Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

الإجتهاد عند الشيعة

الإجتهاد عند الشيعة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
نبذة عن الإجتهاد عند الشيعة.


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
 
     الاجتهاد لغة : بذل الوُسْع والمجهود - مأخوذ من الجهد وهو الطاقة - كما في قوله تعالى : Pوَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْO [التوبة : 79]. وقوله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ[المائدة : 53].
     واصطلاحاً : بذل المجهود في العلم بأحكام الشرع.

     والإجتهاد عند أهل السنة وجد منذ زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يرى البعض، وجوزه بالإذن ، ومنهم من قال : يكفي سكوت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وتفصيل المسألة مذكور في مظانه. ومن أمثلة الإجتهادات التي كانت في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن فقال له : كيف تقضي إن عرض قضاء ؟ فقال : أقضي بما في كتاب الله ، فإن لم يكن ، فبما قضى به رسول الله ، قال : فإن لم يكن فيما قضى به الرسول ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو ، فضرب صدره ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله[1].

     وحديث أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعمرو : اقض بينهما ، فقال : أقضي بينهما وأنت حاضر يا رسول الله ؟ قال : نعم ، على أنك إن أصبت فلك عشر أجور ، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر[2].

     وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لسعد بن معاذ : احكم فيهم، قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مُقاتِلتُهم وأن تُسبى ذراريُّهم وأن تُقسم أموالهم، فقال رسول الله : لقد حكمت فيهم بحكم الله وحكم رسوله[3].

     وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعقبة بن عامر ، ولرجل من الصحابة  : اجتهدا فإن أصبتما فلكما عشر حسنات ، وان اخطأتما فلكما حسنة[4]وغيرها.

      وأما الشيعة فيختلف الأمر لديهم كثيراً حيث إنّ اهل البيت يمثلون عندهم امتداداً تشريعياً وقياديّاً لرسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانوا يسألونهم فيما تعرض لم من حاجة أو يكاتبونهم أو يسألون الموثقين من اصحابهم[5].
     ويعترف الشيعة أن مسألة الإجتهاد قد اختص بها أهل السنة، وربما عدوا ذلك من المآخذ عليهم – أي على أهل السنة – ولكن اليوم اصبحت مسألة الإجتهاد عند الشيعة من ضرورات مذهبهم ومصادر التشريع عندهم، كما هو بيّن في مستحدثات المسائل.
     يقول الصدر : وكان على رأس هذه المدرسة أو من روادها الأولين أبو حنيفة المتوفى سنة 150 هـ والمأثور عن رجالات هذه المدرسة أنهم حيث لايجدون بيانا شرعيا يدل على الحكم يدرسون المسألة على ضوء اذواقهم الخاصة، وما يدركون من مناسبات وما يتفتق عنه تفكيرهم الخاص من مرجحات لهذا التشريع على ذاك، ويفتون بما يتفق مع ظنهم وترجيحهم ويسمون ذلك استحسانا أو اجتهادا، والمعروف عن أبي حنيفة أنه كان متفوقا في ممارسة هذا النوع من العمل الفقهي[6]. ويضيف قائلاً: والفكرة الاساسية التي دعت إلى قيام هذه المدرسة وتبني العقل المنفتح بوصفه وسيلة رئيسية للاثبات ومصدرا لاستنباط الحكم هي الفكرة الشائعة في صفوف تلك المدرسة التي كانت تقول: " إن البيان الشرعي المتمثل في الكتاب والسنة قاصر لا يشتمل إلا على أحكام قضايا محدودة، ولا يتسع لتعيين الحكم الشرعي في كثير من القضايا والمسائل ". وقد ساعد على شيوع هذه الفكرة في صفوف فقهاء العامة اتجاههم المذهبي السني، إذ كانوا يعتقدون أن البيان الشرعي يتمثل في الكتاب والسنة النبوية المأثورة عن الرسول صلى الله عليه وآله فقط، ولما كان هذا لا يفي إلا بجزء من حاجات الاستنباط اتجهوا إلى علاج الموقف وإشباع هذه الحاجات عن طريق تمطيط العقل والمناداة بمبدأ الاجتهاد. وأما فقهاء الامامية فقد كانوا على العكس من ذلك بحكم موقفهم المذهبي، لانهم كانوا يؤمنون بأن البيان الشرعي لا يزال مستمرا باستمرار الائمة عليهم السلام فلم يوجد لديهم أي دافع نفسي للتوسع غير المشروع في نطاق العقل[7].
 
