Difa e Islam | الدفاع عن الإسلام | دفاع الإسلام |
تغيير اللغة:

التسنن الأموي

التسنن الأموي

     مصطلح اخترعه علي شريعتي في إزاء مصطلحة الآخر "التشيع العلوي والتشيع الصفوي" حيث ذكر في مصنفاته عن نوعين من التسنن (المحمدي والأموي) وأشار الى العلاقة التي تربط بين أحدهما بالآخر أو بينها جميعا.
     ويطلق شريعتي تسمية "الجمال المطلق" على التسنن المحمدي والتشيع العلوي كما يصف التشيع الصفوي والتسنن الأموي بالقبح المطلق ويطالب بتوفير قاعدة علمية مشتركة وراسخة بين الأخوين ويقصد التشيع العلوي والتسنن المحمدي وذلك من أجل الحد من الخلاف المذهبي الذي يتصاعد نتيجة إنتشار العدوين المتآخيين ويقصد التشيع الصفوي والتسنن الأموي ويشدد على أن التسنن الأموي يشوه سمعة التشيع بربطه بالمجوسية واليهودية ويقول إن سباب وشتيمة الصحابة هي من بدع التشيع الصفوي الذي ينحى وقرينه التسنن الأموي أيضا نحو المدح والثناء للسلطات القائمة لأن كلاهما مذهب اختلاف وشقاق ومن خصائصهما الحقد والضغينة وكلاهما يمثلان الإسلام الرسمي والدين الحكومي.
     ويقول الشيخ طه الدليمي : هذا المصطلح المخترع (التسنن الأموي) فما هو إلا مصطلح شيعي صفوي. يقصدون به المواجهة بالمثل. لقد قلت: (تشيع صفوي)؛ فلنقل في مقابله: (تسنن أموي) على قاعدة (الهجوم خير وسيلة للدفاع). ويرمون به أصحاب العقيدة الصافية السليمة[1].
     وكذلك ينكر الشيعة عليه هذا التقسيم. يقول الكوراني: إني أدعو شباب المسلمين إلى قراءة تاريخ التشيع بعمق من مصادره ، وعدم الاغترار بالشعارات الخداعة التي تقسمه إلى تشيع علوي وصفوي ! وقد اغتر بهذه الشعارات الدكتور علي شريعتي في كتابه : التشيع الصفوي والعلوي ! وفسر هذه الدعوى بأن التشيع العلوي هو الإسلام ، وهو ثورة دائماً والتشيع الصفوي تشيعٌ دولة يدعو إلى طاعتها ! لكن هل يعقل أن ينزل الله تعالى ديناً يقتصر فيه على الأمر بالثورة وهدم الباطل بدون الأمر ببناء البديل ؟ !
لقد استعمل مع الأسف شعارات للتهويل بدل الكلام العلمي فقال :
التشيّع العلوي تشيّع تقية المناضل ، والتشيّع الصفوي تشيّع الخامل !
التشيع العلوي تشيع اجتهاد وانفتاح ، والصفوي تشيع جمود وانغلاق !
التشيّع العلوي رجوع إلى العالم المتخصص ، والصفوي طاعة عمياء !
التشيّع العلوي تشيّع الإنسانية ، أما التشيّع الصفوي فتشيّع القومية !
التشيع العلوي تشيّع ثورة كربلاء ، والتشيّع الصفوي تشيّع مصيبة كربلاء !
التشيّع العلوي تشيّع الوحدة ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع الفرقة !
التشيّع العلوي تشيّع التوحيد ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع الشرك !
التشيّع العلوي تشيّع السنة ، أما التشيّع الصفوي فهو تشيّع البدعة !
التشيع العلوي يقارع الظالمين ، والتشيع الصفوي يخدم الظالمين .
التشيّع العلوي تشيع الانتظار الإيجابي ، والتشيع الصفوي الانتظار السلبي .
إلى آخر التعابير التي اخترعها المؤلف كقوله : التسنن الأموي والمحمدي ![2]
 

