مؤمن الطاق
مؤمن الطاق
أبو جعفر محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي. متكلم ورواي كوفي شيعي عاصر عدداً من الأئمة الإثني عشر وروى عنهم ويُعدّ من كبار الرواة الشيعة، فقد كان من أصحاب زين العابدين والباقر والصادق والكاظم رحمهم الله، ويروي عنهم أحاديث كثيرة، وهو ذو مقام عظيم عند الشيعة حيث يعدّونه من المتكلمين البارعين ومن ثقاة المحدثين.
يُلقّب بمؤمن الطاق وهو لقبه المشتهر به وكذا صاحب الطاق أو الأحول أما المخالفون له فقد لقّبوه بلقب شيطان الطاق. وذهب البعض إلى أن سبب هذا اللقب يعود الى حذقه وكياسته وشدة ذكاءه ودقة ملاحظته في تقييم النقد، ولا يراد منه الذم لانه كان احياناً يطلق على نفسه هذا اللقب فضلا عن بعض علماء الشيعة .
من أقوال علماء الشيعة فيه :
وسنقتصر على ما ذكره الخوئي (ت : 1413 ه) فيه، فقد أورد أقوال الكثير من العلماء فيه في سياق ترجمته له:
يقول : محمد بن النعمان الأحول . قال النجاشي : " محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي ، مولى الأحول أبو جعفر : كوفي ، صيرفي ، يلقب مؤمن الطاق ، وصاحب الطاق ، ويلقبه المخالفون شيطان الطاق ، روى عن علي بن الحسين ، وأبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهم السلام.
وكان دكانه في طاق المحامل بالكوفة ، فيرجع إليه في النقد فيرد ردا يخرج كما يقول ، فيقال شيطان الطاق .
فأما منزلته في العلم وحسن الخاطر فأشهر ، وقد نسب إليه أشياء لم تثبت عندنا ، وله كتاب إفعل لا تفعل ، رأيته عند أحمد بن الحسين بن عبيد الله رحمه الله ، كتاب كبير حسن ، وقد أدخل فيه بعض المتأخرين أحاديث تدل فيه على فساد ، ويذكر تباين أقاويل الصحابة ، وله كتاب الاحتجاج في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، وكتاب كلامه على الخوارج ، وكتاب مجالسه مع أبي حنيفة والمرجئة ، وكانت له مع أبي حنيفة حكايات كثيرة.
وقال الشيخ : " محمد بن النعمان الأحول ، يلقب عندنا مؤمن الطاق ، ويلقبه المخالفون بشيطان الطاق ، وهو من أصحاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، وكان ثقة ، متكلما ، حاذقا ، حاضر الجواب ، له كتب ، منها : كتاب الإمامة ، وكتاب المعرفة ، وكتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول ، وله كتاب الجمل في أمر طلحة والزبير وعائشة ، وكتاب إثبات الوصية ، وكتاب إفعل ولا تفعل " .
وعده ابن شهرآشوب من خواص أصحاب أبي عبد الله عليه السلام .
وذكره البرقي في أصحاب أبي عبد الله عليه السلام ، ممن أدرك أبا جعفر عليه السلام ، قائلا : " محمد الأحول ، أبو جعفر بن النعمان مؤمن الطاق ، عربي كوفي " ، وفي أصحاب الكاظم عليه السلام ، قائلا : " أبو جعفر محمد الأحول " .
وقال الكشي : " أبو جعفر الأحول محمد بن علي بن النعمان ، مؤمن الطاق ، مولى بجيلة ، ولقبه الناس شيطان الطاق ، وذلك أنهم شكوا في درهم فعرضوه عليه - وكان صيرفيا - ، فقال لهم : ستوق ، فقالوا : ما هو إلا شيطان الطاق "
ما روي فيه من الذم:
عن فضيل بن عثمان ، قال : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام في جماعة من أصحابنا فلما أجلسني ، قال : ما فعل صاحب الطاق ؟ قال : قلت صالح ، قال : أما إنه بلغني أنه جدل ، وأنه يتكلم في تيم قدر ، قلت : أجل هو جدل ، قال : إما إنه لو شاء طريف من مخاصميه أن يخصمه فعل ، قلت : كيف ذاك ؟ فقال : يقول أخبرني عن كلامك هذا من كلام إمامك ، فإن قال : نعم ، كذب علينا ، وإن قال : لا ، قال له : كيف يتكلم بكلام لم يتكلم به إمامك ، ثم قال : أنتم تتكلمون بكلام إن أنا أقررت به ورضيت به أقمت على الضلالة ، وإن برئت منهم شق علي ، نحن قليل وعدونا كثير ، قلت : جعلت فداك فأبلغه عنك ذلك ؟ قال : أما إنهم قد دخلوا في أمر ما يمنعهم عن الرجوع عنه إلا الحمية ، قال : فأبلغت أبا جعفر الأحول ذاك ، فقال : صدق بأبي وأمي ، ما يمنعني من الرجوع عنه إلا الحمية".
عن المفضل بن عمر ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : ائت الأحول فمره لا يتكلم ، فأتيته في منزله ، فأشرف علي ، فقلت له : يقول لك أبو عبد الله عليه السلام لا تتكلم ، قال : فأخاف ألا أصبر ".