     ونصوص علماء الشيعة المتقدمين تأكد مقولة الصدر هذه، فهذا شيخهم الملقب بالصدوق يقول : أن موسى عليه السلام مع كمال عقله وفضله ومحله من الله تعالى ذكره ، لم يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر عليه السلام حتى اشتبه عليه وجه الامر فيه وسخط جميع ما كان يشاهده حتى أخبر بتأويله فرضى ، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه ولو فنى في الكفر عمره فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم ، القياس والاستنباط والاستخراج ، كان من دونهم من الأمم أولى بان لا يجوز لهم ذلك[8].
     وقال المرتضى : عندنا أن الاجتهاد باطل ، وأن الحق مدلول عليه ، وأن من جهله غير معذور[9].
     ويقول الطوسي: وأما القياس والاجتهاد فعندنا أنهما ليسا بدليلين ، بل محظور استعمالهما[10].
     وأما المفيد فقد صنف كتاباً أسماه "النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرّأي"
     وقال ابن إدريس الحلي (ت : 598 هـ) : والقياس والاستحسان والاجتهاد باطل عندنا[11].
     وعلى هذا لا يصح القول بوجود الإجتهاد عند الشيعة عند من أسّس المذهب. نعم ظهر في القرن السابع إتجاه تبناه المحقق الحلي (ت : 676 هـ) يظهر فيه قبول مبدأ الإجتهاد رغم الإضطراب الواضح فيما ذكره، حيث قال عند الكلام عن حقيقة الإجتهاد : في عرف الفقهاء : بذل الجهد في استخراج الأحكام الشرعية ، وبهذا الاعتبار يكون استخراج الاحكام من أدلة الشرع اجتهادا ، لأنها تبتنى على اعتبارات نظرية ليست مستفادة من ظواهر النصوص في الأكثر ، وسواء كان ذلك الدليل قياسا أو غيره ، فيكون القياس على هذا التقرير أحد أقسام الاجتهاد . فان قيل : يلزم على هذا أن يكون الامامية من أهل الاجتهاد . قلنا : الامر كذلك ، لكن فيه ايهام من حيث أن القياس من جملة الاجتهاد ، فإذا استثنى القياس كنا من أهل الاجتهاد في تحصيل الاحكام بالطرق النظرية التي ليس أحدها القياس[12].
     ولعل هذا بدايات ظهور الإجتهاد عند الشيعة بالصورة المتعارف عليها اليوم.


[1]  أخرجه أحمد 5 / 236 ، 242 ، وأبو داود ( 3592 ) و ( 3593 ) في الأقضية : باب اجتهاد الرأي في القضاء ، والترمذي ( 1327 ) و ( 1328 ) في الاحكام : باب ما جاء في القاضي كيف يقضي ، وابن سعد 3 / 2 / 121

[2]  أخرجه الحاكم ( 4 / 88 ) عن فرج بن فضالة عن محمد بن عبد الأعلى عن أبيه وقال : " صحيح الاسناد " . ورده الذهبي بقوله : " قلت : فرج ضعفوه " .

[3] رواه البخاري (3896)، ومسلم (1769).

[4]  المستصفى، للغزالي، 2/ 355 ، والإحكام، للآمدي، 4/ 408

[5]  أنظر : الإجتهاد والتقليد، لمحمد الآصفي، 59

[6]  المعالم الجديدة للأصول، لمحمد باقر الصدر، 34

[7]  المصدر السابق.

[8]  علل الشرايع، للصدوق، 1/ 62 ، بحار الأنوار، للمجلسي، 13/ 289

[9]  الذريعة، للشريف المرتضى، 2/ 637

[10]  العدة في أصول الفقه، للطوسي، 1/ 8

[11]  السرائر، لإبن إدريس الحلي، 2/ 170

[12]  معارج الأصول، لنجم الدين الحلي، 179