Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

رسائل ومقالات في المرجعية الشيعية ..

رسائل ومقالات في المرجعية الشيعية ..

رسالة إلى المرجع الأعلى.. (سيدي بعض معتمديك على ظلال) !!

السلام عليكم.. سيدي.. أكتب وقلمي يرتجف خجلاً وخوفاً من محادثة بهاءك المحمدي وهيبتك العلوية، فكيف لي أن أكتب لك وأنت زعيم حوزة عمرها أكثر من عشرة قرون؟.. لكنه الواقع المر الذي يزداد مرارة بسبب تصرفات من حُسبوا عليك أو على مكتبك، تارة بأسم المعتمد وأخرى بأسم الوكيل، ونحن نعلم أن بعدهم عن أخلاقك وسماحتك وحرصك على حفظ الدم أبعد من السماء عن الأرض.. لذا نضطر رسائل ومقالات في المرجعية الشيعية..أحياناً أن ندعوك لتحجيم دور هذا النفر الضال، وليس أنجع من وسيلة الأعلام، حيث ندرك أن المراسلة عبر مكتبكم غير مجدية ولا تصل إلى سماحتكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)﴾
صدق الله العلي العظيم
حدث، قبل عام من الآن حادثة في، قضاء المدينة التابع لمحافظة البصرة، راح ضحيتها إثنان قتلوا وذهبت دماءهم هدراً وأصيب آخرون، كانت تلك الحادثة نتيجة لتحشيد أحد الذين يدّعون أعتمادك له في ذلك القضاء وهو الشيخ عبد الغفار عوض أو العوض.. حيث أدعى ذلك الشيخ أن آمر الفوج العسكري المكلّف بحماية الناس قام بشتم وسب الأمام الحسين عليه السلام، وقامت أثر ذلك مظاهرات بأسم المرجعية وذهبت الدماء هدراً بأسم المرجعية !! ما عرفنا المرجعية إلا حاقنة لدماء المسلمين وغير المسلمين حتى قال البعض أنها مرجعية للإنسانية.. كان آمر ذلك الفوج عقيد من المسلمين السنة وقام (شيخ غفار) بإستغلال أنتماءه المذهبي ليؤجج مشاعر الناس. أنتهت المظاهرات بنصر ظاهر للشيخ وظلامة للعقيد ودماء ذهبت هدراً.
اليوم، وفي ليلة ولادة الأمام الحسين عليه السلام، يقوم ذلك الشيخ بنفس الحادثة القديمة ولكن الشخوص مختلفين والأدوات مختلفة، وإليكم نص الحادثة:
أشتكى أهالي قضاء المدينة لدى فوج الطوارئ المكلف بحماية وحفظ أمن القضاء، أشتكوا ضد أصحاب الدراجات النارية الذين يزعجون السكان ويقومون بمضايقة الأهالي بممارسات لا أخلاقية، قام آمر الفوج بتكليف أحد الضباط بالقيام بذلك الواجب، وبالفعل قام النقيب بمنع أصحاب الدراجات.. أحد الأشخاص كان يقود دراجته وعند منعه أمتعض وبدأ بالتجاوز على أفراد الدورية الأمر الذي دعاهم إلى مصادرة دراجته، قام ذلك الشخص بالذهاب إلى مركز الفتنة (المراهق الشيخ غفار الذي هو معتمد)، دقائق وإذا بالشيخ يحشد الناس ويأتي إلى النقيب، قال له النقيب (شيعي): أنا في واجب وإذا لديك شيء أذهب إلى آمر الفوج، وإذا بالشيخ غفار يجيب النقيب: أنت تجاوزت على الأمام الحسين (سبيت الحسين) !! بعدها حدث شجار وشد وجذب وتجاوزات.. قام (الشيخ) بالذهاب إلى (حسينيته) ليعلن الجهاد ضد رجالات الأمن في القضاء ويطالب بطردهم ونقل الضابط ويدعو إلى التظاهر وعبر مكبرات الصوت  !! فهل أصبح أسم الحسين شماعة لمراهقاتهم ونفاقهم وفسادهم ؟!
سيدي.. كيف أن يكون من مثلك مثيراً للفتنة ؟؟ أوليس من واجبه دعم رجال الأمن والقانون، أم أن توجيهاتك لم تصلهم ؟؟ أنهم يسيؤون إليك، ويضللون الناس البسطاء ولا يمتلكون أي ضابطة شرعية أو أخلاقية أو قانونية.. كأن أنتماءهم إلى مكتب سماحتكم جعلهم فوق القانون !! أنهم أصبحوا آفات مفترسة يأكلون ويفترون ويفتننون بأسم الله وبأسم الرسول وبأسم أهل البيت وبأسمك !!
خلصنا ياسيدي منهم، علماً أن بعضهم يُطلق عليه (أبناء الدلالات) !!
 
محمد الحسن  - المثقف


المرجع العراقي والمرجع الايراني

المرجعية ليس حكرا لجهة معينة او لدولة معينة او لعائلة معينة او لقومية معينة، انما المرجعية تدور مدار الدليل العلمي والاخلاقي والشرعي وتوجد بوجود الاثر العلمي الملموس، واننا اذ نقر بهذه الحقيقة لأننا نريد ان نؤسس انطباعا في اذهان الشارع العراقي بالخصوص ان المرجعية الدينية انما هي من افرازات المجتمع وتكون مرجعية حقيقية اذا ما ارتبطت بالدليل ونريد ان نخلق فكرة - هي بالحقيقة موجودة عقلا - مفادها ان المرجعية الدينية هي من حق كل من تعلم ومحص نفسه واخلص لله تعالى .
وربما وصل الكثيرون الى قناعة ان المرجعية تأخذ صفة الهجرة الدينية اي ما معناه نحن نؤمن الى يومنا هذا ان المرجع لابد
ان يكون مرجعا ايرانيا او افغانيا او باكستانيا بينما لا يمكن ان نتقبل فكرة المرجع العراقي نحن يجب ان لا ننخدع بالاسماء الرنانة الفارغة ولا يجب ان ننبهر بالبهرج والمظهر بل يجب ان نؤمن بالدليل ونؤمن بالاثر العلمي وهذه الحقيقة اشار لها السيد الصرخي واكدها واعطاها صبغة اهل السواء والمثقفين الحقيقيين والواعين صدقا وانصافا حيث يقول (يجب علينا شرعا واخلاقا ان لا ننخدع بدعوى من غير دليل واثر علمي شرعي اخلاقي، فمجرد الادعاء ومجرد الانتماء للعائلة الفلانية او القومية الفلانية او البلد الفلاني ومجرد حمل الاسم الفلاني... ومجرد القدوم من جهة معينة كل هذا لا يجدي في الاتباع والتقليد )
لقد طغى على اذهاننا ان المرجعية هي متلازمة ايرانية بصورة اشد اما العراقي فلا يمكنه ان يكون مرجعا وان صار فعلا مرجعا فهو مرجع صغير بالنسبة للايراني، بل من المضحك والمبكي ان المرجع العراقي لابد ان يكون محط الصاق التهم عليه ومختلف الافتراءات التي هي برنامج مهيئ للمرجعية العراقية فحسب .
ان الكثير من المغرر بهم ينظرون الى من اتسم بصفة المرجعية والقادم من ايران او غيرها من البلدان هو المرجع الحقيقي والي لابد ان يقلد بغض النظر عن دليله العلمي، ولكن الحقيقة شهد لنا الواقع ان المراجع الاجانب عن العراق لم يبلغوا مرحلة الاعلمية التي هي منطلق التقليد والاتباع الصحيح خلال القرن المنصرم والقرن الحالي .
وتفترق المرجعية العراقية عن الاعجمية بصورة عامة ان المرجعية العراقية مرجعية شمولية ومرجعية ميدانية واجتماعية فهي تنزل الى الناس وكأنها جزء لا يتجزأ من المجتمع بينما المرجعية الاعجمية مرجعية منزوية بعيدة عن الناس تتصف بصفة المؤسساتية تختلف في التعامل عن المأثور والعرف العام .
ان المرجعية العراقية ونحن ليس بصدد ارجحية العراقي او العربي على الاعجمي بل ان المرجعية العراقية لطالما كانت ومازالت تستوعب هموم الامة وتطلعاتها وتعكس آلام الامة وآمالها من خلال المواقف الاسلامية والانسانية والنزول للشارع بينما بقية المرجعيات اللا عراقية لم نسمع منها اي صوت يخص هموم الامة ومعاناتها .
والمرجع العراقي ليس له ارتباطات بالخارج من مؤسسات كمؤسسة الخوئي وغيرها بل همه الاوحد ان يرفه عن ابناء شعبه ويوفر لهما كل المستلزامات من مستشفيات ودور للايتام ومدارس دينية لو اتيح له الامر وبسطت له اليد .
والمرجع الايراني بعيد دائما عن المرجع العراقي ولا يعبأ من جرى ويجري له بل حسد العلماء يتجلى بين هاتين المرجعيتين اللتين تختلفان في السلوك والمنهج .
وختاما انا اكتب هذا المقال واضع نصب عيني مرجعية السيد الصرخي المرجعية العراقية العربية التي فاقت كل التصورات والمعتقدات واتسمت بانها ولدت من رحم ارض العراق وليست غريبة عليهم وهي غيورة على العراق وشعبه ودينه .
رعد السيد


المرجع الديني هل يعلم بكل شيء؟!

صفاء العراقي
طرح المدعو محمد شنون الجوراني بعض الشبهات بخصوص مرجع الدين ورتب بعض الاثار ومنها ضرورة الاجابة على أي سؤال يوجه اليه وإلا لا داعي لإعطائه أية أهمية فالمرجع بحسب مخيلته كأنه علي بن أبي طالب (عليه السلام) وركز الجوراني في مقاله الذي نشره موقع كتابات تحت عنوان " رسالة الى الصرخيين عامة والاخ الصرخي خاصة" على المرجع الديني العراقي العربي السيد محمود الصرخي الحسني وهنا أقول للجوراني:
المرجع العراقي السيد الصرخي الحسني لا يختلف عن بقية العلماء ومراجع الدين سوى في أعلميته وقدرته وتفوقه في اختصاصه وهو استنباط الحكم الشرعي، فالمرجع الحسني هو أعلم في اختصاصه وهو علم الحلال والحرام واستخراج الحكم الشرعي من الادلة التفصيلية القرآن الكريم والسنة الشريفة ولم يدعي انه عالم وأعلم بغير اختصاصه وبالتالي لا يعتبر هذا العالم قد خرج عن المألوف فحاله كحال العلماء والمراجع الذين سبقوه في الاعلمية.
ليس من اختصاص الفقيه وليس ملزما ان يصف الامام المهدي (عليه السلام) بغير ما ذكرته الروايات المختصة بهذا الشأن وليس من شأن المرجع ان يقول إني رأيت المهدي أو لم أره فهذا خارج عن اختصاصه، وكما أن هناك مختصين وعلماء في اختصاصات عديدة كالطب والهندسة كذلك هناك علماء مختصون بعلم الحلال والحرام وهو الفقيه.
فليس من شان المرجع الديني الاخبار بيوم الظهور لأنه خارج عن الاختصاص، وليس من شان المرجع أن يخبر عن مكان قبر الزهراء (عليها السلام) لأنه ليس من اختصاصه.
أما بخصوص التقليد فكل انسان مكلف لم يصل الى رتبة الاجتهاد يجب عليه التقليد وقد ورد ما يشير اليه في القرآن الكريم خاصة الآيات التي فيها الاشارة الى الاتباع العلمي والشرعي والعقلي وضرورة اتباع من يملك ويتمسك بهذا الدليل قولا وفعلا ومن تلك الآيات قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }النحل43
وأيضا {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122
ولا يشترط في اثبات أمر معين ورود نص واضح وصريح فقط بل هناك عدة أدلة لإثباته ومنها مثلا ان الطريق الموصل للمكلف غير القادر على استنباط واستخراج الحكم الشرعي، الطريق الموصل له لأجل امتثال الاحكام هو التقليد لأن التقليد هو مقدمة وطريق لوصول المكلف الى امتثال الحكم الشرعي بعد معرفته من قبل الفقيه.
كذلك وجود الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع فكل ما حكم به العقل حكم به الشرع ولأن العقل يحكم بوجوب التقليد لأنه مقدمة لامتثال الاحكام الشرعية من قبل المكلف فهو واجب شرعا أيضا.
والعقل أيضا يحكم بوجوب دفع الضرر المترتب من جراء اهمال المكلف للأحكام الشرعية المتعلقة بذمته من خلال عدم معرفته بها ولدفع هذا الضرر فإن العقل يحكم بوجوب تقليد واتباع من هو عالم بها وهو المرجع لدفع هذا الضرر.
الفطرة الانسانية تحكم بوجوب دفع هذا الضرر المترتب على عدم معرفة الاحكام وبالتالي عدم امتثالها إذن فالفطرة الانسانية تحكم بضرورة التقليد لأنه وسيلة لدفع هذا الضرر عن المكلف والانسان غير القادر على استخراج ومعرفة الاحكام الشرعية إلا عن طريق تقليد العالم والأفقه بها.
إن اجماع الفقهاء على الحكم بوجوب التقليد على المكلف للوصول الى الاحكام الفرعية يعتبر دليلا على وجوب التقليد.
سيرة المتشرعة من المؤمنين والمسلمين منذ عصر الائمة الى يومنا هذا على اتباع مبدأي الاجتهاد والتقليد يثبت واقعية ووجوب هذين المبدأين.
كما أنه وردت عدة روايات توجب التقليد ومنها ما ورد عن الامام العسكري (عليه السلام) ((فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفس حافظا لدينه مخالفا لهوه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه))
وروايات إرجاع الشيعة لروات الاحاديث من الادلة أيضا فقد ورد عن الامام المهدي (عليه السلام) (( وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا))
وأيضا من الأخبار التي تشير إلى الرجوع والإطاعة لأشخاص معينين: رواية أحمد بن إسحاق عن الإمام الهادي (عليه لسلام) قال: سألته وقلت من أعامل وعمن أخذ معالم ديني وقول من أقبل؟}
فقال (عليه السلام): { العمري ثقتي فما أدى إليك فعني يؤدي، وما قال لك فعني يقول، فاستمع له وأطع فانه الثقة المأمون }. قال(الراوي): فسألت أبا محمد الحسن بن علي (عليه السلام) عن مثل ذلك، فقال(عليه السلام): { العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما وأطعهما فأنهما الثقتان المأمونان}.
كذلك فقد وردت روايات تبين أن الأئمة المعصومين كانوا يحثون على الافتاء ومنها الأخبار التي تشير إلى رغبة المعصومين (عليهم السلام) وحثّهم العلماء للتصدي لإفتاء الناس: ما ورد أن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول لأبان بن تغلب: {اجلس في المسجد أو مسجد المدينة وأفتِ الناس فإني احب أن يرى في شيعتي مثلك}.
كما أن سيرة العقلاء وطبيعة المجتمعات البشرية جرت على رجوع الجاهل الى العالم وذي الاختصاص.
أما بخصوص الخمس فإن المرجع والفقيه تثبت له صلاحية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو في مقام تقديم المصالح العامة الدينية والاجتماعية على المصالح الشخصية فطاعته ومنها تصرفه بالأموال ليس لمصلحته الشخصية بل للمصلحة العامة.
وما يطرحه البعض من شبهات أو تساؤلات إذا كانت ليس من اختصاص الفقيه فهو غير ملزم بتوضيحها فهي خارجة عن تخصصه.
فمن يرغب مناقشته فليناقش ببحوثه الاستدلالية الفقهية والاصولية فهذا هو شأنه واختصاصه.


فقراء الشيعة يعيشون في المقابر وبيوت الصفيح وحوزة النجف تصرف المليارات لإنشاء متحف شمع

أثار معرض تماثيل الشمع التي تصور بعضا من رجال "حوزة النجف"، وعددا من الشخصيات في سجال الحلال والحرام عندما انتقد البعض تلك التماثيل بوصفها مروقا عن الدين، ويهدف المعرض إلى تكريم مساهمات هذه المدينة في الثقافة، ولكن حتى قبل أن يفتتح المعرض، ندد بعض المتشددين بتلك التماثيل باعتبارها مخالفة للشريعة الإسلامية. وأبدى حتى بعض رجال الدين الشيعة شيئا من الريبة حيالها، ونقل عن واحد من مراجع الشيعة في العراق "علي بشير النجفي" انه "حتى الشخصيات المتوفاة المعروضة تماثيلها ما كانت لتوافق على ذلك"، ويرى بعض رجال الدين المسلمين من الطائفتين ان الشريعة الإسلامية تحرم تصوير البشر وحتى الحيوانات في الفن أو غيرها من الصور المجسمة، أنهم يعتقدون ان الأخيرة يمكن ان تعد تشبها بالأصنام، وذلك من المحرمات،ويقول النجفي" ان التماثيل تضم شخصيات مثل آية الله العظمى محمد صادق الصدر، وآية الله العظمى محمد حسين فضل الله وشخصيات أخرى، وجميع تلك الشخصيات هم ممن درسوا أو دفنوا في النجف"،وتعود فكرة المعرض إلى الشيخ علي ميرزا، وهو رجل دين شيعي، وقال ميرزا انه "استلهم الفكرة خلال زيارته لمتحف الشمع في بيروت الذي ضم تمثالا للرئيس العراقي السابق صدام حسين"، وأضاف ان "التماثيل في النجف شبيهة جدا بالشخصيات الأصلية ونابضة بالحياة لدرجة ان بعض الزوار يرفعون أيديهم لتحية التماثيل كما لو كان أشخاصها على قيد الحياة"، وتابع ان "التماثيل هي لشخصيات شيعية لأن هذا المعرض سيكون في النجف، التي وصفها بأنها "فاتيكان المسلمين الشيعة".وكان القصد من المعرض ان يكون جزءا من الاحتفالات باختيار مدينة النجف عاصمة للثقافة الإسلامية 2012، لكن منظمة المؤتمر الإسلامي أعلنت مؤخرا أنه تم إلغاء الفعالية بناء على طلب من الحكومة العراقية، وقد وجهت للاستعدادات الخاصة بهذا الحدث اتهامات بسوء الإدارة والفساد، ولكن مسؤولين قالوا ان التماثيل سيتم عرضها في متحف بالنجف، ويقول منظم الفعالية انه يعرف ان التماثيل لن تروق للجميع "فالمتحف فكرة جديدة، والناس تحتاج إلى وقت لتعتاد على ذلك"، كما قال،ولكن بعض السنة في العراق لا يبدوا أنهم سيعتادون على التماثيل، مما يعكس الانقسام الديني الذي يطفو على السطح في العراق، فالإسلام السني لا يحبذ تاريخيا تصوير الشكل البشري وكثير من السنة العراقيين يزدري قيام الغالبية الشيعية في البلاد بالسماح بتصوير شخصيات مسلمة في ملصقات أو رسومات وأعلام أو أساليب أخرى، و يعد ذلك دليلا آخر على اتهامهم للشيعة بأنهم ليسوا مسلمين حقيقيين"، بيد ان احد رجال الدين السنة، إذ قال الشيخ احمد الطه خطيب مسجد أبو حنيفة في بغداد "ليس من الصواب إقامة تماثيل سواء مصنوعة من الشمع أو من أي شيء آخر، فهذا حرام لأنه مضاهاة لخلق الله"، مضيفا "إنه يشبه ما فعله الوثنيون".بعض الشيعة أيضا لا يستسيغ التماثيل التي تصور كامل الجسم، وفي حين أن المذهب الشيعي يسمح بمزيد من الحرية لتصوير الوجوه أو التماثيل النصفية، فإن تماثيل الشمع لكامل الجسم هي خطوة مبالغ بها بحسب عدد منهم، وقال الشيخ علي النجفي: "لا بأس أن يكون هناك تمثال نصفي ولكن ليس لكامل الجسم"، وقال مدير متحف الشمع في مدينة النجف متفائلا، متوقعا أن يتحول المتحف الجديد إلى مزار كبير على صعيد المنطقة ويحكي المتحف قصة 59 شخصية دينية وعلمية مشهورة، لم تلق حظها من الاحتفاء طيلة سنوات الماضية بسبب تجاهل الحكومات التي تعاقبت على الحكم لها، وقال مدير المتحف فرقان "علي ميرزا "تعد مدينة النجف من أغنى المدن العراقية بتراثها ومعالمها الشاخصة، وتخليدا لبعض رجالاتها العظماء، يتواصل العمل بمشروع متحف الشمع الذي تقرر أن يضم 59 تمثالا لشخصيات دينية وعلمية واجتماعية مهمة، في عمل فني مميز، أسندت مهمة إنجازه إلى فنان إيراني، في بداية الأمر قبل أن تحال إلى فنان تركي، ومن أبرز التماثيل المنجزة حتى الآن، تمثال للشيخ الطوسي مؤسس الحوزة الدينية في النجف، والمرجع السيد أبو القاسم الخوئي، والمفكر المرجع السيد محمد باقر الصدر، وهناك أيضا تماثيل لشاعر العراق الكبير أحمد الصافي المولود في النجف والدكتور عبد الرزاق محيي الدين الذي نزح مع عائلته من جنوب لبنان إلى النجف"، وأضاف عن بداية فكرة المشروع، والمواد التي استخدمت فيها، يقول ميرزا "الفكرة بدأت كأحد مشاريع النجف عاصمة الثقافة العراقية، الذي كان من المقرر أن يكون هذا العام، قبل أن يتأجل موعده، لأسباب كثيرة، وقد ضم عددا كبيرا من المشاريع من ضمنها إقامة متحف للشمع على غرار متاحف كثيرة في العالم العربي والعالم، ومنها متحف مدام توسو في بريطانيا، وأجمعت الآراء على اختيار شخصيات فكرية ودينية وأدبية مشهورة من رجالات مدينة النجف، أما المواد التي استخدمت في صناعة التماثيل فهي مواد جديدة سهلة التشكيل تضفي لمسة واقعية على المعروضات التي ستكون في متناول الزوار حال الانتهاء من إنجاز كامل العمل"،وتابع "المتحف سيكون على شكل غرف، إذ تخصص كل غرفة لشخصية، وتضم الغرفة جميع المؤلفات والنتاجات والوثائق والصور والسيرة الذاتية للشخصية، إضافة إلى أهم الأحداث التي عاصرتها وتمت مراعاة أن تحتمل المواد المصنعة منها درجة حرارة 50 مئوية لتلائم الظروف الجوية العراقية، وقد خصصت له ميزانية أكثر من 4 مليار دينار عراقي"، وبشأن آلية اختيار الشخصيات قال: في البداية تم اختيار 300 شخصية، واختزلت إلى 150 شخصية. وكان العمل دقيقا جدا ومعقدا لأن النجف فيها عدد كبير من الشخصيات العالمية المؤثرة الثقافية. وبسبب قلة التخصيصات المالية فقد تم اختيار 59 شخصية فقط، وهو مشروع للشخصيات الراحلة فقط عدا شخصية واحدة هي باقر شريف القرشي لأنه رجل كبير في السن وله مؤلفات كثيرة.وفي العراق، لا يوجد سوى متحف واحد للشمع يقع في بغداد، وينظر إليه على أنه يشكل نافذة على تاريخ البلاد، حيث يضم تماثيل تعكس يوميات العراقيين منذ نحو 100 سنة،من جهته أبدى التيار الصدري، رغبته بسحب تمثال السيد محمد صادق الصدر من المعرض. وقال حكيم الزاملي، وهو نائب عن التيار الصدري "ان الذين يقفون وراء إنشاء هذا المتحف يتحملون المسؤولية أمام الله". لكن منظم الفعالية "علي ميرزا "يشير إلى أن رجال الدين الشيعة لديهم أفكار مختلفة حول شرعية هذه التماثيل.أصبحت التماثيل تجتذب بعض الشيعة، وتوافد عدد منهم إلى مدرسة دينية يملكها ميرزا احتجزت فيها التماثيل ريثما يتم افتتاح المتحف. وقال أحد رجال الدين الزائرين، الشيخ محسن النجفي:انا معجب جدا. لم أكن أتوقع شيئا من هذا القبيل، والإعمال تبدو كأنها أشخاص حقيقيون".وقال ناشط في النجف، وهو ليس متدينا لكنه ذهب لرؤية تماثيل الشمع قبل نحو شهر من باب الفضول. والتقط الناشط صورا له بجانب التماثيل ونشرت على الإنترنت. وعندما أدرك بعض من أصدقائه أنها تماثيل شمع، قالوا له أنها "حرام"، كما قال. لكنه معجب بالتماثيل، ويثني عليها قائلا " انه لأمر جيد الحفاظ على تراث النجف بهذه الطريقة من خلال تعريف هذا الجيل والأجيال المقبلة بالعلماء الذين كان لهم إسهام كبير في التاريخ والثقافة في النجف"، ولكن الشيعة الفقراء لهم رأي آخر هو ان "أنشاء متحف تماثيل لرجال الحوزة والمعممين أفضل من إطعام الأسر الفقيرة المتعففة منها والتي تشحذ في الشوارع وهو أفضل طبعاً من تبليط شارع من شوارع المحافظات الشبه محطمة وإصلاح مجاري الصرف وهذا المتحف بالتأكيد جاء إنشاءه أهم من توعية الناس بضرورة العلم والتفكر واستخدام العقل وتوفير فرص العيش الكريم , فالتبرك و تعليق الآمال والأحلام بالخزعبلات الدينية والخرافات هو السبيل الوحيد لتحقيقها "، نعم فصرف المليارات من قبل الحوزة وأحزاب السلطة هو لتكريس كل ما هو شاذ لخدمة مشروعهم "السياسي الصفوي"، وهناك من يقول ان "عبادة الأوثان والأصنام هي التي ستهب العراقيين كل حقوقهم المسلوبة وستمنحهم الحياة الكريمة التي طالما اغتصبها الخونة وسراق المال العام" !!.

سعد الكناني


قم والنجف: قلق متبادل وتنافس في الزعامة

لم يسبق في تاريخ الشيعة أن يحظى أحد حوزاتها موقعاً مركزياً للطائفة كلها حيث تستقطب إهتمام التجمعات الشيعية في أقصى انحاء العالم وتنتج الفكر الرسمي الشيعي لمدى قرون، مثل ما حدث لحوزة النجف في القرون الثلاثة الاخيرة؛ فكانت فاتيكاناً للشيعة، تصدر منها أهم القرارات المصيرية للطائفة وتحولت المدارس الدينية الأخرى فروعاً لها يرأسها علماء خريجين من النجف، فأصبحت مؤسسة رسمية ذات فروع وارتباطات واسعة النطاق تدير الشأن الديني وقسماً كبيراً من الشأن الاجتماعي والسياسي للطائفة الشيعية. هذا كله قبل افول نجم حوزة النجف إثر الضغوط السياسية التي واجهتها في عهد صدام؛ وقد تزامن ذلك مع انتصار الثورة الدينية في ايران مما سبب انتقال قسم كبير من المخزون الانساني والرأسمال الرمزي للطائفة الشيعية الى قم، بعد ما كانت مجرد فرع للنجف تمهد الطلاب في المراحل الابتدائية للدروس الدينية للالتحاق بالنجف لاحقاً.
وقد ظهرت الملامح الاولية للصراع بين المدرستين قبل ذلك، حين انتقل الخميني الى النجف منفياً من ايران، إثر اشتعال الجذوة الأولى من الثورة في منتصف القرن الماضي. وفي أول لقاء جرى بين الخميني والسيد محسن الحكيم الذي كان المرجع الحصري للشيعة آنذاك، وصف الحكيم طريقة الخميني بالمتهورة وردّ عليه الأخير بوصف سلوكه الاجتماعي والسياسي بالمتهاون. ولم يحظ الخميني باهتمام محوري في النجف، وقد بدأ تدريجياً ملامح صراع بين اتباعه الثوريين والتيار النجفي التقليدي والذي قد ترأسه السيد ابوالقاسم الخوئي بعد وفاة الحكيم.
إستمر النزاع في قم بشدة اكثر بعد انتصار الثورة وهجرة عدد كبير من علماء النجف الى قم اثر تسفيرهم من العراق او هروبهم من الضغوط السياسية، حيث كان يعتبرهم الخطاب الرسمي السياسي في الحوزة بأنهم طبقة متحجرة ومتخلفة ليس لديها رؤية سياسية واجتماعية؛ وقد اتهمهم الخميني في خطاباته الكثيرة لعلماء الحوزة بعناوين موهنة نحو: الاسلام الامريكي، وعاظ السلاطين، العلماء العملاء المترائين المتحجرين الحمقى، الأفاعي في الحوزة العلمية وغير ذلك مما يبين شدة الصراع بين الاسلام السياسي والاسلام المحافظ الذي كان يمثله كل من قم والنجف.
ويعتبر اصرار الموقف الرسمي الايراني لتعيين مراجع تقليد قميين بعد وفاة الخميني، نوع من التمسك على المكاسب التي حصلت عليها قم في التنافس مع النجف؛ بجانب التخوف من خسرانها اثر وجود طبقة متنفذة من علماء الشيعة النجفيين من جيل السيد ابوالقاسم الخوئي وتلامذته في الوسط الشيعي. وعليه حذّر الشيخ جنتي كبير خطباء الجمعة في طهران، بعد وفاة السيد الخوئي مما سّماه اخراج المرجعية من ايران مشيراً الى السيد السيستاني الذي كان أكثر المحظوظين بالحصول على خلافة استاذه الخوئي. ورغم تخفيف الصراع اثر الموقف الحكيم للمشرف على مكتب السيستاني في قم، السيد جواد الشهرستاني بسبب صرفه اموالاً هائلة ودعم حوزة قم بتاسيس مؤسسات عملاقة ذات حضور عالمي واقليمي، ما زال التخوف من النجف استمر بوصفه جسماً غريباً عن كيان قم قبيل سقوط صدام؛ ونموذجا يمكن الاشارة الى اعتقال السيد جعفر الصدر ابن السيد محمدباقر الصدر في قم فور وصوله من العراق بوصفه ممثلا للسيد محمد الصدر بسبب تخوف النظام الايراني من الاخير واتهامه بالتعاون مع نظام صدام، والذي أدي أخيراً الى منع السيد جعفر من العمل السياسي اطلاقا واغلاق مكتب الصدر نهائيا في قم.
وبعد سقوط صدام، انتقل القلق من قم الى النجف، حيث بدأت ايران بضخّ اموال هائلة في النجف وبعث عدد من ممثلين حوزة قم للنجف للتاثير في سياقاته الاجتماعية والفكرية المحافظة وبناء جيل جديد من العلماء متوافقين مع رؤية قم السياسية الموالية لفكرة ولاية الفقيه. ففتح خامنئي مكتباً رسمياً في النجف وبدأ يصرف رواتب عالية للطلاب، وعين خامنئي الشیخ محمد مهدی الآصفي ممثلاً رسمياً له في النجف وقام الأخير بفتح مكتبه الرسمي قريباً من بيت السيد السيستاني ما أثار حفيظة الأخير مما أدى الى تغيير المكان والتقليل من حجم فعاليات مكتب الخامنئي. وأيضا هناك محاولات ايرانية للتخطيط لمرجعية ما بعد السيستاني بدعم شخصيات موالية لها كالسيد محمود الهاشمي، رئيس القضاء الايراني سابقاً والذي نُقل تهديدات من المالكي بخصوص دعم الاخير كمنافس لمراجع النجف في حال اصرارهم على نقد المالكي.
ويعتبر الوسط المحافظ في النجف إن خريجين قم يهتمون الى الامور الدنيوية كثيراً ولهم مطامح سياسية وهم أقل درجة فقهياً ودينياً من أمثالهم النجفيين. ومن جهة أخرى يعتبر الإقبال المتصاعد من قبل العلماء النجفيين من اصول عربية نحو التصدي للمرجعية والتفوق في سلسلة المراتب الحوزوية، نوع من التنافس مع القومية الايرانية التي كانت تتمسك بالمرجعية الشيعية في اغلب الأحيان.
وأخيراً من المتوقع أن تؤدي العومل المذكورة الى انشقاق اكبر بين قم والنجف مما سينتهي الى تأسيس قطبين مستقلين للشيعة من شأنه أن يؤسس قراءتين مختلفتين تماماً عن التشيع في المستقبل غير البعيد، حيث يلعب العامل السياسي والاجتماعي دوراً حاسماً في ذلك.
بقلم: Ali Mamouri
المونيتور


المرجعية الشيعية والنجف: السيستاني

بعد أن كتبتُ عن المرجعية الشيعية والسياسة منها الخوئى، ثم بدأتُ بسلسلة حلقات عن مرجعية السيستانى المقيم فى مدينة النجف من العراق الجريح والمنكوب نتيجة الهيمنة الفارسية الصفوية المعاصرة

من الحلقة السابقة وصلنا إلى المرجعية الضبابية للسيستانى فى تعامله مع السياسة فليس واضحا وصريحا يخرج بنفسه فى صلاة الجمعة ولقاءات فضائية وإعلامية مع الناس كمحمد باقر الصدر (1935-1980) و محمد محمد صادق الصدر (1943-1999)، المؤمنَين بالعمل السياسى والإجتماعى وممارسته، ومن جانب آخر ليس كأستاذه الخوئى والمرجعيات التقليدية الكلاسيكية التى لاتؤمن ولا تتدخل فى السياسة ولاتلتقى بأحدهم فى الداخل والخارج. فالسيستانى رغم عدم معرفته وتخصصه بالسياسة ومتعلقاتها وعدم إيمانه فقهيا على نحو أستاذه الخوئى، لكنه يتدخل فى عمق الأحداث السياسية وله دور كبير فى الإنتخابات والدستور والإئتلافات الشيعية الطائفية الحاكمة والعملية السياسية ولقاء أكبر السياسيين رغم عدم وضوح ما يقوله مباشرة فهو لايظهر فى الفضائيات ولا يصوّر لقاءاته ولا يخرج بنفسه لخطب الجمعة والجماعة واختلاف التصريحات حول لقاءاته وآرائه فإذا أثارت مخاوف سرعان ما يتمّ نفيها فهى ضبابية غائمة باحتراف الفرس وتقيّتهم، تعيش فى الظلام وتخاف النور

بمقارنة بسيطة بين الإحتلالين للعراق، بين الإحتلال البريطانى عام 1914، وبين احتلال 2003. فالإحتلال البريطانى فى القرن الماضى حيث أصدرت المرجعيات الشيعية والسنية الفتاوى ضد الإحتلال وتصدوا للقوات الغازية مثل جدّى المرجع العربى مهدى الحيدرى (1834-1917) من بغداد إضافة لكونه صاحب أول فتوى عام 1914 ضد الإحتلال وخطبَ فى صحن الكاظمية (فيها مرقدا الإمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد) ببغداد خطاباته التاريخية والذى قاد الثورة حقيقة بكل شجاعة وإباء ثم مراسلته المراجع الآخرين فى كربلاء والنجف وسامراء وغيرها لتحريكهم، فقد خرج أيضا بنفسه وهو يناهز الثمانين عاما مع أولاده حاملا البندقية مقاتلا للإحتلال وهذا ما لايذكره المعاصرون المطبّلون دائماً لدور المرجعيات الفارسية هاملين دور المرجعيات العربية حتى رأيت عشرات المقالات والكتابات حول ثورة العشرين وهى تهمل المراجع العرب كالحيدرى والخالصى والحبوبى وتذكر فقط الفرس ومراجعهم بسبب السيطرة والهيمنة الفارسية فى تحريف التاريخ ومسح التاريخ العربى وتزييفه لمصلحة الفرس والأجندة الخارجية حتى يومنا المعاصر وهو يجانب الحقائق التاريخية

للحقيقة التاريخية وعندما نرجع إلى المصادرالتاريخية المهمّة فقد كتبَ عن (مهدى الحيدرى) العديدُ من المؤرخين المنصفين منهم المؤرخ المعروف والمختص أحمد الحسينى كتابا خاصا أسماه (الإمام الثائر مهدى الحيدري) بالوثائق والمستندات معتبرا الحيدرى هو القائد الحقيقى للثورة ومنذ عدة سنوات أى عام 1914 وليس عام 1920 كما يشيعه الفرس للتغطية على المراجع العرب الأوائل. لقد خرج الحيدرى بنفسه للثورة لسنوات الثورة الأولى وفى جنوب العراق عند جبهات القتال الأمامية وعرّض حياته للخطر مع أبناءه وأسرته ومريديه لمقاتلة الإنكليز بكل بسالة وشجاعة وإباء

وقد ذكرَ أيضاً مرجعية مهدى الحيدرى ودوره وحياته جملة كبيرة من المؤلفات منها أعيان الشيعة، معارف الرجال، الكرم البررة، نقباء البشر، جنة المأوى، أحسن الوديعة فى تراجم أشهر مشاهير مجتهدى الشيعة، معجم رجال الفكر والأدب، الثورة العراقية الكبرى، تاريخ الحركة الإسلامية فى العراق، الشيعة والدولة القومية، دور الشيعة فى تطور العراق السياسى الحديث، النفحات القدسية فى تراجم أعلام الكاظمية، حركة الجهاد1914، البطولة فى ثورة العشرين، كتاب فى دورى الإحتلال والإنتداب ولمحات إجتماعية فى تاريخ العراق الحديث وغيرها. فضلا عن الكثير من الجرائد والمجلات والصحف مثل المرشد، الأقلام، صوت الكاظمين، آفاق عربية وغيرها ومن المهم جدا فهم الخلفيات والإعداد والتهيئة للثورة قبل قيامها من الوعظ والتوعية والإرشاد والقيادة لمهدى الحيدرى منذ 1914 وليس 1920حتى نضجت الثورة واكتملت شرائطها الموضوعية