التشيع الصفوي

     مصطلح يأتي في سياق التمييز بينه وبين التشع العلوي، واشتهر به الدكتور الإيراني الشيعي علي شريعتي( 1352 – 1395 هـ / 1933 – 1977م).
     والمقصود به أن هناك منهجين في التعاطي مع المسألة المذهبية والدينية عند الشيعة. منهج يتعاطى بروح تاريخية وطقوسيّة وفئويّة وما فوق عمليّة، فيركّز كثيراً على صراعات التاريخ المذهبي، ويعيش التاريخ أكثر مما يعيش الحاضر، وتستهلكه الطقوس والمناسبات المذهبيّة، ويحمل روح القطيعة مع الآخر، ويبالغ في الصورة الشكليّة للتشيّع، ويضع كلّ ثقله فيها، ويتعاطى مع أئمة الشيعة تعاطياً غيبيّاً في الغالب فيركّز على خلقهم وأسرارهم ومكانتهم السماويّة، ولا يعيش تفاعلات تجربتهم في الأرض، ويسعى لحصر العمل الديني في الجانب الطقوسي تقريباً وتحرير الإنسان من مسؤوليّاته في الجانب الاجتماعي والسياسي، ويستخدم التقيّة للتحرّر من المسؤوليات الكبرى في الأمّة، ويركّز على الشفاعة والحبّ للتخلّي عن وظائفه الرئيسة، ويفهم التقليد للمرجعيّات الدينية فهماً مغلوطاً، فهذا هو التشيّع الصفوي؛ لأنّ ازدهار هذا النهج من التشيّع جاء من وجهة نظر علي شريعتي مع الصفويين.
     ومنهج يتعاطى من منطلق نهضوي عملي سياسي واجتماعي، فيرى التشيّع في الثورة على الظلم، وفي رفض الانحراف في المجتمع، وفي بناء الأمّة، وفي الاهتمام بمصالح المسلمين، وفي النزاهة والمبدئيّة في ممارسة السلطة أو العمل السياسي والاجتماعي مقابل المنهج المصلحي والوصولي والنفعي، وفي رفض الطبقيّة والتمييز بين الناس لاعتبارات وهميّة لغويّة أو قوميّة أو عشائريّة أو عرقيّة أو فئويّة وفي تحقيق العدالة الاجتماعيّة وتداول الثروات الطبيعيّة لكسر حدّة الفاصلة الطبقيّة بين الناس، وفي مساواة الجميع أمام القانون ونظام القضاء والعقوبات بما في ذلك الحاكم نفسه، وفي محاربة الإقطاع السياسي والديني بأشكالهما، وغير ذلك. وهذا ما كان يسمّيه شريعتي بالتشيّع العلوي؛ لأنّ سيرة عليّ رذي الله عنه تعطي هذه القيم بأجمعها، وعلينا أن ندرس سيرة النبي وأهل بيته من زاوية نهضويّة يمكنها أن تساعدنا في تنوير طريقنا لبناء أمّة قويّة وعادلة ومقتدرة، وليس لبناء أمّة تلطم نفسها وتذهب بكلّ طاقاتها في المناسبات الدينية والتركيز على البُعد الظاهري للدين[3].
     وقد لخص الدكتور علي شريعتي رؤيته للفرق بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي في النقاط التالي:

  1. العترة : الإسلام – لدى التشيع يقوم على دعامتين رئيسيتين : القرآن والعترة ، وذلك طبقاً للحديث المروي عن النبي ” إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي” وكما هو واضح فإن التشيع العلوي آمن بالعترة من خلال إيمانه بالسنة ، إن أصل (العترة) ليس في مقابل السنة ولا في مقابل القرآن ، بل ولا في مرتبتهما وإنما هي طريق مباشر ومأمون للوصول إلى القرآن والسنة . أما التشيع الصفوي فالعترة عنده هي عبارة عن أسرة ، وهي وسيلة لتعطيل العمل بالقرآن وسيرة النبي وتشويه الوجهة الحقيقية للرسالة ولمبادئها الأولى كالتوحيد ، وبالمقابل إرساء قيم مبتدعة تقوم على أساس العنصر والدم والوراثة.

  2. العصمة : هي الأصل الثاني من أصول التشيع العلوي ، وهي هنا بمعنى أن قائد الأمة ومن بيده أمور الناس والمجتمع ويتحمل أعباءهم الدينية يجب أن يكون بعيداً كل البعد عن الفساد والخيانة والضعف والخوف والمداهنة على الحق . أما في التشيع الصفوي ، فإن العصمة كانت عبارة عن حالة فسلجية وبيولوجية وباراسيكولوجية خاصة لدى الأئمة تمنعهم من ارتكاب الذنوب والمعاصي.

