Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الخطة السرية لتشييع المنطقة خلال خمسين سنة (بروتوكولات حكماء طهران)

الخطة السرية لتشييع المنطقة خلال خمسين سنة (بروتوكولات حكماء طهران)

    بين يديّ الرسالة التي نشرتها رابطة أهل السنة في إيران -مكتب لندن- وهي عبارة عن خطة سرية للغاية موجهة من شورى الثورة الثقافية الإيرانية إلى المحافظين في الولايات الإيرانية لتطبيقها في المناطق السنية في إيران ودول الجوار من أجل تشييعها، بعد أن اصطدمت تلك (الثورة البائسة) بجبل الصمود العراقي أثناء الحرب التي أوقدتها إيران وعملت على إبقائها مستعرة ثمان سنين. فنشأ الاتجاه الأقل تطرفاً والداعي إلى الحوار والتهدئة مع المحافظة على الأهداف نفسها سوى أن الهدوء والمكر الخفي يؤدي إلى تحقيق الأهداف والوصول إليها بطريقة اسهل كما يقول نص الخطة: (ان إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد)([1]).

وقبل أن أنقل مقتطفات من هذه الخطة أقول لمن يدفن رأسه في الرمال ذاهلاً عن واقعه ومشاكل بلده كأنه ليس منه ولا فيه ويقول: إن هذه الرسالة من وضع جهات لها أغراض من وراء وضعِها. أقول: لو كنت تعيش الواقع أو نظرت إليه نظرة واحدة متفحصة لعلمت وأدركت أن هناك خطة مدبرة تنفذ بإحكام من قبل إيران وأذرعها الأخطبوطية وما نراه ونلمسه خير دليل وشاهد. ولعلمت أيضاً أن المراحل الخمس للخطة قد قطعت منها في العراق إلى الآن - على الأقل- مرحلتان. وما هذه الرسالة أو الخطة المكتوبة إلا ترجمة حرفية لما يجري على الواقع ويتوقع مستقبلاً تماماً على الذي وقع.

إن العراقي الأصيل والصميم لا يحتاج إلى قراءة خطة مكتوبة ليحس بما يخطط له ويدبر في الخفاء. إن كونه عراقياً يعيش في أرض العراق يكفي. فكيف إذا صار يقرأ المؤامرات مرسومة ومكتوبة ثم هو يكذِّب سمعه وبصره! أفقد عقله! أم هو مشغول (بقضايا الأمة الكبرى!).

حين تقرأ الخطة يتأكد لك أن واضعيها أشبه بـ(حكماء صهيون) وأن الخطة أشبه ببروتوكولاتهم. وأن الرافضة كاليهود لا يؤمنون بالتعايش السلمي بين الأديان والمذاهب والطوائف، ولا يعرفون لغة الحوار الشريف وانهم لا يؤمنون بخيار ثالث بين العدم والوجود فإما أنت أو هم أو صراع مستمر حتى نهاية الشوط.

تبدأ الرسالة أو الخطة هكذا: (إذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا إلى البلاد الإسلامية المجاورة فلا شك أن ثقافة تلك البلاد الممزوجة بثقافة الغرب سوف تهاجمنا وتنتصر علينا)([2]) ثم تكمل الرسالة:
(إننا خلال ثلاث جلسات وبآراء شبه إجماعية من المشاركين وأعضاء واللجان وضعنا خطة خمسية تشمل خمس مراحل، ومدة كل مرحلة عشر سنوات لنقوم بتصدير الثورة الإسلامية إلى جميع الدول المجاورة ونوحد الإسلام أولاً، لأن الخطر الذي يواجهنا من الحكام الوهابيين وذوي الأصول السنية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب)([3])

(بناء على هذا: يجب علينا أن نـزيد نفوذنا في المناطق السنية داخل إيران وبخاصة المدن الحدودية ونـزيد من عدد مساجدنا و(الحسينيات) ونقيم الاحتفالات المذهبية أكثر من ذي قبل وبجدية أكثر. ويجب أن نهيئ الجو في المدن التي يسكنها 90 إلى 100% من السنة حتى يتم ترحيل أعداد كبيرة من الشيعة من المدن والقرى الداخلية إليها ويقيمون فيها إلى الأبد للسكنى والعمل والتجارة. ويجب على الدولة والدوائر الحكومية أن تجعل هؤلاء المستوطنين تحت حمايتها بشكل مباشر ليتم إخراج إدارات المدن والمراكز الثقافية والاجتماعية بمرور الزمن من يد المواطنين السابقين من السنة)([4]).
 
ضرب أسس القوة:
(نحن نعلم أن تثبيت أركان كل دولة والحفاظ على كل أمة أو شعب ينبني على أسس ثلاثة:
الأول: القوة التي تملكها السلطة الحاكمة.
الثاني: العلم والمعرفة عند العلماء والباحثين.
الثالث: الاقتصاد المتمركز في أيدي أصحاب رؤوس الأموال)
 
ضرب الدولة بالعلماء وتدمير الاقتصاد:
(إذا استطعنا أن نـزلزل تلك الحكومات بإيجاد الخلاف بين الحكام والعلماء([5]) وتشتيت أصحاب رؤوس الأموال في تلك البلاد ونجذبها إلى بلادنا أو إلى بلاد أخرى في العالم نكون بلا ريب قد حققنا نجاحا باهرا وملفتاً للنظر لأننا أفقدناهم تلك الأركان الثلاثة.
وأما بقية الشعوب التي تشكل 70 إلى 80% من سكان كل بلد فهم أتباع القوة والحكم ومنهمكون في أمور معيشتهم وتحصيل رزقهم من الخبز والمأوى ولذا فهم يدافعون عمن يملك القوة.([6])(إن سيطرتنا على هذه الدول ([7]) تعني السيطرة على نصف العالم)([8])
 
أسلوب تنفيذ الخطة:
(يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقتنا مع دول الجوار ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم حتى إننا سوف نحسن علاقتنا مع العراق بعد الحرب وسقوط صدام حسين. ذلك أن إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد.
وفي حال وجود علاقات ثقافية وسياسية واقتصادية بيننا وبينهم فسوف يهاجر بلا ريب عدد من الإيرانيين إلى هذه الدول، ويمكننا من خلالهم إرسال عدد من العملاء كمهاجرين ظاهراً، ويكونون في الحقيقة من العاملين في النظام، وسوف تحدد وظائفهم حين الخدمة والإرسال)([9]).
 
العداء الأبدي:
(لا يكفي لأداء هذا الواجب المذهبي التضحية بالحياة والخبز والغالي والنفيس، بل يتوجب أن يكون هناك برنامج مدروس. ويجب إيجاد مخططات ولو كانت لخمسمائة عام مقبل فضلاً عن خمسين سنة. فنحن ورثة ملايين الشهداء([10]) الذين قتلوا بيد الشياطين المتأسلمين (السنة) وجرت دماؤهم منذ وفاة الرسول في مجرى التاريخ إلى يومنا هذا ولم تجف هذه الدماء ليعتقد كل من يسمى مسلماً بـ(علي وأهل بيت رسول الله) ويعترف بأخطاء أجداده ويعترف بالتشيع كوارث أصيل للإسلام) ([11])
والعبارة السابقة تبدأ هكذا: (صحيح أننا لم نكن في تلك الأيام لكن أجدادنا قد كانوا، وحياتنا اليوم ثمرة لأفكارهم وآرائهم ومساعيهم وربما لن نكون نحن أنفسنا في المستقبل لكن ثورتنا ومذهبنا باقيان)([12])
مراحل تنفيذ الخطة:
 
- المرحلة الأولى:
(ليس لدينا مشكلة في ترويج المذهب في أفغانستان وباكستان وتركيا والعراق والبحرين، وسنجعل الخطة العشرية الثانية هي الأولى في هذه الدول الخمس وعلى ذلك فمن واجب مهاجرينا - العملاء – المكلفين في بقية الدول ثلاثة أشياء:
1. شراء الأراضي والبيوت والشقق وإيجاد العمل ومتطلبات الحياة وإمكانياتها لأبناء مذهبهم ليعيشوا في تلك البلاد ويزيدوا عدد السكان.
2. العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال في السوق والموظفين الإداريين خصوصاً الرؤوس الكبار والمشاهير والأفراد الذين يتمتعون بنفوذ وافر في الدوائر الحكومية.
3. هناك في بعض الدول قرى متفرقة في طور البناء وهناك خطط لبناء عشرات القرى والنواحي والمدن الصغيرة الأخرى. فيجب أن يشتري هؤلاء المهاجرون العملاء الذين أرسلناهم أكبر عدد من البيوت في تلك القرى ويبيعوا ذلك بسعر مناسب للأفراد والأشخاص الذين باعوا ممتلكاتهم في مراكز المدن. وبهذه الخطة تكون المدن ذات الكثافة السكانية قد أخرجت من أيديهم.
 
-المرحلة الثانية:
وهي ذات شقين، يتلخص الشق الأول بحث الشيعة على الطاعة واحترام القانون من أجل الحصول على التراخيص الرسمية للاحتفالات المذهبية وبناء الحسينيات. وإيجاد الأعمال الحرة في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية وترغيب الشباب بالعمل في الوظائف الحكومية والانخراط خاصة في سلك الجندية والحصول على جنسية البلاد بشتى الوسائل([13]) مثل استغلال الأصدقاء وتقديم الهدايا الثمينة.

والشق الثاني يتلخص في إثارة علماء الدين من أهل السنة والجماعة ضد الدولة بحجة الفساد الاجتماعي وتوزيع منشورات انتقادية باسم بعض السلطات الدينية والشخصيات المذهبية من البلاد الأخرى على غرار ما فعله عبد الله بن سبأ على عهد عثمانt تقول الرسالة: (وستقع أعمال مريبة وستؤدي إلى إيقاف عدد من المسؤولين السابقين أو تبديلهم وهذه الأعمال ستكون سبباً في سوء ظن الحكام بجميع المتدينين في بلادهم وهم لذلك سوف لن يعملوا على نشر الدين وبناء المساجد والأماكن الدينية وسوف يعتبرون كل الخطابات الدينية والاحتفالات المذهبية أعمالاً مناهضة لنظامهم، وفضلاً عن هذا سينمو الحقد والنفرة بين العلماء والحكام في تلك البلاد وحتى أهل السنة والوهابية سيفقدون حماية مراكزهم الداخلية ولن يكون لهم حماية خارجية إطلاقاً).
 
- المرحلة الثالثة:
تتلخص في ترسيخ إقدامهم في كل المواقع الاجتماعية وفي الوقت الذي يكون الانشقاق فيه بين علماء أهل السنة والحكام على أشده يتوجب على بعض المشايخ الرافضة (المشهورين من أهل تلك البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكام هذه البلاد وخاصة في المواسم المذهبية ويبرزوا التشيع كمذهب لا خطر منه عليهم وإذا أمكنهم أن يعلنوا ذلك للناس عبر وسائل الإعلام فعليهم ألا يترددوا ليلفتوا نظر الحكام ويحوزوا على رضاهم فيقلدوهم الوظائف الحكومية دون خوف منهم أو وجل) جنباً إلى جنب مع ضرب الاقتصاد.
 
- المرحلة الرابعة:
يقول نص الخطة: (وفي المرحلة الرابعة سيكون قد تهيأ أمامنا دول بين علمائها وحكامها مشاحنات، وتجار فيها على وشك الإفلاس والفرار، والناس مضطربون ومستعدون لبيع ممتلكاتهم بنصف قيمتها ليتمكنوا من السفر إلى أماكن آمنة.

وفي وسط هذه المعمعة فإن عملاءنا ومهاجرينا سيعتبرون وحدهم حماة السلطة والحكم، وإذا عمل هؤلاء العملاء بيقظة فسيمكنهم أن يتبوءوا كبرى الوظائف المدنية والعسكرية ويضيقوا المسافة بينهم وبين المؤسسات الحاكمة والحكام. ومن مواقع  كهذه يمكننا بسهولة بالغة أن نشي بالمخلصين لدى الحكام على أنهم خونة وهذا سيؤدي إلى توقيفهم أو طردهم أو استبدالهم بعناصرنا ولهذا العمل ذاته ثمرتان إيجابيتان.
أولاً: إن عناصرنا سيكسبون ثقة الحكام أكثر من ذي قبل.
ثانياً: إن سخط أهل السنة على الحكم يزداد بسبب قدرة الشيعة في الدوائر الحكومية وسيقوم أهل السنة من جراء هذا بأعمال مناوئة أكثر ضد الحكم. وفي هذه الفترة يتوجب على أفرادنا أن يقفوا إلى جانب الحكام ويدعو الناس إلى الصلح والهدوء ويشتروا في الوقت نفسه بيوت الذين هم على وشك الفرار وأملاكهم)
 
- المرحلة الخامسة:
ونصها: (وفي العشرية الخامسة فإن الجو سيكون قد أصبح مهيأً للثورة لأننا أخذنا منهم العناصر الثلاثة التي اشتملت على: الأمن والهدوء والراحة. والهيئة الحاكمة ستبدو كسفينة وسط الطوفان مشرفة على الغرق تقبل كل اقتراح للنجاة بأرواحها.

وفي هذه الفترة سنقترح عبر شخصيات معتمدة ومشهورة تشكيل مجلس شعبي لتهدئة الأوضاع، وسنساعد الحكام في المراقبة على الدوائر وضبط البلد. ولا ريب أنهم سيقبلون ذلك، وسيحوز مرشحونا وبأكثرية مطلقة على معظم كراسي المجلس. وهذا الأمر سوف يسبب فرار التجار والعلماء حتى الخدمة المخلصين.
وبذلك سوف نستطيع تصدير ثورتنا الإسلامية إلى بلاد كثيرة دون حرب أو إراقة للدماء([14]).وعلى فرض أن هذه الخطة لم تثمر في المرحلة العشرية الأخيرة فإنه يمكننا أن نقيم ثورة شعبية ونسلب السلطة من الحكام)([15]).
 
شيعة من هؤلاء ؟!:
(إن المعنيين عن كل الإساءات و الانحرافات التي ذكرنا -والتي يعرفها التأريخ القريب والبعيد - قد يكونون من شيعة ما، ويتشيعون -أي يوالون ويناصرون جهة ما- ولكنهم ليسوا من شيعة علي، ولا هم على مبادئ الحسين (رضي الله عنهما). 

وإن الامتحان لا ينطوي - لكي يحقق النجاح- على الشكل، وإنما الأساس فيه تمثل مادته.


وإن البكاء قد يكون طريقاً للخديعة،أو تعبيراً عن تقصير في النفس، وليس بالضرورة طريقاً للإيمان الصحيح.

