الشيخية
الشيخية
طائفة من الشيعة الإمامية الاثني عشرية، ولقّبوا بهذا الاسم نسبة إلى شيخهم ومعلمهم أحمد بن زين الدين الأحسائي، وهم لا يختلفون في أُصول الدين وأُمهات المسائل الشرعية عن سائر الشيعة الإمامية. لكن أخذت عليهم بعض المسائل وهي محل خلاف. منها:
إنكار المعاد الجسماني وللاحسائي في (شرح الزيارة الجامعة) أقوال صريحة في ذلك، وكلها تشير إلى روحانية المعاد، وتنفي أن يكون المعاد هو الجسم المادي المحسوس.
إنكار المعراج الجسماني أي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعرج بجسمه المادي المحسوس إلى السماء، وإنما عرج بروحه.
إنكاره شق القمر المرئي الحقيقي معجزة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتّفق عليها بين المسلمين، ودعوى انّ الّذي انشق انّما هو صورة القمر المنتزعة منه.
الغلو في شأن أهل البيت وإعطاؤهم بعض المقامات الّتي لا تصحّ إلاّ لله تعالى، مثل القول بأنّ الله تعالى فوض كلّ ما في الكون إليهم من الخلق والرزق والحياة والممات وما إلى ذلك، والقول بأنّ علمهم حضوري وليس حصولي يعني انّهم يعلمون بكلّ ما كان وجميع ما يأتي على نحو يكون ذلك كلّه حاضراً في ذهنهم وذاكرتهم في كلّ حين كما يرون العين.
الركن الرابع، وهو أهم المسائل الخلافية بينهم ويعني الاعتقاد بوجود نائب خاص للمهدي المنتظر عند الشيعة في عصر الغيبة الكبرى، وهذه العقيدة مما اختصت بها شيخية كرمان وينفيها الاحقاقيون وإن كانوا كما يرى البعض يميلون إليها ويعتقدون بها وجداناً تجاه مراجعهم، بمعنى أن كل إحقاقي يشعر في وجدانه أن مراجع الإحقاقية على إتصال مباشر مع مهديهم المنتظر.
والشيخية ينكرون هذه المسائل ربما تقية كشأن الشيعة عندما يُحاصرون، حتى قال قائلهم : إن الشيخ أحمد وجميع تلامذته حتى السيد كاظم الرشتي لا توجد عندهم طريقة خاصة ولا مذهب مخصوص، وطريقتهم ليست إلا طريقة الإمامية الإثني عشرية لا غير، وكلهم منزهون عن العقائد الباطلة[1].
وأنتشر الشيخية في إيران والعراق والكويت والأحساء مع إزدياد أتباع ومؤيدوا المؤسس احمد الأحسائي بعد وفاته والذي خلفه كاظم الرشتي الّذي كان يتخذ من كربلاء مقراً لزعامته حتّى توفّي فيها سنة 1259 هــ وانقسمت الشيخية إلى فرقتين، فرقة تبعت محمد كريم خان الكرماني (ت : 1288 هـ ) وعرفوا فيما بعد بالركنية، وفرقة تبعت الميرزا حسن گوهر الحائري ثم آل الاسكوئي من بعده فعرفوا بالكشفية.
من آراء علماء الشيعة في الشيخية :
يقول محمد سعيد الحكيم : عامتهم لا يعرفون شيئاً عن عقائدهم، وخاصتهم لا يجهرون بما عندهم لنعرف جلية الحال، غير إن هذا التكتم من الخاصة وتميز جماعة الشيخية عن بقية فرقة الإمامية وانعزالهم مثير للريب فيهم إذ لو لم يكن بيننا وبينهم فرق كما يقولون فلم هذا الانعزال والانشقاق عن الفرقة الحقة حتى صاروا فرقة داخل فرقة وما الفائدة فيه غير إضعاف أهل الحق وشق كلمتهم، ومن ثم يصعب علينا الجزم بمطابقة عقائدهم لعقائد الفرقة الحقة غير انه لا يتيسر لنا تحديد معالم عقيدتهم مع هذا الصمت والانكماش والانعزال. وهم بذلك يتحملون مسؤولية الانشقاق والفرقة.
فاضل اللنكراني : هم يختلفون عن عقائد الفرقة المحقة، وتقليدهم غير جائز وغير مبرئ للذمة، ولا يجوز الصلاة خلفهم ولا تقبل شهادتهم، وتعد هذه الفرقة فرقة ضالة يجب الاجتناب عنها وتحذير الناس والمؤمنين منها.
مصباح اليزدي : إن فرقة الشيخية كفرق الصوفية لا تخلو عن الشذوذ الانحرافات.
علي الكوراني : لايصح التعبير بالمذهب الإحقاقي، حيث لم يدع الشيخ الإحقاقي قدس سره أنه صاحب مذهب ولاأجداده ولا أتباعه، بل مذهبهم التشيع لأهل البيت الطاهرين، وهم إمامية إثنا عشرية، يسمونهم الشيخية أي أتباع مدرسة المرحوم الشيخ أحمد الاحسائي قدس سره، وفرقهم عن غيرهم من الإمامية أنهم يقولون بمقامات لأهل البيت المعصومين صلوات الله عليهم، ويناقشهم في بعضها بقية العلماء، ويتهمهم بعضهم بالغلو. ولا خلاف بين الشيعة في ثبوت المقامات للأئمة عليهم السلام، فالخلاف بين الشيخيين وغيرهم صغروي، والأمر تابع لدليله وما يثبته لهم الكتاب والسنة. كما يوجد لبعض علمائنا إشكالات على المرحوم الشيخ أحمد الأحسائي وعلى الإحقاقيين، ويرون أن لهم شطحات تضر بعقيدة التوحيد. والموقف الصحيح أنه يجب أن تبقى هذا المباحث العلمية بين العلماء، وأن لا يخوض المؤمن فيما لايعلم، ولا يرتكب تكفير أحد بما لايعرف، ويحرص على وحدة المؤمنين وترسيخ الأخوة بينهم، خاصة في وقتنا الذي وقعت فيه مشكلات بعد وفاة المرحوم الشيخ عبد الرسول الإحقاقي قدس الله نفسه.