أقول (أي الخوئي) : الروايات المادحة على أنها متضافرة ، فيها ما هو صحيح السند ، فلا ينبغي الشك في عظمة الرجل وجلالته ، وقد عرفت من الشيخ توثيقه صريحا ، وأما الروايتان اللتان عدهما الكشي من الذامة فلا تعارضان ما تقدم من روايات المدح ، أما أولا : فلضعف الروايتين سندا ، وأما ثانيا : فلان الروايتين لا تدلان على الذم ، فإن غاية ما تدل عليه الرواية الأولى أن مؤمن الطاق كانت له مناظراته مبنية على الجدل ، وقد يناظر الخصم بالقياس ، وهذا النحو من الكلام غير مرضي عند الإمام عليه السلام. وأما الرواية الثانية فهي غير قابلة للتصديق ، فإن الصادق عليه السلام كان يسره مناظرات مؤمن الطاق ، ويأمره الإمام عليه السلام بذلك[1].
من أقوال علماء أهل السنة فيه:
الذهبي (ت : 748 ه) : (شيطان الطاق) هو محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي . أبو جعفر الكوفي المتكلم المعتزلي الشيعي المبتدع والرافضة تنتحله تسميه مؤمن الطاق . كان صيرفياً بالكوفة بطاق المحامل اختلف هو وصيرفي في نقد درهم ، فغلبه هذا وقال : أنا شيطان الطاق ، فلزمته . وقيل إن هشام بن الحكم الرافضي المجسم قال : كنت مع مؤمن الطاق وقد دخل مسجد الكوفة ، وقعد جماعة من المرجئة ومعهم سيفان ، وأبو حنيفة ، وقد أشعر الناس حروري بحجابه ، فلما رأى أبو حنيفة مؤمن الطاق ضحك وقال : هذا رأس الشيعة ، فهل لك أن تقوم إليه قال : نعم . فقاما ، وقام معهما سفيان ، فناظرهم مؤمن الطاق ، فقال له أبو حنيفة وسفيان : يا أبا جعفر أنت لا يقوم لك مناظر وقالا : هذا شيطان الطاق . وقيل : إن له شعراً كثيراً وتصاينف . قيل لبشار : ما أشعرك قال : اشعر مني مؤمن الطاق في قوله ، وذكر له أبياتاً حسنة فقلت هذا من تاريخ ابن أبي طي الرافضي . وقال الجاحظ : أخبرني أبو إسحاق النظام وبشر بن خالد أنهما قالا لشيطان الطاق : ويحك ، آتقيت الله أن تقول في كتاب الإمامة : إن الله تعالى لم يقل قط في القرآن : ثاني آثنين إذ هما في آلغار فضحك طويلاً حتى كأننا نحن الذين أذنبنا .) قلت : إن صحت هذه الحكاية عنه دلت على زندقته ، قاتله الله[2].
الصفدي (ت : 764 ه) : شيطان الطاق محمد بن علي بن النعمان الكوفي أبو جعفر يتشيغ وله مع أبي حنيفة خبر توفي في حدود الثمانين ومائة وكان معتزليا وكان أحول. والرافضة تنتحله وتسميه ميمون الطاق كان صيرفيا بالكوفة بطاق المحامل اختلف هو وصيرفي في نقد درهم فغلبه هذا وقال أنا شيطان الطاق فغلب عليه هذا الاسم وقال بشار بن برد شيطان الطاق أشعر مني وقيل له ويحك أما استحييت أما اتقيت الله أن تقول في كتاب الإمامة أن الله لم يقل قط في القرآن ثاني اثنين إذ هما في الغارفضحك طويلا وساق شيطان الطاق الإمامة إلى موسى بن جعفر وقطع بموت موسى وشارك هشام بن الحكم) في قوله إن الله تعالى يعلم الأشياء بعد وقوعها ولا يعلم أنها ستقع وقال إن الله تعالى على صورة إنسان لقوله عليه السلام إن الله خلق آدم على صورة الرحمن لكنه ليس بجسم وله طائفة من الرافضة ينسبون إليه يعرفون بالشيطانية وسماهم الشهرستاني في كتابه النعمانية وقال إنه صنف للرافضة كتبا جمة منها كتاب افعل لم فعلت وكتاب افعل لا تفعل[3].
الزركلي (ت : 1410 ه) : : (شيطان الطاق) (. . - نحو 60 ه = . . – نحو 777 م). محمد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي بالولاء ، أبو جعفر الأحول ، الكوفي ، الملقب بشيطان الطاق : فقيه مناظر ، من غلاة الشيعة ، تنسب إليه فرقة يقال لها (الشيطانية) عدها المقريزي من فرق (المعتزلة) وقال : (انفرد بطامة ، وهي أن الله لا يعلم الشئ حتى يقدره ، وأما قبل تقديره فيستحيل أن يعلمه ، ولو كان عالما بأفعال عباده لاستحال أن يمتحنهم ويختبرهم) وكان صيرفيا ، له دكان في (طاق المحامل) من أسواق الكوفة. وكان معاصرا للامام أبي حنيفة ، ويقال : إنه أول من لقبه بذلك ، عقب مناظرة جرت بحضرته ، بينه وبين بعض الحرورية . وفي مؤرخي الامامية من يرى في هذا اللقب انتقاصا له ، فيلقبونه (مؤمن الطاق) . له تآليف ، منها كتاب (افعل ، لا تفعل) كبير ، و (الاحتجاج) في الإمامة و (الكلام على الخوارج) وكتاب في (مجالسه مع أبي حنيفة)[4].
----------------------
[1] معجم رجال الحديث، للخوئي، 18 /34 ، بتصرف.
[2] تاريخ الإسلام، للذهبي، 11 /182
[3] الوافي بالوفيات، للصفدي، 4 /78
[4] الأعلام، لخير الدين الزركلي، 6 /271