كان المرجع الحيدرى والخالصى وغيرهما من المراجع العرب فى بغداد يدعون إلى الوحدة الحقيقية بين السنة والشيعة فعندما اشتعلت الفتنة الطائفية آنذاك فى كربلاء لم يقبلوا حكماً غير مرجعية مهدى الحيدرى الذى أسرع بنفسه إلى مدينة كربلاء لإطفاء الفتنة وتوحيد السنة والشيعة وقد خطب فيهم شارحا أنهم أخوة لدين واحد ونبى واحد وقبلة واحدة ولا ضير فى الإختلافات الجزئية الفرعية التى لاتضر بالإيمان ومبادئ العقيدة وبقى فى كربلاء حتى أزال الفتنة ووأدها

وعندها يبرز السؤال لماذا يسيطر المراجع الفرس على المرجعيات الشيعية ونحن نعلم الكفاءات العربية وتميزها وإخلاصها للوطن ومواقفها المشرفة

أما قوات احتلال العراق عام 2003 فلم تكن المرجعيات الفارسية بمستوى الحدث حيث طلب السيستانى عدم مقاومة الإحتلال منذ بداية الغزو وباعتباره مرجعية صامتة ساكتة لايتحدث ولايخاطب الناس (كما قال المرجع العربى محمد الصدر) فقد أعلنه مجيد الخوئى (نجل المرجع الفارسى الخوئى ذى الأصل الهندى كما قال عباس الخوئى) الذى جاء على الدبابة الأمريكية وقتله بعض الشيعة فى النجف عام،2003 إن الخوئى هو الرجل الذى أعلن فتوى السيستانى مع الإحتلال وهو نفسه الخوئى الذى أعلن للعالم من قبلُ فى مجلته النور الصادرة فى لندن، مرجعيةَ السيستانى وسوّقها بعد صفقة فى لندن

وهكذا قام السيستانى بعد تسويقه كمرجعية عليا، فى تخدير الشيعة ومنعهم من مقاتلة القوات الغازية وهكذا كانت القوات المقاومة للإحتلال من الجانب السنى أولا ثم الجانب العربى غير التابع للمرجعيات الفارسية آنذاك كالتيار الصدرى لذلك كان لابد من التواطئ بين السيستانى والقوات الغازية كما ظهر فى ضرب التيار الصدرى لثلاثة أسابيع فى النجف بعد خروج السيستانى إلى لندن استجابة لطلب القوات الغازية

علاقة السيستانى بالنظام الصدامى واضحة وكان جاهزا سريعا فى تلبية النظام بالفتاوى الجاهزة السريعة بلا تردد حتى آخر لحظات سقوط النظام 2003 كما كانت معلنة بالتلفزيون الرسمى فلم يعهد عنه موقفا مشرفا أو دفاعا عن الفقراء أو العراقيين أبدا

لم تظهر مرجعية السيستانى بعد وفاة الخوئى 1992 لعدم أهليته، لذلك ظهرت مرجعيات عديدة لسنين عديدة مثل عبد الأعلى السبزوارى ومحمد محمد صادق الصدر وغيرهم فإنه لم يعهد اجتهاد السيستانى من أستاذه الخوئى إطلاقا حتى وفاته ولكن ظهرت مرجعيته بالصفقة كما قيل عن بعض المرجعيات العربية كما أن الصدر الثانى قد نقد السيستانى بالأسم فى خطب الجمعة والمقابلات واعتبرت الكثير من المرجعيات عدم أهلية السيستانى لذلك وهو ما شرحته سابقا

وشرحت فى الحلقة السابقة ما كتبه السفير الأمريكى بول بريمر فى كتابه (سنتى فى العراق) عن رسائل السيستانى الثلاثين عن الوسائط مع بريمر مثل حسين إسماعيل الصدر (بيت السلام والحوار الإنسانى ومشاريع كثيرة ظهرت بعد 2003 حيث لم يمتلك قبلها شيئا واشتهر بقبلاته وعزائمه الضخمة للمسؤولين الأمريكان مثل بريمر وكولن باول) وموفق الربيعى (مسؤول الأمن الوطنى المعين من قوات الإحتلال) وغيرهم مما يجعل العلاقة مع قوات الإحتلال أحد مصادر قوته وسلطته فضلا عن ملايين الأخماس وغيرها

يسأل البعض فى كيفية صعود مرجعيات فارسية يعتقد أنها لاتملك شيئا فى تاريخها وعلمها وورعها كما يقول بعض المراجع إلى ما يصطلح عليها اليوم ب (المرجعية الشيعية العليا) مع وجود مرجعيات عربية أصيلة أكثر أهلية وإيمانا وصلاحا وخدمة ومعرفة كما ذكرها المرجع العربى محمد حسين فضل الله

السؤال أيضا حول مرجعية السيستانى فى سيطرته وسطوته حتى باتت بوابة السيستانى قبلة للسياسيين الكبار من الداخل والخارج بل الكثير من السياسيين الفاسدين الحاكمين اليوم للقاء السيستانى، رغم أن المقابلة غير مصورة أصلا، ولكنه يخرج من البوابة أمام الفضائيات ليعلن لقاءه بالسيستانى وقد يذكر دعم السيستانى له، وكأنه يعطى صبغة شرعية لمن لايمتلك أهلية. فى الحقيقة ربما يلتقى السياسى والمسؤول بابنه أى محمد رضا السيستانى وليس الأب الذى يحبذ تقبيل الأيادى على الطريقة الفارسية التقديسية خلافا لسيرة الرسول الأكرم القائل (إن تقبيل الأيادى هى حماقة من حماقات الأعاجم) فى جملة من الأحاديث والسيرة بينما كان الرسول يختلط بالناس ويأتى الأسواق ويخطب فى الجمعة والجماعة وكان الغريب لا يميّزه لتواضعه حتى يقول الغريب (أيكم محمد؟) لعدم تمايز النبى على العكس تماما فى مرجعية السيستانى

تكونت امبراطوريات من حاشية المرجعية ودورها السياسى لاسيما محمد رضا السيستانى نجل السيستانى، وصهراه جواد الشهرستانى (مؤسسة آل البيت) ومرتضى الكشميرى (مؤسسة الإمام على) وممثلاه عبد المهدى الكربلائى وأحمد الصافى فى كربلاء، ووكلاؤه فى أنحاء العالم من السلطة والمال والسطوة والنفوذ السياسى ولم يكن بعضهم أى أهلية ولا يملك شيئا معهودا من قبل مرجعية السيستانى ليصبح اليوم امبراطورا يملك المليارات والعقارات والتجارات والترف التبذير والإسراف كما بات من قبله حاشية الخوئى والعديد من وكلائه وفيها إشكالية الخمس ولا يعلم أحد الصادرة والواردة وأين تذهب مليارات الأموال

أمّا الأوقاف والأخماس والحقوق الشرعية فهى بالمليارات لاتذهب للفقراء والمساكين والمحتاجين، وقام السيستانى بتعيين صالح الحيدرى (كان موظفا بسيطا فى دائرة صندوق التقاعد) رئيسا للوقف الشيعى ليتحول إلى مليونير رغم أن الأخير لايمتلك أهلية من العلم أو الورع أو النزاهة أو الكفاءة أصلا مما جعل الوقف الشيعى يمثل رقما عاليا فى الفساد المالى والإدارى والسياسى فضلا عن امتداده وسيطرته على الأوقاف السنية مثل سامراء وغيرها بعنوان استنقاذها من السنة كأنهم غير مسلمين وكما شرحته سابقا

والسؤال المطروح ما هى مواقف السيستانى السياسية أمام الأزمات الكبيرة

كذلك صمته أمام أزمات عظيمة وكبيرة

ومتى يتحرك وأين يتحرك وكيف يتحرك ولماذا سافر إلى لندن 3 أسابيع كاملة عندما طلبت قوات الإحتلال قصف النجف الشيعية

ولماذا مشاريعه الكبيرة والعظيمة فى إيران دون العراق الذى ينعم به والحاجة الماسة للمؤسسات والخدمات والمستشفيات فى العراق الجريح والمنكوب

ولماذا أعلنت مرجعيته فى لندن وصفقتها ومن واءها ليصل مثل السيستانى إلى ما يسمى اليوم بالمرجعية الشيعية العليا

وموقفها من المرجعيات العربية مثل محمد حسين فضل الله

وعلاقاتها الخارجية مع بريطانيا وأمريكا وإيران


وعشرات الأسئلة القادمة

فللحديث صلة فى الحلقات التالية


كاتب عراقى

nabel202000_(at)_hotmail.com
نبيل الحيدري
ايلاف، الخميس 23 مايو


المرجعية الشيعية والسياسة: الخوئى وصدام حسين

لاشك أن دراسة علاقة المرجعيات الدينية الشيعية والسياسة فيها تعقيدات كثيرة وخبايا متعددة خصوصا والصراحة تواجه ظاهرة حماس بعض التقليديين عاطفيا نحو المرجعية دفاعا عنها فى جميع الأحوال، مانعا النقد والتحليل من خلال العواطف فى التقديس والغلو وكأن المرجع معصوم غير قابل للخطأ أوالسهو أو الهفوة.. أو التقاليد البالية البائسة التى حدثنى البعض ب (منع نشر غسيلنا أمام الآخرين خصوصا النواصب) لتحويل المرجع إلى معصوم مطلق. فسألته (من هم النواصب؟)، فقال لى (هم السنة كما سمعه فى الحسينية) فأخبرته أنها التشيع الفارسى الصفوى، فالنواصب هم من يبغض الإمام على بن أبى طالب ويكفّره كالخوارج الذين كفّروا عليا ثم قتلوه وليس السنة الذين يحترمونه كخليفة راشد وصحابى كبير جليل متميز ذى مناقب كثيرة رائعة حيث امتلئت كتبهم بذلك وكتب عنه شخصيات السنة مثل أصحاب الصحاح والسنن والسيوطى وابن الجوزى والخوارزمى والطبرى وعباس محمود العقاد وخالد محمد خالد وأحمد أمين وطه حسين وعائشة عبد الرحمن وغيرهم
هناك نوعان من المرجعيات فى العراق الأول مرجعيات فارسية كلاسيكية ليس لها وعى اجتماعى ولا تدخل فى الجانب السياسى عادة وقد يعتبرونها من مختصات الإمام المهدى المنتظر انتظارا لدولته التى تأتى فى آخر الأزمان وترتفع عندها التقية فى مجاراة السنة. وفى ذلك روايات كثيرة موجودة فى مصادر الحديث والروايات الشيعية فى أكثر من أربعين حديثا عن الإمامين الباقر والصادق فى انتظار المهدى وإلا فسوف يكون الفساد أكبر والضرر على الشيعة أعظم وأكبر وكل راية قبل المهدى فصاحبها طاغوت وحتى صلاة الجمعة لاتجوز فى عصر الغيبة لأنها من مختصات الإمام المعصوم العادل
كذلك لاتجد للمرجعيات الفارسية الكلاسيكية كتب أو أبحاث أو ثقافة بل مجرد الأبحاث الحوزوية الكلاسيكية كالفقه والأصول والرجال وهى أبحاث كلاسيكية استغرق القدماء فى بحثها. اشتهر أبو القاسم الخوئى (1988-1992) بدورة فى علم الرجال لكنها تمتلئ بالأخطاء العلمية الكثيرة حتى تراجع عن بعضها مثل توثيق رجال كتاب كامل الزيارات حيث تبين له أن أكثرهم ضعاف ومجهولون ومدلّسون يصعب توثيقهم … ولا تجد لهم أبحاثا فى جوانب أخرى وهو ماحصل للخوئى والسيستانى وأمثالهما من المرجعيات الفارسية المسيطرة على النجف فى عراقنا الجريح والمنكوب
القسم الثانى من المرجعيات هى مرجعيات عربية غير فارسية تؤمن بالعمل السياسى والإجتماعى ومواكبة حركة المجتمع واحتياجاته ويظهر ذلك فى بغداد مدينة التعايش والتزاوج والمحبة بين السنة والشيعة ومنها منطقة الكاظمية ببغداد حيث ظهرت مرجعيات آل الحيدرى وشبر وآل ياسين والخالصى والصدر وغيرها من المرجعيات العربية. أخيرا مثلا محمد باقر الصدر (1935-1980) حيث كتب فى السياسة والإجتماع والإقتصاد والفلسفة والإستقراء وتصدى فى مجلة أضواء إلى كتابة مقالات سياسية جريئة وإصداره الفتاوى السياسية ضد حزب البعث الحاكم ورعايته المباشرة لمختلف النشاطات الإجتماعية والسياسية الكثيرة ثم تلميذه محمد محمد صادق الصدر (1943-1999) الذى قاد صلاة الجمعة فى الكوفة ووكلاؤه فى المناطق الأخرى وتصديه المعهود لمختلف النشاطات واللقاءات الإجتماعية والسياسية
لم يعهد للخوئى (فارسى من مدينة خوء الإيرانية) تصديه للنشاطات الإجتماعية والسياسية ولا كتاب واحد عن السياسة أو الإقتصاد أو الإجتماع أو الإدارة أو غيرها. فاجأته ما سمى بالإنتفاضة الشعبانية الشيعية بعد انسحاب القوات العراقية من الكويت عام 1990 حيث سقطت محافظات كثيرة فى الجنوب، وحصلت انتهاكات كثيرة للشعب وقتل كبير للشيعة وبعد سيطرة النظام يخرج لنا التلفزيون الرسمى لقاء الخوئى مع صدام حسين فى قصره. وفيها العجب العجاب الذى يتجنب الفرس وأتباعهم من الحديث عنه بحجة التقية والتورية وأمثالها مما يطرح فى الثقافة الفارسية المهيمنة لتخدير الشيعة واستغلالهم من مليارات الخمس وغيره
ظهر الخوئى لأول مرة وهو يتلكأ فى اللغة العربية لأنه لايهتم بلغة القرآن الكريم (كالسيستانى وأمثاله من الفرس الذين يعيشون لسنين طويلة فى العراق) حتى دروسهم الكلاسيكية للبحث الخارج فى النجف هى باللغة الفارسية وليست العربية واستعلائهم على العرب واضح لمن خالجهم وعاش محنتهم
ولو جئنا إلى الأفغان مثلا فإن لغتهم توازى الفارسية فى علاقتها باللغة العربية لكنا نجد كبارهم من العلماء والشخصيات يتعلمون العربية ويعشقون الحديث بها لأنها لغة القرآن والأحاديث والتراث الإسلامى بينما عنصرية الفرس تجعلهم رغم استفادتهم القصوى من العرب وأخماسهم وكونهم فى النجف لكنهم قد يستنكفون الحديث بجملة عربية فصيحة واحدة رغم عيشهم لأكثر من 60 عاما فى العراق، ولو كانوا باقين فى إيران لم يحظوا بتلك السلطة والسطوة والأخماس التى حصلوا عليها من العرب والنجف فالفرس يستفيدون أقصى الإستفادات من النجف والعراق والعرب لكن خدماتهم لاتظهر فى العراق بل مؤسساتهم وخدماتهم فى إيران وما أكثر مؤسسات الخوئى والسيستانى فى المدن الإيرانية من البيوت والمستشفيات والمراكز وغيرها كثير
رأينا الخوئى فى لقائه مع صدام، بصحته الجيدة يمتدح صدام كثيرا جدا ويدعو لصدام بالعمر المديد والصحة قائلا (أسأل الله تبارك وتعالى أن يسدّد خطاك وأن يحفظك من شر الدنيا والآخرة وأحمد الله على نعمته وأرجو أن يديم نعمته عليك فى الدنيا والآخرة وكثير أشكرك..) وأدعيته الكثيرة بل والإنتصار على المنتفضين من شيعته …
تحدث الخوئى عن سيارتيه المرسيدس التى خربها الغوغاء (المنتفضين الشيعة) وهكذا توازى هموم الخوئى الشخصية لا الطائفة فهو قد اهتم بحاشيته خصوصا أولاده وبعض تلاميذه الفرس الذين يطلب لهم الإقامة الرسمية من النظام. كان الخوئى يدخن السيكائر (روثمان) الغالية بشكل كثير ومستمر جدا حيث كان مدمنا على التدخين
هذا وغيره الكثير جدا مما جعل الكثير من الشيعة العرب يتركون تقليده وهم يرون مرجعية عربية كانت ترفض السيارات والمليارات من الأخماس والأبهات وتهتم بهموم الفقراء والمعوزين
علما أن الشيعة كانوا لسنين طويلة إخباريين يحرمون التقليد والإجتهاد حيث قال الإمام جعفر الصادق (من قلّد فى دينه فقد هلك) كما شرحتُهُ فى أبحاثى السابقة فى تطور الفكر الشيعى
مات الخوئى عام 1992 لكنه ترك لأولاده ومتعلقيه ثروات هائلة جدا من الأخماس تظهر فى مؤسسات الخؤئى وملكياتها كإمبراطورية جبارة لأرحامه وأولاده بعيدة عن الورع والتقوى وتحمل عنصرية واضحة ضد العرب
إستطاع عباس الخوئى نجل الخوئى أن يتكلم بالتفصيل والأرقام فى الكاظمية عن تاريخهم من الهند ثم الفساد المالى والأخلاقى الذى تعيشه مرجعية والده الخوئى وكيف وصل للمرجعية وتسقيط المرجعيات العربية الجيدة وتحدث عن عمّه الذى صار من المسيحيين بسبب الفساد الداخلى الكبير ووصول غير المسلمين إلى قمة المرجعية الشيعية والقذارة فى وصولهم وارتباطاتهم العالمية الخارجية ثم تحدث عن حاشية الخوئى من الأولاد والأرحام والمليارات من الأخماس لجيوبهم الشخصية بعيدا عن حقوق الشيعة ومطالبهم وواقعهم وادعاء الكثير منهم السيادة ونسبتهم إلى شجرة الرسول كذبا وزورا
كتب محمد باقر الصدر (1935-1980) فى آخر حياته (المرجعية الرشيدة والصالحة) حيث نقد المرجعية الفاسدة الفارسية المعاصرة له وطرح نظاما لتحويلها من فردية فاسدة إلى مؤسسة كالفاتيكان تقريبا فيها تهذيب للخمس والحواشى والإستفادة حيث قامت حاشية الخوئى وأولاده بقيادة حملة شديدة لتسقيطه وتسميته بالسطل والوهابى والعميل حتى وزّعوا الحلوى عند شهادته 1980مع أخته بنت الهدى فى الكاظمية ببغداد. كانت بغداد تعيش المرجعيات العربية والتعايش والمحبة مع السنة بل التزاوج معهم فى جميع الأسر العربية المعروفة وهو ما نحتاجه أمام السطوة الفارسية للتشيع وحرفه عن مبادئ الإسلام فى الأخوة والمحبة والتسامح.

نبيل الحيدرى
إيلاف


دور المرجعية العراقية العربية وتأثيرها على الحوزة والمجتمع

لا شك إن عنوان المرجعية الدينية ليست تلك الجهة المختصة ببيان أحكام وقواعد فقهية تستنبط من العقيدة الإسلامية فحسب وان كان البعض يحاول تصويرها بهذا العنوان بل هي في حقيقة الأمر تعني القيادة الدينية للأمة كمنطلق فكري وقاعدة يبنى عليها ودور المرجع يؤسس لبيان التكليف والأحكام وتكييفها على الوقائع المستجدة وهو المسؤول عن ترجمة النصوص والقواعد والغايات التي أرادتها الرسالة من النظر إلى التطبيق ومن الكلمة إلى الفعل ومن الجمود إلى الحركة. فالمرجع يمثل المهندس الذي يتولى عملية توضيح وشرح وبيان المخططات التي وضعتها الشريعة وترجمتها بعد ذلك إلى واقع مادي ملموس ومحسوس بذلك يكون هو أستاذ البناء فمن غير المعقول تحضير المواد الأولية للبناء والشروع في البناء دون مشورة وعلم المهندس ..
فالمرجعية بعد ذلك هي من الضروريات التي لابد منها فإذا انعدمت المرجعية الشرعية سوف يعمل كل مسلم حسب هواه وسوف تعمل كل مجموعة ما تشتهي نفسها وما تقتضي مصلحتها وتعتقد لكثرة ممارستها للخطأ إن الحق معها وتتفرق الكلمة وتتشتت شمل الأمة ولا يجمعها إلا وجود مرجع واحد تعتبر كلمته حقيقة علمية وعقلية يتقبلها المسلمون عن رضا وطيب خاطر وهو السبيل الوحيد لانتشالها من الفراغ إلى الوجود ..
ومن هنا كان دور للمرجعية الرسالية التي يقودها سماحة آية الله العظمى المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني دام ظله , فكانت هذه المرجعية حاضرة في كل حدث وفي كل مفصل ومنعطف تتعرض له الأمة ويبين سماحته الخطوط العريضة للإشكاليات والمعالجات فكانت بالفعل المرجعية الإصلاحية بالرغم من كل الحواجز والموانع التي حاولت جهات كثيرة وضعها للحيلولة دون اندماج وذوبان الأمة مع هذه المرجعية وهذا هو طريق المصلحين على مر الأزمان فتراها تحارب وتحجب ويعتم عليها بسبب فكرها الفاعل ومواقفها الوطنية والمبدئية التي لا تحيد عن المطالبة دوما بحقوق الشعب وبكافة فئاته ومذاهبه ومختلف طبقاته .
فقد أحيت مرجعية السيد الصرخي الحسني من جديد الوعي الرسالي وثبتت مواقفها دون أن تحيد قيد أنملة أو تقدم تنازلات أو تهادن أو تجامل وحافظت على الفكر الأصيل للحوزة ومنهجها العلمي وأثرت الساحة بعلومها وبشتى الميادين فكان من يريد أن يبحث عن مرجعية ذات مواقف مبدئية وعن ميدان الساحة العلمية لابد له يختار تلك المرجعية ويحط في رحالها الخصيب وينهل من عذبها الثر المهيب ..
إن نهج هذه المرجعية وحركيتها في المجتمع أرغمت الكثير من المرجعيات الأخرى على اتخاذ مواقف مشابهه لمواقفها وتقليدها في كثير من الأحيان ولو بنسبة معينة وهذا طبعا من الايجابيات على الساحة الدينية والسياسية والاجتماعية للحفاظ على الدين وخلق التنافس لتطبيق ما يريده المرجع ليجعل الجهات الأخرى وان كانت تحمل بطون النفاق ولكن كأنما حقق المصلح ما يريده ولكن على يد غيره وبصورة غير مباشرة للحفاظ على مكانة المرجعية كمنظومة عامة فاعلة داخل المجتمع بعد محاولات لطمسها وفصلها عن المجتمع رغم إن هذه المرجعية لا تمتلك الإمكانات المادية والإعلامية والنفوذ كما تمتلكها المرجعيات الأخرى حتى إن الكثير من المواقف يتلاقفها الإعلام كونها صادرة من مرجعيات بعينها في الوقت الذي سبقتها مرجعية السيد الصرخي في التصريح بها وخذ مثلا قضية الانتخابات الأخيرة لمجالس المحافظات وما صدر من هذه المرجعية بدعوة الشارع العراقي لانتخاب الوطنيين الشرفاء وعزل القوائم الفاسدة هذا ما تم نشره من تلك المرجعية على صعيد الشارع ولكن الإعلام سرعان ما أعلن عن نفس الموقف ولكن عزاها لمرجعيات أخرى اتخذت الموقف نفسه تفاديا للحرج والوقوع في المسائلة ...
إن مرجعية السيد الصرخي الحسني قد فرضت نفسها على الساحة العلمية والدينية وعلى الصعد كافة بالرغم من الإقصاء والتهميش الذي تعرضت له حتى من المجتمع نفسه الذي يبرر عدم طاعة القائد المصلح ويفلسف عمله هذا بشتى التبريرات حفاظا على مصالحه الشخصية الضيقة لان طريق المرجع الحقيقي طريق صعب وفيه المؤونة الكبيرة والمشقة الشديدة والتضحيات الكثيرة بالرغم من علمهم بأحقية المرجعية الدينية العراقية ولكن بالرغم من كل ذلك يبقى المرجع المصلح ومنهجه هو القدوة والمثل الأعلى وعليه لابد أن نراجع أنفسنا كثيرا قبل فوات الأوان ولا نكون مثل أسلافنا الذين خذلوا الإمام الحسين عليه السلام والمصلحين من بعده وبرروا فعلتهم بشتى التبريرات ووسوسات النفس فلا نكون كما قيل عنهم قلوبهم معك ولكن سيوفهم عليك فنخسر الدنيا والآخرة .                         

المصدر: أيام الحميري


مرجعية السستاني والاحتلال

لعل من بين الاسماء الاكثر تردداً في مذكرات بريمر هو علي السستاني الذي يوصفه منذ البداية بانه متعاون جدا من اجل مساعدة قوات الاحتلال على تحقيق اهدافها. يقول بريمر:"شجع القادة الشيعة، بمن فيهم آية الله السستاني، اتباعهم على التعاون مع ألائتلاف منذ التحرير."(ص:75). وأكد بريمر أنه كان على اتصال دائم بالسستاني للاستفادة من أستخدامه في السيطرة على الشعب العراقي، لكن ذلك لم يتحقق بالصلة المباشرة بل كان يتم عبر وسطاء عدة منهم حسين الصدر، وموفق الربيعي، وعماد جعفر، واحياناً عادل عبد المهدي والجلبي. فالسستاني يفضل أن لايجتمع مع أحد من ألأئتلاف لأنه كما فسر ذلك أحد مساعدي بريمر، لايحتمل " ان يُشاهد علناً بأنه يتعاون مع القوى المحتلة، فثمة أطياف لسنة 1920، وما صاحبها، وعليه أن يحمي جانبيه من المتهورين مثل مقتدى. لكن آية الله سيعمل معنا. فنحن نتقاسم الأهداف نفسها " (ص: 213-214)
 
ولكي لايسئ بريمر فهم السستاني، لم يبخل السستاني في أن يرسل رسالة له يبلغه الى أنه لم يمانع عن الاجتماع به " بسبب عدائه للائتلاف "، بل انه " تجنب الاتصال العام مع الائتلاف يتيح له أن يكون ذا فائدة أكبر في مساعينا المشتركة، وأنه قد يفقد مصداقيته في أوساط المؤمنين أذا تعاون علناً مع مسؤولي." (ص: 214).
 
تلك خلاصة لتوصيف طبيعة العلاقة المتاصلة. وسنناقش بقية التفاصيل خلال المناقشة.
 
مفاهيم اساسية :
قبل الدخول في صلب الموضوع سنذكر ببعض المفاهيم الاساسية المستخدمة او التي تستخدم على الارض الان، لنرى أين يقف هذا الساكت عن الحق علي السستاني منها :
 
الاجتهاد والمرجعية: الاجتهاد هو ان يبلغ الانسان درجة من المعرفة والعلم بعلوم القرآن والحديث،والسيرة، واللغة ما يمكنه من استنباط الحكم الشرعي حول مستجدات الحياة التي لم يرد بها نص شرعي واضح. فالمجتهد وباقرار الكثير من العلماء والمجتهدين، خبير بعلوم الفقه والدين، مثله مثل أي خبير اخر، ليس هناك من نص قرآني او حتى حديث نبوي او حديث عن أمام ينص على هذا، أي ان الاجتهاد صنعة انسانية من اختراع او اختلاق الانسان. وليس هناك من نص ديني على وجودها في الاسلام. توصل لها علماء الشيعة من خلال استنباطهم وتفسيرههم لبعض الاحاديث النبوية او تلك المنقولة عن أئمة آل البيت. وليس هناك من اجماع على صحة هذا التفسير. ويؤرخ علماء الشيعة لظهور مبدأ الاجتهاد عند الشيعة بمفهومه الحالي بعام 724 ه، أي بعد غيبة الامام المهدي بأكثر من 400 عاماً.وينسب ابتداعها الى العلامة الحلي الذي طرح المبدأ لاول مرة في كتابه (تهذيب الاصول)
 
اوقفت المذاهب الاسلامية الاربع مبدأ الاجتهاد بعد وفاة اخر الائمة الاربع، في حين رأى علماء الشعية ان استمرار الاجتهاد ضرورة بقدر تطور جوانب الحياة وتعقدها.
 
أما مايعرف ألان بالمرجع أو المرجعية فتعني عادةالمجتهد الاكثر خبرة من بقية المجتهدين، والحائز على قدر أكبر من المقلدين.
 
تميز التشيع عن غيره من المذاهب في انه يخطأ المجتهد ويصوبه، و لايعطي المجتهد أي ميزة يمكن ان تضعه فوق البشر، او تعصمه من الخطأ حتى ان الشيعة والمعتزلة عرفوا بسبب ذلك بالمخطئة.
 
لذلك لايتميز المجتهد عن أي خبير أخر، وليس هناك ما يضفي على مهنته القدسية او العصمة، لكنه يفترض أن رجلا بلغ هذا المستوى من العلم والمعرفة بأصول الدين ما يمنحه القدرة على التمسك بالورع والتقوى، والتنزه عن الغايات الدنيوية.
 
عندما تبنى الصفويين التشيع، وبدؤا بفرضه على الناس في ايران حاولوا تضخيم دور المرجع او المجتهد، اولاً: لان المجتهد اصبح يعمل في خدمة الدولة وعليه من السهل ان يتم تجيير قدسية المجتهد لصالح الدولة، فهي التي اعطته هذه المكانة المميزة، وهذه القدسية الكاذبة، لتشرعن بها وجودها وسلوكها. ثانياً: قد يكون ذلك بفعل الميل العام لتوجهات الايرانيين، فالبنية السايكولوجية للشخصية الفارسية تميل لتأليه ملوكها، ورموزها الدينية.
 
الا ان المراجع العرب وحتى الايرانيين المقيمين في العراق ظلوا بعيدين عن هذه النزعة في تقديس المرجع، فنلاحظ ان المجتهد او المرجع يميل للتواضع كلما زادت درجته العلمية، فكانت الالقاب التي يستعملونها هي " الحقير لله " او الفقير لله "، وكلما ازدادت الدرجة العلمية ازدادت الالقاب تواضعاً.
 
يلاحظ الباحث ان التوجهات الاولى لتقديس وتضخيم دور المرجع بدأ مع مرجعية محسن الحكيم، وكان ذلك انعكاس او ردة فعل لظاهرتين فرضتهما الاوضاع السياسية الجديدة في اواخر الخمسينات من القرن السابق وحتى اواخر الستينات .
الاولى: بسبب النكسة التي تعرضت لها المرجعية والتوجهات الدينية عموماً بعد انتشار او سيادة المد الشيوعي على الشارع العراقي، ومحاولات الشيوعيين النيل من شخصية محسن الحكيم، فواجه رجال الدين والعلماء الشيعة منهم وحتى السنة، هذه التوجهات الشيوعية، بتفخيم شخصية الحكيم واضفاء كثيرا من الصفات التي ترفع من قيمته امام محاولات الشيوعيين لبخس هذه الادوار او المراتب الدينية.
ثانيا: خوف شاه ايران من التقارب العراقي – المصري، وتصاعد الدعوة في العراق لتحقيق الوحدة مع مصر الناصرية.فاعتمد الشاه سياستي الرفع من قيمة المرجعية بغية استخدامها لاحباط المشروعات الوحدوية. كما يعكس ذلك رغبة الشاه في ابعاد المرجعية عن ايران ليتخلص من نفوذها المباشر.
 
مع ذلك، بقيت العناوين متهاودة عما اراد ان يضفيه الخميني من قدسية على دوره، تعبيرا غير مباشراً عن توجهات دكتاتورية لتغدو كلمته وكأنها امتداد لكلام الخالق المقدس الذي لايحتمل أي معارضة او نقد.
أن الخميني الذي اضفى على الفقيه او المجتهد هذه القدسية، استعملها هو لبخس حق المراجع الاخرين عداه، كما حصل مع المراجع اللذين رفضوا بدعه وتوجهاته بأضفاء القدسية على المرجع نظرياً.الا أنه أراد عمليا احتكار سمات القدسية التي اضفاها على المرجع او الفقيه، لنفسه هو وحده.
 
انتبه السياسين الشيعة لدور المرجع هذا، مع تصاعد المد الديني، فراحو يتصارعون ويتنافسون لأضفاء القدسية على من يختارونه مرجعاً لهم او يمكن ان يستخدموه لاغراضهم السياسية.
 
مرجعية السستاني
لست فقيها، ولا ادعي المعرفة بالفقه لكي اقدم احكاما باعلمية هذا الفقيه او ذاك. لكني امتلك العقل، وهو عند علماء الشيعة احد مصادر الاجتهاد الاربعة: القرآن والسنة والاجماع والعقل. وربع القدرة هذه يمكن ان تعين الانسان للوصول لمعرفة تساوق اجتهادات، واحكام بعض المجتهدين مع الشريعة، او على الاقل مع اساسيات المذهب. فالاجتهاد كما قلت، وكما يقر علماء الشيعة ليس الا صناعة بشرية، لذلك استطيع القول بأني امتلك القدرة على التقيم بنفس المستوى الذي يدعي السستاني قدرته على استنباط الحكم الشرعي. كنت مجبراً على دراسة طرق البحث العلمي في المراحل الجامعية الثلاثة، ما يساعدني على معرفة قرب او ابتعاد موقفاً ما من الدين، وأساسيات المذهب، وليس في هذه الاساسيات ما هو مناقض للدين الاسلامي. لذلك فأن قراءة سريعة لما كتبه السستاني مقارنة بما كتبه بعض المجتهدين تغدو سبباً لأثارة الضحك من هذه الاعلمية التي ينسبونها للسستاني، لانريد ان نتحدث عن الاموات بل الاحياء، لنأخذ مثلاً السيد محمد حسين فضل الله، يكتشف الانسان نفسه كأنه أمام صورتين احدهما خربشات طفل جاهل ما زال يحتاج لوقت كبير حتى يصل الى المستوى العلمي لرجل عالم جليل، مع ذلك تعرض السيد فضل الله لحرب لااخلاقية شعواء، لايمكن أن يكون من قادها مسلم يعرف الله ويخافه، ويقف في الصلاة امام يدي الخالق خمس مرات في اليوم.فالتطلعات للامتيازات الدنيوية واضحة في مثل هذه المعارك التي لايرى الانسان فيها للدين والاخلاق من مكان.
لماذا.. !؟
 
لانريد التوقف طويلا عند هذا الموضوع الذي قد يبدو جانبي بقدر تعلقه بحديثنا.
 
الا ان الحقيقة تقول: ان فضل الله عربي، معروف الاصول من يوم ولد. سيد يحمل كل سمات السيد كما يعرفها أبناء جنوب العراق، شجاع لايخاف لومة لائم في عرض اجتهاداته وقناعاته.المنسجمة مع سلوك آل البيت.، كريم النفس لايعرف الحقد لطيف طيب متواضع لكنه سيد شرس في قول الحقيقة، ولايمكن ان تتناسب هذه السمات الا مع شخصية مستقلة، تقول ما يفرضه عليها الدين، لامتطلبات الامن الوطني الايراني. لذلك تدخل الخط الصفوي المنسوب ظلماً للتشيع ليمنع تطور مرجعية فضل الله تطوراً طبيعياً خارج حدود الارادة الايرانية.
 
لذلك شككوا في اجتهاده وفي دينه واخلاقه بحجة الدفاع عن السيدة فاطمة الزهراء، وطبعت كتب بالملايين ووزعت مجاناً بعناوين توحي بالدفاع عن السيدة الزهراء (ع) لكنها كتبت لتعكس سيرة طويلة لأولئك اللذين يريدون تطويع الدين والمذهب الشيعي لأغراضهم السياسية والدنيوية. فافرغوا المذهب بل الدين كله من محتواه الحقيقي، وعبئوه بما يتناسب واغراضهم. حصل هذا للسيد فضل الله في وقت ما زال فيه السستاني غير معروف او يقف في الصف الثاني منتظرا دوره لتبؤ دور المرجعية، ولعل تلك الحملة كانت احد الممهدات لوصول السستاني.خاصة مع تصاعد عدد العراقيين المقلدين لفضل الله.
 
تزامنت او ترافقت وتداخلت هذه الحملة على السيد فضل الله مع حملة اخرى رافقتها ضد السيد محمد صادق الصدر، بنفس المستوى اللاخلاقي، الذي لايحسب حسابات لدين او خالق.
 
نفس الضجة التي افتعلوها للمساس وتشويه صورة السيد محمود الحسني الصرخي، بعد ان لاحظوا تطور مرجعيته، هذا التطور الطبيعي الذي اتخذته، بدون تدخلهم. فبدؤا عليه حملة شعواء من التشويهات فقالوا عنه كذباً أنه يدعي اللقاء بالامام المهدي، وامور اخرى. اغرب ما في الكذبة هذه ان تبدر عن رجل يصور او يدعي في كتبه بأنه يعلم كل شئ عن الامام المهدي وما سيفعله، خطوة بخطوة. ذلك هو حسين الكوراني، ومن يقرأ كتبه عن عصر الظهور او الممهدون للظهور، يعجب لهذا الخيال الغريب. لكن احداً لم ينتقده لانه يجند كل قصصه لخدمة الامن الوطني الايراني، فالله عز وجل كما يقول الكوراني استبدل العرب بالفرس، كشعب مختار.
 
السستاني نفسه او اتباعه حاولوا ايضاً اللعب بموضوعة الامام المهدي ليبرروا تقاعسه عن الافتاء بالجهاد ضد الغزاة اللذين جاؤوا ليهددوا بيضة الدين. فاشاعوا في الاشهر الاولى للاحتلال، رواية مفادها ان الامام علي (ع) جاء بالمنام للسستاني ليقول له: احذر من ان تفتي بالجهاد لان الامام المهدي سيظهر، وافتاءك بالجهاد سيعطل هذا الخروج.
 