وإن جانبا من الأشكال والشكليات، قد تنطوي عليه الضرورة للتسلل إلى حيث ينبغي توجيه الرمية القاتلة، وليس إلى حيث ينبغي إطلاق الخير في ميدانه، وتقييد الشر في عقاله.

 وإن هذا ما ينبغي أن تنتبه إليه شعوب إيران، وما يجب أن ينتبه إليه العرب، وكل المسلمين، أشد انتباه.)([16])
 
هل نحن جادون؟!:
هذا هو التشيع الفارسي! وهذا هو الرفض!! وهذه هي الشعوبية!!!
فماذا اعددنا من عدة لمواجهة هذا الخطر الماحق؟
أرجو أن يسأل كل واحد منا نفسه: هل يستشعر المسؤولية أمام الله جل وعلا عن مقاومة هذا الخطر؟
وإذا كان يملك هذا الشعور فهل هو إنسان جاد يحول الشعور إلى عمل إيجابي ويبحث عن أنجح الوسائل في مقاومته؟ وهل عَمِل - ولو قليلاً- وأتعب نفسه في سبيل ذلك؟
وهل إن الأمة في عراقنا الكبير أولاً وخارجه ثانياً قد أدت ما عليها تجاهه ووضعت من الخطط والبرامج المدروسة الجادة وقد وضعت في حسابها هدف القضاء النهائي على هذا السرطان الذي يوشك أن ينفلت من عقاله ويفلت من قمقمه؟ أو إيقاف زحفه- على الأقل-؟ أم إنها رُوِّضَت فرضيت بأوهام التقريب والحلول الوسط مع قوم لا يؤمنون بالتعايش السلمي ويكفرون به من الأساس؟
وليسأل بعد: هل هذا الذي نفعله مطابق للمنهج القرآني؟ أم هو خليط غير متجانس من إفرازات التاريخ، وضغط الواقع، وكلمة من هنا، وعبارة من هناك بعيداً عن منهج القرآن؟
استحضر الصورة الكاملة للتشيع الفارسي وخطره وغاياته ووسائله ثم أجب عن هذه الأسئلة، وعن اعتقادك في المنهج الترضوي هل يمكن أن يكون هو الحل؟!!
ماذا بقي من شرك المشركين وانحراف أهل الكتاب وخداع المنافقين، إذا وضعت الصورة كاملة أمامك تستطيع ان تقول: ماذا بقي من الشرك واليهودية والنصرانية والنفاق خارج هذه الصورة البشعة!
فـ(الأئمة) جعلوا آلهة يعلمون الغيب وما كان وما يكون ولا يخفى عليهم شيء. يضرون وينفعون ويُمرضون ويَشفون تنذر لهم النذور ويستعان بهم ويستغاث، ويقسم بهم أشد مما يقسم بالله! بل يتوجه إليهم بالدعاء والنداء ويزارون من بعيد!
ليس هذا فحسب! انهم أداة لتعطيل الدين: فالقرآن عندهم مخبوء إلى ظهور (المهدي) الموهوم، والسنة النبوية الصحيحة مرفوضة بحجة أنها مروية عن غير طريق (الأئمة). والجمعة معطلة لعدم عدالة الحاكم، والجماعة كذلك بل والجهاد إلا الفتن فهذه- شهد الله- من أول واجبات الدين.
لا يصومون مع المسلمين. وحتى الحج لا يحجون معنا إلا اضطراراً بدليل أنهم لا يعترفون بيوم عرفة ولا يعيدون الأضحى إلا في اليوم الثاني، ومراسيم الحج تؤدى كاملة تقريباً عند الحسين والعباس في كربلاء.

وفصلت أماكن العبادة باسم (الأئمة)، واخترعت بدع وشعائر، وارتفعت قباب ومنائر ما أنـزل الله بها من سلطان. وتحول الدين باسم الحسين إلى لطم ونياحة وعويل.

أما الفقهاء فقد اتخذوهم أرباباً من دون الله تعالى و(مراجع) يرجعون إليهم في الأصول والفروع دون تفريق، وفي الكبيرة والصغيرة بلا تحقيق، أو رجوع إلىكتاب الله وسنة رسوله! بل يعتقدون أن فهم الكتاب والسنة حكر عليهم ولا يكون إلا بواسطتهم لا يستجيزون تخطئتهم وإنما يقلدونهم تقليدا أعمى حتى صرح كبار علمائهم أن الاعتراض على الفقيه بمنـزلة الاعتراض على الله وهو شرك بالله! منهم محمد رضا المظفر وإبراهيم الزنجاني إذ يقول كلاهما بالنص الواحد:
(عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط أنه نائب عام للإمام (ع) في حال غيبته. وهو الحاكم والرئيس المطلق. له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت (ع) ([17]).

وهذه في قرآننا هي عقيدة اليهود والنصارى في أحبارهم ورهبانهم كما أخبر تعالى عنهم فقال: )اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ (31)( التوبة. يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(ألم يحلوا لكم الحرام ويحرموا عليكم الحلال فاتبعتموهم؟) قال عدي بن حاتم t يوم إسلامه: بلى يا رسول الله. قال: (فتلك عبادتكم إياهم).

وفي الوقت نفسه يستولون على أموالهم بحجة ما يسمونه بـ(الخمس) و(الحقوق الشرعية) و(ثلث الأموات) وغيرها من الأسماء والحيل يتمتعون بها وبأعراضهم باسم (المتعة) ويؤسسون الشركات المالية الضخمة في الدول الأجنبية كمؤسسة آل الخوئي في لندن.

إن جزءاً كبيراً من هذه الأموال يستثمرونها في التآمر السياسي وإثارة الفتن والقلاقل وعدم الاستقرار. يقول تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ(34)( التوبة.

ومن أخطر الموارد التي تصب في جيوبهم الأموال التي يستولى عليها من المخالفين في العقيدة كما مر بنا في فتاواهم ورواياتهم كما قال تعالى عن اليهود حذو القذة بالقذة: )وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأميِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(75)( آل عمران. وأظن أن الأحبار والرهبان واعتقد جازماً أن المشركين لم يبلغوا الدرك الذي تردى إليه فقهاء التشيع الفارسي في الإباحية الجنسية والزنا العلني باسم الدين.
أما النفاق والشقاق بعد سوء الأخلاق فحدث ولا حرج عن (تقيتهم) التي استحلوا باسمها الكذب والتلون بشتى الألوان والوجوه حتى جعلوا ذلك تسعة أعشار الدين([18])!

فالتشيع الفارسي قد جمع الشر من أطرافه، وحوى سيئات الأديان الباطلة والمذاهب المنحرفة وزاد عليها بإضافات لا تجدها في غيره من الطوائف والأديان.
 
الفصل الرابع
معالم المنهج المطلوب في خطاب التشيع الفارسي
في ضوء المنهج القرآني
 
لا بد من تطبيق المنهج الإلهي القرآني:
لم أجد للتشيع الفارسي خصوصية أو سببا يجعله في منأى عن تطبيق المنهج الإلهي القرآني عليه أسوة بأخويه الشرك والنفاق واخوته اليهودية والنصرانية والمجوسية. بل وجدت- بعد السياحة الطويلة في كتاب الله المنظور وكتابه المسطور- أنه أولى الأديان بأن يطبق هذا المنهج عليه.
إن التشيع الفارسي دين جمع سيئات الأديان الباطلة كلها من الشرك والمجوسية واليهودية والنصرانية موضوعة في قالب من النفاق. أو هو حركة من حركات النفاق بمضامين شركية ومجوسية ويهودية ونصرانية وحتى بوذية وما لا يعلمه إلا الله!.

والآن نأتي إلى المعالم التفصيلية للمنهج المطلوب تطبيقه من خلال المقابلة بين النقاط المشتركة بين الفريقين- فريق التشيع الفارسي وفريق الأديان والمذاهب الباطلة- وكيف واجهها القرآن كما سبق الحديث عنه خلال السور الأربع -البقرة وآل عمران والأنعام والتوبة- وبعض ما تعلق بها الآيات.
 
1. التاريخ سلاح فعال في المعركة:
عند استعراض أول جولة من الآيات في سورة (البقرة) تلك التي اختصت باسترجاع تاريخ يهود قلت: (في هذا درس قرآني عظيم هو أن من شمخ بأنف قائم على تاريخ مخزٍ فإن المجاملة لا تنفع معه بل ينبغي أن يدمغ بذلك التاريخ ليعرف حقيقة نفسه ويرى أن الناس يعرفونه على حقيقته، علّ ذلك يردعه ويجعله يشعر بالنقص والصغار إزاء انكشاف حاله. ولعله يرعوي أو- على الأقل- يتأدب وهو يتعامل مع الأتقياء الأطهار).

قارن هذا بتاريخ مساحته أربعة عشر قرناً من المخازي والآثام يحمله الرافضة الشعوبيون على ظهورهم ابتداءاً بقتل عمر وعثمان وعلي وظهور عبد الله بن سبأ والحركات الباطنية الهدامة على مر التاريخ، واستمر وهو يتضخم بالمخازي والآثام إلى يومنا هذا في عامنا هذا في بلدنا هذا الذي يلعنون فيه (خير أمة أخرجت للناس)  ويطعنون بأشرف نسوة كن في بيت ويدعون تحريف الكتاب والسنة. ناهيك عن أكل أموال الناس بالباطل واستحلال الكذب والدجل والعمل (بالتقية) أي النفاق وهتك ستر المحصنات تحت لافتة (المتعة) أي الزنا باسم الشرع. ثم هم مع كل هذه الخزايا والدنايا يشمخون بأنوف ترعد، ويطلقون على أهل السنة اسم (أبناء العامة) أي أنهم أبناء الخاصة ! تماماً كاليهود الذين مع خزاياهم ودناياهم يدعون أهم (شعب الله المختار) وأنهم (أبناء الله وأحباؤه).

ثم انظر بعينك لترى في الوقت نفسه كثرة المجاملين والمداهنين من الحالمين بكلمة رضا من تلك الأفواه النتنة المتلطخة بسب أبي بكر وعمر وأمهات المؤمنين!
إن المنهج القرآني يفرض علينا أن نعرض التاريخ ونستعمله كسلاح في ميدان الصراع مع الشعوبية ودينها الباطل التشيع الفارسي. على أنه من المفيد جداً والضروري أن نقرأ تاريخ الفرس قبل الإسلام وصراعهم الأبدي مع العراقيين لنتعرف على جذور الصراع ونجد كثيراً  من أوجه الشبه بل المطابقة الكلية بين الغابرين والمعاصرين ليكتشف الناس أنه لا فرق بين المتأخرين والمتقدمين سوى الأسماء والعناوين.
 
2. إنكار أباطيلهم ومنكراتهم بتفاصيلها صراحة ومواجهة:
هذه طائفة من الأباطيل التي أنكرها القرآن صراحة و مواجهة على أهلها من أصحاب الأديان الباطلة موجودة بعينها عند الرافضة:
 - تحريف الكتاب:
)أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(75)( البقرة. وهو نفسه موجود عند الرافضة إذ يدّعون تحريف القرآن.
 - (التقية) والتلون والنفاق:
ثم قال: ) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ(76)( البقرة هذا عن اليهود. وعن المنافقين قال الشيء نفسه في أول السورة:) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ(14)(. وهذا عينه موجود عند الرافضة باسم (التقية).
 - عدم علم عوامهم بكتابهم:
ثم قال:)  وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ (78)( البقرة. وهذا حال جمهور الرافضة وعوامهم لا يفقهون من القرآن شيئاً سوى التلاوة الفارغة من الفهم والتدبر بسبب صرف علمائهم لهم عن ذلك بحجة أن القرآن صعب لا يدركه إلا العلماء مستدلين بقوله تعالى:) وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (7)(
آل عمران، أي الله والعلماء فقط. ويفتون لهم أن من أخطأ في قراءة حرف أو حركة من القرآن فهم آثم.
 
 - أكل أموال الناس بالباطل:
ثم قال: )فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاٍ (79)( البقرة وهذا ما يفعله علماء الرافضة إذ يستولون على أموال اتباعهم بحجة (الخمس) و(الحقوق الشرعية) وغيرها من المسميات التي اخترعوها افتراءا على الله شانهم شأن اليهود الذين نـزل فيهم قوله السابق وقوله:)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنـزونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)( التوبة وما فعله الرافضة أشد وأنكى!
 
 - ادعاء النجاة في الآخرة:
) وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً(80)( البقرة. والرافضة يدعون ما هو أشد من ذلك. إنهم يعتقدون أن من آمن بولاية علي فإن علياً سيسلمه يوم القيامة بطاقة نجاة من النار ودخول إلى الجنة ويسمون علياً (قسيم الجنة والنار) ويروون في ذلك الروايات الكاذبة وقد مر بعضها. وينشدون:
علي حبه جُنة        قسيم النار والجنة
ويكتبونه على واجهات المحال والسيارات. وعلماؤهم يقصون عليهم الأساطير في ترسيخ هذه العقيدة الفاسدة في محاضراتهم وأحاديثهم التي نسمعها ونراها على الأشرطة المسجلة. منها أنّ ناصبياً نذر إذا وهبه الله ولداً أن يقتل أحد الرافضة فكان له ما أراد. وبعد أن كبر ابنه أخذ خنجره وكمن لإحدى قوافل الزائرين لقبر أبي عبد الله الحسين عله يقتل واحداً منهم في غفلة من أصحابه لكن عينه غلبته فنام فرأى أن القيامة قد قامت وجيء به للحساب فأمر به إلى النار لكن أبا عبد الله يظهر له من بين الجموع ليخلصه قائلاً: لن تمس النار أحداً سقط على جسده غبار أقدام الماشين حفاة لزيارة قبري! وهنا تضج أفواه القطعان وهي تصيح: … أي (اللهم صل على محمد وآل محمد!) ليقول المتحدث الكذاب: فكيف إذن هي منـزلة شيعة محمد وآله !!
 - التقليد الأعمى واتخاذ الفقهاء أرباباً من دون الله:
)اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ(31)( التوبة. أي أنـزلوهم منـزلة الله تعالى في الأمر والنهي والتشريع. وهو عقيدة الرافضة عينها مع فقهائهم حتى صرحوا بأن الرد عليهم بمنـزلة الشرك بالله- كما مر بنا- وهي الأساس الذي استند إليه الخميني الدجال في القول بـ (ولاية الفقيه)
 
 - قتل دعاة الحق:
) أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ(87)(البقرة.
)إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(21)( آل عمران).

)قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(183)( آل عمران. وهو ديدن الرافضة أعداء الحق ودعاته منذ أن وجدوا يكيدون لهم ويخططون دائماً لاغتيالهم والوقيعة بهم إسكاتا لصوتهم الناطق بالحق منذ أن اغتالوا عمر بن الخطاب شهيد المحراب والمسلسل متواصل إلى عصرنا الحاضر فكان الشهيد الأستاذ أحمد الكسروي والشيخ محمد ضيائي وغيرهم في إيران والشهيد الشيخ نوري خلف الدليمي والشيخ محمد طه السامرائي والسيد محمد اسكندر الياسري في العراق وغيرهم وغيرهم!
 
 - استحلال أموال المخالفين ونقض عهودهم:
) وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(75)( آل عمران.

وهو ما يفتي به أحبار الرافضة وكتبهم طافحة به بل زادوا فأحلوا دماء مخالفيهم من أهل السنة والجماعة وغيرهم وقد مر بعض أقوالهم المتعلقة بذلك وسيأتي –إن شاء الله- مزيد بيان لخطورة هذا الأمر! وعدم الانتباه إليه مع خطورته!!
إن نقض العهود وعدم الإيفاء بالوعود صفة متأصلة عند الرافضة وما الاستيلاء على الطائرات العراقية المودعة عندهم إلا مثال بسيط على هذه الصفة الرذيلة عندهم. إن القرآن واضح في أمره بضرورة الإيفاء بالعهود والوعود والعقود كما قال سبحانه: )إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(77)( آل عمران.

أما كونهم يحملون العراق مسؤولية خسائر الحرب وهذه الطائرات تعتبر جزءا من تعويضات تلك الخسائر فهذه دعوى وحكم صادر من جهة الخصم وهذا يتناقض مع أوليات القضاء الإسلامي والعالمي إذ لا يصح أن يكون الخصم هو الحكم في قضية واحدة. فالاستيلاء على الوديعة دون حكم صادر من جهة حيادية لا يكون إلا عند اللصوص. فإذا كانت اللصوصية مبرقعة باسم الدين فذلك هو الكفر بعينه! ثم ما قيمة مجموعة من الطائرات أمام تشويه سمعة دولة تدعي أنها تمثل الإسلام لو كانت فعلا كذلك؟!
إن (أبناء الأصول) حين يتصرفون تصرفاً معينا يحسبون ألف حساب لـ(أصولهم) وعوائلهم التي ينتمون إليها. أما الأدعياء ومن لا (أصول) لهم فلهم شأن آخر وحساب غير هذا الحساب!
هذه أمثلة من المنكرات والأباطيل المشتركة بين الفريقين أفينكرها الله تعالى في كتابه العظيم وعلى لسان رسوله الكريم على قوم ونقرها نحن عند قوم آخرين؟! كيف؟! ولماذا؟!
 
3. نبرة الاستعلاء الإيمانية:
في خطاب القرآن العظيم لأهل الباطل نبرة استعلاء إيمانية واضحة تغرس الثقة في النفس وتجعل المؤمن في منأى عن حمأة الشعور بالنقص الذي هو السبب وراء محاولات الترضية المخجلة المتمثلة في كيل المدائح المجردة للرموز الصالحة عسى أن يعتقد المنتسبون زورا اليهم أننا نحبهم فيرضون عنا أملَ إبليس في الجنة.
إن القرآن لا يعترف بتلك الانتسابات المزورة. انه يعلن بلا تردد أنها مزورة. وبهذا يسحب البساط من تحت أولئك المزورين المفترين ليجعله تحت المسلمين. وهنا يكون على اليهود وأمثالهم من النصارى والمشركين والمنافقين أن يأتوا ليرضوا المسلمين وعسى أن يقبلوهم. وذلك بالوقوف الحقيقي على هذا البساط الذي أزيح المبطلون من فوقه وصار تحت المسلمين. أي بالإيمان الصادق بمثل ما آمن به المسلمون:) فَإِنْ ءَامَنُوا بِمِثْلِ مَا ءَامَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا(137)( البقرة. فأنتم أيها المسلمون الأصل والمقياس والنموذج وهم- كائنا من يكونون- تبع. ]وإن تولوا{؟ فهذه مشكلتهم ولا قيمة لهم فلا تشغل نفسك بهم )وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(137)( البقرة).

إن هذا يفرض علينا منهجياً أن نصرح بعدم اعترافنا بصحة انتساب الرافضة إلى علي وأهل بيته، ونثبت أن ذلك دعوى مزورة بالأدلة المعتبرة، وأن لا نتردد في القول بأن علياً ما كان شيعياً ولا رافضياً ولا إمامياً ولا اثني عشرياً، بل كان حنيفاً مسلماً ملتزماً بسنة رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم وجماعة المسلمين.

نعم نمدحه بما فيه دون غلو أو تقصير. على أن لا يكون المدح مجرداً عن الدعوة إلى اتباعه أو عن التصريح بالمخالفات الشرعية التي ارتكبها الرافضة معه ولا عن الإعلان بأن علياً على دين والرافضة على دين آخر. مدحاً لا يوحي بالضعف والهزيمة النفسية ولا الرغبة في استعطاف الرافضة لعلهم يعترفون بنا أحبابا لعلي. بل على العكس علينا أن نشعرهم بأنهم هم بحاجة إلى أن يثبتوا لنا حبهم الحقيقي له، واتباعهم الصحيح لما كان عليه. فإن فعلوا وكانوا مثلنا وآمنوا بمثل ما آمنا بِهِ فقد اهتدوا. وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفينا الله تعالى أمرهم وهم أهون في عين الله من أن نركض وراءهم نلهث عساهم يرضون. إن علينا أن نقول الحق من ربنا فإن آمنوا فهو الواجب عليهم وإن غضبوا فما هم بمعتبين.
 
مقارنة مع الواقع:
قارن هذا مع المنهج الترضوي المتبع واقعاً مع الرافضة! إن أصحابه -بدلاً من أن يصرحوا بقطع صلة الرافضة بسيدنا علي t وأهل بيته- راحوا يبذلون الجهود تلو الجهود في محاولات يائسة لترضيتهم عن طريق مدحه t مدحاً يخرج أحياناً إلى الغلو أو مخالفة الحقائق التاريخية والمنطق العقلي عسى أن يقتنعوا أنا نحب علياً، مع ما يرافق ذلك من مجاملات على الباطل وعدم إنكاره.

إن في هذا شعوراً واعترافاً ضمنياً بأن الرافضة هم (أصحاب الامتياز) والحب الحقيقي والانتماء الحق لـ( أهل البيت)، وهم النموذج والأصل الذي يُتسابق إلى التشبه به والتقرب إليه. لقد سحب أصحاب المنهج الترضوي البساط من تحت أنفسهم وانحنوا بكل (أدب ولطف) ليضعوه تحت أقدام أولئك الأدعياء علهم يلقون إليهم بفتات كلمة أو نظرة عطف أو يربتون على رؤوسهم وهم يبتسمون ابتسامتهم الصفراء، وما هم بفاعلين حتى يلج الجمل في سم الخياط!
والأمر كله لا يعدو أن يكون تعبيراً عن الشعور بعقدة نقص يعانون منها تولدت لطول ما اتهموا بمناصبة (أهل البيت)، وإشارة لا تخطئ- يعرفها المخالف قبل المؤالف- إلى ما في نفوسهم من هزيمة وضعف تجاه من هو أولى أن يصاب بها!
ومع أن المشكلة ليست في بغض أهل البيت وإنما في بغض الصحابة وعداوتهم والبراءة منهم وسبهم وتكفير من يحبهم لكنك ترى هؤلاء الترضويين يوحون بقلب المعادلة وعكس المشكلة فإذا بهم مع حبهم لعلي وبغض الرافضة للصحابة يحاولون جاهدين أن يثبتوا لأولئك الغلاة الحاقدين أنهم يحبون علياً!
وحين يكتشفون أن ما فعلوه لم يثمر شيئاً يرجعون باللوم إلى أنفسهم أنهم هم المقصرون، والحل مزيد من المدح دون اعتبار للأصول أو الذوق أو العقل أو الحقيقة التاريخية أو حقوق الآخرين حتى خرجوا إلى الكذب بل الغلو! حتى صرح البعض بأن أهل البيت مخلوقون من نور ذات الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا وهو كفر صريح. كل هذا يطرح مجرداً عن الدعوة إلى الاتباع الحقيقي لسيدنا علي ودون عرض موضوعي لحقيقة المشكلة.

لقد رأينا احتفالات يحضرها علماء مسؤولون يحبون الصحابة -ومنهم علي-  حباً صادقاً. وإذا قام أحدهم يلقي كلمته وذكر علياً ترضى عنه وأحياناً يقول (كرم الله وجهه) أو (عليه السلام) أو يلقبه بـ(الإمام) ويمدحه مدحاً قد يخرج عن المشروع. فإذا جلس وقام الشيخ الرافضي يتحدث وذكر أحد الصحابة لا يترضى عنه ولو على سبيل المجاملة أو التزلف أو (تقية)! وإذا استشهد بقول لكبار الصحابة الكرام فإنما يستشهد به في مقام المدح لعلي لا أكثر دون ترض عن الصحابي أو الاتيان بما يشير إلى احترامه.
 
لماذا انقلبت الأمور إلى هذا الحد؟!:
نحن نعلم أن الرافضة قوم يؤمنون بـ(التقية) ويعملون بها. لكن (التقية) عند شعور الرافضي بالخوف أو رغبته بالوصول إلى هدف ما. فلماذا صار رافضتنا لا (يتقون)؟ بل يتبجحون ويهجمون وأصحابنا يجاملون ويتقون!
لقد أخذ المنهج الترضوي عنصرا واحداً من عناصر المنهج القرآني وأركانه الخمسة وترك العناصر الباقية. ثم راح يشوه في هذا العنصر الوحيد الذي لا قيمة له دون بقية العناصر بالزيادة الخارجة عن الذوق والعقل والشرع فزاد الطين بلة والداء علة.
 
4. غرس الهزيمة النفسية في داخل الخصم وإجباره على استجداء العطف:
 تأمل هذه الهزيمة النفسية التي غرسها المنهج القرآني في داخل المنافقين فصاروا يحاولون بشتى الوسائل ومختلف الأساليب والحيل أن يثبتوا للمؤمنين ولاءهم ويقسمون أغلظ الأيمان على أنهم منهم وأنه لا فرق بينهم وبينهم! في الوقت الذي يعلم القرآن المؤمنين كيف يتعاملون مع هذه الظواهر النفاقية فيحتقرونها ويرفضون القبول بالحلول الوسط أو الالتقاء في وسط الطريق على حساب الحق ومصلحة الأمة. إن المنهج القرآني يغرس الثقة في نفوس المؤمنين ويعلمهم فن العزة الإيمانية والاستعلاء على كل دنيء. اقرأ هذه الآيات في سورة (التوبة):
) وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ(57)(
)يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ ليُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ(62)(
)يحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ(96)(
)يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنـزلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)(
)يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ(94)(
)وَإِذَا مَا أُنـزلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ(127)(
وقال عن مسجدهم: ) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ  (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  (109) لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)(
)فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)(
قارن هذه الصورة مع الصورة النفسية المهزوزة، والهزيمة التي يعاني منها أصحاب المنهج الترضوي. إنهم يعيشون وضعاً نفسياً مأساوياً مقلوباً كان عليهم أن يناضلوا ويجاهدوا ليجعلوا الخصم الشعوبي هو الذي يعيشه ويعاني منه فيأتي إليهم صاغراً يقدم إليهم مراسيم الولاء ويطبق (تقيته) حسب الأصول!
هل تأملت وضعهم البائس وهم يحاولون إرضاء هذا الخصم الذي استخفهم فأطاعوه فتفرعن عليهم، ويتملقونه بالقول إنه لا فرق بيننا ونحن معكم وبكم والدين واحد وليس بيننا من خلاف إلا في بعض الفرعيات البسيطة، وهو يمقتهم ويزدريهم ويصرح بأن لا لقاء ولا تعاون بل يكفرهم ويستحل حرماتهم ويتربص بهم الدوائر ويفرح إذا أصيبوا ويحزن إذا فرحوا ويلمزهم ويسخر منهم ولا يألوهم خبالاً ويستهزئ بكتابهم وسنة نبيهم ويطعن بأصحابه وأزواجه ويشتمهم ويلعنهم! لماذا هذا الوضع المقلوب؟!ومن المسؤول عن هذه المهزلة؟!
 
5. اعتماد أسلوب الهجوم:
القرآن يستعمل أسلوب الهجوم على مرتكزات الخصم كخط ثابت معتمد،و لا يجنح إلى الدفاع إلا في حالات معينة، و هذا هو الذي يهزم الخصم.
أما الدفاع فغايته أن يحافظ كل على موقعه، حتى في المعارك العسكرية،فما لم يحول القائد دفاعه إلى هجوم فلن يكسب المعركة.
ونصيحتي للمخلصين -وبكل قوة- أن يتخلصوا من حالة الدفاع التي هم عليها، فإنهم لن يكسبوا من ورائها إلا التعب، والمشغلة الفارغة.
يأتيني بعضهم بشبهات مثل أحاديث في صحيح البخاري ومسلم استشكلها عليهم الرافضة، فأنصحهم قائلاً: قولوا لهم لنفترض أن ما تقولون عن البخاري ومسلم هو كما تقولون، ما هو البديل الذي عندكم إذا تخلينا عن صحيح البخاري ومسلم وبقية كتب الحديث عندنا؟ أغير كتاب الكافي وأمثاله؟!
فما جوابكم عن مئات بل آلاف الروايات الواضحة البطلان متناً، دون الحاجة إلى النظر في أسانيدها؟!
هنا سيحتار الرافضي وينهار أو ينهزم. وهذه النتيجة لن تحصل عليها ولو بقيت تدافع عن أحاديث أهل السنة عمرك كله.
وهكذا تقل الحاجة جداً إلى الدفاع عما عندنا، أو الجواب عن شبهاتهم ضدنا.
المطلوب إذن أن نهاجم مرتكزات الخصم، فإذا انهارت سهل علينا بعدها إقناعهم بالبديل. وإلا فإن الاستمرار على موقف الدفاع سيجعلنا في النهاية نخسر المعركة ونخرج منها منهزمين،وليس هو أكثر من تعبير عن الهزيمة النفسية التي يعاني منها المدافعون.
 
