الفردية للصحابة، وسوْق الروايات المتعددة حول اختلاف القراءات للتشكيك في صحة النص القرآني،وتجاهُل إجماع الصحابة على صحة النسخة التي أقرَّها عثمان بن عفان - رضي الله عنه- ، وتجاهُل ما قيل في أسانيد روايات الاختلاف، والإعراض عن دراسة تلك الأسانيد دراسة نقدية، وفي هذا تقول نائلة: ” نحن نوظف هذه الأخبار لنبيِّن أن القراءة الرسمية التي أخرج فيها المصحف الإمام، إنما هي واحدة من جملة قراءات أنكرها الخلفاء الراشدون، وشدد عثمان في محاصرتها، ومن بعده مروان بن الحكم، وهي قضية تحيل على النظر في تاريخ المصحف الإمام ، وقد”نتج من هذه الظروف التي حفَّت بنشأة النص القرآني أن غابت المعطيات التاريخية التي تسعف ببيان ولو تقريبي لعلاقة تاريخية بين الآيات”  وتتهم نائلة علماء الإسلام باختلاق ما يضفي الشرعية على مصحف عثمان، بقولها:”حاول العلماء أن يخرجوا من طعون هؤلاء على المصحف الإمام وذلك بإنشاء أدبيات تحكي قصة الوحي المنزل على محمد النبي، كانت في بدايتها إحالات نصيَّة مقتضبة إن لم نقل موهِمة برواية قصة للوحي .  

[20] - جريدة المغرب 14 جانفي 2016م 

[21] -  د. آمال قرامي  :  محاضرة بالجامعة التونسية، كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة.  أنجزت أطروحتين تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد المجيد الشرفي؛ الأطروحة الأولى لنيل شهادة التعمّق في البحث تحت عنوان "قضية الردّة في الفكر الإسلامي" ، 1993وبه تشوه صورة المسلم والإسلام ، وإظهار المسيحي والمسيحية بصورة مشرقة ( ص 50 )  والأطروحة الثانية لنيل دكتوراه الدولة تحت عنوان "الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية، دراسة جندرية"، منوبة ، 2004وقد كتب شكري بن عيسى (  قانوني وناشط حقوقي ) بعد منعها من دخول مصر مع تأييدها الأعمى للسيسي ضد الاخوان  وقال ( لن نشمت فيها لأنها حرفت التاريخ الإسلامي ، وأساءت للمقدسات الدينية ، ولن نتشفى فيها لأنها مارست الديماغوجيا في تحليلها المثلية ؟؟ ودعايتها المقرفة لها ؟؟؟

[22] -  انظر مقال نادر الحمامي "في التهجم على الطلاب الجامعيين في توابع الزوابع" جريدة المغرب 23 جانفي 2016 وهو من البارزين في منظمة مؤمنون  بلا حدود  ؟!

[23] -  وهل ديانة المغضوب عليهم من اليهود.. والضالين من النصارى  ديانات توحيدية ..؟؟  

[24] -  قال تعالى :  ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا... ) ٌ( البقرة : 106 )  وقال سبحانه : (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ   ...) ( النحل : 101 ) فالناسخ والمبدل للآيات  أيها الفيلسوف الانثربولوجي  هو  الله سبحانه وليس غيره ، فكيف سيعبثون به  أيها المفتري ؟؟

[25] -  وقد أنجزت كتابا عنه تحت عنوان ( أباطيل وأسمار الزنديق يوسف الصديق ) ينتظر الطباعة ؟؟

[26] - سفر أيوب 13-15.

[27] - انظر : أسعد العياري : مقال المسكوت عنه من التراث الفلسفي اليوناني في التعبير القرآني ، مجلة ليدرز العربية ، نشر بتاريخ 5/ 2 /  2020م . وانظر : يوسف صديق : هل قرأنا القرآن ... ص 169.

[28] -  انظر : الاتقان : 1: 178. وهو قول ( زيد بن أسلم ) كما نقل عنه الماوردي في تفسيره : النكت والعيون ، 1: 63 . والكشاف :  1/ 13.

[29] -  انظر : كتاب حياة الحيوان الكبرى-  للدُّمَيْري . 

[30] - انظر : ابن منظور ، لسان العرب .

[31] -  موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، يوسف الحاج أحمد، ص 501 -502   وهنا ننبه  على خطأ من يبالغ في وصف شيء ويقول : أوهن من بيت العنكبوت، والواقع أن أوهن البيوت هو بيت العنكبوت كما قال الله سبحانه !!.