فهم يستثمروا أسم آل البيت من أجل التاثير على عقول البسطاء، ويركبون القصص الكاذبة عنهم دون ورع ولاخشية من الله.لكنهم يستخدمون نفس القصص لتشويه سمعة غيرهم. بالنسبة لهم هي روايات مدعمة بالاسانيد. ومن يشكك بها فهو مرتد وخارج على الاسلام، ولغيرهم فهي خرافات، ودجل، وخروج على التشيع.
 
من يراقب مسيرة وظروف تطور مرجعية السستاني منذ البداية، سيكتشف أن الرجل كان يُعد للعب دور محدد خطير، ذلك واضح من خلال الدعاية التي عملها له حتى اولئك اللذين يشككون باعلميته، من خلال تقليدهم لسواه. كعبد العزيز الحكيم، الذي يقدم مثلاً ملموسا و ظاهراً للعيان الان لذلك يمكن القول ان مرجعية السستاني ولدت ولادة قيصرية، شاركت بها أطراف عدة، فجاء هذا الوليد المسخ، الذي لاطعم ولا لون له، وكأنه لم يكن موجود، هذا الغياب عن الوجود هو المطلوب من وجود مرجع كالسستاني في مثل هذا الوقت العصيب الذي يمر به العرب والمسلمين، وهم يتعرضون لأقوى هجمة شرسة من الصهيونية وتوابعها من جماعات اليمين المسيحي المتصهين.
 
ويبدو أن دور الغائب الحاضر هو دور مرسوم للسستاني او أنه أدرك بخبرته الذاتية ما هو مطلوب منه فراح يساير الاوضاع، غياباً وظهوراً حسب الحاجة. وصف بريمر هذا الدور كما يلي: "ازدادت المشكلة تعقيداً بموقف السستاني العلني الغامض، الذي يتقلب بين العزلة الروحية والمشاركة المباشرة في العملية السياسية."
 
كنت اتهيب من أعلان رايي هذا الى ان أطلعت على ما ذكره المرحوم الشهيد السيد صادق الصدر عن شكوكه في أن يكون السستاني قد بلغ درجة المجتهد، حتى يمكن أن يكون مرجعاً تقاس أعلميته بأعلمية غيره من المجتهدين .
 
وهناك الكثير من الدلائل التي تؤكد ذلك، فالسستاني، وعلى غير العادة المعتمدة عند علماء الشيعة، لم يكتب رسالة عملية، وهي بمثابة بحث الدكتوراة، ينشرها المجتهد ويترك للمجتهدين الاخرين الحكم عليها للاقرار له بالاجتهاد، او الامتناع عن هذا الاقرار. اراح الرجل نفسه من عبأ الموضوع وتبنى الرسالة العملية للمرجع الخوئي، بأعتبارها رسالته الخاصة رغم ما يذكر من انه صحح او علق على بعض الفقرات القليلة بها. فهو هنا يعلن تلمذته للمرجع الخوئي، الذي حاول ان يكافأ السستاني على الاقرار بهذه التلمذة من خلال، اعترافه ببلوغ السستاني درجة الاجتهاد.، في حين ان سلوك السستاني هذا يمكن ان يندرج تحت اطار التقليد وليس الاجتهاد.
 
اعرف ان البعض سيستنكر كلامي هذا بالقول وهل انت تعلم اكثر من الخوئي. ومعاذ الله ان ندعي ذلك فكل فارس في اختصاصه.، لكن العقل، وهو احد المصادر الاربع الاساسية لاستنباط الحكم الشرعي يقول ان الخوئي كان شخصية هشة، غير قابلة لتحمل أي ضغط. فهو بنفسه سافر الى بغداد لمقابلة الرئيس العراقي صدام حسين، ليخرج على التلفزيون، ويطلق صفة حركة الغوغائيين على ما يسميه البعض انتفاضة آذار او شعبان، بعد عدوان 1991 على العراق. لايُقبل هنا القول بالخوف او التقية، هما اللتان اجبرتا الخوئي على ذلك، لان الشجاعة هي واحدة من شروط الاجتهاد، والمجتهد الذي يقدم فتاوى باطلة، خوفاً، يسقط بنفسه عن نفسه صفة الاجتهاد او الفتوى. لانه يمكن ان يقتل الكثير من الناس ويبرر الخطأ، ويضعه بموقع الصح، فيؤذي المسلمين بذلك. لهذا لانستبعد خضوع الخوئي لضغوطات خفية في منحه درجة الاجتهاد للسستاني، اضافة للمجاملة.أو تبادل الخدمات.
 
لكن الخوئي وجميع علماء الشيعة، لم يغفلوا الحديث عن االجهاد بأعتباره فريضة واجبة. قسموا الجهاد الى شكلين الاول: جهاد ابتدائي، ويعني ان يتحرك المسلمون لغزو بلاد غير اسلامية، لنشر الدعوة الاسلامية، ويعتقدون ان هذا النوع من الجهاد لايمكن ان يتحقق الا اذا كان تحت قيادة نبي او أمام معصوم. لذلك وفي غيبة الامام المهدي، يعتبر هذا النوع من الجهاد معطل.
 
الجهاد الدفاعي: وهو عكس الاول، الاول يعني الدفاع عن اراضي او دولة للمسلمين تتعرض لغزو عدو غير مسلم. وفي الفقه الشيعي، وبأعتماد دعاء الثغور، فأن الامام الرابع علي زين العابدين حدد الدولة الاسلامية بسكانها لا بمن يحكم. فهو نشر دعاؤه في زمن الخليفة عبد الملك بن مروان، لنفس الجيش الذي قتل ابيه واهل بيته. فالدولة التي يحث ويدعوا لجيشها بالانتصار، الدولة الاموية، دولة اسلامية واراضي اسلامية، بأعتبار سكانها، لاحكامها. وما يقال عن الدولة الاموية يقال ايضا عن العراق، أي لاشئ يمكن ان يعطي المجتهد الحق في التعاون مع غازي اجنبي له مهما كانت الخلافات مع الحكام.
 
لذلك فأن السستاني بتعاونه مع المحتل، مثل حالة خروج على اساسيات التشيع. ويصبح الفعل عملا قبيحاً لانه سبق ان أفتى بمقاومة الاحتلال.. شاهد العراقيين والعالم أجمع السستاني، وبقية المراجع الاربع مجتمعين، ووقف امامهم السيد عدنان البكاء ليقرأ فتاويهم بضرورة مقاومة الغزو والعدوان، كما عرضت ذلك الفضائية العراقية قبل اسابيع قليلة من العدوان على العراق. ولم يصدر أي نفي او تشكيك بتلك الفتوى لا..من مكتب السستاني، ولا المراجع الاخرين، او مكاتبهم في الخارج. بالعكس عمموا فتاويهم مكتوبة ومختومة باختامهم. يعني من لم يتحرك في مواجهة المحتل الاميركي، سيموت وفقاً لهذه الفتوى ميتة جاهلية. والقتلى يحسبون شهداء.
 
مالذي تغير بعد وقوع الاحتلال، واستمرار العدوان الذي لم يترك حرمة لرجل او طفل او امراة، ولا لمدينة او موقع ديني او أثري. تجاوز في اعتداءاته كل الخطوط الحمر التي قال بها السستاني، والتي على مايبدو، يعني بها منزله وحياته وامتيازاته فقط. اما دماء المسلمين، فهي ارخص عليه من خطوطه الحمراء هذه.
 
كيف تتحول فتاوي الجهاد الى تعاون كامل، خفي مع غزاة يخططون ويحلمون بهذيانات مجانين، ان ينفذوا اساطيرهم عن معركة " هرمجدون "، التي يجب ان يقتل بها ملايين العرب المسلمين في المنطقة من اجل ان يمهدوا لظهور المسيح .
 
فما هي المبررات الشرعية التي تدفع السستاني للتعاون والتحالف مع الاحتلال. ليس هناك في الاسلام، ومصادره القرآن والسنة والحديث، من حكم يجيز ذلك، ولم يتحقق اجماع لابين المسلمين عامة ولابين الشيعة خاصة على قبول العدوان والاحتلال، وما يقترفه من جرائم. لو عزلنا الشيعة المتدينين، والتيار الصدري يمثل حجماً واسعا وكبيرا من فئة متديني الشيعة، ناهيك عن بقية الشيعة الرافضين للاحتلال من متدينين او علمانيين، وما هذا التراخي عند الشيعة في مقاومة الاحتلال الا نتيجة لتسويغات السستاني للاحتلال.واذا كان المقصود بالاجماع، هو اجماع المراجع، ومراجع الشيعة دون غيرهم من بقية المسلمين فهل يجوز قبول الاجماع على حساب العقيدة الاسلامية، وعلى حساب اساسيات المذهب كما قال به الائمة الاثنى عشر. فمثل هكذا اجماع يخرج هؤلاء المجمعون من الاسلام. وليس التشيع الاواحداً من المذاهب الاسلامية. ولايصح قبول التشيع باعتباره احد المدارس الفقهية في الاسلام بدون اسلام.
 
ما الذي يدفع هيوم، أحد مساعدي بريمر ليقول عن السستاني: " نحن نتقاسم الاهداف نفسها "
ما هي هذه الاهداف التي يتقاسمها السستاني مع الاحتلال..!؟
 
لم يوضح بريمر ولا مساعده ما هي طبيعة هذه الاهداف المشتركة بين الطرفين. لكن الانسان يكتشف أشارة هنا، واخرى هناك عن هذه القواسم المشتركة، منها رغبة السستاني في قتل مقتدى الصدر والخلاص منه لأنه يهدد امتيازات المرجع وزعامته، كما جاء في المذكرات (ص: 250، 254). لكن مشكلة السيد مقتدى جاءت متاخرة، وتأييد المرجع جاء مبكرا منذ الايام الاولى للاحتلال، (ص: 75)
 
في مكان أخر نكتشف أن سر أبتهاج السستاني بألاحتلال يعود لأيمانه بالديمقراطية لذلك وجدها فرصة للعمل مع بريمر من اجل مستقبل العراق (ص: 308).
 
يمكن ان يقبل هذا السبب لو كان المقصود به شخصا اخر في غير موقع السستاني، المعني بالحفاظ على الشريعة، ورغم كل التخريجات التي تقال عن العلاقة بين الشورى والديمقراطية، لايخفى على احد مدى الهوة التي تفصل بين الشريعة والديمقراطية، ولا نريد ان نطيل بالحديث عن هذه المسافات الفاصلة بين الاثنين، نستشهد برأى واحد فقط من علماء المسلمين، ممن لايقل ايماناً عن السستاني بالديمقراطية. يرى السيد محمد بحر العلوم أن الدول الاستعمارية الكبرى، وبعد أن لاحظت تصاعد الحركة الاسلامية، اتخذت مجموعة من الخطوات لمواجهة هذه الحركة، منها كما يعتقد بحر العلوم: " ه: طرح أفكار ومبادئ غربية ذات تاثير سذاج على أفكار الجماهير الغير واعية لتكون بدائل عن الفكر الاسلامي كالديمقراطية، والاشتراكية والليبرالية، وغير ذلك، وهذه المفاهيم خالية من الجذور الفكرية لتقويم الانسان، وبناء مجتمعه الاصيل، كما هو الحال في الفكر الاسلامي، لان هذا من صنع الله سبحانه وتعالى الذي خلق عباده وقدر لهم ما يصلح، وما لايصلح، في حين ان تلك المفاهيم من وضع الانسان، الذي لايمتلك القدرة الدقيقة على اختيار الاصلح له، الا من طريق التجربة والاختيار."
 
هذا مايقوله السيد بحر العلوم عن الفرق بين الديمقراطية والاسلام، في كتابه الذي اصدره عام 1982 تحت عنوان " الحركة الاسلامية "، أي قبل أن يرتد عن ألاسلام الى الديمقراطية، وفقاً لاحكامه هو التي عرضها في كتابه هذا..
 
لا أحد يمتلك الحق في مصادرة حق الاخر من الانقلاب او الارتداد على الاسلام الى الليبرالية.ومن حق السستاني ذلك، لكن ما يثير الغرابة كيف أن هذا المجتهد القادر على استنباط الحكم الشرعي، عجز عن أدراك حقيقة أن الديمقراطية والاحتلال، قطبين متنافرين ومتناقضين. فالديمقراطية بأبسط معانيها هي مجموعة من الاجراءات الكفيلة بتحقيق أرادة امة ما او شعباً ما من خلال أختيار ممثليه للسلطة، وفقاً لسيادة القانون. أي لاارادة فوق ارادة الامة في الديمقراطية. والاحتلال يعني سيطرة بلد او امة ما على بلد او شعب اخر تحقيقاً لمصالح المحتل الوطنية. أي الغاء ارادة الشعب الواقع تحت الاحتلال لصالح المحتل،ومصالحه الوطنية .
 
يلمح بريمر في اماكن عدة عن مظلومية الشيعة، ويشير احياناً الى أن مصلحة السستاني التي تجمعه مع المحتل هو مصلحة الشيعة في الاستيلاء او المشاركة الواسعة في الحكم لتصحيح وضع تاريخي تعرض فيه الشيعة للظلم.
 
لانريد أن نكرر الحديث حول صناعة شعار هذه المظلومية، التي جاءت نتيجة لتخلي باقر الحكيم وجماعته عن شعاراتهم الاسلامية، ودعاويهم لتطبيق الشريعة الاسلامية بما يعني تخليهم عن مبررات وجودهم، فلم يجدوا بديلا غير اللجوء لصناعة هذه المظلومية التي أن وجدت فسببها مراجع الشيعة اللذين عملوا لاسبابهم الخاصة، الى عزل الشيعة العرب في العراق عن دولتهم ومجتمعهم، بتحريم الدراسة في المدارس الرسمية. وتحريم الوظائف الحكومية الى أن انتبه الشيعة تدريجياً لمخاطر العملية فبدؤأ بالانصهار تدريجيا في مجتمعهم ودولتهم.
 
ولنأخذ بهذا الفرض أي أن حرص السستاني على الشيعة هو ما دفعه للتعاون مع الاحتلال. هناك سؤالين يطرحان نفسهما عند الاقرار بهذه الفرضية :
الاولى: من هو الشيعي الذي يثير حرص السستاني على الدفاع عن حقوقهم. اليس جماعة التيار الصدري من الشيعة ومع ذلك يريد ويطلب من المحتل، صراحة، قتلهم والخلاص منهم، ويضع ذلك من اولويات مطاليبه من الاحتلال، مالذي فعله جماعة الصدر في حينها حتى تريفع درجة حقد السستاني عليهم الى هذا الحد. باختصار، وكما وضح ذلك بريمر بتفصيل وفي اكثر من مكان في مذكراته، انهم كانوا يطالبون بانهاء الاحتلال. يعني أنهم وطنيين، وشيعة حقيقين يطالبون بتحرير بلدهم من المحتل، وبالعودة لموقف التشيع من الجهاد، ودعاء الثغور، نكتشف ان هؤلاء المنتفضين كانوا هم وليس السستاني يمثلون جوهر التشيع، منسجمين مع حقيقة وجوهر التشيع، ويبدو السستاني هنا هو المرتد عن دينه وتشيعه. خارجاً على تعاليم الشريعة الاسلامية.
لم يكتفي السستاني عن مطالبةالاحتلال بالقضاء على الانتفاضة الصدرية، بل انه جند 200 من اتباعه ومرتزقة قوات بدر ليرسلهم الى كربلاء لمقاتلة اخوتهم من الشيعة الصدريين.اللذين يقول عنهم بريمر انهم كانوا فقط 200 من الرعاع والمجرمين (ص: 255)، رغم انه يقر في نفس الصفحة بان القوات الاميركية حجزت 40000 شخص من التحرك من مدينة الصدر الى مدينة النجف. ويعترف الكابتن كاري باتسون (من قيادة قوات المارينز) قال يوم 7/8/2004، ان قوات المارينز قتلت يومي 5و 6 آب فقط 300 شخص من المنتفضين، وفي مدينة النجف وحدها (السفير 13/12/2003).
ولايخفي بريمر مخاوفه من الانتفاضة وهو يراها تتسع لتشمل كل محافظات الجنوب. وقتلى بالمئات في هذه المحافظات، ويصر مع ذلك على أن العدد لايتجاوز المئتين.
كيف تحتمل ذمة السستاني كل هذه الارواح التي زهقت فقط لانها طالبت بتحرير بلدها من المحتل.نحن هنا امام نموذج غريب لشخصية تمتزج فيها خصائص السادية باقبح صورها مع خصائص السيكوباثية. قاتل لايكتفي بالتحريض على قتل الشيعة بل يجند العصابات ويشارك في ادارة الحرب ضد ابناء مذهبه.
 
الثانية: مهما قيل ويقال عن طائفية النظام السابق، ليس هناك ما يدعم مقولة مظلومية الشيعة، تصرف النظام وفقاً لمنظومة السلوك التي تتحكم بمسيرة اي دكتاتورية في العالم. يقمع المعارض من يكون، ومهما يكون، ويكافئ المؤيد بغض النظر عن خلفياته الطائفية. وفي زمن النظام السابق وجدنا من الشيعة من يشارك بفعالية في تأييد النظام، وتبوء الكثير منهم مراكز حكومية حساسة، بشكل لامثيل له في الحكومات السابقة. وتصدى النظام للحركات السياسية شيعية كانت او سنية على اساس أنهم معارضين وليسوا مواطنين من طائفة أخرى.أما ما يقال عن منع النظام للشعائر الدينية الشيعية، فهي ليس دلالة على طائفية النظام، بقدر ما قد تكون جزءً من أجراءات امنية أعتقد النظام أنها ضرورة للحفاظ على لآمنه. مثله مثل بعض الانظمة الاخرى، كنظام عبد الكريم قاسم، وهو أول من تجرأ على منع الشيعة من اداء شعائرهم الدينية، ومع ذلك لم يتهم بالطائفية، لكن اتهام الاول والسكوت عن الثاني لايجد تفسيراً غير ان عبد الكريم قاسم كان شعوبياً حاقداً على كل ما هو عربي، او اسلامي.
لعل تفسير الامر بالحرص على الامن، يغدو أكثر قبولاً عند مراجعة وثائق الحزب الاشيوعي العراقي ومخططاته لأستثمار هذه الشعائر في التاثير على الجماهير، وتحريكها ضد النظام لأغراض تخص الحزب الشيوعي ولاعلاقة لها لابألاسلام ولا مظلومية الشيعة.
ثم من يستطيع بما فيهم السستاني أن يقول أن هذه الشعائر كالطم، والتطبير هي من اساسيات التشيع او جوهره. يؤكد الدكتور علي شريعتي، وهو من أعلام الشيعة، في أن هذه المظاهر كانت أحد البدع التي أختلقها الصفويين لتجريد التشيع من محتواه، وتعبئته بمفاهيم جديدة تتناسب وطموحاتهم السياسية. جلب هذه الشعائر وأدخلها على التشيع وزير الشعائر الحسينية الصفوي، مقتبساً اياها من معتقدات بعض المسيحيين في اوربا الذي يعذبون انفسهم باللطم والسكاكين حزناً على المسيح.
لذلك هناك الف سبب وسبب يستطيع النسان الادعاء بها لتبرير معارضته للنظام السابق، الا الطائفية.
 
ماهي اذا حقيقة القاسم والاهداف المشتركة التي تجمع السستاني بالاحتلال.
 
ثلاثية الحقد الشعوبي – الصليبي - الشعوبي :
حركة اليمين المسيحي – المتصهين :
تنتمي ادارة بوش، كما هو معروف لليمين المسيحي المتصهين، وتؤمن هذه الجماعة الخارجة على المسيحية، بأن المسيح سيعود ثانية عند توفر شرطين هما :
الاول: أن تكون هناك دولة اسرائيل، يعيش فيها اليهود.
الثاني: أن تحصل معارك وحروب في الشرق العربي يقتل فيها الملايين، تنتهي بقيام معركة تسميها اساطيرهم بمعركة هرمجدون، التي ستكون معركة الختام ستقتل الملايين ليخرج المسيح بعدها او خلالها .
وهم يعتقدون أن الله هيأ اميركا ومنحها القوة لتقود او تحقق اسطورة معركة هرمجدون.وهذا ما يفسر لنا هذه المفخخات التي تحصد العشرات يوميا من العراقيين التي لاشك يزرعها المحتل واعوانه. اضافة الى ما نسمع به عن القتل العشوائي، والقتل الخطأ الذي تمارسه قوات الاحتلال يوميا. أضافة لما تمارسه سلطة الاحتلال من زرع للفتن كي تتصاعد حركة القتل والقتل المضاد بين أبناء الشعب العراقي .
 
فهل سمع المرجع الاعلم، وآية الله العظمى بذلك.
 
ويبدو ان المهوس بوش، وللوثة في عقله يؤمن بصحة هذه الاساطير، حتى ان مجلة ليبراسيون الفرنسية نشرت موضوعا حول هذه الجماعة، كاشفة عن فحوى مكالمة تلفونية بين الرئيس الفرنسي شيراك وبوش، يستحث بها بوش شيراك على الانضمام للائتلاف، وعندما ذكره شيراك بحقيقة ان العراق لايمتلك اسلحة دمار شامل، اجاب بوش: لكن هناك في العراق ماجوج وياجوج. ويدعم مانقلته المجلة ما تناقلته وكالات الانباء من مقولة لبوش يدعي ان له صلات مباشرة مع الله (عز وجل)، فهو القائل: " الله أخبرني أن أهاجم القاعدة، فهاجمتها، ثم اوحى لي فيما بعد للهجوم على العراق، وانا فعلت ذلك. "
 
لذلك يطمح المهوس بوش على مايبدو لان يكون سبباً في ظهور المسيح، بقتل الملايين من عرب المشرق وتحت اي غطاء او مبرر ما دام ذلك يحقق له ظهور المسيح الذي سيعيش 800 عاماً، لاشك ان بوش يحلم أنه سيعيشها هو، أيضاً، قرب المسيح. حلم مجانين مهوسين.
 
الوجه الاخر للصهيونية :
نشر كل من شارون وايتان دراسة مشتركة لهما عام 1982، ترجمتها منظمة التحرير الوطني الفلسطيني ووزعتها. اعادت نشرها جريدة السفير اللبنانية في صيف 1992، عنوانها " استراتيجية اسرائيل للثمانينات والتسعينات ". وتقول الدراسة ان اسرائيل دولة صغيرة بين دول عربية كبيرة وتمتلك امكانات للتطور، والقوة، ما يمثل حالة تهديد قائم على أمن و وجود اسرائيل. وان الطريقة الوحيدة للحفاظ على امن اسرائيل هو تقسيم هذه الدول الكبيرة الى قوى صغيرة متناحرة. حصة العراق من الخطة ثلاث دول صغيرة متناحرة، شيعية وسنية وكردية.
 
والمتتبع لتوجهات بريمر كما يسردها في مذكراته، يلاحظ أنه جاء بهدف التاسيس للحرب الاهلية الطائفية وزرع الفرقة والانقسامات بين الشعب العراقي، فهو في الايام الاولى يلح ويكرر على خطيئة الشيعة في الابتعاد عن المشاركة في الحكم في بدايات تشكيل الدولة العراقية.وكيف ان الشيعة وقعوا تحت ظلم وقمع السنة لاكثر من الف سنة مضت، حتى جاء هو ليصحح الامر. لكنه وبعد ان ضمن ركوب بعض زعامات الشيعة بالقطار الاميركي، على حد قوله، بدأ يتحول الى مدافع عن السنة ضد تطلعات الشيعة التي تريد حرمان السنة من المشاركة بالحكم.
 
ومع ذلك لم ينتبه هذا المجتهد الاوحد، رغم ما يقال عن قدرته على استنباط الحكم الشرعي من مصادره الحقيقية، على فهم مثل هذه التوجهات. وأين هي أثار الخمسين سنة التي قضاها في الدراسة. واية دراسة هذه التي تعزله عن الحياة. والاجتهاد يعني فيما يعنيه التعايش والمتابعة لمستجدات الحياة.
 
الشعوبية :
الشعوبية حركة تأريخية نشات وانتشرت بين بعض الفرس المقيمين في العراق، في بدايات قيام الدولة العباسية، وترتكز في معتقداتها على اساس ان الفرس يمثلون عنصراً ارقى وانقى من العرب. وانهم امة او شعب ذا تاريخ عريق يوم كان العرب ما زالوا بدوا هائمين في الصحراء. لذلك فهو يتغنون بامجاد فارس، وتسفيه او بخس دور العرب. حاول بعض رموزها ان يتلبس بادعاء التطرف والغلو في محبة ال البيت، لمحاربة الاسلام ككل بما فيه التشيع. وقد انتبه الائمة الابرار لهذه التوجهات فحذروا منها، وحاربوها وكشفوا اهدافها. ولم تنتهي الحركة بأنتهاء وسقوط الدولة العباسية بل تظهر بين فترة واخرى لتعبر عن نفسها بأشكال مختلفة، فمرة تتلبس بالشيوعية، وتارة بالديمقراطية والليبرالية او الاقليمية، المهم ان يكون هناك منفذاً ولو صغيرا للتعبير عن حقدها ولكن بأغطية مؤدلجة. المهم ان دينهم هو أن يقتل العرب، كما عبر عن ذلك الشاعر العربي نصر بن سيار. فهم يلتقون في توجهاتهم مع توجهات الصهيونية العالمية واليمين المسيحي – المتصهين.
لم تنتهي الحركة وظل لها مؤيدوها في ايران حتى ان الكثير ما زال يردد مقولاتها من بينهم علماء المعروفين بالعلم واتساع المعرفة، كما يظهر ذلك بوضوح في كتاب مطهري " ايران والاسلام ".
 
وقد ابتليت الدولة العراقية الحديثة بالمستوطنين من اصل هندي او ايراني الذي جاؤوا للعراق كسحرة او جنود الكركة او متسولين أو طلبة للعلوم الدينية، ممن تظهر الافكار الشعوبية وتتحول الى فعل موجه عند بعضهم، تحت أغطية عدة، ومظلومية الشيعة واحد منها.
 
ومن خدع الشعوبيين، ولحماية انفسهم من كل نقد، هي محاولتهم للربط بين حركتهم والتشيع، لقمع واسكات الاصوات التي يمكن ان تكشف حركتهم واسرارها، باتهامه بالطائفية ضد الشيعة، مع ان ليس هناك من ربط بين الاثنين. وكما ذكرنا فان الائمة من آل البيت حذروا من حركتهم، ونبهوا الشيعة بطبيعة اهدافهم. فالتشيع والاسلام عامة براء منهم، لكنهم نجحوا نسبياً في مخططهم، وأخافوا الكثير من الكتاب في التطرق للموضوع. ففي أي مجال ترد كلمة شعوبية، توجه له التهمة مباشرة بالطائفية.
 
والتفسير المنطقي المقبول للقواسم التي تربط السستاني بالاحتلال، التي تحدث عنها بريمر في مذكراته، هو شعوبية تتحكم بعقل السستاني، الذي لم نسمع له صوت، والمذابح اليومية المجنونة تعم مدن العراق. وكأنه مستانس بأكل الفسنجون، وتكديس الاموال من حقوق فقراء المسلمين ليورثها لاولاده من بعد كما حصل مع اولاد محسن الحكيم والخوئي. فعادة ما تشكل التوجهات التعصبية لوثة او عماء في العقل تعيق الانسان من ادراك ورؤية اخطاءه.
 
في الايام الاولى للاحتلال، بدأ بعض ممن يدعون بالتشيع مثل آية الله العظمى موفق الربيعي وغيره لفتوى او مقولة ابن طاووس، الحاكم الكافرالعادل خير من الحاكم المسلم الجائر، وهذا قياس وليس اجتهاد. والقياس لايقبل عند الشيعة، مادام باب الاجتهاد مفتوحاً. وابن طاووس لم يكن نبيا او معصوما حتى يتحول الى مصدر من مصادر التشريع. فكما ذكرنا سابقا ان الشيعة ممن قالوا بتخطئة المجتهد وتصويبه. فهو بشر ليس هناك من نص سماوي او حديث نبوي يمكن ان يضعه في موقع فوق الحدود البشرية. اما ان نلغي او نهمل تعريف الامام زين العابدين (ع) للدولة الاسلامية والموقف من الغازي الاجنبي كما يبدو بوضوح لالبس فيه في دعاء الثغور او ان نقر بخروج ابن طاووس عن اساسيات المذهب.
 
اذا كان بعض فقهاء الشيعة يسكتون او سكتوا عن ابن طاووس، كنوع من العزة بالاثم.او منعاً لاعطاء الفرصة لمخالفيهم للسخرية ممن هو محسوب عليهم. الا أن احداً لايستطيع ان يقول بصحة موقف ابن طاووس. ولنا في التاريخ القريب لاجماع علماء الشيعة على اعلان الجهاد فيما عرف بحركة الجهاد، ووقوفهم الى جانب الحاكم المسلم الجائر ضد الاحتلال البريطاني في عام 1914.ولانعتقد ان السستاني يستطيع الادعاء بأنه أكثر علمية من مجتهدي ذلك العصر. حتى يقول أنه الاصوب في موقفه من الاحتلال.
 
والا فهل قرأ السستاني حقاً القران والسنة، ونهج البلاغة وسيرة واحاديث ائمة ال البيت، ام ان عجمة فيه منعته من فهم مغازيها، ومعانيها. فهل يدرك معنى الاية الكريمة :
"{ ولن ترضى عنك اليهود والنصارىحتى تتبع ملتهم قل أن هدى الله هو الهدىولئن اتبعت اهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولانصير } (البقرة 120)
 
واتباع الملة هنا لايعني فقط الايمان بالتثليث او التوراة و الانجيل بدل القرآن بل تحقيق مأربهم، وأعانتهم على تحقيق أغراضهم.
ونتمنى ان ينتبه الشيعة العرب الى حقيقة ان اهداف الصهيونية العالمية، واليمين المسيحي المتصهين، والشعوبيين ليس فقط قتل العرب السنة بل العرب عامة، مسلمين ومسيحيين، شيعة وسنة، المهم ان يكون المقتول عربياً، وهاهو السستاني يشارك فعلياً في قتل الشيعة العرب تحت حجة الانتقام من السيد محمد صادق الصدر من خلال ابنه، فيجند المقاتلين من اتباعه ليرسلهم الى كربلاء لمقاتلة الشيعة. شيعة بشيعة، المهم ان تظل امتيازاته محفوظه، ويشبع بذلك توجهاته الشعوبية المريضة. والا هل يقبل دينه، وانسانيته، وضميره أن يسكت لو أن ما حصل في العراق، جرى على بلده ايران مثلاً. وهل كان سيتخذ نفس المواقف.
 
حيل شرعية ام دجل سياسي
لقد ابتدع السستاني بدعة غريبة على الاسلام والتشيع، والعقل عندما ارتضى ان تكون الامم المتحدة مصدراً جديداً للتشريع او استنباط الحكم الشرعي، عندما افتىبضرورة أستشارة الامم المتحدة لتقررما اذا كان بالامكان أجراء ألانتخابات ام لا، وخرجت المظاهرات تؤيد مطلبه، الا ان بريمر ظهر على شاشات التلفزيون بعد ثلاثة ايام ليقول ان السستاني ليس عراقياً بل هو ايراني الجنسية ولايحق له التدخل بالشأن العراقي. لنجد ان السستاني يتراجع في اليوم التالي عن موقفه الاول المطالب بالانتخابات، ليضع شرط تحققها بموافقة الامم المتحدة. كمخرج لحفظ ماء الوجه، كما يقول بريمر. (ص: 311-312)
 
ويتساءل الانسان ثانية هل يحتاج من هو قادر على استنباط الحكم الشرعي من مصادره الحقيقية لراي الامم المتحدة.لمعرفة صحة الخطوة من عدم صحتها. الا يعرف وهو المُستنبط أن مصادر التشريع أو الاستنباط الحكم عند الشيعة هي اربع: القرآن والحديث والاجماع والعقل. ولم نسمع من قبل حديثاً ولا آية تبشر او توصي باعتماد الامين العام للامم المتحدة كمصدر من مصادر الاستنباط. أن السياسي يمكن أن يستشير خبراء الامم المتحدة وليس هذا المُستنبط، الذي لايخجل أن يضفي القدسية والعصمة على نفسه. انها لبدعة، لو مارسها يوماً احداً ما او مرجعاً ما لوجدنا ان نفس الذي يضفون أيات التقديس على السستاني، يسفهون ويسخفون هذا الذي يستمد احكامه الشرعية ليس من القران والسنة بل من الامم المتحدة. الم يدرك السستاني ان هذا يعني أنه يلغي دوره. فما دامت الامم المتحدة هي صاحبة الحكم، ما الحاجة للمرجع وللحكم الشرعي.
 
كانت لعبة كتابة قانون أدارة الدولة العراقية الذي وضعه اليهودي المزدوج الجنسية فيلدمان، نمذج أخر يقرب السستاني الى سلوك السياسي المخاتل، المتلون بعدة وجوه اقرب منه الى سلوك المجتهد الورع التقي، القادر على مغالبة هواه. يقول بريمر أن السستاني كان يتخوف ان يكتب الاميركان قانون الدولة او الدستور فيأتي مخالفاص للشريعة الاسلامية، وبعد أخذ ورد وافق السستاني على القانون، والموافقة عند السستاني تعني السكوت، وعدم أعلان راي محدد (ص: 287).
 
يقر بريمر في أكثر من مكان في مذكراته الى أن الدستور كان صياغة اميركية، " وتلبية لرؤية الرئيس بوش للعراق الجديد " (ص:273، كذلك ص: 271) ن الا أن بريمر يكشف كيف أنه تلاعب بعقل الباجه جي، ليقوم بعرض "فكرة الدستور المؤقت... على مجلس الحكم بأكمله على أنها فكرته " (ص: 273)
 
لكن السستاني ولحفظ ماء الوجه او لخداع الشيعة وتضليلهم، حرك بعض اتباعه للحديث والتحرك ضد القانون.
 
وصف أحمد الصافي، ممثل السستاني في كربلاء قانون أدارة الدولة العراقية بأنه " مهزلة تاريخية ومأساة خطيرة، لأنه صيغ بأيدي المحتلين، ويمهد لعودة اليهود الى العراق لتبؤ مناصب حكومية " (الجزيرة نت 12/ 3 / 2004. يعني ان السستاني واتباعه يعرفون جيداً أن الدستور كان صياغة اميركية. وتحرك أنصار.


المرجعية الشيعية في إيران والعراق

"الماضي والحاضر"

رسول جعفريان* 

يلقي المقال الضوء على تطور المرجعية لدى الشيعة, والصراعات التي تنشب في إطارها بين الحين والآخر, ويعرض كاتب المقال –وهو شيعي إيراني- لعلاقة المراجع والحوزة بالأنظمة الحاكمة, وعلاقاتهم بالمواطنين, وكيف أنهم يلجأون إلى التلاعب بفتاواهم من أجل كسب المزيد من الأنصار.
 
وفي الجزء الأخير ينبه إلى الظروف الدولية الحالية التي تساعد على انتشار المد الشيعي, وضرورة الاستفادة منها لنشر المذهب الشيعي, وهو الأمر الذي ينبهنا إلى أن فكرة تصدير الثورة ما زالت حاضرة في وجدان الشيعة وفي تفكيرهم.....................المحرر.
 
تعتبر المرجعية الدينية في إيران والعراق من القضايا التي حظيت باهتمام المفكرين والعلماء المسلمين. وحقيقة الأمر أن مذهب التشيع قد انتقل في القرن الأول والثاني من العراق إلى إيران, ففي القرن الثاني كانوا يطلقون على قم الكوفة الصغرى, وفيما بعد أصبحت قم رويداً رويداً مركزاً علمياً هاماً, وكانت مدينة الري هي المركز التالي, لكن ظهر مرة ثانية كبار مراجع الشيعة في بغداد ثم في النجف.
 
وقد جمع الشيخ الطوسي المتوفى عام 1039م والذي كان يعيش في البداية في العراق ثم انتقل إلى النجف شمل المرجعية الشيعية, فقد كان تلاميذه متفرقين في كل مكان, ثم تولى بعده ابنه أمر هذه المرجعية, وفي ذلك الوقت كان الشيعة الإيرانيون يذهبون للدراسة في النجف ثم يعودون إلى مدينة الرى, ومنها يتم ضخ الدماء الجديدة في جماهير الشيعة الإيرانيين, وقد كانت مدينة الرى واقعة تحت السيطرة العلمية لمدينة النجف وذلك حتى القرن الحادي عشر الميلادي.
 
وفي القرن الحادي عشر الميلادي عرفت رويداً رويداً مدينة الحلة كمركز للشيعة, ويرجع الفضل في تمتع الحلة بصفة المرجعية التقليدية للمحقق الحلي ثم خلفه العلامة الحلى,
 
وقد كان للعلامة الحلي تلاميذه من الطلبة الإيرانيين الذين كانوا يروجون كتبه الفقهية في إيران, وهكذا ظلت مدينتا الحلة والنجف مركزاً للتشيع الفقهي حتى عصر الصفويين.
 
الصفويون والقاجاريون:
 
ومع بداية العصر الصفوي وهجرة الفقهاء العرب تدريجياً إلى إيران حظيت إيران بالمركزية الشيعية, لكن الأمر استغرق قرناً من الزمان حتى تحولت أصفهان إلى قاعدة للتشيع والمرجعية, وفي هذا الوقت لم تكن أهمية النجف تقارن بأهمية أصفهان.
 
وقد أدى انتهاء العصر الصفوي واضطراب الأوضاع في إيران إلى انتقال المرجعية مرة ثانية إلى العراق, وكان السبب الرئيسي وراء هذا الانتقال هو وجود العتبات المقدسة, وكان من الطبيعي أن تجتذب العراق الطلاب والعلماء.
 