6.  اللهجة أشد والمعالجة أولى:
اهتم القرآن بالمنافقين اهتماماً كبيراً رغم قلتهم مطلقاً ومقارنة مع الكفار. لقد خاطبهم القرآن وكان في لهجة خطابة شدة وغلظة أكثر مما هي عليه في خطابه للكافرين، حتى لقد جعلهم في منـزلة أحط من منـزلة إخوانهم الذين كفروا في النار فقال:)  إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ(145)( النساء.
وباطل الرافضة أشبه بباطل المنافقين منه بباطل الكافرين من حيث أنهم اتخذوا مبدأ (التقية) قاعدة لسلوكهم وتعاملهم مع مخالفيهم. وهو مبدأ المنافقين الذي أخبر عنه تعالى في مثل قوله:) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ(14)( البقرة. وتلك خصلة من خصال اليهود أيضاً كما قال تعالى:) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ (76)( البقرة. وقال:) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنـزلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(72)( آل عمران.
باختصار فإن الرفض كفر في قالب نفاق. وهذا يلزمنا بالتحذير من خطرهم تحذيراً أشد، وإنكار باطلهم إنكاراً أغلظ مما هو عليه مع الكفار وأشباههم من الملل والنحل.
 
7. التحذير من اتخاذهم بطانة وتوظيفهم في مواقع القرار:
يقول تعالى:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)( آل عمران.
إنها أخلاق المنافقين وأخلاق الروافض الشعوبيين سواء بسواء، لأن الرفض جنس من أجناس النفاق فهم:
1. )لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا( لا يقصرون في الكيد لنا والتآمر ضدنا وأبسط شيء يقومون به كتابة التقارير الصفراء الكاذبة التي لا تنقطع ليل نهار من أجل إلقاء بذور الشك وتمزيق الصف وضرب مصادر القوة ببعضها و(إيجاد الخلاف بين الحكام والعلماء) كما جاء في (الخطة السرية لآيات الشيعة في إيران) حتى يصل الكيد إلى التعاون مع الأجنبي كإيران وأمريكا والاستبشار بقدوم أمريكا. وأحداث عام 1991 شاهد. إنهم يشعلون الحروب ويمارسون الاغتيال السياسي ويثيرون الفتن.
)وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ( يتمنون لنا كل ما يؤذينا ويرهقنا.
)قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ( بلعن أسلافنا، والطعن في كتابنا، ورفض أحاديث نبينا، وإيعادنا بالويل والثبور حين تسنح الفرصة وتكفيرنا واستحلال دمائنا وأموالنا.

)وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ(.
)هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ( وهذه مشكلة. فالكثيرون يحبونهم ويهونون من شأنهم ويفضون بأسرارهم إليهم ويضعون في أيديهم أخطر المواقع الحساسة يقولون: لا فرق بيننا! مع إنهم يتخذون التفرقة دينا ويستعملون مواقعهم للكيد والتآمر ولا تنفع معهم جميع أسباب المودة والتقريب ومظاهر المساواة ينكرون ما يرون ويفسرونه تفسيراً عكسياً ملؤه الشك والريبة. يسقطون على الغير ما موجود في نفوسهم. فنحن وإياهم كما تصف الآية )هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ(.
وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ( وهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض تبعاً لأهوائهم وأغراضهم.
)وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ( بحكم مبدأ (التقية) فهم متمرسون في إظهار الولاء في الوجه، ويتحينون الفرص في الخلوات للانقضاض والانتقام.

إن استعمال هؤلاء واتخاذهم بطانة من أكبر أسباب الهزيمة والخسارة في المعارك العسكرية، ولذلك جاء ذكر هذه الآيات - التي تحذر من ذلك- مباشرة قبل الحديث عن معركة أحد التي خسرها المسلمون.

إن عبد الله بن سلول رجع بثلث الجيش في المرحلة الحرجة قبل وقوع المعركة. وسقطت بغداد بأيدي المغول بسبب البطانة المتمثلة بالوزير ابن العلقمي الفارسي. وهي حلقة من سلسلة طويلة من البطانات التي اتخذتها الخلافة العباسية. وفي عام 1991 عمل أحفاد ابن العلقمي بالعراق تمزيقاً وتقتيلاً وتدميراً وغدراً وخيانة ما عجز عنه الأمريكان وتحالفهم الشيطاني، وهاهم اليوم يستبشرون أملاً بان تكرر في عراقنا مأساة إخواننا الأفغان (تحالفاً جنوبياً) مع الأمريكان بدل (التحالف الشمالي) في أفغانستان الذي لولاه لما استطاع الأمريكان إسقاط حكومة (طالبان).
 
8. عدم الاعتراف بمساجدهم الضرارية واعتبارها أوكاراً للتجسس والتخريب:
لقد حاول المنافقون -ومن وقت مبكر- أن يعزلوا أنفسهم في أوكار تجسسية تحت مسمى شرعي هو المسجد فاتخذ أبو عامر الفاسق هذا الوكر. وحتى يكتسب وكره هذا الصفة الشرعية طلب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتي ليصلي فيه و(يباركه)! وكان الله لهم بالمرصاد فأنـزل على رسوله آيات بينات تفضحهم وتكشف نواياهم وتأمر باعتزال ذلك المكان الموبوء. يقول تعالى فيها:-
)وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ  (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  (109) لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110)(. وذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تنفيذ الأمر الإلهي أبعد مذهب فهدم هذا الوكر النفاقي الشيطاني وأحرق مكانه بالنار! مع أن النص لا يأمر بأكثر من اعتزاله: )لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً(.

ويدور التاريخ دورته وينجح الرافضة في إنجاز ما عجز عنه المنافقون، فاتخذوا لهم (مساجد ضرار) في طول البلاد وعرضها صورتها صورة مسجد وحقيقتها أوكار للتآمر والإضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين ومواضع رصد وتجسس([19]) وسراديب وأنفاق عبرت عن نفسها بوضوح في آذار عام 1991 على هامش الغزو الصليبي للخليج واعتدائه على العراق. وأقل ما فيها من شر وكفر أنها فرقت بين المسلمين فشطرتهم نصفين لا يلتقيان!
 
مقارنة بين (مسجد ضرار) القديم والحديث:
وإذا جئنا لنعمل مقارنة بين (مسجد ضرار) القديم والحديث لوجدنا أن الأخير شر مكاناً وأضل عن سواء السبيل!

(مسجد ضرار) الحديث

(مسجد ضرار) القديم

1- يؤذن فيه ثلاث مرات.

1- يؤذن فيه خمس مرات.

2-له توقيتاته الخاصة به المختلفة عن التوقيتات الشرعية والرسمية.

2- توقيت الأذان فيه لا يختلف عن التوقيت في المسجد النبوي.

3- ألفاظ الأذان تختلف عنها في مساجد المسلمين. فقد أضافوا إليه إضافات بقدر الأذان الأصلي أو أكثر تبدأ بقول المؤذن: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ثم تلاوة قوله تعالى:)إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ…( الآية. ثم الصلاة على النبي وآله. ثم إضافة علي ولي الله وأولاده المعصومين حجج الله وحي على خير العمل. وتنتهي بزيادة لا اله إلا الله في آخر الأذان!

3- ألفاظ الأذان واحدة في المسجدين.

4- يصلون فرادى عادة.

4- يصلى فيه جماعة.

5- لا يصلون الجمعة ولا يستحلون الصلاة في مساجدنا إلا تقية أو منعزلين.

5- يصلي رواده الجمعة في المسجد النبوي.

6- شعائر الصلاة وهيئاتها تكاد تختلف تماماً، مثل الإسبال وعدم قول آمين وعدم التسليم والاستعاضة عنه بتحريك اليد ثلاثاً إلى الأعلى والأسفل. والقنوت قبل الركوع في الركعة الثانية..الخ.

6- ليس للصلاة شعائر وهيئات خاصة تختلف بها عن صلاة المسلمين.

7- وهؤلاء يمسحون.

7- يغسلون أرجلهم في الوضوء.

8- يتخذ المصلي فيه حجراً مدوراً يضع جبهته عليه في الصلاة.

8- لم يتخذوا فيه حجراً يصلون عليه.

9- المسجد مهان بإقامة اللطميات والنياحة ومجالس العزاء ووضع الكراسي وحتى الأكل والشرب والتدخين!

9- المسجد نظيف ومحترم.

10-أمره- ولله الحمد- تام ومعترف به وهو يؤدي دوره كاملاً حسب الخطة المرسومة.

10- لم يتم أمره بل فضحه الله وكشف حقيقته.

فأي الفريقين أحق بالعلاج وتقويم الاعوجاج؟!
 
9. تبني العروبة:
لا يشك مسلم سوي في فضل العرب، وأن الله اختارهم لأنهم أقدر الشعوب على حمل رسالته الخاتمة إلى الناس. فالاختيار مبني على أسباب ثابتة موجودة مسبقاً في داخل من اختارهم الله. وفي قوله تعالى: ]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه (110){ آل عمران. دليل من حيث أن جودة الثمر نتاج بذر جيد في تربة طيبة ولا بد. فالبذر الجيد هو الرسالة النازلة، والتربة الطيبة هم العرب. ولذلك يقول سبحانه: ]اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ (124){ الأنعام.

والعروبة مادة الإسلام، والإسلام روح العروبة. فالطعن في أي واحد منهما طعن في الآخر. وفصل أحدهما عن الآخر كفصل الروح عن الجسد. وفي القرآن شواهد كثيرة على ما نقول، ولكننا لسنا في صدد إثبات هذه الحقيقة فالأمر مفروغ منه، وإنما في صدد ضرورة تبنيها، والانتباه إلى أهميتها في الخطاب.
والفرس -وخلافاً لكل الشعوب المسلمة- يكرهون العرب كما يكرهون الإسلام والمسلمين، ويطعنون فيهم جميعاً. فالفرس لا يعادوننا لأننا مسلمون فحسب، ولكن لأننا عرب أيضاً. فإدخال العروبة في معادلة الصراع ضرورة لكي يعتدل ميزان القوى المتصارعة المختل في  غياب هذا العنصر الفعال.
لقد آن الأوان لكي نتخلص من ردود الفعل السلبية ضد من تطرف في تبني القومية فجعل العروبة بديلاً عن الإسلام، فكان الرد أن أخرجت العروبة من ساحة الصراع.

وإذا كان الإسلام هو الروح وهو الأصل والأساس، فلا يضيره - بل يشده ويقويه- أن تأخذ العروبة موقعها في سلم الخطاب دون إفراط أو تفريط.
 
10. قطع صلتهم بالرموز الصالحة:
من أركان المنهج القرآني التي سبق ذكرها قطع الصلة بين أهل الباطل ومن يدّعون الانتساب إليهم من الأنبياء والرجال الصالحين. فالقرآن العظيم لا يعترف بهذه الصلة ويصرح لهم بأنهم في جهة، ومن تعلقوا بهم في جهة أخرى بعيدة لا علاقة لهم بها. إنهم أناس منقطعون منبترون. وأن هذه الصلة دعوى كاذبة مزورة أن التشيع الفارسي يعتمد في بقائه على ادعائه الانتساب إلى (أهل البيت)، ويستمد قوته وأسباب وجوده واستمراره من هذه الدعوى. فتجريده منها يسحب البساط من تحته ويظهر وجهه الكالح على حقيقته. وهو ما يلزمنا به المنهج القرآني. أما الاقتصار على مدح علي t فهو منهج المنهزمين البائسين.
 
11. التفريق بين الموقف المبدئي والموقف العملي:
لقد كان القرآن واضحاً منذ البداية في موقفه المبدئي من المنافقين وحكمه الشرعي عليهم. لقد كشف أوراقهم وحكم عليهم بالكفر وفضح نواياهم وأوصافهم وأساليبهم حتى يتم التمييز بينهم وبين المؤمنين دون أن تختلط الأوراق ببعضها فتمر المؤامرة. وسورة (المنافقون) وغيرها واضحة الدلالة على ما نقول.
أما الموقف العملي فقد مر بمرحلتين: الأولى: مرحلة المداراة و(بل نترفق به) و(حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه) ويظهر أن هذه المرحلة استمرت حتى معركة (أحد) في السنة الثالثة أو بعدها بقليل حين ثبت للنبيصلى الله عليه وآله وسلم أن مجاملة هؤلاء وتوثيقهم باعتبارهم ضمن الصف المسلم يعود على الأمة بأعظم الخسارة أحوج ما تكون بحاجة إلى الربح أو الحفاظ على رأس المال، وذلك عندما استطاع ابن سلول أن يفسد على رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم ثلث جيشه المتوجه إلى المعركة. ولا شك أن هذه الخسارة في هذا الظرف لا تعادلها خسارة التفريط به من البداية حتى لو اتبعه مجموعة من عشيرته تعصباً وجاهلية. فإن النبيصلى الله عليه وآله وسلم كان يترفق به من أجل اتباعه حفاظاً عليهم وها قد ثبت له أن هذا الأسلوب لا يعود عليه إلا بالخسارة فبدأت المرحلة الثانية: حين نـزل قوله تعالى في سورة (الأحزاب):) لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا(60)مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا(61)سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا(62)(
وهذا يدل على أن قتل المنافقين وعدم الترفق بهم هو سنة قديمة ماضية وهو الحكم الأصلي معهم غير متعلق بالعوارض إلا إذا حال دون ذلك حائل كالذي ذكره النبيصلى الله عليه وآله وسلم من أنه يخشى أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه. ولكن هذا في البداية والدعوة المدنية في أولها أما وقد اشتد عودها وعركتها الأحداث وصار التمييز ممكنا فإن الحكم يعود إلى أصله.
 
12. لَيْسُوا سَوَاءاً:
إن هذا لا يمنعنا من القول بأنهم )لَيْسُوا سَوَاءً(. ففي أوساط الرافضة أناس طيبون صادقون في تدينهم باطنا وظاهراً لا يعرفون النوايا الحقيقية لدعاة التشيع الفارسي يطلبون الحق ويأخذون به أينما وجدوه)خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(199)( آل عمران.
لكنهم جاهلون مطلوب منا تبصيرهم ودعوتهم وإنقاذهم من براثن الوحش الفارسي.

إن هؤلاء وسط قابل للتحول إلى أحد الطرفين فإما إلى الإسلام الصحيح إذا أحسنّا دعوتهم والتعامل معهم وإما إلى الرفض المقيت إذا تركناهم طعمة لأولئك الطامعين.
 
13. دعوتهم إلى تبني القرآن منهجاً للتعلم دون سواه:
يقول تعالى:) مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ(79)( آل عمران.
فالربانية تلزم العالم بدراسة الكتاب واتخاذه منهجاً لتعليم اتباعه منه يصدر وإليه يعود. فماذا فعل اليهود والنصارى؟

لقد روضوا اتباعهم وعودوهم على طاعة أوامرهم والرجوع إلى أقوالهم دون اعتراض أو نقاش. وأوهموهم بأن الكتاب حكر عليهم وأنه لا يفهم من دونهم لقد أبعدوهم عنه ولم يعلموهم إياه بحجة أنَّهُ ما دام الكتاب لا يفهمه إلا العالم فلا داعي لإتعاب النفس في تدبره ومحاولة الاهتداء بِهِ مباشرة. والحل الرجوع إلى العالم بديلاً عنه وهذه هي العبادة لأن طاعة العلماء من دون نقاش، وإنـزال أوامرهم منـزلة أوامر الله تحليلاً وتحريماً عبادة لهم من دون الله.