  3. الوصاية : إن الوصاية بحسب التشيع العلوي وما نفهمه نحن ليست بتنصيب ولا انتخاب ولا ترشيح بل هي بمعنى قيام النبي – من منطلق موقعه القيادي للمجتمع – بتحديد أفضل الأشخاص وأكثرهم جدارة بتحمل عبء مواصلة المسيرة وحمل الرسالة التي جاء بها ، لكي تتخذه الأمة قائداً لها وتنقاد لأوامره وتوجيهاته . في التشيع الصفوي حيث تكون (الوصاية) عبارة عن نظام وراثي وسلالات حكم تنتقل القيادة فيها من الأب إلى الابن ومن الأخ لأخيه ومن جيل إلى جيل يليه ، وعلى ضوء هذا الفهم الخاطئ للوصاية ، يقال أن الإمام الأول صار إماماً أول لأنه ابن عم النبي وصهره وأول السلسلة ، أما الإمام الثاني فصار إماماً ثانياً لأنه ابن للإمام الأول والإمام الثالث صار إماماً لأنه أخ الإمام الثاني ومن ثم استمرت الإمامة نسلاً بعد نسل.

  4. الولاية : وهي في التشيع العلوي بمعنى التزام الناس بحكومة علي بكل أبعادها وضوابطها والتبعية له والاقتداء به وقبوله كأسوة حسنة ، والتسليم المطلق لحكومته ونظامه هو فقط لا غير! أما الولاية عند التشيع الصفوي فهي بمعنى ولاية (مولائية) نجم عنها بالتالي عناصر دخيلة مثل الإسماعيلية والعلي الهية والباطنية والحلولية والصوفية والهندية. وهي في قاموس التشيع العلوي عبارة عن الاعتقاد بنظام ثوري قادر على بناء مجتمع ينهض بواجبات نظام دولي مؤهل للوقوف بوجه الأنظمة القائمة ، وأمة تحمل رسالة سامية بحجم الرسالة التي تطرقت لها لدى الحديث عن الوصاية ، ومصاديقها الخاصة بعد النبي هم الأئمة الذين يتحلون بمقامات ذاتية تؤهلهم لتقلد وسام القيادة للمجتمع وتلبية مستلزمات هذه المهمة .

  5. الإمامة : التشيع الصفوي ينظر إلى الاعتقاد بالأئمة من زاوية أخرى يكون فيها الاعتقاد بهم ليس سوى اعتقاد بـ (12) شخصية من جنس ما وراء الطبيعة واثني عشر رقماً واسماً مقدساً يجب علينا أن نحب أصحابها ونثني عليهم ونتقرب إليهم دون السعي إلى الالتزام بالتبعية والاقتداء بهم.

  6. العدل : وهو هنا بمعنى الإيمان بأن الله عادل ، وهو في التشيع العلوي بمعنى أن كل موبقة سيكون وراءها حساب شديد كما أن كل منقبة ستكون سبباً للفوز بالثواب الجزيل. أما في التشيع الصفوي ، فالعدل معناه أن الله ليس بظالم ، وأن يزيد سيذهب بعد الموت إلى جهنم ، بينما الحسين يذهب إلى الجنة وليس ثمة علاقة لذلك بحياتنا الدنيوية وأوضاعنا الراهنة بل هو مجرد بحث علمي من شأن الفلاسفة الإلهيين ولا علاقة له بالناس.

  7. التقية : إن التقية حسب التصور العلوي هي عامل وحدة وانسجام مع الأخ وكفاح للعدو ، بينما هي في التصور الصفوي مبرر لشل إرادة الرفض والنضال أمام العدو وفي نفس الوقت هي سبب فاعل في إثارة النعرات الطائفية والفرقة والاختلاف بين الأخوة! التقية ، في التشيع العلوي ، عبارة عن تكتيك عملي يخضع لضوابط وظروف معينة يقدرها القائد ، ولذا قد تجب التقية وقد تحرم ، بينما التقية في المنظار الصفوي هي جزء من عقائد الشيعة الثابتة والملازمة لشخصية الشيعي في كل الأحوال.

  8. السنة ونبذ البدعة : وفي المفهوم الصحيح للسنة فإن التشيع العلوي يعد أكثر المذاهب والفرق الإسلامية تسنناً! بمعنى أنه أقرب المذاهب وأضبطها في الاعتقاد بالسنة النبوية والالتزام بها عملياً. بيد أن التشيع الصفوي يرى أن (كتاب الله وعترتي) هي بديل عن (كتاب الله وسنتي) ولا يمكن أن يجتمعا معاً.