وفي العصر القاجاري تم تقسيم المرجعية بين العراق وإيران, وحتى عهد ميرزا شيرازي, كانت هناك إمكانية الاستفسار الفقهي عن المرجعية المطلقة, لكن بعد ذلك أصبح من الصعوبة بمكان الحديث عن المرجعية المطلقة, وكان المراجع المحليون موجودين حتى نهاية العصر القاجاري. لكن على أية حال كانت المرجعية قد أصبحت متمركزة في العراق خلال العصر القاجاري, وربما لم يوجد مرجع ذا أهمية في إيران بعد ميرزا قمي الذي كان فقيهاً من الطراز الأول وظل الأمر كذلك حتى عهد آية الله بروجردي.
 
وكان صاحب الجواهر والشيخ الأنصاري وميرزا شيرازي ثم المرحوم آخوند خراساني وسيد أبو الحسن الأصفهاني قد استقر بهم المقام في النجف, وكان يوجد عدد قليل من المراجع المحليين في المدن الإيرانية.
 
واستمر هذا الأمر حتى بعد وفاة آية الله الأصفهاني إلى أن عرف آية الله بروجردى كمرجع في إيران, وظل صاحب المرجعية المطلقة حتى عام 1340, وكان هذا بعد حوالي قرنين من الزمان على خروج المرجعية من إيران, ويعد هذا الأمر تطوراً هاماً بالنسبة للأخيرة.
 
وبعد وفاة آية الله بروجردي, عمل الشاه على أن يوجه الشعب نحو آية الله حكيم الذي كان في العراق, وكان هناك في النجف مراجع آخرون أيضاً, لكن عمل عدد من صفوة الطلاب في قم على أن يحافظوا على المرجعية كأداة لمواجهة الشاه في إيران.
 
العرب والعجم:
 
وكان الجدل على أشده في هذه الفترة بين العرب والعجم, وكان الشاه يعمل على إذكاء هذا الجدل, وأدى هذا الأمر إلى أن يصر الإيرانيون على أن تكون لهم مرجعية إيرانية, ومن المؤكد أنه بسبب صغر سن الأشخاص الإيرانيين الذين كانوا مرشحين للمرجعية لم يصل أحد منهم إلى حد المرجعية المطلقة, وكانوا عدداً كبيراً إلى حد ما, ولم يتهيأ المجال للتركيز على شخص واحد, وكان كثير من الشعب يقلد مراجع النجف, خاصة وأن أحد المراجع الذي كان مطروحاً في هذا الصدد, أي آية الله الخوئي كان يقيم في النجف وهكذا كانت النجف تتمتع بأهمية خاصة لدرجة أن حلقة درس آية الله الخوئي كانت تضم عدداً كبيراً من الطلاب والفضلاء, حتى أنه كان يتصور أنه أعلم من المراجع الموجودين في قم, ومن المؤكد أن الطلاب كانوا يلعبون دائماً الدور الأول في انتشار المدارس الفقهية.
 
ومع بداية الثورة الإسلامية وتولي الإمام الخميني منصب الزعامة, ترسخت مرجعيته بشكل قاطع في إيران, لكن رجال الدين التقليديين الذين كانوا يمثلون آية الله الخوئي مع بعض المراجع المحليين, مع أنهم واقعون تحت الضغط, قد قاوموا في كثير من الأحوال تلك التطورات, وتشهد قوافل حج العشرة المباركة بعد الثورة أن 90% من الزائرين كانوا من مقلدي الإمام الخميني, وفي هذه الفترة كانت معارضة آية الله الخوئي بين الثوار واسعة النطاق وقد ظل الشعب المتأثر بالثورة واقعاً تحت هذا التأثير.
 
من المؤكد أن الحرب قد زادت من اتساع الهوة بين إيران والعراق, ومما لا شك فيه أن مقلدي آية الله الخوئي لم يعيروا هذه الهوة أي اهتمام, لكن كان واضحاً أن هذه الهوة كانت آخذة في الازدياد.
 
جذور إيرانية:
 
وفي هذا الوقت حدث تطور آخر في العراق وهو أن المراجع الذين كانوا في العراق كانوا بالأساس ذوي جذور إيرانية, وقد عمل حزب البعث بعد آية الله الخوئي على أن يقضي على المرجعية الإيرانية التي كانت قائمة في العراق, وقدم مرجعاً عربياً يدعى سيد محمد باقر الصدر وكان يوجد معه مراجع آخرون مرشحون للمرجعية بعد آية الله الخوئي من بينهم آية الله سيد مرتضى بروجردي, ميرزا علي غروي, بهشتي, وسيستاني.
 
الخوئي والسيستاني:
 
وفي العقد الماضي توجه المقلدون والأتباع التقليديون لآية الله الخوئي ومدرسة النجف إلى خليفته, أي آية الله سيستاني, وفي هذا الوقت توفي آية الله كلبايكاني وآية الله آراكي اللذان كانا يعدان آخر حلقة في حلقات المراجع الإيرانيين بعد آية الله بروجردي, وأصبح الطريق ممهداً أمام المراجع التاليين, وقد طرح بعض هؤلاء المقلدين وبتوجيه عدد من رجال الدين التقليديين الذين كانوا يريدون أن تكون المرجعية في داخل إيران, اسم سيد محمد روحاني تلميذ آية الله الخوئي الذي كان يقيم في قم, والواقع أنه في هذا التوقيت طرح نوع من الاختيار بين إيران والعراق, ومن المحتمل أنه كانت هناك أسباب سياسية لذلك, ومع وفاة سيد محمد روحاني توجه هؤلاء الأشخاص أيضاً إلى آية الله سيستاني.
 
ومما لا شك فيه أنه مع وفاة آية الله كلبايكاني وآية الله آراكي ولأنه لم يكن هناك مرجع قوي داخل إيران فقد تهيأ السبيل إلى حد ما لانتقال المرجعية من إيران إلى العراق, وفي هذا الوقت ومع تقديم ثمانية وجوه مرة واحدة من جانب جمعية مدرسي قم فقد حدث ثراء في المرجعية الداخلية خاصة وأن كل الأفراد كانوا معروفين في إيران.
 
وعلى الرغم من نشاط مكتب آية الله سيستاني في إيران واجتذابه عدداً من القوى المتدينة التقليدية فقد زاد تدريجياً عدد المقلدين لبعض المراجع في قم, وتوجه عدد كبير إلى آية الله تبريزي وخاصة آية الله فاضل وصافي الذين كان لهم وجود مشرف في الأعمال الثورية والحكومية, وتوجهوا أيضاً إلى آية الله مكارم. وإلى جانب المكانة التقليدية لهؤلاء المراجع, توجه عدد كبير من مؤيدي الثورة الإسلامية في الداخل والخارج إلى زعيم الثورة كمرجع لهم.
 
وقد ظل الوضع قائماً حتى احتلال العراق والقضاء على صدام, والأهم من كل هذا أن المرجعية المطلقة لم تتبلور لا من مراجع العراق ولا من مراجع إيران.
 
ثمة نقطة جديرة بالاهتمام في هذا الصدد, وهي أن النجف على مدى الثلاثين عاماً الماضية كانت تستفيد من ثرائها السابق, وكانت قد فقدت شخصين أو ثلاثة تقريباً من هذا الرصيد الذي كانت تملكه, والواقع أن الأشخاص الذين كانوا في مرتبة المرجعية كانوا قلة قليلة, ومن بين المراجع الأساسيين في العراق اليوم يمكن ذكر آية الله سيستاني وآية الله حائري وآية الله مدرسي, ومع هذه الحالة فإن مستقبل مرجعية النجف غير واضح, فعلى مستوى العلماء الفضلاء قتل عدد كبير وهاجر آخر إلى بلاد أخرى, بينما عاد عدد محدود من هؤلاء الذين خرجوا من العراق, وقد أصبح عدد الطلاب بسيطاً جداً, ووضح أنه لا يمكن بسهولة إعداد طلبة متميزين, وعقد الأمل على أن يخرج من بينهم مرجع, والواقع أن النجف تستطيع بمفردها ويجب أن تعتمد على ماضيها في أن تضع برنامجاً لإعادة بناء نفسها على مدى عقدين أو ثلاثة عقود من الزمان.
 
المكانة التقليدية للمرجعية الشيعية:
 
بلورت وطورت المرجعية الشيعية مكانتها في المجتمع الشيعي على مدى فترة من الزمان تصل إلى 1200 عام, وإذا لم نقف على حقيقة هذا التطور, فلن يكون بالإمكان الوصول إلى الجذور الأساسية لهذه المكانة أو التخطيط لها مستقبلاً.
 
الاجتهاد والمجتهد:
 
ربما يعد أهم منعطف في هذا الملف هو الرؤية التي تطرح بخصوص موضوع الاجتهاد والتقليد في الفقه الشيعي. وهذا الأمر على الرغم من أن له أصولاً في النص القرآني والأحاديث النبوية, لكن قام العلامة العلي المتوفى عام 1305 بوضع النظرية التي أصبحت أساساً للتطبيق, وطبقاً للضوابط التي وضعها تحول مفهوم الاجتهاد والمجتهد والذي كان على مدى عصور طويلة غير مستساغ إلى مفهوم مقدس, وكان من المتعين على المقلدين اتباعه.
 
لم تكن هذه التبعية في الجوانب العلمية فقط, بل إنها وطبقاً للمبادئ التي تم الاتفاق عليها فيما سبق بخصوص نيابة المجتهد عن الإمام المعصوم اتخذت الجانب الأكثر عملياً, النقطة الأهم تتمثل في أنه لا يجب فقط على المقلد أن يتبع المجتهد بصفة عامة, بل إنه يجب أن يعمل برأي وعقيدة المجتهد, وقد أدى هذا الأمر إلى أن تصبح العلاقة بين المجتمع الشيعي والمجتهد أكثر قوة.
 
أما المنعطف الثاني فهو التطور الذي حدث في العصر الصفوي, ففي بداية هذا العصر وضع المحقق الكركي المتوفى عام 1519 أسساً جديدة لإحداث تطور في مكانة المرجعية الشيعية في المجتمع الشيعي وربما كانت هذه هي الخطوة الأولى لبحث إقامة صلاة الجمعة التي وطدت مكانة المجتهد كنائب عن إمام الزمان "ع" على مستوى المجتمع, لأنه منذ القدم كان شرط إقامة صلاة الجمعة هو استئذان الإمام المعصوم, وكان هذا الأمر في عهد الغيبة هو من اختصاص المجتهد.
 
وبالإضافة إلى المحقق الكركي الذي كان يتبع مدرسة الحلة طرحت مسألة ضرورة اتباع وتقليد المجتهد الحي من قبل فقهاء مثل الشهيد الثاني المتوفى عام 1544.
 
وفي نهاية العصر الصفوي تم استحداث لقب "مجتهد الزمان" وكان يستخدم بدلاً من آية الله العظمي, وكان المقصود به الشخص الذي ينوب عن الإمام. وفي العصر الصفوي أيضاً وبشكل عملي تم وضع وتحديد المناصب الدينية بالنسبة للعلماء, وقد أصبحت هذه المكانة أكثر قوة.
 
عودة المرجعية إلى العراق:
 
وفي العصر النادري الأفشاري ومع الاضطرابات التي وقعت في هذا العصر حدث تغيير في الأوضاع الدينية الجارية في المجتمع الشيعي, فقد تحولت المرجعية من إيران إلى العراق, وترتب على ذلك أن انفصل واستقل المجتهدون عن الحكومة.
 
تمويل الحوزات:
 
النقطة الأهم هو أنه منذ ذلك الوقت وما تلاه أصبح مصدر تمويل المجتهدين والطلبة لا يعتمد على الأوقاف, بل حل محلها وبشكل جاد سهم الإمام وكان هذا المصدر مستقلاً, قبل ذلك كان يتم تأمين دخل العلماء من الدخل الذي كان يحصل عليه الصفويون نتيجة لاستيلائهم على دخول الأوقاف, وفي النصف الأول من العصر القاجاري توقف هذا الدخل وحل محله بشكل فعلي سهم الإمام, ومنذ ذلك الوقت والحوزات العلمية تدار من خلال ميزانية مستقلة ليس للحكومة أي نوع من السلطة عليها.
 
وفي نهاية العصر القاجاري ومع كل هذه العلاقات التي كانت بين المرجعية والحكومة كان هناك مبدأ هام هو أن المرجعية ترتبط ارتباطاً مباشراً بجماهير الشعب. من المؤكد أنه بسبب التعارض الذي حدث بين مصالح طبقات الشعب المختلفة وخاصة طبقة دافعي سهم الإمام والحكومة القاجارية التي تتحرك باتجاه منح الامتيازات للأجانب, مما يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني, اتسعت الهوة بين رجال الدين والحكومة.
 
وقد ازدادت هذه الهوة اتساعاً مع بدء تيار الحداثة في المطالبة بالحياة النيابية, لأنه في هذه المرة لم تمنح الحكومة امتيازات اقتصادية للدول الأجنبية فقط, بل إنها عملت على الترويج للعادات والتقاليد والثقافة الجديدة التي هي من وجهة نظر العلماء غير دينية.
 
ومن هنا كان لجوء رجال الدين إلى الشعب قد اتخذ شكلاً أكثر وضوحاً, وفي المقابل لم يجد معارضو الحكومة والحداثة أيضاً ملجأ إلا رجال الدين, ولم يكن هؤلاء المعارضون من بين المثقفين, بل كانوا من بين عامة طبقات المجتمع والتجار الذين كان انفصال أبنائهم عن رجال الدين يتزايد يوماً بعد يوم.
 
عهد رضا خان:
 
وكان عصر رضا خان هو قمة الانفصال بين رجال الدين والحكومة, فكان التشدد الذي يمارس مع رجال الدين سببه المساوئ التي حاقت برجال الدين على مدى فترة طويلة, ومن ناحية أخرى, أصبح الظلم الذي جعل الطبقة المظلومة تنتفض وتحدث تغييراً وتطويراً في إيران في صالح هذه الطبقة بعد ذلك.
 
ومع ذهاب رضا خان أصبح هناك متنفساً, فأعلن رجال الدين مرة ثانية عن نشاطهم, الأهم من كل هذا أن المرجعية كانت قد عادت إلى إيران واستأنفت قم نشاطها, وتمكنت من الاستفادة من الإمكانات الجديدة الموجودة بين جيل الشباب والتي لم تستطع الحكومة البهلوية الاستفادة منها, وكان المثقفون غير الدينيين أيضاً قد عجزوا إلى حد كبير عن استغلال هذه الإمكانات.
 
وقد أدى فشل البرامج الإصلاحية الغربية إلى تبلور نوع من الحركة المنادية بالعودة إلى الذات التي كان يتولى زعامتها أكثر طبقات المجتمع تقليدية وهم رجال الدين, وفي هذه الفترة تواءمت المرجعية وإلى حد كبير مع هذه الأوضاع. فرجال الدين هم الذين كانوا حلقة الوصل بين المرجعية والشعب ولعبوا دوراً أساسياً في هذا الصدد.
 
ومع انتصار الثورة الإسلامية فإن المرجعية التي كانت قد عملت على مدى 37 عاماً على استعادة مكانتها حصلت على هذه المكانة بدعم الشعب الذي تجاوز الحكومة البهلوية والتيارات التابعة لها, ومن المؤكد أنه مع طرح وجهات نظر جديدة ظهرت التحديات الجديدة التي لا زلنا حتى اليوم نعمل للخلاص منها.
 
مكانة المرجعية بعد الثورة الإسلامية:
 
تكمن مشروعية المرجعية في كونها نيابة عن إمام الزمان ولم يحدث تغيير يذكر في هذا الأمر بعد الثورة.
 
والواقع أن كل الواجبات والمهام التي كان ينهض بها المجتهد قبل الثورة من الممكن تصورها في المجتهدين الحاليين, ومن المؤكد أنه على صعيد السلطة السياسية حدث تطور أساسي مع بداية طرح نظرية ولاية الفقيه حيث تقرر أن تصبح السلطة السياسية تحت إمرة مجتهد خاص, وقد كانت هذه السلطة قبل وقوع الثورة تحت إمرة السلطان أو الشاه, ومن المتوقع أن يحدث هذا الأمر تغييراً جذرياً في موضوع المرجعية.
 
إن الأمر المهم من وجهة نظر قاعدة المرجعية في المجتمع الشيعي, هو تعريف وتوضيح المشروعية التي طبقاً للتوجيهات الفقهية القديمة تم توزيعها بشكل عام بين كبار المجتهدين, وفي هذا التعريف لم يسلب منها امتلاك السلطة السياسية التي فيها جزء اقتصادي وهو جمع سهم الإمام, بل أصبح ينفذ فقط على أساس المبدأ الذي كان موجوداً في القضاء, أي عندما يصدر قاضٍ حكماً فليس من حق قاضٍ آخر إصدار حكم في نفس القضية. فالولاية السياسية تكون من حق المجتهد الذي يعاون الحكومة ويكون مشغولاً بالحكم, ومع هذا فإن الفصل بين المرجعية الولائية والمرجعية الأساسية هو شديد الأهمية بالنسبة للكثيرين, وهو في اعتقاد هؤلاء الأفراد يشبه الفصل السابق بين العرف والشرع أو بين رجل الدين والسلطان.
 
المرجعية بعد الثورة شهدت نماذج جديدة وتبلورت هذه النماذج في المقام الأول في الإمام الخميني الذي كان مجال رؤيته الفقهية أكثر رحابة مما كان في الماضي, وعندما كتب إلى أحد الفقهاء أن هذا الأسلوب في التفكير لا يكفي حتى لإدارة قرية كان يقصد أنه حتى تبقى المرجعية في ساحة إدارة الدولة فمن الضروري أن تعمل على تطوير آفاقها الفكرية, وهذا الأمر من أكثر الأشياء بداهة والذي يجب الاعتراف به.
 
ويجب التأكيد على أنه بالرغم من أن الولاية السياسية قد انفصلت إلى حد ما عن المرجعية, لكن على أية حال, لا زال هذا الفكر قائماً وبقوة في بنية النظام الفقهي, ومفاده أنه يجب على المرجعية العامة أن تجيب على الكثير من النقاط المتعلقة بأداء الحكومة والتي تحتاج إلى استنباط فقهي, ففي الماضي كانت المرجعية تقتصر فقط على نقد قرارات مجلس الشورى الوطني, لكنها لم تكن ترى أنه لزاماً عليها أن تقدم البديل لهذه القرارات, وفي الوقت الحاضر يدور كثير من الأسئلة الفقهية إلى حد ما حول إدارة شئون الدولة.
 
ويجب القول أن الشعور باحتياج النظام إلى وجهات النظر الفقهية يتلاشى يوماً بعد يوم والسبب في هذا هو عدم التوافق بين الخطوات التنفيذية التي تتخذها الحكومة وبين القوانين الفقهية المدروسة في المحافل العلمية, وهذا الاختلاف سببه الظروف التي تبلورت على إثر الهوة الكائنة بين العرف والشرع في العصر البهلوي, والواقع أن تخلف الفقه عن مواكبة القضايا المعاصرة وذلك على مدى فترة طويلة قد زاد من اتساع هذه الهوة, كذلك أيضاً ساهم في اتساع هذه الهوة الاعتماد على العرف والتوجه الجمهوري في الحكومة والذي كان يتزايد يوماً بعد يوم.
 
النقطة الجديرة بالملاحظة الآن هي أن كبار مراجع التقليد يكتفون بالمباحث التقليدية, علاوة على رد فعلهم إزاء بعض الرؤى الإصلاحية, والذي يجعلهم يعودون إلى الوراء ولا يعيدون النظر فيما هو قائم.
 
التحديات التي تواجه المرجعية الشيعية داخل إيران:
 
من المسائل الهامة بالنسبة لفكرة المرجعية ارتباطها بالولاية والزعامة, وقد دار الحديث حولها قبل هذا, ولم تكن هذه المسألة مطروحة قبل الثورة, لأنه في ذلك الوقت كان يتم اعتبار حكومة الشاه حكومة غاصبة, وبالنسبة للمتدينين فإن المشروعية تتأتى فقط من المراجع الدينية, لكن في الوقت الراهن ليس مطروحاً إطلاقاً اللقب السابق (الاغتصاب) على حكومة يديرها جماعة من رجال الدين, في مثل هذه الظروف ما العلاقة التي من الممكن أن تنشأ بين المرجعية والولاية؟
 
إن توافق ومسايرة رجال الدين للحكومة ليس بدرجة واحدة, فأحياناً يتبنى البعض موقفاً نقدياً, لكن هذا الاختلاف ليس له كبير أهمية, والمهم أيضاً أنه لا توجد أي نظرية لترسيم هذه الحدود, ولا تتجاوب النظريات السابقة مع هذه المسائل, وهي على الأكثر تحدد بعض حالات الاختلاف في الاتجاهات والنظريات حول القضايا الدينية أو المذهبية بين ولي الفقيه وبعض المراجع, حتى أن الأشخاص الذين لهم ولاء لهذه الحكومة ليست لهم نظرية محددة.
 
هل من الممكن أن تتحول المراجع الدينية إلى مراجع علمية, وأن تخرج من دائرة ولي أمر المسلمين؟ هذه المسألة من الصعوبة إبداء الرأي فيها, لكن مما لا شك فيه أنه حتى لو أمكن حدوث هذا الأمر داخل البلاد –وهو احتمال ضعيف- لا يمكن أن يتحقق بين الشيعة الذين يعيشون في أقليات خارج البلاد.
 
السؤال المثير للجدل على صعيد الحوزة يتعلق بدور المرجعية في إدارة الحوزة في الظروف الراهنة, في الواقع هناك نقطة هامة هي أن دخل المرجع الذي يستطيع إلى حد ما إدارة حوزة بهذه السعة ومساعدتها في النمو والتطور ليس كافياً, علاوة على أن قدرة المرجعية الإدارية على تنفيذ المهام التعليمية والإدارية ليست جديرة بالاهتمام. بالإضافة إلى ذلك فإن تعدد المراجع يحول دون المركزية في التعليم والتربية, الأمر الذي يعتبر ضرورياً جداً ولا يمكن اجتنابه في الظروف الحالية.
 
كل هذه القضايا أدت إلى خلق مركزية إدارية في الحوزة العلمية وإنشاء ممثليات لتأدية الخدمات للطلبة بدعم من المرجعية الولائية, وكان من الطبيعي أن يخرج هذا الأمر المرجعية من وضعها السابق ويجعلها محدودة.
 
التمويل الحكومي وانحسار نفوذ رجال الدين:
 
والواقع أن المراجع كانوا في الماضي المصدر الوحيد لتلبية احتياجات الطلاب من الناحية التعليمية ومن الناحية المالية, لكن اليوم أصبحت المبالغ التي تنفق على قسم الإدارة وقسم الخدمات بالحوزة ومن بينها التأمين على الطلاب وسائر الأقسام الأخرى تعادل عشرات أضعاف المبالغ التي كان المراجع يدفعونها كمنحة شهرية للطلاب, وقد أدت هذه المسألة بشكل طبيعي إلى خفض نفوذ مراجع التقليد في الحوزة الذين هم أصلاً جزء من نفوذها العام بين المؤمنين والمجتمع الشيعي.
 
علاوة على أنه يوجد العديد من المؤسسات العلمية –البحثية في قم لا تقوم على تمويل المراجع, بل إنها ترتبط بشكل ما بالأجهزة الحكومية المختلفة, بناءً على هذا, من الآن فصاعداً لن يتمكن المراجع من إعمال نفوذهم في مؤسسة الحوزة بشكل كامل.
 
جيل الشباب:
 
ومن التحديات الأخرى التي تواجه المرجعية ظهور طبقة من رجال الدين الشباب الذين لا يعرف كثير منهم الأساليب التقليدية, هؤلاء الأفراد الذين قد أتموا بعض الدراسات الجامعية على الرغم من وفائهم لمجتمع رجال الدين ونظام الحوزة, يفكرون في تطويرها. هؤلاء النفر من الطلاب كتبوا رسالة إلى زعيم الثورة من أجل التطوير, واعتبروا أن النظام الفعلي للحوزة بشكل أعم من جهاز المرجعية أو الإدارة التي يجب أن تتم بحذر شديد, لا يمكن أن يكون ملبياً لهذا الإحساس.
 
ويعتقد الكثير أن هذا الجيل التالي الذي سيدخل هذه الساحة بشكل أكثر جدية هو من العوامل الهامة للتطور في الحوزة, في حين أن المرجعية بالنظر إلى ظروفها التقليدية وبالنظر للبنية التقليدية التي قلما تلين إزاء وجهات النظر المختلفة لا يمكن أن تقبل هذا التوجه.
 
من المؤكد أنه يوجد بين المراجع أشخاص لهم تاريخ مضيء بسبب نشاطهم الثقافي العام, لكن حتى هؤلاء أيضاً عندما يدخلون في قالب المرجعية, ينسون نشاطهم السابق ولا يذكرونه.
 
إلى جانب هؤلاء الشباب الذين توجهوا إلى البحث في الفقه وسائر العلوم الدينية, يجب الإشارة إلى الفقهاء العظام الذين نفضوا أيديهم من الضجة السياسية واتجهوا إلى تحديث الفقه إلى حد ما, وهؤلاء الفقهاء لا يجب أن يطلق عليهم محدثون, بل إنهم يقومون بالاستنباط في المواضع الواقعة خارج الفقه المتداول, وتحظى آراء هذا النوع من المراجع بمكانة خاصة بين الجيل الجديد, وإذا لم يخرج هؤلاء المراجع عن حد الاعتدال ويتحركوا بشكل أكثر هدوءاً ودقة في إطار الفقه التقليدي, فمن المحتمل أن يحصلوا على مكانة أفضل في المستقبل القريب.
 
إن التوقعات الجديدة التي ينتظرها مجتمع الشباب من المرجعية لا تتناسب مع جهود المرجعية في إطار القوالب القديمة التي تحافظ على القوى التقليدية والأشخاص الذين هم فوق سن الأربعين, هذا العمل يحتاج إلى التخطيط الجديد بالاستفادة من الفرص المتاحة في هذا الزمان, وهناك إمكانية لطرحها وهي ليست أمنية بعيدة عن التحقيق, لكنها في المقام الأول تحتاج إلى مرونة.
 
تسهيل الفتاوى:
 
يستغل البعض من مراجع التقليد نفوذه بين مواطنيه, ويحدث تسهيلاً في فتاواهم الجديدة لزيادة الأتباع.
 
إن مسألة تقليد الأعلم هي من الصعوبات التي قلما تم التغلب عليها بسنبة 100% في العصور الماضية, حتى في عصرنا, من المؤكد أنه عندما يزداد عدد المراجع, ويرون أنهم الأعلم, يتضح مدى الفوضى التي تحدث, وربما تمكنت شهادة العدول من العلماء من حل هذه المشكلة.
 
من المؤكد أن هناك أشخاصاً مثل المرحوم آية الله المرعشي لم يكونوا يؤمنون بمبدأ تقليد الأعلم, لكن الآخرين وبشكل خاص الذين يعتبرون أنفسهم آية الله العظمى –أي الأكبر من الآخرين- يختلقون مشكلة صعبة لحل مسألة الاجتهاد والتقليد بشكل نهائي, وفي هذه الأثناء لم تتمكن عملية التقسيم في الاجتهاد من إحراز أي نجاح. بالإضافة إلى أن هذا الأمر هو مصدر كثير من الصعوبات التي تؤدي إلى عدم استقرار الوضع الراهن.
 
إن المواجهة غير المباشرة من جانب بعض العائلات التي تتمتع بنفوذ تقليدي ملحوظ على الرغم من أنها لا يمكن أن تصل إلى نوع المعارضة السياسية المنظمة للحكومة مع النظام الولائي هي الأمر الذي يخلق العديد من الصعوبات المحتملة, وقد اتخذ كثير من هذه العائلات موقفاً ضد ولاية آية الله منتظري, لكن فيما بعد عزل آية الله منتظري, قامت أسرته –على اعتبار أنها أسرة أحد المراجع- مستفيدة من نفس الأدوات التي كانت لها فيما مضى بمواجهة ضد النظام. من المؤكد أن هذه المعارضة تختلف عن معارضة بعض العائلات الأخرى التقليدية, ولهذا السبب لم يشهد أي نوع من التضامن فيما بينهم.
 
تحديات المرجعية في العالم الشيعي والعلاقات الدولية:
 
يرجع أحد التحديات الأساسية إلى الحدود الجغرافية-السياسية الكائنة, وعلى الرغم من أنها لا تمثل صعوبة خاصة للمرجعية الدينية في مجال وظائفها التقليدية, لكنها تعد مانعاً كبيراً في العلاقة بين المرجعية الولائية والزعامة.
 
من الواضح أن الشيعة يعيشون في أنحاء العالم كأقليات, وليست لهم القدرة على ممارسة نفوذ سياسي في تلك البلاد التي يقيمون فيها. بناءً على هذا يتوجهون نحو الأشخاص القريبين منهم, ومن ثم يستطيعون حل مشكلاتهم.
 
وحتى لو كان هذا المقلد متبعاً للمرجعية الولائية الإيرانية, فإنه يجب عليه أن يرجع إلى ممثليها في الدولة, ومن المؤكد أن كثيرين يفضلون هذا الخيار, وتتميز لبنان بشكل أساسي بهذه السمة.
 
هناك مشكلة أخرى وهي الاختلاف العرقي بين الشيعة من ناحية, ومراجع التقليد من ناحية أخرى, وبالنظر إلى التاريخ السياسي للحكومات, التي تعاقبت على حكم إيران والعراق, فقد كانت سبباً في نشوب الصراعات بينهم, وقد تصاعدت حدة هذه الأزمة في عهد الشاه وزعامة حزب البعث.
 
ومن المؤكد أنه لم يكن هناك أي نزاع أو تنافس بين قم والنجف, لكن الدعايا التي كان يروجها حزب البعث وسلوكياته في التعامل مع المرجعية وتقسيم الشيعة إلى عرب وعجم كان له تأثيره البالغ على مسألة المرجعية, فقد حاول العراق أن يختار مرجعاً عربياً للشيعة, وفي المستقبل ستكون هذه المسألة مشكلة صعبة. وسيزيد من حدة هذه المشكلة انتشار الدعايا التي تروج للأفكار القومية, ومع هذا فإن التعاطف الموجود بين الشيعة على اعتبار أنهم أقلية بالنسبة لإجمالي العالم الإسلامي من الممكن أن يلعب دوراً مهماً في خلق التحالف والتوافق بين الشيعة العرب والعجم.
 
الأميركان يعقدون الأمل على الشيعة:
 
إن طرح مسألة العراق كقضية دولية ووقوعها في بؤرة القضايا السياسية العالمية سيجر قدم المرجعية, فربما لم يحدث في أي وقت أن تحدثت وسائل الإعلام الغربية عن المرجعية الشيعية بهذا الشكل الذي نشاهده الآن ولا يجب إغفال أن مجمل القضايا المرتبطة بأهل السنة المناهضين للولايات المتحدة قد خلقت تصوراً مفاده أن الشيعة كانوا على مدى العقد الماضي يتحركون بشكل أكثر هدوءاً, وأن هذا الأمر قد يجعل الأمريكيين يعقدون الأمل على الشيعة. ومن الطبيعي أن يقيم الأمريكيون هذه القضايا في إطار مصالحهم القومية وأن يحاولوا الوصول إلى نقطة يلتقي فيها السنة والشيعة حتى يحصلوا على الامتيازات التي يسعون لها.
 
تناقض المرجعية في العراق:
 
وربما كان هذا هو السيناريو المحتمل, فقد قبل سيد عبد المجيد الخوئي وعدد آخر من صغار زعماء الشيعة المقيمين في لندن التحالف بشكل ما مع الولايات المتحدة. ومن المؤكد أنه مع اغتيال الخوئي فقد ذهب أمل الولايات المتحدة وبريطانيا مع أدراج الرياح, ولكن لا زال الأمريكيون في العراق عاجزين عن التعلق بقشة.
 
لكن ثمة نقطة إيجابية في صالح الأمريكيين, فلم يقم مراجع التقليد في النجف أو العائلات الموجودة في العتبات المقدسة بأية إجراءات معارضة لهم.
 
وبهذا الشكل أصبحت المرجعية الدينية في العراق في مأزق, فأمامها من ناحية, تجربة مراجع التقليد على مدى المائة عام الأخيرة الذين قاوموا الاعتداء الأجنبي, ومن ناحية أخرى, هناك الخوف من العودة إلى حكومة البعث "التي من المؤكد أنها أصبحت أثراً بعيداً, ولكنها بالنسبة للعراقيين تمثل كابوساً" وكذلك أيضاً فإن عدم وجود الثقة في تشكيل حكومة شيعية قد هيأ السبيل لبديل آخر. إن هذه القضية ترجع إلى نظرتهم إلى القضايا الدولية ويتوقف على مدى فهمهم للعالم الراهن وعلاقاتهم القائمة, وماهية المكانة التي يريدونها لأنفسهم وسط هذا الخضم.
 
الظروف الدولية المهيئة للمد الشيعي:
 
ولا يجب إغفال أن التشيع يعيش في الظروف الراهنة مرحلة ثرية إذ لم تتوافر له مثل هذه الفرصة قبل ذلك, والواقع أنه بعد هجوم الولايات المتحدة على تنظيم القاعدة والقيود التي أصبحت مفروضة على الحركة الوهابية والدعايا السعودية في العالم الإسلامي, وكذلك أيضاً الشعبية التي حققها حزب الله بالنسبة للتشيع, قد خلقت المجالات المناسبة لانتشار المد الدعائي الشيعي. كما أن المسألة العراقية تمثل هي الأخرى فرصة لإظهار مدى ما يتحمله الشيعة من ظلم ومعاناة, ولأن تتعرف شعوب العالم على المرجعية الشيعية وعادات وتقاليد المذاهب.
 
هل سيستغل الأمريكيون هذه الفرصة لبث الفرقة بين الشيعة والسنة؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هو الحل حتى يمكن استغلال هذه الفرصة في نشر المذهب الشيعي والحيلولة دون وقوع نزاع شيعي سني؟ وقد تبلورت تجارب مفيدة جداً بعد الثورة الإسلامية في خلق الوحدة فهل ستتم الاستفادة من هذه التجارب؟
 
إننا في العالم المعاصر لا نشاهد فقط صراعاً بين الحضارات, بل إننا نشاهد أيضاً صراعاً بين الأديان والمذاهب, وستترك هذه الأزمة إن عاجلاً أو آجلاً عواقب على العالم. لكن رسالة المرجعية الشيعية تتطلب ألا نقف عند حد الخلافات بل يجب أن نعمل على تفعيل العلاقات الإيجابية التي تؤدي في الوقت نفسه إلى شعبية أكثر للشيعة ورواج أفضل عن طريق الآليات الثقافية.
 
_______________________________________
المصدر: ([1] ) مختارات إيرانية – العدد 37 اغسطس 2003 / نقلاً عن بازتاب (صدى) 8/7/2003.


مراجع الدين يُحدّدون صلاحيات وكلاءهم في التصريحات

بسم الله الرحمن الرحيم

 
واحدة من أهمّ أسباب نشوء الأزمات الأجتماعية والسياسية داخل البيت الأسلامي والشيعي على وجه الخصوص سيما في الأونة الأخيرة منها هي قضية التصريحات والبيانات والآراء المنسوبة إلى مراجع وفقهاء الطائفة الشيعية التي يعتدّ بها عند المسلمين والتي تعتبر حجّة شرعية عليهم.
 
وبعيداً عن الخوض في دراسة وتحليل تفاصيل هذا النوع من التصريحات وأسبابها ودوافعها وعوامل هذا السلوك الخطير الذي يُهدد أمراً جوهرياً في علاقة الأمة الأسلامية بدينها المبين وبمصادر التشريع, وأيضاً ما له من أثر بالغ على تفاعل الأمّة الأسلامية مع أحكام دينهم المبين, وإتّباع الفقهاء العدول, إلا أنّه ينبغي القول بأنّ أغلب المشاكل والأزمات الحاصلة في عصرنا الحاضر سببها هو نفس الفرد الشيعي والمسلم الذي لا يبالي أحياناً بالتدقيق في معرفة مصدر التصريح هذا, وصحة نسبته إلى المرجع الديني الذي يعتبر حجّة شرعية عليه.
 
وهذا التماهل والتقصير هو منشأ الكثير من مظاهر الأستغلال للودّ والعشق الذي يحمله المسلم الشيعي في قلبه تجاه دينه المبين وقرآنه الكريم, وأيضاً تجاه النبي الأكرم وآله الأطهار المعصومين (عليهم آلاف التحية والسلام).
 
أضع بين أيدي القرّاء المحترمين الإستفتاء التالي الذي أرسل لعدد من الفقهاء الكرام وأجوبتهم عليه بشكل واضح مما يزيل أيّ غموض ولبس في صلاحية أي وكيل للمرجعيات الدينية. للإطلاع وإتخاذ ما يلزم.
 
مع ملاحظة أنّ هذا الموضوع ناظر إلى قضية محددة سلفاً (وهي صلاحية وكلاء المراجع في بيان آراء موكليهم في المسائل السياسية والأجتماعية) دون مناقشة أي مصداق لها في الواقع الخارجي. ويمكن لمن شاء أن يفتح له موضوعاً أخراً ويناقش فيه تصريح الوكيل الفلاني وهل كان مطابقاً لرأي موكله المرجع الفقيه أم مخالفاً له؟
وليس هنا محل ذلك البتة.
 