وهذا ما فعله علماء التشيع الفارسي عن طريق مبدأ التقليد الأعمى. لقد ألغوا القرآن من واقع اتباعهم منهجا للاهتداء والتدبر وأبقوه كتاباً للقراءة المجردة والتبرك فحسب. أما الاهتداء فيكون بإطاعة أوامر العلماء وتقليدهم في كل شيء، ولذلك لا يهتمون بدراسته وتعليمه. وهذا عراقنا -والحمد لله- تعمه حملة لتعليم القرآن وتدريسه في المدارس والمساجد وغيرها إلا مساجد الرافضة وحسينياتهم وحوزاتهم لا تعرف شيئاً اسمه (دورة قرآنية) أو درس لتعليم القرآن.

لقد انسلخ علماء الرافضة من صفة (الربانية) ليتسلقوا مرتبة (الربوبية) يضاهئون الأحبار والرهبان حذو القذة بالقذة!
 
14. الدعوة إلى اتباع المحكم دون المتشابه:
من أعظم الحقائق القرآنية ما جاء في أول سورة (آل عمران) من أن ترك محكمات الكتاب وتأسيس الدين على متشابهاته أصل الشر وتكّون الأديان والمذاهب الباطلة. إنه يساوي الكفر بالآيات لأن كليهما يؤدي إلى نتيجة واحدة هي الضلال عن سواء السبيل.
يقول تعالى:) هُوَ الَّذِي أَنـزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ(7)( آل عمران).

وهذه علة الفرق الضالة جميعاً ومنهم الرافضة. لقد عطلت هذه الطائفة الانتفاع بالقرآن، وحولته إلى مصدر ضلال عن طريق اقتناص متشابه آياته والاعتماد عليها في تأسيس أصولها كـ(الإمامة) و(العصمة) والطعن في الصحابة وأكل أموال الناس بالباطل باسم (الخمس) وانتهاك أعراضهم باسم (المتعة)…الخ دون سند من آية محكمة صريحة!
إن التأكيد على هذه الحقيقة وبيانها وتفصيلها وترسيخها في أذهان الناس ضرورة من ضرورات المنهج، لأنها تحسم الخلاف علميا بين أصحاب الحق الذين أسسوا دينهم على محكمات الكتاب، وبين أصحاب الباطل الذين أسسوا دينهم على متشابهاته ومنهم الرافضة. وبذلك نشطب على ذلك الكم الهائل من الأدلة المتشابهة التي ضيعت الكثير الكثير من عوام الناس بل وخواصهم أيضاً سواء كانت روايات أو متشابه الآيات أو آراء وعقليات غير منضبطة بصريح الكتاب.([20])
 
15. القصص الحق:
انتهت قصة ميلاد المسيحu في سورة (آل عمران) بإبطال عقيدة النصارى في بنوته لله احتجاجاً بولادته العجيبة من غير أب وذلك في قوله تعالى:) إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ(60) )فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) إن هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(62) فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ(63)(.
وفي قوله تعالى:)إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ( بيان أن من القصص ما هو حق وما هو باطل. فالقصص الحق ما كانت له غاية هي إحقاق الحق وإبطال الباطل وأخذ العبرة للالتفات منه إلى الواقع من أجل علاجه من أمراضه. أما إلهاء الناس وقتل أوقاتهم بإشغالهم عما ينفعهم ولا يحذرهم مما يضرهم، فهو من القصص الباطل. )فَإِنْ تَوَلَّوْا( فنفروا وانـزعجوا من الحقيقة المخالفة لما هم عليه؟ أنجاملهم فنخفي عنهم الحق كي لا نخدش مشاعرهم؟! كلا )فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ(.

وجاء بعد هذه الآية قوله تعالى: ) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64)( يعلمنا كيف نستغل القصص في دعوة من يدعون أنهم أتباع لمن نقص قصته ونذكر سيرته فندعوهم إلى الأصول المشتركة )ِإلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا( وبينهم للانطلاق منها إلى بحث الأمور المختلفة )َولا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ(.

وإن كان ذكر هذه الأمور مزعجا أو منفرا لبعضهم أو لهم جميعاً وهو ما عبر الله عنه بقوله: )فَإِنْ تَوَلَّوْا (  أي قد تكون النتيجة التولي جميعاً عن اتباع الحق )فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(.

ثم جاء بعد هذه الآية ما يقطع العلاقة بين أهل الكتاب وإبراهيم u صراحة فإبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولا مشركاً فإن كنتم أتباعاً حقيقيين لإبراهيم فاتركوا ديانتكم واتبعوه بأن تكونوا مسلمين: )يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنـزلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ إِلا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ(65) … مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)( آل عمران.
هذا هو القصص الحق وهذا هو منهج الله في عرض القصص، وعلينا – إن كنا مؤمنين- أن نتبعه. فإذا تطرقنا –مثلاً- إلى حادثة (مقتل) سيدنا الحسين t علينا أن ننـزلها منـزلتها دون زيادة أو نقصان. مع الانتباه إلى عدم الانسياق وراء الروايات السفيهة المُسِفَّة وان وردت في كتب التاريخ أو المصادر الحديثية التي تروي الصحيح والضعيف تلك التي رواها أبو مخنف الرافضي الشعوبي المحترق وأمثاله من الحاقدين أو غيرهم من الغافلين بادي الرأي.ولا يكفي في رواية هذه الحوادث- التي تتعلق بها ثوابت كثيرة من تاريخ الأمة وسمعة رجالها وعقيدتها وسياسة الدين الشرعية- أن نجد في الهامش أنها صحيحة السند فإن العواطف والمجاملات لها دور كبير في هذا التصحيح!

وهذا ما لمسناه. إنهم يأتون إلى عدة أسانيد ضعيفة أو تالفة فيجعلون من تعددها سبباً لتحسين السند من باب الحسن لغيره. وبما أن (الحسن) من أنواع (الصحيح) فالانـزلاق إلى التصحيح عن طريق التورية والتلاعب بالألفاظ يسير. وهكذا صارت الرواية صحيحة!
ثم إن صحة السند لا تستلزم صحة المتن إلا بشروط منها السلامة من الشذوذ والعلة الخفية، وهما بابان واسعان يستلزمان معرفة غنية بالروايات والتاريخ وفلسفة وظروف الحدث والسياسة الشرعية، ومقدمات أخرى منها الخيوط الخفية للحدث أو جذور المؤامرة. وقبل هذا كله العلم بالقرآن وحقائقه الثابتة. وهذا كله يحتاج إلى نفوس سليمة من عقدة أصيبت بها الأمة -إلا من رحم- هي عقدة التقديس لـ(أهل البيت). وعند فقدان هذا كله أو بعضه تكون رؤيتنا للقصة ضربا من التحديق في جو مشحون بالضباب أو الغبار.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المنهج القرآني يلزمنا بان نستثمر القصة من أجل بيان مخالفة الروافض للحسين في عقائدهم وشرائعهم وشعائرهم، ودعوتهم إلى اتباعه الاتباع الشرعي السليم.

إن ما انـزلق إليه البعض من المشايخ وغيرهم من الحديث عن (المقتل) في محرم ومن فوق منابر الجمعة أو في المحاضرات حديثاً مجرداً لا غاية له سوى استثارة العواطف واستدرار المدامع، تظاهراً بحبه يتعارض والمنهج الإلهي. بل إنه يجسم الحدث ويضخمه، ويصب في النتيجة النهائية في مجاري التشيع الفارسي.
إن المسيح u نبي من أنبيائنا. والنصارى يجسمون دعوى صلبه و(مقتله) ويتخذون لها موسماً خاصاً بمراسيم وطقوس خاصة. لكننا لم نشهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- وهو قدوتنا وأسوتنا- يعبر عن حبه للمسيح بمشاركتهم في مواسمهم ومراسيمهم -ولو بطريقة شرعية- أملاً بكسبهم وتأليف قلوبهم. ولنفترض أن المسلمين اليوم انساقوا وراء النصارى بحجة دعوتهم وتأليفهم فصاروا يحتفلون على طريقتهم الخاصة بهذه المناسبة ويجسمون المأساة بإظهار شعائر الحزن والحديث عن الحدث بطريقة ترقق القلوب وتثير الدموع. ماذا سيكسبون من وراء ذلك؟! إن النصارى لن يرضوا عنا ولن يتحولوا مسلمين بل العكس هو الذي سيكون! إنهم يتمسكون أكثر بباطلهم لأن ما يرونه ويسمعونه سيكون دليلاً مضافاً إلى أدلتهم في ما يعتقدون. وهذا ما يحدث بالضبط للرافضة حين نجعل من (المقتل) قضية مع زيادة أن أهل السنة يضعف يقينهم بما هم عليه وشيئاً فشيئاً سيقتربون من جانب الباطل ويترسخ عندهم بمرور الزمن شعور- ولو غامض- بصحة دعوى أهل الرفض مما يؤدي مستقبلاً ولو على مدى عشرات السنين إلى دفعهم للوقوع في شرك التشيع الفارسي.
 
16. النسب والمصاهرة:
حين حضر يعقوبu الموتُ )قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ ءَابَائِكَ( من آباء يعقوب ؟ )إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ…(133) (البقرة.
فإسماعيل u إذن هو أحد آباء يعقوب (الذي هو إسرائيل). وفي ذلك إشارة إلى أن اليهود والمسلمين يلتقون في نسب واحد وهم أبناء أب واحد هو إبراهيم. بل إن إسماعيل أبا العرب هو أحد آباء يعقوب أبي اليهود حسب اعتراف يعقوب صراحة لأنه عمه أخو أبيه إسحاق، مما يدعو إلى التقارب والدينونة بدين واحد دين أولئك الآباء الذين ينتسب إليهم الجميع.

وخاطب القرآن مشركي قريش وذكر لهم أن هذا الدين الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو دين أبيهم إبراهيم u. مما يدل على مشروعية الحديث عن العلاقة الطيبة التي كانت تربط بين أصحاب النبيصلى الله عليه وآله وسلم وأقربائه وأهل بيته وذرياتهم من بعدهم وبيان أنهم أمة واحدة بعضهم من بعض أي مشروعية ما اصطلح عليه من عنوان (النسب والمصاهرة) بين الصحابة وأهل البيت.

لكننا نجد فرقاً جوهرياً فاضحاً بين المنهج القرآني والمنهج الترضوي في طرح هذا الموضوع ذلك أن القرآن لم يكتف بذكر هذه الحقيقة التاريخية دون أن يضيف اليها الدعوة إلى اتباع أولئك الأنبياء أو الرموز مع التصريح بقطع الصلة بينهم وبين المنتسبين اليهم من اليهود والنصارى والمشركين. ولذلك جاء بعد تلك الآية قوله تعالى:) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) ( وقوله:) قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنـزلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنـزلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ  (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ  (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ  (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ  (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)( البقرة. ولم يكتف بهذا حتى صرح بسفاهتهم وقبائح أعمالهم فقال بعدها: )سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) (البقرة. وهو ما قصر فيه أصحاب المنهج الترضوي خوفاً من نفور الرافضة عنهم ومداراةً لهم تنفيساً عن الشعور بعقدة النقص والهزيمة النفسية.
 
17. خيرية الأمة وفلاحها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
يقول تعالى:) كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ(110)( آل عمران.
)وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(105) ( آل عمران.
)لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ(78)كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(79)( المائدة.

فبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -وليس بالمداهنة والمراوغة بدعوى (الحكمة)- يكون فلاح الأمة وتتحقق خيريتها وسيادتها على الأمم. وفي خلافه يكون التفرق والاختلاف والخسارة وتحل اللعنة مهما حاولنا أن نجمع ونحافظ على وحدتنا لأن التجمع على غير الحق ممحوق البركة لا يكون، وإن كان لا يدوم. ولذلك جاء قوله تعالى:)وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ( بعد قوله: )وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ( هذا في مقابل ذاك.
فإما دعوة إلى الخير وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر. وإما تفرق واختلاف. أي أن الجماعة في شرعنا لا تبنى على التسالم على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفاظا على المشاعر ومداراة لأهل الباطل، بل إن هذا أساس التفرق والاختلاف مهما بدا المجتمعون المداهنون في ظاهرهم مجتمعين موحَّدين.

وأي معروف أعظم من التوحيد؟ وأي منكر أنكر من الشرك بالله تعالى بواسطة الأنداد الذين ينسب اليهم علم الغيب المحيط والقدرة الخارقة. تنذر لهم النذور وتذبح لهم الذبائح ويُدعون مع الله ومن دونه ويحلل باسمهم الحرام ويحرم الحلال وتؤكل أموال الناس بالباطل وتستباح حرماتهم وأعراضهم ودماؤهم. وتكونت طبقات من العلماء والسادة والكبراء اتخذت أربابا من دون الله تفتي بالعظائم والمنكرات وتترك الجماعة والجماعات!
وأي خير في مجتمع أو أمة ترى كل هذا ولا تنكره! بل تقره ولا تكفره !! بل تتملق حاخاماته وسدنته ودعاته وحملته وزنادقته!!!
 
18. فشل المنهج الترضوي وبطلانه:
لقد دعى النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليهود وأمثالهم بصدق وحرارة إلى اتباع ما جاء به أنبياؤهم وأعلن أنه يسير على منهاجهم ويتبع ملتهم كما اخبر تعالى فقال:)قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنـزلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنـزلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)  {آل عمران.

ورغم هذا فإنهم لم يؤمنوا بمحمدصلى الله عليه وآله وسلم ولم يتبعوه لأنهم كاذبون في دعواهم لا يدينون إلا بما اخترعوه بأهوائهم. فان اتبع محمدصلى الله عليه وآله وسلم -وحاشاه- هذه الأهواء فعند ذلك فقط يرضون به ويتبعونه كما قال تعالى:)وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120)( البقرة.

فالرضى إذن لا يحصل إلا بإحدى وسيلتين: فإما أن تتبع ملتهم وأهواءهم فـ)مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ(، وأما أن يتبعوا ملتك ودينك وليس هناك من حل وسط فاستمسك بالذي أنت عليه واصبر على كيدهم وعداوتهم حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين.
ويظهر من إشارات القرآن ومن السيرة النبوية أن علاقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأهل الكتاب مرت بمرحلتين:
(المرحلة الأولى: مرحلة المجاملة لأهل الكتاب. وكان الهدف الأكبر من هذه المجاملة هو تأليف قلوبهم ودعوتهم إلى الإسلام. لا سيما وهم أهل الكتاب الأول وكانوا يستفتحون برسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم على أهل المدينة من الأوس والخزرج فكان يحرص عليه الصلاة والسلام على موافقتهم ومجاملتهم في كثير من الأمور مما لا يمس أمور العقيدة. وخاصة في قضية العادات الاجتماعية حتى في تسريح شعره وكان يحرص على موافقتهم في أمور العبادات كما نعلم حين أمر المسلمين بالصيام في عاشوراء قائلاً: (نحن أحق وأولى بموسى منكم)([21]).