حسن الجواهري : إن الشيخية فرقة من الشيعة حصلت في الازمنة المتأخرة، وأهم عقائدهم إنهم يقولون بأن الائمة سلام الله عليهم هم العلل الأربع (الصورية والفاعلية والمادية والغائية). كما إنهم يقولون بالمعاد قولاً يخالف ظواهر النصوص الصحيحة والصريحة بل ويخالف ظاهر الآيات القرآنية التي يفيد ظاهرها المعاد الجسماني، ومن عقائدهم: إنهم يقولون بالركن الرابع وأن شيخهم هو الركن الرابع، وعندهم من الغلو في الأئمة الشيء الكثير وعلى كل حال فإنها فرقة منحرفة عن الإمامية، عصمنا الله وإياكم من الزلل والضلال.
جعفر مرتضى العاملي : إن كلمة «الشيخية» تطلق على الذين تابعوا الشيخ أحمد بن زين الدين بن إبراهيم الأحسائي. وقد كان الخلاف في أمر الشيخ أحمد الأحسائي قد ظهر في أيامه، بسبب جملة من الآراء ظهرت في كتبه، وبالأخص في شرحه للزيارة الجامعة. حيث فهم العلماء منها أموراً أخذوها عليه، مثل:
تجريحه بالعلماء، وإبطاله لمدارسهم الفقهية الأصولية منذ عهد الشيخ المفيد قدس سره.
عبادة الإمام علي عليه السلام، وأنه هو الرازق والخالق، والمحيي والمميت من دون الله.
عروج النبي صلى الله عليه وآله بروحه دون جسده.
إنكاره للمعاد الجسماني، وأن الجسم دنيوي لا يعود.
إن الله تعالى لا يعلم الجزئيات.
إن علمه تعالى حادث، وله علم آخر قديم.
إن الإمام الحسين عليه السلام لم يقتل في كربلاء، وإنما شبه للناس.
وقد دافع هو عن نفسه، ثم دافع عنه أولاده وتلاميذه، وأنكروا نسبة ذلك إليه، ومنهم تلميذه السيد كاظم ابن السيد قاسم الرشتي، المتوفى سنة 1259هـ. وذلك في كتابه دليل المتحيرين.
وعلى ضوء هذه الإختلافات والغموض بشأن الشيخية نجد أن خلاصة ما ينتهي إليه الباحثين في شأنهم تتمثل بأموره منها:
إن مؤسس (الشيخية) أحمد الاحسائي من أبرز فقهاء الإمامية في القرن الثالث عشر الهجري، وقد كادت أن تغطي شهرته جميع علماء عصره حتى لقب بـ (الأوحد)، ولم تكن هذه الشهرة الواسعة نابعة من غزارة علمه وتبحره في المعقول والمنقول فحسب، وإنما للسمو المعنوي الذي كان يتصف به، واللياقة الروحية التي كان يتمتع بها.
أما الشيخية فهي اسم يطلق على أتباع ومريدي االشيخ (الأوحد) وقد كانت الشيخية في بداياتها ليست أكثر من قراءة تأويلية تجديدية في مذهب أهل البيت، ثم تحولت بالتدريج ولظروف وأجواء خاصة إلى طائفة مستقله وفرقة معروفة، ومع ذلك فهي ليست فرقة في قبال الإمامية، وإنما هي فرقة داخل فرقة.
ونتيجة لانزواء الشيخيين وانكفائهم على أنفسهم وتكتمهم على عقائدهم، فقد اختلف فقهائنا في الشيخية وهو اختلاف راجع إلى الموضوع لا إلى الحكم.
ليس للاحسائي وتلامذته فكراً متميزاً كما يشاع، ولا مدرسة خاصة كما نسمع، وإنما هم جزء من الاتجاه العرفاني الذي يعتمد في مقام الثبوت على الكشف الباطني القلبي كمصدر أوحد للمعرفة الدينية[2].
أن الشيخية تمثل الأساس التي انبثق منه عدة فرق ، منها على سبيل المثال البابية والبهائية؛ إذ إن هاتين الفرقتين تعد انقساماً على الشيخية. وفي العصر الحاضر تبرز المدرسة الحجتية، التي تُعد امتداداً للفكر الشيخي.
وجود عدد كبير من الوعاظ والمراجع المؤثرين في الصفوف الشيعية اليوم من الشيخية أو المتتلمذين على يد أعلامها ، والذين كان لهم دور في تثبيت وزيادة الغلو بين الشيعة في العصر الحديث.
غزارة نتاجهم الفكري والثقافي، فيرى البعض أن مؤلفات الأحسائي وتلميذه كاظم الرشتي تجاوزت الثلاثمائة مؤلفاً [3].
[1] عقيدة الشيعة، للميرزا علي الإحقاقي، 89
[2] http://www.alnoor.se/article.asp?id=112620
[3] أنظر : فِرقةُ الشيخية (نشأتها وعقائدها) في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة، لعادل صمهود