ومن الله التوفيق
 
----- Original Message -----
Sent: Friday, May 28, 2004 4:06 PM
Subject: istiftaa
 
 
سماحة اية الله العظمى السيد علي السيستاني - دام ظله
 
السلام عليكم ورحمة الله
 
بعد الدعاء لكم بالتوفيق والسلامة
 
تبرز أحياناً مشكلة في الأوساط الشيعية فيما يتعلق بتصريحات وكلاء الفقهاء ومراجع الدين. حيث يصعب التمييز - سيما على العامّة من الناس- بين أراء الوكيل الشخصية وبين توجهات ووصايا مُوكله الذي يُعتبر حُجّة شرعية على مُقلديه
 
لذا نتمنّى التفضل
 
 
أولاً. بيان الضابطة التي بموجبها يتم تمييز الرأي الشخصي للوكيل في المسائل السياسية أو الأجتماعية وبين وصايا وبيانات المرجع الموكل له.
 
ثانياً. تصدر أحياناً تصريحات وبيانات شفهية غاية في الأهمية على لسان أحد الوكلاء للمراجع وينسبها إلى المرجع الموكل له دون أي نصّ أو كتابٍ صادر من المرجع نفسه بهذا الشأن. بل قد تعارض أحياناً ما وصل إلى أيدي المسلمين من بيانات خطية مختومة بختم المرجع نفسه !
 
فما هو التكليف الشرعي المتوجب على المقلدين اتباعه والألتزام به في هذا الشأن ؟
 
دمتم في خدمة الأسلام والمسلمين
 
والسلام
 
 
خادمكم
 
(الكاتب)
 
 
-------------------------------------------
 
الجواب:
 
From: maktab <maktab@rafed.net>
To:.... @hotmail.com
Sent: 6 juni 2004 17:26:35
Re: istiftaa
 
 
292 الف: فيما يتعلق بسماحة السيد حفظه الله ليس هناك أحد له الوكالة المطلقة أو الممثلية ولم يخول سماحته أحداً في التحدث من قبله والغالب في الوكلاء أنهم مجازون في أخذ الحقوق الشرعية وصرف بعضها في مواردها المقررة وارسال الباقي نعم هناك بعضهم له الوكالة في بعض الامور الحسبية أو امور أخرى يصرح بها في الوكالة وأما التحدث في الأمور السياسية أوالأجتماعية من قبل سماحته فلا يحق لأحد.
 
 
(ختم لجنة الأستفتاءات في مكتب آية الله العظمى السيد علي السيستاني)
 
 
جواب سماحة آية الله العظمي السيد محمد سعيد الحكيم - دام ظله -


بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
ج - وكالة الوكلاء عادة لا تشمل التعبير عن موقف المرجع الديني السياسي, ويفترض بمن يريد معرفة موقف المرجع مراجعة مكتبه وما يصدر منه.
 
لجنة الافتاء في مكتب سماحة المرجع الديني الكبير السيد الحكيم\(دام ظله\)
<istefta@alhakeem.com>
Sent: 5 juni 2004 08:35:21
 
 
 
جواب سماحة آية الله العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري


بسم الله الرحمن الرحيم
 
لابد من ثبوت الامر ببينة او وكيل ثقة يخبر عن الفتوي ونحو ذلك.
 
 
From: <alhaeri@alhaeri.org>
Sent: 30 maj 2004 19:17:20
 
جواب سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي - دام ظلّه -


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
باسمه تعالى
 
الضابطة هي ان تتلائم تصريحات الوكلاء وتوجيهاتم في الفكر الديني والسياسي والاجتماعي مع المرجع الديني الموكل لهم وان توافق آراء المرجع المشار إليه التي افتى بها أو صرّح بها في خطاباته العامّة، واما ما كان من تصريحات الوكلاء معارضاً لما ذكر فتحمل على نظراتهم الشخصية وهم انفسهم مسؤولون عن ذلك.
 
والله العالم
 
From: istiftaa <istiftaa@wilayah.org
Sent: 14 juni 2004 17:04:11
رقم الأستفتاء: 54678
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 
الجواب: إذا حصل الاطمئنان بأنه الصادر من المرجع أمكن الاعتماد عليه.
 
 
وفقكم الله لكل خير
 
لجنة الاستفتاء في مكتب
 
آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام
ظله)
 
27/ربيع الثاني/1425ه
 
istftaa <istftaa@alshirazi.com>
16juni 2004 / 21:08:05
 
 
 
هنا ينبغي الألتفات إلى عدّة نقاط في هذا الشأن:
 
أولاً. انّ أغلب ما يُسمّون ( بالوكلاء للمرجع الديني ) هم في الواقع ليسوا بأكثر من ( مُجازون لإستلام الحقوق الشرعية من المكلفين ) والتصرف بها وفقاً لتحديدات المرجع المُوَكّل لهم. وهذا ما ورد في الأجابة من سماحة السيد السيستاني (والغالب في الوكلاء أنهم مجازون في أخذ الحقوق الشرعية وصرف بعضها في مواردها المقررة وارسال الباقي).
 
من هنا لابد أن ندرك جيداً بأنّ أغلب ما نصطلح عليهم اليوم ( بالوكلاء للمراجع ) هم في الواقع ( مُجازون ) في أخذ الحقوق الشرعية وليس بأكثر !
 
 
ثانياً. هناك قسم آخر وهو ممن أوكلت إليه مهام و وظائف من قبل المرجع أو مكتبه للقيام بها وفقاً لتحديدات معينة ومقيّدة. كأنّ تكون إدارة مدرسة, مشروع خيري, مؤسسه وما شابه ذلك.
 
وهذا يُفيد إلى أنّ التوكيل هنا هو بمعنى عقد بين طرفين (المرجع والشخص المُوكّل من قبله) لأنجاز عمل مّا وتحمّل مهمة مّا.
وهذا التوظيف أو الإستعمال من قِبل الفقيه الجامع للشرائط لشخصٍ من المسلمين ممن يعتقد بقدرته على إنجاز المهمة, لا يلزم كون المُستعمَل هنا عادلاً أو تقياً أو ورعاً بالضرورة. بل لا يُشترط في الإستعمال هكذا شروط وصفات دوماً. إذ هناك مساحة معيّنة قد أجاز فيها الشارع فتح الباب لتقبل الخدمات والقدرات لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين. ولم يشترط فيها العدالة والنزاهة أو التقوى وما شابه من الشرائط التي يتوهّم بوجودها الكثير من الناس للأسف الشديد.
 
وخير شاهد على ذلك هو ما يتردد ويُستدل به كثيراً عند الإخوة من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى من أنّ فلاناً كان بقرب النبي الأكرم (صلّ الله عليه وآله وسلم), وكان معه في (الغار) , وكان إلى جنبه في المسجد أو في أثناء الصلاة , أو أنّ فلاناً كان ضمن جيش الإسلام أو قد إشترك في العمل الفلاني وهو بقرب النبي الأكرم (ص).
 
وبالتالي ستكون نتيجة هذه المقدمة (الخاطئة) هي: بما أنّ فلاناً كان بقرب النبي (ص) فإنّه صالح وتقيّ ونزيه ولايجوز البحث في سلوكه والتحقق من صدق حديثه !!
 
بيدَ أنّ الأمر ليس بهذه السطحية, إذ ليس كلّ من إستعمله أو صاحبه النّبيّ الأكرم (صلّ الله عليه وآله) فهو عادل وصالح ! رغم كون النبي الأكرم (صلّ الله عليه وآله) معصوماً من الخطأ !
 
لذا ينبغي الحذر الشديد من خطر سريان هذه المفردة الخاطئة الموروثة من المدراس الأخرى إلى أوساط المجتمع الشيعي. ولا ينبغي الغفلة أبداً عن خطورة هكذا مفاهيم تبدو بسيطة وطبيعية, إلا إنّها تستطيع أن تترك أثاراً خطيرة على أصحابها كما تركت بالفعل على أتباع المدارس الأخرى ممن تعبّد بالصّحبة والقُرب المكاني وترك النزاهة والتقوى والعدالة التي فرضها الشارع المقدس والعقل.
 
ولا يكفي أبداً إعتماد التصور الناتج من إيحاءات بعض المتوهمين والمغرورين من كون الفرد الشيعي بعيد عن الخطأ والزلل, أو كون الشخص الذي قد إدّعى إتّباع مذهب آل البيت (صلوات الله عليهم) فإنّه قد ترفّع وتنزّه عن الرذائل والشوائب التي توجب - فيما إذا إتصف بها - معاملته كما وجبت معاملة هؤلاء النفر ممن أتُخذ قربهم المكاني من شخص النبي الخاتم (صلوات الله عليه وآله) حجّة وذريعة على صلاح حالهم من قبل أتباعهم الغافلين عن الحقيقة.
 
فلا ينبغي للشيعي أن يأتي بما يستنكره ويتبرأ منه لدى الأخرين !
 
فما هي الميّزة التي يتميّز بها الشيعي عن غيره يا تُرى ؟ ولماذا لا يحق ولا يجوز لغيره إتّباع شخص قد دخل وصلّى وتحدث بشكل أو بآخر مع النبي الأكرم (صلّ الله عليه وآله) , رغم أنّ شخص النبي الأكرم (ص) معصوم عن الخطأ والزلل,
 
بينما يحقّ للشيعي (على فرض وجوده) أن يعتبر أنّ كلّ من تحدّث ودخل لبيت أحد من مراجع الدين أو قامَ بعمل مّا بصحبته أو بأمرته فهو تقي عادل زاهد وعالم بالضرورة ؟ !
 
أليس هذا من مصاديق الجهل والصنمية التي حاربها الشارع المقدس وسار على نهجه الأئمة المعصومون (عليهم السلام) وأتباعهم الصالحون (رضوان الله عليهم) ؟
 
فإنّ هذه النظرة الساذجة التي يعمل وفقها الكثير من المسلمين - هداهم الله تعالى وبصّرهم بشؤون دينهم - تُحَمّل النّبيّ الأكرم (صلّ الله عليه وآله) مالا يحتمله شرعاً وعقلاً. كذلك تُحمّل الفقهاء ومراجع الدين ما لا يحتملونه شرعاً وعقلاً. ألا وهو الحكم بما لم يُنزل به الله تعالى من سلطان !
 
فإنّ المطالبة بقيام النبي الأكرم (ص) بطرد وإبعاد أي شخص يعلمُ (بإذن الله تعالى) بفساده, لهو من ضرب الخيال والوهم الناتج من الجهل.
 
كذلك هو الحال للفقيه الجامع للشرائط, فإنّ مطالبتنا لهم بترك أو تحريم إستعمال كلّ غير عادل وغير تقي وغير زاهد, لهو من الوهم والخيال وليس له مستند شرعي في الدين الإسلامي المبين.
 
 
ثالثاً. إنّ منشأ هذا التحميل لشخص النّبيّ الخاتم (صلّ الله عله وآله) أو لمراجع الدين هو حيرة الشخص بين ( تسفيه الذنب ) أو ( تسفيه المُذنب ). وهذا هو سرّ سقوط مفهوم الذنب والخطيئة عند الكثير من المسلمين لأجل عدم تسفيه وتخطئة المذنب للأسف الشديد.
 
فبدلاً من تعظيم حرمة الذنب والمعصية, نجدهم يُقدّسون ويعظمون ( المذنب ), ويُسفّهون ( الذنب) ويسطحون عمق خطورته وأثاره على المسلم وعلى المجتمع الإسلامي عموماً. كلّ ذلك لأجل مصالح دنيوية أو شخصية, ويسير خلفهم هذا الكمّ الهائل من التابعين دون وعي وإدراك.
 
والسلام
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم


تجدر الإشارة إلى أنّ الهدف من هذا التدقيق في لفظ الوكيل ( وهو المُجاز في أخذ الحقوق الشرعية غالباً !) وتحديد صلاحيته من قبل الفقهاء الكرام هو لمنع ترتب الأثار الخطيرة من الخلط بين السليم والسقيم من الآراء, أو بين ما هو حُجّة شرعية وتكليف شرعي يُحدد بموجبه ما ينبغي للمسلم فعله وتركه, وبين ما هو رأي لا يلزم الأخذ به, فضلاً عن عدم جواز ذلك في أحياناً كثيرة.
 
فإنّ أحترام الحكم الشرعي والقانون الالهي الذي يتكّفل صيانة وحفظ البشرية من الضياع والهلكة, لهو أرفع وأهمّ وأخطر من حفظ ( سمعة ) أو ( لقب ) بعض الأشخاص الذين أعتاد الناس على سماعها, أو ألَفها بعض المجازون في أخذ الحقوق الشرعية.
 
ونظراً للظروف الحساسة التي تمرّ بها الأمة الإسلامية في يومنا هذا ومواجهتها للعديد من المخاطر التي تستهدف مبادئها وتراثها وبلادها من قبل الأعداء, فلم يعد هنالك محل ولا عذر للمسلم في أن يتساهل في مسؤوليته في معرفة هوية وصلاحية وأهلية مصادر التوجيه والأرشاد في المجتمع الإسلامي.
 
فكون الأرشاد والنصيحة مسؤولية دينية إسلامية أمرنا بها الشارع وأكّدت عليه العديد من الأحاديث والنصوص الشريفة الوارد عن المعصومين (عليهم السلام) لا يلزم كون الفاعل لها وكيلاً أو ممثلاً أو مأموراً من أحد فقهاء الدين في إسداءها للأمّة !
 
فلا ملازمة بين تنفيذ شخص من طلبة العلم لعمل مّا وبين صلاحيته لقيادة الأمّة الإسلامية.
 
ولابد للفرد الشيعي اليوم – كما هي مسؤوليته في كل عصر ومصر – التدقيق في مصادر التوجيه والأرشاد, والأستعلام عن حقيقة وصلاحية الوكيل لأيّ من الفقهاء. وليس في هذا أيّ خدش لحرمته أو طعناً بشخصية أي وكيل أو مجاز لأخذ الحقوق الشرعية.
 
بل إنّ من الواجب على الوكيل للمرجع (والذي غالباً ما يكون مُجازا في أخذ الحقوق الشرعية) أن يفصح عن فحوى ومحتوى وكالته من موكّله بكل شفافية وأحترام لأيّ من السائلين المؤمنين. ولا ينبغي له الأستعلاء والمكابرة والعياذ بالله تعالى من ذلك.
 
حيث لو كان هدفه من تصديه لهذه الخدمة وقبوله للوكالة هو خدمة الإسلام والمسلمين وتطبيق التعاليم والأرشادات الإسلامية, فسؤال السائل له عن وكالته ومحتواها هي في الواقع لحفظ وصيانة التشريع من التلاعب وفقدان الأعتبار له عند المسلمين, الأمر الذي قد يتسبب في إيجاده وأنتشاره بعلمٍ أو دون علم.
 
وللحديث صلة ..
والسلام


دعوة لإعادة النظر في شرعية المرجعية الدينية

بالرغم من تطور نظرية (المرجعية الدينية) إلى مستوى نظرية دولة تحت ظل (ولاية الفقيه) وتقنين عملية انتخاب (الإمام) أو المرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية عبر مجلس من الخبراء (الفقهاء) إلا ان عملية انتخاب (المرجع الأعلى) من بين عدد كبير من المجتهدين، خارج إطار الدولة الإيرانية ظلت عملية عشوائية وغير مقننة، إذ يتنافس عادة بعد وفاة كل مرجع عدد من المرشحين هنا وهناك من دون ان يملك أحدهم وسيلة فورية للحسم، مما يؤدي بعملية الانتخاب إلى الامتداد إلى سنوات.
 
في هذه الأثناء تحتدم المعركة بين المرشحين الذين قد يتبادلون الاتهامات الجارحة بعدم العلم أو بلوغ مرتبة الاجتهاد (كما فعل السيستاني مع السيد فضل الله) أو الجمود والتحجر، وحتى الفسق والانحراف والتنسيق مع الدوائر السلطوية الظالمة والأجنبية. وهو ما أدى ويؤدي إلى تمزق الساحة الشيعية وتبعثر القوى والجهود الخيرة.
 
وما يساهم في تعقيد المشكلة اكثر هو عدم وجود قواعد ثابتة لتعريف المجتهد أو الأعلم بين المجتهدين في الأوساط المرجعية، وذلك لعدم وجود منهج دراسي واضح أو قانون علمي للحصول على مرتبة الاجتهاد في الحوزات الدينية، إذ يقوم أساتذة الحوزة بمنح صفت الاجتهاد لتلاميذهم بناء على اختبارات شفوية أو معرفة شخصية بدلا من الاعتماد على امتحانات رسمية، أو تقديم دراسات علمية او التحقيق في مسائل معينة، الأمر الذي فتح الباب فعلا امام قيام كثير من الناس بادعاء الاجتهاد من دون وجه حق. وساعد هؤلاء المدعين المزيفين انتشار عادة استنساخ الكتب الفقهية السابقة المعروفة ب: (الرسائل العملية) وأجراء بعض التعديلات البسيطة جدا والتي لا تتعدى القول بالاحتياط أو الاحتياط الوجوبي أو الاستحبابي بعد كل فتوى.
 
وشملت عملية الادعاء للاجتهاد أو (الاجتهاد المزيف) بعض المرشحين الكبار للمرجعية الذين لم يقدموا أية إنجازات علمية حقيقية على أي صعيد،سوى ترديد الفتاوى السابقة، لكنهم فازوا بمقام المرجعية عن طريق الدعاية والاعلام وانفاق الأموال الطائلة على المحازيب والأنصار واطلاق أيدي الوكلاء في التصرف في الأموال العامة.
 
وهذا ما دفع ويدفع الكثير من الحريصين على المصلحة العامة إلى الدعوة إلى ترشيد المرجعية الدينية، وتشكيل مجلس فقهي لانتخاب(المرجع الأعلى). لكن هذه الدعوة لم تنفذ حتى الآن، لأنها اصطدمت بعقبة الصراع بين التيارات المختلفة في الحوزة التي يحاول كل منها ان يشكل المجلس من أعضائه فقط ويرفض الآخرين كما حدث في مجلس الخبراء الإيراني الذي تألف من أنصار الثورة الإسلامية والمؤمنين بولاية الفقيه وخط الإمام الخميني.
 
إلى مشكلة تعريف المجتهد وتمييزه عن المدعي للاجتهاد، ظلت طريقة انتخاب أو تعيين المجلس الفقهي مشكلة مستعصية على الحل، إذ يصر كل تيار تمثل في المجلس الفقهي أو لم يتمثل على كسب المعركة الانتخابية واحتكارها لنفسه، وقد لا يحظى انتخابه لشخص معين بموافقة بقية الأطراف الذين قد يظلون يشككون في سلامة العملية الانتخابية أو كفاءة المرشح، كما حدث ان رفض الكثير من التيارات الشيعية الاعتراف باجتهاد أو اعلمية السيد علي الخامنائي الذي انتخبه مجلس الخبراء الإيراني كخليفة للإمام الخميني، ولم ينجح حتى الآن في كسب قاعدة عريضة من المقلدين في داخل إيران أو خارجها.
 
تلقى الدعوة إلى إنشاء مجلس للفقهاء لانتخاب المرجع الأعلى معرضة قوية من بعض العلماء الذين يرون فيها محاولة لإنشاء مؤسسة بابوية شيعية شبيهة ببابوية الفاتيكان، وهو ما يعتبرونه بعيدا عن روح الإسلام الذي يفتح باب الاجتهاد للجميع ويرفض الكنسية أو الوصاية على الدين ويقول: ( ان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا).
 
لكن الداعين لمأسسة الاجتهاد وتنصيب مرجع أعلى للطائفة الشيعية في العالم كبابا الفاتيكان يبررون ذلك بوجود نوع من القداسة والهالة الدينية للفقيه باعتباره نائبا عاما عن الإمام المهدي الغائب، كما ينوب البابا عن السيد المسيح .
 
إلا ان المعارضين يردون عليهم برفض تأطير الفقهاء بهالة من القدسية ترفعهم عن مستوى النقد والمراقبة الشعبية والمحاسبة، لعدم ثبوت نظرية (النيابة العامة عن الإمام المهدي) وحدوثها في العصور المتأخرة، وعدم تمتع الفقهاء بأية ولاية على الأمة إلا بقدر ما تسمح لهم الأمة بها، إضافة إلى خطورة انشاء " بابوية جديدة" في ظل الإسلام.
 
وهناك دعوات جادة في صفوف جماهير الشيعة للتحرر من المركزية الفقهية والدينية واطلاق العنان لحركة ثقافية واسعة ترفض التقليد وتمارس الاجتهاد بشكل حر، وتقوم بادارة الاخماس والزكوات بصورة شعبية من خلال جمعيات اهلية تقوم بجباية الأموال وتوزيعها إلى مستحقيها من دون المرور بالمراجع أو وكلائهم الفاسدين الذين يلتهمون الأموال العامة ويورثونها إلى ابنائهم من دون ان يقدموا كشوفات بحساباتهم السنوية إلى الأمة. ويعتمدون في ذلك على الموقف الشيعي القديم (أيام الشيخ المفيد والشيخ الطوسي) الذي يؤكد عدم وجود أي نص شرعي يحتم تسليم الأموال إلى الفقهاء.
 
ويتساءل الكثير من مثقفي الشيعة عن شرعية احتكار المرجعية الفقهية والثقافية والسياسية والمالية بيد شخص أو اشخاص معدودين بحجة (الاجتهاد) علما ان الاجتهاد لم يكن معروفا عند الشيعة الامامية ولم يفتح بابه إلا في القرن الخامس الهجري، وكان التقليد في بداية نشوء الاجتهاد محرما عند الشيعة، كما يقول الشيخ الطوسي في كتاب (تلخيص الشافي):( ان العامي لا يجوز ان يقلد غيره، بل يلزمه ان يطلب العلم من الجهة التي تؤدي إلى العلم) وكما يقول السيد ابن زهرة في (الغنية):( لا يجوز للمستفتي ان يقلد المفتي، لأن التقليد قبيح ولأن الطائفة الشيعية مجمعة على انه لا يجوز العمل إلا بعلم، وإنما أمر أهل البيت برجوع العامي إلى المفتي فقط، فأما العمل بقوله تقليدا فلا. والفائدة في ذلك ان يصير له بفتياه وفتيا غيره من علماء الامامية سبيل إلى العلم بإجماعهم فيعمل بالحكم على يقين) ويقول الفتال النيسابوري في (روضة الواعظين) باب الكلام في فساد التقليد: ( اعلم ان حد التقليد هو قبول قول الغير بلا دليل وحجة، فإذا ثبت حده فهو باطل، لأنه قبل النظر لا يعلم المحق من المبطل , وقد قال الله تعالى: ( لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم انك إذا لمن الظالمين) وقال أمير المؤمنين: (من أخذ دينه منن أفواه الرجال أزالته الرجال ومن اخذ دينه من الكتاب والسنة زالت الرجال ولم يزل)). فكيف يطالب الفقهاء المعاصرون عامة الشيعة بالتقليد والطاعة والتبعية والاستسلام؟ ويحاولون مصادرة حق الأمة في الاجتهاد والحرية الفطرية والسيادة علة نفسها باسم (النيابة العامة عن الإمام المهدي)؟ ان ما يخيف أوساط المثقفين في الشيعة هو محاولة بعض المحافظين انشاء مؤسسة تحتكر تفسير الدين وتأويله والنطق باسمه، تماما كما فعل ويفعل الباباوات في الدين المسيحي. ويربط المثقفون بين محاولة المحافظين للهيمنة على الحياة الفكرية والسياسية داخل الطائفة وقيام الباباوات في القرون الوسطى الأوربية بالهيمنة على الحياة الفكرية والسياسية وتنصيب الملوك وإلغاء دور الأمة السياسي. وكما كان الباباوات ولا يزالون يدعون التحدث باسمه تعالى فان مثقفي الشيعة يخشون تصدي بعض الفقهاء غير المعصومين والمعرضين للفسق والخطيئة ان يتبوأوا منصب ولاية الفقيه وادعاء العصمة، وهو ما يحمل معه اسوأ أخطار الديكتاتورية الدينية.
 
ان نظرة تحليلية لتاريخ المرجعية الشيعية تكشف عن انها كانت في بداية نشوئها نظرية بسيطة جدا تقوم على مبدأ ضرورة استشارة الجاهل للعالم في أمور الدين والحياة، ولكنها تطورت لاحقا لتنحصر في (تقليد) مرجع معين، أو تصبح قيادة سياسية، ثم سياسية كاملة ذات ولاية مطلقة، كما هو الحال في إيران اليوم، وتضخمت لتصبح شبه بابوية تحاول احتكار كل شيء من السياسة إلى الفقه والفكر والثقافة، كما طالب أخيرا رئيس القضاء في إيران الشيخ محمد يزدي، وهذا ما يستدعي الوقوف واعادة النظر في شرعية (المرجعية الدينية) وصحة انتمائها لخط أهل البيت أو النيابة عن (الإمام المهدي).
 
يؤسف ان كثيرا من أدعياء الاجتهاد الذين يتصدون للمرجعية يقتصرون في دراساتهم على الفقه والأصول ويهملون دراسة التاريخ الإسلامي والشيعي خصوصا، ويبنون عقائدهم " التاريخية " على التقليد للسابقين، أو يتعاملون مع قضايا كقضية (النيابة العامة) بروح أخبارية بعيدة عن منطق الاجتهاد والتحقيق، فضلا عن بحث موضوع أساسي كموضوع وجود (الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري) الذي كان محل خلاف بين الشيعة الامامية في القرن الثالث الهجري. وهو ما يفسر حالة الصمت والتهرب من الحوار حول الموضوع ورفض الدعوة التي وجهتها قبل عامين إلى علماء الحوزة العلمية لدراسة موضوع وجود الإمام الثاني عشر وولادته.
 
وإذا لم يكن الداعون للبابوية الشيعية مستعدين لمناقشة موضوع وجود الإمام الثاني عشر لأنهم يستندون في فرض هيمنتهم على الشيعة على أساس ذلك الادعاء، فان من مصلحة الجماهير المؤمنة ان تعيد النظر في هذه القضية كمقدمة للتحرر من سلطة " الباباوات الجدد".
 
* نشرت في جريدة الحياة بتاريخ 4. 8.1997


ما هي العلاقة السليمة بين الأمة والمرجعية الدينية؟

تدور في الأوساط الشيعية عدة أسئلة حول الصفات الضرورية التي يجب ان يتحلى بها المرشح للمرجعية الدينية،وضرورة إصلاح المؤسسة الدينية وتطوير المرجعية من النظام الفردي الى النظام الجماعي المؤسسي الذي يضمن انتقال الخبرة الى المراجع القادمين ويديم حبل الوصل بينهم ولا يضطرهم بعد وفاة كل مرجع الى البدء من نقطة الصفر.
 
من الواضح ان تقدم اية أمة مرهون بتمتعها بقيادات كفوءة حيوية وفاعلة، وان الامة الاسلامية، والشيعية بالخصوص تعيش اليوم في عالم متصارع تتنافس فيه أمم كثيرة للتقدم والسيطرة على الآخرين، وتتعرض فيه الامة الاسلامية لخطر السحق والإبادة وطمس الهوية واستلاب الحقوق والحريات العامة واخراجها من حلبة التاريخ، ولا يمكن للشيعة ولا للمسلمين من المحافظة على الذات وحماية المحرمات الا بوجود قيادات قوية كفوءة وفاعلة. وان تسليم زمام الأمور بيد قيادات ضعيفة وعاجزة ومشلولة او منعزلة عن الحياة هو حكم بإضعاف الأمة وشلها وإصابتها بالعجز، وهو ما يشكل افضل خدمة نقدمها للأمم المنافسة والمعادية للفوز في معترك الحياة. ومن هنا فقد أدرك كثير من طلائع الأمة الثورية وعلمائها ومثقفيها: ان أزمة الطائفة تكمن في أزمة المرجعية والنظام الفردي الشامل والمطلق، وقالوا: ان عملية الإصلاح الحضاري لا يمكن ان تتم الا باصلاح المرجعية الدينية والتوصل الى افضل الطرق لانتخاب افضل القيادات الكفوءة الحيوية والفاعلة.
 
وقد طرح بعض المصلحين كالإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) نظرية المرجعية الرشيدة القائمة على التخصص العلمي والإداري، وطرح آخرون كالامام الشيرازي نظرية شورى الفقهاء، وهناك نظريات إصلاحية اخرى تدور حول النسبية في التقليد والتعددية في المراجع. ولا زال همَ إصلاح الطريقة المرجعية يؤرق كثيرا من أبناء الامة المخلصين والعاملين في سبيل اقامة حكم الله في الأرض وتعزيز مكانة الامة الاسلامية بين أمم الأرض. وذلك بالرغم من المواقف السلبية التي اعتاد بعض المنتفعين والمتطفلين على موائد المراجع في التشكيك بأية دعوة مخلصة للإصلاح والتغيير واتهامها جزافا بالتآمر ومحاولة إضعاف المرجعية.
 
وانطلاقا من إيماننا بضرورة الإصلاح وارتباط ذلك بمصالح الأمة الحيوية ووجودها ومستقبلها، وضرورة الحوار والاجتهاد الشعبي العام من أجل التوصل الى افضل الصيغ  القيادية، نرى ان الواجب يحتم علينا تقديم بعض الأفكار لعامة المؤمنين أملا بأن تكون مادة أولية للنقاش والبحث، من أجل الاهتداء لما فيه الخير والصواب.
 
وفي البدء لا بد ان نشير، باختصار، الى ان الصيغة الموروثة الراهنة من المرجعية الدينية لم تنبثق فجأة  ، وانما تطورت عبر الزمان والمكان، ومن يراجع كتب مشايخ الطائفة الشيعية السابقين كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وسلار وابن إدريس والمحقق الحلي والعلامة الحلي لا يجد لها أثرا، وقد ابتدأت الصيغة المرجعية من مرحلة رواية الأحاديث بشكل بسيط في القرون الهجرية الاولى ثم انتقلت في القرن الخامس الهجري على يدي الشيخ الطوسي الى مرحلة بسيطة من الاجتهاد، ثم تطورت بعد ذلك في القرن السابع الهجري على أيدي علماء الحلة الى مرحلة متقدمة أكثر هي نظرية النيابة المحدودة والجزئية في بعض أبواب الفقه والحياة، ثم تطورت بعد ذلك الى نظرية النيابة العامة وولاية الفقيه في العهد الصفوي والعهد القاجاري في ايران ووصلت الى صيغتها الحالية حيث استجمعت في أيديها القيادة الفقهية والسياسية  والمالية في القرن الأخير، وهذا ما يدل  بقوة على ان الصيغة الحالية للمرجعية هي صيغة حديثة نابعة من الأعراف والتقاليد والظروف، وليست إطارا مقدسا ثابتا منصوصا عليه من الله عز وجل لا يمكن تغييره او تطويره واستبداله بشكل آخر افضل، وقد شاهدنا كيف طورت الثورة الاسلامية الإيرانية نظرية المرجعية الى نظرية الدولة والجمهورية الاسلامية.
 
والملاحظة الرئيسية التي تعاني منها الصيغة الحالية للمرجعية هي انها تركز كافة الصلاحيات التشريعية والمالية والسياسية والإدارية بيد رجل واحد وتلغي دور الأمة وحقها في إدارة شؤونها بأيديها، وتعزلها عن تحمل مسؤولياتها وممارسة واجباتها ضمن إطار الشورى،وكثيرا ما يكون المراجع فوق السن الطبيعية او على فراش المرض والموت مما يؤدي الى استيلاء الأبناء والحواشي على كافة الأموال والأمور باسم المرجع والمرجعية(يقال ان أحد المراجع ترك ملايين الدولارات إرثا خاصا لأبنائه). وقد أدت المبالغة في تركيز الصلاحيات بيد المراجع الى حدوث نوع من الشلل في الساحة الاسلامية وتكبيل النشاطات الإيجابية المختلفة،و أصبحت الشرعية السياسية من حق المراجع فقط، واصبحوا هم الوحيدين الذين يمنحون الشرعية لهذا الزعيم او ذاك، ويشترطون على الحركات الاسلامية والعاملين في سبيل الله ان يكونوا تحت ولايتهم. واصبحت الإدارة المالية للأموال والأخماس والزكوات وتوزيعها من مهماتهم فقط، وأخذ العلماء المتأخر ون يفتون بعدم جواز صرف المالك لأخماس ماله وزكواته الا عبر القنوات المرجعية الخاصة، بعد ان كان ذلك مفتوحا في العصور الأولى. واصبح (التقليد) منحصرا في رجل واحد طوال العمر وفي جميع المسائل بعد ان كان مفتوحا لكل الفقهاء وفي كل المسائل، ومحصورا فقط في المسائل الفقهية الغامضة والحادثة وبشرط عدم الإفتاء بما يخالف القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وسيرة أهل البيت (ع) وكان الشيعة أحرارا في الاجتهاد بأنفسهم او الرجوع الى أي واحد من الفقهاء كما يراجعون أي طبيب.
 
ان كل ذلك حصل في الصيغة الراهنة للمرجعية في العصور المتأخرة بعد ان لم يكن موجودا في السابق ونتيجة لظروف معينة وحاجات خاصة، وقد نمت المرجعية كقيادة للأمة وتضخمت من طرف واحد ومن دون مراعاة لحقوق الأمة الدستورية كحق المراقبة والمحاسبة والنقد والنصب والعزل، ومن دون تحمل المرجعية لواجباتها في الرعاية والدفاع والقيادة والتأمين الاجتماعي بصورة كاملة، ومع الأسف الشديد أدت العلاقة غير الطبيعية وغير المتوازنة بين الأمة والمرجعية الى قطع كثير من الناس لعلاقتهم بالمراجع والامتناع عن أداء الحقوق الشرعية والى حدوث ردة فعل عن الدين بصورة عامة، واذا كان هذا الموقف السلبي مرفوضا من قبل المؤمنين فان إصلاح العلاقة بين الامة والقيادة كفيل بإبقاء العلاقة الطيبة وتمتينها من جهة  ، والحؤول دون نشوء الديكتاتورية باسم الدين من جهة اخرى.
 
ويتمثل الإصلاح في نظرنا بقيام العلاقة بين الأمة والعلماء على أساس العقد الاجتماعي المتبادل: الاستشارة والاحترام والدعم من الامة مقابل التصدي وتحمل المسؤولية والرعاية والأمانة من قبل العلماء، ولا بد ان يكون ذلك العقد واضحا ودقيقا في تحديد الصلاحيات والمسؤوليات، كأن يتم الفصل بين عملية التقليد في المسائل الفقهية وبين عملية القيادة السياسية التي تحتاج الى كفاءات وطاقات غير العلم في مسائل الحلال والحرام، والتي تقوم على اساس الانتخاب الجماهيري العام للقائد الرئيس، كما حدث في الجمهورية الاسلامية الإيرانية التي فصلت بين منصب الفقيه ومنصب رئيس الجمهورية، مما يعطي الامة الحرية في انتخاب أية قيادة سياسية في أي مكان، واذا كان من الصعب او المستحيل توزيع منصب الرئاسة السياسية العامة بين عدد من الأشخاص فان العملية الفقهية ليست كذلك بل هي قابلة للتعددية ويمكن اعتماد النسبية فيها من دون حدوث مشاكل كبيرة، وذلك بالرجوع الى عدد من الفقهاء في وقت واحد حسب الاختصاصات المختلفة لكل منهم، بل ان الحاجة المتطورة تقتضي وتفرض الرجوع اللجوء الى عدد كبير من العلماء المختصين، وعدم الجمود والاقتصار على شخص واحد مدى الحياة والرجوع اليه في جميع المسائل.
 
أما الخمس والزكاة والحقوق الشرعية فقد اعتاد الفقهاء على أخذها في القرون الأخيرة في مرحلة ما قبل اقامة الدولة الاسلامية لادارة شؤون الحوزة العلمية، ومع قيام الدولة الاسلامية أخذت هي تجبي الضرائب الشرعية وتقوم بواجباتها إزاء المجتمع، واذا كان بعض الفقهاء خارج إطار الدولة الاسلامية يصر على جباية الأخماس والزكوات من الأتباع والمقلدين فلا بد ان يتحمل مسؤوليته إزاء هؤلاء الناس المنفقين  ، على الأقل، وان يرد لهم الجميل عند العوز والفاقة ويضمن لهم تأمين حياتهم ماليا، فلا يجوز للفقيه ان يأخذ من الناس دون ان يعطيهم، فان الحاكم الاسلامي الذي يتصدى لأخذ الحقوق عليه واجبات لا بد ان يؤديها اذا احتاج المجتمع وخاصة الأفراد الذين دأبوا طوال حياتهم على أداء حقوقهم الشرعية، فان الاسلام يكفل للمؤمنين سد حاجاتهم وأداء دينهم، واذا عجز المراجع عن أداء واجباتهم، أو حصل الشك في كيفية صرفهم للأموال فان ذلك يفتح الباب واسعا أمام الأمة لكي تقوم هي بمهمة الجباية والتوزيع وتأمين الفقراء والمحتاجين بنفسها، علما بأنه لا يوجد نص شرعي يحتم تسليم الأخماس والزكوات الى الفقهاء او يحرم قيام الأفراد بصرفها بأنفسهم، وقد ذكر ذلك بوضوح كل من الشيخ المفيد في (المقنعة) والشيخ الطوسي في (النهاية) وابن إدريس في (السرائر) والقاضي ابن براج في 0المهذب) وأبو الصلاح الحلبي في (الكافي في الفقه) والمحقق الحلي في 0شرائع الاسلام).
 