  9. الغيبة :  فلسفة الغيبة في التاريخ الشيعي والمقطع الزماني الذي حصلت فيه . الغيبة لها فلسفة دقيقة وأبعادها الاجتماعية والسياسية أكبر وأهم بكثير من الجانب الميتافيزيقي فيها. في التشيع الصفوي يحمل الانتظار مفهوماً سلبياً ويعبر به عن منهج التسليم والتحمل والصبر والسكوت ، وفي يكون الإمام المعصوم غائباً مما يعني ضرورة تعطيل الإسلام ببعده الاجتماعي وعدم إعادته إلى مسرح الحياة إلا بعودة الإمام وظهوره من جديد.

  10. الشفاعة : عند العلويين تعتبر عنصراً فاعلاً وبناءً في تحقيق التكامل المعنوي والتربوي والثقافي , أما الصفويين فهي طريق لنجاة غير المستحق.

  11. الاجتهاد : وحقيقة الاجتهاد تكمن في أن القوانين والمقررات العامة للشريعة وأحكام الفقه المدونة قد لا تستوعب جميع الحالات الاجتماعية بالتفصيل نظراً لتعدد خصوصيات الزمان والمكان وتبدلها وتبدل النظر الاجتماعية التي تنبثق عنها ، ما يجعل الحاجة ملحة لفتح باب الاجتهاد المتحرك لكي يلبي المجتهد عبر ذلك المتطلبات المستجدة أو بتعبير الرواية (الحوادث الواقعة) ، ويتاح هذا العمل للمجتهد المحقق المتفتح في عقله وتفكيره فيعكف على استنباط الأحكام على حسب القواعد العامة ومع الأخذ بعين الاعتبار روح الشريعة السمحاء وأهدافها وخصالها الكلية من العدل والمساواة وذلك استناداً إلى الأصول الأربعة متمثلة بالكتاب والسنة والعقل والإجماع. في التشيع الصفوي ليس أكثر من ادعاء ضخم ولقب عظيم فارغ من المحتوى ، وهو مجرد منصب رسمي ديني للمجتهد أشبه ما يكون بالبطريرك أو الأسقف أو الكاردينال، خلافاً للمجتهد عند التشيع العلوي .

  12. الدعاء : الدعاء في التشيع العلوي هو دعاء النبي ودعاء القرآن ودعاء علي ومظهر تجليه في دعاء الإمام زين العابدين ، والدعاء بهذا المعنى هو وسيلة لتلقين النفس على أن تظل طامحة دائماً إلى الأهداف والطموحات الإنسانية السامية. أما الدعاء الصفوي فهو وسيلة لتغليف مواطن الضعف والنقص والمذلة وفي إطار أناني ضيق ووضيع .

  13. التقليد : في التشيع العلوي ، يكون العالم الباحث حراً في اجتهاده ، وعلى العامي أن يقلده ، وهذه منظومة اجتماعية علمية جديرة بالتقدير ، بينما التقليد في التشيع الصفوي يعني أن يكون الناس جميعاً صماً بكماً عمياً بإزاء من يرتدي اللباس الرسمي المعترف به من قبل أجهزة السلطة ، ولا يجوز لغيره ولوج هذا الباب ليس في المجالات الفقهية الفنية وحسب بل حتى في مضمار فهم واستنباط القضايا الاعتقادية التي يفترض أن كل إنسان يكون مطالباً بنفسه بالاجتهاد فيها. وأخيراً, حاول شريعتي اطلاع أبناء الجيل الجديد ممن لديهم وعي واحساس بالمسئولية على حقيقة المصائب التي ألحقت بنا وبديننا ومجتمعنا , لإشعارهم بحجم المسئولية التي يتعّين عليهم النهوض بأعبائها وأن وراءهم طريقاً طويلاً يحتاج إلى همة عالية وبذل المزيد من الجهود والتضحيات[3] 


[1] أنظر : http://sayedfadlullah.org/article/578

[2] راجع التشيع العلوي والتشيع الصفوي، لعلي شريعتي.

[3] أنظر العلوي وكتابه "عمر والتشيع"، لطه الدليمي، تحت عنوان "تسنن أهل السنة أموي"

[4] كيف رد الشيعة غزو المغول، لعلي الكوراني العاملي، 237