المرحلة الثانية: وذلك حين أعلن اليهود حربهم العنيفة المشبوبة على المسلمين. فأصبح يحرص على مخالفتهم في كل شيء ليكون للمسلمين تميزهم الكامل حتى في العادات واللباس وليس في العبادات فقط كي ينهي هذه القدسية التي كانت لهم في نفوس المسلمين حين انحرفوا عن الحق وكفروا به:
)فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ(89)( البقرة. وقد وضح هذا التمييز الإسلامي في أكثر من جانب. وكانت هذه النقاط قد تم معظمها قبيل غزوة بدر. وكان ذلك كله بأمر من الله تعالى واستجابة لرغبة نبيه الكريم في هذه المفاصلة… وكان رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم  لما قدم المدينة استقبل بيت المقدس ستة عشر شهراً قبلة اليهود وكان يحب أن يصرفه الله إلى الكعبة وقال لجبريل في ذلك فقال إنما أنا عبد فادع ربك واسأله فجعل يقلب وجه في السماء يرجو ذلك حتى أنـزل الله عليه: )قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (144)( البقرة.

لقد تمت المفاصلة بين المسلمين واليهود وأصبح للمسلمين قبلتهم الخاصة بهم نحو المسجد الحرام… ولم ينته الأمر في شعبان شهر التميز عند هذا الحد. فلقد جاء إضافة إلى التميز في قبلة الصلاة التميز في الصيام. لقد كان يوم عاشوراء هو يوم صوم المسلمين ولعلهم صاموه عاماً على الأقل وكان فريضة عليهم. وإذا بالآيات تترى لتؤكد تميز المسلمين في صومهم كذلك وإن كان الأصل في الصيام واحداً عند المؤمنين… فلقد أصبح رمضان منذ ذلك الوقت شهر الصيام الإسلامي وإن كان أصل الصيام قائماً بين المؤمنين. كما وإن أصل الصلاة قائم ومشترك بين المؤمنين لكن تميز القبلة يعني انفصالاً في الشعائر وتحديداً للهوية الإسلامية)([22])

وهذا يعني- والله أعلم- أنه لا بأس أن تبدأ الدعوة بالتماس الأمور المشتركة وإبرازها أملاً بتقريب الخصم- على أن هذا لا ينبغي أن يكون على طول الخط منهجاً ثابتاً وإنما إلى حين فإن آمنوا فبها وإلا تكون المقاطعة أو المفاصلة ولنا على هذا دليلان:
الأول: أن هذا السلوك كان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤقتاً لم يدم أكثر من سنة وأربعة أشهر.

والثاني: أن هذا قد يكون اجتهادا من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أقره الله تعالى عليه إلى حين من أجل أن يقطع أمله من إيمانهم وذلك بالتجربة العلمية، وهي أبلغ في النفس من المعلومة الجاهزة. ولذلك لم يأت في القرآن توجيه بالتقارب والمجاملة إنما ورد العكس. ولا بد أن يكون هذا بعد مرور التجربة والتأكد من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من فشلها فنـزل مثل قوله تعالى:)أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(75)( البقرة.

وقوله:)وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ(120)( البقرة. وقوله:)وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ(145)( البقرة. وكأن هذه الآيات تقول للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا فائدة ترتجى من هؤلاء وقد ثبت لك ذلك عملياً فدع المجاملات وطريق المقاربات، حتى يمكن أن نقول: إن هذا من الأحكام المنسوخة وهو من باب نسخ السنة بالقرآن الذي هو أقوى أنواع النسخ. على أننا يمكن أن نقول: إن هذا متعلق بظرفه فيجوز أن يبدأ الداعية به حتى حين.

والذي ينبغي ملاحظته بقوة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين وجد أن خصومه لا يستجيبون رغم الملاينة والمقاربة غيّر الأسلوب وبدأ بمرحلة التميز والمفاصلة. عكس المنهج الترضوي فإنه حين عرض موضوع (النسب والمصاهرة) وحب أهل البيت…الخ ولم يجد استجابة من الرافضة صار يعطي المزيد من التنازلات. وحين تناقش أصحابه يقولون: نريد أن نثبت لهم أننا نحب علياً وأهل البيت! وحين تقول لهم: هل هناك أدنى دليل على أنكم لا تحبونهم؟ وهل دعوى بغض أهل البيت التي يدعيها الرافضة عليكم لها أدنى ما يبررها؟ وهل يمكن أن تثبتوا لقوم بهت ما تريدون إثباته من الحب مع أنه واضح بيَّن وأدلة إثباته لا تحتاج إلى مزيد؟!
وإذا أثبتم – وهو ثابت أصلاً- لهم أنكم تحبون علياً هل تنتهي المشكلة مع قوم يقولون: لا ولاء إلا ببراء ويقولون: ما ودك من أحب ضدك؟!
ثم متى كان أهل السنة يبغضون علياً حتى يدعي عليهم الرافضة ما يدعون ويفترون؟! لا تجد من إخوانك جواباً معقولاً!
يا قوم! إن مشكلتنا مع الرافضة كمشكلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع يهود. فالمشكلة ليست في مخالفتنا لما أنـزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو ما كان عليه علي t أو بغضنا له وإلا لانحلت المشكلة منذ البداية لعدم وجود مشكلة كهذه من الأساس.
إننا نتمسك بالقرآن والسنة ونقيم ديننا على محكماتهما والقطعي منهما متسامحين في الظنيات التي هي مجال الاجتهاد والترجيح ولا اعتراض في مسائل الاجتهاد ونحب محمداً صلى الله عليه وآله وسلم نبيناً وأهل بيته جميعاً لا نفرق بين أحد منهم كما يفعل الرافضة. إن مشكلتنا في مخالفتنا لملة الرفض التي صنعوها بأهوائهم وزخرفوها بأكاذيبهم تحقيقاً لأغراض موضوعة سلفا قد لا تنكشف لعوام الناس وجمهورهم ببساطة. ولن يرضوا عنا- مهما داهنا وتوسلنا- حتى نتبع ملتهم ولو أقسمنا لهم بين الركن والمقام أننا نحب أهل البيت مخلصين صادقين!
 
تركنا المنهج الإلهي فخسرنا:
وبهذا يظهر أن أحد الأسباب الكبرى في تفاقم الخطر الشرقي الزاحف، مع تراجعنا وخسارتنا كل يوم موقعا من مواقعنا هو تركنا المنهج الإلهي تحت ضغط الواقع واستبدالنا به منهجا آخر يعتمد الترضية وسيلة وغاية. وهو منهج قديم بال لم نكسب من ورائه سوى الخسائر المستمرة. إن هذا يدعو كل مؤمن غيور على دينه وقومه ووطنه إلى أن يراجع الحساب ويقلب أوراق دفتره من جديد على ضوء كتاب ربه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

 
الباب الثالث
 
قضيتنا
بين الغزو الشرقي والغزو الغربي

الفصل الأول
قضية شرقية لا غربية
 
عقدة شرقية قديمة:
الخوف من الشرق هاجس قديم، تعاقبت عليه الدهور ورسخته الحوادث حتى وصل إلى حد العقدة المرضية الكامنة في اللاشعور أو العقل الباطن للإنسان العربي قبل مجيء الإسلام.

إن قسوة الفرس، وعنجهيتهم، وتكبرهم، وإصرارهم الذي لا مثيل له على الانتقام الذي لا تحده حدود، وغزوهم المتكرر المستديم للعراق وأرض العرب، وشدة تنكيلهم بخصومهم، وتمرسهم بأساليب المكر والغدر، واشتهارهم باعتماد الاغتيال في تصفية الخصوم. هذا وغيره مع طول فترة استعمارهم الوحشي وشدة وطأته إذ بلغ آخر استعمار لهم لأرض العراق قرابة اثني عشر قرنا (من 539ق. م-636م) وقد ذاق فيه العراقيون صنوف العذاب والمآسي طيلة هذه الأحقاب المتطاولة والمتراكمة دون بارقة أمل بالخلاص.
كل هذا سبب (رُهاباً)، وولد يأساً قاتلاً انتزع الأمل من النفوس في إمكانية طردهم فضلاً عن القضاء عليهم. ولقد جرب العرب مرارا وتكرارا أن يحررواً أنفسهم منهم فلم يحصلوا إلا على التنكيل والقتل الذريع والانتقام الذي طال حتى الآبار في الصحراء وكان من صوره ربط أيدي العربي بين فرسين وخلع أكتافه بهذه الطريقة الرعيبة الرهيبة والتي استعملها الخميني مع الأسرى العراقيين!
وشيئاً فشيئاً تولدت عند العرب عقدة خوف (أي رُهاب = phobia) استقرت في أعماق نفوسهم وصاروا يتناقلونها جيلاً بعد جيل!
وقد يفسر هذا لماذا ظل الخليفة عمر بن الخطاب t يخطب في الناس ثلاثة أيام يدعوهم للتوجه إلى القتال في جبهة العراق فلم يستجب منهم أحد فغضب غضباً شديداً وصار يعيرهم ويثير نخوتهم فكان أول مجيب أبا عبيد الثقفي فصرخ قائلاً: (أنا لها أنا لها) فقال عمر: قد وليتك. مع أنهم لم يكونوا يترددون في الذهاب إلى أي وجه آخر غير هذا الوجه. وهذا لا يتناقض مع شجاعة العربي وإقدامه، لأن العقدة مرض -وليس طبيعة متأصلة- محلها العقل الباطن أو اللاشعور فحين يستحضر المصاب بها في وعيه أو عقله الواعي قواه ويحفزها بالاتجاه المعين يقاتل بضراوة رغم ما يشعر به من معاناة وكراهة مترسبة في ذلك المحل. لذلك كان العرب يقاتلون الفرس ويأبون التذلل لهم وفي والوقت نفسه يجدون في أنفسهم كراهة شديدة وعزوفاً عن هذا القتال لا يجدونه حين يقاتلون غيرهم كالروم مثلاً. إن إباءهم ورفضهم المقام على الذل وقتالهم لهم تفرضه عليهم طبيعتهم الشجاعة عندما تطفو لوازمها إلى مستوى الوعي وإن كراهتهم لقتالهم تفرضه عليهم العقدة المستقرة في اللاوعي.

وظل العرب بعد الإسلام يعانون من عداوة الفرس وغدرهم وعنجهيتهم وانتقامهم وأساليبهم الملتوية في تصفية الخصوم والى اليوم مما رسخ عقدة المرض هذه في نفوسهم أكثر فأكثر.

وتستطيع اليوم أن تلمس هذه العقدة المرضية في نفوس الكثيرين. إن الواحد منهم يرتعب حين يطلب منه العمل في مناطق يعتقد أن للذيول الفارسية وجوداً فيها! بل إن هذه العقدة تلازمهم في عقر دارهم فلا تدعهم يشعرون بالأمان أو الاطمئنان ما لم يجاملوا ويداهنوا ويمزقوا ويرقعوا!!
 
الغزو الشرقي والغزو الغربي:
من الظواهر المنتشرة والتي تؤيد ما نقول: إن هؤلاء المعقدين فارسياً إذا تحدث أحدهم عن الغرب (الروم بالمصطلح القديم) والغزو الغربي والماسونية والصليبية والعولمة والعلمانية وأمريكا وأوربا واليهود ينطلق لسانه فصيحاً عالياً مدوياً يشتم ويلعن ويشخص بالأسماء ناسياً (هدوءه) و(حكمته)، وتغادر ذاكرته كل آيات اللين وأحاديث الرفق ووصايا (الحكمة) وتنقلب دعوته بقدرة قادر- من دعوة هادئة وادعة لينة (حكيمة) إلى دعوة هادرة ثائرة!!
 
شرقية لا غربية:هذا مع أن مشكلتنا نحن العراقيين شرقية أكثر منها غربية.

ومن درس التاريخ أو قرأه، وعاش الواقع عيشة معاناة ورصد وتحليل وربط بينه وبين الماضي أدرك هذه الحقيقة، وعجب كيف يغفل عنها أصحاب (القضية)!
إن نظرة فاحصة للتاريخ تنبئك أنه ما من حضارة قامت في بلاد الرافدين إلا وكانت نهايتها على يد الغزاة القادمين من الشرق،وتحدث عند الناظر اعتقاداً راسخاً بأن عداوة إيران للعراق عداوة أبدية، لم ينفع معها -ولن ينفع- إلا القوة قوة السلاح وقوة الفكر. وأن إيران حين اجتاحها الإسلام استطاعت أن تصنعه لصالحها ولقد ظلت تقاوم الدين الحق وتثور وتغتال وتتآمر على السلطة العربية المسلمة بغض النظر عن أدوارها ورموزها حتى إنها ثارت على  علي نفسه ثلاث مرات رغم قصر مدة سلطته ولم يستطع أن يضبطها إلا بعد أن استعمل زياد بن أبيه والياً على خراسان.
لقد حرفت إيران الدين وصنعت لها منه ديناً آخر يختلف عن دين العرب في أصوله وفروعه ومصادره ورموزه، دينا يحقق أغراضها، ثم صدرته إلينا فصار لها اتباع بالملايين يعيشون في بغداد والقادسية وذي قار وقلوبهم معلقة بقم ومشهد وطهران، ومعبأة بالحقد والنوايا السيئة ضد أرضها وشعبها.

إن الغزو الشرقي يغزو الدين نفسه يحرفه ويخربه من الداخل.أما الغزو الغربي فيدور ولا يدخل فيه. إنه يدعو إلى ترك الدين تارة بالتشكيك وتارة بالترغيب أو الترهيب. لكنه لم يصنع لنا دينا بديلاً كما فعل قادة الشرق أو الشر. لقد اكتفى بتجربته القديمة مع النصرانية حين حولها إلى صليبية وترك التجربة الأخرى لقرينه الشرقي فقام بها أتم قيام!

إن الغزو الغربي ينشر الملاهي والمسارح الداعرة وحانات الخمور والمواخير وصالونات الرقص. ويصدر الأفلام الجنسية وأسباب الرذيلة وكل ما يدخل في جنس (المعصية). أما الغزو الشرقي فما يفعله يدخل في جنس (البدعة) المغلظة المكفرة متسترين بحرب الخمور والسفور والتشدد في الحجاب ونشر المراقد والمساجد المزورة وقد ابتدعوا مئات البدع الاعتقادية والعبادية المعجونة بالحقد والمجوسية المقنعة، والمدهونة بالإباحية المبرقعة. والبدعة في شرعنا شر وأحب إلى إبليس من المعصية. وقد بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحرب البدع الدينية قبل المعاصي الدنيوية.
 