واخيرا فان عملية الإصلاح في نظام المرجعية الدينية لا بد ان تمتد الى الأسس والمقاييس التي يتم التعرف من خلالها على الفقيه الصالح والأفقه بعيدا عن التأثر بأجواء الدعاية المصلحية والإعلام الحزبي والتنافس السلبي بين الأجهزة المرجعية والحواشي الذين يعقدون الصفقات ويبالغون في الدعوة لهذا العالم والتهجم على ذاك، ويتفننون في إخراج "العلماء" فجأة من غياهب المجهول ويرشحونهم للمرجعية والتقليد، دون ان يكون لهم حضور سابق او قدرة على التفاعل مع الحياة، هذا وان العلم والأعلمية التي يتشبثون بها ومعرفتها ليست طلسما غامضا لا يستطيع إدراكه الا مجموعة صغيرة ممن يطلقون على أنفسهم (اهل الخبرة) إذ يستطيع أي انسان ان يتعرف على نظريات العالم المرشح للمرجعية – اذا كان يمتلك ذلك حقا – والتأكد من هوية العلم وطبيعة الإنجازات العلمية التي حققها ومدى التفاضل بينه وبين سائر العلماء، كما يستطيع أي فرد عادي ان يتعرف على نظريات المرشحين لمنصب الرئاسة الذين يستعرضون أفكارهم ورؤاهم وطرقهم لحل مشاكل البلاد أمام وسائل الإعلام العامة.
 
ان الطائفة الشيعية والامة الاسلامية تحتاج اليوم الى علماء دين يعيشون ويشعرون بمشاكلها ويعانون آلامها ويتصدون للعمل من أجل إصلاحها، وهي بأمس الحاجة الى قيادات كفوءة وفاعلة تقود مسيرة الامة في معترك الحياة، وتحترم الامة وتؤمن بالشورى وتمارسها في كل مجال، ومن البديهي ان الفوز بهكذا قيادة  يتوقف على اختيار الأمة الناجح ووعيها وحضورها وممارسة دورها الفاعل الى جنب الفقهاء.


المرجعية الدينية الشيعية.. دولة في الدولة.. ونموذج للديموقراطية الشعبية

عناوين جانبية:
 
مصدر قوة المرجعية: الاعتماد على الشعب وتبني مطالبه العادلة 
المرجعية لعبت دورا كبيرا في تهذيب الدولة الصفوية و ألزمت الملوك بالتقيد بالشريعة الاسلامية 
الحوزة ساحة حرة ومفتوحة لطلب العلم ترفض النظام وتهرب من الدولة 
المرجع الأعلى ينتخب من الشعب ولا يمر بمؤسسة ولا يعين بقرار 
تبلورت في القرون الأخيرة أعراف وتقاليد حصرت عملية (التقليد) في شخص واحد مدى الحياة وأعطته نوعا من الولاء السياسي 
تعاظم الدور السياسي للفقهاء في ظل انعدام الدولة الشيعية الشرعية 
استمد الفقهاء الشيعة شرعيتهم الروحية والسياسية من نظرية النيابة العامة للامام المهدي 
الامام الصادق يأمر كبير الفقهاء الشيعة ببيع التمر على باب مسجد الكوفة 
فقهاء كبار يفتون بعدم وجوب إخراج الخمس في (عصر الغيبة) 
ماهو دور بازار طهران في عملية انتخاب المرجع الأعلى؟ 
المصادر المالية المجهولة تغطي الأيادي المشبوهة  في حواشي بعض المراجع 
الاصلاحيون يطالبون بتسجيل الوارد والصادر وتنظيم رواتب الطلبة والوكلاء
 
تلعب المرجعية الدينية الشيعية دورا مهما في الحياة الثقافية والسياسية في المجتمعات الشيعية في أكثر من بلد في الشرق الأوسط وفي سائر أنحاء العالم، حيث أصبحت المرجعية الدينية دولة حاكمة في ايران او دولة فوق الدولة او داخل الدولة،كما قد يحلو للبعض وصفها، في بلاد اخرى.
 
وقد اكتسبت قوتها من اعتمادها على الشعب في مصادر تمويلها وانتخابها وتناغمها مع المطالب الشعبية ومحاربتها للديكتاتورية والاستبداد. ولعلها تشكل أفضل نموذج على الديموقراطية الشعبية والمؤسسات المدنية التي كانت تزخر بها الحياة الاسلامية قبل ان تحطم موجة الحداثة الغربية التي عمت العالم الاسلامي في القرن الماضي مختلف مؤسسات المجتمع المدني لصالح قيام الدول العسكرية المستبدة.
 
صحيح ان الدول الاسلامية لم تعرف في تاريخها الطويل أنظمة ديموقراطية مشابهة لما هو موجود في الغرب، ولكنها عرفت تحرك المجتمع على ضوء قيم العلم والتقوى بعيدا عن محور المال والقوة، وانتاج قيادات شعبية تقوم بدور الدولة او موازية للدولة في المفهوم الحديث، وكانت المرجعية الدينية الشيعية واحدة من المؤسسات التي أفرزها المجتمع الاسلامي في مواجهة الهيمنة السلطوية ومن  أجل تحديد طغيانها. وقد لعبت المرجعية الشيعية دورا كبيرا في تهذيب الدولة الصفوية التي قامت في ايران في القرن الخامس عشر، وألزمت الملوك الصفويين الذين كانوا يصطرعون على السلطة،  بالتقيد بالشريعة الاسلامية واحترام حقوق الناس، وذلك عن طريق اعطائهم الاجازة للحكم بالنيابة عن الفقهاء.
 
وكان الملوك الإيرانيون خلال القرون الخمسة الماضية يتدخلون أحيانا في عملية تنصيب بعض الفقهاء كشيوخ للإسلام ويقدمون لهم الدعم المالي والأوقاف الشرعية، ولكن مسيرة الفقهاء عموما كانت مستقلة عن الملوك بسبب طريقة انتخابهم عبر الناس وعدم اعتمادهم على تنصيب الملوك لهم. ومن هنا كانت المرجعية الدينية، بصورة عامة، مستقلة عن المؤسسات الرسمية ورافضة لهيمنتها المالية والإدارية والثقافية والسياسية .  
 
كان طالب العلم الشيعي يفضل حياة التقشف وتحمل الجوع على حياة الدعة والرغد في سبيل المحافظة على استقلاله الفكري والعملي، ويتجنب جدا الدخول في الوظائف الرسمية، وأخشى ما يخشاه ان يحسب على حاشية أحد السلاطين.
 
كيف يصبح طالب العلم مرجعا؟
 
يمضي طالب العلم الديني في الحوزة بضع سنوات يتعلم فيها اللغة العربية والأصول والفقه والحديث، حسب الكتب المقررة، ثم يدخل حلقة أحد الفقهاء الذين يدرسون (خارج الكتب) اي يلقون محاضرات متخصصة في الفقه والأصول، وبعد ان يدرس بضع سنين اخرى يصبح مجتهدا، ويعطيه استاذه (اجازة) في الاجتهاد، فيبدأ بتشكيل حلقة خاصة من الطلاب الجدد، ويتدرج في سلالم التدريس، فتشيع سمعته وينتشر صيته في الأوساط العلمية ثم في الأوساط الشعبية عن طريق طلابه، فيقبل عليه المؤمنون ويستفتونه في مسائلهم الشرعية ويقدمون اليه أخماسهم وزكواتهم ليوزعها على طلبة العلوم الدينية والمحتاجين والفقراء وسائر النشاطات التبليغية والثقافية، ويقوم الوكلاء الذين ينتشرون في المدن والقرى والأرياف بالدعوة الى ذلك المراجع والشهادة بأعلميته وجدارته للمرجعية،  وهكذا يصبح مرجعا دينيا لقطاعات واسعة من الشيعة عبر الحدود الدولية  والقومية، ويتمتع بمكانة روحية عالية تؤهله لتبوء منصب المرجع الديني الأعلى للطائفة الشيعية في العالم، دون ان يمر بمؤسسة دينية خاصة او يحظى بقرار من رئيس معين او دائرة معينة .
 
وعادة ما تبرز أسماء عدد من المراجع الشباب بعد وفاة المرجع الأعلى السابق، وتتم عملية انتخاب المرجع الأعلى الجديد بصورة صامتة وهادئة وشعبية وعملية من دون صناديق اقتراع او ضجة إعلامية، وانما من خلال ترشيح الطلبة وعلماء المناطق المختلفة الذين يعلنون تأييدهم لمرجع معين ويطلبون من عامة الناس تقليده. ويحدث أحيانا كثيرة ان ينقسم العلماء وطلبة العلوم الدينية بين عدد من مراجع التقليد هنا وهناك، وقد يلعب الموت عاملا حاسما في تصفية الساحة وإبراز واحد معين يصبح المرجع الأعلى لبضع سنوات.
 
ويبدأ المرجع عادة بالنزول الى الساحة بعد حمل لقب (آية الله) ونشر فتاواه في (رسالة عملية) والرسائل العملية تضم الفتاوى التي يحتاجها المقلدون في مختلف الأبواب العبادية والمعاملات والعقود، وهي تتشابه الى حد كبير ولا تختلف الا في أمور بسيطة  من حيث شدة الاحتياط او التساهل والتبسيط، وعادة ما تدور حول أمور بحثها المجتهد مع تلامذته بشكل استدلالي ولكنها تقدم لعامة الناس بصورة موجزة ومختصرة ومجردة من الأدلة التفصيلية.
 
ويشترط في مرجع التقليد أمور أبرزها الفقه والعدالة والحياة، وقد اضاف اليها القائلون بولاية الفقيه شروطا أخرى كالشجاعة والكفاءة والوعي السياسي والقدرة على الادارة والتدبير، وهي شروط تتعلق بدور القائد السياسي أكثر مما تتعلق بدور الفقيه
 
  نواة المرجعية
 
لقد كان الشيعة في القرون الاسلامية الأولى يرجعون الى أئمة أهل البيت يستفتونهم في مسائل الحلال والحرام، واشتهروا بالجعفرية نسبة الى الامام جعفر بن محمد الصادق الذي عاش في النصف الأول من القرن الثاني الهجري، وبعد حقبة أهل البيت كان الشيعة يأخذون العلم من أي فقيه او راو دون تحديد او حصر في شخص معين قبل ان تتبلور في القرون الأخيرة أعراف وتقاليد قننت عملية (التقليد) وحصرته مدى الحياة في شخص معين وأعطته نوعا   من الولاء السياسي والقيادة العامة. وقد بدأت هذه الحالة الجديدة منذ قرنين تقريبا عندما تكونت (المرجعية) بشكلها المعروف اليوم.
 
لم يكن (المراجع) قديما يقومون بمباشرة العمل السياسي وانما كانوا يكتفون ببيان الأحكام الشرعية فقط، ولكنهم تدريجيا أخذوا ينغمسون ببعض الأعمال الاجتماعية من باب الحسبة،  وقد تعاظم الدور السياسي للفقهاء الشيعة في ظل انعدام الدولة الشيعية الشرعية، أو عدم اعتراف المرجعية الدينية بالدول القائمة. وبرز لأول مرة الدور المؤثر للمراجع في أواخر القرن التاسع عشر عندما قام المرجع الديني الأعلى الميرزا محمد حسن الشيرازي الذي كان يقيم في مدينة سامراء في العراق، بإصدار فتوى تحرم استعمال التبغ (التنباك) بأي شكل من الأشكال زراعة وتجارة واستعمالا، من أجل إلغاء اتفاقية تجارية حصرية وقعها شاه ايران ناصر الدين القاجاري مع شركة بريطانية عام 1890. ثم برز الدور الكبير لفقهاء النجف في حركة المشروطة (الحركة الدستورية الديموقراطية) التي نجحت في فرض الدستور في ايران عام 1906، وقام علماء الشيعة بعد ذلك بمقاومة الاحتلال البريطاني للعراق في الحرب العالمية الاولى وقيادة ثورة العشرين التحررية.
 
استمد الفقهاء الشيعة شرعيتهم الروحية  والسياسية من كونهم (نوابا عامين عن الامام الغائب المهدي المنتظر) وهو ما سمح لهم بإعطاء الوكالة للملوك الصفويين للحكم باسمهم منذ القرن الخامس عشر، ثم سمح لهم بممارسة الولاية العامة وتنفيذ الحدود وجباية الأخماس والزكوات وتطبيق الشريعة الاسلامية وإعلان الثورة والجهاد بصورة مستقلة وبعيدا عن موقف الدول القائمة وإرادتها او في مواجهتها، الأمر الذي أعطى انطباعا خاصا عن المرجعية الدينية الشيعية بأنها دولة فوق الدولة او داخل الدولة، خلافا للمرجعية الدينية السنية التي اعتادت على أداء دور معين الى جانب السلطة المدنية وضمن مؤسسة معترف بها ومعترفة بالسلطة، غير منافسة ولا طامحة للاستيلاء على السلطة او الحكم باسم الدين .
 
وبالرغم من تطور المرجعية الدينية الشيعية وتأسيسها للجمهورية الاسلامية في ايران، الا انها لم تذب في مؤسسات الدولة حيث ظلت محافظة على استقلالها وهيمنتها على مؤسسات الدولة، وعلى استقلالها السياسي ومواردها المالية الشعبية الخاصة. وقد استمر الامام الراحل الخميني وخليفته الخامنئي بممارسة دور المرجعية الى جانب قيادة الدولة، وذلك بإصدار الفتاوى الشرعية واستلام الأخماس والزكوات وتعيين الوكلاء والمندوبين داخل ايران وخارجها، وحافظت الحوزة العلمية في قم على استقلالها المالي والإداري والعلمي ورفضت تدخل الدولة واحتضنت عددا من المراجع المعارضين لنظام الحكم في ايران، أو على الأقل شهدت مرجعيات مستقلة تتعالى على الخضوع لرئيس الدولة الحاكم حتى لو كان مرجعا دينيا كالإمام الخميني او الخامنئي.
 
وقد يستغرب البعض خارج ايران اذا عرف ان الدولة الايرانية تتوسل الى طلبة العلوم الدينية لكي يتبوءوا مراكز القضاء وهم يهربون منها، وقد وجه كل من الامام الخميني والسيد الخامنئي عدة مرات دعوات ملحة الى الطلبة للتعاون وانتقدا حالة السلبية التي يلتزم بها الكثير في الحوزة، ولكنهما لم يستطيعا ان يكسرا الحالة السلبية التقليدية والمتوارثة  ، وهذا ما دفع الدولة الايرانية الى انشاء مدارس خاصة لتربية القضاة والمبلغين
 
الخارطة المرجعية
 
من النجف الى قم وبيروت
 
تمركزت المرجعية الدينية الشيعية العليا منذ أكثر من قرنين في مدينة النجف في العراق، بعد رحلة طويلة تجولت فيها بين مدينة الحلة وجبل عامل وأصفهان وقزوين وقم وسامراء وكر بلاء والبحرين، وعادت لتستقر في النجف في أواخر القرن الثامن عشر، بعد شق نهر الهندية الذي مون المدينة بالمياه العذبة.
 
ونظرا لدور المرجعية السياسي في العصور المتأخرة كانت تتعرض لضغوط هائلة لتحجيمها او منعها من التدخل في الشؤون السياسية، وقد تعرضت بعد فشل ثورة العشرين في العراق الى ضربة قاصمة من قبل الحكومة العراقية التي سفرت الى ايران ثلاثة من أكبر المراجع آنذاك هم السيد أبو الحسن الاصفهاني والشيخ محمد حسين النائيني والشيخ مهدي الخالصي، ولم تسمح لبعضهم بالعودة الى العراق الا بعد التعهد بعدم التدخل في الشؤون الداخلية العراقية. وتعرضت المرجعية الدينية في نفس الوقت الى ضربة اخرى من ايران في أيام الشاه رضا بهلوي عندما منع  إرسال الأخماس والزكوات الى النجف وحال دون سفر الإيرانيين الى العراق، مما ساعد على بروز مرجعية دينية في قم  بزعامة السيد حسين البروجردي. ولكن الشاه محمد رضا بهلوي (الإبن) الذي كان ينوي اتخاذ إجراءات علمانية سياسية واقتصادية واجتماعية وجد من مصلحته إضعاف المرجعية في ايران ودعم مرجعية النجف في الستينات، حتى تخف معارضة رجال الدين الإيرانيين له، وهكذا أبعد الامام الخميني الى العراق و أبقى على مرجعية  الشريعتمداري والكلبايكاني والمرعشي النجفي في قم.
 
  وفيما كان الشاه يرتاح لبعض الوقت من المرجعية الثورية، كان النظام العراقي وخاصة نظام حزب البعث 1968 يتضايق من نمو الحوزة في النجف ويحاول تحجيم مرجعية السيد محسن الحكيم، فقام بتهجير الآلاف من طلبة العلوم الدينية ومنع وصول الإيرانيين الى العراق وهجر الكثير منهم، ولكن النظام العراقي وجد في مرجعية خليفته السيد أبو القاسم الخوئي البعيد عن السياسية أفضل ضمانة لعدم تفجر الثورة ضده وابقاء المرجعية العليا تحت قبضته في النجف. وعندما قام التيار الثوري الاسلامي بالالتفاف حول  السيد محمد باقر الصدر، الذي تناغم مع الثورة الاسلامية في ايران ودعا الشعب العراقي عام 1979 الى الثورة ضد النظام العراقي لم يحض بتأييد المرجع الأعلى الخوئي وجهازه المرجعي  . ولهذا لم يجد النظام العراقي من مصلحته القضاء على مرجعية النجف بالمرة، خاصة بعد قيام الثورة الاسلامية في ايران واستقطاب الامام الخميني لقطاعات واسعة من الشيعة في العالم، حيث ظلت النجف تشكل قطبا مرجعيا في إزاء ايران وظل الخوئي مقيما في النجف حتى وفاته عام 1992
 
وبالرغم من تقلص الحوزة العلمية في النجف خلال الثمانينات والتسعينات الى درجة كبيرة، الا ان المرجعية العليا ظلت تتخذ من النجف عاصمة لها، ولم يمانع النظام العراقي من وجودها وتحركها ونموها في مواجهة مرجعية قم، وفي مواجهة النظام الإيراني الذي بدأ يسعى الى مد نفوذه في العراق.
 
وهكذا ظلت (المرجعية الدينية) في العراق خلال الثمانينات والتسعينات بعيدة عن التأثر بالنظام الإيراني، وبالرغم من الشعبية التي كسبها الامام الخميني كزعيم سياسي ثوري، الا ان عملية (التقليد) ظلت محصورة في عدد من المراجع المتواجدين في العراق، و لم يستطع النظام الإيراني وخاصة بعد وفاة الامام الخميني تحقيق اختراق كبير او اكتساب شعبية ومقلدين في العراق، بل ان الحركات الاسلامية العراقية المهاجرة ومعظم العراقيين المتواجدين في ايران ( ماعدا السيد محمد باقر الحكيم والشيخ محمد مهدي الآصفي) رفضوا مبايعة السيد علي الخامنئي او الاعتراف بمرجعيته، وتوزعوا على مرجعيات مختلفة في قم والنجف وبيروت. 
 
من جهته لم يحض الخامنئي بنفوذ يذكر خارج ايران الا في بعض الأوساط الخليجية واللبنانية، وبالرغم من الدعم الكبير الذي قدمته ايران الى (حزب الله) في لبنان وتعيين الخامنئي عددا من قادة الحزب كالسيد حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، والشيخ محمد يزبك، وكلاء شرعيين له، الا انه لم ينجح في حمل جميع أعضاء الحزب على تقليده، حيث لا يزال الكثير منهم على ولائهم للسيد محمد حسين فضل الله، وهذا ما أدى الى شن أجهزة إيرانية خفية حملة إعلامية شعواء ضد السيد فضل الله من أجل إخراجه من ساحة المنافسة المرجعية وقيادة الساحة الشيعية في لبنان. ويقال ان السيد جعفر مرتضى، الكاتب اللبناني المقيم في قم تلقى دعما من السيد الخامنئي لمهاجمة السيد فضل الله.
 
وكانت الساحة اللبنانية الشيعية قد شهدت تمردا سابقا على مرجعية النجف عندما استقل السيد موسى الصدر في قيادة حركة أمل في السبعينات وفرض نفسه "اماما" سياسيا عمليا، وتفوق على مرجعية الفقهاء الكبار الذين كانوا يعتزلون السياسة ويقتصرون على المسائل الفقهية. وكان للمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الذي أسسه الامام موسى الصدر دور كبير في بروز قيادة مرجعية شيعية خاصة في لبنان، بالرغم من عدم تصدي الصدر وخليفته الشيخ محمد مهدي شمس الدين للمرجعية الدينية، الا مؤخرا حيث طرح شمس الدين نفسه مرجعا للتقليد .
 
لهذا كان من الطبيعي ان يحدث نوع من الصراع الخفي بين المشاريع المرجعية المختلفة في لبنان، خاصة في ظل غياب أية مؤسسة لتنظيم عملية انتخاب المرجع الأعلى، وتحديد الأعلم والأقدر على قيادة الساحة.
 
وشكلت المرجعيات اللبنانية الحديثة خطرا على المرجعية التقليدية في النجف وقم، بفضل ما  تتمتع به من حيوية وحرية سياسية وإعلامية وتنظيمية وتربوية وتعليمية.
 
وهنا أصبحت منطقة السيدة زينب في ضاحية دمشق الجنوبية التي ضمت عددا من الحوزات والمعاهد وممثليات المراجع وجاليات عراقية وإيرانية ولبنانية وخليجية، مسرحا لمواجهة شديدة بين مرجعية السيد علي السيستاني والسيد محمد سعيد الحكيم (النجف) والشيخ جواد التبريزي والسيد محمد الشيرازي (قم) ومرجعية السيد محمد حسين فضل الله (لبنان). وساعد على اشتداد المعركة انقسام حزب الدعوة العراقي بين تقليد المرشد الإيراني السيد علي الخامنئي وتقليد فضل الله، حيث قاد الشيخ محمد مهدي الآصفي جناحا من الحزب يدعو الى الذوبان والاندماج في القيادة الإيرانية باعتبار الخامنئي وليا لأمر المسلمين في كل مكان، وذهب غالبية  كوادر الحزب المهاجرة الى سوريا والدول الأوربية الى تأييد السيد محمد حسين فضل الله.
 
أما في داخل العراق فقد نمت بعد وفاة الخوئي مرجعية كل من السيد علي السيستاني والسيد محمد سعيد الحكيم والسيد محمد الصدر الذي اغتيل عام 1999، وكان هناك مرجع آخر هو السيد محمد الشيرازي الذي نشط في كربلاء في الستينات ثم هاجر الى الكويت في السبعينات واكتسب كثيرا من المقلدين في الخليج وخاصة في الكويت والبحرين والمنطقة الشرقية، وانتقل الى ايران بعد انتصار الثورة، وكاد يتوسع في منطقة نفوذ الشريعتمداري بعد وفاته، في تبريز وفي مناطق أخرى من ايران، ولكن المخابرات الإيرانية حالت دون توسع مرجعيته خوفا من قيامه بمعارضة النظام الإيراني والضغط عليه  باتجاه تحقيق أطروحته في (شورى الفقهاء). ولم يحقق الشيرازي نموا كبيرا في عدد مقلديه منذ السبعينات بالرغم من وفاة عدد  من المراجع الكبار خلال السنوات العشرين الماضية، وذلك بسبب اصطدامه بخط النجف وخط ايران، مما حال دون تقدمه نحو سدة المرجعية العليا حتى الآن.
 
وخلال السنوات العشر الماضية حاولت السلطات الإيرانية إغراء الكثير من طلبة العلوم الدينية وخاصة من غير الإيرانيين للعمل معها والدعوة الى تقليد المرشد الخامنئي الذي لم يكن معروفا بالاجتهاد من قبل  ، مما أدى ببعض الطلبة وخاصة العراقيين والخليجيين الى الهجرة من ايران  ، ولما كانت النجف مغلقة حاليا في وجه طلبة العلوم الدينية، فقد  قرر كثير من الطلبة اتخاذ  قرية (السيدة زينب) في ضاحية دمشق الجنوبية مقرا جديدا لحوزة علمية شابة أضحت تنافس حوزة قم والنجف وتضم الآن حوالي ثلاثة آلاف طالب وأستاذ، وتشتمل على أكثر من عشر مدارس ويوجد فيها ممثلون لمختلف المراجع العرب والإيرانيين.
 
ومع ان السيد علي السيستاني الذي يعتبر (المرجع الأعلى ) الحالي يعيش في مدينة النجف في العراق، الا ان وكيله العام السيد جواد الشهرستاني يعيش في مدينة قم، ولذا فانه يضطر للتنسيق مع الأجهزة الإيرانية المتخصصة في شئون المرجعية في كثير من الأمور داخل ايران وخارجها، ويقال انه يمول قسما من مرجعية الخامنئي ويتكفل برواتبه الشهرية، كما يقال بأن الحملة التي يشنها جهاز السيستاني ضد السيد محمد حسين فضل الله موجهة في بعض جوانبها من قبل الاستخبارات الإيرانية .
 
إضافة الى شبكة المرجعيات المختلفة الممتدة من قم الى النجف وبيروت، توجد في الكويت مرجعية اخرى خاصة لطائفة خاصة من الشيعة هي (الشيخية) التي تطورت عن مدرسة الإخباريين التي انشقت في وقت سابق عن المدرسة الأصولية، وهي بزعامة الشيخ حسن الإحقاقي الحائري الاسكوئي، وتمتاز هذه المرجعية بانتقالها بصورة وراثية من واحد الى آخر، حيث ورث الشيخ حسن  المرجعية من أخيه الشيخ علي الذي كان ورثها عن أبيه عن جده، بعد ان رفضها ابن أخيه (الدكتور جعفر رائد)، ويتأهب الآن لتوريثها الى ابنه الشيخ عبد الرسول.
 
 وبعيدا عن الشيخية يوجد الآن في الحوزة عدد من الأساتذة الذين يعدون أنفسهم للمرجعية في المستقبل، كالشيخ جعفر السبحاني والشيخ ناصر مكارم الشيرازي والشيخ لطف الله الصافي والشيخ الوحيد الخراساني والشيخ جواد التبريزي وغيرهم وغيرهم .
 
المنابع المالية
 
يعتبر المال عصب المرجعية الدينية الحديثة، وكما في أية تجربة ديموقراطية يلعب المال دورا كبيرا في عملية انتخاب المرجع الأعلى، ومع ان أساس المرجعية يفترض ان يقوم على العلم والتقوى الا ان المال هو الذي يحسم عادة انتخاب شخص معين من بين الفقهاء العدول الأتقياء، ولا يكفي ان يكون الشخص فقيها وعادلا لكي يصبح مرجعا، اذا لم يكن يمتلك قوة مالية ترشحه لسدة المرجعية وتجلب الوكلاء اليه، ولا يعني هذا ان شخصا جاهلا او فاسقا يستطيع بسهولة ان يرتقي سدة المرجعية الدينية، ولكن لا يمكن إغفال دور المال في ارتقاء شخص  او سقوط شخص آخر. وهذا ما يفسر سيطرة العنصر الفارسي لعشرات السنين على سدة المرجعية، وذلك نظرا لعلاقات المراجع الإيرانيين مع بني قومهم في ايران الذين يقدمون التبرعات السخية إليهم عادة ولا يقدمونها الى العرب او العراقيين حتى لو كانوا أكثر علما وتقوى منهم، بسبب عدم معرفتهم بهم او عدم القدرة على التواصل اللغوي معهم.
 
هناك مصادر عديدة لتمويل المرجعية، كالهدايا والنذور والاوقاف وووصايا الموتى ولكن المصدر الرئيسي للتمويل يقوم على الخمس، وهي ضريبة طوعية يقدمها المؤمنون الشيعة بنسبة 20% من أرباحهم السنوية، بناء على تفسير خاص لآية الغنائم: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول) التي توجب اخراج الخمس من  الغنيمة واعطائه لله والرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين. وقد اعتاد بعض أئمة الشيعة من أهل البيت في القرن الثاني الهجري على مطالبة أتباعهم بتقديم الخمس اليهم باعتبارهم  من ذوي القربى، ولكن المراجع الشيعة السابقين لم يكونوا يأخذون الخمس، وينقل التاريخ ان الامام الصادق أشار على كبير الفقهاء الشيعة  (محمد بن مسلم) بالاتجار فأخذ يبيع التمر على باب مسجد الكوفة. و قد روى الشيخ  محمد بن علي الصدوق في القرن الرابع الهجري) رواية عن إسحاق بن يعقوب عن الامام المهدي الغائب يبيح فيها الخمس للشيعة في عصر الغيبة. وبناء على ذلك أفتى عدد كبير من علماء الشيعة لقرون طويلة بعدم وجوب إخراج الخمس في (عصر الغيبة) او دفنه او إيداعه حتى خروج (الامام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري).
 
والى وقت قريب لم يكن فقهاء الشيعة يقولون بوجوب الخمس ولا بوجوب تسليمه إليهم، وكانوا يعتمدون على الأوقاف بصورة رئيسية، و كانت الحوزة في القرنين الماضيين تعتمد في جزء كبير من ميزانيتها لأكثر من مائة عام على تركة أحد ملوك (مملكة أودة) في حيدر آباد الدكن في الهند، وهو ما كان يعرف ب: (خيرية أودة). وعندما نشأت نظرية (النيابة العامة وولاية الفقيه) بدأ بعض العلماء يقول بوجوب اخراج الخمس وتسليمه الى الفقهاء باعتبارهم (نوابا عامين) عن الامام الغائب. وربما كان الشيخ جعفر كاشف الغطاء أول من أوجب أخراج الخمس وتسليمه الى العلماء، وقد قام بحملة عامة لجباية الخمس دعما للدولة القاجارية (الايرانية) في حربها ضد الاحتلال الروسي في بداية القرن التاسع عشر.
 
أحدث هذا القول بوجوب الخمس، تحولا كبيرا في تاريخ المرجعية وفي بنيتها وتنظيمها.
 
ومنذ ذلك الحين أصبح للمراجع ميزانيات ضخمة لإدارة الحوزات العلمية في كل مكان و التصدق على الفقراء والمساكين وحتى لتمويل بعض المشاريع البلدية. ولعب بازار طهران دورا كبيرا في تمويل المرجعية منذ القرن التاسع عشر، وكان العامل الضاغط على المرجع السيد محمد حسن الشيرازي في اصدار فتوى تحريم التنباك عام 1892 التي ألغت اتفاقية حصر التنباك بالشركة البريطانية، والتي كان الشاه ناصر الدين القاجاري قد وقعها مع بريطانيا، لأن البازار كان المتضرر الرئيسي من تلك الاتفاقية. وظل البازار يشكل العامل الحاسم في ترجيح كفة مرجعية أي فقيه، وخاصة المراجع الفرس في العراق، فقد دعم البازار مرجعية السيد ابو الحسن الاصفهاني في مقابل مرجعية الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، المرجع العراقي الشهير في النصف الأول من القرن العشرين، ولأنه لم يجد مصدرا تمويليا كافيا فقد عجز عن  الحلول في مركز المرجعية العليا بالرغم من علمه الواسع وقدراته السياسية الفائقة، وعندما أصبح السيد محسن الحكيم مرجعا أعلى في الستينات اضطر الى ان يبعد (جماعة العلماء) العربية ويقرب الفرس من حاشيته لأنهم كانوا على علاقة وثيقة ببازار طهران واقدر على توفير ميزانيته المالية التي كانت تقدر بعشرة آلاف دينار عراقي شهريا. وانطوى بازار طهران على خطر التغطية على مصادر مالية مشبوهة (شاهنشاهية) كانت تتسلل بزي التجار لتحقيق مآرب خاصة وتشكيل (لوبيات) في حواشي بعض المراجع للضغط عليهم وتوجيههم الوجهة المطلوبة.
 
ونظرا لأهمية المال في حركة المرجعية وقوتها ذهب بعض المراجع المتأخرين الى وجوب تسليم الخمس اليهم شخصيا، وعدم جواز تسليمه الى أي فقيه آخر، بالرغم من عدم وجود أدلة شرعية تحتم ذلك، وذهب بعض آخر الى كون الخمس مالا خاصا للفقيه يجوز له التصرف به كيف يشاء كما يجوز له ايداعه في البنوك وتوريثه الى الأبناء وليس مالا عاما كأموال الدولة، يتوجب عليه ان يضع له سجلا خاصا ويقيد الوارد والصادر، ولذا لم يجد ذلك البعض ضرورة لتقديم كشف حساب للمقلدين الدافعين للخمس، كما تقدم الجمعيات الخيرية كشفا بالأموال الواردة اليها والصادرة منها. وهو ما سمح في الحقيقة بحدوث تلاعب كبير في أموال الخمس وخاصة عند وفاة المرجع واستيلاء ورثته على أمواله واستملاكها باعتبارها إرثا شخصيا لهم، وهناك أحاديث عن استيلاء أبناء مرجع معين توفي في التسعينات على  أموال تقدر بمئات الملايين كانت مودعة في بنوك أجنبية.
 
ويقال ان الحكومة العراقية استولت على مليوني دولار من حساب الخوئي في أواخر السبعينات.
 
وعندما تتكدس أموال هائلة لدى مرجع معين يستطيع ان يحدد بواسطتها المرجع الذي يخلفه، وذلك بضمان ضخ قدر كاف من المال لإدارة مرجعية خليفته حتى يشتهر ويستقطب الطلبة والوكلاء الذين سوف ينهالون عليه ويرشحونه لعامة الناس باعتباره المرجع الأفقه والأورع والأتقى  ، فتدور عندها عجلة المرجعية  لذلك المرجع ويقوم باستيفاء الخمس من المؤمنين. وهذا ما يفسر بروز مراجع معينيين فجأة بعد وفاة مرجع سابق لمجرد قدرتهم على توزيع الرواتب للطلبة والوكلاء في كل مكان، من دون ان يعرفوا بنظريات فقهية معينة او يحتفظوا بسجل  جهادي او يقوموا بأي دور قيادي في الامة.
 
ومن المعروف في الاوساط الحوزوية ان درجة شعبية أي مرجع  تعرف  عادة من خلال حجم الراتب الشهري الذي يوزعه على  طلبة العلوم الدينية في النجف وقم ومشهد،  فالمرجع الذي يوزع أعلى راتب بعد وفاة المرجع الأعلى السابق يعني انه أصبح المرجع الاعلى الجديد، وذلك لدلالة كمية المال على حجم التقليد الشعبي، بالرغم من عدم  واقعية أو صحة هذا المؤشر مع احتمال حدوث تلاعب او قيام جهات مشبوهة بضخ أموال هائلة لأغراض سياسية.
 
ولكن ذلك، على أي حال، يشد حركة الوكلاء الى المرجع الجديد لأخذ الوكالة منه والدعوة الى تقليده وجباية الخمس باسمه وتسليمه اليه بعد أخذ حصتهم منه.  وعادة ما تتراوح النسبة التي يأخذها الوكلاء بين  الربع والثلث والنصف من الخمس.
 
وعندما يكون المرجع مبتدءا فانه لا يحاسب وكلاءه بشدة ويغض الطرف عن الاموال التي يجبونها من أجل تركيز نفسه من خلال الدعاية التي يقومون بها له، ولكنه عندما يشتهر ويكثر تقليد الناس له  ويأخذ الوكلاء بالتهافت عليه والتنافس فيما بينهم لأخذ الوكالة منه، يقوم بالتدقيق في إعطاء الوكالات وفي محاسبة الوكلاء.
 
ومن هنا يحدث التنافس وتحتدم المعارك بين المراجع أنفسهم الا من عصم الله، ويحاول البعض منهم استغلال نقاط الضعف والآراء التجديدية او المخالفة للمشهور التي يقدمها أحد الفقهاء الجدد المنافسين، للانتقاص منه والتشكيك باجتهاده وتحريم تقليده وصرف الناس عنه، في حين يقوم بعض المراجع الآخرين بمسايرة العامة والمصادقة على الخرافات والأساطير والبدع الشعبية طمعا في كسب الناس وجرهم اليه. ويرضى بعض المراجع  ، في الواقع، بالسير وراء الناس وتقليد العوام بدلا من هدايتهم وارشادهم وقول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يلغي مهمته كفقيه او عالم رباني. 
 
وقد حدث قبل خمسين عاما ان قام الشيخ محمد مهدي الخالصي الذي كان يحظى بشعبية واسعة جدا في العراق، بمكافحة بعض البدع والدعوة الى أحياء بعض السنن والاحكام المعطلة، فتعرض الى محاربة  مراجع آخرين اتهموه بشتى التهم وصرفوا الناس عنه وأسقطوه من المرجعية.
 
 ويمكن تلمس أثر المال في قيام كثير من الفقهاء بالفتوى حسب المشهور وليس وفقا لقناعاتهم الخاصة، وذلك من أجل تجنب معارضة بقية العلماء لهم وأملا في كسب الناس، ولو كانت المرجعية بعيدة عن المال لما وجد الفقهاء صعوبة في التعبير عن آرائهم بحرية والفتوى حسب الأدلة والبراهين المتوفرة.
 
 وبما ان الفقهاء المراجع يعتمدون في تمويلهم على الشعب فانهم يصبحون أقرب الى تمثيل الشعب  والارتباط به والتعبير عن مصالحه والنضال من أجل قضاياه العادلة، على العكس من الشيوخ الذين يرتبطون بالدولة ويقبضون رواتبهم منها فيعبرون عن مصالح الدولة في مقابل الشعب او يقعون أسرى للادارات الرسمية فلا يستطيعون الانفلات منها و اتخاذ مواقف ثورية مضادة، الا اذا قطعوا ارتباطهم بها.
 
وقد انقسم رجال الدين الشيعة بعد قيام الجمهورية الاسلامية الايرانية الى فريقين فريق انغمس في أجهزة الدولة واصبح موظفا فيها، ففقد استقلاليته واصبح تابعا في كل شيء  مما أنتج حالة شبيهة بحالة بقية الدول الاسلامية، وفريق آخر ابتعد عن الدولة و حافظ على علاقاته الشعبية وبالتالي على استقلاله.
 