[32] - العنكبوت مؤنثة ومذكرها عنكب (الويكيبيديا) فمن الطبيعي أن يعود عليها الضمير بالتأنيث (اتخذت) وفائدة أخرى من علم الحشرات أنها هي التي تؤسس بيتها وليس الذكر ولذلك جاء في الآية (اتخذت)ولم يجئ اتخذ  !! قال الفراء : العنكبوت أنثى ، وقد يذكرها بعض العرب ؟ ( التهذب: 3/ 309)  وقال ابن الأعرابي : وجمعها : عناكب ، والذكر ، عنكب ) ( لسان العرب :ج9: 436)  فكيف يجوز لعاقل أن يعتمد عليه ، وهو مخلوق  ضعيف محتاج ؟؟ وانظر كتاب : كتاب بيت العنكبوت لخليل أمين

[33] - المصدر موقع  طريق الإسلام  نشر يوم الاثنين 05 مايو 2014

[34] -  انظر  مقال الدكتور عمار جلاصي : حول اشتقاق بعض كلمات القرآن من اليونانية   حسب يوسف الصديق، بتاريخ :  29 جوان 2013 

[35] - وقد ذكر ناصر الدين الألباني  هذه الأقوال والروايات بالتفصيل في رسالته : (  نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق)  ..

[36] - ابن حجر : فتح الباري : 8: 439.

[37] -  السيرة النبوية لأبي شهبة : 1: 368-369.

[38] - المرجع السابق نفسه 1: 369.

[39]- الإسرائيليات  الموضوعات : لأبي شهبة : 449

[40]- أحكام القرآن- لابن العربي 3/1287- 1291

[41]- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/18

[42]- مفاتيح الغيب  للفخر الرازي 23/50  

[43]- الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير  د. محمد محمد أبو شهبه ص 442

[44]- الفصل في في الملل والأهواء والنحل 3/48

[45] - تفسير ابن كثير 3/229 ط الحلبي  

[46]- تفسير القاسمي 12/4364

[47] - تفسير البيضاوي ص 447

[48] - تفسير أبو السعود 2/184

[49]- تفسير الألوسي 17/182

[50] - تفسير الشوكاني 3/447

[51] - تفسير المراغي 17/128

[52] - انظر رسالة (نصب المجانيق )ص26

[53]- فتح الباري 8/614

[54]-اأنظر رسالة ( نصب المجانيق ) ص 26  

[55] - نصب المجانبق لنسف قصة الغرانيق ط المكتب الإسلامي دمشق

[56]- أباطيل يجب أن تحمى من التاريخ ص 8-11  

[57]- انظر كتاب الموضوعات والإسرائيليات لأبي شهبه ص 4  

[58] - انظر أسباب النزول  للوهيبي ص 95- 107- بإختصار 

[59] -  سيد قطب : في ظلال القرآن : 6: 3420 عند تفسيره  سورة النجم .وانظر : صالح أحمد الشامي : الغرانيق قصة دخيلة على السيرة النبوية .

[60] - كأنك رافض للتنقيط والتشكيل .. بقولك (  التنقيط فوق الحروف لم يكن موجوداً في عصر الرسالة) فمع تنقيط الآيات وتشكيلها تخطىء في قراءتها ونقلها كعادتك، فالآية التي ذكرتها صحفتها وحرفتها وصوابها : ( كذلك وزوجناهم بحور عين ( ( الدخان : 54) وارجع لكتاب ( تصحيفات المحدثين للعسكري )  لتعرف ضرورة التنقيط والتشكيل .. لأمثالك ..  لقد  كان العرب الأوائل يقرأون الكلام ولم يكن منقطا أو مشكولا ،وكذلك كتبت مصاحف عثمان – رضي الله عنه وأرضاه - ، بل كان العربي إذا ورده كتابا منقوطا رفض استلامه ، قائلا لمن أوصله إليه : أتظنني جاهلا ... وأنت مع أن الكلام منقوط ومشكول تخطىء في قراءته وكتابته ؟؟  ثم قلت : (ولذلك أنا أقرأه نروّحهم.)؟ وتقصد ( أقرؤها ) تعترف بكل صفاقة أنك تحرف آيات القرآن الكريم ؟!  ولست أنت أول من قرأها بذلك ، أنت ببغاء تردد قول سابقيك ، ومن قرأها بذلك هو المستشرق (لوكسمبورغ (Christoph Luxenberg)  وقال : الآية (و كذلك رَوّحناهُم بـحورِ عِين) و ليس زوجناهم، و يبدو واضحاً أن تفسير "روحناهم" هو "ريحناهم أو رفهنا عنهم".. فالآية بحسب علماء اللغة السريانية هو: سنريحهم (أي المؤمنين) أو نرفه عنهم بين عرائش العنب الأبيض قرب نبع الماء!! فالحور العين ليسوا النساء بل عرائش العنب الأبيض  وأثار بذلك سخرية أقرانه من المستشرقين ؟؟ مع أن العنب الأسود أو الأحمر الحلواني أطيب ؟؟!!  ( انظر معنى "حور العين" تكشفها اللغة السريانية   د. سام مايكلز Dr. Sam Michaelsتاريخ الأسطورة و الأديان نشر بتاريخ : ١٠ فبراير ٢٠١٧ ·( 