بين إيران واليهود:
والخطر الإيراني يزيد في شره وضراوته وامتداده على الخطر اليهودي. إن إيران عدو ماكر شرس متمرس بالمكر والخديعة. يلبس لباس الدين فهو عدو منافق غير واضح. بينما اليهود -وإن كانوا لا يقلون مكراً وخديعة وحقداً عن إيران إلا إنهم- عدو واضح. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن اليهود لا يمتلكون مقومات البقاء والاستمرار أبداً إن أمامنا  فرصة أكيدة ومتحققة حتماً -بإذن الله- لإزالتهم والقضاء عليهم وكل الدلائل الدينية والسياسية والاقتصادية والجغرافية تشير إلى ذلك فهم عدو مهما فعل وقتي لا يدوم. على عكس إيران فإنها عدو يمتلك أسباب القوة والبقاء والاستمرار ولا يمكن أن نفكر يوماً في إمكانية إزالته أو ترويضه.

ثم إن الأمة جميعاً على وعي بالخطر اليهودي، وتعرف أن هناك قضية اسمها (القضية الفلسطينية) هي قضيتها المركزية. بينما القضية الشرقية ومصيبة الشعوبية لا بواكي لها حتى من أهلها إلا القلة الذين لا زال صوتهم مخنوقاً في جب. بل رفعت في وجهها رايات (التقريب) فميعت واختفت من أذهان الغالبية حتى في العراق!
 

الفصل الثاني
بين الثقافة المصرية والثقافة السعودية
 
تتنازع بيئتنا الدينية ثقافتان هما الثقافة المصرية والثقافة السعودية:
1. الثقافة المصرية:
تمتاز الثقافة المصرية بطروحاتها المعادية للصليبية واليهودية والماسونية والغزو الغربي عموما. وتكاد تخلو تماما من الإشارة إلى الغزو الشرقي.بل لا نكون مغالين إذا قلنا إن المصريين عموما يجهلون حقيقة هذه المشكلة ويتخبطون حين يتناولونها بالحديث. والسبب موقعهم الجغرافي وبعدهم عن بؤرة جراثيمها أي إيران. إن معلوماتهم عنها طفولية بدائية تجنح إلى التعميم وتهدف إلى التوفيق للتفرغ إلى العدو الأكبر بالنسبة إليهم إلا وهو الصليبية واليهودية وما شابه أو تعلق بهما. لهذا ولكون إخواننا المصريين ذوي طبيعة لينة متساهلة صاروا صيداً سهلاً في طريق الشرك الفارسي. لقد خدعتهم فروة الثعلب فصاروا يتصورون ويصورون أن المشكلة لا تعدو بعض المسائل الفروعية التي يتعصب لها جهلة الناس وعوامهم! أما العلماء فيعتقدون فيهم البراءة من التعصب والطائفية ويتعاطفون مع دموعهم التي يذرفونها كذبا حزنا على وحدة الأمة الضائعة مع إنهم أصل كل شر وأساس كل بلية، وما العوام إلا مترجمون أمناء لما يتكلم به العلماء. إنهم مجرد مقلدين يسيرون معصوبي الأعين وراء أولئك العلماء ولا يخرجون عن آرائهم وفتاويهم التي لو كانت صالحة صادقة لانصلح الحال منذ زمن بعيد. إن تأسيس (دار التقريب) في القاهرة دليل واضح على عدم إحاطة المصريين بهذا الموضوع مع حبنا واحترامنا لهم.

2. الثقافة السعودية:
رغم أن هذه الثقافة أقرب من الثقافة المصرية إلى فهم هذه المسألة ومعرفة جذورها، وموقفها منها أقرب إلى الصواب لكن طروحاتها بعيدة عن واقعنا، وقد تكون فيها خشونة غير مناسبة. إن الغزو الشرقي لا يشكل لديهم ظاهرة واضحة، والتصدي له عندهم لم يرق إلى مستوى أن يكون هو القضية فهم مشغولون بشؤون أخرى كثيرة منها ما صار على ذمة التاريخ ولم يعد له وجود في الواقع.

وبين هذه الثقافة وهذه الثقافة ضاعت الأجيال المتدينة في بلادنا. والنتيجة أننا فقدنا قضيتنا وصارت طروحاتنا بعيدة عن واقعنا. وإذا ساغ لنا أن نعذر المصري أو السعودي في موقفه من هذه القضية وعدم انتباهه إلى خطورة الغزو الشرقي، فما هو عذر العراقي الذي يدس رأسه في القش ليبحث له عن نافذة ينظر من خلالها إلى الأفق البعيد عن دائرته وواقعه؟!
القضية خاصة وعامة:
للامة قضاياها، ولكل بلد ينتمي إلى الأمة خصوصيته، ومطلوب منا في أي بلد نكون أن نتفاعل مع قضايا أمتنا وإلا فقدنا هويتنا وانتماءنا وقوتنا ووحدتنا. لكن أن نكون (أميين) إلى هذه الدرجة التي تركنا فيها (النار) تلتهم بيتنا ونحن نتفرج على ما يحدث بحجة أننا مشغولون بمصيبة العشيرة التي قد لا نستطيع عملياً أن نفعل لها أكثر من التفرج واجترار الأحاديث فهذا لا يصح عقلاً ولا يستقيم شرعا! بل هو تعطيل لطاقات الجمهور وإلهاؤه عن أن يقوم بدوره على أرض الواقع أو في الميدان الذي يتحرك فيه.

حضرت مرة محاضرة لأحد المشايخ الكرام. وفي آخر المحاضرة وقد كانت قيمة من حيث موضوعها، توجه إلينا بالسؤال التالي:
ما هو العمل المطلوب منا القيام به؟ ثم أجاب على سؤاله قائلاً:
أولاً: حماية بيت المقدس من عمليات الهدم التي تجري تحته..
لكنه بعد أن انتهى من حديثه وصلينا العشاء ركب سيارته وانطلق إلى بيته فكان ذلك أول عمل قام به هو بعد الصلاة، والسلام على الحاضرين! وانفض الجمع كلاً إلى بيته كذلك! ولا زالت عمليات الحفر تجري تحت بيت المقدس.

ماذا يمكن لمصل في مسجد أن يفعل لبيت المقدس وبينه وبينه حدود وقيود؟ لا شيء سوى الحزن والدعاء! لقد فات شيخنا الكريم أن العمل الذي طلبه منا عمل حكومات وجماعات أو دول وليس عمل أفراد فكان الأولى به أن يوجه طلبه هذا إلى من ينبغي أن يوجه إليه أو إلى الجهة القادرة عليه. وأما هؤلاء المساكين الذين ينظرون إليه وهم لا (يبصرون) فكان عليه أن يطلب منهم عملاً يستطيعون القيام به في الزمان والمكان المعين حتى يقترن القول بالفعل وتتعود الأمة على العمل وإلا كنا أمة خطابات وشعارات وكفى.
وفات شيخنا- وهو ذو علم جم- التفريق بين ما هو مطلوب أولاً من الناحية النظرية وما هو مطلوب أولاً من الناحية العملية وإلا وقعنا في متاهة لن نخرج منها. إن ما قاله مطلوب أولاً ولكن من الناحية القيمية النظرية. أما من الناحية الواقعية الممكنة فقد يموت الفرد المسلم المخاطب في ذلك المسجد ولا يفعل شيئاً. فالحديث عنه وعن أمثاله من المشاريع النظرية فردياً -إذا زاد عن حده أو وضع في غير موضعه- تضييع للوقت وتبذير للجهود وتعطيل لطاقات الجمهور. وكل ما نؤديه يكون شيخاً يتكلم وأستاذاً يحاضر وجمهوراً ساكناً يسمع ويبلع و… لا شيء بعدها.

الهروب المقنع من الواقع:
إن الحديث المر عن الشيشان وكشمير والفلبين وأفغانستان وغيرها من البلدان الإسلامية المنكوبة، مع الذهول عن مشاكل البلد أو الواقع الذي نعيش فيه ما هو -في كثير من الأحيان- إلا تعبير عن الهروب من هذا الواقع، مع إيهام النفس بأن المتحدث (يهتم بأمر المسلمين).
 يخيل إلي أن كثيراً من هؤلاء الواهمين لو طارت الشيشان فحطت في بابل أو ذي قار لما أعطاها من الاهتمام معشار اهتمامه الحالي بها لأن ذلك يستلزم منه عملاً يؤديه وهو لا يريد أن يعمل. وإلا لعاش مشكلة أهله ووطنه الذي هو أقرب إليه وأولى بمعروفه.
سمعت أحدهم يقول بحماس: آه! لو أستطيع الوصول إلى (أسامة بن لادن) لأعطيته جميع ما أملك. قلت له -وكانت بيني وبينه دالة وميانة-: لا أُصدق. فإني لم أرك يوماً تتبرع ولو بمبلغ ضئيل من أجل قضية أهلك وبلدك وأنت على وعي بها والقضيتان من جنس واحد وكلنا في الهوى (أسامة).

إن الذي لا يثير عطفه منظر أطفاله الجائعين العراة، ولا يستدر دمعته حالهم وهم يتضورون جوعاً أو يتسولون، كيف تريد مني أن أصدق أنه مخلص في الحديث عن معاناة الجيران؟! وقديماً قيل: (الأقربون أولى بالمعروف).

ومع ألمي وشعوري بمعاناة أخوتي من العرب والمسلمين والمظلومين في كل مكان إلا أنني أجد نفسي منساقاً فطرياً لأن أتألم وأتعاطف مع معاناة أهلي ووطني أكثر من غيرهم، ) وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَاب الله (74)( الأنفال.

ومع احترامي لكل الثقافات المحترمة، لكنني أؤمن أن لنا- نحن العراقيين- ثقافتنا وخصوصيتنا التي تتناسب مع واقعنا ومشاكلنا التي تتمحور حولها قضيتنا. واعتقد جازماً أن هذا لا يتناقض مع اهتمامنا بمشاكل وقضايا أمتنا. إن الصدق والواقعية يفرضان علينا أن نتبع هذا التسلسل في الاهتمام، والتفريق بين ما هو أول في النظر وما هو أول في العمل، والله يحب الصادقين ويحب العاملين.
 
صمت مطبق:
علماء الدين عندنا ومشايخنا والناطقون باسمه- إلا الأقل- ساكتون بل بدؤوا يتدحرجون من قمة العزة الإيمانية إلى سفح المجاملات والمداهنات والهزيمة النفسية.
ومع أن طروحات المؤسسات الثقافية الرسمية في كثير من الأحيان جيدة وقيمة، إلا أنها تخاطب النخبة ولم تنـزل إلى مستوى فهم الجمهور أو الشارع- كما يحلو للبعض أن يسميه- ولم تنجح في كسب ثقته أو حشد اهتمامه باتجاه القضية. لقد عقدت ندوات عديدة عن الشعوبية وخطرها نقلت تلفزيونياً ووثقت في كتب ونشريات وألفت معها كتب جادة قيمة تناولت التآمر الإيراني والصراع العراقي الفارسي وتاريخه ووقائعه ولكن بأسلوب نخبوي يخاطب الجمهور من وراء أبراج عاجية، ذلك الجمهور الذي نجح الجهلة و(الروزخونية) في كسبه وتجييره لصالحهم.
 
القضية بين قاعدة الانطلاق ومحور الحركة:
لقد بعث الله –جل وعلا- النبيين- عليهم السلام- مصلحين اجتماعيين، إن معنى كونهم (مصلحين) يستلزم وجود خلل يريدون إصلاحه. ومعنى كونهم (اجتماعيين) يستلزم أن يكون الخلل يعاني منه المجتمع حقيقة وواقعا، وهذا هو الفرق بين المصلحين الاجتماعيين وبين الفلاسفة وأمثالهم من المفكرين التجريديين أو الشعراء الحالمين.

المصلح الاجتماعي يرصد الخلل الواقع في مجتمعه، ثم يجتهد في وضع الحلول العملية المناسبة.ولا بد قطعا لكل حل جاد من (قاعدة) فكرية يستند إليها وينطلق منها.

إن القاعدة التي انطلق منها النبيون جميعا هي توحيد الله تعالى كما أخبر سبحانه فقال: )وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ(36)(.
أما الخلل الاجتماعي الذي جاهد كل نبي في سبيل إصلاحه، وجعله محوراً لحركته و(قضيته) فاختلف من نبي إلى نبي تبعاً لاختلاف مجتمعاتهم وأنواع الخلل التي عانى منها كل مجتمع من تلك المجتمعات.

لقد انطلق نوح u من قاعدة التوحيد وهو يعالج عبادة الأصنام والشرك بالصالحين الخمسة ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر،  وإبراهيم u انطلق من القاعدة نفسها وهو يعالج عبادة الأصنام والشرك بالكواكب والنجوم.

وكذلك لوطu وهو يعالج الشذوذ الجنسي الذي اجتاح قومه. وشعيب u انشغل بمعالجة الانحراف الاقتصادي في أسواق قريته مستندا إلى القاعدة نفسها.
وموسى u كان يناضل من أجل تخليص أمته من الاضطهاد السياسي متمثلاً بفرعون، والانحراف الاقتصادي متمثلاً بقارون. ثم خرج بقومه من أجل أن يقيم لهم دولة التوحيد في الأرض المقدسة ولكن كل ذلك كان على ضوء التوحيد.وكذلك بقية الأنبياء عليهم السلام.
 
ثبوت القاعدة وتغير المحور:
نستخلص مما سبق أن الأنبياء اختلفوا في المحاور التي دارت حولها قضاياهم مع اتفاقهم في قاعدة الانطلاق. لقد اجتمعوا في القاعدة أو المنطلق الذي هو التوحيد. وافترقوا في القضية أو المحور الذي هو المشكلة الاجتماعية التي حاولوا علاجها.
ضرورة التفريق بين التوحيد والردود على الشرك:
هنا مسألة ينبغي أن نتوقف عندها لأن معرفتها صارت ضرورة. هي أن التوحيد الذي نؤمن به ونقصده في حديثنا ليس هو ذلك (التوحيد) الذي هو في حقيقته ردود أفعال فكرية إزاء المظاهر الشركية.
إن التوحيد أصل وفعل وليس رد فعل. والتوحيد ثابت والشرك متغير، فلكل قوم مظاهرهم الشركية. فقد تكون أحجارا وقد تكون كواكب ونجوماً، وقد تكون أشجاراً وقد تكون مراقد ومشاهد، وقد تكون تحاكماً إلى شرع غير شرع الله. كما إنها قد تكون شركاً اقتصادياً أو سياسياً. وتكون اتخاذاً للعلماء أرباباً من دون الله. وتكون إلحاداً في أسماء الله وصفاته. وتكون عبادة للبقر أو أي صنف من أصناف الحيوانات. وتكون إنكاراً لربوبية الله- وإن كان هذا كفراً خالصاً- وقد تكون مظاهر أخرى. أو تكون هذا كله مجتمعاً أو مقترنا بنسبة أو بأخرى.