ونظرا لحدوث بعض حالات التلاعب بأموال الخمس وتوريث بعض المراجع الأموال لأولادهم أخذ كثير من المؤمنين الشيعة ينادون بضبط سجلات لتقييد الوارد والصادر، أو يقومون بتوزيع (حقوقهم الشرعية) على الفقراء والمحتاجين والمشاريع الخيرية بأنفسهم، وذهب بعض منهم الى ضرورة تشكيل جمعيات خيرية تتكفل بجباية الأخماس والزكوات وتوزيعها على المستحقين واعطاء قسط منها لرجال الدين العاملين او طلبة العلوم الدينية، وقد اعتمدوا على فتوى المرجع الراحل السيد محسن الحكيم والعلماء السابقين الذين لم يكونوا يوجبون تسليم الأموال الى المراجع وكانوا يجيزون إخراج صاحب الخمس للمال بنفسه وتوزيعه على المستحقين.
 
مملكة أودة
 
لعبت مملكة أودة الشيعية ( 1720 – 1856) التي قامت في حيدر آباد الدكن في  القرن الثامن عشر دورا كبيرا في تعزيز المرجعية الدينية، وذلك عن طريق شق أحد ملوكها لنهر (الهندية ) في العراق والذي مون مدينة النجف بالماء وأحياها وحولها الى مدينة كبيرة بعد ان كانت قرية صغيرة،  أوصى أحد ملوكها (غازي الدين حيدر) بأموال تدفع الى الحوزة العلمية في كربلاء والنجف، وهو ما عرف بخيرية أودة، التي بدأت تصل الى الحوزة في العراق منذ أواسط القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، وكانت تشكل نصف ميزانية الحوزة تقريبا( عشرة آلاف جنية سنويا).
 
وبعد سيطرة بريطانيا على تلك الدولة في منتصف القرن التاسع عشر بدأت سيطرتها على الأموال الخيرية المخصصة للحوزة، وراحت تتلاعب فيها وفي طريقة توزيعها في محاولة لمد نفوذها في الحوزة والسيطرة على المرجعية والتدخل عبرها في شئون العراق وإيران قبل الحرب العالمية الاولى وبعدها، وهذا ما دفع المرجع الأعلى يوم ذاك الشيخ مرتضى الأنصاري للامتناع عن تسلم تلك الأموال التي هيمنت عليها بريطانيا، ولكن مراجع آخرين من الدرجة الثانية استمروا في استلام (الخيرية) وتوزيعها على الطلبة.
 
وفي بداية القرن العشرين حاول المقيم البريطاني المعين في بغداد ميجور نيو مارش استعمال (الخيرية) لأغراض سياسية ووسيلة لزيادة المحسوبية وتوسيع النفوذ والتأثير على انتخاب المرجع الأعلى. وحاول الوزير البريطاني في ايران السير آرثر هاردنغ استخدام نفوذ بعض المراجع الذين يستلمون (الخيرية) للتأثير على الأوضاع السياسية في ايران وقطع الطريق على السياسات الروسية في ايران. وهذا ما دفع عددا من المراجع الكبار كالميرزا خليل والسيد كاظم اليزدي والسيد محمد إسماعيل الصدر عام 1908 الى رفض قبول أي سهم من (الخيرية) والاقتراح بتوزيعها على الفقراء. فاتجه المقيمون البريطانيون في بغداد للتفكير باستيراد مجتهدين متعاطفين من الهند يقبلون باستلام (الخيرية ) وتوزيعها في العراق.
 
وقد أثار تدخل المقيم البريطاني في بغداد عام 1912 لوريمر في عملية توزيع (الخيرية) قلق السلطات العثمانية من تزايد النفوذ البريطاني في العراق وخاصة في صفوف الشيعة والمرجعية، وحاولت حل اللجان التي شكلها لوريمر لتوزيع المال، ومنعت الرعايا العثمانيين وخاصة العرب من الانضمام الى عضوية اللجان في كربلاء والنجف، وطلبت من القنصل الفارسي في بغداد ان يمارس ضغطا على الأعضاء الفرس لتقديم استقالاتهم.
 
ولكن احتلال بريطانيا للعراق في الحرب العالمية الاولى أتاح لها مرة أخرى إمكانية توسيع نفوذها في صفوف الحوزة من خلال عملية توزيع الأموال (الخيرية) التي استمرت بها بعد الحرب. وأصبح البريطانيون أقدر على التلاعب بالنسيج القومي العربي الفارسي الهندي في الحوزة وتفضيل قوم على قوم. وفي عام 1933 قرر البريطانيون عدم إعطاء أية منحة لمن شارك في أي شكل من أشكال التحريض السياسي ضدهم واسقطوا في ذلك العام اسم الشيح محمد حسين كاشف الغطاء من قائمة المتلقين بسبب نشاطاته المعارضة للحكم الموالي لهم في العراق، وجمدوا عام 1934 اللجنة الموزعة في كربلاء.
 
محاولات إصلاح المرجعية وتحويلها الى مؤسسة
 
تنقسم المرجعية الدينية الشيعية الى تيارين رئيسيين هما المرجعية الفقهية البحتة (كمرجعية الامام الخوئي والسيستاني) والمرجعية السياسية الملتزمة بنظرية (ولاية الفقيه)، ويمكن اعتبار التيار الثاني تطورا حديثا نشأ في المرجعية وأعطى لها صبغة سياسية، وبينما لم يكن التيار الفقهي يشعر بحاجة كبيرة الى التنظيم والمأسسة ما دام الأمر يقتصر على عملية الفتوى والإرشاد، بدأ التيار الثاني يشعر بضرورة التطور والترشيد. من هنا دعا المفكر الراحل السيد محمد باقر الصدر في السبعينات في مقال له تحت عنوان (المرجعية الموضوعية) الى تأسيس أجهزة علمية ومالية وإدارية وسياسية تابعة للمرجع من أجل تنظيم عمل المرجعية وعلاقاتها العامة وتدقيق الحسابات المالية ونقل الخبرات للمراجع القادمين. و أطلق على المرجعية القائمة اسم (المرجعية الذاتية) وطالب بتطوير شكل الممارسة للعمل المرجعي وتشكيل مجلس يضم علماء الشيعة وربط المرجع بهذا المجلس، من أجل صون العمل المرجعي من التأثر بالانفعالات الشخصية وتنفيذ سياسة المرجعية الصالحة التي تقرر من خلال ذلك المجلس، واقترح ان يقوم المجلس بترشيح المرجع الجديد بعد خلو المركز وإسناده وكسب ثقة الامة الى جانبه. كما انتقد طريقة تعامل الوكلاء مع (الحقوق المالية الشرعية ) وأخذ النسب المئوية من تلك الأموال كالثلث او الربع " مما يجعل علاقة الوكيل بالمرجعية كعلاقة عامل المضاربة بصاحب رأس المال " واقترح ان تسلم الأموال كاملة الى المرجعية وتقديم رواتب شهرية للوكلاء .
 
يقول الشيخ محمد رضا النعماني مؤلف كتاب (الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار) ان السيد محمد باقر الصدر كان يسعى لإحداث تغيير في كيان الحوزة والمرجعية من الأساس، بما يلبي الحاجات الحاضرة والمستقبلية وبما ينسجم مع متطلبات العصر والحياة .
 
ومنذ ذلك الحين لا يزال الجدل مستمرا في صفوف الحوزة والمرجعية بين داع للتنظيم ورافض له، خاصة بعد بروز شخصيات مرجعية غامضة  ومنعزلة لا تواكب حركة المجتمع  أو لا تتمتع بمواصفات قيادية عالية او مشكوك في علميتها او في تقواها وحدوث صراعات سلبية بين أتباع عدد من المراجع الى درجة التشكيك باجتهاد بعض المرشحين للمرجعية او سلامة عقيدتهم، إضافة الى ضياع كميات كبيرة من المال بعد وفاة عدد من المراجع وانتقالها الى أولادهم وأقربائهم واعتبارها إرثا شخصيا وليس مالا عاما يجب نقله الى المراجع الجدد .
 
يقول السيد محمد حسين فضل الله في كتابه:  (آراء في المرجعية الشيعية):ان مشكلة المرجعية في كل تاريخها انها كانت شخصا، و تعتمد على مستوى هذا الشخص وعلى مبادراته وعلى سعة أفقه والظروف والأشخاص المحيطين به، ومن هنا فاننا في الوقت الذي نؤكد ان المرجعية في كل تاريخها قامت بمبادرات مهمة … لكنها لم تفكر بأن تتحمل مسؤولية التشيع أمام كل المتغيرات الواقعية على المستوى السياسي والثقافي  والاجتماعي والاقتصادي وعلى مستوى التطورات التي انطلقت في العالم. اننا نعتقد ان المرجعية، مع كل احترامنا للأشخاص الذين يتحركون في دائرتها او يشرفون عليها او يقودونها، لا تستطيع ان تواجه تطورات العصر، ولذا فهي تعيش انكماشا في دائرتها الخاصة في نطاق الفتاوى، او في نطاق بعض الأعمال التي تتحرك هنا وهناك. لهذا علينا ان نفكر في ضرورة ان تتحول المرجعية الى مؤسسة دون ان تفقد العناصر الذاتية التي تفرضها الخطوط الشرعية فيمن يجب ان يكون المرجع وفي طبيعة ارتباط الأمة بالمرجع.
 
ويشتكي السيد فضل الله من وجود بعض المرجعيات المنكمشة التي يخيل للناس انها غائبة تماما عن كل شيء في الواقع، فيما عدا العلاقات الفقهية التقليدية، لدرجة انها لا تشارك حتى في القضايا الثقافية العامة، ويقول: ان هذه هي المشكلة التي عاشها الواقع الاسلامي الشيعي في الارتباكات التي كانت تحدث بين الطلائع الاسلامية التي تحاول ان تنفتح على الواقع بطريقة حركية او ثقافية.. فقد كانت تواجه من بعض المرجعيات إهمالا او سكوتا او إبعادا او موقفا مضادا في هذا المجال او ذاك.
 
ومن هنا ينطلق ليقول:اننا نلاحظ ان العصر قد تطور، وان المراكز الدينية في العالم سواء على مستوى المسيحية او على مستوى اليهودية او على مستوى المسلمين من غير الشيعة، أصبحت تملك مواقع في الإطلالة على الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي، كما ان الشيعة بفعل التطورات والمتغيرات التي حدثت في مواقعهم أصبحوا يمثلون حجما كبيرا ولهم حاجات سياسية واقتصادية وثقافية مما يفرض على المرجعية ان تتطور، ولكن الواقع الذي نعيشه أصبح أكبر من المرجعية بحيث ان المرجع تحول الى مجرد شخص مفت لا يتصرف الا بطريقة حيية خجولة متواضعة. لهذا لا بد من التفكير بهذه المسألة بكثير من الخطورة.
 
ويقول: ان المرجعية الاسلامية الشيعية تستبطن في اللاوعي الشيعي آفاقا واسعة جدا فالمرجع هو نائب الامام ووجوده يسد فراغ الامام في مختلف الجوانب… فمن الطبيعي ان لا يكون المرجع مرجعا في الفتيا أو القضاء أو في القضايا الهامشية فقط.
 
ويرفض ان تكون المرجعية شخصية خاضعة لخصوصيات المرجع ويطالب بأن تكون مؤسسة تختزن تجارب المراجع السابقين ليبدأ المرجع الجديد من حيث انتهى المراجع السابق. ويقول: ان المرجعية تحتاج الى ذهنية واسعة، ولا بد ان تنطلق من خلال مؤسسات تتحرك في نطاق المؤسسة الكبرى، وهي في ذلك يجب ان تكون مشابهة للمنظمات الإقليمية والدولية وما الى ذلك.
 
وقد دعا السيد فضل الله مرارا الى بناء مؤسسة مرجعية منظمة تشبه  الفاتيكان لانتخاب المرجع الأعلى وتحقيق أهداف المرجعية. وكانت هناك الى جانبه  عدة أصوات اخرى طالبت بإصلاح المرجعية وتطويرها وتحويل عملية الاجتهاد والفتيا من عملية شخصية الى لجان متخصصة ومتعددة بحيث تكون قادرة على متابعة التطورات المختلفة في جميع مجالات الحياة ودراستها بدقة وتكوين وجهات نظر قريبة من الواقع.
 
ومع ان التطور السياسي للمرجعية قبل تأسيس الدولة الاسلامية وبعدها كان يستلزم إحداث تطورات إدارية في هيكل الحوزة والمرجعية، من حيث برامج التعليم او انتخاب المرجع الأعلى وإحداث مؤسسة للمرجعية، الا ان كثيرا من المراجع عارضوا ويعارضون هذه الفكرة ورفضوا ويرفضون التحول الى مؤسسة رسمية   بسبب  عدم إيمان كثير من الفقهاء الشيعة بنظرية ولاية الفقيه او ضرورة تولي المرجع للشؤون العامة، حيث لا يزال البعض يعتقد باقتصار دور الفقيه على الأمور الفقهية او الحسبية الضيقة، بينما يتحفظ بعض الفقهاء الآخرين ممن يؤمنون بولاية الفقيه على فكرة تحويل المرجعية الى مؤسسة خوفا من تدخل السياسيين والحكومات المختلفة في المرجعية، او خوفا من القضاء على الحرية والطريقة  التقليدية الشعبية التي يتم فيها انتخاب المرجع، وذلك بسحب سلطة القرار بأهلية المرجع العلمية والروحية والإدارية  من الشعب واعطائها الى لجنة او فئة خاصة.
 
ويقول بعض المطلعين ان اقتراح اقامة مؤسسة للمرجعية بعيد عن واقع المراجع الحاليين الذين يختلفون في توجهاتهم السياسية والثقافية، ويرفضون حتى تشكيل صندوق مشترك لإدارة الحوزة ماليا، فكيف يمكن ان يجتمعوا على انتخاب أحدهم مرجعا وحيدا ويلملموا بقية المرجعيات العاملة في الساحة؟
 
المرجعية الحرة
 
ففي سؤال للسيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (الذي يقيم في النجف الأشرف) عن تعدد المرجعية، يقول: لا ريب انها من الحالات الطبيعية، بعد ان كانت أهلية المرجع للتقليد وأعلميته من الأمور الحدسية القابلة للاختلاف. ويرى:ان في تعدد المراجع بعض الإيجابيات أحيانا، لأن وحدة المرجع قد تعرضه للاندفاع في الجري على قناعا ته من دون ترو وتثبت بنحو قد لا تحمد عواقبه، كما انها قد تضفي عليه هالة من الجلالة والقدسية تجعل من سيرته سنة ثابتة لا يمكن الخروج عنها وتمنع من النظرة الموضوعية لها وإخضاعها للنقد والتعديل، بل قد يتعدى ذلك لآرائه الفقهية بنحو يعيق عملية  الاجتهاد من بعده، ويقول: على كل حال ان المرجعية بكل سلبياتها تبقى هي الحل الأفضل بعد ان تعذرت المثالية الكاملة بفقد المرجعية المعصومة.
 
وبناء على ذلك يرفض الحكيم فكرة المؤسسة المرجعية بشدة ويعبر عن خشيته من تدخل القوة في انتخاب المرجع كما حدث في مؤسسة الخلافة  ويؤكد على ضرورة بقاء الحرية لكل شخص في اختيار المرجع الذي يقلده، ويقول: لا بد من ابتناء المرجعية على الأدلة الشرعية التي تصلح حجة بين يدي الله. أما المرجعية المؤسساتية – حيث يفترض انحصار الشرعية بمن تختاره – فلا يمكن فاعليتها دينيا الا بإقامة الدليل الشرعي الكافي عليها وعلى جميع أركانها ومقوماتها، مثل من له حق تشكيل اللجنة، وتحديد صلاحيتها من حيث نصب المرجع فقط أو الرقابة عليه او عزله اذا فقد الأهلية، وتحديد عدد أعضائها ومرتبتهم من العلم والتقوى، وكيف يعرف ذلك فيهم، وما هو الموقف عند اختلافهم … الى غير ذلك. ثم اذا كان الغرض من المرجعية المذكورة (المؤسساتية) رفع الاختلاف فلا بد من كون تلك الأدلة قطعية إجماعية غير قابلة للتشكيك والخلاف، ولا يظن بأحد توهم إمكان ذلك بعد ان مضى على عصر بيان التشريع أكثر من ألف عام من حين غيبة الامام (عجل الله فرجه) وهل من المعقول ان يغيب الامام (ع) عن شيعته غيبة يتوقع طول أمدها، كما يظهر من النصوص، من دون ان تتضح لهم معالم مرجعيتهم في أحكامهم الشرعية التي يبتلون بها كل يوم، بانتظار مرجعية تقترح بعد أكثر من ألف عام لا يعلم من يقترحها ولا كيف يقترحها؟
 
نحن لا ننكر السلبيات  للمرجعية الفردية الناشئة من عدم الضابط للتصدي للمرجعية، ومن تعدد المرجعيات وتباين وجهات النظر وعدم استفادة المرجعيات اللاحقة من إمكانات المرجعيات السابقة وغير ذلك، الا ان ذلك لا ينبغي ان يؤجج العاطفة نحو التغيير من دون موازنة بين البديلين ومقارنة إيجابياتهما وسلبياتهما والتدبر في الأصلح منهما والأجدى عمليا، فكم جر الاندفاع العاطفي الى مآس وفجائع لا تدارك لها، وان هذه المرجعية مع ما فيها من سلبيات قد أثبتت جدارتها في قيادة التشيع وتكامل كيانه ورفع شأنه والحفاظ على واقعيته من دون ان يسير في ركب القوى العالمية الفاعلة ويخضع لها او يتجمد أمامها.
 
ويقول: ان المرجعية المؤسساتية لم تمر حتى الآن بالتجربة على أرض الواقع الشيعي، ولا يمكن ان تمر بها، الا انها  تبقى فكرة وأمنية تثار بحسن نية او بسوء نية ضد المرجعية الفردية عند ملاحظة السلبيات التي سبقت الإشارة اليها والتي قد تضخم من أجل تأجيج العواطف ضدها للقضاء عليها او اتعابها في مسيرتها مع الغفلة او التغافل عن سلبيات المرجعية المؤسساتية، وأهمها: ان حصر حق القرار بمؤسسة خاصة يحمل المنحرفين للتسلل الى تلك المؤسسة، لأنهم وحدهم القادرون على سلوك الطرق الملتوية من الغش والرشوة والكذب والتهريج والتشنيع والتخويف، وغير ذلك مما يترفع عنه ذوو المبادئ وأهل الاستقامة، فاذا تسللوا وسهل عليهم السيطرة على المؤسسة واستحصال قراراتها لصالحهم بطرقهم الملتوية … يستطيعون حينئذ حرف مسيرتها والتخلي عن مبادئها ولم يخشوا إنكار المنكرين بعد ان كان القرار لهم وحدهم ولا شرعية لحديث غيرهم، ومن هنا يسهل على الأعداء التسلل للمؤسسة بأنفسهم او بمن يتعاون معهم من المنحرفين ومرضى القلوب ثم السيطرة عليها وتسييرها لصالحهم.
 
ويكفينا عبرة ودليلا على ذلك ان ننظر الى المؤسسات الدينية لمختلف الأديان والإنسانية والحكومية والدولية لنجدها قد انحرفت عن أهدافها النبيلة التي كان من المفروض انها قد أسست من أجلها، بل تخلت عنها لتكون من مؤسسات الشرور والفساد.
 
ان المرجعية المؤسساتية تسد الطريق على الغير فلا يعترف به، وان كان محقا في دعوته مخلصا في عمله مستقيما في سلوكه، فاذا انحرفت خفي على الناس انحرافها لعدم وجود حق ظاهر ليقارن بها ويفضحها، ولو ظهر انحرافها لبعض أهل المعرفة والتمييز لم يجدوا حقا يلجئون اليه ويستضيئون بنوره ولا يقبل منهم الإنكار لأنه خروج على الشرعية المفروضة. وبمدة قليلة تضيع معالم الحق وتندرس آثاره ويفرض الباطل نفسه على أرض الواقع ويتحرك كيف يشاء مستغلا شرعيته المفروضة وليس لله في مقابله دعوة ظاهرة ولا حجة ناطقة.
 
وحسب تقديرنا فان الدعوة للمرجعية المؤسساتية دعوة غير عملية بعد فقدها للدليل الشرعي القاطع، ولا أثر لها الا اتعاب المرجعية الفردية الحرة التي تملك وحدها الشرعية… وكان الأولى بمن يدعو للمرجعية المؤسساتية الآن، تجنبا لسلبيات المرجعية الفردية الحرة ان يدعو بدل ذلك للواقعية والإخلاص وقوة التدين في المرجع وفي الهيئة العاملة معه مع الاهتمام بمراعاة الموازين الشرعية في الدعوة لتقليد المرجع وفي الاستجابة لتلك الدعوة من قبل المؤمنين.( لمزيد من التفصيل راجع كتاب: المرجعية الدينية وقضايا أخرى، للسيد محمد سعيد الحكيم)
 
وإضافة الى موقف السيد الحكيم هذا، يتخوف بعض المهتمين بالشؤون المرجعية من تحول المؤسسة الدينية المقترحة الى مؤسسة تشبه الكنيسة في الاسلام وتحتكر الاجتهاد وتفسير النصوص الدينية، وهي عملية حرة ومفتوحة أساسا في الاسلام وعند الشيعة بالخصوص، ولم يعهد بها الى أية جهة خاصة، وانما هي من حق أي مسلم يجد في نفسه القدرة على البحث والتمحيص والاجتهاد، ويخشون من تحول المؤسسة اذا أقيمت الى مؤسسة للمحافظة على تقاليد سلبية موروثة وتكريس أعراف وأفكار طارئة، ويقولون ان المرجعية نفسها لم تكن موجودة سابقا بهذا الشكل وانما ولدت في غياب الدولة في ظروف استثنائية، ويمكن ان تختفي مع قيام الدولة الشيعية وتشكيل الأحزاب السياسية والمنظمات الأهلية وان لا ضرورة لاستمرار المرجعية الدينية مع قيام الدولة الحديثة وبناء المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية وهو أفضل بكثير مما كان يطمح اليه المطالبون بترشيد المرجعية او تحويلها الى مؤسسة. وان من الخطأ الكبير تضخيم دور رجال الدين في المجتمع والسماح لهم بالهيمنة على كافة مرافق الحياة.
 
ويطالب فريق آخر بتحول المرجعيات الدينية في ظل الدولة الاسلامية الى أحزاب منظمة ذات اجتهادات متخصصة في مختلف جوانب الحياة وترشيح قادتها (المراجع) الى منصب الامامة العليا او مجالس الشورى، وعدم ممارسة أي دور سياسي خارج الإطار الدستوري او تكوين دولة داخل الدولة.
 
أما خارج حدود الدولة الاسلامية، وحيث توجد أنظمة ديموقراطية فيمكن ان تندمج المرجعيات الدينية في الحياة السياسية كأي حزب آخر وتقدم مرشحها لخوض الحياة النيابية، أو تبقى بعيدة عن التفاصيل السياسية وتقوم برعاية المجتمع ككل وتوجيه الامة وإرشادها.
 
واذا كانت المرجعية الدينية تمارس في بعض الأحيان، في الدول الديكتاتورية او عدم وجود دولة تقوم بأعمالها، نوعا من القيادة السياسية وجباية الأخماس والزكوات وتوزيعها، او تشكل دولة داخل الدولة او فوق الدولة ولا تعترف بها، فلأن الدولة في تلك الحالة (الديكتاتورية او الفوضوية) لا تمتلك الشرعية الدستورية الكافية لممارسة أعمالها، وتكون المرجعية أشبه بحزب يقود المعارضة او يحاول تأسيس الدولة على أسس شرعية.


تقليد المراجع غير شرعي وليس بواجب وغير مبرء للذمة

للدكتور الاثناعشري --زين العابدين الإمارة
 
يقصد بالتقليد تحديد فقيه عالم مجتهد يرجع اليه المسلمون عند طلب الفتوى في أمر من أمور الدين وينبغي أن يكون هذا العالم معروفا لأهل الخبرة والدراية الشرعية بعلمه وتفقهه في أمور الدين أصوله وفروعه...... مع ملاحظة أن المقلد(بفتح اللام) غير معصوم .
 
وكما نعلم ان التقليد عند الشيعة كان قد بدء مع بداية السنين الأولى للقرن العشرين الميلادي ونعلم أيضآ ان عمر الطائفة الشيعية لا يقل عن الألف سنة محسوبة من تاريخ وفاة السفير الرابع للأمام المهدي عليه السلام.. فعندها تكون أول رسالة عملية أصدرها مرجع شيعي أشارت الى وجوب التقليد هي رسالة (العروة الوثقى )من قبل الفقيه كاظم اليزدي والتي صدرت عام 1919ميلادي..فيما لم تتضمن الرسالة العملية للعلامة الحلي والتي يتم تدريسها في الحوزات العلمية الشيعية بابآ خاصآ للتقليد،بل ولم يرد فيها أي ذكر للتقليد لا من قريب ولا من بعيد على الأطلاق..وكان الشيعة على مدى 900عام من أتباع المدرسة الأخبارية، والتي تدعو الى نقل الرواية والأخبار عن الأئمة المعصومين عليهم السلام، والأجتهاد في تفسيرها دون فرض وجوب ذلك التفسير او جعل العقل مصدرآ للتشريع مع مصادر التشريع الثلاث القرأن،السنة النبوية،وروايات واحاديث الأئمة الأثني عشر المعصومين عليهم السلام، أي ان المدرسة الأخبارية تدعو الى الأجتهاد وليس الى التقليد!!!.. وفي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وقبله ايضآ بدأت الدعوة الى التقليد عن طريق تأسيس المدرسة الأصولية من خلال سلسلة طويلة من الحوارات بين الفقهاء..و قد تكون من ضمن دوافع وبواعث تلك الحوارات رغبة بعض الفقهاء في أن يكونوا مصدرآ اضافيآ أخرآ لمصادر التشريع الثلاث،وكذلك بسبب الأضطهاد الطائفي الذي تعرضت و تتعرض له الشيعة.. و هناك دوافع مختلفة اخرى،وربما منها الدوافع السياسية وعلى رأس تلك الدوافع السياسية حاجة الدولة الصفوية لمرجع واحد على الأقل يستطيع تسويغ وشرعنة و تنفيذ ماتريده السلطة الصفوية مع ضمان طاعة العامة لذلك الأمر الصادر من المرجع والذي يصب في مصلحة العقلية السلطوية وفي مصلحة الدولة او الحاكم،وكذلك في محاولة من الدولة الصفوية لتقليد الدولة الخصم والمنافسة للدولة الصفوية ألا وهي الدولة العثمانية والتي يوجد لديها منصب المفتي، أي فقيه السلطة لدى السلطان العثماني والذي يجب ان يكون مقابله في الدولة الصفوية المرجع، و وسيلة المرجع الوحيدة بعد تسعمائة عام من الأخبارية هي استنباط وسيلة( التقليد) وفرض وجوبها شرعآ بأمر المصدر الرابع للتشريع( الفقهاء)!!! والله عز وجل يقول (مافرطنا في الكتاب من شيء) ويقول(وكل شيء فصلناه تفصيلآ)ويقول(وتفصيلآ لكل شيء)ويقول(وفيه تبيانآ لكل شيء)، اذن لم يكن قبل ذلك لا مرجع ولا مجتهد يجب تقليده !!! السؤال الأن هو.. تسعمائة عام تقريبا قبل رسالة اليزدي ما كان حال الشيعة وعلمائهم؟ وماهوموقفهم من قضية التقليد؟ ان الشيعة كانوا (علماء ومجتهدون وعامة) أخباريون لايقلدون بل لايعرفون التقليد ولم يسمعوا به ولم يذكر في مصادر التشريع( الثلاث فقط)التي يعرفونها؟؟؟ والى من يرجع الناس في أمور دينهم ومعاملاتهم في حياتهم اليومية ؟؟؟ هل كانوا على ظلال ؟ الجواب طبعا لا... لقد كان علمائهم ومجتهديهم مطبقين للكتاب والسنة الشريفة وما ورد من روايات و أخبار عن الائمة المعصومين عليهم السلام.
 
الحقيقه ان قضية التقليد هي أجتهاد عقلي صرف وغير شرعي أي غير مستند الى أي حجة او دليل او برهان من مصادر التشريع الثلاث!!! وهوتقليد وأقتباس( ولكن بغير مسمى) لنظريتي القياس والأستحسان الموجودتان لدى بعض أخواننا السنة، ولم يدل على التقليد أي نص لا من القرأن ولا من السنة النبوية ولا من أخبار الائمة المعصومين عليهم السلام، وكل أجتهاد باطل بالدليل الشرعي القاطع مالم يرد فيه نص من مصادر التشريع الثلاث. ان الشيعة طيلة التسعمائة عام عملوا بالاجتهاد وليس بالتقليد فالأجتهاد(التفقه) هو ضرورة لاغنى عنها لمعرفة الأحكام الشرعية وفقآ لما ورد في مصادر التشريع الثلاث... ولكن يجب ان نفصل بين الأجتهاد والتقليد ...
 
الأن اصبح المقلدون(بكسر اللام) في زمن التقليد أي من عام 1919 ميلادي الى هذا اليوم يطيعون المقلد أو المرجع بشكل مطلق ولا يجرئ احد على ابداء اي ملاحظة أو تعليق على ما يصدر من المقلد(بفتح اللام) أو المرجع،و أذا اخطأ غضوا النظرعن ذلك الخطأ أو برروا له وذلك بالقول انه يفكر بطريقة لانستطيع ادراكها!!!!!
 
اذا كان المرجع غير معصوم، أذن فهو معرض للخطأ وحكمه ظني وليس قطعي , ومادام الأمر هكذا فمتى يمكن ان نرى له خطأ وهذه الوثنية في التفكير والسلوك( مع شديد الأسف) موجودة، و قد زرعت في نفوس العامه من الناس، أكذوبة(وجوب التقليد لمن نال الأجتهاد)!!!!!.
 
حتما المرجع غير معصوم... أذن لماذا لا يجرئ احدا على ان يشخص مرجعا ما أذا أخطأ مع ان المرجع معرض للجنون او الأمراض النفسية، او الأصابة بفتنة التعلق بالمجد الشخصي او حب الملكية والتملك؟أو الرغبة في السلطان والحكم أو حب الدنيا؟؟؟ فاذا أصر الناس على التقليد وأعتقدوا به وأصاب المقلد (بفتح اللام) أو المرجع أحدى تلك العلل أو غيرها ولم يجرئ أحدآ على تشخيصها أو ذكرها والبوح بها..حينها ستصاب الأمة بضرر كبير، الله وحده القادر على كشف ودفع ذلك الضرر.
 
ولو نظرنا الى قضية التقليد ومفهومها ومهام وصلاحيات المقلد (بفتح اللام) أو المرجع نجد فيها احكام المعاملات والعبادات والسياسة والجهاد والاقتصاد تجدها سلطة تشريعية و قضائية وحتى تنفيذية..!! كلها كامنة في شخص واحد !
 
اذا كنا في ظل دولة أسلامية فان الدولة الاسلامية حتمآ تحتاج الى مؤسسات وكوادر ضخمة وباحثين عن الأحكام الفقهية ومع ذلك فأن الخطأ وارد، وأحيانا قد نجني من وراء ذلك الأخفاقات والفشل بعد سلسلة طويلة من أراء وفتاوى مليئة بالتخبط والعشوائية، والتجربة الأيرانية خير دليل على ذلك .
 
هذه القضية لايحلها و لا يستطيع حملها الا شخص له تسديد مباشر من السماء، و قدأوجبت السماء أمرطاعته، حينها لايصلح لهذا الأمر غير الأمام المعصوم... وعليه فأن التقليد لا يكون تحت غطاء مرجع مجتهد بل يكون للأمام المعصوم فقط،اما في زمن غيبة الامام (عج) لا يصح التقليد بل الأجتهاد في تفسير الروايات والأخبار الواردة عن النبي وأهل بيته الكرام فقط، دون التأكيد او الأصرار على الصحة المطلقة لتلك التفسيرات والأجتهادات الصادرة من المجتهدين،وطبعآ بلا تقليد...
 
هناك مجموعة من الأسئلة معروضة للمناقشة والد رس هي:- (( كل سؤال ينفع موضوع مستقل))
 
1-هل مصدر التقليد شرعي أم عقلي؟
 
2-هل التقليد أستنباط عقلي؟
 
3-هل هناك نص وارد في القرأن أو السنة النبوية الشريفة أو في أحاديث وروايات الأئمة المعصومين(عليهم السلام) حول التقليد؟
 
4-هل ان العقل مصدرآ للتشريع وفق كتاب الله وسنة رسوله وأهل بيته؟
 
5-كيف ولد التقليد؟وكيف أنشأت المدرسة الأصولية؟
 
6-ما هو دور الدولة الصفوية في هذين المولدين(مدرسة الأصول والتقليد)؟
 
7-لماذا ساندت الدولة الصفوية وسيلة التقليد؟وماهي الأسباب السياسية السلطوية الأستعمارية لهذه المساندة والدعم؟
 
8-ماهو دور البريطانيين في دعم وأشاعة ونشر موضوعي الأصول والتقليد؟وماهو دورهم وعلاقتهم بأصدار أول رسالة عملية توجب التقليد وهي رسالة(العروة الوثقى) للشيخ كاظم اليزدي عام 1919 ميلادي؟
 
9-لماذا لم يفتي الشيخ اليزدي بوجوب مقاتلة وطرد قوات الأحتلال البريطاني عند دخولها العراق؟علمآ ان جميع المجتهدين حينها قد أفتوا بوجوب القتال وطرد المحتل؟
 
 
10-لماذا لم يتدخل الشيخ اليزدي لمنع أعدام ثوار ثورة النجف عام1919ولم يستجب لكل طلبات شيوخ الحوزة وشيوخ العشائر منه لمنع تنفيذ حكم ألأعدام بالثوار،وقوله لهم(ليس لي علاقة بمن ينشر الفوضى والقتل)؟
 
( هذا جزء من بحث مكون من375 صفحه تقريبا يستند الى اياة الله من القرأن الكريم والسنه النبويه الشريفه ومن مصادر الشيعه الاماميه,وقد عرضت اجزاء من البحث على مراجع الدين في قم والنجف ولم يرد اي رد لا سلبي ولا ايجابي ان البحث المذكور هو تحدي كامل للمراجع الشيعيه والحوزات العلميه )
_____________________________
المصدر: نشر البحث على موقع كتابات في تاريخ13/6/2005


نحو مرجعية شيعية مستقلة في الخليج

حافظت النجف، لفترة طويلة، على مكانتها كأكبر معقل علمي للمذهب الشيعي، وساعد على احتلالها هذه المكانة كونها احدى «العتبات المقدسة» عند الشيعة، اذ تضم ضريح علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وهو الإمام الأول عندهم، وكونها أكبر «حوزة علمية»، تخرِّج علماء مجتهدين في المذهب الشيعي، ظهر منهم مراجع كبار، وإن كان غالبهم من الفرس، وقد عاش أغلب هؤلاء المراجع في النجف.
 
يمارس المرجع الديني عند الشيعة دوراً اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، ويتبع كل مرجع مجموعة من «المقلدين» تقل أو تكثر، وهؤلاء المقلدون يدفعون للمرجع التزاماتهم الدينية التي تتراوح بين أمور واجبة مثل «الخمس» أو شديدة التأكيد مثل «رد المظالم» أو مستحبة مثل «الوصية بالثلث» والهبات والصدقات.
 
ولا تقتصر مهمة المرجع على ذلك فقط، بل انه يضطلع بوظائف اجتماعية تكسبه الحظوة والقبول والمصداقية بين اتباعه، كتقديم مساعدات مالية ومعنوية لأتباعه ومقلديه، وإصلاحه بين المنازعات والخصومات، ويبرز كقائد اجتماعي يدافع عن حقوقهم ويتمثل مطالبهم.
 
أما الدور السياسي للمرجع، فهناك شواهد كثيرة عليه وعلى تطوره، وأبرز مثال في ذلك هو «ثورة التنباك» سنة 1891  1892، التي قامت بسبب فتوى الميرزا محمد حسن الشيرازي، الذي اعترض على منح الشاه الإيراني «امتياز بيع وشراء التنباك» لشركة بريطانية فأصدر الشيرازي فتوى بتحريم «التنباك» زراعة وتدخيناً وبيعاً وشراء، التزم بها جميع الشعب الإيراني حتى زوجة الشاه، مما اضطر الشاه إلى إلغاء الامتياز للشركة البريطانية.
 
وقد أخذ هذا الدور السياسي للمراجع شكله الفاعل وقيمته المؤثرة عندما ترسخت نظرية «ولاية الفقيه» في المذهب الشيعي، وبلغت «ولاية الفقيه» قمتها في الثورة الإيرانية سنة 1979، حين تحولت من نظرية إلى واقع مطبق، وصارت النخبة الحاكمة في إيران هي نخبة دينية شيعية غالبها من المراجع ورجال الدين.
 