[61] - ذكر ذلك في برنامج حواري ( بتاريخ 15 حزيران 2017م ) تحت عنوان (كيف نقرأ القرآن الكريم في القرن الواحد والعشرين) أجراه (يحيى أبو زكريا ) في قناة الميادين ؟  

[62]- انظر المحكم للداني ص 21 وحياة اللغة العربية لحفني ناصف ص 67

[63]- انظر دراسة في مصادر الأدب العربي د طاهر احمد مكي ص 58

[64]- انظر الفهرس لابن النديم ص 45  

[65] - انظر :  الفرست ص 26 وصبح الأعشى 3/160

[66]- انظر وفيات الاعيان -  لابن خلكان ص 1/55

[67]- انظر لسان العرب 12/388

[68] - انظر النجوم الزاهرة 1/127

[69]- انظر صبح الأعشى : 3: 161.

[70] - انظر لسان العرب 2/679

[71]- انظر المحكم ص 37

[72] - انظر : دراسة في مصادر الأدب : د. طاهر أحمد مكي : 68.

[73]- هو الخليل بن احمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي وهو الذي استنبط علم العروض قيل كان يوما يقطع أبياتا من الشعر فدخل عليه ولد له رآه يحدث نفسه الكلام غريب ، مخرج وهو يقول : جن أبي ..، فاجتمع الناس عليه ولما علم الخيلل بالامر نظر إلى ولده وقال :-
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ...... أو كنت اجهل ما تقول عذلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني   ..... وعلمنت أنك جاهل فعذرتكما
انظر المقامة السروجية  مجمع البحرين لليازجي ص 180 ،  وانظر الخليل بن أحمد : لأبي السعود

[74] - انظر المحكم ص 7

[75]- الرَّوم وجه من وجوه الوقف على المتحرك من الحروف، وهو الاتيان بالحركة مع اضعاف صوتها وكانك تورم الحركة مختلسالها ولا تنمها ، وعلاقة الحرف الذي وقف عليه بالروم أن يوضع بعده خط افقي صغير هكذا انظر معجم المصطلحات النحوية  والصرفية ص 96 .

[76]- الإشمام : نوع من أنواع الوقف على المتحرك، وهو ضم الشفتين بعد تسكين الحرف الأخير ولا يكون إلا فيما حركته ضمه بناء او إعرابا و أما غيرها من كسر أو فتح فلا إشمام فيه...  انظر معجم المصطلحات النحوية والصرفية ص 119

[77]- انظر الخليل بن احمد لأبي السعود ص 110

[78] - انظر مدرسة الكوفة للمخزومي ص 36

[79]- انظر المحكم في نقط المصاحف الداني ص 3 4

[80]- انظر الإتقان 1/171  

[81]-  انظر صبح الأعشى 3/162

[82] - "شَرْح ما يقع فيه التصحيفُ والتحريف" (14) و"تدريب الراوي"  2/68 

[83] - انظر : يوسف صديق وأباطيله حول القرآن للدكتور العلامة  .إبراهيم عوض .  