وحين يعالج النبي أو المصلح نوعاً أو أكثر من هذه الأنواع أو المظاهر الشركية فإنما يعالجه طبقاً إلى قاعدة التوحيد الثابتة وهي: إفراد الله تعالى بالعبادة والخضوع لأمره ونهيه وشرعه، والحب الأعظم والخوف والرجاء غير متعلقين بالأسباب الظاهرة، مع إفراده بما يختص به من أسماء وصفات وأعظمها العلم المحيط والقدرة النافذة بلا حدود. إن هذا ثابت في نفسه أما معالجات المظاهر الشركية طبقاً إلى الأصل الذي هو التوحيد الثابت فتختلف حسب المظهر الشركي.

التوحيد كالنظرية الهندسية أو القاعدة الرياضية الثابتة. والشرك كالمسائل أو التمارين التي تحتاج حلاً طبقاً إلى النظرية أو القاعدة. ويمكن أن نحل عشرات المسائل الرياضية استناداً إلى قاعدة واحدة. إن حلول المسائل الرياضية أو الهندسية ليست هي القاعدة أو النظرية إنما هي اشتقاقات واستطالات استندت إلى تلك القاعدة.

وكذلك معالجات المظاهر الشركية. إن الردود الفكرية أو الاعتقادية المتعلقة بالشرك والتي نجدها في كتب (التوحيد) أو (الاعتقاد) أو (السنة) ليست هي التوحيد. التوحيد ثابت لا يتغير وهذه الردود متغيرة حسب نوع الشرك الذي وضعت لعلاجه.

التوحيد غاية والرد على الشرك لا يقصد ما لم يكن الشرك موجودا. والتوحيد حاجة دائمة بدوام الله إلى الأبد والرد على الشرك نحتاجه على قدر وجود الشرك، فإذا زال يمسي الحديث عنه زيادة لا معنى لها على عكس التوحيد فإننا نحتاجه حتى ونحن في جنات النعيم!
 وهكذا يتبين لنا أن من الخطأ الجسيم اعتماد كتاب معين على الدوام أو تعميمه في كل زمان ومكان واعتبار الردود الاعتقادية في أي فترة من الفترات أو مكان من الأمكنة كانت تعاني من انحرافات في العقيدة جاءت تلك الردود لعلاجها –هي التوحيد الذي أراده الله تعالى أساساً وقاعدة لحلول مشاكلنا الدينية والدنيوية. لقد وجدت الكثيرين إذا ذكر التوحيد فإنما يعني به التوحيد الموجود في كتاب معين أو الذي تمثله تلك الردود دون أن ينتبه إلى الفرق بين هذا وذاك وإلى أن بعض ما يتصوره توحيداً مطلوباً قد استنفد غرضه لأن الظاهرة الشركية لم تعد موجودة فيكون مثله كمثل هندي مسلم في العراق يؤلف الردود تلو الردود على ظاهرة الشرك في البقر الموجودة في الهند وليس في العراق.

نعم يمكن الاستفادة مما كتب أو نتخذ كتاباً معيناً مرجعاً للتغيير إذا تشابه الخلل وصرنا نعاني من المظهر الشركي الذي ألف الكتاب من أجله وإلا فإن في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ما يكفي ويغني. فإن لم نفعل تحول (التوحيد) الذي نتصوره إلى فلسفة ميتة غير قابلة لتغيير أو إحياء المجتمع لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

ومما ينبغي معرفته أن القضية قد يكون محورها علاج الشرك أو مسألة شركية معينة وقد يكون المحور مسألة أخلاقية أو سياسية أو اقتصادية…الخ حسب حجمها وأثرها في المجتمع. وقد تجتمع عدة مسائل لتشكل قضايا تقترن ببعضها لتكون هي القضية.

وخلاصة القول أن هناك (قاعدة) انطلاق وأساس بناء هو التوحيد وهناك مشكلة اجتماعية تحتاج إلى علاج هو (القضية). وقد تكون المشكلة هي الشرك والرد عليه هو القضية ولكن لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون الرد على الشرك هو القاعدة التي هي التوحيد.
 
حقيقة الخلل في الثقافة السعودية والثقافة المصرية:
معضلة الثقافة السعودية أنها تخلط بين القاعدة والمحور. فتجعل من التوحيد الذي هو القاعدة محوراً تدور حوله قضاياها دون الالتفات إلى الفرق بين القاعدة والمحور من ناحية، وتغير المحور أو القضية وعدم ثباتها من ناحية أخرى. مما أدى بهم إلى الجمود والعزلة عن الواقع أي  المشاكل الاجتماعية الواقعية التي ينبغي أن ينشغلوا بعلاجها على ضوء القاعدة. وهذا يعني فقدان القضية أو الانشغال بقضايا وهمية أو غير مهمة أو ليست هي الأهم. ويؤدي إلى الوقوع في مطب التجريد، حتى لقد انتهوا بالتوحيد إلى ما يشبه الفلسفة فإن الدين أو الفكر عموما إذا تجرد عن الواقع صار طروحات فلسفية مجردة.

ولقد استمر السعوديون في توحيدهم الفلسفي وتهويماتهم وأوهامهم دون أن يدركوا -أو تكون- لهم قضية حتى استفاقوا على ضربات البسطال الأمريكي تطرق أبوابهم وتطال أرضهم وتقض مضاجع النائمين الحالمين حول طيبة والحرم.

إن هذا الخلط بين القاعدة والمحور ليس له إلا نتيجة واحدة هي الجمود والعزلة عن المعاناة الحقيقية للمجتمع، والمراوحة أو القفز العمودي فوق موضع واحد لا يتغير مما يؤدي بـ(الموحد) إلى أن يكون في واد ومجتمعه في واد آخر. ويؤدي بدولة (التوحيد) إلى ان تكون أسوأ نموذج للإسلام مع وجود الوهم بأنهم يمثلون التوحيد أصدق تمثيل!

ألا فليعلم الأخ (الموحد) أنه لو كان هذا (التوحيد) الذي تتبناه الأنظمة هو التوحيد الحقيقي بشموله وحيويته وشموخه وقدرته على التغيير، التوحيد الذي يسري في أوصال الأمة أو المجتمع فتتحد وتنتفض حياة وجهاداً، لما تبنته أبداً لأنه سيطيح بهم وبعروشهم، ولكانت أمريكا عدواً لهم ولحاربتهم واتخذتهم أعداء لا أنظمة صديقة -كما تطلق عليهم- ولما أطلقوا على أمريكا وبريطانيا والدول الصليبية الأخرى اللقب نفسه. ولكان الإطلاق المتبادل بينهما إطلاقاً من نوع آخر!

إن هذا (التوحيد) عبارة عن مجموعة ردود فكرية على مظاهر شركية لم يعد لها وجود في بلادهم التي صارت تعاني من أنواع جديدة من الشرك أعظمها الشرك السياسي والاقتصادي بالطاعة والخضوع والولاء للأجنبي وتصريف الثروات على أمره ومراده وليس على أمر الله تعالى وشريعته. مخالفين بذلك مقتضى كون الله تعالى هو الناصر وهو الرازق كما قال سبحانه:) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلا فِي غُرُورٍ(20)أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ(21)( الملك.

إن على (الموحدين) أن يعيدوا النظر في دراسة (توحيدهم) ويفرقوا بوضوح بين التوحيد الذي جاء به الوحي من رب العالمين، وهذه الردود التي فرضتها الظروف والمظاهر الشركية المتغيرة.

وأما الثقافة المصرية:فإنها تجعل العراقي يفكر في مشاكل مصر أكثر من مشاكل محيطه وواقعه، وينشغل بغير (قضيته). وسينتهي به المطاف آخر الأمر إلى النهاية نفسها التي تنتهي به إليها الثقافة السعودية من حيث الجمود والعزلة عن المعاناة الحقيقة التي يعيشها المجتمع والمراوحة أو القفز العمودي بغض النظر عن نوعية الجمود والعزل ودرجتها، ما لم نجر عليها التحويرات المناسبة لواقعنا حذفاً وإضافة وتطويراً.

وفي غياب هذا التحوير الضروري صار أكثر الدعاة والوعاظ يطرحون مواضيع فكرية تجريدية استهلكت وقودها منذ عقود فجمدت عجلتها وتوقفت مفاصلها حتى أكلها الصدأ، وهي اليوم تقتات على سمعتها ومجدها (أيام زمان) ليس إلا.

لقد فقدوا العطاء الحقيقي الفاعل. وغالب طروحاتهم تدور حول مسائل فكرية تجريدية أشبه بالفلسفة كذلك. إنها تعبر عن ترف فكري إلى حد الترهل، وإعياء إلى حد العجز عن القدرة على التفاعل الإيجابي مع قضايا الواقع- وليس العصر- وإن كانت في نفسها قيمة من حيث الموضوع، وقد تكون متجاوبة مع واقع آخر على امتداد الأفق العريض.

إنهم يتحدثون عن العولمة والماسونية والغزو الفكري الغربي، في حين أن الملايين من مجتمعهم الذي يعيشون فيه حاضرين غائبين يزدحمون حول المراقد يلطمون الصدور ويشحنونها ترقبا ليوم الانتقام في محيط لا تجد كلمة التوحيد أو الحق لها فيه سبيلا غير مصبوغ بالخوف والتضييق بل.. الدم! دون أن يهز هذا الوضع المأساوي وترا واحداً من أوتار قلوبهم، أو يشغل ولو سنتيما واحداً من مساحة عقولهم.

ملخص القول: إن عدم لحاظ (القضية) جعل (التوحيد) السعودي جامداً يراوح في مكانه، محنطاً لا يتفاعل مع الحياة.وإن عدم لحاظ (الواقع) جعل الفكر المصري يجمد عندنا في كثير من جوانبه ويجعلنا كذلك جامدين نراوح في مكاننا.

ومن هنا فإن اعتراضنا لا ينبغي أن يفهم على أنه منصب على مضمون الفكرين أو الثقافتين، بقدر انصبابه على التوظيف العملي والواقعي لذلك المضمون.


([1]) ص15.
([2]) ص6.
([3]) ص7.
([4]) ص10.
([5]) أول المقصود بالعلماء هنا علماء الدين السنة.
([6]) ص10-11.
([7]) أي تركيا والعراق وافغانستان وباكستان وإمارات الخليج-انظر ص12 من الرسالة.
([8]) ص14.
([9]) ص14-15.
([10]) الشهداء أي الفرس المجوس الذين قتلهم الصحابة في سبيل نشر الإسلام وتحرير العراق وفتح فارس وتخليصه من استعبادهم! فإننا لا نعرف للفرس شهداء قتلوا بعد وفاة الرسول سوى هؤلاء. وعبارة (التشيع وارث أصيل للإسلام) لا معنى لها إلا القضاء على الإسلام وإحلال التشيع الفارسي محله. لأن الوارث لا يكون إلا بعد موت مورثه! وما (علي وأهل بيت الرسول) إلا غطاء مضمونه أهل بيت كسرى والنار. إذن هي حرب عدم أو وجود لا تنتهي بين الفرس والعرب والمجوس والإسلام.
([11]) ص 17.
([12]) ص16-17.
([13])  قبل حوالي سنتين ألقي القبض على ضابط في دائرة الجنسية في بغداد يقوم بمنح الجنسية العراقية للمتسللين الإيرانيين من أجل تسكينهم في بغداد.
([14]) جاء في أول الرسالة: (والخطة التي رسمناها لتصدير الثورة-خلافاً لرأي كثير من أهل النظر-ستثمر دون ضجيج أو إراقة للدماء أو حتى رد فعل من القوى العظمى في العالم. وأن الأموال التي ستنفق في هذا السبيل لن تكون نفقات دون عوائد) ص10.
([15]) ص18-25.
([16]) خطاب يوم النصر العظيم -ص 25- صدام حسين.
([17]) عقائد الشيعة للمظفر ص9.
عقائد الإمامية الاثني عشرية للزنجاني ص114.
([18]) يروي الكليني عن أبي جعفر أنه قال: التقية من ديني ودين آبائي، لا إيمان لمن لا تقية له- أصول الكافي2/ 219.
وعن أبى عبد الله أنه قال: إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له- 2/ 217 وعنه أيضاً انه قال: لا والله ما على وجه الأرض شيء احب اليّ من التقية يا حبيب إنه من كانت له تقية رفعه الله- 2/ 217 وعنه أيضاً أنه قال: ما بلغت تقية أحد تقية أصحاب الكهف. انهم كانوا ليشهدون الأعياد ويشدون الزنانير فأعطاهم الله أجرهم مرتين- 2/ 218 أين هذا من قوله تعالى:) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ(16)( الكهف! وعن زرارة بن أعين عن أبي جعفر قال: سألته عن مسألة فأجابني ثم جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ثم جاء رجل آخر أجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي. فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت صاحبه؟ فقال: يا زرارة إن هذا خير لنا وأبقى لنا ولكم… قال: ثم قلت لأبى عبد الله (ع): شيعتكم لو حملتموهم على الاسنة أو على الناس لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين قال: فأجابني بمثل جواب أبيه- 1/ 65. 
([19]) جاء في الخطة السرية لآيات الشيعة في إيران (ص9-الهامش): ويهتمون بهذه الحسينيات أكثر من اهتمامهم بالمساجد. وأما في خارج إيران فأصبحت مراكز تجسس لإيران كما نشرت ذلك بالتفاصيل جريدة (انقلاب إسلامي) لأبي الحسن بني صدر في العام الماضي وأعلنت عن المراكز الجاسوسية الإيرانية في دول الخليج –خاصة في الإمارات- بالاسم والعنوان والتاريخ وكيف أن المخابرات الإيرانية تجمع الأموال من التجار الإيرانيين في الإمارات.
([20]) راجع لتفصيل هذا الموضوع المهم كتاب (العصمة)، رسالة (القواعد السديدة)، كتاب (المنهج القرآني الفاصل) جميعها للدكتور عبد الهادي الحسني.
([21]) متفق عليه.
([22]) المنهج الحركي للسيرة النبوية ص230-233 محمد منير الغضبان.