وفي أوائل القرن الماضي قدّمت «قم» نفسها بوصفها حوزة دينية ناشئة، فمع أن «قم» عريقة في التشيّع، ويروى عنها في ذلك طرائف، إلا أن مركزها بين الحوزات العلمية لم يتعزز إلا بعد انتقال المرجع الشيعي الشيخ عبد الكريم الحائري إليها سنة 1920، ورسخ موقع «قم» بعد وفاة المرجع الشيعي الكبير أبي الحسن الأصفهاني سنة 1946، وظهور حسين بروجردي مرجعاً أكبر للشيعة، حيث كان مقيماً في «قم» إلى وفاته سنة 1961، وكان قيام الثورة الإيرانية سنة 1979، يمثل التعزيز العملي لدور «قم»، والترجمة الفعلية لما صارت تمثله من مرجعية علمية، وقدسية سياسية ودينية، إذ تحولت إيران بعد الثورة إلى دولة «ملالي» تتحرك وفق رغبة «مرشد الثورة» والمراجع في قم.
 
وقد تناسب تعزيز أهمية «قم» مع بداية تدهور موقع النجف، فظهور حكومات تحكمها نخبة سنية، بدءاً من الملكية وانتهاء بالبعث، أدى إلى التضييق على النجف ومراجعها، لا سيما الفرس منهم، وتعزز هذا بعد الحرب الإيرانية 1980  1989.
 
وعلى عكس ما كان متوقعاً، فيبدو أن هذا التضييق على النجف صادف «هوى» في نفوس حكام طهران (أو قم، لا فرق)، بل ذكر بعض الباحثين أن الخميني في ثمانينات القرن الماضي، عرض على ابن محسن الحكيم، المرجع الشيعي في النجف، نقل الحوزة العلمية من النجف إلى «قم»!، مما يشير إلى أن أهمية حصر المرجعية الشيعية في «قم» ونبذ المرجعيات الأخرى أو إقصائها، كان أمراً حاضراً لدى قادة الثورة الإيرانية.
 
ومن الطرائف، أنّ منافسة «قم» للنجف لم تقتصر على «الأهمية» وعلى سحب المراجع الكبار ومصادر الدخل فقط، بل وصلت المنافسة إلى «اللقب التشريفي»، فالنجف تعرف منذ زمن طويل عند الشيعة باسم «النجف الأشرف»، وفي الأزمان المتأخرة استجلبت «قم» لنفسها لقب «قم المقدسة».
 
واليوم، تُطرح سيناريوهات كثيرة عن حال «عراق ما بعد صدام»، وعن تمثيل الشيعة ووجودهم في حكومة المستقبل، ويمكن تقسيم السيناريوهات المطروحة إلى: سيناريو متفائل، وآخر أقل تفاؤلاً.
 
فمركز الخوئي في لندن يطالب بأنْ يكون رئيس الجمهورية شيعياً، وله ثلاثة نواب يكون النائب الأول منهم شيعياً أيضاً، والباقيان أحدهما سني والآخر كردي. و«المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق»، يدعو إلى حكم ذاتي شيعي في جنوب العراق.
 
هذا بالنسبة للسيناريو المتفائل، أما السيناريو الأقل تفاؤلاً، فيرى أن شيعة العراق، من المؤكد أنهم سيحصلون على حرية دينية  سياسية أوسع، لم يكونوا يجدونها في ظل حكومة البعث.
 
ووفق جميع الاحتمالات، فإن المجمع عليه لدى المراقبين هو توقع عودة قوية لحوزة النجف إلى الساحة من جديد، إلا أن حوزة قم لن تسمح بعودة النجف إلى سابق عهدها، وهو الأمر الذي سيهدد مكانتها، ولن تسمح أيضاً بظهور مرجعيات «عربية» كبيرة.
 
فالمراجع العرب الشيعة كانوا، منذ القدم، في الصف الثاني ولم يظهر أي مرجع عربي كبير من درجة أبي الحسن الأصفهاني أو الخميني أو الخوئي أو حتى السيستاني الموجود اليوم.
 
وقد أشار السيد محمد حسين فضل الله إلى محاربة إيران له، وإلى أنها تمنع ظهور أي مرجع قوي خارج السياق الإيراني (قم  الفارسي). جريدة الحياة عدد 14552، تاريخ 2003/1/25.
 
ولعل هذا يؤكد أن ظهور نجف قوية سيثير صراعاً قوياً مع قم، وستحتاج النجف فيه إلى إيجاد «مصادر دخل» لمواجهة قم القوية والغنية، أما قم فستحاول محاصرة النجف اقتصادياً، وهو ما سيحول أنظار الحوزتين المتصارعتين إلى «شيعة دول الخليج»، ويجعل المنافسة تحتدم بينهما حول الفوز «بالواجبات المالية  الدينية» التي يقدمها الشيعة في دول الخليج لمراجعهم.
 
وهذه «الموارد» الاقتصادية  الدينية تمثل مجالاً للخلاف بين الحوزتين، غير أن الخلاف الذي يبقى بالغ الحساسية يتمثل في أن مراجع النجف معروفون بإبطالهم لنظرية «ولاية الفقيه» وهو ما يضرب مشروعية الدولة (الثورة) الإيرانية الحديثة في الصميم، ولا شك أنّ قم وطهران لن ترضيا بظهور دعاة شيعة إليها، يمثلون اختراقاً دينياً لمشروعية الدولة والثورة الإيرانيتين.
 
ومن المسلم به أن أي مرجع إنما يمثل المصالح الاقتصادية والسياسية لحوزته ولبلده، وهو ما سيؤثر في المقام الأول على شيعة الخليج وبلدانهم، الذين يجب أن يسعوا لإيجاد صيغة ثالثة تواجه النزاع المرتقب بين قم والنجف، أو الصراع القديم بين المراجع العرب والفرس.
 
وهنا يُطرح بإلحاح أهمية وجود مرجعية شيعية سعودية تراعي مصالح أهلها، وتحمل هويتها ولا تتأثر بالظروف الخارجية.
 
وسنضرب مثالا يدل على أهمية هذا الأمر، وهو «حزب الله اللبناني»، فإنه مع دفاعه عن قضايا لبنان، ومساهمته الفاعلة في المقاومة، إلا انه واضح للعيان «تبعيته» السياسية والفكرية لقم (وللمرشد الأعلى علي خامنئي على وجه الخصوص)، وقد اتهم السيد محمد حسين فضل الله، حزب الله بأنه ينفذ عملية اغتيال معنوي له بالتعاون مع إيران، منعاً لظهور أي مرجعية شيعية عربية كبيرة تغرد خارج السرب الإيراني، فإيران تسعى لجعل جميع المقلدين والأتباع الشيعة خاضعين لإرادة «قم» الدينية والسياسية، وممولين لحوزة «قم».
 
وتبدو دول الخليج، اليوم، خالية من أي مرجع شيعي، ورجال الدين الكبار من الشيعة فيها إنما هم «وكلاء» للمراجع المقيمين في النجف أو قم أو بيروت.
 
فمثلا: غالبية الشيعة في السعودية أي قرابة %80 منهم، إنما هم مقلدون للسيستاني، وهو إيراني مقيم في النجف، وجملة منهم يقلدون خامنئي، وآخرون يقلدون التبريزي أو الشيرازي، وهؤلاء جميعاً إيرانيون ويقيمون في إيران، وجماعة قليلة منهم يقلدون محمد حسين فضل الله، المقيم في بيروت.
 
وهنا يبرز سؤال عن قيمة الأموال التي تحول إلى خارج دول الخليج، فضلا عن السعودية، من خمس ونحوه، وكم يبلغ تقريبا هذا المبلغ المحول؟.
 
والسؤال الأكثر إلحاحاً: ماذا لو أنفقت هذه الأموال على المحتاجين في المنطقة نفسها ولرفع مستوى الخدمات عندهم، وهذا يبين الأهمية الاقتصادية لوجود مرجع شيعي سعودي أو خليجي، في الاحتمالات الأدنى.
 
ولو رجعنا إلى التاريخ، لوجدنا أن «السعودية» كانت تحوي مراجع شيعة، ولم تسعَ السلطة السياسية إلى نفيهم أو إقصائهم، بل تعاونت معهم، فآخر مرجعية في الأحساء كان السيد ناصر الأحسائي، أما القطيف فقد كان فيها عدد من المراجع الشيعة، إبان دخولها في الحكم السعودي (الدولة السعودية الثالثة) سنة 1331ه، وهم الشيخ أبو عبد الكريم علي الخنيزي المتوفى سنة 1362ه، وكان أكبر المراجع من حيث المنزلة الاجتماعية، وعمه الشيخ أبو حسن علي الخنيزي، وقد كان في النجف ثم قدم القطيف سنة 1332ه، وتوفي فيها سنة 1363ه، والشيخ عبد الله بن معتوق المتوفى سنة 1363ه، والسيد ماجد العوامي المتوفى سنة 1367ه، وهو آخرهم موتاً، وخلت القطيف منذ ذلك الوقت إلى اليوم من وجود مرجع شيعي.
 
ووجود هؤلاء كان ينسجم مع واقعهم وحاجاتهم لمنطقتهم وللبلاد جميعاً، ويظهر هذا الأمر جلياً في الحادثة التالية:
 
فبعد أن استولى الملك عبد العزيز على الأحساء سنة 1331ه، أرسل سرية بقيادة عبد الرحمن السويلم إلى القطيف، فخرج السويلم بسريته حتى وصلوا إلى «المريقب» قرب سيهات وعسكروا هناك، وفي تلك الأثناء كان القائم مقام العثماني مجتمعاً بعلماء ووجهاء القطيف، وعلى رأسهم المراجع السابق ذكرهم، وطلب منهم مهدداً أنْ يقاوموا الملك عبد العزيز، وطلب من العلماء إصدار فتاوى بوجوب قتال الملك عبد العزيز وجنوده، وأوقف على رأس كل عالم جندياً شاهراً سلاحه، إمعاناً في إرهابهم.
 
فتكلم الشيخ أبو عبد الكريم علي الخنيزي وبيّن للقائم مقام، ما تعانيه القطيف من اضطراب بسبب الحروب بين القبائل والقرى، وأن الدولة العثمانية لم تحافظ على الأمن في المنطقة، وطلب من القائم مقام مغادرة المنطقة وطمأنه بأنه سيكتب معه كتاباً لرؤسائه يسوغ فيه لهم انسحاب القائم مقام، وبعد مغادرة القائم مقام العثماني إلى البحرين مع جنوده، ذهب علماء القطيف ووجهاء البلد إلى عبد الرحمن السويلم في «المريقب» وبايعوه نيابة عن الملك عبد العزيز ودعوه إلى دخول البلاد، وكان الشيخ أبو حسن علي الخنيزي مقيماً في النجف، فأيّد فعل ابن أخيه وأهالي القطيف.
 
ومن نافلة القول أنه في وجود مرجع شيعي سعودي ذي علاقة حسنة محلياً، لا يعني أن تكون علاقته سيئة بالنجف أو قم، بل المهم أن يكون مستقلاً في موارده الاقتصادية، وآرائه الفقهية والسياسية، عن سيطرة هاتين الحوزتين.


المراجع الأصوليون هم أعداء الحل الالهي - الإمام المهدي

بسم الله الرحمن الرحيم

 
قرأنا خلال الأيام الماضية عدة مقالات حول موضوعي التقليد وألأجتهاد،و كان من اهم وأبرز تلك المقالات المثيرة للشكوك والتساؤلات هي مقالة الدكتور الأمارة المنشورة بتاريخ 13-6-2005 على موقع كتابات، والتي كانت تحت عنوان(تقليد المراجع غير شرعي وليس بواجب وغير مبرئ للذمه) ومقالة للفيف من الشباب المسلم يوم29-6-2005 (ماهو رأي العلماء و المفكرين في موضوع الاجتهاد والتقليد ؟) و من ثم مقالة الجماعة المؤمنة (هل التقليد بدعة أبتدعها الأصوليون ؟؟ ) وقرأنا الردود عليها من وليد سعدون و باسم السعيدي (الاجتهاد والتقليد ). على موقع كتابات. كما علمنا ان المقال الأول الذي نشر للدكتور زين العابدين الأمارة أخذ صدآ كبيرآ وواسعآ في داخل العراق وخارجه، وبدأ يستنسخ منه الأف النسخ وينتشر في كل مكان في المساجد والشوارع وخصوصآ في مناطق مدينة الصدر والشعلة والبياع وفي المحافظات الجنوبية ومحافظات الفرات الوسط،ووزع منه في ضريح الأمام الكاظم - ع- و كان له صدى كبير لدى المسلمين عمومآ والشيعة بشكل خاص من الذين يعيشون في أوربا وخصوصآ في المانيا(الجماعة المؤمنة)،وفي لندن(الممهدون) والكل يتسأ ل عن الحقيقة؟ هل ان الذي تم نشره على موقع كتابات هي حقائق تم اِخفائها عن الشيعة؟ولماذا تم أخفاء تلك الحقائق والوقائع من روايات وأحاديث لأهل البيت الطاهرين المعصومين؟ومن وراء هذه المؤامرة الشيطانية؟وما دور المراجع ألأصوليين بتلك المؤامرة التي أشترك فيها الشيطان والنفس الأمارة بالسوء؟لا لشيء الا لكي يصبح المراجع ومن باب الحسد مشرعين كالقرأن والنبي والأئمة عليهم السلام!!!؟؟؟ وهناك الكثير من علامات الأستفهام الكبيرة جدآ كمآ ونوعآ.... فالأعم الأغلب يرى أن هناك تخاذلآ في الرد من قبل المراجع والعلماء..واما الردود الركيكة التي وردت من قبل شخصيات غير معروفة او (تمترست خلف اسماء وهمية خوفآ من الفضيحة وأنكشاف الأمر) لأن حبل الكذب قصير..ورب العزة يقول(ان الله بالغ أمره)ويقول(اِنا أنزلنا الذكر واِنا له لحافظون )حافظون بمن ؟؟بمحمد وآل محمد المعصومين الأطهار..وليس يالمبتدعة من الأصوليين أصحاب الرأى والقياس والأجماع والعقل!!!!.........
 
فنحن رابطة أنصار الأمام المهدي - عج – نقول :-
 
1-التقليد هو أمر مستحدث من قبل (بكسر القاف) الأصوليين لدوافع لايعلم جمعيها اِ الله والراسخون في العلم وهم أهل الذكر عليهم السلام..ما هي بواعثها وأهدافها؟ومن ورائها وماورائها؟ وكما قال (باسم السعيدي) هو(أنتصار الأ صوليون على الأخباريون) اي والله هو أنتصار دنيوي بحت لتسيير مصالحهم ودنياهم وما رغبت به عقولهم واهوائهم، وقد ظلموا ببدعتهم هذه عامة المسلمين و الشيعة خصوصآ وظلموا أنفسهم..والظلم الأكبر ظلمهم لمحمد وآل محمد عليهم السلام، وذلك بأستغنائهم عن الأمام المهدي(عج) وعدم أعلانهم ألأفتقار للحل السماوي،والأكتفاء بالعقل والأجماع والتقليد...(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين)وليس للمقلدين (بكسر اللام) والمقلدين(بفتح اللام) بل العاقبة للمتقين الذين تمسكوا بمحمد وىل محمد ولم يضيفوا او يحيدوا او ينقصوا عن ما أراد محمد وآل محمد وهو مراد الله الجبار المتكبر...فلقد تم أخفاء الكثير من الحقائق عن عمد وسابق أصرار عن الكثير من حقائق الروايات والأحاديث الشريفة عن النبي والأئمة المعصومين،وكذلك اِخفاء الحقائق التأريخية حول أسباب صراع الأخباريين والأصوليين؟وماهي مواد وقضايا ومواضيع ذلك الصراع بين الطرفين؟ لماذا لم تخبرونا بشكل واضح ان التقليد أمر مستحدث، وان الأخباريون الشيعة لايقلدون ولايوجبون التقليد ولايعتبرون الأجماع والعقل حجة ودليل شرعي ؟؟لماذا؟ ولماذا؟ ولماذا ؟؟؟؟
 
أنتم أيها الأصوليون خنتم الأمانة،و سنطالبكم غدآ أمام الله عز وجل والنبي وأهل بيته الكرام نحن ومن أنتقلوا الى رحمة الله من عامة الشيعة،و من يوم تأسيس مدرستكم الأصولية العقلية الأجماعية (الشيطانية)..التي أشركت العقل والأجماع مع الله عز وجل والنبي والأئمة المعصومين في الحكم الشرعي ......
 
نعم التقليد بدعة أنتم أبتدعتموها بعقولكم بلا هدى ولا كتاب منير , الأخباريون أقرب منكم الى الائمة المعصومين عليهم السلام علما وسمعأ ومشاهدة ولغة للأئمة عليهم السلام(مع تحفظنا على أراء بعض المتأخرين منهم) , بمكركم (الشيطان مع النفس ألأمارة بالسوء) أستطعتم أخفاء الحقائق وقمتم بمنع كتب الأخباريون وتحريم قرائتها وكذلك حرقها، وأصبحنا نحن العامة عندما نسمع بالأخباري يصيبنا أحساس أنه قد يكون بعيدا عن الأسلام!! لماذا؟؟!! و قدكان كل أعمدة التشيع اخباريون مثل :
1- محمد يعقوب الكليني رحمه الله كبير علماء الشيعة الذي عاصر بعض الأئمة المعصومين ويدون ويصحح الأخبار والروايات من الأئمة مباشرة، وتوفي سنة 329هجرية وهي نفس سنة وفاة السفير الرابع للأمام المهدي – عج –.
 
2- الشيخ الصدوق توفي عام 381 هجرية...
 
3- الحر العاملي ...
 
4- حسين شهاب الدين العاملي،صاحب كتاب (هداية الأبرار)...
 
5- المحقق الأسترابادي،صاحب كتاب(الفوائد المدنية)الذي سحق وأسقط كل أكاذيب وبدع ألأصوليين.
 
6- العلامة المجلسي...وغيرهم من العلماء الأعلام..
 
وهم كلهم وبلا أستثناء قالوا ببطلان عملية التقليد والعقل والأجماع، فكيف يقول (باسم السعيدي ) أدلة التشريع بالأجماع ؟ عن أي أجماع هذا تتحدث انت ومن سبقك ومن سيلتحق بك!! والشيعة الأمامية الحقيقيين لاالمزيفين تبطل التقليد والعقل والأجماع تسعمائة عام ؟؟!ّ!!
وكذلك يقول لا يمكن خدش ما أجمعت عليه أمة محمد (ص)!!! عجبآ وألف الف عجب هل تريدنا أن نأخذ بقولك ام بالقرأن والسنة؟؟؟ الأمة فيها المنافقين والكذابين،و الله عز وجل يقول للرسول (ص)( من حولك منافقين انك لا تعلمهم نحن نعلمهم).
 
2-مسألة السبق والتعقيب: يتصور الأصوليون ان يسبقوا الله عز وجل في الحكم الشرعي بابتداعهم للتقليد ويريدون ان يضيفو او يصححوا ما انزل الله (احسب ان يسبقونا الا ساء ما يحكمون ). ان الاقتداء بمحمد واله (ص) فقط يصنع الهدى .
 
تريدون ان تعدلوا أنفسكم وعقولكم بالمعصومين وتشاركوهم بالصلاحيات التي وهبتها لهم السماء ؟؟؟!!! ام ترون ان القرأن والنبي والأئمة فيهم نقص او عدم تمامية او عدم كمالية !!فتريدون ان تفرضوا على الله عز وجل(حاشاه)ان يعطيكم ماأعطى النبي والأئمة عليهم السلام؟؟ام تريدون ان تتميموا وتكملوا للنبي واهل بيته الأطهار؟؟ وصح قول الأمام الباقر (كل الناس بهائم الا قليل من المؤمنين)... فلا يفسر كلام الله عز وجل الا المعصومين محمد وآل بيته (ص) ومن يعترض على هذا الكلام، فكلامه مطابق لكلام و لأعتراض أبليس على الله عز وجل بعدم السجود لأدم علمآ ان طاعة الله في كل شئ هو عين السجود، والأمتثال لله في طاعة المعصوم هو حقيقة السجود , ومن تخلف عندها وأستخدم عقله وأجماعه بديلآ فقد صنع صنيعة ابليس الملعون الذي كان يأبى السجود استكبارآ فكان وسيكون أتباعه ومن أي ملة كانوا و سيكونوا من الكافرين .
 
يقول (السعيدي)تطور الفقه الأمامي من مرحلة الأخباريين الى الأصوليين يعد خروجا من دائرة التعبد بالنص (صح ام لم يصح )!!!.
 
ونحن نقول له: هذا اعتراف واضح وساطع جدا على أنه هو وكبرائه ومن تبعهم لا يهمهم الدليل ويعتبرون الخروج عن التعبد بالنص الوارد عن النبي واهل بيته سلام الله عيهم أنتصارآ !!على من الأنتصار ؟على نصوص محمد وآل محمد؟؟ !!!!! أنتم ياعبدة الرجال والعقول والأجماع انتصرتم أو تريدون الأنتصار على محمد وآل محمد؟؟؟!! لن نجيبك،بل ستجيبك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين كما وعد الله العلي الجبار المتكبر القادر..الا تعلم ان الائمة الأطهار قد نهوا عن اعطاء الرأى و عن الحكم بالظن و عن التفسير بالأجمال،و عن ذلك يقول الامام الباقر عليه السلام (الدين لا تصبه عقول الرجال )....
 
3-علم الرجال مؤامرة  أإستهدفت ولا زالت تستهدف في جزئها الأكبر أهم وأعظم الروايات الواردة عن ائمة أهل البيت عليهم السلام وخصوصآ معظم الروايات التي وردت عن طريق الراوي الواحد والتي كانت بسبب الظروف التي كان يعيشها الائمة عليهم السلام (التقية المكثفة ).
 
يقول الأمام الصادق عليه السلام (لو جأءكم رجل كاذب يقول لكم الليل نهار والنهار ليل ونقل عنا رواية فلا تردوها علينا بل ردوها الينا , فأن شككتم فقفوا )...
 
أي أعرضو الرواية على كتاب الله فأن طابقت فخذوا بها وان خالفت فأضربوها عرض الحائط وان شككتم فأعرضوا ولا تضعوا وتصنعوا العقل والأجماع مصدرآ للتشريع والحكم والفتوى .
 
4-و يقول( السعيدي) الأمامية أضافوا (العقل ) ,ونحن نقول له كذبت كما كذب كبرائك من قبل ومن بعد، لاتقول الأمامية بل قل المبتدعة الأصوليين..هل تريد ان تتخفى وكبرائك ومن تبعهم بالأمامية الحقيقيين؟؟لكي تنفثوا سمومكم واباطيلكم؟؟!! , الأمامية ياسيعدي ومن تقلدهم ومن يقلدون من تقلدهم،كانوا تسعمائة عام لم يضيفوا العقل أو الأجماع مصدران للتشريع بل ان أكبر علمائهم في تلك الفترة نهوا عن ذلك طاعة لأمر الأئمة عليهم السلام..وابشرك بما يملئك ربعآ وغيضآ انهم لازالوا وسيبقون مابقوا مطيعين للنبي والأئمة الأطهار وسيرثون ألأرض ومن عليها بعونه وفضله وقدرته .
 
5-يقول(السعيدي) كل من هو على مذهب الأمامية حسب ماجاء بالمقال يجب ان يكون مجتهدآ وهذا غير واقعي كما يقول السعيدي ؟
 
ونحن نقول:الأجتهاد معناه في الزمن القريب من الائمة المعصومين عليهم السلام هو التفقه فيما ورد عن ائمة اهل البيت دون الدخول في بدع التقليد والرسائل العملية وأصدار الفتاوى والأحكام وأصدار أوامر المنع او السماح للدخول الى الجنة والنار، كما يفعل مراجع الأصوليون المتأخرون,فأنت وهم ومن تبعهم تعترضون، انه كيف يكون الكل مطالب بالأجتهاد.. نقول نعم الكل مطالب بالتفقه(الأجتهاد) بالدين و لانقصد به الأجتهاد الأصولي الذي لا يعترف به النبي والأئمة الأطهار .
 
الأمام الباقر عليه السلام يقول (تفقهوا في الدين واِلا فأنتم الأعراب )..........
 
والله عزوجل في محكم كتابه يقول (الأعراب أشد كفرآ ونفاقآ )..............
 
فنحن نريد من السعيدي أو غيره من الأصوليين الصغار والكبار معآ ان يثبتوا لنا ان الاصول التي هي من نتاج الفقهاء الأصوليون شرعية بدليل قرأني مقرون بالسنة الشريفة والائمة المعصومين – ع –..وننبهكم لحقيقة قرأنية ساطعة لمن القى السمع وهوشهيد
 
(لايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم )..........
 
فلا يجوز لك ولا لغيرك اطلاقا ان يفسر القرأن بالعقل والظن والرأى..فأن القرأن والسنة لاتفسر الا من قبل الائمة عليهم السلامة فقط، أم انك وكبرائك تريدون الأعتراض على كلام الله وتجعلون الأية تقول(لايعلم تأويله اِلا الله والراسخون في العلم والأصوليون والمراجع والأجماعيون وأصحاب العقول).......... فأنت ومن أتبعت تريدون ان تفسروا القرأن على مزاجكم وعقولكم واهوائكم ؟؟؟؟؟(قل لو كان البحر مدادآ لكلمات ربي لنفد البحر قبل ان تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا )...
 
6- نقول لك ولغيرك ناصحين، ان الائمة نهوا مطلقآ عن تفسير القرأن بالعقل , القرأن معصوم فلا يستطيع استيعابه الا المعصوم. وكذلك حديث النبي (ص) لا يفسره الا المعصوم (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى )....
 
ونحن نقول: ان الحقيقة هي في قول الله تعالى (وما خلقت الجن والأنس الا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد ان يطعمون ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين )....
 
هذا هو الهدف الأسمى من خلق البشرية والذي بعث من أجله رسول الهدى وأهل بيته - ع – ومن أجل هذا الهدف العظيم كان بقية الله صاحب الزمان الامام المهدي – عج – مذخورآ من قبل الله عز وجل لليوم الموعود الذي لا يكون فيه الا تمجيدآ لأسم الله عز وجل وعبادته الخالصة وهناك يكون الدين العادل المطلق الصادر من العادل المطلق بدون أنشغال في اعباء الحياة من رزق وما شابه ذلك،فلو كانت بدعة الاصوليين على صواب لما غيب الله الأمام المهدي وأخفى عنوانه ؟؟؟!!!
 
اعبدوا الله فقط وأتقوه حق تقاته والله متكفل بكل شي أفتقروا الى الله وحده والله ينزل بركاته عليكم ,فالمطلوب من الناس أجمع ان يقيموا ما ورد من أحكام وحدود في الكتب السماوية حيث يقول الله عز وجل ( ولو أنهم اقاموا التوراة والأنجيل وما أنزل اليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ولكنهم كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون)...وقال رب العزة
 
(ولو ان أهل القرى أمنوا وأتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماوات والأرض )...
 
نحن سبب البلاء على أنفسنا نريد ان ندخل العقل في كل شئ، أشركناه مع الله عزوجل..المطلوب التقوى والعبادة فقط والله متكفل في كل شئ،الله خير شريك فمن اشرك معه غيره اوكله لغيره، اى اِذا الأنسان أعتمد على العقل أو أى وسيلة أخرى غير الله وما أمربه أوكله الله لما أختار الأنسان... فأين توصله وسائله التي لا حول ولا قوة لها؟؟؟ فعندها تكون حياته ضنكا .
 
قوله تعالى (ومن أعرض عن ذكري فأن له معيشتا ضنكا )
 
مدينة الصدر - بغداد


هل التقليد بدعة أبتدعها ألأصوليون؟ 

بسمه تعالى

قرأت المقال الذي نشرته كتابات بقلم الشبيبة المسلمة حول الأجتهاد والتقليد والذي ارفق بمقالة سابقة للدكتور زين العابدين الأمارة بعنوان(تقليد المراجع غير شرعي وليس بواجب وغير مبرىء للذمة)..

لقد قرأت مقالة الدكتور لمرات عديدة وها انا اعترف امام الملأ من ان المقالة قد سببت لي صدمة شديدة بل واوصلتني الى حافة الأنهيار واشعرتني بالصعقة وفقدان الثقة والأطمئنان بالمراجع والحوزات وتأريخ التشيع والتقليد والأصول والأصوليين وربما معهم الأخباريون...وستصبح تلك المشاعر يقينآ ان لم يتم الأجابة على تلك الأشكالات المثارة من قبل الدكتور والشبيبة المسلمة مضافآ اليها اشكالاتي التالية..

1-هل ان التقليد للمراجع هو امر مستحدث من قبل الأصوليين الشيعة ؟ام هو مأمور به من قبل النبي والمعصومين عليهم السلام؟؟

2-اذا كان التقليد مأمور به من قبل النبي والأئمة..فلماذا كان الشيعة أخباريون لايقلدون ولايجتهدون من اجل التقليد واصدار الأحكام بل من أجل نقل وتوضيح النصوص وألأخبار والروايات المنقولة عن النبي والأئمة عليهم السلام ولا يوجبون التقليد..علمآ انهم الأقرب زمانآ وفهمآ للغة وقواعدها؟؟

3-ان صح ماجاء في الفقرتين السابقتين،هل ان التقليد بدعة ابتدعها الأصوليون لأسباب شتى لايعلمها كلها وبالتفصيل الا الله والراسخون في العلم..؟؟

4-ماذنب الذين يقلدون المراجع ان ظهر بطلان التقليد والأصول؟؟هل تبرء ذمتهم ام لا؟؟اقول قول رسول الله عليه السلام(انما الأعمال بالنيات ولكل امرء مانوا)وقوله(من سن سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها،ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها )..وقوله تعالى(ولاتزر وازرة وزر أخرى)..لأني وحشد كبير جدآ من المقلدين نعتقد ان التقليد ضرورة من ضرورات الدين (لاتقبل العبادات من دونه)كما زعم الأصوليون!!؟؟.

5-لقد خلق لي مقال الدكتور شك عميق فقمت بمراجعة النصوص الواردة عن الأئمة وعن النبي عليهم السلام فوجدت الرواية التالية(أرجعوا الى رواة حديثنا)ولم يقولوا سلام الله عليهم قلدوا بل ارجعوا!!ولمن ؟لرواة الحديث وليس لمصدري الفتاوى والأحكام الظنية!!!!!.

أي أن مهمة الفقهاء نقل الروايات والأخبار ومحاولة فهمها وتبسيطها للعوام، وليس الأمر بعبادة الرجال من الفقهاء والمراجع!!!

6-لاسابق ولا معقب لحكم الله عز وجل،الا بأمر منه تعالى..فكيف يسبق او يعقب الأصوليون على امر الله القدير المتعال؟

7-هل في القرأن والسنة النبوية واخباروروايات الأئمة نقص لكي يتممه او يكمله الأصوليون بعقولهم القاصرة المقصرة !!؟؟؟؟والله تعالى يقول في القرأن (وكل شيء فصلناه تفصيلآ)والأمام الصادق عليه السلام يقول(مامن شيء الا وفي كتاب الله ولكن غاب عن اذهان الرجال)...فهل نقبل ان يكون (عقل او عقول المراجع والفقهاء واحكامهم وفتاوايهم )تعادل احكام الله ونبيه واهل بيته؟؟!!!الا ساء مايحكمون هم ومن تبعهم..

8-وجدت رواية عن الأمام الصادق تقول(ان احدآ من اصحاب الأمام جاء للأمام وقال ان فلان الكذاب ينقل عنك رواية لاتصدق فلم اصدقه لكذبه...فطلب الأمام من هذا الرجل ان يجمع خلص الطلبة والأصحاب وقال لهم انقلوا عني مااقول..لو جاءكم رجل كاذب يقول لكم الليل نهار والنهار ليل ونقل عنا رواية فلا تردوا علينا بل ردوها الينا،فان شككتم فقفوا) اي اعرضوا الرواية علينا وعلى القرأن وعلى النبي فأن طابقت فخذوا بها وان خالفت فأضربوا بها عرض الحائط وان لم تصلوا الى نتيجة اي شككتم فقفوا اي لاتفتوا وتصدروا الأحكام والفتاوى كما يفعل الأصوليون والمراجع،فعليكم ترك هذا الأمر لصاحب الأمر الأمام المهدي(عج)ولاتقوموا بسرقة واحتلال دور الأمام المهدي(عج)ولا بان ترثوا الأمام وتعملون بالنيابة والسفارة والتي انتهت منذ عام 329هجرية..وقال لهم الأمام الم تتدبروا قول الله عز وجل(اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ان تصيبوا قوم بجهالة فتصبحوا على مافعلتم نادمين)اي ان الله يقول فاسق اي كاذب..يعني اذا جاءكم كاذب برواية او حديث او خبر فتبينوا اي تثبتوا وتأكدوا من كذب او صدق الرواية فقد يقوم الكاذب بنقل الرواية الصادقة وربما العكس..ويقول امير المؤمنين(انظروا الى القول ولا تنظروا لمن القائل)..

9-في مقال الدكتور حقائق تم اخفائها عنا لأمور سياسية دنيوية وربما هم مصداق لقوله تعالى(الذين يشترون بايات الله ثمنآ قليلآ) وبقوله تعالى(الذين يحرفون كلام الله عن مواضعه) وقوله(والذين يعبدون الله على حرف)..

10-فأننا نطالب وبأسم الجماعة المؤمنة في المانيا-فرانكفورت..نطلب من المراجع والفقهاء والحوزات الرد والا اعتبر كل ماجاء ولم يجىء في مقالتي الدكتور والشبيبة المسلمة صحيحآ او هو قطرة من بحر الحق والحقيقة.

المانيا - فرانكفورت


يوميات بغداد: هل حقا ان السيستاني محجوز؟

شبكة البصرة
الاستاذ العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  

لاتزال الاوضاع العامة فى انحاء العراق تتجه نحو الاسوء وتتفاقم يوما بعد يوم المقاومة البطلة لا تعطى الاعداء اى مجال لاخذ او تجديد انفاسها والعملاء لا يزالون يخافون من الظهور علنا امام الناس وكل الشعب ما عدا اتباع الخونة من عملاء المجوس واليهود كل الشعب يقول اى انتخابات يريدون والناس لا تعرف ولحد الان من هم المرشحون ويجيب الناس على كل الاسئلة بأجابة واحدة وهى ان العملاء والخونة يخافون من الظهورعلنا  كونهم يعرفون انهم مشاريع قتل جاهزة وان المقاومة قد خططت لتنظيف العراق من كل عملاء الامريكان والفرس والصهاينة كونهم قذارة يجب ازالتها التنظيف اخذ يتصاعد ويتطور وبعون الله  سيعود العراق ناصع البياض  لا توجد عليه اية بقع غير نظيفة........ عمليات التنظيف لا يعلن عن اغلبها بالاتفاق ما بين المحتل وعملائه ويوميا يقتل من الخونة العشرلت عصر يوم امس الخميس وقعت مواجهات شديدة فى المنطقة المحصورة بين شارع عمر ابن عبد العزيز وشارع عشرين فى الاعظمية بعد ان اكتشف الغزاة ثلاثة من ابظال المقاومة وهم يطلقون الصواريخ باتجاه المنطقة الواقعة عبر نهر دجلة حيث يوجد مقر كبير للغزاة فى بناية الاستخبارات العسكرية  .... قتل الغزاة الابطال الثلاثة بعد معارك وقعت بين ثلاثة ابطال مقابل اكثر من خمسين امريكيا ومعهم عدد من المرتزقة..... وكانت خسائر الاعداء المرئية فعلا ثلاثة قتلى قتلهم احد ابطال بعد سقوطه على الارض نتيجة الاصابة باطلاقات جرح نتيجة لاصابته بها الا انه لم يمت وعند اقتراب الاعداء افرغ مخزن رشاشته بهم.... وهناك عدد اخر من الاصابات لا نعرف حجمه الا ان شهود عيان قدروه بين 10 - 15 اصابة

اخبرنا بعض الشيعة الموثوقين بان السيستانى لا يتمكن من التصريح او ابداء اية اراء او فتاوى  كونه شبه مسيطر عليه من قبل جهات شيعية مرتبطة بالفرس فى طهران وتتلقى الاوامر من هناك وان هؤلاء يصدرونها باسم السيستانى فى اغلب الاحيان كما وان هؤلاء يخططون لاثارة فتنة كبرى فى العراق فيما لو لم يحصلوا على الاغلبية المطلقة فى مهزلة الانتخابات المخطط اجراؤها نهاية الشهر الجارى وحسب تحليلاتنا فان صراع مرير سيجرى بين العملاء بعد الانتخابات سيؤدى الى قتال كبير بينهم انشاء الله وان المقاومة سوف لا تدعماى طرف منهم لكنها ستضرب فى الوقت والمكان المناسبين

من المتوقع حدوث مصادمات مسلحة بين عشائر خزاعة التى ينتمى اليها حازم الشعلانوالعملاء من جماعة الحكيم  لوجود خلافات قوية بين الطرفين وسنزودكم بالتفاصيل حالتمكننا من الحصول عليها

اخذ الناس يتهمون عملاء الفرس علنا بمسايرة الغزاة  ويصفونهم بالكواويد ذوى القرون الحادة بعد انتشار الاخبار حول خدماتهم التى يقدموها للغزاة وهى خدمات تجلب العار لعوائلهم التى هى اصلا عار............. هذا الكلام ازداد بعد رفض نيغروبونتى لدعوة هيئة علماء المسلمين للامريكان بوضع جدول زمنى لانسحاب قواتهم من العراق  وعدم مطالبة السيستانى واعوانه لانسحاب الغزاة.......... هناك كلام ومعلومات  كثيرة سنرسلها بالتعاقب وحال تيسر احوالنا  والتمكن من الحضور بستمرار الى مركز الانترنت

تحيات العراق الحبيب الى كل العراقيين الشرفاء

والموت للغزاة وعملائهم السفلة وان نصر الله لقريب
ابو عمر 14/1/2005   

شبكة البصرة
الجمعة 3 ذي الحجة 1425 / 14 كانون الثاني 2005