[84] - وحرَّفَ هذا العلج   قوله  تعالى : (  كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ )( الدخان : 54)    فقال : هي  (و كذلك روّحناهُم بـحورِ عِين) وليس زوجناهم، ويبدو واضحاً أن تفسير "روحناهم" هو "ريحناهم أو رفهنا عنهم"  ... المشكلة في القراءة العربية هي في حرف (الباء) المتصلة بكلمة حور: (بـ حور) و الباء بالسريانية تعني: (بين)، أما كلمة (حور) في السريانية فهي تعني: (العنب الأبيض)، وكلمة "حور" تستعمل باللغة العربية للدلالة على البياض، والحوراء هي الفتاة ذات البياض الواسع في العينين، و بذلك يصبح معنى كلمة (بحور) بالسريانية هو (بين العنب الأبيض). وكلمة (عين) بحسب السريانية هي عين الماء (عين الميّ) أو نبعة الماء قرب عرائش العنب ،  و ليس عين امرأة حوراء جميلة!!! و بذلك يصبح التفسير السرياني الكامل لهذه الآية بحسب علماء اللغة السريانية هو: سنريحهم (أي المؤمنين) أو نرفه عنهم بين عرائش العنب الأبيض قرب نبع الماء!!؟ خيبك الله على خيالك المريض ؟!  

[85] - انظر موقع : المفسرون السوريون الأحرار بتاريخ : ٢٨ ديسمبر ٢٠١٨ ·( الفيس بوك )

[86] - رواه أنس بن مالك ، انظر: شرح الطحاوية ، الصفحة 227 : .وأخرجه مسلم : رقم 400 

[87] -  انظر: لسان العرب : مادة كثر ، ج13: ص 27 . وانظر ما كتبه العلامة الاستاذ الدكتور محمد حسن حسن جبل ، المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم : ص 1871-1872 .

[88] -  انظر : تفسير القرطبي ،  تفسير سورة الكوثر .

[89] -  انظر : عمار الجلاصي : حول اشتقاق بعض كلمات  القرآن من اليونانية ، نشر في 39 جوان 2013م .

[90] - انظر ابن قتيبة : غريب الحديث ، 1: 476.

[91] - ابن فارس : مقاييس اللغة : 1: 100 .

[92] - كتاب العين : 5: 285.

[93] - انظر ":  د. محمد ياس خضر : دقائق الفروق اللغوية  ص 338-339.

[94] - يجترّ الكاتب المغربي الملحد  سعيد ناشيد نفس الفكرة فيقول : وأنا أتلو أمامكم القرآن، إلى أن أبلغ الآية التي تقول : "والذين يظهرون من نسائهم"،( الظِّهار )  فأتوقف قليلا لأعترف أمامكم بأني لا أتصور أن أفعل مثل هذه الصغيرة مع زوجتي، فكيف يعنيني القول في من لا تعنيني صغائرهم؟ وأسألكم : لمن تقول هذه الآية؟  وما أزال أمامكم أقرأ القرآن إلى أن أبلغ قوله : "والمحصنات من النساء إلاّ ما ملكت أيمانكم"، فأتوقف قليلا وأتذكر بأني لست أملك أيمانا لا في البيت ولا في العمل، وأما جنوني فلا يسمح لي بأكثر من امرأة واحدة، فكيف تعنيني آية تخاطب من لا تعنيني نزواتهم؟ وأسألكم : لمن تقول هذه الآية؟ وأتلو ما تيسر من القرآن إلى أن أبلغ قوله : "واضربوهن ضربا غير مبرح"، ومرّة أخرى أتوقف قليلا لأعترف أمامكم بأني إن عدت الآن إلى البيت وضربت زوجتي، لأي سبب من الأسباب، فإنها جنحة في حق الزوجة وإساءة للأبناء وإزعاج للجيران؛ وأما إن جعلته ضربا غير مبرح فهي مداعبة شقية، لكن ما شأني وشأن من تعني لهم هذه الآية شيئا أو بعض الأشياء؟ وأنا مسلم ملء جوارحي، لكني أستمر في قراءة القرآن إلى أن أبلغ قوله : "كتب عليكم القتال"، فأتوقف قليلا لأبوح أمامكم بأني لم أنشأ في بيئة مقاتلة ولا كنت من المقاتلين، فأنا أعمل بدماغي وأكتب بدماغي وأحاور بدماغي ولا أستعمل العضلات إلا حين أحمل حقيبة السفر، فكيف يعنيني من كتب عليهم القتال إذن؟.  وأسال نفسي أمامكم : هل تنقص غربتي عن القرآن شيئا من إسلامي؟وما أزال أقرأ القرآن إلى أن أبلغ قوله : "واعلموا أن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرّسول"، ثم أتوقف لأطأطئ رأسي وجلا، فالقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا تسمح لي بالغنائم والفيء والسبي، إلا أن يكون شيء من ذلك خلسة يقدر عليها بعض السادة الكبار، فكيف تعنيني آيات الغنائم والفيء والسبي، حين أقرأها في القرآن؟ ثم أتساءل في الأخير عن مصير مثل هذه الآيات وهل ما يزال بوسعها أن تقول لي ولأمثالي ولآخرين شيئا؟  (انظر :  ما هو القرآن - سعيد ناشيد-  الحوار المتمدن - العدد: 3123  ) الغريب كل الغرابة، أن يجرؤ هذا المكذب بكلام الله على الإتيان بما يتوهم أنها أدلة على ما ذهب إليه !!! نعم، إنه يقتحم لُجَّةَ خطيرة، ما نجى منها حاذق عليم، فما بالنا بمن هو دون طلاب العلم؟! ... نعم، إن ناطح الصخر مغرور، ورأسه مكسور. ولو أنه تأهَّل بالحق ما عانده. ولو أنه تسلح بقوةٍ ما تحامق على القوي العزيز، ولو أنه تزود بعلمٍ ما عارض العليم الحكيم، ولا ورط نفسه وفضح حدود علمه الركيك، وجهالته الفاضحة.؟! 

[95] - أمالي المرتضى : 1: 314-315.

[96] - أبو حيان : البحر المحيط : 3: 54.

[97] - انظر الانصاف ، حاشية الكشاف : ج3: ص 66. وانظر : د. عبده زايد : عكس الظاهر في ضوء أسلوب القرآن الكريم ولغة العرب ص 149-150

[98] - حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي : ج6: 378.

[99] - التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، المجلد9، ج18، ص223،222. 

[100] -  استبضعي منه: تطلب منه أن يجامعها

[101] - أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب من قال: لا نكاح إلا بولي  4834 .

[102] - أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق، باب مهر البغي والنكاح الفاسد (5031)، وفي موضع آخر، ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي (4094) بلفظ: شر الكسب مهر البغي.. وقد ورد  في الحديث : لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي ولكن ليقل فتاي وفتاتي ) ( شرح النووي على مسلم : 15: 407)

[103] - التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور،   ص223، 234 بتصرف يسير.

[104] - التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، مج9، ج18، ص225: 227 بتصرف يسير.

[105] -  التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، ص227

[106] -  قال الشيخ الشعراوي في تفسير : قوله سبحانه : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ.. ) [الإسراء: 32].  فالحق سبحانه خالق الإنسان، وهو لا يريد له أنْ يقتربَ من المحظور لأن له بريقاً وجاذبية ،  كثيراً ما يضعف الإنسان أمامها ، لذلك نهاه عن مجرد الاقتراب، وفَرْقٌ بين الفعل وقُرْبان الفعل، فالمحرّم المحظور هنا هو الفِعْل نفسه، فلماذا إذن حرَّم الله الاقتراب أيضاً، وحذّر منه؟ نقول: لأن الله تعالى يريد أنْ يرحَم عواطفك في هذه المسألة بالذات، مسألة الغريزة الجنسية، وهي أقوى غرائز الإنسان، فإنْ حُمْتَ حولها توشك أن تقعَ فيها، فالابتعاد عنها وعن أسبابها أسلَمُ لك.  وقال سبحانه : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰ.. ) [الإسراء: 32]. ولم يقل: لا تزنوا. لأن لهذه الجريمة مقدمات تؤدي إليها، فاحذر أنْ تجعلَ نفسك على مقربة منها لأن مَنْ حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ودَعْكَ ممَّنْ يُنادون بالاختلاط والإباحية لأن الباطل مهما عَلاَ ومهما كَثُر أتباعه فلن يكون حقاً في يوم من الأيام. واحذر ما يشيع على الألسنة من قولهم هي بنت عمه، وهو ابن خالها، وهما تربَّيا في بيت واحد، إلى آخر هذه المقولات الباطلة التي لا تُغيّر من وجه الحرام شيئاً، فطالما أن الفتاة تحل لك فلا يجوز لك الخلوة بها.

[107] - انظر : الإسلام في مواجهة التحديات المعاصرة، أبو الأعلى المودودي، ترجمة: خليل الحامدي، افتراءات على الإسلام والمسلمين، د. أمير عبد العزيز، دار السلام، القاهرة،  المرأة بين الفقه والقانون، د. مصطفى السباعي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط6 . الإسلام دين الفطرة والحرية، عبد العزيز جاويش، دار الهلال، ص123 بتصرف.